text
stringlengths
1
2.38k
en_topic
stringclasses
10 values
تجب هنا ملاحظة أن المقصود ب تطوير الدولة هو تطويعها لحاجاتنا وأغراضنا، كما يضيف النص لاحقا
Religion
لكن هذا التناقض وارد بالتأكيد
Religion
لشرح أطروحتنا هذه، يجب علينا أولا أن نصل إلى وصف ما سنسميه حكما إسلاميا نموذجيا ودولة حديثة نموذجية، وهو ما سيتناوله الفصلان الأول والثاني على التوالي
Religion
سيجري، لأغراض تحلية، تفكيك هذه الخصائص الشكلية التي يعتمد بعضها على بعض في تكوينها وآثارها
Religion
سيضيق الفصل الخامس بؤرة تركيز الفصل الرابع، وينتقل من المستوى الكلي إلى المستوى الجزئي، ومن أنظمة التفكير والسياسة إلى عوالم الذات والذاتية
Religion
لمناقشة هذه الفكرة، سنسلم جدلا في الفصل السادس بأن نمطا من الحكم الإسلامي قد يأتي إلى الوجود، على الرغم من كل الفرص الضعيفة والمعوقات القوية
Religion
بناء على مفهومي النموذج والنطاق المركزي (Central Domain)، ننتقل في الفصل الأخير إلى تفحص مآزق أخلاقية حديثة، مع الإشارة إلى أسسها المعرفية والبنيوية، بصفتها تؤسس لأصل الأزمات الأخلاقية التي واجهتها الحداثة في كل صورها الشرقية والغربية
Religion
لقد وضعت نصب عيني أن تكون لغة هذا الكتاب وأطروحاته ميسورة لأكبر عدد ممكن من القراء غير المتخصصين في القانون والسياسة والفلسفة
Religion
تصبح حالة ما نموذجية (Paradigmatic) بإرجاء انتمائها إلى المجموعة وإظهاره في آن معا، بحيث يستحيل فصل نموذجيتها عن فرديتها
Religion
تنطوي الفرضية التي ترى أن مفهوم الدولة الإسلامية الحديثة مستحيل التحقق ومتناقض ذاتيا على سؤالين مضمرين يجب أن نتناولهما من البداية
Religion
في مقام آخر، سبق أن أشرت إلى أن النخبة القومية بعد الاستعمارية حافظت على هياكل القوة التي ورثتها من التجربة الاستعمارية
Religion
بناء على ذلك، فإننا مضطرون إلى رفض التجربة الحديثة في العالم الإسلامي باعتبارها فشلا سيا وقانونيا ذريعا، لا يمكن تعلم دروس منه عن كيف يمكن للمسلمين حكم أنفسهم بطريقة مناسبة
Religion
إننا نجد أنفسنا، على هذا الأساس، أمام السؤال الأول الذي طرحناه سابقا: كيف حكم المسلمون أنفسهم على مدار اثني عشر قرنا من تاريخهم قبل الاستعماري؟ إذا كانت أطروحتنا هي أن دولة إسلامية حديثة مستحيلة التحقق، فسيترتب على ذلك حكم بأنه لم يوجد قط أي شكل للحكم في التاريخ الإسلامي قبل العصر الحديث؛ ما يستدعي استبعادها بعديا حتى كإمكان مفهومية
Religion
ينبع الكفاح السياسي والقانوني والثقافي لمسلمي اليوم من قدر من غياب الانسجام بين تطلعاتهم الأخلاقية والثقافية من جهة، والواقع الأخلاقي للعالم الحديث من جهة أخرى، وهو واقع لا بد لهم من العيش فيه، وإن كانوا لم يصنعوه بأنفسهم
Religion
بيد أن ذلك ليس كل شيء
Religion
لا تنفصل أي من هذه الأطروحات المضادة الأساسية عن تكويننا ككيانات أخلاقية، كما أنها يجب أن تقوم، في التحليل النهائي، على المسؤولية الأخلاقية
Religion
إذا ما قبلنا ذلك، أو ما يماثله، يجب علينا أن نبحث عن مصادر أخلاقية في تقاليد أخرى، مصادر ربما تساعدنا في مغامراتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية
Religion
بناء على ذلك، فإن التشابهات الموضوعية بين مشروعنا هذا ومشاريع تايلور ولارمور وبخاصة ماكنتاير، لا بد من أن تبرز في النهاية على الرغم من كل شيء
Religion
إن الحديث عن هذه الطريقة النموذجية للعيش كظاهرة ناضجة يعني عمليا الحديث عن حكم إسلامي نموذجي، وأنا أستخدم التعبير المركب الحكم الإسلامي من أجل التفريق نوعيا وليس كميا بالضرورة بين العيش ضمن الدولة الحديثة وفي ظلها ومعها من جهة، والعيش ضمن شريعة ما قبل العصر الحديث وفي ظلها ومعها من جهة أخرى
Religion
كي يتسنى لنا الحديث عن هاتين الظاهرتين بطريقة مقارنة معقولة، يتحتم علينا التعرف إلى ما يتميز فيهما كنماذج، وهو ما يسمح لنا بتحديد السمات النظامية المتوازية التي تسمح مقارنتها بدراسة صحيحة منطقيا
Religion
يمثل مفهوم النطاق المركزي الخاص بكارل شميت نقطة انطلاق نحو تعريف النموذج
Religion
يقدم عصر التنوير، وهو وثيق الصلة باهتماتنا هنا، مثالا آخر للنموذج
Religion
بيد أن النطاقات المركزية، كنماذج، تنطوي على ما هو أكثر مما يستعرضه شميت
Religion
ومع أن شميت محق في إصراره على أن النطاق المركزي قوة دافعة، فإن طرحنا للنموذج يؤكد مركزية القيم التي يعتبرها هذا النطاق قيما مثالية تظل أهدافا مرجوة مميزة ومحلا لأفعال وأفكار هادفة حتى لو لم يجر التوصل إلى تطبيقها وتحقيقها، أو حتى عندما تقوض القوى المتنافسة في النطاقات المكونة للنموذج ذلك التطبيق والتحقق
Religion
يسمح طرحنا لمفهوم النموذج، إذا، بالتعدد في إطار الوحدة، وبالاستثناءات والانتهاكات، إضافة إلى الخروج على القاعدة (Irregularity) والانحراف عن الطبيعي (Abnormality)
Religion
تشهد على هذا التحول في النموذج كل الظواهر الحديثة تقريبا، بدءا من خلق تمايز بين الحقيقة والقيمة وما هو كائن (Is) وما ينبغي أن يكون (Ought)، وانتهاء بالدولة البيروقراطية الحديثة والرأسمالية الحديثة والقومية (وهذه أمور تعنينا بصورة مباشرة في الكتاب بأكمله)
Religion
سوف تتضح الخصائص والتبعات الكاملة لنموذج الحكم الإسلامي في الفصول من الث إلى السادس، لكن علينا التأكيد هنا أن الشريعة هي الشعار المميز لذلك النموذج
Religion
وفي المجال العملي، فإن الحياة الاقتصادية، على ما فيها من اضطراب، لم تخضع لأحكام الشريعة التقنية فحسب، بل كذلك لمنظومة واسعة النطاق من أخلاق الشريعة
Religion
لا يعني هذا بالطبع أن الوضع النموذجي للشريعة قد ضمن حياة مثالية
Religion
لطالما سعى النموذج، مثله مثل قواعده القانونية الخاصة والفنية، إلى تحقيق تلك الغاية الأخلاقية، ففشل أحيانا ونجح في أغلب الأحيان، وذلك بالتحديد هو ما جعله نظاما نموذجيا
Religion
يحتم علينا السؤال الأول تعريف العلاقة بين الذات المسلمة الحديثة والشريعة، ذلك النظام الذي كان في عزه نظاما أخلاقيا وقانونيا وثقافيا ونفسيا عميقا في آن معا
Religion
من هنا، على وجه التحديد، أهمية المصادر الأخلاقية للحكم الإسلامي النموذجي، بمعنى النموذج الملتزم بالشريعة والموجه أخلاقيا على هذا الأساس
Religion
وعلى الرغم من كون الشريعة عطلت مؤسسيا في العصر الحديث (بما فيها نظرياتها التفسيرية ومحاكمها وممارستها الخطابية ونظمها التعليمية ومجمل علم اجتماعها المعرفي)، فإن كثيرا من كوامنها النفسية والروحية لا يزال حيا، وهو ما يفسر بقاءها في الذاكرة بوصفها مصدرا أخلاقيا
Religion
سيشكك في هذا المشروع كثير من المعلقين، خصوصا من اعتاد منهم على التراث الليبرالي الغربي وقيمه، وسيتهمونه على الأقل بخطيئة الماضوية
Religion
تنبني تهمة الماضوية على تصورين خاطئين: أولا، إن إثارتنا لاستعادتنا الأساس الأخلاقي التاريخي لا ترقى إلى أن تكون محاولة لاستعادة ممارسات ومؤسسات ما قبل حديثة، بل تعني البناء على تصور للعالم يؤكد قيم الإرشاد الأخلاقي وعلى فاعليته
Religion
كلما وجد اتهام بالماضوية وأينما وجد، ثمة وجود خبيث لمفهوم التقدم الحديث
Religion
بعبارة أخرى، تستطيع الحداثة الاهتمام بشؤونها بحسب قواعدها هي نفسها، وهي ليست بحاجة إلى حكيم عجوز ليعلمها
Religion
هكذا، لا تمتلك عقيدة التقدم أسا أو مرجعا إلا بذاتها لذاتها على التوالي
Religion
وكما ألمحنا سابقا، فإن عقيدة التقدم وليدة التصور الحديث للتاريخ وخادمته
Religion
تنبني نظرية التقدم، الدوغمائية والمفتقدة للارتباط بالواقع، على افتراض أن للزمن بنية غائية متجانسة، وأن هذه البنية حتمية، وأن أطوار التاريخ الباكرة كانت إذا تمهيدا للأطوار اللاحقة التي تعتبر بدورها وببساطة طريقة الوصول إلى قمة الارتقاء الإنساني المرجوة: ألا وهي الحداثة الغربية
Religion
عملت فكرة التقدم، بكل تجلياتها تقريبا، على بناء التاريخ بطريقة متمركزة حول أوروبا، بعد أن توغلت في ما سماه شيلر (Scheler) بنية الهيمنة الفكرية الغربية، بل إن كوندورسيه (Condorcet) اعتبر حتى النكسات في التاريخ أخطاء مفيدة، إذا جاز التعبير؛ أخطاء يجدر بأوروبا، سيدة كل الحضارات، أن تتعلم كيف تتجنبها، وكتاب كوندورسيه المشهور حول هذا الموضوع يصدم القارئ بمضمونه، كما تصدمه فكرة كوندورسيه (على الرغم من ولائه المطلق لما يسمى بالمساواة والإخاء) التي مفادها أن كل مجتمعات الماضي، بغض النظر عن الجغرافيا والزمن، عاشت واندثرت من أجل أوروبا الحديثة وفي إطار التحضير لها
Religion
إن نظرية التقدم الخاصة بعصر التنوير لا تشكل التاريخ وحده، بل تشكل أيضا، وكما أسلفنا، بنى اللغة الحديثة نفسها، وهي لغة لا تعكس بدورها رؤية العالم التي تدعو إلى الهيمنة على الطبيعة والإنسان فحسب، بل أيضا تشكل وتوصل الهيمنة نفسها
Religion
مع أخذ ما سبق في الاعتبار، نواصل الآن مفترضين أن من المشروع استدعاء أي نطاق مركزي للأخلاقي، من الماضي أو الحاضر، يمكنه أن يوفر لنا مصدرا للإحياء الأخلاقي
Religion
ليس على الأرض أعظم مني، بنان الله الناظم أنا، كذلك يجأر الوحش
Religion
قال كانط مرة إن عصابة من الشياطين تستطيع إنشاء دولة شريطة أن يكون لهم الذكاء اللازم ليس غير
Religion
أشير كثيرا إلى أن الدولة تعني أشياء مختلفة باختلاف الناس
Religion
تشير القراءة المتأنية لهذه النظريات المتعددة حول الدولة باستثناء نظريات هيغل والهيغليين إلى أن هذا الاختلاف الكبير ليس في جوهره سوى تنوع في المنظور (perspectivism): ذلك أن كل نظرة إنما يشكلها تبنيها لمنظور معين، يميز بينه وبين المنظورات الأخرى لهذا السبب أو ذاك
Religion
إضافة إلى ذلك، فإن تناولنا للدولة لا يحتاج أن يكون شاملا ولا تاما، مع أن من الضروري ألا نتجاهل خصائص الدولة المتأصلة فيها ولا تلك الضرورية لبحثنا في الدولة الإسلامية
Religion
في تناولنا لهذه المسألة هنا، المضمون هو المتغير أو القابل للتغيير
Religion
يحتاج هذا التمييز بعض التبرير؛ إذ لا ينبغي أن نسمح لهذا التصنيف على أساس الشكل/المضمون بأن يسبغ على الدولة طابعا لاتاريخيا، كما لو أن الدولة الحديثة نشأت من فراغ، كما يعرض الأمر كثيرا في العلوم السياسية
Religion
بيد أن ما جعل الدولة على ما أصبحت عليه اليوم لا يظل بالضرورة جزءا أسا من شكلها
Religion
ما هي، إذا، تلك السمات التي من دونها لم تستطع الدولة الحديثة أن توجد، ولا تستطيع أن توجد، ولن تستطيع، في المستقبل المنظور، أن توجد؟ أود أن أؤكد مرة أخرى قبل تناول هذه النقطة بمتغيريها أن السؤال لا يفترض مفهوما ثابتا للدولة ولا مفهوما عن فكرة ثابتة بصددها، أي فكرة لاتاريخية، وبالتالي غير قابل للتغيير
Religion
كما هو الحال اليوم، وكما كان لفترة طويلة خصوصا في ما يتعلق باحتمال قيام الدولة الإسلامية هناك خمس خواص للشكل تملكها الدولة الحديثة ولا يمكن تصورها بصورة صحيحة، في هذه اللحظة التاريخية، من دونها
Religion
على الرغم من أننا سنناقش تلك الخواص الخمس تحت عناوين منفصلة، فإنه لا يمكن الفصل بينها من الناحية الموضوعية، والمنهجية والنظرية فأي خاصية منها قد تنبع من خاصية أخرى أو تصطدم بها أو تكون عاقبة لها
Religion
1 الدولة نتاج تاريخي محدد: كل الأشياء في العالم تاريخية بما في ذلك الله نفسه، بمعنى مهم من المعاني
Religion
تظهر الدولة في كثير من خطابات العلوم السياسية، ولأسباب تعود جزئيا إلى إضفاء أيديولوجي للشرعية، على أنها تجريد، أو شيء كوني وأبدي
Religion
بينما يصلح هذا التركيب الأيديولوجي للدولة الحديثة بسهولة لأن يصبح خاصية من خواص الشكل، ويغدو بالتالي لا غنى عنه على الإطلاق في وجود أي دولة باقية، فإنه يظل، ككل خواص الشكل الأخرى، منتوجا ثانويا للتطور والسياق التاريخيين
Religion
2 السيادة وميتافيزيقيتها: مع استحالة وجود الدولة إلا كحادثة تاريخية، لتكون بذلك من أصل محدد السياق، فإنها أيضا كيان مركب إذا أردنا أن نتحدث عنها كما ينبغي
Religion
تنبني السيادة سيا وأيديولوجيا حول المفهوم المتخيل الخاص بإرادة التمثيل
Religion
للسيادة أبعاد داخلية ودولية
Religion
هذا الترتيب الدولي الذي وضع من حيث المبدأ في أعقاب ما يسمى صلح وستفاليا (1648) يرتبط بنيويا بالبعد الداخلي
Religion
وكي تظهر السيادة إلى حيز الوجود، لا تحتاج دولة فحسب، بل شرطا عاما مسبقا يتيح قيام بناء متخيل (imagined construct)، هو الأمة
Religion
أولا: هي كلية القدرة، فكل الأشكال السياسية متاحة لها
Religion
هكذا، فإن التماهي بين الذات والدولة ذات السيادة يعد بمنزلة إدراك وتشكيل للذات من خلال الإرادة السيادية التي تدرك بكونها مصدرا لكل من القانون والأمة التي تشكل كجمع بدورها في مرآة القانون
Religion
إن كل المفاهيم المهمة في النظرية الحديثة عن الدولة، هي مفاهيم لاهوتية معلمنة، ليس بسبب تطورها التاريخي فحسب حيث تحولت من اللاهوت إلى نظرية الدولة التي أصبح بها الله القادر على كل شيء على سبيل المثال، هو المشرع القادر على كل شيء   بل أيضا بسبب بنيتها النظامية
Religion
سوف نتناول في سياق مناسب استحالة نشوء دولة قومية على النظام الإسلامي للسيادة الإلهية، ولكن يجب علينا الآن الإشارة باختصار إلى خاصية واحدة لا تنفصل عن ممارسات الدولة القومية وأيديولوجيتها كتمثيل للسيادة، ألا وهي التضحية بالمواطن
Religion
هكذا، يعني أن يكون المرء مواطنا عيشه تحت إرادة سيادية لها ميتافيزيقيتها الخاصة
Religion
3 التشريع والقانون والعنف: من البداهي إذا أن الإرادة السيادية تولد القانون
Religion
رأى كلسن أن الدولة تتكون من ثلاثة عناصر: الإقليم والشعب والسلطة
Religion
إذا كانت الدولة الحديثة تؤسسها الإرادة السيادية، وإذا كانت الإرادة السيادية تتجلى من خلال القانون، فإن فرض القانون يصبح تحققا لتلك الإرادة
Religion
4 الجهاز البيروقراطي العقلاني: لعله ما من دارس للدولة إلى اليوم استخدم لغة أقل إثارة للجدل، وموضع إجماع عام بالفعل، كلغة فيبر إذ يقول:
Religion
إن الخصائص الرسمية الأساس للدولة الحديثة هي ما يلي: تمتلك الدولة نظاما إداريا وقانونيا قابلا للتغيير بواسطة التشريع الذي تتوجه إليه أنشطة الهيئة الإدارية الناظمة أيضا بلوائح منظمة
Religion
وبحسب علم الاجتماع السياسي لدى فيبر، يتميز النظام الإداري، وهو جزء أساس من النظام القانوني وامتداد له في آن معا، بنوع عقلاني كما هو معهود من السيطرة
Religion
من جهة أخرى، تتضمن سمة التنظيم لا قابلية النظام الإداري للحساب ككيان قابل للقياس وككيان قائس تجريبيا فحسب، بل معياريته أيضا (Standardization)، وهي الأهم لنا هنا
Religion
النقطة الأهم هنا هي أنه، حتى بالنسبة إلى ماركس سيظل هناك بنية بيروقراطية مهيمنة ما دامت الدولة موجودة، إذ إن هذه البنية هي التي تمثل جوهرها
Religion
لا حاجة لزيادة التأكيد أن البنى البيروقراطية متنوعة ومتعددة الوجوه، حتى ضمن دولة واحدة أو إقليم واحد
Religion
هكذا، فإن لبيروقراطية الدولة تأثيرا واسع النطاق يتجاوز تأثير أي تنظيم سياسي (هيئات وأحزاب سياسية ومنظمات غير حكومية وخلافه)
Religion
5 الهيمنة الثقافية أو تسييس الثقافي: كما أشرنا في بداية هذا الفصل، فإن الاختلافات، وحتى التناقض، بين نظريات الدولة تعود في الأساس إلى المنظور، ما يعني أن النظريات التي قد تبدو مختلفة يمكن دائما التوفيق بينها
Religion
في بعد مهم وذي صلة، يمكن اعتبار كلسن فوكويا
Religion
كان كلسن ليتفق أكثر مع فوكو هنا لو أنه أضفى على لفظ مؤسس قيمة أدائية (performative)
Religion
سوف نتناول جدلية الدولة/ الثقافة بتفصيل أكبر في الفصلين الرابع والخامس، بيد أن المناقشة يجب أن تقتصر الآن على هذه الجدلية كخاصية شكل أساسية من خواص شكل الدولة، إذ لا يمكن أن توجد دولة ناضجة ومستقرة من دون هذه الجدلية
Religion
سبق لبعض المحللين أن بنوا بحق على الفرق بين نوعين من القوة، أولهما يتضمن قدرة فاعل ما على إجبار آخر على القيام بشيء أو الامتناع عنه، مختصرا العلاقة بينهما على نحو أحادي الجانب من الإكراه
Religion
يجب أن يفضي تفكيك هذه المظاهر إلى استنطاق المفارقة الجوهرية التي مفادها أن استقلال الثقافي يقتضي امتلاكه القدرة على إقرار تدميره الخاص
Religion
يقوم مبدأ الفصل بين السلطات الخالص على أساس وجود ثلاث وظائف للحكومة: وضع القوانين وتنفيذها وتفسيرها
Religion
يبدو أننا لا نزال عاجزين عن حل مشكلة الفصل بين السلطات، بل إننا لم نقترب من ذلك، فنحن لا نتفق على ما يتطلبه المبدأ ولا على أهدافه ولا على كيفية تحقيقه هذه الأهداف أو سبل ذلك
Religion
إن دولة ما بعد الاتفاق الجديد الإدارية غير دستورية، وإجازة النظام القانوني لها ليست أقل من ثورة دستورية بلا دماء
Religion
منذ بداية الجمهورية الأميركية تقريبا، اختفى مبدأ الفصل بين السلطات كما فهمه واضعو الدستور الأميركي وكما يفهمه القانون الدستوري المعاصر إلى اليوم
Religion
لأننا نؤمن حقا بالنموذج المثالي الأساس للديمقراطية، عادة ما نشعر بحاجتنا إلى الدفاع عن المؤسسات المعينة التي لطالما قبلناها باعتبارها تجسيدا لها، ونتردد في انتقادها لأن ذلك قد يؤدي إلى ضعف احترامنا ذلك المثال الذي نود الحفاظ عليه
Religion
إذا كانت الإرادة السيادية ظاهرة منتجة تاريخيا، وإذا كان تجسيدها هو القانون، فإن الدولة الحديثة تصبح تاريخيا، ومن نواح بنيوية مهمة، تجسيدا للقانون
Religion
تتمثل أطروحة هذا الفصل في أن هذه الوحدة لا تحقق معايير الحكم الإسلامي
Religion
نتحول الآن إذا إلى النظرية والتطبيق المجسدين في ما يسمى الفصل بين السلطات
Religion
يطرح كل من الاعتقاد الشعبي وقدر كبير من النظرية السياسية الدستورية الرؤيوية سردية مفادها أن فصل سلطات الدولة الثلاث أو فروع الحكومة التشريعية والقضائية والتنفيذية إنما يشكل العمود الفقري وأساس الحرية والحكم الديمقراطي
Religion
إذا كانت لهذه النظرية أي مصداقية، فإنها قد تصبح منطلقا واعدا يمكن للمسلمين من خلاله البدء في التفكير في إقامة دولة إسلامية بناء على هذا الأساس
Religion
آل الأمر بالدراسات الدستورية إلى الاعتراف بالمشكلات المفهومية المتعلقة بنظرية الفصل بين السلطات وممارساتها، وتاليا بالسردية المثالية التي روجت لها
Religion
تنبع صعوبات مفهوم الفصل وممارسته من الوحدة البنيوية للدولة القومية التي قمنا بوصفها، وهي وحدة لم يظهرها على الإطلاق نظام الحكم الإسلامي ما قبل الحديث
Religion
كان كلسن قد أكد بشدة، مثل كثير من النقاد، أن مفهوم الفصل غير دقيق إلى حد بعيد وأن معمار السلطات الثلاثة يتعلق بالتوزيع، حيث إن المرء لا يكاد يستطيع أن يتحدث عن أي فصل للتشريع عن وظائف الدولة الأخرى
Religion
إن نشأة الإدارة ككيان مستقل عمليا تضخم مشكلات الدولة الإدارية وتشير إلى الكيفية التي تقوض بها حكم القانون بصورة جوهرية
Religion
ما من شك في أن الرئيس الأميركي بعيد في الواقع العملي عن أن يكون المسؤول التنفيذي الأول كما ينص الدستور، لكن السؤال عما إذا كان هذا التقاسم للسلطة التنفيذية دستوريا أم لا أو عما إذا كان يشوه نص الدستور أم لا هو جدل يبدو أنه يضع تحت طائلة الشك لا قوة حجة المؤسسة السياسية الأميركية (وما خرج عن الصواب في ما يخصها) فحسب، بل بنيتها المعرفية أيضا
Religion
إضافة إلى ذلك، وفي ما يخص النظام الدستوري الأميركي أيضا (الذي يقدم للعالم دائما باعتباره مثالا يحتذى للديمقراطية)، فإنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الفصل بين السلطات لم يدمر تحت وطأة السياسة الحزبية
Religion
هكذا، تستطيع السياسة أن تتجاوز القواعد الدستورية، بما في ذلك المنافسة الماديسونية بين فروع الدولة، إذا ما كان حزب سياسي واحد يسيطر على مجلس النواب ومجلس الشيوخ والرئاسة
Religion