text
stringlengths
1
1.34k
فضلا عن ذلك فإن التطور الداخلي للصين يظل غير مؤكد فرغم أن الصين أصبحت أكثر تحررا اليوم مقارنة بأي وقت مضى في تاريخها إلا أن التطور السياسي للصين تخلف كثيرا عن تقدمها الاقتصادي وعلى النقيض من الهند فإن الصين لم تنجح بعد في حل مشكلة المشاركة السياسية ويظل بعض الخطر قائما دوما في تبني الصين للنزعة القومية سعيا إلى درء المشاكل الداخلية
وفي الوقت نفسه فمن مصلحة الولايات المتحدة واليابان والصين أن تكون نهضة الصين سلمية ومتناغمة (على حد تعبير قادة الصين) إن من يتعامل مع الصين كعدو يضمن عداوتها وعلى هذا فإن اعتماد استراتيجية التكامل إلى جانب التصدي لحالة عدم اليقين يشكل سلوكا منطقيا بالنسبة لكل من الولايات المتحدة واليابان وهناك في الواقع أرضية قوية للتعاون بين الولايات المتحدة واليابان والصين في مجالات التعاون الثلاثي وغير ذلك من مشاريع التعاون الإقليمي
ثالثا سوف يضطر التحالف بين الولايات المتحدة واليابان إلى مواجهة مجموعة جديدة من التحديات العابرة للحدود الوطنية والتي تهدد مصالحنا الحيوية مثل الأوبئة وخطر الإرهاب وتدفقات الهجرة البشرية من البلدان الفاشلة ومن بين أهم هذه التحديات ذلك التهديد الذي يفرضه الانحباس الحراري العالمي حيث تجاوزت الصين الولايات المتحدة الآن باعتبارها أضخم منتج لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون (ولو لم يكن ذلك صحيحا بالقياس على نصيب الفرد في هذه الانبعاثات)
من حسن الحظ أن هذه المنطقة بالذات تلعب لصالح تعزيز قوة اليابان فرغم تذمر بعض اليابانيين بشأن الطبيعة غير المتكافئة للعناصر الأمنية التي يتألف منها التحالف نظرا للقيود التي تقبلتها اليابان على استخدام القوة إلا أن اليابان في هذه المناطق الجديدة تشكل شريكا أعظم قوة إن مساعدات التنمية الخارجية التي تقدمها اليابان في أماكن مثل أفريقيا أو أفغانستان ومشاركاتها في مشاريع الصحة العالمية ودعمها للأمم المتحدة ومشاركاتها البحرية في عمليات مكافحة القرصنة ومشاريعها البحثية والتطويرية في مجالات كفاءة الطاقة تضعها في الطليعة حين نتحدث عن التحديات الجديدة العابرة للحدود الوطنية
ونظرا للأجندة العالمية اليوم فقد أصبحت احتمالات الشراكة المتكافئة هائلة في العمل مع الآخرين على توفير المنافع العامة العالمية التي سوف تستفيد منها الولايات المتحدة واليابان وبقية العالم ولهذا السبب أظل محتفظا بتفاؤلي بشأن مستقبل التحالف بين الولايات المتحدة واليابان
هل تخسر الولايات المتحدة أميركا اللاتينية
في الفترة من الرابع إلى الخامس من نوفمبر عُقِدت القمة الرابعة للأميركيتين في مدينة مار ديل بلاتا بالأرجنتين ولقد التقى زعماء الدول الديمقراطية في النصف الغربي من الكرة الأرضية لمناقشة قضايا اقتصادية وسياسية واجتماعية ولإهدار فرصة أخرى لتأسيس علاقة جديدة وأكثر صحة بين الولايات المتحدة وجيرانها في أميركا اللاتينية
والحقيقة أن القمة لم تنته إلى شيء أكثر من فرصة للظهور الدعائي فهي لم تتوصل إلى حل لأي من القضايا المهمة ولم يتحقق أي تقدم فيما يتصل بالقضايا العديدة التي تزيد من اتساع الفجوة بين الولايات المتحدة ودول أميركا اللاتينية وبصورة خاصة لم يتحقق أي تقدم فيما يرتبط بإنشاء منطقة التجارة الحرة في المنطقة
وهذا ما يدعو إلى المزيد من خيبة الأمل إذا ما تذكرنا أن زعماء المنطقة كانوا قد أعلنوا منذ ما يزيد على العقد من الزمان أثناء قمة الأميركيتين الأولى التي عقدت في ميامي في شهر ديسمبر من عام أن المفاوضات الخاصة بالتجارة الحرة سوف تنتهي في موعد أقصاه عام إن أهم أسباب الفشل في إحراز أي تقدم على مسار إنشاء منطقة التجارة الحرة للأميركيتين () تكمن في عدم رغبة أميركا وإدارة بوش في فتح قطاع الزراعة أمام المنافسة القادمة من دول مثل الأرجنتين والبرازيل والأوروجواي
حقا لا نستطيع أن نعتبر الولايات المتحدة أسوأ المخالفين حين يتعلق الأمر بحماية الثروة الزراعية ذلك أن التشوهات التجارية في الاتحاد الأوروبي أكثر انتشارا ولكن الواقع أيضا أن الولايات المتحدة إذا ما أرادت تحسين علاقاتها مع جيرانها في الجنوب فيتعين عليها أن تقدم بعض التنازلات والامتيازات التجارية الثنائية لدول أميركا اللاتينية ففي غياب الدور الزعامي الذي تضطلع به الولايات المتحدة فيما يتصل بشئون التجارة الدولية فلن تتوسع غالبية دور أميركا اللاتينية في فتح أسواقها أمام المنافسة الأجنبية بل إن بعض تلك الدول قد ترتد إلى الإفراط في الحماية
ومما يدعو للأسف أن عدم إحراز أي تقدم في القضايا المتصلة بالتجارة لا يشكل العقبة الوحيدة أمام العلاقات بين الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية فهناك أيضا العديد من المشاكل الدبلوماسية والسياسية الخطيرة
لا يخفى على أحد أن القليل من دول أميركا اللاتينية تؤيد الحرب في العراق والحقيقة أن عددا ضئيلا من الدول الصغيرة في المنطقة شاركت بقوات لها فيما يدعى بِ تحالف الراغبين واليوم لم يتبق في العراق من تلك القوات سوى قوات السلفادور وعلى نحو أكثر وضوحا فإن أغلب حكومات أميركا اللاتينية توجه انتقادات متصاعدة الحدة إلى السياسات الخارجية التي تنتهجها إدارة بوش وليس من المرجح أن تدعم هذه الحكومات أية مبادرات كبرى في المحافل الدولية بما في ذلك الأمم المتحدة
فضلا عن ذلك فإن عدد الدول التي تغير اتجاهها نحو اليسار في أميركا اللاتينية أصبح في ازدياد كما بدأ هوجو شافيز رئيس فنزويلا المولع بالصراع والمناهض لأميركا في اكتساب المزيد من الشعبية في كافة دول أميركا اللاتينية ولقد أصبح الناخبون في كافة أرجاء أميركا اللاتينية أكثر تشككا في العولمة والسياسات الموجهة وفقا للسوق وهو الأمر الذي يزيد من الاحتمالات في السنوات القادمة وفي ظل زعامات جديدة أن تصبح السياسات الاقتصادية في المنطقة أقل تشجيعا للاستثمارات الأجنبية بصورة عامة وللمصالح الاقتصادية للولايات المتحدة بصورة خاصة
حتى الآن لم يفت الأوان إذا ما أرادت الولايات المتحدة استرداد نفوذها السياسي والدبلوماسي في أميركا اللاتينية لكن تحسين العلاقات مع جيرانها في الجنوب سوف يتطلب الالتزام بتعهدات على مستويات مختلفة
هناك ثلاثة التزامات أساسية يتعين على الولايات المتحدة أن تتعهد بها أولا لابد من تقليص نزعة الحماية فيما يتصل بالثروة الزراعية ثانيا لابد من تفعيل الإصلاحات الخاصة بالهجرة على نحو يحرص على حماية حقوق المهاجرين القادمين من أميركا اللاتينية ثالثا يتعين على الولايات المتحدة أن تؤيد مطالبة دول أميركا اللاتينية بقدر أكبر من النفوذ في المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي
مثل هذه المبادرات من شأنها أن تعطي إشارة لزعماء أميركا اللاتينية تؤكد لهم أنه على الرغم من المظاهر التي تفيد العكس بما في ذلك القمة الأخيرة فإن المنطقة لم تتحول إلى كَم مُهْمَل في نظر الرئيس بوش والولايات المتحدة
ثورة القِلة في أوكرانيا
كييف إن الانتخابات البرلمانية الأوكرانية المقرر إجراؤها في الثامن والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول لن تكون حرة ولا نزيهة فبعد مرور ثماني سنوات عقيمة منذ اندلاع الثورة البرتقالية في عام تم قمع المعارضة الديمقراطية وتثبيط همتها ورغم هذا فإن الانتخابات قد تقيد سلطة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش
وصل يانوكوفيتش إلى السلطة في فبراير/شباط في انتخابات اعتبرت حرة ونزيهة (وفي وقت حيث كانت مؤسسة فريدوم هاوس لا تزال تصنف أوكرانيا باعتبارها دولة ديمقراطية) ولكنه سرعان ما عمل على ترسيخ قوته وتعزيز سلطاته وتحويل أوكرانيا إلى دولة شبه سلطوية فصدرت أحكام بالسجن ضد عشرات السياسيين المعارضين بما في ذلك رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو ووزير الداخلية السابق يوري لوتسينكو
صدر الحكم ضد تيموشينكو التي كانت ولا تزال زعيمة المعارضة الليبرالية المناصرة للغرب بالسجن لمدة سبع سنوات بتهمة إبرام اتفاقية غاز مع روسيا والعجيب أنها لم تتهم في هذه القضية بتحقيق فائدة شخصية وفي غيابها أصبحت المعارضة الديمقراطية بلا زعيم قوي ولكن يانوكوفيتش لم يتوقف عند ذلك الحد بل إنه فرض ضغوطا شديدة على قنوات التلفاز الخاصة وحجب التراخيص والوصول إلى الكابل عن القناة التلفزيونية المستقلة تي في آي التي فضحت أخطر قضايا الفساد في إدارته وهو يستغل فضلا عن ذلك جهاز الخدمة المدنية وسلطات فرض القانون على نطاق واسع لقمع المعارضة وتعزيز قوة أتباعه
ورغم كل هذا فإن الانتخابات المقبلة تشكل أهمية كبيرة فأوكرانيا تتمتع بمجتمع مدني نابض بالحياة ووسائل إعلام حرة ممتازة على شبكة الإنترنت ولكن المعارضة التي تتألف من نصف البلاد تعاني من ضعف شديد في معنوياتها بعد خمسة أعوام من الجمود بين زعماء الثورة البرتقالية والذي يقع القسم الأعظم من اللوم عنه على عاتق الرئيس السابق فيكتور يوتشينكو الذي خان بكل المقاييس الطفرة الديمقراطية التي كان يمثلها وهو الآن يتزعم حزبا يناصر يانوكوفيتش الذي سمح ليوتشينكو بالبقاء في المقر الرئاسي منذ ترك منصبه
إن الناخبين الأوكرانيين متقلبون فقد صوتوا ضد القوى القائمة في الانتخابات الرئاسية في عام ثم في عام ثم في عام ومن غير المستبعد أن يكرروا نفس الأمر مرة أخرى حيث تشير أحدث استطلاعات الرأي إلى أن حزب يانوكوفيتش (حزب الأقاليم) قد يحصل على من الأصوات وأن الحليف الوحيد الذي قد يساعده ليتجاوز عتبة ال الانتخابية هم الشيوعيون الذين بحصولهم على من الأصوات يصبح المجموع مقارنة بنحو للحزبين المعارضين حزب الوطن تحت زعامة تيموشينكو () وحزب أودار الذي يتزعمه بطل ملاكمة الوزن الثقيل فيتالي كليتشكو ()
والواقع أن الطبيعة المفترسة التي يتسم بها حكم يانوكوفيتش ليست خافية على أحد حيث يسيطر أفراد عائلته والموالين له على الأجهزة الأمنية والهيئات الاقتصادية الرئيسية بالكامل وهو محق في تخوفه من المعارضة الديمقراطية التي يعمل على إضعافها بكل الوسائل الناعمة الممكنة ولأنه يتوقع خسارة حزبه إذا خاض الانتخابات المقبلة وفقا لنظام التصويت النسبي المعمول به في أوكرانيا فقد ارتد يانوكوفيتش إلى النظام الانتخابي القديم من عام والذي يقضي بتوزيع نصف المقاعد الأربعمائة والخمسين فقط نسبيا أما النصف المتبقي فيتم شغله من دوائر فردية يحصل الفائز فيها على كل شيء وهو التغيير الذي يمنح أباطرة المال في الأقاليم فرصة عظيمة لشراء المقاعد
بيد أن يانوكويتش لم يضع في حسبانه احتمال أن يتجرأ أباطرة المال هؤلاء على خيانته ففي البداية كانت حكومته تحتوي على تسع مجموعات من كبار رجال الأعمال ولكن هذا الرقم انخفض تدريجيا حيث عمل كبار الموالين له على إزاحة وتهميش حتى أكبر رجال الأعمال ويشاع أن أتباعه يعملون على إثراء أنفسهم على حساب الدولة والقطاع الخاص ولكن على النقيض من الرئيس الروسي فلاديمير بوتن يبدو أن يانوكوفيتش عمل على إزاحة كثيرين وبسرعة أكبر مما ينبغي مبالغا في تقدير قوته ومضيقا قاعدة أنصاره ويبدو أنه نجح في تحويل كل أنصار حكم القِلة الرئيسيين في أوكرانيا إلى أعداء له
في كل صيف ينظم رجل الأعمال الأوكراني البارز فيكتور بينتشوك مؤتمرا دوليا كبيرا بعنوان استراتيجية يالطا الأوروبية والذي يحضره أهل النخبة الأوكرانية وأجانب بارزون وفي شهر سبتمبر/أيلول كان الدرس المستفاد من المؤتمر هو أن يانوكوفيتش نجح في عزل نفسه ليس فقط عن الغرب وروسيا بل وأيضا عن أنصاره الرئيسيين في الداخل
إن كبار رجال المال والأعمال في أوكرانيا ليسوا حمقى وهم ينظرون إلى الانتخابات المقبلة باعتبارها الفرصة الأخيرة للوقوف في وجه يانوكوفيتش وأغلب الظن أن العدد الكبير من البرلمانيين الذين من المفترض أن ينتخبوا في دوائر المرشحين الفرديين سوف يطيعونهم هم وليس يانوكوفيتش ففي ظل نظام عام الانتخابي تفكك الحزب الحاكم إلى تسع طوائف حزبية ومن المحتمل أن يحدث شيء من هذا القبيل هذه المرة أيضا
قد لا يعمل أباطرة المال والأعمال على الإطاحة بيانوكوفيتش ولكنهم سوف يقيدون سلطاته ومن بين أكثر ممثيهم على المستوى العام نائب رئيس الوزراء الأول فاليري خوروشكوفسكي ووزير الاقتصادي بيترو بوروشينكو الذي كان يمثل قوة رئيسية وراء الثورة البرتقالية
إن اعتراض رجال الأعمال الرئيسي على يانوكوفيتش يتلخص في أنه يفضل الإبقاء على تيموشينكو في السجن على التوصل إلى اتفاق مشترك مع الاتحاد الأوروبي والواقع أن اتفاقية التجارة الحرية المبرمة بالفعل مع الاتحاد الأوروبي توفر لأوكرانيا الفرصة المطلوبة بشدة للوصول إلى الأسواق وزيادة الصادرات ولكن الاتحاد الأوروبي لن يصدق عليها ما لم يتم إطلاق سراح تيموشينكو وتتوقف عمليات قمع المعارضة وحجب وسائل الإعلام
وعلى نحو مماثل يدعم كبار رجال الأعمال العودة إلى التعاون مع صندوق النقد الدولي لأنهم يريدون الوصول إلى الائتمان بأسعار فائدة معقولة ولكن يانوكوفيتش يرفض تحرير أسعار الغاز وهو شرط رئيسي لصندوق النقد الدولي
إن الخوف من أن يكون موقف الغرب المناصر للإصلاح سببا في دفع أوكرانيا إلى أحضان روسيا بلا أساس حقيقي ذلك أن العلاقات الشخصية بين يانوكوفيتش وبوتن سيئة للغاية حتى أن بوتن يكاد يرفض الحديث معه
وعلى هذا فإن الغرب لديه دور يلعبه في الانتخابات وسوف يرسل ألفي مراقب للانتخابات للمساعدة في ضمان التصويت بحرية ونزاهة والواقع أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل خاص لديهما مصلحة كبيرة في النتائج صحيح أن أوكرانيا دولة صديقة فهي تنضم دوما إلى تحالفات الراغبين الغربية ولكنها دولة ديمقراطية معطلة ويتعين على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يغيرا هذا
صعود العملة الصينية
شنغهاي ان هناك جدل متصاعد في الصين يتعلق بما اذا كان من المفترض على الصين تدويل عملتها وربما الانضمام الى الدولار الامريكي واليورو لتصبح عملة دوليه اي عمله تستخدمها البلدان الاخرى في تسعير بضائعها التجارية وقروضها الدولية ان الجدل المرتبط بذلك هو ما اذا كانت شنغهاي يمكن ان تصبح مركز تجاري مالي دولي من الطراز الاول مثل لندن ونيويورك
ان التاريخ المالي يمكن ان يساعد في الاجابة على هذه الاسئلة اولا ان اي مدينة يمكن ان تصبح مركزا ماليا دوليا من الطراز الاول فقط لو كانت عملتها عملة دولية ولكن وكما يتضح من وضع لندن فإن بإمكان مدينة ما ان تحتفظ بوضعها كمركز مالي عالمي من الطراز الاول في نظام الاسواق المالية حتى لو تم تعد عملتها عمله دولية
ثانيا ان تكلفة المعاملات المرتبطه باستخدام عملة اجنبية كوسيط للصرف الاجنبي تتناسب عكسيا مع درجة استخدامها عالميا علما ان الاقتصادات المتشابهه في المستوى تصنف استخدام المستثمرين الاجانب لمركز مالي دولي معين وكنتيجة لذلك لا يمكن ان يكون هناك اكثر من ثلاث الى اربع عملات دولية ومراكز مالية عالمية من الطراز الاول
ثالثا ان القطاع المالي في البلاد يجب ان يكون مفتوحا مع عدم وجود قيود على تدفقات رؤوس الاموال كما يجب ان يكون مركزا متطورا مع مجموعة واسعة من الادوات المالية والمؤسسات كما يجب ان يكون المركز المالي امنا مع وجود بنك مركزي يحافظ على الاستقرار الاقتصادي بالاضافة الى وجود جهات تنظيمية تحوطيه تراقب الاحتيال والمضاربات وجهات تحوطية كليه تظهر قدرات كافية على معالجة المشكلات المالية ونظام قانوني شفاف وعادل ويمكن التنبؤ بشأنه
واخيرا والاكثر اهمية هو ان وضعية العملة الدولية والمركز المالي العالمي من الطراز الاول تتطلب وجود اقتصاد وطني قوي مقارنة بالاقتصادات الاخرى لفترة طويلة من الزمن لقد احتلت المملكة المتحدة وضعا قياديا في الاقتصاد العالمي لاكثر من قرن من الزمان ففي سنة كانت النسبة بين الناتج المحلي الاجمالي بين امريكا وبريطانيا ولكن الدولار الامريكي لم يكن عملة دوليه مما يوحي ان القوة الاقتصادية الامريكية النسبية لم تكن كافية وبعد عقد من الزمان سنة كانت النسبة وفي ارتفاع وتمكن الدولار الامريكي من التفوق على الجنية الاسترليني البريطاني كأهم عمله دولية
ان القوة الاقتصادية النسبية تفسر لماذا فشل الين الياباني في التطور ليصبح عملة دولية ولماذا فشلت طوكيو والتي تلبي اسواقها المالية المتطلبات ذات العلاقة في ان تصبح مركز مالي عالمي من الطراز الاول لقد وصل الناتج المحلي الياباني الى فقط من الناتج المحلي الامريكي في الذروة اليابانية سنة مما يعني ان اليابان لم تتمكن من تحقيق الكتلة الحرجة المطلوبة لاقناع الاجانب باستخدام الين من اجل تخفيض نفقات التعاملات
ان تحديد الوضع المستقبلي للعملة الصينية وشنغهاي يجب ان يبدأ بحساب القوة الاقتصادية النسبية المتوقعة للصين مقارنة بالولايات المتحدة الامريكية بموحب اثنين من السيناريوهات المحتملة
في السيناريو الاول تقبع الصين في مستوى الدخل المستوسط مع بلوغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي نسبة من نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في امريكا وهي نتيجة تشبه وضع اقتصادات اكبر خمس دول في امريكا اللاتينية منذ سنة على الاقل وماليزيا منذ سنة ان هذا سوف يجعل نسبة القوة الاقتصادية الصينية مقارنة بالامريكية وهي اقل بكثير من النسبة المطلوبة
اما في السيناريو الثاني الاكثر ايجابية فإن حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في الصين سوف تصل لما نسبته من حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في امريكا اعلى من نسبة وهي متوسط المعدل لأكبر خمسة بلدان في غرب اوروبا منذ سنة وقوتها الاقتصادية مقارنة بالولايات المتحدة سوف تصل لما نسبته تقريبا ان هذا سوف يجعل العملة الصينية مؤهلة لأن تصبح عالمية ويمكن شنغهاي من ان تختار بإن تصبح مركزا ماليا عالميا من الطراز الاول ولكن الاقتصاد الصيني لن يكون قويا بالدرجة الكافية مقارنة بالولايات المتحدة الامريكية وذلك حتى يتسنى لقوى السوق الطبيعية التحقق من النجاح العالمي للعملة الصينية
اذا اخذنا ذلك بعين الاعتبار فإنه يتوجب على الحكومة الصينية تطبيق قرارات حاسمة من اجل تشجيع التجار الدوليين والدائنين من اجل تسعير معاملاتهم المالية بالعملة الصينية كما يتوجب على الصين على وجه الخصوص استخدام قوة السوق لديها من اجل الترويج للتسعير بالعملة الصينية فيما يتعلق بالصادرات المصنعة ذات العلاقة وايرادات المواد الخام بالاضافة الى تشجيع التسعير بالعملة الصينية للاصول المالية الاجنبية والتي تشتريها الصين علما ان وضعية الصين كصافي دائن سوف تكون من العوامل المساعدة
لكن هناك مطبات خطيرة يتوجب تجنبها في هذه العملية وكما اظهرت الازمة المالية الاسيوية لسنة فإن تحرير الحسابات الرأسمالية يمكن ان يقود الى انهيار مالي وهي مخاطرة عادة ما يشير اليها معارضو تدويل العملة الصينية ولكن هذه المخاطر هي اقل من الفوائد المحتملة للانفتاح المالي ويمكن التخفيف منها بتنظيم ومراقبة فعاله بما في ذلك المتطلبات المتعلقة بوجود رؤوس اموال كبيرة لتخفيف الصدمات ونسب منخفضة لحساب الوضع المالي مع اليات قوية للتعامل مع الازمات مثل هيئة لادارة الاصول
في الواقع فإنه ليس من الضروري ان تأتي المراقبة المالية الفعالة والانظمة التنظيمية التحوطية قبل فتح الحساب الرأسمالي فعلى العكس من ذلك فإن تطوير وتفعيل التنظيم المالي يجب ان يكون عملية تدريجية تشكلها المعرفة المتوفرة والتجربة المباشرة وفي الحقيقة لا يوجد سوق مالي مفتوح تماما او مغلق تماما للابد فدرجة الانفتاح في لحظة ما تعتمد على الخيارات المتعلقة بالسياسات
ان اقامة منطقة شنغهاي للتجارة الحرة مؤخرا سوف يسمح بظهور مركز مالي دولي اوفشور يوفر تدريب عالمي حقيقي للجهات التنظيمية الصينية علما ان هذا سوف يوفر لها الادوات التي تحتاجها للتعرف على اشارات تطور ازمة ما ونزع فتيل التهديدات والتعامل بشكل فعال مع اعادة رسملة واعادة تنظيم المؤسسات المالية الفاشلة
ان سعي الصين لأن تجعل عملتها عملة دولية وان تصبح احدى مدنها مركز مالي عالمي من الطراز الاول سوف لن يخدم مصالحها فقط فالسماح للعملة الصينية بالمساعدة في تلبية الطلب العالمي على الاحتياطات العالمية وتنويع المخاطر سوف يقوي كذلك الاستقرار المالي العالمي
لا يوجد وقت لاضاعته فيما يتعلق بجعل العملة الصينية عالمية لو أخذنا بعين الاعتبار العدد المحدود من العملات والتي يمكن ان تكون عملات دولية فإن فشل العملة الصينية في تحقيق وضعية العملة الدولية قبل عملات اخرى مثل الروبيه الهندية والروبل الروسي والريال البرازيلي يمكن ان يعني ان يتم حرمان العملة الصينية من وضعية العملة العالمية وفشل شنغهاي في ان تصبح مركزا ماليا عالميا من الطراز الاول لاجيال عديدة قادمة وربما للأبد
الكاسبون والخاسرون في عصر ما بعد الحادي عشر من سبتمبر
الحادي عشر من سبتمبر/أيلول هو واحد من تلك التواريخ التي تشكل علامة تحول في سياسة العالم وكما كان سقوط سور برلين في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني بمثابة الإشارة إلى نهاية الحرب الباردة كان هجوم تنظيم القاعدة على الولايات المتحدة بمثابة الإشارة إلى بداية عصر جديد في ذلك اليوم قامت جماعة لا تنتمي إلى حكومة بقتل عدد من الأميركيين يتجاوز عدد القتلى الذين أوقعتهم حكومة اليابان من جراء هجومها المفاجئ الذي شنته في يوم آخر تحول العالم من بعده وكان ذلك بالتحديد في السابع من ديسمبر/كانون الأول على الرغم من أن الحركة الجهادية الإرهابية كانت تنمو قبل ذلك بعشرة أعوام إلا أن الحادي عشر من سبتمبر/أيلول كان بمثابة نقطة تحول واليوم بعد مرور خمسة أعوام منذ بداية هذا العصر الجديد فكيف ينبغي لنا أن نشخص نقطة التحول هذه
يعتقد بعض الناس أن الحادي عشر من سبتمبر/أيلول كان التاريخ الذي انطلق فيه &صدام الحضارات& بين الإسلام والغرب وربما كان هذا هو ما دار في خلد أسامة بن لادن أثناء تخطيطه للهجمات إن الإرهاب عبارة عن شكل من أشكال المسرح فالمتطرفون يقتلون الأبرياء بهدف تقديم رسالتهم في صورة درامية تؤدي إلى ترويع جمهورهم المستهدف وإصابته بالصدمة وهم يعتمدون أيضا على ما أطلق عليه كلارك ماكولي وآخرون &سياسات المصارعة اليابانية& حيث يستخدم مقاتل أصغر حجما قوة الخصم الأكبر حجما في إلحاق الهزيمة به
بهذا المفهوم كان أسامة بن لادن يتمنى أن تنجر الولايات المتحدة إلى حرب دموية في أفغانستان تشبه التدخل السوفييتي الذي حدث قبل عقدين من الزمان والذي أدى إلى إيجاد تربة خصبة لتجنيد الجهاديين لكن الأميركيين استخدموا قدرا متواضعا من القوة لطرد حكومة طالبان وحرصوا على تجنب إيقاع عدد كبير من الضحايا بين المدنيين كما تمكنوا من تشكيل بنية سياسية وطنية في أفغانستان
لقد فازت الولايات المتحدة بالجولة الأولى من المعركة على الرغم من بعدها عن الكمال وخسر تنظيم القاعدة الملاذ الذي خطط منه لهجماته كما قتل أو أسر العديد من زعمائه وتمزقت إلى حد كبير سبل اتصالاته المركزية
لكن إدارة بوش استسلمت لغطرستها وارتكبت الخطأ الفادح الذي تمثل في غزو العراق دون الحصول على دعم واسع النطاق من قِبَل المجتمع الدولي ولقد وفرت العراق للمتطرفين الجهاديين الرموز والخسائر بين المدنيين وأرض التجنيد الخصبة وكل ما كانوا يسعون إلى الحصول عليه في أفغانستان لقد كان غزو العراق بمثابة الهدية التي قدمها جورج بوش إلى أسامة بن لادن
لقد خسرت القاعدة قدرتها على التنظيم المركزي لكنها تحولت إلى رمز ونقطة مركزية يحتشد حولها كل المقلدين من ذوي الفكر المشابه وبمساعدة شبكة الإنترنت أصبحت رموز التنظيم ومواده التدريبية متاحة بسهولة في أي قسم من العالم وسواء كان لتنظيم القاعدة دور مباشر في تفجيرات مدريد ولندن أو المخطط الأخير لتفجير طائرات الركاب في سماء الأطلنطي فإن هذا لا يرقى إلى أهمية الطريقة التي تحول بها التنظيم إلى &منتج& عالمي قوي لقد كان الفوز بالجولة الثانية من نصيب المتطرفين
سوف تعتمد نتيجة الجولات القادمة في النضال ضد الإرهابيين الجهاديين على قدرتنا على تجنب فخ &سياسات المصارعة اليابانية& ولسوف يتطلب هذا المزيد من استخدام القوة الناعمة الجاذبة بدلا من الاعتماد بدرجة كبيرة على القوة العسكرية الصارمة كما فعلت إدارة بوش ذلك أن الصراع ليس عبارة عن صدام بين الإسلام والغرب بل إنه يشكل حربا أهلية داخل الإسلام ذاته بين قلة من الإرهابيين وتيار سائد ضخم من المؤمنين غير المؤيدين للعنف
إن التطرف الجهادي لن يقهر إلا بفوز التيار السائد ولابد من استخدام القوة العسكرية والاستخبارات والاستعانة بالشرطة الدولية ضد الإرهابيين المتشددين المنتمين إلى تنظيم القاعدة أو الذين يستمدون منه الإلهام لكن القوة الناعمة ضرورية لجذب التيار الرئيسي وتجفيف منابع الدعم التي يعتمد عليها المتطرفون
ذات مرة قال وزير دفاع الولايات المتحدة دونالد رمسفيلد إن مقياس النجاح في هذه الحرب هو ما إذا كان عدد الإرهابيين الذين نقتلهم أو نردعهم أكبر من عدد من ينجح الإرهابيون في تجنيدهم إذا حكمنا بهذا المعيار فلسوف نكتشف أن أداءنا في غاية السوء ففي شهر نوفمبر/تشرين الثاني كان الإحصاء الرسمي لعدد المتمردين الإرهابيين في العراق حوالي خمسة آلاف شخص وفي عامنا هذا ذكرت التقارير أن الرقم تجاوز العشرين ألف إرهابي وطبقا لتعبير العميد روبرت كاسلين نائب مدير الحرب ضد الإرهاب لدى وزارة الدفاع الأميركية &نحن عاجزون عن قتلهم بسرعة تفوق قدرتهم على التجدد&
نحن أيضا نواجه إخفاقا في توظيف القوة الناعمة يقول كاسلين ايضا &نحن في البنتاجون متخلفون عن خصومنا في استخدام الاتصالات سواء لأغراض التجنيد أو التدريب&
إن الطريقة التي نستخدم بها القوة العسكرية تؤثر أيضا على أسهم دونالد رمسفيلد ففي أعقاب الحادي عشر من سبتمبر/أيلول كان هناك قدر طيب من التعاطف والتفهم في كافة أنحاء العالم بشأن الاستجابة العسكرية الأميركية في مواجهة طالبان وبعد الغزو الأميركي للعراق البلد الذي لم يكن مرتبطا بهجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول تبددت مشاعر التعاف والتفهم وهبطت جاذبية الولايات المتحدة في دول إسلامية مثل إندونيسيا من في عام إلى نصف ذلك المعدل اليوم والحقيقة أن احتلال دولة منقسمة يشكل غلطة فادحة وكان من المحتم أن ينتج عن ذلك الاحتلال أحداث كالتي شهدها سجن &أبو غريب& وحديثة الأمر الذي أفضى إلى القضاء على جاذبية أميركا ليس في العراق فحسب بل وفي كافة أنحاء العالم
إن القدرة على الجمع بين القوة الصارمة والقوة الناعمة تنتج ما أسميه بالقوة الذكية فحين غزا الاتحاد السوفييتي المجر وتشيكوسلوفاكيا أثناء الحرب الباردة أدى ذلك إلى القضاء على القوة الناعمة التي كان يستمتع بها في أوروبا في أعقاب الحرب العالمية الثانية وحين شنت إسرائيل حملة قصف مطولة ضد لبنان في الشهر الماضي أسفرت هذه الحملة عن سقوط العديد من الضحايا بين المدنيين حتى أن الانتقادات المبكرة التي طالت حزب الله من جانب مصر والأردن والمملكة العربية السعودية أصبحت بعد ذلك غير واردة في السياسة العربية وحين قتل المتطرفون الإرهابيون المدنيين المسلمين الأبرياء كما حدث من حركة الجهاد في مصر عام أو كما فعل أبو مصعب الزرقاوي في عمان في عام أهدر هؤلاء المتطرفون قوتهم الناعمة وخسروا قدرا كبيرا من الدعم التأييد
إن الدرس الأكثر أهمية والذي نستطيع أن نخرج به بعد انقضاء خمسة أعوام على أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول يتلخص في أن الإخفاق في الجمع بين القوة الصارمة والقوة الناعمة على نحو فعال في الكفاح ضد الإرهاب الجهادي لابد وأن يودي بنا إلى الوقوع في الفخ الذي نصبه لنا أولئك الذين يريدون وقوع صدام بين الحضارات إن وجهات النظر متعددة ومتنوعة بين المسلمين بما فيهم الإسلاميين المتعصبين لذا يتعين علينا أن ننتبه إلى الإستراتيجيات التي من شأنها أن تساعد أعداءنا بتوحيدها لقوى متباينة ومتفاوتة خلف لواء واحد إن قضيتنا عادلة ولدينا العديد من الحلفاء المحتملين لكن إخفاقنا في الجمع بين القوة الصارمة والقوة الناعمة وتوظيف ما ينتج عن ذلك في إستراتيجية ذكية قد يودي بنا إلى الهلاك
العَقد الضائع في الشرق الأوسط
برلين شنت الولايات المتحدة ثلاث حروب منذ هجمات تنظيم القاعدة الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول الأولى ضد تنظيم القاعدة والثانية في أفغانستان والثالثة في العراق والواقع أن الولايات المتحدة خاضت أول حربين مرغمة ولكن الثالثة كانت نتيجة لقرار عمدي ومدبر اتخذه الرئيس السابق جورج دبليو بوش على أساس إيديولوجي ولأسباب شخصية في الأرجح
ولو أعرب بوش ونائب الرئيس السابق ديك تشيني ووزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد وحلفاؤهم من المحافظين الجدد بشكل مباشر وصريح آنذاك عن نواياهم إسقاط صدام حسين بالحرب وبالتالي خلق شرق أوسط جديد موال للغرب فما كان لهم أبدا أن يحصلوا على الدعم الذي قدمه لهم الكونجرس والرأي العام الأميركي فقد كانت رؤيتهم ساذجة ومتهورة
وعلى هذا فكان لزاما عليهم أن يختلقوا أي تهديد أسلحة الدمار الشامل العراقية وكما نعلم الآن فإن ذلك التهديد كان مبنيا على أكاذيب (أنابيب الألمنيوم لبرنامج الأسلحة النووية على سبيل المثال واجتماعات بين زعيم التخطيط لهجمات الحادي عشر من سبتمبر محمد عطية ومسؤولين عراقيين في براغ بل وحتى التزوير الصارخ بإبراز مستندات مزورة مثل أوامر شراء مزعومة لليورانيوم من النيجر)
كانت هذه هي المبررات التي سيقت لحرب حصدت أرواح نحو جندي أميركي وأكثر من مائة ألف عراقي أضف إلى هذا الملايين الذين جرحوا أو شردوا من ديارهم فضلا عن تدمير واحد من أقدم المجتمعات المسيحية في العالم ولنفس المبررات أيضا أنفقت الولايات المتحدة وحدها ما قد يصل إلى تريليون دولار أميركي (التريليون = مليون مليون)
الحق أن حرب بوش ضد صدام غيرت الشرق الأوسط جذريا بالفعل ولكن ليس كما تصور فبادئ ذي بدء لو لم يكن للولايات المتحدة هدف سوى زعزعة استقرار العراق فإن جهودها ما كانت لتسفر عن أي قدر أعظم من النجاح الذي حققته في هذا السياق فبعد عشرة أعوام أصبح الشك في قدرة البلاد على البقاء كدولة واحدة أعظم من أي وقت مضى
فمع رحيل صدام تولت الأغلبية الشيعية في العراق السلطة بعد حرب أهلية مروعة جعلت أفراد طائفة السُنة العراقية متلهفين على الأخذ بالثأر ويتحينون الفرصة للانقضاض على السلطة واستعادة سيطرتهم وفي الشمال استغل الأكراد الفرصة التي سنحت لهم ببراعة وحذق وانتزعوا الاستقلال كأمر واقع ولو أن المسألة الحساسة المتعلقة بالسيطرة على مدينة كركوك الشمالية لا تزال تمثل قنبلة موقوتة والآن تتقاتل كل الطوائف سعيا إلى الحصول على أكبر حصة ممكنة من الاحتياطيات العراقية الهائلة من النفط والغاز
بعد عشر سنوات من هذه الحرب خلصت الدراسة التي أجرتها صحيفة فاينانشال تايمز لعملية حرية العراق إلى أن الولايات المتحدة فازت بالحرب وإيران فازت بالسلام وتركيا فازت بالعقود ولا أملك إلا أن أتفق مع هذه الخلاصة تمام الاتفاق
فمن الناحية السياسية كانت إيران الرابح الأكبر من حرب بوش فقد تبخر عدوها الأول صدام حسين على يد عدوها الثاني الولايات المتحدة التي قدمت لإيران فرصة ذهبية لبسط نفوذها إلى خارج حدودها الغربية للمرة الأولى منذ عام
كانت حرب بوش التي اتسمت برؤية استراتيجية هزيلة وتخطيط بالغ الرداءة سببا في تعظيم مكانة إيران الإقليمية على نحو ما كان لها أن تتمكن من تحقيقه بمفردها أبدا فقد مكنت الحرب إيران من فرض نفسها كقوة مهيمنة في الخليج والمنطقة عموما ومن الواضح أن برنامجها النووي يخدم هذه الطموحات على وجه التحديد
والخاسرون في المنطقة أيضا واضحون المملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج التي تشعر الآن بأن وجودها ذاته أصبح مهددا وباتت تنظر إلى الأقليات الشيعية لديها باعتبارها طابورا خامسا مواليا لإيران ولعلها محقة في تخوفاتها فمع وصول الشيعة إلى السلطة في العراق أصبحت إيران تتحين الفرص لاستخدام الشيعة من السكان المحليين كوكلاء لتأكيد مزاعم الهيمنة وهذا هو ما يؤجج الاضطرابات في البحرين بعيدا عن مظالم الأغلبية الشيعية في البحرين
وإذا نحينا جانبا الأكاذيب والروايات الوهمية والمساءل المتعلقة بالأخلاق والمسؤولية فإن الخطأ الفادح في الحرب الأميركية ضد العراق كان غياب الخطة القابلة للتطبيق بل وحتى القوة اللازمة لفرض السلام الأميركي على الشرق الأوسط فقد كانت أميركا قوية بالقدر الكافي لزعزعة استقرار النظام الإقليمي القائم ولكنها لم تكن قوية بالقدر اللازم لتمكينها من إنشاء نظام جديد والواقع أن المحافظين الجدد الأميركيين بتفكيرهم القائم على التمني أساءوا بشكل فادح تقدير حجم المهمة التي تصدوا لها على النقيض من رجال الثورة الإيرانية الذين سارعوا إلى حصد ما زرعته الولايات المتحدة
وكانت حرب العراق أيضا بمثابة النذير ببداية انحدار أميركا النسبي لاحقا فقد أهدر بوش قسما كبيرا من قوة أميركا العسكرية في بلاد ما بين النهرين سعيا إلى تحقيق أوهام إيديولوجية وهي القوة التي افتقدت إلى حد كبير في المنطقة بعد عشر سنوات ولا يوجد الآن بديل منظور في غياب أميركا
وبرغم غياب الصلة السببية بين حرب العراق والثورات العربية التي بدأت في ديسمبر/كانون الأول فإن عواقب الحرب تضافرت بطريقة خبيثة مع التأثيرات التي خلفتها الثورات العربية فمنذ الحرب تبددت العداوات والخصومات المريرة بين تنظيم القاعدة والجماعات السلفية والقومية العربية السُنية لكي تفسح المجال أمام التعاون بل وحتى الاندماج وهذه أيضا نتيجة جلبتها علينا العقول المدبرة من المحافظين الجدد الأميركيين
وتتلاقى زعزعة الاستقرار الإقليمي نتيجة للثورات العربية بشكل متزايد مع الحال في العراق عبر سوريا وإيران في الأساس والواقع أن الخطر الأعظم الذي يتهدد المنطقة حاليا يتلخص في عملية التفكك الوطني التي أفرزتها الحرب الأهلية الدائرة في سوريا والتي تهدد بالانتشار ليس فقط إلى العراق بل وأيضا إلى لبنان والأردن
وما يجعل من الحرب الأهلية الدائرة في سوريا عملية بالغة الخطورة هو أن الأطراف على الأرض لم تعد هي القوى المحركة فالآن تحولت الحرب إلى صراع على الهيمنة الإقليمية بين إيران من جانب والمملكة العربية السعودية وقطر وتركيا وغيرها على الجانب الآخر ونتيجة لهذا فإن الشرق الأوسط أصبح عُرضة لخطر التحول إلى بلقان القرن الحادي والعشرين الانزلاق إلى الفوضى الإقليمية التي بدأت بالغزو الذي قادته الولايات المتحدة قبل عشر سنوات وكانت إلى حد كبير نتيجة له
الفوز بلعبة الثقة
نيوهافين في الثاني من إبريل/نيسان عقدنا اجتماعا في لندن لبحث الخطة التي نتمنى أن يتم تنسيقها على المستوى الدولي للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية ولكن هل لخطة كهذه أن تنجح في تحقيق غاياتها حقا
إن المشكلة الأساسية هنا بطبيعة الحال تتلخص في الثقة فقد اضطر الناس في كل مكان المستهلكون والمستثمرون على السواء إلى إلغاء خطط الإنفاق لأن الاقتصاد العالمي أصبح محفوفا بالمجازفات والمخاطر في الوقت الحالي وكانت هذه نفس الحال أثناء فترة الكساد الأعظم في ثلاثينيات القرن العشرين في عام شَرَح وينثروب كيس الأمر برمته وهو رجل الاقتصاد الذي عاصر الأزمة &كان إنعاش الاقتصاد يعتمد على استعداد المشترين من الأفراد والشركات لشراء الاحتياجات التي لابد وأن تقيد مواردهم لفترة طويلة من الوقت وبالنسبة للأفراد فإن هذا يعني ضمنا ضرورة ثقتهم أولا في استمرارهم في وظائفهم وفي النهاية يتوقف الأمر بنفس القدر على ثقة زعماء الصناعة& ولكن من المؤسف أن الثقة لم تعد إلى أن تسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية في إنهاء الركود
إذا كان للزعماء المجتمعين في لندن أن ينجحوا في تحقيق ما فشلت الحكومات في تحقيقه في الثلاثينيات فلابد وأن يلزموا أنفسهم بهدف مالي كاف لاستعادة التشغيل الكامل للعمالة تحت شروط ائتمانية عادية كما يتعين عليهم أن يلزموا أنفسهم بهدف ائتماني قادر على إعادة حركة الإقراض إلى طبيعتها ولن يعود الناس إلى معدلات الإنفاق الطبيعية ما لم يضمنوا فرصتهم في الحصول على وظيفة وما لم يتمكنوا من الحصول بصورة طبيعية على القروض أثناء فترة الكساد الأعظم في الثلاثينيات لم تستخدم مثل هذه الأهداف على نطاق كاف الأمر الذي أدى إلى تفاقم يأس الناس من احتمالات نجاح خطط التحفيز
لابد أيضا أن تشكل قمة العشرين فرصة لترسيخ بعض المبادئ فالثقة لا تنبني على أساس الإنفاق والإقراض فقط ومن الأهمية بمكان أن يقتنع الناس بأن المال يمثل قيمة أكثر دواما من تدابير تحفيز الاقتصاد والتي قد ينتهي بها الحال إلى الفشل ولابد أن ندرك أن أزمة الكساد الأعظم لم تبلغ منتهاها ببساطة نتيجة للحوافز الهائلة التي توفرت بفعل الإنفاق المرتبط بالحرب ولكن ما هي الأسباب التي جعلت من الحرب العالمية الثانية وسيلة لإنتاج أي قدر من الثقة في المستقبل
لا شك أن الحرب العالمية الثانية كانت سببا في انخفاض معدلات البطالة في الولايات المتحدة الثانية من في عام إلى فقط في عام كما كان لها تأثير مماثل في بلدان أخرى ولكن هذا لم يكن راجعا إلى إحياء الثقة التجارية بل كان نتيجة لحرب بغيضة بكل بساطة ووضوح حيث انجر الناس إلى الاقتتال أو إلى الصناعات الخاصة بإمداد المجهود الحربي
لقد تأخرت الاستعادة الحقيقية للثقة إلى ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية حين لم ينزلق العالم من جديد إلى الكساد ولقد حذر مجلس المستشارين الاقتصاديين في الولايات المتحدة وغيره من الجهات الاقتصادية من هذا الاحتمال في عام
ويبدو أن الثقة عادت بقوة خلافا لتوقعات مجلس المستشارين الاقتصاديين لعدة أسباب أولا كان هناك مفهوم عام بشأن &الطلب المحتجز& فبعد أعوام من الحرمان (والدمار المادي الذي لحق بالعديد من البلدان) كان منتهى أمل الناس أن يعيشوا بشكل طبيعي أن يعيدوا بناء مساكنهم وأن يمتلكوا سيارة وأن يحصلوا على غير ذلك من السلع الاستهلاكية
إن الانطباع الذي ساد على نطاق واسع آنذاك بوجود طلب محتجز كان أيضا من الأسباب التي أدت إلى اقتناع الناس بأن الكساد لن يعود وكان مفهوم الطلب المحتجز بمثابة حزمة تحفيز اقتصادية قوية وذلك لاقتناع الناس بدوامه لفترة طويلة والحقيقة أن الثقة طويلة الأجل هذه كانت سببا في &ازدهار المواليد& في مرحلة ما بعد الحرب
ولكن طبقا لبعض المراقبين المعاصرين فإن &الطلب المحتجز& كان مجرد جزء من القصة الكاملة فأثناء فترة الكساد القصيرة العميقة في عام تأملت المعلقة المالية سيلفيا بورتر في المواقف التي أدت إلى أزمة عام وانتهت إلى النتيجة التالية &لم نر أي خطأ بل كان كل شيء يسير على خير ما يرام في موجة ازدهار المضاربة الجامحة وتضخم الائتمان وهو ما بلغ ذروته في حالة لا تصدق من العربدة المالية الأشبه بالمقامرة في عام &
ولكن بعد الكساد والحرب كتبت بورتر تقول &لقد بدأنا نصغي لفكرة مفادها أن مائة مليون مواطن يعملون من خلال حكومة مركزية من الممكن أن يحققوا من الإنجازات ما يتجاوز كثيرا ما قد يحققه مائة مليون مواطن يعمل كل منهم كوحدة أنانية منفصلة لقد تبنينا باختصار موقف جديد في النظر إلى مسؤولية الحكومات& من الواضح أنها استنتجت أن التأثير الإيجابي الذي تخلف عن &الطلب المحتجز& إلى جانب التدابير الحكومية &قد لا يكون منطقيا إلا حين ننظر إليه على خلفية التغيرات التي تطرأ على قتصادنا وعلى فلسفتنا السياسية&
لقد تحولت خطة مارشال التي عملت أثناء الفترة من عام إلى عام إلى رمز لهذا الموقف الجديد حيث قدمت الولايات المتحدة مليارات الدولارات في هيئة مساعدات من أجل إعادة بناء البلدان التي خربتها الحرب في أوروبا وكان العديد من المراقبين ينظرون إلى هذه الخطة باعتبارها انعكاس لنوع جديد من التنوير والاعتراف بأهمية دعم الناس المحتاجين إلى المساعدة فما كان لأحد أن يرضى بسقوط أوروبا وعلى هذا فقد أتى التحفيز من الخارج
بعد الحرب أصبحت نظرية كينز الاقتصادية التي مل تكن مقبولة أو مفهومة عموما أثناء فترة الكساد الأعظم أصبحت تشكل الأساس لعقد اجتماعي جديد والحقيقة أنها كانت نظرية ملائمة تماما لجيل تحمل قدرا هائلا من التضحيات للتو وذلك لأنها أعادت التأكيد على اقتناعنا بمسؤولية كل منا عن الآخر ولقد تضاعف تأثير التحفيز الاقتصادي بفعل هذا النوع من الاقتناع الملهم
وهذا هو السبب وراء أهمية كل الالتزامات التي سيتعهد بها الزعماء والنوايا التي سيعربون عنها في إطار قمة مجموعة العشرين المقبلة ويتعين على البلدان المشاركة أن تظهر روحا سخية وأن تكون حريصة على تمكين كل الناس من الاستفادة من الاقتصاد العالمي إن القضايا التي قد تبدو هامشية مثل المساعدات المقدمة لبلدان العالم النامي والفقراء الذين يعانون أشد التأثيرات نتيجة لأي أزمة كالتي يعيشها العالم الآن سوف تشكل جزءا من القصة الأولية فيما يتصل بتجديد الثقة تماما كما كانت خطة مارشال جزءا من نفس القصة بعد الحرب العالمية الثانية
الفوز بلعبة الثقة الأوروبية
شيكاغو إذا كان لأي من الحلول التي قد تُطرَح على مدى الأيام القليلة المقبلة للأزمة الأوروبية أن تعيد الثقة إلى أسواق السندات السيادية فلابد وأن تكون قابلة للتطبيق اقتصاديا ومستساغة سياسيا في نظر جهات الإنقاذ والدول المطلوب إنقاذها على حد سواء وهذا يعني تركيز الانتباه ليس فقط على التفاصيل الفنية للخطة بل وأيضا على المظاهر
الآن هناك إجماع متزايد حول العناصر الرئيسية لأي حل فأولا سوف يكون لزاما على كل من إيطاليا وأسبانيا أن تأتي بخطط قصيرة الأجل تتمتع بالمصداقية ولا تقتصر على الاهتمام باستعادة الصحة المالية فحسب بل وأيضا تحسين قدرة الدولة على النمو للخروج من الورطة ورغم أن أي خطة سوف تنطوي على آلام يتحملها المواطنون فإن الأسواق لابد وأن ترى أن هذه الآلام مقبولة سياسيا على الأقل بالمقارنة بالبدائل
ومن الأهمية بمكان أن يكون من الواضح أن هذه الخطط صممت محليا (ولو أن الناخبين لن يستسلموا لأي أوهام حول الضغوط الخارجية وضغوط السوق التي أرغمت حكوماتهم على التحرك) وفي الوقت نفسه بوسع أي وكالة خارجية مثل صندوق النقد الدولي أن تضفي المزيد من المصداقية على هذه الخطط من خلال تقييمها فيما يتصل باتساقها مع أهداف الدولة ومراقبة تنفيذها
وثانيا يتعين على بعض الجهات الوسيطة صندوق النقد الدولي أو مرفق الاستقرار المالي الأوروبي حيث يتم تمويل كل من الكيانين مباشرة من قِبَل الدول الأعضاء أو البنك المركزي الأوروبي أن تكون على أهبة الاستعداد لتمويل القروض المقدمة لإيطاليا وأسبانيا وأي دولة أخرى متعثرة محتملة على مدى العام المقبل والعام الذي يليه ولكن هناك نقطة مهمة كانت موضع تجاهل إلى حد كبير في المناقشات العامة فإذا كان هذا التمويل سابقا للديون الخاصة في الأولوية (وهي حال التمويل من قِبَل صندوق النقد الدولي عادة) فسوف يكون من الصعب بالنسبة لهذه البلدان أن تستعيد قدرتها على الوصول إلى الأسواق وعلى أية حال فكلما أفرطت أي دولة في الاقتراض للأجل القريب من مصادر رسمية كلما تسببت بذلك في دفع الدائنين من القطاع الخاص إلى مؤخرة الصف وهذا من شأنه أن يجعل الجهات المقرضة الخاصة أكثر عُرضة لتقليم أكبر لأصول الدين إذا عجزت الدولة عن سداد ديونها في نهاية المطاف وبالتالي أكثر ترددا في الإقراض في المقام الأول
بعبارة أخرى يتعين على الأسواق الخاصة أن تكون على اقتناع تام بتدني احتمالات العجز عن السداد (وبالتالي أهمية الخطة ذات المصداقية) وبتوفر القدرة بفضل التمويل الجديد على تحمل قدر إضافي من الخسائر بحيث لا تضطر الديون الخاصة غير المسددة أو المرحلة إلى تحمل الوطأة كاملة إذا حدث العجز عن السداد بالفعل
قد يبدو هذا غير منصف فلماذا يتعين على دافع الضرائب أن يتقبل الخسارة في حين يتم إنقاذ القطاع الخاص من خلال توفير تمويل جديد في العالم المثالي تتخلف الدول المتعثرة عن سداد ديونها بمجرد توقف الأسواق الخاصة عن تمويلها وسوف تفرض هذه الدول الخسائر على حاملي السندات في القطاع الخاص ولكن في العالم الحقيقي إذا رأت الأسواق أن إيطاليا أو أسبانيا عاجزة عن سداد ديونها أو أنها أضخم من أن تُترَك للإفلاس فلابد في هذه الحال من تصميم التمويل بحيث يمنح هذه الدول أفضل فرصة ممكنة لاستعادة ثقة السوق
وهذا لا يعني أن التمويل الرسمي لابد وأن يكون متأخرا في الأولوية عن الديون الخاصة في أي عملية لإعادة الهيكلة لأن هذا سوف يتطلب توفر قدر أعظم من القدرة على تحمل الخسائر من جانب القطاع الرسمي وهي القدرة التي قد لا تكون متاحة في الأرجح وإذا كان التمويل الرسمي أقل أولوية فإنه بهذا يوفر قدرا أعظم من الدعم للدائنين من القطاع الخاص وبالتالي القدرة على إنقاذهم إلى حد أكبر
والحل الأكثر بساطة لهذه المعضلة يتلخص في التعامل مع التمويل الرسمي بشكل لا يختلف عن الديون الخاصة ومن الممكن أن يتحقق هذا على أفضل نحو إذا اشترى المقرضون الرسميون السندات السيادية بمجرد إصدارها (وربما بعائد محدد سلفا) ووافقوا على معاملتهم على قدم المساواة مع الدائنين من القطاع الخاص في عملية إعادة الهيكلة ومع استعادة الدولة لثقة الأسواق فسوف يصبح من الممكن خفض التمويل الرسمي وفي النهاية يصبح من الممكن بيع السندات للأسواق مرة أخرى