Datasets:

dru-ac
/

ArTopicDS-Books

Dataset card Viewer Files Files and versions Community

Split (1)

train · 21.2k rows

text stringlengths 1 2.38k	en_topic stringclasses 10 values
أما وضع الحديث فمن المقتولين في الزندقة رجل يقال له عبدالكريم بن أبي العوجاء، قال قبل مقتله إنه وضع أربعة آلاف حديث	Religion
وأما سلوك عقائد الجهمية والقدرية فقد أخرجذلك البخاري في جزئه الحديثي المسمى خلق أفعال العباد، وذكر قصة دخول أحد المقتولين في الزندقة على المهدي، فاعترف له أن أصحابه الزنادقة هم الجهمية والقدرية، وهذان الفريقان، كما لا يكاد يخفى على أحد، هم أعداء تلك الطائفة من أهل الحديث التي سميت لاحقا أهل السنة، قبل أن يظهر الروافض ظهورا قويا على الساحة في أوائل القرن الرابع الهجري	Religion
ولو كان ديوان الزنادقة لتصفية الزنادقة للزندقة وحسب، لا لأسباب أخرى سياسية، فبماذا نفسر ترك المهدي رجلا وضع له حديثا بين يديه، على سبيل المجاملة والنفاق، مع علم المهدي واعترافه بأنه موضوع، ووضع الحديث كفر وزندقة بلا ريب	Religion
بل مما يدل على ذلك لجوء المهدي إلى بعض القضاة ممن رمي بالقدر، أي الزندقة بحسب ما أسلف، هو مسلم بن خالد الزنجي لكي يقنع عيسى بن موسى بالتنازل عن ولاية العهد لموسى الهادي ابن المهدي	Religion
ومن الطبيعي أن يكون الضد من هؤلاء المشمولين جميعا بوصف الزندقة؛ هم تلك الطائفة المحددة من أهل الحديث، إذ ليس أصحاب الحديث كلهم على منهجاعتقادي واحد كما هو شائع، وكما سنرى	Religion
وقد بقي الفريق الذين سموا لاحقا أهل السنة يثنون على عهد المهدي والهادي والرشيد بما أظهروه من السنة، مع أن هذا لم يكن إلا لأسباب سياسية في مواجهة ثورات زيدية وأخرى تنتسب إلى الزندقة، وبما بقي في عهدهم من تتبع للزنادقة	Religion
وقد رأى الجاحظ أن الزندقة هذه إنما هي ثمرة من ثمرات الشعوبية الذين كان ظاهر مذهبهم تسوية العرب بالعجم	Religion
كانت بغداد، إذا، رغم كراهية المحدثين إياها، وذمهم سكناها، موئلا لرؤوس من أهل الحديث كبار، وسوق الحديث فيها رائجة، وفيها رأس كبير من رؤوس المحدثين، هو يزيد بن هارون	Religion
قدمنا في المباحث السابقة أن خراسان هي عش العجم والتجهم والتشيع والرأي والسواد	Religion
وبقي التعيير بالعجمة وبنوة سبايا الأمم، في ما يبدو، حتى عهد عبدالقاهر البغدادي (ت	Religion
يبدو أن النزاع بين الجهمية (العجم/الزنادقة/أهل الكلام/وأهل الرأي) وخصومهم من تلك الطائفة من المحدثين لم يكن وليد عهد المأمون، بل هو أسبق من ذلك بكثير، وليس كما ظنه محمد عابد الجابري أن موالاة الخراسانيين للمأمون بسبب أمه الخراسانية، وموالاة البغداديين للأمين بسبب أمه العربية، فهذا تبسيط، في نظري، واختزال	Religion
هنا، كانت بغداد، بوصفها العاصمة، ومركز الإدارة، هي أرومة هذه القرات السياسية، وعصبتها، بطبيعة الحال	Religion
وفي إطار الشعوبية والعربية، نجد للجاحظ تحليلا في تفسير ظاهرة الزندقة التي صارت تهمة يقذف بها حتى المعتزلة الذين وقفوا في وجه الشعوبية، ولاسيما الجاحظ الذي لم يقصر في الرد عليهم	Religion
يرى بعض الباحثين أن من أسباب نكبة البرامكة، سعيهم لإبعاد العرب عن مناصب الدولة المهمة، وأنهم كانوا ميالين إلى الفرس	Religion
كان جد زبيدة المباشر هو أبو جعفر المنصور، ولهذا كانت تهتم كثيرا ببغداد التي بناها المنصور جدها، وتأمر الشعراء بتحبيبها إلى زوجها هارون الرشيد الذي كان يحبذ الرقة	Religion
وعلى أن المأمون أكبر سنا من الأمين، أخذ هارون الرشيد البيعة لولاية العهد للأمين (والذي اشتهر في الطبقات بمحمد بن زبيدة؛ إشارة إلى منزلتها عند المحدثين)، ومن بعده المأمون	Religion
وقد كانت زبيدة على علاقة جيدة باثنين من أكابر أهل الحديث وفقهائهم؛ الشافعي وكانت ترسل إليه بالثياب، وهو في مصر، فيقسمها على المحتاجين، والليث بن سعد	Religion
وفي رؤيا منامية واحدة، معبرة عن هذه الحالة السياسية المذهبية، رئيت زبيدة، في المنام، هي وأحمد بن حنبل، في حالة حسنة، وبشر المريسي في حالة سيئة	Religion
وإذا نظرنا إلى أنه لم يرو عن أحمد بن حنبل أنه ترحم على خليفة عباسي نصا إلا ابن زبيدة (الأمين، وسيأتي النصفي حينه) فهمنا أن هناك تيارا ما، عربيا، حديثيا، في مواجهة تيار خراساني، عجمي، كلامي (زنديق كما يسميه خصومه)	Religion
كانت زبيدة (العربية الهاشمية) تلح على أن يكون ابنها الأمين هو ولي العهد، حتى قال الرشيد: ولا أم جعفر وميل بني هاشم إليه لقدمت عبدالله [أي المأمون] عليه	Religion
ويبدو أن بعض الهاشميين كانوا ميالين إلى هذا الضرب من أهل الحديث الذين منهم أحمد بن حنبل، إلى درجة أنه لما توفي، بحسب ما يروي ابنه صالح، حضر نحو من مئة من بني هاشم ونحن نكفنه، وجعلوا يقبلون جبهته حين رفعناه على السرير	Religion
ويطيب لي هنا، في استطراد أراه مهما، أن أشير إلى أن أبا حنيفة، وهو أبرز أهل الرأي، كان يجيز الصلاة والقراءة فيها بالفارسية، ويرى أن هذا يجزئ المصلي، حتى لو كان يحسن العربية، وهذا مذهب ملائم للعجم، بخلاف مذهب مالك والشافعي والمنقول عن أحمد	Religion
وربما يجد الباحث مبالغة، عند البعض، في الاحتراز مما هو معروف في الفقه ب زي العجم، وقد رويت فيه بعض الأحاديث، إلى درجة أن بعض المتأخرين، كابن العربي المالكي، قرأ ظاهرة تجمير المساجد، أي تبخيرها بالعود، أنها عادة عجمية، أدخلها البرامكة لتشبيه مساجد المسلمين بمعابد المجوس، حيث توقد النيران في الجمر، وقد لفتني نصيدل على هذا في كتاب الفرق بين الفرق لعبدالقاهر البغدادي، إذ يقول: ولم يمكنهم [يعني البرامكة] إظهار عبادة النيران فاحتالوا بأن قالوا للمسلمين: ينبغي أن تجمر المساجد كلها، وأن تكون في كل مسجد مجمرة يوضع عليها الند والعود في كل حال، وكانت البرامكة قد زينوا للرشيد أن يتخذ في جوف الكعبة مجمرة يتبخر عليها العود أبدا، فعلم الرشيد أنهم أرادوا من ذلك عبادة النار في الكعبة وأن تصير الكعبة بيت نار فكان ذلك أحد أسباب قبض الرشيد على البرامكة	Religion
ولعل هذا الوسواس المتأخر، في سياق النزاع مع الفاطميين، هو امتداد لقضية فقهية أثارت عقول بعض المحدثين، زمن المحنة وسياقها، من عداوة العرب والعجم مع حمولاتها المذهبية، حتى إن البخاري بوب في صحيحه: باب من صلى وقدامه تنور، أو شيء مما يعبد، فأراد به الله	Religion
ثم ينقل الشاطبي في القرن الثامن الهجري نصابن العربي هذا، ويعلق: وحاصله أن النار ليس إيقادها في المساجد من شأن السلف الصالح، ولا كانت مما تزين بها المساجد البتة	Religion
لنرى باحثا سلفيا معاصرا يكرر هذا في كتاب ضخم بعنوان: موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهجوالتربية، في عشرة مجلدات	Religion
أما من حيث سلوك أحمد الشخصي تجاه العجم، فإن يحيى بن معين، كما أسلفت، أثنى على أحمد بن حنبل بأنه لم يفخر عليهم بالعربية قط، وهي إشارة إلى أن الفخر بالعربية كان هو الأصل الذائع المنتشر، ولا هذا لم تكن هذه الخصلة جديرة بالإشادة	Religion
وقد ورد أن أحمد كان يكلم بالفارسية بعض أقاربه (وهو عربي الأب والأم) ممن تأثروا بخلطة غير العرب فما عادوا يحسنون العربية	Religion
لكن ورد أيضا أن ابن حنبل كان يقدم أبناء الأشراف، وإن كانوا صغار السن غلمانا، كما فعل مع أحد أبناء مصعب بن الزبير، وأنه قدم غلاما هاشميا على محدث كبير ثقة بغدادي، من شيوخ البخاري ومسلم، اسمه إبراهيم بن زياد (الشهير بسبلان)	Religion
لقد كان ابن حنبل، إذا، ينتمي إلى تيار محبب عند زبيدة حفيدة أبي جعفر المنصور وأم الأمين، وله صداقة وثيقة بمحدث هاشمي (الأمير سليمان بن داود)، وطائفة من بني هاشم يجلونه ويقبلون وجهه ورأسه، وكانوا أول من صلى عليه قبل العامة	Religion
في هذه الظروف التي أطرح طرفا منها، تمكن بعض رؤوس المحدثين ببغداد، حتى قيل، في المقارنة بين بغداد والكوفة، ما أخرجه الخطيب البغدادي بسنده أن أبا معمر الهذلي (ت	Religion
كان ما سبق تراكما تاريخيا، مبتعدا بقليل أو كثير عن النهجالشيعي الكلامي الأول للدعوة، بسبب ظروف سياسية تكلمنا عنها، أسهم في انقسام سياسيمذهبي، في عصر يربط ربطا لزوميا بين الدعوة والدولة	Religion
مات هارون الرشيد سنة 193ه	Religion
وفي عام 195ه، والحرب على أشدها بين خراسان وبغداد، يخرجفي الشام رجل من أهل الحديث يدعى علي بن عبدالله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، أي إنه أموي من سلالة يزيد بن معاوية، ويدعو الناس إلى نفسه، مدعيا أنه السفياني الوارد في الحديث الذي أشك في صحته على أي حال، ولكنه وضع ردا على أحاديث المهدي، من باب مواجهة بروباغندا حديثية ببروباغندا مقابلة	Religion
أما أبو مسهر الغساني الدمشقي فقد روى عنه جلة من أئمة الحديث، وروى عنه أحمد بن حنبل، وكان يقول فيه: ’رحم الله أبا مسهر [	Religion
وأما الوليد بن مسلم الدمشقي فقد حدث عنه أحمد بن حنبل، وأبو مسهر كلاهما	Religion
خرجهذا السفياني، وكان هو محدثا من المحدثين كما أسلفت، روى عنه أبو مسهر، وله تلاميذ وأحاديث وكتب وروايات	Religion
أما حفر خطاب بن وجه الفلس سربا، فمعناه أنه حفر نفقا إلى بيت السفياني، بحيث يهتف به، فيظن السفياني هذا أن مناديا غير مرئي، من عالم الملائكة، يناديه، وأنه وحي أو شيء من السماء	Religion
عين السفياني أبا مسهر الدمشقي قاضيا على دمشق، قال الذهبي إنه ولاه قضاء دمشق كرها	Religion
ويبقى السفياني متحكما، في أحداث كثيرة إلى مشارف المئتين، ثم خلع نفسه، واختفى	Religion
وفي عام 196ه، تصل الجنود الخراسانية إلى بغداد، ويمسك بعض القادة، وهو العباس بن موسى بن عيسى العباسي الهاشمي، بزبيدة فتربط وتضرب بالسوط وتهان	Religion
وهكذا تم الأمر للمأمون، وغدا هو الخليفة، غير أنه بقي في خراسان، وولى بغداد وغيرها رجلا خراسانيا من العجم شديد الولاء للمأمون، هو الحسن بن سهل السرخسي، وكان أخوه الفضل بن سهل من قادة المأمون ومستشاريه الكبار، وكان له دور كبير في القضاء على الأمين	Religion
عين المأمون الحسن بن سهل (العجمي) واليا على بغداد، وصار ابن سهل يعين بعضا من بني العباس ولاة، كتعيينه سليمان بن أبي جعفر المنصور، مثلا، واليا على الكوفة، أي إن هذا العجمي صار إليه حق التولية والعزل والسلطة على الهاشميين، وقد كان المأمون مؤثرا للعجم، وكان يفضل عجم خراسان على كل أحد، فيقول: ما في الدنيا أشجع من عجم أهل خراسان، وحين ورد الشام قال له واحد من أهلها العرب: يا أمير المؤمنين؛ انظر لعرب الشام كما نظرت لعجم خراسان، تعبيرا عن شهرة تفضيل المأمون الخراسانيين العجم، وإهماله العرب	Religion
وفي سنة 200ه، شغبت الحربية (أي الجند) على الحسن بن سهل فطردوه من بغداد لعدم صرف أرزاقهم، واقتتل الحربية وقادتهم فيما بينهم	Religion
وبهذا يكون ابن تيمية قد سبق فهمي جدعان في نفي خصومة المعتزلة لأحمد بن حنبل	Religion
تولى منصور بن المهدي ولاية بغداد، غير أن الحربية كانوا مطلقي الحرية متحكمين في البلد، وكان كثير منهم من الشطار (جمع شاطر، وهو من أعيا أهله ومؤدبيه خبثا ومكرا، على خلاف معناها الآن)	Religion
فلم يكن هؤلاء الفساق، إذا، إلا الجند ومن عاونهم من الشطار، وهذا انفلات أمني واضح، وعجز من السلطات أن تفعل شيئا أو تواطؤ منها، فلما رأى الناس ذلك وما قد أخذ منهم، وما بيع من متاع الناس في أسواقهم، وما قد أظهروا من الفساد في الأرض والظلم والبغي وقطع الطريق، وأن السلطان لا يغير عليهم، قام صلحاء كل ربض وكل درب، فمشى بعضهم إلى بعض	Religion
واضح، إذا، أن هذا الخروجقاده الصلحاء، وتولاه سهل بن سلامة، وبايعه أشراف الناس، حتى بنو هاشم أنفسهم، ببغداد على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى قتال من خالف الكتاب والسنة، حتى لو كان السلطان ذاته	Religion
وفي السنة ذاتها التي قامت فيها حركة المطوعة تلك، يبايع المأمون لعلي بن موسى الرضا وليا للعهد	Religion
هاهنا رفض الهاشميون في بغداد هذا، وخلعوا المأمون، وبايعوا إبراهيم بن المهدي خليفة للمسلمين	Religion
وحين قبض عليه قال سهل: إنما كانت دعوتي عباسية، وإنما كنت أدعو إلى العمل بالكتاب والسنة	Religion
لكن هذا لا يعني انتهاء الحركة	Religion
كان ليزيد بن هارون سلطة على العوام كبيرة، حتى إن المأمون نفسه كان يخشى إظهار القول بخلق القرآن ما دام يزيد بن هارون حيا	Religion
ولم يفت هذا المادح أن يشير إلى الاحتساب الذي كان يقوم به يزيد، فقد كان محتسبا، أي آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، ووصف بأنه كان ممن يعد من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ما يعيدنا إلى سهل بن سلامة وأحمد بن نصر الخزاعي وبيعتهما، ولهذا كان أحمد بن حنبل يقول فيما بعد (ولعل هذا زمن المحنة): ليس هذا زمان نهي	Religion
وكان له موقف شديد من الجهمية يبلغ حد التكفير واللعن، بل حد التحريض على القتل كما سيأتي	Religion
وفي عهد إبراهيم بن المهدي هاجت العامة على بشر المريسي، وسألوا إبراهيم بن المهدي أن يستتيبه، فأقيم بشر المريسي بأمر من القاضي على مصطبة أمام الناس ليعلن توبته من القول بخلق القرآن، فقال: معاذ الله، إني لست بتائب، فاجتمع الناس عليه حتى كادوا يقتلونه، ولكنه استطاع التخلصمنهم والنجاة بروحه	Religion
مثل هذه الأحداث الجماهيرية ليست مما يخفى على المأمون، وهو الذي قضى في خراسان، عش الجهمية، مدة، وهكذا فتكفيره هو نفسه وتكفير من يقول بقوله معلوم لديه قبل أن يدخل بغداد، وهو لا يجهل أن كثيرا من المحدثين، حتى أشدهم تحفظا، لا يجيزون الخروجإلا أن تروا كفرا بواحا، والقول بخلق القرآن كفر عندهم بل زندقة، وهذا يعني بالضرورة، جواز الخروجعلى الحاكم (وهو هنا المأمون وكل من وافقه) لأنه يقول بالكفر ويدعو إليه، بل إن يزيد بن هارون كفر المريسي وأبا بكر الأصم المعتزلي (واسمه عبدالرحمن بن كيسان) وقال إنهما حلا الدم، وهذا يعني لزوما أن المأمون حلال الدم كذلك	Religion
في هذه الأجواء التي كانت السلطة الكبرى فيها لشيوخ أهل الحديث الذين كانوا يهيجون العامة، ويعلنون كفر من قال بخلق القرآن، وهو مذهب الخراسانيين ومذهب المأمون نفسه، دخل المأمون بغداد	Religion
دخل المأمون بغداد سنة 204ه	Religion
دخل المأمون عش الدبابير هذا، فكان أول شيء فعله، وأول قرار اتخذه أن نادى بالتوقف عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أي سلب هؤلاء سلطتهم	Religion
جاء في تاريخ بغداد للخطيب: لما دخل المأمون بغداد نادى بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك أن الشيوخ ببغداد كانوا يحبسون ويعاقبون في المحال، فنادى بذلك، لأن الناس قد اجتمعوا على إمام	Religion
هذا نصواضح جدا في أن السلطة إنما كانت للشيوخ، يحبسون ويعاقبون	Religion
أنهى المأمون سلطة هؤلاء، وكانت قد اجتمعت للشيوخ السلطة المادية والسلطة الرمزية معا، مع تكفيرهم من يقول بخلق القرآن، ومطالبتهم باستتابته وقتله إن لم يتب، مع ما في هذا القول من لزومات تؤدي إلى الخروجعلى من يقول به من ولاة الأمر؛ لأنه، حتى عند أشدهم تحفظا عن الدماء، كافر، يجوز الخروجعليه بلا جدال (وفي الفقه خلاف في الخروجعلى ولي الأمر، فهناك من يوجب الخروجعليه لفسقه، وهناك من لا يوجب الخروجعليه إلا في حالة كفره)	Religion
إذا علمنا هذا، فهمنا لم امتحن المأمون في خلق القرآن، ولم أمر بالتوقف عن ذكر معاوية بخير وتقديمه على بعض الصحابة	Religion
ولهذا صرح المأمون في رسائله أول المحنة، كما سيأتي، بأنه لا يثق في عمله بمن لا يقول بخلق القرآن، لأنه، بطبيعة الحال، سيكون في نفسه معتقدا كفر أمير المؤمنين، وإذا، يوجب الخروجعليه، فهل يثق الخليفة، في هذا السياق، بمن يعتقد كفره ويوجب الخروجعليه؟	Religion
يبدو أن المأمون أراد، في البداية، احتواء هؤلاء الناس، فأكرم سهل بن سلامة ووصله، ولم تتوقف حلقات الحديث البتة، حتى في عز المحنة، لأن موقف المأمون ليس هو عداء الحديث والمحدثين، بل عداء تلك الطائفة بعينها من أهل الحديث، ولا أدل على ذلك من كون أكبر دواوين الحديث إنما كتبت في ذلك الزمن	Religion
وهكذا، تسير رحلة التاريخ، وامتزاجالديني بالسياسي، والدعوة بالدولة، حتى وصلت بنا إلى ظهور المحنة، وسلفها، لتدخل هذه المحنة، ومزاجها النفسي الصعب وأزمتها، في الخطاب العقائدي، ولتتكون مقولات محددة، تصبح تمييزا هوياتيا، لما يسمى أهل السنة، أو ما يطلق عليه أنه عقائد السلف، حتى يومنا هذا، لا من حيث العقائد فحسب، بل من حيث المزاجالنفسي المتأزم أيضا	Religion
وقد علمت أرشد الله أمرك	Religion
أن التشبيه وإن كان أهله مقموعين ومهانين وممتحنين،	Religion
فإن عدد الجماجم على حاله،	Religion
وضمير أكثرهم على ما كان عليه	Religion
الجاحظ	Religion
أعلن منذ البدء، أن الاتجاه الذي أتبناه في المحنة، هو تفسيرها تفسيرا تاريخيا سيا يرفع شعار المذهب والاعتقاد	Religion
كما ليس من اهتمام الباحث إثبات أن بشر المريسي هو الذي كان وراء المحنة، كما استنتجفهمي جدعان	Religion
قدمنا أن المأمون كان قد هم بإظهار القول بخلق القرآن، قبل سنة 206ه، لولا مكان يزيد بن هارون وتخوفه من سلطته، وقدرته على تحريك العامة	Religion
وقدمت أن المأمون كأنه أراد إعادة الدولة العباسية إلى بداية عهدها، أي إلى دعوتها الأصلية، القائمة على التشيع، وتلقب ب الإمام، استعادة لأيام الإمام إبراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس وأبيه، لولا لبس الخضرة بدلا من السواد، والذي يغلب على الظن أنه اتخذه للضرورة، امتحانا لولاء البغداديين؛ فلما رأى طاعتهم في لباس الخضرة، وكراهتهم لها [	Religion
أباح المأمون لأرباب المقالات الجدال والنظر، بل كان يدعو الفقهاء والمتكلمين إلى مجلسه فيقيم المناظرات بينهم، وله في ذلك أخبار كثيرة	Religion
لم يكن أهل الحديث في عمومهم شكلا واحدا، ولا نوعا واحدا، ولهذا أميز أنا دائما تلك الطائفة البغدادية من أهل الحديث من غيرهم، وأرى أن من عدم الدقة أن تطرح عقيدة يقال إنها عقيدة أهل الحديث هكذا على الإطلاق	Religion
أما محدثو الكوفة فقد كانوا شيعة، ومعنى التشيع الغالب عندهم تفضيل علي على عثمان، إلا رجلين، كما ينصعلى ذلك أحمد بن حنبل؛ طلحة بن مصرف وعبدالله بن إدريس	Religion
أما موقف أحمد بن حنبل، فهو تبديع من يقدم عليا على عثمان، فما الظن بتقديمه على أبي بكر وعمر؟ فقد صرح أحمد بهذا؛ إذ سئل أحمد بن حنبل، فيما يرويه ابنه صالح، من يقدم عليا على عثمان، تبدع؟ قال: هذا أهل أن يبدع، أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قدموا عثمان	Religion
فهو لا يربع بعلي في التفضيل، ولكنه يربع به في الخلفاء فقط	Religion
وفوق هذا، يبدو أن إدخال أحمد بن حنبل علي بن أبي طالب في الخلفاء، أيضا، واعترافه به خليفة مهديا رابعا أمر متأخر، قال الخلال: وأخبرني عبدالملك بن عبدالحميد الميموني؛ أنه قال لأبي عبدالله: فأنا وبعض إخوتي هو ذا نعجب منك في إدخالك عليا في الخلافة	Religion
قال لي: فأيش أصنع؟ وأيش أقول بقول علي رحمه الله: أنا أمير المؤمنين؟ ويقال له: يا أمير المؤمنين، ويحجبالناس، والموسم، وتلك الأحكام، والصلاة بالناس، وما قطع وقتل؟ يترك؟ قلت: فما تصنع، وما تقول في قتال طلحة والزبير رحمهما الله إياه، وتلك الدماء؟ قال: ما لنا نحن وما لطلحة والزبير وذكر ذا؟ ثم أعاد علي غير مرة: ما لنا نحن وما لقتال هؤلاء، وما كان من تلك الدماء؟ وذكر حجه وحكمه أيضا	Religion
هذا نصمهم جدا؛ إذ يفيد أن تربيع أحمد بعلي، في الخلافة فضلا عن التفضيل، كان متأخرا، وأظهره أحمد بن حنبل بأخرة، أي بعد المحنة كما يبدو من تأريخ الحوار السابق	Religion
وهو دال أيضا على أن ما يسمى مذهب أهل السنة، مر بتحولات وتطورات إلى ذلك الوقت، عند أحمد بن حنبل على الأقل، ولعله ليس هذا الاعتقاد الوحيد الذي جرى فيه التطور؛ ما يشير إلى أن الظن أن ما يسمى مذهب أهل السنة، وعلى الأخصما يسمى مذهب السلف، ناجز ومفروغ منه في كل مسائله، ليس إلا من قبيل ما هو متخيل، بل هو مذهب تعرض للتطور، وهو، على الحقيقة، ابن للتاريخ، في ما عدا ما يسميه الشافعي خبر العامة، أي الذي لا خلاف فيه البتة بين جميع طوائف الإسلام، وهي مسائل قليلة، لا علاقة لها بما تنفرد به كل طائفة على حدة	Religion
لفتني في كتب الجرح والتعديل وفيها آلاف الشخصيات المترجم لها أن يعين محدث هنا، ومحدث هناك، فيقال إنه صاحب سنة، أو ذو سنة	Religion
هذا الاعتقاد، ولا سيما بصورته تلك التي فيها تردد أحمد في جعل علي بن أبي طالب الرابع في التفضيل، والتي توضح تحول أحمد إلى التربيع به في الخلافة بعد أن لم يكن يقول بذلك، وما يلزم منها من جعل من قال بخلاف هذا مبتدعا؛ يفضي، باللزوم، إلى تبديع المأمون، وهو أمير المؤمنين، في أقل الأحوال	Religion
لقد كان للمأمون مجلس يحضره وجوه الفقهاء وأهل العلم والنظر	Religion
ويستطرد المأمون، فيصف حال تلك الطوائف التي لا تريد هذا المجلس الحواري وتكرهه بأنهم بين متبع لهواه ذاب عن رئاسة اعتقدها، وطائفة قد اتخذ كل رجل منهم مجلسا اعتقد به رئاسة، لعله يدعو فئة إلى ضرب من البدعة، ثم لعل كل رجل منهم يعادي من خالفه في الأمر الذي قد عقد به رئاسة بدعة، ويشيط بدمه وهو قد خالفه من أمر الدين بما هو أعظم من ذلك، إلا أن ذلك أمر لا رئاسة له فيه فسالمه عليه، وأمسك عنه عند ذكر مخالفته إياهفيه، فإذا خولف في نحلته، ولعلها مما وسع الله في في جهله أو قد اختلف السلف في مثله فلم يعاد بعضهم بعضا، ولم يروا في ذلك إثما، ولعله يكفر مخالفه أو يبدعه، أو يرميه بالأمور التي حرمها الله عليه من المشركين دون المسلمين بغيا عليهم، وهم المترقبون للفتن، والراسخون فيها، لينتهبوا أموال الناس ويستحلوها بالغبة، وقد حال العدل بينهم وبين ما يريدون	Religion
تجد في هذا النصأوصافا استخدم بعضها ضد أحمد أيام المحنة، فقد اتهم بأنه يحب الرئاسة، قالها له المأمون، وقالها له المعتصم، كما سيأتي في موضعه، وقد اتهم غيره بأكل أموال الناس بالباطل، وأن تلك الطائفة أيضا تستعمل التكفير فيما لا تكفير فيه وتستحل دماء من تكفره، ولعل المأمون كان يلمز أهل الحديث البغداديين، ولا سيما بهياجالعامة ضد بشر المريسي وغيره، وتكفيره واستتابته، لقوله بخلق القرآن، أي إن موقف تلك الطائفة من تكفير القائلين بخلق القرآن، سابق على المحنة، وبتعبير آخر: هم كفروه ونزعوا عنه شرعيته قبل أن يمتحنهم	Religion
ثم يوضح المأمون غرضه من هذا المجلس الحواري الذي يحضره هؤلاء الجلة من العلماء فيقول: وإني لأرجو أن يكون مجلسنا هذا بتوفيق الله وتأييده ومعونته على إتمامه سببا لاجتماع هذه الطوائف على ما هو أرضى وأصلح للدين	Religion
إن نصوصتكفير القائلين بخلق القرآن أقدم عهدا من المأمون، فهي تعود إلى عهد المهدي، أو ربما تسبقه، أي تعود إلى عهد الدعوة ذاتها، عهد الجهم وأتباعه	Religion
ولأن دعوة الدولة العباسية التي كانت شيعية زيدية في إطارها السياسي العام، إنما قامت على إدراك الثأر وشفاء الغيظ، ولأن من شأن الملوك أن يطمسوا على آثار من قبلهم، وأن يميتوا ذكر أعدائهم، كما قال الجاحظ، ولأن المأمون، كما أثبت، أراد إعادة الأمور إلى بواكيرها الشيعية الخراسانية، فقد أصدر قرا عاما، سنة 211ه، ينصعلى أنه برئت الذمة ممن ذكر معاوية بخير، أو فضله على أحد من أصحاب رسول الله، وهذا يعيدني مباشرة إلى كتاب فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل، ويمكن أن يعد تعبيرا عن حالة تلك الطائفة البغدادية من أهل الحديث، فكتاب فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل، قدم فيه فضائل معاوية على فضائل العباس بن عبدالمطلب وابنه عبدالله، وهذا له دلالة مهمة؛ فقد اجتمع في هذا الكتاب المعنيان: ذكر معاوية بخير، وتقديمه على غيره من أصحاب رسول الله، وواضح هنا أن معاوية متقدم عند أحمد على العباس وابنه عبدالله أبوي العباسيين	Religion
كان المأمون يقول بخلق القرآن حتما، وهذه عقيدة جهمية، ومعتزلية، وزيدية، وإباضية	Religion
كان المأمون أيضا يميل إلى الإرجاء، وهو ما يثبت أنه جهمي، متشيع، وليس معتزليا كما يتخيل كثير من الناس	Religion
أما أصل صدق الوعد والوعيد عند المعتزلة؛ فمعناه، باختصار، أن الله لا يخلف وعده ولا وعيده؛ فمن أصاب وعد الله جزم له بالنجاة، ومن ارتكب الكبائر، ولم يتب، ومات وهو مصر عليها فهو تحت الوعيد حتما، ولا تنجيه الشفاعة لأن الشفاعة، عند المعتزلة، بخلاف ما يسمى أهل السنة، لا تصيب أصحاب الكبائر، وهذه حساسية معتزلية أخلاقية شديدة، ف الفاسق معرض للعذاب حتما، خالد في النار أبدا، ولكن في عذاب أقل من عذاب الكافرين	Religion
كان المأمون يميل إلى الإرجاء أي تأخير أمر الفاسق وإرجائه إلى ربه، فالله وحده يحكم فيه، فنتوقف عن إطلاق الأحكام عليه، ونرجو له النجاة، وقد يغفر الله له بالشفاعة المحمدية، أو إذا شاء الله، وهذا ليس مذهب المعتزلة، وقد ورد عن المأمون أنه قال: الإرجاء دين الملوك	Religion
وكان ثمامة بن أشرس (المعتزلي) يرى المأمون عاميا لأنه لا يقول بالقدر، أي لا يوافق المعتزلة في أن العباد يحدثون أفعالهم على الحقيقة، وليس الله هو من يقدرها عليهم	Religion
لا يمكن المأمون، إذا، أن يصطنع محنة في أمر يقول به هو، ويتدين به، وإن مجلسه عامر بالموالين، من جميع أولئك الطوائف، ولا يسبب له الصداع في بغداد إلا تلك الطائفة من أهل الحديث، والتي يميزها أمران: أنها لا تقول بخلق القرآن ولا حدوثه، ويبدو من رسائل المأمون أنه لا يفرق بين حدوث القرآن وكونه مخلوقا، فمحنته مصبوبة على من يقول إن القرآن قديم	Religion
أما الأمر الثاني فهو ترضيها على معاوية بن أبي سفيان، وذكره بخير، ورواية فضائل منسوبة إليه، وتقديمه والإشادة به وموالاته	Religion