Datasets:

dru-ac
/

ArTopicDS-Books

Dataset card Viewer Files Files and versions Community

Split (1)

train · 21.2k rows

text stringlengths 1 2.38k	en_topic stringclasses 10 values
وقال ابن مسعود: كان عمر بن الخطاب حائطا حصينا على الإسلام يدخل الناس فيه ولا يخرجون منه؛ فانثلم الحائط والناس خرجوا منه ولا يدخلون فيه	Religion
وقال التابعي ميمون بن مهران (ت	Religion
وقال سفيان الثوري: كان يقال: ‘يأتي على الناس زمان ينتقصفيه الصبر والعقل والحلم والمعرفة، حتى لا يجد الرجل من يبث إليه ما يجده من الغم’	Religion
وقال الشعبي (وهو من التابعين، ت	Religion
وبحسبنا ما قاله أحمد بن حنبل عن التابعي عمر بن عبدالعزيز (ت	Religion
فتلك شهادات على العصر، تخيرناها من نصوصكثيرة، لم نوردها خشية الإطالة، تعبر عن انحدار تغير فيه مجتمع خير القرون تغيرا جذريا، حتى في أعظم أركان الدين، وهو الصلاة، فضلا عما هو دونها	Religion
لم يكن نشوء الدولة الهاشمية (في فرعها العباسي)، على أنقاض دولة بني أمية التي يجمع المؤرخون على نهايتها عام 132ه، أمرا ظهر فجأة	Religion
لا نطيل في ذكر النزاع الشديد الذي كان بين بني هاشم وبني أمية، منذ بويع علي بن أبي طالب على الخلافة، ونازعه معاوية بن أبي سفيان، وهناك من يمد هذا النزاع العشائري إلى ما قبل الإسلام، حتى استقر الأمر لمعاوية في العام الذي سمي عام الجماعة، ونلجولوجا موجزا إلى المراحل التي سارت فيها الدعوة العباسية، حتى قيام الدولة	Religion
تشير المصادر التي تؤرخ لدعوة بني العباس ودولتهم إلى استحضار ثأر بني هاشم الذي يسعون لأخذه من خصومهم الأمويين، فللحديث عن ذلك الثأر لبني هاشم حضوره في الكتاب الدعائي أخبار الدولة العباسية (يبدو أنه من مدونات القرن الث الهجري)، متصلا بالهاشميين بفرعيهم؛ الطالبي والعباسي	Religion
يسجل المؤرخون وأصحاب السير أن الصحابي بسر بن أرطاة، وجهه معاوية إلى اليمن والحجاز في أول سنة أربعين، وأمره أن ينظر من كان في طاعة علي فيوقع بهم	Religion
وهو من فضلاء الصحابة، كما يصفه المحدث الناقد ابن عبدالبر، وبعض المؤرخين لا يراه إلا من كبار التابعين، وكان متشيعا لعلي بن أبي طالب، ومعارضا، بطبيعة الحال، للأمويين، وكان يعترض كثيرا على زياد بن أبيه، والي معاوية على العراق، وينكر سبه علي بن أبي طالب على المنابر، وتأخير الصلاة عن وقتها (وقد أوضحت شكاوى الصحابة من هذا في التمهيد)، ووصفه الذهبي بأنه كان شريفا أميرا مطاعا، أمارا بالمعروف، مقدما على الإنكار، من شيعة علي	Religion
غير أن زيادا أراد قتله، فسيق إلى معاوية، هو وأصحابه، سنة 51ه، فقتله معاوية وقتل بعض أصحابه	Religion
أبلغ أشراف الكوفة الحسين بن علي بما جرى لحجر بن عدي فاسترجع وشق عليه، كما يذكر أبو حنيفة الدينوري (ت	Religion
بقيت تلك الحادثة في ذاكرة الهاشميين وأنصارهم، طوال التاريخ، حتى يوم الناس هذا	Religion
وكان المختار على علاقة بالهاشميين، وبمحمد بن الحنفية يتردد إليه، وقيل إنه كان في صحبة مسلم بن عقيل بن أبي طالب حين بعثه الحسين ليأخذ له البيعة من أهل الكوفة؛ ما يشير إلى أن حركة المختار حركة هاشمية، ذات اتصال طالبيعباسي	Religion
وفي عام 122ه، ثار زيد بن علي بن الحسين، وهو يرى أن الحق في الإمامة ل آل البيت، غير أن القوم استأثروا علينا، ودفعونا عنه، ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفرا، قد ولوا فعدلوا في الناس، وعملوا بالكتاب والسنة، وإنما ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه، وإلى السنن أن تحيا، وإلى البدع أن تطفأ أي إنه كان يرى أن الكتاب والسنة (في عصر خير القرون) غير مطبقين، فخرجفقتل وصلب	Religion
ثم خرجبعد زيد ابنه يحيى، فقتل في خراسان، سنة 125ه وصلبت جثته، وكانت خراسان معقل الدعوة السرية لبني هاشم، وفيها توسعت وانتشرت، ومنها أقبلت الرايات السود، وقد لفتتني عبارة ذات معنى قالها الذهبي عن يحيى هذا إذ قال: فسار هو بعد ذلك [أي بعد مقتل زيد] إلى العجم، ثم إنه خرجبخراسان	Religion
حزن أهل خراسان على يحيى بن زيد، وسود أهل خراسان ثيابهم عليه، فصار زيا، كما يقول ابن حبيب (ت	Religion
وقد يكون جديرا بنا أن نورد أنه مذكور، في التراث الحديثي، أن جبريل أتى النبي فعممه بعمامة سوداء، وأن النبي كان قد لبس يوم فتح مكة عمامة سوداء	Religion
فيبدو من تلك الروايات، ومن روايات أخرى، أن الراية السوداء، والعمامة السوداء، كانتا تلبسان في عظائم الأمور ومهماتها	Religion
وهناك ما يدل على أن لبس السواد، ولا سيما في بدايات الدولة العباسية، كان إلزاميا، كما أشار المحدث الشهير عبدالله بن المبارك (ت	Religion
كان الخراسانيون العجم، بحسب تعبير الذهبي السابق، يرون أنفسهم أنهم هم الأنصار للدعوة العباسية، كما كان الأوس والخزرجهم الأنصار للنبي، كما ذكر الجاحظ على لسان خراساني من رجال الدولة يفخر بخراسانيته	Religion
تمتد علاقة الهاشميين بالعجم الفرس منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب، فإنه لما طعنه أبو لؤة المجوسي، قال: الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام، ثم قال لابن عباس: لقد كنت أنت وأبوك تحبان أن يكثر العلوج بالمدينة، قال الذهبي: وكان العباس أكثرهم رقيقا	Religion
وورد أن الأشعث بن قيس اعترض علي بن أبي طالب وهو على منبره، وحوله الفرس والموالي قريبا منه فقال له: يا أمير المؤمنين، غلبتنا على وجهك هذه الحمراء، أي إن عليا كان يصرف وجهه إلى العجم أكثر من العرب، فغضب علي من قوله هذا	Religion
وفي الطبقات الكبرى لابن سعد (ت	Religion
لا أرى دعوة بني العباس إلا دعوة شيعية معتدلة، ولا أعني بالتشيع هنا التشيع العقائدي التفصيلي الذي تكامل لاحقا، قامت في البداية على تحالف طالبيعباسي، يؤمن بأن الخلافة، بعد الحسن والحسين، إنما هي لمحمد بن الحنفية	Religion
وقد ورد أن ابن الحنفية حج بشيعته الخشبية، سنة 66ه، وكان في الحجأربعة ألوية؛ لواء ابن الحنفية، ولواء نجدة الحروري، ولواء ابن الزبير، ولواء بني أمية؛ ما يدل على أن ابن الحنفية كان يرى نفسه إما وخليفة، له لواء خاصبه، وأتباع مسلحون، يقبلون رأسه ورجله، ويستميتون في الدفاع عنه، يحجبهم كما يفعل الأئمة والخلفاء	Religion
وقد ورد أن المختار كان يرسل إلى ابن الحنفية بالمال فيقبله ويوزعه على أتباعه؛ فلم يكن ابن الحنفية زاهدا في الخلافة كما يدعي بعض الباحثين	Religion
وحين مات ابن عباس، سنة 68ه، كان من تولى الصلاة عليه هو محمد بن الحنفية، وروي أنه بنى على قبره فسطا أقام عليه فيه ثلاثة أيام، أي أقام على القبر، والفسطاط هو الخيمة، وكانوا يفعلونها فولكلوريا، إما من باب الاحتفاء، وإما لاستظلال الحي من حر الشمس وهو مقيم على القبر	Religion
هكذا كان الحلف الشيعي الهاشمي، بشقيه؛ الطالبيالعباسي	Religion
فقد ورد عن ابن الحنفية حديث شهير معروف، أنه سأل أباه عليا يا أبت؛ من خير هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: عمر، قال: فخشيت أن أقول: ثم من؟ فيقول عثمان، فقلت: أنت يا أبت؟ فقال: أبوك رجل من المسلمين	Religion
ويؤكد لنا، أيضا، طبيعة تشيع هذا الحلف، ما نقلته عن ابن عبدالبر، سابقا؛ أن الصحابي أبا الطفيل كان متشيعا [	Religion
وهو موقف زيد بن علي بن الحسين، لاحقا، فقد أراد أحد أن ينتقصمن أبي بكر بين يديه فأحسن فيه القول ودافع عنه	Religion
وتزداد مسألة تشيع الدعوة وفق الاتجاه الزيدي توكيدا حين نعلم أن أبا هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفية (الذي سلم الراية لمحمد بن علي بن عبدالله بن عباس)، هو والد زوجة زيد، وأنه (أي أبا هاشم) هو أستاذ المعتزلة، حتى إن الجاحظ قال على لسان الهاشميين: ومن مثل محمد بن الحنفية وابنه أبي هاشم الذي قرر علوم التوحيد والعدل؟ حتى قالت المعتزلة: غلبنا الناس كلهم بأبي هاشم الأول	Religion
أما أبو هاشم فهو، كما أسلفت، شخصية غامضة في تراجم أهل السنة، غير أنه وصف بأنه، وأخاه الحسن، ثقتان عالمان جليلان، وهو ما يفسر أن أيديولوجيا الدعوة العباسية ودعايتها السياسية قائمتان على ما يدخل في أبواب العلم بتعريف أهل ذلك الزمان، فهي أحاديث وأخبار وحجاج علمي كلامي وفقهي، وليست كالدولة الأموية القائمة على القبلية والحنكة والدهاء والمنزلة العشائرية	Religion
وقد وصف أبو هاشم بأنه تنتحله الشيعة بأسرها، ووصف أخوه الحسن بأنه أول من تكلم بالإرجاء، والمقصد بالإرجاء هنا ليس الإرجاء العقائدي الشهير المقصود به عدم الاعتداد بالعمل داخلا في الإيمان، بل هو شيء آخر، هو إرجاء الصحابة الذين تورطوا في الفتنة بعد الخليفتين أبي بكر وعمر (أي الفتنة بعد عثمان ثم وقعة الجمل بخلاف قتال البغي الذي كان معاوية طرفا فيه فهذا خارجعن الموضوع)، وإرجاء أمرهم إلى الله، مع توكيده موالاة أبي بكر وعمر، وقد ذكر العلامة ابن حجر العسقلاني أنه اطلع على كتاب الإرجاء هذا، وأنه لم يجد فيه إلا ما أسلفت	Religion
وذكر المؤرخون أن أبا هاشم عالم بالحدثان، أي بأخبار الزمان وحوادث الدهر، وهذا مفهوم حين ننظر إلى أخبار المسودة المقبلين من المشرق، فإنه هو من أخبر عن دولة المسودة، وهذا واضح جدا في كتاب الفتن لنعيم بن حماد، فأخبار السواد والمسودة والرايات السود والمهدي ودولة بني العباس، تنتهي كثيرا بمحمد بن الحنفية أو بابنه أبي هاشم، وكان نعيم بن حماد مروزيا خزاعيا، ومرو من كور خراسان، وخزاعة من أنصار بني هاشم في الجاهلية والإسلام، وسيأتي شيء من هذا لاحقا	Religion
ومما ذكره المترجمون عن أبي هاشم أنه هو صاحب الشيعة، وأنه كان يتبع السبئية، وأنه أوصى إلى محمد بن علي بن عبدالله بن عباس الذي حمل الراية من بعده	Religion
يذكر الجاحظ أن أبا حنيفة ربما كان زيديا، وهذا في التشيع السياسي لا في تفاصيل العقائد؛ فأبو حنيفة يخالف بعض أصول الزيدية، ولا سيما في حكم مرتكب الكبيرة، وفي القدر، وهذا ممكن، فلقد كان مقاتل بن سليمان، مثلا، متهما بالتشبيه في العقيدة، ولكنه في الوقت ذاته زيدي في التشيع، وهو خراساني عاش إبان الدعوة ونشرها	Religion
كان أبو حنيفة زيديا، بالمعنى السياسي، وقضيته في أمر زيد بن علي مشهورة، وفي حمله المال إليه، وفتياه الناس سرا في وجوب نصرته والقتال معه، وكذلك أمره مع محمد وإبراهيم ابني عبدالله بن حسن كما يقول الجصالحنفي	Religion
ولقد تبودل الأثر بين المذهب الفقهي الزيدي والحنفي حتى قال الشهرستاني عن الزيدية: وأما في الفروع فهم على مذهب أبي حنيفة إلا في مسائل قليلة	Religion
وكما أن خراسان كانت مباءة للتشيع، على النحو الذي أوضحناه، وللعجم، وللسواد، ولفقه الرأي، فقه أبي حنيفة، فقد كانت أيضا مباءة لمذهب الجهم وأتباعه الجهمية	Religion
ثار الحارث بن سريجالتمي، في خراسان، على بني أمية، ولبس السواد، كما نقل الطبري	Religion
وصار من وافق جهما في شيء مما قاله، ينسب إليه فيقال: جهمي، وجهمية، وقد أطلقه أحمد بن حنبل على خصومه الذين وافقوا جهما في أن القرآن مخلوق، وهو قول الزيدية والمعتزلة قطعا، ولذلك يصنفون عند أحمد بن حنبل، كما هو معلوم، جهمية، لأنهم وافقوا جهما في هذه المسألة، أي تأويل الصفات، وإن كانوا يخالفونه في مسألة من الأصول وهي القدر	Religion
وبهذا نستنتجما يلي:	Religion
• أن خراسان (بلاد الحمراء والعجم)، هي موطن الدعوة الهاشمية وأنصارها، وكانت موطنا للتشيع المعتدل، وللتجهم اعتقادا، وللرأي فقها (على العموم)، والسواد شعارا	Religion
والأنصار أنصاران: الأوس والخزرجنصروا النبي صلى الله عليه وسلم في أول الزمان، وأهل خراسان نصروا ورثته في آخر الزمان	Religion
تلك هي دعوة العباسيين التي ولد أحمد بن حنبل في دولتهم، وما كان أبوه وجده إلا من أنصارهم وأوليائهم، كما سيأتي، وفيها امتحن ثم مات	Religion
أراد أبو جعفر المنصور، لا سيما وهو الخليفة الثاني، ومؤسس الدولة الحقي، أن يحسم شأن النبوءة الكيسانية، المعتمدة على الرايات السود القادمة من جهة المشرق، ومعها خليفة الله المهدي، مبكرا، فيحصر النبوءة في بني العباس وحدهم؛ ويقلب ظهر المجن للطالبيين، بعد أن كان المهدي هو محمد بن الحنفية	Religion
ولما كان اسم أبي جعفر هو عبدالله، واسم ابنه الذي ولاه العهد محمدا، فقد لقب ابنه محمد بن عبدالله ب المهدي، لأن النبوءات (الكيسانية/الهاشمية)، كانت تشير إلى أن المهدي يشابه اسمه اسم النبي، واسم أبيه اسم أبيه	Religion
أما عقيدة الوصية، فواضح أن الدولة العباسية، أو بعض رؤوسها، كانت تتبناها في أول أمرها، قبل أن يجري ذاك الانقلاب على الفرع الطالبي/العلوي، فقد سأل الأوزاعي (المحدث الشهير الذي أفتى بكفر غيلان الدمشقي) عنها، عبدالله بن علي بن عبدالله بن عباس، حين دخلت المسودة الشام، وقتلوا بني أمية، فقال الأوزاعي: سألني عبدالله بن علي، والمسودة قيام على رؤوسنا بالكافركوبات [وهي آلة للقتل أشبه بالعصا الغليظة يستعملها العجم] فقال: أليس الخلافة وصية لنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل عليها علي بصفين؟ قال: قلت: لو كانت وصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حكم علي الحكمين	Religion
تلك النبوءات الكيسانية كانت قائمة على الحديث والآثار (أخبرنا، حدثنا)، فقد كانت الأحاديث هي الوسيلة المعتمدة للبروباغندا الكيسانية/العباسية، مع الحجالكلامي، ولا سيما بين الأعاجم	Religion
وفي حومة بروباغندا الأحاديث تلك؛ يبزغ نجم محدثين من الحفاظ النقاد؛ أحدهما شعبة بن الحجاج(ت	Religion
إن هذا اللقب (أعني أمير المؤمنين)، هو مصطلح سياسي من دون أدنى شك، ونقله من الحقل الدلالي السياسي المحض، إلى الحقل الدلالي الحديثي، لا يغير ما يحتوي عليه من رائحة سلطوية	Religion
فلم يقف الإسقاط اللغوي، والنفسي بطبيعة الحال، على إمارة المؤمنين فحسب، بل على صاحب الشرطة كذلك	Religion
ويؤكد تلك السلطوية في من يطلق عليه أمير المؤمنين؛ ما ذكر، مثلا، عن أبي الزناد عبدالله بن ذكوان القرشي (ت	Religion
ومن الذين أطلق عليهم ذلك اللقب، أيضا، محمد بن إسحاق (ت	Religion
ومن الجدير بالذكر أن سفيان الثوري كان أحد المطلوبين للدولة، في عهد المهدي، وبقي متواريا حتى مات مستخفيا	Religion
ومن هؤلاء (أعني أمراء المؤمنين في الحديث) عبدالله بن المبارك الذي رأته إحدى زوجات هارون الرشيد، يسير ويتبعه المحدثون حتى علا الغبار، في استحضار لصورة الجيش حيث يستعمل الغبار في الشعر العربي في وصف الجيش، فقالت: ما هذا؟ قالوا: عالم من أهل خراسان؛ قدم	Religion
بل مالك بن أنس، أيضا، وصف بأنه أشبه بذوي السلطان، فقيل فيه:	Religion
يدع الجواب فلا يراجع هيبة والسائلون نواكس الأذقان	Religion
عز الوقار ونور سلطان التقى فهو المهيب وليس ذا سلطان	Religion
بل حتى أحمد بن حنبل، وصفه أحدهم، في مقارنة واضحة بالسلاطين، بقوله: دخلت على إسحاق بن إبراهيم وفلان ذكر السلاطين ما رأيت أهيب من أحمد بن حنبل	Religion
كل هذا يدلنا على أن المحدثين، أو طائفة منهم على الأقل، كانوا يرون لأنفسهم سلطة ما، بغض النظر عن سياسة الدولة معهم، تقريبا واحتواء، كما في عهد المهدي والهادي والرشيد ثم المتوكل وغيرهم، أو حصرا وإبعادا، كما جرى في عهد المأمون والمعتصم والواثق مع طائفة من أهل الحديث، على وفق الظروف والسياقات (وهو ما نرى مثله جليا اليوم في سياسات بعض الدول العربية التي ترفع شعار الدين والتدين والسلف، في علاقتها بالعلماء والمفتين تقريبا واستخداما تارة، وحصرا وإبعادا تارة أخرى)	Religion
كان من المحدثين من انضوى إلى السلطة، ولبس السواد (الزي الرسمي للدولة)، ولكن علماء الجرح والتعديل من المحدثين لم ينسوا أن ينصوا على هذا في كتب التراجم، فهم في كتب الجرح والتعديل والتاريخ والطبقات ينصون على خضاب الشيب (من حيث ألا يغتر أحد بالعمر، كما أفهم وأستنبط، ولحفظ جانب التاريخ كذلك)، وعلى العيوب الخلقية كالعمش والعمى واللثغة (من حيث إن الأعمش قد يخطئ في النظر إلى الكتاب فيخطئ في الرواية، والأعمى لا يرى فيحدث من صدره، والألثغ قد يغير الحروف)، وعلى الصفات الأخلاقية التي توضع في الحسبان عند تقييم الرجال ومن ذلك: لبس السواد، أو العمل للسلطان تولي القضاء وولاية الخراجوغيرها	Religion
ولا أدل على ذلك مما ذكر عن عبدالله المبارك أنه سئل عن سنه فقال: أذكر أني لبست السواد وأنا صغير عندما خرجأبو مسلم، فقال له السائل: وقد ابتليت بلبس السواد؟	Religion
وذكر عن أبي عبيد القاسم بن سلام، وهو مرضي عند المحدثين بالإجماع، وكان مقربا من الدولة، ولم يثبت أنه تعرض لمحنة خلق القرآن لأن ولاءه مضمون	Religion
لكن يزيد بن هارون (ت	Religion
وورد أن الأوزاعي حين دخل على أبي جعفر المنصور استعفاه من لبس السواد، فأعفاه أبو جعفر	Religion
وذكروا أن أبا جعفر الرازي، وهو أحد المحدثين (ت	Religion
بل حسبك أن بعض المحدثين كان يشهد لبعض بأنه يصلح للخلافة	Religion
تتضافر النصوصالتي تدل على رواجسوق أهل الحديث رواجا كبيرا ببغداد، إلى درجة ربما تصل إلى المبالغات، فقد ذكرنا كيف كان يمشي مع عبدالله بن المبارك جيش من المحدثين يثير الغبار لكثرته، وأن زوجا لهارون الرشيد قالت إن هذا هو الملك الحقي	Religion
وروى كتاب التراجم والطبقات عن عاصم بن علي بن عاصم (ت	Religion
والمقصد من هذا كله، أن بغداد كانت عاصمة الخلافة، وعاصمة الحديث، حتى في عز محنة خلق القرآن، فقد كان يحضر الجمع الغفير مجلس المحدث سليمان بن حرب (ت	Religion
وفي عهد الخليفة المعتصم الذي ضرب أحمد بن حنبل بالسياط على مرأى منه وبأمره، أحصي مجلس عاصم بن علي بن عاصم بما يزيد على مئة ألف	Religion
ويختصر هذا كله عبارة موجزة للخطيب البغدادي يشير فيها إلى أن البغداديين أرغب الناس في طلب الحديث، وأشدهم حرصا عليه، وأكثرهم كتبا له	Religion
على الرغم من سطوة المحدثين، على بغداد، ومكانتهم، وسلطتهم، على النحو الذي أوردته؛ ولا أعني هنا جميع المحدثين بل الطائفة المقصودة بالبحث منهم، فإن هناك نصوصا مثيرة توضح موقفهم من عاصمة الخلافة، ومركز إدارتها، فلقد كان الجاحظ، على لسان خراساني، يصف بغداد بأنها خراسان العرب (لأنها مقر الدعوة والدولة)، ووصفها ابن الفقيه (من رجال القرن الث) بأنها عتاد الخلافة ودار أهل الدعوة	Religion
ولئن كان مؤرخ بغداد الشهير الخطيب البغدادي في كتابه تاريخ بغداد يبوب با يسرد فيه أقوال طائفة من المحدثين عن فضائل بغداد؛ فإنه يبوب با آخر بعنوان باب القول في حكم بلد بغداد وغلته وما جاء في جواز بيع أرضه وكراهته	Religion
وكان عبدالله بن المبارك يكره بغداد لأسباب منها أنها محل الملوك، أي دار إقامة السلطان، والعلماء المنافقين الصيادين (أي الانتهازيين)، وقد عبر عن ذلك بأبيات من الشعر مأثورة عنه قال فيها:	Religion
الزم الثغر والتعبدفيه	Religion
إن بغداد للملوك محل	Religion
بل إن عبدالله بن المبارك كان يتصدق عن كل يوم يقيمه ببغداد كفارة على ذلك، أي طلبا للمغفرة من الله	Religion
وكان يزيد بن هارون، وقد ألمحنا إليه سابقا، يقيسها على دار الشرك، ولكنه، على الرغم من هذا، أقام بها	Religion
ويروي الخطيب البغدادي أحاديث في ذم بغداد وأهلها، وفي بعض أسانيدها سفيان الثوري وفي بعضها ابن أخت سفيان ولعل من وضع هذا السند على سفيان لم يضعه من فراغ	Religion
وقد ذكر ابن الفقيه في كتابه البلدان أن قوما من العلماء كرهوا السكنى ببغداد والمقام بها وعابوها وذكروا أنها دار فتنة؛ لكثرة ما فيها من الفساد ومن أنواع الفجور وشرب الخمور والزنا وكثرة الربا	Religion
بل إن الذهبي في تاريخ الإسلام يروي عن بشر الحافي أنه سمع من ينقل إجماع العلماء على كراهة السكنى ببغداد، وهي من دون شك ليست إلا دعوى عريضة	Religion
غير أن المقصد من هذه النقولات كلها التأكيد أن تلك الأسماء المذكورة هنا، وهي كلها معارضة للدولة، وبينها وبين الدولة مواقف، تكره بغداد عاصمة الخلافة، ودار السلطان	Religion
كان الرشيد، كما أسلفت، أول من اخترع منصب قاضي القضاة الذي تولاه القاضي أبو يوسف، وهو من أصحاب أبي حنيفة البارزين جدا، بل هو من أخصأصحابه، وبهذا كان القضاء في الدولة حنفيا بلا منازع	Religion
تروى عن غيرة هارون الرشيد على الحديث النبوي روايات، على الرغم من جعله أبا يوسف قاضي القضاة، وهو من أئمة أهل الرأي	Religion
العلم ما كان فيه قال، حدثنا	Religion
وكان هارون الرشيد يرى أن أعظم مرتبة منه رجل في حلقته يقول: حدثنا، أخبرنا، وهذا النصيجوز أن يدخل فيما ذكرنا سابقا من سلطة المحدثين وأمراء المؤمنين في الحديث، بحيث إن الخليفة هارون الرشيد نفسه يشهد أن المحدثين أعلى مرتبة منه	Religion
تلك الروايات وأشباهها تدل على أن عصر الرشيد كان سوقا رائجة لأهل الحديث، كما هو سوق رائجة لأهل الرأي كذلك، فأهل الرأي (الفقهاء) قضاته المقربون، وذكر المترجمون أنه كان يحجمعه مئة من الفقهاء وأبنائهم، وأهل الحديث ممكن لهم، ومنصورون	Religion
وأورد الخلال أن أحمد بن حنبل ترحم على الفضيل بن عياض الذي كان يدعو أن يأخذ الله من عمره (أي الفضيل)، ويزيد في عمر الرشيد، لأنه كان يخاف أن يأتي أشر منه	Religion
وأصل هذه القصة، فيما وجدت، في كتاب تاريخ بغداد، وأن الراوي عبر عن استعظام المحدثين لما قاله الفضيل بقوله: فكبر ذلك علينا	Religion
هكذا كانوا ينظرون إلى هارون الرشيد، على الرغم من تقريبه المحدثين، ونهيه عن الجدال في الدين، وتوعده بقتل بشر المريسي لقوله في خلق القرآن، وهو حنفي من تلاميذ أبي يوسف	Religion
هذا في الوقت الذي كان علماء الكلام من المعتزلة مضيقا عليهم، وأظن أن لذلك علاقة بتأييد المعتزلة للزيدية، وللشكوك فيهم وأخذهم بالتهمة، من حيث ميولهم العلوية، وقد ذكرت سابقا أن الفريقين كليهما كانا على اتصال بالدعوة قبل أن ينقلب العباسيون على العلويين	Religion
ولعل الخوف من ثورة علوية أخرى أدى بهارون الرشيد إلى سجن موسى بن جعفر، الشهير بموسى الكاظم، من أئمة آل البيت، حتى مات في السجن، في ظروف غامضة، كما يقال	Religion
ومن المذكور عن المهدي؛ أنه أرسل إلى الأمصار بالتوقف عن الجدل والمناظرة في الدين، ونهى أن يتكلم أهل الأهواء في شيء منها، وقد تكررت هذه الأوامر في عدة مراحل من مسيرة الدولة العباسية، حتى حسم الأمر ببيان القادر بالله العباسي الشهير، في أوائل القرن الخامس الهجري، والذي قرر فيه عقيدة أهل السنة، في ظروف وسياقات غير ما نتكلم عنه في هذا البحث، وفرضها على الناس، وأمر بعقوبة من خالفها، وكان هذا في سياق قوة الدولة الفاطمية، حين أضحى شبح الطالبيين، شركاء الأمس، حقيقة ماثلة تهدد العباسيين، بعد ثلاثة قرون من الانقلاب العباسي على يد أبي جعفر المنصور	Religion
كل ما سبق كان لمصلحة من عرفوا لاحقا بأنهم أهل الحديث، وصارت لهم عقيدة يشار إليها، بأقوال مخصوصة مفصلة	Religion
وكانت هناك علامتان تدلان على التزندق، ذكرهما كتاب الطبقات وعلوم الحديث؛ هما: وضع الحديث، وسلوك عقائد الجهمية والقدرية	Religion