BookLink
stringlengths
39
39
BookName
stringlengths
2
204
AuthorName
stringlengths
5
45
AboutBook
stringlengths
31
2k
ChapterLink
stringlengths
41
46
ChapterName
stringlengths
1
166
ChapterText
stringlengths
1
909k
AboutAuthor
stringlengths
53
13.9k
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.24/
سارق البصل
كانت شامباران تقع في ركن منعزل من الهند وكانت الصحافة بعيدة عن حملتنا هناك، ولذلك لم تجتذب المدينة الزوار. لكن الوضع في حملة خيدا كان مختلفًا، فقد كانت الصحافة تنقل أحداث الحملة يوميًّا. كان الجوجراتيون مهتمين جدًّا بالصراع الذي كان بمثابة تجربة جديدة عليهم. وكانوا مستعدين لإنفاق أموالهم من أجل إنجاح الحملة، فلم يكن من السهل عليهم أن يروا تعطل الساتياجراها نتيجة لنقص في الأموال. فالمال هو أقل عنصر تحتاجه الساتياجراها، وقد أرسل إلينا التجار ببومباي، مع احتجاجي، أموالًا تزيد عن حاجتنا حتى يتوافر لدينا أموال بعد انتهاء الحملة. وفي الوقت نفسه، كان على المتطوعين لحملة الساتياجراها أن يتعلموا درسًا في البساطة. ولا أدعي أنهم استوعبوا الدرس كليًّا، لكنهم غيروا من أسلوب معيشتهم. وقد كان الصراع تجربة جديدة على المزارعين أيضًا. فكان علينا أن نجوب القرى لشرح مبادئ الساتياجراها. كان الهدف الأساسي للحملة تخليص المزارعين من خوفهم عن طريق مساعدتهم على إدراك أن المسئولين ليسوا أسيادهم بل هم في خدمة الشعب لأنهم يتلقون رواتبهم من أموال دافعي الضرائب. وحينها بدا لي أن من المستحيل أن نجعلهم يستوعبون أهمية الجمع بين الكياسة والشجاعة. فكيف يمكن أن نمنعهم من رد إهانات المسئولين إذا ما تخلصوا من خوفهم منهم؟ وفي الوقت نفسه ستُدمر الساتياجراها إذا ما لجئوا إلى أقوال أو أعمال فظة، وسيكونون كمن يلقي قطرة من الزرنيخ في كوب من الحليب. وأدركت فيما بعد أنهم لم يتعلموا درس الكياسة على النحو الذي توقعته. وقد علمتني تجاربي أن الكياسة هي أصعب أجزاء الساتياجراها. ولا أعني بالكياسة هنا مجرد التلطف الظاهري في الحديث من أجل الموقف، ولكن أعني التلطف الفطري والرغبة في التعامل مع الخصم بصورة حسنة. ويجب أن توجد كل تلك العناصر في كل عمل من أعمال أنصار الساتياجراها. لم يبدُ في المراحل الأولية أن الحكومة تميل إلى اتخاذ إجراءات عنيفة مع أن الناس أظهروا شجاعة كبيرة. لكن الحكومة بدأت في اللجوء إلى أسلوب الإكراه عندما رأت ثبات الناس وعدم تزعزعهم. فباع ضباط المصادرة ماشية المزارعين وصادروا جميع المنقولات التي وقعت أيديهم عليها. تسلم المزارعون إخطارات بالغرامة، وفي بعض الأحيان كان الضباط يصادرون المحاصيل التي لم تُحصد بعد. ثبط ذلك من عزيمة الفلاحين، فدفع بعضهم المستحقات الضريبية، في حين قام البعض الآخر بوضع المنقولات أمام الضباط حتى يتمكنوا من مصادرتها وسداد المستحقات بها. ومن ناحية أخرى، كان هناك مزارعون مستعدون لخوض المعركة حتى النهاية. وفي تلك الأثناء، سدد أحد المستأجرين لدى السيد شانكارلال باريخ الضريبة المفروضة على أرضه، الأمر الذي خلق حالة من الاهتياج. وبادر السيد شانكارلال باريخ على الفور بالتعويض عن خطأ المستأجر بأن تبرع بالأرض التي دُفعت عنها الضريبة من أجل الأعمال الخيرية. وهكذا استطاع أن يحافظ على سمعته وأن يضرب للآخرين مثلًا يُحتذى به. ومن أجل إزالة الخوف من قلوب المذعورين، أشرت على الناس الذين يعملون تحت إمرة السيد موهانلال بانديا أن يجنوا محصول البصل من أحد الحقول الذي أرى أنه تمت مصادرته ظلمًا. لم أعتبر مثل ذلك العمل عصيانًا مدنيًّا. وحتى إن كان كذلك، رأيت أنه وإن كانت مصادرة الثمار غير المحصودة صحيحة من الناحية القانونية، فهي خطأ من الناحية الأخلاقية ولا تتعدى كونها نهبًا. وعليه، فمن حق المزارعين حَصاد البصل بغض النظر عن أمر المصادرة. وقد كانت فرصة جيدة كي يتعلم الناس درسًا في كيفية المخاطرة وتكبد الغرامات أو دخول السجن، وهما العاقبة الحتمية لمثل تلك المخالفة. أما السيد موهانلال بانديا، فقد كان ذلك محببًا إلى قلبه. فلم يَرُق له أن تنتهي الحملة دون أن يتعرض أحد إلى المعاناة المتمثلة في السجن نتيجة لقيامه بعمل يتماشى ومبادئ الساتياجراها. وهكذا، تطوع لحصد محصول البصل، وانضم إليه سبعة أو ثمانية من الأصدقاء. كان يستحيل أن تتركهم الحكومة دون أن تزج بهم في السجن. وقد زاد حبس السيد موهانلال ورفقائه من حماسة الناس. فعندما يتلاشى الخوف من السجن، يلقي القمعُ الشجاعةَ في قلوب الناس. حاصرت حشود ضخمة من الناس مبنى المحكمة في يوم انعقاد الجلسة، وأدانت المحكمة السيد موهانلال ورفقاءه، وحكمت عليهم بقضاء فترة قصيرة في السجن. رأيت أن الحكم كان ظالمًا؛ لأن حصد البصل لا يمكن أن يندرج تحت تعريف «السرقة» كما جاء في نص قانون العقوبات، لكننا لم نقدم أي التماس لأن سياستنا كانت تقضي بتجنب المحاكم القضائية. رافق «المدانين» موكبٌ من الناس إلى السجن. وأطلق الناس في ذلك اليوم على السيد موهانلال بانديا اللقب المشرف «سارق البصل» الذي لا يزال يحمله حتى يومنا هذا. وسوف أؤجل الحديث عن نهاية الساتياجراها في خيدا إلى الفصل التالي.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.25/
نهاية الساتياجراها في خيدا
انتهت الحملة نهاية غير متوقعة. كان يبدو على الناس الإرهاق الشديد، وكنت مترددًا في ترك العنيدين منهم حتى يقضوا على أنفسهم كليًّا. كنت أبحث عن طريقة لطيفة يقبلها أنصار الساتياجراها لإنهاء الصراع، وقد أتاني الحل من حيث لم أحتسب. أرسل لي رئيس مجموعة قرى مدينة نادياد يخبرني بأنه إذا ما دفع المزارعون المقتدرون ضرائبهم، سوف تُعلق الضريبة المستحقة على المزارعين الفقراء. طلبت منه تعهدًا خطيًّا بذلك، فمنحني إياه. لكن كان عليَّ أن أسأل عن رأي مسئول الهيئة الإدارية لأنه وحده يمكنه أن يمنح ذلك التعهد للإقليم بأكمله، أما رئيس مجموعة القرى بمدينة نادياد فهو مسئول عن مجموعة القرى التي تقع تحت إمرته فحسب حتى وإن كان تعهده يخص الإقليم بأسره. فأجاب مسئول الهيئة الإدارية بأن الأوامر الخاصة بإعلان تعليق الضريبة الذي ذكره رئيس مجموعة القرى بمدينة نادياد في خطابه قد صدرت بالفعل. لم أكن على علم بصدور تلك الأوامر، لكن في حالة صحة ذلك الخبر، سيكون المزارعون قد وفوا بعهدهم. فسيُذكر دائمًا أن العهد قد حقق الغاية منه، الأمر الذي جعلنا نشعر بالرضا حيال الأوامر الصادرة. لكن النهاية لم تكن سعيدة لي لأنها افتقرت للبهجة التي يجب أن تصحب نهاية جميع حملات الساتياجراها. فقد واصل مسئول الهيئة الإدارية العمل وكأنما لم يعقد تسوية مع المزارعين. منحت الحكومة الفقراء حق تعليق الضريبة، لكن لم يستفد منه أي منهم. فقد كان من حق الناس تحديد الفقير من بينهم، لكنهم لم يستطيعوا ممارسة ذلك الحق. وقد أحزنني أن أراهم أضعف من أن يمارسوا حقهم. ومع أن الناس احتفلوا بانتهاء الحملة كنصر للساتياجراها، إلا أنني لم أستطع أن أتحمس لذلك النصر لأنه افتقر للعناصر الأساسية للنصر الكامل. فلا يمكن اعتبار حملة الساتياجراها حملة ناجحة، إلا إذا ما جعلت أنصار الساتياجراها أكثر قوة ونشاطًا من ذي قبل. ومع ذلك، أسفرت الحملة عن نتائج غير مباشرة يمكن أن نرى أثرها الآن. وقد طرحت تلك النتائج ثمارًا ما زلنا نجنيها. إن «الساتياجراها في خيدا» تمثل بداية صحوة بين مزارعي جوجرات، وبداية لتزويدهم بثقافة سياسية حقيقية. لقد أثرت ثورة الدكتورة بيسانت الداعية للحكم الذاتي بلا شك على الفلاحين، لكن الفضل يعود إلى الحملة التي قمنا بها في خيدا في إطلاع المثقفين من العاملين بالخدمة العامة على حياة المزارعين على حقيقتها. حتى إنهم تعلموا التوحد مع المزارعين. ومن ثَمَّ وجدوا أن مجال عملهم وقدرتهم على التضحية قد تعاظما. وقد كان اكتشاف فالابهباي لحقيقة شخصيته — في حد ذاته — إنجازًا كبيرًا. ويمكن أن نستشعر حجم ذلك الإنجاز إذا ما نظرنا إلى عمليات الإغاثة من الفيضان في العام الماضي أو إلى الساتياجراها في باردولي في العام الحالي. فالحياة العامة في جوجرات أصبحت مفعمة بقوة ونشاط جديدين. وأصبح المزارعون على وعي تام بقوتهم. لقد ترسخ الدرس المستفاد في عقل العامة، ألا وهو أن خلاص الشعوب لا ينبع إلا من أنفسهم وقدرتهم على المعاناة والتضحية. وقد تأصلت الساتياجراها بشدة في جوجرات عن طريق الحملة التي قمنا بها في خيدا. ومع أنني لم أشعر بالسعادة عند انتهاء حملة الساتياجراها، شعر مزارعو خيدا بالابتهاج لعلمهم بأن ما حققوه من إنجازات يتناسب وما بذلوا من جهود، ولأنهم وجدوا الطريقة الحقيقية والناجحة للتعامل مع مظالمهم. وقد كان ذلك سببًا كافيًا لابتهاجهم. ومع ذلك لم يستوعب مزارعو خيدا المعنى الجوهري للساتياجراها بصورة كاملة، وقد رأوا أنها عادت عليهم بالخسارة كما سنرى في فصول لاحقة.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.26/
الرغبة في الاتحاد
كانت حملة خيدا قد انطلقت أثناء اشتعال الحرب في أوروبا. وقد وقعت أزمة جعلت الحاكم البريطاني يدعو الكثير من الزعماء لعقد مؤتمر حرب في دلهي. واضطررت أنا أيضًا لحضور ذلك المؤتمر. فقد سبق أن أشرت إلى العلاقة الوطيدة التي تربطني باللورد شيلمسفورد والحاكم البريطاني. توجهت إلى دلهي بناء على دعوة الحاكم البريطاني مع وجود أسباب جعلتني أعترض على المشاركة في المؤتمر، وعلى رأسها استبعاد زعماء من أمثال الأخوان مولانا محمد علي ومولانا شوكت علي. وكان الأخوان وقتها محتجزين في السجن. ولم تتسن لي مقابلتهما إلا مرة أو مرتين على الأكثر، لكنني سمعت عنهما الكثير. كان الجميع يتحدثون عن خدماتهما وشجاعتهما. لم أكن وقتها قد تعرفت إلى السيد حكيم جيدا إلا أن السيد سوسيل كومار رودرا والسيد ديناباندو أندروز أثنوا عليه كثيرًا. وكنت قد قابلت السيد شعيب قرشي والسيد خواجة في الرابطة الإسلامية بكلكتا. وتعرفت إلى الطبيبين أنصاري وعبد الرحمن. فقد كنت أسعى لتكوين صداقات مع المسلمين الصالحين، وكنت أتوق إلى فهم العقلية الإسلامية عن طريق الاتصال بأكثر المسلمين إخلاصًا ووطنية. ولذلك لم أَحْتَجْ قط إلى أن يلحوا عليَّ كي أذهب معهم إلى أي مكان بغية توثيق علاقتي بهم. أدركت مبكرًا في جنوب أفريقيا عدم وجود صداقة حقيقية بين المسلمين والهندوس. ولم أترك سبيلًا واحدًا لتذليل العقبات التي تعترض الوحدة بينهم إلا طرقته. لم يكن من طبعي استرضاء الآخرين بواسطة التملق أو على حساب احترامي لذاتي. لكنني اقتنعت من تجاربي في جنوب أفريقيا بأن مسألة الوحدة بين الهندوس والمسلمين ستكون أصعب اختبار يمر به مبدأ الأهيمسا، وأن تلك القضية مثلت أوسع مجال لتجاربي مع الأهيمسا. ولا أزال مؤمنًا بتلك القناعة حتى الآن. أدرك في كل لحظة من حياتي أن الإله يختبرني. ونتيجة لإيماني بتلك الاعتقادات القوية حول قضية الوحدة بين المسلمين والهندوس عند عودتي من جنوب أفريقيا، اعتززت بعلاقتي بالأخوان مولانا محمد علي ومولانا شوكت علي. وقد كانا يركنان إلى العزلة قبل أن أصبح على علاقة وثيقة بهما. اعتاد مولانا محمد علي أن يكتب لي خطابات طويلة من بيتول وتشيندوارا متى سمح له السجان بذلك. وطلبت تصريحًا بزيارة الأخوين، لكن طلبي لم يلق استجابة. وقد دعاني بعض الأصدقاء المسلمين لحضور جلسة من جلسات الرابطة الإسلامية في كلكتا في المدة التي تلت إلقاء الأخوين في السجن. وعندما طلبوا مني إلقاء كلمة، حدثتهم عن واجب المسلمين تجاه تحرير الأخوين من السجن. ولم تمر مدة طويلة حتى اصطحبني أولئك الأصدقاء إلى الكلية الإسلامية في عليكرة، حيث دعوت الشباب إلى الزهد من أجل العمل على خدمة الوطن. انتقد الأصدقاء والناقدون موقفي تجاه قضية الخلافة. ومع ذلك النقد، شعرت بأنه لا يوجد سبب يدفعني إلى تغيير موقفي أو أن أندم على تعاوني مع المسلمين. ولسوف أتبنى الموقف ذاته إذا ما نشأ موقف مماثل. وبناء على ذلك، عزمت على أن أعرض قضية المسلمين على الحاكم البريطاني عند عودتي إلى دلهي. ولم تكن قضية الخلافة حينها قد اتخذت الشكل الذي اتخذته فيما بعد. لكن عند وصولي إلى دلهي، واجهت عقبة أخرى في طريق حضوري للمؤتمر. فقد طرح ديناباندو أندروز سؤالًا بشأن اشتراكي في مؤتمر الحرب ومدى تماشيه مع المبادئ الأخلاقية. وحدثني أيضًا عن الجدل السائد في الصحافة البريطانية حول إبرام معاهدات سرية بين إنجلترا وإيطاليا. فسألني ديناباندو أندروز: «كيف تشارك في المؤتمر في حين أبرمت إنجلترا معاهدات سرية مع قوة أوروبية أخرى؟» لم أكن أعلم شيئًا عن تلك المعاهدات، لكن حديث ديناباندو أندروز كان كافيًا لي. وهكذا، كتبت خطابًا إلى اللورد شيلمسفورد عبرت فيه عن ترددي بشأن المشاركة في المؤتمر، فدعاني لمناقشة المسألة معه، فجرت بيني وبينه مناقشة طويلة في حضور السكرتير الخاص به السيد مافي، وأسفرت تلك المناقشة عن موافقتي على المشاركة في المؤتمر. وقد كانت حجة الحاكم البريطاني كما يلي: «بالطبع تعتقد أن الحاكم البريطاني ليس على دراية بكل ما يقوم به مجلس الوزراء البريطاني. لا أحد يدعي، ولا حتى أنا، أن الحكومة البريطانية معصومة من الخطأ. لكن إن اتفقت معي أن الحكومة البريطانية أفادت الهند بصورة عامة، وأن الهند انتفعت من علاقتها ببريطانيا بصورة عامة، ألن تقر بأن على كل مواطن هندي مساعدة الإمبراطورية في وقت الشدة؟ لقد قرأت أنا أيضًا ما تتناقله الصحف حول إبرام بريطانيا لمعاهدات سرية. وأؤكد لك أن معلوماتي لا تزيد عمَّا هو منشور في الصحف، وأنت تعلم الإشاعات الكاذبة التي تطلقها مثل هذه الصحف عادة. هل ترفض مساعدة الإمبراطورية في ذلك الوقت الحرج استنادًا إلى مجرد تقرير صحفي؟ يمكنك أن تطرح أية قضايا أخلاقية وتعارضنا كيفما شئت بعد انتهاء الحرب، لكن يجب أن تضع كل ذلك جانبًا في الوقت الحالي.» لم تكن تلك الحجة جديدة، لكنها بدت جديدة على مسامعي نتيجة للأسلوب الذي طُرحت به والوقت الذي طُرحت فيه؛ فوافقت على حضور المؤتمر. وقررت أن أرسل خطابًا إلى الحاكم البريطاني بشأن مطالب المسلمين.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.27/
حملة تجنيد المتطوعين
وهكذا حضرت المؤتمر. كان الحاكم البريطاني شديد الحرص على تأييدي لقرار تجنيد المتطوعين. فطلبت الإذن بالتحدث باللغة الهندوستانية — الهندية، فوافق الحاكم البريطاني على طلبي، لكنه اقترح أن أتحدث بالإنجليزية أيضًا. فقلت جملة واحدة: «أطلب منكم وأنا بكامل إحساسي بالمسئولية أن تؤيدوا قرار تجنيد المتطوعين.» هنأني الكثيرون لأنني تحدثت باللغة الهندوستانية. وأخبروني أنها المرة الأولى التي يتحدث فيها أي شخص باللغة الهندوستانية في مثل هذه الاجتماعات. جرحت كبريائي الوطني تلك التهاني واكتشافي أنني أول من يتحدث باللغة الهندوستانية في اجتماع خاص بالحاكم البريطاني. شعرت وكأنني أتضاءل من الخزي. يا لها من مأساة حين يحظر استعمال اللغة الوطنية في اجتماعات تعقد داخل الوطن حول عمل يتعلق بالوطن، وأن يكون تحدث شخص شريد مثلي باللغة الهندوستانية في تلك الاجتماعات أمرًا يستحق التهنئة! كانت مثل تلك الوقائع تذكرني بالحالة المتدنية التي وصلنا إليها. كان للجملة الوحيدة التي تلفظت بها في المؤتمر أهمية كبيرة لي. كان من المستحيل أن أنسى المؤتمر أو القرار الذي أيدته. وكان عليَّ الوفاء بعهد آخر وأنا في دلهي، ألا وهو كتابة خطاب إلى الحاكم البريطاني، ولم يكن ذلك بالأمر الهين عليَّ. فقد شعرت أن من واجبي لمصلحة الحكومة والشعب أن أوضح كيفية حضوري للمؤتمر والأسباب التي دفعتني للحضور، وأن أعلن بوضوح ما ينتظره الشعب من الحكومة. وقد عبرت في خطابي عن أسفي لإقصاء عدد من الزعماء عن المؤتمر، من أمثال لوكامانيا تيلاك والأخوان مولانا محمد علي ومولانا شوكت علي. وذكرت أقل المطالب السياسية التي يطالب بها الشعب بالإضافة إلى مطالب المسلمين المترتبة على الموقف الناتج عن الحرب، وطلبت إذنًا لنشر الخطاب، فمنحني الحاكم البريطاني إياه بكل سرور. كان يجب إرسال الخطاب إلى سيملا إلى حيث توجه الحاكم البريطاني مباشرة عقب المؤتمر. كان الخطاب يمثل لي أهمية كبيرة، وخشيت من تأخره في البريد، فكنت أرغب في توفير الوقت، وكنت مع ذلك لا أميل إلى إرساله مع أي مبعوث صادفته. كنت أود أن أرسل الخطاب مع رجل أمين ليحمل الخطاب ويسلمه شخصيًّا إلى مقر الحاكم البريطاني. أشار عليَّ كل من السيد رودرا والسيد ديناباندو أندروز بإرساله مع الكاهن الصالح إيرلند من إرسالية كمبريدج. ووافق بالفعل على حمل الرسالة إذا قرأها ورأى أنها نافعة. لم أعترض على طلبه فلم يكن الخطاب خاصًّا بأي وجه من الوجوه، فاطلع على الخطاب وأعجب بما ورد فيه، وأبدى استعداده للقيام بالمهمة. قدمت إليه تذكرة في الدرجة الثانية، لكنه رفضها وقال: إنه اعتاد السفر بالعربة. وذلك مع أن السفر كان ليلًا. وقد أسرني ببساطته وأسلوبه المستقيم والصريح. وهكذا تحققت النتيجة المنشودة، كما تراءى لي، عن طريق تسليم الخطاب بواسطة رجل أمين. كان الشق الآخر من التزامي يشتمل على تجنيد المتطوعين. ومن أين كان لي أن أبدأ إلا من خيدا؟ ومن كنت سأدعو لكي يكونوا الرعيل الأول من المجندين غير رفاقي؟ وعليه عقدت اجتماعًا مع فالابهباي وغيره من الأصدقاء فور وصولي إلى نادياد. لم يتقبل بعضهم الاقتراح بسهولة. أما من وافقوا على الاقتراح منهم، فقد كانت تساورهم الشكوك بشأن إمكانية نجاحه. لم تكن هناك علاقة طيبة بين الطبقات التي كنت أريد أن أطلب منها المجندين وبين الحكومة؛ فقد كانت التجربة المريرة التي خاضوها على أيدي مسئولي الحكومة لا تزال حية في ذاكرتهم. مع ذلك، كانوا يفضلون البدء في العمل. وما إن بدأت في تنفيذ مهمتي حتى أدركت حقيقة الموقف. فقد تلقى تفاؤلي صدمة عنيفة. ففي حين قدم الناس عرباتهم مجانًا بسرور أثناء حملة الضرائب، وفي حين تقدم إليَّ اثنان من المتطوعين عندما كنت في حاجة لشخص واحد فقط؛ كان من الصعب الآن الحصول على عربة ولو بالإيجار، ناهيك عن المتطوعين. لكننا لم نفزع، وقررنا الاستغناء عن استعمال العربات وأن نسافر سيرًا على الأقدام. فكان علينا أن نقطع نحو ٢٠ ميلًا يوميًّا. وبالطبع لم يكن من المنطقي أن نتوقع أن يزودنا الناس بالطعام بعد أن رفضوا توفير العربات. ولم يكن من اللائق أن نطلب الطعام، فتقرر أن يحمل كل متطوع طعامه في حقيبته. ولم تكن هناك حاجة للفراش أو الملاءات حيث كنا في فصل الصيف. كنا نعقد الاجتماعات حيثما ذهبنا. وكان الناس يقبلون على حضور تلك الاجتماعات، لكن كان واحد أو اثنان منهم على الأكثر يتطوعون للتجنيد. وكانوا يوجهون لنا أسئلة مثل: «كيف تطالبنا وأنت من أنصار الأهيمسا بأن نحمل السلاح؟ وماذا فعلت الحكومة من أجل الهند لنتعاون معها؟» لكن عملنا الدءوب بدأ يؤتي ثماره، فسجل عدد لا بأس به أسماءهم، وفور إرسال المجموعة الأولى راودنا الأمل في أن نتمكن من توفير إمدادات منتظمة. وكنت قد بدأت بالفعل التشاور مع المفوض حول مكان إقامة المتطوعين. وكان المفوضون في جميع القطاعات يعقدون المؤتمرات على غرار مؤتمر دلهي. وقد تمت دعوتي ورفقائي إلى أحد تلك المؤتمرات، الذي عُقد باللغة الجوجراتية. وبالفعل حضرنا المؤتمر، لكنني شعرت بأنني لا أنتمي لذلك المكان بدرجة زادت حتى على الشعور الذي ساورني في دلهي. فقد جعلني مناخ الخضوع الاستعبادي أشعر بالضيق. تحدثت بإسهاب بقدر كبير. ولم أستطع أن ألقي كلمات ترضي المسئولين، وبالطبع ألقيت مرة أو مرتين بكلمات شديدة اللهجة. اعتدت إصدار نشرات تدعو الناس للتطوع كمجندين. ولم ترق إحدى الحجج التي أوردتها في تلك النشرات للمفوض، وهي: «من بين آثام الحكم البريطاني في الهند، سوف يتذكر التاريخ القانون الذي يقضي بحرمان أمة بأكملها من حيازة الأسلحة كأكثر تلك الآثام ظلمًا. فإذا كنا نرغب في إلغاء قانون حظر حيازة الأسلحة، وتعلم كيفية استخدام تلك الأسلحة، فها هي الفرصة الذهبية لتحقيق ذلك. يجب أن تمد الطبقة المتوسطة يد العون إلى الحكومة وقت الشدة حتى تنقشع سحابة عدم الثقة ومن ثَمَّ ينتهي حظر حيازة الأسلحة.» أشار المفوض إلى تلك الفقرة، ثم عبر لي عن تقديره لحضوري المؤتمر بغض النظر عن الاختلافات القائمة بيننا. وكان عليَّ أن أبرر وجهة نظري بكل ما أوتيت من كياسة. كما تعلم، شعرت بعد دراسة متأنية للموقف أنه يتعين عليَّ إخبار سيادتكم بأنني لن أتمكن من حضور المؤتمر نتيجة للأسباب التي أشرت إليها في الخطاب الذي أرسلته في السادس والعشرين من الشهر الحالي (أبريل/نيسان). لكن بعد المقابلة التي تكرمت ووافقت على إجرائها، أقنعت نفسي بالانضمام إلى المؤتمر، حتى وإن كان السبب الوحيد لذلك هو احترامي لشخصك الموقر. وقد كان من ضمن أسباب امتناعي عن حضور المؤتمر — وربما أكثرها قوة — هو عدم دعوة لوكامانيا تيلاك والسيدة بيسانت والأخوان مولانا محمد علي ومولانا شوكت علي إلى المؤتمر، وهم من أعتبر من أكثر الزعماء تأثيرًا على الرأي العام. ولا أزال أشعر بأن عدم دعوتهم يعد خطأ فادحًا، وأقترح مع كامل احترامي أنه لا تزال الفرصة قائمة لتصحيح ذلك الخطأ عن طريق دعوة أولئك الزعماء لمساعدة الحكومة بتقديم مشورتهم أثناء المؤتمرات المحلية المزمع انعقادها. أستطيع أن أؤكد أنه لا يمكن لأية حكومة تجاهل مثل أولئك الزعماء الذين يمثلون أغلبية الشعب، حتى وإن كانوا يتبنون وجهات نظر مختلفة بصورة جوهرية. ويسعدني في الوقت ذاته القول إن المجال كان مفتوحًا ليعبر جميع الأطراف عن آرائهم بحرية عن طريق لجان المؤتمر. أما أنا، فقد تعمدت الامتناع عن التصريح بآرائي في اللجنة التي تشرفت بالعمل من خلالها أو في المؤتمر ذاته. فقد بدا لي أنه من الأفضل لخدمة أهداف المؤتمر أن أكتفي بتقديم دعمي للقرارات المقدمة للمؤتمر، وهذا ما فعلته دون أي تحفظ. وأرجو أن أضع كلماتي هذه حيز التنفيذ فور قبول الحكومة لعرضي المرفق طيه في خطاب مستقل. أقر بأن علينا أن نقدم — كما سبق أن قررنا — دعمًا مطلقًا وخالصًا في وقت الخطر إلى الإمبراطورية، التي نأمل في المستقبل القريب في أن نصبح شريكًا لها، على غرار الدول المستقلة الخارجية التابعة للإمبراطورية البريطانية. لكن الحقيقة المجردة هي أن استجابتنا جاءت نتيجة لأملنا في تحقيق هدفنا بسرعة أكبر. نتيجة لذلك، وبنفس الطريقة التي يمنح بها أداء الواجب بصورة تلقائية حقًّا مماثلًا، يحق للناس الاعتقاد بأن الإصلاحات الوشيكة التي أشرت إليها في خطابك ستجسد المبادئ العامة الرئيسية للمشروع المشترك بين حزب المؤتمر والرابطة الإسلامية. وأنا على يقين بأن ذلك الاعتقاد هو الذي مكن العديد من أعضاء المؤتمر من تعاونهم الصادق مع الحكومة. لو كان في استطاعتي أن أجعل أبناء وطني يرجعون عن الإجراءات التي سبق أن اتخذوها، لجعلتهم يسحبون جميع قرارات حزب المؤتمر ولا يهمسون بعبارات مثل «الحكم الذاتي» أو «الحكومة المسئولة» في أثناء مدة الحرب. وكنت سأطلب من الهند تقديم كل أبنائها الأشداء تضحيةً من أجل الإمبراطورية في وقت عسرها. وأعلم أن الهند بذلك العمل ستصبح أكثر الشركاء تميزًا في الإمبراطورية، وسوف يُولِّي بذلك عهد التمييز العنصري. لكن ما حدث في الواقع أن جميع المثقفين في الهند قرروا انتهاج مسار أقل فاعلية، ولا يمكن القول إن المثقفين بالهند ليس لهم أي تأثير على العامة. لقد اختلطت بالمزارعين عن قرب منذ عودتي من جنوب أفريقيا إلى الهند، وأريد أن أؤكد لك أن الرغبة في الحكم الذاتي قد تغلغلت في حواسهم ومشاعرهم. لقد حضرت جلسات حزب المؤتمر الأخيرة، حيث كنت طرفًا في القرار الذي يقضي بمنح الهند البريطانية حق تشكيل حكومة مسئولة كليًّا في مدة يُحددها تشريع برلماني بوضوح. أعترف بجرأة تلك الخطوة، لكنني موقن أنه لن يرضي الشعب الهندي إلا تحديد رؤية واضحة للحكم الذاتي في أقصر مدة ممكنة. أعلم أن العديد من أبناء الهند مستعدون للتضحية بكل عزيز وغالٍ في سبيل تحقيق غايتهم المنشودة، وهم يقظون بما يكفي لإدراك ضرورة استعدادهم بنفس الدرجة للتضحية بأنفسهم من أجل الإمبراطورية التي يرغبون في الوصول إلى وضعهم المنشود في ظلها. وعليه، لا يسعنا إلا تعجيل التقدم نحو هدفنا عن طريق تكريس أنفسنا قلبًا وروحًا في صمت وبإخلاص للعمل على تخليص الإمبراطورية من الخطر المحدق بها. وإن عدم الإقرار بتلك الحقيقة الجوهرية، سيعد انتحارًا قوميًّا. ويجب أن ندرك أننا نضمن لأنفسنا الحكم الذاتي من مساعدتنا للإمبراطورية. وفي حين أرى أن علينا أن نقدم إلى الإمبراطورية كل ما لدينا من رجال للدفاع عنها، أخشى أن الوضع يختلف للمساعدة المالية. فأرى من تعاملي عن قرب مع الفلاحين أن الهند قد زودت خزانة الإمبراطورية بما يزيد على طاقتها. وأنا أعبر بقولي هذا عن رأي أغلبية أبناء وطني. إن المؤتمر يمثل لي، وللكثيرين منا، خطوة حقيقية نحو التضحية بأرواحنا في سبيل القضية المشتركة، لكن وضعنا مختلف؛ فنحن اليوم لسنا بشركاء. ومشاركتنا مبنية على أمل في مستقبل أفضل. وسوف أعتبر نفسي خائنًا لك ولوطني إذا لم أخبرك بوضوح وبوجه قاطع عن ماهية ذلك الأمل، وأنا لا أساوم على تحقيق ذلك الأمل، لكن يجب أن تعلم أن خيبة أملنا ستعني تحررنا من الوهم. هناك أمر واحد لا يمكنني تجاهله، وهو أنك طلبت منا تنحية الخلافات الداخلية جانبًا. وأريد أن أوضح أنني لن أستطيع أن أستجيب إلى ذلك الطلب إذا كان يشمل على التسامح مع الظلم والعدوان، فلسوف أقاوم الظلم بكل ما أوتيت من قوة. ويجب أن يُطلب من المسئولين عدم إساءة معاملة الشعب، وأن يقوموا بمراعاة الرأي العام ويحترموه، وهو ما يختلف عن الوضع فيما مضى. وقد أظهرتُ السيادةَ المطلقة للعدالة البريطانية عن طريق مقاومتي لاستبداد راسخ في شامباران. ونرى الآن كيف يشعر قطاع من السكان الذين كانوا حانقين على الحكومة في خيدا بأن السلطة في أيديهم، وليست في أيدي الحكومة، وذلك عندما أصبحوا مستعدين لتحمل المعاناة من أجل الحقيقة التي يمثلونها. ومن ثَمَّ تخلص ذلك القطاع من السكان من المرارة التي كانوا يشعرون بها. ويحدث الناس أنفسهم بأن الحكومة يجب أن تدعم الشعب بحيث تتسامح مع العصيان المنظم والمحترم إذا ما شعرت بتعرضهم للظلم. وهكذا يعتبر عملي في شامباران وخيدا الإسهام المباشر والواضح والخاص في الحرب. فإذا ما طلبت مني أن أوقف نشاطاتي تلك، ستكون بذلك كمن يطلب مني أن أنهي حياتي. أتمنى لو أستطيع نشر قوة الروح المرادفة لقوة الحب لتحل محل القوة الغاشمة، فوقتها ستكون الهند قادرة على تحدي العالم أجمع بكل مساوئه. فيجب عليَّ أن أفرض على نفسي — سواء كان الوقت مناسبًا أو غير مناسب — توضيح قانون المعاناة الأبدي هذا في حياتي وأن أعرضه على المهتمين بالأمر. ولن يكون اشتراكي في أي نشاط آخر إلا بدافع إظهار التفوق منقطع النظير لذلك القانون. وأخيرًا، أرجو من سيادتكم طلب تأكيد واضح من وزراء جلالة الملك فيما يتعلق بالولايات الإسلامية؛ فأنت على علم بمدى اهتمام كل مسلم بتلك المسألة. وكوني هندوسيًّا لا يعني تجاهل قضيتهم، فإننا نحزن لحزنهم. إن أمان الإمبراطورية يتوقف على احترام حقوق تلك الولايات ومشاعر المسلمين فيما يتعلق بأماكن العبادة، والمعالجة العادلة والفورية لمطالبة الهند بالحكم الذاتي. وأنا عندما أكتب هذه الكلمات، أكتبها بدافع حبي للشعب الإنجليزي، وأتمنى أن أتمكن من استثارة ولاء الشعب الإنجليزي داخل كل مواطن هندي.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.28/
على أعتاب الموت
لقد أهلكت نفسي في أثناء حملة تجنيد المتطوعين. كان طعامي في تلك الفترة يتكون بصورة رئيسية من زبدة الفول السوداني والليمون، وكنت أعلم أن تناول كميات كبيرة من الزبدة قد يضر بصحة الإنسان، لكن ذلك لم يثنيني عن تناولها. وقد أدى ذلك إلى إصابتي بمرض «الدوسنتاريا»، لكن الإصابة لم تكن خطيرة، فلم ألق بالًا لتلك الإصابة، وذهبت في المساء إلى مقر الجماعة كعادتي من حين إلى آخر. وكنت نادرًا ما أتناول أي دواء في تلك الأيام. اعتقدت أن صحتي ستتحسن إذا ما تخليت عن تناول إحدى الوجبات الغذائية، وبالفعل شعرت بتحسن واضح إثر الامتناع عن تناول وجبة الإفطار في صباح اليوم التالي. لكنني كنت على دراية بأن عليَّ أن أطيل فترة الصوم ولا أتناول إلا عصائر الفاكهة كي أشفى تمامًا. وافق ذلك اليوم تاريخ أحد الأعياد، وقد أغرتني كاستوربا بالطعام مع أنني أخبرتها بأنني لن أتناول وجبة الغداء حتى استسلمت لإغرائها. وقد أعدت لي خاصة عصيدة قمح لذيذة وأضافت لها الزيت بدلًا من السمن نظرًا لالتزامي بعهد الامتناع عن تناول الألبان أو منتجاتها. واحتفظت لي بسلطانية من المنج. كنت مغرمًا بتلك الأطعمة، فتناولتها بكل سرور آملًا أن أتناول ما يكفي فقط لإرضاء كاستوربا ولإرضاء شهيتي. لكن الشيطان كان لي بالمرصاد منتظرًا الفرصة المناسبة، فبدلًا من أن أتناول مقدارًا ضئيلًا من الطعام، أكلت حتى امتلأت. وكان تصرفي هذا بمنزلة دعوة لقدوم ملك الموت، فما هي إلا ساعة أو أقل حتى ظهرت عليَّ أعراض الدوسنتاريا بصورة حادة. وصلنا إلى نادياد قرابة العاشرة. كان الملجأ الهندوسي حيث يقع مقرنا يبعد مسافة نصف ميل من المحطة، لكنها كانت في نظري كعشرة أميال. استطعت بطريقة ما الوصول إلى المقر، لكن الألم المبرح كان يتزايد باستمرار. وطلبت وضع مرحاض بالغرفة المجاورة لي بدلًا من استخدام المرحاض العام الذي كان يقع على مسافة بعيدة. شعرت بالخجل لاضطراري للتقدم بذلك الطلب، لكنني لم أجد بُدًّا منه. وعلى الفور اشترى السيد فولشاند المرحاض، وقد أحاط بي الأصدقاء ليطمئنوا علي صحتي. لقد غمروني جميعًا بمشاعر الحب والاهتمام، لكن لم يكن بمقدورهم التخفيف من حدة آلامي. ذلك إلى جانب عنادي الذي زاد من عجزهم عن مساعدتي. فقد رفضت تلقي أي مساعدة طبية وقررت ألا أتناول أي نوع من الأدوية، وفضلت أن أتحمل عاقبة حماقتي. فأخذوا يتطلعون إليَّ بنظرة يملؤها الأسى والعجز. أظن أنني تبرزت ما يقرب من ثلاثين أو أربعين مرة على مدار الأربع والعشرين ساعة. لزمت الصوم، حتى أنني امتنعت عن تناول عصائر الفاكهة في بداية الأمر. فقد تلاشت شهيتي تمامًا. لطالما ظننت أنني أمتلك جسدًا حديديًّا، لكنني اكتشفت الآن أن جسدي قد أصبح هشًّا وغير قادر على المقاومة. جاءني الطبيب كانوجا وطلب مني تناول الدواء، لكنني رفضت. ورفضت عرضه أن يعطيني حقنة حيث إنني كنت جاهلًا تمامًا بالحقن في تلك الأيام بدرجة تدعو للسخرية. كنت أعتقد أن الحقنة يجب أن تكون عبارة عن نوع من المصل، لكنني اكتشفت بعد ذلك أن الحقنة التي كان الطبيب يزمع إعطاءها لي كانت مكونة من مادة نباتية، وعرفت ذلك بعد فوات الأوان. استمررت في التبرز، حتى خارت قوتي بالكلية، وأدى تعبي الشديد إلى إصابتي بالحمى. زاد قلق الأصدقاء بشأني، واستدعوا المزيد من الأطباء. لكن ماذا كان يمكن أن يفعل الأطباء مع مريض لا ينصت إلى نصائحهم؟ حضر السيد أمبالال بصحبة زوجته الصالحة إلى نادياد وتشاور مع أصدقائي، ثم نقلني إلى منزله في ميرزابور بأحمد آباد. لقد حظيت بحب ورعاية أثناء مرضي هذا منقطعَيِ النظير. إلا أن حمى خفيفة لازمتني وأخذت تنخر في جسدي يومًا بعد يوم. شعرت بأن المرض سيطول وربما يكون قاتلًا. بدأت أشعر بالضيق مع تنعمي بالحب والرعاية في بيت السيد أمبالال، وطلبت منه نقلي إلى مقر الجماعة. فاضطر إلى الاستجابة لإلحاحي. وبينما كنت أتقلب في فراش المرض في مقر الجماعة، إذ بالسيد فالابهباي يحضر لي أخبار هزيمة ألمانيا هزيمة نكراء وإرسال المفوض إليهم ليخبرهم بعدم وجود حاجة لتجنيد المزيد من المتطوعين. وقد أزالت تلك الأخبار عبء تجنيد المتطوعين الذي كان يثقل كاهلي. بدأت في الخضوع للمعالجة المائية، الأمر الذي خفف عني بقدر ما. لكن واجهتني صعوبة في إعادة بناء جسدي. غمرني ذلك الحشد من الأطباء بالنصائح الطبية لكنني لم أستطع الاقتناع بتناول أي من الأدوية. فقد اقترح اثنان أو ثلاثة من الأطباء أن أتناول مرق اللحم تهربًا من عهد الامتناع عن تناول الحليب، واستشهدوا بأجزاء من طب الآيورفيدا لدعم حجتهم. وقد شدد أحدهم على تناول البيض. لكنني أعطيتهم جميعًا نفس الإجابة: لا. كنت لا أتقيد بالنصوص المقدسة فيما يتعلق بمسألة الغذاء. فقد كانت متشابكة مع أسلوب حياتي الذي توجهه مبادئ لم تعد تعتمد على مراجع خارجية. ولم يكن لديَّ أدنى رغبة في التضحية بتلك المبادئ. فكيف أتخلى عن مبدأ فرضته بقسوة على زوجتي وأطفالي وأصدقائي؟ أتاحت لي مدة المرض الطويلة، الذي كان الأول من نوعه في حياتي، فرصة فريدة من نوعها كي أدرس مبادئي بإمعان وأخضعها للاختبار. وقعت ذات يوم فريسة لليأس، وشعرت بأنني على أعتاب الموت. فبعثت برسالة إلى السيدة أناسويابين، التي هرعت إلى مقر الجماعة. حضر السيد فالابهباي بصحبة الطبيب كانوجا، الذي تحسس نبضي وقال: «إن نبضك منتظم تمامًا، ولا أرى أي خطورة على حياتك. إنك تعاني انهيارًا عصبيًّا جراء الضعف الشديد الذي تعانيه.» لكن كلام الطبيب لم يطمئنِّي. مرت ساعات الليل وجنبي يتجافى عن المضجع. أشرق الصباح دون أن يأتيني داعي الموت. لكنني لم أستطع التخلص من الشعور بقرب النهاية، فكرست ساعات يقظتي للاستماع إلى الجيتا التي كان يتلوها أعضاء الجماعة على مسامعي. فقد كنت غير قادر على القراءة وكنت أتحدث بصعوبة. كان أقل حديث يمثل ضغطًا على العقل. تلاشت أي رغبة لديَّ في الحياة لأنني لم أرغب قط في العيش لمجرد العيش. فقد كان من غير المحتمل العيش في تلك الحالة العاجزة حيث يقوم على خدمتي الأصدقاء والزملاء، ومشاهدة جسدي يُفنى أمامي ببطء. وفي حين كنت على تلك الحالة أرتقب الموت، أتاني الطبيب تالفالكار ذات يوم وبصحبته شخص غريب من ولاية ماهاراشترا. لم يكن ذلك الشخص مشهورًا، لكن ما إن رأيته حتى أدركت أنه مهووس بآرائه مثلي. وقد حضر ليجرب طريقته العلاجية معي. وكان قد أوشك على إنهاء دراسته في «كلية جرانت للطب» لكنه لم يكن قد حصل على الشهادة بعد. وقد علمت فيما بعد أنه كان عضوا في «جمعية براهمو». كان السيد كيلكار، وهو الاسم الذي كان يحمله ذلك الشخص، ذا طبيعة استقلالية وعنيدة. وكان لديه ثقة كبيرة بالمعالجة بالثلج التي كان يرغب في تجربتها معي. فأطلقنا عليه لقب «طبيب المعالجة بالثلج». إنه على يقين بأنه اكتشف أمورًا غابت عن الأطباء الأكفاء. إن من المؤسف له ولي أنه لم يستطع إقناعي بطريقة العلاج تلك. أنا أؤمن بطريقته بقدر ما، لكنني أخشى أنه تسرع في التوصل إلى بعض الاستنتاجات. لكنني سمحت له بتجربة طريقته على جسدي بغض النظر عن مدى صحة اكتشافاته. فلم يكن لديَّ مانع من تجربة المعالجة الخارجية. وكان العلاج بوضع الثلج على جميع أجزاء الجسم. ومع أنني لم أستطع الجزم بما قال بشأن تأثير طريقته العلاجية على مرضي، فلا شك لديَّ أنها منحتني أملًا جديدًا وزودتني بطاقة جديدة. وكان من الطبيعي أن ينقل العقل ذلك الشعور إلى الجسد. بدأت أسترد شهوتي إلى الطعام، وأقوم بالمشي لمدة تتراوح بين خمس وعشر دقائق. ثم اقترح إجراء تعديل على نظامي الغذائي. فقال لي: «أؤكد لك أن طاقتك ستزداد وستستعيد قوتك في وقت أسرع إذا ما تناولت البيض النيئ. إن البيض غير مؤذ مثله كمثل الحليب، ولا يمكن أن يندرجا تحت قائمة اللحوم. هل تعلم أن جميع البيض غير ملقح؟ وهناك بيض معقم متوافر في السوق.» لكنني لم أكن مستعدًّا لتناول حتى البيض المعقم. ومع ذلك، كان تحسني كافيًا لأعود لممارسة الأنشطة العامة.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.29/
قانون رولات والمأزق
أكد لي الأصدقاء والأطباء أنني سأتعافى بصورة أسرع إذا ما انتقلت إلى ماثيران، فتوجهت إلى هناك. لكن نسبة الأملاح المعدنية في مياه ماثيران كانت مرتفعة مما جعل من إقامتي هناك أمرًا شاقًّا. ونتيجة لإصابتي بالدوسنتاريا، أصبحت فتحة الشرج لديَّ شديدة الحساسية، وشعرت بألم حاد في أثناء عملية الإخراج نتيجة للشروخ الشرجية. أدى ذلك إلى شعوري بالفزع من مجرد فكرة تناول الطعام. فاضطررت إلى الفرار من ماثيران قبل مرور أسبوع على إقامتي بها. جعل شانكارلال بانكر نفسه قائمًا على صحتي، وألح عليَّ كي أستشير الطبيب دالال الذي استدعي لهذا الغرض. وقد أثار انتباهي قدرته على اتخاذ قرارات فورية. فقال لي: «لا يمكنني أن أعيد جسدك لبنيته الطبيعية إلا إذا تناولت الحليب. وأضمن لك أن تستعيد بنيانك الجسدي كليًّا إذا ما وافقت أيضًا على إعطائك حقن حديد وزرنيخ.» فأجبته: «يمكنك أن تعطيني الحقن، أما مسألة تناول الحليب فذلك أمر آخر. فلقد أخذت على نفسي عهدًا بعدم تناوله.» سألني الطبيب: «ما هي طبيعة عهدك بالضبط؟» فتدخلت قائلة: «إذن لا مانع لديك من تناول حليب الماعز؟» فدعم الطبيب قولها قائلًا: «يكفيني أن تتناول حليب الماعز.» انصعت لطلبهما إذ تولدت لديَّ رغبة في الحياة نبعت من حرصي الشديد على قيادة نضال الساتياجراها. وهكذا أقنعت نفسي بالالتزام بالمعنى الحرفي لعهدي وأن أتنازل عن روح العهد. فمع أنني كنت أتصور البقر والجاموس فقط في ذهني وقت أخذي للعهد، كان العهد يتضمن بطبيعته الحليب المستخلص من جميع الحيوانات. ولم يكن من الممكن أن أتناول الحليب بأي حال من الأحوال ما دمت أرى أن الحليب ليس الغذاء الطبيعي للإنسان. ومع علمي بذلك كله، وافقت على تناول حليب الماعز. لقد كانت رغبتي في الحياة أقوى من تمسكي بالحقيقة، ولأول مرة تنازل نصير الحقيقة عن مبادئه المقدسة مقابل شغفه بقيادة نضال الساتياجراها. ما زالت ذكرى تلك الواقعة تعتمل في صدري وتملؤني بالندم. وأفكر باستمرار في طريقة لأتخلص بها من تناول حليب الماعز. لكن حتى الآن لا يمكنني أن أتخلص من أشد المغريات عليَّ التي لا تزال تستحوذ عليَّ، ألا وهي الرغبة في الخدمة العامة. إن تجاربي الغذائية عزيزة عليَّ كجزء من أبحاثي في الأهيمسا. فهي تجعلني أشعر بالراحة والسعادة. أما تناولي لحليب الماعز اليوم فيشعرني بالضيق ليس من وجهة نظر الأهيمسا الغذائية بقدر ما هو من وجهة نظر الالتزام بالحقيقة؛ فتناوله كان خرقًا للعهد. يبدو لي أنني أدرك مبادئ الحقيقة بصورة أفضل من إدراكي لمبادئ الأهيمسا، وأرى من خبرتي أنني إن أرخيت زمام تمسكي بالحقيقة، فلن أكون قادرًا أبدًا على حل لغز الأهيمسا. إن مبادئ الحقيقة تقضي بالالتزام بروح العهد بالإضافة إلى صيغته اللفظية. أما في هذه الحالة فإن الأمر الذي يزعجني هو أنني دمرت الروح — روح العهد — والتزمت بصيغته اللفظية فقط. لكن إدراكي هذا لم يمكنِّي من اختيار الطريق السليم. بعبارةٍ أخرى، ربما لم يكن لديَّ الشجاعة اللازمة لسلك الطريق القويم. في الواقع، لا أجد فرقًا بين الأمرين فالشك دائمًا ما يكون نتيجة نقص الإيمان أو ضعفه. فكان دعائي ليل نهار: «ربي ارزقني الإيمان!» أجرى لي الطبيب دالال عملية ناجحة للشروخ الشرجية بعد مدة وجيزة من بدء تناولي لحليب الماعز. وما إن تعافيت حتى عادت لي الرغبة في الحياة، خاصة وقد ادخر لي الإله نصيبي من العمل. كنت بالكاد أشق طريقي نحو الشفاء عندما اطلعت بالصدفة في الصحف على تقرير لجنة رولات الذي كان قد نشر للتو. ولقد شعرت بالفزع عند قراءتي لتوصيات اللجنة. اقترح شانكارلال بانكر وعمر صوباني أن أتخذ إجراء فوريًّا بهذا الشأن. فتوجهت إلى أحمد آباد فيما يقرب من الشهر. أطلعت فالابهباي، الذي اعتاد زيارتي تقريبًا بصورة يومية، على الهواجس التي تدور في خاطري. فقلت له: «يجب أن نتخذ أي إجراء بهذا الصدد.» فسألني: «لكن ماذا عسانا أن نفعل في ظل الظروف الراهنة؟» فأجبته: «لو أن هناك ولو حفنة من الرجال المستعدين للتوقيع على عهد المقاومة، وجرى تمرير مشروع القانون كقانون مع تلك المقاومة، فحينها يجب أن نقدم على الساتياجراها فورًا. كنت أتمنى لو لم أكن طريح الفراش كي أناضل وحدي وأنتظر انضمام الآخرين. لكنني أشعر وأنا بحالتي هذه أنني غير كفء للمهمة.» وقد ترتب على تلك المحادثة أن تقرر الدعوة لانعقاد اجتماع يضم الأشخاص المقربين لي. بدت لي الشواهد التي أوردتها لجنة رولات في تقريرها لدعم توصياتها غير كافية، وشعرت بأنه لا يوجد شعب يحترم ذاته يمكن أن يخضع لمثل تلك التوصيات. وأخيرًا انعقد المؤتمر المزمع في مقر الجماعة. دُعي إلى المؤتمر بالكاد عشرون شخصًا. بقدر ما تسعفني ذاكرتي أعتقد أن من ضمن الحضور كانت السيدة ساروجيني نايدو والسيد هورنيمان والراحل عمر صوباني وشانكارلال بانكر والسيدة أناسويابين، بالإضافة إلى فالابهباي. وتمت صياغة عهد الساتياجراها في ذلك الاجتماع. ووقع عليه، على ما أذكر، جميع الحضور. لم أكن أكتب أي مقالات في ذلك الوقت، لكنني اعتدت أن أعبر عن آرائي من حين إلى آخر في الصحف اليومية. وهذا ما فعلته في ذلك الموقف. تولى شانكارلال بانكر النضال على نحو جاد، ولأول مرة اكتشف قدرته الرائعة على تنظيم العمل والعمل المستمر. أصبحت رئيسًا لجمعية الساتياجراها. وسرعان ما اكتشفت عدم وجود فرصة كبيرة لحدوث اتفاق بيني وبين رجال الفكر من أعضاء الجمعية. فقد كان إصراري على استخدام اللغة الجوجراتية في الجمعية، وبعض من أساليب العمل الأخرى التي قد تبدو غريبة؛ مصدرًا لانزعاجهم وإحراجهم. لكن إحقاقًا للحق، يجب أن أذكر أن أغلبهم تحمل غرابة أطواري بصدر رحب. لكنني أدركت منذ البداية أن الجمعية لن تستمر طويلًا. فقد رأيت بالفعل أن بعض أعضاء الجمعية بدءوا يستاءون من تأكيدي على الحقيقة والأهيمسا. ومع ذلك، كان نشاطنا الجديد يسير بكامل طاقته في مراحله الأولى. وأخذت الجمعية في النمو بسرعة.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.30/
ذلك المشهد الرائع!
تزايدت حدة الثورة ضد تقرير لجنة رولات وحجمها من جهة، وزاد اتجاه الحكومة إلى تنفيذ توصيات اللجنة من جهة أخرى، ونُشِرَ مشروع قانون رولات. لقد حضرت فعاليات جلسات الهيئة التشريعية بالهند مرة واحدة فقط في حياتي لمناقشة مشروع القانون هذا. وقد ألقى لال بهادور شاستريجي خطابًا مثيرًا للعواطف، وجه فيه إنذارًا جادًّا إلى الحكومة. كان الحاكم البريطاني يستمع إلى الخطبة وكأنه مسحور. فقد كانت عيناه ثابتتين في اتجاه شاستريجي في حين كان شاستريجي يقدم فيضًا متقدًا من الخطابة. بدا لي في ذلك الوقت أنه لا بد للحاكم البريطاني من التأثر بتلك الخطبة لما اتسمت به من صدق وعاطفة جياشة. لكن يمكنك أن توقظ شخصًا ما إذا كان نائمًا حقًّا، لكن لا جدوى من محاولة إيقاظ شخص يتظاهر بالنوم فحسب. كان ذلك بالضبط موقف الحكومة. فقد كانت الحكومة مهتمة فقط بالخوض في مسرحية الإجراءات القانونية الهزلية؛ فالقرار كان قد صدر بالفعل. ومن ثَمَّ ضاع أثر إنذار شاستريجي الجاد للحكومة كليًّا. وفي ظل تلك الظروف، لم يكن خطابي إلا صرخة في فلاة. تحاورت بجدية مع الحاكم البريطاني، ووجهت له خطابات شخصية وعامة أخبرته فيها صراحة أن ما قامت به الحكومة لم يترك لي خيارًا إلا اللجوء إلى الساتياجراها. لكن ذلك كله كان دون جدوى. لم يكن مشروع القانون قد نُشر في الجريدة الرسمية بعد. وكانت صحتي متدهورة، لكنني قررت أن أخاطر بالقيام برحلة طويلة عندما تلقيت دعوة من مدينة مدراس. كان الوهن قد أصاب صوتي في تلك الفترة، حتى إنني لم أكن قادرًا على رفعه بدرجة كافية في أثناء الاجتماعات. ولم أتخلص من عجزي عن إلقاء الخطب واقفًا في الاجتماعات. كان جسدي بأكمله ينتفض وكانت نبضات قلبي تتسارع إذا ما شرعت في الحديث واقفًا لأية مدة من الزمن. لطالما شعرت وأنا في الجنوب بأنني في موطني. وبفضل عملي الذي أنجزته في جنوب أفريقيا شعرت بأن لي حقًّا خاصًّا على التاميليين والتيلوجيين، ولم يخيب أهل الجنوب ظني فيهم قط. كانت الدعوة موقعة من السيد كاستوري رانجا إينجار، لكنني علمت فيما بعد وأنا في طريقي إلى مدراس أن راجاجوبالاشاري هو الشخص المحرك لتلك الدعوة. ويمكن القول بأنني تعرفت إليه للمرة الأولى في تلك المناسبة. وعلى كل حال، كانت تلك هي المرة الأولى التي نتعارف فيها شخصيًّا. كان راجاجوبالاشاري قد رحل حديثًا عن مدينة سالم ليستقر في مدراس لممارسة المحاماة بناء على الدعوة الملحة من أصدقائه من أمثال الراحل السيد كاستوري رانجا إينجار بغرض الاضطلاع بطريقة أكثر فعالية في الحياة العامة. وقد استضافنا راجاجوبالاشاري عند نزولنا بمدراس. ولم أدرك تلك الحقيقة إلا بعد أن مكثنا لديه لبضعة أيام. فنظرًا لأن المنزل كان ملكًا للسيد كاستوري رانجا إينجار، تولد لديَّ انطباع بأنه هو مضيفنا. لكن ماهديف ديساي صحح لي تلك المعلومة. وما لبث أن كَوَّنَ ماهديف علاقة قوية بالسيد راجاجوبالاشاري، الذي اختار أن يكون بعيدًا عن الأضواء باستمرار نتيجة لحيائه الفطري. لكن ماهديف نصحني ذات يوم، قائلًا: «عليك أن تكسب صداقة ذلك الرجل.» وبالفعل كسبت صداقة راجاجوبالاشاري. فكنا نناقش يوميًّا خطط النضال، لكنني لم أكن أستطيع التفكير في أي خطة عمل أخرى غير عقد الاجتماعات العامة. كنت في حيرة من أمري بشأن اكتشاف طريقة أقدم بها العصيان المدني ضد قانون رولات إذا ما مُرِّرَ كقانون. فلا يمكن للمرء أن يخالف القانون إلا إذا أعطته الحكومة الفرصة للقيام بذلك. وإذا لم تمنحنا الحكومة تلك الفرصة، هل يمكننا مخالفة القوانين الأخرى؟ وإذا خالفنا القوانين الأخرى، فإلى أي مدى يجب أن نستمر؟ وقد كانت مثل هذه الأسئلة وغيرها هي المحور الرئيسي لمناقشاتنا. دعا السيد كاستوري رانجا إينجار إلى عقد اجتماع مصغر للزعماء بهدف مناقشة المسألة بعناية. وكان من ضمن الزعماء البارزين الذين شاركوا في ذلك الاجتماع السيد فيجاياراغافاشاري، الذي اقترح أن أصيغ كتيبًا شاملًا عن علم الساتياجراها أجمع فيه حتى أدق التفاصيل. لكنني شعرت بأن تلك المهمة تفوق قدرتي، وأسررت له بذلك. لقد جاءتني الفكرة ليلة أمس في صورة حلم، وتتمثل الفكرة في أن نناشد الشعب كي يقوم بإضراب عام. إن الساتياجراها هي عملية تطهير للنفس، ونضالنا نضال مقدس، ويبدو لي أنه يجب أن نبدأها بعمل يطهر الأنفس. فدع جميع أبناء الشعب الهندي يتوقفون عن العمل في ذلك اليوم ويعتبرونه يوم صيام وصلاة. لا يمكن للمسلمين أن يصوموا لما يزيد على اليوم، لذلك تقرر أن يكون الصوم لمدة أربع وعشرين ساعة. كان من الصعب أن نجزم بأن جميع الأقاليم ستستجيب لذلك الطلب، لكنني كنت واثقًا أن بومباي ومدراس وبيهار والسند. وأعتقد أنه يكفي التزام تلك المناطق بالإضراب العام على نحو سليم. وعلى الفور وافق راجاجوبالاشاري على اقتراحي. ورحب غيره من الأصدقاء بالفكرة عندما أخبرتهم بها لاحقًا. فكتبت طلبًا موجزًا يحمل ذلك المعنى. كان من المفترض أن يكون الإضراب في يوم ٣٠ مارس/آذار ١٩١٩م، لكننا عدلنا التاريخ فيما بعد ليصبح ٦ أبريل/نيسان. ومن ثَمَّ، لم يكن لدى الشعب فترة طويلة للاستعداد قبل القيام بالإضراب. فلقد كان من الصعب مد مدة الإخطار لضرورة البدء في العمل على الفور. لكن لا أحد يدري كيف حدث الأمر. فلقد التزم جميع شعب الهند في مشارقها وحتى مغاربها من مدن وقرى بإضراب تام في ذلك اليوم. كان ذلك المشهد الأروع بحق!
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.31/
يا له من أسبوع لا ينسى! (١)
وصلت إلى بومباي بعد جولة قصيرة في جنوب الهند — أعتقد في الرابع من أبريل/نيسان — بعد أن تلقيت برقية من شانكارلال بانكر يطلب مني فيها القدوم إلى بومباي لحضور احتفالات السادس من أبريل/نيسان. لكن في غضون ذلك كان الناس في دلهي قد قاموا بالإضراب بالفعل في ٣٠ مارس/آذار. كانت أوامر الراحل السيد شراداناند جي وحكيم أجمل خان نافذة في دلهي. وكانت البرقية التي تحمل تأجيل موعد الإضراب إلى ٦ أبريل/نيسان قد وصلتهم متأخرة. ولم تكن دلهي قد شهدت مثل ذلك الإضراب من قبل. فقد اتحد الهندوس والمسلمون كرجل واحد. وتمت دعوة السيد شراداناند جي لإلقاء كلمة في «مسجد الجمعة». لم تستطع السلطات أن تتحمل كل ذلك. فتعرض رجال الشرطة لمسيرة المضربين في أثناء تقدمها نحو محطة السكة الحديدية وأطلقوا النار مما تسبب في سقوط ضحايا، وبدأ عهد القمع في دلهي. وفي الحال استدعاني شراداناند جي إلى دلهي. فأرسلت له برقية أخبره فيها بأنني سأنطلق إلى دلهي على الفور عقب انتهاء احتفالات السادس من أبريل/نيسان في بومباي. تكرر ما حدث في دلهي، مع بعض الاختلاف، في لاهور وأمريتسار. وقد أرسل لي كل من الطبيب ساتيابال وكيتشلو دعوة ملحة كي أتوجه إلى أمريتسار. ولم تكن تربطني بهم وقتها أي علاقة، لكنني عبرت لهم عن عزمي على زيارة أمريتسار بعد انتهاء زيارتي لدلهي. ولا حاجة هنا لذكر أن الإضراب في بومباي حقق نجاحًا باهرًا. جرى الاستعداد الكامل للقيام بعصيان مدني. وقد ناقشنا مسألتين أو ثلاثًا فيما يتعلق بهذا الشأن. رأينا أنه لا يمكننا اللجوء للعصيان المدني فيما يتعلق بتلك القوانين إلا إذا كانت القوانين تستدعي عصيان الشعب بلا جدال. كان هناك شجب شديد لضريبة الملح، وكان هناك تحرك قوي من أجل إلغائها. فاقترحت أن يعد الناس الملح من مياه البحر في منازلهم مخالفين بذلك قوانين الملح. وقدمت اقتراحًا آخر يدعو إلى بيع المطبوعات التي يحظر القانون نشرها. وقد وجدت إمكانية استخدام كل من كتاب «الحكم الذاتي للهند» وكتاب «الخير للجميع» (نسخة مترجمة إلى اللغة الجوجراتية لكتاب راسكين «حتى الرجل الأخير») اللذين حظرت الحكومة نشرهما بالفعل. كانت طباعة تلك الكتب وبيعها صراحة أسهل الطرق لإعلان العصيان المدني. قمنا بطباعة عدد كاف من الكتب، وأعددنا لبيعها في نهاية الاجتماع الضخم الذي كان من المزمع عقده بعد انتهاء الصوم. وفي مساء السادس من أبريل/نيسان، انطلق حشد من المتطوعين حاملين تلك الكتب المحظورة لتوزيعها بين الناس. وخرجت أنا والسيدة ساروجيني ديفي في عربات. سرعان ما نفدت نسخ الكتب. وكنا ننوي استغلال عائدات بيع الكتب في توسيع حملة العصيان المدني. كان السعر المحدد لكلا الكتابين هو أربع آنات للنسخة، لكن أغلب الناس لم يشتروا الكتاب بذلك الثمن، بل كان الكثير من الناس يفرغون كل ما في جيوبهم من أموال مقابل شراء نسخة من الكتب. بيعت النسخة الواحدة بخمس روبيات حينًا وبعشر روبيات حينًا آخر، وأذكر أيضًا أنني قد بعت نسخة في إحدى المرات بسعر خمسين روبية. وقد شرحنا للناس بصورة وافية إمكانية تعرضهم للاعتقال والسجن جراء شرائهم مثل هذه الكتب المحظورة. لكنهم في ذلك الوقت تخلصوا من كل شعور بالخوف من الذهاب للسجن. علمنا فيما بعد أن الحكومة تدبرت الأمر بالقول إنه لم يحدث بيع أي كتب محظورة، وإن الكتب التي بعناها لا تندرج تحت تعريف المطبوعات المحظور نشرها. فقد اعتبرت الحكومة أن الكتب التي نشرناها هي طبعة جديدة من الكتب التي كان نشرها محظورًا، ومن ثَمَّ لم يشكل بيعها جريمة بمقتضى القانون. وقد أدت تلك الأخبار إلى انتشار جو عام من خيبة الأمل. وفي صباح اليوم التالي، عُقد اجتماع لأخذ العهود المتعلقة بالاكتفاء الذاتي والوحدة بين الهندوس والمسلمين. أدرك فيثالداس جيراجاني لأول مرة أنه ليس كل ما يلمع ذهبًا. فلقد حضر ذلك الاجتماع عدد ضئيل من الناس. وأتذكر بوضوح بعض الرفيقات اللائي حضرن الاجتماع، مع حضور عدد قليل جدًّا من الرجال. شرحت معنى العهد بالكامل للحضور قبل أن آخذه عليهم. لم تزعجني قلة الحضور أو تفاجئني، فلقد لاحظت هذا التناقض البين في موقف الناس — فالناس تولع بالعمل المثير وتبغض الجهود البناءة التي تُبذل في صمت. ولا يزال ذلك التناقض مستمرًّا حتى يومنا هذا. لكنني سأخصص فصلًا بأكمله للحديث عن هذا الموضوع. أعود لسرد القصة، فأقول إنه في مساء السابع من أبريل/نيسان، توجهت إلى دلهي وأمريتسار. وقد سمعت فور وصولي إلى ماثورا في الثامن من أبريل/نيسان إشاعات حول احتمال إلقاء القبض عليَّ. جاء أشاريا جيدفاني في المحطة التالية لماثورا، وأعطاني معلومات مؤكدة عن نية اعتقالي. وعرض خدماته إذا احتجت منه أي شيء. فشكرته على عرضه وأكدت له أنني سأخبره إذا ما احتجت إلى أي مساعدة. وقبل أن يصل القطار إلى محطة قطار بالوال، تلقيت أمرًا خطيًّا يقضي بمنعي من دخول حدود ولاية البنجاب، خوفًا من أن يتسبب وجودي بها في زعزعة الأمن. طلب مني رجال الشرطة النزول من القطار، فرفضت الانصياع قائلًا: «أريد الذهاب إلى البنجاب بناء على دعوة ملحة من أهلها للقضاء على البلبلة وليس لإثارتها. لذلك يؤسفني أن أخبركم بأنه لا يمكنني الرضوخ لمثل ذلك الأمر.» وصل القطار أخيرًا إلى بالوال، وكان ماهديف بصحبتي. فطلبت منه أن يكمل الرحلة إلى دلهي، وأن يبلغ السيد شراداناند جي بما حدث ويطلب من الناس التزام الهدوء. وكنت أريده أن يشرح للناس لماذا قررت أن أخالف الأمر الصادر في حقي وأن أعرض نفسي لعقوبة العصيان، وكيف سيمثل التزامنا بالحفاظ على الأمن — مع أي عقاب يمكن أن يُفرض علينا — انتصارًا لصالحنا. وما إن وصلت إلى وجهتي، حتى حضر عمر صوباني وأناسويابين وطلبوا مني التوجه إلى بيدوني على الفور. وقد قالا لي: «لقد ضاق الناس ذرعًا وتسودهم حالة من الاهتياج حتى إننا لا نستطيع تهدئتهم، ووجودك وحده يمكن أن يطفئ وقدة غضبهم.» هكذا تفرقت الجموع، وتوقف تقدم المسيرة. سمح رجال الشرطة لعربتنا بالتقدم، فتوقفت أمام مكتب المفوض لأشكو إليه تصرف رجال الشرطة.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.32/
يا له من أسبوع لا ينسى! (٢)
توجهت إلى مكتب المفوض السيد جريفيث. رأيت الجنود خلال السلم المؤدي إلى المكتب مدججين بالأسلحة كأنهم متأهبون للقيام بمهمة عسكرية. كان الرواق يعج بالحركة. وعند دخولي إلى الغرفة، رأيت السيد بورينج يجلس بصحبة السيد جريفيث. وصفت للمفوض الأحداث والمشاهد التي مررت بها. فأجابني بإيجاز: «كنت أريد ألا تصل المسيرة إلى منطقة فورت حيث لا محيص من وقوع شغب. ولم أستطع إلا أن أصدر أوامري للخيالة بأن يهاجموا الحشود المتجمهرة عندما وجدت أن الناس لن يستجيبوا إلى أسلوب الحوار.» قلت له: «لكنك كنت تعلم عواقب مثل ذلك الإجراء. لقد كانت الخيول تطأ رءوس الناس. أعتقد أنه لم يكن هناك داع لإرسال فرقة الخيالة تلك.» أجاب السيد جريفيث: «أنت لا تستطيع الحكم على مثل هذه المسائل، فنحن على دراية أكبر منك بتأثير مبادئك على الناس. فإذا لم نبدأ باتخاذ إجراءات عنيفة، سيتفاقم الوضع ويخرج عن سيطرتنا. أؤكد لك أن الجماهير كانوا بالتأكيد سيخرجون عن سيطرتك. وكانوا سرعان ما يروق لهم مخالفة القانون، فهم لا يدركون معنى واجب الحفاظ على الأمن. لا تساورني أي شكوك حول نواياك، لكن الناس لن يفهموا تلك النوايا بل سيتبعون فطرتهم.» فأجبته: «هنا يجب أن أختلف معك في الرأي. إن الناس ليسوا بطبيعتهم عنيفين بل مسالمين.» وأخذنا نتجادل هكذا لمدة طويلة. أخيرًا، قال السيد جريفيث: «ماذا ستفعل إذا ما اكتشفت أن الناس لا يدركون معنى مبادئك؟» – «سأوقف حركة العصيان المدني.» – «ماذا تقصد بذلك؟ ألم تخبر السيد بورينج بأنك ستذهب إلى البنجاب عند إطلاق سراحك؟» – «نعم، كنت أنوي الذهاب باستقلال أول قطار، لكن ذلك لن يكون ممكنًا اليوم.» – «إذا ما تحليت بمزيد من الصبر، ستتأكد مما أخبرتك به. هل تعلم ما يحدث الآن في أحمد آباد؟ وما حدث في أمريتسار؟ لقد جن جنون الناس تقريبًا في كل مكان. لكنني لم أحصل على جميع الوقائع بعد فقد قُطعت أسلاك التلغراف في بعض المناطق. أظن أن مسئولية كل أعمال الشغب هذه تقع على عاتقك.» – «أؤكد لك أنني سأتحمل مسئولية تلك الاضطرابات عن طيب نفس أينما وقعت. لكنني سأشعر بألم عميق ودهشة شديدة إذا ما اكتشفت وقوع اضطرابات في أحمد آباد. أما ما حدث في أمريتسار، فلا يمكنني الدفاع عنه. فلم أذهب إلى هناك قط، ولا أحد يعرفني بها. لكن حتى ما حدث بالبنجاب، أنا على يقين من أنه لولا منع حكومة البنجاب لي من دخول حدودها لكنت ساعدت بصورة كبيرة في حفظ الأمن هناك. فقد أثاروا الناس دون داعٍ بمنعي من الدخول إلى حدودها.» وأخذنا نتناقش ونتناقش فقد كان من المستحيل أن نتفق. فانصرفت بعد أن أخبرته أنني أعتزم الدعوة لعقد اجتماع على شاطئ شاوباتي، ومناشدة الجماهير أن يحفظوا الأمن. عُقد الاجتماع على رمال شاطئ شاوباتي. وتحدثت بإسهاب عن واجبنا نحو اللاعنف وعن حدود الساتياجراها، وقلت: «إن الساتياجراها في جوهرها هي سلاح الصادقين. ونصير الساتياجراها يجب أن يلتزم باللاعنف، وإذا لم يلتزم الناس باللاعنف فكرًا وقولًا وفعلًا، فلن أستطيع أن أقوم بساتياجراها جماعية.» تلقت السيدة أناسويابين هي الأخرى أنباء اندلاع أحداث شغب في أحمد آباد. وقد نشر أحدهم إشاعة تفيد اعتقالها أيضًا، فثار عمال مصانع النسيج إثر سماع أنباء اعتقالها، فأضربوا عن العمل وقاموا بأعمال عنف أدت إلى مقتل أحد الضباط. توجهت إلى أحمد آباد. فعلمت أن هناك من حاول اقتلاع قضبان السكك الحديدية بالقرب من محطة نادياد، وأن أحد الضباط قد لقي حتفه في فيرامجام، وأن أحمد آباد أصبحت خاضعة للأحكام العرفية. فزع الناس لسماع الخبر. فقد اشتركوا في أعمال عنف وعليهم أن يدفعوا ثمن ذلك وزيادة. كان في انتظاري ضابط شرطة بمحطة القطار ليصطحبني إلى المفوض، السيد برات، الذي وجدته محتدمًا غيظًا. تحدثت إلى المفوض برفق، وعبرت له عن أسفي لما وقع من أعمال عنف. وأخبرته بأنني لا أجد حاجة لتطبيق الأحكام العرفية، وصرحت له باستعدادي للتعاون بكل ما أملك من قدرة لإعادة الأمن. طلبت تصريحًا لعقد اجتماع عام في سابارماتي أشرام. راق الاقتراح للمفوض، وعُقِدَ الاجتماع على ما أعتقد يوم الأحد الثالث عشر من أبريل/نيسان. وقد أُلغيت الأحكام العرفية في اليوم ذاته أو في اليوم الذي تلاه. خاطبت الحضور محاولًا توضيح الخطأ الذي اقترفه الناس، وأعلنت عن صومي لمدة ثلاثة أيام تكفيرًا عما حدث، وناشدت الناس أن يلتزموا بصوم مماثل لمدة يوم. واقترحت على من اقترفوا أعمال العنف أن يعترفوا بذنبهم. كانت مسئوليتي واضحة وضوح النهار. فلم أكن أحتمل رؤية العمال — الذين قضيت بينهم مدة كبيرة من حياتي وخدمتُهم والذين توقعت منهم التصرف بصورة أفضل — يشاركون في أعمال الشغب وشعرت بأنني مشترك معهم في الذنب. طلبت من الناس أن يعترفوا بذنبهم، وناشدت الحكومة أن تتغاضى عن الجرائم التي ارتكبت. لكن لم يرضخ أي منهما لطلبي. جاءني الراحل السير رامانباي وغيره من مواطني أحمد آباد وطلبوا مني تعليق أعمال الساتياجراها. لم أر حاجة لمثل ذلك الطلب لأنني كنت قد قررت تعليقها بالفعل حتى يتعلم الناس درس الحفاظ على الأمن. فرحل الأصدقاء وهم مسرورون. ومع ذلك، لم يَرُقْ ذلك القرار لآخرين. فقد شعروا أنه من المستحيل تحقيق الساتياجراها الجماعية إذا ما توقعت الحفاظ على الأمن في كل مكان واعتبرته شرطًا لانطلاق الساتياجراها. شعرت بالأسف لاختلافي معهم في الرأي. كان من المستحيل إطلاق الساتياجراها إذا لم يلتزم باللاعنف من عملت بينهم والذين تصورت استعدادهم لانتهاج سياسة اللاعنف والمعاناة الذاتية. كانت لديَّ قناعة تامة بأن على زعماء حركة الساتياجراها أن يكونوا قادرين على السيطرة على الجماهير فيما يتعلق بحدود اللاعنف. ولا أزال أحتفظ بتلك القناعة حتى يومنا هذا.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.33/
خطأ فادح
دعونا الآن نتعرف على ذلك «الخطأ الفادح». قبل أن يستطيع المرء ممارسة العصيان المدني عليه أن يكون ملتزمًا بقوانين الدولة طواعية وبصورة تتسم بالاحترام. فغالبًا ما نلتزم بتلك القوانين بدافع الخوف من عاقبة مخالفتها، وهو أمر فعال خاصة عند التعامل مع القوانين التي لا تتعلق بمبادئ أخلاقية. فالشخص الأمين، على سبيل المثال، لن يسرق سواء كان هناك قانون يجرم السرقة أم لا، لكن الشخص نفسه لن يشعر بالذنب إذا لم يلتزم بقاعدة تشغيل المصباح الأمامي للدراجات بعد حلول الظلام. وسيكون هناك شك حتى في تقبله للنصيحة بصدر رحب. لكنه سيلتزم بأي قانون إلزامي فيما يتعلق بتلك المسألة، ولو بدافع تجنب الإزعاج المترتب على مقاضاته لمخالفة القانون. إلا أن مثل ذلك الالتزام ليس هو الالتزام الطوعي والتلقائي المطلوب من نصير الساتياجراها. إن نصير الساتياجراها يلتزم بقوانين المجتمع بعقلانية وبإرادته الحرة لأنه يؤمن بأن ذلك الالتزام واجب مقدس. وعندما يلتزم المرء بقوانين المجتمع بتلك الدقة، حينها يمكنه أن يقرر أي القوانين عادل وأيها ظالم. وفي ذلك الوقت فقط يكتسب الحق في القيام بالعصيان المدني لقوانين بعينها في ظل ظروف محددة. ويكمن خطئي في عدم مراعاتي لذلك التقييد الضروري. فقد طلبت من الناس إعلان العصيان المدني قبل أن يكونوا مؤهلين لذلك، وقد بدا لي ذلك الخطأ بضخامة جبال الهيمالايا. وما إن وطئت قدماي أرض خيدا، حتى مرت أمامي جميع ذكريات نضال الساتياجراها فيها، واندهشت لغياب مثل ذلك الأمر الجلي عن ذهني. فقد أدركت أن على الناس استيعاب المعاني المتضمنة في العصيان المدني قبل أن يصبحوا مؤهلين للقيام به. وبناء على ذلك، من الضروري قبل الشروع في العصيان المدني بصورة جماعية تكوين مجموعة من المتطوعين الأكفاء والمخلصين الذين استوعبوا تمامًا الشروط الصارمة للساتياجراها. ويمكن لهؤلاء شرح تلك الشروط للعامة وإبقاؤهم على الطريق السديد عن طريق تمتعهم بالحذر. وصلت إلى بومباي وتلك الأفكار تجول في خاطري، واستنفرت مجموعة من متطوعي الساتياجراها عن طريق جمعية الساتياجراها. وبمساعدتهم بدأتُ توعيةَ الناس بمعنى الساتياجراها وكنهها. وقد قمنا بذلك بصورة رئيسية بإصدار نشرات ذات طابع تثقيفي حول الموضوع. لكنني لاحظت في أثناء ذلك العمل أن من الصعب توجيه انتباه الناس إلى الجانب السلمي من الساتياجراها. ولم يكن عدد المتطوعين بالكبير. وحتى الذين أدرجوا أسماءهم بالفعل، لم يلتزموا بالتدريب على نحو منتظم. وبمرور الأيام، أخذتْ أعداد المتطوعين الجدد في التضاؤل تدريجيًّا بدلًا من أن تزداد. وأدركت أن تقدم التدريب على العصيان المدني سيستغرق وقتًا أطول مما توقعت في بادئ الأمر.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.34/
جريدة «نافاجيفان» وجريدة «يانج إنديا»
في الوقت الذي كانت تلك الحركة المعنية بالحفاظ على مبدأ اللاعنف تتقدم بخطى ثابتة وإن كانت بطيئة؛ كانت سياسة الحكومة غير القانونية في القمع تتطور بمنتهى السرعة حيث تجلت بوضوح في البنجاب. فقد أُلقي القبض على الزعماء بها وأُعلنت الأحكام العرفية التي تعني بعبارة أخرى انعدام القانون، وجرى إنشاء المحاكم الخاصة التي لم تكن محاكم قضائية بل أداة لفرض الرغبات الظالمة للحاكم المستبد. كانت العقوبات تُفرض دون أن يدعمها أدلة في انتهاك صارخ للعدالة. وكان الجنود يجبرون الرجال والنساء الأبرياء في أمريتسار على الزحف على بطونهم كالديدان. وقد بدت لي تلك المأساة أعظم من مذبحة أمريتسار التي جذبت انتباه شعب الهند والعالم بأسره. اضطررت للذهاب إلى البنجاب على الفور مهما كانت العواقب. كتبت إلى الحاكم البريطاني وبعثت له ببرقية لطلب تصريح بالذهاب إلى هناك، لكنه لم يستجب لطلبي. وإذا استكملت رحلتي دون حصولي على التصريح اللازم، لن يُسمح لي بتجاوز حدود البنجاب ولن يكون باستطاعتي إلا اللجوء إلى العصيان المدني. وهكذا، واجهت مأزقًا خطيرًا. وقد بدا لي أنه نظرًا للوضع القائم لا يمكن اعتبار مخالفة أمر منعي من دخول البنجاب عصيانًا مدنيًّا لأنني لم أرَ حولي المناخ السلمي الذي كنت أتوقعه، وأدت عمليات القمع الغاشمة إلى زيادة مشاعر الاستياء وترسيخها. لكنني رأيت أنني لو لجأت للعصيان المدني في ذلك الوقت، وإن كان في استطاعتي، فسأكون كمن يزيد النار اشتعالًا. فقررت ألا استكمل رحلتي إلى البنجاب رغم طلب الأصدقاء. لقد كان عدولي عن الذهاب للبنجاب أمرًا مريرًا. كانت أنباء أعمال الظلم والاضطهاد المطلقة ترد يوميًّا من البنجاب، لكنني لم أملك إلا أن أجلس عاجزًا أصر بأسناني غيظًا. وفي ذلك الوقت وعلى حين غرة، قامت السلطات سرًّا بترحيل السيد هورنيمان الذي جعل من جريدة «بومباي كرونيكل» قوة جبارة. بدا لي تصرف الحكومة ذلك محاطًا بالشبهات التي لا تزال تحيك في صدري حتى الآن. أنا على يقين من أن السيد هورنيمان لم يرغب في مخالفة القانون قط. فلم يَرُقْ له مخالفتي لأمر حكومة البنجاب الذي يقضي بمنعي من دخول أراضيها دون تصريح من لجنة الساتياجراها، وكان قد أيد بقوة قرار وقف العصيان المدني. وتسلمت منه خطابًا ينصحني فيه بوقف العصيان حتى قبل أن أعلن القرار. ولولا بعد المسافة بين بومباي وأحمد آباد لتسلم خطابه قبل إعلان قراري. ولهذا آلمني غيابه المفاجئ بنفس الدرجة التي فاجأني بها. ونتيجة لتلك التطورات طلب مني مجلس إدارة جريدة «بومباي كرونيكل» أن أتولى مسئولية إدارة الجريدة. كان السيد بريلفي بالفعل ضمن طاقم العمل، لذلك لم يكن هناك الكثير من المهام لأقوم بها. لكن كما جرت العادة، أصبحت المسئولية ضريبة إضافية. على كل حال، رفعت الحكومة ذلك العبء عن كاهلي بصدور أوامر تقضي بوقف الجريدة. كان القائمون على إدارة جريدة «بومباي كرونيكل»، وهم السادة عمر صوباني وشانكارلال بانكر، يتحكمون في ذلك الوقت في جريدة «يانج إنديا» أيضًا. فاقترحوا أن أتولى رئاسة تحرير «يانج إنديا» نظرًا لوقف «بومباي كرونيكل». واقترحوا تحويل جريدة «يانج إنديا» من جريدة أسبوعية إلى جريدة نصف أسبوعية لسد الفراغ الذي خلفته «بومباي كرونيكل». وقد لاقت تلك الاقتراحات استحساني نظرًا لكوني متلهفًا لأن أشرح للعامة المعني الجوهري للساتياجراها، ولأملي في أن أتمكن على الأقل من توضيح الوضع في البنجاب على حقيقته عن طريق ذلك المجهود. وقد كان احتمال وقوع حملة الساتياجراها قائمًا بغض النظر عن كتاباتي، وذلك لم يكن ليدهش الحكومة. لذلك قبلت اقتراح الأصدقاء بكل سرور. لكن كيف يتدرب العامة على الساتياجراها باللغة الإنجليزية؟ كان نطاق عملي الرئيسي يقع في جوجرات. وكان السيد إندولال ياجنيك شريكًا للسادة صوباني وبانكر. وكان يدير جريدة «نافاجيفان» الشهرية الصادرة باللغة الجوجراتية التي كان يدعمها السيد صوباني والسيد بانكر ماديًّا. فوضعوا الجريدة الشهرية تحت تصرفي، وعرض السيد إندولال العمل بها. ثم حُولت تلك الجريدة الشهرية إلى جريدة أسبوعية. وفي غضون ذلك، أُعيد تشغيل «بومباي كرونيكل»، ومن ثَمَّ عادت جريدة «يانج إنديا» جريدة أسبوعية كما كانت في الأصل. كان من الصعب عليَّ نشر الجريدتين الأسبوعيتين من مكانين مختلفين، وكان ذلك سيزيد من حجم النفقات. فاقترحت نقل جريدة «يانج إنديا» إلى أحمد آباد حيث تُنشر جريدة «نافاجيفان». وقد كان هناك أسباب أخرى دفعتني إلى إجراء ذلك التغيير. فقد تعلمت من خبرتي السابقة في جريدة «الرأي الهندي» أن تلك الصحف تحتاج لمطبعة خاصة بها. بالإضافة إلى ذلك، كانت قوانين الصحافة المطبقة في الهند في ذلك الوقت من الصرامة بمكان بحيث كانت المطابع ذات الطابع التجاري ستتردد في طباعة مقالاتي إذا ما أردت التعبير عن آرائي بحرية. وهكذا أصبحت الحاجة إلى امتلاك مطبعة خاصة بنا ضرورة ملحة. ونظرًا لسهولة تحقيق ذلك في أحمد آباد عن غيرها، كان علينا نقل جريدة «يانج إنديا» إلى أحمد آباد هي الأخرى. بدأت عن طريق هاتين الصحيفتين العمل بكل ما أوتيت من قوة على توعية جمهور القراء بالساتياجراها. اتسع معدل توزيع الجريدتين حتى وصل في إحدى الفترات إلى ما يقرب من أربعين ألف نسخة لكل منها. لكن في حين أخذ توزيع جريدة «نافاجيفان» في الازدياد بسرعة، أخذ توزيع جريدة «يانج إنديا» في الارتفاع على نحو بطيء. وقد انخفض معدل تداول الجريدتين عقب زجي بالسجن، ويصل معدل التداول في وقتنا الحالي إلى ما دون الثمانين ألف نسخة. كنت قد أعرضت منذ بداية الجريدتين عن قبول أي إعلانات. ولا أعتقد أن ذلك قد انتقص من الجريدتين شيئًا. على العكس، أرى أن ذلك قد ساعد الجريدتين على الحفاظ على استقلالهما بقَدْر كبير. وقد ساعدتني هاتان الصحيفتان بصورة عرضية في الحفاظ على السلام الداخلي مع نفسي، فنظرًا لاستحالة اللجوء إلى العصيان المدني المباشر، مكنتني هاتان الصحيفتان من التعبير عن آرائي بحرية وتحفيز الناس. وهذا ما يجعلني أشعر بأن كلتا الصحيفتين قد أدت خدمة جليلة للشعب في ذلك الوقت العصيب، وأسهمت بدور متواضع في التخفيف من وطأة استبداد الأحكام العرفية.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.35/
في البنجاب
حملني السير مايكل أودوير مسئولية ما حدث في البنجاب، ومن ناحية أخرى حملني بعض الشباب البنجابي الغاضب مسئولية فرض الأحكام العرفية. وقد أكدوا أنه لولا وقفي لحركة الساتياجراها لما وقعت مذبحة أمريتسار. وذهب البعض منهم إلى تهديدي بالاغتيال إذا ما ذهبت إلى البنجاب. لكنني رأيت صواب موقفي، وأنه لا يمكن لأي شخص عاقل أن يسيء فهم موقفي هذا. كنت أتوق للذهاب إلى البنجاب. ولم أكن قد ذهبت إلى هناك من قبل، الأمر الذي زاد من لهفتي لرؤية الوضع بنفسي. كان كل من الطبيب ساتيابال والطبيب كيتشلو والسيد رامباج دوت شوداري، الذين دعوني إلى البنجاب، في السجن. لكنني كنت على يقين من أن الحكومة لن تجرؤ على احتجازهم وغيرهم من المسجونين لمدة طويلة. اعتاد عدد كبير من البنجابيين زيارتي كلما كنت في بومباي. وكنت أتلو على مسامعهم في تلك المقابلات كلمات التشجيع التي كانت تسري عنهم. كانت ثقتي بذاتي في ذلك الوقت تنتقل إلى الآخرين كالعدوى. اضطررت لتأخير ذهابي إلى البنجاب مرارًا وتكرارًا. فكلما طلبت من الحاكم البريطاني تصريحًا بالذهاب إلى البنجاب، قال: «ليس بعد.» واستمر الوضع على هذا المنوال. أُعْلِن في غضون ذلك عن قيام لجنة هانتر بتحقيق بشأن ممارسات الحكومة في ظل الأحكام العرفية. وصل القسيس تشارلز فرير أندروز في ذلك الوقت إلى البنجاب. وقد مزق فؤادي خطابه عن الأحداث هناك، وتكون لديَّ انطباع بأن بشاعة الأحكام العرفية أكثر سوءًا مما تذكره التقارير الصحفية. ألح القسيس أندروز عليَّ في خطابه كي أذهب إلى البنجاب وأنضم إليه. وأرسل لي مالفيا في الوقت ذاته برقيات يطلب مني فيها التوجه إلى البنجاب على الفور. فأرسلت مرة أخرى ببرقية إلى الحاكم البريطاني لأسأله عن إمكانية ذهابي إلى البنجاب الآن. فذكر في رده أنه لا يمكنني الذهاب إلا بعد تاريخ محدد لا أتذكره الآن على وجه التحديد، لكنني أعتقد أنه السابع عشر من أكتوبر/تشرين الأول. وعند وصولي إلى لاهور، رأيت مشهدًا لا يفارق خيالي مطلقًا. كانت محطة القطار مليئة عن بكرة أبيها بالحشود الثائرة. لقد تجمعت الحشود في لهفة تملؤهم البهجة، كأنما يستقبلون قريبًا عزيزًا عليهم بعد فراق طويل. نزلت بمنزل الراحل السيد رامبهاج دوت، وقد تحملت السيدة سارالا ديفي عبء استضافتي الذي كان ثقيلًا حقًّا. فقد تحول المكان، كما هو الحال الآن، إلى نُزُل. ونظرًا لوجود زعماء البنجاب في السجن، حل محلهم بكفاءة السادة مالفيا وموتيلال والراحل السيد شراداناند جي. كنت على علاقة وثيقة بكل من السيد مالفيا والسيد شراداناند جي، لكنها كانت المرة الأولى التي ألتقي فيها شخصيًّا بالسيد موتيلال. وسرعان ما شعرت بين جميع أولئك الزعماء، وغيرهم من الزعماء المحليين الذين نجوا من دخول السجن؛ بأنني وسط الأهل والأصدقاء، ولم أشعر بالغربة بينهم على الإطلاق. إن كيفية إجماعنا على قرار الامتناع عن دعم لجنة هانتر أمر فات وانقضى. وقد نُشرت أسباب اتخاذنا ذلك القرار في وقتها، ولا حاجة لذكرها في هذا السياق. يكفي القول بأنني أشعر بعد مرور كل ذلك الوقت على تلك الأحداث أن قرار مقاطعة لجنة هانتر كان قرارًا صائبًا وقويمًا. وكنتيجة منطقية لمقاطعة لجنة هانتر، تقرر تشكيل لجنة تحقيق غير رسمية لإجراء تحقيق شبه مماثل لتحقيق لجنة هانتر نيابة عن حزب المؤتمر. وقد وضعني السيد مالفيا تقريبًا من ضمن أعضاء تلك اللجنة بصحبة السيد موتيلال نهرو والراحل ديشباندو والسيد عباس طيابجي وجاياكار. وقد وزعنا أنفسنا على أماكن شتى لإجراء التحقيق. وكانت مسئولية تنظيم عمل اللجنة تقع على كاهلي. ونادرًا ما كانت الفرصة تواتيني لدراسة شعب البنجاب وقرى البنجاب عن كثب نظرًا لأن إجراء التحقيق في أكبر عدد من الأماكن كان من نصيبي. وتعرفت في أثناء إجراء التحقيق على أوضاع النساء في البنجاب. وكنا نتعامل كما لو أننا يعرف بعضنا الآخر منذ أمد بعيد. وكن يتدافعن عليَّ أفواجًا أينما ذهبت ويضعن أمامي أكوامًا من غزلهن. جعلني عملي في التحقيق أدرك أن البنجاب يمكن أن تصبح تربة خصبة لصنع قماش الخادي. وفي أثناء تقدمي في التحقيق عن الأعمال الوحشية التي تعرض لها الأهالي، أخبرني الناس بحكايات عن استبداد الحكومة وتحكم الضباط الظالم، مما جعلني أشعر بألم عميق. لكن ما أدهشني حقًّا وقتها وحتى في وقتنا هذا هو تعرض الإقليم الذي زود الحكومة البريطانية بأكبر عدد من الجنود في أثناء الحرب لمثل هذه التجاوزات الوحشية. وقد عُهد لي أيضًا بكتابة تقرير اللجنة. وأوصي من يرغب في التعرف على نوع الأعمال الوحشية التي كان يتعرض لها أهالي البنجاب بقراءة ذلك التقرير بإمعان. وكل ما أريد قوله في هذا السياق عن ذلك التقرير هو أنه لا يشتمل على أي مبالغة متعمدة وأن جميع الإفادات مدعمة بأدلة. أضف إلى ذلك، أن الأدلة التي نُشرت مجرد جزء من الأدلة التي كانت بحوزة اللجنة. ولم يرد في التقرير أي إفادة يشوبها أدنى شك. هذا التقرير، الذي تمت صياغته من أجل إبراز الحقيقة، والحقيقة وحدها؛ سيوضح للقارئ إلى أي مدى يمكن أن تصل الحكومة البريطانية، وكذلك الأعمال غير الإنسانية والوحشية التي يمكن أن تلجأ إليها للحفاظ على سلطانها. ووفق معلوماتي، لم يدحض أحد أي إفادة وردت في التقرير.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.36/
قضية الخلافة مقابل قضية حماية البقر
علينا في الوقت الحالي تنحية تلك الأحداث المؤلمة التي وقعت في البنجاب جانبًا. توجهت إلى المؤتمر وتلك الأفكار تملأ رأسي. حضر المؤتمر عدد كبير من الجمهور، لكنه لم يرق في عدده إلى المؤتمرات التي تلته والتي كان يحضرها عشرات الآلاف. ناقشت المسألة التي سبق أن أشرت إليها آنفًا مع الراحل السيد شراداناند جي الذي كان حاضرًا في المؤتمر. وقد استحسن وجهة نظري وتركني أعرضها على المؤتمر. وناقشت الأمر مع الراحل السيد حكيم. أكدت أمام المؤتمر أنه إذا كانت قضية الخلافة تستند إلى أساس عادل ومشروع، وهي الحقيقة التي أؤمن بها، وإذا كانت الحكومة قد اقترفت بالفعل أعمال ظلم فادحة؛ حينها سيكون الهندوس ملزمين بدعم المسلمين في مطالبهم المتمثلة في استعادة الخلافة الإسلامية. ومن غير اللائق إقحام قضية حماية البقر في هذا السياق أو استغلال الموقف للتوصل إلى تسوية مع المسلمين. وبالمثل، لن يكون من اللائق أن يعرض المسلمون وقف ذبح البقر مقابل دعم الهندوس لقضية الخلافة. لكن إذا ما توقف المسلمون من تلقاء أنفسهم عن ذبح البقر بدافع مراعاة مشاعر الهندوس الدينية وبدافع الإحساس بالواجب تجاههم كجيران وأبناء لنفس الوطن، فسيكون الوضع حينها مختلفًا وستُعد لفتة طيبة منهم وسيكون موقفًا لن ينساه الهندوس. ورأيت أن اتخاذهم لذلك الموقف المستقل هو واجب عليهم، وسيزيد من نبل تصرفهم. لكن إذا رأى المسلمون أن حق الجوار يملي عليهم التوقف عن ذبح البقر، فيجب أن يفعلوا ذلك سواء دعمهم الهندوس في قضية الخلافة أم لا. فقلت: «لذلك يجب أن تناقش القضيتان كل على حدة. وأيضًا مشاورات المؤتمر يجب أن تقتصر على قضية الخلافة وحدها.» لاقت حجتي استحسان الحضور، ومن ثَمَّ لم تُناقَش قضية حماية البقر في ذلك المؤتمر. ومع ذلك، قام مولانا عبد الباري، وقال: «يجب علينا نحن المسلمين أن نتوقف عن ذبح البقر بدافع مراعاة شعور الهندوس سواء ساعدونا في قضية الخلافة أم لا لأننا أبناء وطن واحد.» وبدا لي للحظة أنهم سيضعون حلًّا للقضية حقًّا. اقترح البعض إضافة قضية البنجاب إلى قضية الخلافة، لكنني أعرضت عن الاقتراح. وقلت إن قضية البنجاب مسألة محلية ولذا لن تؤثر على قرارنا فيما يتعلق بالمشاركة في احتفالات السلام أو عدم المشاركة. فإذا خلطنا بين القضية المحلية وقضية الخلافة التي نتجت بصورة مباشرة عن شروط السلام، سوف نكون قد ارتكبنا خطأ فادحًا. وقد اقتنع الجميع بحجتي بلا جدال. كان مولانا حسرت موهاني حاضرًا في ذلك الاجتماع. وكانت تجمعني به معرفة سابقة، لكن في تلك المرة أدركت كم هو مناضل عظيم. اختلفنا معًا منذ البداية تقريبًا، وقد دامت الاختلافات في العديد من الموضوعات. وكان من ضمن القرارات التي مررها ذلك المؤتمر قرار يناشد الهندوس والمسلمين أن يلتزموا بعهد الاكتفاء الذاتي، ومن ثَمَّ مقاطعة السلع الأجنبية. لم يكن قماش الخادي قد وجد طريقه إلى الصدارة بعد. لكن السيد حسرت لم يكن ليقبل بمثل ذلك القرار، فقد كان يريد أن ننتقم من الإمبراطورية إذا لم تعالج مسألة الخلافة. فتقدم باقتراح مضاد يقضي بمقاطعة السلع البريطانية وحدها قدر المستطاع. اعترضت على اقتراحه لاعتراضي على المبدأ ولاعتراضي على إمكانية تطبيق مثل ذلك الاقتراح، وقدمت براهين أصبحت الآن معروفة للجميع. وعرضت على المؤتمر وجهة نظري فيما يتعلق باللاعنف. ولاحظت أن البراهين التي أوردتها قد لاقت صدى قويًّا لدى الحضور، وكانت الجماهير قد تلقت كلمة السيد حسرت موهاني بهتافات مدوية، حتى إنني خشيت أن تذهب كلمتي مهب الريح. ولقد ألقيت كلمتي لمجرد شعوري بأن عدم عرضي لوجهة نظري أمام المؤتمر يُعد تقصيرًا في واجبي. لكنني فوجئت بأن الحضور قد تابعوا كلمتي بانتباه شديد وأن الكلمة حازت دعمًا كبيرًا من أعضاء المنصة، وأخذ المتحدثون الواحد تلو الآخر يلقون بكلمات تؤيد وجهة نظري. لقد رأى الزعماء أن مقاطعة السلع البريطانية لن تفشل في تحقيق الغاية منها فحسب، بل ستجعلهم محل سخرية؛ فلم يكن هناك أحد في المؤتمر إلا وبحوزته إحدى السلع البريطانية. بناء على ذلك، أدرك العديد من الحضور أن تبني مثل ذلك القرار الذي يعجز عن تنفيذه حتى من صوتوا لتمريره لن يعود عليهم إلا بالخسارة. قال مولانا حسرت موهاني في كلمته: «إن مقاطعة الأقمشة الأجنبية وحدها لا تكفي، فلا أحد يعرف كم من الوقت سنحتاج حتى نستطيع صناعة قماش «بالاكتفاء الذاتي» بكميات تغطي احتياجاتنا، وكم من الوقت سنحتاج قبل أن نستطيع القيام بمقاطعة فعالة للقماش الأجنبي. نريد القيام بعمل يؤثر على بريطانيا الآن. لا مانع لدينا من القيام بالمقاطعة، لكن يجب أن نتوصل إلى إجراء أكثر شدة ويؤدي إلى نتائج أسرع.» شعرت وأنا أستمع إليه أن هناك ضرورة لاتخاذ إجراء جديد بالإضافة إلى المقاطعة. بدا لي أنه من المستحيل اللجوء إلى مقاطعة فورية للأقمشة الأجنبية في ذلك الوقت. ولم أكن أدري حينها أنه يمكننا، إذا أردنا، إنتاج كمية كافية من قماش الخادي لتغطية احتياجاتنا من الملابس، وقد اكتشفت إمكانية ذلك فيما بعد. وكنت أعرف، حتى في ذلك الوقت، أننا سنتعرض للغدر إذا اعتمدنا على المصانع وحدها لتفعيل المقاطعة. وكنت لا أزال حائرًا في ذلك المأزق عندما ختم مولانا حسرت كلمته. كنت عاجزًا عن إيجاد الكلمات الهندية أو الأردية المناسبة. فقد كانت تلك المرة الأولى التي ألقي فيها خطبة جدلية أمام جمهور، ولا سيما جمهور مكون من مسلمي الشمال. سبق أن تحدثت أمام الرابطة الإسلامية في كلكتا، لكن ذلك لم يستغرق إلا دقائق معدودة وكان الغرض من تلك الخطبة استثارة عواطف الجماهير. أما هنا، فعلى العكس، كان عليَّ أن أشرح وجهة نظري وأوضحها لجماهير ناقدة، إن لم تكن عدائية. لكنني حينها استجمعت كل ما أوتيت من شجاعة. لم أكن أستطيع إلقاء كلمتي باللغة الأردية السليمة والدقيقة التي يستخدمها المسلمون في دلهي، لكنني كنت أنوي عرض آرائي على الحضور بما أملك من لغة هندية ركيكة. وقد نجحت بالفعل في ذلك. وقد أثبت لي ذلك الاجتماع أن اللغة الهندوستانية هي اللغة الوحيدة التي تصلح لتكون اللغة المشتركة للهند. لم أكن لأحدث ذلك التأثير على الحضور لو أنني تحدثت باللغة الإنجليزية وعلى الأرجح لم يكن مولانا حسرت ليرى حاجة لاعتراضه حينذاك. ولم أكن لأتمكن من الرد على اعتراضه بفعالية إذا ما تقدم به. لقد تبنى المسلمون قرارًا شديد الأهمية. وسوف يوقفون جميع أشكال التعاون مع الحكومة إذا كانت شروط السلام سلبية، وهو ما ندعو الإله ألا يحدث. ومن ثَمَّ يكون وقف التعاون حقًّا مطلقًا للشعب. ليس علينا الاحتفاظ بالألقاب والمراتب الشرفية التي منحتنا إياها الحكومة، أو أن نستمر في خدمة الحكومة. فإذا غدرت بنا الحكومة ولم تدعمنا في قضية كبيرة مثل قضية الخلافة، لن يسعنا إلا اللجوء إلى عدم التعاون. فيحق لنا عدم التعاون مع الحكومة إذا ما غدرت بنا. مع ذلك، مرت الأشهر قبل أن تنتشر كلمة «عدم التعاون». فقد استهلكنا الوقت الحاضر في جلسات المؤتمر. وفي حقيقة الأمر، كان أملي في عدم تعرضنا للغدر هو ما دفعني لتأييد قرار عدم التعاون في حزب المؤتمر الذي اجتمع في أمريتسار في الشهر التالي.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.37/
حزب المؤتمر في أمريتسار
لم تتمكن حكومة البنجاب من الاستمرار في سجن مئات البنجابيين الذين زجت بهم في السجن استنادًا إلى الأدلة الواهية التي اعتمدت عليها المحاكم العسكرية التي لم تكن عادلة بالمرة. ساد احتجاج عنيف في جميع أرجاء البلاد ضد ذلك الظلم البيِّن، الأمر الذي جعل من المستحيل الإبقاء عليهم في السجن. وقد أُفْرِجَ عن أغلب السجناء قبل افتتاح جلسات الحزب. وأُفْرِجَ عن لالا هاركيشانلال وغيره من الزعماء في أثناء انعقاد جلسات الحزب. وتوجه الأخوان مولانا محمد علي ومولانا شوكت علي إلى الجلسات مباشرة بعد إطلاق سراحهم من السجن، فأضفى ذلك شعورًا بالبهجة والسرور على الجماهير. كان رئيس حزب المؤتمر هو السيد موتيلال نهرو، الذي اتخذ من البنجاب مركزًا رئيسيًّا له وقدم خدمات جليلة مضحيًّا بمستقبله المشرق في المحاماة. وكان الراحل السيد شراداناند جي رئيس لجنة الاستقبال. كان إسهامي في جلسات الحزب السنوية حتى ذلك الوقت يقتصر على دعم اللغة الهندية عن طريق التحدث باللغة القومية بالإضافة إلى طرح قضية الهنود بالخارج. ولم أتوقع أن يُطلب مني الإسهام بأكثر من ذلك في تلك السنة. لكن كما سبق أن حدث من قبل في العديد من المواقف، فوجئت بأعمال عظيمة تُلقى على عاتقي. كان إعلان الملك للإصلاحات الجديدة قد صدر للتو، ورأى الجميع أن الإعلان غير مرض بالمرة، بينما رأيت أنه كان مرضيًّا بغض النظر عن نقائصه. لكنني شعرت في ذلك الوقت أنه يمكن تقبل الإصلاحات مع ما فيها من نقائص. أبصرت في إعلان الملك وصياغته أثر اللورد سينها، وقد مدني ذلك ببريق من الأمل. لكن الرجال راسخو العزم وذوو الخبرة من أمثال الراحل لوكامانيا وديشاباندو تشيتارانجان داس لم يستحسنوا تلك الإصلاحات. أما للسيد موتيلال نهرو، فقد وقف من القضية موقف الحياد. لكن يجب ألا أستغرق في وصف أسلوب حياة السيد مالفيا في هذا الفصل، وأن أعود إلى الموضوع الأصلي. وهكذا تمكنت من إجراء مناقشات يومية مع السيد مالفيا الذي اعتاد أن يشرح لي بود وكأخ أكبر وجهات النظر المختلفة التي تتبناها الأطراف المختلفة. وجدت أن اشتراكي في المشاورات الخاصة باتخاذ قرار بشأن الإصلاحات لا مفر منه. فقد جعلني إسهامي في صياغة تقرير مؤتمر الحزب عن أحداث القمع التي وقعت في البنجاب أشعر بأن عليَّ الاهتمام بكل الإجراءات التي ستُتخذ فيما يتعلق بتلك الأحداث. وكان لا بد من التعامل مع الحكومة لمعالجة تلك المسألة. وأيضًا كان هناك قضية الخلافة. كنت أؤمن حينها بأن السيد مونتاجو لن يتخلى عنا أو يتخلى عن قضية الهند. وبدا لي أن إطلاق سراح الأخوان مولانا محمد علي ومولانا شوكت علي وغيرهما من السجناء بمثابة لفتة مبشرة. وشعرت في ظل تلك الظروف أن من الصواب تبني قرار يقبل بالإصلاحات، ولا يرفضها. من ناحية أخرى، رأى ديشباندو تشيتارانجان داس أنه ينبغي رفض الإصلاحات نظرًا لعدم كفايتها. أما الراحل لوكامانيا فقد كان موقفه من الإصلاحات حياديًّا، لكنه قرر أن يؤيد أي قرار يمرره السيد ديشباندو. لم أكن أحتمل فكرة اختلافي في الرأي مع مثل أولئك الزعماء المحنكين والموقرين من الجميع والموثوق بكفاءتهم. لكن من ناحية أخرى كان صوت الضمير يصرخ بداخلي بصوت واضح. حاولت الابتعاد عن جلسات الحزب، واقترحت على السيد مالفيا والسيد موتيلال أن أتغيب عن جلسات الحزب المتبقية حفاظًا على المصلحة العامة. وكنت أرى أن ذلك سيجنبني الوقوف أمام المؤتمر معلنًا اختلافي مع أولئك الزعماء ذوي الشأن. لكن اقتراحي لم يلق استحسانًا لدى السادة مالفيا وموتيلال. وصل اقتراحي بطريقة أو بأخرى إلى السيد لالا هاركيشانلال. فقال لي: «لا يمكنك التغيب عن جلسات المؤتمر، فذلك سيجرح مشاعر أهالي البنجاب.» ناقشت المسألة مع لوكامانيا وديشباندو والسيد جناح، لكننا لم نستطع التوصل إلى حل. وأخيرًا، أفضيت بمحنتي إلى ملافيا. قلت له: «لا أجد إمكانية في التوصل إلى حل وسط. يجب طلب تقسيم هيئة الحزب إلى قسمين لحصر الأصوات إذا ما قدمت اقتراحي. لكنني لا أرى أي ترتيبات ها هنا لإجراء الاقتراع. جرت العادة في الجلسات العامة للحزب حتى الآن أن تؤخذ الأصوات عن طريق رفع الأيدي تأييدًا أو اعتراضًا، ومن ثَمَّ لا يمكن التمييز بين الأعضاء والزائرين، في حين لا نملك وسيلة لأخذ الأصوات في مثل هذه الاجتماعات الضخمة. ومن ثَمَّ، حتى إذا طلبت تقسيم هيئة الحزب لحصر الأصوات، لن يكون هناك إمكانية لتنفيذ ذلك ولن يكون ذا معنى.» لكن السيد لالا هاركيشانلال أنقذ الموقف وتعهد باتخاذ التدابير اللازمة. فقال لي: «لن نسمح للزوار بالدخول إلى جلسة الحزب في يوم الاقتراع. أما حساب عدد الأصوات، فسوف أتولى ذلك الأمر. لكن يجب ألا تتغيب عن جلسات المؤتمر.» فاقتنعت بكلامه، ووضعت صيغة اقتراحي وقدمته وأنا أرتجف. كان السيد مالفيا والسيد جناح يدعمان اقتراحي. وقد لاحظت أن الجماهير لم تتحمل فكرة اختلافنا، مع أنه كان خاليًا من أي ضغائن ومع أن خطبنا لم تحتوِ إلا على براهين لا حماسة فيها. لقد تألم الناس حقًّا نتيجة لذلك الاختلاف لأنهم كانوا يرغبون في الوصول إلى قرار يجتمع عليه الجميع. وكانت هناك جهود تبذل بين أعضاء المنصة، حتى في أثناء إلقاء الخطب، لفض الخلاف. وكانت المذكرات تُتداول بين الزعماء بطلاقة لتحقيق تلك الغاية. لم يترك السيد مالفيا دَرْبًا إلا وسلكه حتى يزيل الخلاف بيننا. وحينها قدم لي باتانجالي تعديله وناشدني أن أجنب الأعضاء شر الانقسام، وقد راقني القرار المعدل الذي تقدم به. وكان مالفيا يبحث في كل مكان عن أي بارقة أمل. فأخبرته أن التعديل الذي تقدم به باتانجالي يمكن أن يحظى بموافقة الطرفين. بعد ذلك عُرض التعديل على لوكامانيا الذي قال: «لن أعترض على القرار إذا وافق ديشاباندو تشيتارانجان داس عليه.» أخيرًا تخلى السيد ديشاباندو عن تحفظه وأشار للسيد بيبين تشاندرا بال بالموافقة، الأمر الذي ملأ مالفيا بالأمل. فجذب الورقة التي تحتوي على التعديل، وحتى قبل أن يعطي ديشاباندو موافقة نهائية، هتف قائلًا: «الإخوة الأعضاء، يسعدني أن أخبركم بالتوصل إلى حل وسط.» وكان ما حدث بعد ذلك يفوق الوصف. دوى التصفيق في أرجاء المكان، وأشرقت أوجه الحضور العابسة بالبهجة. لا أرى ضرورة لتناول نص القرار المعدل، فكل ما أرمي إليه هنا هو أن أصف كيف جرى التوصل إلى ذلك القرار كجزء من خبراتي التي تتناولها هذه الفصول. وقد زاد التوصل لذلك الحل الوسط من مسئوليتي.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.38/
بدء العمل في حزب المؤتمر
أعتبر مشاركتي في جلسات الحزب في أمريتسار هي بداية مشاركتي الحقيقية في سياسة الحزب. فقد كان حضوري لاجتماعات الحزب السابقة ربما لا يتعدى كونه تجديدًا سنويًّا لولائي للحزب. وكنت أشعر في تلك الجلسات بأن عملي لا يزيد على عمل أي شخص عادي، ولم أرغب في أي عمل يزيد على ذلك. لقد أثبتت خبرتي في أمريتسار أنني قادر على القيام بأمر أو أمرين يمكن أن يعودا بالنفع على الحزب. ولاحظت إعجاب الراحل لوكامانيا وديشاباندو وموتيلال وغيرهم من الزعماء بعملي في تحقيق البنجاب. وقد اعتادوا دعوتي لاجتماعاتهم غير الرسمية حيث تُصاغ قرارات «لجنة الرعايا». كانت الدعوة إلى تلك الاجتماعات مقصورة على الأشخاص الذين يتمتعون بثقة خاصة لدى الزعماء والذين يرغب الزعماء في استغلال خدماتهم. وكان المتطفلون، في بعض الأحيان، يجدون طريقهم إلى تلك الاجتماعات. كنت مهتمًّا في العام التالي بأمرين وجدت في نفسي استعدادًا للقيام بهما. كان أحد هذين الأمرين النصب التذكاري لمذبحة حديقة جاليانوالا. وقد مرر الحزب قرارًا بذلك الشأن وسط حماسة شديدة. كان علينا جمع خمسمائة ألف روبية لتشييد النصب، فجرى تعييني ضمن أمناء الصندوق. اشتهر السيد مالفيا بقدرته الفائقة على جمع التبرعات لصالح القضايا العامة، لكن قدراتي في ذلك المجال، التي اكتشفتها عندما كنت في جنوب أفريقيا، كانت لا تقل كثيرًا عن قدراته. لم أكن أمتلك القدرة الفائقة التي يمتلكها السيد مالفيا في الحصول على تبرعات ضخمة من رجال السلطة في الهند، لكنني كنت على يقين من أنه من المستحيل الحصول على تبرعات من أجل النصب التذكاري لمذبحة أمريتسار من الملوك والأمراء. وكما توقعت، أُلقيت مسئولية جمع التبرعات على كاهلي، وقد تبرع مواطنو بومباي بسخاء، حتى إن الصندوق الخاص بالنصب التذكاري يمتلك رصيدًا ضخمًا في وقتنا الحالي. لكن المشكلة التي تواجه البلاد اليوم تكمن في نوع النصب التذكاري الذي يمكن أن يُشيد على أرض امتزجت بها دماء الهندوس والمسلمين والسيخ لتطهرها. فبدلًا من أن يجمع بين المجتمعات الثلاثة رباط الحب والتفاهم، نجدهم يحاربون بعضهم بعضًا، تاركين الأمة حائرة ولا تعرف كيف تستغل أموال صندوق النصب التذكاري. وكانت القدرة الأخرى التي استفاد منها الحزب هي قدرتي كصائغ قوانين. رأى قادة الحزب أن لديَّ القدرة على التعبير بإيجاز، وهي قدرة اكتسبتها عن طريق الممارسة الطويلة. كان الدستور الذي يحكم الحزب وقتها هو ما وضع جوخلي من قواعد. فلقد وضع جوخلي بعض القواعد كأساس لإدارة آلية الحزب. وقد استمعت إلى القصة المثيرة لوضع تلك القواعد من جوخلي نفسه. لكن الجميع الآن يشعرون بأن تلك القواعد لا تتناسب مع العمل المتزايد للحزب. وكانت تلك المسألة تُطرح عامًا بعد عام. وكان الحزب في ذلك الوقت لا يمتلك تقريبًا آلية تعمل في الفترات الفاصلة بين الجلسة والأخرى، أو تتعامل مع حالات الطوارئ التي يمكن أن تنشأ أثناء السنة. كانت القواعد القائمة تنص على وجود ثلاثة أمناء سر للحزب، لكن في واقع الأمر كان واحد منهم فقط عاملًا، وحتى أمين السر ذلك لم يكن متفرغًا. فكيف كان له وحده أن يدير مكتب الحزب وأن يفكر في المستقبل، أو أن يفي في العام الحالي بالالتزامات التي تعاهد عليها الحزب مسبقًا؟ نتيجة لذلك، شعر الجميع في ذلك العام أن المسألة يجب أن تحظى بقدر أكبر من الاهتمام. كان المجلس غير فعال فيما يتعلق بمناقشة الشئون العامة. ولم يكن هناك حد لعدد النواب في الحزب أو لعدد النواب الممثلين لكل إقليم. وهكذا ساد شعور بضرورة إجراء بعض التعديلات على الحالة الفوضوية القائمة. فتوليت مسئولية صياغة دستور جديد بشرط واحد، ألا وهو انضمام السيد لوكامانيا والسيد ديشباندو لي في لجنة صياغة الدستور كممثلين عن الشعب؛ لما لاحظت من تأثيرهما العظيم على الجماهير. لكنني اقترحت أن ينوب عنهما اثنان ممن يثقان بهم في اللجنة نظرًا لعلمي بأن الوقت لن يسمح لهما بالاشتراك شخصيًّا في عمل وضع الدستور. واقترحت أن يكون عدد أعضاء اللجنة قاصرًا على ثلاثة أفراد. وقبِل الاقتراح كل من السيد لوكامانيا والسيد ديشباندو، الذي اقترح أسماء السيد كيلكر والسيد سين على التوالي كوكلاء عنهما. لم يُقدر لأعضاء اللجنة الالتقاء ولو لمرة واحدة، لكننا تمكنا من استشارة بعضنا بعضًا عن طريق المراسلات، وفي النهاية قدمنا تقريرًا متفقًا عليه بالإجماع. وإنني لأفخر بذلك الدستور فخرًا كبيرًا، وأعتقد أنه لو استطعنا الالتزام بذلك الدستور كليًّا، لمكنا ذلك الالتزام وحده من الحصول على الحكم الذاتي. إن تَوَليَّ لتلك المسئولية يمثل دخولي الحقيقي إلى سياسة الحزب.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.39/
نشأة الخادي
لا أذكر رؤيتي لنول يدوي أو مغزل عندما وصفته في عام ١٩٠٨م في كتاب «الحكم الذاتي للهند» كعلاج لحالة الفقر المدقع المتزايد التي تعانيها الهند. ورأيت في ذلك الكتاب أنه لا شك في أن أي شيء يساعد الهند على التخلص من الفقر الشديد الذي تعانيه الأغلبية العظمى من شعبها سوف يؤدي بدوره إلى ترسيخ الحكم الذاتي. ولم أرَ مغزلًا حتى عند عودتي إلى الهند قادمًا من جنوب أفريقيا في عام ١٩١٥م. وقد قدمنا بعض الأنوال عند تأسيس مقر الجماعة في سابارماتي. لكن ما إن قمنا بذلك حتى واجهتنا مشكلة تتلخص في انتمائنا جميعًا إما للأعمال الحرة أو التجارة، ولم يكن أي منا حرفيًّا. كنا في حاجة إلى خبير في النسج كي يعلمنا كيفية الغزل قبل أن نتمكن من استخدام الأنوال. استطعنا تدبير أحدهم بشق الأنفس من بالانبور، لكنه لم يطلعنا على كل ما عنده من علم، لكن لا شيء كان يصعب على ماجنلال. فما لبث أن برع في فن الغزْل نظرًا لما يملكه من موهبة فطرية في الأعمال الميكانيكية، وأخذنا ندرب العديد من الأفراد في مقر الجماعة على الغزْل الواحد تلو الآخر. كان الهدف الذي وضعناه نصب أعيننا هو توفير كسوتنا من قماش صنعته أيدينا. وعلى الفور توقفنا عن استعمال الأقمشة المنسوجة في المصانع وعزم جميع أفراد الجماعة على استعمال القماش المنسوج يدويًّا من خيط الغزل الهندي فقط. وقد أكسبتنا تلك الحرفة كثيرًا من الخبرة. فمكنتنا من معرفة ظروف حياة النساجين عن طريق الاحتكاك المباشر بالمهنة، وحجم إنتاجهم، والعقبات التي تعترض حصولهم على مخزون خيط الغزل اللازم، وكيف يقعون ضحايا للاحتيال، وأخيرًا تزايد ديونهم باستمرار. لم نكن في وضع يسمح لنا بصناعة كل ما نحتاج من أقمشة على الفور. ومن ثَمَّ كان الخيار الذي أمامنا أن نحصل على مخزون القماش الذي نحتاجه من نساجي الأنوال اليدوية. لكن لم يكن الحصول على أقمشة جاهزة مصنوعة من خيط الغزل الهندي بالأمر اليسير، سواء من تجار الأقمشة أو من النساجين أنفسهم. كانت جميع الأقمشة الجيدة التي يصنعها النساجون مصنوعة من خيط أجنبي نظرًا لعدم غزل المصانع الهندية لخيوط غزل عالية الجودة. وحتى في وقتنا الحالي، نجد إنتاج المصانع الهندية من الخيوط عالية الجودة محدودًا للغاية، أما فيما يتعلق بالخيوط الفائقة الجودة فلا يمكنها غزلها بالمرة. وأخيرًا استطعنا بعد مشقة إيجاد بعض النساجين الذين تكرموا بنسج خيط الغزل لتحقيق الاكتفاء الذاتي، شريطة أن تشتري الجماعة كل الكمية التي ينتجونها من الأقمشة. وهكذا جعلنا من أنفسنا وكلاء متطوعين لمصانع الغزل الهندية عن طريق اتخاذ الأقمشة المنسوجة من خيوط الغزل الهندية ملابس لنا وترويجها بين أصدقائنا. وهذا ما أدى بدوره إلى احتكاكنا بالمصانع، ومكنا من معرفة بعض المعلومات عن إدارتها والعراقيل التي تواجهها. ورأينا أن المهمة الحقيقية للمصانع تكمن في نسجها للخيوط التي تغزلها، فلم يكن تعاونها مع نساجي الأنوال اليدوية اختياريًّا وإنما كان حتميًّا ومؤقتًا. كنا نتوق لغزل خيطنا الخاص، وقد بدا أنه يجب علينا الاعتماد على المصانع إلى أن نتمكن من غزل خيطنا بأنفسنا. فلم نشعر أن استمرارنا وكلاء لمصانع الغزل الهندية سيعود بالنفع على البلاد. ومجددًا واجهتنا صعاب لا حصر لها. لم نستطع الحصول على مغزل أو غازل ليعلمنا كيفية الغَزْل. وكنا نستخدم عجلة ما لملأ أعمدة الدوران والبكر بغرض النسج في مقر الجماعة. لكن لم تكن لدينا فكرة عن إمكانية استخدامها كمغازل. وفي أحد الأيام، وجد كاليداس جهافيري امرأة قال: إنها ستشرح لنا كيفية القيام بالغزل. أرسلنا إليها أحد أعضاء الجماعة وكان مشهورًا بقدرته الفائقة على تعلم المهارات الجديدة. لكن حتى ذلك الرجل لم يستطع أن يكتسب سر الصنعة. وهكذا مرت الأيام، وزاد شغفي بالمسألة مع مرور الزمان. كنت أمطر أي زائر إلى مقر الجماعة بالأسئلة إذا ما علمت بامتلاكه لبعض المعلومات حول الغزل اليدوي. لكن نظرًا لاقتصار تلك الحرفة على النساء ونظرًا لأن العاملات بها قد انقرضن جميعًا، فإن كان هناك غازلة لا تزال على قيد الحياة في مكان غامض فلن يستطيع العثور عليها إلا واحدة من بنات جنسها.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.40/
وأخيرًا وجدتها!
وأخيرًا، وبعد بحث مضني في أرجاء جوجرات، وجدتْ جانجابين المغزل في فيجابور بولاية بارودا. كان عدد كبير من الأهالي هناك يملكون مغازل في منازلهم، لكنهم أودعوها المخازن ضمن الأثاث المتروك. وقد عبروا لجانجابين عن استعدادهم لمعاودة الغزل إذا ما أخذوا وعدًا بتزويدهم بلفائف القطن المندوف بصورة منتظمة وشراء الخيوط التي يغزلونها. كان توفير لفائف القطن المندوف مهمة صعبة. لكن الراحل عمر صوباني حل المشكلة على الفور بمجرد أن ذكرتها أمامه، بأن وعد بإرسال ما يكفي من لفائف القطن من مصنعه. أرسلت لفائف القطن التي تسلمتها من عمر صوباني إلى جانجابين، وسرعان ما بدأ الخيط المغزول في التدفق بمعدل يفوق طاقتنا. كان السيد عمر صوباني شديد الكرم، لكن كان علينا ألا نستغل ذلك الكرم إلى الأبد. وقد شعرت بالضيق لاستمرارنا في تلقي لفائف القطن منه. علاوة على ذلك، بدا لي أنه لا يجب علينا استخدام لفائف القطن المندوف في المصانع. فإن كان المرء يستطيع استخدام لفائف القطن المندوف في المصانع، فلماذا لا يستخدم الخيط المغزول في المصانع أيضًا؟ وبالطبع لم يكن هناك مصانع تزود الشعوب القديمة بلفائف القطن المندوف. فكيف إذن كانوا يحصلون على لفائف القطن المندوف؟ جعلتني تلك الأفكار أقترح على جانجابين أن تجد من يعملون على ندف القطن لتزويدنا بلفائف القطن المندوف، فقامت بالمهمة بلا تردد. فاستأجرت عاملًا ذا خبرة في ندف القطن، فطلب أجرًا وصل إلى خمس وثلاثين روبية شهريًّا، إن لم يكن مبلغًا أكبر. وكنت أرى حينها أنه لا يوجد سعر يُضاهي قيمة تلك الخدمة. فقامت جانجابين بتدريب عدد من الشباب على صناعة لفائف القطن المندوف. أرسلت إلى بومباي طلبًا لتزويدي بالقطن، وعلى الفور استجاب بارساد ديساي. وهكذا ازدهرت تجارة جانجابين بصورة خيالية. واستطاعت إيجاد نساجين لنسج الخيوط التي غُزلت في فيجابور، وسرعان ما اشتهر الخادي المصنوع في فيجابور. وفي حين كانت تلك التطورات تتوالى في فيجابور، كان المغزل ينتشر بسرعة في مقر الجماعة. قام ماجنلال غاندي بإضافة العديد من التعديلات على المغزل باستغلال كل ما لديه من موهبة في الميكانيكا. وبدأ تصنيع المغازل ومستلزماتها في مقر الجماعة. كانت تكلفة أول قطعة من قماش الخادي صُنِعَت في مقر الجماعة ١٧ آنة للياردة. ولم أتردد في بيع قطعة الخادي الخشنة تلك بالسعر ذاته إلى الأصدقاء الذين دفعوا السعر عن طيب خاطر. ومرة أخرى في بومباي، واجهتنا نفس مشكلة الحصول على مخزون من لفائف القطن المندوف يدويًّا. كان هناك أحد العاملين بندف القطن يمر بالقرب من منزل السيد ريفاشانكار محدثًا صوتًا بقوسه. فأرسلت في طلبه، وعلمت منه أنه يعمل في ندف القطن المستخدم كحشو للأفرشة. وافق الرجل على ندف القطن لعمل اللفائف، لكنه طالب بأجر باهظ لم يكن مني إلا أن أعطيته إياه. وقد أعطيت ذلك الخيط المغزول إلى بعض الأصدقاء من أتباع الإله فيشنو كي يصنعوا منه أكاليل الزهور الخاصة باحتفالات «بافيترا إيكيداشي». أنشأ السيد شيفجي فصلًا دراسيًّا لتعليم الغزل في بومباي. وقد كلفتنا تلك التجارب مبلغًا طائلًا من المال. لكن الأصدقاء الوطنيون، الذين يكنون كل الحب للوطن ويثقون بقماش الخادي، تكفلوا عن طيب خاطر بتلك النفقات. وهكذا أرى أن الأموال التي أُنفقت لم تضع سدى؛ فقد أكسبتنا خبرة عظيمة وجعلتنا نكتشف إمكانيات المغزل. تولد لديَّ شغف بقصر ملابسي على الملابس المصنوعة من قماش الخادي. كنت وقتها لا أزال أرتدي مئزرًا مصنوعًا من قماش المصانع الهندي. وكان عرض الخادي الخشن الذي يُصنع في مقر الجماعة وفي فيجابور ٣٠ بوصة لا غير. فأخبرت جانجابين بأنها إن لم توفر لي مئزرًا من الخادي بعرض ٤٥ بوصة خلال شهر، فسأرتدي مئزرًا من الخادي الخشن القصير. كان وقع كلامي على مسامعها كالصدمة. لكنها أثبتت كفاءتها في إنجاز المهمة. وبالفعل أرسلت لي أثناء الشهر مئزرًا من قماش الخادي بعرض ٤٥ بوصة، الأمر الذي أنقذني من موقف حرج.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.41/
حوار توجيهي
أثارت حركة الخادي، التي كان يُطلق عليها حينها حركة الاكتفاء الذاتي، حالة من النقد الحاد من أصحاب المصانع منذ انطلاقها. أما الراحل السيد عمر صوباني، وهو نفسه صاحب مصنع بارز، فقد منحني علمه وخبرته، ليس ذلك فحسب بل أبقاني مطلعًا على وجهة نظر أصحاب المصانع الآخرين. وقد عرض المسألة أحد أصحاب المصانع المتأثرين بالوضع بشدة. فألح عليَّ عمر صوباني كي أقابله، فوافقت. رتب السيد عمر صوباني للمقابلة. فبدأ الحديثَ صاحبُ المصنع، قائلًا: – «تعلم أنه فيما مضى كان هناك ثورة تدعو إلى الاكتفاء الذاتي؟» – «نعم أعلم.» – «وهل تعلم أيضًا أنه في أيام تقسيم الحدود استغل أصحاب المصانع حركة الاكتفاء الذاتي إلى أقصى مدى؟ فعندما وصلت حركة الاكتفاء الذاتي إلى ذروتها قمنا برفع أسعار الأقمشة وقمنا حتى بأعمال أسوأ من هذه.» – «نعم سمعت بعض المعلومات عن ذلك الأمر، وقد أحزنني ذلك كثيرًا.» – «أقدر حزنك، لكنني لا أرى سببًا يدفعك للحزن. نحن لا ندير أعمالنا بدافع الإنسانية، بل نقوم بالأعمال لنجني الأرباح ونرضي حاملي الأسهم. فسعر السلعة يتوقف على حجم الطلب عليها. ومن يستطيع أن يلغي قانون العرض والطلب؟ كان ينبغي للبنجاليين أن يعلموا أن ثورتهم كانت ستتسبب في ارتفاع أسعار أقمشة الاكتفاء الذاتي عن طريق تشجيعهم للطلب عليها.» فقاطعته قائلًا: «كان البنجاليون، مثلي، يتمتعون بطبيعة نزاعة إلى الثقة بالآخرين. لقد آمنوا، كل الإيمان، بأنه لا يمكن لأصحاب المصانع أن يكونوا بتلك الأنانية وعدم الوطنية المطلقة حتى يخونوا بلادهم في وقت حاجتها إليهم، وأن يصل بهم الحد إلى توزيع أقمشة أجنبية على أنها أقمشة خاصة بحركة الاكتفاء الذاتي.» فأجاب قائلًا: «أعلم بأمر طبيعتك النزاعة إلى الثقة بالآخرين، ولذلك طلبت إليك تكبد مشقة المجيء لمقابلتي كي أحذرك من أن تقترف نفس الأخطاء التي اقترفها أولئك البنجاليون المخلصون.» ثم أشار صاحب المصنع إلى أحد موظفيه الذي كان يقف على مقربة منا لكي يعرض بعض النماذج من المواد التي ينتجها في مصنعه. فأشار إليها قائلًا: «انظر إلى هذه المنتجات. إن هذه هي آخر مجموعة أنتجها مصنعنا، وتلقى رواجًا واسعًا. لقد صنعناها من نفاية القطن، ومن ثَمَّ تجد سعرها رخيصًا. ونحن نوزعها في الشمال وصولًا إلى أودية جبال الهيمالايا. ولدينا وكلاء في جميع أنحاء البلاد، حتى في أماكن لا يمكن لرسالتك أو لوكلائك الوصول إليها أبدًا. وهكذا يمكنك أن ترى أننا لسنا في حاجة إلى المزيد من الوكلاء. علاوة على ذلك، يجب أن تعلم أن إنتاج الهند من الأقمشة يعجز عن تلبية احتياجاتها. وهكذا تتحول مسألة الاكتفاء الذاتي إلى حد بعيد إلى مسألة إنتاج. ولسوف يتوقف استيراد الأقمشة الأجنبية تلقائيًّا فور أن نتمكن من زيادة إنتاجنا بالقدر الكافي وتحسين جودته إلى المستوى المناسب. فأنصحك بألا تستمر في ثورتك بنفس الخطط الحالية، بل ركز انتباهك على إنشاء مصانع جديدة. فنحن لسنا في حاجة إلى دعاية لزيادة الطلب على سلعنا، بل في حاجة إلى إنتاج أكثر ضخامة.» فسألته: «وبالطبع ستقدر جهودي إذا ما كنت مشتركًا بالفعل في ذلك العمل؟» فسأل متحيرًا: «وكيف هذا؟ لكن ربما تفكر في الترويج لإنشاء المصانع الجديدة، وهو الأمر الذي يجب أن أهنئك عليه بلا شك.» فأوضحت له: «ليس هذا بالضبط ما أقوم به، لكنني مشترك في عملية إحياء استخدام المغزل.» فسألني وهو لا يزال في حيرة من أمره: «ماذا تقصد بذلك؟» فأخبرته بقصة المغزل بأكملها، وسعيي الطويل للحصول عليه. ثم أضفت: «أنا أوافقك الرأي تمامًا بشأن عدم جدوى أن أصبح وكيلًا للمصانع. فذلك يمكن أن يضر بالبلاد أكثر من أن يعود عليها بالنفع. فلن تكون مصانعنا في حاجة إلى زبائن لمدة طويلة. ينبغي أن اضطلع بمهمة تنظيم إنتاج أقمشة مغزولة يدويًّا، وأن أجد طريقة لتصريف قماش الخادي المنتج بتلك الطريقة. وهكذا أركز انتباهي على إنتاج الخادي. أنا أثق كثيرًا بهذا الشكل من أشكال الاكتفاء الذاتي، فيمكنني عن طريقه توفير فرص عمل لنساء الهند شبه الجوعى واللائي يعملن بصورة غير دائمة. كانت فكرتي تتلخص في جعل أولئك النساء يغزلن الخيط وأن يزودن شعب الهند بثياب مصنوعة من الخادي المصنوع من ذلك الخيط. لا أعلم مدى إمكانية نجاح تلك الحركة، فحاليًّا لا تزال الحركة في مرحلتها الأولى. ومع ذلك أثق بالحركة ثقة كبيرة. وبأي حال لا يمكن للحركة أن تتسبب في أي ضرر. بل على العكس، ستمثل الحركة ربحًا ثابتًا بالقدر الذي ستضيفه إلى إنتاج البلاد من الأقمشة، إذا كان الإنتاج منخفضًا. وهكذا يمكنك أن تلاحظ أن تلك الحركة خالية من الآثام التي ذكرتها.» فأجابني: «إذا كنت تهدف بتنظيم حركتك إلى تحقيق إنتاج إضافي، فلا يمكنني أن أعترض طريقك. أما مدى قدرة المغزل على النجاح في ظل عصر الآلات التي تعمل آليا الذي نعيشه، فتلك مسألة أخرى. لكنني أتمنى لك التوفيق.»
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.42/
المد المتزايد
لا أجد حاجة إلى تخصيص المزيد من الفصول لوصف تطور الخادي بصورة أكبر. وليس محل هذه الفصول ذكر تاريخ أنشطتي المتعددة بعد أن أصبحت معلنة للعامة ويجب ألا أحاول ذلك، حتى لو لم يكن هناك سبب آخر غير أن الأمر يتطلب البحث. إن الهدف من كتابة هذه الفصول هو فقط وصف كيف تجلت لي بعض الأشياء، من تلقاء نفسها، في أثناء رحلة بحثي عن الحقيقة. أعود للحديث عن قصة حركة عدم التعاون. في حين كانت الثورة القوية لحركة الخلافة التي تزعمها الأخوان مولانا محمد علي ومولانا شوكت علي في أوجها، كنت أجري مناقشات مطولة حول الحركة مع الراحل مولانا عبد الباري وغيره من علماء الدين الإسلامي، خاصة فيما يتعلق بمدى إمكانية التزام المسلمين بسياسة اللاعنف. وقد اتفقوا جميعًا في النهاية على أن الإسلام لم يُحرِّم اتباع سياسة اللاعنف. وأضافوا أنه ما داموا قد تعهدوا بانتهاج تلك السياسة فسيلتزمون بتنفيذها. وأخيرًا جرى تمرير قرار عدم التعاون في مؤتمر حركة الخلافة وتمت الموافقة عليه بعد مداولات مطولة. أذكر جيدًا كيف ظلت إحدى اللجان ذات مرة في أحمد آباد تدرس المسألة الليل بطوله. كان الشك يساور الراحل حكيم سهيب، في بداية الأمر حول مدى إمكانية تطبيق عدم التعاون السلمي، لكن ما إن زال عنه ذلك الشك، حتى دعم الحركة قلبًا وروحًا، وقدم مساعدة قيمة إلى الحركة. ثم قدمت قرار عدم التعاون في المؤتمر السياسي بجوجرات الذي عُقد بعد ذلك بمدة وجيزة. وكان الاحتجاج الأولي الذي طرحته المعارضة هو عدم أهلية المؤتمر المحلي لاتخاذ قرار قبل أن يقره حزب المؤتمر. وردًّا على هذا الاحتجاج، ذكرت أن ذلك القيد يمكن أن ينطبق فقط على حركة متأخرة، أما عندما تكون الحركة آخذة في التقدم، لا تصبح المنظمات الفرعية مؤهلة لاتخاذ القرارات فحسب بل يكون ذلك من واجبها إن كانت تمتلك العزم والثقة. فاقترحت عدم وجود حاجة إلى تصريح عند محاولة الرقي بمكانة المنظمة الأم، شريطة أن يقوم بها المرء على مسئوليته الشخصية. هكذا ناقشنا الاقتراح وقتها، وبقدر ما اتسم النقاش بالحماسة اتسم أيضًا بمناخ من «العقلانية اللطيفة». وقد تمت الموافقة على القرار بأغلبية ساحقة. وقد أسهم كل من السيد فالابهباي والسيد عباس طيابجي إلى حد بعيد في الإقرار الناجح للقرار. وقد كان رئيس المؤتمر، السيد عباس، يميل تمامًا إلى قرار عدم التعاون. قررت لجنة حزب المؤتمر الوطني الهندي عقد جلسة خاصة للحزب في سبتمبر/أيلول من عام ١٩٢٠م في كلكتا لمناقشة المسألة. وقد جرى الإعداد لتلك الجلسة على نطاق واسع. وقد انتخب السيد لالا لاجبات راي رئيسًا للجلسة. وتدفقت القطارات الخاصة بالحزب وبحركة الخلافة من بومباي إلى كلكتا التي عجت بحشود ضخمة من النواب والزائرين. فبينما كنت لا أزال أصوغ المفردات الهندية والجوجراتية والأردية المناسبة لكلمة عدم التعاون، طُلب مني صياغة قرار عدم التعاون لتلك الجلسة المهمة. ولقد أغفلت كلمة «اللاعنف» في مشروع القرار الأصلي. فسلمت مشروع القرار إلى مولانا شوكت علي، الذي كان يسافر معي في المقصورة ذاتها، دون أن ألاحظ إغفالي للكلمة. ولم أكتشف الخطأ إلا في المساء. وفي الصباح، بعثت برسالة مع ماهديف تشير إلى ضرورة تصحيح الخطأ قبل إرسال مشروع القرار إلى المطبعة. لكن تولد لديَّ شعور أن مشروع القرار قد طُبع قبل تصحيح ذلك الخطأ. كان من المقرر انعقاد لجنة الرعايا في مساء ذلك اليوم، فكان عليَّ إجراء التصحيح اللازم للخطأ في نسخ مشروع القرار. ووجدت فيما بعد أنه لولا إعدادي لمشروع القرار لكنت واجهت مشكلة كبيرة. ومع ذلك كنت في ورطة كبيرة حقًّا. كنت متحيرًا تمامًا ولا أعرف من سيدعم القرار ومن سيعترض عليه. ولم تكن لديَّ أي فكرة عن موقف السيد لالا جي. ولم أرَ إلا كتيبة مهيبة من قدامى المحاربين مجتمعين للاشتباك في كلكتا، من بينهم الدكتورة بيسانت والسيد مالفيا والسيد فيجاياراجافاشاري والسيد موتيلال وديشباندو. لقد تقدمت بقرار عدم التعاون من أجل الحصول على تعويض لما حدث في البنجاب ولحل مشكلة الخلافة لا غير. لكن ذلك لم يرُق للسيد فيجاياراجافاشاري، الذي حاول أن يبرهن على وجهة نظره قائلًا: «إذا ما كنا سنعلن حركة عدم التعاون، فلن نقصرها على مظالم بعينها فقط؟ إن عدم تمتع البلاد بالاستقلال هو أكبر ظلم نعانيه، فيجب علينا إعلان عدم التعاون من أجل رفع ذلك الظلم وتحقيق الاستقلال.» وطالب السيد موتيلال هو الآخر بإدراج مطلب الاستقلال في القرار. تقبلت الاقتراح بسرور، وأضفت مطلب الاستقلال إلى القرار الذي تمت الموافقة عليه بعد مناقشة مرهقة وجادة، وبقدر ما، عاصفة. كان موتيلال أول المشاركين في الحركة. ولا أزال أتذكر المحادثة اللطيفة التي جرت بيني وبينه حول القرار. اقترح موتيلال بعض التعديلات على المفردات التي اخترتها. وتولى أمر اجتذاب السيد ديشباندو إلى الحركة. وكان ديشباندو ميالًا للحركة بالفعل، لكن ساوره الشك حول قدرة الشعب على تنفيذ خطة العمل. ولم يقبل ديشباندو والسيد لالا جي الحركة تمامًا إلا في اجتماع الحزب بمدينة ناجبور. شعرت بتردد الراحل السيد لوكامانيا كثيرًا في الجلسة الخاصة. أؤمن حتى يومنا هذا، بأنه إذا كان السيد لوكامانيا حيًّا في وقت قيام حركة التعاون، لأيدني في الحركة. وحتى إن لم يؤيدني واعترض على الحركة، لكنت احترمت معارضته واعتبرتها امتيازًا خاصًّا وخبرة يمنحني إياهما. كنا في خلاف دائم في الرأي، لكن ذلك لم يزرع بيننا أي ضغائن قط. وقد جعلني دائمًا أؤمن بأنَّ أواصر الصداقة بيننا متينة. وحتى في أثناء كتابتي لهذه الأسطر، تمر أحداث وفاته بذاكرتي بكل وضوح. كانت الساعة قد اقتربت من منتصف الليل عندما أبلغني باتواردهان، الذي كان يعمل معه في ذلك الوقت، خبر وفاته بالهاتف. كنت محاطًا في تلك اللحظة برفقائي. فوجدت الكلمات تجري على لساني بصورة تلقائية: «لقد رحل حصني المنيع.» كانت حركة عدم التعاون حينها في ذروتها، وكنت في حاجة ماسة لتشجيعه وأفكاره الملهمة. إن الموقف الذي كان من الممكن أن يتخذه لوكامانيا بشأن المرحلة النهائية لحركة عدم التعاون سيظل دائمًا محض افتراض، وهو افتراض عديم الجدوى. وقد أثقل الفراغ الذي خلفه موت لوكامانيا كاهل الجميع في كلكتا في ذلك الوقت. وشعر كل منا بغياب نصائحه في أوقات الأزمات التي تتعرض لها الأمة.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/5.43/
في ناجبور
كان من المقرر التصديق على القرارات التي تبناها الحزب في الجلسة الخاصة بكلكتا في الجلسة السنوية بناجبور. وكما كان الحال في كلكتا، تهافت الزوار والنواب على الجلسة. لم يكن عدد النواب في الحزب قد حُدد بعد. نتيجة لذلك، وبقدر ما تسعفني الذاكرة، وصل عدد الحضور في تلك الجلسة إلى ما يقرب من أربعة عشر ألفًا. ألح السيد لالا جي في إجراء تعديل طفيف على المدة التي تتناول مقاطعة المدارس، فقبلت بالتعديل. وأدخلنا أيضًا بعض التعديلات بناء على طلب ديشباندو. وهكذا جرى تمرير القرار بالإجماع. وكان من المقرر مناقشة القرار بشأن تعديل دستور الحزب في تلك الجلسة. وقد قدمت اللجنة الفرعية تقريرها المبدئي في الجلسة الخاصة بكلكتا. وهكذا ناقشنا المسألة باستيفاء ومن جميع الجوانب. كان السيد فيجاياراجافاشاري رئيس الجلسة التي عُقدت في ناجبور حيث كانت المناقشة النهائية للقرار. أقرت لجنة الرعايا مشروع القرار بعد أن قامت بتعديل واحد ذي أهمية، ألا وهو تغيير عدد النواب الذي حددته في القرار من قرابة ١٥٠٠ إلى ٦٠٠٠ نائب. وأعتقد أن ذلك التعديل جاء نتيجة لقرار غير متأنٍّ. وقد أثبتت السنوات اللاحقة صحة رأيي. إننا لحالمون إن آمنا أن زيادة عدد النواب ستعود بأي نفع على عمل الحزب أو أنها ستمثل الدرع الواقي لمبدأ الديمقراطية. فلا شك أن ألفًا وخمسمائة نائب يغارون على مصالح الشعب وواسِعِي الأفق وصادقين؛ سيحافظون على الديمقراطية أكثر من ستة آلاف نائب غير أهل للمسئولية وجرى اختيارهم على أساس عشوائي. يجب أن يشعر الشعب بالاستقلال واحترام الذات والوحدة إذا ما كنا نرغب في الحفاظ على الديمقراطية، وينبغي أن يصر الشعب على اختيار ممثليه الذين يرى صدقهم وصلاحهم. لكن نظرًا لقلق لجنة الرعايا بشأن مسألة عدد النواب، كانت اللجنة تتمنى لو أن العدد تجاوز حد الستة آلاف. وهكذا كان عدد الستة آلاف حلًّا وسطًا لتلك المسألة. وأحد الموضوعات التي كانت محل نقاش واسع هو هدف الحزب. كان الدستور الذي طرحته ينص على أن هدف الحزب تحقيق الحكم الذاتي في ظل الإمبراطورية البريطانية إن أمكن، وبعيدًا عن الإمبراطورية إذا دعت الحاجة. وأرادت مجموعة في الحزب قصر تلك الغاية على الحصول على الاستقلال تحت مظلة الإمبراطورية البريطانية. وقد طرح وجهة نظرهم السيد مالفيا والسيد جناح، لكنهما فشلا في الحصول على عدد كبير من الأصوات. ونص مشروع الدستور الذي قدمته على أن تكون وسائل الحصول على الاستقلال سلمية ومشروعة. وقد كان ذلك الدستور محل معارضة، حيث قال المعارضون: إنه لا ينبغي وضع قيود على الوسائل التي يمكن تبنيها من أجل الحصول على الاستقلال. لكن في نهاية الأمر، أقر الحزب الدستور كما جاء في المشروع الأصلي بعد نقاش نافع وصريح. أعتقد أنه لو استطاع الشعب الالتزام بذلك الدستور بصدق وحكمة وحماسة، لأصبح وسيلة لتثقيف الجمهور، ولكانت عملية الالتزام بالدستور في ذاتها مكنتنا من الحصول على الاستقلال. لكن لا أجد مجالًا هنا لتناول الموضوع. وجرى تمرير قرارات حول وحدة الهندوس والمسلمين والقضاء على مبدأ النبذ وقماش الخادي في تلك الجلسة. ومنذ ذلك الحين، حرص أعضاء الحزب من الهندوس على تخليص الهندوسية من لعنة النبذ، ورسخ الحزب علاقات فعالة مع «المنبوذين» بالهند عن طريق قماش الخادي. وقد كان تبني حركة عدم التعاون لمناصرة حركة الخلافة في ذاتها محاولة عملية من جانب الحزب لدعم الوحدة بين الهندوس والمسلمين.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.
https://www.hindawi.org/books/14284174/
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
مهنداس كارامشاند غاندي
يُعد غاندي من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث. يَسرد غاندي في سيرته الذاتية قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل؛ من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام. وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، ليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين. لقد كان غاندي يبحث عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص للإله، كما عَزا نقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها إلى إرادة الإله. كانت لمَساعيه للتقرُّب أكثرَ من تلك القوة الإلهية عظيمُ الأثر في سعيه نحو الصفاء؛ من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ لذلك أَطلق غاندي على كتابه «قصة تجاربي مع الحقيقة»؛ ليكون مَرجعًا لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده.
https://www.hindawi.org/books/14284174/0.4/
الوداع
والآن حان وقت ختام هذه الفصول. منذ ذلك الحين، أصبحت حياتي عامة جدًّا لدرجة أنني بالكاد أجد أي معلومة تخفى عن الجمهور. بالإضافة إلى ذلك، عملت منذ عام ١٩٢١م بجانب زعماء الحزب حتى إنني أجد من الصعب ذكر أي حدث في حياتي منذ ذلك الحين دون الإشارة إلى علاقتي بهم. ومع رحيل شراداناند جي وديباندو وحكيم سهيب ولالا جي، لكننا نُعد محظوظين لوجود مجموعة من الزعماء المتمرسين الذين لا يزالون يعيشون ويعملون بيننا. ولا يزال تاريخ الحزب، منذ التعديلات العظيمة التي شهدها وذكرتها آنفًا؛ قيد التطور. وقد خضت تجاربي الرئيسية في أثناء السبع سنوات الماضية جميعها عن طريق عملي في الحزب. لذلك أجد أنه في حالة استمررت في رواية تجاربي، فسأضطر إلى الإشارة إلى علاقتي مع أولئك الزعماء، الأمر الذي لا يمكنني أن أقدم عليه حاليًّا، ولو حتى بدافع اللياقة. وأخيرًا، يمكن بالكاد اعتبار استنتاجاتي التي توصلت إليها من تجاربي الحالية كاستنتاجات قاطعة. وهكذا يبدو لي أن من واجبي أن أنهي قصة رحلة بحثي عن الحقيقة عند هذا الحد. وفي الواقع، يرفض قلمي أن يستمر في الكتابة من تلقاء نفسه. وإنني لأشعر بالأسى لاضطراري لتوديع القراء. لقد أكدت على الأهمية الكبيرة لتجاربي، ولا أعلم إذا كنت قد أوفيتها حقها من العرض السليم أم لا. لا يسعني إلا القول: إنني بذلت كل ما في وسعي كي أروي أحداث قصة حياتي كما حدثت في الواقع. وقد كان شغلي الشاغل وصف الحقيقة كما تراءت لي والأسلوب الذي توصلت إليها به. ولقد منحني ذلك صفاء ذهنيًّا نظرًا لأن جل ما أتمناه لي من رواية تجاربي هو أنها قد تهدي المذبذبين إلى الإيمان «بالحقيقة» و«الأهيمسا». لقد أثبتت لي خبرتي الراسخة أن الحقيقة هي الإله الواحد. وإذا لم يستخلص القارئ من هذه الفصول أن الوسيلة الوحيدة لإدراك الحقيقة هي الأهيمسا، فسأعتبر كل ما بذلت من جهد في كتابة هذه الفصول قد ذهب سدى. وحتى إن أخفقت جهودي في تحقيق هذه الغاية، على القارئ العلم بأن الخطأ يعود إلى وسيلة التعبير عن المبدأ وليس المبدأ العظيم ذاته. مع كل ذلك، ومهما كانت جهودي لتحقيق الأهيمسا صادقة، إلا أنها ناقصة أو غير ملائمة. وهكذا أجد أن الومضات الصغيرة المؤقتة التي تمكنت من اختطافها من الحقيقية يمكنها بالكاد أن تعكس صورة بريق الحقيقة الذي يفوق كل وصف ويفوق حتى بريق الشمس التي نراها يوميًّا بمليون مرة. في واقع الأمر، لم أختطف من بريق الحقيقة العظيم إلا أشد وميضه شحوبًا. لكن يمكنني القول بكل ثقة نتيجة لمجموع تجاربي: إنه لا يمكن الوصول إلى رؤية تامة للحقيقة إلا بعد إدراك كامل للأهيمسا. ولرؤية روح الحقيقة السائدة في الكون والمتخللة لكل جنب من جنباته وجهًا لوجه، يجب أن يكون المرء قادرًا على حب أدنى المخلوقات كما يحب نفسه. ولا يمكن لمن يطمح للوصول لتلك الحقيقة أن يعتزل أي مجال من مجالات الحياة. ولهذا دفعني إخلاصي للحقيقة لمجال السياسة. ويمكنني القول دون تردد، وبكل تواضع: إن من يزعمون أنه لا علاقة تربط بين الدين والسياسة لا يعرفون المعنى الحقيقي للدين. ومن المستحيل التوحد مع جميع الكائنات الحية دون تطهير الذات، ودون تطهير الذات يظل الالتزام بقانون الأهيمسا حلمًا زائفًا، فلا يمكن أن يدرك الإلهَ صاحبُ قلب غير طاهر. فتطهير الذات يعني التطهر في جميع جوانب الحياة. ونظرًا لأن الطهر ينتقل بسرعة إلى الآخرين، يؤدي تطهير الذات بالضرورة إلى تطهير الوسط المحيط بها. لكن الطريق إلى تطهير الذات هو طريق شاق شديد الانحدار. ولتحقيق الطهر التام، على المرء أن يتخلص تمامًا من العواطف في فكره وكلامه وأفعاله، وأن يسمو عن التيارات المتعارضة من حب وكره، والوصل والبعد. أعلم أنني لا أملك حتى الآن ذلك النقاء الثلاثي — في الفكر والقول والفعل — مع سعيي المتواصل لتحقيقه؛ ولهذا لا أتأثر بمديح العالم أجمع لي، بل في الواقع كثيرًا ما يؤلمني. يبدو لي أن قهر الشهوات الكامنة في النفس أشق بكثير من الغزو المادي للعالم بقوة السلاح. ومنذ عودتي إلى الهند، أواجه خبرات مع العواطف الساكنة التي تكمن بداخلي. وقد جعلني إدراكي لها أشعر بالذل إلا أنه لم يدفعني للانهزام. لقد قوتني الخبرات والتجارب وأضفت عليَّ بهجة عظيمة. لكنني على علم بأنه لا يزال أمامي طريق وعر عليَّ اجتيازه. يجب أن أقلل من شأن نفسي إلى لا شيء. فلا خلاص لمن لا يضع نفسه، طواعية، في أدنى منزلة بين غيره من المخلوقات. والأهيمسا هي تجسيد لأقصى حدود التواضع. أودع القراء، على الأقل في الوقت الحاضر، وأطلب منهم أن يتوجهوا معي بالدعاء إلى إله الحقيقة كي يمنُّ عليَّ بنعمة الأهيمسا في الفكر والقول والفعل.
مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين. مهنداس كارامشاند غاندي: السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلالها، وُلد يوم ٢ أكتوبر عام ١٨٦٩م. اشتُهر غاندي بتزعمه المقاومة السلمية للاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل. قاد غاندي الهند إلى الاستقلال، وألهم الحركات المطالِبة بالحقوق المدنية والحرية في شتى بقاع العالم، وهو معروف باسم «المهاتما» أي «الروح العظيمة»، ومعروف في الهند أيضًا باسم «بابو» أي «الأب». نال تكريمًا رسميًّا في الهند بوصفه «أبو الأمة»، وتحتفل الهند بيوم ميلاده، الثاني من شهر أكتوبر عطلة رسمية، وأيضًا يحتفل به العالم تحت مسمى «اليوم الدولي للاعنف». تعرض غاندي للاغتيال يوم ٣٠ يناير من عام ١٩٤٨م على يد أحد الهندوس المتعصبين لما استشعر من تعاطف غاندي تجاه المسلمين.