|
الشاعر: عمر أبو ريشة |
|
عصر الشعر: الحديث |
|
|
|
أمتي هل لك بين الأمم منبر للسيف أو للقلم |
|
أتلقاك وطرفي مطرق خجلاً من أمسك المنصرم |
|
أين دنياك التي أوحت إلى وترى كل يتيم النغم |
|
كم تخطيت على أصدائه ملعب العز ومغنى الشمم |
|
وتهاديت كأني ساحب مئزري فوق جباه الأنجم |
|
أمتي كم غصة دامية خنقت نجوى علاك في فمي |
|
ألإسرائيل تعلو راية في حمى المهد وظل الحرم |
|
كيف أغضيت على الذل ولم ولم تنفضي عنك غبار التهم |
|
أو ما كنت إذا البغي اعتدى موجة من لهب أو دم |
|
اسمعي نوح الحزانى واطربي وانظري دم اليتامى وابسمي |
|
ودعي القادة في أهوائها تتفانى في خسيس المغنم |
|
رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتّم |
|
لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم |
|
أمتي كم صنم مجدته لم يكن يحمل طهر الصنم |
|
لا يلام الذئب في عدوانه إن يك الراعي عدو الغنم |
|
فاحبسي الشكوى فلولاك لما كان في الحكم عبيد الدرهم |
|
رب ضاقت ملاعبي |
|
في الدروب المقيدة |
|
أنا عمر مخضب |
|
وأمانٍ مشردة |
|
ونشيد خنقت في |
|
كبريائي تنهده |
|
رب ما زلت ضاربا |
|
من زماني تمرده |
|
صغر اليأس لن يرى |
|
بين عيني مقصده |
|
بسماتي سخية |
|
وجر احي مضمده |
|
أي نجوى مخضلة النعماء رددتها حناجر الصحراء |
|
سمعتها قريش فا نتفضت غضبى وضجت مشبوبة الأهواء |
|
ومشت في حمى الضلال إلى الكعبة مشي الطريدة البلهاء |
|
وارتمت خشعة على اللات والعزى وهزت ركنيهما بالدعاء |
|
وبدت تنحر القرابين نحرا في هوى كل دمية صماء |
|
وانثنت تضرب الرمال اختيالا بخطى جاهلية عمياء |
|
عربدي يا قريش وانغمسي ما شئت في حمأة المنى النكراء |
|
لن تزيلي ما خطه الله للأرض وما صاغه لها من هناء |
|
شاء أن ينبت النبوة في القفر ويلقي بالوحي من سيناء |
|
فسلي الربع ما لغربة عبد الله تطوى جراحها في العزاء |
|
ما لأقيال هاشم يخلع البشر عليها مطارف الخيلاء |
|
انظريها حول اليتيم فراشا هزجا حول دافق اللالاء |
|
وأبو طالب على مذبح الأصنام يزجي له ضحايا الفداء |
|
هو ذا أحمد فيا منكب الغبراء زاحم مناكب الجوزاء |
|
بسم الطفل للحياة وفي جنبيه سر الوديعة العصماء |
|
هب من مهده ودب غريبَ الدار في ظل خيمة دكناء |
|
تتبارى حليمةٌ خلفه تعدو وفي ثغرها افترار رضاء |
|
عرفت فيه طلعة اليمن والخير إذا أجدبت ربى البيداء |
|
وتجلى لها الفراق فاغضت في ذهول وأجهشت بالبكاء |
|
عاد للربع أين آمنةٌ والحب والشوق في مجال اللقاء |
|
ما ارتوت منه مقلة طالما شقت عليه ستائر الظلماء |
|
يا اعتداد الأيتام باليتم كفكف بعده كل دمعة خرساء |
|
أحمد شب يا قريش فتيهي في الغوايات واسرحي في الشقاء |
|
وانفضي الكف من فتى ما تردى برداء الأجداد والآباء |
|
أنت سميته الأمين وضمخت بذكراه ندوة الشعراء |
|
فدعي عمه فما كان يغريه بما في يديك من إغراء |
|
جاءه متعب الخطى شارد الآمال مابين خيبة ورجاء |
|
قال هون عنك الأسى يابن عبد الله واحقن لنا كريم الدماء |
|
لا تسفه دنيا قريش تبوئك من الملك ذروة العلياء |
|
فبكى أحمد وما كان من يبكي ولكنها دموع الإباء |
|
فلوى جيده وسار وئيدا ثابت العزم مثقل الأعباء |
|
وأتى طوده الموشح بالنور وأغفى في ظل غار حراء |
|
وبجفنية من جلال أمانيه طيوف علوية الإسراء |
|
وإذا هاتف يصيح به اقرأ فيدوي الوجود بالأصداء |
|
وإذا في خشوعه ذلك الأمي يتلو رسالة الإيحاء |
|
وإذا الأرض والسماء شفاه تتغنى بسيد الأنبياء |
|
جمعت شملها قريش وسلت للأذى كل صعدة سمراء |
|
وأرادت أن تنقذ البغي من أحمد في جنح ليلة ليلاء |
|
ودرى سرها الرهيب علي فاشتهى لو يكون كبش الفداء |
|
قال يا خاتم النبيين أمست مكة دار طغمة سفهاء |
|
أنا باق هنا ولست أبالي ما ألاقي من كيدها في البقاء |
|
سيروني على فراشك والسيف أمامي وكل دنيا ورائي |
|
حسبي الله في دروب رضاه أن يرى فيّ أول الشهداء |
|
فتلقاه أحمد باسم الثغر عليما بما انطوى في الخفاء |
|
أمر الوحي ان يحث خطاه في الدجى للمدينة الزهراء |
|
وسرى واقتفى سراه أبو بكر وغابا عن أعين الرقباء |
|
وأقاما في الغار والملأ العلوي يرنو إليهما بالرعاء |
|
وقفت دونه قريش حيارى وتنزهت جريحة الكبرياء |
|
وانثنت والرياح تجار والرمل نثير في الأوجة الربداء |
|
هللي يا ربا المدينة واهمي بسخي الأظلال والأنداء |
|
واقذفيها الله أكبر حتى ينتشي كل كوكب و ضاء |
|
واجمعي الأوفياء إن رسول الله آت لصحبة الأوفياء |
|
وأطلّ النبي فيضا من الرحمة يروي الظماء تلو الظماء |
|
تتساءلين علام يحيا هؤلاء الأشقياء |
|
المتعبون ودربهم قفر ومرماهم هباء |
|
الواجمون الذاهلون أمام نعش الكبرياء |
|
الصابرون على الجراح المطرقون على الحياء |
|
أنستهم الأيام ما ضحك الحياة وما البكاء |
|
أزرت بدنياهم ولم تترك لهم فيها رجاء |
|
تتساءلين وكيف ادري ما يرون على البقاء |
|
امضي لشأنك اسكتي أنا واحد من هؤلاء |
|
رفيقتي لا تخبري إخوتي كيف الردى كيف علي اعتدى |
|
إن يسألوا عني وقد راعهم أن أبصروا هيكلي الموصدا |
|
لا تقلقي لا تطرقي خشعة لا تسمحي للحزن أن يولدا |
|
قولي لهم سافر قولي لهم إن له في كوكب موعدا |
|
صاح يا عبد فرف الطيب واس تعر الكأسُ وضج المضجع |
|
منتهى دنياه نهد شرس وفم سمح وخصر طيع |
|
بدوي أورق الصخر له وجرى بالسلسبيل البلقع |
|
فإذا النخوة والكبر على ترف الأيام جرح موجع |
|
هانت الخيل على فرسانها وانطوت تلك السيوف القطع |
|
والخيام الشم مالت وهوت وعوت فيها الرياح الأربع |
|
ألفيتها ساهمة شاردة تأملا |
|
طيف على أهدابها كسرها تنقلا |
|
شق وشاح فجرها خميلة وجدولا |
|
وما ج فيها رعشة حرى وشوقا منزلا |
|
ناديتها فالتفتت نهدا وشعرا مرسلا |
|
واللحظ في ذهوله مغرورق تململا |
|
طوقتها يا للشذا مطوقا مقبلا |
|
فما انثنت حائرة ولا رنت تدللا |
|
ولا درت وجنتها من خجل تبدلا |
|
كأنها في طهرها أطهر من أن تخجلا |
|
تصغين أغنيتي رفات أجنحة ما مسها في ليالي شوقه وتر |
|
نثرتها من جراحات مضمدة ومن منى ليس لي في جودها وطر |
|
ردت إليك عهودا ما نعمت بها أيام أنت الصبا والزهو والخفر |
|
ما أحزن الورد لم يعرف له عبق وأضيع الغصن لم يقطف له ثمر |
|
تصغين ؟ أي إياب تحلمين به وأي درب به من خطونا أثر |
|
لا تسأليني ما ترجوه أغنيتي بعض الطيور تغني وهي تحتضر |
|
يا عروس المجد تيهي واسحبي في مغانينا ذيول الشهب |
|
لن تري حفنة رمل فوقها لم تعطر بدما حر أبيّ |
|
درج البغي عليها حقبة وهو ى دون بلوغ الأرب |
|
وارتمى كبر الليالي دونها لين الناب كليل المخلب |
|
لا يموت الحق مهما لطمت عارضيه قبضة المغتصب |
|
من هنا شق الهدى أكمامه وتهادى موكبا في موكب |
|
وأتى الدنيا فرقت طربا وانتشت من عبقه المنسكب |
|
وتغنت بالمروءات التي عرفتها في فتاها العربي |
|
أصيد ضاقت به صحراؤه فأعدته لأفق أرحب |
|
هب للفتح فأدمى تحته حافرُ المهر جبينَ الكوكب |
|
وأمانيه انتفاض الأرض من غيهب الذل وذل الغيهب |
|
وانطلاق النور حتى يرتوي كل جفن بالثرى مختضب |
|
حلم ولى ولم يُجرح به شرفُ المسعى ونبلُ المطلب |
|
يا عروس المجد طال الملتقى بعدما طال جوى المغترب |
|
سكرت أجيالنا في زهوها وغفت عن كيد دهر قلّب |
|
وصحونا فإذا أعناقنا مثقلات بقيود الأجنبي |
|
فدعوناكِ فلم نسمع سوى زفرة من صدرك المكتئب |
|
قد عرفنا مهرك الغالي فلم نرخص المهر ولم نحتسب |
|
فحملنا كل إكليل الوفا ومشينا فوق هام النوب |
|
وأرقناها دماء حرة فاغرفي ما شئت منها واشربي |
|
وامسحي دمع اليتامى وابسمي والمسي جرح الحزانى واطربي |
|
نحن من ضعف بنينا قوة لم تلن للمارد الملتهب |
|
كم لنا من ميسلون نفضت عن جناحيها غبار التعب |
|
كم نبت أسيافنا في ملعب وكبت أفراسنا في ملعب |
|
من نضال عاثر مصطخب لنضال عاثر مصطخب |
|
شرف الوثبة أن ترضي العلى غلب الواثبُ أم لم يغلب |
|
يا شعب لا تشك الشقاء ولا تطل فيه نواحك |
|
أنت انتقيت رجال أمرك وارتقبت بهم صلاحك |
|
لو لم تكن بيديك مجروحاً لضمدنا جراحك |
|
فإذا بهم يرخون فوق خسيس دنياهم وشاحك |
|
كم مرة خفروا عهودك واستقوا برضاك راحك |
|
أيسيل صدرك من جراحتهم و تعطيهم سلاحك |
|
لهفي عليك أهكذا تطوي على ذل جناحك |
|
لو لم تُبح لهواك علياءَالحياة لما استباحك |
|
|
|
تلك الرؤى الغوالي |
|
يا ملعب الرمال |
|
ومنبت الرجال |
|
تبسمت للقائد |
|
رمز الإباء زايد |
|
الحق من أقواله |
|
والخير من أفعاله |
|
والمجد من نضاله |
|
وهو العزيز الصامد |
|
في زحمة الشدائد |
|
تلفت الشرق إلى طلعته وهلل |
|
وحملت له العلى من جوهر المحامد |
|
قلادة القلائد |
|
سر في حمى الرحمن |