text
stringlengths
51
33.8k
summary
stringlengths
68
3.16k
إن أفضل الناس من أكرمهم المولى سبحانه فصحبوا رسله مصدقين لما جاؤوا به ممتثلين وداعين إلى ما أمروا به والذي جاؤوا من بعدهم ممن لم يدركوا الرسل يلحقون بهم في الخير والفلاح والفوز والنجاح ففي الموطأ أنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وددت أني قد رأيت إخواننا فقالوا يا رسول الله ألسنا بإخوانك قال بل أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد وأنا فرطهم أي أتقدمهم على الحوض ولما كان الصحب الكرام خير قرون هذه الأمة فإن من خيرتهم أنهم صدقوا حين كثر المكذبون واتبعوا إذ قل المتبعون وتحملوا في سبيل ذلك هجر الأوطان ومفارقة الأهل والولدان ومعاداة العشيرة والخلان فمهما عمل من جاء بعدهم فلن يبلغ مدهم ولا نصيفه لا تسبوا أصحابي لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه لقد بلغ بهم الحب رضي الله عنهم أن يقدموه عليه الصلاة والسلام على آبائهم وأمهاتهم وأزواجهم وأولادهم ولم تكن محبتهم للمصطفى عليه الصلاة والسلام زعما كاذبا أو ظنا مشكوكا فيه أو مجرد دعوى ليس عليها برهان إذ لما كان يجد الجد وتدور رحى الحرب تكون أجساد الصحابة رضي الله عنهم فداء لنبيهم عليه الصلاة والسلام وسيوفهم أسبق إلى المشركين من أن يصل الأذى للنبي صلى الله عليه وسلم واسأل أحدا يخبرك عن ذلك وكيف استمات الأنصار في الدفاع عنه عليه الصلاة والسلام خاصة حين سمعوا مقالته من يردهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة ولم تكن محبته عليه الصلاة والسلام حكرا على الرجال بل كان لنسائهم رضي الله عنهن حظ أوفى من تلك المحبة ابتداء بأمهات المؤمنين رضي الله عنهن حين خيرهن الله تعالى بين البقاء معه عليه الصلاة والسلام والصبر على شظف العيش وشدة الحال وبين الفراق والتمتع بطيبات الدنيا فاخترنه عليه الصلاة والسلام على متاع الدنيا قالت عائشة رضي الله عنها فبدأ بي أول امرأة فقال إني ذاكر لك أمرا ولا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك قالت رضي الله عنها قد أعلم أن أبواي لم يكونا يأمراني بفراقك ثم قال عليه الصلاة والسلام إن الله تعالى قال يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما قالت عائشة رضي الله عنها أفي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ثم خير نساءه فقلن مثل ما قالت عائشة وللصحابيات الأخريات رضي الله عنهن حظهن من محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتقديمه على الآباء والأزواج والأبناء والإخوان كما فعلت إحدى الأنصاريات لما قتل أقرب الناس إليها في أحد فما سألت إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنس رضي الله عنه لما كان يوم أحد حاص أهل المدينة حيصة جولة من جولات الفرار قالوا قتل محمد حتى كثرت الصوارخ في ناحية المدينة فخرجت امرأة من الأنصار متحزمة فاستقبلت بابنها وأبيها وزوجها وأخيها لا أدري أيهم استقبلت به أول فلما مرت على آخرهم قالت من هذا قالوا أبوك أخوك زوجك ابنك وهي تقول ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون أمامك حتى دفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بناحية ثوبه ثم قالت بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا أبالي إذ سلمت من عطب إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال قال عليه الصلاة والسلام عرضت علي الأمم فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط والنبي ليس معه أحد حتى رفع لي سواد عظيم قلت ما هذا أمتي هذه قيل بل هذا موسى وقومه قيل انظر إلى الأفق فإذا سواد يملأ الأفق ثم قيل لي انظر ها هنا وها هنا في آفاق السماء فإذا سواد قد ملأ الأفق قيل هذه أمتك
يعتبر مسجد فخر المسلمين تحفة العمارة الإسلامية الحديثة وبني على طراز البوابات الأربع المتناظرة التي يقابل بعضها بعضا ويمتد المسجد على مساحة ألف متر مربع وبه أربعة مآذن يبلغ ارتفاع كل واحدة مترا ويسع ل ألف مصليا ويتفوق بذلك على مسجد بيت الفتوح في العاصمة البريطانية لندن الذي يسع ألف مصليا ومسجد موتشيا دي روما في العاصمة الإيطالية الذي يسع ألف مصليا وفي الخارج ألف مصل وتشمل الفعاليات مسابقتين واحدة في الشعر العربي الفصيح لمدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم ووحدة الأمة وأخرى للقرآن الكريم يتخللهما افتتاح المسجد الأضخم بالقارة الأوروبية
افتتح في جمهورية الشيشان اليوم الجمعة بإشراف الرئيس رمضان قديروف أكبر مسجد في أوروبا أطلق عليه اسم فخر المسلمين في إطار فعاليات ضخمة تستمر أيام بحضور وفود من دولة
التعليم للطفل هو حق أساسي من حقوقه كإنسان إذ يبدأ في التعلم منذ لحظة ولادته وذلك عن طريق إحاطته برعاية خاصة ومنحه الاهتمام من ذويه اللذين يساعدانه على إنماء عقله لتكون هذه المرحلة حجر أساس في انتقاله إلى مراحل أخرى تعد المدرسة أهمها فيبدأ بالاستعداد لدخولها ليمضي في استكشاف العالم من حوله والتعلم من محيطه عن طريق دمجه مع الأطفال الآخرين واللعب معهم كما يتعلم أبجديات الكتابة والفنون والعلوم المختلفة فيؤثر ذلك على نمو قدراته العقلية نموا سريعا واكتساب المهارات التي تؤسس لبناء شخصيته وحين يذهب الطفل إلى المدرسة لأول مرة فإنه ينتقل من عالم البيت المحدود إلى عالم المدرسة الفسيح من حياة اللعب واللهو إلى واجبات الدراسة ومسؤولياتها من بيئة يغمرها التعاطف والتعاون إلى بيئة يغلب عليها التنافس والتنافر من مجتمع اعتاد أفراده إلى مجتمع غريب لا يعرف فيه أحد وهذا يتطلب من الوالدين أن يقوما بإعداد الطفل وتهيئته بصورة جيدة حتى يتقبل هذا العالم الجديد ويستطيع أن يتكيف معه بإيجابية وتوفيق وبداية العام الدراسي الجديد هو مرحلة انتقالية هامة ينبغي التعامل معها بحكمة بالغة واستعداد نفسي وبدني واجتماعي واستقبال العام الدراسي الجديد يتطلب عدة خطوات منها الاستعداد النفسي لليوم الأول ومن المهم أن يعرف الطالب أن هناك أمور تساعد على الاستقبال الجيد والانطلاق الجيد في الدراسة ويكون الاستعداد للمدرسة بالعديد من الخطوات النفسية والصحية والاجتماعية والمادية ولعل من أهم الأمور هو الاستعداد النفسي للعودة إلى المدرسة ويتبلور هذا الاستعداد بتحريك الاندفاع داخل الطالب لتحصيل الدروس والعلم النافع ويجب علينا أن نعد أطفالنا نفسيا للدراسة عن طريق تهيئتهم لترك العادات التي كانوا يتبعونها خلال فترة الإجازة مثل تنظيم وقت النوم قبل أسبوع على الأقل من الدراسة وتصفح المواد الدراسية الجديدة سريعا وتذكر المواد الدراسية السابقة ومقارنتها بالجديدة والتدرب على القراءة اليومية ساعة كل يوم على الأقل أما الاستعداد الصحي والبدني فإن الطفل في فترة الإجازة كان يتناول الوجبات السريعة والحلوى الجاهزة وإلى غير ذلك ولا يخفى علينا تأثير تلك الأطعمة على صحة الدماغ والعقل والتأثير بالسلب على الصحة العامة ولهذا يجب اتباع نظام غذائي صحي قبل العودة إلى الدراسة لنصلح ما أفسدته الإجازة في عقل الطفل وجسمه نتيجة العادات الغذائية الخاطئة مع تناول الأغذية الصحية التي تنمي صحة الدماغ والمخ مثل الخضروات الطازجة بجميع أنواعها والفواكه المتنوعة وضرورة تعويد الطفل أن ينام مبكرا وذلك بتقليل ساعات السهر خاصة في آخر أيام من الإجازة لكي يتعود على النوم مبكرا وعلى الوالدين أيضا تشجيع أطفالهم بتسليمهم هدية في نهاية كل فصل أو مع كل علامة جيدة وإن كانت الهدية رمزية سيفرح بها تحفيزا وتشجيعا له وعلى الوالدين إعداد الطفل اجتماعيا قبل دخول المدرسة ليكون قادرا على التواصل بصورة جيدة مع زملائه ومعلميه الجدد والغرباء عنه وذلك من خلال إتاحة الفرصة له بل وتشجيعه على إقامة علاقات اجتماعية مع أقرانه خارج دائرة الأسرة سواء كانوا من الأقارب أو الجيران كذلك ينبغي أن تتاح له فرص الاشتراك في اللعب الجماعي مع أقرانه وخاصة اللعب الذي ينظمه الأطفال فللعب دور مهم في بناء العلاقات الاجتماعية بين الأطفال وينبغي تدريب الطفل على أن يكون قادرا على الأخذ والعطاء والتعاون مع الآخرين واحترام النظام واحترام حقوق الآخرين حتى يستطيع أن يتكيف مع حياة المدرسة المنظمة بما فيها من أعباء ومهام كما يجب أن نعطي الطفل إحساسا بالأهمية من خلال سؤاله عما فعله وأنجزه بالمدرسة ليشعر بأنه شخص مهم ويؤدي دورا مهما من خلال واجباته وأدائه مهامه الدراسية والأنشطة بالمدرسة
يعد التعليم عملية تبدأ مع ولادة الإنسان ولا تنتهي إلا بانقضاء عمره ولذلك فإن أهميتها تعدت كونها أمرا خاضعا للنقاش فأصبحت من المسلمات في القوانين أو الاتفاقيات العالمية ومن الفروض في الأديان السماوية ومنها الإسلام فقد ميز الله تعالى الإنسان عن سائر المخلوقات ووهبه العقل لكي يتفكر ويتأمل ويعي ما حوله ولم يقتصر الأمر على هذا بل أمره بالعلم أمرا صريحا وارتقى بذلك إلى أن أصبح مقياسا لتفضيل البشر بعضهم على بعض يقول عز من قائل يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات
يعرف علماء النفس الحسد بأنه تفكير رغبوي يتمنى به الحاسد زوال النعمة من المحسود وتكون له بخلاف الغبطة فإنها تمني مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط وأداة الحاسد في ذلك هي العين التي ترسل موجات كهرومغناطيسية فتصيب المحسود وقد تؤدي به إلى الوفاة قال صلى الله عليه وسلم إن العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر ويعيش الحاسد غالبا في هم وغم نتيجة حسده ويستبد به القلق كلما قارن حاله بأحوال غيره الأفضل منه وقد يخلف الحسد الحقد في قلب الحاسد فيولد فيه غضبا غالبا ما يدفعه إلى الصراع مع غيره يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام لا يجتمع في جوف عبد غبار في سبيل الله وفيح جهنم ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد فمقتضى الإيمان ألا يقع الحسد في قلب مسلم ولا لسانه ولا أفعاله فإنه من الموبقات المهلكات المسببات للطرد والإبعاد عن الجنات كما جاء في أثر ابن عمر رضي الله عنهما محذرا لنا أن نعمل عمل الحاسدين فنهلك كما هلكوا ونلعن كما لعن رئيس الحاسدين إبليس وحكم الحسد التحريم والنهي الشديد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فدل هذا النهي على تحريم الحسد وأجمع المسلمون على عدم جوازه فهو شر من الشرور وقد أمر الله تعالى نبيه بالتعوذ منه وأمره لنبيه أمر لأمته ما لم يرد تخصيص قال تعالى قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد ويترتب على الحسد أضرار جسيمة وأخطار عظيمة على الحاسد نفسه وعلى المجتمع المسلم فالحسد ينشر في المجتمع غلا وبغضاء وتفككا وعدم ترابط ينشر بغيا وعدوانا يفكك بين الأسر المترابطة والبيوت المجتمعة ويفرق بين الناس وهو من أسباب تخلف الأمم وعدم تقدمها لأن الحساد إذا ما كثروا في المجتمع فذلك إيذان بخرابه لانشغالهم ببعضهم البعض عن أن يعملوا ويتقدموا لهذا فهو يرفع الخير وينشر البغضاء في المجتمع يقول صلى الله عليه وسلم لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا فللحسد من الآثار الجسيمة والأخطار العظيمة ما لا حد له ولا عد فهو يأكل الحسنات وإن المسلم لا يريد أن تحترق حسناته وأن تضمحل وتذوب فتحذير النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسد أشد التحذير ما هو إلا لاحتراق الحسنات وإذابتها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب والواجب على كل مؤمن أن يتقي الله وأن يقنع بما أتاه الله وأن يحمد الله عز وجل على فضله وأن يسأله سبحانه من فضله العظيم وخيره العميم يقول الله تعالى ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما وللوقاية من الحسد يستحب للمسلم أن يقرأ الرقية الشرعية وأن يردد الأدعية المأثورة في الصباح والمساء فهي علاج ووقاية وإذا ما تكرر حسد الحاسد وزاد حقده على المحسود فليصبر المحسود على إيذاء الحاسد فإن حسد الحاسد وحقده سوف يعود عليه بإذن الله
قال بعض السلف الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء يعني حسد إبليس لآدم وأول ذنب عصي الله به في الأرض يعني حسد ابن آدم لأخيه حتى قتله ونحن في زمن انتشر فيه الحسد والحساد وظهرت شروره في البر والبحر فالحاسد يعيش في نقمة العيش ومنغصات الحياة ويعد الحسد من الأوبئة الاجتماعية التي لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات
فمهما عظمنا الله تعالى في قلوبنا وحمدناه بأقوالنا وأفعالنا ووصفناه بألسننا وأقلامنا فالله تعالى أعظم مما قلنا وكتبنا وأجل مما علمنا وظننا وأعلى مما نعتنا ووصفنا ولن يبلغ كمال حمده ونعته ومدحه مخلوق فمن ذا الذي يحيط نعتا ووصفا بمن لو جعل شجر الأرض كله أقلاما لكتابة كلماته وجعلت بحار الأرض مدادا لتلك الأقلام لنفدت البحار والأقلام وما نفدت كلماته عز وجل والله تعالى نور والنور من أسمائه وصفاته وهي صفة ذات لازمة له على ما يليق بجلاله وعظمته الله نور السماوات والأرض وجاءت السنة بما جاء به القرآن في نور الله تعالى ففي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن أنت الحق ووعدك الحق وقولك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وأخرت وأسررت وأعلنت أنت إلهي لا إله إلا أنت وعندما سأل موسى عليه السلام ربه أن يكرمه برؤيته أخبره سبحانه أنه لا يستطيع أحد أن يراه في الدنيا وأعطاه دليلا عمليا على ذلك قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين وفي صحيح مسلم عن أبي موسى رضي الله عنه قال قام فينا عليه الصلاة والسلام بخمس كلمات فقال إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه تالله إن العقل ليقف حائرا أمام هذا الجلال والعظمة ولا سيما إذا علمنا أن الله تعالى يصف أشياء من خلقه بقدر ما تتحمله عقول البشر لأن الوصف يقرب الصورة وإلا فهي أعظم مما وصف فربنا وصف لنا الجنة بأوصاف كثيرة وهي أعظم مما بلغنا من وصفها أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وسدرة المنتهى في أعلى الجنة وإليها ينتهي علم الملائكة عليهم السلام وهي من خلق الله تعالى ورآها النبي عليه الصلاة والسلام كرامة من الله تعالى له ومع ذلك بهرته لما رآها فقال فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها فإذا كانت هذه العظمة والنور والجلال والبهاء في سدرة المنتهى فما يقدر أحد على وصفها من حسنها فكيف بنور الله تعالى وكيف بالنظر إلى وجهه الكريم وفي يوم القيامة حين يخسف القمر وتكور الشمس وتنفطر السماء وتنتثر الكواكب ينعدم النور فلا نور بل ظلمات بعضها فوق بعض حتى تشرق الأرض بنور الله تعالى وأشرقت الأرض بنور ربها ذلكم النور الذي أشرقت به الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ويراه أهل الجنة حين تكشف لهم الحجب ففي الصحيح من حديث صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دخل أهل الجنة الجنة قال يقول الله تبارك وتعالى تريدون شيئا أزيدكم فيقولون ألم تبيض وجوهنا ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار قال فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
إن كل حديث عن الله تعالى فهو حديث عبد مخلوق عن الرب المعبود وهو حديث ما كان للمخلوق أن يعلمه لولا أن الخالق سبحانه علمه فمعرفتنا بالله تعالى هي من الله تعالى علمنا أنه ربنا وخالقنا ومعبودنا وأرانا شيئا من آياته ومخلوقاته
يلفت هذا الحديث إلى أن قيمة الشكر لها منزلة كبيرة وأهمية بالغة لدرجة أنها إذا لم تتحقق في علاقات الناس بعضهم مع بعض فإنها بالتالي لا تتحقق في علاقة الإنسان بالله تعالى وهذا الربط بين شكر الناس وشكر الله يحتاج إلى وقفة نتأمل فيها هذه القيمة المهمة في حياة الناس ومن المعروف أن العلاقات بين البشر في حاجة ماسة إلى دعم متواصل لتقوية أواصرها وترسيخ أركانها من أجل المزيد من التعاون والتضامن لتحقيق الخير للمجتمع الإنساني ولا يكلف هذا الدعم كثيرا في معظم الأحيان والأمر الطبيعي أنه إذا حيينا بتحية فينبغي أن نرد التحية على الأقل بمثلها أو بأحسن منها وإذا أسدى إلينا أحد جميلا أو قدم لنا خدمة معينة قولا أو فعلا فإن الواجب يقتضي أن نقدم له الشكر على ذلك أيضا قولا أو فعلا حتى لو كان ما يقدمه لنا يقع في دائرة مسؤوليته المباشرة ولهذا تسمع كثيرا في مثل هذه المواقف ردا على كلمة الشكر عبارة لا شكر على واجب شكر الناس يدل على الخلق الحسن والذوق الرفيع والأصالة التي يتمتع بها الإنسان الشاكر وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم من أتى إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له وقال عليه الصلاة والسلام من أعطى شيئا فوجد فليجز به ومن لم يجد فليثن به فإن أثنى به فقد شكره وإن كتمه فقد كفره ومن تحلى بما لم يعط فإنه كلابس ثوبي زور وقال صلى الله عليه وسلم من أولي معروفا فليذكره فمن ذكره فقد شكره ومن كتمه فقد كفره إن الشكر يعني الاعتراف بالفضل لأهل الفضل والثناء على المحسن بذكر إحسانه ويقاس على شكر الوالدين الشكر للذين أسهموا في تربية عقولنا وصياغة أفكارنا وتزويدنا بالعلم والمعرفة والشكر لا يعني التقليل بأي حال من الأحوال من شأن الشاكر أو إشعاره بأنه أقل شأنا ممن يقدم لهم الشكر إنه على العكس من ذلك يعني أن الشاكر إنسان متحضر يدرك أهمية القيم الإنسانية في حياة الناس وما لها من تأثير كبير في تقوية الروابط الإنسانية بين البشر وبالتالي في تقدم المجتمع وازدهاره وفيما يلي بعض الأمثلة عن كلمات الشكر والثناء بأسلوب أدبي رفيع كلمة شكر وامتنان إلى صاحب القلب الطيب إلى صاحب النفس الأبية إلى صاحب الابتسامة الفريدة إلى من حارب وساهم الكثير من أجلي أتمنى من الله عز وجل أن يعطيكم الصحة والعافية شكرا لكم على ما قدمتموه لي من أحاسيس نابعة من قلوبكم ودام الله عزكم ودام عطاؤكم جميل من الإنسان أن يكون شمعة ينير درب الحائرين ويأخذ بأيديهم ليقودهم إلى بر الأمان متجاوزا بهم أمواج الفشل والقصور عبر نفحات النسيم وأريج الأزاهير وخيوط الأصيل أرسل شكرا من الأعماق لك فشكرا لك من أعماق قلبي على عطائك الدائم يقول محمد الجواهري عن الشكر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سألكم فأعطوه ومن استجار بالله فأجيروه ومن أتى إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه وروي عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله والتحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر والجماعة رحمة والفرقة عذاب
لا أظن ذلك ولا أظن عاقلا يعتقد ذلك بل أغلب القناعات والمواقف تتأثر أول ما تتأثر بالعاطفة والمزاج وتصدر في الغالب عن ذاتية مغرقة وأفكار مسبقة ولهذا نجد القرآن العظيم يعزو الضلال الكبير إلى الهوى المسيطر كما يعزوه للتفكير المعوج فيقول الله تبارك وتعالى أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون فعلى أحد أوجه تفسير الآية يكون قوله تعالى وأضله الله على علم حالا من المفعول أي وأضل الله تعالى هذا الشقي والحال أن هذا الشقي عالم عرف الحق ببراهينه واتضحت الحجة لعقله ولكنه استحب الغي على الرشد اتباعا لعاطفته وأهوائه قال الإمام العلامة ابن عاشور رحمه الله تعالى ومعنى على علم أنهم أحاطت بهم أسباب الضلالة مع أنهم أهل علم أي عقول سليمة أو مع أنهم بلغهم العلم بما يهديهم وذلك بالقرآن ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فالقضية ليست قضية عقل وعلم وبراهين وأدلة بقدر ما هي قضية نفوس وعواطف وأهواء وأفكار مسبقة وتعصب مقيت وتأكيدا لهذا المعنى ضرب القرآن الكريم مثلا حياتيا متمثلا في أحد علماء أهل الكتاب السابقين الذي أتاه الله العلم وشهد له بذلك ولكنه اختار طريق الضلال واتباع الباطل خضوعا لهواه وعاطفته ومزاجه فقال سبحانه وتعالى عنه واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك وهكذا الإنسان حين يفرط في نعمة العقل التي أكرمه الله بها ولا ينتفع بالعلم الذي يسره الله ينزل إلى حضيض البهيمية والحيوانية فيكون كالكلب والأنعام بل أضل ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيل إن سيطرة العاطفة على الإنسان وغلبتها على عقله وعلمه أمر معيش لا ينكره إلا مكابر وخطورة هذه الحال تزداد إذا تلبست بعلم وتعقل فيكون المرء تحت سلطان عواطفه خاضعا لهواه متبعا لمزاجه واهما أنه العقلاني الأول الذي لا سلطان للعاطفة والذاتية والهوى عليه وعلى تفكيره وعلى أحكامه موهما لغيره مدعيا أنه لا يخضع إلا للعلم ومقراراته ودلائله وبراهينه ثم إن ضراوة العاطفة وشراسة الهوى وقوة الذاتية تزداد كلما تعلق الأمر بقضية من قضايا الانتماء للتيار أو الحزب أو الطائفة أو الجماعة أو الفرقة أو حتى الفريق الرياضي وتبلغ مداها حتما إذا تعلق الأمر بالأشخاص فهنا حدث عن العواطف العواصف ولا حرج وهنا ينقلب التعقل إلى ضرب من الجنون بفعل العاطفة واتباع الهوى فيصير الإنسان يرى كل ما في تياره أو حزبه أو طائفته أو فرقته حسنا صالحا طيبا وكل ما هو مخالف لها قبيحا فاسدا عكرا ويسخر العقل والعلم والبرهان لتسويغ تبرير هذا الوضع الغريب مع أنه كثيرا ما ينتسب المرء إلى ما ذكر بسبب النشأة أو الظروف أو المعايشة لا عن اقتناع واع وإدراك تام ثم يتولد بعد ذلك الاقتناع الموهوم الذي قد يصل إلى معاندة الحق والتعصب الممقوت ومثال ذلك ما روته أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها قالت كنت أحب ولد أبي إليه وإلى عمي أبي ياسر لم ألقهما قط مع ولدلهما إلا أخذاني دونه قالت فلما قدم رسول الله صلى اله عليه وسلم المدينة ونزل قباء غدا عليه أبي حيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين قالت فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس قالت فأتيا كالين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى قالت فهششت إليهما كما كنت أصنع فو الله ما التفت إلي واحد منهما مع مابهما من الغم قالت وسمعت عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي حيي بن أخطب أهو هو قال أبي نعم والله قال أتعرفه وتثبته قال نعم قال فما في نفسك منه قال عداوته والله ما بقيت فأبي بن أخطب عالم بحقيقة رسول الله تعالى متيقن منها وهذا معنى معرفته وإثباته ولكن موقفه كان معاكسا تمام المعاكسة لهذا العلم اليقيني والمعرفة اليقينية والاقتناع العقلي خاضعا كلية للعاطفة والهوى والفكرة المسبقة وللأسف هذا حال الكثيرين في كثير من القضايا ولكنهم لا يصرحون ويدعون ويتظاهرون وعلى كل هذا موضوع طويلة ذيوله كثيرة فروعه قد نرجع إلى بعضها إن يسر المولى سبحانه إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
أغلبنا يحسب أن قناعاته ومواقفه هي نتاج تفكير ومحاكمة عقلية شديدة خاصة ذوو الشهادات العليا والمستوى التعليمي والثقافي المحترم ونحسب أن لا دخل للعاطفة والذاتية والأفكار المسبقة فيها لكن هل هذه هي الحقيقة هل هذا هو الواقع
يذكر أن القارئ يوسفي يزاول تدريسه في كلية اللغة والأدب العربي في جامعة المدية وهو خريج المعهد الوطني العالي شبه الطبي بالمدية تحصل على المرتبة الثانية بجائزة الخرطوم لحفظ القرآن الكريم سنة والمرتبة الرابعة في مسابقة الملك عبدالعزيز بالسعودية سنة والمرتبة السادسة في مسابقة إيران عام والمرتبة السابعة في جائزة محمد السادس بالمغرب سنة
افتك القارئ الجزائري عمار يوسفي المرتبة الرابعة خلال مشاركته في فعاليات الدورة الأولى لجائزة الشيشان الدولية لتحفيظ القرآن الكريم والتي تزامن تأسيسها مع تدشين أكبر مسجد في أوروبا فخر الإسلام بمدينة شالي الشيشانية التي انطلقت شهر أوت الجاري بمشاركة حفاظ من دولة منها الجزائر وشهدت المسابقة تنافسا كبيرا بين المشاركين من دول عربية وإسلامية ومن روسيا الاتحادية حيث فاز المتسابق الليبي بالمرتبة الأولى وتم تكريم القارئ الجزائري عمار يوسفي البالغ من العمر سنة خلال حفل الاختتام الذي جرى يوم الأربعاء أوت الفائت برعاية وحضور الرئيس الشيشاني رمضان أحمد قاديروف إلى جانب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وممثل الرئيس الروسي وكذا وزراء وعلماء ودعاة من عديد الدول الإسلامية حيث تحصل على المركز الرابع
وقال فرانك فالتر شتاينماير اليوم الثلاثاء أوت في الافتتاح الرسمي للدورة العاشرة من المؤتمر العالمي أديان من أجل السلام بمدينة لينداو على بحيرة كونستانس بحيرة بودن بجنوب ألمانيا تحت هذا الشعار من أجل مستقبلنا المشترك تعزيز العمل المتعدد الأديان من أجل الصالح العام إن الأديان بوصفها داعما قوي التأثير ومرنا بالنسبة للسلام يمكنها تقديم خدمة لا غنى عنها ولا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة للبشر وأشار الرئيس الألماني أمام شخص من أكثر من مئة بلد يمثلون ديانة أنه يمكن أيضا إساءة استغلال الإيمان والدين كدوافع بشكل أساسي للنوايا غير الدينية والأهداف السياسية ويعتبر هذا المؤتمر أكبر مؤتمر للأديان في العالم ويهدف لتعزيز الحوار وتشجيع العمل من أجل السلام وهو تابع لمنظمة أديان من أجل السلام ويتشاور هذا العام في ليندوا بولاية بافاريا جنوبي ألمانيا نحو ألف شخص من حوالي مئة دولة وسيتركز النقاش على دور المرأة في عمليات السلام يذكر أنه سيلتقي خلال الأيام المقبلة في المؤتمر ممثلون رفيعو المستوى من الأوساط الدينية والحكومية لمناقشة حلول في مناطق نزاع متفرقة من بينها ميانمار وجنوب السودان وشبه الجزيرة الكورية تجدر الإشارة إلى أن السياسة الخارجية الألمانية منذ بضع سنوات انفتحت على أفكار ومشاركات المجتمع المدني ومن أجل تعزيز الإمكانات البناءة الداعية إلى السلام لدى مختلف الاتجاهات والجماعات الدينية تقوم وزارة الخارجية ببناء شبكة علاقات دولية عابرة للأديان قوامها ممثلون وممثلات عن مختلف المعتقدات الدينية وعلى هذا الأساس رافق قسم الدين والسياسة الخارجية في وزارة الخارجية الألمانية المؤتمر العاشر لمنظمة أديان من أجل السلام بمشاركة شخصية تمثل مختلف ديانات العالم وكذلك العديد من الحكومات والمؤسسات في المؤتمر
دعا الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير في افتتاحه رسميا النسخة العاشرة من المؤتمر العالمي أديان من أجل السلام إلى مشاركة الزعماء الدينيين في التغلب على النزاعات في أنحاء العالم
ولما كان الأمر كذلك وكان الحب يعمي صاحبه ويصمه وكانت عواطف الإنسان ذات تأثير كبير على قراراته واختياراته ومما لا ريب فيه أن من أشدها وأقواها عاطفة عشقه للمال وحبه التزيد منه تولى الله عز وجل قسمة الأموال التفصيلية في ثلاثة مواضع من المواضع التي يحرك الطمع فيها الناس وتدفعهم عاطفة حبهم للمال إلى الحرص على أكبر قدر منه دون مراعاة حق الغير ولا حدود الشرع وهذه المواضع الثلاث هي قسمة الأنفال والغنائم حيث جاء فيها قول الله تعالى جلت قدرته يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين وقسمة الزكاة حيث جاء فيها قول الله تعالى جلت صفاته إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم وقسمة المواريث حيث جاء فيها قول الله تعالى جلت حكمته يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث الآيات ومع ما ورد من التحذير من المال الحرام وآثاره كقوله صلى الله عليه وسلم إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت النار أولى به رواه أحمد وغيره وكقوله صلى الله عليه وسلم إن هذا المال خضرة حلوة من أصابه بحقه بورك له فيه ورب متخوض فيما شاءت نفسه من مال الله ورسوله ليس له يوم القيامة إلا النار رواه أحمد وغيره وغيرها من الأحاديث والنذر إلا أن الناس تساهلوا في شأن أكل الحرام والكسب الحرام والمال الحرام وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن حلال أم من حرام رواه البخاري وأحسب أن زمنا هذا من الأزمان التي يصدق عليه هذا الحديث الشريف كما هو مشاهد ومعيش ثم إن الكلام على المال الحرام وأضراره وصوره ونتائجه وآثاره طويل الذيول كثير الفروع والفصول وإنما أريد التنبيه إلى ظاهرة غريبة من بعض الناس الذين استمرؤوا الحرام واعتادوا عليه وسولت لهم أنفسهم ما سولت فأفتوا لأنفسهم الفتاوى الجاهلة وغروا أنفسهم بالأماني الخادعة وحسبوا أنهم يخدعون الناس بل ويخدعون رب الناس ولا يخدعون إلا أنفسهم يخادعون الله وهو خادعهم يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون وهذا حال أولئك الذين يغتصبون المال وينهبونه ثم تراهم ربما تصدقوا بالقليل مما سرقوا وغصبوا أو ربما حجوا به أو اعتمروا وربما ساهموا في بناء مسجد أو ربما غصبوا ميراثا بالملايير وأعطوا أصحاب الحق في هذا الميراث بعض الدنانير ذرا للرماد في العيون أو ربما نهبوا المال العام ثم تبرعوا لدار الأيتام أو ربما أخذوا رشاوي كبيرة وأعانوا مريضا في عملية جراحية أو ربما جاءوا مفتيا ودلسوا عليه ولبسوا فأفتاهم بحسب قولهم بحل مالهم أو أو أو ويحسبون أنهم بذلك قد صفوا حسابهم مع الله عز وجل وطهروا ذلك السحت الخبيث وصارت أموالهم حلالا طيبا ولكن هيهات هيهات فما لم ترد الحقوق لأصحابها والأموال لأهلها فلسا فلسا ودورو ودورو فلا حلال ولا كرامة وهذا ما قرره النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله من جمع مالا حراما ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر وكان إصره عليه رواه ابن حبان وفي قوله لا اكتسب عبد مالا حراما فتصدق به فيقبل منه ولا ينفقه فيبارك له فيه ولا يدعه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار إن الله تبارك وتعالى لا يمحو السيئ بالسيئ ولكن يمحو السيئ بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث رواه البزار إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
إن الإنسان مجبول على حب المال وآتى المال على حبه بل على شدة حب المال وإنه لحب الخير لشديد والخير هنا هو المال وعن أنس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنان حب المال وطول العمر رواه البخاري وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلب الشيخ شاب على حب اثنتين طول الحياة وحب المال رواه مسلم
إن من أخص خصائص العبودية الافتقار المطلق إلى الله تعالى فهو حقيقتها ولبها وقد عرفه أهل العلم بألا تكون لنفسك ولا يكون لها منك شيء بحيث تكون كلك لله أما إذا كنت لنفسك فثم ملك واستغناء مناف للفقر فالفقر الحقيقي أن يشهد العبد في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقة تامة إلى الله تعالى من كل وجه فالمفتقر إلى ربه مجرد قلبه من كل حظوظها وأهوائها مقبل بكليته إلى ربه عز وجل متذلل بين يديه مستسلم لأمره ونهيه متعلق قلبه بمحبته وطاعته قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين والمتأمل في جميع أنواع العبادة القلبية والعملية يرى أن الافتقار فيها إلى الله هي الصفة الجامعة لها فبقدر افتقار العبد فيها إلى ربه يكون أثرها في قلبه ونفعها له في الدنيا والآخرة وحسبك أن تتأمل في الصلاة أعظم الأركان العملية فالعبد حينما يقف بين يدي ربه في سكينة خاشعا متذللا خافضا رأسه ينظر إلى موضع سجوده يفتتحها بالتكبير وفي ذلك دلالة جلية على تعظيم الله تعالى وحده وترك ما سواه من الأحوال وأرفع مقامات الذلة والافتقار أن يطأطئ العبد رأسه بالركوع ويعفر جبهته بالتراب مستجيرا بالله منيبا إليه ولهذا كان الركوع مكان تعظيم الله تعالى وكان السجود مكان السؤال ففي الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر فقال أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ولهذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم في ركوعه اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وذلك إشارة إلى أن خشوعه في ركوعه قد حصل لجميع جوارحه ومن أعظمها القلب الذي هو ملك الجوارح فإذا خشع خشعت الجوارح والأعضاء كلها تبعا له ومن تمام خشوع العبد لله تعالى في ركوعه وسجوده أنه إذا ذل لربه بالركوع والسجود وصف ربه حينها بصفات العز والكبرياء والعظمة والعلو فكأنه يقول الذل والتواضع وصفي والعلو والعظمة والكبرياء وصفك فهذه المنزلة الجليلة التي يصل إليها القلب هي سر حياته وأساس إقباله على ربه فالافتقار حاد يحدو العبد إلى ملازمة التقوى ومداومة الطاعة ويتحقق ذلك بأمرين متلازمين أحدهما إدراك عظمة الخالق وجبروته فكلما كان العبد أعلم بربه وصفاته وأسمائه كان أعظم افتقارا إليه وتذللا بين يديه إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا فمن تدبر الآيات والأحاديث التي جاء فيها ذكر صفاته العلى وأسمائه الحسنى انخلع قلبه إجلالا لربه وتعظيما لمقامه وهيبة لسطوته وجبروته سبحانه ففي الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال عليه الصلاة والسلام يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون أما الأمر الثاني فهو إدراك ضعف المخلوق وعجزه فمن عرف قدر نفسه وأنه مهما بلغ في الجاه والسلطان فهو مخلوق صغير عاجز ضعيف لا يملك لنفسه صرفا ولا عدلا تصاغرت نفسه وذلت جوارحه وعظم افتقاره لمولاه والتجاؤه إليه فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
يقول الحق سبحانه في قصة نبي الله موسى عليه السلام فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير
ولا يخفاك حكمة استعمال القرآن الكريم هنا لجمع القلة إيماء إلى أن السقوط والهوي في طريق إبليس قد يبدأ بخطوات صغيرة قليلة حتى لا يستهين العبد بمعصية الله عز شأنه مهما صغرت ومهما قل عدد مرات اقترافها ثم إن أظهر ما يلفت النظر في هذه الآيات الجليلة قوله تعالى ولا تتبعوا خطوات الشيطان فالمعنى لا تتبعوا الشيطان ولكن الله جل شأنه يقول ولا تتبعوا خطوات الشيطان وفي هذا من الحكم الباهرة الشيء الكثير ومن قوة الدلالة وعمقها الأمر الجلل وفيه تنبيه هام وإشارة بالغة للناس حتى يحذروا من ذلك أن استخدام كلمة خطوات فيه إشارة إلى أن الخطوة مسافة قصيرة يسيرة صغيرة وهكذا الشيطان يبدأ في إغواء الإنسان وإضلاله بالشيء اليسير من المعاصي والإثم يزينه له ويوسوس به حتى تألفه نفسه ويهون عنده ويعتاده ثم يأخذه إلى الأكبر فالأكبر حتى يصل به إلى اقتراف كبائر الإثم أو الكفر والشرك وفيه إشارة أيضا إلى أن الشيطان في إغوائه بني آدم لن يقف معهم عند أول خطوة في طريق العصيان وإنما يدعوهم لمعصية تتلوها معصية حتى يستحوذ عليهم فينسيهم ذكر الله تعالى والشيطان كذلك لا يصر على معصية بعينها فإن رأى الإنسان قد امتنع عن معصية خطوة ما فهو يزين له معصية أخرى خطوة أخرى لأنه يريد الإنسان عاصيا على أية جهة قال الإمام السيد طنطاوي رحمه الله في بيان هذا المعنى وفي قوله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إشعار بأن الشيطان كثيرا ما يجر الإنسان إلى الشر خطوة فخطوة ودرجة فدرجة حتى يجعله يألفه ويقتحمه بدون تردد وبذلك يكون ممن استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله والعاقل من الناس هو الذي يبتعد عن كل ما هو من نزغات الشيطان ووساوسه فإن صغير الذنوب قد يوصل إلى كبيرها ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه وهذا النهي عن اتباع خطوات الشيطان موجه للفرد كما هو موجه للمجتمعات والأمم والجماعات فالفرد الذي يصل للموبقات من كفر وشرك أو قتل وفتك أو سحر وشعوذة أو زنا واغتصاب وشذوذ أو شرب للخمور والمخدرات أو غير ذلك من الفواحش الكبار لا يصل إلى هذا الدرك من العصيان من أول يوم بل غالبا ما ينحرف عن الصراط المستقيم ويسلك طريق المعصية شيئا فشيئا وخطوة خطوة وغالبا ما يبدأ بخطوات صغيرة قليلة وشيئا فشيئا يتجرأ على المعاصي الكبار والذنوب العظام فمثلا غالبا ما يسبق تعاطي المرء ذكرا أو أنثى للمخدرات إلمامه ببعض المعاصي الصغيرة كشرب الدخان أو ببعض المعاصي البعيدة عن مجال المخدرات كترك الصلاة أو ببعض المعاصي التي لا يبالي بها الناس كمصاحبة من يعصي الله تعالى ومجالستهم حال معصيتهم أو غير ذلك وقل ما نجد من هجم على المخدرات ابتداء وكذلك غالبا ما يسبق وقوع المرء ذكرا أو أنثى في فاحشة الزنا إلمامه ببعض المعاصي الصغيرة بالنسبة للزنا كعدم الالتزام بستر العورات والتساهل في التعري وترك اللباس الشرعي والتساهل في العلاقات بين المرأة والرجل والأحكام التي تضبطها حتى تقع الواقعة وتكون الفتاة هي الضحية في الغالب وقل ما نجد من هجم أو هجمت على الفاحشة ابتداء وكذا المجتمعات التي تصل للانحلال الأخلاقي والتفكك الأسري وشيوع الفجور والانحراف واختلال القيم وسيطرة الروح المادية القاسية لا يحصل لها ذلك في لمح البصر بل يحدث ذلك شيئا فشيئا وخطوة خطوة فإذا أخذنا المجتمع الياباني كأنموذج باعتباره مضرب المثل في التطور التكنولوجي واحترام قوانين النظام والنظافة بدقة متناهية فإننا نجد أكثر الناس يغفل عن المعاناة التي يعاني منها هذا المجتمع الفريد من شيخوخة تهدد وجوده بسبب عزوف رجاله ونسائه عن الزواج وإنشاء الأسر كما تقتضيه الفطرة وهذا العزوف ناتج عن شيوع الفاحشة والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج فيه بشكل رهيب حتى بين القاصرات وطلاب وطالبات الثانوية وكذا شيوع العري واللباس الفاضح بشكل غريب فيه وشيوع الإلحاد والروح المادية التي سيطرت على الغالبية الغالبة من أفراده وكذا فقدانه لقيمه التقليدية واستبدالها بالقيم الغربية المادية الرأسمالية المتوحشة نعم لقد كانت ضريبة تطور اليابان باهظة جدا ولكن المجتمع الياباني لم يصل إلى هذا الدرك من الانحلال الأخلاقي دفعة واحدة بل خطوة خطوة وهكذا غيره من المجتمعات تتبع خطوات الشيطان خطوة خطوة حتى تصل إلى الدرك الأسفل من البهيمية الحيوانية وصدق الله العظيم يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون فهذا خطاب للناس جميعا تحذيرا من اتباع خطوات الشيطان الذي هو العدو المبين لهم المعلن لهذه العداوة وهذا تنبيه للناس باعتبارهم أفرادا حتى لا يتساهلوا مع المعاصي الصغيرة فيقعوا في المعاصي الكبيرة وحتى لا يستهينوا في اقتراف أبنائهم وبناتهم للمعاصي الصغيرة لأن ذلك سيجرهم لمقارفة كبائر الذنوب ولات حين مندم وهذا تنبيه للناس باعتبارهم جماعات ومجتمعات حتى لا يتساهلوا في المعاصي التي تنتشر فيه والانحراف الذي يظهر فيه لأنه قد يصل بذلك إلى الدمار وهو تنبيه إلى دعاة التغريب والعلمنة عندنا خاصة أن سعيهم لتغيير مجتمعنا بتغريبه واستبدال قيمه الإسلامية بالقيم الغربية المادية سيوصلنا إلى ما وصل إليه الغرب من شيوع الفاحشة وانتشار الشذوذ وذيوع الخمور وانتشار المخدرات وسقوط الأخلاق حتى لا يبقى حياء ولا عفة وتتفكك أغلب الأسر ولم يعد للعلاقات الأسرية وصلة الأرحام معنى ولا حضورا بل صار أغلب الناس لا يعرفون أنسابهم ولا من هم آباؤهم بسبب شيوع الخيانة الزوجية وشيوع الفاحشة عامة ولا تسبوا أننا نتبع خطواتهم ولا نصل إلى ما وصلوا إليه إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
نقرأ في القرآن العظيم يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر الخطو هو المشي خطا خطوا مشى والخطوة بالفتح المرة من الخطو والجمع خطوات والخطوة هي مسافة ما بين القدمين وتجمع جمع كثرة على خطا وتجمع جمع قلة على خطوات وخطوات وخطوات
ولعل السبب في عودة هذه الظاهرة انسداد الأفق السياسي وغلق باب الأمل الذي لاح في الأشهر الأولى من هذه السنة المليئة بالأحداث والتطورات في بلادنا الحبيبة وبغض النظر عن الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تدفع بآلاف الشباب والشابات إلى الرمي بأنفسهم في أتون البحر الأبيض المتوسط بأمواجه العاتية والمشاركة في مغامرة غير محسوبة العواقب نجد أن المنطلق الإستراتيجي الدافع للحرڤة هو نفسه لدى الذكور والإناث بالنظر إلى تساوي الظروف السيئة التي ترافق الباحثين عن شغل والذين يدفعون دفعا إلى التفكير في الهجرة السرية علها تمنحهم حقوقا استحال عليهم الحصول عليها في البلد الأم هذه المأساة المستمرة منذ عدة أعوام والتي توقفت لفترة بعد أن ظن الشباب بأن الجزائر على موعد مع انطلاقة سياسية جديدة تعود معها العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص أمام الجميع إلا أن أسبابها ترجع إلى فقدان الأمل والأزمات السياسية والاقتصادية وكذلك المعاناة اليومية والتطلع إلى غد أفضل وبخاصة مع عدم قيام المسؤولين بواجباتهم تجاه المواطنين لقد أصبح المثل المشهور عند الشباب الجزائري أن تحرڤ الحدود خير من أن تحرڤ حياتك وخطاب الحراڤة السياسي البطالة أو عدم توفر نشاط اقتصادي مستقر وقانوني أزمة السكن ضعف البنى التحتية الفساد ازدراء النخب الحڤرة غلاء المعيشة وفشل السياسات العمومية كلها عوامل توفر سياقا يجعل من الأفضل أن تأكلك الأسماك بدلا من الديدان ويرى باحثون أن الهجرة غير النظامية التي تمثل نزيفا للطاقة الشبابية في البلاد تجاوزت خلال السنوات الأخيرة مسألة البطالة وتحسين الأوضاع المعيشية لتعبر عن إحباط اجتماعي واقتصادي ونفسي وسياسي بطبيعة الحال وتمثل هروبا من الأوضاع العامة الصعبة وانسداد الآفاق والخيارات في المجتمعات العربية والإفريقية إن الحل لا يحتاج إلى مقاربات أمنية وحراسة الحدود والممرات البحرية فقط بقدر ما يحتاج إلى حلول جذرية سياسية واقتصادية وتنمية اجتماعية ونزع عوامل الإحباط واستعادة روح المواطنة والانتماء وتحقيق العدالة الاجتماعية لنزع غواية الحلم الذي يأخذ الناس من أوطانهم إلى شفير الحياة أو الموت وإن المنظومة التي يمكن أن تزيل هذه الظاهرة يجب أن تكون متكاملة يشارك فيها كل الفاعلين داخل المجتمع من الأسرة أولا ثم إلى المدرسة والمسؤولين كل في قطاعه والإعلامي وحتى الإمام داخل المسجد بالإضافة إلى الشرطي والدركي والجمركي فكل هؤلاء يشاركون بنظرتهم في التقليل من ظاهرة الحرڤة وتوعية الناس من مخاطر ما يحدث ثم البحث عن الأسباب الحقيقية التي تجعل الشاب يلجأ إلى الحرڤة ومن ثم تقديم الحلول الناجعة للحد منها لا بد من توفير فرص العمل للشباب مع ضمان العدالة في الأجور وفتح مجالات لاستثمار المؤهلات الشبابية كالنوادي الثقافية والجمعيات وتحفيزهم على المشاركة في الحياة السياسية وتبني الخطط اللازمة والفاعلة للنهوض بالتعليم كما يجب الاستماع والتكفل بانشغالاتهم حيال البطالة وانسداد الآفاق التي تدفع للهجرة غير الشرعية وعلى الشباب الذي يفكر في الهجرة السرية أن يعلم بأن المسألة ليست سهلة بل هي أصعب بكثير مما يتخيله هؤلاء الشبان فأوروبا لم تعد تلك البلاد الذي يمكن أن يعيش فيه هؤلاء بكرامة خاصة مما يتعرض له الناجحون في الوصول إلى الضفة الأخرى من الإهانة والإذلال بمراكز احتجاز المهاجرين غير الشرعيين في أوروبا ومن يسلم منهم سيعيش هناك الفقر المدقع والبرد القارص وأن الأجور هناك متدنية جدا ولا يمكن أن تكفي الإنسان ليعيش عيشة كريمة وسيلجؤون إلى الجريمة أو التجارة في المخدرات والممنوعات وسينتهي بهم الأمر في السجون ومن ثم الترحيل والإبعاد وعلى الحكومة أن تتبنى سياسات فعالة قادرة على احتواء هؤلاء الناس عبر إيجاد الفرص الاقتصادية المحلية وكذلك عبر توقيع اتفاقات تسمح بتسهيل الحصول على تأشيرات السفر للراغبين في السفر إلى الخارج بالطرق الشرعية وندعو المسؤولين المباشرين عن تزايد هذه الظاهرة إلى العمل للقضاء على أسبابها وليس الاكتفاء بنقل أخبارها عبر وسائل الإعلام وتحريمها فقط أو تجريم المغامرين
عاد موضوع الهجرة السرية الحرڤة بقوة وبشكل كبير ومخيف جدا جدا خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية في بلادنا الجزائر بعد أن استبشرنا بتوقف هذه الظاهرة الخطيرة التي تحصد في كل مرة أرواح شباب وشابات في مقتبل العمر يحلمون بحياة هنية سعيدة
فقوله تعالى تطهرهم إشارة إلى مقام التخلية عن السيئات وقوله تزكيهم إشارة إلى مقام التحلية بالفضائل والحسنات ولا جرم أن التخلية مقدمة على التحلية فالمعنى أن هذه الصدقة كفارة لذنوبهم ومجلبة للثواب العظيم والصلاة عليهم الدعاء لهم وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية إذا جاءه أحد بصدقته يقول اللهم صل على آل فلان وجملة إن صلاتك سكن لهم تعليل للأمر بالصلاة عليهم بأن دعاءه سكن لهم أي سبب سكن لهم أي خير والسكن بفتحتين ما يسكن إليه أي يطمأن إليه ويرتاح به وهو مشتق من سكون النفس أي سلامتها من الخوف ونحوه لأن الخوف يوجب كثرة الحذر واضطراب الرأي فتكون النفس كأنها غير مستقرة ولذلك سمي ذلك قلقا لأن القلق كثرة التحرك هذا المعنى العام للآية والظاهر أن الزكاة نقص ولكنها في حقيقة الأمر زيادة ونماء ارتقاء في مراتب الكمال زيادة طهارة وزيادة تزكية وزيادة بركة وزيادة مال وزيادة في النفس وزيادة في المجتمع فالزكاة غنيمة تنال لا غرامة تحمل وهذا هو الفارق بين فريضة تؤدى ابتغاء رضوان الله وضريبة تدفع لأن القانون يفرضها ويعاقب عليها ونحن نعلم أن الله سبحانه وتعالى هو صاحب المال والمالك الحقيقي له وإنما أضيف في الآية لمالكه من الناس تطمينا له على ملكيته له وزيادة في التطمين قال خذ من أموالهم دلالة على أن القدر المأخوذ بعض تلك الأموال لا كلها لأن من للتبعيض حتى يزكي من يزكي طيبة نفسه بالقدر اليسير المخرج على يديه ساكنة نفسه بالقدر الكبير الباقي لديه يقول الإمام الرازي في هذا المعنى إن الفقراء عيال الله والأغنياء خزان الله لأن الأموال التي في أيديهم أموال الله فليس بمستبعد أن يقول المالك لخازنه اصرف مبلغا مما في تلك الخزانة إلى المحتاجين من عيالي ويقول الإمام ابن العربي المالكي إن الله بحكمته البالغة وأحكامه الماضية العالية خص بعض الناس بالأموال دون البعض نعمة منه عليهم وجعل شكر ذلك منهم إخراج سهم يؤدونه إلى من لا مال له نيابة عنه سبحانه وتعالى فيما ضمنه بفضله لهم في قوله وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ولو لم يكن من بركة الزكاة وتطهيرها وتزكيتها إلا تطهير النفوس من خبث الشح ودنس البخل لكفى كيف وحكمها الباهرة ومقاصدها العظيمة لا تحصى ولا تستقصى فالفلاح كله في الشفاء من داء الشح ومرض البخل ولا يخفى أن الشفاء منه كفيل بشفاء الكثير من أمراضنا الاجتماعية وانحرافاتنا الحياتية ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم وإياكم والشح فإنه دعا من قبلكم فاستحلوا محارمهم وسفكوا دماءهم وقطعوا أرحامهم رواه أحمد وابن حبان وإيتاء الزكاة أول خطوة للشفاء من هذه الخبائث كما هي من أعظم خطوات تطهير الأفراد والمجتمعات صعودا بهم في مراقي الزيادة والنمو والتنمية إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
قال الله سبحانه وتعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم قال العلامة ابن عاشور الآية دالة على أن الصدقة تطهر وتزكي والتزكية جعل الشيء زكيا أي كثير الخيرات
تكمن أهمية الزكاة في محاربة الفقر وتحقيق التنمية في البلدان الإسلامية التي يقبع من سكانها تحت خط الفقر وما شرعت إلا لخير المجتمع وتقدمه وتأمينه ضد العوارض والأزمات التي تعصف به أحيانا وتحصينه ضد كل ما يعيق رقيه وازدهاره ورفده بكل أسباب تشجيع الإنتاج وتحقيق التكافل ومحاربة البطالة فهي تأمين اجتماعي للأفراد جميعا وضمان اجتماعي للعاجزين ووقاية للجماعة كلها من التفكك والانحلال وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما أرسله إلى اليمن أن يأخذ صدقة من فضول أموال الأغنياء ويردها إلى الفقراء فإخراج الزكاة هو الذي يخرج الفقير من حد الكفاف حيث لا يملك القدرة الشرائية وحيث يكون الحد الاستهلاكي عنده صفرا وحيث تكون الحاجة عنده إلى ضروريات العيش كبيرة جدا إلى حد الكفاية حيث تتوفر لديه القدرة الشرائية ويستطيع أن يساهم في الدورة الاقتصادية إذ إنه يصبح مستهلكا يحسب له حساب في الطلب الفعال وهو الطلب الذي تسنده قوة شرائية وليس القصد من الزكاة هو سد حاجات الفقراء وإشباعها لبعض الوقت فقط ولكن القصد منها هو إخراجهم من الفقر على الدوام وذلك بتمليكهم الوسائل التي تحميهم من التردي في الفقر مرة أخرى وتنقلهم من الكفاف إلى الكفاية وليست الكفاية إشباع حاجات الفقير الضرورية فقط بل تتجاوز ذلك إلى توفير الكماليات ويقوم المجتمع المسلم على مبدأ التكافل الاجتماعي بين أفراده وتعاونهم فيما بينهم في السراء والضراء وإن أركان الإسلام تؤكد هذا وتقرره وأنا على يقين لو أن الأغنياء من المسلمين الذين تجب في حقهم الزكاة أخرجوا زكاة أموالهم لما بقي فقير مسلم على وجه الأرض كما كان عليه الحال في عهد الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه وقد عز في زمنه وجود من يقبل الزكاة يقول عمر بن أسيد والله ما مات عمر بن عبدالعزيز حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم فيقول اجعلوا هذا حيث ترون فما يبرح يرجع بماله كله قد أغنى عمر الناس وقد تميز عصر الخليفة عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه بالعدل والرخاء الاقتصادي حتى إن بيت مال المسلمين لم يجد من يستحق أموال الزكاة ليدفعها له بعد تزويج الشباب وتسديد الديون عن الفقراء والزكاة تعزز وحدة المجتمع الإسلامي وتتجاوز الجغرافية السياسية لبلدانه إذ الأصل في الزكاة المحلية أن توزع على فقراء البلد الذي تجبى منه لكن ذلك لا يمنع جواز نقلها إلى حيث تمس الحاجة إليها وفي ذلك إشعار للمسلمين بوحدة أمتهم وبوحدة ذمتهم أيضا كما أنها تعمق فهم المسلم لوظيفة المال في المجتمع بتوكيدها للوظيفة الاجتماعية لحق الملكية تأسيسا على نظرية الاستخلاف الإسلامية فالمال مال الله والناس مستخلفون فيه وهذا الفهم يساعد المسلم على تقبل أحكام الإسلام الأخرى المتعلقة بالمال انتفاعا واكتسابا واستثمارا وتداولا وبالإضافة إلى دورها في التكافل الاجتماعي فإن للزكاة وظائف اقتصادية واجتماعية أخرى منها تأمين الإنتاج وزيادته فقد جعل الإسلام الغارمين أحد مصارف الزكاة قال تعالى وفي الرقاب والغارمين ومن جملة الغارمين من اقترض مالا للإنتاج والاستثمار ومن اشترى سلعا بأجل ولم يستطع الوفاء بالدين وإن من أهم ما يلزم القيام به لتفعيل الزكاة واستظهار آثارها القيام بعملية توعية وتثقيف علمية واعية ومستمرة تشترك فيها المؤسسات التربوية والتعليمية والدعوية والإعلامية تستهدف تجديد التزام الناس بالنظام الزكوي بأبعاده العقدية والقيمية وإن الدولة يمكنها أن تجعل الزكاة فريضة مالية تكون إلزامية مائة بالمائة وأن تكتفي بالزكاة وتسد العجز في حال وجوده بالضرائب كما يوصي بذلك بعض الباحثين الاقتصاديين وندعو إلى ضرورة توفير منظومة محكمة لجمع وصرف الزكاة إما تكون حكومية أو مؤسسات مدنية تطوعية خاصة على أن تدار بشفافية وأن تحفظ الأموال في البنوك والمصارف الإسلامية وتستثمر في مشروعات تملك للفقراء والمساكين
الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام وشعيرة من شعائره والزكاة في دلالتها اللغوية طهرة ونماء وهذه هي حقيقتها وفي الاصطلاح هي استقطاع مالي جبري من أموال المكلفين يعاد توزيعه على مستحقين معينين وصفا وهي فريضة على كل مسلم ذكر وأنثى مالك للنصاب دون النظر إلى جنسه أو عمره أو لونه أو نسبه أو طبقته أو وضعه الاجتماعي فالناس جميعهم سواء أمام هذه الفريضة
لست مبالغا في هذا التوصيف فكل واحد منا حتما يعرف واحدا أو أكثر ممن ابتلي بهذا البلاء وللحق فهذا الصنف موجود في عامة الناس وفي النخبة المثقفة ولكن أحسب أنه في النخبة أكثر منه في عوام الناس خاصة أنهم لا يستترون بل بعضهم يأتي للفضائيات ليستعرض خصيصته المتميزة بأنه يعرف كل شيء قال الحق سبحانه ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا قال قتادة بن دعامة السدوسي رحمه الله في تفسيرها لا تقل رأيت ولم تر وسمعت ولم تسمع وعلمت ولم تعلم أي أن الله تعالى نهى عن القول بلا علم بل بالظن الذي هو التوهم والخيال وهذا ما يقع فيه صاحبنا الذي يعرف كل شيء يقول جهلا ويحلل وهما ويروج خيالا وضلالا ومن دقائق التعبير القرآني أن أعقب الله تعالى هذه الآية الناهية عن اتباع الجهل أو القول بجهل بقوله ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا وهذا حال من يعرف كل شيء فإنه يطلع مختالا فخورا على الناس يهز عطفيه ظنا منه أنه أبهر العالم وما علم المسكين أنه أضحك العالم على بلادته وبلاهته وانظروا إلى أدب العلماء الكبار ماذا يروون لنا قال الإمام ابن عبد البر المالكي رحمه الله قال أبو داود صاحب السنن حدثنا الإمام أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال سمعت مالكا يقول سمعت ابن عجلان يقول إذا أخطأ العالم لا أدري أصيبت مقاتله أي أن العالم إذا صار يتكلم في كل المسائل ويجيب عن كل الأسئلة ولا يقول لما لا يعلم لا أدري أصيبت مقاتله والمقاتل هي أعضاء جسم الإنسان التي إن أصيبت قتل الإنسان ومات فهؤلاء الأئمة الكبار يروون لنا هذا الأدب العالي حتى نتأدب ونتخلق وقد تأدبوا هم بذلك حقا وصدقا قال الإمام عبد الرحمن بن مهدي سأل رجل من أهل المغرب مالك بن أنس عن مسألة فقال لا أدري فقال يا أبا عبد الله تقول لا أدري قال نعم فبلغ من وراءك أني لا أدري وأصحابنا الذين يعرفون كل شيء لا يستحون أبدا ولا يخطئون ولو مرة واحدة فيقولون معذرة لا أدري ليس تخصصي قال الإمام الحافظ أبو داود رحمه الله قول الرجل فيما لا يعلم لا أعلم نصف العلم بل قال الصحابي الجليل ابن مسعود رضي الله عنه إن من يفتي في كل ما يستفتونه لمجنون وقال الأديب الكبير ابن المقفع من أنف من قول لا أدري تكلف الكذب ومعنى هذا أن هذا الذي يعرف كل شيء من عامة الناس أو من المحللين متعددي المواهب لا يخرج عن أمرين إما أنه مجنون وإما أنه كاذب ولا أسوأ من هذا سوى هذا وبالعكس إنه من الواجب على العاقل أن يعرف قدره ويقف عنده وأن يحترم عقول الناس فلا يقول ما يعن بباله ظنا منه أنه لن يحاسب على كلامه وأن يحترم التخصصات والمتخصصين وخاصة إذا كان يتحدث من الفضائيات فإن المسؤولية تزيد وتكبر وأن يحذر هؤلاء الذين يحسبون أنفسهم يفهمون في كل شيء ويعرفون في كل شيء إذا تحدثوا في دين الله تعالى فإن الحساب على ذلك عسير والناقد خبير
هذا أنموذج من البشر متكرر تلتقي معه ربما كل يوم وربما مرات في اليوم أنموذج للشخص الذي يتكلم في كل شيء ومطلع على أسرار في كل الشؤون وله مقدرة على تحليل كل الظواهر في كل مجالات الحياة فإذا شئت فهو خبير سياسي ينبئك بأسرار الجلسات السرية بين علية القوم وإن شئت هو محلل رياضي يطلعك على أسرار كواليس الكرة في العالم أجمع وإن شئت هو عالم دين يفتيك في أعوص المسائل التي اختلف فيها العلماء بل يصنف لك العلماء يرفع منهم من يشاء ويسقط من يشاء وإن شئت هو اقتصادي كبير يملك مفاتيح التنمية بيد والملفات الاقتصادية السرية بيد وإن شئت هو قانوني ضليع يحفظ الدستور والقوانين وحتى التعليمات
لا شك أن القارئ لهذا الحديث يتساءل ترى ما المراد بالعبد الخفي الذي أحبه الله فقد يكون شخصا عرف ربه فأحبه وحرص أن يكون بينه وبين الله أسرار وربما هو عبد تقي اجتهد في إخفاء أعماله خوفا من فسادها بالعجب والرياء تأسيا بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم أن تكون له خبيئة من عمل صالح فليفعل وربما هو جندي مجهول ناصح عامل فكم من ناصح ومن داع للحق لا يعرف وربما أنه أيضا هو الساجد الراكع في الخلوات فكم من دعوة في ظلمة الليل شقت عنان السماء وكم من دمعة بللت الأرض إن الخفاء منهج شرعي يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه قال الحافظ ابن حجر رحمه الله وهو من أقوى الأدلة على أفضلية إخفاء الصدقة وفي الحديث نفسه صورة أخرى وردت في فضل الإخفاء ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ولنتأمل حديث أبي هريرة عند الشيخين عن الرجل الذي تصدق ليلا على سارق وعلى زانية وعلى غني وهو لا يعلم بحالهم فالصدقة وقعت بالليل لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث فأصبحوا يتحدثون فدل ذلك على أن صدقته كانت سرا في الليل إذ لو كانت هذه الصدقة بالجهر نهارا لما خفي عنه حال الغني بخلاف حال الزانية والسارق فالغني ظاهر حاله فلذلك كانت الصدقة سرا في الليل وأيضا حديث صلاة النافلة في البيوت فعنه صلى الله عليه وسلم قال صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة وقوله فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس كفضل الفريضة على التطوع وانظر الشاهد حيث يراه الناس إذا فالاختفاء عن أعين الناس في صلاة النافلة لا شك أنه أفضل وقوله صلى الله عليه وسلم أيضا من سمع سمع الله به ومن يرائي يرائي الله به وقوله من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه وصغره وحقره قد يقول قائل وهل نخفي أعمالنا دائما فلا نظهر منها شيئا أبدا للإجابة على هذا السؤال نستمع للحافظ ابن حجر في الفتح لما تحدث عن صدقة الفرض وصدقة النفل وهل الأفضل إعلانهما أو إخفاؤهما قال رحمه الله لو قيل إن ذلك يختلف باختلاف الأحوال لما كان بعيدا فإذا كان الإمام مثلا جائرا ومال من وجبت عليه الزكاة مخفيا فالإسرار أولى وإن كان المتطوع ممن يقتدى به ويتبع وتنبعث الهمم على التطوع بالإنفاق وسلم قصده فالإظهار أولى فمن هنا نعلم أنه ليس دائما تخفى الأعمال بل قد يظهر الإنسان أعماله لمصلحة راجحة أما في هذا الزمن فهناك أخفياء ولكنهم أخفياء من نوع آخر أخفياء يختفون عن أعين الناس ويحرصون كل الحرص ألا يطلع عليهم أحد فهؤلاء الأخفياء هم الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا قالوا يا رسول الله صفهم لنا فقال أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ومن خواطر ابن الجوزي في صيده نظرت في الأدلة على الحق سبحانه فوجدتها أكثر من الرمل ورأيت من أعجبها أن الإنسان قد يخفي ما لا يرضاه الله عز وجل فيظهره الله سبحانه عليه ولو بعد حين وينطق الألسنة به وإن لم يشاهده الناس وربما أوقع صاحبه في آفة يفضحه بها بين الخلق فيكون جوابا لكل ما أخفى من الذنوب وذلك ليعلم الناس أن هنالك من يجازي على الزلل ولا ينفع من قدره وقدرته حجاب ولا استتار ولا يضاع لديه عمل إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي
وأكد ذات المصدر أن التأشيرات موحدة الرسوم التي حددت بقيمة ريال تشمل الحج العمرة أو السياحة أو أعمال أو زيارة أقارب وأصدقاء أو خرى أو المرور للزيارة عبر أي منفذ وأضافت أن مدة الإقامة تختلف حسب التأشيرات وبالرسوم ذاتها يذكر أنه قد تم إلغاء رسوم ال ريال في حال تكرار العمرة خلال فترة الثلاث سنوات
أعلنت المملكة العربية السعودية اليوم الخميس عن توحيد سعر تأشيرات العمرة والحج حسبما أفادت به صحيفة عكاظ السعودية
والذي أفاض علي خواطر هذا الموضوع هو ما رأيته من توجه لدى كثير من الفضائيات ومنها الفضائيات الجزائرية في برامجها الدينية حيث تحرص على تنشيطها من طرف من أسميتهم دراويش وهم أقرب للقصاص والحكواتيين منهم إلى الدعاة والعلماء ولكن هذه الفضائيات بقصد سيء عند أغلبها تفتح المجال لأمثال هؤلاء للحديث عن الدين وباسم الدين قتلا للدين وتشويها للتدين وكأنها تقول للناس انظروا المتدينين كيف هم وكيف يفكرون وكيف يتكلمون وفيما يتكلمون ولا أحدثك عن سذاجة طرحهم وضآلة علمهم وسطحية فكرهم وفجاجة إلقائهم وركاكة كلامهم وضعف حججهم وحتى يتضح لنا سوء الوضع ومدى اختلاله لا بد لنا من التعريج على صفة العالم الذي يتصدر لإفتاء الناس وتوجيههم ونصحهم ووعظهم وأول ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ولهذا قرر علماؤنا أن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم فينبغي على العاقل أن لا يأخذ إلا عمن عرفت عالميته واشتهرت ديانته فلا يتلقاه عن جاهل فيضله ولا عن فاسق فيغويه ولا عن درويش فيغريه فأهم صفة لأهل العلم هي العدالة أن يكون العالم عدلا وهو من اتصف بصفات تحمل صاحبها على التقوى واجتناب الأدناس وما يخل بالمروءة عند الناس وفصل الإمام الخطيب البغدادي رحمه الله صفات أهل العلم بالدين الذين يجوز لهم التقدم لإفادة الناس فقال وينبغي أن يكون قوي الاستنباط جيد الملاحظة رصين الفكر صحيح الاعتبار صاحب أناة وتؤدة وأخا استثبات وترك عجلة بصيرا بما فيه المصلحة مستوقفا بالمشاورة حافظا لدينه مشفقا على أهل ملته مواظبا على مروءته صليبا في الحق دائم الاشتغال بمعادن الفتوى وطرق الاجتهاد ولا يكون ممن غلبت عليه الغفلة واعتوره دوام السهر ولا موصوفا بقلة الضبط منعوتا بنقص الفهم معروفا بالاختلال يجيب بما لا يسنح له ويفتي بما يخفى عليه ومن يتابع حصة واحدة من الحصص التي يقدمها هؤلاء الدراويش الذين شهرتهم الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي يتبين له مدى دروشتهم وخلوهم عن هذه الصفات وقلة بضاعتهم وسعة غفلتهم مع خفة عقول كثيرين منهم ولكن للأسف الفضاء أمامهم مفتوح والأبواب مشرعة والكلام في الدين كلأ مباح لكل معتوه ودرويش إن صرح العلم عامة في تاريخ الحضارة الإسلامية إنما بناه أصحاب العقول الكبيرة وخاصة العلم الشرعي الذي قيض الله تعالى له أذكياء العالم لحفظه وتبليغه إلى الناس وأصحاب هذه العقول الكبيرة هم الذين قاموا وقادوا الدعوة الإسلامية منذ انطلاقتها إلى أن جاءت الأعصر المتأخرة فهانت علوم الشريعة وهانت الدعوة الإسلامية وتجرأ على الكلام فيهما كل من هب ودب ولعب بل صار لا يوجه إلى دراسة علوم الشريعة في الغالب إلا أصحاب المعدلات الضعيفة والذكاء المحدود وصارت الفتيا والوعظ عمل من لا عمل له ووظيفة من فشل في الحياة إلا قليلا قليلا وجاءت هذه الفضائيات والقائمين عليها من ذوي الأغراض السيئة فوجدوا الساحة ملأى بالنطيحة والمتردية مع وجود الأكفاء المقتدرين ذوي المستوى العالي والطرح الحضاري ولكنهم اختاروا هؤلاء الدراويش للكلام على الإسلام وتمثيله لحاجات في نفوسهم أو قل لعاهات في عقولهم حيث أن بعض الفضائيات تعادي الإسلام عداء ناعما غير معلن وهؤلاء يستعملون طرقا خبيثة لاستغلال هؤلاء الدراويش حيث يدعونهم لتمثيل رأي الدين في قضايا شائكة ويختارون منهم عادة من كان ضعيف الحجة ضئيل المعرفة سريع الغضب كثير الصياح رث الهيئة لا يحسن الكلام ولا يتأدب بأدب الحوار ليستضيفوه مع من يمثل الديانات الباطلة الأخرى أو ليمثل التيارات الشاذة والأفكار المنحرفة وهؤلاء طبعا يختارون منهم من كانت فاتنة أو كان مليح الوجه هادئ الطبع حسن الشارة حلو الكلام متأدبا بأدب الحوار وفي هذه الحال سيميل المشاهد الخالي الذهن إلى هذا الصنف الثاني ليس لصواب ما يقول وقوة حجته ولكن انجذابا لصورته الحسنة مقابل تلك الصورة الشوهاء للدين التي يقدمها الدرويش وكم للإعلام من مداخل ومخارج ومكر ودهاء وقد شاهدت حصصا كثيرة على هذه الشاكلة في عدة فضائيات عالمية وخاصة فرانس بالعربية فهذه القناة الدعائية التابعة للاستخبارات الفرنسية فاقت الجميع في هذا المسلك وبعض هذه الفضائيات التي تعادي الدين عداء ناعما ويقوم عليها دعاة التغريب والعلمنة تستغل هؤلاء الدراويش بحسب نظرتها إلى الدين حيث تراه فلكلورا تراثيا أو ثقافة شعبية أو فكرا خرافيا لا بد أن يكون له وجود بقدر تكميلا لصورة المجتمع وتلبية لحاجة قطاع منه فتختار من هؤلاء الدراويش من يتكلم في الدين بصورة كاريكاتورية تضحك المشاهد وتسليه وتزيد من عدد متابعي القناة ومشاهديها وهذا موجود في الفضائيات الجزائرية ولا حاجة لذكر الأسماء وتعيين الأشخاص وهذا كله وما كان مثله يدخل في قوله تعالى يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ونور الله تعالى دينه وقرآنه ونبيه عليه السلام والحق الذي أنزله يريدون إبطاله بالقول ودفعه بالكلام وتشويهه بالأراجيف وهذا ما يقوم به الدراويش وإن لم يعلموا ولم يقصدوا ويلحق بهذا وذاك هذا السيل من الوعاظ والقصاص ومدربي التنمية البشرية الذين لا يعانون من خفة العقل وهزل الطرح ولكنهم يعانون من قلة العلم وسذاجة الفكر وهؤلاء كذلك لهم آثار سيئة سبق وأن نبهت على بعضها وسأعود إلى موضوعهم في مناسبة أخرى إن شاء الله إنني هنا أتكلم على هذه الظاهرة الخطيرة وأنا أعلم أن بعض الفضائيات لا تقدم هؤلاء الدراويش عداء للإسلام وحربا للدين وإنما من باب الإثارة والتسويق والمنافسة وجذب المشاهدين ولكن النتيجة واحدة وهي الإضرار بالتدين وتقديم صورة شوهاء لعلماء الإسلام ودعاته والعبرة بالنتائج إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
الدرويش لفظ فارسي معناه الفقير الصادق وهو في معجم الصوفية الزاهد الجوال فهو عندهم لقب مدح ولكن الدارج استعمال هذا الوصف في سياق الذم وغالبا ما يراد به الذي لا عقل له أو لا فكر سوي له وقد استعملته في العنوان بهذا الملمح السلبي فالمعذرة ممن يراه لقب مدح
ها قد انقضت العطلة الصيفية ورجع أبناؤنا إلى مقاعد دارستهم واستهلوا على بركة الله فصلا دراسيا جديدا أسأل الله أن يأخذ بنواصيهم لما فيه الخير والصلاح وأن يوفقهم لكل عمل يرضي ربهم وبهذه المناسبة المجيدة أردت أن أخاطب إخواني من معلمين ومعلمات أحب أن أتحدث معهم وأوجه لهم نصيحة أخوية من خلال صحيفتنا الغراء الخبر أرجو الله أن تكون خالصة لوجه المولى سبحانه اعلم أخي المعلم واعلمي أختي المعلمة أن مسؤولية التربية والتعليم مسؤولية جسيمة وخطيرة لأنها تتعلق بتربية الأجيال ورسم الطريق الذي يسيرون عليه في مستقبل أمرهم إذا فالمعلم والمعلمة يجب أن يستحضر كل منهما هذه المسؤولية وأن يتصوروا هذه الأمانة الملقاة على عواتقهم فإن تصوروها حق التصور وعلموا أهميتها وكبير شأنها دعاهم ذلك إلى أن يؤدوا ما استطاعوا من واجب وما قدروا عليه نحو أداء هذه المهمة على الوجه المرضي من استرعاه الله رعية فالله سائله عنها حفظ ذلك أم ضيع أخي المعلم أختي المعلمة إن في أعناقكم مسؤولية تربية هذا النشء وتثقيفه فإن اتقيتم الله فيما عهد إليكم من واجب وفيما كلفتم به من مهمة وإن اتقيتم الله فأديتم هذه الوظيفة حق أدائها ورعيتموها حق رعايتها فكنتم مخلصين لله في أداء تلك المهمة صادقين في أدائها وفقتم للخير وهديتم للطريق المستقيم ولتكونوا على قدر ما حملتم من مسؤولية فأولا وقبل كل شيء الإخلاص في العمل ثم الحرص في المحافظة على الوقت زمنا وأداء وذلك بالالتزام بالحضور في الوقت وأداء العمل بجد ومثابرة فالله الله فلا تستخفوا بهذه المسؤولية ولا تستهينوا بها فإنها أمانة والله سائلكم عنها إن ٱلله يأمركم أن تؤدوا ٱلأمانات إلى أهلها أخي المعلم من باب النافلة أذكرك بالصلاة فلا شك أنت حريص عليها الصلوات الخمس ركن من أركان الإسلام فليشعر طلابك منك بترغيبهم فيها وحثهم عليها وبيان منزلتها في الإسلام لكي يؤدوها رغبهم في أدائها وحثهم عليها ومرهم بها واسألهم هل أدوها اسألهم عن أدائها من باب الحث لهم والحرص على أدائها ورغبهم في وقتها وفي أدائها جماعة وكن حريصا على ذلك في كل فرصة ممكنة أخي المعلم قبل التعليم فأنت مرب رغب الأولاد في بر الأبوين والسمع والطاعة لهما فعسى الله أن ينفع بتوجيهك حثهم على احترام الكبير ورحمة الصغير والتعامل الراقي مع الجيران والأقارب فكن راسما لهم للأخلاق الكريمة وبين لهم أن ديننا دين أخوة ومحبة ومودة وجمع للكلمة رغبهم في سلوكهم وسيرهم في ذهابهم إلى المدرسة ورجوعهم منها حثهم على الطمأنينة والهدوء في سيرهم وحذرهم من التهور في اجتازهم لطرق السيارات انصحهم أن يمروا من الأماكن المخصصة للمشاة حذرهم من الأخلاق السيئة ومن مصاحبة خلان السوء أما أنتم إخواننا الإداريون فإن دوركم لا يقل شأنا عن دور المعلمين تابعوا الطلبة في حضورهم للمدرسة في الوقت راقبوا هندامهم وقصات شعورهم وتقليم أظافرهم حثوا البنات على فريضة الحجاب ذكروا الطلاب بما أنعم الله علينا في بلادنا من أمن واستقرار وتعاونوا على الخير في أداء هذه المهمة العظيمة التي ائتمنكم الله عليها أخي المعلم أخي الإداري يكفيكم فخرا أنكم تمارسون مهنة الأنبياء التي هي تربية الأمة وتثقيفها ورحم الله ابن عطاء الله السكندري حين قال إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر حيث أقامك إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
ورد في جامع الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال عليه الصلاة والسلام من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب
إن دعوة الناس إلى تحمل مسؤولياتهم نحو أنفسهم ونحو غيرهم واجتناب الضرر أو التسبب فيه للنفس وللغير يدخل في صميم الدين وجوهره باعتبار أن الدين الإسلامي بنيت أوامره ونواهيه وتشريعاته كلها على درء المفسدة وجلب المصلحة للإنسان وإن المصلحة المرسلة هي دليل وجوب الالتزام بالأنظمة المرورية التي تضعها الدول الحديثة فيما تنظمه من إجراءاتها من حفظ لمقصود الشرع في الأنفس والأموال ولو اقتضى الأمر إلى سن العقوبات الزاجرة لمن يخالف تلك الأنظمة المصلحية والعمل بالمصلحة المرسلة حجة عند الأكثر من أهل العلم كما هو معلوم فالأصل أن تكون الطرق واسعة يسير فيها الناس بحرية كاملة وبأمان كامل على أنفسهم وأموالهم والطرق لجميع المسلمين وليست ملكا لأحد ولا يجوز لأحد أن يتصرف بها على انفراد وقد منعت الشريعة الإسلامية التزاحم على الطرق العامة أو الجلوس في الطرقات تأمينا لحرية الطريق وحتى يتمكن المسافرون من التنقل بيسر وسهولة ومن باب تحمل المسؤولية في تسهيل الطرق ما فهمه عمر بن الخطاب أن الحاكم مسؤول عن تسهيل الطرق وأنها من مهماته الأساسية التي يجب أن يعطيها اهتمامه يقول لو عثرت ناقة إذا لم أسو لها الطريق فالطرق والجسور بناء وإصلاحا وكل المرافق إنشاء وصيانة وتسهيل الطرق والمواصلات من المصالح العامة التي يعود نفعها على كافة المسلمين والحاجة الماسة تدعو إلى تحقيقها حفظا لراحة المسلمين وسدا لحوائجهم وتحقيقا لمنافعهم ومن هنا أجاز الفقهاء الوقف على المصالح العامة كبناء الطرق والجسور ومن القواعد المهمة التي تضبط حقوق الناس في حوادث المرور قول النبي صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار وهذا الحديث يقرر قاعدة كلية هي من مبادئ الشريعة الإسلامية من رفع الضرر وتحريم الإضرار بالغير وهذا الحديث إذا تأملنا فيه لا يكتفي بتحريم إضرار الغير فقط بل يشير إلى وجوب الضمان على من سببه إن الحذر وعدم التفريط في الأمور اتكالا على القدر أمر مطلوب في الدين فإذا كان لكل قدر سبب فإن من أسباب النجاح في العمل هو الأخذ بالأسباب وكذا فإن سبب الخيبة والفشل هو التفريط وترك العمل ففي مدح التؤدة والأناة في كل الأمور كلها يقول النبي صلى الله عليه وسلم في وصف رجل إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة ويقول الله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين فهذه الآية تشير إلى أن المسلم المتهور الذي لا يقدر الأمور ولا يعرف أن السرعة الزائدة في وسائل النقل المختلفة تؤدي إلى الخطر والهلاك هو بهذا التصرف الأرعن يضر بنفسه وهو مفرط في أمره ومن توجيهات القرآن الكريم قوله تعالى واقصد في مشيك ففي هذه الآية يظهر أن لقمان عليه السلام رسم لابنه الخلق الكريم الذي ينبغي أن يستعمله وهو التوسط في المشي والقصد هو التوسط في المشي ما بين الإسراع والبطء وقد روي أن سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن وقال صلى الله عليه وسلم أيضا الأناة من الله والعجلة من الشيطان فتبينوا والتبين ضروري حتى لا يقع الإنسان في المخاطرة والتسرع وعدم أخذ الحيطة والحذر ولابد من المراقبة ومتابعة السائق في سلوكه ليسلك أسلم الطرق ولكي لا يخالف قواعد السير العامة وينصح السائق بضرورة المحافظة على أرواح الناس والسير ببطء عند الازدحام أو تغيير الطريق عند حدوث الانزلاقات وتغير الطقس ونزول الأمطار والثلوج ومن ذلك وضع إشارات المرور على الطرق للدلالة عليها لمعرفة الاتجاهات وأماكن التوقف الآمنة والتوقف في الأسواق والطرق السريعة ولا شك أن مسؤولية الآباء مسؤولية كبيرة في هذا المجال وتتخذ الإدارة المرورية الناجحة التدابير اللازمة لإصلاح أولي الاستعداد للمخاطرة والإيذاء لأن الشريعة حثت الإنسان على مراقبة النفس حيث يجعل من ضميره رقيبا حيا يقظا متحركا يحاسب نفسه قبل أن يحاسب ويسأل نفسه قبل أن يسأل ومن هنا يرتقي الإنسان فلا يخضع للشهوات والرغبات أو إلى هوى النفس والرعونة والطيش في السواقة أسأل الله أن يقينا شر الحوادث والأضرار وأن ينعم علينا بالأمن والإيمان
شهدت بلادنا هذه الأيام حوادث مرور رهيبة راح ضحيتها العشرات من الأرواح البريئة ما يتطلب منا التنبه ودق ناقوس الخطر لهذه الظاهرة المتفاقمة والتي هي في تزايد مستمر
قبل أيام قلائل ودعنا عاما مضى من أعمارنا وها نحن نستقبل عاما جديدا فليت شعري ماذا أودعنا في العام الماضي وبماذا نستقبل عامنا الجديد إن في توالي الأعوام عبر وتذكرة للمتذكرين وفي أفول الأزمنة آيات للمتبصرين سنوات تمضي على العباد وأيام وشهور تنقضي من الأعمار والعاقل من جعل هذه الآيات سبيلا للتفكر وميدانا رحبا للتبصر المؤمن الحصيف هو الذي يحاسب نفسه ويتداركها فإن كان مستقيما على طاعة الله فليحمد الله وليسأل ربه الثبات إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء ومن دعائه صلى الله عليه وسلم اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ومن كان منا مقصرا فليتدارك وليبادر إلى التوبة والإقلاع عن المعاصي وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون يقول الفاروق رضي الله عنه حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني إن عمر الإنسان مهما طال فلن يتجاوز عشرات معدودة من السنين سيسأل المرء عن كل جزئية من جزئياته بل إن هذا من أصول الأسئلة التي توجه له يوم القيامة لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه فيسأل عن عمره على وجه العموم وعن شبابه على وجه الخصوص لأن الشباب هو محور القوة والنشاط وعليه الاعتماد في العمل والإنتاج أكثر من غيره من مراحل العمر وهذا الزمن من أفضل نعم الله على عباده عند البخاري نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ والغبن أن يشتري الإنسان سلعة بأضعاف الثمن فمن صح بدنه وتفرغ من الأشغال العالقة به ولم يسع لإصلاح آخرته يقال عنه رجل مغبون وفي الحديث إشارة إلى أن الزمن نعمة كبرى لا يستفيد منها إلا القليل وأما الكثير فمفرط ومغبون اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك وفراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك وشبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك في مدارج السالكين يقول ابن القيم رحمه الله الوقت منقض بذاته منصرم بنفسه فمن غفل عن نفسه تصرمت أوقاته وعظم فواته واشتدت حسراته فكيف حاله إذا علم عند تحقق الفوت مقدار ما أضاع وطلب الرجعى فحيل بينه وبين الاسترجاع إلى أن يقول إن الواردات سريعة الزوال تمر أسرع من السحاب وينقضي الوقت بما فيه فلا يعود عليك منه إلا أثره وحكمه فاختر لنفسك ما يعود عليك من وقتك فإنه عائد عليك لا محالة ولهذا يقال للسعداء كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ويقال للأشقياء ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون ويقول الإمام الشافعي رحمه الله صحبت الصوفية فما انتفعت منهم إلا بكلمتين سمعتهم يقولون الوقت سيف فإن قطعته وإلا قطعك ونفسك إن لم تشغلها بالحق أشغلتك بالباطل ومن تأمل أحوال السلف وجدهم أحرص الناس على كسب الوقت قال ابن مسعود رضي الله عنه ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي ويقول الحسن البصري رحمه الله يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يومك فقد ذهب بعضك إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
يقول الحسن البصري رحمه الله لم يزل الليل والنهار سريعين في نقص الأعمار وتقريب الآجال هيهات قد صحب نوحا وعادا وثمودا وقرونا بين ذلك كثيرا فأصبحوا قد قدموا على ربهم ووردوا على أعمالهم
يأمر الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم والأمر عام له ولأمته بلزوم الصالحين ومصابرة النفس على مصاحبتهم فلا تبعد أيها الرسول الكريم عن مجالسك هؤلاء المؤمنين الفقراء الذين يدعون ربهم صباح مساء بل اجعلهم جلساءك وأخصاءك فهم أفضل عند الله من الأغنياء المتغطرسين والأقوياء الجاهلين ثم نهاه تعالى عن مصاحبة أهل الدنيا فقال ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا أي لا تتطلع إلى مصاحبة غيرهم من أهل الشرف والغنى لما يحصل بذلك من اشتغال القلب بزينة الدنيا عن أمر الآخرة فإن ذلك يوجب تعلق القلب بالدنيا فتصير الأفكار والهواجس فيها وتزول من القلب الرغبة في الآخرة ثم نهاه نهيا آخر فقال ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا فنهاه عن طاعة الغافلين عن ذكر الله المتبعين أهواءهم الذين أضاعوا دينهم فطاعة من هذه صفته هي خسارة في الدنيا والآخرة وفي هذه الآية الكريمة من الفوائد الشيء الكثير منها الحث على الصبر وقد ذكر الله الصبر في أكثر من تسعين موضعا من كتابه لأهميته ومكانته العظيمة بل إنه في الآية الواحدة يتكرر الأمر بالصبر كما في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ومنها استحباب ذكر الله والدعاء طرفي النهار وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب يقول ابن القيم رحمه الله والذكر من أعطيه اتصل ومن منعه عزل وهو قوت قلوب القوم الذي متى فارقها صارت الأجساد لها قبورا وعمارة ديارهم التي إذا تعطلت عنه صارت بورا وهو سلاحهم الذي يقاتلون به قطاع الطريق وماؤهم الذي يطفئون به نار الحريق ودواء أسقامهم الذي متى فارقهم انتكست منهم القلوب ورد عند أبي داود من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة فذكر الله يورث الذاكر القرب منه سبحانه فعلى قدر ذكره لله يكون القرب منه ففي الحديث القدسي يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وإن تقرب مني شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ومن فوائد قوله سبحانه ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا الحث على مجالسة الصالحين الأخيار حتى لو كانوا فقراء أو ضعفاء فإن في مجالستهم خيرا كثيرا قال صلى الله عليه وسلم لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي ومنها الزهد في الدنيا والرغبة فيما عند الله ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى ومنها الحث على الإخلاص لله تعالى فقد ذكر ربنا سبحانه مبينا خصال عباده الصالحين أنهم لا يريدون بعملهم إلا وجهه عز وجل لا رياء ولا سمعة إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا يقول ابن القيم رحمه الله إذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فأقبل على الطمع أولا فاذبحه بسكين اليأس وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص والله ولي كل توفيق إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا قال وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع فحدث نفسه فأنزل الله عز وجل ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه أخرجه مسلم
ودق الداعية الجزائري في السويدي الشيخ حسان موسى ناقوس الخطر من موجة من المد الشعبوي اليميني المتطرف الذي استغل بعض السلوكيات الخاطئة من الأقليات والإثنيات والعرقيات مؤكدا في تصريح ل الخبر أمس أن اليمين المتطرف في السويد حاول أن يلعب على قضايا الإسلام والمسلمين مستغلا بعض السلوكيات الشاذة منهم هنا وهناك ليقدم صورة تعتمد على ثقافة الكراهية ورفض الآخر والإقصاء والتهميش وكانت إدارة مسجد يقع في مدينة ترولهتان غربي السويد تلقت رسالة بريدية هذا الأسبوع تهدد بتفجيره وقتل المصلين فيه إضافة إلى دعوتهم لترك البلاد وقد أبلغت الجمعية الثقافية الإسلامية التي تدير شؤون المسجد الشرطة بالأمر ودعت المسلمين في المدينة لضرورة توخي الحيطة والحذر وحذر نائب المفتي من أن اليمين المتطرف يحاول استفزاز المسلمين والاعتداء على المقابر والاعتداء على المساجد كما أنه يحاول فعل ما يستطيع من تشويه وازدراء للإسلام والمسلمين أمام كلام باهت وتصريحات باهتة للسياسيين التي لا تسمن ولا تغني من جوع في الوقت الذي ينمو فيه اليمين المتطرف والنازيين الجدد ويكتسبون شرعية برلمانية وحكومية مؤكدا أن بعض الساسة والمفكرين في أوروبا يحاولون التهوين خاصة في أعياد الميلاد بعد توجيه تهديد بالقتل والاعتداء ومن خلال الرسائل لمسجد الجمعية الإسلامية في ترولهتان وقال الشيخ حسان إن الشرطة سوف تتعامل مع القضية وستبحث عن الجاني ولكن سوف تسجل كما سجلت كل الرسائل والتهديدات ضد مجهول وبنبرة تحذير قال مفتي السويد السابق إننا نشعر بخوف هنا وهناك ونشعر برهاب من هؤلاء وإنه لا بواكي لنا في العالم الإسلامي وإننا نتعرض لاضطهاد هنا وهناك تزيد نبرته وتنقص إلا أن إكراهاته وإرهاصاته تؤسس ل إسلاموكوست شديد والتي بدأت حسب رأيه ب منع بناء المآذن في سويسرا ثم بمنع النقاب ومنع غطاء الرأس والآن يحاولون بشتى الوسائل طردنا من أوروبا بعد التركيز على طرد الإسلام مشيرا إلى أنه لست من دعاة التهويل ولا من دعاة التهوين ولكنني أقرأ المشهد قراءة صحيحة وأستطيع أن أدلل عليه بالشواهد مذكرا أنه قبل عاما لم يكن لهم نسبة في البلديات واليوم هم في قباب البرلمان وأصبحوا يمثلون بيضة السمان في تشكيل الحكومات واعتماد الميزانيات وأن كل سبر الآراء ترشهم للقيادة وأبدى الدكتور حسان موسى تخوفه من اليمين المتطرف الذي سوف يحكم الحكومات الأوروبية باسم الديمقراطية وسوف يكون المسلمون ضحاياه كأن يقوم بترحيلهم أو وضعهم في ڤيتوهات أو إلغاء هويتهم بكل الطرق والوسائل التي تستعمل بالآليات الديمقراطية
استنكر نائب مفتي السويد الشيخ حسان موسى التهديد بتفجير مسجد مدينة ترولهتان غربي السويد مؤكدا أن هذا التهديد إشارة واضحة وبارزة كغيره من المساجد التي تعرضت لهذا التهديدات أو للحرق في السنوات الماضية أنه لا أمن هنا للمساجد ولدور العبادة الإسلامية في جو يسوده اليمين المتطرف من خلال نشره ثقافة الكراهية وباسم الديمقراطية وباسم القيم الأوروبية وباسم عدائه للإسلام ورفضه للآخر
إن العلامة التي يظهر بها للعبد حسن خاتمته هي ما يبشر به عند موته من رضا الله تعالى واستحقاق كرامته تفضلا منه تعالى كما قال جل وعلا إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون وهذه البشارة تكون للمؤمنين عند احتضارهم وفي قبورهم وعند بعثهم من قبورهم ومما يدل على هذا أيضا ما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه فقلت يا نبي الله أكراهية الموت فكلنا نكره الموت فقال ليس كذلك ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه أما عن علامات حسن الخاتمة فهي كثيرة وقد تتبعها العلماء رحمهم الله باستقراء النصوص الواردة في ذلك ونحن نورد بعضا منها فمن ذلك النطق بالشهادة عند الموت قال رسول صلى الله عليه وسلم من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ومنها الموت برشح الجبين أي أن يكون على جبينه عرق عند الموت لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال موت المؤمن بعرق الجبين وكذلك الموت ليلة الجمعة أو نهارها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر وأيضا الاستشهاد في ساحة القتال في سبيل الله أو موته غازيا في سبيل الله أو موته بمرض الطاعون أو بداء البطن كالاستسقاء ونحوه أو موته غرقا روى مسلم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم قال ما تعدون الشهيد فيكم قالوا يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد قال إن شهداء أمتي إذا لقليل قالوا فمن هم يا رسول الله قال من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في الطاعون فهو شهيد ومن مات في البطن فهو شهيد والغريق شهيد وإن من الأسباب التي تعين على حسن الخاتمة الاستقامة والالتزام بطاعة الله وتقواه والحذر من ارتكاب المحرمات والمبادرة إلى التوبة مما تلطخ به المرء منها كبيرها وصغيرها قال تعالى إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون وأن يلح المرء على ربه بطلب حسن الخاتمة وقول اللهم أحسن خاتمتي في الأمور كلها وأجرني من خزي الدنيا وعذاب الآخرة وقد ذكر عن رجل من السلف أنه كان يكثر في سجوده من سؤال الله الميتة الحسنة فتوفاه الله وهو ساجد بين يديه ومنها أن يعمل الإنسان جهده وطاقته في إصلاح ظاهره وباطنه وليولي إصلاح الباطن الجانب الأكبر فإن عليه المدار ومتى ما علم الله منه الصلاح والإخلاص والإقبال عليه فحاشاه سبحانه أن يخذله في آخر لحظات عمره ومنها تغليب حسن الظن بالله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى أنا عند حسن ظن عبدي بي لكن الناظر إلى حال بعض الناس ليرى الغفلة المطبقة عن الاهتمام بالخاتمة الحسنة فهناك لهو ولعب وتضييع وهجران لأعمال الآخرة مع جد ونصب وحرص على أعمال الدنيا وملهياتها فشتان بين هؤلاء وبين المستعدين للآخرة طول حياتهم فمن أراد حسن الخاتمة فليداوم على الأعمال الصالحة وليقلع عن الأعمال السيئة فإن جاءه الموت أتاه على خير حال وانتقل إلى ربه أحسن انتقال قال تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون والمعنى داوموا على الإسلام حتى الموت تقبضوا عليه
حسن الخاتمة هو أن يوفق العبد قبل موته للتقاصي الابتعاد عما يغضب الرب سبحانه والتوبة من الذنوب والمعاصي والإقبال على الطاعات وأعمال الخير ثم يكون موته بعد ذلك على هذه الحال الحسنة ومما يدل على هذا المعنى ما صح عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته قالوا يا رسول الله وكيف يستعمله قال يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه
إن أجيالا من الشباب والشابات حياتهم مهددة بالضياع في سراب الحياة الخادعة حياة اللهو والتبطل وهم محاصرون بتربية أسرية ومجتمعية هشة إن لم تكن هي الأخرى قد تلبست لباس اللهو ومحاصرون بالمنظومة المتوحشة لسماسرة اللهو وتجاره الذين يرون حياة هؤلاء الشباب والشابات مجال استثمار مربح يدر عليهم المليارات ولا يجنون هم أي الشباب إلا الضياع والخسار وربما الضلال المبين وهذه المنظومة المتوحشة لسماسرة اللهو تشمل فيما تشمل المنافسات الرياضية بكل أصنافها والسينما وصناعة الأفلام والمسلسلات بكل عناوينها ومواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بكل مكوناتها وصناعة الألعاب الالكترونية وغيرها من مثيلاتها إلخ كل هذه المجالات هي مجالات لهو ولعب ولكنها في الوقت ذاته مجال استثمار اقتصادي واستغلال خبيث يجني منه الرأسماليون القناطير المقنطرة ويهدر الشباب والشابات حيواتهم ومستقبلهم على عتباته النتنة وقد أخبرنا الله تعالى في كتابه أن اللهو والتجارة من أخطر ما يضل الناس ويبعدهم عن الحق ويحرفهم عن الصراط المستقيم فقال سبحانه وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين وأخرج الشيخان وغيرهما عن جابر رضي الله عنه قال قدمت عير أي قافلة تجارية المدينة المنورة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فخرج الناس وبقي اثنا عشر رجلا فنزلت هذه الآية وإذا كان هذا قد حدث في زمن النبوة وفي مقابل خطبة النبي صلى الله عليه وسلم فكيف الحال بزماننا هذا وقد انفض أكثر الناس وخاصة الشباب والشابات عن الانشغال بما ينفعهم في دينهم ودنياهم إلى حياة اللهو ولكن الحياة تلهو بهم إذ سرعان ما تنقضي سنوات الفتوة والشباب ليواجهوا مستقبلهم بواجباته وتحدياته ولكن أكثر الناس في غفلاتهم لا يعقلون ولا يعلمون إن القرآن العظيم حريص على أن يستحضر المسلم والمسلمة هذا المعنى الخطير الكاشف عن حقيقة الحياة الدنيا حتى لا يغفلوا ولا يجهلوا ولا يضلوا فكثيرة هي الآية التي تقرر هذه الحقيقية وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون والمسلم والمسلمة مطالبان بتلاوة القرآن العظيم تعبدا في صلواتهم وخارجها وهذه الآية تتكرر ليتقرر معناها الجليل في النفوس أو هكذا يفترض أن يكون الحال ولكن للأسف كثير من المسلمين هجروا القرآن الكريم إلا في مناسبات محدودة فضيعوا على أنفسهم فرصة الارتواء من المنهل العذب الذي يقوم التفكير ويزكي النفوس ويهذب الأخلاق ويطهر الضمير ويجلي للإنسان حقائق الحياة الكبرى التي يغطيها ضجيج اللهو وأضواء الترفيه البراقة الخادعة لقد سيطر اللهو والترفيه على حياة الناس وملأ حياتهم بالفراغ والعبث حتى اقتحم مجالات ما كان له أن يقتحمها لولا سخافة البشرية وخير دليل على ذلك أن اللهو والترفيه وجدا طريقا للأديان فالديانات الوثنية الهندية جعلت لمعبوداتها الوثنية مهرجانات لهو صاخبة والكنائس النصرانية جعلت من أعياد الميلاد الجاهلية حسب تعبير بابا الفاتيكان محطات للهو والعبث عبر دول العالم بل إن بعض الكنائس تقيم حفلات ماجنة وغير ماجنة على مدار العام حتى تجتذب بعض الناس إليها وهم قد هجروها واستبدلوها بالملاعب والملاهي والذي يجب أن يعلمه كل الناس وخاصة المسلمين وبالأخص الشباب والشابات منهم أن اللهو والترفيه يجب أن يبقى جزءا يسيرا من الحياة ولا يجوز بحال أن تصير الحياة كلها لهو ولعب وأن تصير غاية الحياة الأولى اللهو واللعب وأن تصير لذة الحياة الكبرى اللهو واللعب لأن هذا هدر لأعظم نعمة أنعم الله تعالى بها على خلقه لأن الناس يلهون بالحياة وهي تلهو بهم ولن تمهلهم كما أنها لن تهملهم فلا بد أن يتيقنوا أن الحقيقة الخالدة هي قول رب العالمين وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون ولكن أكثر الناس لا يعلمون إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
إننا في زمن أصدق ما يوصف به أنه زمن اللهو واللغو والعبث واللعب وأكثر الناس غارقين في بحار اللهو المتلاطمة أمواجه فلا ينجون من موجة لهو إلا لتغرقهم موجة أخرى منه ولهذا صارت تجارة اللهو مربحة وصار محترفوها نجوم المجتمعات والشعوب وقامت عليها اقتصاديات رهيبة تحرص الحرص كله أن يبقى عامة البشر كالقطعان لا تحركهم إلا الغرائز ولا يرتاحون إلا بإشباع النزوات بأي طريقة ولو كانت حراما
لقد أناط المولى سبحانه بهذه الأمة كثيرا من الواجبات والحقوق ولا سعادة لها إلا بالقيام بها وإن من الحقوق التي يجب العناية بأمرها حق اليتيم فأوصى ربنا سبحانه بالإحسان إليهم وندبنا إلى مراعاة مشاعرهم لينشأوا موفوري الكرامة عزيزي النفوس أقوياء الشخصية ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا لما نزلت هذه الآية شق ذلك على المسلمين فعزلوا طعامهم عن طعام اليتامى خوفا على أنفسهم من تناولها ولو في هذه الحالة التي جرت العادة بالمشاركة فيها فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأخبرهم أن المقصود إصلاح أموال اليتامى بحفظها وصيانتها والاتجار فيها وأن خلطتهم إياهم في طعام أو غيره جائز على وجه لا يضر باليتامى لأنهم إخوانهم ومن شأن الأخ مخالطة أخيه والمرجع في ذلك إلى النية والعمل فمن علم الله من نيته أنه مصلح لليتيم وليس له طمع في ماله فلو دخل عليه شيء من غير قصد لم يكن عليه بأس ومن علم الله من نيته أن قصده بالمخالطة التوصل إلى أكلها وتناولها فذلك الذي حرج وأثم كما أمر الله تعالى بإعطاء اليتيم من مال الإرث إذا حضر قسمته تطيبا لخاطره ومراعاة لحاجته وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا أي أعطوهم ما تيسر من هذا المال الذي جاءكم بغير كد ولا تعب ما لا يضركم وهو نافعهم كما أمر الله سبحانه بالنفقة عليهم يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم وجعل ربنا لهم في الفيء والمغنم حقا معلوما فقال واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله واعلم رعاك الله أن الإحسان إلى الأيتام دليل رحمة ألقى الله بها في روعك ورقة في قلبك وإنما يرحم الله من عباده الرحماء يقول أبو الدرداء رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه فقال أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك كما أن الإحسان إلى هذه الطبقة في المجتمع من هدي النبي المختار ومن مسالك الأبرار لما قتل جعفر بن أبي طالب يوم مؤتة وقد ترك صبية صغارا جاءت أمهم تشكو إليه صلى الله عليه وسلم يتم أطفالها وحالتهم فقال أتخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة وكما ندب القرآن الكريم إلى الإحسان إلى اليتيم فقد نهى نهيا شديدا وزجر زجرا أكيدا عن أذيته والإساءة إليه فأما اليتيم فلا تقهر أي لا تتسلط ولا تحتقر فالإساءة إلى الأيتام سبيل المكذبين بالآخرة أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين ويبلغ الوعيد مداه في قوله تعالى إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا فعد النبي أكل مال اليتيم من الموبقات فقال لما سئل عنها وأكل مال اليتيم وقد ضرب السلف الصالح المثل العليا في عنايتهم باليتيم فهذا ابن عمر رضي الله عنهما كان لا يجلس على طعام إلا وعلى مائدته أيتام وإن شئت أيها الفاضل أن تذرف الدمع ساخنا فتذكر ساعة الاحتضار ودنو الأجل تذكر حال الصبية الصغار والذرية الضعاف الذين تتركهم وراءك تخشى عليهم ظروف الحياة وبلاء الدهر تتمنى لهم وليا مرشدا يرعاهم كرعايتك ويربيهم كتربيتك يعوضهم برك وعطفك وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا ٱلله وليقولوا قولا سديدا إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
يقول الحق سبحانه واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وعنه صلى الله عليه وسلم قال أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وقرن بإصبعيه السبابة والوسطى
قال العلماء خص الله سبحانه الشمس بالضياء لأنه أقوى وأكمل من النور وخص القمر بالنور لأنه أضعف من الضياء ولكنه تعالى شركهما في معرفة حساب الأيام والشهور وذلك أن الله عز شأنه ألهم البشر فيما ألهمهم من تأسيس أصول حضارتهم أن اتخذوا نظاما لتوقيت أعمالهم المحتاجة للتوقيت وأن جعلوا توقيتهم اليومي مستندا إلى ظهور نور الشمس ومغيبه عنهم لأنهم وجدوه على نظام لا يتغير ولاشتراك الناس في مشاهدة ذلك وبذلك تنظم اليوم والليلة وجعلوا توقيتهم الشهري بابتداء ظهور أول أجزاء القمر وهو المسمى هلالا إلى انتهاء محاقه فإذا عاد إلى مثل الظهور الأول فذلك ابتداء شهر آخر وقد وجدوا ذلك على نظام مطرد ثم ألهمهم فرقبوا المدة التي عاد فيها الثمر أو الكلأ الذي ابتدأوا في مثله العد وهي أوقات الفصول الأربعة فوجدوها قد احتوت على اثني عشر شهرا فسموا تلك المدة عاما فكانت الأشهر لذلك اثني عشر شهرا لأن ما زاد على ذلك يعود إلى مثل الوقت الذي ابتدأوا فيه الحساب أول مرة ودعوها بأسماء لتمييز بعضها عن بعض دفعا للغلط وعلى ذلك فلا اختصاص لحساب الزمن بحركة الشمس بالنصارى بل إن الكتاب المقدس الذي يؤمن به النصارى العهد القديم خاصة يعتمد حساب القمر في عد الأشهر كما هو معلوم ولا تثريب على المسلمين من اعتماد حساب الزمن بحركة الشمس ولا وجه لتحسس بعض المسلمين من ذلك فالشمس والقمر آيتان من آية الله تعالى لا اختصاص لهما بأحد من خلقه غير أن المعلوم المشهور أيضا أن ما اصطلح عليه بالتأريخ الميلادي نسبة إلى ميلاد السيد المسيح عليه السلام هو في الحقيقة لا علاقة له بالسيد المسيح عليه السلام بل هو توقيت روماني في أصله يطلق عليه التقويم اليولياني نسبة إلى القيصر يوليوس الذي اعتمد هذا التقويم بعد احتلاله لمصر الفرعونية عام ق م أي قبل ميلاد المسيح عليه السلام الشهر السابع منه يسمى يوليو نسبة إلى يوليوس قيصر والثامن أغسطس نسبة للقيصر أوغسطس ثم خضع هذا التقويم لتعديلات وتصحيحات على يد البابا غريغوريوس الثالث عشر فنسب إليه التقويم الغريغوري وعلى كل فلا علاقة لهذا التقويم بميلاد السيد المسيح عليه السلام إلا أوهام الباباوات وأخطاؤهم فالنصارى بجميع أديانهم وفرقهم مختلفون في تحديد يوم ميلاد السيد المسيح عليه السلام كما هو مشهور عنهم ومما يؤكد ذلك أي عدم ارتباط هذا التوقيت بالديانات النصرانية وعدم ارتباطه بميلاد المسيح أن الكنائس الأرثذوكسية ما زالت تعتمد التقويم اليولياني في احتفالها بأعياد الميلاد وغيرها من الأعياد النصرانية ورفضوا التقويم الغريغوري لكون واضعه هو بابا الكاثوليك فاعجب لهم يختلفون في تواريخ حاسمة في مسار ديانتهم وإن شئت فلا تعجب فقد اعتقدوا أن لله سبحانه ابنا تعالى الله عما يقول الظالمون الجاهلون ولد كما يولد البشر ولكنهم لم يحفظوا تاريخ ميلاده بدقة واعتقدوا أن الله واحد في ثلاثة وثلاثة في واحد ومن يعتقد مثل هذه الاعتقادات لا تهمه دقة الحسابات رغم ما سبق ذكره من أصل التقويم الميلادي وما شابه من أغلاط وما لحقه من تعديلات إلا أن ثمة نكتة معبرة في الموازنة والمقارنة بين التقويم الميلادي والتقويم الهجري وهي أن واضعي التقويم الميلادي اختاروا له ذكرى ميلاد شخص هو السيد الجليل الوجيه في الدنيا والآخرة المسيح عليه السلام فتمحور دينهم حول شخصيته التي كذبوا عليها ما لم يكذب على أحد من العالمين ولكن واضعي التقويم الهجري اختاروا له ذكرى ميلاد أمة فتمحور دينهم حول الكتاب الحق الذي أنشأ هذه الأمة مع المقام المحمود الذي خص له به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فغرقت بذلك الأمم النصرانية في براثين الوثنية وحق للعلماء العاقلين أن يصنفوا الأديان النصرانية في خانة الوثنية وسمت الأمة الإسلامية على العالمين بتوحيد رب العالمين سبحانه فهي الأمة الموحدة الوحيدة على هذه البسيطة إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
إن الله جلت قدرته قد جعل الشمس والقمر علامة على الزمن فقال جلت حكمته الشمس والقمر بحسبان هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون
فما سبب هذه الجرائم الموغلة في التوحش وما الحل كي نحد من هذه الظاهرة الغريبة عن قيمنا وعاداتنا وتعاليم ديننا الحنيف إن أسباب متداخلة معقدة أدت جميعها إلى انتشار كبير لهذه الجرائم ومن أهمها ظاهرة انتفاء الوازع الذاتي بسبب سقوط القيم الإنسانية النبيلة في أعين الكثيرين وشعور البعض الآخر بالإفلات من العقاب الصارم كما للمخدرات والمسكرات وانتشارها دور كبير في أسباب الجريمة وبخاصة لما تواطأت الحكومات المتعاقبة مع المهربين لها إلى جانب فساد المنظومة التعليمية القائمة على التوجس من كل نفس ديني واستفحال التسيب من ربقة التقاليد الصارمة في هذا الباب لمحاربة الإرهاب في زعمهم وبحجة الخوف من الوقوع في الأدلجة الإرهابية وكذلك اختراق المجتمعات مع تساهل تدريجي من الناس مع العادات الغريبة عنها ومنها عادات الخمور والعربدة وهتك ستر الحشمة والتحفظ بالإضافة إلى تضييع الانتماء للقيم والعادات المحلية وفقدان بوصلة الاستقامة ونكد العيش في ظل التقليد الأعمى الأصم لكل وارد وفتح الباب أمام من هب ودب لنشر الفساد والرذيلة والرداءة بحجة الحداثة المتعفنة لقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الإجرام سببه نقص الإيمان ولهذا قال رسول الله عليه الصلاة والسلام لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن فمن أسباب الإجرام أن يغفل الإنسان عن الله تبارك وتعالى لحظة ارتكاب الجريمة فتغلبه شهوته فيقع فيما حرم الله عليه لا نكرانا ولا جهلا ولكنه يفعل ذلك غفلة ونسيانا فتزدريه النفس الأمارة بالسوء ويقوده الشيطان الذي لا يقوده إلا إلى ما يهلكه وحينئذ يتبع هواه فيتردى في الوحل وينساق وراء الشهوات فيكون كالحيوان البهيمي ينساق وراء شهواته وجرائمه لقد حرص ديننا الإسلامي على مكافحة الجريمة لأنها سلوك شاذ يهدد أمن الأفراد واستقرار المجتمعات ويقوض أركان الدول والبلاد وأحكام شريعتنا الغراء بعدلها القويم ومبادئها الشاملة تدور حول صيانة الضرورات الأساسية التي لا يستطيع الإنسان أن يستغني عنها ويعيش بدونها وقد وضعت في سبيل المحافظة على هذه الكليات عقوبات زاجرة وأليمة لكل من يتعدى عليها وينتهك حرمتها والعقوبات الشرعية هي عقوبات رادعة وهي خير من أن يودع هؤلاء المجرمون في السجون للتعود على الجريمة والازدياد من الخبرة فيها ولينفق عليهم من النفقات الطائلة ويقام عليهم الحراس الذين يأخذون الرواتب الباهظة دون أن يرتدعوا ودون أن يتعلموا ويتعلم من سواهم ضرر جريمتهم وهذه العقوبات تعرف باسم الحدود و التعزيرات وهذه الحدود تمنع الجرائم وتردع المجرمين عن اقتراف الجرائم يقول تبارك وتعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى إلى أن قال ولكم في القصاص حياة وهذه العقوبة مقررة في جميع الشرائع الإلهية فالقاتل يقتل ومادام قد تعمد إزهاق روح برئ فإن إفقاده الحياة قصاص عدل ولا مكان لطلب الرحمة به والقصاص حياة للطرفين حياة للذي يريد القتل لأنه إذا تذكر أنه سيقتل لن يقدم على القتل وكذلك فالقصاص حياة للمقتول الذي كان سيقتل لأن قاتله إذا علم أنه سيقتل به لم يقتله ففيه حياة للطرفين معا ولم تفرق الشريعة بين نفس ونفس فالقصاص حق سواء أكان المقتول كبيرا أم صغيرا رجلا أم امرأة فلكل حق الحياة ولا يحل التعرض لحياته بما يفسدها بأي وجه من الوجوه وحتى في القتل الخطأ لم يعف الله تعالى القاتل من المسؤولية وأوجب فيه العتق والدية فقال الله تعالى وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فشرع الإسلام القصاص في القتل لمكافحة جريمة القتل لأن الإنسان لو علم أنه سيقتل في تلك الجريمة الشنعاء لما أقدم عليها ولتردد في فعلته هذه وأحجم عنها فالإسلام ما شرع الحدود والعقوبات إلا لمكافحة الجرائم وليس تشوقا إلى القتل والدماء كما يريد أن يصوره من يكره الإسلام والمسلمين
إن ازدياد نسب القتل في المجتمع الجزائري مؤخرا لتنذر بخطر مدمر يتهدد كيانه وأمنه وإن جرائم بشعة يتعرض لها المواطن الجزائري في كل يوم دون رادع قانوني أو خوف من الخالق سبحانه جرائم يومية تهز ضمائر الناس ويدمي ألمها القلوب
وقال مندوب الكويت الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة يونسكو السفير آدم الملا في بيان أول أمس إنه أعرب في مداخلة له بالاجتماع السنوي ال للجنة عن رفضه لما حدث مطالبا بتعديل البيان الصادر عن اللجنة وإعادة نشره كاملا وأضاف أن مشروع القرار تمت الموافقة عليه بالإجماع إلا أنه عند نشره في القنوات الرسمية لليونسكو لم يذكر مصطلح إسلاموفوبيا كما اتفق عليه بالإجماع وذكر السفير آدم الملا أن المجموعة العربية والإسلامية علقت اجتماع اللجنة بعدما طالبها بالخروج من القاعة وإيقاف عمل اللجنة حتى توضح رئيسة الجلسة وبحضور إدارة يونسكو ما حدث وتقدم اعتذارا رسميا وأوضح الملا أن رئيسة الجلسة ونتيجة لضغوط المجموعة العربية والإسلامية قدمت اعتذارا رسميا وعدلت البيان وأعادت نشره متضمنا فقرة عن الإسلاموفوبيا وجاء هذا التحرك العربي والإسلامي الذي قادته الكويت بعدما تم تمرير قرار سحب يونسكو لأول مرة في تاريخها مهرجان ألست البلجيكي من قائمتها للتراث الثقافي غير المادي بسبب مخالفته لقيم المنظمة وتكرار الممارسات العنصرية تجاه الديانات والشعوب المختلفة
قادت الكويت تحركا عربيا وإسلاميا في اجتماع للجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي بالعاصمة الكولومبية بوغوتا احتجاجا على عدم الإشارة في القنوات الرسمية لليونسكو إلى مشروع قرار تم الاتفاق عليه بالإجماع يندد بالممارسات العنصرية ضد الإسلام إسلاموفوبيا
وأكد الديوان في منشور عبر حسابه الرسمي على الفایسبوك أن عدد الوكالات السیاحة المرخص لھا بلغ وكالة سیاحیة إلى غاية الیوم
أعلن الديوان الوطني للحج والعمرة عن قائمة أسماء وكالات السیاحة والأسفار المرخصة لتنظیم عملیة العمرة لهذا الموسم
فلو سألت الفقير الذي ينهشه الفقر بأنيابه ويقف الجوع على بابه لقال أتمنى الغنى ليزول عني شبح الفقر الذي قصم ظهري ولو سألت من يعيش بلا مسكن لرأيته يحلم بعش يأويه ومسكن يواريه خاصة وهو يرى من حوله يبني الدور والقصور وهو في مسكن أقرب إلى القبور ولو سألت أي عفيفة شريفة لرأيتها لا تتمنى إلا زوجا صالحا يسترها وبالبهجة يغمرها كيف لا وهي ترى بنات جنسها قد تقدم لهن الخطاب وأهدوا لهن ما لذ وطاب ولو سألت كل مصاب دق للعلاج كل باب منعته الأوجاع والآلام من لذة الطعام والمنام لوجدته يتمنى أن يعافى في بدنه ويشفى من مرضه ولكن هناك فئة من الناس لا يمكنهم تحقيق أمنياتهم ولا ينظر في طلباتهم ترى من هؤلاء وما سر رفض مطالبهم إنهم أناس كانوا يعيشون بين الورى واليوم قد صاروا تحت الثرى أقوام كانوا معنا في هذا الوجود واليوم صاروا من أهل اللحود انقطع عنا خبرهم واندرس ذكرهم قد اختلفت نداءاتهم وتعددت أمنياتهم وتنوعت مطالبهم صحيح أننا لا نسمع نداءاتهم وأمنياتهم ولكن الله تعالى ذكر لنا بعضها وهم فريقان فريق سعيد وفريق شقي أما السعداء الصالحون فقد ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم بعضا من أمنياتهم ورد في الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت قدموني وإن كانت غير صالحة قالت يا ويلها أين يذهبون بها يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعه صعق أما أمنيتهم الثانية فهي إذا وضعوا في الحافرة وبشرهم ربهم بالجنة ورأوا منازلهم فيها تمنوا حينها أن تقوم الساعة فعند أحمد من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة قال فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من أنت فيقول أنا عملك الصالح فيقول رب أقم الساعة وأما الأمنية الثالثة فأمنية الشهيد فبالرغم من عظم منزلته فإنه يتمنى أن يعود إلى الدنيا ليقاتل ويقتل لما يرى من ثواب الجهاد عند رب العباد ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة وأما أهل الشقاء والتعاسة فمن أمنياتهم الرجوع إلى الدنيا ليعملوا صالحا ولكن هيهات حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها وقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوما بين المقابر فقال السلام عليكم يا أهل المقابر أما أموالكم فقد قسمت وأما بيوتكم فقد سكنت وأما أزواجكم فقد تزوجن غيركم هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم ثم سكت قليلا والتفت إلى من كان معه وقال أما والله لو شاء الله لهم أن يتكلموا لقالوا إن خير الزاد التقوى ومن أمانيهم بعد أن يوضعوا في قبورهم ألا تقوم الساعة ففي حديث البراء رضي الله عنه بعد أن ذكر سؤال الملكين وعجزه عن الجواب فينادي مناد من السماء أن كذب فأفرشوا له من النار وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فيقول أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم الساعة ومن أمنياتهم الصلاة ولو ركعتين مر صلى الله عليه وسلم بقبر فقال من صاحب هذا القبر فقالوا فلان فقال ركعتان أحب إلى هذا من بقية دنياكم ومن أمنياتهم الصدقة وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
ما من أحد منا في هذه الحياة إلا وله أمان كثيرة وأحلام عديدة يسعى إلى تحقيقها وهذه الأماني والأحلام تتفاوت حسب أحوال الناس
الاستقامة بمعناها الواسع هي الالتزام التام بأوامر الله تعالى في جميع الأقوال والأفعال وفي المنشط والمكره والعسر واليسر وفي الليل والنهار وفي السر والجهر وفي حال الصحة وحال المرض وهذه الاستقامة لا يتحصلها الإنسان إلا بجهد وتعب ومشقة لأن الدنيا هي دار الابتلاء والاختبار كما قال تعالى ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون والاستقامة واجبة فلقد جاءت الآيات توجب لزوم الصراط المستقيم قال تعالى وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وأتباعه من المؤمنين بالاستقامة على الدين كما قال تعالى فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير وقال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم شيبتني هود وأخواتها كما بين سبحانه وتعالى عاقبة أهل الاستقامة بقوله تعالى إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون كما قال تعالى إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون والاستقامة على منهج الله تعالى مطلب سام وغاية يسعى لها كل مؤمن وهو ما يلهج به لسان المصلي صباح مساء في صلاته بل في كل ركعة منها عند قراءة سورة الفاتحة في قوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين وإن من الأسباب المعينة على الاستقامة تقوى الله ومراقبته ودعاء الله سبحانه وتعالى بالهداية اهدنا الصراط المستقيم والاستعانة بالله عز وجل والتوكل عليه لحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما احفظ الله يحفظك وطلب العلم الشرعي العلم نور ولزوم الرفقة الصالحة الجليس الصالح والأعمال الصالحة من بر الوالدين وصلة الرحم وغيرها وكثرة النوافل وقراءة القرآن الكريم وتدبره وكثرة الذكر قال تعالى اذكروا الله ذكرا كثيرا وغير ذلك من الأعمال الصالحة والمتأمل في قول الله تعالى فادع واستقم كما أمرت يجد أنه سبحانه وتعالى قرن الدعوة إلى الله تعالى مع الاستقامة في آية واحدة لا لشيء إلا أنها من أهم المهمات وأوجب الواجبات وأعظم القربات فالدعوة مهمة الرسل ووظيفة الأنبياء فبها يستقيم أمر الفرد ويصلح حال المجتمع وقد رتب الله عليها الأجر العظيم والفوز العميم واختار لها أفضل الخلق وأكرم البشر وسادة القوم وصفوة الأمة وفضلاءها وهم الأنبياء والمرسلون والدعاة والمصلحون ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم ولن تتأتى الاستقامة وتكمل إلا بأمور أهمها معرفة طريقها والعمل بها واستبانتها بالدليل الشرعي الصحيح والعمل بها والتزام تطبيقها ظاهرا وباطنا مع الدعوة إليها والتواصي بلزومها ودفع ما يعيقها ويضعفها والثبات عليها والصبر على لزومها حتى الممات وقد بين تعالى عاقبة هذه الاستقامة في الآخرة في قوله إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون وذكر أن ملائكته الكرام تنزل بالبشرى لهم بالفوز والظفر والمن من الخوف والحزن كما قال تعالى إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون بل إن ثمرات هذه الاستقامة تظهر عاجلا في حياة الإنسان كما قال تعالى وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا أما ثمرات الاستقامة فهي الأمن في الدنيا والآخرة والمحبة من الله عز وجل ومن الناس والتوفيق من الله عز وجل والتعاون وترابط وقوة المجتمع وتماسكه
من جوامع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله للصحابي سفيان بن عبد الله رضي الله عنه حين سأله قائلا يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك فقال صلى الله عليه وسلم قل آمنت بالله ثم استقم والاستقامة هي لزوم طاعة الله عز وجل وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولزوم الأوامر والنواهي بفعل الأمر وترك النهي وهي إتيان الطاعات واجتناب المعاصي كما قال بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن تستقيم على الأمر والنهي ولا تروغ روغان الثعلب
إن النور الذي بشر به سيد الخلق يكون على قدر الظلمة فمن كثر سيره في ظلام الليل إلى الصلاة عظم نوره وعم ضياؤه يوم القيامة فيعطون نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يغطي نوره مثل الجبل بين يديه ومنهم من يغطي فوق ذلك ومنهم من يغطي نوره مثل النخلة بيمينه حتى يكون آخر من يغطي نوره على إبهام قدمه يضيء مرة وينطفئ مرة قال تعالى يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات وصلاة الفجر باب من أبواب دخول الجنة من صلى البردين دخل الجنة والبردان الفجر والعصر لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الصبح والعصر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون هكذا تكون صلاة الفجر مجتمعا للملائكة ومحفلا من محافل الخير والطاعة والعبادة لا يحضره إلا كل طاهر مطهر من الأبرار يستحق أن يكون في ضيافة الرحمن تالله إنه لوقت بديع مبارك حينما نسمع صوت النداء الخالد يدوي في سماء الكون نداء الأذان لصلاة الفجر فتهتف الأرض كلها الله أكبر الله أكبر الصلاة خير من النوم لقد سمى ربنا هذه الصلاة العظيمة قرءان الفجر أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرءان الفجر إن قرءان الفجر كان مشهودا قال الحافظ ابن كثير رحمه الله يعني صلاة الفجر واعلم رعاك الله أن المحافظة على صلاة الفجر وصية النبي لأمته فعن أبي الدرداء أنه لما حضرته الوفاة قال سأحدثكم حديثا سمعته من رسول الله قال من استطاع منكم أن يشهد الصلاتين العشاء والصبح ولو حبوا فليفعل وصلاة الفجر أمان وحفظ من الله لعبده من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله تعالى والمحافظة عليها في جماعة سبب إلى نظرك إلى وجه ربك الكريم في دار كرامته وهذه أعظم نعمة تكرم بها المولى سبحانه على أهل الجنة أما إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا يعني صلاة العصر والفجر ثم قرأ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ولما كانت صلاة الفجر بهذه المنزلة العظيمة كان التفريط فيها جرما كبيرا وغفلة غير يسيرة يقول ابن عمر رضي الله عنهما كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن وعن أبي بن كعب قال صلى بنا رسول الله يوما الصبح فقال أشاهد فلان قالوا لا قال أشاهد فلان قالوا لا قال إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين ولو يعلمون ما فيهما من الأجر لأتيتموها ولو حبوا على الركب لقد تعلقت قلوب السلف رضي الله عنهم بهذه الصلاة لما علموا من جليل فضلها وسوء عاقبة التخلف عنها فكانوا أحرص الناس عليها حتى قال عبدالله بن مسعود ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يتهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف وتزوج الحارث بن حسان في ليلة من الليالي فحضر صلاة الفجر مع الجماعة فقيل له أتخرج وإنما بنيت بأهلك الليلة فقال والله إن امرأة تمنعني من صلاة الغداة في جمع لامرأة سوء وقام عبدالرحمن بن مهدي ليلة حتى جهد فلما طلع الفجر رمى بنفسه على الفراش فنام عن صلاة الصبح فقال هذا مما جنا علي الفراش فآلى على نفسه أن لا يجعل بينه وبين الأرض شيئا مدة شهرين إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
أخرج الإمام الترمذي في جامعه من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة
إن مثل هذا الحدث المشين يوكد أن التطرف أو العنف يبدأ على مستوى الأفكار ثم يجسد في الواقع تعديا أقوالا وأفعالا خاصة إذا تأسس ذلك على اعتقاد الحق المطلق وامتلاك الحقيقة فالشاب الذي يشحن على أن الله تعالى أكرمه بالانتماء إلى الطائفة التي تمثل الحق لوحدها وتمتلكه دون غيرها وعلى أن من ليس من طائفته وليس على شاكلته فهو ضال أو مبتدع أو غير ذلك من التصنيفات الجاهزة سيكون هذا الشاب مستعدا لارتكاب أي شيء في سبيل نصرة الحق الذي يعتقده ولن يكون له أي استعداد للأسف ليتساءل ألا يحتمل أن أكون على خطأ ولو في بعض القضايا والمسائل وإذا عدنا للكلام على الجنائز فإننا جميعا نعرف الحال التي آلت إليه فكثيرا ما نتعجب ونشتكي مما يحدث في المقابر أثناء الجنائز من كلام كثير من الناس في أمور الدنيا وشؤون الحياة وهم على شفا القبر ولكنا لم نتساءل عن أسباب ذلك نعم لقد غلبت الروح المادية على الناس وقست القلوب نتيجة ذلك وغلب اللهو والترفيه على حياة الناس وعمت الغفلة بسبب ذلك ولكن المفروض أن هناك محطات للمسلم لمراجعة نفسه والتذكر والاعتبار والاتعاظ كالصلاة وخطبة الجمعة وقراءة القرآن العظيم وحضور الجنائز إلخ ولا شك أن حضور الجنازة من أكثرها تأثيرا فينا لما للموت والقبور من رهبة في قلوب البشر جميعهم وقد كان من العادة أن يتطوع إمام أو داعية أو واعظ بموعظة مختصرة والدعاء للميت عند انتهاء الدفن ينصت إليها الحضور وتترك فيهم أثرا إيمانيا بالغا لجلالة الموقف ومناسبته للوعظ وتهيؤ القلوب للانتفاع بالوعظ لأثر الموت والقبر على الناس إلا أن هذه السنة النبوية والعادة الطيبة الشرعية صارت نادرة في جنائزنا بل صارت محاربة بزعم أنها بدعة غير مشروعة وهكذا تقتل السنة باسم السنة وإن أخطر الجهل هو الجهل الذي ينتشر في صورة علم لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحيحة الوعظ عند القبر وعند الجنازة والمقرر عند العلماء أن ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه فعله لو مرة واحدة يكفي للدلالة على جواز ذلك الفعل إذا لم يأت نهي عنه ولم يثبت له ناسخ بعد ذلك فلا يبقى بعد ذلك قول لقائل من هذه الأحاديث حديث سيدنا علي رضي الله عنه قال كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس فجعل ينكت بمخصرته ثم قال ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار وإلا قد كتب شقية أو سعيدة فقال رجل يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة وأما من كان منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة قال أما أهل السعادة فييسرون لعمل السعادة وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل الشقاوة ثم قرأ فأما من أعطى واتقى رواه البخاري ومسلم وانظر ماذا قال شراح صحيح البخاري تعليقا على هذا الحديث قال الإمام ابن بطال المالكي رحمه الله تعالى من المتقدمين وفيه جواز القعود عند القبور والتحدث عندها بالعلم والمواعظ وقال إمام العصر محمد أنور شاه الكشميري رحمه الله من المتأخرين يعني أن الموعظة ليست من الأذكار والأشغال المكروهة عند القبر بل قال العلامة فيصل بن عبدالعزيز الحريملي رحمه الله وفي الحديث استحباب الموعظة عند القبر لأن رؤية الميت وذكر الموت يرقق القلب ويذهب غلظته والعجيب في هؤلاء المشايخ الذين يفتون بمثل هذه الفتاوى والذين يعتقد الناس فيهم أنهم من أهل السنة والعلم والتحقيق هو جهلهم المريع بالسنة حيث نجد الإمام البخاري رحمه الله تعالى وهو أمير المؤمنين في الحديث يذكر هذا الحديث في صحيحه تحت عنوان باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله قال الإمام ابن المنير المالكي رحمه الله تعليقا على هذه الترجمة لو فطن أهل مصر لترجمة البخاري لقرت أعينهم بما يتعاطونه من جلوس الوعاظ في المقابر وهو حسن إن لم تخالطه مفسدة ولكن أين الفطانة في أهل هذا العصر ثم ألم يقرأ المشايخ صحيح البخاري وكيف تجرأوا على التزي بزي العلماء والكلام في دين الله تعالى وهم لم يقرؤوا حتى صحيح البخاري أم أن البخاري مبتدع لا يعرف السنة والأعجب من هذا أن يقول قائل بعد أن يصدمه الحديث يجوز فقط أن تقول مثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك الموقف فإذا زدت في الموعظة فلا يجوز وهذا تأويل بارد ظاهره الحرص على اتباع السنة وباطنه إبطال حكمها ورفض الخضوع لأمرها بتأويلها بما يوافق المذهب أو الهوى وهذا اتجاه خطير شاع في هذا الزمان الأخير حيث يعمد بعضهم لاعتقاد رأي ما في مسألة ما فإذا وجد حديثا صحيحا يخالف رأيه أخذ في البحث عن التأويلات والتخريجات ليوافق رأيه الذي اختاره ابتداء فصار الرأي المختار حاكما على سنة المختار صلى الله عليه وسلم لكن تحت شعار جذاب نشر السنة ومحاربة البدعة ولكن وضوح الأحاديث وتكرر الفعل النبوي يبطل هذه التخرصات فمما يؤكد حديث علي السابق وصحة فهوم العلماء له حديث البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما انتهينا إلى القبر جثى على القبر فاستدرت فاستقبلته فبكى حتى بل الثرى ثم قال إخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا رواه ابن ماجه وغيره وسنة النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع والناس إن لم ينشغلوا بالخير انشغلوا بالباطل فإذا لم يوعظوا عند القبر تحدثوا عن الدنيا وهمومها إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
حضرت جنازة لبعض جيراننا القدامى رحم الله موتى المسلمين منذ مدة في مقبرة سيدي يحي ببئر مراد رايس وقد حدث فيها حدث جلل غريب حيث تقدم أحد الوعاظ المشهورين بالمنطقة لتقديم كلمة كما هو معتاد فتقدم إليه مجموعة من الشباب يظهر من زيهم الموحد المشهور أنهم يتبعون تيارا معينا وحاولوا منعه من الوعظ بحجة أن ما يقوم به بدعة ولكنهم لم يكتفوا بالقول بل منعوه بالقوة وهنا قام إليهم مجموعة من شباب الحي دفاعا عن الشيخ وحماية له وكادت تقع معركة لولا تدخل العقلاء ولست أدري هل هذا الحدث فريد أم ثمت أحداث مشابهة له في مقابرنا
فليس لأحد أن يقتحم على أحد داره أو يتسورها عليه أو يدخلها بغير إذنه مهما تحسن نيته قال تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذٰلكم خير لكم لعلكم تذكرون فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم النور ويروون عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن في إحدى جولاته التفتيشية الاستطلاعية لشؤون الرعية مر ليلا ببيت سمع فيه صوت رجل وامرأة يتعالى بشكل يثير الريبة فتسور الحائط لينظر فإذا رجل وامرأة يحتسيان الخمر فاحتد عمر وقال يا عدو الله أكنت ترى أن الله يسترك وأنت على معصيته قال الرجل يا أمير المؤمنين إن كنت عصيت الله في واحدة فأنت قد عصيته في ثلاث يقول الله تعالى لا تجسسوا وأنت تجسست علينا ويقول الله وآتوا البيوت من أبوابها وأنت تسورت علينا الجدار ثم نزلت منه ويقول الله لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها وأنت لم تفعل ووجد أمير المؤمنين الفاروق عمر أنه بمخالفته الثلاث للآداب الإسلامية الاجتماعية لا يملك إنزال العقوبة بهذا السكير لأن جريمته لم تثبت بالوجه الشرعي المباح فاكتفى بحثه على الندم والاستغفار وفوض أمره إلى الله تعالى وليشدد الإسلام بعد هذا في فاحشة الزنى ما شاء أن يشدد وليقل بعبارة حاسمة ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا الإسراء وليردع الزناة من الفاحشين والفاحشات بأقسى العقوبات وليجلجل صوته وهو يقول الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذٰلك على المؤمنين النور
الحكم الإسلامي يصون الأعراض صيانة كاملة ولا يسمح لأحد أن يمسها بسوء ولا شيء كقذف الأعراض يشيع الفاحشة في المجتمع ويزيل التوازن من النفوس يقول سبحانه إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم النور
أعمال البر كثيرة والطاعات وفيرة غير أن بعضها أصعب من بعض فهناك عبادة أسهل من أخرى وأيسر ومع ذلك فإن كثيرا من المسلمين يقصرون فيها ومن بين هذه العبادات ذكر الله سبحانه من تسبيح وتهليل وتكبير وحوقلة ودرس علم وأمر بمعروف أو نهي عن منكر فاذكروني أذكركم فبذكر الله نجى الله موسى وهارون من بطش فرعون اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري أي لا تفترا ولا تضعفا عن ذكري وبالذكر نجى الله يونس عليه السلام من بطن الحوت وهو في ظلمات ثلاث فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون واعلم رعاك الله أن ذكر الله تعالى خير الأعمال عند الله وأرضاها عنده وأنه سبحانه يعوض العاجزين عن قيام الليل قيامهم ويعوض البخلاء بأموالهم أن ينفقوها من عجز منكم عن الليل أن يكابده وبخل بالمال أن ينفقه وجبن عن العدو أن يجاهده فليكثر من ذكر الله بل من أراد أن يكون من المفردين السابقين فليكثر من ذكر ربه سبحانه فعند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة فمر على جبل يقال له جمدان فقال سيروا هذا جمدان سبق المفردون قالوا وما المفردون يا رسول الله قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات وإن أردت أيها الفاضل أن تكون من الذين يباهي الله بهم ملائكته فالزم ذكر ربك آناء الليل وأطراف النهار ففي الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال خرج معاوية على حلقة في المسجد فقال ما أجلسكم قالوا جلسنا نذكر الله فقال آلله ما أجلسكم إلا ذاك قالوا والله ما أجلسنا إلا ذاك قال أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل عنه حديثا مني وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال ما أجلسكم قالوا جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا قال آلله ما أجلسكم إلا ذاك قالوا والله ما أجلسنا إلا ذاك قال أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة إن الأعمال المنجية من عذاب الله كثيرة وأسهلها وأيسرها ذكر الله ما عمل امرؤ بعمل أنجى له من عذاب الله عز وجل من ذكر الله وإن كثرت عليك أحكام الدين وتزاحمت عليك شرائع الإسلام فلم تستطع أن تدركها كلها فأكثر من ذكر الله فعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به قال لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله والذاكرون الله بإخلاص تناديهم الملائكة في ختام مجالسهم وتبشرهم بمغفرة الذنوب وتبديل سيئاتهم حسنات ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات وشتان شتان بين مجلس كله غيبة ونميمة وسب وشتم وطعن وقذف وبين مجلس كله ذكر وتسبيح وتهليل وتكبير الله لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة ومن هنا كان لمجالس الذكر تلك المكانة السامية والفضل العميم والغنيمة العظيمة ما ليس لغيرها فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنها قال قلت يا رسول الله ما غنيمة مجالس الذكر قال غنيمة مجالس الذكر الجنة الجنة إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
أخرج الإمام ابن ماجه في سننه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأرضاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا وما ذاك يا رسول الله قال ذكر الله
ومع هذا عده بعض كبار علماء السنة من أسماء الله الحسنى منهم الإمام أبو عبدالله محمد بن إسحاق بن منده العبدي المحدث الكبير والإمام أبو عبدالله محمد بن أحمد القرطبي المالكي المفسر الكبير والعلامة الشهير عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمهم الله تعالى لتضمنه معنى الكمال واشتقاقا من قوله صلى الله عليه وسلم من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة رواه ابن ماجه وعلى هذا فقول بعضهم إن هذا الاسم لم يعده العلماء مطلقا من أسماء الله الحسنى مردود عليهم وهو قصور في العلم وتقصير في البحث ومن علم حجة على من لا يعلم كما شاع عند المسلمين قولهم عند حدوث حادث يا ستار وهذا أمر جائز لأنه دعاء وليس تسمية كما ندعو مثلا جميعا بلا إنكار من أحد فنقول يا كاشف الغم يا فارج الهم وليس من أسماء الله سبحانه وتعالى الكاشف أو الفارج كما هو معلوم وكذلك يجوز القول يا ستار على سبيل الدعاء مع أنه ليس من الأسماء الحسنى وهذا أمر بين واضح وإن كان الأولى أن نقول يا حافظ لأنه اسم ورد في القرآن الكريم في مواضع منها قوله تعالى فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين والعجيب أن من أراد تصحيح ما يراه خطأ في إطلاق هذا الاسم الستار وإطلاق ذلك القول يا ستار وقع هو الآخر في الخطأ والغلط حيث دعا لاستبدال اسم الستار باسم الستير وهذا خطأ شنيع ولكنه شاع وذاع وانتشر والسبب أنه انتقل من شخص لآخر دون بحث ولا تفكير ثم هذا الخطأ شاع حتى عند طلبة العلم وأئمة المساجد وبعض العلماء والخطأ إذا شاع عند هؤلاء وتولوا هم ترويجه ونشره يصعب على عامة الناس الانتباه إلى مكمن الخطأ فيه ولبيان وجه الخطأ أقول جاء في الحديث عن يعلى بن أمية رضي الله عنه أن رسول الله رأى رجلا يغتسل بالبراز فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله عز وجل حيي ستير أو ستير يحب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر رواه أبو داود والنسائي وسياق الحديث يبين بوضوح معنى ستير أو ستير وهو من يحب الستر والصون أي ستر عيوب الناس وفضائحهم قال الإمام التوربشتي الحنفي رحمه الله يعنى أن الله تعالى تارك للقبائح ساتر للعيوب والفضائح يحب الحياء والستر من العبد ليكون متخلقا بأخلاقه تعالى فهو تعريض للعباد وحث لهم على تحري الحياء والتستر فستير أو ستير هو في باب ستر عيوب الناس ونقائصهم وفضائحهم أدبا وحياء ولهذا قرنه صلى الله عليه وسلم باسم الحيي أما ما شاع عندنا من قول يا ستار فهو في طلب الحفظ من الحوادث والأذى والمصائب وشتان بين هذا وذاك ومن هنا يظهر لنا أن من استبدل يا ستار ب يا ستير ظنا منه أن هذه هي السنة قد أخطأ خطأ فاحشا بل خطأين الخطأ الأول أنه لم يفرق بين مقام التسمية ومقام الدعاء فمقام التسمية أي تحديد أسماء الله الحسنى يجب الالتزام فيه بما ورد في الكتاب والسنة وأما مقام الدعاء فيجوز استعمال يا ستار يا ساتر كما يجوز يا كاشف الغم يا فارج الهم والذي لا يفرق بين المقامين يضيق واسعا ويشق على الناس بغير وجه حق والخطأ الثاني وهو أشنع من الأول هو الجهل بمعنى اسم الله تعالى الستير أو الستير وتنزيله تنزيلا خاطئا واستعماله في غير موضعه إذ هو بمعنى من يستر الناس وهو يستعمله بمعنى من يحفظهم من الأذى والأعجب من كل هذا أن يتم هذا الخلط والغلط باسم السنة والتحقيق العلمي ليس الغريب وقوع الخطأ من الناس ولا انتشاره بينهم بل الخطأ ملازم لبني آدم مذ كانوا ولكن الغريب هو انتشار الخطأ باسم العلم وانتشار الخطأ بين طلبة العلم دون بحث ولا تحر يأخذه الواحد عن الثاني بثقة فقط فما دام القائل من أهل العلم وما دام من أهل الحق وما دام ممن أنا معجب بهم فهذا يعني صحة ما قال وصواب ما عمل لأنه لا يقول إلا بدليل ولا يعمل إلا بعد بحث وتنقيب وهذا هو التقليد البارد أو الجهل الفاضح حين يظهر في لبوس العلم والأغرب حقا هو سرعة انتشار الخطأ وسرعة انتشار الجهل وسرعة اعتقاد الناس له وسرعة انقيادهم لحكمه في مقابل صعوبة تصحيحه ورد الناس إلى الصواب وليس هذا خاصا بأمور الدين والفتيا بل هو عام في كل شؤون الحياة ومناحيها وإنما ذكرت ما ذكرت تمثيلا وتنبيها فكم هي الأمور التي شاعت وذاعت وراجت حتى عند المتخصصين وطلبة العلم وفي وسائل الإعلام وما هي إلا خطأ محض زينه للناس انتشاره بينهم أو بين نخبتهم من غير نكير لا غير فلا قيمة له إلا الانتشار ولا حجة تنصره إلا الذيوع ولا برهان عليه إلا الشيوع وعلى الدليل والحجة والبرهان السلام إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
شاع عند المسلمين التسمية بعبد الستار وليس من أسماء الله تعالى الستار عند أكثر علماء المسلمين الذين يرون أن أسماء الله تعالى توقيفية أي لا يعد اسما من الأسماء الحسنى إلا إذا جاء صريحا في الكتاب والسنة وهذا لم يرد صريحا لا في القرآن العظيم ولا في السنة الشريفة
فضمانا للحياة السليمة الآمنة جاء ديننا الحنيف بمنهج وقائي مثالي تتحقق معه سعادة الفرد والجماعة كما يتحصل معه استقرار في العيش يجعل المؤمن شبه متفرغ ومؤهل لأداء ما كلفه الله عز وجل به وقد جاء مفهوم الوقاية في الإسلام جامعا مانعا بحديثه عن وقاية الإنسان ووقاية أرضه وبيئته بل وقايته من الأمور الغائبة عن مجرد الحواس البشرية عامة والتي غيبت في اعتبارات الناس واهتماماتهم إلى أبعد حدود أما مجالات الوقاية في الإسلام فعديدة بل إنها شملت سائر مناحي الحياة الفردية والجماعية الوقاية من الجن وهذا أمر غيبي لا يدرك الإنسان كيفية الوقاية منه لولا إشارات نبوية صريحة في الميدان فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال صلى الله عليه وسلم إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ فإذا ذهبت ساعة من العشاء فخلوهم وعنه قال صلى الله عليه وسلم احبسوا صبيانكم حتى تذهب فوعة العشاء فإنها ساعة تخترق فيها الشياطين فوعة أي أوله كفورته وفوعة الطيب أول ما يفوح منه وللأسف الشديد يلاحظ أن قلة قليلة من الناس تنبهوا لهذه المسألة وخطورتها غير أن الكثيرين منهم سلكوا إليها وإلى معالجتها طرقا منحرفة أساسها الشعوذة وأفعال السحرة والضلال وقاية الطعام جانب آخر من حياتنا نال من عناية الإسلام شأنا عظيما فقد أمر الله تعالى أن يكون طعامنا أولا من الحلال فقال يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ثم جاء الأمر بصيانته ووقايته على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم كفوا صبيانكم عند فحمة العشاء وإياكم والسمر فإنكم لا تدرون ما يبث الله من خلقه فأغلقوا الأبواب وأطفئوا المصباح وأكفئوا الإناء وأوكوا السقاء وفي رواية للبخاري قال صلى الله عليه وسلم خمروا الآنية وأوكوا الأسقية وأجيفوا الأبواب واكفوا صبيانكم عند المساء فإن للجن انتشارا أو خطفة وأطفئوا المصابيح عند الرقاد فإن الفويسقة ربما اجترت الفتيلة فأحرقت أهل البيت وقاية الموطن وعناية الإسلام بالمكان موضع الاستقرار أساس من أسس الوقاية المدنية في ديننا الحنيف فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة ولا هام إن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس والمرأة والدار وإذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تهبطوا وإذا كان بأرض وأنتم بها فلا تفروا منه وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون لا ضرر ولا ضرار وهذه قاعدة إسلامية لها أهميتها وأثرها جاء بها الهدي النبوي الشريف حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار وفي هذا التوجيه النبوي ما يدل على أن الإسلام لا يقر أي عمل أو سلوك أو أي تصرف فيه ضرر أو ضرار وهذه القاعدة الإسلامية توضح أن الإسلام لا يقر أي سلوك فيه ضرر يصيب حياة الإنسان لأن الإسلام هو دين الخير والنفع يدعو إلى صحة الأبدان وإلى الأمان ويحذر من كل سلوك يترتب عليه ضرر أو إضرار بالآخرين وإذا كان الإسلام وقائيا في مجال الطب الجسدي فإنه كذلك في كل المجالات الأخرى والحقيقة أن الشريعة تعن إصلاح الفرد إصلاحا جذريا عن طريق تربيته على معاني العقيدة الإسلامية ومنها مراقبة الله وخوفه منه وأداء ما افترضه عليه من ضروب العبادات وهذا كله سيجعل نفسه مطواعة لفعل الخير كارهة لفعل الشر بعيدة عن ارتكاب الجرائم وفي كله أكبر زاجر للنفوس وبالإضافة إلى ذلك فإن الشريعة تهتم بطهارة المجتمع وإزالة مفاسده ولهذا ألزمت أفراده بإزالة المنكر ولاشك أن المجتمع الطاهر العفيف سيساعد كثيرا على منع الإجرام وقمع المجرمين وسيقوى جانب الخير في النفوس ويسد منافذ الشر التي تطل منها النفوس العفيفة وفي هذا ضمان أيضا لتقوية النفوس وإعطائها مناعة ضد الإجرام
تتعرض بلادنا هذه الأيام لموجة كبيرة من الحرائق أتت على المساحات الخضراء والغابات التي تعد رئة البيئة الصحية ونظرا للإهمال المتعمد وغير المتعمد المتسبب في هذه الحرائق المهولة يستوجب علينا التذكير بأهمية الوقاية في ديننا الإسلامي
وتمثل الفتوى عبر القرون المتعاقبة في الإسلام منارة هدى فبها يستطيع المسلم الوقوف على الأحكام الشرعية فيما يتعلق من أمور العبادات والعادات من معاملات بمختلف أشكالها إضافة إلى معرفة الثواب والعقاب وما يترتب على جميع الأعمال التي يقوم بها المسلم في حياته الدنيوية ومآلها في الآخرة وفي هذا العصر تنوعت طرق إيصال الفتوى للناس فأصبح الناس يتلقون الفتاوى عبر الإذاعة والتلفاز والفضائيات العابرة للدول يتوجه السائل من خلالها إلى مقدم البرنامج بمسألته فيجيبه المفتي فورا وهذه الفتاوى المباشرة لها خطورتها وزللها الكثير لأن المفتي ليس له من الوقت الكافي كي يقوم بدراسة متأنية لسؤال السائل يرجع فيه إلى المصادر والمراجع المعتمدة والموثوقة أو أن يستشير أهل العلم والخبرة والدراية ما أحدث حيرة وبلبلة في أوساط الجمهور المتلقي لهذه الفتاوى الصادرة عبر الهاتف والتطبيقات المعاصرة وبخاصة إذا كان المستفتون غير معروفين بطلب العلم والإتقان في الفتوى ولهذا حذر العلماء من الفتاوى عبر الفضائيات والإنترنت والهاتف الصادرة من أشخاص غير معلومين وغير مختصين تجرأوا على الفتوى وتصدروا الإفتاء وهم لم يحققوا شروط الإفتاء الشرعية إن شيوع الفتاوى الفردية والفتاوى العابرة للقارات عبر وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة وغياب دور فعال للمؤسسات الرسمية المعتمدة وللمجامع الفقهية المتخصصة هو أحد أسباب ظهور هذا الخلل وهذه الفوضى التي جعلت الناس في حيرة من أمرهم فالمفتي يوقع عن الله تعالى في حكمه ويقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان أحكام الشريعة لذلك لا بد أن تتوفر في المفتي عدة شروط بينها العلماء من أهمها العلم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما يتعلق بهما من علوم والعلم بمواطن الإجماع والخلاف والمذاهب والآراء الفقهية والمعرفة التامة بأصول الفقه ومبادئه وقواعده ومقاصد الشريعة والعلوم المساعدة مثل النحو والصرف والبلاغة واللغة والمنطق وغيرها والمعرفة بأحوال الناس وأعرافهم وأوضاع العصر ومستجداته ومراعاة تغيرها فيما بني على العرف المعتبر الذي لا يصادم النص ولا تؤخذ الفتوى من غير المتخصصين المستوفين للشروط المذكورة آنفا والفتوى التي تنشر في وسائل الإعلام المختلفة كثيرا ما لا تصلح لغير السائل عنها إلا إذا كان حال المطلع عليها كحال المستفتي وظرفه كظرفه وكذلك لا عبرة بالفتاوى الشاذة المخالفة للنصوص القطعية وما وقع الإجماع عليه من الفتاوى وعلى المفتي أن يكون مخلصا لله تعالى في فتواه ذا وقار وسكينة عارفا بما حوله من أوضاع متعففا ورعا في نفسه ملتزما بما يفتي به من فعل وترك بعيدا عن مواطن الريب متأنيا في جوابه عند المتشابهات والمسائل المشكلة مشاورا غيره من أهل العلم داعيا الله سبحانه أن يوفقه في فتواه متوقفا فيما لا يعلم أو فيما يحتاج للمراجعة والتثبت والإفتاء من غير علم حرام يتهاون فيه كثير من طلاب الشهرة والرياسة فمن أقدم على ما ليس له أهلا من إفتاء أو تدريس أثم والأدلة على حرمة الإفتاء بغير علم كثيرة منها قوله تعالى ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون وقول النبي صلى الله عليه وسلم من أفتي بفتيا بغير علم كان إثم ذلك على الذي أفتاه وقد ورد عن الرسول التحذير من الجرأة على الإفتاء أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار وخطر الإفتاء خطر عام لا يقتصر على إلحاق الضرر بأشخاص المستفتين بل يتعداهم إلى المجتمع في أمنه واستقراره وعلاقة أفراده بعضهم ببعض بل إن خطر الإفتاء يتعدى المجتمع الواحد ليشمل الأمة بأسرها فالفتوى الآثمة المضللة ربما أدت إلى بذر بذور الفرقة والشحناء بين المجتمعات التي تنضوي في عموم الأمة الإسلامية فتكون ثمرتها الخبيثة إشعال نار الفتنة العمياء التي تفرق بين أقطار العالم الإسلامي وتؤجج نيران الكراهية بين بعض شعوب الأمة الواحدة
تعد الفتوى في المجتمع المسلم إحدى الحاجات المهمة والضرورية لدى الفرد والمجتمع فهي ركيزة أساسية في إرشاد الفرد إلى الطريق القويم في أمور دينه ودنياه وتعليمه الجوانب الشرعية من منبعها الصافي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وما سار عليه الصحابة والتابعين والعلماء الأعلام الراسخين
ولا يخفى على أحد أن الأعياد الدينية ومواسم الطاعات وذكريات التاريخ الإسلامي من أعظم المناسبات التي تظهر وحدة المسلمين أو قل تذكرهم بوحدتهم وتؤجج مشاعر الأخوة والوحدة الدينية بينهم وتثير عواطفهم التي أضعفتها الأحداث والمصائب فهذه الأعياد والمناسبات فرصة كبيرة لتجديد ما خلق وتقوية ما ضعف والتذكير بما نسي من الوصايا الربانية والتوجيهات النبوية للمؤمنين حتى يكونوا أمة واحدة متآخين مجتمعين على كلمة سواء بيد أن داء التخلف حين يصيب أمة يتخلف فيها كل شيء حتى فهمها للدين وتطبيقها لتعاليمه بل حتى بعض علمائها يصيرون متخلفين في تفكيرهم وفي فهمهم للدين وفي دعوتهم له وهذا ما يفسر تحول هذه الأعياد والمناسبات إلى بؤر توتر في علاقة المسلمين بعضهم ببعض ومحطات تفرقة وتشتت بدل أن تكون منارات اجتماع وتوحد كما هو مقصد الشرع من شرعها فما نتنسم نسائم موسم من مواسم الطاعة وما يهل هلال شهر مبارك من أشهر العبادات والأعياد حتى تنطلق معارك الجدال والمراء وما يتبعها من خصومات ومقاطعات وتضليل وتفسيق وتبديع بسبب قضايا فقهية فرعية جزئية المخطئ فيها معذور مأجور بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر والخلاف فيها قديم من زمن الصحابة إلى زمن أئمة المذاهب المتبوعة ولم تكن سببا لإثارة الشقاق والمسلمين في القرون الفائتة حتى جاء هذا الزمن النكد وظن بعضهم أن في مكنتهم حسم الخلاف في مسائل اختلف فيها الصحابة والأئمة بعدهم وكأني بهم يرون أنفسهم خيرا من هؤلاء السادة وهيهات هيهات والحق أن سبيل السلف الذي سلكوه هو تقبل الرأي المخالف واحترامه واعتباره وعدم تفريق المسلمين بسبب الخلافات الفقهية بل التنازل عن الرأي وترك المندوبات وربما بعض الواجبات في بعض الأوقات رعيا لأخوة المسلمين وحفظا لوحدتهم حتى لا يهدم الانتصار في مسألة جزئية مختلف فيها مقصدا من مقاصد الدين المتفق عليها فمن سار على هذا النهج والسبيل فهو المتبع لهم ومن تنكب هذا الطريق فهو على غير نهجهم وسبيلهم وإن ادعى وادعى وها هو الإمام مالك رحمه الله يعلمنا قبول الرأي المخالف واحترامه واعتباره وعدم السعي لإخضاع الأمة جميعا لرأي بعض العلماء مهما بلغ قدرهم في القصة المشهورة عنه قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله لما حج أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي دعاني فدخلت عليه فحادثته وسألني فأجبته فقال إني قد عزمت أن آمر بكتبك هذه التي وضعتها يعني الموطأ فتنسخ نسخا ثم أبعث إلى كل مصر من الأمصار المسلمين منها بنسخة وآمرهم أن يعملوا بما فيها لا يتعدوه إلى غيره ويدعوا ما سوى ذلك من هذا العلم المحدث فإني رأيت أصل العلم رواية المدينة وعلمهم قال فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا فإن الناس قد سبقت إليهم أقاويل وسمعوا أحاديث ورووا روايات وأخذ كل قوم بما سبق إليهم وعملوا به ودانوا به من اختلاف الناس وغيرهم وإن ردهم عما قد اعتقدوه شديد فدع الناس وما هم عليه وما اختار كل أهل بلد منهم لأنفسهم ولكن للأسف كثير من العلماء والدعاة والمعاصرين وأكثر خطباء المساجد عندنا لم يصلوا إلى هذا الفقه بعد ولو فقهوا مثل فقه السلف لتركوا كل أهل بلد وما اختاروه لأنفسهم وبعد الإمام مالك رحمه الله بقرون يأتي إمام كبير آخر من أئمة المسلمين ليضع لنا معلما آخر من معالم الفقه وحفظ مقصد الوحدة والأخوة وتقديمه على الانتصار في مسائل جزئية فرعية حيث يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله ولا يجوز التفرق بذلك يقصد الخلافات الفقهية بين الأمة ولا أن يعطى المستحب فوق حقه فإنه قد يكون من أتى بغي ذلك المستحب من أمور أخرى واجبة ومستحبة أفضل بكثير ولا يجوز أن تجعل المستحبات بمنزلة الواجبات بحيث يمتنع الرجل من تركها ويرى أنه قد خرج من دينه وعصى الله ورسوله بل قد يكون ترك المستحبات لمعارض راجح أفضل من فعلها بل الواجبات كذلك ومعلوم أن ائتلاف قلوب الأمة أعظم في الدين من هذه المستحبات فلو تركها المرء لتأليف القلوب كان ذلك حسنا وذلك أفضل إذ كانت مصلحة تأليف القلوب فوق مصلحة ذلك المستحب وليس بعد هذا البيان وبيان ولكن الفقه في دين الله اصطفاء واختيار فليس كل من حشر نفسه في طريق العلم يبلغ مراده إلا من يرد الله به خيرا من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
لا يجهل أحد أن من أجل مقاصد دين الله عز وجل توحيد المؤمنين على كلمة سواء هذا أمر ظاهر في كل أحكام الشرع وكل تعاليمه بل هو مصرح به في أكثر من آية من آيات الذكر الحكيم يقول الحق تقدست أسماؤه إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ومصرح به في أكثر من حديث من أحاديث الحبيب صلى الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا إلى غيرها من النصوص الشرعية وهي كثيرة وفيرة شهيرة
ووفق وكالة الأنباء السعودية واس بدأ الحجاج اليوم أول أيام التشريق الثلاثة و و ذي الحجة مشيرة أن أيام التشريق ثلاثة في العدد يقضيها حجاج بيت الله الحرام على صعيد منى ابتداء من الإثنين بعد أن باتوا فيها الليلة الماضية استعدادا لرمي الجمار الثلاث أو يقضون يومين لمن أراد التعجل ويتوجه الحجاج بداية من صباح كل يوم من مزدلفة إلى منى لرمي الجمرات ولكن هذه المرة لرمي جمرة بداية من الجمرة الصغرى ثم الجمرة الوسطى ثم جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات لكل جمرة ويكبرون مع كل واحدة منها ويدعون بما شاؤوا بعد الصغرى والوسطى فقط مستقبلين القبلة رافعين أيديهم ويبدأ وقت رمي الجمرات في يوم العيد الأحد وأيام التشريق الثلاث من زوال الشمس وهو وقت دخول صلاة الظهر وينتهي بغروب الشمس فيما أجازت فتاوى الرمي قبل الزوال وإذا رمى الحاج الجمار الإثنين أول أيام التشريق والثلاثاء ثاني أيام التشريق أباح الله له الانصراف من منى إذا كان متعجلا وهذا يسمى النفرة الأولى وبذلك يسقط عنه المبيت ورمي اليوم الأخير ثالث أيام التشريق بشرط أن يخرج من منى قبل غروب الشمس وإلا لزمه البقاء لليوم الثالث وفي اليوم الثالث من أيام التشريق الذي يصادف الأربعاء يرمي الحاج كذلك الجمرات الثلاث كما فعل في اليومين السابقين ثم يغادر منى إلى مكة ويطوف حول البيت العتيق للوداع ليكون آخر عهده بالبيت وبلغ عدد حجاج بيت الله الحرام هذا العام نحو مليونين و ألفا و حجاج حسب الهيئة العامة للإحصاء بالسعودية رسمية
استمر أكثر من مليوني حاج الإثنين في ثاني أيام عيد الأضحى ذي الحجة في أداء نسك رمي الجمرات بمشعر منى
نوع ربنا سبحانه الطاعات ليكون المكلف في عبادة مستمرة وليعظم الخالق في كل حين فما أن ينتهي موسم إلا ويعقبه موسم آخر يظهر العباد فيه توحيدهم لخالقهم ويتذللون بين يديه فشرع سبحانه أطول عبادة بدنية متصلة يتلبسون بها أياما لإظهار إفراد الله بالعبادة وحده وأن عبادة ما سواه باطلة فمن أداها كما أمره الله عادت صحائف أعماله بلا أدران ولا خطايا من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ويتعرض الحجيج في هذه العبادة لنفحات ربهم في مكان عظيم وفي يوم هو أكثر أيام تعتق فيه الرقاب من النار ما من يوم أكثر من يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء فمن كان حافظا لحجه مما حرم الله وعده الله بالجنة قال عليه الصلاة والسلام الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة إن الحج ركن عامر بالمنافع والعبر فقد أمر سبحانه فعله في أطهر بقعة وأشرفها ليجتمع شرف العمل مع شرف المكان فخليل الرحمن إبراهيم بنى فيها بيت الله وأسسه على التقوى والإخلاص وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وأبقى الله ما بناه إبراهيم ليرى العباد أنه لا يبقى من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم وفي التلبس بالإحرام دعوة للنفس إلى عصيان الهوى فلا لبس مخيط ولا مس طيب ولا خطبة نكاح وسواد الحجر الأسود تذكير للعباد بشؤم المعصية وعظم أثرها على القلب عن الترمذي يقول عليه الصلاة والسلام نزل الحجر الأسود وهو أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم والحج إعلام بأن الإسلام هو الدين الحق فلا ترى خلقا يجتمعون من بقاع الأرض على تباين أجناسهم وأوطانهم وطبقاتهم إلا في الحج وهذا لا شك من عظمة الإسلام وفي أداء هذا الركن العظيم انتظام عبادة بعد أخرى فعبادة بالليل كالمبيت بمزدلفة وأخرى بالنهار كالوقوف بعرفة وعبادة باللسان بالتكبير والتلبية وأخرى بالجوارح كالرمي والطواف وفي هذا إيماء إلى أن حياة المسلم كلها لله ومما يدل كذلك على فضل الحج ما يكون فيه من إقامة لذكر الله والتقرب إليه بالهدي والذبائح قال صلى الله عليه وسلم أفضل الحج العج والثج العج رفع الصوت بالذكر والثج الدم والذبائح ومن فضائل الحج تذكر ذلك اليوم العظيم الذي وقف فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم مودعا فخطب في الناس خطبته العصماء أيها الناس أي يوم هذا قالوا يوم حرام قال فأي بلد هذا قالوا بلد حرام قال فأي شهر هذا قالوا شهر حرام قال فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا فأعادها مرارا ثم رفع رأسه فقال اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت ابسط يمينك فلأبايعك فبسط يمينه قال فقبضت يدي قال ما لك يا عمرو قال قلت أردت أن أشترط قال تشترط بماذا قلت أن يغفر لي قال أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله
إن الله جلت حكمته بسط الرزق لخلقه جميعا حيوانا وإنسانا وجعل للازدهار الاقتصادي والانتصار الحربي وتحقيق الرفاهية إلخ سننا وقوانين من أخذ بها وعمل على وفق مقتضاها وصل إلى مبتغاه وحقق ما يصبو إليه بغض النظر عن دينه مؤمنا كان أو كافرا وحاله طائعا أو عاصيا فقال سبحانه كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا قال الإمام الهمام ابن باديس عليه شآبيب الرحمة والإنعام في تفسير هذه الآية وليس تعالى مانعا كافرا لكفره أو عاصيا لعصيانه من هذه الحياة وأسبابها وليس أحد على منع ما لم يمنعه الله بقادر وقد أفادت الآية أن أسباب الحياة والعمران والتقدم فيهما مبذولة للخلق على السواء وأن من تمسك بسبب بلغ بإذن الله إلى مسببه سواء أكان برا أو فاجرا مؤمنا أو كافرا ثم إن التفاضل في الرزق بين الأفراد أو بين الأمم والدول والمجتمعات لا علاقة له بقيمة الإنسان عند ربه تعالى كما بين ذلك في كتابه أبلغ بيان فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا يقول الإمام ابن القيم رحمه الله كلا أي ليس كل من أعطيته ونعمته وخولته فقد أكرمته وما ذاك لكرامته علي ولكنه ابتلاء مني وامتحان له وليس كل من ابتليته فضيقت عليه رزقه وجعلته بقدر لا يفضل عنه فذلك من هوانه علي ولكنه ابتلاء وامتحان مني له فأخبر سبحانه أن الإكرام والإهانة لا يدوران على المال وسعة الرزق وتقديره فإنه يوسع على الكافر لا لكرامته ويقتر على المؤمن لا لإهانته إنما يكرم من يكرمه بمعرفته ومحبته وطاعته ويهين من يهينه بالإعراض عنه ومعصيته وهنا لا بد أن نتذكر الحديث الصحيح لو كانت الدنيا تعدل أي تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء رواه أحمد والترمذي إن مقصد الدين وغايته هو هداية الإنسان إلى الصراط المستقيم وتعبيده لربه عز شأنه حتى يتحرر من كل عبودية للبشر أو الشياطين أو حتى أهواء نفسه وتهذيب أخلاقه وتزكية نفسه بما يسمو به عن حضيض الحيوانية والبهيمية إلى مقام التكريم وليس من أهدافه المباشرة تحقيق الازدهار الاقتصادي ذلك أن تأثير الدين الصحيح على حياة الناس عامة وعلى الجانب الاقتصادي منها أمر ظاهر بين ولكنه يكون تأثير مباشر في بعض الأحيان وغير مباشر في أحيان أخرى فالدين الصحيح حين يصبغ حياة الناس يرفع من سويتهم الأخلاقية ويحي ضمائرهم ويغرس فيهم قيم الإيجابية والفعالية ويقيهم من شرور ومضار ومفاسد الموبقات وكل هذه المعالم ضرورية لتحقيق الازدهار الاقتصادي بل لتحقيق الحياة الطيبة ذلك أنه قد يتحقق الازدهار الاقتصادي بعيدا عن هدي السماء فيصحبه من البلاء ما ينغصه ويذهب ثماره وفوائده ولننظر لحال الدول التي حققت الازدهار الاقتصادي ولكنها جعلت الدين وراءها ظهريا وسنرى العجب من غير تعيين دولة منها فكلها تتشابه في هذا مع تفاوت بينها في المعطيات سنجد انتشار إدمان الخمور والمخدرات وسنجد شيوع فاحشة الزنا والشذوذ الجنسي وما يصحب ذلك من انتشار الخيانة الزوجية والمواليد غير الشرعيين والعزوف عن الزواج إلخ ونتج عن ذلك تفكك الأسر لدرجة أن كثيرا منهم لا يعرف من هو أبوه حقا وأن كثيرا من مجتمعاتهم تعاني الشيخوخة التي تهدد مستقبلها القريب وسنجد تفاقم الأمراض النفسية والعصبية بشكل كبير ويكفي هنا أن نعلم أن الألمان هم أكثر الشعوب الأوربية مرضى نفسيين فالمعجزة الاقتصادية الألمانية دمرت نفسية المواطن الألماني إلى آخر قائمة البلاوي التي تعيشها المجتمعات المتطورة إذ لكل مجتمع مشاكله ولكن الازدهار الاقتصادي يستر العورات والتخلف يكشفها وعامة الناس يكتفون بالنظر إلى الظاهر وهذه الأمراض الاجتماعية والنفسية والأخلاقية الناجمة عن البعد عن الدين إذا نظرنا إليها بمنظار الاقتصاد فهي تمثل ميزانيات ضخمة تربك اقتصاد المجتمعات التي تعاني منها وتذهب بفوائد الازدهار الاقتصادي ويكفي أن أذكر بعض الإحصائيات المتعلقة بالأمراض النفسية لنتبين أن البعد عن دين الله تعالى ثمنه باهظ فقد أعلنت المفوضية الأوربية الصحية المعطيات الآتية منشورة على الشابكة مجموع الذين يعانون من الأمراض النفسية في أوروبا مليون شخص بلغت تكاليف هذه الأمراض في ألمانيا عام نسبة قدرها من إجمالي الناتج المحلي وهو ما يعادل مليار يورو مليار دولار بينما يبلغ متوسط هذه التكاليف في الاتحاد الأوروبي نسبة قدرها أي ما يعادل ستمائة مليار يورو مليار دولار وصدق الله تعالى وهو أصدق القائلين فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا فهذه إلماعة تكفي العاقل لفهم العلاقة بين الدين والازدهار الاقتصادي إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
لو أن المسلمين حيثما وجدوا ووقتما وجدوا كانوا على حال واحدة من الازدهار ورغد العيش حال السلام ومن النصر والظفر والظهور حال الحرب فلم يحصل أن وقعوا في التخلف اقتصاديا وعلميا ولا انهزموا في معركة أو حرب لأسلم كل الناس وخضعوا لأحكام الله وشرعه ليس تسليما لحججه الباهرة وأدلته القاطعة ولكن تسليما بحكم الواقع والحوادث ولم يعد معنى لابتلاء الناس وامتحانهم ولكن حكمة الابتلاء وطبيعة هذه الحياة الدنيا التي هي اختبار وامتحان تأبى ذلك
ولا غرابة في هذا ذلك أن الله عز وجل حد لكل عبادة قدرا ورسم لها حدا إلا ذكره عز وجل فقد رغب عباده في الإكثار منه إلى الغاية التي يستطيعون بلوغها من غير حد ولا قدر فقال تعالى يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وهذا أمر عام كما هو واضح حتى تكون حياة المسلم كلها طيبة نيرة ندية بذكر الله تعالى فكيف بالعبادات التي شرعت قصدا وأصلا لإعلاء ذكر الله عز شأنه قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى أيضا إن جميع الأعمال إنما شرعت إقامة لذكر الله تعالى والمقصود بها تحصيل ذكر الله تعالى قال سبحانه وتعالى وأقم الصلاة لذكري وما دام حديثنا عن الحج فلنخصه بالكلام والقول فقد ورد حديث صريح في أن مناسك الحج المقصد الأول منها هو الإكثار من ذكر الله تعالى عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله رواه الترمذي وغيره وهذا المقصد الجليل من أعظم ما يجب على الحاج والمعتمر الحرص عليه والتنافس فيه بالإكثار منه ومعلوم أن مناسك الحج والعمرة وأفعالهما كلها يجب أو يندب فيها ذكر الله تعالى حتى أن شعار الحج والعمرة الذي هو التلبية ما هو إلا ذكر جليل لله الجليل سبحانه ومن حكمة الله البالغة ورحمته الوسيعة وتيسيره الكبير أنه لم يحدد أذكارا معينة لمناسك الحج إلا قليلا قليلا بل في غالب المواضع ترك للعباد أن يذكروه بما شاءوا وسهل عليهم وفتح لهم من الدعوات والأذكار وهذا مشيا على هدي الإسلام وقاعدته في الواجبات العامة والفرائض التي يطالب بها كل الناس عربيهم وعجميهم عالمهم وجاهلهم كبيرهم وصغيرهم أن تيسر حتى يكون في مكنتهم جميعا الإتيان بها فلا تحدد فيها أدعية معينة وأذكار محددة يطالبون بحفظها فيعسر أو يستحيل على كثير منهم تحقيق ذلك وإنما يحدد القليل الميسور حفظه على الجميع ويترك ما وراء ذلك لقدرة الناس وطوقهم حتى لو أن حاجا أو معتمرا اقتصر على ذكر واحد ودعاء واحد يردده ويكرره لنال بذلك أجرا عظيما وجزاء كبيرا مصداق هذا حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل ما تقول في الصلاة قال أتشهد ثم أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار أما والله ما أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ قال حولها ندندن رواه أصحاب السنن وغيرهما ومع هذه الأهمية وهذا التيسير نرى غفلة كبيرة من بعض أو كثير أو أكثر الحجاج والمعتمرين عن ذكر الله تعالى في أدائهم المناسك فالبعض يقصر في التلبية فلا يكاد يرددها إلا قليلا والبعض يقصر في ذكر الطواف فتراهم في الطواف يقضون أشواطه في الحديث العام وسقط الكلام والبعض يقصر في ذكر السعي بين الصفا والمروة فيمضون وقتها في الكلام حول شؤون الحياة والذكريات وأعظم التقصير وأكبر الغفلة نراها أيام التشريق في مخيمات منى هذه الأيام التي يقول عنها الله تبارك وتعالى واذكروا الله في أيام معدودات قال الإمام ابن العربي المالكي رحمه الله تعالى لا خلاف أن المراد بالذكر هاهنا التكبير ولكن قل التكبير إن لم يكن غاب عن أيام منى وفرط الناس في هذا الواجب العظيم بسبب فتاوى شاذة لبعض الدعاة والعلماء المعاصرين خالفوا بها حكم القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وهدي سلف الأمة لقرون متطاولة فاتبعوا هذا الشذوذ واشتغلوا بالتحليلات السياسية والرياضية عن ذكر الله تعالى الذي أمروا به وجعلت المناسك لإقامته والأصل أن من يذهب إلى هاتيك البقاع ينسيه ذكر الله تعالى ما سواه لا العكس وربما هذا بعض ما تشير إليه الآية الكريمة ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
يقول شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله تعالى إن أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكرا لله عز وجل فأفضل الصوام أكثرهم ذكرا لله عز وجل في صومهم وأفضل المتصدقين أكثرهم ذكرا لله عز وجل وأفضل الحاج أكثرهم ذكرا لله عز وجل وهكذا سائر الأحوال وقد ذكر ابن أبي الدنيا حديثا مرسلا في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي أهل المسجد خير قال أكثرهم ذكرا لله عز وجل قيل أي الجنازة خير قال أكثرهم ذكرا لله عز وجل قيل فأي المجاهدين خير قال أكثرهم ذكرا لله عز وجل قيل فأي الحجاج خير قال أكثرهم ذكرا لله عز وجل قيل وأي العباد خير قال أكثرهم ذكرا لله عز وجل قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه ذهب الذاكرون بالخير كله
وأشار المرصد إلى أنه بذلك يكون الجمعة أوت غرة شهر ذي الحجة والوقوف بعرفة يوم السبت العاشر من الشهر الجاري وعيد الأضحى الأحد
أعلن المرصد الفلكي في جامعة المجمعة بالسعودية عن رؤية هلال شهر ذي الحجة اليوم الخميس في مرصد الجامعة الفلكي بحوطة سدير
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه في حديثه عن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في عرفات أنه صلى الله عليه وسلم قال فيها إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع باطل ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان بعهد الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله الإيجاب والقبول ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح لا شديد ولا شاق ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات رواه مسلم
في اليوم الثامن من ذي الحجة من السنة العاشرة من الهجرة وهو يوم التروية توجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس فأجاز حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي في جمع غفير لم يجتمع حوله صلى الله عليه وسلم من قبل قيل مائة وثلاثون ألفا فكان لقاء مشهودا أوصى فيه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأمته بوصايا جامعة
إن ما ورد في هذا الحديث هو من جملة ما أيد الله به نبيه صلى الله عليه وسلم من البينات والمعجزات وهو ما يسمى بدلائل النبوة وإن ما بينه المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث الآنف الذكر تنبيها للأمة وزجرا لها عن الوقوع فيما نهاها عنه فإذا أعرضت الأمة عن ذلك وقارفت المنهي عنه وخالفت المأمور به وفشت فيها ألوان الذنوب والمعاصي أصابها ما أصاب الأمم قبلها من الجدب والقحط فالاستقامة ولزوم الطاعة هو سبب نزول البركات من السماء والمعاصي والذنوب والآثام سبب في منع الغيث إن العبد ليحرم الرزق للذنب يصيبه والمطر لا شك سبب كل رزق وفي السماء رزقكم وما توعدون فإذا عصى الناس ربهم عوقبوا بالقحط والجدب والعقوبة تعم الصالح والطالح حتى العجماوات قال مجاهد رضي الله عنه إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتد الجدب وأمسك المطر وتقول هذا بشؤم معصية ابن آدم وقال غير واحد من الصالحين إذا قحط المطر فإن الدواب تلعن عصاة بني آدم وتقول اللهم العنهم فبسببهم أجدبت الأرض وقحط المطر وإن المتأمل لحالنا اليوم يجد أن الذنوب والمعاصي بأنواعها وأصنافها قد فشت بين الناس فلنحذر من الاستهانة بالذنب والمعصية وإن العبد لا يزال يقع في الذنب حتى يهون عليه ويصغر في قلبه وذلك علامة الهلاك فإن الذنب كلما صغر في عين العبد عظم عند الله يقول ابن مسعود رضي الله عنه إن المؤمن يرى ذنوبه كأنها في أصل جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا فطار فالذنوب والمعاصي التي نقترفها كثيرة وهي من موانع القطر ومنها منع الزكاة فهي سبب مباشر في منع المطر ولم يمنع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا والظلم من الذنوب الكبار التي تمنع القطر قال تعالى في الحديث القدسي يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا فالظالم يعود ظلمه عليه وعلى غيره حتى الدواب فيهلك الحرث والنسل ونقص المكيال والميزان يزيد في القحط والجدب ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين فإذا غش الناس في معاملاتهم ولم يصدقوا في بيعهم وطففوا المكيال والميزان أصابتهم الشدة واللأواء والقحط والجدب حتى يرجعوا إلى دينهم ويستقيموا على أمر الله فما من مصيبة تصيب العباد إلا بسبب ذنوبهم وخطاياهم وإذا أذن الله بنزول المطر مع إصرار الناس على ما هم فيه من عصيان وذنوب فإن هذا المطر ليس كرامة لهم ولا رحمة بهم بل هو رحمة بالبهائم كما بين النبي صلى الله عليه وسلم ولولا البهائم لم يمطروا فالذنوب حجاب عن الله تورث الذل والهوان لمرتكبها عند الله وعند خلقه وتظهر آثار الذنوب على الفرد والمجتمع من محق للبركة ونزول العقوبات العامة وحرمان الغيث قال الفضيل بن عياض إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وقال أبو سليمان الداراني من صفى صفي له ومن كدر كدر عليه ومن أحسن في ليله كوفئ في نهاره ومن أحسن في نهاره كوفئ في ليله إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
أخرج ابن ماجه في سننه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم
ويؤدي حجاج بيت الله الحرام اليوم صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا بأذان واحد وإقامتين في مسجد نمرة بمشعر عرفة اقتداء بسنة نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يستمعوا لخطبة اليوم ومع غروب الشمس تبدأ جموع الحجيج نفرتها إلى مزدلفة ويصلوا بها المغرب والعشاء ويقفوا بها حتى فجر الأحد ثم يعودون إلى منى مرة ثانية لرمي جمرة العقبة والنحر ثم الحلق أو التقصير والتوجه إلى مكة لأداء طواف الإفاضة
بدأت قوافل حجاج بيت الله الحرام مع صباح اليوم السبت بالتوجه إلى صعيد عرفات لتأدية الركن الأعظم من شعيرة الحج وسط تلبية لبيك اللهم لبيك
قال الله تعالى واذكروا الله في أيام معدودات قال سيدي عبدالرحمن الثعالبي أمر الله سبحانه بذكره في الأيام المعدودات وهي الثلاثة التي بعد يوم النحر ومن جملة الذكر التكبير في إثر الصلوات ومع ذلك ترك كثير من الناس التكبير أيام التشريق وخاصة بعد الصلوات بسبب فتوى خاطئة لبعض المعاصرين إن ذكر الله عز وجل مقصد من المقاصد التي شرع لها الحج كما توضحه النصوص السابقة وكما يؤكده قول الله عز ذكره الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فقد تكرر فيها الأمر بالذكر أربع مرات وبعدها جاء قوله تعالى واذكروا الله في أيام معدودات خامسة مؤكدة وزاد تأكيدا بقوله جل وعلا وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ونص على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال إنما جعل الطواف والسعي بين الصفا والمروة ورمى الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل رواه أحمد وغيره وهكذا كل العبادات إنما شرعت لذكر الله فالصلاة مثلا قال فيها الحق سبحانه أقم الصلاة لذكري أي لأجل ذكري بها وأمر آخر مهم يتعلق بالذكر في الحج يغفل عنه كثيرون أيضا وهو أن ذكر الله هو الميزان الذي يتفاضل به الحجيج في الآجر قال شيخ الإسلام ابن القيم إن أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكرا لله عز وجل فأفضل الصوام أكثرهم ذكرا لله عز وجل في صومهم وأفضل المتصدقين أكثرهم ذكرا لله عز وجل وأفضل الحاج أكثرهم ذكرا لله عز وجل وهكذا سائر الأحوال وقد ذكر ابن أبي الدنيا حديثا مرسلا في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي أهل المسجد خير قال أكثرهم ذكرا لله عز وجل قيل أي الجنازة خير قال أكثرهم ذكرا لله عز وجل قيل فأي المجاهدين خير قال أكثرهم ذكرا لله عز وجل قيل فأي الحجاج خير قال أكثرهم ذكرا لله عز وجل قيل وأي العباد خير قال أكثرهم ذكرا لله عز وجل قال أبو بكر ذهب الذاكرون بالخير كله ورواه ابن المبارك بلفظ قيل يا رسول الله أي الحاج أعظم أجرا قال أكثرهم لله ذكرا فلم يبق أمام الحاج إلا أن يكثر أو يقل يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
من المظاهر الغريبة التي لا تخطئها عين الحاج وهو في ربوع الديار المقدسة مجللا بأنوار الحج غفلة الكثير من الحجاج والمعتمرين في عمرتهم أيضا عن ذكر الله سبحانه وزهدهم وتهاونهم وتفريطهم فيه بدءا من التلبية وصولا إلى ترك التكبير أيام التشريق رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الحج أفضل قال العج والثج رواه الترمذي وغيره والعج هو رفع الصوت بالتلبية والثج هو نحر البدن
إن معرفة أحكام البيع أصبحت ضرورية للإنسان ليتميز له المباح من المحظور ويطيب له كسبه ويبعد عن الشبهات بقدر الإمكان وبذلك يفوز بثقة الناس ورضا الله تعالى وإن الإمام علي رضي الله عنه كان يجيء إلى البزازين فيقول يا معشر التجار لا تنقصوا من ذراعكم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تكذبوا في شريتكم وبياعتكم فمن فعل شيئا مما نهي عنه عوقب على ذلك بحبس أو ضرب بعد ما يؤخذ لصاحبه الحق وكان يأتي إلى أصحاب الحبوب فيقول لا تبخسوا مكاييلكم وأوزانكم ولا تغشوها وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدخل السوق وينادي على التجار لا يبع في سوقنا إلا من تفقه في الدين وقد ثبت عنه رضي الله عنه أنه كان يسير في الأسواق ويسأل التاجر عن الربا وكيف يدخل على سلعته وكيف يتقيه فإن أجابه أبقاه وإلا أخرجه من السوق قائلا له لا يبع في سوقنا من لا يفقه وإلا أكل الربا رضي أم أبى والإخراج بلغة العصر يعني سحب السجل التجاري والبطاقة الضريبية وسجل المصدرين وسجل المستوردين وغير ذلك مما يعني إنهاء الحياة الاقتصادية للمنشأة كما جاء رجل إلى علي بن أبي طالب وقال له يا أمير المؤمنين إني أريد التجارة فادعو الله لي فقال الإمام علي أو فقهت في دين الله قال الرجل أو يكون بعض ذلك قال الإمام علي ويحك الفقه ثم المتجر فإن من باع واشترى ولم يفقه في دين الله ارتطم في الربا ثم ارتطم وقال الإمام الغزالي رحمه الله كما أنه لو كان هذا المسلم تاجرا وقد شاع في البلد معاملة الربا وجب عليه تعلم الحذر من الربا وهذا هو الحق في العلم الذي هو فرض عين ومعناه العلم بكيفية العمل الواجب ومن تلك القواعد التي وضعها علماء الشريعة الإسلامية لتكون قواعد عامة للمعاملات المالية الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم وفي الحلال ما يغني عن الحرام وما أدى إلى الحرام فهو حرام والنية الحسنة لا تبرر الحرام والضرورات تبيح المحظورات ففتح باب الحلال على كلتا مصراعيه ليكون طريقا إلى السعادة في الدنيا والآخرة وأغلق منافذ الحرام كي لا يكون الشقاء في الدارين فنهى عن الجهالة والربا والغرر والظلم كما قال الله تعالى وأحل الله البيع وحرم الربا وقال يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نبت لحمه من سحت النار أولى به ونحن في هذا العصر بحاجة إلى تعلم فقه البيع والشراء كي لا نقع في المحظور فصور البيع قد تطورت تطورا سريعا عما كانت عليه خاصة مع النهضة الصناعية والتكنولوجية الحديثة لذلك روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطوف بالأسواق ويضرب بعض التجار بدرته ويقول لا يبع في سوقنا إلا من يفقه وإلا أكل الربا شاء أم أبى وقال الإمام الحطاب باب البيع مما يتعين الاهتمام بمعرفة أحكامه لعموم الحاجة إليه إذ لا يخلو مكلف غالبا من بيع أو شراء فيجب أن يعلم حكم الله في ذلك قبل التلبس به لذلك كان لزاما على المسلمين بصفة عامة وعلى التجار ممن يمارسون عملية البيع والشراء بصفة خاصة تعلم فقه المعاملات المالية لأن دراسة وفهم الضوابط الشرعية للمعاملات المالية ضرورة شرعية وواجب على كل مسلم ومسلمة يعمل في هذا المجال باعتبار أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب خصال خمس إذا ابتليتم بهن
أهمل كثير من المسلمين اليوم تعلم فقه المعاملات المالية وأغفلوا هذه الناحية وأصبحوا يتعاملون بالحرام ولا يبالون بأكل الحرام مهما زاد الربح وتضاعف الكسب وهذا خطأ كبير يجب التنبه إليه لذا كان واجبا على كل من يتصدى للبيع والشراء والكسب أن يكون عالما بما يصححه ويفسده لتقع معاملته صحيحة وتصرفاته بعيدة عن الحرمة والفساد
وقد عرض الباحثون في مختلف تدخلاتهم ونقاشاتهم التي تميزت بالهدوء والحجة والتشخيص حول المعاملات المالية والمصرفية كتجارب داخل المجتمعات العربية والإسلامية وحتى الأوروبية منها فرنسا وفنزويلا وأمريكا وماليزيا ضمن المشاريع الاستثمارية والتعاملات المالية مع البنوك ذات التعامل التقليدي والتشاركي وعبر النوافذ البنكية التي مازالت بعيدة عن الانتشار في ظل غياب التوعية وإصدار منظومة قانونية مستمدة من الشريعة الإسلامية حسب المختصين وبنظر الباحثين والعلماء والمختصين من مصر ولبنان وموريتانيا والنيجر وتركيا والعربية السعودية وسوريا وليبيا وتونس والمغرب ونيجيريا وقطر والإمارات والأردن وماليزيا والجزائر وغيرهم من المشاركين الذين طرحوا معضلات ومسائل في المعاملات المالية من الفقه المالكي ويخص التعليل بمنع الضرر والمعارضات المالية ونظرة العقد وقاعدة الضرائع وحدود إعمالها والفكر المقاصدي وتطبيقاته في المعاملات المالية وتفعيلها وفق ما جاء في الفقه المالكي وفقه الأموال وتأصيل العملات الرقمية كما أكدها كل من الدكتورين محمد أحمد جرادي من أدرار وهلال بعداش من سطيف هذه النقاشات التي حرص فيها الباحثون على مدار أيام اتسمت بالتحليل والهدوء في الطرح الذي خلص إلى توصيات رفعها المشاركون للجهات المعنية بغية التحرك لضبط الأموال وتوجيهها وفق ما يخدم المجتمع والتنمية الوطنية وإعطاء الثقة لأصحاب الأموال والمشاريع في الاستثمار ضمن أطر الحلال مع الحرص على محاربة الفساد والمفسدين كما قال وزير الشؤون الدينية لدى افتتاح الملتقى الذي نظمته عين الدفلى بطريقة نالت إعجاب الحضور الذي فاق مشارك بدار الثقافة وبخصوص توصيات الملتقى فقد أكد المشاركون على توسيع الشراكة بين المختصين في الصناعتين الفقهية والمالية وتشجيع الباحثين في العلوم الاقتصادية والمالية وتثمين اعتماد صيغة الصيرفة التشاركية لدى البنوك الجزائرية والدعوة إلى تفعيل آليات النقد وللإسهام في التنمية الوطنية الشاملة واستثمار مفردات المذهب المالكي في إثراء المنظومة القانونية بشكل عام واقتراح البدائل في مجال المعاملات المالية بالإضافة إلى توصيات أخرى منها ما تدعو صناعة الرأي في المجتمع وتنفيذ المعاملات المالية لخدمة الوطن والتنمية المحلية يشير الباحثون
شدد المتدخلون العلماء والباحثون والمختصون من الجامعات العربية والدول الإسلامية والجزائرية خلال أيام الملتقى الدولي للمذهب المالكي حول محور المعاملات المالية في المذهب المالكي الذي احتضنته ولاية عين الدفلى على مدار ثلاثة أيام على أهمية اعتماد الصيرفة التشاركية لدى البنوك الجزائرية من خلال إثراء المنظومة القانونية لهذا القطاع واقتراح البدائل والحلول في مجال المعاملات البنكية والمصرفية
وقال القائمون على التظاهرة حسب صحيفة ليبراسيون الفرنسية على مدار سنوات يتم إلقاء كرامة المسلمين والمسلمات في الأرض ولقد أصبحت منصات الإعلام مكانا للانتقام من قبل الجماعات العنصرية التي تشغل الآن المجال السياسي والإعلام الفرنسي ودعت إلى إيقاف الخطب العنصرية التي تتدفق على شاشات التلفاز في اللامبالاة العامة والصمت الضمني لمؤسسات الدولة المكلفة بمكافحة العنصرية ووقف التمييز ضد النساء اللائي يرتدين الحجاب ما تسبب في استبعادهن التدريجي من جميع مجالات المجتمع ووقف العنف والعدوان ضد المسلمين وجعلهم إرهابيين أو أعداء محتملين من الداخل ومن بين الشخصيات التي دعت إلى المسيرة فى باريس جون لوك ميلنشون فيليب مارتينيز الحزب الجديد المناهض للرأسمالية لجنة أداما التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا الاتحاد الشيوعي الليبرالي الاتحاد الوطني لطلاب فرنسا الصحفية والمخرجة رقية ديالو المحامية أرييه عليمي الصحفية عايدة الطويري النائبة استير بنباسا مجيد مسعودان الصحفي طه بوحفص وغيرهم
أطلقت أكثر من شخصية فرنسية دعوة للتظاهر فى العاصمة الفرنسية باريس يوم نوفمبر الجاري تضامنا مع الإسلام ووقف ما يسمى برهاب الإسلام الإسلاموفوبيا وهذا بعد الهجوم على مسجد بفرنسا والخطب العنصرية في شاشات التلفزيون
بين لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن من أهم الصدقات الجارية علم يحصله صاحبه ويسعى في نشره فيبقى أثر ذلك العلم وتجري حسناته على صاحبه في حياته وبعد مماته سواء كان علما دنيويا أو أخرويا فيدخل فيه علم الطب والهندسة والصناعات ونحو ذلك وإن كان أفضلها العلوم الشرعية مما يتعلق بالكتاب والسنة من علوم التفسير والحديث والفقه والتوحيد والأخلاق والمعاملات فتعليم الخلق من أعظم العبادات المتعدية النفع إن لم تكن أعظمها على الإطلاق وثواب من علم الناس الخير عظيم جدا وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم وولدا صالحا تركه كلمة الولد تشمل الذكر والأنثى فيدخل في ذلك الابن والبنت إن كانا صالحين فكل من أحسن تربية أولاده ورعايتهم يكتب الله له أجر كل الأعمال الصالحة التي يقوم بها أبناؤه وكل مكرمة يعلمها الأهل لأبنائهم تزيد من مقامهم ودرجتهم يوم القيامة حتى يبلغ المرء بذلك أعلى الدرجات وذلك مصداق قول المصطفى صلى الله عليه وسلم من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا وقوله ومصحفا ورثه يدخل في ذلك شراء المصاحف وتوزيعها وإهداؤها للمساجد أو للمكتبات أما قوله صلى الله عليه وسلم أو مسجدا بناه فبناء المساجد وعمارتها وإقامة شعائر الدين فيها من الحسنات والصدقات الجارية للمسلم في حياته وبعد مماته من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة ويدخل في ذلك من ساهم في شرائه أو بنائه أو عمل فيه بيده ونحو ذلك ثم ذكر رسول الله صورا أخرى للصدقات الجارية بقوله أو بيتا لابن السبيل بناه أو نهرا أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته فكل ذلك مما ينتفع به المؤمن إذا احتسب عند الله أجره وابتغى به وجهه الكريم ومن صور الحسنات الجارية إصلاح الطرق وإزالة الأذى عنها ومنها بناء المدارس لتعليم الناس شتى العلوم ومنها المساهمة في بناء المستشفيات لعلاج المرضى فكم من مريض أرهقه البحث عن العلاج أو عن دواء فلم يجده فالمساهمة في تخفيف الألم ورفع المعاناة من أفضل أبواب الصدقات الجارية ومنها وقف الأموال والعقارات على المحتاجين إليها ومن كنوز الصدقات والحسنات الجارية حفر القبور للموتى ودفنهم من غسل مسلما فكتم عليه غفر الله له أربعين مرة ومن حفر له فأجنه دفنه أجري عليه كأجر مسكن أسكنه إياه إلى يوم القيامة ومن كفنه كساه الله يوم القيامة سندس وإستبرق الجنة نعم قد يعجز المرء عن المشاركة في أي من الصور التي سبقت فليصحح نيته فإنه ينال أجر من أنفق في سبيل الله فقد ورد عنه عليه الصلاة والسلام إنما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقا فهذا بأخبث المنازل وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فوزرهما سواء إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
أخرج الإمام ابن ماجه في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره وولدا صالحا تركه ومصحفا ورثه أو مسجدا بناه أو بيتا لابن السبيل بناه أو نهرا أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته
ونقلت شبكة المحررين الألمان عن مسودة القانون التي تقدمت بها وزارتا العمل تحت إدارة الوزير الاشتراكي الديمقراطي هوبرتوس هايل ووزارة الداخلية الاتحادية تحت إدارة الوزير البافاري المحافظ هورست زيهوفر أن الهدف من هذه الخطوة هو تعزيز الخدمات الدينية التي يقدمها رجال الدين عبر تعلم اللغة الألمانية كما تنص مسودة القانون على أن هؤلاء الأئمة يمكن فقط أن ينجحوا في عملهم إذا كانوا منذ البداية يجيدون الألمانية ما يسهل عليهم عملية التواصل مع أبناء الجالية الدينية والمحيط الاجتماعي بهم كما تساهم هذه الخطوة في تعزيز عملية اندماج علماء الدين وأئمة المساجد في المجتمع الألماني ودفع مجلس الوزراء الألماني اليوم الأربعاء بمشروع المرسوم إلى البرلمان الذي سيصوت عليه قبل اعتماده وقال متحدث باسم وزارة الداخلية إنه و وفقا لهذا الإجراء الجديد فسيكون الإلمام ب قدر كاف من المعلومات الألمانية شرطا لحصول علماء الدين الأجانب على إقامة ورغم أن هذا المرسوم سيسري على علماء جميع الأديان إلا أن الاتفاقية المبرمة بين طرفي الائتلاف الحاكم التحالف المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي تخص الأئمة المسلمين صراحة بالذكر وننتظر من الأئمة القادمين من الخارج أن يتحدثوا الألمانية حسبما اقتبس المتحدث باسم الوزارة من الاتفاقية وحسب المتحدث فإن إثبات الإلمام بقدر بسيط من الألمانية عند دخول ألمانيا يكفي للبقاء في ألمانيا فترة انتقالية لم يحددها الاتفاق بشكل دقيق من جانبه أوضح وزير الداخلية هورست زيهوفر أن هذه المبادرة التي قدمتها وزارته توفر مساهمة هامة لإنجاح الاندماج فلا يمكن الاستغناء عن الإلمام بقدر من المعلومات الألمانية لإنجاح الاندماج خاصة عندما يكون علماء الدين بمثابة مرجع للكثير من المهاجرين
تعتزم الحكومة الألمانية إلزام علماء الدين كأئمة المساجد المستقدمين من الخارج بتعلم اللغة الألمانية قبل السماح لهم بدخول البلاد ورغم أن مشروع القانون يشمل جميع الأديان لكن اتفاقية الائتلاف الحاكم تخص الأئمة بالذكر
والغيبة حرام بالكتاب والسنة قال الله تعالى ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه قال ابن عباس حرم الله أن يغتاب المؤمن بشيء كما حرم الميتة ولعل المتدبر في هذه الآية يشعر بخطورة الغيبة وآثارها الوخيمة فقد بالغ سبحانه في النهي عن الغيبة وجعلها شبه أكل الميتة المحرمة من لحم الآدميين وأسباب الغيبة كثيرة منها ضعف الإيمان مرافقة أهل السوء والمعاصي الحسد كما في قصة إبليس وآدم وقابيل وهابيل حب الدنيا والحرص عليها والتنافس على ما فيها من حطامها الزائل يقول الفضيل بن عياض ما من أحد أحب الرياسة إلا حسد وبغي وتتبع عورات الناس وكره أن يذكر أحد بخير والفراغ هذا وإن للغيبة أضرارا كثيرة في الدنيا والآخرة وهذه الأضرار لها آثارها السلبية على الفرد والمجتمع فلا بد من التنبيه عليها والاطلاع على تبعاتها كي نتجنبها ولا نقع فيها ونحذر ارتكابها فهي تزيد في رصيد السيئات وتنقص من رصيد الحسنات ولا يغفر لصاحب الغيبة حتى يعفو عنه الذي وقعت عليه الغيبة والغيبة تترك في نفس الفرد جوانب عدائية بسبب ما تتركه على سمعته ومكانته كما أنها تظهر عيوب الفرد المستورة في الوقت الذي لا يملك فيه الدفاع عن نفسه وأنها تدل على دناءة صاحبها وجبنه وخسته وتترتب على الغيبة عقوبات دنيوية وأخرى أخروية أما عقوبتها في الدنيا فهي بغض الناس لمن يغتابهم وعذابه في الدنيا والآخرة قال الله تعالى إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون أما عقوبتها في القيامة أخذ الناس جميع أعماله الصالحة وأخذه من سيئاتهم قال تعالى وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا أما النميمة فهي من المفردات التي تنعكس آثارها السلبية على المجتمع برمته فتفسده وتهد عرى بنيانه لأن نقل كلام من إنسان إلى إنسان وتحريفه يخرب العلاقات بين الأفراد والجماعات والناس بسببها يتقاطعون ويتدابرون فبدل أن تسيطر الرحمة ويعم التواصل والتكافل تباعد النميمة بينهم وتشعل نار الفتنة والأحقاد في الصدور والقلوب يقول تعالى هماز مشاء بنميم أي الإنسان الذي يطعن بالناس حيث يسعى إلى الفساد والفتنة والإساءة إلى العلاقات بين الناس والدفع إلى إثارة الخلافات والنزاعات وهو ما يبين مرضه النفسي عبر حقده على المجتمع وعلى كل فرصة للمحبة والخير فيه وفي الحديث لا يدخل الجنة نمام إشارة إلى مدى خطورة هذه العادة البغيضة فكيف يدخل الجنة أناس يفتشون عن عثرات الناس وزلاتهم ويستغلون كل ذلك خدمة لكل ما يسيء إلى الحياة وإن النميمة بعيدة كل البعد عن أخلاقيات الإنسان المسلم وقد حارب الإسلام هذه الآفة ودعا إلى اجتنابها بالنظر إلى خطورتها حيث تفقد المرء صوابه وتبعده رأسا عن الصراط المستقيم وتضعه على سكة الندامة والابتعاد عن رحمة الله ومرضاته ويكون علاجها بتقوى الله تعالى قال تعالى ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا ومحاسبة النفس والانشغال بعيوبها ومداومة ذكر الله فعلينا أن نربي أنفسنا وأجيالنا على قول الصدق والحق والتمسك بالوضوح والصراحة وإنماء المحبة وعمل الخير كي لا نقع في مصيدة النميمة وأن ننصح أنفسنا وأهلنا كل حين بما يجلب الاطمئنان والسلامة لهم وأن نعتبر من سيئات النميمة ونحاصرها وأن نظن خيرا بالناس ونحكم عقولنا ونبتعد عن أنانياتنا وأحقادنا وأن نعفو عن بعضنا البعض
الغيبة والنميمة من العادات السيئة المنتشرة بين الناس منذ زمن بعيد فقد انتشرت الغيبة بين الناس حتى فرقت الأحبة وزرعت في قلوبهم نيران الحقد والغيبة هي ذكرك أخاك بما يكره فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكره قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته
ويمهد الحكم الطريق أمام إنشاء معبد هندوسي بالمكان الواقع في بلدة أيوديا الشمالية وهو اقتراح يؤيده منذ فترة الحزب الهندوسي الحاكم الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء ناريندرا مودي وأصدرت هيئة المحكمة المؤلفة من خمسة قضاة يرأسهم رانجان جوجوي حكما بالإجماع بتسليم قطعة الأرض التي تمتد على مساحة هكتارا لإحدى الجماعات الهندوسية التي كانت تطالب بها وقال القاضي إنه ينبغي بناء معبد على الأرض المتنازع عليها من خلال إنشاء صندوق يقع تحت تصرف الحكومة المركزية ومنذ أكثر من عقود يسعى الهندوس اليمينيون لبناء معبد على الموقع الذي يعتقدون أنه مهد اللورد رام الذي تجسد فيه الإله الهندوسي فيشنو حسب معتقداتهم تجدر الإشارة إلى أن الهندوس قاموا بهدم مسجد بابري عام م ما أثار أحداث شغب راح فيها حوالي شخص معظمهم مسلمون كما أثار سلسلة معارك قضائية بين جماعات عديدة تطالب بأحقيتها في الموقع ويخضع المكان منذ ذلك الحين لحراسة مشددة
حكمت المحكمة العليا في الهند أول أمس لصالح جماعة هندوسية في معركة قانونية طويلة الأمد على موقع ديني يعود تاريخه لقرون ويطالب به المسلمون أيضا وهو حكم قد يثير توترا بين الطائفتين
إن يوم الجمعة من أعظم الأيام عند الله قدرا وأجلها شرفا وأكثرها فضلا فقد اصطفاه الله تعالى على غيره من الأيام وفضله على ما سواه من الأزمان واختص الله به أمة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم هذا اليوم ضلت عنه اليهود والنصارى أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت وكان للنصارى يوم الأحد فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة من فضائل هذا اليوم أنه خير يوم طلعت فيه الشمس فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا في يوم جمعة كما ورد ذلك في الآثار الصحاح ومن بركاته أن الله يغفر لعبده ما ارتكب ما بين الجمعتين من آثام وخطايا إذا اجتنب الكبائر الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارة ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر وإذا كان هذا اليوم بهذه الفضائل وهذه المزايا فحري بنا أن نعتني به فقد شرع الله في هذا اليوم الغسل وجعله أمرا مؤكدا غسل الجمعة واجب على كل محتلم وهذا يدل على تأكيد الغسل وأهميته كما شرع التطيب ولبس أحسن الثياب من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر ثم ادهن أو مس من طيب ثم راح فلم يفرق بين اثنين فصلى ما كتب له ثم إذا خرج الإمام أنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وقد ندب الشارع الحكيم للمسلم أن يجتهد في التبكير إلى الجمعة لما في ذلك من الفضل العظيم والخير العميم من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر إن الذي يبكر إلى الصلاة يوم الجمعة يكون له من الأجر كمن اشترى شيئا مما ذكر في الحديث ووزعه على فقراء المسلمين فمن ذهب في الساعة الأولى كان كمن اشترى من ماله الخاص بدنه فذبحها ثم وزعها على فقراء المسلمين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ومن فضائل هذا اليوم المبارك أن الملائكة يجلسون عند مداخل المسجد يكتبون الأول فالأول من المصلين إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد الملائكة يكتبون الأول فالأول فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر فما أعظم أجر هذا اليوم المبارك فهنيئا لمن بكر وأتى قبل حضور الخطيب فتشرف بكتابة اسمه في السجلات التي تحملها الملائكة فأجر التبكير إلى الجمعة كبير جزيل أضف إلى ذلك أن المبكر إذا دخل المسجد فاشتغل بالصلاة والذكر وقراءة القرآن حصل على خيرات كثيرة والملائكة تستغفر له طيلة بقائه في المسجد ولكن ومع كل أسف كثير من الناس زهد في هذا الأجر فصار لا يأتي لصلاة الجمعة إلا في آخر لحظة ومنهم من يأتي وقت الخطبة فقط أو في آخرها وهذا أمر مشاهد يدخل الخطيب المسجد فلا تكاد ترى إلا بعض الصفوف وما أن يشرع الخطيب في الخطبة فيبدؤون في المجيء ومنهم من يتأخر حتى قبيل الإقامة وهذا لاشك تثبيط من الشيطان وضعف في النفوس فإلى المشتكى وهو ولي كل توفيق إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
يقول الحق سبحانه وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون ربنا سبحانه خلق الخلق ففضل الأنبياء على سائر الناس وفضل أزمنة على أخرى ففضل بعض الشهور والأيام على بعض وجعل من الأيام مواسم وأعيادا اصطفاء منه واختيارا فاختار للمسلمين من أيام الدنيا ثلاثة أعياد عيدين يأتيان في كل عام مرة عيد الفطر وعيد الأضحى وعيد يتكرر كل أسبوع وهو يوم الجمعة الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام إن يوم الجمعة يوم عيد فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوموا قبله أو بعده
وقال العلامة عبد الله بن بيه في افتتاح الملتقى السنوي السادس لمنتدى تعزيز السلم بأبوظبي والذي أعلن عن انطلاقه وزير التسامح الإماراتي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان أول أمس إن التعارف كما يعلمنا القرآن الكريم غاية للوجود ومقصد للتنوع وهو فعل تشاركي يقتضي تفاعلا بين الطرفين وإرادة من الجهتين وأضاف وتجسيدا لهذا النموذج التعارفي أسست قوافل السلام الأمريكية حوارا يعتمد على حضور الذوات في الحيز المكاني والزماني ولو لفترة محدودة حيث يقوم كل منهم بشعائر دينه التي هي جزء من حياته اليومية بمرأى ومسمع من الآخر ليكتشفوا جميعا في النهاية أنهم إخوة يشتركون في أكثر مما يتصورون وهو ما انتهى إلى تشكيل حلف الفضول الجديد الذي يسعى لحوار يهدف إلى التعايش السعيد باعتباره ضرورة وواجبا تدعو إليه جميع الديانات وأكد الشيخ بن بيه أن حلفنا هو حلف فضيلة وتحالف قيم مشتركة يسعى أصحابها إلى تمثل هذه القيم في علاقاتهم وإلى الدعوة إلى نشرها وامتثالها في حياة الناس ولهذا كان لزاما أن يعقد المتحالفون بينهم ميثاقا يتعاهدون عليه فتنادى قادة القوافل الأمريكية للسلام مع ثلة من أبناء العائلة الإبراهيمية لصياغة ميثاق حلف الفضول الجديد وشرعنا في واشنطن في الدعوة له وفتح باب الانضمام إليه من خلال التوقيع على مشروع الميثاق حيث وقع عليه قادة العائلة الإبراهيمية في أمريكا وقد وضعنا في ملتقى المنتدى السابق المحاور الكبرى لميثاق يتكون من ديباجة وستة فصول تضم سبعة عشر مادة تغطي بواعث الحلف ومبادئه وأهدافه ومجالات عمله وأوضح أن الميثاق يسترشد بكل العهود والمواثيق الدولية التي تتغيا إحلال السلام وتعزيزه وتدعم روح الوئام والإخاء بين البلدان والشعوب كما يتأسس على كل الوثائق والإعلانات التي سبقته مثل إعلان مراكش حول حقوق الأقليات وإعلاني أبوظبي وواشنطن ووثيقتي الأخوة الإنسانية و مكة المكرمة وشدد رئيس منتدى تعزيز السلم على أن ميثاق حلف الفضول الجديد ليس مجرد مبادئ نظرية لا فاعلية لها وإنما يمكن ترجمتها وبلورتها في منهج عملي وبرنامج تطبيقي يتنزل في المدارس تعليما للناس وفي المعابد تعاليم للمؤمنين وفي ساحات الصراع وميادين النزاع طمأنينة تحل في النفوس وأملا يعمر القلوب
أكد رئيس منتدى تعزيز السلم الشيخ عبد الله بن بيه أن الارتقاء بالتسامح من الاعتراف إلى التعارف هو المفهوم الجديد الذي يعيد للتسامح فاعليته وهو عنوان المرحلة التاريخية التي تجمع بيننا نحن أبناء العائلة الإبراهيمية
ومن هذا السبيل نجد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حديث شهير إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم روي أهلكهم بالنصب أو أهلكهم بالرفع رواه مسلم قال الإمام العلامة ابن باديس عليه شآبيب الرحمة والرضوان المعنى على رواية أهلكهم إذا سمعت الرجل يقول هلك الناس يثبطهم ويقنطهم فهو بذلك التثبيط والتقنيط أيأسهم من رحمة الله وصدهم عن الرجوع إليه وبالتوبة ودفعهم إلى الاستمرار فيما هم عليه فأوقعهم بكلمته تلك في الهلاك هلاك اليأس والقنوط والاندفاع في الشر والحكم على هذا الوجه لا يجوز لمن رأى الناس في حالة سيئة أن يقنطهم من رحمة الله وإمكان تدارك أمرهم وإصلاح حالهم هذا إذا كان يحمله على ذلك ما تعظمه من سوء حالهم في ظاهر أكثرهم وأحرى وأولى إذا كان يحمله على ذلك صدهم وتثبيطهم عن التوبة والأخذ بأسباب الإصلاح وهذا الحديث أصل عظيم في التربية المبنية على علم النفس البشرية فإن النفوس عندما تشعر بحرمتها وقدرتها على الكمال تنبعث بقوة ورغبة وعزيمة لنيل المطلوب وعندما تشعر بحقارتها وعجزها تقعد عن العمل وترجع إلى أحط دركات السقوط فجاء هذا الحديث الشريف يحذر من تحقير الناس وتقنيطهم وذلك يقتضي أن المطلوب هو احترامهم وتنشيطهم وهذا الأصل العظيم الذي دل عليه هذا الحديث الشريف يحتاج إليه كل مرب سواء أكان مربيا للصغار أم للكبار وللأفراد أم للأمم إذ التحقير والتقنيط وقطع حبل الرجاء قتل لنفوس الأفراد والجماعات وذلك ضد التربية والاحترام والتنشيط وبعث الرجاء إحياء لها وذلك هو غرض كل مرب ناصح في تربيته فاللهم صل على هذا النبي الكريم العظيم الرحيم الذي علمته ما لم يكن يعلم وكان فضلك عليه وعلينا به عظيما فكم من علوم وأسرار انطوت عليها أحاديثه الشريفة قد أتت على ما لم تعرفه البشرية إلا بعد حين ولا عجب فهو الذي أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصارا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وفي تأكيد بعض ما قرره هذا الحديث يقول الكاتب الأمريكي الشهير هربرت أ شيللر في كتابه القيم المتلاعبون بالعقول ص إن النزعة التشاؤمية فيما يتعلق بالإنسان تؤدي إلى تكريس الوضع القائم فهي نوع من الترف بالنسبة للغني وهي العزاء لمن يشعرون بالذنب من المتقاعسين عن المشاركة الفعالة في النشاط السياسي وهي الراحة بالنسبة لهؤلاء الذين يواصلون الاستمتاع بأسباب الامتياز المادي وتكلف هذه النزعة المحرومين من أي حقوق الكثير فهم يستسلمون لها على حساب خلاصهم إن على الرجال والنساء أن يؤمنوا بأن في مقدور الإنسانية أن تصبح إنسانية تماما حتى يتسنى بالفعل للجنس البشري أن يحقق إنسانيته أو بعبارة أخرى إن النظرة التفاؤلية التي لا إفراط فيها لقدرات الإنسان الكامنة المبنية على الاعتراف بإنجازاته والإدراك الواعي في الوقت ذاته لنواحي ضعفه هي شرط لا غنى عنه من أجل فعل اجتماعي يحول ما هو ممكن إلى واقع فعلي وهكذا يتوارد صحيح المنقول مع صريح المعقول على هذه الحقيقة التي تعد معيارا مهما في الحكم على الشعوب والمجتمعات إلى أي مدى هي مقبلة على التغيير والإصلاح ومستعدة له فإذا وجدنا شعبا أو مجتمعا متفائلا في عمومه وغالبيته له أمل في مستقبله القريب والبعيد فهذا يعد إرهاصا قويا على نقلته الإصلاحية الوشيكة ولكن إذا وجدنا شعبا أو مجتمعا في عمومه وغالبيته يلفه التشاؤم ويقتله اليأس من حاضره ومستقبله فلا ننتظر له الكثير وعلى نخبته أن تعيد تقييم واقعه وتبذل جهودا أكبر وتقدم تضحيات أكثر في سبيل التغيير والإصلاح إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
إن كل ما ورد في القرآن العظيم وفي السنة الشريفة مما تشهد بصدقه وكونه حقا العقول القويمة والفطر السليمة والبحوث المستقيمة المنزهة عن الهوى والعناد والجحود والمكابرة والتحيز والخضوع للأفكار المسبقة ولهذا نجد من يعادون الإسلام لا يطعنون في أحكامه وحكمها وإنما يثيرون الشبهات ويلجؤون للتشكيك اصطيادا في المياه العكرة وهروبا من المواجهة المباشرة التي تفضحهم وتفضح ألاعيبهم وتقطع باطلهم ولهذا أيضا وجدنا كثيرا من الباحثين والدارسين الجادين بعد تجارب طويلة ودراسات عميقة يقررون حقائق قررها القرآن العظيم أو قررتها السنة الشريفة إما تلميحا وإما تصريحا بل كثيرا ما نجد أن ما قرره هؤلاء الدارسون يصلح شرحا لبعض معاني الآيات أو بعض معاني الأحاديث الشريفة
وأقام مسلمو المدينة فعاليات للاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم في الشارع وسط تضامن كبير من مجتمع المدينة الصغيرة التي أعرب كثير من سكانها عن إدانتهم لجريمة الكراهية التي وقعت بحرق القرآن ووقع الحادث في ال من شهر نوفمبر الجاري عندما قامت مجموعة من أفراد جماعة يمينية متطرفة تسمى أوقفوا أسلمة النرويج بتنظيم مظاهرة في كريستيانساند حاولوا خلالها حرق نسخة من المصحف وأظهرت لقطات من الحادث لاجئا سوريا استقر مؤخرا في النرويج يقفز فوق السياج ويركل لارس ثورسين زعيم المتطرفين الذي كان يحرق المصحف ثم تدخلت الشرطة واقتادت ثورسين والشاب المسلم للحجز وبعد الحادث تلقى أفراد من الجالية المسلمة دعما كبيرا من النرويجيين حيث تجمعت مجموعة من سكان كريستيانساند أمام مسجد بعد صلاة الجمعة الأسبوع الماضي للتعبير عن تعاطفهم مع المسلمين حاملين لافتات مكتوبا عليها شعارات معا حتى لو كنا مختلفين
رد مسلمو النرويج بطريقتهم الخاصة على ناشطين عنصريين أقدموا على حراق القرآن الكريم في بلدة كريستيانساند جنوبي البلاد
إن أسمى الغايات وأنبل المقاصد أن يحرص الإنسان على فعل الخير ويسارع إليه فقد أوصى الإسلام الحنيف الإنسان أن يفعل الخير مع الجميع يقول تعالى يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ويقول عز وجل فاستبقوا الخيرات هي الأيادي الملبية والساعية لقضاء حوائج الفقراء الضعفاء والمساكين الأيتام والأرامل الأيادي العاملة الصانعة الزارعة الحاصدة المنتجة البناءة المتاجرة في الخيرات الأيادي المرابطة على فعل الخيرات وترك المنكرات الأيادي المضحية براحتها وأوقاتها وأموالها حسبة لله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا الأيادي الرحيمة الرقيقة الحانية على الصغار والكبار التي لم تشوه إيمانها ولم تلوث أصابعها بشهادة زور قال الله تعالى والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما هي الأيادي التي يسلم ويأمن الناس شرورها قال عليه الصلاة والسلام المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده الأيادي التي لا تكل ولا تمل في طلب رزقها وتوكلها على ربها الأيادي التي تبات وتنام مغفورا لصاحبها مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم من أمسى كالا من عمل يديه أمسى مغفورا له الأيادي الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر من رأى منكم منكرا فليغيره بيده الأيادي المعطية المانحة الواهبة العالية يقول عليه الصلاة والسلام اليد العليا خير من اليد السفلى هي الأيادي التي لا تعرف الفساد ولا الإفساد ولا الرشوة ولا تعرف السرقة ولا الخيانة قال تعالى ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ويقول كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين الأيادي الطاهرة يد أمينة تحافظ على الأمانة مهما كلفها الأمر لأن الأمانة أصل من أصول الديانات وعملة نادرة في هذه الأزمنة وهي ضرورة للمجتمع الإنساني قال صلى الله عليه وسلم لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له وقال عليه الصلاة والسلام إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال وكيف إضاعتها قال إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة وإن مما يتعلق بالأمانة أمانة تولية المسؤولية لمن هو أهل لها من أهل الخير والصلاح والاستقامة ومن الناس المشهود لهم بحسن السيرة والإخلاص في العمل حتى تتهيأ فرص الإصلاح المثلى التي يستفيد منها الفرد والمجتمع ولهذا قال عليه الصلاة والسلام ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لم يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة وقال صلى الله عليه وسلم من غشنا فليس منا هي الأيادي التي تحاسب نفسها قبل حساب الآخرة ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا هي الأيادي القابضة على الجمر حتى يأتي وعد الله وهم على الحق لا يضرهم من خذلهم قال صلى الله عليه وسلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر أو قال على الشوك وفي رواية يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر ويمهد نور الأيادي الطاهرة النقية الطريق ويفتح القلوب وينير الدروب ويهدي السبيل قال تعالى يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب
الأيادي الطاهرة هي الأيادي المتوضئة الشريفة النقية النظيفة المنظمة المرتبة المتعاونة العالمة والمتعلمة والكاتبة والواعية والناشطة الراكعة الساجدة الحاملة للقرآن الأيادي الباذلة المنفقة الحاملة الخير لبلدها وأهلها وللعالم أجمع اليد التي تفعل الخير وتتمنى الخير للناس جميعا وهي النعمة العظيمة لا يشوبها من ولا أذى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا الخير خزائن ولهذه الخزائن مفاتيح فطوبى لعبد جعله الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر وويل لعبد جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير
إن رفع الشعارات الكاذبة وإطلاق الادعاءات المخادعة من أخص صفات المنافقين التي دمغهم القرآن العظيم بها فقال الحق سبحانه في وصفهم إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا والذين يتجرؤون على الظن بأن في مكنتهم خداع الله سبحانه وتعالى كيف سيكون خداعهم للبشر بعد ذلك ثم انظر إلى وصفهم ب يراءون الناس فهم يقصدون بأعمالهم حتى الصلاة الرياء والسمعة والخداع ليس إلا فالذي يهمهم هو الصور التي يسوقونها للناس ليسهل عليهم بعد ذلك تحقيق مقاصدهم الخبيثة يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ولا تعجب بعد ذلك إن وجدتهم يستجلبون الأيمان المغلظة لتأكيد خداعهم وإبعاد الشك والارتياب فيهم قال الحق سبحانه عنهم اتخذوا أيمانهم جنة الجنة بضم الجيم ما يستتر به المقاتل ليتقي ضربات السلاح فهؤلاء المنافقون إذا ظهر كذبهم أو إذا جوبهوا بما يدل على خداعهم وغشهم أقسموا بالأيمان المغلظة بأنهم صادقون ناصحون فهم يستترون بالحلف الكاذب حتى لا يفضحوا عند الناس ولا يهمهم أبدا اطلاع الله تعالى على سرائرهم وبواطنهم يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين إن المخادعين من البشر يحرصون دائما على الظهور في نظر الناس بالمظهر الجذاب ويحرصون دائما على ترداد الأقوال الجميلة المنمقة في حضرة الناس قال الحق سبحانه عنهم وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة ولكن من وراء ذلك يفسدون ولا يصلحون ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وحرصا على مظهرهم الخادع أن ينكشف وعلى سوء طويتهم أن ينفضح وعلى شعاراتهم وادعاءاتهم أن تسقط فهم يرفضون كل نصح يوجه إليهم ويردون كل نقد يقدم إليهم ويصرون على طهاراتهم إصرارا عجيبا قال عنهم الحق سبحانه وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم ويلوذون بشعاراتهم وادعاءاتهم الكاذبة المخادعة وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ولكن حقيقته غير ذلك ولذلك علق القرآن الكريم على ادعائهم الإصلاح ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون وبعد هذا فهؤلاء الخادعون المخاتلون من تجار الشعارات والادعاءات لا يتورعون من تبني القضايا العادلة ورفع الشعارات المعبرة عنها والإقرار بالحق ظاهريا للتوصل إلى مقاصدهم الفاسدة وأغراضهم الخبيثة ولهذا نبهنا القرآن العظيم إلى هذا المسلك الدقيق من مسالك النفاق والخداع فقال الحق سبحانه إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون هذه الآية الكريمة دقيقة غاية الدقة في التعبير كما يبينه الإمام الزمخشري رحمه الله قال لو قال قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يشهد إنهم الكاذبون لكان يوهم أن قولهم هذا كذب أي كونك رسول الله كذب فوسط بينهما قوله والله يعلم إنك لرسوله ليميط هذا الإيهام فالمنافقون لا يؤمنون بالرسول صلى الله عليه وسلم ولكنهم يقولون ذلك القول مخادعة ومخاتلة فقط وهكذا كثير ممن يرفعون الشعارات الرنانة ويرددون الادعاءات الجذابة لا يؤمنون حقا بها وإنما يتخذونها مطية لتحقيق أغراضهم وأهدافهم إن ما نتحدث عنه هنا من خداع تجار الشعارات والادعاءات ليس أمرا نظريا نخطه في الأوراق ونتسلى به في الأسمار ولكنه حقيقة نعيشها وكثيرا ما نغفل عنها أو نتغافل وإن تجارة الشعارات والادعاءات تجارة مربحة غالبا ما تحقق تكديسا للأموال ومكانة في المجتمعات وهذا ما يغري الكثيرين على خوض غمارها مما يوجب علينا التنبه لهذا الصنف من الناس وخداعهم والتعرف على أساليبهم ومناهجهم وطرقهم واللبيب تكفيه الإشارة عن العبارة إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
في المراحل الهامة من تاريخ الناس وحياتهم وعند كل حركة اجتماعية أو سياسية أو فكرية تظهر شعارات وتكثر الادعاءات وقد تكون تلك الشعارات معبرة عن حقيقة وقد تكون عنوان خداع كما أن الادعاءات قد تكون صادقة وقد تكون مخاتلة وهذا الأمر رغم كونه مشهودا معروفا لعامة الناس قبل خاصتهم فلا يخفى على أحد أن رفع الشعار أو تكرار الادعاء لا يعني أن رافع هذا الشعار ومردد هذا الادعاء يؤمن بما يقوله ويدعيه بصدق وإخلاص رغم هذا ما يزال كثير منا ينخدعون بالشعارات والادعاءات بسهولة ويسر لاستحالة معرفة ما في قلوب الناس ولصعوبة تمييز المخلص منهم من المخادع إلا بعد التجربة وعندئذ غالبا ما يكون الوقت قد فات
واعلم رعاك الله أن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى المرء على حسب دينه كما ورد في الأثر وربنا سبحانه إذا أحب عبدا ابتلاه لأنه يعجل له عقابه في الدنيا وعذاب الدنيا يزول ولا يدوم بخلاف عذاب الآخرة إن في هذه الدنيا مصائب ورزايا ومحنا وبلايا وآلاما تضيق بها النفوس ومزعجات تورث الخوف والجزع فكم ترى من شاك وكم تسمع من لوام باك يشكو سقما أو حاجة وفقرا متبرم من زوجه أو ولده لوام لأهله وعشيرته وكم ترى من كسدت تجارته وبارت صناعته وآخر قد ضاع جهده ولم يدرك مرامه فمن العجائب في هذه الدنيا أن ترى أشباه رجال قد أتخمت بطونهم شبعا وريا وترى أولي عزم من الرجال ينامون على الطوى بل إن من الخليقة من يتعاظم ويتعالى حتى يتطاول على الذات الإلهية والعياذ بالله وعلى العكس هناك من يستشهد دونها وفيها من يستشهد دفاعا عن الحق وأهل الحق تلك هي الدنيا تضحك وتبكي وتجمع وتشتت شدة ورخاء سراء وضراء دار غرور لمن اغتر بها وهي عبرة لمن اعتبر بها إنها دار صدق لمن صدقها وميدان عمل لمن عمل فيها لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور في هذه الدنيا تتنوع الابتلاءات وتتلون الفتن يبتلى أهلها بالمتضادات والمتباينات ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ولكن إذا استحكمت الأزمات وترادفت الطوائف فلا مخرج إلا بالإيمان بالله والتوكل عليه وحسن الصبر ذلك هو النور العاصم من التخبط وهو الدرع الواقي من اليأس والقنوط ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج فمن آمن بالله وعرف حقيقة دنياه وطن نفسه على احتمال المكاره وواجه الأعباء مهما ثقلت وحسن ظنه بربه وأمل فيه جميل العواقب وكريم العوائد كل ذلك بقلب لا تشوبه ريبة ونفس لا تزعزعها كربة مستيقنا أن بوادر الصفو لا بد آتية وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور إن أثقال الحياة وشواغلها لا يطيق حملها الضعاف المهازيل ولا يذهب بأعبائها إلا العمالقة الصابرون أولو العزم من الناس أصحاب الهمم العالية يقول سيد الخلق صلى الله عليه وسلم إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة فلم يبلغها بعمل ابتلاه الله في جسده أو ماله أو ولده ثم صبر على ذلك حتى يبلغ المنزلة التي سبقت له من الله عز وجل فكم من محنة في طياتها منح ورحمات تأمل أخي الفاضل حال نبي الله يعقوب عليه السلام وهو يضرب المثل في الرضا عن مولاه والصبر على ما يلقاه صبرا جميلا بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون كل ذلك من هذا الشيخ الكبير صاحب القلب الوديع الذي يقول بعدئذ إنما أشكو بثي وحزني إلى الله فمن هنا علينا أن نستيقن أن ربنا هو العالم بشؤوننا فهو المعز وهو المذل هو الخافض وهو الرافع هو المعطي وهو المانع ولنعلم أن أمر المؤمن كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
يقول الحق سبحانه الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا بين المولى سبحانه في هاته الآية المباركة لعباده أنه لم يخلق الحياة والموت في هذا الكون للعبث وإنما ليبتليهم فينظر كيف يعملون وليعلم الصابر من القانط والراضي من الساخط وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون
إن مفهوم رعاية الطفل في الإسلام هو عبارة عن القيام بحفظ الطفل من كل ما يضره والقيام بلوازمه وشؤونه على أكمل وجه بما يحقق حاجاته المتنوعة ونمو شخصيته بشكل سليم ومتوازن وفق منهج الإسلام وتعاليمه ورعايتهم واجبة وحبهم يقرب إلى الله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لولا أطفال رضع وشيوخ ركع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبا فقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الأطفال سببا في عدم نزول العذاب والطفل في الإسلام أمانة في يد المسؤول عنه ووديعة أودعها الله الأبوين ولذا فعلى الأبوين أن يقوما بما يحفظ عليه سلامته وأمنه لأنه أمانة عندهما يقول تعالى يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ومن أهم حقوق الطفل على أسرته ما يلي حق النسب والذي حفظه الله بتحريمه للزنا وتشريعه للزواج قال تعالى وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا حق النفقة بالمعروف على الأب أولا فإن لم يوجد فعلى الأقربين وإلا فعلى المجتمع والدولة القيام بذلك وإذا كان الشارع قد كفل للطفل حق النفقة له على والده إلى أن يتمكن من كسب المال بنفسه فقد أوجب الشارع على الوالدين أن يعدلا بين أولادهما في العطف والرعاية والحنو والعطايا حتى لا توغر التفرقة بينهم في ذلك صدورهم أو تنشئ بينهم العداوة والبغضاء حق الحضانة على الأبوين معا وفي حال الطلاق تسند للأم ثم الأب ثم أم الأم ثم للأقارب الأكثر أهلية أما اليتيم فكفالته تجب على المسلمين حق اللعب باعتباره أول مدرسة يتعلم فيها الطفل التفكير والتعبير والاستمتاع بكل ما يسترعي حبه واهتمامه وما كان يفعله رسول الله مع سبطيه خير مثال لما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين الوالدين وأولادهما فقد كان صلى الله عليه وسلم يمكنهما من الصعود على ظهره ولا يقوم من سجوده حتى ينزلا خشية أن يؤذيهما وكان يحمل إمامة بنت ابنته زينب في الصلاة ويضعها حين سجوده ثم يعاود حملها في قيامه وهذا يقوم بإشعار الطفل بالأمن والسكينة والحب مما يكون له أثره في تنشئته نشأة سوية حق التربية والتعليم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حق الولد على والده أن يعلمه الكتابة وأن يحسن اسمه حق الدين فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تترتب عن مرحلة الطفولة حاجيات خاصة تختلف عن بقية المراحل الأخرى حيث يجب على الوالدين رعايتها ومن ذلك الحاجات الغذائية والجسدية والتي يسعى الأب إلى تلبيتها وتوفير كل الضروريات في هذا المجال والحاجات النفسية والعاطفية والتي يجب الاهتمام بها كثيرا نظرا لما تتميز به مرحلة الطفولة من هشاشة وضعف فيجب ملاعبتهم ومداعبتهم والرحمة بهم والتصريح بالحب لهم أسوة بسيد الخلق صلى الله عليه وسلم والحاجات التربوية والاجتماعية والتي أوجب الإسلام على الوالدين تدريب أبنائهم وتأديبهم وتعليمهم وتربيتهم على القيم الإسلامية حتى يكونوا صالحين لأنفسهم ومجتمعهم ومؤهلين لتحمل المسؤولية بنجاح فأوجب على الوالدين أن يعلما أولادهما ما ينفعهم في دينهم ودنياهم ومنه تعليمهم كيفية الطهارة والصلاة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر بل إن الشارع حرم على الوالدين الدعاء على أولادهما خشية أن يوافق الدعاء ساعة إجابة فيصيب الولد ما دعي به عليه إذ روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم
قررت الأمم المتحدة تخصيص عيد لها في نوفمبر من كل عام في ذكرى إعلان حقوق الطفل وذلك من خلال الوثيقة التي أعلنتها المنظمة الدولية والدين الإسلامي منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام عني بالطفولة وجعل من مبادئه الكريمة ورعايته عيدا دائما لها ولم يكتف بحقوق الطفل منذ وجوده في الحياة ولكن حدد له حقوقه حتى قبل أن يولد
قامت السلطات البريطانية بعزل القس ريتشارد كاميرون من منصبه بسبب ظهور منشورات له تحض على الإسلاموفوبيا بالإضافة إلى اتهامه زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربين بالتعاطف مع الإرهاب وقالت الكنيسة الأسكتلندية في بيان لها بأنه تم فتح تحقيق ضد القس ريتشارد كاميرون بعد أن قال بأن الإرهاب مشكلة يجب على الإسلام معالجتها وأشارت إلى أن إجراءات العزل الإداري تتيح التحقيق مع القس حول اتهاماته الموجهة لكوربين بأنه متعاطف مع الإرهاب ومنشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي الداعية إلى الإسلاموفوبيا وفي ذات السياق نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالا للكاتبة نسرين مالك تقول فيه إن محاولة الكلام عن الإسلاموفوبيا في السياسة البريطانية اليوم ناهيك عن محاسبة شخص ما مهمة مرهونة أبدا بهذه الحالة من عدم الرؤية وهذا أوضحه يوم السبت وزير الصحة مات هانكوك الذي ظهر على برنامج توداي ليشرح لماذا لم يقم حزب المحافظين بالتحقيق في الإسلاموفوبيا وتجد مالك أن من الواضح أن التعصب ضد المسلمين يصبح مشكلة لدى حزب المحافظين فقط عندما يكون هناك خطر بأن يؤثر على نتائجهم في صناديق الاقتراع وتلفت إلى أن زعماء حزب المحافظين قرروا بأن النظر إلى أن حزب المحافظين لديهم مشكلة مع المسلمين سواء كان ذلك حقيقة أم خيارا هو أمر بإمكانهم التعايش معه والقرار بإلغاء التحقيق في الإسلاموفوبيا لصالح تحقيق غامض ينظر إلى أشكال التعصب كلها ليس مؤشرا على أن الحزب لا يعتقد أن هذه المشكلة غير موجودة لكنه مؤشر على أنهم يعتقدون أنها مشكلة يمكنهم تحمل ثمنها
عزلت السلطات البريطانية قسا من منصبه بسبب ظهور منشورات له تحض على الإسلاموفوبيا بينما تتساءل الكاتبة البريطانية نسرين مالك لماذا لم يقم حزب المحافظين بالتحقيق في الإسلاموفوبيا
ومعلوم أن هذا الامتحان والاختبار إنما يكون قد حصل عند أول مولود ولم يكن ليحصل في المولود الآخر دون الأول بل لم يحصل عند المولود الآخر من عدم مزاحمة الخلة ما يقتضي الأمر بذبحه وهذا في غاية الظهور وأيضا فإن سارة امرأة الخليل صلى الله عليه وسلم غارت من جاريتها هاجر وابنها إسماعيل أشد الغيرة فإنها كانت جارية فلما ولد إسماعيل وأحبه أبوه اشتدت غيرة سارة فأمر الله سبحانه أن يبعد عنهما هاجر وابنها ويسكنها في أرض مكة لتبرد عن سارة حرارة الغيرة وهذا من رحمته تعالى ورأفته فكيف يأمره سبحانه بعد هذا أن يذبح ابنها ويدع ابن الجارية بحاله هذا مع رحمة الله لها وإبعاد الضرر عنها وجبره لها بل حكمته البالغة اقتضت أن يأمر بذبح ولد الجارية هاجر فحينئذ يرق قلب السيدة عليها وعلى ولدها وتتبدل قسوة الغيرة إلى رحمة ويظهر لها بركة الجارية وولدها وأن الله لا يضيع بيتا هذه وابنها منهم وليري عباده جبره بعد الكسر ولطفه بعد الشدة وأن عاقبة صبر هاجر وابنها على البعد والوحدة والغربة والتسليم إلى ذبح الولد آلت إلى ما آلت إليه من جعل آثارهما ومواطئ أقدامهما مناسك لعبادة المؤمنين ومتعبدات لهم إلى يوم القيامة وهذه سنته تعالى في من يريد رفعه من خلقه أن يمن عليه بعد استضعافه وذله وانكساره قال تعالى ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
معلوم أن إسماعيل وأمه هما اللذان كانا بمكة دون إسحاق وأمه ولهذا اتصل مكان الذبح وزمانه بالبيت الحرام الذي اشترك في بنائه إبراهيم وإسماعيل وكان النحر بمكة من تمام حج البيت الذي كان على يد إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام زمانا ومكانا ولو كان الذبح بالشام كما يزعم أهل الكتاب ومن تلقى عنهم لكانت القرابين والنحر بالشام لا بمكة
قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله وقوله النساء شقائق الرجال أي نظائرهم وأمثالهم في الخلق والطباع فكأنهن شققن من الرجال وقال الإمام ابن العربي المالكي رحمه الله يعني أن الخلقة فيهم واحدة والحكم فيهم بالشريعة سواء وهذا أمر متفق عليه بين علماء الأمة أن خطاب التكليف يشمل الرجل والمرأة ابتداء إلا ما خص بأحدهما فحكم النساء حكم الرجال وهذا مطرد في جل الأحكام حيث يدخلن مع الرجال في الخطاب إلا ما خصه الدليل والأحكام المخصوصة قد تكون متعلقة بالنساء كما قد تكون متعلقة بالرجال وهذه الأحكام المخصوصة شرعت مراعاة لطبيعة الرجل والنساء ومراعاة للوظائف التي يقومون بها في الحياة وحماية للمرأة خاصة إلا أن الذي جعل للكلام عن أحكام المرأة خصوصية وحساسية في عصرنا الحاضر هو أن المرأة المسلمة المعاصرة تتجاذبها تقاليد راكدة وتقاليد وافدة تقاليد راكدة جامدة توارثناها وهي تخالف أحكام الشرع ولكن لها سطوتها الغالبة وتقاليد وافدة فاسدة تسللت إلينا من الغرب المسيطر لها بريقها الخادع وفي المقابل نجد النبي صلى الله عليه وسلم يقول من عال ثلاث بنات فأدبهن ورحمهن وأحسن إليهن فله الجنة رواه أحمد وغيره وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكون لأحد ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو ابنتان أو أختان فيتقي الله فيهن ويحسن إليهن إلا دخل الجنة رواه أحمد والترمذي وغيرهما وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات اتقى الله عز وجل وأقام عليهن كان معي في الجنة هكذا وأشار بأصابعه الأربع رواه أحمد وغيره بل جاء عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن وضرائهن وسرائهن أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهن فقال رجل أو اثنتان يا رسول الله قال أو ثنتان فقال رجل أو واحدة يا رسول الله قال أو واحدة رواه أحمد فهذه الأحاديث الشريفة تبين أن لتربية البنت أجرا عظيما يربو على ما لتربية الأبناء الذكور من أجر وما ذلك إلا تنبيه على موقع البنت الحساس في المجتمع ومدى تأثيرها الكبير فيه واقعا ومستقبلا ما يوجب مزيد اهتمام بتربيتها ومزيد جهود في سبيل ذلك وفي هذا أيضا تنبيه على خطورة إهمال تربية البنت أو انحرافها والذي يعد بحق هدم للمجتمع من قواعده وأساسه فالبنت التي تهمل في الصغر فلا تربى على العفة والحياء والستر والحشمة والخلق الحسن فتنحرف في سلوكها وأخلاقها وتخطئ كثيرا في حياتها ستكون بعد سنين معدودة أما المفروض أن تربي أجيالا ولكن فاقد الشيء لا يعطيه كما تقرر عند العقلاء فلا ننتظر من البنت التي أهملت في صغرها خاصة في المرحلة التي يسمونها المراهقة حتى انحرفت أخلاقها وفقدت حياءها وكثرت مغامراتها أن تربي لنا جيلا طيب الأعراق وماذا يكون لديها لتقدمه لأبنائها وبناتها إلا مغامراتها العاطفية الفاشلة وحسراتها الكثيرة لنكن صرحاء إن كثيرا من بناتنا بسبب إهمال الأولياء لتربيتهن وإغفالهم لضرورة غرس قيم الحياء والعفة والستر فيهن حتى يكن ذوات الدين في المستقبل وربما بعض الأولياء لا يؤمنون أصلا بوجوب تربية أولادهم عامة وبناتهن خاصة على قيم الدين وأحكام الشرع المبين هذا الوضع جعل هؤلاء البنات ضحايا حقيقة حيث أن كثيرا من بناتنا صرن لعبا يلعب بهن كل من هب ودب ومن السنة الأولى متوسط إلى التخرج من الجامعة وبعدها تتقلب الكثير منهن بين أيدي الشباب الذئاب المتعطشين للشهوة الحرام يصلون إليهن بسهولة ويأخذون منهن ما يشاؤون بيسر من نظرة حرام إلى لمسة حرام إلى قبلة حرام وربما وصل الأمر إلى الحرام الكبير فيتمتع الشباب الذئاب كما يحلو لهم وتفقد تلك الفتاة كرامتها وعفتها واحترامها لنفسها واحترامها في نظر المجتمع إلى درجة أن أولئك الشباب الذئاب حين يحين موعد زواجهم يكون موقفهم واضحا جدا فهم لا يتزوجون أبدا من البنت التي اعتادت على مصاحبة الرجال ومغازلتهم وتسقط الوعود المعسولة في الوحل وتتكرر المأساة وكل بنت تقول عن الشاب الذئب الذي غرها بكلامه إنه ليس كالآخرين وهو صادق في وعده وأنا أحبه ثم يتبين أنه ذئب كالذئاب وضحية أخرى من ضحايا الشيطان والخاسر دائما هي الفتاة ولكن تتكرر المأساة إن إهمال تربية البنات وانحرافها لا تكون نتائجه المرة خاصة بالبنات الضحايا لهذا الوضع البئيس بل نتائجه الأقسى ستكون على المجتمع برمته وعلى المستقبل القريب وعلى الأجيال الآتية التي لن تكون أجيالا سوية في تربيتها ترتفع بالمجتمع ولا يشقى بها إذا لم تجد أمهات صالحات فاضلات يسهرن على تربيته ويغرسن فيه قيم الخير والعدل والصلاح فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فأعدوا للمسائل جوابا رواه الطبراني إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
عن عائشة وأنس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما النساء شقائق الرجال رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والبزار وغيرهم والشقائق جمع شقيقة ومنه شقيق الرجل وهو أخوه لأبيه وأمه لأن نسبه شق من نسبه
إن الخوف من الإسلام ظاهرة قديمة متجددة ظهرت مع الحروب الصليبية عندما تعرف الغرب على الحضارة الإسلامية وأيقنوا أنها حضارة عريقة يتوجب الخوف منها خاصة وأنه لم يكن لديهم أي تاريخ في ذلك الوقت وبالرغم من الجهود التي تبذل في سبيل إيضاح الصورة الصحيحة للإسلام وتحديدا في موقفه من المسائل الحرجة في العصر الراهن إلا أن النتائج عند الطرف الآخر لا تبدو دائما في أفضل الحالات المراكز ودور الأبحاث الرصينة وغير الرصينة التي تعنى بدارسة ظاهرة الإسلاموفوبيا أو الخوف من الإسلام تشير إلى أن المعضلة القائمة أمام جهود التصحيح وإزالة المخاوف قد تكون حتى الآن مفقودة وبعيدة عن الإدراك السليم فكان لابد من رصد الظاهرة والبحث عن السبل والآليات الكفيلة بالحد منها والتصدي لها والعمل على تجاوز حدود التشخيص والتوصيف والانتقال إلى مستوى رسم الخطط والتدابير لمواجهة حملات التشويه الغربي لصورة الإسلام وتعزيز فرص التنسيق والتعاون بين المنظمات والجامعات والمؤسسات العلمية والثقافية في العالم الإسلامي من أجل توحيد الطاقات والجهود واستثمار أفضل السبل والوسائل لتنفيذ البرامج المرتبطة بمهمة مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا وإن لظاهرة الإسلاموفوبيا أسباب متعددة تتفاوت في أهميتها وقوتها بيد أنها تتضافر فيما بينها لتشكيل الظاهرة على النحو الذي تتراءى به وأن هذه الأسباب بعضها خارجي تحركه دوائر تكره الإسلام وتعاديه والبعض الآخر داخلي نابع من المسلمين أنفسهم نتيجة تشويههم للمظهر الحضاري الراقي للإسلام بأفعالهم وتصرفاتهم المشينة التي تسيء للإسلام والمسلمين وإن الاسلاموفوبيا اليوم هي الوجه الآخر لعملة التطرف والإرهاب التي يمثل وجهها الأول جماعات الغرب المتطرفة وهذه الفوبيا بشكل عام هي صنيعة غريبة تم خلقها لمجابهة العولمة التي خلقها الغرب أيضا هناك مشاكل مشتركة ما بين الغرب والدول الإسلامية ولذلك يجب أن تكون الحلول أيضا مشتركة فالغرب مسؤول عن نسبة كبيرة عن الإرهاب في العالم الإسلامي الذي يذهب ضحيته آلاف المسلمين بسبب السياسات الغربية والتي كان آخرها قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن إعلان القدس عاصمة لإسرائيل وهو كان قرارا غريبا وغير متعقل فكيف يجلس ترامب مع المسلمين مع قادة العالم الإسلامي ويعدهم بمحاربة التطرف ثم يتحدث عن أن القدس إسرائيلية هذا الأمر يعني أن الغرب يضحك علينا وأنه جزء من المشاكل وعليه أن يلتزم بإيجاد الحلول الحقيقية لهذه المشكلة إن كان صادقا في محاربة الإرهاب والتطرف كما يدعون وبالنظر لما يحصل في المجتمعات الأوروبية في هذه الأيام من وقائع وممارسات ضد الإسلام والمسلمين فإن التحرك غدا ضرورة للتصدي لهذه الأفكار المتطرفة والممارسات ضد المسلمين سياسيا وثقافيا واجتماعيا إن إفهام الأوروبيين والغربيين عموما بأن وجود المسلمين واللاجئين بين ظهرانيهم إثراء لمجتمعاتهم الديمقراطية وأن قيام الجاليات بواجباتهم الوطنية والأخلاقية في مجتمعاتهم الجديدة سواء من حيث المشاركة في البناء التنموي أو التطوع في أزمات الكوارث أو ضبط سلوكيات الشباب المسلم أمر له ما يبرره ويسهم في تحسين الصورة وينعكس إيجابا على عملية التعايش ويتحمل العالم الإسلامي مسؤولية تجاه نفسه وتجاه تقدمه وتعزيز قوته في العالم المعاصر ولتصحيح الفكرة لدى الغرب عن الإسلام والمسلمين يجب أن نوجه طاقاتنا نحو نشر المنهج الصحيح والتعاليم السمحة للإسلام في البلدان الغربية باستخدام كل الوسائل المتاحة لدينا ويمكن الحد من ظاهرة الإسلاموفوبيا عن طريق إيجاد وشائج قوية تجمع بين الأقليات المسلمة من جهة ومواطني الدول التي يتواجدون على أراضيها بوصفهم مواطنين أو مقيمين وتأسيس مجالس وتجمعات طوعية تتكفل بإدامة العلاقات الطيبة بين المسلمين أنفسهم والمسلمين وغيرهم وتوطيد عرى التعاون مع الجمعيات الحقوقية الأجنبية التي تعنى بمكافحة العنصرية ومحاربة التعصب والدفاع عن حقوق الأقليات وقد يكون من أفضل السبل لمواجهة ظاهرة الخوف من الإسلام بعث الحياة في الجوانب الحضارية لهذا الدين عبر إبراز أبعاده المشرقة وتجليتها للعالم إن هناك حاجة ملحة للتعرف إلى الإسلام من جانب أبنائه أولا تمهيدا لتعريف العالم به وهذا يتطلب جهودا صادقة لتعريف الناس بجوهر دينهم وتعاليمه الحقيقية ولا شك أنه إذا كان تشويه صورة الإسلام والتخويف منه يؤثران سلبا على ثقافتنا وحضارتنا فإن السعي الحثيث نحو التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا ومواجهتها والعمل على تحسين الصورة وتصحيحها يعد واجبا دينيا وضرورة ثقافية فضلا عن كونه مطلبا واقعيا تمليه مسؤولية تبليغ حقائق الإسلام إلى من يجهلها أو يعاند في معرفتها والاقتناع بها ولا بد من الحوار والانفتاح والتواصل لتجلية هذا الضباب وإذابة جبال الجليد بيننا وبين المجتمعات الأخرى لأن الاحتقان والتربص والتصادم ليس جوا للتفاهم أو التعايش وذلك من خلال استثمار وسائل الإعلام وتقنيات الاتصال الحديثة في معالجة ظاهرة الخوف من الإسلام وتصحيح المفاهيم الخاطئة من خلال تعزيز وتفعيل سبل الحوار الحضاري مع الغرب وعلينا كمسلمين أن نندمج بالمجتمع الذي نعيش فيه بمعنى المشاركة في المجتمع بتقديم الخدمات والمشاركة في الفعاليات وتحقيق الفائدة للآخرين كما في الحديث خير الناس أنفعهم للناس كما يجب على الإعلام العربي والإسلامي أن يخرج من سباته العميق ويضع استراتيجية لمخاطبة الآخر تقدم الصورة الحقة للحضارة الإسلامية التي كانت دائما ولا تزال تؤمن بالتسامح وبالأديان الأخرى وتعترف بالآخر ولا تمارس القمع والقتل والإبادة مع ضرورة الاتفاق إسلاميا على تجديد الخطاب الديني بشكل عام يراعى فيه التباين الثقافي بين الشرق والغرب ويتجاوز الخلافات الثانوية فيما بين المذاهب المختلفة ويستند في إقراره والمصادقة عليه إلى مرجعية دينية أو مجمع إسلامي رصين
أضحت ظاهرة الإسلاموفوبيا تثير جدلا كبيرا وسط المثقفين الغربيين في السنوات الأخيرة ما بين من يعتبرها أمرا واقعا موثقا بحيثيات الحياة اليومية للمسلمين المقيمين في ديار الغرب ممثلا ذلك في حظر الحجاب والاعتداء على المؤسسات والأفراد وتضخم الخطاب الإعلامي المعادي للمسلمين وقيمهم باعتبارها مهددة لروح وقيم العلمانية وللوجود الغربي المسيحي وبين كونها مجرد معركة مفاهيم تتخفى وراءها إشكالات أكثر عمقا مما يبدو في الواجهة تتعلق بقضايا تاريخية ثقافية سياسية واجتماعية تطال التشكيل الحضاري العربي الإسلامي في مقابل التشكيل الحضاري الغربي المسيحي وطبيعة تعاطي كل منهما مع الظاهرة الدينية إضافة إلى طبيعة التدابير الرسمية التي تتعامل بها الحكومات الغربية لملف التعدد الديني
وتشمل الإصلاحات الجاري تنفيذها في التوسعة الأعمال الإنشائية المدنية لباب إسماعيل التي سيتم الانتهاء منها قبل موسم حج هذا العام وأعمال التشطيب لباب العمرة كذلك أعمال الرواق القديم والمكبرية الجنوبية بالمسجد الحرام التي تنتهي أيضا قبل موسم رمضان الحالي والأعمال في أقواس صحن المطاف حيث جرى الانتهاء من قوسا من أصل قوسا ويعمل في تنفيذ مشروعات التوسعة السعودية الثالثة قرابة آلاف عامل يشار إلى أن التوسعة السعودية الثالثة ستستوعب بعد اكتمالها نحو مليون مصل كما تشتمل التوسعة الثالثة على سلما كهربائيا و بابا و محطات كهربائية و محطات نقل بقدرة آلاف شخص في الساعة الواحدة
من المفترض أن ينهي مشروع التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام والعناصر المرتبطة بها أعمال أقواس صحن المطاف والرواق القديم والمكبرية الجنوبية بالمسجد الحرام قبل موسم رمضان الحالي وذلك بحسب ما كشفته الجولة الميدانية التي وقف فيها نائب أمير منطقة مكة المكرمة الأمير بدر بن سلطان الأربعاء على سير الأعمال الجاري تنفيذها في التوسعة
اعلم رعاك الله أنه ما من واحد فينا إلا وله أهداف وغايات يسعى إلى تحقيقها ويطمح إلى نيلها فكم نرى أقواما يرهقون أنفسهم لتحقيق ما يريدون فلا يكون في حين أن آخرين لا يبذلون إلا جهدا يسيرا ومع ذلك يوفقون ترى ما سر نجاح أفراد من الناس دون كثير عناء منهم وفشل آخرين مع ما بذلوا لا شك أن وراء ذلك أسرارا كثيرة أعظمها قدر الله وقضاؤه قال الحق سبحانه وكان أمر الله قدرا مقدورا وفي الصحيح أوصى عبادة بن الصامت ولدا له فقال يا بني إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب قال رب وماذا أكتب قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مات على غير هذا فليس مني ومن الأسباب توفيق الله تعالى للعبد فمن كان قلبه معلقا بخالقه يطلب منه المدد والعون والتوفيق والسداد والنصرة فهو من أهل التوفيق ومن كان قلبه معلقا بغير ربه وكله إلى ما تعلق قلبه لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا يقول ابن القيم رحمه الله قد أجمع العارفون بالله على أن الخذلان أن يكلك الله إلى نفسك ويخلي بينك وبينها والتوفيق أن لا يكلك الله إلى نفسك ونجد هذا المعنى جليا في الدعاء الذي علمه النبي عليه الصلاة والسلام لفاطمة رضي الله عنها قال قولي يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ومن الأسباب كذلك نية العبد وقصده وما يقع في قلبه قبل إقدامه على ما يريد فعلى قدر نية العبد وحسن مراده أو سوء رغبته يكون توفيقه وإعانته أو خذلانه وفشله فالمعونة من الله تنزل على العباد بقدر نيتهم الخير ورغبتهم فيه والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك فمن صدق الله صدقه وفي الحديث المشهور الصحيح إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فشتان شتان بين امرئ طاهر القلب زكي النفس سليم الصدر وبين آخر فاسد الطوية شاك مرتاب صاحب هوى متربص الشر بغيره قال تعالى ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ومن الأسباب أيضا العمل الصالح قال تعالى يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم هذا هو الميزان عنده سبحانه فليس بينه وبين العبيد قرابة بالنسب ولا بالمال ولا بالجاه ولا بالسلطان فعند الله التميز بالعمل الصالح يتضح هذا المعنى في الحديث القدسي الذي يقول الله تعالى فيه وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وبالمقابل فإن من أعرض عن ربه فمصيره معلوم وهو الخذلان والشقاء ومن أسباب التوفيق أو الخذلان نشر الخير والدعوة إلى الله والإصلاح بين الناس فإنها رسالة الأنبياء والمرسلين ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين وفي المقابل فإن من سخر نفسه وجهده لنشر الشر بين الخليقة ولا يدع طريقا للإفساد إلا سلكه فإن مآله الخذلان والعياذ بالله إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
يقول الحق سبحانه إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون ويقول أيضا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا معنى الآية الأولى جلي بين ومعنى الثانية أن الشيطان يعد ويمني ويزين لأتباعه الباطل والمعصية ليغويهم حتى إذا وقعوا على أم رؤوسهم تخلى عنهم
وقد أشار صلوات الله وسلامه عليه إلى ذلك بقوله إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من إسماعيل كنانة واصطفى من كنانة قريش واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم فأنا خيار من خيار من خيار ومن مآثر العرب اهتمامهم بحفظ الأنساب فقد كانوا يتفاخرون بأمجاد الأجداد فهو سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان إلى هاهنا متفق عليه بين النسابين ولا خلاف فيه البتة وما فوق عدنان مختلف فيه ولا خلاف بينهم أن عدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام وإسماعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين خلافا لليهود والنصارى الذين يزعمون أن الذبيح هو إسحاق فهذا القول باطل بالإجماع فاليهود حسدوا بني إسماعيل على هذا الشرف وأحبوا أن يكون لهم وأن يسوقوه إليهم ويحتازوه لأنفسهم دون العرب ويأبى الله إلا أن يجعل فضله لأهله
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خير أهل الأرض نسبا على الإطلاق فلنسبه من الشرف أعلى ذروة وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك ولهذا شهد له به عدوه إذ ذاك أبو سفيان بين يدي ملك الروم فأشرف القوم قومه وأشرف القبائل قبيلته وأشرف الأفخاذ فخذه فقد اختاره سبحانه وتعالى من أزكى القبائل وأفضل البطون وأطهر الأصلاب فما تسلل شيء من أدران الجاهلية إلى شيء من نسبه
وصفة ذلك أن تقف وسطهن في صف واحد وأن تجهر في الصلاة الجهرية غير أننا نؤكد أنه يجوز ذلك عند انعدام وجود ذكر عاقل بالغ مكلف يصلي بهن يجب العدل في قسمة الميراث بين الأولاد بإعطاء كل ذي حق حقه كما بين ذلك رب العزة في القرآن قال تعالى يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما النساء فهذه الآية والتي تليها والآية التي في خاتمة هذه السورة النساء هي آيات علم الفرائض ولقد تولى الله عز وجل تقسيم الميراث بين مستحقيه ولأهمية هذا الموضوع في حياة الناس وعلاقتهم في الأسرة الواحدة والعائلة الواحدة والتي يجب أن يسودها التعاون والوحدة والاتفاق ولرفع الظلم الذي كان في الجاهلية حيث كانت المرأة تحرم من حقها في الميراث احتقارا لها وحيفا ومن المؤسف أن نسمع عن أناس اليوم يفكرون بتفكير الجاهلية ويحرمون الأنثى من حقها الذي بينه الله من فوق سماوات وأنزله قرآنا يتلى ليكون حجة على جميع من سولت لهم أنفسهم عدم العدل في قسمة الميراث وقد تنادي بعض النساء الغافلات اللواتي أعمت الغفلة قلوبهن وعقولهن عن فهم هذه النصوص الشرعية وإدراك مقاصدها والعمل بها بضرورة العدل بين الذكر والأنثى في تقسيم الميراث بل وفي كل شيء تحديا للتقسيم الإلهي تعالى الله عن تلك الصفات علوا كبيرا فلتبادر هؤلاء النساء إلى التوبة الصادقة وإلى الاستسلام لأوامر الله سبحانه وتعالى قبل فوات الأوان فإعطاء الذكر مثل حظ الأنثيين لا يعني أنه انتقاص من جنس النساء وإنما ذلك من العدل بينهم لما يترتب على الرجل من مؤنة النفقة والكلفة وغير ذلك مما تتطلبه التزامات الرجل العائلية والاجتماعية
نعم يجوز للمرأة أن تؤم النساء في بيت إحداهن أو في مكان بعيد عن الرجال سواء أكان ذلك في صلاة التراويح أو غيرها من الصلوات المفروضة لما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لأم ورقة أن تصلي بأهل بيتها من النساء إمامة لهن وقد روي ذلك أيضا عن عائشة رضي الله عنها وعن أم سلمة رضي الله عنها وعن ابن عباس رضي الله عنهما
التصدق والإنفاق في وجوه الخير والمعروف على الفقراء والمحتاجين ثوابه عظيم عند الله فالله تعالى يضاعف الصدقة أضعافا كثيرة فذلك قوله تعالى الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقال تعالى آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير وقال تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم وفي سورة البقرة فيضاعفه له أضعافا كثيرة ولما للصدقة من ثمار عظيمة فقد حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة من سنته وبين أن الصدقة لا تنقص المال أبدا بل تزده ما نقص مال من صدقة بل تزده بل تزده بل تزده وفي سنن الترمذي قال صلى الله عليه وسلم إن الله يأخذ الصدقة بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد وقوله عليه الصلاة والسلام الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وفي سنن ابن ماجه عن جابر بن عبد الله قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له وكثرة الصدقة في السر والعلانية ترزقوا وتنصروا وتجبروا إن الصدقة في السر تقي مصارع السوء وتطفئ غضب الرب ففي الحديث الذي رواه الترمذي قال صلى الله عليه وسلم إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع عن ميتة السوء فالمال الذي يتصدق منه ينمو ويزيد ويقيه الله من الآفات ويبارك فيه وفي الحديث القدسي أن الله تعالى يقول يا ابن آدم أنفق ينفق عليك وقال عليه الصلاة والسلام ما طلعت الشمس إلا وعلى جنبيها ملكان يقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا ولا شك أن دعاء الملائكة مستجاب وأما من بخل واستولى عليه الشح بما عنده من فضل الله فإنه محروم من هذا الفضل والثواب العظيم الذي يلاقيه المنفق في الدنيا والآخرة فإن السخي قريب من الله قريب من الناس بعيد عن النار والبخيل بعيد عن الله بعيد عن الناس قريب من النار ولهذا قال عليه الصلاة والسلام اتق النار ولو بشق تمرة فإن لم تجد فبكلمة طيبة وقد قال عليه الصلاة والسلام من أطعم أخاه حتى يشبعه وسقاه حتى يرويه باعده الله من النار سبعة خنادق ما بين كل خندق خمسمائة عام واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول والصدقة تحول بين العبد وبين ما قد ينزل من البلايا فقد ورد أن البلاء حين ينزل فتتلقاه الصدقة فيتعالجان إلى يوم القيامة والله أعلم
أمر الله تعالى في القرآن الكريم بإخراج الصدقات للفقراء والمساكين في قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم التوبة فالصدقة من الأفعال المحببة إلى الله تعالى وهي مطهرة للنفس ومكفرة للذنوب والخطايا ولكن يجب على المسلم أن يخرجها بصدق دون رياء
إن حب المال قد يعمي ويصم فهو غريزة وشهوة يحتجنها الحرص والشره ولهذا يقول سبحانه زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب النساء والمزين هو الله سبحانه وتعالى ويقول جل شأنه وتأكلون التراث أكلا لما وتحبون المال حبا جما الفجر ويقول سبحانه وإنه لحب الخير لشديد العاديات ولما كان حب المال بكل ذلك الحضور في النفس البشرية فهو في حكم المغلوب عليه فهو عفو لا يضر العبادة إذا اقترن معها في النية ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر أن ينادى في صفوف من حضر الجهاد من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه رواه البخاري ومسلم فمطلق التشريك أي في النية كمن جاهد ليحصل طاعة الله بالجهاد وليحصل المال من الغنيمة فهذا لا يضره ولا يحرم عليه بالإجماع القرافي الفروق ج ص ولهذا قال سعد بن أبي وقاص أحد العشرة رضي الله عنه في إحدى الغزوات يا رب إذا لقينا القوم غدا فلقني رجلا شديدا بأسه شديدا حرده أقاتله فيك ويقاتلني ثم ارزقني عليه الظفر حتى أقتله وآخذ سلبه أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين وقال عقبه صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبي ونظير ذلك من حج وشرك مع الحج التجارة ولهذا قال سبحانه في آيات الحج من سورة البقرة ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم الآية يتبع كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة البليدة
إن الإنسان مجبول على حب المال فهو لا يشبع في جمعه وتحصيله بكل طريق ولا يقنع بالقليل منه ولهذا من قال أنا لا أحب المال فهو إما مجنون أو كذاب كما يسعى إلى اكتنازه والخوف من إخراجه ولو باستثماره ولهذا قيل المال جبان
وأوضح الأورومتوسطي مقره في جنيف في تقريره الشهري الذي يرصد الانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس ارتفاع وتيرة الانتهاكات التي تقترفها السلطات الإسرائيلية خلال أكتوبر الماضي وسط تسارع محاولة فرض التقسيم الزماني بالمسجد الأقصى ووقائع تهويد المدينة وتوزعت الانتهاكات على نمطا من انتهاكات حقوق الإنسان غالبيتها انتهاكات مركبة وجاء في مقدمتها الاعتقالات بنسبة يليها الاقتحامات والمداهمات بنسبة نحو والحواجز وحرية الحركة بنسبة ووفق التقرير بقي الاعتداء على المسجد الأقصى في صدارة مشهد الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية خلال أكتوبر وبدا واضحا أن سلطات الاحتلال ماضية في خطتها لفرض التقسيم الزماني والمكاني أمرا واقعا من خلال زيادة وتيرة الاقتحامات اليومية حيث رصد اقتحام مستوطنا إسرائيليا للمسجد الأقصى بواقع يوما من أصل في الشهر وشهدت الاقتحامات زيادة لافتة خلال أيام الأعياد اليهودية إذ وثقت مشاركة مستوطنا في اقتحام المسجد الأقصى خلال أسبوع عيد العرش الذي بدأ الأحد الموافق ل حتى الإثنين الموافق ل عبر باب المغاربة والذي تسيطر السلطات الإسرائيلية على مفاتيحه منذ احتلال المدينة
رصد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ارتفاعا في عدد الانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس إذ بلغت انتهاكا في أكتوبر مقارنة ب انتهاكا في سبتمبر
ومن الاستعدادات المطلوبة توفرها الفرح بالشهر المبارك قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون يونس والفرح بفضل الله ورحمته يشمل الفرح بكتابه وسنة نبيه وشعائر دينه والمؤمن يفرح بطاعة الله وأداء الفرائض والنوافل ويفرح بمواسم الطاعة لما فيها من تنوع العبادات ومضاعفة الأجور وإقبال القلوب على الله فمن فرح بقدوم الشهر فإنه يفرح غدا بمضاعفة الأجر وللصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه ومن التهيئة لرمضان إعداد النية نية صوم رمضان نية قيامه نية تلاوة القرآن نية الاعتكاف إذا أمكن أما النية الفقهية وهي نية الإمساك عن المفطرات فكل الصائمين يستحضرونها بينما يغفل كثير عن نية الرغبة في الأجر والمثوبة ونية الاستجابة لأمر الله كما يقول بعض الآباء قدم رمضان وسوف نجتهد فيه ونصومه بإذن الله بينما يبيت آخرون نية النوم نهارا والسهر ليلا ومن أنواع الاستعداد ومظاهره ما يكون بمراجعة فقه الصيام والواجبات والسنن والمبطلات وبمطالعة فضائل رمضان وما جاء في فضل القيام على حساب النوم والصيام في الأيام الطويلة وفضل الصدقة فيه ومنافع الصيام الصحية وما يدفع من أمراض ومنزلة الدعاء وما ينبغي أن يكون من أخلاق الصائم ومطالعة أحوال العارفين والذين كانوا يصومون طوال العام والصيام في شعبان من الاستعداد الذي يمارسه كثير من الناس فهو مقدمة تهيئ المكلف لصيام رمضان يقول ابن رجب رحمه الله والصيام في شعبان كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط ومن أنواع الاستعداد لرمضان الاستعداد العائلي والأسري فبالإضافة إلى ما ذكر لا ينبغي نسيان أفراد العائلة من أن يشملهم الاستعداد لرمضان وذلك يكون بمحاولة رسم برنامج ووضع خطة مع الأسرة خصوصا الأسر الصغيرة والمتكونة حديثا والتي تضم أبناء يسهل التحكم فيهم فهذه نعمة عظيمة فيسطر برنامج يتضمن وقتا لقراءة القرآن وآخر للتفسير وضبط أوقات النوم تفاديا للسهر المتعب واجتنابا للنوم المفرط الذي يأكل الأوقات ومنها التفاهم مع الزوجة حول القضايا العامة في رمضان مثل صلاة التراويح بالنسبة للزوجة التي لها صغار حيث تضطر للبقاء معهم على أن تشوش على المصلين فتعوض ما يفوتها من صلاة القيام في البيت ولا تتهاون فيها وترسم خطة حول مائدة رمضان وما ينبغي أن يكون فيها من ضروريات وما لا يكون من محسنات لا ضرر في تركها إذ لا يلزم الصائم أن يأكل البوراك مع الحساء كل يوم وذلك حفاظا على وقت المرأة أن يضيع كله في المطبخ طهيا وغسلا للأواني فللمرأة حظ روحي من رمضان يجب أن تناله ولا تضيعه كما ينبغي مذاكرة الأولاد بفضل الصيام وتحفيز القادرين عليه وتدريب من دونهم والحرص على غرس الحقائق الرمضانية في قلوبهم من أنه شهر العبادة وليس شهر المأكولات وأيضا إشعار الضيوف إذا حضروا بحقيقة رمضان لا إشغالهم بمائدتين لا يمكن إكمال ما فيهما إلا بضرر على الدين أو ضرر على البدن إمام مسجد الشهداء بوروبة
إن أهم ما يستعد به المسلم ليستفيد من رمضان هو تهيئة النفس لاستقبال هذا الموسم والاجتهاد فيه ولعل النصوص الشرعية التي بشرت بهذا الوافد تدل على أهمية تهيئة النفوس لرمضان فحين نتذكر ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبشر برمضان من سلسلة الشياطين وفتح أبواب الجنان غلق أبواب النيران ومناداة المنادي يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر نلمس فيه إشعارا لقبول التائب وتحفيز العامل
وأوضح بلمهدي في برنامج ضيف الظهيرة للقناة الأولى أمس الإثنين أن وزارة الشؤون الدينية تسعى ليكون الإمام على قدر عال من العلم والمعرفة وأيضا وهو المهم متصفا بالأخلاق الحميدة ليؤدي رسالته في المجتمع لأنه مأمور أن يأخذ الدواء من القرآن الكريم ورمضان ويعطيه للمصلين وبشأن موقف الوزارة من صلاة التراويح شدد بلمهدي على أن الجزائر تتوفر على حفاظ للقرآن ومجيدين له أيضا تبوؤوا المراتب الأولى في المسابقات العالمية مشيرا إلى أن خمسة جزائريين توجوا مؤخرا بجوائز في مسابقات عالمية بماليزيا ومصر والكويت وإيران رغم أنهم ليسوا متخصصين في الشريعة وأضاف لكن على الإمام التخفيف في صلاته رفقا بالمصلين وذلك عملا بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم و بالمناسبة أنصح إخوتي الأئمة بالتخفيف في دروس الوعظ التي تسبق صلوات التراويح قدر الإمكان ولو تطلب أن يكون الدرس في أربع دقائق فليكن يكفي أن يقدم للمصلين وعظا خفيفا يحفظونه أفضل من خطب لا يفهم أو يحفظ منها شيء وكشف الوزير عن رفع التجميد عن نشاط عدد من الجمعيات الدينية ببعض الولايات وفتح مساجد جديدة تحسبا لشهر رمضان الكريم مشيرا إلى أنه سيتم العمل على تطوير صندوق الزكاة ليلعب دوره في تقليل فاتورة الفقر من الجزائريين
قال وزير الشؤون الدينية يوسف بلمهدي إن دائرته الوزارية تسعى ليكون الإمام على قدر عال من العلم والمعرفة والأخلاق أيضا ليؤدي رسالته في المجتمع داعيا الأئمة إلى التخفيف على المصلين خلال أداء صلواتهم
والصيام الصحيح من أفضل الأعمال التي يقوم بها العبد في نهار شهر رمضان المبارك ويجب أن يكون هذا الصيام عن الطعام والشراب والجماع وقول الزور والغيبة والنميمة وأي أخلاق غير جيدة والبعد عن النظر إلى المحرمات والابتعاد عن سماع كل ما هو محرم فالصائم يجب أن يحفظ بصره وسمعه ولسانه فالله تعالى في غنى عن صيام البطن عن الطعام والشراب فقط فإذا كان البعض سيرفع شعار لا ينال الجنة من يؤثر الراحة في ليالي رمضان هذه فلابد من زيادة الاهتمام بها والتأكيد على الأعمال الصالحة فيها ومن ذلك إحياء الليل فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزر الاعتكاف روى البخاري أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف في العام الذي قبض فيه عشرين يوما قال الإمام الزهري رحمه الله عجبا للمسلمين تركوا الاعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل تنويع العبادة فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد فيها أكثر مما يجتهد في غيرها وهذا شامل للاجتهاد في جميع أنواع العبادات من صلاة وقرآن وذكر وصدقة وغيرها ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحيي ليله بالقيام والقراءة والذكر بقلبه ولسانه وجوارحه لشرف هذه الليالي وطلبا لليلة القدر التي من قامها إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه إيقاظ الأهل وهذا من باب كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فكان صلى الله عليه وسلم لا يترك أحدا من أهله يستطيع القيام للعبادة والسهر للإحياء والقوة على ذلك إلا أيقظه ففي المسند عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم فإذا كان العشر شمر وشد المئزر فيسهر ليله ويطوي فراشه ويودع النوم وإن كان النوم في جميع ليالي عمره قليلا ويلزم من يطيق من أهله ذلك معه الإكثار من الدعاء فالليالي ليالي بر وخير وإحسان وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للصائم دعوة عند فطره لا ترد الابتعاد عن التنازع والخصام قال صلى الله عليه وسلم خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت رواه البخاري كثرة تلاوة القرآن فإن كنت تختمه كل أسبوع مرة في الأيام العشرين الأولى من رمضان فاختمه كل ثلاث ليال في العشر الأخيرة من رمضان وإن كنت تختمه كل ثلاثة أيام فاختمه في العشر الأخيرة في كل ليلة مرة الاغتسال ولبس الجديد من الثياب يروى عن السلف أنهم كانوا إذا دخلت الليالي العشر اغتسلوا في كل ليلة وخصوا الليالي الوترية بثياب جديدة وذكر ابن جرير رحمه الله أن كثيرا من السلف الصالح كانوا يغتسلون في كل ليلة من ليالي العشر كان يفعل ذلك أيوب السختياني رحمه الله والإمام مالك رحمه الله فيما يرجح عنده أنه من ليالي القدر فيغتسل ويتطيب ويلبس حلة لا يلبسها إلى العام القادم من شهر رمضان وكان غيرهم يفعل مثل ذلك
شهر رمضان المبارك من أفضل شهور السنة عند الله تعالى وهو فرصة المسلم في زيادة حسناته وثوابه وصيامه فرض على كل مسلم بالغ عاقل ولا يجوز إفطاره إلا في بعض الحالات التي سمح فيها الله تعالى للمسلم بالإفطار وأوجب عليه اتباع الشريعة في سداد النقص الذي أصاب صيامه واتخذ الله تعالى من الصيام فريضة له حيث إنه يجزي المسلم عليها كيف ما يشاء والله تعالى كريم فالجزاء على هذا الصيام سيكون كبيرا
إن شهر رمضان فرصة مواتية للتجديد والتغيير وإصلاح النفوس والقلوب وتطهيرها من الآفات والعيوب كيف لا يكون فرصة مواتية للإصلاح والتغيير وكل شيء في هذا الكون العظيم يتغير إذ تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين وتنزل البركات والرحمات والخيرات في كل ليلة من لياليه وخاصة ليلة القدر التي تتنزل فيها ملائكة الرحمن حتى تملأ الدنيا وهذا التجديد قد أراده منا ربنا عز وجل إذ قال يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون البقرة فهو تغيير نحو تقوى الله سبحانه وتعالى فرمضان هو المحطة الكبرى في حياة المسلم إذ يساعد الله فيها العباد فيصفد لهم الشياطين ويبسط يده فيعطي ويجزل وهو نفحة إلهية وعطية ربانية للعالم فيه يستطيع المرء أن يجدد حياته ويبعث فيها الأمل ومن الوسائل التي تجدد حياة الإنسان في رمضان وقت السحر وهو الوقت المبارك الذي يضيعه أغلب الناس في أغلب العام فيأتي رمضان لينبههم عليه فيوقظهم ليتقووا من خلال الطعام ولكن كثيرا من الناس يقضون هذا الوقت في الطعام وينسون الحديث الشريف إن الله ينزل في الثلث الأخير من كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول ألا هل من مسترزق فأرزقه ألا هل من مستغفر فأغفر له ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر صلاة الفجر في المسجد وهي كذلك يضيعها الناس في سائر أوقات السنة فيأتي رمضان ليوقظ في أنفسهم أن هناك صلاة مشهودة في المسجد وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا الدعاء والإكثار منه لاسيما في هذا الشهر المبارك حيث إن دعاء الصائم مستجاب كما ورد في الحديث الشريف ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر قراءة القرآن والتفكر والتدبر فهذا الشهر هو شهر القرآن شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ويستحب للمسلم أن يختم المصحف ولو مرة واحدة مع مراعاة التفكر والتدبر صلاة الجماعة في المسجد قال النبي صلى الله عليه وسلم من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلا في الجنة كلما غدا أو راح وليجعل المسلم لنفسه في رمضان ساعة على الأقل يقرأ فيها وليبدأ من سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام فهي الوعاء الذي نزل فيه الإسلام الحنيف وهناك كثير من الوسائل التي تجعلنا نجدد حياتنا في رمضان منها الإكثار من النوافل وقيام الليل والتصدق وصلة الأرحام وإدراك معاني الأخوة في الله ومراعاة شعور المسلم فكلها تعطي للحياة معنى آخر غير المعنى الذي كنا قد اعتدناه أخي الصائم إن لم تتغير في رمضان فمتى تتغير وإن لم يتجدد إيمانك فيه فمتى يتجدد وإن لم تجتهد في إصلاح أحوالك فيه فمتى يكون ذلك وإن شهر رمضان فرصة ذهبية لمن أراد التوبة النصوحة وأراد تجديد العهد مع ربه عز وجل فيا مقلب الليل والنهار اهدنا وخذ بأيدينا وارحم حالنا يا حليم يا غفار
قال الله تعالى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا متفق عليه
وقد امتثل الرجل الكبير عليه الصلاة والسلام لأمر ربه وراح ينشر رسالة السماء في مجتمع جثى الكفر والجهالة على أهله فلا تكاد ترى إلا صنما قد هام في صنم والذي يجب الالتفات إليه في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ الإسلام هي ذلك المنهج الفريد في إحاطة الدعوة الناشئة بالرعاية الفائقة والسير بها آمنة في محيط كله عداء للدعوة وصاحبها فاختار تلهمه السماء عليه الصلاة والسلام وتهدبه الحكمة والبصيرة أن تكون دعوته أول الأمر سرية لا جهرية ثم راح يصطفي في هذا التوقيت الحساس بعناية رعيل الاستجابة الأول فكان أن أسلمت زوجته خديجة وابن عمه علي ومولاه زيد وصديقه الحميم أبو بكر وقد كانت هذه الدائرة القريبة هي النواة الصلبة التي مثلت حضن الدعوة الجديدة ومنطلقها الذي تفتح على نفيس معادن الرجال والنساء والعبيد فالتفت نخبة من الأتباع الصادقين الأتقياء الأوفياء ممن كانوا للدعوة وصاحبها أفضل سند وعون فبذلوا نفيس أموالهم وأوقاتهم لنصرة الدين وهم في ذلك يعرضون حياتهم وتجارتهم وكل ما يملكون لخطر داهم ووعد غشوم ولم يسجل التاريخ أن أحد هؤلاء وقد كانوا عصبة معتبرة خان دعوته أو أفشى سرها يستوي في ذلك منهم الرجل والمرأة الصغير والكبير الحر النسيب والعبد السليب بل على العكس من ذلك مثلوا حصتها القوية وحينها الأبي ولسانها الشجي وسألها العتي وحين امتحن صدق تدينهم الموت البشرية أروع أمثلة الشجاعة والصدق والوفاء والبذل والعطاء جادوا بأموالهم وأرواحهم واسترخصوا كل شيء لتحيى عقيدتهم وينتصر مبدؤهم وما أحوجنا اليوم أن نتعلم من هذه الوقفة درسا بليغا وعظة كبيرة وهي أن الدين والمبادئ والأوطان بقدر ما تحتاج إلى وهج الفكرة ونور الحقائق ودواعي المحبة تحتاج إلى الصادقين من الرجال والنساء ممن طهرت قلوبهم وصحت عزائمهم فعلوا لمبادئهم وقضاياهم وأوطانهم يملؤهم اليقين ويحركهم الوفاء وتستعصي نفوسهم عن الإغراء مهما عظم فلا تقعد بهم عقبة ولا يثنيهم خطب إن الاختيار السيء للرجال والنساء ثلمة لا تسد وخطيئة لا تجبر فكم من جماعات وحواضر أصبحت أثرا بعد عين بسبب قادة سفهاء وزعماء فاشلين نكثوا عهودهم وخانوا أوطانهم تلك عبقرية من عبقريات النبي المجتبى يغفل الناس عنها ولا يحسون خطرها حتى ينكبوا بمن تسترقه اللذة العابرة وتشترى ذمته كما يشترى المتاع
تذكر كتب السيرة النبوية أنه لما نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم يبشره بالنبوة ويضع على كاهله أمرها الجلل ويأمره بالتهيؤ لرحلة الدعوة الشاقة وطريقها الوعر الطويل وما يتطلبه من زاد خاص وعلو همة وزكاة نفس وطهرة بدن امتثالا لأمر السماء يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر
ووفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية جندت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أكثر من ألفا من القوى البشرية للمراقبة ومتابعة سير العمل خلال شهر رمضان وأوضح الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي عبد الرحمن السديس أنه سيتم تجهيز أبواب المسجد الحرام البالغة بخلاف سلما كهربائيا و مدخلا لذوي الاحتياجات الخاصة و مداخل للنساء ومثلها جسور ومدخل واحد لدخول الجنائز وأشار أنه تم تأمين آلاف وجبة إفطار صائم يوميا داخل ساحات المسجد الحرام إضافة إلى توزيع آلاف وجبة إفطار للجنود وتهيئة ألف دورة مياه وتجهيز لوحة شحن جوال بقوة جوالا في الساعة ولفت السديس إلى أنه ستتم ترجمة خطب الجمعة في المسجد الحرام إلى لغات حيث سيقوم مفتيا و مدرسا بإلقاء قرابة درسا علميا ونوه أنه سيتم توزيع أكثر من مليون و ألف كتيب إرشادي وتأمين مليون مصحف بمختلف اللغات والأحجام وتهيئة حلقة تحفيظ القرآن كريم و مقارئ أما فيما يخص النقل فسيتم تأمين خدمة نقل مليون راكب من المسجد الحرام وإليه في أوقات الصلوات الخمس وتأمين خدمة وقوف لمليونين ونصف مليون مركبة صغيرة للمعتمرين والمصلين في مداخل مكة المكرمة والمواقف الطرفية وستطبق القوة الخاصة بأمن المسجد الحرام وقوة الطوارئ الخاصة الخطط المعتمدة في الدخول والخروج وحفظ الأمن داخل المسجد الحرام وساحاته والمشاركة في تنظيم حركة المعتمرين في مواقع الازدحام ومتابعة النواحي الأمنية بكاميرات المراقبة على مدار الساعة وفق المصدر ذاته
أعلنت السعودية السبت أنها استعدت بشكل كامل لزوار شهر رمضان التي قالت إن مدينتها المقدسة مكة تشهد خلاله كثافة كبيرة وسط تقديرات رسمية تشير إلى نحو مليونا من الزوار والمعتمرين
و بعد ثبوت رؤية هلال شهر رمضان في ولاية وادي سوف فإن أول أيامه سيكون يوم الإثنين ماي الموافق ل رمضان هجرية وأعلنت الكثير من الدول العربية والإسلامية الأحد ثبوت رؤية هلال شهر رمضان الكريم ليكون يوم غد الاثنين أول أيام الصيام في حين انفردت سلطنة عمان بالإعلان عن تعذر رؤية الهلال وإكمال شعبان أيامه الثلاثين ليكون الثلاثاء أول أيام شهر رمضان ونقلت وكالة الأنباء الرسمية في السعودية أن المحكمة العليا ذكرت أن الأحد هو المتمم لشهر شعبان وأن الاثنين هو أول أيام شهر الصيام وكان المملكة قد تعذر عليها رؤية الهلال أمس عقب مغيب الشمس كما قالت البحرين والإمارات أن الاثنين هو غرة شهر رمضان المبارك وأعلن مفتي مصر شوقي علام أن غدا الاثنين هو أول أيام شهر رمضان وأن اليوم هو آخر أيام شهر شعبان وكذلك كان الأمر في السودان والأردن وفلسطين وماليزيا وإندونيسيا في حين لم تعلن إيران بعد نتيجة تحري رؤية هلال رمضان ونقلت وكالة أنباء فارس أن لجنة التحري التابعة لمكتب المرشد الإيراني صرحت بصعوبة رؤية الهلال مساء الأحد وأن المرشد سيصدر فتواه اليوم بشأن بدء شهر رمضان في المقابل أفاد بيان صادر اليوم عن اللجنة الرئيسية لاستطلاع رؤية هلال رمضان في سلطنة عمان بعدم ثبوت رؤية الهلال وأضافت اللجنة أن غدا الاثنين هو المتمم لشهر شعبان ويكون الثلاثاء غرة شهر رمضان وكانت قطر والكويت واليمن وليبيا وديوان الوقف السني في العراق ومفتي لبنان والمرجع الشيعي في البلد نفسه أعلنوا أمس أنه لم تثبت رؤية هلال رمضان وعليه فإن الأحد هو المكمل لشعبان والاثنين هو أول أيام الشهر الفضيل يشار إلى أن الأقليات المسلمة في عدد من دول العالم تعتمد على السعودية في تحديد أول أيام الصيام في حين تعمل دول ذات أغلبية مسلمة على تحري رؤية الهلال بشكل مستقل فضلا عن اعتماد أخرى الحساب الفلكي لتحديده مثل أستراليا وتركيا
اجتمعت اليوم لجنة الأهلة التابعة لوزارة الشؤون الدينية بدار الإمام بالمحمدية بالجزائر العاصمة لتحري غرة شهر رمضان
وأظهرت الدراسة أن الأمريكيين الذين أجابوا على الأسئلة المتضمنة في الاستجواب استطاعوا الإجابة بشكل صحيح نسبيا على كل ما يتعلق بالإسلام وفقا لقناة الحرة الأمريكية وبالرغم من أن غالبية المستجوبين لم يستطيعوا تحديد العدد الدقيق للمسلمين في بلادهم إلا أنهم أجابوا بطريقة صحيحة حول سؤال ماذا تعرف عن شهر رمضان إذ أجاب في المائة من المستجوبين بأن رمضان شهر مقدس للمسلمين في المقابل لم يعرف إلا في المائة الإجابة الصحيحة عن الديانة التي يعتنقها معظم سكان إندونيسيا والتي هي الإسلام وجاء في تقرير لمركز بيو يشرح فيه نتائج الاستطلاع أن حتى بعض أساسيات الإسلام مألوفة لمجموعة واسعة من الجمهور حيث يعلم ستة من كل عشرة بالغين أمريكيين أن شهر رمضان هو شهر إسلامي مقدس على عكس مهرجان الأنوار الهندوسي أو صلاة يهودية من أجل الموتى أو احتفال بمولد بوذا وأن مكة وليس القاهرة أو المدينة المنورة أو القدس هي أقدس مدينة في الإسلام ومكان لحج المسلمين يذكر أنه تم تصميم الأسئلة بدرجات صعوبة متصاعدة وبينما كان افترض مركز بيو أن يكون البعض منها سهلا نسبيا تبين أن عددا لا يستهان به لا يعرف الكثير عن الديانات في الولايات المتحدة الأمريكية ولا عن المناحي التعبدية لكل دين ووجد الاستطلاع أن مستويات المعرفة الدينية لدى الأمريكيين تختلف ليس فقط حسب الأسئلة التي تطرح ولكن أيضا على من يجيب حيث أظهر اليهود والملحدون والبروتستانت الإنجيليين فضلا عن المتعلمين تعليما عاليا وأولئك الذين لديهم شبكات اجتماعية متنوعة دينيا مستويات أعلى من المعرفة الدينية
خلصت دراسة أعدها مركز بيو للأبحاث بعد استجوابه نحو ألفا من الأمريكيين حول مجموعة من المواضيع المتعلقة بالأديان إلى أن معظم الأمريكيين على دراية ببعض أساسيات المسيحية والكتاب المقدس وحتى بعض الحقائق عن الإسلام لكن عددا أقل بكثير منهم قادر على الإجابة بشكل صحيح على أسئلة واقعية حول اليهودية والبوذية والهندوسية
إن إقليم شينغ يانغ الذي تقع فيه الإبادة الآن يقع في أقصى شمال غرب الصين ويبلغ نحو سدس مساحتها وقد دخله الإسلام منذ القرن التاسع الميلادي وكان يسمى ب تركستان الشرقية وينتمي معظم المسلمين فيه إلى عرق الإيغور وكلمة أويغور تعني التضامن أو الاتحاد باللغة الأويغورية والإيغور مسلمون وتعود أصولهم إلى الشعوب التركية التركستان ويعدون أنفسهم أقرب عرقيا وثقافيا لأمم آسيا الوسطى دخل الإسلام تلك الأرض على يد القائد الإسلامي المجاهد قتيبة بن مسلم الباهلي في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان واستمر الدين الإسلامي في تلك النواحي البعيدة من بلاد آسيا الوسطى عبر مئات السنين بالرغم من الصعوبات الكبيرة والاضطهاد العظيم الذي مر على أهلها حتى هذه الساعة ويطمح شعب الإيغور العريق إلى المحافظة على خصائصه الثقافية والعرقية وهويته الإسلامية وإلى التمتع بحقوقه الثقافية والاقتصادية غير القابلة للتصرف ويتهم الإيغور السلطات الصينية بممارسة التمييز ضدهم بينما تقول الصين إن ميليشيات الإيغور تشن حملة عنف تشمل التآمر للقيام بعمليات تفجير وتخريب وعصيان مدني من أجل إعلان دولة مستقلة إلا أن الذي حرك أولئك المسلمين لا يتعلق بإطاحة الدولة الصينية ولا تهديد استقرارها وإنما يتعلق بمطالبة يسيرة بالمعاملة العادلة ورفع الاضطهاد وبتطبيق فعلي للحكم الذاتي وبوضع نهاية لسياسة الاستيطان المخطط لها ولقد أعربت الأمم المتحدة أكثر من مرة عن قلقها بعد ورود تقارير عن اعتقالات جماعية للإيغور ودعت لإطلاق سراح أولئك المحتجزين في معسكرات مكافحة الإرهاب لكن بكين نفت تلك المزاعم معترفة باحتجاز بعض المتشددين دينيا لإعادة تعليمهم وتتهم من تصفهم بالمتشددين الإسلاميين والانفصاليين بإثارة الاضطرابات في المنطقة وكانت لجنة معنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة قد أكدت تلقيها كثيرا من التقارير الموثوقة التي تتحدث عن احتجاز نحو مليون فرد من أقلية الإيغور المسلمة في الصين في مراكز لمكافحة التطرف حيث تعتبرهم مرضى يجب تطهير أدمغتهم من الفيروس الديني وإعادة توطينهم وتثقيفهم سياسيا ودينيا وتجبرهم على نبذ الإسلام وانتقاد معتقداتهم ويخضعون للحبس الانفرادي لمدة طويلة ويتعرضون لأنماط قاسية من التعذيب والمعاملة السيئة صمت العالم العربي والإسلامي لقد تم خذلان المسلمين الإيغور كما خذلت الروهينغا في بورما فقد تركوهم يذبحون ولم يخرج أحد ليعترض على هذه المجازر في حين وقفت دول غير عربية ضد هذه الوحشية فالمهانة والهزيمة الحربية والاضطهاد السياسي وغيرها من صور البلاء والفتن التي ابتلي بها المسلمون في السنوات الأخيرة بسبب بعدهم عن الالتزام بمبادئ وتوجيهات دينهم الحنيف الذي يأمر بالوحدة والأخوة الإسلامية وإن صمت الدول ذات الأغلبية المسلمة حول المعاملة المروعة للمسلمين في الصين أمر محبط لأن مبدأ الأخوة الإسلامية أصبح أداة سياسية خارجية انتقائية لها علاقة أكبر بالاقتصاد والسياسة الدولية للدول الإسلامية وأقل ارتباطا برسالة تضامنها الحقيقية الدور المطلوب تجاه المسلمين الإيغور تستطيع الحكومات الإسلامية بما لديها من إمكانيات ومصالح متبادلة مع الصين إرغامها على وضع حد للتجاوزات القمعية العنصرية بحق إخواننا المسلمين في تركستان الشرقية والوصول إلى حل يرضي هذه الفئة المظلومة ويعيد إليها حقها في الحياة الكريمة ونؤكد على أهمية الإعلام ووسائل التواصل الإلكترونية في أن يكون له دور فاعل في إحياء هذه القضية وتعريف الناس بها وإيصالها إلى المحافل الدولية ونشدد على أهمية الدعاء لهم بالنصر والتثبيت أمام محاولات التذويب فاللهم احمهم واحفظهم ورد كيد الكائدين في نحورهم
يتعرض المسلمون الإيغور لألوان من الاضطهاد والإفناء الممنهج في ظل سكوت عالمي مريب مما يستوجب علينا التذكير بمعاناتهم وما يجب علينا القيام به تجاه هذه المنطقة المنسية من العالم ففي أقصى الغرب الصيني وفي قلب إقليم شينغ يانغ الذي يعيش فيه نحو ملايين مسلم من أقلية الإيغور نحو مليون منهم تعتقلهم السلطات الصينية لأجل غير مسمى دون توجيه تهم إليهم
هذا المقصد العظيم نجده في كل ما شرعه الله وبينه للناس لأن الهوى داء وبيل ومرض عضال يدمر كينونة من يسيطر عليه من البشر حتى يصل به إلى حال غريبة حدثنا عنها القرآن أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون وفي المقابل لأن التقوى هي معيار قبول الأعمال إنما يتقبل الله من المتقين وهي لا تجتمع والهوى أبدا قال الإمام ابن عجيبة رحمه الله وجماع التقوى هي مخالفة الهوى ومحبة المولى عز وجل وأخطر ما في الأمر أن يتسربل الهوى بلبوس التقوى فيكون العبد عاملا في هواه باطنا مدعيا التقوى ظاهرا وما دام حديثنا عن الحج فإننا نعلم أن الله تبارك وتعالى حينما أكد فريضة الحج قال وقوله الحق الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب فالمقصود بالحج هو هذه التقوى العزيزة التي يحرص الحاج والمعتمر على بلوغ درجتها وصبغ حياته بها ولكن يوجد من غابت عنه هذه المعاني الجليلة والمقاصد النبيلة كما قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله وإنما المراد من الحج القرب بالقلوب لا بالأبدان وإنما يكون ذلك مع القيام بالتقوى وكم من قاصد إلى مكة همته عدد حجاته فيقول لي عشرون وقفة وكم من مجاور قد طال مكثه ولم يشرع في تنقية باطنه لست هنا في مقام اتهام الناس حاش وكلا ولكني في مقام التنبيه والتذكير والتناصح لأن موضوع اختفاء الهوى وراء التقوى موضوع دقيق خطير لا ينتبه له عامة الناس مع التنبيه والتحذير فكيف مع عدم وجودهما وانظروا إلى الواقع حين تجد إنسانا يحرص على الحج وهذا شيء ممتاز ولكن لم يأت رزقه فلم يفز بقرعة الحج فتراه يبحث عن طرق أخرى وبعضهم يصل إلى طرق غير مشروعة بل محرمة كشراء جواز السفر بمبالغ طائلة حتى وجدت شبكات تتاجر بالجوازات ودفع رشا للحصول على تأشيرة مجاملة أو غير ذلك من المعاملات المتجددة والعلماء المعاصرون متفقون على أن المنع القانوني لا تتحقق معه الاستطاعة المشروطة في الحج فهل من يفعل هذا تحركه التقوى التي توقفه عند حدود الله أم الهوى الذي يجرئه على حدود الله وحين تجد إنسانا يحج كل سنة طبعا السؤال من أين يأتي بجواز سفر الحج أو التأشيرة هذا يحتاج إلى مداخل ومخارج وتسأله عن ذلك كما حدث لي مع أحدهم قال لي إنه يحج منذ سبع سنوات ويأتي للعمرة في العشر الأواخر قلت ما شاء الله ولكن هل فتشت حولك فربما هناك من أقاربك وجيرانك من يحتاج إليك وقد أديت حجة الإسلام فقال صراحة حين يصل العشر الأواخر أو وقت الحج نفسي لا تطيب بشيء إلا بالذهاب إلى المشاعر ولا يهمني بعد ذلك أي شيء قلت صرت تجد لذة خاصة قال نعم قلت لا تتقبل فكرة ضياعها منك قال نعم قلت وكأنك مدمن قال تقريبا فقلت هل هذا هوى نفس أم أنوار تقوى قال والله لا أدري هذا الحوار حاولت نقله بدقة كما جرى وهو يعطي صورة لبعض الناس ولا أعمم هذا على كل من يكرر الحج والعمرة الذين يكررون الحج والعمرة غافلين عن هذا المقصد العظيم مقصد التقوى ويلبس عليهم إبليس فيتملكهم الهوى في صورة من التقوى وهذا أخطر الهوى والهوى خطر كله إن واقع الناس مليء بصور مشرقة للمتقين ومليء بصور صاعقة لأصحاب الهوى كما هو مليء بصور خادعة من الهوى المتلبس بالتقوى مما يتطلب من العبد أن يكون يقظا حذرا من شراك الهوى وحبائل إبليس وخاصة في الحج الذي شرعه الله جل شأنه سبيلا للتزود بالتقوى إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
شرع الله تعالى يقصد فيما يقصد إليه من الأهداف الكبرى والغايات العالية إلى الوصول بالمسلم إلى درجة التقوى وإلى حمايته من هوى نفسه يقول الإمام الشاطبي رحمه الله المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبدا لله اختيارا كما هو عبد لله اضطرارا
ويشير التقرير إلى أن الورقة التي نشرها الأحد الفائت مجلس الدولة الصيني للمعلومات وهو الفرع الدعائي للحكومة وقدم فيها تفسير الحزب الشيوعي الحاكم للتاريخ زعمت أن الإسلام ليس نظاما محليا ولم يكن المعتقد الوحيد الذي آمن به الأويغور ويفيد وولدن بأن الورقة زعمت أن الإسلام انتشر في تشنغيانغ من خلال الإمبراطورية العربية وأن الشعوب الأويغورية تحولت إلى عبيد على يد الأتراك ويورد الموقع نقلا عن الورقة قولها إن اعتناق الإسلام لم يكن طوعيا أو باختيار الناس لكنه كان نتيجة للحروب الدينية والإجبار الذي قامت به الطبقة الحاكمة وأضافت أن الحكومة مع ذلك تحترم حق المسلمين ومعتقداتهم ويلفت التقرير إلى أنه يعتقد أن هناك مليون مسلم أويغوري معتقلين في معسكرات اعتقال فيما تطلق عليها الحكومة مراكز إعادة تعليم أو مراكز مهنية أما من يعيشون خارج المعتقلين فهم عرضة للرقابة الدائمة في محاولات للصين لتغيير هويتهم باسم مكافحة التشدد مستدركا بأن المراقبين يطلقون عليها اسم عملية إبادة ثقافية تجدر الإشارة إلى أن دولة بينها الجزائر والسعودية أرسلت خطابا إلى الأمم المتحدة عبرت فيه عن تأييدها لسياسة الصين في إقليم شينغيانغ الواقع في غرب البلاد ردا على الانتقادات الغربية المتكررة لسياسة بكين في الإقليم حيث وقع سفيرا لدول غربية كأستراليا وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا واليابان رسالة موجهة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مؤخرا انتقدوا فيها سياساتها في الإقليم
نشر موقع شبكة إي بي سي الأسترالية تقريرا للكاتب ماكس وولدن يشير فيه إلى ما ورد في ورقة بيضاء للسلطات الصينية زعمت فيها أن مسلمي الأويغور في إقليم تشنغيانغ قالوا إنهم تعرضوا للعبودية وأجبروا على اعتناق الإسلام
وأوضحت وزارة الخارجية الأمريكية أن قائد الجيش مين أونغ هلاينغ ونائبه سو وين والجنرالين ثان أو وأونغ أونغ ممنوعون وعائلاتهم من دخول الولايات المتحدة وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن الحكومة الأمريكية هي أول من تصرف علنا تجاه أعلى مسؤولين في الجيش البورمي وأضاف لقد استهدفنا هؤلاء القادة بناء على معلومات موثوقة في ما يخص تورطهم في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وأعرب بومبيو عن قلقه إزاء واقع أن الحكومة البورمية لم تحمل منفذي التطهير الإثني أي مسؤولية عن أعمال العنف التي دفعت في أواخر أوت بحوالي ألف مسلم من الروهينغيا إلى الفرار من ميانمار ذات الغالبية البوذية ولجأ مسلمو الروهينغيا بسبب ما تعرضوا له من اضطهاد من جانب الجيش البورمي وميليشيات بوذية إلى مخيمات لجوء في بنغلاديش ولا يزال مئات الآلاف منهم يعيشون في ولاية راخين في ميانمار في مخيمات وصفت بالمزرية تجدر الإشارة إلى أن محققي الأمم المتحدة كانوا قد وصفوا في وقت سابق أعمال العنف التي قام بها الجيش البورمي تجاه الروهينغا ب الإبادة كما وصفتها الولايات المتحدة بعملية التطهير العرقي
فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على قائد الجيش البورمي وثلاثة مسؤولين عسكريين آخرين لدورهم في التطهير الإثني ضد أقلية الروهينغيا المسلمة
قال القرطبي رحمه الله في قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا إن الله تعالى يأمر بالألفة وينهى عن الفرقة لأن الفرقة هلكة والجماعة نجاة روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في الآية الكريمة أن حبل الله هو الجماعة ويروي الإمام الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة إن الاتحاد قوة وهو البناء والنماء والحضارة من تمسك به ازداد قوة وعزا ورفعة والاتحاد سبيل المجد وبناء الحضارات فهو يقوي الهمم ويبارك في الجهد ويجعل المتحدين في مأمن من كل عدو ماكر أو حاقد حاسد ولقد أولى الإسلام الوحدة الوطنية اهتماما بالغا وعمل على ترسيخ دعائمها وتقوية أواصرها رغبة منه في أن يكون المجتمع المسلم مجتمعا مقربا يقوم على الترابط والتلاحم والتراحم والتسامح والعدل والمساواة والحب والعطف ونصرة المظلوم والأخذ على يدي الظالم والدفاع عن الحق ومواجهة الباطل ودحره وتنبع أهمية وحدة المسلمين من أنها سبيل لتوحيد صفوفهم ولم شعثهم وجعلهم كيانا وجسدا واحدا على اختلاف أعراقهم وأنسابهم وألوانهم وبلدانهم والوحدة مطلب وهدف ترنو إليه المجتمعات البشرية كلها وتبذل كل ما لديها للوصول إليه فوحدة المسلمين مؤدية إلى قوتهم ومنعتهم وعزتم فلا ينال أعداؤهم بها منهم ووحدة الأمة الإسلامية فرض واجب وقد أقر الله تعالى هذا المفهوم فكانت الأوامر والنواهي موجهة للجماعة وليست للفرد الواحد فالفرد جزء لا يتجزأ من كيان الأمة فواجبنا جميعا أن نحمي الوحدة الوطنية من أي محاولة سلبية تحاول هز بنائها أو إشعال الفتنة الطائفية بين أي من عنصري الأمة وليعلم كل متعصب يحاول إثارة الفتنة الطائفية بأنه لا يخدم قومه بل بالعكس إنه يخدم أعداء الأمة الذين يتربصون بها الدوائر والذين يسرهم كل السرور أن يروا الأمة في فرقة واختلاف لأن مبدأهم القديم هو فرق تسد وإلى جانب هذا فعلى الجميع أن يعلموا أننا ركاب سفينة واحدة وسكان وطن واحد وأننا جميعا كالجسد الواحد إذا مس عضوا من أعضائه السوء سرى التعب إلى سائر الأعضاء وركاب السفينة الواحدة إذا حاول أحدهم خرقها فلن يهلك فقط من مارس الخرق بل يغرق كل ركاب السفينة وفي الوحدة والاجتماع بين المسلمين فوائد جلى منها أن الوحدة تساعد المجتمع الإسلامي على مواجهة التحديات والتحرر من التبعية الفكرية والحضارية والتي تتولد عن عدم فهم الذات فهما صحيحا واعيا وتحقيق الألفة والعدالة والمحبة وكل العوامل المؤدية إلى الترابط في المجتمع الإسلامي والقضاء على العصبية القبلية وعد القاعدة الدينية الاجتماعية أساسا يتسع لجميع الأمم والشعوب وفي الاجتماع والوحدة تقوية لجانب المسلمين ورفع روحهم المعنوية انطلاقا من الاعتقاد بأن يد الله مع الجماعة ومن كانت يد الله معه كان واثقا من نصر الله عز وجل وأن الاجتماع والوحدة قوة متجددة للفرد والأسرة والمجتمع بل ولكل العالم الإسلامي وأن الاجتماع يخيف الأعداء ويلقي الرعب في قلوبهم ويجعلهم يخشون شوكة الإسلام والمسلمين ومن ثم يكون في الاجتماع عزة للمسلمين في كل مكان وإن توحيد الصفوف واجتماع الكلمة هما الدعامة الوطيدة لبقاء الأمة ودوام دولتها ونجاح رسالتها وفي الاجتماع أيضا طرد للشيطان وإغاظة له لأنه يهم بالواحد والإثنين فإذا كانوا ثلاثة وهو أقل الجمع لم يهم بهم الشيطان كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلينا أن نعلم فيما إذا ما تم توهين الوحدة الوطنية وإضعافها فإن ذلك تترتب عليه أخطار ومضار كثيرة منها إسخاط الله عز وجل والتعرض لغضبه في الدنيا وعذابه في الآخرة وإثارة الفتن وما يترتب عليها من صراعات وعداوات وثارات وغياب الأمن والانصراف عن العمل الجاد المثمر وتعطيل المصالح العامة والخاصة وتأخير أو إفشال خطط التنمية
إن من أعظم الدروس المستفادة من الإنجاز الكبير الذي حققه منتخبنا الوطني هو تلك اللحمة التي جمعت أفراده وجعلت روحهم الوطنية محل تقدير وإعجاب وحديث الجميع قال تعالى إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وقال جل وعلا وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون
هذا الحديث ربما صار أشهر حديث في وقتنا هذا فلا تكاد تتكلم مع أحد في أمر من أمور الدين سواء في محاضرة أو على قارعة الطريق إلا جبهك بهذا الحديث أو سألك عنه والعجيب أنه شهير معروف حتى عند من لا يصلي ولا يقيم لأمر الدين وزنا في حياته وكأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل إلا هذا الحديث ولا يخفاك أن من يرددون هذا الحديث لا يعلمون مدى اختلاف العلماء حول هذا الحديث تصحيحا أو تضعيفا من جهة ومعنى ودلالة من جهة أخرى بل أغلب من يذكره ويورده مستدلا به حتى من الوعاظ وطلبة العلم لا يشير ولو بإيماء يسير إلى اختلاف العلماء فيه هل هو صحيح أو ضعيف بل كثير منهم يجزم جهلا أو مجازفة بأنه صحيح بلا خلاف خاصة أن أكثر هؤلاء لا علم له بعلم الحديث ولا أهلية له للبحث في مراجعه للوقوف على ما قاله الحفاظ من المحدثين وغاية أمر أحسنهم طريقة أن ينظر ما قاله العالم الفلاني الذي يعتقد أنه أعلم الأمة بالحديث ويأخذ قوله كأنه قرآن منزل ولا يهمه بعد ذلك ما قاله أساطين العلماء وكبار المحدثين وهذا خضوع للأمر الشائع الذائع وليس من العلم في شيء فكم هي الأمور الشائعة الذائعة وهي خطأ بين وغلط ظاهر ولكن أكثر الناس لا يعلمون وبخصوص هذا الحديث فقد صححه جمع من العلماء قديما وحديثا وضعفه أيضا جمع من العلماء قديما وحديثا وقد اشتهر بين أهل العلم قول الإمام المحدث المحقق الكبير ابن الوزير اليمني رحمه الله حديث افتراق الأمة إلى نيف وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة وفي سنده أيضا ناصبي فلم يصح عنه يقصد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فهو يذكر الأحاديث المروية عنه وروى الترمذي مثله من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص وقال حديث غريب وروى ابن ماجة مثله عن عوف بن مالك وأنس وليس فيها شيء على شرط الصحيح وصحح الترمذي منها حديث أبي هريرة وليس فيه كلها في النار إلا فرقة واحدة وعن ابن حزم أن هذه الزيادة موضوعة وقال الأستاذ سلطان بن عبدالله العميري في بحث له حول هذا الحديث وقد اختلف العلماء كثيرا في حكمه من حيث ثبوته وعدمه وقد أفردت بحوث خاصة في دراسة رواياته وأسانيده ويبدو أن حسم الخلاف في هذه القضية متعسر لأن الأدلة والبراهين فيه متقاربة جدا وسبب ذلك أن أسانيد هذا الحديث لا يخلو واحد منها من مقال وجدال ومن صححه قوى بعضها ببعض ومعلوم أن تقوية الضعيف بتعدد الطرق مسلك دقيق والخلاف حوله عميق ومهما يكن الحال بالنسبة لصحة هذا الحديث أو ضعفه وحتى على التسليم بصحته فالفكرة التي يجب أن لا تغيب عن بالنا هي لماذا ينتشر مثل هذا الحديث مثل هذا الانتشار ويهتم به مثل هذا الاهتمام وحاله ما ذكرت في الوقت الذي لا تنال أحاديث أخرى تتكلم على وحدة الأمة ووجوبها وفضلها وهي صحيحة بلا شك ولا ريب ولا خلاف اهتماما ولا انتشارا وهذا سؤال يجب أن يطرح ويتمعن في الإجابة عنه خاصة ونحن في زمن صناعة الرأي العام وتوجيهه وزمن التلاعب بالعقول وتزوير التاريخ والحقائق حيث هناك مخابر عملاقة تدرس وتخطط وتنشر وتوجه وتصنع الرأي العام بما يخدم مصالح الدول الكبرى والأنظمة الحاكمة وطبعا هي حريصة على تفرق الأمة وتشرذمها والذي يغفل عنه كثيرون أنه في كثير من الأحيان لا يهم صحة الخطاب الديني وسلامته وصدقية براهينه بقدر ما يهم وجه توظيفه والأغراض المقصودة من وراء نشره وبثه في وقت معين وبتعبير آخر نلحظ جميعنا في مراحل معينة تكثيف الكلام بمضامين دينية معينة وتكثيف الكلام عليها ثم فجأت تستبدل بمضامين أخرى وهكذا دواليك والعاقل من يسأل عن من وراء ترويج مثل هذه المضامين والأفكار في زمن دون زمن ولمصلحة من يوظفها وفي الحالة المطروقة هنا من وراء تكثيف الكلام على حديث تفرق الأمة ولمصلحة من هذا التكثيف والنشر وإذا قال قائل هذه مجرد وساوس وإنما ينشره الوعاظ وطلبة العلم وبعض العلماء ويكثفون الكلام عليه خدمة للدين ونشرا للسنة فإن قوله السطحي هذا لا يثبت أمام السؤال البسيط الآتي ولماذا لا ينشر هؤلاء الأحاديث النبوية الصحيحة الوفيرة الداعية إلى وحدة الأمة من مثل قوله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى رواه مسلم وقوله صلى الله عليه وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ثم شبك بين أصابعه رواه البخاري ومسلم وقوله صلى الله عليه وسلم من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذى له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته رواه البخاري بل لماذا لا ينشر هؤلاء الآيات البينات الآمرة بالوحدة بين المسلمين الناهية عن التفرق والتفريق بينهم من مثل قوله تعالى إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون والجواب أن من ينشر مثل حديث افتراق الأمة على ما ثار حوله من خلاف يريدون أن يغرسوا فينا فكرة أن التفرق حتمية واقعية وحتمية دينية فقد بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم وعليه فلا فائدة من العمل لوحدة الأمة وتعاونها فتفرقنا قدر محتوم وواقع لازم وحتى ترسخ هذه الفكرة الخطيرة لا بد أن تستبعد من خطابنا الديني كل الآيات والأحاديث الآمرة للمسلمين بالتوحد والتآلف والأهداف من وراء ذلك واضحة بينة لكل ذي عقل يلخصها شعار الاستعمار وشعار الاستبداد المشهور فرق تسد فدول الاستكبار العالمي تحرص على فرقتنا الدولية لتستولي على ثرواتنا الاقتصادية وأنظمة الاستبداد تحرص على فرقتنا الاجتماعية لتطيل أعمارها وأهمس لك ختاما لا يعني هذا أن كل من ينشر مثل هذا الفكر المأزوم وينشر مثل هذا الحديث المختلف فيه دون تعريج على الأحاديث الصحيحة الأخرى الآمرة بالوحدة يعد عميلا بل قد يكون معمولا به مستعملا مغررا به وقد يأتي البلاء الشديد من غفلة الصالحين كما يأتي من خبث الفاسدين إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
الحديث الذي يقول فيه النبي عليه السلام افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة وله نهايات مختلفة منها واحدة في الجنة وسبعون في النار كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة كلهم في النار إلا السواد الأعظم أضرها على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحلون الحرام ويحرمون الحلال وإن من أضلها وأخبثها من يتشيع أو الشيعة كلها ضالة إلا الإسلام وجماعتهم كلهن في النار إلا واحدة ما أنا عليه اليوم وأصحابي إلى غيرها من الروايات المختلفة المتعددة التي تثبت اضطرابا شديدا فيه
للركن الخامس من أركان الإسلام آداب كثيرة ينبغي لمن عزم الحج أن يراعيها وأن يحرص عليها حتى يؤدي نسكه على الوجه المشروع ويكون حجه مبرورا متقبلا منها آداب قبل السفر وآداب أثناء السفر وآداب أثناء تأدية أعمال الحج ومن تلك الآداب التوبة النصوح بأن يصلح ما بينه وبين الله عز وجل بالتوبة النصوح من جميع الذنوب والمعاصي وأن يصلح ما بينه وبين الخلق بالتحلل من حقوق العباد ورد المظالم والودائع وقضاء الديون أو الاستئذان من أصحابها فذلك أرجى لقبول حجه ورفعة درجاته ومغفرة سيئاته بل وتبديلها حسنات يستحب لمن أراد الحج أن يستخير الله عز وجل في حجه وهذه الاستخارة وتلك الاستشارة لا تعود إلى الحج نفسه فالحج خير كله وإنما ترجع إلى الوقت والرفقة وحال الشخص وغير ذلك من الأمور التي تدخلها الاستخارة فيصلي ركعتين من غير الفريضة ثم يدعو دعاء الاستخارة المعروف وأن يخلص النية لله عز وجل بأن يقصد الحاج بحجه وجه الله عز وجل والدار الآخرة ورغبة في ثوابه وخشية من عقابه وطلبا لرفع الدرجات وحط السيئات فلا يقصد في حجه رياء ولا سمعة ولا ليقال حج فلان ولا ليطلق عليه لقب الحاج لأن الإخلاص هو أساس الأعمال قال الله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين البينة ومن الآداب أيضا أن يكتب الإنسان القاصد بيت الله عز وجل وصيته قبل سفره لأن السفر مظنة تعرض الإنسان للأخطار والمشاق فيبين فيها ما له وما عليه ويوصي أهله وأصحابه بتقوى الله عز وجل وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين وفي رواية ثلاث ليال إلا ووصيته مكتوبة عنده متفق عليه وعلى الحاج أن يتفقه في أحكام الحج والعمرة وأن يسأل عما أشكل عليه من ذلك حتى يؤدي فريضة الحج على علم وبينة وحتى لا يقع في محظور وعليه أن يختار الرفقة الصالحة الطيبة التي تعينه على الخير إذا ضعف وتذكره بالخير إذا نسي والتي يستفيد من جراء صحبتها العلم النافع والخلق الفاضل وعليه أن يختار لحجه النفقة الطيبة من المال الحلال حتى يقبل الله عز وجل حجه ودعاؤه قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا رواه مسلم ومن آداب حج بيت الله الحرام أنه إذا كان الحجاج في جماعة أن يؤمروا أميرا وأن يكون ذا خبرة وسداد رأي وعليهم أن يلزموا طاعته في غير معصية الله وليحذروا من الاختلاف عليه كما عليه أن يرفق بهم وأن يستشيرهم وعلى الحاج أن يحرص كل الحرص على راحة إخوانه الحجاج وأن يبتعد عن كل ما فيه أذى لهم من رفع للصوت أو أن يزاحمهم أو يضيق عليهم أو نحو ذلك وأن يحب لإخوانه الحجاج ما يحب لنفسه وأن يكره لهم ما يكرهه لنفسه فيتحمل أذاهم ويصبر على بعض ما يصدر منهم من زحام أو تصرفات مقصودة أو غير مقصودة وعل الحاج أيضا أن يحافظ على أداء الفرائض وذلك بالحرص على أداء الصلوات المكتوبة مع الجماعة وأن يحذر كل الحذر من تأخيرها عن وقتها وأن يستشعر عظمة الزمان والمكان فذلك يبعث الحاج لأداء نسكه بخضوع لله وإجلاله لله عز وجل قال تعالى ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب الحج فعليه أن يغتنم وقته بما يقربه إلى الله عز وجل من ذكر أو دعاء أو قراءة للقرآن وذلك في أي مكان من تلك البقاع المباركة فذلك سبب لانشراح صدره ومضاعفة أجره وشهود تلك الأماكن له يوم القيامة كما ينبغي على الحاج أن يحرص على الالتزام بآداب السفر وأدعيته فيدعو دعاء السفر ويكبر كلما صعد مرتفعا ويسبح كلما هبط واديا ويدعو بدعاء نزول منازل الطريق وغير ذلك من الأدعية كما ينبغي عليه أن يحرص على تجنب فضول الكلام وسيئه والبعد عن السب والشتم والغيبة والنميمة والسخرية بالناس والحذر من كثرة المزاح أو الإسفاف فيه وأن يحرص على غض بصره وأن يحتسب ذلك عند الله عز وجل وعلى النساء لزوم الستر والعفاف ويجب عليهن الحذر من مخالطة الرجال وفتنتهم وعليهن الحذر أيضا من التبرج والسفور والسفر بلا محرم فاحرص أخي الحاج على كل ما يقربك إلى الله وعلى كل ما يعينك على أداء نسكك واحذر من كل ما يفسد عليك حجك أو ينقص أجرك من قول أو عمل تقبل الله حجكم وأعانكم على أداء مناسككم
قال الله سبحانه وتعالى الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب
يصنع أشبال المدرب الوطني أروع الدروس والعبر في التضحية والبسالة من أجل رفعة الراية الوطنية عالية خفاقة لقد كانوا المثال الحي للجزائر الجديدة وروحها المتجددة المتمسكة بقيم وأصالة هذا الوطن العزيز الغالي إن الجميع يتحدث عن المنتخب الجزائري وروحه الوطنية العالية التي يتمتع بها هؤلاء الشباب المكافح وإن هذه الروح تعد قيمة خلقية سامية وهى تكمن في حب الإنسان للوطن الذي ينتسب إليه ويحمل جنسيته وحبه الفطري لمسقط رأسه المكان الذي ولد فيه وترعرع وفيه عاش أبوه وأجداده وغيرته عليه وحرصه على الارتقاء به وإنهاضه والاستعداد التام للذود عنه وحمايته من أي معتد غاصب واعتباره دوما الملاذ الأخير ليس للأوغاد كما قال جونسون ولكن للأسوياء يعد إعادة بعث روح الانتماء للقيم الوطنية أهم التحديات التي تواجه المجتمع الجزائري والمجتمعات العربية بصفة عامة فالمطلوب هو ضمان استمرار هذه الروح كي نبني وطننا من جديد بعد أن ضاع من عمره الكثير في ظل فساد مستشر وحكم ليس برشيد إن الوطن عطاء ومسؤولية وإخلاص لقد سادت وطننا في السنوات الأخيرة عدة أفكار سلبية باتت تطارد بعض الشباب لتهدد الشعور بقوة الانتماء إلى القيم الوطنية والوطن الأصلي هو مولد الرجل والبلد الذي هو فيه والوطنية هي المشاعر والروابط الفطرية والتي تنمو بالاكتساب لتشد الإنسان إلى الوطن الذي استوطنه وعاش فيه وحب الوطن غزيرة فطرية قال أهل الأدب إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحننه إلى أوطانه وتشوقه إلى إخوانه وبكاؤه على ما مضى من زمانه والمحبة للأوطان والانتماء للأمة والبلدان أمر غريزي وطبيعة طبع الله النفوس عليها وحين يولد الإنسان في أرض وينشأ فيها فيشرب ماءها ويتنفس هواءها ويحيا بين أهلها فإن فطرته تربطه بها فيحبها ويواليها ويكفي لجرح مشاعر الإنسان أن تشير بأنه لا وطن له فحب الوطن فطرة رفع من شأنها الإسلام لذلك اتفق الفقهاء على أن العدو إذا دخل دار الإسلام يكون قتاله فرض عين على كل مسلم وحب الوطن في الإسلام هو محبة الفرد لوطنه وبلده وتقوية الرابطة بين أبناء الوطن الواحد وقيامه بحقوق وطنه المشروعة في الإسلام ووفاؤه بها وحب الوطن في الإسلام لا يعني العصبية التي يراد بها تقسيم الأمة إلى طوائف متناحرة متباغضة متنافرة يكيد بعضها لبعض وإذا كانت حكمة الله تعالى قد قضت أن يستخلف الإنسان فى هذه الأرض ليعمرها على هدى وبصيرة وأن يستمتع بما فيها من الطيبات والزينة لاسيما أنها مسخرة له بكل ما فيها من خيرات ومعطيات فإن حب الإنسان لوطنه وحرصه على المحافظة عليه واغتنام خيراته إنما هو تحقيق لمعنى الاستخلاف وحبنا لوطننا واجب شرعي وديني وخلقي هذا الحب يجب أن يترجم إلى واقع وإلى أفعال تؤكد هذا الحب وذلك الانتماء وحب الوطن هو شعور لا يجب أن يظل حبيسا في الصدور ومكنونات النفس وحب الوطن يجب أن يترجم إلى أفعال وإلى أقوال فالوطن يستدعي منا جميعا أن نعبر عن هذا الحب وأن يكون هذا الوطن ومصلحته وبقاؤه هو هدف أسمى لنا جميعا هذا الحب لا يترجم بحسب الهوى والمصالح الشخصية والذاتية فليس من حب الوطن معاداة الوطن وأهله وليس من حب الوطن نهب خيراته وأمواله وليس من حب الوطن العمل على الفرقة بين أبنائه وغرس ونشر ثقافة الكراهية والحقد والبغضاء والمذهبية بينهم وليس من حب الوطن أن نبتز الوطن من أجل مصالح أنانية أو ذاتية وليس من حب الوطن الاستقواء بالخارج أو التهديد باستخدامه ومن هنا جاء واجبنا تجاه وطننا بالجد والاجتهاد في طلب العلم واكتساب الخبرة وبالتالى خدمة الوطن في شتى مجالات الحياة ليتكون لدينا في المستقبل تقديم الأفضل للأجيال القادمة ومن واجب أفراد المجتمع التعاون لتتحد كلماتهم وصفوفهم ويصبحوا كالبنيان المرصوص فيستطيعوا إعادة العزة والمناعة لدولتهم وصد الأخطار عنها كما لا يغيب عن بالنا ما للأخلاق من أهمية بغرس الإيمان في النفوس والالتزام بالخير والحق والعدل والإخلاص في العمل وإتقانه كما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ولا يمكن إغفال دور وسائل الإعلام والجمعيات ورجال الدين والشخصيات العامة وغيرها من الجهات في دعم مبادئ الانتماء الوطني لدى أبناء الوطن فكل حسب موقعه يقوم بواجبه في إعلاء قيم حب الوطن والذود عنه وإن من معالمه البارزة في تاريخ الشعوب وحياة الأمم المعاصرة ما تعيشه من أفراح ومسرات في ذكريات ومناسبات مجيدة تذكر بها للبلد وشعبه وأمته من أمجاد تاريخية وأيام عظيمة مشهودة تبعث على الاعتزاز والنخوة والاعتداد والفرحة
يتابع الشعب الجزائري هذه الأيام بشغف مباريات منتخبهم الوطني في مسابقة كأس إفريقيا لكرة القدم الجارية بمصر والكل معجب ومسرور لما أبداه اللاعبون ومدربهم من روح وطنية عالية كانت مضرب المثل في البطولة وكانوا فعلا اسما على مسمى لما يطلق عليهم وصف محاربو الصحراء
وقد جاء الإسلام فعالج هذه النفسيات وربى العباد على الرضا بما قسم الله لهم من أرزاق وأقدار وأحوال أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون وفي صحيح مسلم ليس الغنى كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس وليس معنى الرضا أن نستسلم لواقع بإمكاننا تغييره بالسعي والأخذ بالأسباب كالتداوي من مرض أو السعي وراء الرزق أو دفع ضرر ما لأن الاستسلام هو الانهزام وعدم بذل الجهد والأخذ بالأسباب لتحقيق الهدف أما الرضا فهو استفراغك الوسع وبذلك الجهد في تحقيق الهدف لكن إن لم توفق إليه فترضى بما قسم الله لك من غير جزع أو ضجر أو سخط كالذي ابتلاه الله مثلا بضيق ذات اليد فاجتهد في تحصيل الغنى فلم يوفق هنا يأتي التحلي بصفة الرضا بما كتبه الله دخل الإمام علي رضي الله عنه على رجل يعزيه في مصاب حل به فقال له إن صبرت جرى عليك القدر وأنت مأجور وإن جزعت جرى عليك القدر وأنت مأثوم فالسعيد الحق هو من رضي بما قسم الله له وصبر لمواقع القضاء خيره وشره وأحس وذاق طعم الإيمان كما بين المصطفى صلى الله عليه وسلم ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا فالخير كله في الرضا عند الترمذي من حديث ثوبان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال حين يمسي رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا كان حقا على الله أن يرضيه وعند ابن ماجه من حديث أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط هذا الحديث العظيم فيه ترضية للمصابين وتخفيف على المبتلين وتسلية للصابرين قرر فيه صلى الله عليه وسلم أنه كلما عظم البلاء عظم الجزاء فالبلاء السهل له أجر يسير والبلاء الشديد له أجر كبير وهذا من فضله سبحانه على عباده أنه إذا ابتلاهم بالشدائد أعطاهم عليها الأجر الكبير وإذا هانت المصائب هان الأجر كما أن نزول المصائب والبلايا بالإنسان دليل على حب الله له فإذا رضي الإنسان وصبر واحتسب فله الرضى وإن سخط فله السخط يقول ابن القيم رحمه الله الرضا باب الله الأعظم وجنة الدنيا ومستراح العابدين وقرة عيون المشتاقين ومن ملأ قلبه من الرضا بالقدر ملأ الله صدره غنى وأمنا وفرغ قلبه لمحبته والإنابة إليه والتوكل عليه ومن فاته حظه من الرضا امتلأ قلبه بضد ذلك واشتغل عما فيه سعادته وفلاحه لما نزل بحذيفة بن اليمان الموت جزع جزعا شديدا فقيل له ما يبكيك قال ما أبكي أسفا على الدنيا بل الموت أحب إلي ولكني لا أدري على ما أقدم على الرضا أم على سخط ولما قدم سعد بن أبي وقاص إلى مكة وكان قد كف بصره فجاءه الناس يهرعون إليه كل واحد يسأله أن يدعو له فيدعو لهذا ولهذا فقد كان مجاب الدعوة قال عبد الله بن السائب فأتيته وأنا غلام فتعرفت عليه فعرفني وقال أنت قارئ أهل مكة قلت نعم ثم قلت له يا عم أنت تدعو للناس فلو دعوت لنفسك فرد الله عليك بصرك فتبسم وقال يا بني قضاء الله سبحانه عندي أحسن من بصري والرضا هو السياج الذي يحمي المسلم من تقلبات الزمن وهو البستان الوارف الظلال الذي يأوي إليه المؤمن من هجير الحياة والإنسان بدون الرضا يقع فريسة لليأس وتتناوشه الهموم والغموم من كل حدب وصوب ولن يجد ملاذا ولا راحة من الطمع والجشع والحسد وأمراض القلوب وسخط علام الغيوب إلا بالرضا بما قسم الله ولقد ضرب لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم النموذج والمثل الأعلى في الرضا بما قسم الله تعالى فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال نام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على حصير فقام وقد أثر في جنبه فقلنا يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاء فقال ما لي وما للدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها وأختم بهذا الحديث الرقراق الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك فيقول هل رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون يا رب وأي شيء أفضل من ذلك فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
حياة الإنسان لا تدوم على حال ولا يستقر لها قرار فالمرء كلما تطلع إلى أمر طلب غيره وكلما كان على حال تاقت نفسه إلى حال أخرى وكلما اشتهى شيئا وحصل عليه سعى إلى غيره وكلما وصل إلى منصب أو مكانة طمع في غيرها في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب
لكن آفة خطرة لا تخطئها عين الملاحظ لا يخلو منها مجلس من مجالسنا ولا يسلم منها حوار من حواراتنا ولو كان قصيرا في وقته تافها في موضوعه سطحيا في مضمونه هذه الآفة هي الإعجاب بالرأي والأعجب أن هذه الآفة لا يكاد يخلو أي من المتناقشين منها ولو بلغ عددهم عشرات إلا قليلا قليلا إن إعجاب الإنسان برأيه وفكره وعلمه داء وبيل ينتج عنه آثار سيئة على المصاب به وعلى المجتمع ولهذا تكرر التحذير النبوي منه ومن مغباته فعن أبي أمية الشعباني قال أتيت أبا ثعلبة الخشني رضي الله عنه فقلت كيف تصنع بهذه الآية قال أية آية قلت يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم المائدة قال أما والله لقد سألت عنها خبيرا سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه ورأيت أمرا لا يدان لك به فعليك نفسك ودع عنك أمر العوام فإن من وراءك أيام الصبر الصبر فيهم مثل قبض على الجمر للعامل فيهم كأجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله قالوا يا رسول الله أجر خمسين منهم قال أجر خمسين منكم رواه ابن حبان وغيره وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب كل ذي رأي برأيه رواه أبو نعيم وغيره وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه وثلاث منجيات خشية الله في السر والعلانية والقصد في الغنى والفقر وكلمة الحق في الرضا والغضب رواه الطبراني وغيره بل إن كثيرا من الآيات القرآنية التي تشرح نفسيات الكافرين المعاندين ومواقفهم تومئ إلى أن سبب كفرهم راجع إلى هذا الداء الخبيث كقول الحق تقدست أسماؤه أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم وقوله جلت صفاته أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء وقوله عزت قدرته وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم إن المعجب برأيه لا يمكنه الاستفادة من الآخرين وتطوير أفكاره ولا يمكنه القيام بالنقد الذاتي وتصحيح أخطائه ولا يمكنه مراجعة نفسه وتطويرها كيف وهو صاحب الرأي الثاقب والفكر العميق والذكاء والوقاد والاطلاع الواسع والتحليل العميق وإن الإعجاب بالرأي يتسبب في الضلال والانحراف عن الصواب ورفض الحق ورده ويغرس في المصاب به الغرور واحتقار الآخرين والتشنيع عليهم بغير وجه حق ولا عدل ويثير النزاع ويغذي الخلاف بين الناس ويؤدي إلى التحاسد والتباغض والتدابر والتقاطع وكل هذه السيئات المكروهة التي حذرنا الشرع منها والحقيقة أن هذا الداء كما يصيب النخبة من المجتمع يصيب عامة الناس ولكن لا ريب أن سطوته على النخبة من ذوي التعليم العالي والشهادات والمناصب والشهرة والمسؤوليات أقوى وأشرس لأن الإنسان العادي لا يرى عند نفسه ما يبعثها على الإعجاب برأيه هذا إن رأى أن عنده عند إلا نادرا أما الفرد من أفراد النخبة وكم من نخبة حقيقتها نكبة فإن الوصف الذي رشحه للانتظام في صفوفها شهادة جامعية أو منصب محترم أو مسؤولية كبيرة أو شهرة يغره في نفسه فيرى بأنه ما حقق ما حقق وما بلغ ما بلغ إلا لتميزه وإحاطته بما لم يحط به الآخرون فهما ولا علما ولذلك فرأيه في أي قضية من القضايا ولو كانت بعيدة عن مجال تخصصه بعد السماء عن الأرض لا بد أن يقف الناس عنده ولا يتجاوزوه ويستمعوا إليه بالتسليم والخضوع بل بالإعجاب والانبهار وجرب فقط أن تذهب لرئيس حزب سياسي وقل له أخطأت في موقفك أو تصريحك أو قل لأستاذ جامعي أخطأت في رأيك أو نتيجتك أو قل لصحافي أخطأت في استنتاجك أو تحليلك وقس من لم يذكر على من ذكر إن الإعجاب بالرأي هو نتيجة عاهات نفسية وإعاقات عقلية فلا يعجب برأيه ويصم أذنيه عن سماع الرأي الآخر أو بالأحرى الآراء الأخرى إلا من كان صاحب عقل ضئيل ونفس صغيرة ويتمتع بذكاء قليل وأفق محدود إلا أن نتائجه السلبية كبيرة على المصاب به في كل المستويات الحياتية وخاصة علاقاته الاجتماعية المختلفة وعلى من حوله من الناس الذين يتعايشون معه أو يتعاملون معه وعلى المجتمع الذي يستشري فيه وينتشر إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
تستمع إلى حواراتنا التي لا تنتهي والتي تغطي جوانب الحياة كلها من أتفه الأمور كأخبار الفنانين وأخبار الرياضيين إلى أخطر الأمور وأهمها كأمور السياسة وقضايا الدين فتلحظ تباين الناس في ثقافتهم ومستواهم وفي علمهم ومعرفتهم وفي عقولهم ونفوسهم وهذا حال طبيعي فالحوار بين الناس أمر طبيعي بل ضروري واختلاف الناس أمر طبيعي بل فطري
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة رواه البخاري فمغفرة الذنوب بالحج ودخول الجنة مرتب عن كون الحج مبرورا والحج المبرور هو ما استوفى أحكام الحج وتعمق أثره في نفس الحاج على الوجه الأكمل وليس الأمر في الوصول إلى الكمال بل مناشدة الكمال قدر الاستطاعة ويحكون الحج المبرور باجتماع أمور أولها إخلاص العمل لله والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا وابتغي به وجهه ولتحذر كل الحذر من أي نية فاسدة تنافي الإخلاص وتحبط العمل وتذهب الأجر والثواب كالرياء والسمعة وحب المدح والثناء قال صلى الله عليه وسلم اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة أخرجه ابن ماجه واحرص على أن تكون أعمال حجك موافقة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولن يتحقق لك ذلك إلا بأن تتعلم مناسك الحج وواجباته وسننه وصفة حجه صلى الله عليه وسلم كما ورد في حديث جابر رضي الله عنه عنه صلى الله عليه وسلم قال لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه أخرجه مسلم وكذلك الإعداد وتهيئة النفس قبل الحج وذلك بالتوبة النصوح واختيار النفقة الحلال والرفقة الصالحة وأن يتحلل من حقوق العباد إلى غير ذلك مما هو مذكور في آداب الحج ومن علامات الحج المبرور الحرص على أداء الصلوات المفروضة جماعة في أوقاتها وفي المساجد التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ولاسيما المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف فالصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في غيره والصلاة في المسجد النبوي أفضل من ألف صلاة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أجر عظيم واعلم أن مما يتحقق به الحج الاستكثار من أنواع الطاعات والبعد عن المعاصي والمخالفات فقد حث الله عباده على التزود من الصالحات وقت أداء النسك فقال سبحانه وتعالى في آيات الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى البقرة ونهاهم عن الرفث والفسوق والجدال في الحج فقال عز وجل الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج البقرة وقال صلى الله عليه وسلم من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه متفق عليه ومن الأمور التي تعين العبد على أن يكون حجه مبرورا طيب المعشر وحسن الخلق وبذل المعروف والإحسان إلى الناس بشتى وجوه الإحسان من كلمة طيبة أو إنفاق للمال أو تعليم لجاهل أو إرشاد لضال أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر وقد كان سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول إن البر شيء هين وجه طليق وكلام لين وأكثر من الأعمال الصالحة من تلاوة القرآن مع تدبر للآيات وذكر الله والدعاء والطواف بالبيت والاستغفار والتوبة الصادقة والإنابة والرجوع إلى الله تعالى والتلبية ورفع الصوت بها والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعرف على إخوانك في الله فالحج فرصة عظيمة للتعارف والتآخي فعليك باغتنام هذه الفرصة لعل الله أن يستجيب لك ويقبل منك ومن علامات الحج المبرور أن يستقيم المسلم بعد حجه فليزم طاعة ربه ويكون بعد الحج أحسن حالا منه قبله فإن ذلك من علامات قبول الطاعة قال بعض السلف علامة بر الحج أن يزداد بعده خيرا ولا يعاود المعاصي بعد رجوعه وقال الحسن البصري رحمه الله الحج المبرور أن يرجع زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة
الحج رحلة إيمانية تذكرك بتاريخ آبائك وأجدادك وأنبيائك السابقين آدم وإبراهيم وإسماعيل وسيدنا محمد عليهم جميعا صلوات ربي وسلامه وتحلق بروحك معهم وتتمنى اللحاق بهم والحشر معهم وتنال مغفرة الذنوب ومحو السيئات وتحصل على مزيد من الحسنات وتنال رفع الدرجات وبذلك تمنح جرعة إيمانية عالية تجعلك تعود زاهدا في الدنيا راغبا فيما عند الله تعالى
وأكد الدكتور محمد البشاري خلال لقاء جمعه بالدكتور أسامة العبد في العاصمة المصرية القاهرة أن الزيارة تأتي بغرض التباحث مع رابطة الجامعات الإسلامية كمنظمة عالمية ودولية تجمع أكثر من جامعة بشأن العمل على مراجعة المناهج التربوية التي تدرس المادة الدينية ووضع منهجية جديدة في مقاربة علمية لكل ما أنتجه التراث الإسلامي وأضاف لذا جعل المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة الاهتمام بتعليم أبناء المجتمعات المسلمة وفق مناهج تربوية معتدلة من أهم مجالات أنشطته واستعرض البشاري في حوار مع الموقع الإخباري العين الإماراتي دور رابطة الجامعات كونها حاضنة للفكر المعتدل والفكر التسامحي وتعزيز مفاهيم الحوار والتواصل وذلك عبر العمل على تكوين قيادات أكاديمية تفهم واقعها وتدرك التحديات التي تحاك ضدها من جانبه أفاد رئيس رابطة الجامعات الإسلامية الدكتور أسامة العبد والذي يشغل منصب رئيس لجنة الشؤون الدينية بالبرلمان المصري لذات الموقع بأن الرابطة تتعامل مع مؤسسات علمية دقيقة ليس على مستوى العالم الإسلامي فقط ولكن في العالم كله لافتا إلى أن الرابطة تدعو دائما للسلام والمودة والوسطية والاعتدال وأوضح الدكتور أسامة العبد أن الهدف الأسمى داخل رابطة الجامعات الإسلامية هو نقل الثقافات المختلفة والأفكار الوسطية المعتدلة التي تدعو إلى المودة والمحبة والسلام العالمي وتابع نحاول قدر الإمكان أن ندعو الطلاب إلى أن يكونوا وسطيين ومعتدلين في أفكارهم وأقوالهم وأفعالهم وأن يكون هناك تبادل في الأفكار بين الجامعات سواء بين بعضهم البعض أو مع أعضاء هيئة التدريس أو المؤسسات بصفة عامة يذكر أن رابطة الجامعات الإسلامية أسست عام وهي تجمع أكثر من جامعة من جامعات ومعاهد وكليات عربية وإسلامية وتعنى بتطوير طرق تدريس المناهج التعليمية للمواد الشرعية من فقه وحديث وأصول فقه وسيرة وغيرها كما تعمل على وضع مناخ علمي بحثي يشجع الطلبة الباحثين على الاستنباط والاجتهاد في العلوم الشرعية
اتفق الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة الدكتور محمد البشاري ورئيس رابطة الجامعات الإسلامية الدكتور أسامة العبد على وضع استراتيجية مستقبلية في مسعى لمقاربة المناهج التربوية بهدف تعزيز قيم التسامح والتعايش ومكافحة الفكر المتطرف ونشر مفاهيم الإسلام المعتدلة
لا حول ولا قوة إلا بالله استسلام وتفويض من العبد وأنه لا يملك من أمره شيئا وليس له حيلة في دفع شر ولا قوة في جلب خير إلا بإرادة المولى سبحانه وقد وردت في الحديث بأنها كنز من كنوز الجنة قال ابن القيم رحمه الله لما كان الكنز هو المال النفيس المجتمع الذي يخفى على أكثر الناس وكان هذا شأن هذه الكلمة كانت كنزا من كنوز الجنة فأوتيها صلى الله عليه وسلم من كنز تحت العرش وكان قائلها أسلم واستسلم لمن أزمة الأمور بيديه وفوض أمره إليه في مستدرك الحاكم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال أمرني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع أمرني بحب المساكين والدنو منهم وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت وأمرني ألا أسأل أحدا شيئا وأمرني أن أقول بالحق وإن كان مرا وأمرني ألا أخاف في الله لومة لائم وأمرني أن أكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله فإنهن من كنز تحت العرش لا حول ولا قوة إلا بالله لها من الفضائل والأسرار ما الله به عليم فمن ذلك أنها باب من أبواب الجنة فعن قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما أن أباه دفعه إلى رسول الله ليخدمه قال فمر بي صلى الله عليه وسلم فقال لي ألا أدلك على باب من أبواب الجنة قلت بلى قال لا حول ولا قوة إلا بالله ومن فضائلها أنها غرس من غراس الجنة فقد ورد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه ليلة أسري به مر على إبراهيم الخليل عليه السلام فقال من معك يا جبريل قال هذا محمد فقال له إبراهيم مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة قال وما غراس الجنة قال لا حول ولا قوة إلا بالله ومن فضائلها أنها سبب لحفظ النعمة قال الحق سبحانه في شأن صاحب الجنتين ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله قال الحافظ ابن كثير هذا تحضيض وحث على ذلك أي هلا إذا أعجبتك حين دخلتها ونظرت إليها حمدت الله على ما أنعم به عليك وأعطاك من المال والولد ما لم يعطه غيرك وقلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ولهذا قال بعض السلف من أعجبه شيء من حاله أو ماله أو ولده أو ماله فليقل ما شاء الله لا قوة إلا بالله ومن فضائل لا حول ولا قوة إلا بالله أن من قالها بعد الحيعلتين دخل الجنة ففي الصحيح إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله قال أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله قال أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة ومن فضائلها أنها تقي صاحبها من شياطين الجن والإنس إذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله قال يقال حينئذ هديت وكفيت ووقيت وتتنحى عنه الشياطين وأيضا فإن هذه الكلمة العظيمة سبب من أسباب قبول الدعاء من تعار من الليل أي انتبه من النوم واستيقظ فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له فإن توضأ وصلى قبلت صلاته وهذه الكلمة العظيمة كذلك هي من الباقيات الصالحات استكثروا من الباقيات الصالحات قيل وما هن يا رسول الله قال التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوة إلا بالله قال ابن القيم رحمه الله هذه الكلمة لها تأثير عجيب في معاناة الأشغال الصعبة وتحمل المشاق والدخول على الملوك ومن يخاف وركوب الأهوال ولها أيضا تأثير عجيب في دفع الفقر وأضاف رحمه الله إن لهذه الكلمة تأثيرا قويا في دفع داء الهم والغم والحزن لما فيها من كمال التفويض والتبري من الحول والقوة إلا به وتسليم الأمر كله له وعدم منازعته في شيء منه وعموم ذلك لكل تحول من حال إلى حال في العالم العلوي والسفلي والقوة على ذلك التحول وأن ذلك بالله وحده ولها تأثير عجيب في طرد الشيطان إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي براقي
يروي الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير فقال النبي صلى الله عليه وسلم أيها الناس اربعوا على أنفسكم ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم قال وأنا خلفه أقول لا حول ولا قوة إلا بالله فقال يا عبدالله بن قيس ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة فقلت بلى يا رسول الله قال قل لا حول ولا قوة إلا بالله
اهتم الإسلام بالنظافة الفردية لكل مسلم وبالنظافة العامة في البيئة والمجتمع ودعا الناس إلى الالتزام بالطهارة وإزالة الأقذار والعناية بكل مكان ينزل به الإنسان حيث بني الدين على النظافة الباطنية والظاهرية وهو منسجم مع مفهوم الطهارة فقد كان من أوائل ما نزل من القرآن قال تعالى وثيابك فطهر بعد أن قال وربك فكبر فقرن التوحيد بنظافة الثوب ولا صارف للفظ عن ظاهره وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن من مبادئ الإسلام النظافة قال تعالى إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين حيث حثنا على نظافة الطريق وجعل ذلك من شعب وخصائل الإيمان فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان وجعل إماطة الأذى عن الطريق من الصدقات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتميط الأذى عن الطريق صدقة ولقد حثنا ديننا الإسلامي على النظافة نظافة النفس والأخلاق والمظهر و النظافة من الإيمان لذلك فالنظافة سلوك راق ويجب الحفاظ عليه وجعله هدف أساسي في حياتنا لتكون أجمل وتضفي جمالا على محيطنا المحيط الخاص بنا الداخلي لأنفسنا ومنازلنا والعام الخارجي لمدينتنا والنظافة تبدأ بالمواطن لأنها سلوك إيماني حثنا عليها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وهي من السلوكيات التي يجب أن تكون من سماتنا وسلوكياتنا فتجد الشوارع في البلدان الغربية نظيفة ولا تجد من يرمي حتى أعقاب السجائر في الأرض هناك التزام كبير بتعليمات النظافة والاهتمام بصحة المواطنين وسلامة البيئة لذا يجب على المواطن أن يضع النفايات في كيس محكم الإغلاق ويضعه داخل الحاويات ويلتزم بمواعيد حضور مركبات البلديات التي تجمع النفايات من المنازل ولا يتركها مفتوحة مهملة تجلب الحشرات والأمراض المؤذية والمعدية وإن من صور الأذية للجيران الذي قد تغيب عن أذهان بعض الناس أو يتساهلون فيها وهي مرتبطة بمسألة النظافة رمي القمامة في الشوارع في غير أماكنها الخاصة أو عند بعض البيوت أو يرميها بجانب برميل القمامة فتتكاثر الأوساخ وتنبعث الروائح الكريهة مؤذية للجيران حولها وتكثر الحشرات مما يزعج الساكنين ويؤذي العاملين في النظافة الذين يتعبون في جمع هذه المخلفات من هنا وهناك وإن كثرة هذه الأوساخ وتكدسها في غير موضعها المخصص فيها أذية للجيران الساكنين حولها وقد أقسم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله قال الذي لا يأمن جاره بوائقه يعني شروره وفي رواية لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه وروي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من آذى جاره فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله إننا في حاجة إلى إدخال الأنظمة والقوانين التي ستحافظ على نظافة مدينتنا ويجب أن يواكب إدخال هذه القوانين حملات توعية موسعة في وسائل الإعلام والمدارس والجامعات كما يجب أن ننشر ثقافة النظافة في الأسرة ومنها إلى المدرسة ومن المدرسة للمجتمع وستتحول مع الوقت إلى نمط حياة لدى الجميع وهذا يضمن بقاء بيئتنا نظيفة ومدننا نقطة جذب ونجعل مهمة الحفاظ عليها أسهل دون عقوبات وغرامات بالتوعية والتثقيف والتعاون على البر والتقوى نرتقي بمجتمعاتنا إلى أن نشبه تلك المدن الأوروبية الجميلة وتدل النظافة على وعي الأفراد ومدى شعورهم بالمسؤولية نحو أمتهم وأوطانهم ودائما ما تكون أول نقطة تلفت انتباه الزائرين لأي مدينة كبرى لذا يجب أن نهتم كمواطنين بنظافة أنفسنا ونظافة شوارعنا وأحياءنا حتى نتجنب الأمراض فالوقاية خير من العلاج ويجب أن يكون هناك وعي ورقابة ذاتية وحس داخلي عند كل مواطن من أجل التصرف السليم في موضوع النظافة وأن يساعد المجتمع عامل النظافة والسلطات المحلية في هذه القضية لأن النظافة تهم بشكل أساسي صحة المواطن وأطفاله وأسرته فالمسلم مطالب شرعا أن يحرص على نظافة الشوارع وأن لا يلقي النفايات إلا في حاوياتها المخصصة لها لأن الشرع يحض على النظافة كما علمناه ولأن نظافة المدن والأحياء والشوارع عنوان الحضارة والرقي في المجتمع والنظافة تدل على حسن السلوك الحضاري وعلى التطور ومستوى الذوق والوعي وكذلك الأخلاق الطيبة عند السكان إن حضارة الشعوب ورقيها تقاس بمستوى النظافة أولا ومن ثم العمران والتقدم وخاصة في المجتمعات المسلمة التي فرضت عليها النظافة فرضا وجعلت النظافة جزءا من الدين والعبادة حيث لا تقبل عبادة المسلم إذا لم يكن نظيفا في نفسه وفي المكان الذي يصلي ويعبد الله فيه وإن النظافة لا يمكن فرضها من خلال قوانين رادعة وعقوبات ومخالفات بل بتدريسها وجعلها ثقافة وقيمة من القيم في المجتمع حتى تسود بين الأفراد ويقتنعوا بها فيمارسونها من تلقاء أنفسهم
راعني مناظر القمامة ومختلف أنواع الفضلات من بقايا الأكل والعلب والصحون والقوارير البلاستيكية والأكواب الورقية المستخدمة وأعقاب السجائر وغيرها التي تملأ شوارعنا مع الأسف في منظر غير حضاري ولا يمت للبيئة النظيفة بصلة كما تغرق أحياؤنا وشوارعنا في النفايات رغم تسخير كل الإمكانيات المادية والبشرية لمعالجة الوضع البيئي والمحافظة على المحيط النظيف
جاء في الصحيحين عند البخاري ومسلم من طريق عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله وفي رواية مسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنه أيضا قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها فكان الحبيب سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر من رمضان بأعمال لا يعملها بقية الشهر فمنها إحياء الليل فيحتمل قيام الليل كله ومن لم يستطع فليحافظ على صلاتي العشاء والفجر في جماعة فقد ذكر إمامنا مالك رضي الله عنه في الموطأ بلغني أن ابن المسيب قال من شهد العشاء ليلة القدر يعني في جماعة فقد أخذ بحظه منها وكما قال الشافعي في القديم من شهد العشاء والصبح ليلة القدر فقد أخذ بحظه منها يوقظ أهله ومنها أن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر الأواخر دون غيره من الليالي وهذا يدل على أنه يتأكد إيقاظهم في الأوتار التي ترجى فيها ليلة القدر كما هو رأي جمهور العلماء وأخرج الطبراني من حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان وكل صغير وكبير يطيق الصلاة قال سفيان الثوري رحمه الله أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد الليل ويجتهد فيه وينهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك وقد صح عند البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطرق فاطمة وعليا رضي الله عنهما ليلا فيقول لهما ألا تقومان فتصليان وجاء عند إمامنا مالك في الموطأ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة يقول لهم الصلاة ويتلو هذه الآية وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها يشد المئزر ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشد المئزر واختلفوا في تفسيره فمنهم من قال هو كناية على شدة جده واجتهاده في العبادة ومنهم من قال هو كناية عن اعتزاله النساء وبذلك فسره السلف والأئمة منهم سفيان الثوري ويشهد له أن النبي صلى الله عليه وسلم كان غالبا ما يعتكف العشر الأواخر والمعتكف يمنع في حقه ويحرم قربان النساء بالنص والإجماع والمؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان لنفسه جهاد بالنهار بالصيام وجهاد بالليل في القيام فمن جمع بين هذين الجهادين ووفى حقوقهما وصبر عليهما وفى أجره بغير حساب وكما في مسند الإمام أحمد من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصيام والقيام يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشراب بالنهار ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان وقد قال العارف بالله سيدي أحمد بن الحواري إني لأقرأ القرآن وأنظر في آية فيحير عقلي بها وأعجب من حفاظ القرآن كيف يهنهم النوم ويسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله أما إنهم لو فهموا ما يتلون وعرفوا حقه فتلذذوا به واستحلوا المناجاة لذهب عنهم النوم فرحا بما قد رزقوا إمام مسجد ابن باديس الجزائر الوسطى
إن شهر رمضان شهر يجود الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار لاسيما في العشر الأواخر فالله تعالى يرحم من عباده الرحماء كما قال صلى الله عليه وسلم إنما يرحم الله من عباده الرحماء فمن جاد على عباد الله جاد الله عليه والعطاء والفضل والجزاء من جنس العمل
يقول الحق سبحانه ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك والخطاب هنا للنبي صلى الله عليه وسلم وهو موجه لكل مكلف من أمته كما هو معلوم ويقول عز شأنه وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير وليس هذا الأمر خاصا بالأفراد بل حتى الأمم والمجتمعات حال تخلفها تسير هذا السبيل فترمي تخلفها على كاهل عدوها وتفسر نكساتها ونكباتها بمؤامرات شياطين الظلام التي لا تنتهي ولا تنقضي وكثيرا ما يكون هذا المتآمر هو نفس هذا المجتمع ونفس هذه الأمة حين تضل طريقها فتهدر طاقاتها فيما لا يفيد وتضيع أوقاتها فيما لا يجدي وتفتح أبوابها لعدوها وتبسط له رأسها ليدوس عليه ثم تشتكي الآلام والذل والهوان وتغرق في الفساد والتيه والانحلال والقرآن الكريم فند هذا التفكير السقيم وأبطل هذا المنطق العليل فقال الله جلت حكمته ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون وقال جلت قدرته أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير وما أعظم حاجتنا في هذا الزمان وفي كل زمان ومكان إلى فهم هذا المعنى الجليل فإننا كثيرا ما نقصر في حق الله وفي حق أنفسنا وفي حق غيرنا ولا نباشر الأسباب التي تحقق النتائج المرجوة ولا نحصل الأسباب التي شرعها الله للوصول إلى النصر بل نبني حياتنا على الغرور والإهمال ونغتر بالأوهام ونلتذ بالأحلام ونخادع أنفسنا بشقاشق الكلام فإذا ما أصابتنا الهزيمة مسحنا عيوبنا في القضاء والقدر أو في غيرنا من الناس أو في المؤامرات السرية لغفلتنا عن أن الله تعالى قد جعل لكل شيء سببا فمن باشر أسباب النجاح وصل إليها بإذن الله ومن أعرض عنها حرمه الله تعالى من عونه ورعايته يقول سيد رحمه الله لقد كتب الله على نفسه النصر لأوليائه حملة رايته وأصحاب عقيدته ولكنه علق هذا النصر بكمال حقيقة الإيمان في قلوبهم وباستيفاء مقتضيات الإيمان في تنظيمهم وسلوكهم وباستكمال العدة التي في طاقتهم وببذل الجهد الذي في وسعهم فهذه سنة الله وسنة الله لا تحابي أحدا فأما حين يقصرون في أحد هذه الأمور فإن عليهم أن يتقبلوا نتيجة التقصير فإن كونهم مسلمين لا يقتضي خرق السنن لهم وإبطال الناموس والقوانين التي جعلها الله حاكمة على حياة الناس فهي حقيقة بينة إذن الانهزام يبدأ من النفوس ولانحراف يبدأ منها والانهيار يبدأ منها والأزمة تبدأ منها فالاستعمار لم يكن ليحصل لولا القابلية للاستعمار والاستبداد لم يكن ليتسلط لولا القابلية للاستبداد والفساد لم يكن لينتشر لولا القابلية للفساد والمجون لم يكن ليستعلي لولا القابلية للمجون والتقليد الأعمى للغرب لم يكن ليقع لولا القابلية للتقليد وهلم جرا فإذا أردنا أن نقضي أو نقلل من هذه الموبقات فعلينا أن نخرج القابلية لها من نفوسنا ونطهر منها حياتنا إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة
إن الإنسان يرتاح لما يتنصل من مسؤوليته ويحملها غيره وهو بهذا يهرب من الحقيقة التي تبقى تطارده ولكن القرآن الكريم يربي المسلم على مواجهة الحقيقة وتحمل نتائج أعماله وأخطائه فأكثر الناس إذا ما دهته داهية أو حلت به مصيبة يذهب بعيدا ليبحث عن أسبابها ويذهب أبعد في تفسيرها وتعليلها ويغفل البحث في المجال الأقرب الذي هو نفسه وأفعاله وقراراته واختياراته ومساراته غير أن العاقل من يبدأ بنفسه ويبدأ بتقييم أعماله ومواقفه وهذا ما يرشدنا إليه القرآن العظيم ويوكد عليه