tafsir
stringlengths
0
38.9k
sura_number
stringclasses
114 values
tafsir_name
stringclasses
9 values
ayah_number
stringclasses
286 values
ayah
stringlengths
6
1.17k
قال نوح عليه السلام لقومه: يا قوم لا أسألكم على دعوتكم لتوحيد الله وإخلاص العبادة له مالاً تؤدونه إليَّ بعد إيمانكم، ولكن ثواب نصحي لكم على الله وحده، وليس من شأني أن أطرد المؤمنين، فإنهم ملاقو ربهم يوم القيامة، ولكني أراكم قومًا تجهلون؛ إذ تأمرونني بطرد أولياء الله وإبعادهم عني.
11
التفسير الميسر
29
وَيَٰقَوْمِ لَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِنَّهُم مُّلَٰقُوا۟ رَبِّهِمْ وَلَٰكِنِّىٓ أَرَىٰكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ
ويا قوم مَن يمنعني من الله إن عاقبني على طردي المؤمنين؟ أفلا تتدبرون الأمور فتعلموا ما هو الأنفع لكم والأصلح؟
11
التفسير الميسر
30
وَيَٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِى مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
ولا أقول لكم: إني أملك التصرف في خزائن الله، ولا أعلم الغيب، ولست بمَلَك من الملائكة، ولا أقول لهؤلاء الذين تحتقرون من ضعفاء المؤمنين: لن يؤتيكم الله ثوابًا على أعمالكم، فالله وحده أعلم بما في صدورهم وقلوبهم، ولئن فعلتُ ذلك إني إذًا لمن الظالمين لأنفسهم ولغيرهم.
11
التفسير الميسر
31
وَلَآ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلَآ أَقُولُ إِنِّى مَلَكٌ وَلَآ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِىٓ أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْرًا ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِىٓ أَنفُسِهِمْ إِنِّىٓ إِذًا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ
قالوا: يا نوح قد حاججتنا فأكثرت جدالنا، فأتنا بما تعدنا من العذاب إن كنت من الصادقين في دعواك.
11
التفسير الميسر
32
قَالُوا۟ يَٰنُوحُ قَدْ جَٰدَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَٰلَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ
قال نوح لقومه: إن الله وحده هو الذي يأتيكم بالعذاب إذا شاء، ولستم بفائتيه إذا أراد أن يعذبكم؛ لأنه سبحانه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
11
التفسير الميسر
33
قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُم بِمُعْجِزِينَ
ولا ينفعكم نصحي واجتهادي في دعوتكم للإيمان، إن كان الله يريد أن يضلَّكم ويهلككم، هو سبحانه مالككم، وإليه تُرجَعون في الآخرة للحساب والجزاء.
11
التفسير الميسر
34
وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِىٓ إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
بل أيقول هؤلاء المشركون من قوم نوح: افترى نوح هذا القول؟ قل لهم: إن كنتُ قد افتريتُ ذلك على الله فعليَّ وحدي إثم ذلك، وإذا كنتُ صادقًا فأنتم المجرمون الآثمون، وأنا بريء مِن كفركم وتكذيبكم وإجرامكم.
11
التفسير الميسر
35
أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُۥ فَعَلَىَّ إِجْرَامِى وَأَنَا۠ بَرِىٓءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ
وأوحى الله سبحانه وتعالى إلى نوح -عليه السلام- لـمَّا حق على قومه العذاب، أنه لن يؤمن بالله إلا مَن قد آمن مِن قبل، فلا تحزن يا نوح على ما كانوا يفعلون.
11
التفسير الميسر
36
وَأُوحِىَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ ءَامَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا۟ يَفْعَلُونَ
واصنع السفينة بمرأى منَّا وبأمرنا لك ومعونتنا، وأنت في حفظنا وكلاءتنا، ولا تطلب مني إمهال هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم من قومك بكفرهم، فإنهم مغرقون بالطوفان. وفي الآية إثبات صفة العين لله تعالى على ما يليق به سبحانه.
11
التفسير الميسر
37
وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَٰطِبْنِى فِى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓا۟ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ
ويصنع نوح السفينة، وكلَّما مر عليه جماعة من كبراء قومه سخروا منه، قال لهم نوح: إن تسخروا منا اليوم لجهلكم بصدق وعد الله، فإنا نسخر منكم غدًا عند الغرق كما تسخرون منا.
11
التفسير الميسر
38
وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِۦ سَخِرُوا۟ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُوا۟ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ
فسوف تعلمون إذا جاء أمر الله بذلك: من الذي يأتيه في الدنيا عذاب الله الذي يُهينه، وينزل به في الآخرة عذاب دائم لا انقطاع له؟
11
التفسير الميسر
39
فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ
حتى إذا جاء أمرنا بإهلاكهم كما وَعدْنا نوحًا بذلك، ونبع الماء بقوة من التنور -وهو المكان الذي يخبز فيه- علامة على مجيء العذاب، قلنا لنوح: احمل في السفينة من كل نوع من أنواع الحيوانات ذكرًا وأنثى، واحمل فيها أهل بيتك، إلا مَن سبق عليهم القول ممن لم يؤمن بالله كابنه وامرأته، واحمل فيها من آمن معك من قومك، وما آمن معه إلا قليل مع طول المدة والمقام فيهم.
11
التفسير الميسر
40
حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ ءَامَنَ وَمَآ ءَامَنَ مَعَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٌ
وقال نوح لمن آمن معه: اركبوا في السفينة، باسم الله يكون جريها على وجه الماء، وباسم الله يكون منتهى سيرها ورُسوُّها. إن ربي لَغفور ذنوب من تاب وأناب إليه من عباده، رحيم بهم أن يعذبهم بعد التوبة.
11
التفسير الميسر
41
وَقَالَ ٱرْكَبُوا۟ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْر۪ىٰهَا وَمُرْسَىٰهَآ إِنَّ رَبِّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
وهي تجري بهم في موج يعلو ويرتفع حتى يصير كالجبال في علوها، ونادى نوح ابنه -وكان في مكانٍ عَزَل فيه نفسه عن المؤمنين- فقال له: يا بني اركب معنا في السفينة، ولا تكن مع الكافرين بالله فتغرق.
11
التفسير الميسر
42
وَهِىَ تَجْرِى بِهِمْ فِى مَوْجٍ كَٱلْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُۥ وَكَانَ فِى مَعْزِلٍ يَٰبُنَىَّ ٱرْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلْكَٰفِرِينَ
قال ابن نوح: سألجأ إلى جبل أتحصَّن به من الماء، فيمنعني من الغرق، فأجابه نوح: لا مانع اليوم من أمر الله وقضائه الذي قد نزل بالخلق من الغرق والهلاك إلا مَن رحمه الله تعالى، فآمِنْ واركب في السفينة معنا، وحال الموج المرتفع بين نوح وابنه، فكان من المغرقين الهالكين.
11
التفسير الميسر
43
قَالَ سَـَٔاوِىٓ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ ٱلْمَآءِ قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ
وقال الله للأرض -بعد هلاك قوم نوح -: يا أرض اشربي ماءك، ويا سماء أمسكي عن المطر، ونقص الماء ونضب، وقُضي أمر الله بهلاك قوم نوح، ورست السفينة على جبل الجوديِّ، وقيل: هلاكًا وبعدًا للقوم الظالمين الذين تجاوزوا حدود الله، ولم يؤمنوا به.
11
التفسير الميسر
44
وَقِيلَ يَٰٓأَرْضُ ٱبْلَعِى مَآءَكِ وَيَٰسَمَآءُ أَقْلِعِى وَغِيضَ ٱلْمَآءُ وَقُضِىَ ٱلْأَمْرُ وَٱسْتَوَتْ عَلَى ٱلْجُودِىِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ
ونادى نوح ربه فقال: رب إنك وعَدْتني أن تنجيني وأهلي من الغرق والهلاك، وإن ابني هذا من أهلي، وإن وعدك الحق الذي لا خُلْف فيه، وأنت أحكم الحاكمين وأعدلهم.
11
التفسير الميسر
45
وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِى مِنْ أَهْلِى وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَٰكِمِينَ
قال الله: يا نوح إن ابنك الذي هلك ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم؛ وذلك بسبب كفره، وعمله عملا غير صالح، وإني أنهاك أن تسألني أمرًا لا علم لك به، إني أعظك لئلا تكون من الجاهلين في مسألتك إياي عن ذلك.
11
التفسير الميسر
46
قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيْرُ صَٰلِحٍ فَلَا تَسْـَٔلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ إِنِّىٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ
قال نوح: يا رب إني أعتصم وأستجير بك أن أسألك ما ليس لي به علم، وإن لم تغفر لي ذنبي، وترحمني برحمتك، أكن من الذين غَبَنوا أنفسهم حظوظها وهلكوا.
11
التفسير الميسر
47
قَالَ رَبِّ إِنِّىٓ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْـَٔلَكَ مَا لَيْسَ لِى بِهِۦ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِى وَتَرْحَمْنِىٓ أَكُن مِّنَ ٱلْخَٰسِرِينَ
قال الله: يا نوح اهبط من السفينة إلى الأرض بأمن وسلامة منَّا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك. وهناك أمم وجماعات من أهل الشقاء سنمتعهم في الحياة الدنيا، إلى أن يبلغوا آجالهم، ثم ينالهم منا العذاب الموجع يوم القيامة.
11
التفسير الميسر
48
قِيلَ يَٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلَٰمٍ مِّنَّا وَبَرَكَٰتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰٓ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ
تلك القصة التي قصصناها عليك -أيها الرسول- عن نوح وقومه هي من أخبار الغيب السالفة، نوحيها إليك، ما كنت تعلمها أنت ولا قومك مِن قبل هذا البيان، فاصبر على تكذيب قومك وإيذائهم لك، كما صبر الأنبياء من قبل، إن العاقبة الطيبة في الدنيا والآخرة للمتقين الذين يخشون الله.
11
التفسير الميسر
49
تِلْكَ مِنْ أَنۢبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَٰذَا فَٱصْبِرْ إِنَّ ٱلْعَٰقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ
وأرسلنا إلى عاد أخاهم هودًا، قال لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده، ليس لكم من إله يستحق العبادة غيره جل وعلا، فأخلصوا له العبادة، فما أنتم إلا كاذبون في إشراككم بالله.
11
التفسير الميسر
50
وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَٰقَوْمِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُۥٓ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ
يا قوم لا أسألكم على ما أدعوكم إليه من إخلاص العبادة لله وترك عبادة الأوثان أجرًا، ما أجري على دعوتي لكم إلا على الله الذي خلقني، أفلا تعقلون فتميِّزوا بين الحق والباطل؟
11
التفسير الميسر
51
يَٰقَوْمِ لَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى ٱلَّذِى فَطَرَنِىٓ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
ويا قوم اطلبوا مغفرة الله والإيمان به، ثم توبوا إليه من ذنوبكم، فإنكم إن فعلتم ذلك يرسل المطر عليكم متتابعًا كثيرًا، فتكثر خيراتكم، ويزدكم قوة إلى قوتكم بكثرة ذرياتكم وتتابع النِّعم عليكم، ولا تُعرضوا عما دعوتكم إليه مصرِّين على إجرامكم.
11
التفسير الميسر
52
وَيَٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُوا۟ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوٓا۟ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا۟ مُجْرِمِينَ
قالوا: يا هود ما جئتنا بحجة واضحة على صحة ما تدعونا إليه، وما نحن بتاركي آلهتنا التي نعبدها من أجل قولك، وما نحن بمصدِّقين لك فيما تدَّعيه.
11
التفسير الميسر
53
قَالُوا۟ يَٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِىٓ ءَالِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ
ما نقول إلا أن بعض آلهتنا أصابك بجنون بسبب نهيك عن عبادتها. قال لهم: إني أُشهد الله على ما أقول، وأُشهدكم على أنني بريء مما تشركون، مِن دون الله من الأنداد والأصنام، فانظروا واجتهدوا أنتم ومَن زعمتم من آلهتكم في إلحاق الضرر بي، ثم لا تؤخروا ذلك طرفة عين؛ ذلك أن هودًا واثق كل الوثوق أنه لا يصيبه منهم ولا من آلهتهم أذى.
11
التفسير الميسر
54
إِن نَّقُولُ إِلَّا ٱعْتَرَىٰكَ بَعْضُ ءَالِهَتِنَا بِسُوٓءٍ قَالَ إِنِّىٓ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوٓا۟ أَنِّى بَرِىٓءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ
ما نقول إلا أن بعض آلهتنا أصابك بجنون بسبب نهيك عن عبادتها. قال لهم: إني أُشهد الله على ما أقول، وأُشهدكم على أنني بريء مما تشركون، مِن دون الله من الأنداد والأصنام، فانظروا واجتهدوا أنتم ومَن زعمتم من آلهتكم في إلحاق الضرر بي، ثم لا تؤخروا ذلك طرفة عين؛ ذلك أن هودًا واثق كل الوثوق أنه لا يصيبه منهم ولا من آلهتهم أذى.
11
التفسير الميسر
55
مِن دُونِهِۦ فَكِيدُونِى جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ
إني توكلت على الله ربي وربكم مالك كل شيء والمتصرف فيه، فلا يصيبني شيء إلا بأمره، وهو القادر على كل شيء، فليس من شيء يدِبُّ على هذه الأرض إلا والله مالكه، وهو في سلطانه وتصرفه. إن ربي على صراط مستقيم، أي عدل في قضائه وشرعه وأمره. يجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
11
التفسير الميسر
56
إِنِّى تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّى وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذٌۢ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّى عَلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ
فإن تُعرضوا عما أدعوكم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له فقد أبلغتكم رسالة ربي إليكم، وقامت عليكم الحجة، وحيث لم تؤمنوا بالله فسيهلككم ويأتي بقوم آخرين يخلفونكم في دياركم وأموالكم، ويخلصون لله العبادة، ولا تضرونه شيئًا، إن ربي على كل شيء حفيظ، فهو الذي يحفظني من أن تنالوني بسوء.
11
التفسير الميسر
57
فَإِن تَوَلَّوْا۟ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِۦٓ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّى قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُۥ شَيْـًٔا إِنَّ رَبِّى عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ حَفِيظٌ
ولما جاء أمرنا بعذاب قوم هود نجَّينا منه هودًا والمؤمنين بفضل منَّا عليهم ورحمة، ونجَّيناهم من عذاب شديد أحله الله بعادٍ فأصبحوا لا يُرى إلا مساكنُهم.
11
التفسير الميسر
58
وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَٰهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ
وتلك عاد كفروا بآيات الله وعصَوا رسله، وأطاعوا أمر كل مستكبر على الله لا يقبل الحق ولا يُذْعن له.
11
التفسير الميسر
59
وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا۟ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا۟ رُسُلَهُۥ وَٱتَّبَعُوٓا۟ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ
وأُتبعوا في هذه الدنيا لعنة من الله وسخطًا منه يوم القيامة. ألا إن عادًا جحدوا ربهم وكذَّبوا رسله. ألا بُعْدًا وهلاكًا لعاد قوم هود؛ بسبب شركهم وكفرهم نعمة ربهم.
11
التفسير الميسر
60
وَأُتْبِعُوا۟ فِى هَٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَلَآ إِنَّ عَادًا كَفَرُوا۟ رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ
وأرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحًا، فقال لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده ليس لكم من إله يستحق العبادة غيره جل وعلا، فأخلصوا له العبادة، هو الذي بدأ خَلْقكم من الأرض بخلق أبيكم آدم منها، وجعلكم عُمَّارا لها، فاسألوه أن يغفر لكم ذنوبكم، وارجعوا إليه بالتوبة النصوح. إن ربي قريب لمن أخلص له العبادة، ورغب إليه في التوبة، مجيب له إذا دعاه.
11
التفسير الميسر
61
وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَٰلِحًا قَالَ يَٰقَوْمِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُۥ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلْأَرْضِ وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَٱسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوٓا۟ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّى قَرِيبٌ مُّجِيبٌ
قالت ثمود لنبيِّهم صالح: لقد كنا نرجو أن تكون فينا سيدًا مطاعًا قبل هذا القول الذي قلته لنا، أتنهانا أن نعبد الآلهة التي كان يعبدها آباؤنا؟ وإننا لفي شكٍّ مريب مِن دعوتك لنا إلى عبادة الله وحده.
11
التفسير الميسر
62
قَالُوا۟ يَٰصَٰلِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَآ أَتَنْهَىٰنَآ أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِى شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ
قال صالح لقومه: يا قوم أخبروني إن كنت على برهان من الله وآتاني منه النبوة والحكمة، فمن الذي يدفع عني عقاب الله تعالى إن عصيته فلم أبلِّغ الرسالة وأنصحْ لكم؟ فما تزيدونني غير تضليل وإبعاد عن الخير.
11
التفسير الميسر
63
قَالَ يَٰقَوْمِ أَرَءَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّى وَءَاتَىٰنِى مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِى مِنَ ٱللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُۥ فَمَا تَزِيدُونَنِى غَيْرَ تَخْسِيرٍ
ويا قوم هذه ناقة الله جعلها لكم حجة وعلامة تدلُّ على صدقي فيما أدعوكم إليه، فاتركوها تأكل في أرض الله فليس عليكم رزقها، ولا تمسُّوها بعَقْر، فإنكم إن فعلتم ذلك يأخذكم من الله عذاب قريب من عَقْرها.
11
التفسير الميسر
64
وَيَٰقَوْمِ هَٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ ءَايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِىٓ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ
فكذَّبوه ونحروا الناقة، فقال لهم صالح: استمتعوا بحياتكم في بلدكم ثلاثة أيام، فإن العذاب نازل بكم بعدها، وذلك وَعْدٌ من الله غير مكذوب، لا بد من وقوعه.
11
التفسير الميسر
65
فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا۟ فِى دَارِكُمْ ثَلَٰثَةَ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ
فلما جاء أمرنا بهلاك ثمود نجينا صالحًا والذين آمنوا معه من الهلاك برحمة منا، ونجيناهم من هوان ذلك اليوم وذلَّته. إن ربك -أيها الرسول- هو القوي العزيز، ومِن قوته وعزته أن أهلك الأمم الطاغية، ونجَّى الرسل وأتباعهم.
11
التفسير الميسر
66
فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَٰلِحًا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْىِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْقَوِىُّ ٱلْعَزِيزُ
وأخذت الصيحة القوية ثمود الظالمين، فأصبحوا في ديارهم موتى هامدين ساقطين على وجوههم لا حِرَاك لهم.
11
التفسير الميسر
67
وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا۟ ٱلصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا۟ فِى دِيَٰرِهِمْ جَٰثِمِينَ
كأنهم في سرعة زوالهم وفنائهم لم يعيشوا فيها. ألا إن ثمود جحدوا بآيات ربهم وحججه. ألا بُعْدًا لثمود وطردًا لهم من رحمة الله، فما أشقاهم وأذلَّهم!!
11
التفسير الميسر
68
كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا۟ فِيهَآ أَلَآ إِنَّ ثَمُودَا۟ كَفَرُوا۟ رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِّثَمُودَ
ولقد جاءت الملائكة إبراهيم يبشرونه هو وزوجته بإسحاق، ويعقوبَ بعده، فقالوا: سلامًا، قال ردًّا على تحيتهم: سلام، فذهب سريعًا وجاءهم بعجل سمين مشويٍّ ليأكلوا منه.
11
التفسير الميسر
69
وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَٰهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ قَالُوا۟ سَلَٰمًا قَالَ سَلَٰمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ
فلما رأى إبراهيم أيديهم لا تَصِل إلى العجل الذي أتاهم به ولا يأكلون منه، أنكر ذلك منهم، وأحس في نفسه خيفة وأضمرها، قالت الملائكة -لما رأت ما بإبراهيم من الخوف-: لا تَخَفْ إنا ملائكة ربك أُرسلنا إلى قوم لوط لإهلاكهم.
11
التفسير الميسر
70
فَلَمَّا رَءَآ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا۟ لَا تَخَفْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ
وامرأة إبراهيم -سارة- كانت قائمة من وراء الستر تسمع الكلام، فضحكت تعجبًا مما سمعت، فبشرناها على ألسنة الملائكة بأنها ستلد مِن زوجها إبراهيم ولدًا يسمى إسحاق، وسيعيش ولدها، وسيكون لها بعد إسحاق حفيد منه، وهو يعقوب.
11
التفسير الميسر
71
وَٱمْرَأَتُهُۥ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَٰهَا بِإِسْحَٰقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَٰقَ يَعْقُوبَ
قالت سارة لما بُشِّرت بإسحاق متعجبة: يا ويلتا كيف يكون لي ولد وأنا عجوز، وهذا زوجي في حال الشيخوخة والكبر؟ إن إنجاب الولد مِن مثلي ومثل زوجي مع كبر السن لَشيء عجيب.
11
التفسير الميسر
72
قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰٓ ءَأَلِدُ وَأَنَا۠ عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هَٰذَا لَشَىْءٌ عَجِيبٌ
قالت الرسل لها: أتعجبين من أمر الله وقضائه؟ رحمة الله وبركاته عليكم معشر أهل بيت النبوة. إنه سبحانه وتعالى حميد الصفات والأفعال، ذو مَجْد وعظمة فيها.
11
التفسير الميسر
73
قَالُوٓا۟ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَٰتُهُۥ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ إِنَّهُۥ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ
فلما ذهب عن إبراهيم الخوف الذي انتابه لعدم أكل الضيوف الطعام، وجاءته البشرى بإسحاق ويعقوب، ظلَّ يجادل رسلنا فيما أرسلناهم به من عقاب قوم لوط وإهلاكهم.
11
التفسير الميسر
74
فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَٰهِيمَ ٱلرَّوْعُ وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ يُجَٰدِلُنَا فِى قَوْمِ لُوطٍ
إن إبراهيم كثير الحلم لا يحب المعاجلة بالعقاب، كثير التضرع إلى الله والدعاء له، تائب يرجع إلى الله في أموره كلها.
11
التفسير الميسر
75
إِنَّ إِبْرَٰهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّٰهٌ مُّنِيبٌ
قالت رسل الله: يا إبراهيم أعرض عن هذا الجدال في أمر قوم لوط والتماس الرحمة لهم؛ فإنه قد حق عليهم العذاب، وجاء أمر ربك الذي قدَّره عليهم بهلاكهم، وإنهم نازل بهم عذاب من الله غير مصروف عنهم ولا مدفوع.
11
التفسير الميسر
76
يَٰٓإِبْرَٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَآ إِنَّهُۥ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ ءَاتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ
ولما جاءت ملائكتنا لوطًا ساءه مجيئهم واغتمَّ لذلك؛ وذلك لأنه لم يكن يعلم أنهم رسل الله، فخاف عليهم من قومه، وقال: هذا يوم بلاء وشدة.
11
التفسير الميسر
77
وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِىٓءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ
وجاء قومُ لوط يسرعون المشي إليه لطلب الفاحشة، وكانوا مِن قبل مجيئهم يأتون الرجال شهوة دون النساء، فقال لوط لقومه: هؤلاء بناتي تَزَوَّجوهن فهنَّ أطهر لكم مما تريدون، وسماهن بناته؛ لأن نبي الأمة بمنزلة الأب لهم، فاخشوا الله واحذروا عقابه، ولا تفضحوني بالاعتداء على ضيفي، أليس منكم رجل ذو رشد، ينهى من أراد ركوب الفاحشة، فيحول بينهم وبين ذلك؟
11
التفسير الميسر
78
وَجَآءَهُۥ قَوْمُهُۥ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ قَالَ يَٰقَوْمِ هَٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِى ضَيْفِىٓ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ
قال قوم لوط له: لقد علمتَ من قبلُ أنه ليس لنا في النساء من حاجة أو رغبة، وإنك لتعلم ما نريد، أي لا نريد إلا الرجال ولا رغبة لنا في نكاح النساء.
11
التفسير الميسر
79
قَالُوا۟ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِى بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ
قال لهم حين أبوا إلا فعل الفاحشة: لو أن لي بكم قوة وأنصارًا معي، أو أركَن إلى عشيرة تمنعني منكم، لَحُلْتُ بينكم وبين ما تريدون.
11
التفسير الميسر
80
قَالَ لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً أَوْ ءَاوِىٓ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ
قالت الملائكة: يا لوط إنَّا رسل ربك أَرْسَلَنا لإهلاك قومك، وإنهم لن يصلوا إليك، فاخرج من هذه القرية أنت وأهلك ببقية من الليل، ولا يلتفت منكم أحد وراءه؛ لئلا يرى العذاب فيصيبه، لكنَّ امرأتك التي خانتك بالكفر والنفاق سيصيبها ما أصاب قومك من الهلاك، إن موعد هلاكهم الصبح، وهو موعد قريب الحلول.
11
التفسير الميسر
81
قَالُوا۟ يَٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوٓا۟ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا ٱمْرَأَتَكَ إِنَّهُۥ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ
فلما جاء أمرنا بنزول العذاب بهم جعلنا عالي قريتهم التي كانوا يعيشون فيها سافلها فقلبناها، وأمطرنا عليهم حجارة من طين متصلِّب متين، قد صُفَّ بعضها إلى بعض متتابعة، معلَّمة عند الله بعلامة معروفة لا تشاكِل حجارة الأرض، وما هذه الحجارة التي أمطرها الله على قوم لوط من كفار قريش ببعيد أن يُمْطَروا بمثلها. وفي هذا تهديد لكل عاص متمرِّد على الله.
11
التفسير الميسر
82
فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ
فلما جاء أمرنا بنزول العذاب بهم جعلنا عالي قريتهم التي كانوا يعيشون فيها سافلها فقلبناها، وأمطرنا عليهم حجارة من طين متصلِّب متين، قد صُفَّ بعضها إلى بعض متتابعة، معلَّمة عند الله بعلامة معروفة لا تشاكِل حجارة الأرض، وما هذه الحجارة التي أمطرها الله على قوم لوط من كفار قريش ببعيد أن يُمْطَروا بمثلها. وفي هذا تهديد لكل عاص متمرِّد على الله.
11
التفسير الميسر
83
مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِىَ مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ بِبَعِيدٍ
وأرسلنا إلى "مدين" أخاهم شعيبًا، فقال: يا قوم اعبدوا الله وحده، ليس لكم مِن إله يستحق العبادة غيره جل وعلا، فأخلصوا له العبادة، ولا تنقصوا الناس حقوقهم في مكاييلهم وموازينهم، إني أراكم في سَعَة عيش، وإني أخاف عليكم -بسبب إنقاص المكيال والميزان- عذاب يوم يحيط بكم.
11
التفسير الميسر
84
وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَٰقَوْمِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُۥ وَلَا تَنقُصُوا۟ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ إِنِّىٓ أَرَىٰكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّىٓ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ
ويا قوم أتمُّوا المكيال والميزان بالعدل، ولا تُنْقِصوا الناس حقهم في عموم أشيائهم، ولا تسيروا في الأرض تعملون فيها بمعاصي الله ونشر الفساد.
11
التفسير الميسر
85
وَيَٰقَوْمِ أَوْفُوا۟ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا۟ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا۟ فِى ٱلْأَرْضِ مُفْسِدِينَ
إن ما يبقى لكم بعد إيفاء الكيل والميزان من الربح الحلال خير لكم ممَّا تأخذونه بالتطفيف ونحوه من الكسب الحرام، إن كنتم تؤمنون بالله حقا، فامتثلوا أمره، وما أنا عليكم برقيب أحصي عليكم أعمالكم.
11
التفسير الميسر
86
بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ
قالوا: يا شعيب أهذه الصلاة التي تداوم عليها تأمرك بأن نترك ما يعبده آباؤنا من الأصنام والأوثان، أو أن نمتنع عن التصرف في كسب أموالنا بما نستطيع من احتيال ومكر؟ وقالوا -استهزاءً به-: إنك لأنت الحليم الرشيد.
11
التفسير الميسر
87
قَالُوا۟ يَٰشُعَيْبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَآ أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِىٓ أَمْوَٰلِنَا مَا نَشَٰٓؤُا۟ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ
قال شعيب: يا قوم أرأيتم إن كنت على طريق واضح من ربي فيما أدعوكم إليه من إخلاص العبادة له، وفيما أنهاكم عنه من إفساد المال، ورزقني منه رزقًا واسعًا حلالا طيبًا؟ وما أريد أن أخالفكم فأرتكب أمرًا نهيتكم عنه، وما أريد فيما آمركم به وأنهاكم عنه إلا إصلاحكم قَدْر طاقتي واستطاعتي، وما توفيقي -في إصابة الحق ومحاولة إصلاحكم- إلا بالله، على الله وحده توكلت وإليه أرجع بالتوبة والإنابة.
11
التفسير الميسر
88
قَالَ يَٰقَوْمِ أَرَءَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّى وَرَزَقَنِى مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَآ أَنْهَىٰكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا ٱلْإِصْلَٰحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِىٓ إِلَّا بِٱللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
ويا قوم لا تحملنَّكم عداوتي وبغضي وفراق الدين الذي أنا عليه على العناد والإصرار على ما أنتم عليه من الكفر بالله، فيصيبكم مثلُ ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح من الهلاك، وما قوم لوط وما حلَّ بهم من العذاب ببعيدين عنكم لا في الدار ولا في الزمان.
11
التفسير الميسر
89
وَيَٰقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِىٓ أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَآ أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَٰلِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ
واطلبوا من ربِّكم المغفرة لذنوبكم، ثم ارجعوا إلى طاعته واستمروا عليها. إن ربِّي رحيم كثير المودة والمحبة لمن تاب إليه وأناب، يرحمه ويقبل توبته. وفي الآية إثبات صفة الرحمة والمودة لله تعالى، كما يليق به سبحانه.
11
التفسير الميسر
90
وَٱسْتَغْفِرُوا۟ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوٓا۟ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّى رَحِيمٌ وَدُودٌ
قالوا: يا شعيب ما نفقه كثيرًا مما تقول، وإننا لَنراك فينا ضعيفًا لست من الكبراء ولا من الرؤساء، ولولا مراعاة عشيرتك لقتلناك رَجْما بالحجارة -وكان رهطه من أهل ملتهم-، وليس لك قَدْر واحترام في نفوسنا.
11
التفسير الميسر
91
قَالُوا۟ يَٰشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَىٰكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَٰكَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ
قال: يا قوم أعشيرتي أعزُّ وأكرم عليكم من الله؟ ونبذتم أمر ربكم فجعلتموه خلف ظهوركم، لا تأتمرون به ولا تنتهون بنهيه، إن ربي بما تعملون محيط، لا يخفى عليه من أعمالكم مثقال ذرة، وسيجازيكم عليها عاجلا وآجلا.
11
التفسير الميسر
92
قَالَ يَٰقَوْمِ أَرَهْطِىٓ أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّى بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
ويا قوم اعملوا كل ما تستطيعون على طريقتكم وحالتكم، إني عامل مثابر على طريقتي وما وهبني ربي مِن دعوتكم إلى التوحيد، سوف تعلمون مَن منا يأتيه عذاب يذلُّه، ومَن منا كاذب في قوله، أنا أم أنتم؟ وانتظروا ما سيحل بكم إني معكم من المنتظرين. وهذا تهديد شديد لهم.
11
التفسير الميسر
93
وَيَٰقَوْمِ ٱعْمَلُوا۟ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّى عَٰمِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَٰذِبٌ وَٱرْتَقِبُوٓا۟ إِنِّى مَعَكُمْ رَقِيبٌ
ولما جاء أمرنا بإهلاك قوم شعيب نجَّينا رسولنا شعيبًا والذين آمنوا معه برحمة منا، وأخذت الذين ظلموا الصيحة من السماء، فأهلكتهم، فأصبحوا في ديارهم باركين على رُكَبهم ميتين لا حِرَاك بهم.
11
التفسير الميسر
94
وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا۟ ٱلصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا۟ فِى دِيَٰرِهِمْ جَٰثِمِينَ
كأن لم يقيموا في ديارهم وقتًا من الأوقات. ألا بُعدًا لـ "مدين" -إذ أهلكها الله وأخزاها- كما بَعِدت ثمود، فقد اشتركت هاتان القبيلتان في البعد والهلاك.
11
التفسير الميسر
95
كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا۟ فِيهَآ أَلَا بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ
ولقد أرسلنا موسى بأدلتنا على توحيدنا وحجة تبين لمن عاينها وتأملها -بقلب صحيح- أنها تدل على وحدانية الله، وكَذِبِ كلِّ من ادَّعى الربوبية دونه سبحانه وتعالى.
11
التفسير الميسر
96
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَا وَسُلْطَٰنٍ مُّبِينٍ
أرسلنا موسى إلى فرعون وأكابر أتباعه وأشراف قومه، فكفر فرعون وأمر قومه أن يتبعوه، فأطاعوه، وخالفوا أمر موسى، وليس في أمر فرعون رشد ولا هدى، وإنما هو جهل وضلال وكفر وعناد.
11
التفسير الميسر
97
إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَإِي۟هِۦ فَٱتَّبَعُوٓا۟ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ
يَقْدُم فرعون قومه يوم القيامة حتى يدخلهم النار، وقبُح المدخل الذي يدخلونه.
11
التفسير الميسر
98
يَقْدُمُ قَوْمَهُۥ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ
وأتبعهم الله في هذه الدنيا مع العذاب الذي عجَّله لهم فيها من الغرق في البحر لعنةً، ويوم القيامة كذلك لعنة أخرى بإدخالهم النار، وبئس ما اجتمع لهم وترادَف عليهم من عذاب الله، ولعنة الدنيا والآخرة.
11
التفسير الميسر
99
وَأُتْبِعُوا۟ فِى هَٰذِهِۦ لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ
ذلك الذي ذكرناه لك -أيها الرسول- من أخبار القرى التي أهلكنا أهلها نخبرك به، ومن تلك القرى ما له آثار باقية، ومنها ما قد مُحِيَتْ آثاره، فلم يَبْق منه شيء.
11
التفسير الميسر
100
ذَٰلِكَ مِنْ أَنۢبَآءِ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّهُۥ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ
وما كان إهلاكهم بغير سبب وذنب يستحقونه، ولكن ظلموا أنفسهم بشركهم وإفسادهم في الأرض، فما نفعتهم آلهتهم التي كانوا يدعُونها ويطلبون منها أن تدفع عنهم الضر لـمَّا جاء أمر ربك بعذابهم، وما زادتهم آلهتهم غير تدمير وإهلاك وخسران.
11
التفسير الميسر
101
وَمَا ظَلَمْنَٰهُمْ وَلَٰكِن ظَلَمُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ فَمَآ أَغْنَتْ عَنْهُمْ ءَالِهَتُهُمُ ٱلَّتِى يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مِن شَىْءٍ لَّمَّا جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ
وكما أخذتُ أهل القرى الظالمة بالعذاب لمخالفتهم أمري وتكذيبهم برسلي، آخذ غيرهم مِن أهل القرى إذا ظلموا أنفسهم بكفرهم بالله ومعصيتهم له وتكذيبهم لرسله. إنَّ أَخْذه بالعقوبة لأليم موجع شديد.
11
التفسير الميسر
102
وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَآ أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِىَ ظَٰلِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُۥٓ أَلِيمٌ شَدِيدٌ
إن في أخذنا لأهل القرى السابقة الظالمة لعبرةً وعظة لمن خاف عقاب الله وعذابه في الآخرة، ذلك اليوم الذي يُجمع له الناس جميعًا للمحاسبة والجزاء، ويشهده الخلائق كلهم.
11
التفسير الميسر
103
إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ ٱلْءَاخِرَةِ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ
وما نؤخر يوم القيامة عنكم إلا لانتهاء مدة معدودة في علمنا، لا تزيد ولا تنقص عن تقديرنا لها بحكمتنا.
11
التفسير الميسر
104
وَمَا نُؤَخِّرُهُۥٓ إِلَّا لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ
يوم يأتي يوم القيامة، لا تتكلم نفس إلا بإذن ربها، فمنهم شقي مستحق للعذاب، وسعيد متفضَّل عليه بالنعيم.
11
التفسير الميسر
105
يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِۦ فَمِنْهُمْ شَقِىٌّ وَسَعِيدٌ
فأما الذين شَقُوا في الدنيا لفساد عقيدتهم وسوء أعمالهم، فالنار مستقرهم، لهم فيها من شدة ما هم فيه من العذاب زفير وشهيق، وهما أشنع الأصوات وأقبحها، ماكثين في النار أبدًا ما دامت السموات والأرض، فلا ينقطع عذابهم ولا ينتهي، بل هو دائم مؤكَّد، إلا ما شاء ربك من إخراج عصاة الموحدين بعد مدَّة من مكثهم في النار. إن ربك -أيها الرسول- فعَّال لما يريد.
11
التفسير الميسر
106
فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُوا۟ فَفِى ٱلنَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ
فأما الذين شَقُوا في الدنيا لفساد عقيدتهم وسوء أعمالهم، فالنار مستقرهم، لهم فيها من شدة ما هم فيه من العذاب زفير وشهيق، وهما أشنع الأصوات وأقبحها، ماكثين في النار أبدًا ما دامت السموات والأرض، فلا ينقطع عذابهم ولا ينتهي، بل هو دائم مؤكَّد، إلا ما شاء ربك من إخراج عصاة الموحدين بعد مدَّة من مكثهم في النار. إن ربك -أيها الرسول- فعَّال لما يريد.
11
التفسير الميسر
107
خَٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلْأَرْضُ إِلَّا مَا شَآءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ
وأما الذين رزقهم الله السعادة فيدخلون الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض، إلا الفريق الذي شاء الله تأخيره، وهم عصاة الموحدين، فإنهم يبقون في النار فترة من الزمن، ثم يخرجون منها إلى الجنة بمشيئة الله ورحمته، ويعطي ربك هؤلاء السعداء في الجنة عطاء غير مقطوع عنهم.
11
التفسير الميسر
108
وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُوا۟ فَفِى ٱلْجَنَّةِ خَٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلْأَرْضُ إِلَّا مَا شَآءَ رَبُّكَ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ
فلا تكن -أيها الرسول- في شك من بطلان ما يعبد هؤلاء المشركون من قومك، ما يعبدون من الأوثان إلا مثل ما يعبد آباؤهم من قبل، وإنا لموفوهم ما وعدناهم تاما غير منقوص. وهذا توجيه لجميع الأمة، وإن كان لفظه موجهًا إلى الرسول صلى الله عليه وسلَّم.
11
التفسير الميسر
109
فَلَا تَكُ فِى مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَٰٓؤُلَآءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ ءَابَآؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ
ولقد آتينا موسى الكتاب وهو التوراة، فاختلف فيه قومه، فآمن به جماعة وكفر به آخرون كما فعل قومك بالقرآن. ولولا كلمة سبقت من ربك بأنه لا يعجل لخلقه العذاب، لحلَّ بهم في دنياهم قضاء الله بإهلاك المكذِّبين ونجاة المؤمنين. وإن الكفار من اليهود والمشركين -أيها الرسول- لفي شك -من هذا القرآن- مريب.
11
التفسير الميسر
110
وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَٰبَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ
وإن كل أولئك الأقوام المختلفين الذين ذكرنا لك -أيها الرسول- أخبارهم ليوفينهم ربك جزاء أعمالهم يوم القيامة، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، إن ربك بما يعمل هؤلاء المشركون خبير، لا يخفى عليه شيء من عملهم. وفي هذا تهديد ووعيد لهم.
11
التفسير الميسر
111
وَإِنَّ كُلًّا لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَٰلَهُمْ إِنَّهُۥ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
فاستقم -أيها النبي- كما أمرك ربك أنت ومن تاب معك، ولا تتجاوزوا ما حدَّه الله لكم، إن ربَّكم بما تعملون من الأعمال كلها بصير، لا يخفى عليه شيء منها، وسيجازيكم عليها.
11
التفسير الميسر
112
فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا۟ إِنَّهُۥ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
ولا تميلوا إلى هؤلاء الكفار الظلمة، فتصيبكم النار، وما لكم من دون الله من ناصر ينصركم، ويتولى أموركم.
11
التفسير الميسر
113
وَلَا تَرْكَنُوٓا۟ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا۟ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ
وأدِّ الصلاة -أيها النبي- على أتمِّ وجه طَرَفَي النهار في الصباح والمساء، وفي ساعات من الليل. إنَّ فِعْلَ الخيرات يكفِّر الذنوب السالفة ويمحو آثارها، والأمر بإقامة الصلاة وبيان أن الحسنات يذهبن السيئات، موعظة لمن اتعظ بها وتذكر.
11
التفسير الميسر
114
وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّٰكِرِينَ
واصبر -أيها النبي- على الصلاة، وعلى ما تَلْقى من الأذى من مشركي قومك؛ فإن الله لا يضيع ثواب المحسنين في أعمالهم.
11
التفسير الميسر
115
وَٱصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ
فهلاَّ وُجد من القرون الماضية بقايا من أهل الخير والصلاح، ينهون أهل الكفر عن كفرهم، وعن الفساد في الأرض، لم يوجد من أولئك الأقوام إلا قليل ممن آمن، فنجَّاهم الله بسبب ذلك مِن عذابه حين أخذ الظالمين. واتَّبع عامتهم من الذين ظلموا أنفسهم ما مُتِّعوا فيه من لذات الدنيا ونعيمها، وكانوا مجرمين ظالمين باتباعهم ما تنعموا فيه، فحقَّ عليهم العذاب.
11
التفسير الميسر
116
فَلَوْلَا كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُو۟لُوا۟ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِى ٱلْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا۟ مَآ أُتْرِفُوا۟ فِيهِ وَكَانُوا۟ مُجْرِمِينَ
وما كان ربك -أيها الرسول- ليهلك قرية من القرى وأهلها مصلحون في الأرض، مجتنبون للفساد والظلم، وإنما يهلكهم بسبب ظلمهم وفسادهم.
11
التفسير الميسر
117
وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ
ولو شاء ربك لجعل الناس كلهم جماعة واحدة على دين واحد وهو دين الإسلام، ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك، فلا يزال الناس مختلفين في أديانهم؛ وذلك مقتضى حكمته.
11
التفسير الميسر
118
وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَٰحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ
إلا مَن رحم ربك فآمنوا به واتبعوا رسله، فإنهم لا يختلفون في توحيد الله وما جاءت به الرسل من عند الله، وقد اقتضت حكمته سبحانه وتعالى أنه خَلَقهم مختلفين: فريق شقيٌّ وفريق سعيد، وكل ميسر لما خُلِق له. وبهذا يتحقق وعد ربك في قضائه وقدره: أنه سبحانه سيملأ جهنم من الجن والإنس الذين اتبعوا إبليس وجنده ولم يهتدوا للإيمان.
11
التفسير الميسر
119
إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ
ونقصُّ عليك -أيها النبي- من أخبار الرسل الذين كانوا قبلك، كل ما تحتاج إليه مما يقوِّي قلبك للقيام بأعباء الرسالة، وقد جاءك في هذه السورة وما اشتملت عليه من أخبار، بيان الحق الذي أنت عليه، وجاءك فيها موعظة يرتدع بها الكافرون، وذكرى يتذكر بها المؤمنون بالله ورسله.
11
التفسير الميسر
120
وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَ وَجَآءَكَ فِى هَٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ
وقل -أيها الرسول- للكافرين الذين لا يقرُّون بوحدانية الله: اعملوا ما أنتم عاملون على حالتكم وطريقتكم في مقاومة الدعوة وإيذاء الرسول والمستجيبين له، فإنَّا عاملون على مكانتنا وطريقتنا من الثبات على ديننا وتنفيذ أمر الله. وانتظروا عاقبة أمرنا، فإنَّا منتظرون عاقبة أمركم. وفي هذا تهديد ووعيد لهم.
11
التفسير الميسر
121
وَقُل لِّلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ٱعْمَلُوا۟ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَٰمِلُونَ
وقل -أيها الرسول- للكافرين الذين لا يقرُّون بوحدانية الله: اعملوا ما أنتم عاملون على حالتكم وطريقتكم في مقاومة الدعوة وإيذاء الرسول والمستجيبين له، فإنَّا عاملون على مكانتنا وطريقتنا من الثبات على ديننا وتنفيذ أمر الله. وانتظروا عاقبة أمرنا، فإنَّا منتظرون عاقبة أمركم. وفي هذا تهديد ووعيد لهم.
11
التفسير الميسر
122
وَٱنتَظِرُوٓا۟ إِنَّا مُنتَظِرُونَ
ولله سبحانه وتعالى علم كل ما غاب في السموات والأرض، وإليه يُرْجَع الأمر كله يوم القيامة، فاعبده -أيها النبي- وفوِّض أمرك إليه، وما ربك بغافل عما تعملون من الخير والشر، وسيجازي كلاًّ بعمله.
11
التفسير الميسر
123
وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلْأَمْرُ كُلُّهُۥ فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
(الر) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.
12
التفسير الميسر
1
بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ الٓر تِلْكَ ءَايَٰتُ ٱلْكِتَٰبِ ٱلْمُبِينِ
إنا أنزلنا هذا القرآن بلغة العرب، لعلكم -أيها العرب- تعقلون معانيه وتفهمونها، وتعملون بهديه.
12
التفسير الميسر
2
إِنَّآ أَنزَلْنَٰهُ قُرْءَٰنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
نحن نقصُّ عليك -أيها الرسول- أحسن القصص بوحينا إليك هذا القرآن، وإن كنت قبل إنزاله عليك لمن الغافلين عن هذه الأخبار، لا تدري عنها شيئًا.
12
التفسير الميسر
3
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَٰذَا ٱلْقُرْءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِۦ لَمِنَ ٱلْغَٰفِلِينَ
اذكر -أيها الرسول- لقومك قول يوسف لأبيه: إني رأيت في المنام أحد عشر كوكبًا، والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين. فكانت هذه الرؤيا بشرى لِمَا وصل إليه يوسف عليه السلام من علوِّ المنزلة في الدنيا والآخرة.
12
التفسير الميسر
4
إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَٰٓأَبَتِ إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَٰجِدِينَ
قال يعقوب لابنه يوسف: يا بني لا تذكر لإخوتك هذه الرؤيا فيحسدوك، ويعادوك، ويحتالوا في إهلاكك، إن الشيطان للإنسان عدو ظاهر العداوة.
12
التفسير الميسر
5
قَالَ يَٰبُنَىَّ لَا تَقْصُصْ رُءْيَاكَ عَلَىٰٓ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا۟ لَكَ كَيْدًا إِنَّ ٱلشَّيْطَٰنَ لِلْإِنسَٰنِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ