tafsir
stringlengths
0
38.9k
sura_number
stringclasses
114 values
tafsir_name
stringclasses
9 values
ayah_number
stringclasses
286 values
ayah
stringlengths
6
1.17k
بل أيقولون: إن هذا القرآن افتراه محمد من عند نفسه؟ فإنهم يعلمون أنه بشر مثلهم!! قل لهم -أيها الرسول-: فأتوا أنتم بسورة واحدة من جنس هذا القرآن في نظمه وهدايته، واستعينوا على ذلك بكل مَن قَدَرْتم عليه من دون الله من إنس وجن، إن كنتم صادقين في دعواكم.
10
التفسير الميسر
38
أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰهُ قُلْ فَأْتُوا۟ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِۦ وَٱدْعُوا۟ مَنِ ٱسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ
بل سارَعوا إلى التكذيب بالقرآن أول ما سمعوه، قبل أن يتدبروا آياته، وكفروا بما لم يحيطوا بعلمه من ذكر البعث والجزاء والجنة والنار وغير ذلك، ولم يأتهم بعدُ حقيقة ما وُعِدوا به في الكتاب. وكما كذَّب المشركون بوعيد الله كذَّبت الأمم التي خلت قبلهم، فانظر -أيها الرسول- كيف كانت عاقبة الظالمين؟ فقد أهلك الله بعضهم بالخسف، وبعضهم بالغرق، وبعضهم بغير ذلك.
10
التفسير الميسر
39
بَلْ كَذَّبُوا۟ بِمَا لَمْ يُحِيطُوا۟ بِعِلْمِهِۦ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُۥ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلظَّٰلِمِينَ
ومِن قومك -أيها الرسول- مَن يصدِّق بالقرآن، ومنهم من لا يصدِّق به حتى يموت على ذلك ويبعث عليه، وربك أعلم بالمفسدين الذين لا يؤمنون به على وجه الظلم والعناد والفساد، فيجازيهم على فسادهم بأشد العذاب.
10
التفسير الميسر
40
وَمِنْهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِۦ وَمِنْهُم مَّن لَّا يُؤْمِنُ بِهِۦ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِٱلْمُفْسِدِينَ
وإن كذَّبك -أيها الرسول- هؤلاء المشركون فقل لهم: لي ديني وعملي، ولكم دينكم وعملكم، فأنتم لا تؤاخَذون بعملي، وأنا لا أؤاخَذ بعملكم.
10
التفسير الميسر
41
وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّى عَمَلِى وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُم بَرِيٓـُٔونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَا۠ بَرِىٓءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ
ومِنَ الكفار مَن يسمعون كلامك الحق، وتلاوتك القرآن، ولكنهم لا يهتدون. أفأنت تَقْدر على إسماع الصم؟ فكذلك لا تقدر على هداية هؤلاء إلا أن يشاء الله هدايتهم؛ لأنهم صمٌّ عن سماع الحق، لا يعقلونه.
10
التفسير الميسر
42
وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا۟ لَا يَعْقِلُونَ
ومِنَ الكفار مَن ينظر إليك وإلى أدلة نبوتك الصادقة، ولكنه لا يبصر ما آتاك الله من نور الإيمان، أفأنت -أيها الرسول- تقدر على أن تخلق للعمي أبصارًا يهتدون بها؟ فكذلك لا تقدر على هدايتهم إذا كانوا فاقدي البصيرة، وإنما ذلك كلُّه لله وحده.
10
التفسير الميسر
43
وَمِنْهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِى ٱلْعُمْىَ وَلَوْ كَانُوا۟ لَا يُبْصِرُونَ
إن الله لا يظلم الناس شيئًا بزيادة في سيئاتهم أو نقص من حسناتهم، ولكن الناس هم الذين يظلمون أنفسهم بالكفر والمعصية ومخالفة أمر الله ونهيه.
10
التفسير الميسر
44
إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْـًٔا وَلَٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
ويوم يَحشر الله هؤلاء المشركين يوم البعث والحساب، كأنهم قبل ذلك لم يمكثوا في الحياة الدنيا إلا قدر ساعة من النهار، يعرف بعضهم بعضًا كحالهم في الدنيا، ثم انقطعت تلك المعرفة وانقضت تلك الساعة. قد خسر الذين كفروا وكذَّبوا بلقاء الله وثوابه وعقابه، وما كانوا موفَّقين لإصابة الرشد فيما فعلوا.
10
التفسير الميسر
45
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوٓا۟ إِلَّا سَاعَةً مِّنَ ٱلنَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ وَمَا كَانُوا۟ مُهْتَدِينَ
وإمَّا نرينَّك -أيها الرسول- في حياتك بعض الذي نَعِدُهم من العقاب في الدنيا، أو نتوفينك قبل أن نريك ذلك فيهم، فإلينا وحدنا يرجع أمرهم في الحالتين، ثم الله شهيد على أفعالهم التي كانوا يفعلونها في الدنيا، لا يخفى عليه شيء منها، فيجازيهم بها جزاءهم الذي يستحقونه.
10
التفسير الميسر
46
وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ ٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ
ولكل أمة خَلَتْ قبلكم -أيها الناس- رسول أرسلتُه إليهم، كما أرسلت محمدًا إليكم يدعو إلى دين الله وطاعته، فإذا جاء رسولهم في الآخرة قُضِيَ حينئذ بينهم بالعدل، وهم لا يُظلمون مِن جزاء أعمالهم شيئًا.
10
التفسير الميسر
47
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِىَ بَيْنَهُم بِٱلْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
ويقول المشركون من قومك -أيها الرسول-: متى قيام الساعة إن كنت أنت ومَن تبعك من الصادقين فيما تَعِدوننا به؟
10
التفسير الميسر
48
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ
قل لهم -أيها الرسول-: لا أستطيع أن أدفع عن نفسي ضرًا، ولا أجلب لها نفعًا، إلا ما شاء الله أن يدفع عني مِن ضرٍّ أو يجلب لي من نفع. لكل قوم وقت لانقضاء مدتهم وأجلهم، إذا جاء وقت انقضاء أجلهم وفناء أعمارهم، فلا يستأخرون عنه ساعة فيُمْهلون، ولا يتقدم أجلهم عن الوقت المعلوم.
10
التفسير الميسر
49
قُل لَّآ أَمْلِكُ لِنَفْسِى ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَـْٔخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أخبروني إن أتاكم عذاب الله ليلا أو نهارًا، فأي شيء تستعجلون أيها المجرمون بنزول العذاب؟
10
التفسير الميسر
50
قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَتَىٰكُمْ عَذَابُهُۥ بَيَٰتًا أَوْ نَهَارًا مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ ٱلْمُجْرِمُونَ
أبعدما وقع عذاب الله بكم -أيها المشركون- آمنتم في وقت لا ينفعكم فيه الإيمان؟ وقيل لكم حينئذ: آلآن تؤمنون به، وقد كنتم من قبل تستعجلون به؟
10
التفسير الميسر
51
أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ ءَامَنتُم بِهِۦٓ ءَآلْـَٰٔنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِۦ تَسْتَعْجِلُونَ
ثم قيل للذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بالله: تجرَّعوا عذاب الله الدائم لكم أبدًا، فهل تُعاقَبون إلا بما كنتم تعملون في حياتكم من معاصي الله؟
10
التفسير الميسر
52
ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا۟ ذُوقُوا۟ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ
ويستخبرك هؤلاء المشركون من قومك -أيها الرسول- عن العذاب يوم القيامة، أحقٌّ هو؟ قل لهم -أيها الرسول-: نعم وربي إنه لحق لا شك فيه، وما أنتم بمعجزين الله أن يبعثكم ويجازيكم، فأنتم في قبضته وسلطانه.
10
التفسير الميسر
53
وَيَسْتَنۢبِـُٔونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِى وَرَبِّىٓ إِنَّهُۥ لَحَقٌّ وَمَآ أَنتُم بِمُعْجِزِينَ
ولو أن لكل نفس أشركت وكفرت بالله جميع ما في الأرض، وأمكنها أن تجعله فداء لها من ذلك العذاب لافتدت به، وأخفى الذين ظلموا حسرتهم حين أبصروا عذاب الله واقعا بهم جميعًا، وقضى الله عز وجل بينهم بالعدل، وهم لا يُظلَمون؛ لأن الله تعالى لا يعاقب أحدا إلا بذنبه.
10
التفسير الميسر
54
وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِى ٱلْأَرْضِ لَٱفْتَدَتْ بِهِۦ وَأَسَرُّوا۟ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا۟ ٱلْعَذَابَ وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِٱلْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
ألا إن كل ما في السموات وما في الأرض ملك لله تعالى، لا شيء من ذلك لأحد سواه. ألا إن لقاء الله تعالى وعذابه للمشركين كائن، ولكن أكثرهم لا يعلمون حقيقة ذلك.
10
التفسير الميسر
55
أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ أَلَآ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
إن الله هو المحيي والمميت لا يتعذَّر عليه إحياء الناس بعد موتهم، كما لا تعجزه إماتتهم إذا أراد ذلك، وهم إليه راجعون بعد موتهم.
10
التفسير الميسر
56
هُوَ يُحْىِۦ وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم تذكِّركم عقاب الله وتخوفكم وعيده، وهي القرآن وما اشتمل عليه من الآيات والعظات لإصلاح أخلاقكم وأعمالكم، وفيه دواء لما في القلوب من الجهل والشرك وسائر الأمراض، ورشد لمن اتبعه من الخلق فينجيه من الهلاك، جعله سبحانه وتعالى نعمة ورحمة للمؤمنين، وخصَّهم بذلك؛ لأنهم المنتفعون بالإيمان، وأما الكافرون فهو عليهم عَمَى.
10
التفسير الميسر
57
يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِى ٱلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ
قل -أيها الرسول- لجميع الناس: بفضل الله وبرحمته، وهو ما جاءهم من الله من الهدى ودين الحق وهو الإسلام، فبذلك فليفرحوا؛ فإن الإسلام الذي دعاهم الله إليه، والقرآن الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم، خير مما يجمعون من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة.
10
التفسير الميسر
58
قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا۟ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ
قل -أيها الرسول- لهؤلاء الجاحدين للوحي: أخبروني عن هذا الرزق الذي خلقه الله لكم من الحيوان والنبات والخيرات فحلَّلتم بعض ذلك لأنفسكم وحرَّمتم بعضه، قل لهم: آلله أذن لكم بذلك، أم تقولون على الله الباطل وتكذبون؟ وإنهم ليقولون على الله الباطل ويكذبون.
10
التفسير الميسر
59
قُلْ أَرَءَيْتُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَٰلًا قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى ٱللَّهِ تَفْتَرُونَ
وما ظنُّ هؤلاء الذين يتخرصون على الله الكذب يوم الحساب، فيضيفون إليه تحريم ما لم يحرمه عليهم من الأرزاق والأقوات، أن الله فاعل بهم يوم القيامة بكذبهم وفِرْيَتِهم عليه؟ أيحسبون أنه يصفح عنهم ويغفر لهم؟ إن الله لذو فضل على خلقه؛ بتركه معاجلة مَن افترى عليه الكذب بالعقوبة في الدنيا وإمهاله إياه، ولكن أكثر الناس لا يشكرون الله على تفضله عليهم بذلك.
10
التفسير الميسر
60
وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ
وما تكون -أيها الرسول- في أمر مِن أمورك وما تتلو من كتاب الله من آيات، وما يعمل أحد من هذه الأمة عملا من خير أو شر إلا كنا عليكم شهودًا مُطَّلِعين عليه، إذ تأخذون في ذلك، وتعملونه، فنحفظه عليكم ونجزيكم به، وما يغيب عن علم ربك -أيها الرسول- من زنة نملة صغيرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر الأشياء ولا أكبرها، إلا في كتاب عند الله واضح جلي، أحاط به علمه وجرى به قلمه.
10
التفسير الميسر
61
وَمَا تَكُونُ فِى شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا۟ مِنْهُ مِن قُرْءَانٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَا فِى ٱلسَّمَآءِ وَلَآ أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكْبَرَ إِلَّا فِى كِتَٰبٍ مُّبِينٍ
ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم في الآخرة من عقاب الله، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.
10
التفسير الميسر
62
أَلَآ إِنَّ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
وصفات هؤلاء الأولياء، أنهم الذين صدَّقوا الله واتبعوا رسوله وما جاء به من عند الله، وكانوا يتقون الله بامتثال أوامره، واجتناب معاصيه.
10
التفسير الميسر
63
ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَكَانُوا۟ يَتَّقُونَ
لهؤلاء الأولياء البشارة من الله في الحياة الدنيا بما يسرُّهم، وفي الآخرة بالجنة، لا يخلف الله وعده ولا يغيِّره، ذلك هو الفوز العظيم؛ لأنه اشتمل على النجاة مِن كل محذور، والظَّفَر بكل مطلوب محبوب.
10
التفسير الميسر
64
لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلْءَاخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
ولا يحزنك -أيها الرسول- قول المشركين في ربهم وافتراؤهم عليه وإشراكهم معه الأوثان والأصنام؛ فإن الله تعالى هو المتفرد بالقوة الكاملة والقدرة التامة في الدنيا والآخرة، وهو السميع لأقوالهم، العليم بأفعالهم ونياتهم.
10
التفسير الميسر
65
وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
ألا إن لله كل مَن في السموات ومن في الأرض من الملائكة، والإنس، والجن وغير ذلك. وأي شيء يتَّبع مَن يدعو غير الله من الشركاء؟ ما يتَّبعون إلا الشك، وإن هم إلا يكذبون فيما ينسبونه إلى الله.
10
التفسير الميسر
66
أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَن فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَآءَ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ
هو الذي جعل لكم -أيها الناس- الليل لتسكنوا فيه وتهدؤوا من عناء الحركة في طلب المعاش، وجعل لكم النهار؛ لتبصروا فيه، ولتسعَوْا لطلب رزقكم. إن في اختلاف الليل والنهار وحال أهلهما فيهما لَدلالةً وحججًا على أن الله وحده هو المستحق للعبادة، لقوم يسمعون هذه الحجج، ويتفكرون فيها.
10
التفسير الميسر
67
هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ لِتَسْكُنُوا۟ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ
قال المشركون: اتخذ الله ولدًا، كقولهم: الملائكة بنات الله، أو المسيح ابن الله. تقدَّس الله عن ذلك كله وتنزَّه، هو الغني عن كل ما سواه، له كل ما في السموات والأرض، فكيف يكون له ولد ممن خلق وكل شيء مملوك له؟ وليس لديكم دليل على ما تفترونه من الكذب، أتقولون على الله ما لا تعلمون حقيقته وصحته؟
10
التفسير الميسر
68
قَالُوا۟ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدًا سُبْحَٰنَهُۥ هُوَ ٱلْغَنِىُّ لَهُۥ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَٰنٍۭ بِهَٰذَآ أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ
قل: إن الذين يفترون على الله الكذب باتخاذ الولد وإضافة الشريك إليه، لا ينالون مطلوبهم في الدنيا ولا في الآخرة.
10
التفسير الميسر
69
قُلْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ
إنما يتمتعون في الدنيا بكفرهم وكذبهم متاعًا قصيرًا، ثم إذا انقضى أجلهم فإلينا مصيرهم، ثم نذيقهم عذاب جهنم بسبب كفرهم بالله وتكذيبهم رسل الله، وجحدهم آياته.
10
التفسير الميسر
70
مَتَٰعٌ فِى ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا۟ يَكْفُرُونَ
واقصص -أيها الرسول- على كفار "مكة" خبر نوح -عليه السلام- مع قومه حين قال لهم: إن كان عَظُمَ عليكم مقامي فيكم وتذكيري إياكم بحجج الله وبراهينه فعلى الله اعتمادي وبه ثقتي، فأعدُّوا أمركم، وادعوا شركاءكم، ثم لا تجعلوا أمركم عليكم مستترًا بل ظاهرًا منكشفًا، ثم اقضوا عليَّ بالعقوبة والسوء الذي في إمكانكم، ولا تمهلوني ساعة من نهار.
10
التفسير الميسر
71
وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِۦ يَٰقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِى وَتَذْكِيرِى بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوٓا۟ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ ٱقْضُوٓا۟ إِلَىَّ وَلَا تُنظِرُونِ
فإن أعرضتم عن دعوتي فإنني لم أسألكم أجرًا؛ لأن ثوابي عند ربي وأجري عليه سبحانه، وحده لا شريك له، وأمرت أن أكون من المنقادين لحكمه.
10
التفسير الميسر
72
فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
فكذب نوحًا قومُه فيما أخبرهم به عن الله، فنجَّيناه هو ومن معه في السفينة، وجعلناهم يَخْلُفون المكذبين في الأرض، وأغرقنا الذين جحدوا حججنا، فتأمل -أيها الرسول- كيف كان عاقبة القوم الذين أنذرهم رسولهم عذاب الله وبأسه؟
10
التفسير الميسر
73
فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِى ٱلْفُلْكِ وَجَعَلْنَٰهُمْ خَلَٰٓئِفَ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُنذَرِينَ
ثم بعثنا من بعد نوح رسلا إلى أقوامهم (هودًا وصالحًا وإبراهيم ولوطًا وشعيبًا وغيرَهم) فجاء كل رسول قومه بالمعجزات الدالة على رسالته، وعلى صحة ما دعاهم إليه، فما كانوا ليصدِّقوا ويعملوا بما كذَّب به قوم نوح ومَن سبقهم من الأمم الخالية. وكما ختم الله على قلوب هؤلاء الأقوام فلم يؤمنوا، كذلك يختم على قلوب مَن شابههم ممن بعدهم من الذين تجاوزوا حدود الله، وخالفوا ما دعاهم إليه رسلهم من طاعته عقوبة لهم على معاصيهم.
10
التفسير الميسر
74
ثُمَّ بَعَثْنَا مِنۢ بَعْدِهِۦ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُوا۟ لِيُؤْمِنُوا۟ بِمَا كَذَّبُوا۟ بِهِۦ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْمُعْتَدِينَ
ثم بعثنا مِن بعد أولئك الرسل موسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون وأشراف قومه بالمعجزات الدالة على صدقهما، فاستكبروا عن قَبول الحق، وكانوا قومًا مشركين مجرمين مكذبين.
10
التفسير الميسر
75
ثُمَّ بَعَثْنَا مِنۢ بَعْدِهِم مُّوسَىٰ وَهَٰرُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَإِي۟هِۦ بِـَٔايَٰتِنَا فَٱسْتَكْبَرُوا۟ وَكَانُوا۟ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ
فلما أتى فرعونَ وقومَه الحقُّ الذي جاء به موسى قالوا: إن الذي جاء به موسى من الآيات إنما هو سحر ظاهر.
10
التفسير الميسر
76
فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوٓا۟ إِنَّ هَٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ
قال لهم موسى متعجبًا مِن قولهم: أتقولون للحق لما جاءكم: إنه سحر مبين؟ انظروا وَصْفَ ما جاءكم وما اشتمل عليه تجدوه الحق. ولا يفلح الساحرون، ولا يفوزون في الدنيا ولا في الآخرة.
10
التفسير الميسر
77
قَالَ مُوسَىٰٓ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هَٰذَا وَلَا يُفْلِحُ ٱلسَّٰحِرُونَ
قال فرعون وملؤه لموسى: أجئتنا لتصرفنا عما وجدنا عليه آباءنا من عبادة غير الله، وتكون لكما أنت وهارون العظمة والسلطان في أرض "مصر"؟ وما نحن لكما بمقرِّين بأنكما رسولان أُرسلتما إلينا؛ لنعبد الله وحده لا شريك له.
10
التفسير الميسر
78
قَالُوٓا۟ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآءُ فِى ٱلْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ
وقال فرعون: جيئوني بكل ساحر متقن للسحر.
10
التفسير الميسر
79
وَقَالَ فِرْعَوْنُ ٱئْتُونِى بِكُلِّ سَٰحِرٍ عَلِيمٍ
فلما جاء السحرة فرعون قال لهم موسى: ألقوا على الأرض ما معكم من حبالكم وعصيِّكم.
10
التفسير الميسر
80
فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَىٰٓ أَلْقُوا۟ مَآ أَنتُم مُّلْقُونَ
فلما ألقَوا حبالهم وعصيَّهم قال لهم موسى: إنَّ الذي جئتم به وألقيتموه هو السحر، إن الله سيُذْهب ما جئتم به وسيُبطله، إن الله لا يصلح عمل مَن سعى في أرض الله بما يكرهه، وأفسد فيها بمعصيته.
10
التفسير الميسر
81
فَلَمَّآ أَلْقَوْا۟ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُۥٓ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ
ويثبِّت الله الحق الذي جئتكم به من عنده فيُعليه على باطلكم بكلماته وأمره، ولو كره المجرمون أصحاب المعاصي مِن آل فرعون.
10
التفسير الميسر
82
وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ
فما آمن لموسى عليه السلام مع ما أتاهم به من الحجج والأدلة إلا ذرية من قومه من بني إسرائيل، وهم خائفون من فرعون وملئه أن يفتنوهم بالعذاب، فيصدُّوهم عن دينهم، وإن فرعون لَجبار مستكبر في الأرض، وإنه لمن المتجاوزين الحد في الكفر والفساد.
10
التفسير الميسر
83
فَمَآ ءَامَنَ لِمُوسَىٰٓ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِۦ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَإِي۟هِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِى ٱلْأَرْضِ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ
وقال موسى: يا قومي إن صدقتم بالله -جلَّ وعلا- وامتثلتم شرعه فثقوا به، وسلِّموا لأمره، وعلى الله توكلوا إن كنتم مذعنين له بالطاعة.
10
التفسير الميسر
84
وَقَالَ مُوسَىٰ يَٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوٓا۟ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ
فقال قوم موسى له: على الله وحده لا شريك له اعتمدنا، وإليه فوَّضنا أمرنا، ربنا لا تنصرهم علينا فيكون ذلك فتنة لنا عن الدين، أو يُفتن الكفارُ بنصرهم، فيقولوا: لو كانوا على حق لما غُلبوا.
10
التفسير الميسر
85
فَقَالُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ
ونجِّنا برحمتك من القوم الكافرين فرعون وملئه؛ لأنهم كانوا يأخذونهم بالأعمال الشاقة.
10
التفسير الميسر
86
وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَٰفِرِينَ
وأوحينا إلى موسى وأخيه هارون أن اتخذا لقومكما بيوتًا في "مصر" تكون مساكن وملاجئ تعتصمون بها، واجعلوا بيوتكم أماكن تصلُّون فيها عند الخوف، وأدُّوا الصلاة المفروضة في أوقاتها. وبشِّر المؤمنين المطيعين لله بالنصر المؤزر، والثواب الجزيل منه سبحانه وتعالى.
10
التفسير الميسر
87
وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَٱجْعَلُوا۟ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
وقال موسى: ربنا إنك أعطيت فرعون وأشراف قومه زينة من متاع الدنيا؛ فلم يشكروا لك، وإنما استعانوا بها على الإضلال عن سبيلك، ربنا اطمس على أموالهم، فلا ينتفعوا بها، واختم على قلوبهم حتى لا تنشرح للإيمان، فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الشديد الموجع.
10
التفسير الميسر
88
وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ ءَاتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُۥ زِينَةً وَأَمْوَٰلًا فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا۟ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰٓ أَمْوَٰلِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا۟ حَتَّىٰ يَرَوُا۟ ٱلْعَذَابَ ٱلْأَلِيمَ
قال الله تعالى لهما: قد أجيبت دعوتكما في فرعون وملئه وأموالهم -وكان موسى يدعو، وهارون يؤمِّن على دعائه، فمن هنا نسبت الدعوة إلى الاثنين- فاستقيما على دينكما، واستمرَّا على دعوتكما فرعون وقومه إلى توحيد الله وطاعته، ولا تسلكا طريق مَن لا يعلم حقيقة وعدي ووعيدي.
10
التفسير الميسر
89
قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ
وقطَعْنا ببني إسرائيل البحر حتى جاوزوه، فأتبعهم فرعون وجنوده ظلمًا وعدوانًا، فسلكوا البحر وراءهم، حتى إذا أحاط بفرعون الغرق قال: آمنتُ أنه لا إله إلا الذي آمنتْ به بنو إسرائيل، وأنا من الموحدين المستسلمين بالانقياد والطاعة.
10
التفسير الميسر
90
وَجَٰوَزْنَا بِبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُۥ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰٓ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ ءَامَنتُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱلَّذِىٓ ءَامَنَتْ بِهِۦ بَنُوٓا۟ إِسْرَٰٓءِيلَ وَأَنَا۠ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
آلآن يا فرعون، وقد نزل بك الموت تقرُّ لله بالعبودية، وقد عصيته قبل نزول عذابه بك، وكنت من المفسدين الصادين عن سبيله!! فلا تنفعك التوبة ساعة الاحتضار ومشاهدة الموت والعذاب.
10
التفسير الميسر
91
ءَآلْـَٰٔنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ
فاليوم نجعلك على مرتفع من الأرض ببدنك، ينظر إليك من كذَّب بهلاكك؛ لتكون لمن بعدك من الناس عبرة يعتبرون بك. فإن كثيرًا من الناس عن حججنا وأدلتنا لَغافلون، لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون.
10
التفسير الميسر
92
فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءَايَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنْ ءَايَٰتِنَا لَغَٰفِلُونَ
ولقد أنزلنا بني إسرائيل منزلا صالحًا مختارًا في بلاد "الشام" و"مصر"، ورزقناهم الرزق الحلال الطيب من خيرات الأرض المباركة، فما اختلفوا في أمر دينهم إلا مِن بعد ما جاءهم العلم الموجب لاجتماعهم وائتلافهم، ومن ذلك ما اشتملت عليه التوراة من الإخبار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم. إن ربك -أيها الرسول- يقضي بينهم يوم القيامة، ويَفْصِل فيما كانوا يختلفون فيه من أمرك، فيدخل المكذبين النار والمؤمنين الجنة.
10
التفسير الميسر
93
وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ فَمَا ٱخْتَلَفُوا۟ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُوا۟ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
فإن كنت -أيها الرسول- في ريب من حقيقة ما أخبرناك به فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك من أهل التوراة والإنجيل، فإن ذلك ثابت في كتبهم، لقد جاءك الحق اليقين من ربك بأنك رسول الله، وأن هؤلاء اليهود والنصارى يعلمون صحة ذلك، ويجدون صفتك في كتبهم، ولكنهم ينكرون ذلك مع علمهم به، فلا تكوننَّ من الشاكِّين في صحة ذلك وحقيقته.
10
التفسير الميسر
94
فَإِن كُنتَ فِى شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَسْـَٔلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَٰبَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَآءَكَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ
ولا تكونن -أيها الرسول- من الذين كذَّبوا بحجج الله وأدلته فتكون من الخاسرين الذين سخِطَ الله عليهم ونالوا عقابه.
10
التفسير الميسر
95
وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ
إن الذين حقَّت عليهم كلمة ربك -أيها الرسول- بطردهم من رحمته وعذابه لهم، لا يؤمنون بحجج الله، ولا يقرُّون بوحدانيته، ولا يعملون بشرعه.
10
التفسير الميسر
96
إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ
ولو جاءتهم كل موعظة وعبرة حتى يعاينوا العذاب الموجع، فحينئذ يؤمنون، ولا ينفعهم إيمانهم.
10
التفسير الميسر
97
وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ ءَايَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُا۟ ٱلْعَذَابَ ٱلْأَلِيمَ
لم ينفع الإيمان أهل قرية آمنوا عند معاينة العذاب إلا أهل قرية يونس بن مَتَّى، فإنهم لـمَّا أيقنوا أن العذاب نازل بهم تابوا إلى الله تعالى توبة نصوحا، فلمَّا تبيَّن منهم الصدق في توبتهم كشف الله عنهم عذاب الخزي بعد أن اقترب منهم، وتركهم في الدنيا يستمتعون إلى وقت إنهاء آجالهم.
10
التفسير الميسر
98
فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ ءَامَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَٰنُهَآ إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ ءَامَنُوا۟ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْىِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَمَتَّعْنَٰهُمْ إِلَىٰ حِينٍ
ولو شاء ربك -أيها الرسول- الإيمان لأهل الأرض كلهم لآمنوا جميعًا بما جئتهم به، ولكن له حكمة في ذلك؛ فإنه يهدي من يشاء ويضل من يشاء وَفْق حكمته، وليس في استطاعتك أن تُكْره الناس على الإيمان.
10
التفسير الميسر
99
وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَءَامَنَ مَن فِى ٱلْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا۟ مُؤْمِنِينَ
وما كان لنفس أن تؤمن بالله إلا بإذنه وتوفيقه، فلا تُجهد نفسك في ذلك، فإن أمرهم إلى الله. ويجعل الله العذاب والخزي على الذين لا يعقلون أمره ونهيه.
10
التفسير الميسر
100
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَجْعَلُ ٱلرِّجْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ
قل -أيها الرسول- لقومك: تفكروا واعتبروا بما في السموات والأرض من آيات الله البينات، ولكن الآيات والعبر والرسل المنذرة عباد الله عقابه، لا تنفع قومًا لا يؤمنون بشيء من ذلك؛ لإعراضهم وعنادهم.
10
التفسير الميسر
101
قُلِ ٱنظُرُوا۟ مَاذَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا تُغْنِى ٱلْءَايَٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ
فهل ينتظر هؤلاء إلا يومًا يعاينون فيه عذاب الله مثل أيام أسلافهم المكذبين الذين مَضَوا قبلهم؟ قل لهم -أيها الرسول-: فانتظروا عقاب الله إني معكم من المنتظرين عقابكم.
10
التفسير الميسر
102
فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ ٱلَّذِينَ خَلَوْا۟ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَٱنتَظِرُوٓا۟ إِنِّى مَعَكُم مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ
ثم ننجِّي رسلنا والذين آمنوا معهم، وكما نجينا أولئك ننجِّيك -أيها الرسول- ومن آمن بك تفضلا منَّا ورحمة.
10
التفسير الميسر
103
ثُمَّ نُنَجِّى رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
قل -أيها الرسول- لهؤلاء الناس: إن كنتم في شك من صحة ديني الذي دعوتكم إليه، وهو الإسلام ومن ثباتي واستقامتي عليه، وترجون تحويلي عنه، فإني لا أعبد في حال من الأحوال أحدًا من الذين تعبدونهم مما اتخذتم من الأصنام والأوثان، ولكن أعبد الله وحده الذي يميتكم ويقبض أرواحكم، وأُمِرْت أن أكون من المصدِّقين به العاملين بشرعه.
10
التفسير الميسر
104
قُلْ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى شَكٍّ مِّن دِينِى فَلَآ أَعْبُدُ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِنْ أَعْبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِى يَتَوَفَّىٰكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
وأن أقم -أيها الرسول- نفسك على دين الإسلام مستقيمًا عليه غير مائل عنه إلى يهودية ولا نصرانية ولا عبادة غيره، ولا تكونن ممن يشرك في عبادة ربه الآلهة والأنداد، فتكون من الهالكين. وهذا وإن كان خطابًا للرسول صلى الله عليه وسلَّم فإنه موجَّه لعموم الأمة.
10
التفسير الميسر
105
وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
ولا تَدْعُ -أيها الرسول- من دون الله شيئًا من الأوثان والأصنام؛ لأنها لا تنفع ولا تضرُّ، فإن فعَلْت ذلك ودعوتها من دون الله فإنك إذًا من المشركين بالله، الظالمين لأنفسهم بالشرك والمعصية. وهذا وإن كان خطابًا للرسول صلى الله عليه وسلَّم فإنه موجَّه لعموم الأمة.
10
التفسير الميسر
106
وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ ٱلظَّٰلِمِينَ
وإن يصبك الله -أيها الرسول- بشدة أو بلاء فلا كاشف لذلك إلا هو جلَّ وعلا وإن يُرِدْك برخاء أو نعمة لا يمنعه عنك أحد، يصيب الله عز وجل بالسراء والضراء من يشاء من عباده، وهو الغفور لذنوب مَن تاب، الرحيم بمن آمن به وأطاعه.
10
التفسير الميسر
107
وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَآدَّ لِفَضْلِهِۦ يُصِيبُ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِۦ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
قل -أيها الرسول- لهؤلاء الناس: قد جاءكم رسول الله بالقرآن الذي فيه بيان هدايتكم، فمن اهتدى بهدي الله فإنما ثمرة عمله راجعة إليه، ومن انحرف عن الحق وأصرَّ على الضلال فإنما ضلاله وضرره على نفسه، وما أنا موكَّل بكم حتى تكونوا مؤمنين، إنما أنا رسول مبلِّغ أبلِّغكم ما أُرْسِلْت به.
10
التفسير الميسر
108
قُلْ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِۦ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَآ أَنَا۠ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ
واتبع -أيها الرسول- وحي الله الذي يوحيه إليك فاعمل به، واصبر على طاعة الله تعالى، وعن معصيته، وعلى أذى من آذاك في تبليغ رسالته، حتى يقضي الله فيهم وفيك أمره، وهو -عزَّ وجل- خير الحاكمين؛ فإن حكمه مشتمل على العدل التام.
10
التفسير الميسر
109
وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيْكَ وَٱصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَٰكِمِينَ
(الر) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.
11
التفسير الميسر
1
بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ الٓر كِتَٰبٌ أُحْكِمَتْ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ
وإنزال القرآن وبيان أحكامه وتفصيلها وإحكامها؛ لأجل أن لا تعبدوا إلا الله وحده لا شريك له. إنني لكم -أيها الناس- من عند الله نذير ينذركم عقابه، وبشير يبشِّركم بثوابه.
11
التفسير الميسر
2
أَلَّا تَعْبُدُوٓا۟ إِلَّا ٱللَّهَ إِنَّنِى لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ
واسألوه أن يغفر لكم ذنوبكم، ثم ارجعوا إليه نادمين يمتعْكم في دنياكم متاعًا حسنًا بالحياة الطيبة فيها، إلى أن يحين أجلكم، ويُعطِ كل ذي فضل من علم وعمل جزاء فضله كاملا لا نقص فيه، وإن تعرضوا عمَّا أدعوكم إليه فإني أخشى عليكم عذاب يوم شديد، وهو يوم القيامة. وهذا تهديد شديد لمن تولَّى عن أوامر الله تعالى وكذَّب رسله.
11
التفسير الميسر
3
وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُوا۟ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوٓا۟ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَٰعًا حَسَنًا إِلَىٰٓ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِى فَضْلٍ فَضْلَهُۥ وَإِن تَوَلَّوْا۟ فَإِنِّىٓ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ
إلى الله رجوعكم بعد موتكم جميعًا فاحذروا عقابه، وهو سبحانه قادر على بعثكم وحشركم وجزائكم.
11
التفسير الميسر
4
إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ
إن هؤلاء المشركين يضمرون في صدورهم الكفر؛ ظنًا منهم أنه يخفى على الله ما تضمره نفوسهم، ألا يعلمون حين يغطُّون أجسادهم بثيابهم أن الله لا يخفى عليه سِرُّهم وعلانيتهم؟ إنه عليم بكل ما تُكِنُّه صدورهم من النيات والضمائر والسرائر.
11
التفسير الميسر
5
أَلَآ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا۟ مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُۥ عَلِيمٌۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
لقد تكفَّل الله برزق جميع ما دبَّ على وجه الأرض، تفضلا منه، ويعلم مكان استقراره في حياته وبعد موته، ويعلم الموضع الذي يموت فيه، كل ذلك مكتوب في كتاب عند الله مبين عن جميع ذلك.
11
التفسير الميسر
6
وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِى ٱلْأَرْضِ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِى كِتَٰبٍ مُّبِينٍ
وهو الذي خلق السماوات والأرض وما فيهن في ستة أيام، وكان عرشه على الماء قبل ذلك؛ ليختبركم أيكم أحسن له طاعةً وعملا وهو ما كان خالصًا لله موافقًا لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولئن قلت -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين من قومك: إنكم مبعوثون أحياءً بعد موتكم، لسارعوا إلى التكذيب وقالوا: ما هذا القرآن الذي تتلوه علينا إلا سحر بيِّن.
11
التفسير الميسر
7
وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُۥ عَلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِنۢ بَعْدِ ٱلْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِنْ هَٰذَآ إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ
ولئن أخَّرنا عن هؤلاء المشركين العذاب إلى أجل معلوم فاستبطؤوه، ليقولُنَّ استهزاء وتكذيبًا: أي شيء يمنع هذا العذاب من الوقوع إن كان حقًا؟ ألا يوم يأتيهم ذلك العذاب لا يستطيع أن يصرفه عنهم صارف، ولا يدفعه دافع، وأحاط بهم من كل جانب عذاب ما كانوا يستهزئون به قبل وقوعه بهم.
11
التفسير الميسر
8
وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰٓ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُۥٓ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا۟ بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ
ولئن أعطينا الإنسان مِنَّا نعمة من صحة وأمن وغيرهما، ثم سلبناها منه، إنه لَشديد اليأس من رحمة الله، جَحود بالنعم التي أنعم الله بها عليه.
11
التفسير الميسر
9
وَلَئِنْ أَذَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَٰهَا مِنْهُ إِنَّهُۥ لَيَـُٔوسٌ كَفُورٌ
ولئن بسطنا للإنسان في دنياه ووسَّعنا عليه في رزقه بعد ضيق من العيش، ليقولَنَّ عند ذلك: ذهب الضيق عني وزالت الشدائد، إنه لبَطِر بالنعم، مبالغ في الفخر والتعالي على الناس.
11
التفسير الميسر
10
وَلَئِنْ أَذَقْنَٰهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّـَٔاتُ عَنِّىٓ إِنَّهُۥ لَفَرِحٌ فَخُورٌ
لكن الذين صبروا على ما أصابهم من الضراء إيمانًا بالله واحتسابًا للأجر عنده، وعملوا الصالحات شكرا لله على نعمه، هؤلاء لهم مغفرة لذنوبهم وأجر كبير في الآخرة.
11
التفسير الميسر
11
إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أُو۟لَٰٓئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ
فلعلك -أيها الرسول لعظم ما تراه منهم من الكفر والتكذيب- تارك بعض ما يوحى إليك مما أنزله الله عليك وأمرك بتبليغه، وضائق به صدرك؛ خشية أن يطلبوا منك بعض المطالب على وجه التعنت، كأن يقولوا: لولا أُنزل عليه مال كثير، أو جاء معه ملك يصدقه في رسالته، فبلغهم ما أوحيته إليك؛ فإنه ليس عليك إلا الإنذار بما أُوحي إليك. والله على كل شيء حفيظ يدَبِّر جميع شؤون خلقه.
11
التفسير الميسر
12
فَلَعَلَّكَ تَارِكٌۢ بَعْضَ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌۢ بِهِۦ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا۟ لَوْلَآ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُۥ مَلَكٌ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ
بل أيقول هؤلاء المشركون من أهل "مكة": إن محمدًا قد افترى هذا القرآن؟ قل لهم: إن كان الأمر كما تزعمون فأتوا بعشر سور مثله مفتريات، وادعوا من استطعتم من جميع خلق الله ليساعدوكم على الإتيان بهذه السور العشر، إن كنتم صادقين في دعواكم.
11
التفسير الميسر
13
أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰهُ قُلْ فَأْتُوا۟ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِۦ مُفْتَرَيَٰتٍ وَٱدْعُوا۟ مَنِ ٱسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ
فإن لم يستجب هؤلاء المشركون لكم -أيها الرسول ومَن آمن معك- لما تدعونهم إليه؛ لِعَجْز الجميع عن ذلك، فاعلموا أن هذا القرآن إنما أنزله الله على رسوله بعلمه وليس من قول البشر، واعلموا أن لا إله يُعبد بحق إلا الله، فهل أنتم -بعد قيام هذه الحجة عليكم- مسلمون منقادون لله ورسوله؟
11
التفسير الميسر
14
فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا۟ لَكُمْ فَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ وَأَن لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ
من كان يريد بعمله الحياة الدنيا ومُتَعها نعطهم ما قُسِم لهم من ثواب أعمالهم في الحياة الدنيا كاملا غير منقوص.
11
التفسير الميسر
15
مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَٰلَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ
أولئك ليس لهم في الآخرة إلا نار جهنم يقاسون حرَّها، وذهب عنهم نَفْع ما عملوه، وكان عملهم باطلا لأنه لم يكن لوجه الله.
11
التفسير الميسر
16
أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِى ٱلْءَاخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا۟ فِيهَا وَبَٰطِلٌ مَّا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ
أفمَن كان على حجة وبصيرة من ربه فيما يؤمن به، ويدعو إليه بالوحي الذي أنزل الله فيه هذه البينة، ويتلوها برهان آخر شاهد منه، وهو جبريل أو محمد عليهما السلام، ويؤيد ذلك برهان ثالث من قبل القرآن، وهو التوراة -الكتاب الذي أنزل على موسى إمامًا ورحمة لمن آمن به-، كمن كان همه الحياة الفانية بزينتها؟ أولئك يصدِّقون بهذا القرآن ويعملون بأحكامه، ومن يكفر بهذا القرآن من الذين تحزَّبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزاؤه النار، يَرِدُها لا محالة، فلا تك -أيها الرسول- في شك من أمر القرآن وكونه من عند الله تعالى بعد ما شهدت بذلك الأدلة والحجج، واعلم أن هذا الدين هو الحق من ربك، ولكن أكثر الناس لا يصدِّقون ولا يعملون بما أُمروا به. وهذا توجيه عام لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.
11
التفسير الميسر
17
أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِۦ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامًا وَرَحْمَةً أُو۟لَٰٓئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِۦ وَمَن يَكْفُرْ بِهِۦ مِنَ ٱلْأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُۥ فَلَا تَكُ فِى مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ
ولا أحد أظلم ممن اختلق على الله كذبًا، أولئك سيعرضون على ربهم يوم القيامة؛ ليحاسبهم على أعمالهم، ويقول الأشهاد من الملائكة والنبيين وغيرهم: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم في الدنيا قد سخط الله عليهم، ولعنهم لعنة لا تنقطع؛ لأن ظلمهم صار وصفًا ملازمًا لهم.
11
التفسير الميسر
18
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أُو۟لَٰٓئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ ٱلْأَشْهَٰدُ هَٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُوا۟ عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّٰلِمِينَ
هؤلاء الظالمون الذين يمنعون الناس عن سبيل الله الموصلة إلى عبادته، ويريدون أن تكون هذه السبيل عوجاء بموافقتها لأهوائهم، وهم كافرون بالآخرة لا يؤمنون ببعث ولا جزاء.
11
التفسير الميسر
19
ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِٱلْءَاخِرَةِ هُمْ كَٰفِرُونَ
أولئك الكافرون لم يكونوا ليفوتوا الله في الدنيا هربًا، وما كان لهم مِن أنصار يمنعونهم من عقابه. يضاعَفُ لهم العذاب في جهنم؛ لأنهم كانوا لا يستطيعون أن يسمعوا القرآن سماع منتفع، أو يبصروا آيات الله في هذا الكون إبصار مهتد؛ لاشتغالهم بالكفر الذي كانوا عليه مقيمين.
11
التفسير الميسر
20
أُو۟لَٰٓئِكَ لَمْ يَكُونُوا۟ مُعْجِزِينَ فِى ٱلْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ يُضَٰعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ مَا كَانُوا۟ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ وَمَا كَانُوا۟ يُبْصِرُونَ
أولئك الذين خسروا أنفسهم بافترائهم على الله، وذهب عنهم ما كانوا يفترون من الآلهة التي يدَّعون أنها تشفع لهم.
11
التفسير الميسر
21
أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا۟ يَفْتَرُونَ
حقًا أنهم في الآخرة أخسر الناس صفقة؛ لأنهم استبدلوا الدركات بالدرجات، فكانوا في جهنم، وذلك هو الخسران المبين.
11
التفسير الميسر
22
لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِى ٱلْءَاخِرَةِ هُمُ ٱلْأَخْسَرُونَ
إن الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا الأعمال الصالحة، وخضعوا لله في كل ما أُمروا به ونُهوا عنه، أولئك هم أهل الجنة، لا يموتون فيها، ولا يَخْرجون منها أبدًا.
11
التفسير الميسر
23
إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَأَخْبَتُوٓا۟ إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُو۟لَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ
مثل فريقَي الكفر والإيمان كمثل الأعمى الذي لا يرى والأصم الذي لا يسمع والبصير والسميع: ففريق الكفر لا يبصر الحق فيتبعه، ولا يسمع داعي الله فيهتدي به، أما فريق الإيمان فقد أبصر حجج الله وسمع داعي الله فأجابه، هل يستوي هذان الفريقان؟ أفلا تعتبرون وتتفكرون؟
11
التفسير الميسر
24
مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ كَٱلْأَعْمَىٰ وَٱلْأَصَمِّ وَٱلْبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فقال لهم: إني نذير لكم من عذاب الله، مبيِّن لكم ما أُرسلت به إليكم من أمر الله ونهيه.
11
التفسير الميسر
25
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِۦٓ إِنِّى لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
آمركم ألا تعبدوا إلا الله، إني أخاف عليكم -إن لم تفردوا الله وحده بالعبادة- عذاب يوم موجع.
11
التفسير الميسر
26
أَن لَّا تَعْبُدُوٓا۟ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّىٓ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ
فقال رؤساء الكفر من قومه: إنك لست بمَلَك ولكنك بشر، فكيف أُوحي إليك مِن دوننا؟ وما نراك اتبعك إلا الذين هم أسافلنا وإنما اتبعوك من غير تفكر ولا رويَّة، وما نرى لكم علينا من فضل في رزق ولا مال لـمَّا دخلتم في دينكم هذا، بل نعتقد أنكم كاذبون فيما تدَّعون.
11
التفسير الميسر
27
فَقَالَ ٱلْمَلَأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ مِن قَوْمِهِۦ مَا نَرَىٰكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَىٰكَ ٱتَّبَعَكَ إِلَّا ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِىَ ٱلرَّأْىِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍۭ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَٰذِبِينَ
قال نوح: يا قومي أرأيتم إن كنتُ على حجة ظاهرة من ربي فيما جئتكم به تبيِّن لكم أنني على الحق من عنده، وآتاني رحمة من عنده، وهي النبوة والرسالة فأخفاها عليكم بسبب جهلكم وغروركم، فهل يصح أن نُلْزمكم إياها بالإكراه وأنتم جاحدون بها؟ لا نفعل ذلك، ولكن نَكِل أمركم إلى الله حتى يقضي في أمركم ما يشاء.
11
التفسير الميسر
28
قَالَ يَٰقَوْمِ أَرَءَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّى وَءَاتَىٰنِى رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِۦ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَٰرِهُونَ