source
stringclasses
14 values
url
stringlengths
22
129
date_extracted
stringlengths
19
19
title
stringlengths
0
181
author
stringlengths
0
255
content
stringlengths
0
33.7k
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410296/الأورغوياني-ألفونسو-يقود-هجوم-الشباب
2015-07-21 02:58:35
الأورغوياني ألفونسو يقود هجوم الشباب
الرياض: أحمد العرياني
أنهت إدارة الشباب التعاقد مع الأورغوياني ماوريسيو ألفونسو (23 عامًا) مهاجم نادي راسينغ كلوب الأورغوياني لمدة عام واحد مع أفضلية شراء العقد للفريق الشبابي. وجاء التعاقد مع ألفونسو كمهاجم صريح من قبل ألفارو غوتيريز مدرب الفريق الذي يرى فيه المواصفات الفنية المطلوبة من قدرات فنية عالية وطول القامة والقدرة على الألعاب الهوائية وهي الملاحظات التي سجلها على مهاجمي الفريق الموسم الماضي. وانضم ألفونسو لماوريسيو ألفارو ودييغو أرزمنيدي من الأورغواي والبرازيلي رافينها، بانتظار اللاعب الآسيوي حيث لدى المفاوض الشبابي عدد من اللاعبين من كوريا الجنوبية والدول العربية والخليجية. وفي النطاق ذاته، شرع المفاوض الشبابي في جس نبض الإدارة الشبابية بخصوص إعارة لاعب الوسط بالنادي الأهلي أحمد العوفي الذي طالب مدرب النادي الأهلي تسويقة لعدم الحاجة الفنية له، وإذا تحصل المفاوض الشبابي على موافقة إدارة النادي الأهلي، فسيرسل عرضًا لضم اللاعب سواء بالإعارة أو بشراء العقد. الجدير بالذكر أن اللاعب أحمد العوفي أحد أبناء أكاديمية النادي الأهلي وضم لكل المنتخبات السنية، وكان يعتبر أحد المواهب الشابة التي ينتظر منها الكثير، إلا أنه اصطدم بقناعات المدرب السويسري غروس الذي أكد أن إمكانات اللاعب لا تتناسب وطريقته الفنية، مما جعل الإدارة الأهلاوية تدرس طرق الاستفادة منه وتسويقه. من جهة أخرى، أرسلت الإدارة الشبابية مبلغ مليون ومائة ألف دولار للنادي الإسماعيلي كدفعتين أخيرتين من صفقة انتقال اللاعب الغاني جون أنطوي، ولتغلق ملف النادي الإسماعيلي نهائيًا. يذكر أن اللاعب جون أنطوي قد وقع للنادي الأهلي المصري بنظام شراء العقد من نادي الشباب بقيمة مليون دولار.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410301/مدرب-الهلال-يستغني-عن-الحمد-والبيشي
2015-07-21 02:58:37
مدرب الهلال يستغني عن الحمد والبيشي
الرياض: فارس السبيعي
قرر جوريجيوس دونيس المدير الفني للفريق الأول بنادي الهلال الاستغناء عن الثنائي حمد الحمد وسلطان البيشي، فيما خلت قائمة لاعبي الهلال التي وصلت يوم أمس إلى النمسا من اسميهما. وعلمت «الشرق الأوسط» أن إدارة نادي الهلال تدرس عرضين من نادي الشباب والفتح لكسب خدمات اللاعب حمد الحمد فيما حثت البيشي على البحث عن ناد آخر للانتقال إليه. وكانت البعثة الهلالية، غادرت عصر أمس عبر طائرة خاصة، بـ31 لاعبًا هم خالد شراحيلي، عبد الله السديري، فهد الثنيان، محمد الواكد، عبد الله الزوري، عبد الله الشامخ، أحمد شراحيلي، كواك تاي هي، رودريغو جونيور ديجاو، عبد الله الحافظ، محمد جحفلي، محمد البريك، ياسر الشهراني، سعود كريري، محمد القرني، عبد الله عطيف، سلمان الفرج، فيصل درويش، خالد كعبي، سالم الدوسري، عبد العزيز الدوسري، نواف العابد، محمد الشلهوب، عبد الكريم القحطاني، كارلوس إدواردو أوليفيرا، عبد المجيد السواط، يونس العليوي، يوسف السالم، التون خوسيه الميدا، ياسر القحطاني، ناصر الشمراني. وسيقيم الفريق معسكرًا تدريبيًا يستمر حتى العاشر من شهر أغسطس (آب) المقبل في مدينة سالزبورغ، يغادر بعدها إلى لندن ليلعب مع غريمه التقليدي النصر في مباراة كأس السوبر السعودي يوم الثاني عشر من أغسطس ليعود في اليوم التالي للرياض ويستعد لانطلاقة دوري المحترفين السعودي حيث سيواجه الوحدة في افتتاحية مشواره.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410311/سان-جيرمان-يلبي-طلبات-كافاني-للحيلولة-دون-انتقاله-ليونايتد
2015-07-21 02:58:38
سان جيرمان يلبي طلبات كافاني للحيلولة دون انتقاله ليونايتد
لندن: «الشرق الأوسط»
حصل المهاجم الدولي الأوروغوياني أدينسون كافاني على ضمانات من فريقه الحالي باريس سان جيرمان الفرنسي باللعب كرأس حربه الموسم المقبل وهو الأمر الذي جعله يغير من فكرته في الرحيل والانتقال إلى مانشستر يونايتد الإنجليزي. وورد اسم كافاني (28 عاما) كأحد اللاعبين الذين يسعى يونايتد إلى ضمهم بعد رحيل الهولندي روبن فان بيرسي إلى فنار بخشة التركي وانتهاء فترة إعارة الكولومبي راداميل فالكاو من موناكو الفرنسي الذي أعاره لغريم «الشياطين الحمر» تشيلسي بطل الدوري الممتاز. لكن وولتر غولييلموني، وهو الأخ غير الشقيق لكافاني ومدير أعماله أيضا، كشف عن أن لاعب نابولي الإيطالي حصل على ضمانات من باريس سان جيرمان بأن يستخدمه الأخير كرأس الحربة الأساسي في الفريق، ما دفعه إلى العودة عن قرار الرحيل عن بطل الدوري الفرنسي الذي دفع في 2013 مبلغ 64.5 مليون يورو للحصول على خدماته. واكتفى كافاني في غالبية المباريات التي خاضها مع سان جيرمان خلال الموسمين المنصرمين بلعب دور الجناح في ظل وجود السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، لكن ذلك لم يمنعه من الوصول إلى الشباك في 56 مناسبة حتى الآن. وفي ظل امتعاض كافاني من اللعب بعيدا عن منطقة الجزاء، تحرك يونايتد في محاولة للاستفادة من رغبة سان جيرمان بضم الجناح الأرجنتيني أنخيل دي ماريا ومبادلة الأخير بالمهاجم الأوروغوياني الذي يثير اهتمام الكثير من الأندية الكبرى بحسب ما أكد غولييلموني للصحيفة الأسبوعية الفرنسية «جورنال دو ديمانش»، قائلا: «أعربت أندية أوروبية كبرى تسعى إلى ضم مهاجم عن اهتمامها بجهود (كافاني) هذا الصيف». وتابع: «لم يستمع إليها لأنه حصل منذ نهاية الموسم الماضي على ضمانات بشأن مركزه. لقد علمنا بأن إبراهيموفيتش سيلعب بعيدا عن منطقة الجزاء من أجل الحصول على الكرة بشكل أكبر، ما يترك مركز المهاجم لكافاني من أجل أن يشغله، كما حصل في عدة مناسبات خلال أواخر موسم 2014 - 2015. وفي ظروف مماثلة، كافاني سيكون سعيدا في باريس سان جيرمان». وفي إنجلترا ذكرت شبكة «بي بي سي» ووسائل إعلام بريطانية أخرى أمس، أن نادي ليفربول توصل إلى اتفاق نهائي مع مواطنه أستون فيلا لضم مهاجم الأخير ومنتخب بلجيكا لكرة القدم كريستيان بينتيكي إلى صفوفه مقابل 32.5 مليون جنيه إسترليني (46.8 مليون يورو). وسيخضع بينتيكي (24 عاما) الآن إلى الفحص الطبي الذي سيشرف عليه طبيب النادي الذي سيعود من الجولة الإعدادية للفريق بأستراليا. ومن غير المتوقع أن يلحق بينتيكي بالفريق في جولته الإعدادية للموسم الجديد. وكان بينتيكي انضم إلى صفوف أستون فيلا قادما من غنك البلجيكي عام 2012 مقابل 7 ملايين جنيه إسترليني وسجل له 49 هدفا في 101 مباراة. وسجل بينتيكي 12 هدفا لأستون فيلا الموسم الماضي وساهم في إنقاذه من الهبوط إلى الدرجة الثانية. ويأتي تعاقد ليفربول مع بينتيكي، الذي كان عقده مع أستون فيلا سينتهي بعد عامين، عقب رحيل نجمه رحيم سترلينغ إلى صفوف مانشستر سيتي مقابل صفقة قياسية بلغت 49 مليون جنيه إسترليني. وفي إيطاليا ذكرت تقارير أمس أن نادي يوفنتوس بطل الدوري توصل لاتفاق مع ماريو غوتزه نجم المنتخب الألماني ونادي بايرن ميونيخ. ووفقا لصحيفة «لا غازيتا ديللو سبورت» فإن جوزيبي ماروتا مدير نادي يوفنتوس التقى مع ممثلي غوتزه وقدم عرضا لشراء اللاعب، ولكن يتعين على النادي الإيطالي إقناع بايرن ميونيخ ببيع اللاعب. وأشارت صحيفة «لا غازيتا ديللو سبورت» إلى أن يوفنتوس يسعى لضم غوتزه لخمسة مواسم مقابل 6 ملايين يورو سنويا للاعب. والمح غوتزه إلى إمكانية انتقاله إلى الدوري الإيطالي، حيث قال: «يوفنتوس نادٍ كبير جدا واللعب في الخارج قد يكون جيدا». وفي ظل اقتراب بايرن ميونيخ من شراء النجم التشيلي ليوفنتوس أرتورو فيدال، رجحت وسائل الإعلام إمكانية دخول غوتزه في صفقة مقايضة حيث ينتقل إلى يوفنتوس على سبيل الإعارة لمدة موسمين مع إمكانية شرائه بشكل نهائي مقابل 30 مليون يورو.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410631/من-دون-معالجة-الخلفية-السياسية-لا-فرصة-لنجاح-الحرب-على-«داعش»
2015-07-21 02:58:40
من دون معالجة الخلفية السياسية.. لا فرصة لنجاح الحرب على «داعش»
بيروت: منى علمي
يحتدم الجدل منذ وقت غير قصير بين المحللين السياسيين والخبراء الأمنيين حول أنجع السبل للتصدي للإرهاب واستئصاله.. فثمة فريق يؤمن بأنه ليس هناك إطلاقا ما يبرّر الجرائم الإرهابية، لا سيما تلك التي تنطوي على فظائع صادمة كتلك التي يقترفها تنظيم «داعش»، وقبله العمليات الخطرة ضد المدنيين التي ادعى مسؤوليته عنها تنظيم «القاعدة» كهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2011 في نيويورك وواشنطن. وفي المقابل، يرى آخرون أن تجفيف منابع الإرهاب لا بد أن يشمل مقاربات سياسية عقلانية وواقعية، ويعد أن تحليل الجذور الدينية والفكرية والبيئية والسياسية والمصلحية للحركات والتنظيمات الإرهابية خطوة لا بد منها لفهم كيفية تحوّل الإحباط والغضب إلى حركات تنتهج العنف، أو كيف تعمد بعض الجماعات إلى تشويه المفاهيم التعليمية والتلقينية عند الشباب فتحرفهم عن الفهم السليم للدين وتجندهم لخدمة مخططاتها المتطرفة. كثر الحديث عن تنظيم «داعش» المتطرف وعن سبل محاربته. وحتى اليوم، ركّز التحالف الغربي والعربي من جهته على ضرب قوة التنظيم العسكرية في العراق من خلال حرب جوية مع دعم أرضي تولته قوات عراقية مسلّحة يغلب عليها الطابع الطائفي. وأعلنت «خلية الصقور» الاستخباراتية، الخميس الماضي، بحسب موقع «المدى» العراقي، عن مقتل أكثر من 53 عنصرًا في التنظيم، بينهم قياديون؛ أبرزهم المسؤول العسكري للتنظيم ومسؤول تجهيز الانتحاريين، بقصف جوي عراقي في ثلاث عمليات منفصلة غرب مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار في غرب العراق. غير أن هذا النهج، الذي قد يبدو في الظاهر مناسبًا للجميع، مع إصابة كثير من مسؤولي التنظيم، لا يأخذ في الاعتبار - إلا قليلاً - الواقع القائل إن «داعش» تنظيم إرهابي لها حساباته ومخطّطاته الخاصة، وإن الإرهاب هو أسلوب من أساليب الحرب التي تستخدمها تنظيمات من هذا النوع لتحقيق أهداف سياسية شتى. ذلك أن قتال «داعش» في ميدان المعركة فقط ستكون له نتائج محدودة ما لم يترافق، فعليًا، مع عملية سياسية شاملة. لقد تمكن تنظيم داعش من تأمين ديمومته، لا بل شهد كثيرا من التغيّرات والتحوّلات إبّان الحرب الدائرة في سوريا، وأيضا نتيجة الفراغ الأمني الذي أعقب رحيل القوات الأميركية الأخيرة من العراق. بالنسبة لكثيرين، يتمثل الهدف الأساسي للتنظيم في «إقامة دولة إسلامية» - وفق مفهومه طبعًا - في مناطق الكثافة السنّيّة في العراق وفي سوريا، إلا أنه في شهر أبريل (نيسان) الماضي، كشفت مجلة «دير شبيغل» الألمانية ملفّات سرّية يملكها سمير عبد محمد الخلفاوي، المعروف أيضا باسم «حجي أبو بكر»، وهو عضو في تنظيم داعش وضابط استخبارات سابق في الجيش العراقي، تضمنّت معلومات ومخططات لما يعرّفه اليوم باسم «الدولة الإسلامية» المزعومة. وأظهرت هذه المخططات كيف ينظر حجي أبو بكر إلى الدين باعتباره وسيلة فعّالة للتجنيد تحت راية «الدولة الإسلامية» المزعومة، ومصدرًا لا ينضب لتدفق المقاتلين. لقد كان لهذا الكيان الجديد، الذي نشأ وتطوّر في خضم الفوضى العارمة في سوريا والعراق، هدف أساسي واحد: بناء دولة تسمح للسنّة باستعادة زمام السلطة بعدما خسروها في الحكومة العراقية التي يسيطر عليها الشيعة حاليًا بشكل أساسي. وهكذا وقع الخبراء ووسائل الإعلام في فخ حجي أبو بكر، وانغمسوا في مناقشات وتحاليل مطوّلة ومعمّقة حول ما إذا كان تنظيم داعش إسلاميا أم لا. وفي هذا السياق، انكبّوا على دراسة كثير من أشرطة الفيديو المرعبة حول أساليب «داعش» الهمجية التي تظهر فظائع الذبح والحرق والقتل إغراقًا التي استهدفت كل من اعتبره التنظيم «عدوًا للإسلام»، مركّزين بشكل حصري على وحشية الآيديولوجية المزعومة، كما على نجاحاتها العسكرية، ومطالبتها بالعودة إلى أيام الخلافة. أما اليوم، فإن السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو: ما الذي يريده «داعش»؟ منذ أن نشأ التنظيم، عمد إلى فرض الشريعة في المدن التي يسيطر عليها، وإلى فصل البنين عن البنات في المدارس، وإلى إجبار النساء على ارتداء النقاب، كما أدخل المحاكم الشرعية لبسط «عدالته»، مستهدفًا الأقليات الذين إما أجبرهم على اتباع تعاليمه وقوانينه أو قام بتصفيتهم بوحشية على غرار الإيزيديين (في شمال غرب العراق) الذين عمد التنظيم إلى استعبادهم وسبي نسائهم. أدّت هذه التصرّفات إلى تكوّن اقتناع لدى كثيرين بأن هدف «داعش» الرئيسي هو تأسيس خلافة تحكمها شريعة الله. ولكن هل هذا حقًا الهدف الأساسي أو الوحيد للتنظيم؟ بغض النظر عما إذا كانت هذه الادعاءات صحيحة أم لا، وعلى الرغم من أنها نجحت في استقطاب كثير من الشباب المسلم من مختلف أنحاء العالم الذين شعروا بالتهميش في مجتمعاتهم، فإن الواقع على الأرض يشير إلى عكس ذلك؛ ففي الوقت الذي ما زال فيه السنّة في بغداد يقاتلون للدفاع عن «إقليمهم»، عمد «داعش»، بحكم قوة الأمر الواقع، إلى عرض «إقليم» آخر عليهم تحت حجة «الأمة الإسلامية». وهكذا تمكّن «داعش» من السيطرة على مئات الأميال المربّعة بين سوريا والعراق، حيث انعدمت سلطة الدولة.. فمنذ البداية، استطاع التنظيم المتطرف بسط حكمه على معابر على الحدود السورية مع تركيا وصولاً إلى المدن المتاخمة للعاصمة العراقية بغداد. ومن ثم، نجح في إرساء شكل من أشكال الحكم وإنشاء ما يشبه شكل «دولة» في المناطق التي يسيطر عليها، مركّزًا على استغلال الاقتناع السائد بين «كثرة كاثرة» من السكان السنّة بأنهم مضطهدون على يد الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة بزعامة نوري المالكي، وأنهم محرومون من الموارد الأساسية في البلاد ولا يحق لهم المشاركة في السلطة. ولقد تنطبق المقولة التالية على «داعش»، إذ ترى البروفسورة لويز ريتشاردسون، مؤلفة الكتاب الشهير «ماذا يريد الإرهابيون: فهْم العدو لاحتواء الخطر» أن الإرهاب «ظاهرة معقدة، وهو تكتيك يلجأ إليه كثير من الجماعات لغايات متعدّدة ومختلفة». وعليه، فإن جزءًا مما يريده بعض أعضاء «داعش» هو استعادة السلطة المفقودة؛ حيث أشار تقرير مجلة «دير شبيغل» إلى أن وراء تطور فكرة «داعش» لدى حجي أبو بكر وكثير من البعثيين الذين ساهموا في إنشاء التنظيم، قرار بول بريمر، رئيس سلطة الاحتلال الأميركي في بغداد حينذاك، الذي قضى بحل الجيش بمرسوم في مايو (أيار) 2003. وذلك القرار، كما هو معروف، حرم الآلاف من الضباط السنّة المتمرّسين لقمة عيشهم. ولاحقًا، اتسع تهميش السنّة ليطال القبائل العراقية الكبيرة لا سيما غرب البلاد وشمالها. وتأكيدا على ذلك، عدّ الشيخ رعد سليماني، وهو شخصية عراقية بارزة في قبيلة الدليم الكبيرة، في مقابلة سابقة أجرتها معه «الشرق الأوسط» في العاصمة الأردنية عمّان، أن «نحو 90 في المائة من قوى (داعش) مؤلفة من عشائر عراقية»، شارحًا أن التهميش السياسي والاجتماعي لأهل السنّة في العراق يمثل أحد الأسباب التي تفسّر دعم القبائل والعشائر العراقية لـ«داعش». أضف إلى ما تقدم، المظالم التي تعرّض لها السنّة في ظل حكم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الذي اتبع نهجًا طائفيًا صريحًا؛ إذ جاءت حملة القمع العنيفة التي شنها المالكي إثر الاحتجاجات في المناطق السنّيّة خلال عام 2013 ضد عشرات الآلاف من السنّة في مدن الرمادي والفلّوجة والموصل وكركوك، لتفاقم الأمور سوءًا وتؤجّج سخط المعارضة، ومن نماذج تلك الحملة الغارة التي شنّت على مخيم احتجاج في الحويجة يوم 23 أبريل 2013 وأدّت إلى مقتل 44 مدنيًا، وفقا لتقرير لجنة برلمانية. ولذا، عندما اجتاح «داعش» ثلث أراضي العراق خلال الصيف الماضي، رحب كثيرون من السنّة به في بداية الأمر، وعدوه محرّرًا لهم. ويعتقد مراقبون جيّدو الاطلاع أن الغالبية العظمى في المناطق الخاضعة لسيطرته ما زالت تؤيده، على الرغم من أن عددًا من المواطنين يعترضون على ممارساته الوحشية، وهذا ما قاله مصدر في الموصل تحدثت معه «الشرق الأوسط» أخيرًا. ما يجب قوله، هنا، هو أنه حتى الآن يشعر السنّة في العراق بأن حكومة بغداد برئاسة حيدر العبادي، الذي خلف المالكي والذي ينتمي للخلفية المذهبية والحزبية ذاتها، تتجاهل وضعهم، وقد يكون خير مثال على ذلك «مشروع الحرس الوطني» الذي ما زال مطروحًا للنقاش أمام البرلمان على الرغم من أن مجلس الوزراء وافق عليه. ويهدف هذا «المشروع» إلى ضم مختلف الميليشيات والقوات المحلية مثل «قوات التعبئة الشعبية» و«أبناء العراق» و«قوات البيشمركة» الكردية، تحت مظلة واحدة هي «الحرس الوطني». ووفق مخطّط الحكومة، فمن المفترض أن يُنشر هذا «الحرس الوطني» في كل المحافظات العراقية وأن يصار إلى استدعائه عند الحاجة لأغراض مكافحة الإرهاب في فترات الحروب وحالات الطوارئ أو الكوارث الطبيعية. وكانت شبكة «الجزيرة نت» قد ذكرت أنه منذ 24 يونيو (حزيران) الماضي يبدو أن التعديلات التي وافق عليها مجلس الوزراء العراقي بشأن قانون «الحرس الوطني» تقرر وضعها على السكة. يذكر أن المطالب السنّيّة الأخرى تشمل مشاركة أكبر في العملية السياسية، والعفو العام عن السجناء الذين لم يشاركوا مباشرة في التفجيرات الإرهابية، مع العلم بأنه كان قد ألقي القبض على الآلاف من السنّة بعد انتهاء الاحتلال الأميركي في أعقاب موجة من الهجمات الإرهابية، ومن البديهي أنه لم يشارك بالضرورة فيها جميع الموقوفين. وهذا فضلا عن إدراج البعثيين السابقين في النظام السياسي.. وقد استند «داعش» إلى كل هذه المطالب ليفرض نفسه قوة يحسب لها حساب في العراق. إلى ذلك، تشير البروفسورة ريتشاردسون، وهي مديرة جامعة سانت آندروز في اسكوتلندا، إلى أن الإرهاب «خليط قاتل مكوَّن من عناصر مهمشة، ومجتمع مؤات، وآيديولوجية مشرِّعة». والواضح إذن أنه بالنسبة إلى «داعش» ليست الآيديولوجية «المزعومة» هي الهدف الأساسي للتنظيم الذي يركز في الوقت عينه على أهداف قريبة وبعيدة المدى، لا بل إن تأسيس «الدولة الإسلامية» المزعومة ليس سوى واجهة لمخطّطات خفية كبرى.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410236/أريانا-هافينغتون-غزو-«إغريقي»-جديد
2015-07-21 02:58:42
أريانا هافينغتون.. غزو «إغريقي» جديد
واشنطن: محمد علي صالح
دخلت صحيفة «هافينغتون بوست» في شراكة مع المدير العام السابق لقناة «الجزيرة» الفضائيّة القطرية، وضاح خنفر، لإطلاق طبعة عربية. تستهدف الجمهور المتزايد لتليفونات الموبايل، خاصة الشباب في منطقة الشرق الأوسط، حسب ما قالت صحيفتا «فاينانشيال تايمز» و«غارديان» البريطانيتان. تتكون الشراكة من الشركة المالكة لصحيفة «هافينغتون بوست» (آي أو إل)، وشركة «إنتيغرال ميديا استراتيجي» (يملكها خنفر)، لإصدار ما ستسمى «هافينغتون عربي». يتوقع أن يكون الإصدار في مطلع العام المقبل. وأن يكون المقر في لندن، لأن ذلك، كما قال خنفر، «يتيح مسافةً كافية لإنجاز عمل متوازن، وغير منحاز آيديولوجيًا، أو ملتزم سياسيًا». صار واضحا أن هذه خطوة أخرى على طريق تحويل «هافينغتون بوست» إلى منصة إخبارية دولية. خلال السنوات القليلة الماضية، أصدرت الصحيفة طبعات في البرازيل، وكوريا الجنوبية، وألمانيا. وكان متوقعا إصدار نسخة باللغة الهندية في مايو (أيار) الماضي، لكن، تأخر ذلك. وتظل النسختان الإنجليزية والفرنسية هما الأشهر. قالت أريانا هافينغتون، رئيسة مجموعة «هافينغتون» للإعلام، ومؤسسة الصحيفة، لصحيفة «فاينانشيال تايمز» عن الطبعتين الإنجليزية والفرنسية: «تحررتا من قيود الإعلام التقليدي، وصارتا تقدمان صحافة مختلفة عن تلك التي في كل من الولايات المتحدة وفرنسا». وقالت لصحيفة «غارديان» عن النسخة العربية المتوقعة: «كان حلما لنا منذ ما يزيد على ثلاث سنوات. وذلك لأنه توجد حاجة كبيرة لمنصة عربية، تساعد على فهم أعمق للحياة في العالم العربي. من مشكلاته، إلى إنجازاته وحتى الإمكانات غير المستغلة». وأضافت أن «الموقع سيتحدث عن كل المواضيع الحساسة (دون خطوط حمراء) مثل: حقوق المرأة، وحريّة التعبير». من أريانا هافنغتون، وما أهمية «هافينغتون بوست»؟ يصفها بعض الإعلاميين والسياسيين في الولايات المتحدة بأنها «الإغريقية المناكفة». وذلك لأنها ولدت في اليونان. ولأنها، بعد أن هاجرت إلى الولايات المتحدة ودخلت المجال السياسي (قبل الصحافي)، اشتهرت بالمناكفات السياسية. عمرها 60 عاما، وولدت في أثينا، واسمها الأصلي هو: «أرياديني أنا ستاسينوبولس». ولدت في عائلة صحافية: كان والدها صحافيا. وتظل أختها صحافية وكاتبة وممثلة. عندما صار عمرها 16 عاما، انتقلت إلى بريطانيا، حيث التحقت بكلية غيرتون في كمبردج لدراسة الاقتصاد. وهناك، وفي سن صغيرة، دخلت مجال العمل، والنشاطات الطلابية والسياسية. وصارت أول رئيسة غير بريطانية لاتحاد كمبردج. ومثلما دخلت الجامعة في سن مبكرة، ودخلت السياسة في سن مبكرة، دخلت عالم الحب في سن مبكرة، في أول عام لها في كمبردج. في وقت لاحق كتبت عن أستاذها وصديقها الصحافي بيرنارد ليفين، الذي عمل في «بي بي سي» (الإذاعة البريطانية)، وصحف بريطانية (توفي قبل عشرة أعوام): «لم يكن فقط أكبر حب في حياتي، بل كان، أيضا، مرشدي، وأستاذي في الكتابة، والتفكير». وكتبت أنه أدخلها «عالم التعليم الليبرالي، وعالم العمل الصحافي لخمسة أعوام، اشتركت معه في عمله مراسلا ثقافيا لإذاعة (بي بي سي)». وأيضا، بدأت كتابة الكتب في سن مبكرة. عندما بلغ عمرها عشرين عاما، كتبت «بمساعدة ليفين» كتاب: «فيميل وومان» (الأنثى المرأة). افتخرت فيه بأنها «محافظة، ومتدينة». وأشارت إلى دينها المسيحي الأرثوذكسي. وانتقدت كتاب «فيميل أيوناش» (الأنثى المخصية) الذي كانت كتبته جيرمين غرير، من زعيمات حركة تحرير المرأة في الولايات المتحدة. ومن مؤسسات منظمة «فيمينيزم اليانس» (التحالف الأنثوي). وكتبت هافينغتون: «تقول قائدات حركة تحرير المرأة إن تحقيق التحرر الكامل للنساء سيحول حياة جميع النساء إلى ما هو أفضل. لكن، الحقيقة هي أنه سيحول فقط حياة النساء المثيات». إلى أميركا لكنها اختلفت مع أستاذها وصديقها ليفين. وكتبت، في وقت لاحق: «كان لا بد أن أفضله على الأطفال»، وقصدت أن عمرها بلغ ثلاثين عاما، وظل هو يرفض إنجاب أطفال. في عام 1980، تركته، وجاءت إلى الولايات المتحدة. وجاءت معها مناكفاتها. ولم تمض فترة طويلة حتى اشتهرت في الأوساط الصحافية في نيويورك، وذلك لأنها بدأت كتابات مثيرة للجدل. خاصة في مجلة «ناشيونال ريفيو» (المحافظة). ومنذ ذلك الوقت، سميت «الإغريقية المناكفة». كتبت أول كتبها (في بريطانيا) وعمرها عشرون عاما. وكتبت ثاني كتاب (في أميركا)، وعمرها ستة وعشرون عاما: «سيرة حياة ماريا كلاس» (مغنية أوبرا أميركية إغريقية). وعمرها أربعة وثلاثون عاما، كتبت الكتاب الثالث: سيرة حياة بابلو بيكاسو (الرسام الإسباني). بين الكتابين الثاني والثالث، وجدت زوجا: مايكل هافينغتون. أميركي، ورجل أعمال، وسياسي. والدته مهاجرة إغريقية، مثلها. وديانته الأرثوذكسية الإغريقية، مثلها. وجمهوري محافظ، مثلها. ولا بأس، كان والده من أغنى رجال ولاية كاليفورنيا. غير أنهما تطلقا بعد عشرة أعوام، بعد أن أنجبا بنتين، وبعد أن صارت أريانا من المليونيرات (لكنها كانت تنتمي لعائلة غنية في اليونان). مثلما كتبت عن الرجل الأول في حياتها، ليفين، أسرارا، انتقدت بسببها، بأنها ما كان يجب أن تكتبها، كتبت عن زوجها هافينغتون (بعد الطلاق) أسرارا عن ميوله الجنسية. ومرة أخرى، انتقدت بأنها ما كان يجب أن تكتبها. لكن، خلال سنوات الزواج العشر، ساعدها الرجل في حبها للشهرة. خاصة عندما ترشح، وفاز، بعضوية الكونغرس من ولاية كاليفورنيا (لدورة واحدة، سقط في المرة الثانية، قبل الطلاق بعامين). الجنسية الأميركية ساعدها زوجها في شيء آخر: الحصول على الجنسية الأميركية (عام 1990، بعد أربعة أعوام من الزواج). وبعد الطلاق، بدأت تغير انتماءها السياسي من الحزب الجمهوري، تدريجيا. قدمت برنامجا إذاعيا هو «اليمين، الوسط، اليسار». وبدأت تنتقد نظام الحزبين في الولايات المتحدة، والانتماءات الحزبية بصورة عامة. في عام 2003، ترشحت مستقلة لتكون حاكمة لولاية كاليفورنيا. نافست أرنولد شوارزينغار (الممثل العملاق، المهاجر من النمسا). في ذلك الوقت تندرا على بعضهما البعض: هي قالت: «مثل منافسة سيارة (هامر) لسيارة (فولكس فاغن)». هو قال: «كم مائة عام احتلت الإمبراطورية النمساوية اليونان؟». لكن، واجه الاثنان انتقادات كثيرة لأن المنافسة بينهما كانت شخصية جدا، وكانت بذيئة في بعض الأحيان. وسمتهما صحف محلية: «المهاجرين الأجنبيين». الصحافة خلال عشرين عاما في كاليفورنيا، لم تكتف هافينغتون بالنشاطات السياسية. قدمت برامج إذاعية وتلفزيونية، وواصلت كتاباتها المناكفة في الصحف، بل مثلت في مسلسلات تلفزيونية، وأخرجت أفلاما وثائقية قصيرة. ثم ركزت على العمل الصحافي عندما أسست صحيفة «هافينغتون بوست»، نسخة إلكترونية منافسة لصحيفة «واشنطن بوست». كانت هافينغتون انتقدتها كثيرا، واتهمها بأنها «ليبرالية متطرفة». وكانت «واشنطن بوست» كتبت كثيرا عن مناكفاتها، وتجاوزاتها. مما كتبت، قصص عن سنواتها في بريطانيا، ومغامراتها، وغرامياتها بعضها اعتمادا على صحيفة «إندبندنت» البريطانية، عن خدع، وتزويرات، وأكاذيب، وقضايا في محاكم بريطانية). لكن، حتى في الولايات المتحدة، طاردت التزوير والأكاذيب هافينغتون. مثلا: قاضاها أستاذ في جامعة فيرجينيا بأنها نقلت أجزاء من كتابه عندما كتبت كتابها عن بيكاسو. لكن، لم تقف اتهامات، أو إساءات، أو قضايا، أمام طموحها الجارف: بدأت «هافينغتون بوست» بموقع «أدريانا أون لاين«، ثم موقع «هافينغتون أون لاين». كان ذلك في آخر سنوات الرئيس بيل كلينتون في البيت الأبيض، مع فضيحة علاقته الجنسية مع سكرتيرة البيت الأبيض مونيكا لونسكي. وشنت هافينغتون حملة عنيفة عليه. وكتبت: «رجل غارق في نرجسية مذهلة، وفي انغماس ذاتي. لكن، لا يجرؤ أحد من جيوش الوزراء والمستشارين على أن يتحداه. وها هو يستعمل الأجهزة الحكومية لإنكار الحقيقة». وهكذا، اشتهرت صحيفة «هافينغتون بوست» بالمناكفة (في الحقيقة، النقد اللاذع)، حتى منذ قبل ولادتها. وهكذا، نجحت نجاحا نادرا. وصارت أنجح صحيفة إلكترونية سياسية جادة (دون طبعة ورقية) في الولايات المتحدة. ثم بدأت تغزو العالم: بريطانيا، وفرنسا، والبرازيل، وألمانيا، إلخ.. والآن، العالم العربي، وكأنها تريد غزوا إغريقيا من نوع جديد.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410646/إماراتيات-ومصريات-وماليزيات-في-ضيافة-كلية-آل-مكتوم-باسكوتلندا
2015-07-21 02:58:43
إماراتيات ومصريات وماليزيات في ضيافة كلية آل مكتوم باسكوتلندا
القاهرة: «الشرق الأوسط»
تستعد كلية آل مكتوم للتعليم العالي في دندي باسكوتلندا لاستقبال طالبات الجامعات المشاركات في برنامج التعددية الثقافية ومهارات القيادة في الدورة الصيفية لبرنامج التعددية الثقافية ومهارات القيادة حوار الحضارات، والتي تبدأ يوم 21 يوليو (تموز) الحالي وتستمر لمدة أربعة أسابيع. ويشارك في الدورة 50 طالبة من جامعات الإمارات والقاهرة ومالايا بماليزيا. وكانت كلية آل مكتوم في دندي قد أعلنت عن إطلاق فعاليات «البرنامج الصيفي 2015» خلال مؤتمر صحافي استضافته جامعة الإمارات بالمبنى الإداري الجامعي بمدينة العين بحضور الدكتور علي راشد النعيمي مدير الجامعة، وميرزا الصايغ رئيس مجلس أمناء كلية آل مكتوم للتعليم العالي، والدكتور رياض المهيدب مدير جامعة زايد، وممثلي الجامعات الوطنية في دولة الإمارات والجهاز التنفيذي والإداري المشرف على البرنامج والطالبات المرشحات وأولياء أمورهن. وقال الدكتور علي النعيمي في كلمة وجهها للطالبات المشاركات في البرنامج إن الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، «صاحب مبادرات إنسانية وخيرية ساهمت في إنماء وبناء جسور الحوار بين الحضارات، وخصوصا بين الغرب والعالم الإسلامي، مما ساهم في تقريب وجهات النظر وفتح قنوات الحوار البناء ونشر الثقافة الإسلامية والعربية في الغرب، وكلية آل مكتوم للتعليم العالي في اسكوتلندا - هذا الصرح الوطني العالمي العلمي - خير مثال على هذه المبادرات الإنسانية والثقافية». وأضاف أن الشيخ حمدان بن راشد «صاحب رؤية في تبني قدرات المرأة الإماراتية وتوظيف هذه القدرات في خدمة الوطن والإنسانية، وتنطلق هذه الرؤية من إيمان راسخ بقدرة المواطن الإماراتي على إطلاق لغة الحوار وتمثيل الوجه الحضاري المشرق للثقافة العربية والإسلامية»، وأكد أن لبرنامج كلية آل مكتوم الفضل الكبير في إثراء معرفة الطالبات وتمكين مهاراتهن وتعزيز قدراتهن في مختلف المجالات الثقافية ومهارات القيادة والمرأة في الإسلام والعولمة وغيرها. من جانبه، نقل ميرزا الصايغ ترحيب الشيخ حمدان بن راشد بالطالبات المشاركات في الدورة الصيفية، وأكد أن البرنامج شهد تطورا ملحوظا وإقبالا متزايدا من قبل الطالبات، حيث سيستضيف البرنامج الصيفي 2015، الذي سينطلق 21 يوليو الحالي، 5 طالبات من كلية الإدارة والاقتصاد من جامعة القاهرة، و5 طالبات من جامعة مالايا بماليزيا. وأوضح رئيس مجلس أمناء كلية آل مكتوم للدراسات العليا أن البرنامج ينقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية، أولها الدراسات النظرية، والثاني الدراسات العملية، والثالث إتاحة الفرصة للطالبات للقاء كبار المسؤولين الاسكوتلنديين وزيارة المناطق التاريخية والسياحية هناك، بالإضافة إلى أن البرنامج بشكل عام يطرح برامج مختلفة كبرنامج الدبلوم في الاقتصاد والصيرفة الإسلامية وبرنامج الدراسات الإسلامية وبرنامج القيادة وبرامج اللغات المختلفة. وأضاف الصايغ أن الطالبات سينتظمن في برنامج دراسي وثقافي يتناول كثيرا من الموضوعات، من بينها القيادة والتعددية الثقافية والعولمة والدراسات الإسلامية، كما سينتظمن في ورش العمل التدريبية والمناظرات والندوات حول التواصل الحضاري، إضافة إلى زيارات لمعالم اسكوتلندا وبعض الجامعات الكبرى، مثل أكسفورد وأبردين والبرلمان الاسكوتلندي، كما يشمل البرنامج لقاءات مع كثير من المسؤولين وكبار الشخصيات وصانعي القرار في اسكوتلندا بشكل عام. ولفت الصايغ إلى أن كلية آل مكتوم للتعليم العالي اعتادت على إطلاق هذا البرنامج منذ 15 عاما، والذي يحمل عنوان «برنامج التعددية الثقافية». ويشتمل البرنامج على فقرات ثقافية وأكاديمية ترفيهية لإعطاء الطالبات الفرصة لتنمية مواهبهن ومهاراتهن الدراسية إلى جانب ما اكتسبن من تحصيل علمي في جامعاتهن. وأضاف أن هدف البرنامج الذي تنظمه كلية آل مكتوم للتعليم العالي بتوجيهات الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم هو تبادل الآراء والأفكار بين الجامعات المشاركة، لافتا إلى الجهد الكبير من الجامعات لاختيار الطالبات للمشاركة في البرنامج. وذكر أن الكلية تهدف من وراء تبنيها للبرنامج إلى الالتقاء والتناغم وتبادل الآراء والأفكار بين الجامعات لإبراز مواهب الطالبات. وتقدم هذا البرنامج لتجسيد التجربة التبادلية في المعرفة بالاحتكاك المباشر مع المجتمع الاسكوتلندي وليس لمجرد حشو عقول الطالبات بمعلومات المنهج المتبع في الكلية، فهناك دراسات عن القيادة التي تصب في خانة ما هو مطلوب من فتياتنا للاستفادة منها في حياتهن العملية. وقال الصايغ إن كثيرا من الجامعات حرصت على المشاركة في فعاليات البرنامج الثقافي «التعددية الثقافية ومهارات القيادة» الذي تنظمه كلية آل مكتوم للتعليم العالي في اسكوتلندا بشكل دوري ويعتبر من العناصر الأساسية في منهجها واستراتيجيتها الثقافية وأدائها العملي، مشيرا إلى أن هذه الدورة تأتي لتؤكد نجاح البرنامج وتطور وسائله وآلياته لتمتد مظلته إلى فتح باب المشاركة لأعداد أكبر من طالبات الجامعات والمؤسسات المعنية بالشأن الثقافي. وتأسست كلية آل مكتوم للتعليم العالي، والتي كانت تعرف سابقا بـ«معهد آل مكتوم للدراسات العربية والإسلامية»، في دندي الاسكوتلندية عام 2001. وكان الهدف الرئيسي لتأسيسها هو جسر الفجوة المحتملة بين العالمين الإسلامي والغربي من خلال التركيز على مناقشات وجدالات ذكية، إلى جانب فهم علمي للإسلام ودور المسلمين في العالم المعاصر. وطلاب وموظفو كلية آل مكتوم هم من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك دندي نفسها، وينتمون كذلك إلى شتى الديانات، وهي مؤسسة دولية قائمة على البحثية، تعمل في مجال التعليم العالي لتوفير مركز ممتاز للتعليم والأبحاث في ما يخص الإسلام والمسلمين بأعلى المستويات والمعايير البحثية والعلمية المعروفة، وذلك بالاشتراك مع باحثين من مختلف الديانات والطوائف.. بما يعزز التعددية الثقافية في مركز كل أنشطة الكلية. ورغم تاريخها القصير نسبيا، تخرج من المؤسسة عشرات من طلاب الدراسات العليا من أكثر من 30 بلدا بدرجة الدكتوراه. وهي كلية مستقلة وخيرية غير هادفة للربح، وتعد إحدى الكليات القليلة الخاصة للتعليم العالي في المملكة المتحدة.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/406996/ليبيا-ما-بعد-الصخيرات
2015-07-21 02:58:49
ليبيا.. ما بعد الصخيرات
طبرق (شرق ليبيا): عبد الستار حتيتة
رغم ظهور شكوك في الأجواء، فإن غالبية الأطراف المعنية بالوضع الليبي ما زالت تعرب صراحة عن سعادتها بما جرى السبت الماضي في بلدة الصخيرات المغربية من توقيع مبدئي على أول اتفاق من نوعه بين المتخاصمين في طرابلس وبنغازي وطبرق وغيرها من المدن الليبية. مدن تكتسي جدرانها بالدخان وآثار الحرب. يقول عيسى عبد المجيد، مستشار رئيس البرلمان الليبي، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مع الحوار». إلا أنه يضع في نهاية الجملة كلمة «لكن» مثل العديد من القادة هنا. * اليوم، وبعد نحو أربع سنوات من سقوط حكم العقيد الليبي السابق معمر القذافي، يمكن أن تتحسس رياح التفاؤل الحذر وهي تهب من ساحل البحر المتوسط، وتحمل البشرى لهذه الصحراء الغنية بالنفط، ومعها الثناء على ما بذله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، برناردينو ليون، من جهود. ليون دبلوماسي إسباني، أشرف بطول صبر على جمع الفرقاء الليبيين طيلة الشهور التسعة الماضية، إلى أن تنفس الصعداء وهو يشهد الأيدي توقع بالأحرف الأولى على الاتفاق. لكن، كما يقول هو نفسه، ما زال هناك الكثير مما يجب القيام به حتى ينعم الليبيون بالأمن والاستقرار. على الجانب الآخر، أي على أرض الواقع حيث رائحة البارود وتكتكة الأسلحة، أصبح في الإمكان رؤية أرتال السيارات المموهة للمتطرفين وهي تتحرك بالأعلام السوداء لبسط النفوذ على منابع النفط. حين تنجو من بوابة للجماعات المتطرفة وتصل لمسؤول حكومي أو برلماني، وتسأله عن اتفاق الصخيرات، يشير بإصبعه إلى الدروب التي يتحرك فيها المتشددون الرافضون لأي حوار أو حل سياسي. يقول النائب إبراهيم عميش، رئيس لجنة العدل والمصالحة الوطنية في البرلمان، لـ«الشرق الأوسط»: «بينما نحن مشغولون بالحوارات يتوسع (داعش) على الأرض، ويلتف الآن للسيطرة على الهلال النفطي». ويضم هذا الهلال الجغرافي أكثر من 60 في المائة من نفط ليبيا. وهذه من بين مجموعة عقبات وتحديات تواجه ليبيا. تدور تساؤلات حول من سينتصر ويؤمِّن بيع النفط ويوفر حاجات الناس التي بدأت تنفد، من غذاء وكهرباء ومياه. نجاح السياسيين والمتطرفين في هذه المعادلة سيحدد وضع ليبيا في مرحلة ما بعد الصخيرات. أو كما تسمع من عدة قادة يرابطون على جبهات المعارك: «التوقيع وحده ربما لن يكون كافيا للوصول إلى بر الأمان». في الحقيقة لا يبدو القلق من «داعش» وغيره من تنظيمات متشددة، لكن المشكلة أكبر من ذلك. وهناك معضلة الموقف من قائد الجيش الفريق أول خليفة حفتر.. هل سيبقى أم سيخرج من المشهد كما يريد ممثلو الميليشيات المتطرفة الذين يرتدي بعضهم عباءة «مدينة مصراتة» وقوات «فجر ليبيا» و«المؤتمر الوطني المنتهية ولايته (البرلمان السابق)، كما يقول لـ«الشرق الأوسط» الدكتور صلاح الدين عبد الكريم، المستشار القانوني للجيش. فهؤلاء المتطرفون بميليشياتهم يتمركزون في طرابلس ولهم أنصار يحملون الأسلحة المتوسطة والثقيلة في مدن بنغازي ودرنة وسبها. ليس من الواضح كيف سيكون الحال عند تنفيذ الاتفاق على الأرض. هناك أيضا مشكلة اقتراب الموعد القانوني لانتهاء أعمال البرلمان الحالي، في 21 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وهناك خياران بين التمديد له وإجراء انتخابات جديدة في ظروف صعبة وسط حالة الانفلات الأمني. السؤال الأهم: هل سيشارك ممثلو المؤتمر في اللقاء المقبل والحاسم في الصخيرات.. وهل ستشارك القبائل المحسوبة على نظام القذافي في آخر لحظة.. وما هي طريقة حل الخلافات بين المتحاورين بشأن بنود معلقة مثل صلاحيات المجلس الأعلى للدولة، وكيفية تسليم الأسلحة ودمج عناصر الميليشيات في المؤسسات الرسمية وفي الجيش والشرطة؟ يمكن أن تقول، مثل العديد من وجهاء القبائل، إن الحوار الذي بدأ أولا في مدينة غدامس في غرب البلاد في الخريف الماضي، برعاية ليون، كان يدور بالأساس بين شركاء ثورة فبراير (شباط) التي قضت على القذافي. هؤلاء الشركاء، وهم جماعة الإخوان ومعهم الجماعات المتطرفة من جانب، والتيار المدني من جانب آخر، تخاصموا وأحرقوا بالصواريخ مدنا ومطارات ومصافي للنفط، طوال العامين الماضيين. أما القبائل الكبرى التي جرى اتهامها من «الثوار» بأنها كانت موالية للنظام السابق، فظلت بعيدة عن مجريات التفاوض، ومنها قيادات من «ورفلة» و«ورشفانة» و«ترهونة» و«المقارحة» و«القذاذفة»، وغيرها. يقول أحد قيادات قبيلة القذاذفة والذي يقيم في القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «ليون طلب في بداية الحوار أن نتصل به، لكن نحن قلنا له إن عليه هو أن يبادر بالاتصال أولا. المفترض أنه هو الذي يريدنا لإنجاح مهمته، لكنه لم يفعل». على أي حال استمرت محاولات جمع فرقاء فبراير حول طاولة واحدة. مرة في ليبيا وأخرى في جنيف، وكذلك في الجزائر وأخيرا في الصخيرات. هذا كان أمرا صعبا. كانت معظم هذه الأطراف تخوِّن بعضها بعضا وتتهم بعضها بعضا. بكل بساطة، تتقاتل وتغزو المدن. كل جبهة تعذب من لديها من سجناء الجبهة الأخرى. يقول أحد القادة العسكريين من الجيش الليبي الذي يقوده الجنرال خليفة حفتر، لـ«الشرق الأوسط» إن «الجيش لم يؤخذ رأيه في هذه الحوارات». ويضيف أن الجيش، مع ذلك «مستمر في الحرب على الإرهابيين». وهو يرى أن من بين هؤلاء «الإرهابيين» قوة «فجر ليبيا» التي يشارك ممثلون عنها في حوار ليون. هذه معضلة أخرى ستظهر ملامحها عمليا في المستقبل القريب. الجيش كما هو معلوم يعاني من نقص في التسليح، مما أدى إلى صعوبة حسم معركته مع المتطرفين. يتهم هذا القائد العسكري وهو يتحدث من مقره في رئاسة الأركان جنوب طبرق، المجتمع الدولي والأمم المتحدة بوضع العراقيل أمام شراء الجيش لحاجته من الأسلحة والذخيرة. الأمم المتحدة تجاهلت، كما يقول المستشار عبد الكريم، تقوية السلطة الشرعية ممثلة في البرلمان والجيش، وقامت في المقابل بالتركيز على الحوار وكأنها تريد إجبار الليبيين على الرضا بحكم الميليشيات المتشددة مرة أخرى. منذ بداية وصول ليون لليبيا بدا أن هناك اندفاعا غربيا لإنجاز مسألة الحوار بأي ثمن، رغم غياب أطراف ليبية فاعلة على الأرض. وقامت العديد من وسائل الإعلام الغربية والعربية المحسوبة على هذا الاتجاه بتخصيص مساحات واسعة من وقتها للترويج للقاءات المبعوث الأممي، حتى بدا لقطاعات كثيرة في هذا البلد أن مجرد الوصول إلى مرحلة التوقيع يمكن أن تحل المشكلة الليبية. هناك مثل في أوساط الليبيين يقول إنه كلما انعقد اجتماع من هذا النوع وقعت مشكلة كبيرة في البلاد. تردد هذا المثل أولا حين حاول المتطرفون في طربلس ومصراتة السيطرة على حقلي الفيل والشرارة في جنوب ليبيا.. وتردد أيضا وقت أن شنت قوات المتطرفين أنفسهم تحت اسم «قوات الشروق» هجوما داميا لاحتلال منابع النفط قرب بلدة النوفلية.. ثم تردد المثل نفسه أخيرا حين توسع «داعش» فجأة، منذ يوم السبت الماضي، في منطقة الهلال النفطي. وبطبيعة الحال، كما يقول أحد نواب البرلمان: «هذه مجرد مزحة عامة تعكس ما يشعر به الليبيون من مرارة وعدم ثقة في ما يجري بشأن دولتهم». فور توقيع الاتفاق بالأحرف الأولى في الصخيرات أعلنت الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني الترحيب به، وأصدرت بيانا قالت فيه إنه خطوة على بداية الطريق الصحيح لخروج ليبيا من أزمتها، ودعت جميع الأطراف لتغليب مصلحة الوطن، للوصول لاتفاق شامل يؤسس لحكومة وفاق وطني تقود الليبيين في معركتهم ضد الإرهاب. كما رحب بالاتفاق عدد من دول الجوار وسفراء دول غربية. المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، بدر عبد العاطي، نقل في بيان رسمي ترحيب القاهرة بتوقيع الاتفاق ووجه التحية لـ«الموقف الإيجابي والشعور بالمسؤولية الذي تحلى به المشاركون في الحوار»، ولـ«الجهود الكبيرة» التي بذلتها بعثة الأمم المتحدة وعلى رأسها ليون للوصول إلى «هذه النتيجة الإيجابية». كما عبرت مصر عن «خالص تقديرها للمملكة المغربية الشقيقة على دورها في استضافة الأطراف الليبية المتحاورة». وأشار بيان عبد العاطي إلى «أهمية الدور الذي لعبته دول جوار ليبيا في توفير الظروف التي أدت إلى التوقيع على هذا الاتفاق». وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، إن الاتفاق يضع حلا سلميا للأزمة الليبية. وحضر مراسم التوقيع في حفل رسمي بالصخيرات سفراء ومبعوثون من دول كبرى، إضافة إلى شهود ليبيين من عدة مجالس محلية وأحزاب، بينما قاطعها المؤتمر الوطني واكتفى بإرسال رسالة إلى ليون أكد فيها على استمراره في الالتزام بمبدأ الحوار كأساس للحل، واستعداده للحضور في الجولة المقبلة لتقديم تعديلات يرى أنها جوهرية لإنجاح الحوار. التوقيع في حد ذاته أشاع أجواء جديدة وبوادر انفراجة، وأوضح بحسب عدة أطراف متخاصمة أنه لا يمكن لفصيل واحد حل مشكلة ليبيا بمفرده. هذه لغة إيجابية لم تكن معتادة في خضم الصراع بالمدفعية والراجمات. كما وصف أحد المشاركين من مصراتة، وهو النائب فتحي باشاغا، توقيع المسودة بأنه إنجاز وطني يجدر الاحتفاء به، من أجل الوصول لاتفاق نهائي وتشكيل حكومة وفاق. بيد أن هناك من ينظر للصورة من زاوية مختلفة، ويخشى من تعقيدات الواقع عند الدخول في تفاصيل التنفيذ مستقبلا. يقول عبد المجيد، مستشار رئيس البرلمان: «نحن لسنا ضد أي اتفاق أو صلح من شأنه أن يمضي بليبيا إلى بر الأمان. ومع ذلك أعتقد أن التوقيع بالأحرف الأولى لا يعني التوقيع النهائي. البرلمان هو الذي سيقرر كيف ستسير الأمور». يشير عبد المجيد هنا إلى مخاوف من أن تنفرد حكومة الوفاق المقترحة في مسودة الصخيرات بمصير الجيش. ويرى أن الكلمة النهائية في هذا الأمر لا بد أن تستمر في يد البرلمان.. «هناك ثوابت لدى البرلمان. أولا: منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة يكون للبرلمان ورئيسه. حتى لو تغير الوضع وأصبح رئيس الحكومة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، فلا بد أن يكون اختيار هذه الحكومة ورئيس الوزراء من المجلس المنتخب، وليس من أي جهة أخرى. البرلمان سيستمر كجهة وحيدة مخول لها منح الثقة للحكومة أو سحب الثقة منها». وعما إذا كان يخشى من تأثير تنفيذ اتفاق الصخيرات على الجيش، يقول: «لا أحد يستطيع أن يصدر قرارات بإلغاء تكليف القائد العام للقوات المسلحة إلا البرلمان». مثل هذا الشعور بالخوف على مؤسسة الجيش من التفكك مجددا بعد أن جرت إعادة بنائها مطلع العام الماضي موجود لدى قادة آخرين في مجلس النواب والقوات المسلحة. ويتابع عبد المجيد قائلا: «أنا كمواطن ليبي أقول لك إنه على الجميع أن يفهم أن الجيش خط أحمر، وأمن ليبيا خط أحمر، وشرعية البرلمان خط أحمر. لن نتنازل عن البرلمان الشرعي المنتخب من الشعب، ولن نتنازل عن الجيش، ولا عن منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولن نعطي هذه السلطة للإرهابيين مرة أخرى، ولن نسمح مرة أخرى للإخوان ولأتباع الإخوان بالتلاعب بأمن ليبيا». واعتاد خصوم القبائل المحسوبة على نظام القذافي وصفها بـ«الأزلام»، رغم أنها قبائل كبيرة ولها تأثير في مجريات الأمور. ويستشعر بعض زعماء هذه القبائل بأنه يوجد إصرار من جانب «الثوار» على أن تقتصر عملية الحوار على قادة «17 فبراير». لكن المستشار عبد المجيد يرى أن هذه أمور تجاوزها الزمن، ويأخذ على حوار الصخيرات عدم مشاركة القبائل الرئيسية فيه.. «كان يفترض أن تشارك هذه القبائل في حوار ليون. هذا إذا كانت تريد نجاح الحوار من دون استثناء». ويقول: «(17 فبراير) ليست قرآنا. نحن اليوم نريد أن نبني دولة قانون.. ولذلك المقاضاة تكون لمن أجرم في حق الشعب فقط، وليس معاقبة كل الليبيين». النائب عميش يمثل مدينة بنغازي في البرلمان، ويرأس فيه لجنة العدل والمصالحة الوطنية، وينظر للتوقيع في الصخيرات بتشكك وهو يرصد التطورات في بلاده، ويقول إن «الموضوع برمته حتى الآن ينحصر في أنه لا يوجد حسن نية». ويضيف: «بينما نحن مشغولون بالحوارات والمصالحة الوطنية، يتوسع تنظيم داعش على الأرض.. لقد سيطر أخيرا على سرت وعلى القرضابية وعلى معسكرات كاملة، ويلتف الآن لابتلاع الهلال النفطي بأكمله بما فيه من موانئ لتصدير البترول. أنا أشكك في النوايا الدولية تجاه ليبيا». من بين المخاوف التي يشعر بها النواب وجود اتجاه يتبناه قطاع من المتشددين في طرابلس، يتحدث عن انتهاء مدة عمل البرلمان في 21 أكتوبر المقبل. لكن عميش يقول إن «هذا الكلام غير صحيح، وفي الوقت نفسه لا تستطيع أن تقول إنه كلام غير شرعي، لأن الوضع يتطلب إنهاء بعض المهام، وهذه المهام تتعرض للإعاقة من البعض حتى داخل البرلمان نفسه»، وهو يشير في هذا الصدد إلى تشريعات ينبغي الانتهاء منها لحماية الدولة من أي احتمال لحدوث فراغ في السلطة. حول هذه النقطة يشدد المستشار عبد المجيد على أن البرلمان لن يسلم السلطة النيابية إلا لمجلس منتخب، ويضيف أن هذا يتطلب إجراء انتخابات، وهو أمر «صعب في ظل الأوضاع الأمنية المتردية في عموم ليبيا.. هل نسلم السلطة لـ(الإخوان) والمتطرفين و(داعش)؟». من جانبه، يعتقد المستشار عبد الكريم أن مسودة الصخيرات ستعيد الميليشيات المسلحة التي يديرها المتطرفون لحكم البلاد بعد أن أسقط الليبيون ممثليها في انتخابات المؤتمر المنتهية ولايته، مشيرا إلى أن «الشعب التف حول الجيش بعد أن رأى الفوضى على يد هذه الميليشيات. ما أراه اليوم هو محاولة لإعادة حكم ليبيا للمتطرفين». رغم التشدد من بعض الأطراف سواء في الجبهة الغربية التي يهيمن عليها «الإخوان» وقادة الميليشيات، أو الجبهة الشرقية التي يوجد فيها البرلمان ويتركز فيها الجيش، فإن الحوار في حد ذاته أدى إلى فتح العديد من الثغرات من أجل البحث عن مخرج. تقول مصادر على صلة بمفاوضات الصخيرات إنه سيجري وضع النقاط الخلافية في الاعتبار، بما فيها محاولة إدخال عناصر فاعلة أخرى مثل باقي القبائل وقادة من القوات المسلحة، ضمن مخرجات الاتفاق النهائي حتى يكون قابلا للتنفيذ، خاصة أن ليون نفسه أعلن أنه سيعقد اجتماعا آخر مع كل الأطراف قبل التوقيع النهائي، داعيا كل من لم يستطع الحضور في اجتماع الصخيرات الأخير للمشاركة لمواجهة التحديات التي تمر بها البلاد. * الأطراف الليبية في الصخيرات.. وخارجها * أهم الأطراف التي شاركت في التوقيع بالأحرف الأولى على مسودة اتفاق الصخيرات: «البرلمان» و«مجموعة من النواب المقاطعين لجلساته (أغلبهم من مصراتة)»، و«مجموعة المستقلين»، وغالبية «الأحزاب الليبية» وبعض من ممثلي «المجالس البلدية». * المؤتمر الوطني المنتهية ولايته (البرلمان السابق) شارك في معظم جلسات الحوار لكنه لم يحضر توقيع مسودة الصخيرات، بسبب وجود خلافات بين أعضائه حول بعض البنود، وقال إنه سوف يتقدم في وقت لاحق بتعديلات يرى أنها لازمة من أجل إنجاح الاتفاق. * انطلاق الحوار بقيادة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة برناردينو ليون منذ أواخر العام الماضي، تسببت في تغيير الكثير من المواقف التي كانت متشددة خاصة بين قادة الميليشيات العسكرية المحسوبة على مدينة مصراتة وفجر ليبيا، مما أدى إلى انسحاب بعض هذه الميليشيات من تحت عباءة القادة المتشددين، والانحياز لموقف المجلس البلدي لمصراتة الرافض للاقتتال والتطرف. * يقوم عدد من نواب البرلمان الذي يعقد جلساته في طبرق بمحاولات للوساطة مع أطراف من مصراتة وأخرى قبلية وعسكرية لديها تحفظات على حوار الصخيرات، من أجل تغيير مواقفها، والتوصل لحلول وسط، والمشاركة في إنجاز الاتفاق النهائي. وجانب من هذه اللقاءات بدأ الترتيب له ليكون في القاهرة خلال عيد الفطر هذا الأسبوع.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410936/اكتشف-لندن-بحنطور-فيكتوري
2015-07-21 02:58:51
اكتشف لندن بحنطور فيكتوري
لندن: جوسلين إيليا
مترو الأنفاق في لندن هو الأقدم في العالم، وعلى الرغم من شبكته الواسعة، فإنه يتأثر بالإضرابات التي تشل حركة أهل وزوار المدينة تماما، مثلما حصل منذ أيام قليلة. وسائل النقل والتنقل في لندن كثيرة، ولكن إذا كانت زيارتك بهدف سياحي، وكنت من محبي التعرف على تاريخ المدينة العريقة، فلا بد من دمج التجول بأسلوب جميل يجعلك تتعرف إلى المدينة بطريقة مميزة، وقد يكون الحنطور أو العربة التي يجرها حصانان أجدد طريقة لاكتشاف لندن، والتعرف على خباياها ومعالمها السياحية الجميلة، هذه الرحلات جديدة، ولكنها في الواقع قديمة جدا حيث يعود تاريخ صنع العربة إلى القرن الثامن عشر، وهي مملوكة من قبل محلات «إدوارد ستانفوردس» الأقدم في لندن لبيع الخرائط العالمية، وكتب السياحة النادرة، ويعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1901 ومقرها في شارع «لونغ إيكر» في كوفنت غاردن. تصميم تقليدي العربة التي تعود إلى الحقبة الفيكتورية مؤلفة من طابقين، يمكن الجلوس في الداخل أو الصعود إلى الشرفة في الطابق العلوي والجلوس في الهواء الطلق. لا تزال العربة تحافظ على شكلها وتصميمها الأصلي، وقامت الشركة بإعادة تأهيلها وترميمها من دون أن يغيروا من شكلها الأصلي، ويقوم شخصان متخصصان بتربية الخيل بقيادة العربة، وبما أن العربة قديمة وهدف الرحلة هو تعريف الزوار إلى لندن كما وكأنهم في القرن الثامن عشر، فيرتدي تيم وود سائق العربة ومساعده زيا تقليديا كان يرتديه قائدو عربات الخيل في تلك الحقبة. تتسع العربة لـ18 شخصا، وعندما تجلس فيها يُخيل إليك أن عقارب الزمن تعود بك بالفعل إلى ماض غابر، تسمع صوت حوافر الخيل وهي تطأ الأرض بنغمات منظمة، وصوت الجرس الذي يقرعه السائق لينبه المارة الذين يصطفون على جانب الطريق لالتقاط الصور لتلك العربة التي تبدو وكأنها خرجت للتو من بين طيات كتب التاريخ الإنجليزي. الرحلة تسير الرحلات يومي الثلاثاء والخميس، في الأوقات التالية: الثالثة بعد الظهر والرابعة والنصف والسادسة مساء، وتبدأ من أمام محلات «ستانفوردس» في كوفنت غاردن، ولكن يجب حجز التذاكر مسبقا من المحل المذكور أو من خلال الموقع الإلكتروني التابع له، سعر التذكرة 30 جنيهًا للكبار، و10 جنيهات للصغار، وهناك أسعار خاصة للعائلات المؤلفة من أربعة أفراد (65 جنيهًا إسترلينيًا للعائلة). ومن هذه النقطة تبدأ الرحلة المميزة في شوارع لندن الضيقة وتمر بشارع «بو ستريت» لتشاهد مبنى الأوبرا الملكي الشامخ بروعة تصميمه، الذي بُني عام 1732، كما يعرف شارع «بو ستريت» بأنه يضم أقدم وحدة تابعة للشرطة في لندن، وبنى المقر هنري فيلدينغ عام 1740. وبعدها تكمل العربة طريقها باتجاه شارع «تافيستوك» لتتعرف إلى سوق كوفنت غاردن الأقدم في لندن، وكان في الماضي سوقا مخصصة لبيع الفاكهة والخضراوات، وبعدها تستمر الرحلة التي تتعقب التاريخ في لندن باتجاه شارع «بيدفورد» الذي أخذ اسمه من دوق بيدفورد الذي كانت عائلته تملك هذا القسم من لندن. ومن هناك تتجه العربة إلى شارع ستراند حيث يقع فندق «سافوي» واسم ستراند يعني «ضفة» بالإشارة إلى الأبنية الواقعة على ضفة نهر التيمس، وبعدها يستطيع ركاب العربة إلقاء نظرة على محطة تشارينغ كروس للقطارات لتصل بعدها إلى ساحة الطرف الأغر «ترافالغر سكوير» وتمثال «نيلسون»، ومن هناك تكمل الرحلة بمحاذاة النادي الوطني الليبرالي وحدائق «وايتهول» باتجاه النهر لتكون عين لندن «London Eye» بانتظارك بهيبتها اللافتة على الضفة الغربية من النهر، وتصل بعدها إلى جسر ويستمنستر التاريخي، وهنا تجدر الإشارة إلى أن كثيرين تختلط عليهم الأمور ويسمون هذا الجسر بـ«جسر لندن» أو (London Bridge) غير أنه في الواقع هو جسر «ويستمنستر» تيمنا باسم الضاحية التي يقع فيها. ولا تكتمل الرحلة من دون إلقاء نظرة على مبنى البرلمان البريطاني وساعة بيغ بين في قصر ويستمنستر. وفي طريق العودة تعرج على مقر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في 10 داونينغ ستريت، وستلقي التحية على غرف تشرشل خلال الحرب إلى جانب عدد كبير من المقرات التابعة للدولة وتعود أدراجك إلى ساحة الطرف الأغر وتتجه صوب «بال مال»، وإذا كنت من محبي لعبة المونوبولي، فقد يكون اسم هذا الشارع مألوفا لديك، حيث تنتشر النوادي الخاصة بالشخصيات الرفيعة ورجال الأعمال والمجتمع الراقي في لندن، التي تعود إلى القرنين التاسع عشر والقرن العشرين ومن أشهرها «أثينايوم» وريفورم إند آرمي و«نايفي كلوب». وبعدها تصل العربة إلى ساحة بيكاديللي سيركس المعروفة باسم «ويست إند» West End London بالإشارة إلى كونها القلب النابض للمدينة وفيها تنتشر المسارح ومنطقة سوهو والحي الصيني، وتعتبر من أهم المناطق السياحية وأكثرها حيوية في لندن. وستدرك أنك وصلت إلى منطقة «سيفن دايلز» من رائحة القهوة المنبعثة من محل «مونموث» للقهوة الواقع في الشارع الذي يحمل اسمه «مونموث»، وترى هنا ساحة صغيرة وعمودا يعود تاريخه إلى عام 1820 لتنتهي الرحلة في شارع «لونغ إيكر»، حيث كانت نقطة الانطلاق. الرحلة مخصصة لمحبي التاريخ، لذا تم اختيار الأماكن التي تعبر عن حقب مهمة في تاريخ لندن العريق، وقد تكون الرحلة في أول مشوارها، إلا أن الإقبال عليها شديد لأنها مصممة بطريقة جميلة وتناسب الكبار والصغار. يُشار إلى أن الرحلة تستغرق نحو الساعتين، ولكنها تتأثر بحركة السير؛ فمن الممكن أن تستغرق المزيد من الوقت. للمزيد من المعلومات: www.stanfords.co.uk
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410951/نجاحات-مبهرة-لمطوري-التطبيقات-العربية
2015-07-21 02:58:53
نجاحات مبهرة لمطوري التطبيقات العربية
جدة: خلدون غسان سعيد
ازدادت أعداد مطوري التطبيقات العربية مع انتشار الأجهزة الذكية بشكل كبير وسهولة تطوير التطبيقات لها وسهولة الحصول على عوائد مالية من مبيعاتها في المتاجر الرقمية. ونمت هذه الظاهرة منذ إطلاق متجر تطبيقات «أبل» في العام 2008، والذي أوجد منصة لآلاف الوظائف الجديدة للمطورين ورواد الأعمال، وفتح لهم مجالات جديدة لطرح إبداعاتهم وأحدث ابتكاراتهم. ونجد الكثير من المطورين من منطقة الخليج العربي ومصر والأردن، مثل مطوري تطبيقات «نمشي» للتجارة الإلكترونية و«جامعي» للدراسة والتعليم وتطبيقات كثيرة من «آيفون إسلام»، بالإضافة إلى ألعاب ترفيهية من «لمبة»، وذلك بسبب دعم شركات الاتصالات والمستثمرين لرواد الأعمال والمطورين. ونستكشف في هذا الموضوع رحلة تطوير التطبيقات مباشرة من المطورين الشبان أنفسهم، والعقبات التي واجهوها في الأسواق التي تفرض عليهم تنافسية عالية وكيف تجاوزوها، لدرجة أن بعضهم قد ترك عمله الدائم ليتفرغ لتطوير التطبيقات ومتابعة شغفهم وتحقيق أحلامهم. أول لوحة مفاتيح عربية على «آيفون» وتحدثت «الشرق الأوسط» حصريا مع مجموعة من المطورين، منهم طارق منصور من مصر مؤسس موقع «آيفون إسلام» iPhoneIslam المتخصص بتطوير التطبيقات للأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل «آي أو إس». وبدأت قصة طارق بنظرته إلى العالم العربي وانخفاض مساهمة المطورين العرب في إثراء المحتوى العربي، وإحساسه بالمسؤولية والواجب تجاه مشاركة المعرفة الإيجابية. وكان أول تطبيق له هو تطبيق «إلى صلاتي» على الكومبيوترات الشخصية لتذكير المستخدم بمواعيد الصلاة في تصميم جميل ومميز، والذي حصل على ملايين المستخدمين في وقت قصير، الأمر الذي جعله يتوسع ويوجد مدونة للتطبيقات إلى جانب عمله كمبرمج. وعزم على تطوير تطبيقات عربية وإسلامية لهاتف «آيفون» قبيل إطلاقه في الأسواق العالمية، وذلك لشرح كل ما يتعلق بالهاتف والبرمجة للجمهور العربي بلغة عربية، وأصبح الموقع المصدر الوحيد للمعلومات للهاتف باللغة العربية في الإنترنت. وكانت أولى تطبيقاته على «آيفون» هي لوحة المفاتيح العربية التي لم يدعمها نظام التشغيل في البداية، ولكن طارق استطاع تطوير لوحة مفاتيح عربية بالكامل وتعريب نظام التشغيل لتسهيل الاستخدام. وتفرغ بعدها بالكامل لعملية التطوير رغم نجاحه في عمله الرئيسي، لتكون بداية مغامرة ناجحة وتأسيس شركة وتكوين فريق عمل في العام 2010. وتوظيف محررين ومصممين ومطورين وإداريين يصل عددهم إلى 15 موظفا حاليا. وبعد دعم «أبل» للغة العربية، تحول تركيز الفريق إلى تطوير تطبيقات عربية ذات جودة عالية للمساهمة بإثراء المحتوى العربي، وإطلاق أكثر من 50 تطبيقا في 4 سنوات فقط. وأطلق طارق كذلك موقع «آب - عاد» App3ad ليكون متجر تطبيقات للمستخدمين العرب، وموقعا لتعليم برمجة تطبيقات الهواتف الذكية. وواجه طارق مشكلة عدم دعم «آيفون» للغة العربية في أولى مراحله، مع انخفاض أعداد مستخدمي تقنيات «أبل» في المنطقة العربية. إلا أن موقع مطوري «أبل» https://developer.apple.com/resources قدم له مادة غنية جدا للبدء بطريقة احترافية على شكل وثائق تدريبية وأمثلة، مع إطلاق مؤتمرات المطورين للجلوس مع مهندسي الشركة للتعلم منهم. وأطلق الفريق تطبيقات «أخبار أبل» والقاموس والقبلة والأذكار والمصحف الشريف والكثير من الألعاب المفيدة وبرامج تعليم الأطفال (مثل «تيمو والأصدقاء») ولعبة «أبو يوسف» وتطبيق «تكلم» الذي يعتبر أول تطبيق يحول النصوص إلى كلام منطوق ويسمح بتخزينه كملف صوتي. ومن أحدث تطبيقات الشركة «لوحة مفاتيح كاميليون» التي تعتبر أول لوحة مفاتيح عربية ذكية تصحح الكلمات العربية من دون الاعتماد على لهجة معينة، وتتعلم من كتابات المستخدم وتبرز الكلمات الأكثر استخداما أثناء الكتابة. واستنبط الفريق فكرة التطبيق من كثرة الأخطاء الإملائية عند استخدام لوحات المفاتيح الرقمية بسبب كثرة عدد أحرفها والحجم المحدود للشاشات، ووجود أحرف متشابهة تختلف في التنقيط. ويخفض التطبيق عدد الأحرف الموضوعة على الشاشة ويعتمد على قدرة محركه على فهم الكلمات، حيث يمكن كتابة كلمة «مرحبا»، مثلا، ليفهم التطبيق أن المستخدم يقصد «مرحبا»، الأمر الذي ينجم عنه خفض عدد الأحرف المعروضة على الشاشة وزيادة أحجام الأزرار الرقمية لتسهيل الكتابة. ويتحدى هذا التطبيق ويتفوق على لوحات Swift وSwipe المشهورة من حيث القدرة على فهم الكلمات العربية بسهولة وسلاسة. تنظيم التحصيل الأكاديمي أما فيصل الهزاع من السعودية، فأطلق تطبيقه «جامعي» Jami’e على الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل «آي أو إس» وحصل على أكثر من 60 ألف عملية تحميل (10 آلاف منها في اليوم الأول لإطلاقه في السعودية و30 ألفا بعد مرور أسبوع، ومن دون إطلاق أي حملة تسويقية مرتبطة). ويطور فيصل التطبيقات في أوقات الفراغ بالاشتراك مع شريكة محمد العريني الذي يتولى مسؤولية تطوير وتصميم الواجهات. ويستهدف التطبيق طلاب الجامعات ويهدف إلى تنظيم جداولهم الدراسية وتسجيل مهامهم الأكاديمية وتنبيههم لدى اقتراب مواعيد المحاضرات والمهام والواجبات وفترة تسليم الأبحاث. ويحتسب التطبيق كذلك الحد الأعلى المسموح للغياب وفقا للجامعة وتذكير المستخدم في حال ازديادها واقترابها من الحد الأقصى المسموح. ووضع فريق العمل نفسه مكان الطلاب لتطوير تطبيق يقدم ما يحتاجه الطالب، وليس ما يريده المطور، وأجروا الاستطلاعات المباشرة للحصول على الوظائف الأكثر أهمية في التطبيق. وسيزداد الوعي الأكاديمي للطلاب بعد استخدام التطبيق، الأمر الذي ينجم عنه تركيز أعلى على عملية الدراسة. وطور المبرمجون فكرة التطبيق بعد فقدانهم لأوراق الملاحظات المهمة وعدم كفاءة تطبيقات الملاحظات القياسية غير المخصصة للطلاب. وتم تطوير التطبيق في مراحل لاحقة وفقا للملاحظات التي حصلوا عليها من المستخدمين، وأضافوا إليها الكثير من ابتكاراتهم. وواجه الفريق تحديات كثيرة، مثل عدم وجود مكان مخصص للعمل، حيث كانوا يجتمعون في المقاهي للعمل، بالإضافة إلى إطلاق تحديثات لنظام التشغيل «آي أو إس» وهواتف ذات شاشات تختلف أحجامها، الأمر الذي تطلب إعادة برمجة بعض أجزاء التطبيق وتجربتها لمواكبة التقدم. وحصل الفريق على الكثير من المعلومات والوثائق المفيدة من موقع مطوري «أبل» https://developer.apple.com/resources وكان المرجع الأساسي لهم من دون الحاجة إلى البحث في مواقع أخرى، ولكن الفريق يعتقد بضرورة وجود المزيد من الجهود لتنمية عملية تطوير التطبيقات العربية، مثل إطلاق الدورات التوعوية والتقنية. ولن يقف فريق العمل عند هذا النجاح، وسيطور التطبيق بشكل أكبر لجعله التطبيق الأساسي للطلاب لتحقيق الفائدة ورفع مستوى التركيز لديهم. ويرى الفريق أن تطوير الألعاب لوحدها لا يكفي، بل يجب توافر تطبيقات خدمات باللغة العربية تسهم بدعم المجتمع العربي وحل مشاكله. تجارة إلكترونية عربية ويقدم تطبيق «نمشي» Namshi من دولة الإمارات القدرة على التسوق إلكترونيا من خلال واجهة عربية مريحة وجميلة. ويستطيع المستخدم تصفح محتوى المتجر الإلكتروني واكتشاف المنتجات المختلفة وإتمام عملية الشراء من جهازه المحمول، أينما كان. وأطلق التطبيق في العام 2012 بسبب النمو المتزايد لسوق التجارة الإلكترونية في المنطقة، والذي يتوقع أن تصل عوائده إلى 10 مليارات دولار أميركي في السعودية والإمارات بحلول العام 2020. واستخدم فريق العمل طاقما داخليا واستعانوا بخدمات شركة متخصصة للتطوير حصريا لـ«نمشي»، وحصل التطبيق على أكثر من 900 ألف عملية تحميل إلى الآن. وواجه فريق العمل عقبة الزمن الذي تستغرقه عملية مراجعة التطبيق بعد إرساله للنشر في المتجر، والتي غالبا ما يصلح فريق العمل خلالها بعض الأخطاء أو يضيف مزايا جديدة، الأمر الذي يجعلهم مضطرين إلى إعادة إرسال النسخة للتقييم، أضف إلى ذلك متاعب في العمليات اليومية للشركة، مثل عدم استخدام عناوين دقيقة لوصف موقع المستخدم لتسليمه المنتج، وضعف الثقة باستخدام بطاقات الائتمان عبر الإنترنت في المنطقة. ويرى «مانويل غروبر»، نائب الرئيس ومدير المنتجات في الشركة، أن موقع مطوري «أبل» قدم معلومات وافية للمطورين للبدء بتطوير التطبيق بشكل فعال. ويعزم الفريق على إضافة المزيد من الوظائف وتطوير تجربة الاستخدام أثناء التسوق الإلكتروني، بالإضافة إلى تطوير عملية تكامل التطبيق مع الشبكات الاجتماعية لمشاركة صفحات المنتجات المثيرة للاهتمام مع الآخرين. الجدير ذكره أن الشركة قامت بحملات مكثفة لجذب اهتمام المستثمرين العالميين وجمعت أكثر من 50 مليون دولار لتمويل المشروع الذي يتضمن تطبيق الهواتف الذكية. ألعاب ترفيهية عربية أما عبد الله الزبن وعلي دياب من الكويت، فأسسوا شركة «لمبة» Lumba في العام 2012 بهدف تطوير محتوى ترفيهي عربي عالي الجودة والتفرع بشكل كامل لذلك. وطور الفريق لعبة «فزعة» Tribal Rivals خلال 16 شهرا، والتي حصدت إعجاب الجماهير في السعودية لتحتل المرتبة الأولى من حيث عدد مرات التحميل لمدة أسبوعين. وواجه الفريق تحديات كثيرة خلال عملية التطوير، منها إقناع الناس بالقدرات الكامنة في ألعاب الأجهزة الجوالة، ولكن الشريكين اليوم يديران فريقا يتكون من 35 موظفا حول العالم وحققوا أكثر من 3 ملايين عملية تحميل إلى الآن. وطور الفريق 3 ألعاب؛ هي «فزعة» و«جيش التمساح» و«سلطان الصحراء». ومن الملاحظ أن جميع هذه الألعاب تستخدم أسلوب رسم جميل جدا ومتقن يعكس الهوية العربية. وتعتبر «فزعة» لعبة استراتيجية تدور أحداثها في الجزيرة العربية أوائل القرن العشرين، حيث يجب بناء بلدة المستخدم وتدريب قواته وتشكيل قبيلة ما أو الانضمام إلى قبيلة أخرى في ظل قصة ملحمية من الثأر والقيادة، وشن المعارك ضد الأعداء والآلاف من اللاعبين الآخرين. أما «سلطان الصحراء»، فهي لعبة بناء المدن العربية الضخمة، حيث يأخذ اللاعب دور تاجر عربي يرغب في بناء مدينة حديثة، بدءا من الأسس البدوية المتواضعة وصولا إلى إمارة ضخمة تشمل أصولا عقارية وأعمالا تجارية ومصادر للطاقة ومشاريع سياحية ومناطق صناعية كبرى، مع توسعة المدينة بشكل مستمر. وتبقى لعبة «جيش التمساح» التي يشارك فيها تمساح في بطولات كتائب جيش التمساح العظيم، وتطوير الكتائب ومحاربة الكتائب الأخرى.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/408841/تغييرات-طفيفة-على-الشكل-الخارجي-ومحرك-هو-الأقوى-في-عائلتها
2015-07-21 02:58:58
تغييرات طفيفة على الشكل الخارجي ومحرك هو الأقوى في عائلتها
لندن: «الشرق الأوسط»
كشفت شركة «أستون مارتن» النقاب عن نسختها الجديدة «دي بي 9 جي تي»، وهي طراز جديد سوف يصبح النسخة التي تنفد من «دي بي 9»، التي ظهرت منذ وقت طويل، وذلك فيما تستعد «أستون» لتقديم طراز جديد تمامًا هو «دي بي 11». والسيارة الجديدة هي أقوى إنتاج قدمته «دي بي 9» وأحد أفضل الموديلات تجهيزًا. وقدمت «أستون مارتن» مع «دي بي 9 جي تي» نظام ترفيه صوتي ومرئي شاملا، ومن المرجح أن تصبح طرازا نموذجيا عالي القيمة بالنسبة لجمهور«أستون مارتن». ويبدأ سعر السيارة من 140 ألف جنيه إسترليني. عمليا تبدو التغيرات التي أدخلت على الشكل الخارجي «من «أستون مارتن» طفيفة. وتؤكد الشركة أن هذا الأمر متعمد. وقد أصبح لـ«دي بي 9 جي تي» موزع أمامي أسود، وموزع خلفي، وهو ما يحدث تأثيرا ضئيلا على الأضواء الأمامية والخلفية، إضافة إلى تصميم جديد مكون من سبائك سمكها 20 بوصة. تم تأيين المكابح بالأسود، وسوف يلاحظ المالك كذلك نقش لحرفي «جي» و«تي» على فتحة خزان الوقود المصنوعة من الألمنيوم. إذا لم تكن تلك التغيرات تكفي، فيمكن للعملاء اختيار إضافة ألياف الكربون على الأضواء الخلفية، والأجزاء الجانبية، والموزع الأمامي، والموزع الخلفي، ويمكنهم اختيار سبائك مصقولة بسلاح ذي حد من الماس، وأقدام مكابح مختلفة. وطورت شركة «أستون مارتن» محرك «في» 12 سلندر، سعته 6 لترات، في «دي بي 9 جي تي»، وتنتج حاليا محركا بقوة 547 حصانا، وقوته 620 نيوتن. ولا يوجد على الطريق طراز أقوى من «دي بي 9». ويعني هذا أن «دي بي 9 جي تي» تستطيع الانتقال من صفر إلى 100 كلم/ الساعة في غضون 4.5 ثانية، وتبلغ سرعتها القصوى 295 كلم/ الساعة. ويعد إنتاج السيارة خطوة انتقالية من «في 12» إلى المحرك الأصلي لـ«دي بي 9» الذي أنتج عام 2003، والذي كانت قوته 456 حصانا. ووصلت القوة إلى 517 حصانا عام 2013. ولم تغير شركة «أستون» نظام «الترطيب التكيفي» ذا الثلاث مراحل، ومكابح الكربون السيراميكية، في «دي بي 9 جي بي»، ولم يتم إدخال أي تعديلات على نظام التعليق المعياري الأصلي. وأبقت «أستون» على ترتيب المقاعد (اثنين أماميين واثنين خلفيين) في «دي بي 9 جي تي»، بدلا من التغيير إلى نظام المقعدين الأماميين. وألصقت شعار «جي تي» على المقاعد الأمامية المصنوعة من الجلد «غلين كو» من أجل إضافة تفاصيل تجذب العملاء. ويميز الشكل المتسق لوحة مؤشرات القيادة في «دي بي 9 جي تي»، وهناك عجلة قيادة «ألكانتار» في الـ«كوبيه». وكذلك تقدم شركة «أستون» مجموعة متنوعة من الخيارات التي تقتصر على «دي بي 9 جي تي» مثل «آيس موكا»، أو «كوبر كيوبروم» على الكونسول المركزي، ومقاعد جلدية من درجتي لون، وعجلة قيادة «وان 77». وكل هذا يجعل من السيارة فريدة من نوعها. وأخيرا وبعد طول انتظار أدخلت «أستون مارتن» نظام ترفيه سمعيا ومرئيا شاملا جديدا حساسا للمس في «دي بي 9 جي تي» الجديدة. وتطويرًا لنظام «إيه إم إي»، الذي كان في «فانكويش». يتسم «إيه إم إي 2» بالعصرية من حيث الاستخدام. ولديه نظام قائمة جديد يتسم بالوضوح، وتزعم «أستون» أنه سهل الاستخدام. كذلك تمت إضافة خاصية الرسائل النصية، وقائمة توضح حالة السيارة على نحو أفضل، فضلا عن رسوم في الخلفية يمكن للمستخدم تغييرها. كذلك من السمات المعيارية الثابتة «دي إيه بي»، و«بلوتوث»، و«يو إس بي»، حيث تزعم الشركة توفيرها للاتصال والترفيه ببساطة وسهولة. وليست «دي بي 9 جي تي» هي الأكثر تميزا بين منتجات «أستون مارتن»، لكن هذا يزيد من قبولها. لقد شهدنا كم كانت التغيرات الظاهرية طفيفة، وربما كانت أبرزها العلامة الموجودة على الجزء الخلفي من السيارة. مع ذلك، تعني تلك العلامة ثلاثة أمور بالنسبة إلى المتحمسين لـ«أستون مارتن»، أنها أقوى سيارة «دي بي 9» على الإطلاق، وأنها لها الفخر بتقديم نظام الترفيه السمعي والبصري الجديد، وأنها أحدث نسخة من «دي بي 9». «دي بي 9 جي تي» أكثر عصرية من شقيقاتها مع الحفاظ على هويتها المميزة التي تتمتع بشهرة عالمية. تم تصميم «أستون مارتن دي بي 9» على أيدي إيان كالوم، في حين وضع هنريك فيسكر التصميم النهائي الذي تم إنتاجه رغم إصرار كالوم على أن الجزء الأكبر من التصميم كان من إبداعه. وظهر التصميم للمرة الأولى في معرض فرانكفورت للسيارات عام 2003. ولم يتغير التصميم كثيرًا على مدى سنوات. وتم إدخال تغيير بسيط عليه عام 2008 كان يركز بالأساس على الكونسول الداخلي. وحدث تغيير آخر أكثر وضوحا في الشكل عام 2013 استفاد من التفاصيل، التي شهدناها في «فيراج» التي كان عمرها قصيرًا. كانت التغيرات الأساسية تتمثل في مقدمة أكثر صلابة في «دي بي 9 جي تي»، وجانب بارز على نحو أكثر وضوحا، ومؤخرة أكبر. كذلك تمت إطالة المنافذ الجانبية الشهيرة في الأجنحة الأمامية نحو الخلف باتجاه الأبواب، وأصبحت السبائك أكبر حجما. وكان هذا تطورا كبيرا فاق ثورة «أستون مارتن - دي بي 9» على مدى 12 عام وهو ما يوحي أن التصميم كان سليما واختيارا موفقا منذ البداية. وطورت «أستون مارتن» «فإنتاج» و«رابيد إس» لطراز عام 2016، وشملت التغييرات اللون، والتفاصيل الدقيقة، والسمات الفنية لكليهما.. لأن «عملية التطوير المستمر، والتعديل والتحسين للسيارات الرياضية عملية لا تتوقف» على حد قول الرئيس التنفيذي لـ«أستون». وتمت إضافة نظام ترفيه سمعي وبصري، الذي يوجد في «دي بي 9 جي تي» إلى كل من «فانتاج» و«رابيد إس»، حيث صرحت الشركة بأنها أدمجت سمات جديدة مثل القوة، والعدادات التي ستروق إلى سائقي سيارات «فانتاج» الرياضية بوجه خاص. وهناك جملة من الإضافات الداخلية المتميزة، في حين تمت إضافة لونين جديدين في الخارج، هما البرتقالي والأسود، وهو أمر صادم، مثلما كان الأمر في الألوان الداخلية المتاحة وهي الأحمر القاني، والأخضر، والأسود، والبرونزي. وهناك كونسول مركزي حساس للمس في «فانتاج»، وهو من سمات بعض سيارات «أستون مارتن» الأخرى. ومن المقرر أن يتم طرح كل من «16 إم واي فانتاج» و«رابيد إس» في الأسواق خلال خريف عام 2015.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/408096/الإرهابيون-في-سينما-اليوم-خليط-يتصدره-أوروبيون
2015-07-21 02:58:59
الإرهابيون في سينما اليوم خليط يتصدره أوروبيون
لندن: محمد رُضــا
جيوفاني زلكو عامل إضاءة وكهرباء في الأفلام منذ أن كان فتى سنة 1996. هو واحد من الذين يترامون في خلفية المشاهد التي يتم تصويرها. يقف مراقبًا ما يدور أمامه وعما إذا ما كان شغله على الإضاءة أو الإلكترونيات سيحتاج إلى تعديل أو لا. في «غودزيللا» (نسخة 1998) كان تقنيًا كهربائيًا وفي «سحرة» (2000) نزلت رتبته إلى «مصلح أعطال كهربائي». عادت فارتفعت في «ملائكة تشارلي» و«تقريبًا مشهور» واستمرّت على هذا النحو حتى قرر أنه يريد أن يصبح مخرجًا. كان راقب جيمس كاميرون إذ عمل في جناح الإلكترونيات على فيلمه «أفاتار» (2009). جلس إليه واستمع منه إلى بداياته الأولى، وخرج - كمال قال في مؤتمر صحافي على هامش مهرجان لوس أنجليس في العام الماضي - وهو راغب في أن يتحوّل إلى مخرج. هذه الرغبة أدّت إلى الانتقال فعلاً إلى الوقوف خلف الكاميرا كمخرج هذه المرّة في فيلم بعنوان «الجزائري» شهد عرضه العالمي الأول في مهرجان مونتريال السينمائي في كندا قبل نحو عام وسيشهد عروضه التجارية الأميركية في السابع من أغسطس (آب) المقبل. تتحدث الحكاية عن إرهابي جزائري اسمه علي يتسلل إلى الولايات المتحدة بعد العام 2001 في مهمّـة إرهابية جديدة. يمر بلوس أنجليس ونيويورك ولاس فيغاس بحثًا عن المكان والوقت المناسبين للقيام بالمهمّـة، لكنه خلال هذه الرحلة يبدأ بتشرّب ثقافة مناوئة. يتعرّف، حسب وصف المخرج، للناس الذين من المفترض أن يصبحوا ضحاياه ويدرك بأنه سوف لن يستطيع الإقدام على فعلته فينبذها. ردود أفعال القصّـة من بنات أفكار الممثل الجزائري بن يوسف والسيناريو من شغله لجانب زلكو نفسه. من الممثلين الأميركيين هاري لينكس (ظهر في «رجل من فولاذ») وجوش بنس («الخلية الاجتماعية») وكانديس كوك («يا بني، يا بني، ماذا فعلت؟» والممثل المخضرم (كان يظهر في أفلام جون كازافيتيس بكثرة) سيمور كاسل. وهناك بعض الممثلين العرب الآخرين ومنهم زهير حداد (كان له دور في فيلم «مطاردة السعادة») وسعيد فرج («منطقة خضراء»). كذلك فإن أحد المنتجين هو شخص عربي اسمه كليم أنصاري. ليس معروفًا بعد ما سيكون رد فعل النقاد والمشاهدين على حد سواء. هذا فيلم مستقل من توزيع محدود لكن النقاد الأميركيين لا يفوّتون فيلما مهما كان صغيرًا. ما هو مؤكد أن الكثير من التداول سوف يتمحور حول الإرهاب وسيتم إدراج عدد من الأفلام الأخرى التي تعاملت وقضايا الإرهاب. لكن من المثير للملاحظة أن هوليوود من بعد 2001 لم تقفز من مكانها لإنتاج أفلام تصوّر المسلمين والعرب كأشرار. في الواقع، عدد الأفلام التي صوّرت العرب أو المسلمين أشرارًا قبل 2001 هو أكثر من عددها بعد ذلك التاريخ. جيمس كاميرون نفسه كان عنده سنة 1994 فيلم يمكن لنا إدخاله في قائمة الأفلام المعادية للعرب هو «أكاذيب حقيقية» حيث يتدخل المحارب عميل المخابرات الأميركية أرنولد شوارزنيغر لينقذ الولايات المتحدة من خطّـة إرهابية ولينسف مقر المنظّـمة التي تفكر في تنفيذها. في العام 2004. أي بعد ثلاث سنوات من كارثة سبتمبر (أيلول) 2001. قام المخرج تري باركر بكتابة وتنفيذ فيلم يميني جارف من الرسوم المتحركة بعنوان «فريق أميركا: وورلد بوليس»، كال فيه على الإرهابيين العرب الذين يخططون، أيضًا، لتنفيذ مهام إجرامية بدءًا بنسف برج إيفل في باريس. هناك فرق شاسع بين فيلم ينتقد وآخر يعادي. بين فيلم يوحي ويسأل أو يقترح، وفيلم يؤكد ويلوّح بالتهم ويوجه تهمه مشفوعة بالعنصرية والحقد. فتش عن الأجنبي هذا الحد من الأذى سجل في الثمانينات أكثر من أي عقد مضى وكان من بين أفلامه «دلتا فورس» الذي أخرجه الإسرائيلي مناحيم غولان كفيلم أميركي من بطولة تشاك نوريس ولي مارفن. بعده بأربع سنوات نجد ويليام فريدكين («طارد الأرواح») يدلي بدلوه في «شروط التعامل» Rules of Engagement حول عملية إنقاذ رهائن في بلد عربي حيث من حق الجنود والمنفّذين الأميركيين، اعتبار كل الشعب (وليس هنا من مبالغة) إرهابيين يستحقون القتل. بعد العام 2001 نجد أن الاهتمام الطاغي في هذا المجال هو التوجّـه نحو واحد من حلّـين: بحث المسألة على نحو سياسي يقارن بين المسببات والنتائج (كما في حال الأفلام التي تعاطت والأوضاع العسكرية في الشرق الأوسط ومنها «منطقة خضراء» و«كيان من الأكاذيب») أو على نحو يوزّع الإرهاب على جنسيات كثيرة أخرى، منها ما هو بريطاني وألماني وروسي وكوري. في «ميونيخ» (2005) (الذي مثل فيه بن يوسف بطل «الجزائري» دورًا) حاول المخرج ستيفن سبيلبرغ إمساك العصا من منتصفها. عاد إلى عملية ميونيخ وما نتج عنه وصوّر إرهابًا في مواجهة إرهاب من دون أن يكترث لمن بدأه. لكن الفيلم حظي بهجوم من الإسرائيليين كما من العرب على حد سواء. «كيان من الأكاذيب» لريدلي سكوت سجل تهمًا من أطراف مختلفة أيضًا. بعض العرب وجده معاديا وبعض الأميركيين وجده متجنيًا لكن الفيلم الذي قاد بطولته ليوناردو ديكابريو دار، فعليًا، حول خداع وكالة المخابرات الأميركية لعملائها الذين أرسلتهم لتقفي إرهابي عربي يعيش في الأردن. بذلك يجد العميل نفسه أمام عدو مزدوج إذ تحاول المؤسسة الأميركية خداعه والتضحية به. وكشف هوية العملاء ساد حكاية فيلم «لعبة عادلة» لدوغ ليمان (2010): ناوومي ووتس كانت العميلة التي تتسلل إلى العراق لتطويع بعض خبراء الذرة فيها. فجأة يتم الكشف عن اسمها ما يعرض لا عملياتها فقط، بل حياتها وحياة الآخرين إلى الخطر. والسي آي إيه فعلت ذلك، سينمائيًا، في أفلام أخرى كثيرة. لب وجوهر سلسلة «المهمّـة: مستحيلة» في أجزائه الأربعة إلى الآن (الخامس يحل مع نهاية هذا الشهر) هو أن وكالة المخابرات، منذ الجزء الأول، سنة 1996 (أخرجه برايان دي بالما) وحتى الأخير وهي تحاول أن تجهز على فريقها الجاسوسي الذي يقوده توم كروز. الإرهابيون في هذه السلسلة ليسوا عربًا أو مسلمين، بل من أقوام آخرين. هذا الأمر لا يلاحظه المتابعون والمثقفون العرب عندما يضعون كل بيض هوليوود في سلّـة واحدة، ولا يلاحظون كذلك أن العدو الأول للعميل جاسون بورن، في سلسلة «بورن» (رباعية حتى الآن أيضًا) هي المخابرات الأميركية التي تواصل محاولاتها لقتله فيلما بعد آخر. حتى سلسلة جيمس بوند نحت نفسها عن موضوع المنظمات الإرهابية العربية أو الإسلامية. معظم ما تم إنتاجه منها (وليس كلها) يتعامل ومنظّـمات هي أرقى تقنيًا وأكثر خطرًا يديرها منشقون وإرهابيون فرنسيون وروس وصينيين وأميركيين بين غربيين آخرين. بعض الأحداث في «الجاسوس الذي أحبّني» (1977) تقع في مصر لكن الأشرار الأساسيين هم من خارجها. في «أبدا لا تقل أبدا مرة أخرى» (1983) هناك الكثير من الأشرار في المغرب، لكن القوى المديرة لهم هي أوروبية. وفي آخر الأمثلة، فإن الإرهابيين في «الناجية» لجيمس ماكتيغ وبطولة بيرس بروسنان، هم أوروبيون شرقيون وفي «أولمبوس سقط» لأنطوان فاكوا هم أميركيون متعاونون مع كوريين شماليين والعدو في «المستهلكون 3» هو أميركي ألّـف جيشًا من المرتزقة ليس من بينهم عربي واحد. بالطبع لا يعني ذلك أن هوليوود تحاول إنصافنا، لكننا ربما بتنا عملة قديمة لا تصلح للتسويق خصوصًا وسط الأحداث التي تنبري فيها المنظّـمات المتطرفة إلى ما يتجاوز الإرهاب وحده كونها اليوم جيشًا من المحاربين الذين يهددون العالم العربي كما لم يفعل استعمار أو احتلال غربي من قبل.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/408121/صحتك-في-عيد-الفطر
2015-07-21 02:59:01
صحتك.. في عيد الفطر
جدة: د. عبد الحفيظ يحيى خوجة
يواجه بعض الناس مشكلات صحية تتكرر في كل عام مع حلول عيد الفطر المبارك. وهذه المشكلات الصحية تكون في الغالب إما مرتبطة بالسلوكيات الغذائية الخاطئة، أو بالممارسات الرياضية الترفيهية العشوائية وغير المقننة. فبعد الانتظام على تناول الطعام في أوقات محددة خلال شهر رمضان وتقنين أصنافه ونوعياته، يأتي العيد محملاً بكل ما لذ وطاب، كاسرا كل القواعد والحميات الغذائية، متسببا في الإصابة بالمشكلات الصحية التي قد تنتهي بزيارة المستشفيات. ومثلا يعاني كثير من الناس في فترة العيد من ارتباك في وظائف الجهاز الهضمي أو تدهور في مستوى تحكمهم في الأمراض المزمنة التي يعانون منها سابقا كمرضى السكري والقلب وارتفاع ضغط الدم وأمراض الحساسية الصدرية. اضطرابات الهضم يؤكد الدكتور أحمد غرم الله الخماش الزهراني أخصائي الأمراض الباطنية ومدير العيادات الخارجية سابقا في مستشفى الملك فهد بجدة - على حدوث كثير من المشكلات الصحية في مواسم الأعياد والإجازات وذلك من خلال خبرته السابقة ومشاهداته الإكلينيكية مع المرضى. وقد أعزى حدوث تلك المشكلات إلى التهاون الواضح من الناس سواء الأصحاء منهم أو المرضى المزمنين، فمثلا تحدث اضطرابات الجهاز الهضمي نتيجة الإسراف وعدم التدرج في تناول الأطعمة لا سيما المحتوية منها على كثير من السكريات والدهون، ويحدث هذا كون الجهاز الهضمي كان قد اعتاد على الصيام لساعات طويلة خلال شهر رمضان وعلى مواعيد ثابتة لتناول الطعام كالإفطار والسحور، ومن ثم يفاجأ البعض بأعراض طارئة تنغص عليهم بهجتهم بفرحة العيد والانخراط في فعاليات المناسبة السعيدة المختلفة مع الأهل والأصدقاء، فضلا عن من يعاني أصلا من أمراض مزمنة كداء السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والكلى وغيرها من العلل الجسدية الأخرى والتي تحتاج إلى نظام حمية غذائية معينة. وجبات شائعة أوضح د. الزهراني أن الكثير من الدراسات المختلفة تبين أن أقسام الطوارئ بالمستشفيات تكتظ بالمراجعين من المرضى في فترة العيد وخصوصا من الأطفال وتكون الشكوى عادة إما نزلات معوية حادة، وهي تمثل في بعض الدراسات ما يقارب 60 في المائة من الحالات أو نزلات الشعب الهوائية والتهابات الجهاز التنفسي العلوي وهي تمثل نسبة 30 في المائة نتيجة تناول المثلجات المختلفة. وتحت ضغوط العادات والتقاليد الاجتماعية يضطر البعض إلى المجاملة بتناول أنواع الطعام التي قد لا تناسب وضعهم الصحي وكذلك بالخلط بين أنواع الأطعمة الكثيرة (لكثرة الزيارات) ناهيك بجلب هذه الأغذية والحلويات إلى المنزل مما يسبب للكثيرين من أفراد الأسرة تلبكًا معويًا بسبب تغيير النظام الغذائي بشكل عشوائي، كما يتسبب في زيادة مفاجئة للوزن، وفي بعض الأحيان تصل المشكلة إلى حالات تسمم غذائي بسبب تناول أطعمة ملوثة من الخارج، خصوصا مع الأطفال. اشتداد الأمراض المزمنة ويضيف د. الزهراني أن حالات ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر في الدم لدى مرضى داء السكري وغيرها من الأمراض المزمنة هي على قائمة الأمراض التي تزداد في فترة العيد نتيجة تناول كميات كبيرة من الوجبات الغنية بالملح والمخللات والمحليات السكرية. لذلك ينصح الأطباء عامة الناس تقسيم وجباتهم في أول أيام العيد إلى 4 أو 5 وجبات خفيفة وتجنب الملح والسكريات والدهون لتفادي حدوث ذلك الخلل وللوقاية من التخمة وعسر الهضم في أيام العيد الأولى، مع الحرص على تناول 8 أكواب من الماء تقريبا كل يوم بالإضافة إلى الحرص على زيادة تناول الفواكه الطازجة والخضراوات الورقية لما لذلك من فوائد كبيرة في الحفاظ على توازن السوائل في الجسم والمحافظة على كفاءة أداء أجهزة الجسم كالكلى والمسالك البولية والجهاز الهضمي. وهنا ننصح بالتقليل أو الاعتدال في تناول بعض النوعيات التي لا تعتبر ضمن العناصر الغذائية الرئيسية مثل العصائر غير الطبيعية، والشوكولاته، والحلويات، والأطعمة الدسمة. كما يجب التأكد من سلامة مصادر الطعام وتجنب الشراء من المطاعم التي لا تلتزم بمعايير الصحة والنظافة، وتلك التي تقدم الأطعمة مكشوفة، وبعض الأنواع سريعة العطب والفساد كالتي تحتوي على الميونيز مثل ساندويتشات البيض، والشاورما، والكبدة.. إلخ. سلوكيات خاطئة ويشير د. أحمد الزهراني إلى ما يلاحظ أيضا من بعض السلوكيات الترفيهية الخاطئة في العيد، خصوصا لدى الأطفال كالإفراط في استخدام الألعاب النارية والمفرقعات من دون رقابة كافية من الوالدين، وأغلب الألعاب النارية تحتوي على مركبات كيميائية وفلزات ومواد متطايرة قد تؤدي إلى إلحاق الضرر بهم، فالبارود المستخدم في الألعاب النارية مثلا يحتوي على الفحم والكبريت، كما تحتوي المفرقعات على نترات البوتاسيوم والألمنيوم وهي التي تساعد على إطلاق الشرر في كل الاتجاهات مما قد يتسبب في حرق الوجه واليدين والعينين، وقد تصل إلى حروق من الدرجة الثالثة، وهو ما نشاهده بأعيننا نحن الأطباء في أقسام الطوارئ في أيام العيد، فضلا عن حالات الاختناق وصعوبة التنفس وهيجان حالات الربو نتيجة استنشاق أول أكسيد الكربون المنبعث من احتراق هذه الألعاب النارية، وما يحدث لهؤلاء الأطفال هو مسؤولية مشتركة تقع على عاتق كل من الأسرة، والمؤسسات المجتمعية المختلفة والإعلام وذلك من خلال بث الوعي بين الأطفال بأخطار هذه الممارسات غير المسؤولة ومحاسبتهم على النقود التي تصرف دون رقيب أو حسيب.. ومن الأخطاء الشائعة أيضا الرياضات التي تمارس خلال أيام عيد الفطر على طريق الكورنيش أو في البر مثل ركوب الدراجات النارية وامتطاء الخيول، ولا يخفى ما لهاتين الرياضتين من تأثير على الأطفال الذين يمارسونها لأول مرة دون سابق خبرة وأيضا على من يعانون من آلام مزمنة في العمود الفقري نتيجة انزلاقات غضروفية مثلا، أو الآم الحوض أو خشونة المفاصل مما قد يتسبب في مضاعفة الألم في مثل هذه الحالات وعدم الاستمتاع ببقية أيام العيد. ولا ننسى مشكلات رياضة السباحة وحالات الغرق التي تنجم عنها مثلا سواء ممارستها في البحر أوفي المسابح غير المجهزة بأدوات السلامة، خصوصا على الأطفال غير المدربين تدريبا كافيًا وغير مراقبين من ذويهم مما قد يؤدي إلى الوفاة لا قدر الله. نصائح عامة * نظرًا لأن العيد في هذا العام يأتي في فصل الصيف، فمن المستحسن الخروج إلى الأماكن المفتوحة والحدائق في أوقات مناسبة، بعد العصر أو المغرب مثلا حتى نبتعد عن مشكلات الحر. * الاعتدال في تناول الطعام وخصوصا أطباق الحلوى والمكسرات، وتجنب قدر الإمكان مغريات حلويات العيد اللذيذة والعصائر والضيافات الشهية أثناء زيارات الأهل والأصدقاء وعدم التهاون بتناول الحلوى هنا وكوب العصير هناك فهذا سيساهم في زيادة الوزن بنسبة كبيرة. * يمكن استبدال تناول الحلويات بتناول الفاكهة الغنية بالفيتامينات والمعادن والتي تحتوي على كمية أقل بكثير من السعرات الحرارية. * تجنب المشروبات الغازية التي تزيد من امتلاء البطن وتكوين الغازات كما أنها تساعد في زيادة تكلسات الجهاز البولي. * عند تناول الغذاء خارج البيت، يجب الحذر من مصادر التلوث والتسمم الغذائي كالأطعمة المكشوفة، مع الاهتمام بغسل اليدين قبل الأكل. * عدم إهمال العناية بالأطفال ومنحهم مزيدا من الانتباه لتلافي وقوعهم في الحوادث، فهم لا يميزون الصحيح من الخطأ كتناول أطعمة ملوثة، واللعب في أماكن قد تسبب لهم الأذى كركوب بعض الألعاب التي فيها دوران سريع تؤثر على أدمغة الأطفال، أو حتى استخدام الألعاب النارية التي قد تحيل فرحة العيد إلى أحزان لا سمح الله. * تنظيم مواعيد النوم وعدم الإفراط في السهر ليلا، تمهيدا للعودة إلى مواعيد العمل والدراسة لاحقا. * الحرص دائمًا على ممارسة النشاطات الرياضية والمشي فهي أفضل طريقة للمحافظة على اللياقة الصحية.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/409896/العيد-يدفع-«العقارات-الترفيهية»-إلى-تصدر-المشهد-العقاري-السعودي
2015-07-21 02:59:03
العيد يدفع «العقارات الترفيهية» إلى تصدر المشهد العقاري السعودي
الرياض: عبد الإله الشديد
يتصدر قطاع تأجير العقارات الترفيهية في العاصمة السعودية المشهد العقاري خلال أيام عيد الفطر المبارك في أهم موسم له طوال العام، حيث بدأ الحجز عليها مبكرا قبل حلول العيد بفترة تصل إلى عدة أسابيع وذلك لضمان الحصول على مكان مناسب لقضاء أيام العيد فيه، وهو الأمر الذي دفعها إلى الوصول إلى قيم مرتفعة تصل إلى الضعف، في ظل محدودية الأماكن الترفيهية المتوفرة محليا في الوقت الذي تبذل فيه المتوفرة أقصى طاقاتها التشغيلية لاستيعاب أكبر عدد ممكن. وتلعب درجات الحرارة المرتفعة التي تعيشها السعودية بشكل عام والرياض بشكل خاص دورا في الدفع بهذا النوع من العقارات لتسجيل معدلات تشغيل مرتفعة، وتشمل هذه العقارات الشاليهات الترفيهية، والمباني الترويحية، وتسمى محليا بـ«الاستراحات» وهي عبارة عن مبان تحتوي على مسطحات خضراء ومسابح المائية، وتكون عادة ذات خصوصية كاملة لعائلات بمفردها دون الاختلاط مع غيرهم، وبلغت نسبة تشغيل هذا النوع من العقار نحو 100 في المائة، في ظل غياب قانون يقنن الأسعار وتركها لأغراض العرض والطلب. يقول باسم إبراهيم الذي يدير سلسلة من الشاليهات المتخصصة بالتأجير اليومي، إن أيام العيد ورغم محدودية مدتها تشكل رقما لا يستهان به في تحقيق الأرباح عبر زيادة نسبة الحجوزات الذي يصاحبه ارتفاع طبيعي من الأسعار، نظرا إلى ارتفاع الطلب إلى مستويات كبيرة تقفز بشكل مستمر حتى ليلة دخول العيد إن وجدت، حيث يفوق العرض الطلب بأضعاف مضاعفة، إلا أن ذلك لم يتسبب بتاتا في العزوف عنها بل إن بعض الشاليهات تم حجزها قبل دخول شهر رمضان المبارك وذلك لضمان الحصول على مكان مناسب لقضاء العيد، خصوصا للعائلات صغيرة الحجم التي لا ترتبط عادة بالاجتماعات الكبرى، لافتا إلى أن هذه الفئة في ازدياد وذلك ابتعادا عن النمطية المعروفة لقضاء الأعياد. وأضاف: «نمتلك ما يزيد عن 40 وحدة سكنية ترفيهية (شاليه) مجهزة بتجهيزات مختلفة وبأسعار متفاوتة، تبدأ من 1200 ريال (320 دولارا) للأصغر، وتنتهي بـ4800 ريال (1280 دولارا) بالنسبة للجناح الملكي، إلا أن آخر شاليه شاغر تم حجزه قبل حلول يوم العيد بأسبوعين، رغم عدم إعلانهم أو تسويقهم له»، لافتا إلى أن حرارة الطقس ساهمت وبشكل فعال في اللجوء إليهم، خصوصا أن أيام العيد من أهم المناسبات التي تحرص فيها العائلة السعودية على الخروج من المنزل وقصد المزارات السياحية. ورغم اتساع مدينة الرياض على النطاق العمراني والسكني، فإنها لا تزال تفتقر إلى حد كبير لوجود المتنزهات الكبرى أو حتى الأماكن الترفيهية العامة، وحتى وإن وجدت فإنها لا تستطيع تغطية التوسع الجغرافي والسكاني الكبير للعاصمة السعودية التي تعتبر من أكبر العواصم على مستوى الشرق الأوسط، بل وجودها يعتبر محدودا ولا يعتبر جاذبا كبيرا لقضاء فترة الأعياد فيها خصوصا للعائلات كبيرة العدد. وفي صلب الموضوع أوضح سعود الطوالة الذي يمتلك الكثير من الاستراحات المخصصة للمناسبات، أنهم في شهر رمضان المبارك يسجلون أدنى معدلات الأشغال على مستوى العام خصوصا للاستراحات الكبيرة المخصصة للمناسبات، نظرا إلى انشغال الناس عن الخروج لها وقضاء الشهر في العبادة والاستعداد للعيد، لذا فإنهم يستغلون هذه الفترة لعمل صيانة عامة استعدادا للعيد والفترة التي تليه، لذلك تجد أن معظم الاستراحات تتغير بعد العيد، باعتبارها فترة للتجديد، ملمحا إلى أن هناك ارتفاعا خاصا في الأسعار في فترة العيد لا يقل عن الضعف في أحسن الأحوال، موضحا أنهم يغطون نسبا صغيرة مقابل الإقبال الكبير حيث تحتاج السوق المتنامية إلى عشرات السنين لتغطيتها وهو ما لن يتم. تجدر الإشارة إلى أن تسعيرة الاستراحات في السعودية بشكل عام، يتم تحديدها عن طريق المالك، ولا توجد أي جهة حكومية تتبنى تحديد الأسعار ومراقبتها منعا للاستغلال، لذلك تجد أن للمواسم أسعارا خاصة تكون غالبا ذات قيمة مبالغ فيها، ويكون رأي العميل فيها القبول بالاستئجار أو الرفض والبحث عن غيرها، رغم تشابه أسعارها إلى حد كبير. وعن أسعار الاستراحات في العيد، أوضح الطوالة أنها تختلف باختلاف منطقتها أولا، وبحسب حجمها وتجهيزاتها، مبينا أن بعض الاستراحات تكون ذات تكاليف باهظة تصل إلى ملايين الريالات، تتميز بفخامتها ومساحتها الشاسعة وتجهيزاتها الحديثة، لافتا إلى أن بعضها تكون استراحات ذكية، تنفرد عن غيرها بإدخال التكنولوجيا والتقنية عليها لخدمة كبار العملاء، إلا أنها تبدأ على العموم من مبلغ 800 ريال (214 دولارا)، لتصل إلى 15 ألف ريال (4 آلاف دولار) في اليوم الواحد أو خلال فترة عطلة العيد، وهناك حالات شاذة، إلا أن هذه الأرقام تعتبر متوسطة بشكل عام. يذكر أن السعوديين يفضلون الخروج إلى مثل هذه النوعية من المتنزهات، لتميزها بالخصوصية الكاملة التي توفرها، مقارنة بالمتنزهات العامة أو المختلطة، التي تجمع العائلات جميعها في مكان واحد، إلا أن العادات والتقاليد كان لها أثر كبير في إنجاح هذه النوعية من العقارات الترفيهية الخاصة، التي تحرص على الخصوصية قبل كل شيء. ومن جهة أخرى، برر ناصر الضعيان المستثمر في قطاع الترفيهي، الأسعار الموضوعة خلال عيد الفطر على الاستراحات، إذ أكد أن التكاليف العامة ارتفعت بشكل كبير، وأنهم، ومع حلول شهر الصيام، صاموا أيضا عن تحقيق الأرباح، نتيجة عزوف العملاء، إلا أن أيام العيد ما هي إلا بداية لتحقيق الأرباح، مبينا أن الأسعار بشكل عام معقولة بدليل إتمام تأجير معظم الشاليهات والاستراحات قبل العيد بفترة، لافتا إلى أن معظم العملاء لا يفكرون في الارتفاع الحاصل، نظرا لأنها من المناسبات السنوية القليلة التي تجمع أبناء العائلة في زمان ومكان واحد. وزاد الضعيان أن متطلبات العناية بالمنشأة الترفيهية مكلفة للغاية، مثل مبالغ الاهتمام بالمسطحات الخضراء، التي تحتاج إلى عناية خاصة في ظل الطقس الحار، إضافة إلى ضرورة تجديد المياه بالنسبة للمسطحات المائية، من فترة لأخرى، وهي عملية باهظة السعر، مرورا بارتفاع أجور العمالة والأثاث الذي يجب تبديله من فترة إلى أخرى، موضحا أن هذه الأيام تشهد تشغيل جميع القطاعات الترفيهية طاقاتها الممكنة للاستفادة الكاملة من عيد الفطر المبارك. هذا ويتراوح العائد المتوسط على هذا النوع من العقارات ما بين 10 إلى 15 في المائة سنويا، وشهد خلال فترة ماضية ازديادا في الاستثمار، وينتظر أن يشهد حركة واسعة خلال الأشهر المقبلة، مع اعتدال الجو وانخفاض درجات الحرارة. يشار إلى أنه لعدم وجود مسطحات مائية طبيعية في الرياض، فقد ساهمت هذه التركيبة الجغرافية الصحراوية على ضرورة إيجاد مسطحات مائية صناعية، التي بدورها ضغطت على الأسعار نحو الارتفاع، نتيجة تكلفتها المرتفعة، بحسب تأكيدات عدد من أصحاب الشاليهات والأماكن الترفيهية.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/372066/«قياس-أسلوب-حياة-الإنسان»-ثورة-رقمية-صحية
2015-07-21 02:59:04
«قياس أسلوب حياة الإنسان».. ثورة رقمية صحية
واشنطن: أريانا إنجوانغ تشا
منذ اللحظة التي يصحو فيها من النوم صباحًا كل يوم، وعلى امتداد يومه حتى الليل، تدور حياة لاري سمار حول سلسلة من الأرقام: معدل قلب هادئ يبلغ 40 نبضة في الدقيقة، وضغط دم 130-70 (ملم زئبق)، ومستوى ضغط عصبي (أي توتر) يبلغ 2 في المائة، 191 رطلا، 8000 خطوة تم قطعها، 15 طابقًا قطعت صعودًا، و8 ساعات نوم. وقد يجعل هذا من سمار، العالم المتخصص في الكومبيوتر، أكثر إنسان على وجه الأرض يجري قياسه. وعلى امتداد 15 عامًا، أبدى البروفسور الذي يعمل في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، ولعه بما وصفه بأنه أكثر الموضوعات التي عايشها تعقيدًا: جسده! * عناصر قياس يحتفظ سمار بمقاييس لأكثر من 150 من العناصر، بعضها يتولى قياسه باستمرار فورًا، مثل نبضات القلب والحركة، وما إذا كان واقفًا أو جالسًا أو مستلقيًا على ظهره، باستخدام جهاز لا سلكي مرتبط بالحزام الذي يرتديه. بينما يتابع قياسات أخرى، مثل وزنه، بصورة يومية. وهناك عناصر لا يقيسها إلا مرة كل شهر، مثل ما يتعلق بالدم والبكتريا الموجودة في أمعائه. ويقارن سمار بين الأسلوب الذي يتعامل به مع جسده بالأفراد الذين يتولون مراقبة سياراتهم وصيانتها. وعن ذلك، قال: «نحن نعلم على وجه التحديد حجم الوقود في السيارة، ودرجة حرارة المحرك، والسرعة التي نسير بها. وعليه، فإن ما أقوم به هو وضع رسم بياني لجسدي». في وقت مضى، ذاع صيت سمار باعتباره رئيس مختبر بحثي تولى مارك أندريسين داخله تطوير متصفح الإنترنت للشبكة العنكبوتية مطلع تسعينات القرن الماضي. أما اليوم، فمن المحتمل أن يتحول سمار، 66 عامًا، لزعيم حركة عالمية بين الأشخاص العاديين لـ«قياس» أنفسهم باستخدام أجهزة تعنى باللياقة البدنية ومعدات طبية وكاميرات يمكن ارتداؤها، بجانب الاختبارات المختبرية التقليدية والأخرى التي تجري داخل المنزل - كل ذلك بهدف إيجاد سبل للحفاظ على أجسادهم وعقولهم لمعاونتها على العيش حياة أطول وأكثر صحة - وربما اكتشاف بعض الحقائق المهمة عن أنفسهم وهدفهم في الحياة. * ثورة رقمية ويأتي هذا الانتشار الواسع في القياس الدؤوب لمختلف وظائف الجسم كجزء من ثورة رقمية بمجال الرعاية الصحية بقيادة الخبراء التقنيين الذين ابتكروا نظما خاصة بشركات «أبل» و«غوغل» و«مايكروسوفت» و«صن».. وباستخدام رقائق وقاعدة بيانات ورياضيات خوارزمية نجحت في إجراء ثورة معلوماتية على امتداد العقود القليلة الماضية، يحاول هؤلاء حاليًا إعادة بناء وتحفيز وبرمجة الجسد البشري. وفي خضم مجمل البيانات التي يجري جمعها من ملايين أجهزة التتبع الشخصية، تظهر أنماط قد تكشف النقاب عن العناصر الموجودة في الأنظمة الغذائية وأنظمة إنقاص الوزن والبيئة المحيطة بالإنسان، التي ربما تسهم في حدوث الأمراض. والتساؤل القائم الآن: إن كان بالإمكان استخدام أنماط النشاط البدني في تتبع صحة القلب لدى الأفراد فحسب، فهل يمكن استخدامها أيضًا في توجيه القرارات المتعلقة بالمكان الأمثل لبناء متنزه عمومي وكيفية تحسين بيئة العمل؟ وهل يمكن للمعنيين بمسألة التتبع العثور على تجمعات سرطانية أو قنوات مائية ملوثة؟ وعلى سبيل المثال، يستخدم مشروع رائد في لويزيانا مشتقات مزودة بأجهزة استشعار لتحديد بؤر تمركز الربو داخل المدينة. من جهته، قال فينود كوسلا، أحد مؤسسي «صن» والمستثمر في عدد من الشركات الناشئة المعنية بأجهزة متنقلة لمتابعة الحالة الصحية، خلال مقابلة أجريت معه، إنه: «لدينا المزيد والمزيد من الأجهزة المعقدة التي يمكن ارتداؤها والتي بمقدورها باستمرار قياس عناصر تتنوع بين نشاطاتك البدنية ومستويات التوتر والحالة الانفعالية، ويمكننا البدء في تفحص وتفهم كيف يؤثر كل جانب من حياتنا، بوعي منا أو غير وعي، على جانب آخر». * دراسات شخصية ولا تعد فكرة أن البيانات تمثل سبيلاً لتفهم الذات بالأمر الجديد، فمنذ أكثر من 200 عام ماضية، عكف بنجامين فرانكلين على تتبع 13 فضيلة شخصية عبر مفكرة يومية بهدف تطوير الجانب الأخلاقي في شخصيته. ومن شأن توافر تقنيات رخيصة التكلفة وما يصاحبها من مجموعة كبيرة من التطبيقات، السماح لأعداد متزايدة من الأميركيين بتتبع تفاصيل حياتهم الدقيقة على نحو غير مسبوق. من جهته، قضى جيمس نوريس، في الثلاثينات من عمره ويعمل مقاولا في أوكلاند بكاليفورنيا، السنوات الـ15 الأخيرة في تتبع وتحليل تجاربه الأولى - بداية من أول قبلة في حياته إلى أول مرة يرى فيها ألعابا نارية. أما لوري فريك، 59 عامًا، وهي فنانة، فقد حولت أنماط نومها وحركتها إلى مؤثرات بصرية ملونة مصنوعة من الورق والخشب. كما حرص نيكولاس فلتون، 37 عامًا، العالم المتخصص في شؤون البيانات في بروكلين، على نشر تقرير سنوي بخصوص كل رسالة نصية أو عبر «تويتر» أو «فيسبوك» والبريد الإلكتروني يبعث بها. ويتابع أكثر من 30.300 شخص عبر «تويتر»، حياته. أما أكثر الأشخاص تطرفًا في متابعتهم لحياتهم فهم فأولئك الذين يرتدون كاميرات لمدة 24 ساعة يوميًا وطيلة أيام الأسبوع، ويسجلون كل فكرة جديدة تطرأ على أذهانهم، علاوة على تسجيل نشاطاتهم اليومية بالتفصيل الدقيق. ويرمي هؤلاء لبناء مجموعة من المعلومات تمثل امتدادًا لذكرياتهم. حتى الرئيس أوباما يرتدي سوار «فتبيت سيرج» Fitbit Surge حول معصمه الأيسر، الذي يراقب نبضات القلب وحالة الجسم أثناء النوم وموقع الشخص، مثلما كشفت صورة التقطت له في مارس (آذار) الماضي. * أدوات رصد من جهتها، تستجيب شركات التقنية بحماس للرغبة الإنسانية في الوصول للمثالية عبر اختراع مزيد من الأجهزة التي يمكنها جمع مزيد من البيانات والتي تعتبرها الشركات الكبرى العاملة بمجال التقنية بمثابة منجم ذهب حقيقي. جدير بالذكر أنه خلال معرض الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية لعام 2015 الذي أقيم في يناير (كانون الثاني)، كان من بين المعروضات الجديدة زجاجة لطفل وليد تقيس قيمة المدخلات الغذائية لجسده، وشريط يقيس مدى ارتفاع القفزة التي قمت بها، وملابس «ذكية» مرتبطة بأجهزة رصد للأدخنة. من جانبها، تعكف شركة «غوغل» على صناعة عدسات ذكية تقيس مستوى الغلوكوز في الدموع. أما «أبل ووتش» فأنتجت جهازا لمراقبة نبضات القلب أثناء الحركة والتدريبات الرياضية والوقوف. كما تقدمت الشركة بطلب الحصول على براءة اختراع لتحديث سماعات الأذن الدقيقة التي يتم ارتداؤها داخل الأذن التي اخترعتها بحيث تقيس مستوى الأكسجين في الدم ودرجة حرارة الجسم. وتأمل الشركات أن تتمكن في المستقبل القريب من تقوية أجهزة التتبع تلك بإضافة أجهزة جديدة تقيس وظائف الجسم الحيوية من الداخل عبر رقائق يمكن بلعها، أو تسبح مع تيار الدم. * خرق الخصوصية على الجانب الآخر، ينتقد بعض الأطباء والأكاديميين والمهتمين بالأخلاق مثل هذه الأجهزة باعتبارها دليلاً على نرجسية العصر التكنولوجي، وعنصرًا يثير تساؤلات خطيرة بخصوص دقة وخصوصية البيانات الصحية التي يجري تجميعها ومن يمتلكها وكيف ينبغي استغلالها. كما أن هناك قلقا بشأن انتشار مثل تلك الأجهزة وإمكانية استغلال الحكومة لها في مراقبة المواطنين، مثلما حدث بين شركات الأجهزة النقالة ووكالة الأمن الوطني. ويشير النقاد للضجة الكبيرة التي حدثت عام 2011 عندما لاحظ بعض مستخدمي أجهزة «فتبيت» المزودة بأجهزة استشعار معنية بالتدريبات الرياضية، أن نشاطاتهم الجنسية يجري نشر البيانات المتعلقة بها علانية. ويساور القلق البعض من أن مثل هذه الأجهزة الإلكترونية التي يجري ارتداؤها ستستخدم بمثابة «صندوق أسود» لجسم الإنسان في إطار قضايا قانونية. يذكر أنه منذ 3 سنوات، عندما صدم قائد دراجة في سان فرانسيسكو شخصًا من المشاة يبلغ عمره 71 عامًا وقتله، حصل المدعون على بياناته من «سترافا»، وهو جهاز تتبع لمستوى اللياقة يستخدم خاصية نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس)، لإظهار أنه كان يقود الدراجة بسرعة كبيرة واخترق الكثير من العلامات التي تطالب بالتوقف قبل أن يقع الحادث. وأخيرا، تحاول شركة محاماة استخدام بيانات من «فتبيت» كدليل على إصابات تعرض لها أحد العملاء في حادث تصادم سيارة. ومن بين الأجهزة الأكثر تعقيدًا التي يجري تطويرها، تطبيق على الهاتف الذكي يحلل صوت الشخص للتنبؤ بدخوله حالة من الجنون، وأجهزة يمكن حقنها أو زرعها في الجسم لإجراء اختبارات للدم، ما يحمل فوائد طبية كبيرة، لكن في الوقت ذاته مخاطر أكبر. في هذا الصدد، أوضح ديس سبنس، وهو طبيب إنجليزي، أن المراقبة غير الضرورية للوظائف الحيوية تثير قدرًا هائلاً من القلق بين المهووسين بمتابعة الحالة الصحية الذاتية ممن لا يتمتعون بأجسام صحية. وفي مقال له نشرته «بريتيش ميديكال جورنال» في أبريل (نيسان) الماضي، قال: إن الصحة واللياقة البدنية تحولا إلى بدعة اجتماعية جديدة، ما يخلق جيلاً مفرطا في القلق. وأوضحت ديبورا إسترين، بروفسورة علوم الكومبيوتر والصحة العامة في جامعة كورنيل، أن: «الحصول على البيانات أيسر كثيرًا من الاستفادة منها». وأضافت أن قياس معدل نبضات القلب باستمرار قد يكون مفيدًا لشخص يشارك بقوة في نشاط رياضي أو يواجه مخاطر التعرض لأزمة قلبية: «لكن من غير الواضح مدى أهمية ذلك ومعناه للشخص العادي». وتشير إسترين وخبراء آخرون إلى أن الجنس البشري عاش قرابة 130 ألف عام من دون هذه التقنيات لأن الجسم البشري به بالفعل عدد من أنظمة الإنذار بداخله، فأي أم اعتادت الاستيقاظ في قلب الليل على صوت بكاء طفلها بمقدورها بلمسة من ظهر يديها على الجبهة، التعرف بسرعة ودقة على وجود حمى لديه مثلا! * خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»
aawsat
http://aawsat.com/home/article/408151/مبادرة-فنية-وثقافية-سعودية-لدعم-جمعية-الثقافة-والفنون
2015-07-21 02:59:06
مبادرة فنية وثقافية سعودية لدعم جمعية الثقافة والفنون
جدة: «الشرق الأوسط»
في ليلة ثقافية إعلامية فنية، استقبلت جمعية الثقافة والفنون بجدة، في منتصف الأسبوع الحالي مجموعة كبيرة من الفنانين والمثقفين والإعلاميين، الذين حضروا للجمعية في مبادرة منهم لتقديم دعمهم وتشجيعهم لما تقوم به جمعية الثقافة والفنون بجدة من نشاطات بارزة في الفترة الأخيرة، وبالتحديد في فترة الإدارة الجديدة التي تقود الجمعية حاليًا، بقيادة الفنان عمر الجاسر، حيث تشهد الجمعية خلال الفترة الحالية حركة كبيرة ومختلفة من النشاط في كافة أروقتها، وأصبحت فعالياتها وأنشطتها تقام بشكل يومي، وأصبح مقر الجمعية يستقبل يوميًا الكثير من الفنانين والمثقفين في مختلف المجالات. الحفل حضره عدد كبير من الفنانين والمثقفين والإعلاميين، ومنهم: الفنانون: عبد الله رشاد، وحسن إسكندراني، والفنان المصمّم يحيى البشري، وعمر العطاس (أبو سراج)، وعصام جنيد، والفنان الشعبي بندر الجهني (رئيس فرقة طرب جدة)، وعبد الله الصائغ، وعبد الرحمن عزت، وعبد العزيز الشمري، والممثل الشاب منار شاهين، والمطرب الشاب محمد العبد الله، والمخرج رفيع العمري، والفنان حسن الزهراني، والشعراء: صالح الشادي، وضياء خوجة، وناجي بطيش، وعمر الصبان، ومن الإعلاميين: محمد حسين مشاط (رئيس تحرير مجلة أُبحر)، وعلي السبيعي، وسعد زهير، والدكتور صبحي الحداد، وخليل المسلم، ويحيى بقاش، وسامر العوفي، وسعيد أبو غيداء، ومحمد المالكي، وأسماء كثيرة حضرت المناسبة. بالإضافة إلى أعضاء جمعية الثقافة والفنون بجدة، يتقدمهم مدير الجمعية عمر الجاسر، ورئيس العلاقات العامة والإعلام ومشرف المنتدى الثقافي بالجمعية الإعلامي سهيل طاشكندي، والمدير الإداري والمالي بالجمعية فيصل الزيات، ورئيس الفنون الشعبية الفنان محمد سليم، ورئيس المسرح الفنان بخيت العامري، ورئيس الفنون التشكيلية الفنان مازن صفطة، ورئيسة لجنة ثقافة الطفل سميرة مداح، وعضوتي لجنة العلاقات العامة والإعلام سوس بنتن، وأفراح أحمد، وسكرتير الجمعية صهيب الصنعاني. بدأ الحفل بمجسّ ترحيبي من الفنان خالد شجون، ثم قدمت فرقة «فوائح الورد» مكونة من مجموعة أطفال نشيدًا ترحيبيًا بعنوان «جينا نجدّد الفرحة»، وبعده قدمت نشيدًا وطنيًا بعنوان «عاش سلمان»، والنشيدان من كلمات سميرة مدّاح وألحان تركي، وأداء الطفلات: ريناد عثمان رماني، وغزل ماهر عبيد، ومرح ماهر عبيد، ومايا محمد بخش، ونور شريف الصبان، وجوري شريف الصبان. ثم عاد الفنان خالد شجون وقدم ابتهالاً صفق له الحضور. بعد ذلك ألقى مدير جمعية الثقافة والفنون بجدة الفنان الأستاذ عمر الجاسر كلمة شكر خلالها جميع الحضور على مبادرتهم، وتحدث عن الأنشطة والبرامج، وقال إنه رغم الميزانية المتواضعة المخصّصة للجمعية، فإننا استطعنا ولله الحمد تقديم أكثر من 150 نشاطًا في خلال خمسة أشهر، وهي نشاطات متنوعة ما بين ثقافية وفنية واجتماعية ودورات تدريبية، وقدم الجاسر الشكر والتقدير للأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، وللأمير مشعل بن ماجد محافظ محافظة جدة، على دعمهما لكافة نشاطات الجمعية، ولأمين محافظة جدة الدكتور هاني أبو رأس، وأعلن الجاسر عن مجموعة من الفعاليات التي ستقدمها الجمعية خلال أيام عيد الفطر المبارك، وأشار إلى أن الجمعية وبتوجيه من الأمير مشعل بن ماجد محافظ محافظة جدة كانت تستعد للمشاركة في مهرجان «جدة غير» خلال أيام العيد، وقدمت الجمعية جدولاً مفصّلاً بالنشاطات التي كانت تنوي تقديمها في هذا المهرجان، إلا أن الجمعية فوجئت برفض الغرفة التجارية وبأسلوب غريب ومن دون أن يجتمعوا مع الجمعية لمناقشة جدول الفعاليات والميزانية، ولهذا فإن الجمعية وبجهود ذاتية منها سوف تبادر وتقدم مجموعة من النشاطات خلال أيام عيد الفطر المبارك، إيمانًا من الجمعية بدورها الثقافي والفني في المجتمع وأهمية حضورها في كافة المناسبات وخاصة في الإجازات والأعياد، وستقدم خلال أيام العيد عروضًا مسرحية للأطفال والنساء والرجال وفعاليات للفنون الشعبية ومعارض تشكيلية وفوتوغرافية ونشاطات أخرى متنوعة. وأكد الأستاذ عمر الجاسر أن «بلدنا ومجتمعنا فيه الخير الكثير، وأن هذا الحضور الكبير اليوم لمقر الجمعية من فنانين ومثقفين ومهتمين يؤكد دعم الجميع لرسالة الجمعية ودروها الهام في المجتمع». ثم ألقى الفنان عبد الله رشاد كلمة أشار فيها إلى دور الجمعية الريادي في تقديم حراك ثقافي فني متميز، وقال إنهم كفنانين كانوا يأملون دائمًا أن يتولى إدارة الجمعية فنان، «لأن الفنان سيكون أكثر قربًا وإحساسًا بمتطلبات العمل الفني، ولا شك أن الفنان عمر الجاسر من الفنانين المميزين وقد أثبت نجاحه خلال الفترة القصيرة التي تولى فيها إدارة الجمعية، حيث أصبحنا نتابع نشاطات فنية وثقافية مكثفة ومتميزة». وتمنى عبد الله رشاد التوفيق لإدارة الجمعية، مؤكدًا أن جميع الفنانين يقفون معهم ويدعمونها. بعد ذلك ألقى الشاعر صالح الشادي كلمة أبدى فيها استغرابه الشديد من الميزانية المتواضعة للجمعية، وطالب بدعمها لأنها الجهة الرسمية للثقافة والفنون، ولكي تستطيع أن تقوم بدورها بشكل أكبر. وكذلك طالب الفنان المصمّم يحيى البشري، في كلمته، بعمل صندوق لدعم فعاليات وأنشطة الجمعية، وبأن يساهم في هذا الصندوق جميع الفنانين والإعلاميين، مؤكدًا أن جمعية الثقافة والفنون بجدة تقدم نشاطات كبيرة تستحق الشكر والتقدير. بعد ذلك قدم الفنان وليد الهاشمي (وليد شو) عرضًا فنيًا من أنواع عروض ألعاب الخفة، نال عليه استحسان الحضور، وشاركه في العرض الفنان عبد الله رشاد. توجّه الحضور لقاعة «عبد الحليم رضوي» بالجمعية، حيث شاهدوا الأعمال الفنية التشكيلية المميزة ضمن معرض «العيدية» الذي تقيمه الجمعية هذه الأيام، وأشاد الحضور بما شاهدوه في هذا المعرض الذي يضم أعمالاً لأكثر من خمسين فنانًا وفنانة، واستمعوا لشرح عن اللوحات الفنية بالمعرض من رئيس الفنون التشكيلية بالجمعية الفنان مازن صفطة. وفي ختام هذه الأمسية الجميلة، أعلن الحضور عن شكرهم وتقديرهم لجمعية الثقافة والفنون بجدة ولكافة منسوبيها على ما يقومون به من جهود كبيرة، مؤكدين أن الجمعية أصبحت بالفعل بيت الفن والفنانين، وقاموا بمناسبة هذه الزيارة للجمعية، بإطلاق هاشتاق (#جمعية_الثقافة_والفنون_بجدة_عودة_الروح).
aawsat
http://aawsat.com/home/article/408861/في-بيتنا-شيف
2015-07-21 02:59:07
في بيتنا شيف
لندن: جوسلين إيليا
تحت شعار «شيف خاص يجلب العالم إلى طبقك» يعرض موقع «شيف إكستشينج» Chefxchange الإلكتروني مجموعة من الطهاة المحترفين العالميين، وبخطوات قليلة سهلة ومعدودة يتحقق الحلم الذي يراود الكثير منا عندما يأتي الأمر على الشروع في «عزومة» للعائلة والأصدقاء في المنزل، إذ غالبا ما يرافق دعوات الغداء أو العشاء الكثير من الضغط والانزعاج، ولكن هذا الموقع وجد الحل وباستطاعته تحقيق هذا الحلم. في عصرنا هذا أصبح الطعام الجيد جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، لذا سعى «شيف إكستشينج» إلى تقديم خدمة جديدة من نوعها في لندن بعدما أثبت نجاحه في الإمارات وواشنطن وقريبا سيكون متوفرا في بيروت. قصة الفكرة مؤسس الموقع كارل نعيم، وهو شاب فرنسي من أصول لبنانية، يشرح الفكرة بطريقة بسيطة جدا، وعندما يتكلم عن الطعام تظن أنه طاه متمرس، ولكنه في الواقع خريج جامعة لندن للاقتصاد وحاصل على شهادة الماجستير في الاقتصاد، وعمل في بعض أهم المصارف العالمية مثل «يو بي إس» و«غولدمان ساكس» ولكن عينه كانت على المطبخ، فهو يعترف بأنه طاه هاو، ولكنه يعشق المطبخ والطهي، ترك عمله في المصرف وأنشأ موقع «شيف إكستشينج»، ويشرح نعيم: «كلنا ذواقة والجميع يستحق أن يأكل أطباقا جيدة، لذا بدأت بهذه الفكرة، فكل ما يحتاج إليه محب الطعام الجيد هو فقط زيارة الموقع واختيار المطبخ والطاهي وتاريخ الدعوة وعدد الأشخاص، ليتولى الطاهي كل المسائل الأخرى من تصميم لائحة الطعام إلى شراء المكونات إلى المجيء إلى المنزل والطهي وتنظيف المطبخ». وأضاف نعيم أن الموقع لا يزال جديدا في لندن ويضم حاليا أكثر من 60 طاهيا وسيكون العدد أكبر قريبا. تجربة فريدة من نوعها لكي نضع الفكرة في دائرة الاختبار كان لا بد من تجربة الموقع لمعرفة ما إذا كان «شيف إكستشينج» هو فعلا بمثابة تحقيق حلم الذين ينوون القيام بدعوة على العشاء في المنزل. قمنا بزيارة الموقع ووقع اختيارنا على المطبخ الفرنسي العصري، فظهر عدد من الطهاة المسجلين المتخصصين بهذا المطبخ، وبعدها اخترنا الشيف خالد دهبي، ووقع اختيارنا عليه بعد قراءة ملخص عن مسيرته المهنية، الشيف خالد هو مغربي إيطالي، متخصص بالمطبخ المتوسطي والشمال أفريقي، بدأ مسيرته من جنيف وتدرب في مطاعم حاصلة على نجوم ميشلان مثل «لاسبيرج» و«لو موريس» وعمل وحصل على خبرة واسعة خلال عمله في مطاعم في نابولي والبندقية ليعود بعدها إلى لندن وهو يملك مطعمه الخاص في منتجع فيربييه ويحضر لافتتاح مطعمه الجديد في لندن قريبا. وبعدها اخترنا التاريخ وعدد المدعوين، وبعد دقائق وصلتنا رسالة من الشيف خالد يؤكد فيها أنه متوفر في ذلك اليوم، وبعدها أرسل إلينا لائحة طعام تضمنت ثلاثة أطباق رئيسية وسأل عما إذا كانت لدى المدعوين أي نوع من الحساسية على الطعام، وبعد الموافقة على اللائحة كان قد جاء موعد العشاء. في أول مرة تزور فيها الموقع تسجل بياناتك الشخصية مرة واحدة بما فيها عنوانك في المدينة التي اخترتها، فوصل الشيف إلى المنزل في الوقت المتفق عليه (يكفي أن تخبر الشيف بالوقت الذي تريد أن يأكل المدعوون فيه)، وصل الشيف خالد في الوقت المحدد عند الساعة الثامنة مساء ومعه مساعده، وعلبة عملاقة مليئة بالأطايب وأجود أنواع السمك والدجاج، وفي لمحة بصر بدأ الطاهي بالطبخ في مطبخنا، واللافت هو عدم طرحه أي سؤال، فيخيل إليه أنه يعرف المطبخ جيدا، فهو متمرس ومهني، وبعد دقائق قليلة فاحت روائح لم يتنشقها مطبخي من قبل، وقام الطاهي بتقديم المقبلات Canapes، وعندما أصبح الطبق الأول جاهزا دعا الشيف المدعوين إلى الطاولة، وهنا تعالت همسات الإعجاب لأنه كان من الصعب أن نصدق أن هذه الأطباق حضرت في مطبخ منزلي وهي بهذه الغاية من الجمال والدقة في التقديم، أما بالنسبة للمذاق فحدث ولا حرج، لأن النكهات كانت فعلا أكثر من لذيذة تدغدغ الحواس. والطبق الثاني وصل أيضا ولم يقل روعة عن الطبق الأول، طريقة التقديم جميلة وأنيقة، الرائحة عطرة، وعندما جاء وقت الحلوى كانت المفاجأة الكبرى لأن الطبق كان جميلا للغاية. وبعد العشاء وبلمحة بصر، قام الطاهي ومساعده بتنظيف جميع الأدوات التي استخدمت، وتم غسل جميع الصحون، ليعود المطبخ إلى الحالة التي كان عليها قبل الطهي، وكأن شيئا لم يكن. السعر والتفاصيل قد يكون أهم ما يجعل فكرة «شيف إكستشينج» ممتازة هو أنها تساعد صاحب أو صاحبة الدعوة على أن يتفرغ للمدعوين، كما تسهل عليه عملية التسوق وتضييع الوقت، لأن الطاهي يتولى هذه المهمة، وإذا ما نظرنا إلى السعر الذي يبدأ من 50 جنيها إسترلينيا (نحو 80 دولارا أميركيا) تجده منطقياً جدا؛ لأنه يشمل المكونات وليس هناك أي دفعة إضافية عليه (المعدل الأدنى هو مبلغ 100 جنيه إسترليني). يمكن الدفع عند الحجز. ملاحظة عند تسجيل بياناتك على الموقع، من المهم أن تشير إلى الأدوات المتوفرة لديك في المطبخ بغض النظر عن حجمها، فالشيف خالد يقول إن «شيف إكستشينج» يناسب الجميع، وفي حال لم تكن كل الأدوات المطبخية موجودة فمن السهل على الطاهي إحضارها معه. ويقول الشيف خالد إنه على الرغم من زحمة عمله ما بين سويسرا ولندن فهو يعشق الطهي في مطابخ البيوت؛ لأنه يعتقد أن الجميع يستحق أن يختبر الأكل الجيد. أجمل ما في الفكرة الفكرة أكثر من رائعة، لأنها تفتح المجال أمام أصحاب الوقت الضيق لاستضافة الأصدقاء وتقديم الأفضل من دون الحاجة للتحضير المسبق، كما أن المطاعم الجيدة غالبا ما تحدد زمن العشاء أو الغداء بفترة لا تتعدى الساعتين، في حين أن الأكل في منزلك لن يقيدك بوقت. والأهم هو أن التجربة جميلة، تفتح المجال أمام المدعوين لاختبار شيء غير مسبوق ومشاهدة الطاهي وهو يقوم بإبداعاته في المطبخ، وبالنهاية لا حاجة لتمضية ساعات لتنظيف المطبخ بعد انتهاء الأكل، ولن يضطر صاحب الدعوة إلى ترك المدعوين لتفحص الطبخة على النار أكثر من مرة لتصبح الدعوة كابوسا حقيقيا لصاحب الدعوة وأصدقائه. في اليوم التالي، كل ما عليك فعله هو كتابة رأيك على الموقع، وهذا الأمر يساعد الشيف على الحصول على نقاط إيجابية أكثر تساعدك أنت وباقي الذواقة في الحجز في المستقبل. للمزيد من المعلومات: www.chefxchange.com
aawsat
http://aawsat.com/home/article/407281/أسبوع-الـ«هوت-كوتير»-للموسم-المقبل-يتراقص-على-نغمات-فنية-وتجارية
2015-07-21 02:59:09
أسبوع الـ«هوت كوتير» للموسم المقبل يتراقص على نغمات فنية وتجارية
باريس: جميلة حلفيشي
انتهى موسم الـ«هوت كوتير» بباريس في الأسبوع الماضي مخلفا أصداء إيجابية من الناحيتين الفنية والتجارية. فرغم أن التجاري كان هو الغالب بعد أن اكتسب فنية معاصرة تدل على ذكاء وقراءة جيدة لأحوال السوق ومتطلباته الجديدة، فإن عروضا أخرى لم تركب هذه الموجة، وحاولت السباحة ضد التيار، وهو ما كان مثيرا، لأنك لم تكن تتوقع ما سيقدمه أي مصمم، أو تكون فكرة واضحة عنه قبل نهاية العرض. من هذا المنطلق، يمكن حصر الأسبوع في موجتين: الأولى تخاطب المرأة الرومانسية والعصرية التي تريد أزياء مبهرة أقرب إلى التحف الفنية، شكلا ومضمونا، على شرط أن لا تحتاج منها إلى أي تفكير أو جهد، وهو ما لباه مصممون من أمثال إيلي صعب، دوناتيلا فرساتشي، جيورجيو أرماني وآخرون. والثانية تخاطب امرأة تريد التميز بأي شكل، واتبعت نفس الدقة لكن مع إضافة بهارات إخراجية ومسرحية قوية تجعل الأزياء تلعب دورا ثانويا طوال العرض. أكثر من جسد هذه الموجة هم جون غاليانو لدار «ميزون مارجيلا»، جون بول غوتييه وفرانك سوربييه و«فيكتور آند رولف» وإلى حد ما ستيفان رولان. افتتح الأسبوع بنغمات رومانسية اقترحتها دوناتيلا فرساتي واختتم بنفس النغمات في عرض زهير مراد، الذي قال إنه استلهم تشكيلته من النجوم والسماء، مما يفسر غناها بالبريق الذي رصع فساتين طويلة بألوان داكنة شكلت أرضية مناسبة لومض الخرز وأحجار الكريستال. لكن بين «أتولييه فرساتشي» وزهير مراد، كانت هناك عدة عروض تفتح جدلا فكريا كما تفتح الشهية عليها. نذكر منها ما قدمه المصمم جون غاليانو لدار «ميزون مارجيلا». كان كل ما فيه مثيرا ليس فقط لأنه أول عرض له في البرنامج الرسمي بباريس، بل لأن الكثير من المتابعين لا يزالون يتساءلون عن مدى تأقلمه مع وظيفته الجديدة. فالمعروف أن «ميزون مارجيلا» لا تميل إلى الدراما المسرحية التي ارتبطت به وبأسلوبه سابقا ولا تشاركه شغفه بقرون ماضية مثل القرن الثامن عشر، فهي تميل إلى تقديم اختبارات تجريبية وأفكار مستقبلية سابقة لأوانها. جواب غاليانو على هذا السؤال، كان مفحما، من خلال تشكيلة كتبها بلغة جديدة وغير متوقعة، ركز فيها على الحرفية والفنية التي يتقنها جيدا مستعملا إمكانيات الدار البسيطة. فأول شيء يبدو أنه كان عليه أن يتأقلم معه، هي أدوات الـ«هوت كوتير» في دار لا تعترف كثيرا بالأقمشة المترفة وتفضل عليها أقمشة غريبة، قد تكون القنب مثلا، تصوغها بأسلوبها المبتكر، ولا بأس أن ترصعها بالزجاج أو قطع مرايا وما شابه من أمور عوض أحجار الكريستال، وكأنها تريد أن تُظهر كيف أن الجمال يمكن أن يولد من أبسط الأشياء، وهو ما يستقطب لها معجبات وزبونات مخلصات يعرفن أنهن سيحصلن منها على قطع لا مثيل لها. جون غاليانو، استمات في مهمته وقدم 26 قطعة بأسلوب «ميزون مارجيلا» التجريبي لكن بلمساته الخاصة وطياته الفنية المعروفة، ما أضفى عليها سحرا ونوعا من اللامبالاة الناعمة، جعلته يختلف تماما عما قدمته بيوت الأزياء الكبيرة مثل «شانيل» أو «جورجيو أرماني» وطبعا «ديور» التي كان يمسك بزمامها لأكثر من عقد من الزمن. لأنه بصراحة بدا هنا وكأنه يعود إلى بدايته حين قدم تشكيلته للتخرج في معهد سانترال سانت مارتن، التي لفت بها الانتباه، معتمدا على خيال خصب وإمكانيات بسيطة. قد يكون شقي الموضة الفرنسية، جون بول غوتييه، الوحيد الذي يمكن القول إنه مثل جون غاليانو يعشق ما تعنيه «الهوت كوتير» من أزياء مختلفة وغير متوقعة، ولو على حساب التجاري. ما يُحسب لهما أنهما لا يقدمان أزياء تريدها المرأة بل أزياء لم تكن تعرف بوجودها من قبل وتكتشفها معهما لأول مرة. مثل غاليانو، يتمتع غوتييه بأسلوب خاص قلما يحيد عنه، أو ربما لا يريد أن يحيد عنه وكأنه يتحدى الموضة وإملاءاتها. في بعض الأحيان، تشعر بأنه يريد أن يدهش ذوق المرأة ويدخلها عالما آخر، أكثر جرأة وغرابة وطبعا إثارة. في أغلب الأحيان تقتصر هذه الغرابة على طريقة التقديم والموسيقى والإخراج، لأن الأزياء، وبعد تفكيكها وإخراجها من إطار العرض وما يفرضه من دراما، تتمتع بجمالية فرنسية لا يتقنها سوى قلة، لا سيما بعد أن أصبح معظم مصممي باريس من جنسيات غير فرنسية، مثل الألماني كارل لاغرفيلد في «شانيل»، والبلجيكي راف سيمونز في «ديور»، والأميركي ألكسندر وانغ في «بالنسياجا» وهكذا. ما لا يختلف عليه اثنان أن عروض غوتييه من أمتع العروض الباريسية، لأنه لا يأخذ الموضة بجدية، ويعتبرها متعة. هذه المرة ترجم نظرته بالمبالغة في أحجام الكثير من الإكسسوارات والتصاميم، التي شرح أنه استقاها من الفطائر الفرنسية، ما يفسر أشكالها المستديرة والمدورة، التي ظهرت في الكثير من التنورات. المثير للاستغراب أن المصمم كان لحد الآن لا يميل إلى اللعب بالعناصر الفرنسية، لأنه كان يتمرد عليها ويحاول تكسير كل التابوهات المتعلقة بها، بينما هو هنا يحتفل بها. هل هذا يعني أنه بدأ يشيخ، باعتبار أننا كلما كبرنا في العمر، عدنا إلى الوراء نقدر ونحن إلى أشياء لم نكن نرى جمالياتها من قبل؟ صحيح أن ترجمته كانت واضحة مع بعض المبالغة في الكثير من القطع، لكنها أيضا كانت ببصمة قوية ستتعرف عليها المرأة من النظرة الأولى، وهذا ما يحلم به أي مصمم. ينضم إلى فريق جون غاليانو وجون بول غوتييه الفني والمغامر، الثنائي فيكتور هورستينغ ورولف سنورين، مؤسسا دار «فيكتور آند رولف». كانت تشكيلتهما عبارة عن لوحات فنية متحركة، بالمعنى الحرفي وليس المجازي كما هو متعارف عليه عادة في عروض الأزياء. يفسر البعض هذا الأمر بالقول إنه مفهوم باعتبار أن الثنائي بدآ حياتهما العملية في مجال الفن، وكانت أزياؤهما تعرض في المتاحف، لكن من الصعب القول بأن المكان الطبيعي لما قدماه في الأسبوع الماضي هو المتاحف. فليس كل ما يأخذ شكل لوحة فنية يعني أنه كذلك، لأنه من الصعب تصور امرأة تمشي بهذه الفساتين في الشوارع باستثناء حفنة من الاستعراضيات، أو في حال تم التخفيف من غلوائها وجنوحها للفني حسب تعليمات وطلبات الزبونة. وحتى إذا لم تنجح هذه التشكيلة تجاريا، فلن يصاب الثنائي بالأرق أو القلق على مصيرها، لأنهما في نفس اليوم أقاما حفلا كبيرا احتفلا فيه بمرور عشر سنوات على إطلاق عطرهما الناجح «فلاوروبومب». فهذا العطر هو الذي يدر عليهما الأرباح، فيما تبقى الـ«هوت كوتير» بالنسبة لهما مجرد مسرح لاستعراض عضلاتهما وخيالهما. إيلي صعب ينتمي، ومنذ البداية، إلى المدرسة الرومانسية العصرية، ولم يغير جلده. يمكن تخليص كل تشكيلته لخريف وشتاء 2015-2016 واختزالها في فستان الزفاف. ليس لأنه كان تحفة فنية فحسب، أو لأنه استغرق في تنفيذه وتطريزه أسابيع ومئات الساعات فحسب، بل لأنه كان كل القصة. فالمتعارف عليه أن الكثير من زبونات الـ«هوت كوتير» يحضرن العروض لاختيار فساتين الزفاف والسهرة، لهذا فإنه يكون أغلى ما في التشكيلة وأجمل ما فيها أيضا، حتى يفتح شهية كل امرأة على الزواج. وهذا ما يعرفه إيلي صعب ولبّاه عن طيب خاطر. أما باقي الأزياء، فلم تحمل جديدا يذكر، باستثناء المزيد من الإتقان والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة، التي يمكن رؤيتها بسهولة لأنها تزين خارج الفستان، أو لا يمكن رؤيتها لكنك تشعر بوجودها بين الطيات والثنيات والتبطين، مع كل حركة وخطوة تقوم بها العارضة. كالعادة كانت هناك فساتين محددة على الجسم وأخرى بتنورات واسعة، بعضها مطرز بالأحجار وبعضها الآخر مطبوع بالورود، لكن دائما بألوان تستحضر ألوان الأحجار الكريمة، مثل الذهبي والماسي والزمردي والياقوتي. قال المصمم إن هذه التشكيلة كانت لفتة لحقبة التسعينات، التي شهدت زواجه وتلك الصورة المحفورة في ذاكرته وهو يرى عروسه تختال في فستان زفاف ذهبي اللون من تصميمه. كان ذلك منذ نحو 25 عاما، لكن مع ذلك يبدو وكأن الزمن توقف في تلك اللحظة التي تعبق بالسعادة والجمال والأمل، وعكسته هذه التشكيلة، سواء في فساتين السهرة أو في البنطلونات أو الإكسسوارات، بل وحتى في الأكمام والتفاصيل المصنوعة من الفرو. تجدر الإشارة إلى أن إيلي صعب، وفي مساء نفس اليوم، افتتح رسميا ثاني محل له في باريس، بالقرب من فندق جورج V بديكور يعكس نظرته العصرية التي تعبق بالفخامة. نظرة سريعة إلى ضيفاته تكشف أنهن شابات في مقتبل العمر ومن كل أنحاء العالم، حضرن الافتتاح وهن يتخايلن بتصاميمه، مما يشير إلى أنه لا يحتاج إلى تغيير جلده بل فقط الحفاظ عليه براقا ولامعا. المصمم ستيفان رولان، في المقابل، قدم عرضا مصغرا في معمله الواقع بشارع «جورج V». الفكرة جيدة لتغذية فضول كل من لم يدخل معمله من قبل، لكن المصمم لم يحسب أن جمهوره كبير ولا يمكن أن يستوعبه المكان بسهولة. فقد تدافع الناس وتصارعوا، ولم تساعد حرارة الطقس في ترطيب الأجواء بأي شكل، بل جعلت حتى أكثر الناس أدبا يفقدون أعصابهم وهم ينتظرون بفارغ الصبر ما ستجود به قريحة هذا المصمم المبدع. لحسن الحظ أنه لم يخيب الآمال وعوض انتظارهم جمالا وفنية، مما أنسى الحضور ضيق المكان وحرارة الطقس. فقد ظهرت العارضات في فساتين طويلة بنقشات غرافيكية، قال المصمم إنه استوحاها من «الآرت ديكو» وأخرى تستحضر أجواء «الديسكو» قال إنه استوحاها من حقبة السبعينات. رغم أن لمساته الهندسية كانت واضحة، إلا أن الجديد هذه المرة أنه مزج خامات مثل الجلد مع الجيرسيه أو حرير الكريب. كما أنه أبدع قطعا عصرية مثل «الجامبسوت» أي بنطلونا مستقيما مشبوكا مع قميص ومع «كاب» يتدلى بسخاء من على الكتف ليمنح الإطلالة تأثيرا قويا. ما يحسب له هنا أنه عوض عن الدراما التي تعتمد على الأحجام الضخمة، بدراما أكثر هدوءا تعتمد على خطوط بسيطة ومحددة وبدرجات ألوانه المفضلة التي تتباين بين الأبيض والكاراميل، والبيج الرملي والأسود مع خطوط خفيفة من الذهبي، ظهرت حينا في الياقات وحينا آخر في الخصر. أما زبونته المعتادة على الدراما الفنية والهندسية، فقد أبدع فستانا تزين جانبا من كتفه قطعة منحوتة على شكل نار ملتهبة، كما قدم لها «جامبسوت» (قطعة واحدة) مزينة بما يشبه الأجنحة وبأكمام واسعة.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/382296/الطوارق-أكبر-قبائل-الصحراء-الكبرى-بأفريقيا-في-مواجهة-المتطرفين
2015-07-21 02:59:11
الطوارق.. أكبر قبائل الصحراء الكبرى بأفريقيا في مواجهة المتطرفين
القاهرة: عبد الستار حتيتة
تواجه أكبر قبائل الصحراء الكبرى، وهي قبيلة «الطوارق» التي تنتشر عبر حدود خمس دول بأفريقيا، مصيرا مأساويا بسبب سيطرة المتطرفين على غالبية دروب «القبيلة» التجارية، خاصة في ليبيا والجزائر ومالي والنيجر، وتغيير النشاط فيها إلى تهريب السلاح والمقاتلين. وتحاول جماعات موالية لكل من تنظيم القاعدة وتنظيم داعش مد نفوذها من البحر المتوسط شمالا حتى حدود نيجيريا التي ينشط فيها تنظيم «بوكو حرام» جنوب الصحراء. وكشفت معلومات أمنية قيام بعض أبناء الطوارق وقبائل أخرى بتقديم دعم للجماعات المتشددة في هذه البلدان «كنوع من العمل مقابل أجر في معظمها» بعد سيطرة المتطرفين على كثير من دروب التجارة، ما تسبب في مشكلات على الأرض تطورت فيما بعد لمواجهات عسكرية قتل فيها المئات في شمال مالي وجنوب غربي ليبيا، لكن الشيخ جديدي يخلاص، أحد زعماء الطوارق قال لـ«الشرق الأوسط»، إن قضية الطوارق مع الدول الموجودين فيها أكبر من ذلك بكثير. تقول المصادر الأمنية، إن المتشددين يتحاشون في كثير من الأحيان إغضاب الطوارق، لكنهم يضغطون عليهم للعمل معهم. ويضيف أحد المسؤولين بالجيش الوطني في جنوب ليبيا، أن «نقل شحنة من السلاح من سبها، إلى واحة غات غربا، يبلغ ما يساوي نحو 300 دولار. طبعا هذا يشمل أجرة السيارة وثمن خبرة السائق بالطريق الذي يبلغ طوله نحو 600 كيلومتر»، مشيرا إلى أنه توجد قوافل أخرى تقطع نحو 1300 كيلومتر لنقل صواريخ غراد التي جرى نهبها من مخازن القذافي، وتوصيلها إلى مناطق يتمركز فيها المتشددون على الحدود الجزائرية - المالية. إذا استمرت إغراءات المتطرفين لشبان الطوارق، فإن المشكلة قد تزداد تعقيدا بمرور الوقت، وفقا للمسؤول العسكري نفسه، الذي يضيف أن القلق من هذه الظاهرة لا يشغل دول الصحراء فقط، بل يشغل عددا من الدول الأوروبية التي لها رعايا ومصالح في دول الصحراء. ومن جانبه دعا «جديدي» الدول التي يوجد فيها الطوارق إلى تغيير نظرتها لهم، خصوصا أن معظم هذه الدول يوجد فيها أنشطة عسكرية للتنظيمات المتطرفة، ما يزيد القضية تعقيدا ويضع مسؤولية أكبر ليس على هذه الدول الأفريقية فقط، ولكن على المجتمع الدولي. تغيرت ظروف «الطوارق» سريعا. فبعد أن كانوا يسيطرون على طرق التجارة ما بين شمال أفريقيا ووسطها، بواسطة «الجمال»، انتقلوا منذ سبعينات القرن الماضي إلى استخدام سيارات الدفع الرباعي. لكن عاداتهم وتقاليدهم ظلت كما هي، ومن أبرزها الاحتفاظ بالزي الخاص بهم؛ أي الملابس التي تميل للون الأزرق، واللثام الذي يغطي الفم وأحيانا يغطي الوجه كله ما عدا العينين. ويتميزون في العموم بالطيبة والسماحة. ولم ينافسهم على فرض السيادة على الصحراء ودروبها، إلا جماعات المتطرفين التي انتشرت أخيرًا بالمنطقة «كالنار في الهشيم»، كما يقول «جديدي». في الزمن القديم، أي قبل نحو قرن من الآن، لم تكن هناك حدود ذات شأن بين الدول. تركب النَّاقة مع القافلة وتنتقل بالأذرة والأرز، عبر مدينة «كيدال» التي أصبحت اليوم تابعة لدولة مالي، وتتجه لبيع البضاعة شمالا في الجزائر أو شرقا في النيجر، ومن هذين البلدين تدخل إلى ليبيا أيضا. وتعود بالأقمشة والأغطية والملح وغيرها. تضررت القبيلة من التدخل الفرنسي في أفريقيا قديما، لكنها حافظت على مساراتها البرية إلى أن بدأ نشاط المتطرفين يغزو الصحراء الكبرى خاصة بعد سقوط نظام معمر القذافي في ليبيا. كانت سيارات الدفع الرباعي قد حلت بدلا من الجِمال في نقل السلع، وظهرت معها بوابات التدقيق في الهوية من جانب السلطات المركزية. من هنا بدأت معاناة قبيلة الطوارق، واستمرت معها محاولات التوصل إلى تفاهمات مع الحكومات للاستمرار في التجارة والحياة عبر الحدود. كانت أهم العقبات تتعلق بالجنسية. لكن المأساة اليوم تتعلق بدخول تنظيمات متطرفة على الخط. وبمرور الوقت تأثر أبناء القبيلة بالحراك الاقتصادي الجديد الذي تمنحه عمليات المتطرفين من خلال نقل الأسلحة والمقاتلين والمهاجرين. ويقول «جديدي»: «توجد أياد خفية تحاول إثارة الفتن في هذه المنطقة». بدأت فرنسا، حتى أواخر العام الماضي، توجيه ضربات للمتشددين ضمن تحالف أفريقي مساند للسلطة المركزية في مالي، ما تسبب في تضرر القبيلة، خاصة بعد أن لجأت تنظيمات متطرفة لجنوب ليبيا هربا من مالي. فقد تعرض رعايا فرنسيون للاختطاف في مناطق نفوذ تنظيم القاعدة بالصحراء الأفريقية، وذلك منذ 2011، وكان من بين الضحايا صحافيون ومهندسون. بدأت فرنسا في الرد. ويبدو أن مشاركتها في عمليات ضد المتطرفين، وسقوط ضحايا لا علاقة لهم بالقصة»، كما يقول «جديدي»، أسهم في تأجيج المشكلة وإحياء ماض من العداء مع الطوارق. لكن الأوضاع تفاقمت أكثر. وأصبح هناك من يحاول اجتذاب مزيد من شبان الطوارق تحت الزعم بأن القبيلة لها قضية تاريخية مع فرنسا، بسبب وقوف الطوارق ضد طموحاتها الاستعمارية في أفريقيا في الماضي. غالبية الطوارق مسلمون سنة ومعتدلون. هم خبراء في دروب الصحراء. لهذا اعتمدت عليهم شركات النفط والتنقيب عن الذهب كأدلاء وحراس لعدة عقود. حين تطور نشاط تنظيم القاعدة في شمال مالي وجنوب الجزائر، أوقفت الكثير من الشركات أعمالها، وفي المقابل استعان التنظيم بشبان من القبيلة للعمل في تهريب الأسلحة وجلب المتطرفين عبر نفس الدروب التجارية القديمة. ويضيف مصدر أمني ليبي آخر، أن «المتطرفين يسيطرون تقريبا على جميع النقاط الحدودية في جنوب وجنوب غربي البلاد.. لا تعرف من دخل ومن خرج. المشكلة أنه أصبحت لديهم أموال طائلة من تجارة السلاح ويحصلون على إتاوات من مهربي المهاجرين غير الشرعيين المتجهين للبحر المتوسط». يتركز عدد كبير من الطوارق في جنوب غربي ليبيا ويتحركون عبر طرق طويلة وموحشة بحثا عن الرزق. وتتداخل مواقع نفوذ القبيلة مع قبائل أخرى، مثل التبو، سواء داخل ليبيا أو في دول الجوار من الجنوب والغرب. وكثيرا ما تقع اشتباكات للسيطرة على الدروب الخاصة بجلب المتطرفين في مناطق غرب سبها، وتهريب المهاجرين القادمين من وسط أفريقيا عبر دولة النيجر، والمتجهين لأوروبا، مرورا بليبيا. وبحسب مصادر ليبية لم يشأ القذافي ترسيم حدود بلاده مع الجزائر بشكل قاطع، لعدة أسباب من بينها تداخل الثروة النفطية الموجودة في باطن الأرض، ومشكلة تحديد جنسية الطوارق على جانبي الحدود. وعما يتردد من جانب البعض عن أن الطوارق لديهم شبان منتمون لجماعات متطرفة، ما يتسبب في وقوع القبيلة في مشكلات مع حكومات الدول التي توجد فيها بسبب خبرة هذه العناصر في التهريب عبر الحدود، يقول «جديدي»: «أعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى تدقيق بالدرجة الأولى حتى تكون الأمور في نصابها.. أنا بشكل شخصي ليست لديّ معلومة دقيقة بأن هناك عناصر من أبنائنا الطوارق موجودون في التنظيمات المتطرفة». إلا أنه يضيف أن وجود بعض الشبان من القبيلة في الجماعات المتشددة «أمر قد يكون شبه طبيعي، باعتبار أنه جرى في الفترة الأخيرة استقطاب الكثير من الشباب من كل المكونات، بما فيها عناصر من الطوارق.. هذه مسألة طبيعية. هذه الأفكار وهذه التيارات تنتشر كالنار في الهشيم». وشارك «جديدي» في كثير من اللقاءات التي تحاول إنهاء الفوضى في ليبيا وبناء الدولة. ولدى قبيلة الطوارق ضباط وجنود يعملون في الجيش الليبي، ونواب في البرلمان، مثلهم مثل قبيلة التبو، إلا أن الرجل ما زال يسعى لتحقيق أمل قبيلته، في جانبها الليبي، في أن تكون مذكورة في الدستور ضمن مكون الدولة. ويوجد قطاع من الليبيين لا ينظر للأمر بهذه الطريقة. لكن «جديدي» يرى أن من شأن حل مشكلات الطوارق من قبل حكومات دول الصحراء التقليل من الأنشطة غير الشرعية، بما فيها العمل مع المتشددين. يشعر «جديدي» مثل زعماء قبائل آخرين من التبو والأمازيغ في ليبيا وبعض دول الجوار، بالمرارة من إهمال الحكومات. كان الطوارق في ليبيا يعتقدون أن ما يعرف بـ«ثورات الربيع العربي» سوف تطوي صفحة الماضي وتفتح آفاقا جديدة. الكثير من نشطاء الجنوب جهزوا أوراقا تحمل مطالب للاعتراف بلغة القبيلة وهويتها كجزء من هوية الدولة التي يوجدون فيها. ومنح الجنسية للطوارق الذين يعيشون داخل حدود البلاد، لكن صعود المتطرفين على خشبة المسرح أدى لخلط الأوراق. بدلا من اجتياز الحدود بالأقمشة والأدوات المنزلية، أصبحت سيارات الدفع الرباعي المموهة تمضي في المسالك الصحراوية نفسها بالمدافع والمقاتلين والرايات السوداء. ويعد انضمام شبان من الطوارق والتبو للمتطرفين، على جانبي الحدود الليبية - الجزائرية، من الجنوب، أحد أهم أسباب الخلافات بين قبيلتي الطوارق والتبو، خصوصا أن المعتدلين منهما والموالين للسلطة الشرعية وهم الأغلبية، يشاركون في حراسة المنشآت النفطية التابعة للدولة الليبية، ويقاوم كل منهما أيضا هجمات المتشددين الذين هم خليط من القبيلتين ومن العرب والأجانب، ومن أشهرهم الجزائري مختار بلمختار، والمالي، أحمد الأنصاري. في الفترة الأخيرة وقعت اشتباكات بين أبناء القبيلتين، سقط فيها عشرات القتلى والجرحى، وبينما يقول التبو إن الطوارق هم الذين لديهم شبان متطرفون يقودون ما يعرف باسم تنظيم «أنصار الحق»، يرد الطوارق بأنهم غير مسؤولين عن أولئك المتطرفين، وأن هناك من يحاول الوقيعة بين القبيلتين اللتين تربطهما علاقة تاريخية، للسيطرة على الثروات الليبية في الجنوب. ويتعجب «جديدي» من وصول القبيلتين إلى هذا الحد من الخصام في وقت يتعرض فيه مستقبل الجميع للخطر.. «مجرد أن يتقاتل الطارقي والتباوي فهذا يعني وقوع أمر جلل يتطلب وقفة جادة لدراسة المسببات التي أدت لهذا الأمر. أعتقد أن المسألة أكبر من الطوارق ومن التبو. القضية تهدف لخلق صراع بيننا لإجهادنا وإنهاكنا.. هذا هدف من تنظيمات داخلية وأخرى خارجية للسيطرة على الحقول النفطية». ومنذ مطلع هذا العام حاولت مجموعة تعرف باسم «القوة الثالثة»، وتتكون من ميليشيات متطرفة، وتتمركز في مدينة سبها، السيطرة على حقلي «الفيل» و«الشرارة» النفطيين، إلا أن قوات من الطوارق والتبو تعمل تحت أمرة الجيش أفشلت تلك المحاولات. يبقى أن هيمنة تلك القوة المتشددة على الطرق البرية، مثل بوابة الجزائر ودرب النيجر، زاد من حجم الخلافات بين القبيلتين، بسبب انخراط عدد من أبنائهما في العمل مع المتطرفين، وبالتالي «الاستحواذ عمليا على طرق التجارة لصالح الغرباء»، كما يقول أحد الناشطين السياسيين من قبيلة التبو. وعبر مثلث «ليبيا الجزائر مالي»، يتنقل شبان من الطوارق، وفقا لتقارير أمنية ليبية، مع مجموعات أخرى من المتشددين الأفارقة عبر الحدود لتهريب الأسلحة والمقاتلين، وتصل إلى دولة مالي عبر دروب «الطوارق» القديمة، ولهذا تعد القبيلة في مرمى نيران الانتقادات. ويرد «جديدي» قائلا إن المشكلة ليست في الطوارق، ولكن في الحكومات.. «قد ينظر إلى الطوارق باعتبارهم الحلقة الأضعف، وهذا المشجب للأسف الذي يعلق عليه فشل كل تلك الدول في تأدية دورها وواجبها الوطني في تقديم الخدمات لأبنائها، حتى لا يسلكوا طرقا أخرى». لكنه لا ينفي احتمال أن يكون هناك بعض من أبناء القبيلة متورطون بالفعل في أعمال غير مشروعة.. «لا أنفي أنه قد يكون هناك وجود لهذه النشاطات وهي مسألة طبيعية موجودة في كل المناطق الحدودية لكل دول العالم. هناك تهريب. حتى في دول أوروبا.. لماذا التركيز على الطوارق فقط. أو على التبو فقط. هذا لأنهم ينظرون إليهم على أنهم الحلقة الأضعف». ويقول «جديدي»، إن نقص فرص العمل والتهميش سبب رئيسي في قيام البعض بنشاط التهريب.. «صاحب الأسرة وصاحب البيت لديه التزامات يريد الوفاء بها. ربما هذا النوع من الشباب لم يجد ملاذا أو ملجأ أو نشاطا إلا هذا النشاط غير الشرعي. نقول دائما إن مفتاح الحل هو التنمية». وعما إذا كان الطوارق الذين تضرروا من الحملة العسكرية في شمال مالي لهم صلة بالجماعات المتشددة، يوضح الزعيم الطارقي قائلا إنه ربما هناك بعض الناس الذين تم استغفالهم أو تجنيدهم باعتبارهم أصحاب الصحراء ويعرفون مجاهلها ودروبها ومسالكها.. «قد تم استئجار بعض الناس لنقل بعض من تلك العناصر من مكان لمكان.. هو ليس انضماما عقائديا أو فكريا، لكن قد يقدمون تسهيلات للحصول على لقمة العيش». وعن الطريقة المثلى لحل المشكلات التي أصبحت تتعرض لها القبيلة في الفترة الأخيرة، خاصة مشكلة التهريب في ظل وجود نشاط للمتطرفين، أعرب «جديدي» عن اعتقاده في أن الدول التي يوجد فيها الطوارق لم تبحث المشكلة بنهج موضوعي.. «بمعنى أدق، هذه الدول لم تستثمر وجود الطوارق على أراضيها الاستثمار الذي يجب أن يكون». كيف؟ يجيب قائلا إنه «على سبيل المثال، إذا حصلت أي إشكاليات في مناطق وجود الطوارق في دولة ما، يفترض أن يتم تسخير وتوظيف امتدادهم في الدولة الأخرى لمساعدتها في حل المشكلة. لكن يبدو أن هناك رؤى أخرى وأجندات أخرى لا ندري إلى أين ستصل بنا. نحن نقول دائما إن هذه الدول يفترض أن ترسم سياسة لتنمية مناطق وجود الطوارق لتحقيق الأمن والاستقرار فيها».
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410636/مسلمو-بلجيكا-فهموا-الدرس
2015-07-21 02:59:12
مسلمو بلجيكا.. {فهموا الدرس}
بروكسل: عبد الله مصطفى
لم تقع أعمال شغب أو عنف ولم تشهد شوارع المدن البلجيكية اضطرابات أو مصادمات مع رجال الأمن، بل على العكس من ذلك، جاء رد فعل الجالية المسلمة في بلجيكا هادئًا ومتزنًا على افتتاح معرض للرسوم الكارتونية عن الرسول (صلى الله عليه وسلّم) في معقل اليمين المتشدد بمدينة أنتويرب، في شمال غربي البلاد. كثرة من المراقبين عزوا ردّ الفعل الإسلامي الهادئ والمتزن هذا لجملة من الأسباب، أولها أن المعرض لم ينظّم في مكان عام أو صالة كبرى بحضور إعلامي وجماهيري، بل اقتصر الأمر على عرض الرسوم في مكان يكاد لا يتّسع إلا لبضع عشرات. وكانت كريس فان دايل، الناطقة باسم حزب «فلامس بلانغ» اليميني المتطرّف في أنتويرب قد أبلغت «الشرق الأوسط» في حينه أن زعيم الحزب فيليب ديونتر عقد مؤتمرا صحافيًا في بداية افتتاح المعرض، بمقر تابع للحزب في المدينة، يقع على مقربة من أحد الأحياء التي تقطنها غالبية من المسلمين، وبخاصة من الأتراك والمغاربة. لقد رأى كثيرون أن توقيت تنظيم المعرض في شهر رمضان، وكذلك افتتاحه في الساعة الثانية عشرة ظهرًا وقت سيطرة موجة من الطقس الحار سجلت من حيث درجات الحرارة المسجلة أرقامًا قياسية في بلجيكا، ربما كانا من الأسباب الإضافية لرد الفعل الهادئ. ولكن مع ذلك أعرب رموز الجالية المسلمة عن رفضهم هذا التصرف بصورة قاطعة لا لبس فيها. وذكر التلفزيون البلجيكي الناطق باللغة الهولندية (الفلمنكية) «أي تي في»، أنه استطلع آراء أعداد من المسلمين عبروا عن قلة اكتراثهم بمثل هذه التصرفات التي رأوها استفزازية. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قال نور الدين الطويل وهو داعية إسلامي ورئيس جمعية المسلمين الجُدد في بلجيكا «إن أبناء الجالية المسلمة يدركون جيدًا الغرض من هذه الفعلات التي تستفز الجالية المسلمة، وهم يرفضونها بالمطلق، غير أنهم يتمسكون بالحرية والسلام في المجتمع»، وحذّر من ناحية ثانية من «أن هناك أعدادًا من الفتيان والشبان الصغار السن لا يتحكمون في تصرفاتهم، ولذا ينبغي الحذر الشديد قبل تنظيم مثل هذه الأنشطة الاستفزازية». وقالت سميرة اذابار، وهي ناشطة اجتماعية وإسلامية، بأنه «من منطلق الانفتاح على الآخر وحرية التعبير، من حق الجميع تنظيم معارض أو أنشطة مختلفة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل مثل هذا المعرض سيساهم في تعزيز التعايش في مجتمع متعدد الثقافات؟.. الإجابة لا أعتقد ذلك». هذا، وأعلنت الشرطة البلجيكية، من جانبها مع افتتاح المعرض أنها عاكفة على تحليل أي تهديدات متوقعة، وهي على استعداد لاتخاذ الإجراءات المطلوبة في حال دعت الحاجة. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه في أبريل (نيسان) الماضي أطلق حزب «فلامس بلانغ» اليميني المتطرف لتشجيع أبناء الجالية البلجيكية المسلمة الذين يساندون الفكر الإسلامي المتشدد على العودة إلى أوطانهم الأصلية، ولا سيما، أولئك الذين يساندون أفكار «جماعة الشريعة في بلجيكا» التي كانت تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد قبل أن تحظر السلطات نشاطها قبل سنتين تقريبًا على خلفية الاشتباه في علاقتها بتسفير شباب إلى العراق وسوريا للقتال مع التنظيمات المتطرفة. ديونتر، زعيم الحزب المتطرف، قاد بنفسه مجموعة من قياديي الحزب في جولة لتوزيع منشورات وملصقات إعلانية للحملة الجديدة، وتولّى توزيعها في الأسواق الشعبية وعلى المنازل في مدينة أنتويرب، التي هي ثاني كبرى مدن البلاد بعد العاصمة بروكسل. ولقد تابعت: «الشرق الأوسط» الجولة في حينه وخلالها قال ديونتر إن «إطلاق هذه الحملة يشكل فرصة لمن يرفض الاندماج في المجتمع البلجيكي ويدعم التشدد الإسلامي أن يعود إلى وطنه الأصلي»، وتابع: «هذه الحملة تحمل عنوان (شرق أو غرب؟... بلدك أفضل)، وأنا أقول: إن هذا البلد (بلجيكا) ليس بلدهم، وكل بلد غربي له قيَمه التي يجب على من يعيش فيه أن يحترمها وإلا فعليه أن يعود إلى البلد المسلم الذي جاء منه وحيث فيه ثقافة وقيم وعقائد مقبولة بالنسبة له. أما في بلدنا فعليه أن يحترم طريقة حياتنا والقبول بقيمنا وليس له أن يفرض علينا أفكاره أو عقيدته أو أسلوب معيشته». وفي هذا السياق، كان التلفزيون الهولندي خلال الشهر قد منع في آخر لحظة بث فيلم يتضمن رسومًا كارتونية عن الرسول (صلى الله عليه وسلّم) أعده حزب الحرية اليميني المتطرف الذي يتزعمه خيرت فيلدرز، وكان مقررًا أن يُبث ضمن الوقت المخصّص للأحزاب السياسية في قنوات التلفزيون في هولندا، جارة بلجيكا. وكما هو متوقع، أعرب فيلدرز – وهو أحد أكثر الساسة الأوروبيين إثارة للجدل في عدائه للمهاجرين وبالأخص المسلمين منهم – في تغريدة له على موقع «تويتر» عن غضبه الشديد لإحجام التلفزيون عن بث التقرير التلفزيوني المخصص لحزبه والذي يتضمن الرسوم، وقال في تغريدته بأنه سيقوم بنشر الفيديو والرسوم على موقع «يوتيوب»، متهمًا التلفزيون الهولندي بارتكاب «عمل تخريبي» استهدف تقرير حزبه وأنه رفض البث مع أنه سبق للحزب تلقي تأكيدات قبل ذلك بأن التقرير سيذاع في الموعد المتفق عليه «لكن هذا لم يحدث ودون ذكر أسباب» على حد قوله. وبعد وقت قصير عاد فيلدرز وكتب على «تويتر» حصل على رد من التلفزيون يشير إلى أن ما وقع إنما جاء نتيجة لحدوث سوء تفاهم، وأن التقرير سيذاع في وقت لاحق. ومن جهتها، امتنعت ناطقة باسم التلفزيون الهولندي عن التصريح عن أسباب الإحجام عن بث تقرير حزب الحرية في موعده. وكانت فكرة بث التقرير عن طريق التلفزيون قد خطرت لفيلدرز بعد رفض طلبه عرض الرسوم في البرلمان. وبرّر الزعيم المتطرف عرض الرسوم تلفزيونيًا بـ«الدفاع عن حرية التعبير» في أعقاب هجوم ادعى تنظيم داعش مسؤوليته عنه استهدف مسابقة لرسوم عن الرسول نظم في ولاية تكساس الأميركية في مطلع مايو (أيار) الماضي. وقال فيلدرز في بيان أصدره في مطلع يونيو (حزيران) الماضي «إن الطريقة الوحيدة التي تتيح لنا أن نظهر للإسلاميين المتطرفين أننا لن نرضخ أبدا للإرهاب والعنف هي أن نفعل بالضبط ما يريدون منعنا من فعله». ولكن وفق تقارير إعلامية، فإنه نظرًا للإساءة التي تمثلها هذه الرسوم بالنسبة لكثرة من المسلمين قد يعني عرضها على التلفزيون منع حزب الحرية، الذي يقوده فيلدرز، من الظهور على التلفزيون لفترة تتراوح بين سنة وأربع سنوات. وبالمناسبة، كان فيلدرز قد أنتج فيلم «فتنة» الذي أحدث ضجة حين عرض عام 2008 لما تضمنه من إساءات للإسلام وللرسول، بما في ذلك وصف الإسلام بـ«دين الإرهاب» والقرآن الكريم بـ«الكتاب الفاشي». على صعيد آخر، ذكرت وسائل الإعلام الهولندية أن السفارات الهولندية في الخارج أحيطت علمًا بالتدابير التي ينبغي اتخاذها في حال عرض الرسوم وما قد يثيره ذلك من احتجاجات عنيفة. وردًا على فيلدرز ومواقفه نشرت جمعية المساجد المغربية في هولندا، يومذاك، رسمًا ساخرًا يظهر فيه النائب المتطرف على شكل طفل داخل قنبلة وهو يصرخ بينما يمر أناس عاديون بجواره بينهم امرأة محجبة غير مكترثين بصراخه، وصحب الرسم عنوان «سنواصل بناء هولندا». وينشط فيلدرز، الذي يرفض اعتبار عرض الرسوم الكارتونية استفزازًا للمسلمين، منذ سنوات لوقف استقبال المهاجرين من البلدان المسلمة، وهو ملاحق حاليًا بتهمة التحريض على الكراهية بعدما وعد مناصريه خلال تجمع انتخابي عام 2014 «بتقليل عدد المغاربة» في هولندا. وحول السياسة الإعلامية الهولندية، تخصّص هيئة الإعلام في هولندا للأحزاب السياسية وقتًا لعرض أفكارها وبرامجها، وهي لا تدقّق مسبقًا في محتوى الأشرطة التي تنوي هذه الأحزاب عرضها، وليس بوسعها أن تقرّر مسبقًا إذا كان هذا المحتوى يتفق أو يتعارض مع القانون، وذلك تجنّبًا لفرض رقابة مسبقة والإساءة لحرية التعبير.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410641/«داعش»-يستخدم-«فتاوى-النفط»-لتأسيس-دولة-في-وسط-ليبيا
2015-07-21 02:59:14
«داعش» يستخدم «فتاوى النفط» لتأسيس دولة في وسط ليبيا
القاهرة: عبد الستار حتيتة
في محيط مدينة سرت الليبية، يمكنك الاستماع من فقهاء تنظيم داعش ومقاتليه إلى خطب من نوع جديد ليست عن تطبيق الشريعة، كما كان يجري في السابق، ولكن عن اقتراب التنظيم من تصدير النفط عبر وسطاء في البحر المتوسط، رغم أن هذا أمر يبدو بعيدا عن الواقع. هذا «الخطاب»، كما يقول لـ«الشرق الأوسط» كامل عبد الله، المحلل المتخصّص في شؤون شمال أفريقيا في {مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية}، موجَّه في الأغلب إلى المقاتلين الأجانب لإغرائهم بالقدوم إلى ليبيا والانضمام للتنظيم الذي يحارب الجيش والسلطات الشرعية، وله علاقات بتنظيمات متطرفة أخرى داخل البلاد وخارجها. إلا أن لعب «داعش» على الوتر الاقتصادي والآمال التي أصبح يرسمها عن قدرته في الهيمنة على النفط الليبي، أخذت تؤتي أكلها - على ما يبدو - في أوساط الشباب المحلي العاطل عن العمل في وسط البلاد، والمحبط من انسداد العملية السياسية، خاصة أن هذا الأمر ظهر بعد محاولة كسر شوكة تنظيم «القاعدة» بواسطة الغارة الأميركية على قيادي «القاعدة» الجزائري مختار بلمختار في جنوب بلدة إجدابيا الليبية قبل شهر. الاقتصاد الليبي، الذي يبلغ حجمه وفقا لإحصاءات 2010 نحو 80 مليار دولار، يعتمد على صادرات النفط بشكل شبه كامل. وتوجد لعدة شركات دولية من بلدان مثل أميركا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا، حقوق في حقول ومصافي النفط منذ عهد القذافي، إلا أن الفوضى الأمنية التي ضربت البلاد تؤخر استثمارها أو الاستفادة منها، ما كبد تلك الشركات خسائر ضخمة. واعتاد «داعش» في العراق وسوريا بيع ما يسيطر عليه من نفط بأسعار بخسة عبر وسطاء في السوق السوداء، واليوم يبدو أنه يلوح بتكرار التجربة في ليبيا أغنى البلاد الأفريقية في مخزون النفط والغاز. خليط من الليبيين والمهاجرين العرب والأجانب، يصلون هذه الأيام إلى ميناء سرت عبر البحر ومن الحدود الأفريقية، ويرفعون الرايات السوداء للاشتراك في تأسيس دويلة «داعشية» في وسط ليبيا. ووفق كلام إبراهيم عميش، النائب في البرلمان الليبي، لـ«الشرق الأوسط» فإن «داعش» يتمدد، و«نخشى من تسببه في تقسيم البلاد». وتأتي هذه التطورات بعد تعرّض «داعش» لهزيمة كبيرة في معقله الذي عرف به منذ البداية في مدينة درنة الواقعة على البحر المتوسط. لكنه انتقل سريعًا إلى سرت، وهي مدينة ساحلية مثل درنة، تقع على بُعد نحو 600 كيلومتر إلى الغرب من درنة و400 كيلومتر شرق طرابلس، مستغلا على ما يبدو غياب جماعة بلمختار. ويتساءل المستشار في الجيش الليبي صلاح الدين عبد الكريم قائلا: لماذا استهدف الأميركيون بلمختار وتركوا قيادات «داعش» التي تتحرك تحت سمع وبصر القوات الدولية المراقبة في البحر المتوسط. وهو ينظر إلى مسألة تمدد داعش في سرت بريبة كبيرة.. ويقول: «هذا مخطط دولي مستمر لتدمير ليبيا». تغيير «داعش» خطابه وتوسعه في وسط البلاد، يرتبط أيضا بتغييرات حصلت على الأرض في الشهور الأخيرة. ومن المعروف أن أكبر قوة تمكَّن المتطرفون في ليبيا من تكوينها، بعد قوة «فجر ليبيا» التي تتمركز في العاصمة طرابلس، هي تلك التي تعرف باسم «القوة الثالثة» الموجودة في وسط وجنوب البلاد. وكانت حتى أسابيع قليلة مضت تتسع لخليط من المتشددين من مذاهب وجنسيات مختلفة، بينهم فرع تنظيم القاعدة وقائده بلمختار، وموالون لتنظيم داعش بقيادة رجل غامض، مالي الجنسية، يدعى انتهمدين الأنصاري. ولعبت الظروف دورها لتعديل الوقائع على الأرض، بما فيها نقص الأموال لدى السلطات الشرعية وتعثر عمليات تصدير النفط. على أي حال وقعت، بعد ذلك، خلافات شديدة بين الرجلين، بلمختار والأنصاري أعقبها توجيه الولايات المتحدة لضربة جوية على اجتماع لبلمختار. ويقول النائب عميش، الذي يشغل موقع رئيس لجنة العدل والمصالحة الوطنية في البرلمان الليبي، إنه من المستغرب أن يجري استهداف بلمختار فقط من جانب الولايات المتحدة، رغم وجود قادة أكثر خطورة منه، من «داعش» وغير «داعش». وهذه المتغيرات الجارية على قدم وساق، جاءت بالتزامن مع تغيير تنظيم داعش في سرت لغته، وبدلا من التركيز على الشعارات التي تتحدث عن تطبيق الشريعة، يجري حاليًا الترويج لمقولات أخرى مثل «بترول ليبيا للمسلمين» وشعارات عن الثراء الذي ينتظر رعايا «دويلته» في المستقبل، نظرا للمخزون النفطي الضخم الذي يقع في المناطق المحيطة بمدينة سرت، التي تعرف باسم «الهلال النفطي»، وتحوي أكثر من 60 في المائة من النفط الليبي، إلا أن الباحث عبد الله يشكك بهذا الأمر، ويرى أن قدرة «داعش» على تصدير النفط «وهمٌ كبير.. الأمر هنا له أبعاد دولية». في الوقت الراهن تحاول السلطات الشرعية تأمين تصدير النفط لسد حاجات الليبيين من الغذاء والمتطلبات الأساسية، لكن توجد مخاوف أيضا من دخول ناقلات نفط بشكل غير قانوني لشراء نفط من تنظيمات متطرفة تضع يدها على بعض الموانئ. ودفع هذا قوات الأمن الليبية لتحذير الناقلات التي تقترب من موانئها دون تصريح. ويعلق الباحث عبد الله قائلا: كان من السهل لـ«داعش» تصدير النفط من المناطق التي سيطر عليها في العراق وسوريا، لأن الأمر يجري هناك بطرق معقدة والتفافية، لكن في حالة ليبيا «يمكن مراقبة السواحل.. كل شيء واضح ومن السهل اكتشافه». ومن جهة ثانية، يقول أحد المنشقين عن هذا التنظيم المتطرف إن اللغة الجديدة عن النفط لاستقطاب المقاتلين، سواء من الداخل أو الخارج، جاءت بعد أن فشلت محاولات مندوبين للخليفة المزعوم أبو بكر البغدادي، إلى سرت، في جمع كل التيارات الإسلامية وجماعات المتطرفين في ليبيا تحت راية «الخلافة». ففي أحد أيام شهر مايو (أيار) الماضي، تحرك مستشار للبغدادي هو تركي البنعلي، البحريني الجنسية، لزيارة المدينة الواقعة في الشمال الأوسط من ليبيا. ودعا البنعلي جميع المتطرفين لمبايعة «الخليفة»، وبثت عدة خطب له بهذا المعنى في إذاعة سرت القديمة التي سيطر عليها المتشددون وباتت تعرف اليوم باسم «إذاعة التوحيد». «فقه النفط» لاستقطاب المؤيدين - كما يحلو للبعض في ليبيا أن يسميه - ظهر لأول مرة لدى كل من «الفيدراليين» في برقة وقوات «فجر ليبيا» التي تقودها جماعة الإخوان المسلمين في طرابلس ومصراتة، حين أجرت هذه القوات محاولات فاشلة على مدار قرابة عشرة أشهر للسيطرة على منابع النفط ومصافيه في الحقول الرئيسية في البلاد، أي في حقلي الفيل والشرارة في الجنوب، وفي حقول الهلال النفطي الموجودة قرب سرت. وكان الهدف استقطاب المزيد من المقاتلين لتعضيد قوات المتطرفين في حربهم ضد الجيش والسلطة الشرعية. اليوم هناك سؤال معلق فوق هذه الصحراء الشاسعة: هل يوجد تنسيق في المسألة النفطية بين «فجر ليبيا» و«داعش»؟ تضم قوة «فجر ليبيا» التي يشارك ممثلون عنها في الحوار الأممي، برعاية برناردينو ليون للتسوية السياسية، ما بين ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف عنصر يتركّزون في طرابلس وفي مصراتة وفي بلدات أخرى محيطة بالعاصمة. أما عدد عناصر «القوة الثالثة» في الجنوب فغير ثابت لعدة أسباب من بينها أن تركيبة هذه القوة تعتمد على قطاعين: القطاع الأول هم الليبيون الوافدون من الشمال، أي من مصراتة وطرابلس وبعض المتطرفين المحليين من سبها. والقطاع الثاني هم الأجانب الذين جاءوا من مالي وتشاد والنيجر والسودان ومصر وتونس والجزائر، وكان يقودهم، حتى أسابيع قليلة مضت، كل من بلمختار والأنصاري، قبل أن يفترقا. هذان الرجلان كانا منذ أغسطس (آب) الماضي، من الأذرع الأساسية في محاولات «فجر ليبيا» للسيطرة على حقلي الفيل والشرارة. لكنهما لم يتمكنا من إتمام المهمة رغم ما قدماه من إغراءات لضم مهاجرين أفارقة لصفوف الميليشيات التي يديرونها. وتقدر مصادر عسكرية ليبية عدد مجموعة بلمختار بنحو 500 عنصر وكان يديرها معه نائبه المدعو عبد الكريم الجزائري، بينما تضم مجموعة الأنصاري نحو 700. أما الفارق بين المجموعتين فهو أن الأولى (مجموعة بلمختار) كانت شبه مستقرة داخل ليبيا لأنها تنشط في اتجاه الشمال، أي ناحية بلدات الجفرة وسرت، بينما تتحرك المجموعة الثانية في التخوم الجنوبية القريبة من حدود ليبيا مع الجزائر والنيجر وتشاد، أي في مدن مُرزُق وأوباري وأم الأرانب وغيرها. أما باقي عناصر «القوة الثالثة» القادمين من مصراتة وطرابلس، والمحليين الجنوبيين، فلا يزيد عددهم عن بضع مئات ويشرفون على عملية تثبيت أقدام المتطرفين في تلك المناطق النفطية الشاسعة، وإصدار الأوامر بجلب المساعدات من أوكار المتشددين في الشمال، والتنسيق بين المجموعات الجنوبية فيما يتعلق بالسيطرة على المطارات العسكرية التي كانت تابعة للدولة الليبية مثل مطار سبها وتمنهند، واحتلال المعسكرات الأخرى، ونصب البوابات وإدارة عمليات دخول وخروج المقاتلين الأجانب الذين يأتون من دول الجوار. لا أحد يعرف إن كان بلمختار ما زال على قيد الحياة أم أنه قتل بالفعل. فحتى الولايات المتحدة التي نفذت عملية قصف الاجتماع، لم تؤكد رسميًا مقتله، في وقت قالت مصادر حكومية ليبية إنه قتل، لكن، وبسؤال قيادات في البرلمان الليبي بمقره في طبرق، ردت بأنه لا توجد لديها معلومات، إلا أنها أعربت عن اعتقادها في أن الضربة التي تعرّض لها هذا القيادي الجزائري، أدت إلى إضعاف مجموعته لصالح المجموعة التي أصبحت موالية لـ«داعش» وتقوم بنشاط غير مسبوق للالتفاف والهيمنة على حقول النفط. إذا تمكن «داعش» من السيطرة على «الهلال النفطي»، كما يقول النائب عميش، فستتحول ليبيا إلى نسخة أخرى من العراق أو السودان أو الصومال.. «وهنا سيتدخل المجتمع الدولي بذريعة حماية المنشآت النفطية ويطبق علينا برنامج النفط مقابل الغذاء، بينما يظل التطاحن مستمرا داخل ليبيا التي يريدون لها أن تتحوّل إلى دويلات؛ درنة دولة، وبنغازي دولة، وطبرق دولة، وطرابلس دولة، وهلم جرًّا». وحقًا، في جولة داخل ليبيا يمكن أن تلاحظ وجود ارتباك في المناطق النفطية. توجد أسماء مثيرة للريبة.. أسماء كانت في البداية تحارب مع بلمختار و«القاعدة»، ثم غيّرت مواقفها عقب الغارة الأميركية، وظهرت أخيرًا على رأس مجموعات «داعشية» تقاتل في بلدات تعد مفاتيح لـ«الهلال النفطي». وبعض هؤلاء القادة «الدواعش» في الحقيقة أقارب لخليط من قيادات محلية متباينة الاتجاهات، لكن يجمعها رابط متشابه هو محاولات بسط السلطة على النفط ومحاولات تصديره في السوق السوداء. مثلا برز قائد «داعشي» فجأة في سرت، بينما هو في الحقيقة محسوب على دعاة الفيدرالية المتركزين في بلدة إجدابيا حيث استهدف بلمختار. وهؤلاء كانت لهم محاولات لتصدير النفط عبر سماسرة في البحر المتوسط. وأحدهم هو شقيق مدبر العملية الشهيرة التي جرى فيها تحميل ناقلة بأكثر من 30 ألف طن من النفط الخام في ربيع العام الماضي، قبل أن توقفها البحرية الأميركية في عرض البحر. وبعضهم محسوب على الفرع المتشدد في مصراتة المتعطش للمال، وهذا الفرع ينشط في شمال غربي سرت ولديه مراكب (يطلقون عليها جرافات) تتحرك على الساحل بين موانئ المتطرفين. وآخرون محسوبون على الفرع المتطرف في الزنتان، كانت عناصره تتولى حتى وقت قريب حراسة خطوط أنابيب النفط المتجهة إلى أوروبا والآتية من إقليم فزّان، ويعملون حاليًا في جنوب طرابلس. ويقول حسين المصراتي، القيادي المنشق عن الميليشيات، الذي فرَّ أخيرا للإقامة في مدينة طبرق في شرق البلاد، بأن حالة التربص بين «داعش» و«القاعدة» تفاقمت سريعًا، بعد أن كانت توجد لديهما طموحات مشتركة للسيطرة على منابع النفط والحصول على نصيبهم من الأموال من قيادات «فجر ليبيا» في الجنوب و«الهلال النفطي» في الشمال. ويضيف أن الضائقة المالية التي ضربت المتطرفين في طرابلس أثرت سلبًا على العناصر المقاتلة في الجنوب. وهنا ظهرت دعوات البنعلي بضرورة مبايعة كل التنظيمات للبغدادي، والاصطفاف في صف واحد ضد الجيش والسلطة الشرعية. ثم يوضح أن الأنصاري وافق لكن بلمختار رفض. ويتابع المصراتي أن هذا الخلاف بين بلمختار والأنصاري وضع «فجر ليبيا» في مأزق، لأنها من جانب لا تستطيع أن تتحدث علانية عن الانحياز لأي من الطرفين، كون بعض قادتها شركاء في المفاوضات السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة. ومن جانب آخر، لا يمكنها أن تترك الاقتتال مستمرًا بين عناصر «داعش» و«القاعدة»، لأن هذا يضعف وجودها في المناطق النفطية ويضعف عملياتها ضد الجيش، الذي يقوده الفريق أول خليفة حفتر. هنا بدا أن المتطرفين في «القوة الثالثة» وقعوا في مأزق، وراحت محاولات السيطرة على نفط الجنوب أدراج الرياح بعدما خسروا مقاتلين ومعدات. وأصبحت كتلة المتطرفين في الجنوب على وشك الانقسام والاقتتال عبر الدروب والمواقع الصحراوية، لأن مجموعة بلمختار تصرّ على رفض التخلي عن تنظيم «القاعدة»، قائلة إنها لن تبايع البغدادي، وانعكس هذا بالتبعية على القادة في «فجر ليبيا» الذين يديرون «القوة الثالثة» من طرابلس. ويضيف المصراتي أن «فجر ليبيا» كانت قد تمكنت، عن طريق بلمختار والأنصاري من وقف تصدير النفط من حقلي الفيل والشرارة العام الماضي. أي أنه كان في يدها ورقة ضغط على الحكومة الشرعية والدول المستفيدة من واردات نفط الجنوب. لكن خلافات الرجلين، بعد زيارة البنعلي، أضعفت ورقة «فجر ليبيا» النفطية، وهذا ظهر في ترددها في الموافقة على الحل السياسي الذي توصلت إليه الأمم المتحدة. كما أن «تضعضع جماعة بلمختار، بعد الغارة الأميركية، غير المعادلة تماما». أيا ما كان الأمر فإن بوادر الخلاف بين بلمختار والأنصاري بسبب مندوب البغدادي كانت قد ضربت، منذ بداية هذا الصيف، صفوف المتطرفين في مدن أخرى منها درنة وصبراتة ومصراتة.. وظهر سباق على احتلال مواقع النفط. ثم اشتعلت المعارك وتفخيخ السيارات وضرب البوابات بين المتطرفين وبعضهم البعض. يضيف المصراتي أن اشتباكات درنة وحدها سقط فيها ما لا يقل عن خمسين من الطرفين، بينما أدت الغارة الأميركية على اجتماع بلمختار إلى إضعاف «القاعدة» في الجنوب. وحقًا أثرت معارك درنة سلبًا على وجود «داعش» في المدينة، لكن تأثرها كان إيجابيًا على التنظيم المتطرف في سرت، لأن المئات من «دواعش» درنة فروا إلى سرت، فعززوا قوة التنظيم وانتشاره بشكل ملحوظ في أغنى منطقة نفطية في البلاد، وساعد على ذلك أيضا، كما يقول المصراتي، تشتت أنصار «القاعدة»، وظهور خطب لـ«داعش» تتحدث عن اقترابه من تأسيس دولة في سرت تستحوذ منفردة على كل هذه الكمية من النفط. مصادر أمنية ليبية تتحدث عن أن اجتماع المتشددين مع بلمختار جنوب إجدابيا الذي تعرض للقصف الأميركي، كان قد خصصه قادة من «فجر ليبيا»، لرأب الصدع بين قوات القيادي الجزائري المتشدد في ولائه لـ«القاعدة»، وقوات الأنصاري المنحاز لـ«داعش» وذلك «لأن الخلافات بين الرجلين طوال الشهرين الماضيين، أربكت مقاتلي القوة الثالثة، ما عزز من قدرة الجيش على الاقتراب من حل مشكلة توقف تصدير النفط في الجنوب»، مشيرا إلى أن الأنصاري لم يحضر الاجتماع الذي تعرض للقصف، بل حضر بدلا منه رجل تونسي قتل في الغارة الأميركية. من الصعب الإمساك بخيوط اللعبة التي تدور في ليبيا. مَنْ ضد مَنْ ومَنْ مع مَنْ؟ ضع الجيش الوطني الذي أعاد حفتر تجميعه مطلع العام الماضي، جانبا، وانظر إلى خريطة المتطرفين. إنها تتغير وتتبدل بمرور الأيام. وكلما زاد الضغط من جانب الجيش والقبائل على المتشددين.. غيرت المجموعات المتطرفة من ولاءاتها وتكتيكاتها. إلا أن المؤشر الخطير كما يراه النائب عميش، يتمثل في اتجاه «داعش» لتحقيق هدف محدد هو السيطرة على «الهلال النفطي» حيث توجد عدة موانئ لتصدير النفط للخارج مثل البريقة والسدرة ورأس لانوف. أخيرًا، يقول أحد ضباط الجيش الليبي في بنغازي، وهو ينظر إلى حطام المدينة وشوارعها المهجورة، وما سببته الحرب مع المتطرفين، إنه إذا استمر الوضع على هذا النحو، فمن الممكن خلال بضعة أشهر مقبلة أن تجد مجموعات أكثر نفوذًا على الأرض.. «بكل بساطة إذا تمكن داعش من السيطرة على (الهلال النفطي) سيكون في يده المزيد من الأموال والقوة في مواجهة الجميع».
aawsat
http://aawsat.com/home/article/405526/من-«الحرم-المكي»-إلى-مسجد-«الإمام-الصادق»-نحو-ذاكرة-بلا-ثقوب
2015-07-21 02:59:15
من «الحرم المكي» إلى مسجد «الإمام الصادق».. نحو ذاكرة بلا ثقوب
جدة: محمد جزائري
قبل ثلاث ليالٍ مضت، كانت الذكرى الرابعة والعشرين لتفجيرات مكة الإرهابية من قبل «حزب الله» الكويتي في عام 1989، والتي راح ضحيتها 26 شهيدا ومصابا، تلك الحادثة التي أحالت الترانيم المقدسة المطمئنة لحجاج بيت الله في مكة إلى ابتهالات الخائفين. كما تترافق الذكرى مع وفاة المعمم الشيعي محمد باقر المهري قبل أيام من الذكرى، وهو وكيل خامنئي وبعض المرجعيات الشيعية في دولة الكويت، والمتهم باعترافات المنفذين بتوليه التخطيط للعملية واختيار أفراد الخلية الإرهابية، وفقا لتحقيقات الأمن السعودي. يأتي استحضار هذه الذكرى من أجل ذاكرة بلا ثقوب في فهم الظاهرة الإرهابية التي عمت المنطقة على أيدي الجماعات الإرهابية من كلا المتطرفين في الطائفتين، الشيعية والسنية. فما قامت به «أحزاب الله» في المنطقة من حرائق لم تستثن حتى الحرم المكي، هو ذاته ما يقوم به «داعش» بانتهاكه حرمة المعابد الدينية والمساجد الخاصة بأبناء الطائفة الشيعية. ولكن لعل الفارق الأبرز بين التجربتين أن أذرع الإسلام السياسي الشيعي المسلحة مدعومة كليا وعلانية من قبل صناع القرار في طهران، بينما عواصم دول الاعتدال في المنطقة - وفي مقدمتها الرياض - تقود حربا لا مواربة فيها على «الإسلام السياسي» المسلح بشقيه، وتضع «داعش» وتوابعه، و«حزب الله» وتوابعه، في سلة واحدة. في الصراع السياسي والحرب الباردة التي نتجت عن الصراع السياسي في منطقة الشرق الأوسط في سياقاته التاريخية المعروفة، لم تتوان إيران الثورة عن استخدام الأقليات الشيعية العربية كأحد أسلحتها في إدارة الحرب من جانبها. لقد اعتمدت إيران على نُخَب مجندة لكي تعمل كرأس حربة لها في توجيه الرأي والمزاج السياسي العام للدفاع عن مواقفها ومواقف الفصائل المحسوبة عليها علنا في الأوساط الشيعية العربية. وانتظمت هذه النخب تحت مظلة عريضة عُرِفَتْ باسم «خط الإمام» أو «السائرون على نهج الإمام»؛ وتوجد تحت هذا العنوان العريض عناوين فرعية لفصائل أكثر نخبوية من حيث التجنيد والتدريب. وعملت الفصائل الأكثر تدريبا والأدق تنظيما تحت مسمى «حزب الله» بتفرّعات جغرافية مثل «حزب الله الحجاز» و«حزب الله الكويت». «أتذكر حادثة شهدتها بنفسي أواخر عام 1979 وفيها دلالات لا تزال سارية المفعول حتى وقتنا الراهن. حذّر أحد خطباء المنبر الحسيني في منطقة القطيف مستمعيه من الاستجابة لدعوة الخميني إلى تصدير ثورته الإسلامية. ونبه هذا الخطيب مستمعيه إلى أن الخميني ورفاقه يقودون دولة لها مصالحها التي قد تتعارض مع مصالح الدولة التي ينتسبون إليها، والخطاب الموجه لمنتسبي المذهب الشيعي مجرد رافعة سياسية تستخدمها إيران للضغط على جاراتها بتهديد أمنها واستقرارها»، كما يقول الكاتب السعودي كامل الخطي في حديثه لـ«الشرق الأوسط». الخطي، الذي هو ابن واحد من أهم مرجعيات الشيعة الدينية، الفقيه عبد الحميد الخطي، يزيد في مداخلته: «هذا الخطيب المشار إليه هنا، كان أحد وجهاء مدينته، وكان يمتاز بالشهامة والنخوة، وصرف من عمره شطرا غير يسير في السعي لقضاء حاجات الناس، وحل مشاكلهم، وكان من المثقفين العروبيين التقليديين البارزين. تعرض هذا الخطيب إلى نبذ اجتماعي بعد قوله رأيه في الخمينية ودعوتها إلى تصدير الثورة، وكانت الإشاعة هي السلاح الذي استخدم في الاغتيال المعنوي الذي ارتُكِب في حقه؛ فقد انتشرت ضده إشاعة مفادها أنه قال في أحد مجالسه إن حذاء بن غوريون أطهر من لحية الخميني. الإشاعة التي أطلقت وخسفت بحيثية ومكانة هذا الرجل في مجتمعه لم تكن عمل فرديا، وإنما كانت عملا منظما استحضر بوعي شرير رمزية بن غوريون إلى مشهد الصراع لكي يدفع حتى تلك الآلاف التي تقف صامتة حيال الأحداث إلى نبذ الرجل وعزله اجتماعيا؛ فالذي أطلق الإشاعة كان يعي أن لحية الخميني لا تحرك وحدها مشاعر الأغلبية الصامتة وتدفعها للإسهام في الجريمة، فقرنها في مفاضلة مع حذاء بن غوريون، مما استفز مشاعر حتى غير المتعاطفين مع ثورة الخميني، وجندهم كقوة غاشمة من دون وعي». ولكن ما هو التطور التاريخي الذي طرأ على الأنساق الثقافية لجماعات الإسلام السياسي الشيعي منذ تلك الحقبة إلى اليوم؟ يجيب الكاتب الأكاديمي المصري هاني نسيرة بلمحة من جانبين: «النسق الثقافي لـ(جهاديات الإسلام السياسي الشيعي والسني) لم تتغير، مثل غياب فكرة ومفهوم الوطن عن كليهما: فأدبيات (الجهاديين) السنة والشيعة على السواء لا تؤمن بفكرة الوطن، إنما تؤمن وفقط بمقولة الوطن، هي أممية الاعتقاد وضد فكرة الأوطان والدول الوطنية، لذا يكون المنتمي إليها غير مبال إذا قام بعملية في وطنه أو ضد بني جنسه. هو يحلم بدولته العالمية ونزوعه الأممي. كان الظواهري دائما يسمى الوطنية صنم الوطنية، ويراها طاغوتا، كذلك لم يجعل الخميني تنمية الوطن ورفاه الشعب الإيراني همه، بل كان همه الأول هو تصدير الثورة الإيرانية». ويضيف نسيرة في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لكن دعني أنبه هنا إلى شيء، هناك تشابه في الغايات بين الحاكمية والإمامة، فقد استقر الفقه والتراث الشيعي على عدم (الجهاد) في غيبة الإمام وفي عصر الغيبة، ولكن منذ ظهرت ولاية الفقيه على يد الخميني ونظامه صار (الجهاد) وتصدير الثورة عقيدتهم الأولى منذ تأسيس الحرس الثوري عام 1981 بفيالقه الخمسة التي تكلف الاقتصاد الإيراني 200 مليون دولار كل عام على الأقل، لتمويل العمليات في الخارج التي يضطلع بها فيلق القدس تحديدا». شَكّلَ منتسبو كل إقليم جغرافي القوام الرئيسي لمنظمات «حزب الله» الفرعية، وكُلِّفَت هذه المنظمات الفرعية بالقيام بأعمال لصالح إيران. تراوحت درجة خطورة الأعمال التي نفذتها أفرع «حزب الله» من الضغط على رجال الدين المحليين لمنعهم من اختيار مرجعياتهم الفقهية، ومحاولات إجبارهم على اختيار مرجعيات فقهية مؤمنة بمبدأ ولاية الفقيه بغرض إحكام السيطرة على المجتمعات الشيعية العربية، وتوجيه سلوكها بما يتفق والمصلحة الإيرانية، إلى التصفية المعنوية التي طالت مشايخ ووجهاء وأعيانا شيعة في مجتمعاتهم. ذنبهم بحسب الخطي «أنهم ليسوا من المؤمنين بمبدأ ولاية الفقيه، وصولا إلى القيام بأعمال عنيفة مثل الاغتيالات والتفجيرات، كما حدث في منشآت شركة (صدف) في مدينة الجبيل الصناعية شرق المملكة، وكما حدث في موسم حج عام 1989 في مكة المكرمة». ويتابع الخطي: «أزْعُم أنه لو دُرِسَت خارطة توزع الولاءات السياسية في المجتمعات الشيعية في دول الخليج العربية، بدقة، فلن تظهر نتيجة إحصائية لصالح إيران، وربما لن تظهر أي نتيجة إحصائية تدل على قدرة أي فصيل من فصائل الإسلام السياسي الشيعي على الحصول على أغلبية موالية؛ لكن طبيعة الأمور في الظاهر لا تسير وفق الواقع الذي قد تشخصه الدراسة والإحصاء؛ فالدراسة والإحصاء قد يُنْطِقان صمت الأغلبية، بينما المشهد الظاهر يقع تحت سطوة أقليات منظمة تمتلك أدوات تعبير تبدو من خلالها، للعيان، كأنها ممثل شرعي للغالبية، وهذا يجلب معه تبعات، أخطرها على الإطلاق تعميق أزمة الثقة، وتعزيز الشكوك في الولاء الوطني، وإدامة قلق ازدواج الهوية». على الرغم من كل هذا الإرث الدموي الذي أنهت به «أحزاب الله» الإيرانية أواخر الألفية الثانية، كان عام 2006 ولادة جديدة روّجت لها بعض مجاميع اليسار واليسار القومي، بعد حربه الدعائية ضد إسرائيل التي كلفت لبنان بنيته التحتية. وكانت إحدى القنوات التلفزيونية الخليجية المرموقة المنبر الأول للجماعات الأصولية السنية من «القاعدة» و«الإخوان المسلمين»، كما كانت أيضا المنبر الأول للإسلام السياسي الأصولي الشيعي في تلك الفترة. بحسب الخطي: «استثمرت إيران في عامل التمييز الذي أَضَّر بالأقليات الشيعية العربية، وشاركها في استثمارها طيف من اليسار واليسار القومي، خابت آماله بفشل مشروعه السياسي، مما حوله إلى معارض للأنظمة القائمة دون مشروع نهضوي واضح السمات». غير أن نسيرة يفضل عدم الاستغراب من هذا التداخل: «في ظني أن الثورة الخمينية عند اندلاعها كما كثير من الثورات والانتفاضات، وما ترفعه من شعارات، خدعت كثيرا من المخلصين، وكثيرا من القوى المدنية. كثير من شباب الثورة انتخبوا (محمد) مرسي مثلا ووقفوا معه، ثم كانوا جزءا من حراك خلعه في 30 يونيو (حزيران)! هذا أيضا ما حدث مع كثير من ناشطي ومثقفي اليسار في الموقف من ثورة الخميني أو في الموقف من حزب الله، الكثيرون ينجذبون لدعاوى المقاومة وشعارات التنظيمات، لكن بعد اختبارها ينفصلون عنه. أذكر أن السيد هاني فحص مثلا كان مقربا جدا من الخميني في حياته، لكنه باقي عمره صار مناهضا للتمدد الإيراني ومعارضا لحزب الله نفسه!.. وكذلك آخرون». الأكيد أن ذكرى تفجيرات مكة على يد «حزب الله الكويتي» وعلى أيدي كويتيين تتقاطع مع حالة الإرهاب المتناسل من قبل «داعش» والموجه في أحد أطيافه ضد المساجد الشيعية في السعودية والكويت. فيما تواجه المنطقة دهاليز غير مسبوقة من العتمة مع استقطابها للمجرمين والمرتزقة الغرباء الذين لا أوطان لهم مستغلة تسخين الملف الطائفي.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/405531/لواء-«الزينبيون»-والمجال-الحيوي-الإيراني-الجديد
2015-07-21 02:59:17
لواء «الزينبيون».. والمجال الحيوي الإيراني الجديد
الرباط: د. خالد يايموت
طرحت الثورة السورية عدة إشكالات تتعلق بالدور الإيراني المتزايد في تكوين وتدريب الميليشيات الطائفية وإدماجها في نظام الفوضى المسلحة القائمة هناك؛ وفي الوقت الذي يجري التركيز على «داعش» واستقطابه للأجانب يظهر أن هناك نوعا من غض الطرف من جانب الإعلام العالمي، وتقارير الأجهزة الأمنية للدول الكبرى فيما يخص تجنيد إيران شيعة العالم، وإشراكهم في الحرب الدولية المندلعة في سوريا. ورغم أن هناك تناولا عابرًا لميليشيا «الحشد الشعبي»، فرضه مجموع جرائمها المنظمة في العراق بحق المدنيين؛ فإن الوضع يختلف عندما ننتقل للجانب السوري، ودور الميليشيات الشيعية غير المنتمية لحزب الله اللبناني في المعارك بين الأسد وقوى المعارضة. ومن هنا نرى أن تسليط الضوء على لواء «الزينبيون»، يأتي في سياق يتجاوز تكوين لواء «حيدر الكرار» من طرف الحرس الثوري الإيراني، منتصف العام 2014م، بعضوية طلبة باكستانيين يدرسون في إيران؛ ليساهم في كشف جزء من حقيقة المعركة الطائفية الدائرة في سوريا حاليًا، كما يظهر طبيعة الاستراتيجية الإيرانية القائمة على استغلال التشيع لأغراض عسكرية وفق منظور استراتيجي لا يخلو من نزوع للتوسع والهيمنة الإقليمية. لقد ظهرت قضية لواء «الزينبيون» بشكل «بارز» إعلاميًا أواخر مايو (أيار) 2015 على إثر نشر شريط مسجل لوكالة الأناضول للأنباء، ويظهر فيه مقاتلون باكستانيون شيعة يحاربون إلى جانب النظام السوري، ويعلنون انتماءهم لهذا اللواء. وكانت الصحافة الإيرانية قد اعترفت في أبريل (نيسان) الماضي بمقتل نحو 200 مقاتل باكستاني وأفغاني، خلال مشاركتهم في القتال داخل سوريا إلى جانب قوات النظام. وما زالت تتوالى جنازات الباكستانيين الذين سقطوا قتلى في معارك سوريا. ومعلوم أنه منذ بداية هذه السنة - 2015م - شهدت سوريا تحولات مهمة فيما يخص تقدم المعارضة مما جعل إيران تولي مزيدا من الاهتمام لجلب الشيعة الباكستانيين ودمجهم في لواء موحد. يظهر أن لواء «الزينبيون» يتكون من مئات الشباب الباكستانيين الشيعة من أبناء غرب باكستان خاصة القبيلتين «توري» و«بنجش»؛ ومن غير المستبعد أن يضم اللواء كذلك شباب طائفة الهزارة الشيعية الأفغانية. وذلك راجع أولاً- لطبيعة العمل التشبيكي الذي يعتمده الحرس الثوري الإيراني في إدارته للمعركة الشاملة التي يخوضها في منطقة الشرق الأوسط؛ وثانيًا لنجاح إيران في تكوين لواء «الفاطميون» من مجندين أفغان من الهزارة، وهي مجموعة سكانية من أصول مغولية تتركز في وسط أفغانستان ولها امتدادات في باكستان وتتكلم الفارسية إلى جانب لغة محلية، كما تنتمي فقهيا للمذهب الإثني عشري. هذه المناطق في باكستان وأفغانستان تعاني من صعوبات اقتصادية واجتماعية، ما يدفع الشباب للبحث عن طرق مختلفة للخروج من دائرة الفقر والتهميش وإيجاد سبل جديدة للعيش الكريم. وشيء من هذا توفره إيران للمقاتلين في لواء «الزينبيون» الذي يقاتلون مقابل مبالغ مالية مهمة إذا ما قورنت بالأجور المعمول بها في مناطقهم الأصلية. ومن جهة أخرى، استطاعت إيران خلال العقدين الماضيين بناء نفوذ حقيقي في هذه المناطق، شهد توسعًا سريعًا بعد 2003م. ولقد تحوّل هذا النفوذ إلى نوع من الشراكة بين هذه المناطق القبلية والحرس الثوري الإيراني، يظهر من خلال اتخاذ الشراكة بعدا خطيرا يتمثل في توفير إيران للسلاح والتدريب لهذه المناطق القبلية الشيعية، في استغلال واضح للهجمات المتكررة على الحسينيات الإمامية في عدة مدن كبيشاور، وكذلك مناطق شمال وغرب باكستان، التي تقف وراءها حركة «طلبان باكستان» وجماعة «جيش الإسلام» ومجموعات أخرى مسلحة صغيرة لها منطلقات طائفية. ثم إن الشيعة في باكستان يشعرون أن تنظيم داعش أصبح يهددهم في بلدهم، وأن القضاء عليه يستلزم خوض معركة مقدسة، في مركز ولادته ومقره في سوريا والعراق. ويظهر أن إيران لن تقف عند هذا الحد في دعمها لشيعة الدول المجاورة لها وجوار الجوار، فانسجاما مع استراتيجية شدّ الأطراف الطائفية بالمركز الإيراني، وفق خريطة المجال «الحيوي الإيراني الجديد»؛ يسعى البرلمان لتعديل «المادة 980» من القانون المدني الخاصة بالجنسية، بحيث تمنح الجنسية الإيرانية للأشخاص «الذين يقدمون المنفعة، ويعملون لأجل إيران». وهذه، بالمناسبة، استراتيجية قديمة استعملت مع منظمة بدر العراقية التي يحمل جل قادتها الجنسية الإيرانية منذ ثمانينات القرن العشرين. ويبدو أن هذه الجهود الإيرانية باتت تثير حفيظة بعض المؤسسات الباكستانية، إذ أصدر مجلس علماء باكستان بيانًا بتاريخ 23 - 06 - 2015، يرفض فيه تجنيد الشباب الباكستاني للقتال في صفوف الميليشيات الداعمة للنظام السوري «بدعم وتجنيد وتمويل إيراني». وطالب الحكومة الباكستانية بالتدخل العاجل لوقف هذه العملية. ومن جهتها ترفض الحكومة الباكستانية تسلُّم جثث المقتولين من لواء «الزينبيون» ما يدفع الحرس الثوري إلى دفنهم في قُم وغيرها من المدن الإيرانية. «الزينيبون» والسياق الإقليمي وأهدافه يبدو أن توسيع دائرة التسليح والحشد الشعبي من داخل باكستان يحقق لإيران ثلاثة أهداف مركزية: أولاً: يتجاوز تثبيت النفوذ الإيراني وتوسيعه داخل الطائفة الشيعية الباكستانية، ونقل الولاء من مجرد تقاطعات عقدية تكتنفها اختلافات فقهية مذهبية، إلى ربط مصير المكوّن الشيعي الباكستاني بطهران باعتبارها المركز والمرجعية الأعلى دينيًا، عبر ولاية الفقيه، وما تمثله من انتماء يتجاوز الجغرافية البلدانية، ويمنح الأولوية للمذهب ومقتضياته السياسية. ثانيًا: تسعى إيران لتجاوز صعوباتها العملية في الحرب الإقليمية الشاملة التي تخوضها في عدة بلدان بالشرق الأوسط؛ فقد أدت شساعة رقعة الحرب القائمة حاليا لنوع من الاستنزاف للموارد الإيرانية بشريًا وماديا. فلم يعد حزب الله اللبناني قادرًا على خلق التوازن الحقيقي للقوى مع المعارضة السورية، كما أنه مصدر محدود من حيث عدد المقاتلين. وهذا ما يفسر خسارة نظام الأسد مدينتي إدلب وجسر الشغور وسيطرة المعارضة عليهما، إلى جانب سقوط مدينة تدمر في أيدي تنظيم داعش الإرهابي. وعي إيران هذه الإشكالية دفعها إلى التقارب مع شيعة العالم رغم بعض الاختلافات الفقهية والسياسية الحاصلة مع نموذجها. ثالثًا: تهدف إيران وفق استراتيجية الحرس الثوري إلى خلق جيوب حقيقية لمنظمة «الباسيج» في دول الجوار وجوار الجوار؛ وهذا يعني تكوين وإعداد «ميليشيات» غير إيرانية الجنسية، لكنها موالية عقديًا وعسكريًا للولي الفقيه. ومن أجل ذلك فإن إشراك «الزينبيون» في الحرب السورية لا يحقق فقط الهدف القريب المدى المتمثل في الدفاع عن نظام بشار الأسد؛ بل يحقق أيضًا هدفًا استراتيجيًا آخر هو إعادة التموضع داخل المشهد الباكستاني حيث يشكل الشيعة نحو 20 في المائة من السكان البالغ عددهم 180 مليونا، والذي يشهد منذ عقود عنفًا مسلحًا بمبررات بعضها طائفي. وهكذا فإن إيران بهذه الاستراتيجية الجديدة ستزيد من وتيرة الاضطرابات الأمنية وتفاقم التطاحنات الدينية؛ وهذا وضع تدرك طهران أنه سيدفع للاحتماء بالطائفية، وهنا تبرز العناصر المدربة عسكريًا والموالية للحرس الثوري للعمل داخل الأراضي الباكستانية باسم الدفاع عن شيعة البلد ضد «الإرهاب السني». إن تجربة حزب الله اللبناني، ومنظمة بدر العراقية التي أنشأتها إيران منذ العام 1982. وما لعبته هذه الأخيرة من دور فعال في الحرب العراقية – الإيرانية لصالح إيران، يبرز قدرة إيران على إقناع جزء هام من الشيعة لحمل السلاح ضد بلدانهم، وفق أجندة دينية وسياسية تتقاطع مع منظومتهم الفقهية المحلية. ورغم أن الغالبية الكبرى من العراقيين لا يتبنون ولاية الفقيه، فإن العلاقة بينهم وبين النظام الإيراني بات ينظر إليها اليوم طائفيًا باعتبار أن بين البلدين مصيرًا مشتركًا. صحيح أن الغزو الأميركي للعراق عام 2003م كان سببا جوهريًا في الموضوع، إلا أن الدور الذي لعبته وتلعبه منظمة بدر بقيادة هادي العامري، الذي يحمل الجنسية الإيرانية، أصبح هو العامل الحاسم من الناحية العسكرية؛ أما من الناحية السياسية، فأحزاب المنظومة السياسية الشيعية مرتبطة بالميليشيات العسكرية. ولهذا فإن اختلاف الوضع الباكستاني عن نظرائه اللبناني واليمني والعراقي، لا يعني أن دور «الزينبيون» بعيد عن الاستراتيجية الإيرانية التي دخلت بشكل مبكر في «نظام الحرب بالوكالة»؛ فقد أثبتت التجربة التاريخية منذ ثمانينات القرن العشرين فعالية هذه الاستراتيجية، وقدرة إيران على خلق «معارك مقدسة» تصنع وتحمي المجال الحيوي الجديد لطهران. * أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس
aawsat
http://aawsat.com/home/article/405496/مؤلف-«الدواعش-من-الداخل»-يروي-تجاربه-في-العراق-وسوريا
2015-07-21 02:59:19
مؤلف «الدواعش من الداخل» يروي تجاربه في العراق وسوريا
لندن: رنيم حنوش
الاختباء أم الفرار؟ وما الخطوات التالية في الميدان؟ كانا من أهم الأسئلة التي تدور في ذهن بنجامين هول خلال زياراته المتكررة لمناطق النزاع في كل من سوريا والعراق، مع العلم أن مسافة 20 قدمًا فقط فصلت بين الصحافي البريطاني وعناصر «داعش» في أكثر من حادثة. لقد عاش هول وزميله المصور ريك فيندلر تجارب من الميدان تحت قصف جوي واشتباكات بين الفصائل المختلفة قبل أن يعود إلى أمان لندن ويروي قصصًا من «موقع الحدث» عن معاناة الأبرياء ودموية الصراع في كتابه «الدواعش من الداخل». يسرد هول خلال الكتاب روايات في عمق تركيبة التنظيم، راسمًا صورة دقيقة لواقع مرير باتت تعيشه المنطقة المنكوبة جراء بطش التنظيم الذي يهيمن حاليًا على مساحات واسعة في كل من العراق وسوريا. وفي حوار خاص لـ«الشرق الأوسط» يستذكر هول التجارب التي مر فيها هناك، وأول مرة تسلل إلى داخل سوريا عبر الحدود التركية. ويكشف الصحافي البريطاني عن شهادات عناصر «داعشيين» فروا من التنظيم أدلوا بها في لقاءات معه داخل أبنية مهجورة وأزقة مظلمة. كذلك نتمعن في تفاصيل الكتاب ولا سيما عن الحياة تحت سطوة التنظيم في الرقة وبوادر التململ بل التمرد بين المدنيين. ومن خلال الحوار وصفحات الكتاب، تتجمع صورة عن مجندي «داعش» والطبقية والتمييز بين المقاتلين المحليين والأجانب منهم الذين يتسللون من حدود تركيا. إلى ذلك، يشير المؤلف إلى التراخي على الحدود وأسرار السوق السوداء في ما يخص نفط «داعش». وأخيرا تستوقفنا مقترحات هول لإيجاد حلول ملموسة كونها نتيجة وجوده هناك. وبذا، لا يعود «داعش» مجرد «خبر ساعة» عابر، بل يغدو خطرًا حقيقيًا آن الأوان لتحرك قوي يتعامل معه. يتسلح بنجامين هول بالأدرينالين المتدفق في جسده بعد أول مهمة صحافية له كمراسل من الخطوط الأمامية للقتال في معركة مصراتة بليبيا عام 2011، ثم يمضي قدمًا ليكرر التجربة في كل من سوريا والعراق وسط إطلاق الرصاص الحي والقصف الجوي. ويؤكد الصحافي البريطاني في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط»، أنه أثناء وجوده هناك تمكن من توثيق قصص المعاناة من قلب النزاع وكشف الغطاء عن أخطار «داعش» وقوة التنظيم الحقيقية على الأرض، وجمعها في كتاب مشاهداته الحية «الدواعش من الداخل». سافر هول إلى العراق عدة مرات على مدى السنوات الست الأخيرة عن طريق إقليم كردستان العراق، إلا أنه بعد احتدام النزاع وتفشيه في سوريا أيضًا، باتت الطريقة الوحيدة للسفر إلى الداخل هي أن يستقل طائرة إلى مدينة إسطنبول التركية، ومن ثم يتوجه إلى مدينة ديار بكر ذات الغالبية الكردية في شرق تركيا، والتسلل من هناك إلى داخل سوريا. وفي كل المرات التي دخل هول فيها إلى سوريا، كان يستقبله عناصر من «الجيش السوري الحر» في مدينة أنطاكية (ذات الغالبية العربية) بمحافظة هاتاي (لواء الإسكندرونة) التركية، لتحديد المعبر الأكثر أمانًا في حينه للتسلل منه إلى الداخل السوري. وهنا يتذكر الصحافي البريطاني المرة الأولى التي هربه فيها عناصر «الحر» مع زميله المصور ريك فيندلر من الحدود السورية التركية في الساعة الثانية فجرًا وسط مناورات مع «شبيحة» نظام بشار الأسد، وكيف اختبأ هول وفيندلر في بلدة تفتناز بمحافظة إدلب. مسافة لا تزيد عن 20 قدما فصلت بين هول وعناصر «داعش» في أكثر من مناسبة أثناء وجوده في المواقع المتقدمة في كل من سوريا والعراق. كذلك عاش هول ظروفًا خطرة، مثل أن يجد نفسه وسط تبادل لإطلاق الرصاص الحي والقذائف الصاروخية بالقرب من قاعدة جوية في ريف الشمال السوري عندما استحوذ «الجيش الحر» على «القاعدة» من أيدي النظام في يناير (كانون الثاني) 2013. وأيضا شملت تجاربه التي لا يمكن أن ينساها الاختباء مع كتيبة للمعارضة في مدينة حلب، والتعرض للتهديد من قِبَل عناصر من «جبهة النصرة» عند نقطة تفتيش للجبهة، والاقتراب من الموت تحت القصف الجوي إلى درجة أنه اضطر لاقتلاع شظايا من جسده في ما بعد. وأخيرًا، في آخر رحلة له، بعد أيام عصيبة في سوريا، يشير إلى إقدام القوات التركية على توقيفه واحتجازه مع زميله المصور داخل زنزانة قبل ترحيلهما إلى بريطانيا. وعندها اكتشف هول أن صحافي «نيويورك تايمز» الشهير أنطوني شديد كان قد اعتقل في الزنزانة ذاتها قبل أن يعود إلى سوريا حيث توفي بعدها بقليل. هول يؤكد أنه اعتاد على الخطر، وبات التهديد بالموت أمرًا عاديًا يتقبله كل من أراد العمل من داخل مناطق النزاع، قائلاً: «على الأرض، أنغمس بتخطيط تحركاتي، ولا أتعامل مع الصدمات إلا عند عودتي إلى أمان لندن». ويتابع: «المواطنون الذين نحاول سرد قصصهم، ليس لديهم مهارب مثلنا، ولذا فإن قصص الناس الذين يعانون جراء النزاع الدائر هي القصص الرئيسية، أما تجاربنا كصحافيين، فتغدو قطرة في بحر كامل من الروايات». وكما يشرح هول فإن «القصف أكثر خطرًا من إطلاق الرصاص، لأنه لا يميز بل ويطال الجميع متسببًا بقتل أعداد كبيرة من الأبرياء». ويستطرد: «أكثر القصص إيلامًا هي التي تروي فقدان الأحبة مثل المذبحة التي نفذها (داعش) بحق أيزيديي سنجار حيث فقد الناجون جميع أفراد عائلاتهم.. ولا تزال عالقة في ذهني صور مؤلمة مثل أم تحتضن جثة رضيعها». - الحياة تحت سلطة «داعش» تحتوي صفحات كتاب هول على وصف دقيق للحياة اليومية في المناطق الرازحة تحت سلطة «داعش». إذ يكتب الصحافي البريطاني من قلب الحدث «الحياة في عاصمة التنظيم - الرقة - مستمرة.. آلاف المجندون يجوبون في شوارع المدينة ودوريات شرطة الآداب لا ترحم أية حارة ولا محل ولا مواطن. الفعاليات اليومية في الرقة تتضمن قطع الرؤوس والقتل رجمًا بالحجارة وتحريمًا كاملاً للموسيقى والفن والرفاهيات مهما كانت». وتحت نظام مستبد يفرضه «داعش»، يصبح حيز التمرد ضيقًا. إلى ذلك، يضيف هول: «عند تحرير تل أبيض على أيدي (ميليشيات) الأكراد أخيرًا، تراكض أبناء البلدة في الشوارع وهم يدخنون السجائر احتفالاً بفرار التنظيم الذي حظر التبغ ومنع عنهم كل شيء تقريبًا». ويتابع: «بعض المواطنين داخل الرقة يتحلون بشجاعة عظيمة إذ حاولوا نشر (صور عن) حياتهم العصيبة وظروفهم المريرة على الإنترنت، لكن التنظيم لا يخاف، بل يتباهى، بعرض دمويته على العالم». ومعلوم أن «داعش» ينشر في سياق دعايته صورًا وأفلاما عن فظائعه كأداة للتجنيد، ولديه فريق إعلامي متكامل. وهنا، يلفت الكتاب الانتباه إلى القوانين الصارمة التي وضعها التنظيم لإعلامييه ومنها أداء قسم الولاء لزعيمه أبو بكر البغدادي، وتدقيق عملهم من قبل المكاتب الرئيسة مع احتمال محاسبة الصحافي عند اتهامه بانتهاك الخطوط الحمراء والقواعد. - المجندون والتنظيم «الطبقي» لم يحتكَّ الصحافي البريطاني هول مع عناصر «داعش» أثناء وجوده في العراق وسوريا، بيد أنه قابل عناصر سابقين كانوا قد التحقوا بالتنظيم المتطرف واستطاعوا الفرار منه لاحقًا. ويكشف هول عن حالة التوتر الجمة التي كانت تتملكه أثناء توجهه لبناية مهجورة أو زقاق مظلم للالتقاء بهم مع مخاوف أن يكون اللقاء المدبر مجرد كمين نصبه التنظيم لاختطافه. وحول روايات مجندي «داعش» السابقين يقول هول إنهم سردوا له «فظائع التنظيم وأعماله الدامية على أيدي عناصره السفاحين المتعطشين لسفك الدماء». وحول أسباب التحاقهم، يشير الصحافي إلى أن «كثيرين منهم وجدوا في التنظيم فرصة لمجابهة أنظمة مذهبية اعتبروها ظالمة كنظامي الأسد والمالكي سابقًا»، وأردف: «كانوا ينضمون إلى (داعش) مبدئيا بعد خسارتهم أحباءهم، وإيمانًا منهم بأن التنظيم سيواجه النظام، ولكن سرعان ما تتضح لهم حقيقته فينشقون عنه». يشرح هول في كتابه الفوارق ما بين مجندي «داعش» المحليين والعناصر الذين يلتحقون بالتنظيم من الغرب - أوروبا على وجه الخصوص. ويصف الصحافي المجندين الأجانب بأنهم الأكثر دموية لأنهم التحقوا بالتنظيم عن طريق غسيل الدماغ الإلكتروني. ويوضح هول هذا النقطة بقوله: «الأجانب هم الأكثر توحشًا لأنهم غير مرتبطين بالمنطقة (العربية)، وليست لديهم علاقات مع أهل القرى هناك، بل التحقوا بالتنظيم جراء إحباطهم إذ يكون البعض منهم سجناء سابقين أو قطاعي طرق. ومن ثَم، يتحول ذلك الإحباط إلى تمرد عن طريق التجنيد من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي يجيد التنظيم استخدامها لترويج دعايته». ويروي الكتاب عن التنظيم أنه لا يثق بالمقاتلين الأجانب بمقدار الثقة التي يمنحها للمجندين الآخرين. وحول هذا الجانب يكتب هول: «المجندون الغربيون الذين يلتحقون بـ(داعش) تكون معرفتهم بالإسلام ضئيلة عمومًا، ولذا يسلمهم التنظيم مهمات وضيعة وأشغالا بعيدة عن ساحة القتال». ويضيف: «لذلك، فإنهم يسأمون ويشعرون أنهم مواطنون درجة ثانية ويندمون لالتحاقهم في الأصل». غير أن هذا الواقع «الطبقي» لا ينطبق على المقاتلين الشيشان، إذ تبلور هذا التميز مع التحاق أبو عمر الشيشاني، المقاتل الشيشاني وأحد زعماء جيش المهاجرين والأنصار، بـ«داعش»، ليصبح جيشه امتدادا للتنظيم ويحتل الشيشاني منصبًا قياديًا فيه. ويوضح هول السبب بقوله: «الشيشان خاضوا تاريخيًا حربًا ضروسًا ضد الروس، مما جعلهم مقاتلين أشداء ومخططين عسكريين بارعين». ويضيف: «التفرقة لا تنطبق عليهم بل يستفيد (داعش) من حنكتهم وغياب انتمائهم للمنطقة في معاركه الدائرة التي تؤدي إلى مقتل المدنيين». - تركيا و«داعش».. الحدود والنفط بالنسبة إلى تركيا، يقول هول في كتابه إن الأسد والأكراد يشكلون تهديدًا أكبر على مصالح البلاد وسيادتها من خطر «داعش». هذه الجملة سلط الضوء عليها بنجامين هول في كتابه، وكررها خلال الحوار معه. وبحسب الكتاب فإن الحدود التركية - السورية هي حبل نجاة التنظيم وضمان لحيويته. إذ ينقل هول عن عنصر سابق في «داعش» قوله إن «الحدود ليست مشكلة لنا، وتركيا لا تشكل عائقًا علينا أيضا». ووفقا لمشاهدات الصحافي البريطاني من قلب الحدث، يتحرك عناصر «داعش» بسهولة بين سوريا وتركيا، ويدخلون إلى أنطاكية أحيانا لتناول وجبة «كباب» تركية أو لتلقي العلاج بأحد مشافي المدينة. إلى ذلك، يعلل هول التراخي التركي إزاء «داعش» بقوله: «من الصعب التمييز بين مقاتلي (داعش) وعناصر مقاتلة من فصائل المعارضة كأحرار الشام أو جبهة النصرة». ويضيف: «لا نستطيع الجزم بأن تركيا تدعم التنظيم بشكل مباشر، لكننا رأينا صورا التقطت على الحدود التركية - السورية لحرس الحدود التركي وعناصر من (داعش) وهم يتشاركون أطراف الحديث ويختلطون في بلدة عين العرب (كوباني)». الحدود التركية - السورية شاسعة ومن الصعب التحكم بها ومراقبتها، غير أنه بمقدور تركيا أن تفعل المزيد لتأمينها، حسبما يشرح الكتاب. وهنا يقول هول إن «التنظيم كان لتركيا في بادئ الأمر بمثابة أداة للتخلص من بشار الأسد، ولم تتوقع أن يغدو (داعش) لاحقًا بهذه القوة». ويستطرد: «لقد لاحظت أنقرة أخيرًا أن عليها أخذ دور أكثر فعالية في النزاع السوري، وحقًا نشهد مقترحات لتأمين الحدود وعزلها». ولكن حتى إذا جرى تأمين الحدود في محاولة للحد من تجنيد «داعش» وتجفيف مصادر دخله، تظل المسألة الأكثر إلحاحًا مسألة النفط الذي يجني منه التنظيم الكم الأكبر من أمواله. هنا يقول هول إنه «أمر معلوم ثبت (لنا) من خلال الحديث مع مجندين فروا من التنظيم، ومن خلال صور التقطها الأقمار الصناعية لشاحنات تغادر المصافي الواقعة تحت سيطرة (داعش) متوجهة إلى معاقل النظام. إن جماعة الأسد تشتري النفط الذي يكرره التنظيم المتطرف». ويتابع هول قائلا: «ما بعد الحدود السورية، هناك سوق نفط سوداء، إذ إن ظاهرة تهريب النفط موجودة قبل ظهور (داعش) وقبل اندلاع النزاع السوري». ويشير إلى مشاهداته في سوريا، فيروي إذ رأى في بعض المدن التي يجري شحن النفط منها كميات النفط، وهي تضخ عبر الحدود وتعبأ في براميل سرعان تختفي بالسوق السوداء في تركيا، بحسب قوله. - نظرة مستقبلية وفق الكتاب ومؤلفه، أبو بكر البغدادي، زعيم «داعش» ليس أعلى قوة في التنظيم المتطرف، فهو يخضع لنظام بيرقراطي وتصدر قوانين إدارة التنظيم من سلطة أعلى منه، تحت اسم مجلس الشورى. كتاب «داعش من الداخل» يشير إلى أن هناك نحو 10 قيادات في المجلس انتقاهم البغدادي بنفسه أثناء احتجازه في معتقل بوكا بالعراق بعد الغزو الأميركي. كذلك يشير الكتاب إلى أن «داعش» بات كيانًا منظمًا مع تحديد سلسلة خلفاء للبغدادي في حال سقوطه ومنهم أبو مسلم التركماني وأبو علي الأنباري. وبالتالي، مع توسع التنظيم وازدياد نفوذه على الأرض، تصعب مهمة القضاء عليه. أخيرًا، ماذا عن الحلول المطروحة إذن؟ يجيب هول: «علينا انتظار تحركات تركيا وما إذا كانت ستنجح في تطبيق حظر جوي. كذلك علينا تقييم انتصارات الأكراد على «داعش» وتقييم العوامل الأخرى التي تساعد على بقاء التنظيم، مثل استمرار دعم إيران للأسد. ويضيف مستطردًا: «على الغرب ألا يكف عن محاولة إيجاد حل للنزاع بدءًا بإزالة الأسد في سوريا وإعطاء صلاحيات للعشائر السنية في العراق». وبحسب الكاتب الذي عايش الواقع على الأرض «في حال لم نتحرك في الوقت المناسب، قد تستمر الحرب إلى مرحلة تتدهور فيها الأمور وتصل إلى أدنى قاع بينما يستمر وجود تنظيم متطرف ودموي اسمه (داعش)».
aawsat
http://aawsat.com/home/article/405501/«داعش-ليبيا»-يخسر-تعاطف-القبائل-في-معقله-بمدينة-درنة
2015-07-21 02:59:21
«داعش ليبيا» يخسر تعاطف القبائل في معقله بمدينة درنة
طبرق (شرق ليبيا): عبد الستار حتيتة
في البداية كان الخطاب يدور حول «تطبيق الشريعة». التفَّ حول الرايات السوداء كثيرٌ من شباب مدينة درنة الليبية الواقعة على ساحل البحر المتوسط في شرق البلاد. مع مرور الشهور جرى فصل ما لا يقل عن ثلاثين رأسا من أجسام عدد من أبناء القبائل وضيوف المدينة. حدث هذا على مرات متفرقة لشبَّان وصِبْيَة من ليبيا ومصر والسودان وسوريا. لماذا؟ لأنهم «كفار». هكذا بكل بساطة. كيف هم كفار وفي الوقت نفسه يؤدون الصلوات في مسجد «الصحابة» بقلب المدينة؟ على هذا المنوال بدأ الجدل يدور في غرف الضيافة في درنة التي كانت قديما معقلا للفنون والآداب. على بوابة مدرسة درنة الثانوية وعلى سور ملعب المدينة، وعلى كثيرٍ من جدران أخرى، ما زالت توجد شعارات «داعش» المكتوبة بخطوط سوداء وحمراء، عن أن دولة الإسلام باقية، وأن من حكم بغير ما أنزل الله فهو خارج عن ملة الإسلام، وأن حفتر (وهو الفريق أول خليفة حفتر قائد الجيش الليبي) «طاغوت». لكن على الجانب الآخر من المدينة، أي في الوديان المحيطة بدرنة، كانت تعقد اجتماعات بين قادة المتطرفين. وبمرور الزمن، خرج بعضٌ من قصص المؤامرات التي كانت تدور فيها، ليس من ليبيين متشددين فقط، لكن من عرب وأجانب جاءوا للمدينة من وراء البحر. في أحد الأيام عثر أهالي الضاحية الجنوبية من درنة على رأس تبدو عليه ملامح شاب في مقتبل العمر. وبعد ثلاثة أيام من البحث عثروا على باقي جسده في مكب للقمامة بجوار المجلس البلدي القديم. جرى التعرف عليه. إنه عبد الله نجل علي، تاجر الأقمشة المعروف في المدينة. احتضن الرجل شتات الجثمان، وبدأ يروي ما جرى. تلقى علي في أبريل (نيسان) الماضي اتصالا هاتفيا من مجهول قال له فيه إن عليه أن يسدد لـ«المجاهدين» (أي المتطرفين) بالمدينة مبلغا وقدره 300 ألف دينار ليبي (نحو 100 ألف دولار). طبعا لم يكن مع الحاج علي كل هذا المبلغ، خاصة أن المدينة تعاني من الكساد وهجرها عدد كبير من أبنائها. لم يكن هناك من يشكو إليه. فقد اختفت مظاهر الدولة هنا منذ سقوط نظام معمر القذافي. وبعد أسبوع من الموعد المحدد لدفع المبلغ اختفى ابنه، إلى أن عاد إليه جثة مفصولة الرأس. كانت عملية انتقامية لردع كل من يرفض سداد الإتاوات للمتطرفين الذين بدأوا يعانون من نقص في الأموال تحت وطأة حصار الجيش للمدينة منذ الصيف الماضي. مثل هذه القصص والحوادث التي وقعت في درنة منذ إعلان مجموعات من المتطرفين الولاء لتنظيم داعش والخلافة المزعومة، العام الماضي، دفعت وجهاء القبائل لإعادة التفكير في أهداف التنظيم. وفي أعقاب العديد من حوادث القتل والاختطاف ونهب الأموال، جرت مواجهات صاخبة بين زعماء من القبائل وشبان من أبنائهم كانوا يعملون في صفوف «داعش» وجماعات متطرفة أخرى. منذ أبريل الماضي خرج من المدينة عدة عشرات من وجهاء القبائل والتجار وتمكنوا من اصطحاب المئات من أبنائهم وأقاربهم معهم بعد أن فكوا ارتباطهم بالمتطرفين. وكان من اليسير مشاهدة السيارات وهي تحمل أمتعة المهاجرين وتتكدس على بوابات الخروج من درنة. البعض لجأ إلى مدينة طبرق التي تعقد فيها جلسات البرلمان وتقع على بعد 150 كيلومترا شرق درنة، والبعض الآخر استقر في مدية القبة المجاورة لمدينة البيضاء التي تعقد فيها جلسات الحكومة المؤقتة. وبدأ عدد من أبنائهم في التعاون مع قوات الجيش الوطني والأجهزة الأمنية. كما لجأ بعض المقتدرين للإقامة في مدينة البيضاء نفسها. يأتي هذا بعد نحو شهرين من تبني مؤتمر عقدته القبائل الليبية في القاهرة مشروعا يهدف إلى رفع الغطاء القبلي عن أبنائها الذين يعملون مع التنظيمات المتطرفة. يقول الحاج علي، الذي استقر في البيضاء مع ولديه الآخرين (16 سنة و18 سنة)، إن الشبان الفارين من سطوة «داعش» لديهم معلومات تفصيلية عن أماكن تجمع المتطرفين وأوكارهم، سواء في ضواحي درنة الشرقية أو في المناطق الجبلية المحيطة بالمدينة. حسين جمعة، كان يدير شركة لتأجير السيارات في درنة قبل أن يفر منها منذ خمسة أشهر إلى مدينة القبة، خشية قتله من المتطرفين، يشير إلى أنه تبين له، ولمعظم رجال القبائل في درنة، وغيرها من المدن الليبية، أن خطاب تنظيم داعش «هو الضلال بعينه.. يُكبِّرون.. يرفعون اسم الله ويقتلون المسلمين». ويقول إنه لم يجلب معه إلا متاعا قليلا.. غيارات ملابس وبطاطين له ولأسرته. ويستأجر منزلا ويشتري الطعام من مدخراته. ولدى جمعة ثلاثة أبناء تتراوح أعمارهم بين 19 و27 سنة. اصطحبهم معه، لكن القبة لم تسلم وقتها من هجمات «داعش» بالسيارات المفخخة. وبعد آخر هجوم وقع في مايو (أيار) الماضي، بدأ أبناؤه مع مجموعات من شباب قبائل البراعصة في تكوين لجان تطوعية لإبلاغ الجيش عن أي غريب يدخل إلى «القبة». وخلال ذلك كانوا يقدمون مساعدات للفارين من درنة ومن مدن أخرى غير مستقرة مثل بنغازي. ويأمل جمعة مع عشرات من أقاربه في العودة إلى ديارهم في منطقة الكرسة في درنة، مع تقدم الجيش ومحاصرته للمتشددين. لكن قيادات أمنية تقول إن رجوع النازحين إلى درنة ما زال سابقا لأوانه، فما زال هناك الكثير من العمل لتطهير المدينة، كما أن المتطرفين، رغم محاصرتهم، ما زال يصلهم بعضٌ من مدد من الأسلحة والمقاتلين عبر البحر. منذ سنوات، ظل أبناء درنة يلتقون، عقب كل صلاة جمعة، في أكبر مساجد المدينة وأشهرها؛ مسجد «الصحابة». يتبادلون التحيات والسؤال عن الأحوال. ويستمد المسجد اسمه من كثرة من يعتقد أنهم كانوا من أصحاب النبي (صلى عليه وسلم) ودفنوا في هذه المدينة أيام الفتوحات الإسلامية لشمال أفريقيا، أو هكذا يعتقد بعض الناس هنا. وعبر مئات السنين اختلطت الثقافة الوسطية بطيبة أهل درنة وميلهم إلى قرض الشعر والغناء ورواية القصص الشفاهية عن أحداث الزمن القديم، وفي الوقت نفسه الالتزام بتعالم الدين بعيدا عن التطرف. لكن المدينة تعرضت لتحول كبير حين بدأت «حرب المجاهدين» في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي في ثمانينات القرن الماضي. ظهرت فيها الجلابيب القصيرة واللحى وشعر الرأس المنسدل على الكتفين. مظاهر جديدة غزت درنة. وبدلا من الرداء الليبي الشهير الذي كانت ترتديه النساء، وهو رداء ذو خطوط طويلة مفضضة، فرضت الجماعات المتطرفة عليهن ملابس سوداء مع غطاء كامل الوجه والكفين. دعا ذلك القذافي، في التسعينات، لوصف متطرفي المدينة الذين كانوا قد عادوا حديثا من أفغانستان بـ«المقمّلين» بسبب مظهرهم البوهيمي، و«الزنادقة» نظرا لميولهم المتشددة. طوال السنوات الماضية كانت الحياة في درنة تتغير ببطء ويحل الخوف والتربص محل الأمن والطمأنينة. هجرت الأسر شواطئ البحر. تحول ميناء المدينة إلى مركز لاستقبال البواخر المريبة التي تأتي كل أسبوع أو اثنين بالأسلحة وبعشرات الغرباء من سوريا والجزائر وتونس ومصر وبعض الأوروبيين أيضا. في أول الأمر، وبالتحديد مع أواخر عام 2013، تسبب الوافدون الجدد في إنعاش المدينة اقتصاديا. يعلق علي قائلا إنهم في البداية كانت معهم الكثير من الأموال، وينفقون بلا حساب. يشترون كل شيء ببذخ. من السيارات للحوم والفاكهة والمشروبات الغازية. لكن في الشهور الأخيرة، ومع تضييق الجيش الليبي الخناق عليهم ومحاصرته للمدينة، أخذت الأوضاع تتغير. بدأ هؤلاء المتشددون في البحث عن الأموال في جيوب أهالي درنة. يقول عبد الله أمحمد، وهو ضابط قديم في الجيش الليبي المتمركز قرب درنة، إن الحرب الدولية على العراق في 2003 وما بعدها أراحت ليبيا من المتطرفين الذين غادروا وقتها درنة للحرب مع تنظيم القاعدة في العراق، مشيرا إلى أن العشرات من القادة الليبيين المتطرفين، من درنة ومدن وبلدات أخرى مثل بنغازي وصبراتة.. «أراحوا القذافي من إثارة القلاقل لسنوات قبل أن يعودوا ويشاركوا في الانتفاضة عليه في 2011». ومنذ الإطاحة بالنظام السابق سيطر تنظيم القاعدة على درنة، واستقبل مئات المقاتلين الأجانب، ثم انشق التنظيم على نفسه وأصبحت مجموعة منه توالي «داعش». وبعد مضي شهور قليلة تحول هذا الانشقاق إلى اقتتال بين الفريقين.. «داعش» و«القاعدة». هذا بطبيعة الحال يسهل مهمة الجيش ومحاولته المستمرة لتطهير كامل المدينة من المتطرفين، لكن الخطر سيظل قائما لفترة طويلة كما يقول الضابط أمحمد. وتعد المجموعة التي تطلق على نفسها «كتيبة أبو سليم» ممثلا لتنظيم القاعدة في درنة، وغالبية عناصرها من الليبيين، بينما يهيمن على «داعش» في درنة مقاتلون عرب وأجانب، إلا أن الاشتباكات التي وقعت بينهما تصب في مصلحة الجيش الذي تمكنت مجموعات تابعة له من دخول المدينة لأول مرة منذ سقوط النظام، ورفع علم الدولة على عدة مؤسسات، وسط احتفال الأهالي بالتخلص من الجماعات المتطرفة التي كانت تثير الرعب في هذه البلدة الساحلية. هذا متغير لافت.. فمثل أبناء مدن أخرى، كان أهالي درنة قد علقوا آمالا عريضة على مرحلة ما بعد مقتل القذافي، حيث بدأت المجموعات المتطرفة نشاطها عقب انتهاء النظام السابق بحملة لتنظيف الشوارع وتنظيم حركة مرور السيارات، وهذا كان مؤشرا طيبا، كما يقول جمعة. لكنه يضيف أن هذه المجموعات طورت من عملها سريعا بعد أن التحق بها مقاتلون غرباء، وأخذت في نصب البوابات والتفتيش عمن يخالفون شرع الله من وجهة نظرها، مثل ارتداء الرجال والنساء للسراويل الضيقة (الجينز) ثم منع لبس البناطيل، في مرحلة لاحقة، ثم هدم قاعات الزفاف، وانتهى الأمر برفع الرايات السوداء وقطع رؤوس المخالفين لها في ساحة مسجد «الصحابة». لم يكن أحد يتخيل أن مظاهر الدولة يمكن أن تعود إلى أي بقعة من درنة ولا إلى أي بقعة من المدن التي استولت عليها العناصر المتطرفة التي كانت تتجول بخيلاء بواسطة سيارات الدفع الرباعي والمدافع والمدرعات. يتذكر جمعة تلك الأيام: «كانوا يستوقفون أحد الشبان ويسألونه عن حفتر مثلا. إذا قال إنه لن يجيب، يعلقونه في عمود الضوء، ويجلدونه.. أحيانا يقطعون رأسه ويلقونه في صندوق القمامة. لهذا حين يستمرون في مقوله تطبيق شرع الله وإقامة دولة الخلافة، فمن سيصدقهم؟». واليوم، وبعد قرابة عشرة أشهر من إعلانه الحرب على المجموعات الإرهابية، تمكن الجيش من دخول بعض مناطق درنة، وتمكن أيضا من طرد المتطرفين الآخرين من بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية، وكانوا خليطا من تنظيم «أنصار الشريعة» و«الإخوان» و«داعش» و«القاعدة». وأمام المراقبة التي أصبح يفرضها الجيش داخل عدة أحياء في غرب درنة، لجأ مقاتلو «داعش» و«القاعدة» إلى التحصن في بعض الضواحي داخل المدينة من ناحية الشرق والجنوب وفي الجبال والكهوف المحيطة، مع ملاحظة استمرار الخلافات بين التنظيمين، والذي يذكر بما يحدث من اقتتال في سوريا بين «داعش» وجبهة النصرة.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/400191/«الذئاب-المنفردة»-تثير-الرعب-شرقًا-وغربًا
2015-07-21 02:59:23
«الذئاب المنفردة» تثير الرعب شرقًا وغربًا
لندن: محمد الشافعي
لطالما حذر خبراء الجماعات الإسلامية المتطرفة من خطورة استراتيجية ما يعرف بـ«الذئاب المنفردة»، التي تعني أن منفّذي العمليات الإرهابية يعملون بشكل فردي ومن دون الارتباط بالضرورة بنظام إمرة تسلسلي أو يشكلون خلايا محدودة العدد تعمل في التخطيط والتنفيذ. ولقد كان وراء تفجير المساجد في كل من المملكة العربية السعودية والكويت، انتحاريون مراهقون ما كانوا معروفين للسلطات الأمنية. ويرجح حتى اللحظة أن «ذئابًا منفردة» نفّذت العملية الإرهابية التي هزّت شاطئ منتجع القنطاوي في مدينة سوسة بتونس يوم الجمعة 26 يونيو (حزيران) الفائت وراح ضحيّتها 38 قتيلاً وقرابة 36 جريحًا من السياح الأجانب، وقبلها عمليّة متحف باردو الأثري في تونس العاصمة، عشيّة 18 مارس (آذار) الماضي وقتل فيها 23 قتيلاً و50 جريحًا، جلّهم أيضًا من السياح الأجانب. ويرجح، حتى الآن على الأقل، أن تكون جريمة الذبح وقطع الرأس البشعة التي وقعت في اليوم نفسه في مصنع للغاز في بلدة سان كانتان – فلافييه بمنطقة قريبة من مدينة ليون الفرنسية واتهم بها شخص واحد مرتبطة به وحده. * فقد أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الاعتداء على مسجد الإمام الصادق في الكويت عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأن منفذ الهجوم هو أبو سليمان الموحد. وسرعان ما تبنى ما يسمى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الهجوم، وهو ما فتح الباب للتأكد مما إذا كان المنفذ فردا متوحدا وأراد تنفيذ الهجوم لصالح هذه التنظيمات. ثم عاد ليتبنى في تونس الهجوم على الفندق في سوسة عبر بيان نشره على حسابه على «تويتر» وقال إن منفذ الهجوم، المدعو أبو يحيى القيرواني، لكن وزير الدولة في وزارة الداخلية رفيق الشلي، قال إن منفذ الهجوم تونسي الجنسية من ولاية القيروان (وسط) وهو طالب في الجامعة، وليست لديه أية سوابق. أما في فرنسا فالمشتبه الذي نفذ الاعتداء، وهو ياسين صالحي، أرسل صورة «سيلفي» مع رأس ضحيته عبر «واتساب» ووضع علما لتنظيم داعش، مما دفع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للقول إن الهجوم اعتبر إرهابيا بما أنه عثر على جثة مقطوعة الرأس وتحمل كتابات وراية لتنظيم داعش في المكان. لطالما حذّر خبراء الجماعات الإسلامية من خطورة استراتيجية الذئاب المنفردة، التي لجأ إليها منفذو العمليات الإرهابية في تفجير المساجد في السعودية والكويت من قبل انتحاريين مراهقين غير معروفين لسلطات الأمن ثم في سوسة بتونس حيث جاءت عمليّة شاطئ القنطاوي يوم الجمعة 26 يونيو (حزيران) ليذهب ضحيّتها 38 قتيلاً وقرابة 36 جريحًا من السياح الأجانب أيضًا، وقبلها عمليّة متحف باردو الأثري في تونس، عشيّة 18 مارس (آذار) 2015، والتي راح ضحيّتها 23 قتيلاً و50 جريحًا، جلّهم سياح أجانب. ويبدو أنّ سياق العمليتين متشابه في التخطيط والتنفيذ، ضمن ما يمكن تسميتها عمليات «الذئاب المنفردة» التي تقف خلفها خلايا محدودة العدد في التخطيط والتنفيذ. لكن السياق العام لعمليّة شاطئ القنطاوي في سوسة يمثّل ضربة موجعة للاقتصاد التونسي في ركيزته السياحيّة، وحيرة إزاء القدرات الأمنية والاستخباراتيّة في التصدّي لظاهرة الإرهاب في تونس، وهو ما يثير الخوف شرقا وغربا بعد وقوع عملية ليون بذبح صاحب منشأة صناعية من قبل متطرف غير معروف أيضا لأجهزة الأمن الفرنسية. ولم تحصل السلطات الفرنسية بعد على أي معلومات حول دوافع المشتبه به في تنفيذ الاعتداء في مصنع للغاز في منطقة ليون وعما إذا كانت هناك جهة تقف وراءه، فيما ذكرت مصادر متابعة للتحقيقات أن الموقوف ياسين الصالحي لا يزال يخضع للاستجواب ولكنه لم يعط أي معلومات حول الدوافع الأساسية لعمليته الإرهابية كما أن أي جهة لم تتبن هذه العملية. وقد انعقد مجلس الدفاع الفرنسي المصغر للبحث في آخر التطورات بعد عودة رئيس الحكومة مانويل فالس بشكل عاجل، من زيارة إلى أميركا الجنوبية. واعتبر فالس أن «عملية قطع رأس الضحية أمر رهيب ومرعب وأن هذا الإخراج والتنظيم ورفع الأعلام الجهادية شيء جديد في فرنسا»، مضيفا أن «السؤال ليس حول حدوث هجوم آخر، بل متى سيحدث؟». وبعد مرور نحو 6 أشهر على هجوم «شارلي إيبدو» في باريس، الذي نفذه متطرفون وأوقع 20 قتيلا، تستفيق فرنسا على صدمة أخرى في مدينة «سان كانتان فالافييه» جنوب شرقي البلاد. الهجوم الذي تزامن مع أحداث مماثلة في تونس والكويت، يأتي في ضوء ضغوط داخلية تتعرض لها السلطات الفرنسية عقب فضيحة التجسس الأميركي، وهو الأمر الذي دفعها إلى اتخاذ حزمة تدابير احترازية لتعزيز أمنها. توالي الضربات الإرهابية في القارة العجوز، يعزوه مراقبون إلى هشاشة الإجراءات الأوروبية، التي تسعى لوقف تجنيد المقاتلين وكبح جماحهم في الوصول إلى الضفة الأوروبية، تلك الإجراءات التي يرى البعض أنها تخبطت بين ضمان الأمن في البلاد والحريات المدنية كان من بينها، مصادرة السلطات الفرنسية نحو 60 جواز سفر منذ فبراير (شباط) الماضي، أما في بريطانيا فصدقت السلطات على تشريع لتشديد الرقابة، يتضمن بندا مثيرا للجدل يمنع المتطرفين من إلقاء كلمات في الجامعات. كما أن تقريرا أمميا أشار إلى أن نسبة المقاتلين الأجانب الذين غادروا أوطانهم للانخراط في تنظيمي القاعدة وداعش، ارتفعت بنحو 71 في المائة بين منتصف عام 2014 ومارس 2015، كما تحدث التقرير أن نحو 25 ألف مقاتل التحقوا بالتنظيمين من نحو مائة دولة. وقالت وزارة الخارجية الأميركية الجمعة الماضي إنها بصدد التثبت مما إذا كان هناك دليل على أن الهجمات «المشينة» التي حدثت في فرنسا والكويت وتونس وأسفرت في بضع ساعات عن مقتل عشرات المدنيين، والتي لاقت إدانة دولية واسعة، أنها كانت منسقة. وأعلن تنظيم داعش، وقبل انتهاء التحقيقات الأميركية، عن مسؤوليته الإجرامية في الهجوم على مسجد الإمام الصادق في الكويت، وفي الهجوم على السائحين في مدينة سوسة التونسية، بينما ترجح السلطات الفرنسية بقوة أن يكون منفذ جريمة ليون أحد العناصر النائمة لتنظيم داعش في فرنسا، في انتظار الانتهاء من التحقيقات. وكان التنظيم الإرهابي قد حث أنصاره على تكثيف الهجمات أثناء شهر رمضان ضد المسيحيين والشيعة والمسلمين السنة الذين يقاتلون مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. ويقول مراقبون إن التفجيرات المتزامنة حول العالم تنبئ بأن تنظيم داعش بدأ يعتمد خطة جديدة وهي تشتيت انتباه العالم وتنفيذ هجمات متزامنة في أكثر من مكان ودولة، وإرسال رسالة مفادها: «إننا قادرون على زعزعة الأمن والاستقرار في جميع دول العالم كلما أردنا أن نقوم بذلك». وعمليا إذا كان التنظيم الإرهابي قد أعطى بالفعل إشارة تنفيذ هجمات متزامنة لأعوانه في الكويت وتونس وفرنسا، فإنه في هذه الحالة قد نفذ هجوما غير مسبوق توسع ليشمل ثلاث قارات هي آسيا وأفريقيا وأوروبا، بالتمام والكمال. * تزامن مع ذكرى إعلان «الخلافة» * وقبل ثلاثة أيام فقط من حلول الذكرى الأولى لإعلان «داعش» دولة الخلافة، ضربت يد الإرهاب من جديد عددًا من الأهداف في أنحاء متفرقة من العالم. جرائم كراهية جديدة وإرهاب يستهدف مدنيين عُزل، باسم الدين، والدين منه براء. الصورة البشعة تدعو إلى الأسى، لأن الإرهاب باسم الدين يمتد ويتمدد بدرجة خطيرة في المنطقة العربية، ويغرس بذور الفرقة المذهبية والفتنة الطائفية، والانقسام بين أبناء الشعب الواحد، ويكسب المزيد من النفوذ الذي تقطر منه الدماء إن تلك الأعمال الإرهابية لا تمت إلى الإسلام بأي صلة، خصوصا في هذا الشهر الفضيل، الأمر الذي استدعى إدانة عربية ودولية واسعة لمختلف جميع أشكال الطائفية والمذهبية، والتضامن في مواجهة الإرهاب الغاشم، الذي يستهدف الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم ولعله من المحزن أن تشهد الكويت، وفى أثناء الركعة الثانية وفى الجمعة الثانية من شهر رمضان، جريمة إرهابية بشعة حين فجّر إرهابى نفسه في مسجد الإمام الصادق في منطقة الصوابر، مخلفا أكثر من 25 قتيلاً، في ضربة قاتلة تشعل فتنة بين السنة والشيعة في هذا البلد العربي، الذي يشكل الشيعة فيه نحو 30 في المائة من عدد السكان، وبه 26 مسجدا و140 حسينية. إن توقيت الحادث الإجرامي في شهر رمضان المبارك ووقوعه ساعة صلاة الجمعة في أحد بيوت الله «يجسد الوجه القبيح للإرهاب». وصول الإرهاب الديني إلى الكويت عبر تفجير مسجد الإمام الصادق ليس مفاجئا. فقديما قيل: «من زرع الحنظل لن يجنى غير الحنظل»، وفى الواقع، فإنه حتى لو أننا لم نزرع شيئًا ولم نتهاون ونتحالف بالأمس مع الإرهاب والفكر المتطرف. حتى بافتراض ذلك، فإن وضع المنطقة الملتهب وتقارب الذهنية والوعي الاجتماعي والسياسي مع الآخرين كان سيكون كفيلاً بتسهيل غزو التطرف والإرهاب لنا. وما جرى ليس مفاجئا ولا مستغربا. فقبله بساعات حذر المسؤولون الروس دول الخليج من أنها ستكون المسرح الثاني للإرهاب، بعد أن يبلغ منتهاه ونضجه في الأماكن التي زرعتها فيه. وعلى الرغم من كشف السلطات الأمنية عن هوية الانتحاري الذي فجّر مسجد الإمام الصادق بمنطقة الصوابر وسط العاصمة، وهو مواطن سعودي يُدعى فهد سليمان عبد المحسن القباع، لم يكن معروفا لأجهزة الأمن، وتوقيف سائق المركبة الذي نقل الانتحاري لمكان الحادث، وصاحب البيت الذي آواه، مع عدد آخرين من المشتبه بكونهم شكلوا خلية إرهابية مسؤولة عن إدخال المتفجرات وتجهيز الانتحاري بالحزام الناسف، والقيام بعمليات المراقبة والاستطلاع لموقع الجريمة، إلا أن السلطات لا تزال تخشى أن ما كشفته لا يمثل سوى رأس جبل الجليد. وفي حين قالت السلطات الأمنية إن صاحب المنزل الذي آوى سائق المركبة الذي أوصل الانتحاري للمسجد، وهو كويتي الجنسية أحد معتنقي «الفكر المتطرف المنحرف» في إشارة للمتشددين. وقالت الوزارة إن مالك المنزل وشقيقه اعتقلا أيضا. * نقلة إرهاب نوعيّة في تونس * زلزال الإرهاب الثاني هزّ مهد ثورات الربيع العربي، بهجوم مسلح على فندقين في مدينة سوسة خلَّف أكثر من 37 قتيلاً، أغلبهم من السياح في ضربة قوية لموسم السياحة في تونس التي تستقطب نحو 10 ملايين سائح سنويا، يدرّون أكثر من 5 مليارات دولار في خزانة الدولة. هجوم إرهابى، جاء بعد أشهر قليلة من الهجوم على متحف باردو، الذي أوقع 21 قتيلاً. وفي تونس مثّلت العمليّة، التي أودت بأكثر من ثلاثين شخصا أغلبهم من السائحين، نقلة نوعيّة في استراتيجيات الجماعات المتشدّدة في تونس وطريقة تعاملها مع الوضع، كما كان مُتوقّعا منذ انتشار معلومات تُفيد بتلقّي عدد من التونسيّين تدريبات في ليبيا ومن ثم العودة، وتهديد بعض القيادات السلفيّة بإحراق البلاد. وكان منفذ الهجوم الإرهابي في سوسة يبدو من لباسه المكون من سروال قاتم وقلادة وقميص قصير الكمين كأي شاب تونسي بين السائحين الألمان والبريطانيين والأيرلنديين الذين يستمتعون بحمام شمس على الشواطئ التونسية الطويلة الصفراء. وخلال خمس دقائق فقط أشاع سيف الرزقي الرعب في منتجع إمبريال ببندقية كلاشنيكوف سوداء كان يخفيها في المظلة التي كان يستعملها على الشاطئ موقعا 39 قتيلا من السائحين الذين كانوا يجلسون على مقاعد أو يستلقون على أرائك على حافة حمام السباحة. كان هذا أسوأ هجوم من نوعه في تاريخ تونس الحديث. وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم لكن السلطات تقول إن الرزقي وهو طالب (24 عاما) لم يكن على أي قائمة إرهابيين ولم يكن معروفا عنه أنه متشدد. يقول شهود عيان إن الرزقي الذي كان يرتدي زي السائحين لم يلفت إليه الانتباه كثيرا. وفجأة فتح النار وهو يشق طريقه بين الشاطئ وحمام السباحة والفندق مستهدفا الأجانب ومتعقبا ضحاياه حتى من يهربون إلى الغرف. وقال مصدر أمني إن الرزقي كان يعرف الفندق جيدا فيما يبدو. وكان لديه الوقت لإعادة حشو سلاحه مرتين على الأقل قبل مواجهته في النهاية وقتله برصاص الشرطة خارج الفندق. وتونس مقصد سياحي، واجتازت بسلام القلاقل التي أعقبت الإطاحة بزين العابدين بن علي في انتفاضة 2011. لكن بينما نالت الإشادة بانتقالها إلى الديمقراطية فهي تكافح أيضا تشددا إسلاميا متصاعدا، وكانت تونس في حالة تأهب بالفعل وذلك بعد أشهر من هجوم شنه مسلحان في متحف باردو في العاصمة أمطرا فيه سائحين من اليابان وفرنسا وإسبانيا بالرصاص وهم قادمون في حافلة وأردوا 21 منهم قتلى. وكمثل الشابين اللذين هاجما الحافلة في متحف باردو يبدو أن الرزقي كان على خطاهما وقع فريسة للمتشددين خلال وقت قصير كما تقول المصادر الأمنية وأنهم أبعدوه عن دراسته. وتشهد تونس منذ انتفاضة 2011 اتساعا لنفوذ خطباء متطرفين وجماعات محافظة سيطرت على مساجد وأسست مدارس دينية في الفترة الأولى للمرحلة الانتقالية. ويقاتل أكثر من ثلاثة آلاف تونسي في صفوف «داعش» في العراق وسوريا وليبيا المجاورة. وحذر بعضهم من أنهم سيعودون لشن هجمات في تونس إحدى أكثر الدول العربية علمانية. ويقول المسؤولون إن الرزقي كان طالبا مجدا من أسرة مستقرة مارس النشاطات العادية كأي شاب. وقال مصدر أمني كبير إنه يبدو أن الرزقي كان على اتصال برجال دين متطرفين منذ نحو ستة أشهر على غرار متطرفين تونسيين آخرين. وتقول المصادر إن مرتكبي هجوم باردو اعتنقا النهج المتطرف في مسجدين محليين على أيدي متشددين. وأرسلا إلى ليبيا للتدريب ولم تظهر عليهما علامات التشدد. وبعد الهجمات في القارات الثلاث، حذر مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) من أن استهداف «الأهداف الناعمة» على غرار استهداف شاطئ فندق في تونس، عبر شخص غير معروف لأجهزة الأمن، أو ما يطلق عليه «الذئاب المنفردة»، هي تحديات صعبة الاحتواء، ومن أصعب المهام على أجهزة مكافحة الإرهاب. ونقلت وكالة «رويترز» عن هذا المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، قوله: «ما تقوله لنا الأحداث هو أن الأهداف الناعمة سوف تكون معرضة للاستهداف على الدوام؛ إننا نبلي بلاء حسنا في مراقبة المجموعات، ولكن من الصعب احتواء الذئاب المنفردة». وكانت وزارة الخارجية الأميركية قالت إنه لا دليل على أن الهجمات التي وقعت الجمعة 26 يونيو بكل من الكويت وتونس وفرنسا وأسفرت عن قتل العشرات، كانت هجمات منسقة. وقال المتحدث باسم الوزارة جون كيربي: «إن الهجمات ما زالت تخضع للتحقيق لكن حتى الآن لا يوجد مؤشر على مستوى التكتيك يفيد بأنها (منسقة)». وأضاف كيربي في مؤتمر صحافي «الواضح أنها كانت كلها هجمات إرهابية». وقتل ما لا يقل عن 39 شخصا، جلهم سياح أجانب، وأصيب أكثر من ثلاثين آخرين برصاص مسلح تسلل إلى شاطئ فندق بمدينة سوسة الساحلية التونسية، في وقت خلف التفجير الذي استهدف مسجدا للشيعة في الكويت وتبناه تنظيم داعش، 27 قتيلا وأكثر من مائتي جريح، كما قتل شخص واحد وجرح آخران عندما هاجم شخص مصنعا للغاز بجنوب شرقي فرنسا. وكان المتحدث باسم تنظيم أبو محمد العدناني حث أنصار التنظيم في 23 يونيو على تكثيف الهجمات أثناء شهر رمضان ضد المسيحيين والشيعة والمسلمين الذين يقاتلون مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وكانت عملية متحف باردو في تونس التي فاجأت الجميع 18 مارس (آذار) الماضي، إذ لم يكن من المتوقّع أن تنتقل الهجمات المسلّحة من جبال الشعانبي، على الحدود الغربيّة مع الجزائر، والمناطق النائية إلى قلب العاصمة، ومن استهداف رجال الأمن والجيش التونسيين إلى اعتبار السيّاح والمدنيّين هدفًا مباحًا. والتنفيذ المباشر لعمليّة شاطئ القنطاوي في سوسة الجمعة الماضي كان مقصورًا على فرد واحد، هو سيف الدّين الرزقي (طالب جامعي، لا سوابق له غير معروف لأجهزة الأمن، وليس محل شبهة في علاقة بالتنظيمات السلفيّة)، وهذا لا ينفي وجود شركاء في العملية، قد لا يتجاوز عددهم الخمسة من عناصر الرصد والمتابعة والإمداد، كما في تقاليد العمليات الإرهابيّة للخلايا المعزولة تنظيميّا، وهو تكتيك اتبعه تنظيم «أنصار الشريعة» في تشكيل الخلايا الجهادية، وهذا الفرد الواحد ينفّذ العمليّة بمعطى العمل الانتحاري، وهو الذي ينفّذ العمليّة من دون التفكير في الهروب والفرار. ولذلك، استسلم سيف الدّين الرزقي لرصاص قوات الأمن التونسي بمجرّد «نجاحه» في قتل عدد كبير من السيّاح. وتفيد المعطيات بأنه كان على دراية مفصّلة بمسرح العملية، حيث كان تنقله هادئًا ومدروسًا، ويبدو أنّ عمليّة شاطئ القنطاوي، كما عمليّة متحف باردو الأثري، نفّذتها خلايا نائمة، ليس لها أية ارتباطات تنظيمية قطرية أو إقليمية أو دولية، وإن كان تنظيم داعش قد تبنّى العمليّة، في بيان مرفوق بصورة المهاجم يتوسّط رشّاشين، فإنّ الارتباط بين الخلايا والتنظيم الأم عقائدي وفكري، بحكم الولاء والبيعة، فالاجتهاد والتنفيذ من الخليّة، والمباركة والتبنّي من التنظيم. * «داعش»: يوم شفاء الصدور * إلى الشمال، وفى تحدٍّ جديد لفرنسا بعد الهجوم على مقر مجلة «شارلى إيبدو» استهدف الإرهاب مصنعًا للغاز الصناعي قرب ليون شرق فرنسا، حيث اقتحم الشخص الذي يشتبه بتنفيذه الهجوم مصنع الغاز في منطقة «سان كانتان فالافييه»، وهو يرفع علم «دعش»، وفجّر عددًا من قوارير الغاز. وعثرت الشرطة على رأس مقطوع عليه كتابات بالعربية معلقًا على سياج قرب المصنع. كانت الشرطة الفرنسية قد شنت عدة عمليات لـ«مكافحة الإرهاب» بعد الهجمات التي تعرضت لها البلاد أخيرا، حيث قالت الشرطة الفرنسية إنها اعتقلت مئات من الأشخاص ليست لهم علاقة بتلك الهجمات، حيث وجه ممثلو الادعاء اتهامات مبدئية ضد 147 شخصًا يشتبه في دعمهم لمقاتلين في سوريا، حيث يسيطر تنظيم داعش على أجزاء كبيرة من البلاد. صفحات التطرف على الإنترنت أكدت أن العمليات الإرهابية التي نفذتها، فيالق «الذئاب المنفردة»، تأتى في إطار ما سموه عمليات «يوم شفاء الصدور». هذه العمليات لاقت احتفاء كبيرًا من قبل الصفحات التابعة الداعمة لتنظيم داعش. في الوقت الذي يتعين فيه التعامل مع خطر الإرهاب بسياسات شاملة تواجه أصول الخطر وجذوره، فإن على دول المنطقة أن تعيد النظر أيضا وبسرعة وبقوة وثبات أيضا في المواقف من تشجيع تيارات دينية بعينها، أو السكوت على مواقفها التي تميل إلى التطرف وتحرِّض على العنف وكراهية «الآخر» بأي صورة من صوره، لأنه ثبت أن ذلك هو البيئة المناسبة لظهور وانتشار الإرهاب. مطلوب تبني استراتيجيات مدنية واتجاهات أكثر اعتدالاً وانفتاحا وتسامحا، في التعليم ودور العبادة والعلاقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، عوضا عن السياسات. وفي هذا السياق، لا بدّ أن نقرأ عملية تونس بالتزامن مع عمليتي فرنسا والكويت، تأتي هذه العمليات في مناسبة رمزيّة لتنظيم داعش، هي العاشر من رمضان، الذكرى الأولى لإعلان قيام التنظيم، وبيعة (الخليفة) أبو بكر البغدادي، وقد استعدّ التنظيم للمناسبة بالإعلان عن سيطرته على مدينة كوباني - عين العرب السورية، وما تمثّله هذه المدينة من ثأر لهزيمةٍ، مني التنظيم بها سابقًا، كما أن العاشر من رمضان هو تاريخ بداية تداول العملة الماليّة التي صكّها تنظيم داعش لتكون العملة الرسميّة، وأن يضرب التنظيم في الكويت وتونس وفرنسا فهو يوجّه رسالة قويّة للتحالف الدولي بأن «تمدّده» بلغ القارات الثلاث: آسيا (الكويت)، و(أوروبا) فرنسا، و(أفريقيا) تونس. نفترض أن لا وجود لعلاقات تنظيميّة، من حيث الإمداد والتخطيط، لكنّ التوجيه فعل ناجز بين الخليفة والدولة، نحو كل الخلايا في البلدان، لتصبح للخلايا الإرهابيّة، أو ما نسميها «الذئاب المنفردة»، الحريّة في المبادرة والتنفيذ. إنّ الوضع الهش الذي تعيشه التجربة الديمقراطيّة في تونس يجعل الدولة التونسيّة شبه عاجزة عن التصدّي لهذه الظاهرة التي باتت تعرف باسم «الذئاب المنفردة»، فهي خلايا دخلت مرحلة الكمون، مما يجعل من المستحيل على الأجهزة الأمنية والاستخباراتيّة أن تحاصرها، أو أن تكشفها، والتقاطعات بين تنظيمي أنصار الشريعة والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وكذلك كتيبة عقبة بن نافع أوجد نوعًا من الميوعة، في ملاحقة شبكات الخلايا النائمة التي تشكّلت في تونس، وهي خلايا تعتمد على عنصر المباغتة وبساطة التخطيط والتنفيذ. يضاف إلى ذلك توزيع العمل القتالي بين الجبل وتخومه، ثم التحوّل إلى المدن، وهو توزيع لا تملك الدولة التونسيّة من الخبرة والقدرة على مجاراته وقراءة أنساقه، فالدولة التونسيّة لا تخوض معاركها ضد جبهة معلومة المكان والزمان، كما أن الإيقافات القضائيّة لمئات من المتّهمين بالإرهاب لم تعط الخارطة الواقعيّة لشبكات الإرهاب، من حيث التمويل والمخزون البشري، أو الحاضنة الشعبيّة
aawsat
http://aawsat.com/home/article/400186/هكذا-يزيد-الأصوليون-الإسرائيليون-مخاطر-التطرّف-في-الشرق-الأوسط
2015-07-21 02:59:24
هكذا يزيد الأصوليون الإسرائيليون مخاطر التطرّف في الشرق الأوسط
القاهرة: إميل أمين
هل يزيد الأصوليون الإسرائيليون من مخاطر انتشار التطرّف والإرهاب في الشرق الأوسط عبر إغراقهم في التمترس حول روايات تاريخية دينية لا تقود إلا إلى إشعال العالم برمّته بنيران الكراهية والحقد العقائدي المتبادل؟ يبدو أن ذلك كذلك بالفعل، وليس أدلّ على ما نقول به من المخطّطات اليهودية الماضية قدمًا لجهة مستقبل المسجد الأقصى، ومحاولة إعادة بناء هيكل سليمان الذي دمّر في زمن احتلال الرومان لفلسطين في القرن الأول الميلادي.. لماذا الحديث مرة جديدة عن هذه الإشكالية؟ السبب المباشر، ولا شك، هو الدعوة التي أطلقتها منظمة «جبل الهيكل» اليهودية لاقتحام جماعي للمسجد الأقصى، في مناسبة «عيد نزول التوراة»، ولقد طلبت هذه المنظمات من قوات الاحتلال الإسرائيلي تأمين هذه الاقتحامات، واتخاذ إجراءات مشدّدة ضد المصلّين أو المرابطين في المسجد الأقصى في حال تصديهم لهذه الاقتحامات. من أين للمرء أن يبدأ في الحديث عن هذه المعضلة المرّة التي تهدّد سلام أتباع الأديان الإبراهيمية من جراء العنصرية اليهودية التي لا تزال في يقينها تؤمن بأنها «شعب الله المختار» بينما الآخرون هم «الغوييم» أو «الأغيار»؟ كتبنا غير مرة على صفحات «الشرق الأوسط» عن الأبعاد التاريخية للقضية، غير أن التذكير يفيد القارئ، ذلك أن الحلم الإسرائيلي القديم هو إعادة بناء الهيكل وتقديم الذبيحة حسب الطقوس الدينية اليهودية، والكارثة أن هذا لن يتحقق إلا في حال إخلاء منطقة الحرم القدسي من مسجد قبة الصخرة والأقصى المبارك، وتشييد مبنى الهيكل هناك. في مذكراته الشخصية يسجل الجنرال عوزي ناركيس، قائد المنطقة الوسطى الإسرائيلية في «حرب 1967» ما نصه: «أنا وقفت بجوار الحاخامات وهم يتلون بعض الأدعية بصوت عالٍ وسط تزاحم ضباط وجنود من الوحدات جاءوا لمشاهدة الحائط وملامسته تبرّكًا».. كان ذلك بعد نصف ساعة تقريبًا من وقوف موشيه دايان وإسحاق رابين والجنرال ناركيس صباح السابع من يونيو (حزيران) 1967 أمام حائط البراق (الذي يسميه اليهود حائط المبكى). في ذلك الوقت هرع كبير حاخامات الجيش الإسرائيلي الجنرال شلومو غورين، وأخذ ناركيس من يده جانبًا وهمس له قائلاً: «عوزي أليست هذه اللحظة الملائمة لوضع مائة كيلوغرام من المتفجّرات في مسجد عمر وقبة الصخرة لكي تتوقف دعاوى المسلمين بوجود حق ديني أو تاريخي لهم في القدس؟».. ما الذي جرى لاحقًا؟ يضيف الجنرال ناركيس: «قلت لكبير الحاخامات: أرجوك، ذلك أمر لا داعي له وسوف يثير الدنيا علينا.. فسألني: أي دنيا سوف يثيرها؟ قلت: المجتمع الدولي، وعلى رأسه أميركا، فواشنطن لها صداقات كثيرة تحرص عليها في المنطقة، ونحن أيضا لنا أصدقاء في العالم الإسلامي، تركيا وإيران بالذات، وإندونيسيا وباكستان.. وغيرهم كثيرون». هل يعني هذا أن المسألة «قضية توازنات دولية» أكثر من أي شيء أخر؟ يبدو أن المسألة بالفعل منتهية في عقول الإسرائيليين كجماعات وحتى كدولة، والدليل على ذلك ما قاله ذات مرة أحد المُرشدين السياحيين الإسرائيلين عام 1999 للمؤلفة والكاتبة الأميركية غريس هالسل وأوردته في كتابها «يد الله.. لماذا تضحي الولايات المتحدة بمصالحها من أجل إسرائيل؟» من أن كل الخطط اللازمة للهيكل قد أصبحت مُعدّة، حتى إن مواد البناء أصبحت جاهزة، ومحفوظة في مكان سرّي. وثمة عدد من المحلات التي يعمل فيها الإسرائيليون لإعداد اللوازم التي ستستخدم في الهيكل الجديد، ويقوم أحد النسّاجين المتخصّصين بنسج قطع الكتان الصافي لاستخدامها في ملابس الكهنة الذين سيؤدون شعائر الصلاة في الهيكل. ليس هذا فحسب، بل إن «هناك مدرسة دينية تدعى «ياشيفا إتريت كوهانيم» - أي «مدرسة تاج الكهنة» – التي تقع بالقرب من منطقة الحرم القدسي، والتي يعلّم الحاخامات فيها الشباب على مناسك التضحية بالحيوانات، والحديث هنا عن «البقرة الحمراء». والشاهد أن الجوانب الفنية والتاريخية ونقد القصة دينيًا وتاريخيًا يطول، والغرض الرئيسي من المقال هو توضيح الخطر الحقيقي للأصولية اليهودية على حالة السلم الديني والاجتماعي الشرق أوسطي والعالمي، فماذا عن ذلك؟ قد يتحتّم علينا بدايةً أن نشير إلى أن كارثة الأصولية الدينية تتمثل في أنها نوع وطريقة خاصة لبناء الهويّات والفعل الاجتماعي، ويمكن أن يحدث ذلك على مستوى فردي أو جَمعي أو مؤسسي. هنا يعمل الدين من خلال بناء الهويّات، كما أنه ليس نتيجة حسابات نفع اقتصادية، على الرغم من أن مثل تلك الحسابات يمكن أن يكون لها دور في الممارسة الدينية. غير أن الدين يكتسب أهميته في الحقل السياسي من تحويله صراع المصالح إلى صراع هويّات. يحدّثنا عالم الاجتماع الألماني الشهير هاينريش فيلهلم شيفر، عن تطبيقات هذا الصراع على الأرض في فلسطين، فقد كان شغل حركة فتح الشاغل حتى سبعينات القرن الماضي هو تطبيق قرارات منظمة الأمم المتحدة، وتحديد الفلسطينيين مصيرهم السياسي، وكذلك الاندماج الاقتصادي. ولكن لاحقًا بدا الأمر مختلفًا بالنسبة لحركة حماس والأصوليين اليهود، إذ تحوّل صراع المصالح إلى صراع هويّات دينية في إطار منطقة نفوذ ديني شاملة. هنا يعنّ لنا أن نتساءل: هل الأمر في الداخل الإسرائيلي قاصرٌ على جماعات أصولية يهودية بعينها كـ«الحريديم» - على سبيل المثال - أم أن «آفة الأصولية» ضاربة جذورها في عمق أركان الدولة الإسرائيلية ذاتها مهما حاولت أن تُداري أو تواري المشهد؟ في الفترة الأخيرة نشر الكثير من وسائل الإعلام الإسرائيلية فيديوهات وتصريحات لقادة إسرائيليين ويهود متطرّفين، سواءً على شاشات التلفزيون الإسرائيلي، أو على صفحات الصحف الإسرائيلية، يتحدّثون فيها عن هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل. على سبيل المثال: كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بتاريخ 31 يناير (كانون الثاني) 2013 النقاب عن أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أنتجت فيلمًا وثائقيًا يبيّن عملية هدم قبة الصخرة وإعادة بناء الهيكل. ولفت إيتَمار آينخر، مراسل الشؤون السياسية في الصحيفة، إلى أن قنوات التلفزيون الإسرائيلي بثّت بناءً على طلب وزارة الخارجية أجزاءً من الفيلم المذكور. وأكد المراسل أن نجم الفيلم، هو نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني آيالون «(حينذاك) الذي ظهر في الفيلم الدعائي من أجل الترويج لعلاقة اليهود بمدينة القدس. ويوم 24 يناير 2014 دعا أوري أريئيل، وزير البناء والإسكان الإسرائيلي، إلى بناء ما سماه «الهيكل الثالث» مكان المسجد الأقصى، وصرّح ذلك اليوم بأن «الهيكل الأول قد جرى تدميره عام 586 قبل الميلاد، بينما هُدّم الهيكل الثاني عام 70م، ومنذ ذلك الحين والشعب اليهودي من دون هيكل. أما الكارثة الحقيقية في تصريحات المسؤول الإسرائيلي فهي قوله إن «مكان الهيكل يوحّد المسجد الأقصى، على الرغم من كون الهيكل أقدس منه بكثير، أما الأقصى فهو المسجد الثالث في الإسلام». يحق لنا، إذن، أن نتساءل: «مَن الذي يتلاعب بالآخر، هل يتلاعب الأصوليون اليهود بالحكومات الإسرائيلية.. أم تتلاعب هذه الحكومات بشعبها؟ يبدو أن العلاقة مُتبادلة بين الطرفين. وفي كل الأحوال فإن المتطرفين اليهود قد باتوا اليد المتقدمة للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من أجل السيطرة على القدس والمسجد الأقصى. وهؤلاء أضحوا اليوم يمثلون ما لا يقل عن 35 في المائة من المجتمع الإسرائيلي، منهم 20.4 في المائة من «الحريديم»، أي المتزمتين غير الصهاينة إلى حد ما، من الأشكينازيم (اليهود الغربيون أو الأوروبيون) والسفارديم (اليهود الشرقيون والمغاربة). هل يولّد التطرّف الأصولي اليهودي بشقّيه الحكومي والشعبي ردّات فعل أصولية مُغايرة لا في الداخل الفلسطيني وحده، بل في عموم المنطقة الشرق أوسطية بداية، وحول العالم تاليًا؟ إذا بدأنا بالداخل الفلسطيني سيكون من اليسير القول إن الاقتراب من المقدّسات الإسلامية ومحاولة المساس بها على ذلك النحو من قِبَل متطرّفين من غُلاة الأصوليين اليهود، سيخلق تيارًا معاكسًا، مضادًا في الاتجاه مساويًا في القوة، وربما أكثر. وهذا ما تجلّى ويتجلّى في ثورات المَقدسيين ما جرت بها المقادير من قبل، وما هو منتظر أن يحدث، ولقد دفع الأمر الشاب الفلسطيني معتزّ حجازي - الأسير المحرّر - لمحاولة اغتيال كبير المتطرّفين الحاخام يهودا غليك، زعيم ما يعرف بحركة «أمناء جبل الهيكل»، وهي الحركة الدينية التي أسّست عام 1967، على يد المتطرف غيرشون سولومون. هل يدفع هذا التطرف اليهودي الأصولي جماعات دينية تتستر بالإسلام إلى المزيد من التعصّب والعنف؟ مما لا شك فيه أن الصراع على هذا النحو ينحرف من «القومية» إلى «الدينية»، وهناك بعض الأصوات الإسرائيلية التي لفتت إلى تلك الحقائق منها تسيبي ليفني، وزيرة العدل الإسرائيلية السابقة، التي أشارت إلى أن المنطقة ستشتعل عاجلاً أم أجلاً، وحذرت أخيرًا خلال مقابلة إذاعية لها من أن يؤدي الوضع المتأزّم في القدس إلى «تحول النزاع القومي مع الفلسطينيين إلى نزاع ديني مع العالم الإسلامي بأسره» مشدّدة على ضرورة «تجنب الاستفزازات من قِبَل الجانب الإسرائيلي». هل تعمّق الأصوليات الدينية الصراعات القومية والعرقية؟ نعم، بالفعل، فهي تعمّق الخلافات وتجذرها، وخصوصًا من خلال التسويق لها على أنها صراعات هويّة، ولا نرى أمامنا سوى ذلك عندما يدعي البعض أن الصراعات في الشرق الأوسط وما يرتبط بها من إرهاب إنما هي صراع ثقافات أو صراع أديان. في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2001، قال أسامة بن لادن لمراسل إحدى المحطات الفضائية العربية، الرائجة وقتها، «إن فرضية صراع الثقافات صحيحة، بلا شك، فالقرآن يرى هذا الصراع، وفكرة السلام العالمي ليست أكثر من أسطورة غربية». ولعل المدهش في تصريحات بن لادن، أنها تتسّق طولاً وعرضًا، شكلا وموضوعًا، مع رؤى مماثلة لاثنين من أساطين التطرّف الديني اليميني المسيحي في الولايات المتحدة الأميركية، القس بات روبرتسون والقس جيري فالويل، وغيرهما من أعضاء النظام الأصولي اللاهوتي المحافظ في الولايات المتحدة، وكذلك مع منظّري اليمين الديني في السياسة الخارجية الأميركية. أفعال التطرّف الأصولي اليهودي في فلسطين تدفعنا دفعًا إلى التساؤل عن العلاقة بين الإرهاب المتصاعد في المنطقة وبينها، وإلى أين تمضي؟ هنا يمكن للمرء أن يلاحظ علاقة واضحة وثابتة بدءًا من جماعة الإخوان المسلمين في مصر ونشأتها عام 1928، مرورًا بـ«القاعدة» ووصولاً إلى «داعش»، إذ تأخذ جميعها من فلسطين - سواءً بالحق أو بالباطل - تكأة لتبرير أعمالها العنيفة، والتذرّع بالدفاع عن المقدّسات لتعزيز وسائلها «الجهادية». وفي كل الأحوال، فكما أشار العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في خطابه أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية بتاريخ 10 مارس (آذار) الماضي، فإن تعذّر حل القضية الفلسطينية يغذّي مشاعر الكره والتطرّف، وتأخر حلّها عامل بارز في انتشار الإرهاب في المنطقة. لاحظ هنا أن الملك عبد الله يتناول القضية في شقيها القومي والإنساني. وعليه فالتساؤل: كيف سيكون المشهد حال الاقتراب من موقع وموضع يمثل قُدسيّة خاصة للعالم الإسلامي كالمسجد الأقصى؟ الجواب الصريح، غير المريح، ربما طفا على السطح في الفترة الأخيرة عبر بعض نتائج استطلاعات الرأي التي تشير إلى زيادة التعاطف في قطاعات شبابية بعينها، وفي دول محددة، مع جماعات أصولية لها مسحة دينية منحولة. وفي هذا تتجلّى المخاطر الحقيقية في الحال والاستقبال، وتزداد المخاوف من اتساع رقعة حضورها الجغرافي، وقدرتها على استقطاب المزيد من المريدين والأتباع الذين يعزّزون أصوليتهم في مقابل الأصولية اليهودية في الأراضي المقدّسة. هل نفوذ المتطرفين اليهود آخذ في التصاعد، لا سيما، في ضوء وجود حكومة بنيامين نتنياهو الحالية؟ خلال الانتخابات الأخيرة، حافظ متطرّفو المعبد على حجم كتلتهم السياسية المقدّرة بـ13 نائبًا، وحافظوا على توزيعهم داخل حزبي «الليكود» و«اليهودي»، كما أن ممثليهم داخل الليكود تمكّنوا من التقدم أكثر لينتقلوا من مواقع نواب وزراء ليتولوا مواقع وزارية، ثم إن ممثليهم ضمن «الليكود» باتوا شريكًا حكوميًا مع نتنياهو في اللحظة الأخيرة، مما أتاح لهم فرض الكثير من الشروط، من بينها تسليم وزارة العدل للمتطرّفة إيليت شاكيد. ما المتوقع إذن والحالة الحكومية الإسرائيلية على هذا النحو؟ مؤكد استغلال هؤلاء نفوذهم الجديد وغير المسبوق، لجعل فكرة التقسيم الزمني للصلاة في الأقصى بين المسلمين واليهود، واقع حال، مدعوما بقوانين إسرائيلية رسمية، وإطلاق يد قوات الأمن لتسهيل دخول المتطرّفين اليهود ومنع المسلمين من الوصول للأقصى، عطفًا على تكثيف إجراءات الحفر أسفل الأقصى، وزخم الجماعات التي تمضي وراء مقولة ديفيد بن غوريون التاريخية «لا فائدة لإسرائيل من دون القدس، ولا معنى للقدس بغير الهيكل». هل كانت «حرب يونيو 1967» أو «حرب الأيام الستة» نقطة فاصلة في ظهور وتصاعد المد الديني الأصولي اليهودي؟ هذا ما يشير إليه الكاتب الفرنسي إيمانويل هيمان في مؤلفه «الأصولية اليهودية.. فرنسا، إسرائيل، الولايات المتحدة»، وعنده أن اليهود الأرثوذكس في إسرائيل يستريحون في مهمتهم الخلاصية إلى الهوة المتزايدة بين المؤمنين والعلمانيين، لا سيما بعد «حرب الأيام الستة»، فالدينيون يعتبرون أنفسهم بعدها الحرّاس الوحيدين للتقاليد والمحاربين المخلصين دون غيرهم. هذا الكلام يؤكده ما يذهب إليه البروفسور اليهودي الأرثوذكسي أفراهام رافيتسكي، الأستاذ من الجامعة العبرية بالقدس، والذي كتب في إحدى خلاصاته يقول: «قبل عام 1967 كان الصهاينة العلمانيون هم أهل السلطة، وكانت تتكون منهم الطبقة السياسية الحاكمة وكانوا على رأس الجيش، أما الأرثوذكس فكانوا حرّاس الشريعة والتوراة.. إلا أن الاستيلاء على حائط المبكى، جعل الدينيين حملة الراية لصهيونية تضمن استمرارها المستوطنات الدينية في الأراضي الفلسطينية قوامها اليهود من الأصوليين القدامى والمحدثين».
aawsat
http://aawsat.com/home/article/400181/«داعش»-والأميركية-المستوحدة
2015-07-21 02:59:26
«داعش».. والأميركية المستوحدة
نيويورك: روكميني كاليماشي
توحي المحادثات بين امرأة أميركية شابة في مناطق ولاية واشنطن الريفية وبين رجل بريطاني على علاقة تربطه بالتشدّد ببعض الإشارات حول الكيفية التي يوظفها تنظيم داعش في تجنيد الأعضاء الجدد من جميع أنحاء العالم. أليكس، البالغة من العمر 23 سنة، وهي معلمة في مدرسة أيام الأحد وجليسة أطفال، كانت ترتجف من الإثارة في اليوم الذي أخبرت فيه متابعيها على موقع «تويتر» بأنها اعتنقت الإسلام. ولشهور عدة، ظلت علاقاتها تنمو وتتوطّد مع مجموعة جديدة من الأصدقاء عبر شبكة الإنترنت - وهي المجموعة الأكثر اهتماما بها من أي وقت مضى - والذين كانوا يعلمونها ما عليها أن تصنعه لكي تكون مسلمة. وعلى نحو متزايد، كانوا يخبرونها عن «داعش» (من واقع أنه «الدولة الإسلامية» الجديدة المزعومة)، وكيف أن تلك الجماعة تبني وطنا جديدا في سوريا والعراق حيث يمكن للجميع الحياة وفق شريعة الله. إحدى الشخصيات «الإسلامية»، على وجه الخصوص، ويُدعى فيصل، أصبح رفيقا دائما وملازما لها باستمرار، وصار يمضي الساعات الطويلة في كل يوم مع أليكس على «تويتر»، و«سكايب»، إلى جانب البريد الإلكتروني، ويشق طريقه معها بمنتهى الجدية عبر أصول الدين وأساسيات الإيمان. إلا أنها حين أخبرته بأنها عثرت على مسجد لا يبعد إلا مسافة خمسة أميال فقط عن المنزل الذي كانت تعيش فيه مع جدّيها في ريف ولاية واشنطن، صار فيصل باردا للغاية نحوها وبصورة مفاجئة. كان المسلمون الوحيدون الذين تعرفهم أليكس هم المجموعة التي عرفتها عبر شبكة الإنترنت، ولقد حثها فيصل على الارتباط بهذه المجموعة حصرا، متحجّجا بأن المسلمين غالبا ما يتعرّضون للاضطهاد في الولايات المتحدة، وقد تتعرّض للاتهام بالإرهاب. كما حذّرها فيصل من حينها وحتى الآن بأنه من الأفضل لها أن تبقي محادثاتها سرا عن الجميع، حتى عن أفراد عائلتها. وهكذا، ووفقا لتوجيهاته، بدأت أليكس مشوار الانخراط في حياة مزدوجة. فقد ظلت تواصل التدريس في مدرسة الأحد في الكنيسة المجاورة، لكن مذياع مركبتها الخاصة لم يعدّ موجّها إلى إذاعة «كيه لاف» المسيحية. إذ بدلا من ذلك، أخذت تدندن بأناشيد «داعش» التي تستمع إليها من خلال هاتفها «الآيفون»، وعاشت في أحلام اليقظة حول نوع الحياة التي يعيشها المسلحون هناك. تقول أليكس «شعرت بأنني أخون الرب والمسيحية»، غير أنها أصرت على الحديث شريطة أن تستخدم الاسم المستعار الذي تظهر به على الإنترنت، ثم أضافت «لكنني شعرت بالإثارة لأنني حصلت على العديد من الأصدقاء الجدد». على الرغم من الخلاف الصريح والصارخ ما بين آيديولوجية «داعش» والغرب، ظل ذلك التنظيم المتطرف يبذل جهودا مضنية في تجنيد المواطنين الغربيين إلى صفوفه، ويسعى بشغف عجيب إلى استغلالهم في حملات الدعاية الضخمة التي ينظمها. وحقا، خلال شهر يناير (كانون الثاني) من هذا العام، يُعتقد أنه سافر ما لا يقل عن 100 مواطن أميركي للانضمام إلى الإرهابيين في سوريا والعراق، من أصل نحو 4 آلاف مواطن غربي آخر من مختلف الجنسيات كانوا قد اتخذوا المسار. وتضاعفت جهود التجنيد التي يبذلها التنظيم الإرهابي بمعاونة كوادر هائلة من المشغّلين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. والتنظيم الإرهابي نفسه يحافظ على حضوره على الإنترنت على مدار الساعة، وتتّسع فعاليته بشكل كبير بواسطة مجموعات كبيرة من المتعاطفين والمتطوّعين والمشجعين الذين يتناقلون ويتشاركون رسائل التنظيم ويتبنّون وجهة نظره، مما يزيد من اجتذاب المزيد من المجنّدين المحتملين، حسبما يشير المحللون. ودائرة أليكس على الإنترنت - التي تضمّ العشرات من الحسابات، وتدير بعضا منها شخصيات عرفت نفسها مباشرةً بأنهم أعضاء في تنظيم داعش أو أولئك الذين يعتقد محللو الإرهاب أنهم على صلة مباشرة بالتنظيم - تقضي بصورة جماعية آلاف الساعات في التفاعل مع أليكس على مدار أكثر من ستة شهور. كذلك أرسلوا إليها الأموال وهدايا الشوكولاته. لقد أشبعوا فضولها وهدّأوا من مخاوفها حيث كانوا يوجهونها نحو المفاهيم الدينية المتشددة التي يقوم عليها التنظيم الإرهابي. وكمسيحية، كانت أليكس تتوجه في ذلك السبيل تعبيرا عن الحاجة إلى اتخاذ خطوة إضافية في ذلك المضمار. ومع ذلك، فقد عملت على تجاوز الفجوة بنفسها: محاولة لتفسير حالة الانجذاب، حيث قالت إنها كانت بالفعل منجذبة نحو فكرة ممارسة الإيمان بصورة أكمل. لقد كانت المقابلات المكثفة التي أجريت مع أليكس وعائلتها، بالإضافة إلى مراجعات لرسائل البريد الإلكتروني، ومدوّنات «تويتر»، والرسائل الخاصة التي تبادلتها عبر «سكايب»، والتي وافق الجميع على الاطلاع عليها من قبل صحيفة «نيويورك تايمز» بشرط الإحجام عن الكشف عن هوياتهم الحقيقية أو عن اسم المدينة أو البلدة التي يعيشون فيها، قد فتحت نافذة واسعة تطل على الجهود المكثفة الحثيثة للغاية الموجهة نحو غرس الفكر المتطرّف في نفسية الشابة الأميركية، وزيادة إحساسها بالغربة عن عائلتها ومجتمعها. يقول ناصر ودادي، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، الذي يعد ورقة بحثية حول مكافحة الدعاية المتطرّفة «لدى كل منا جدار طبيعي في وجداننا للحماية ضد الأفكار السيئة، وإنهم يبحثون دائما عن نقاط الضعف في ذلك الجدار، ومن ثم يبدأون الهجوم بغية الاختراق». لقد عاشت أليكس مع جدّيها معظم سنوات حياتها. ومع أنها علمت أن هناك مسجدا يبعد مسافة خمسة أميال عن منزلها، فإن فيصل - كما سبقت الإشارة - أخبرها بأن تبتعد عنه ولا تذهب إليه. وللوصول إلى منزل أليكس من أقرب بلدة كان على الزوار الانعطاف عند إحدى الحدائق ثم المسير لمسافة ميل واحد عبر حقول القمح والبرسيم المروية الواسعة. وفي شرحها لواقع حياتها قالت أليكس «يحب أجدادي الحياة بعيدا عن كل شيء. وإنني أحب المجتمع والأصدقاء. إنني أشعر بالوحدة هنا». لكنها، في الواقع، عاشت مع جديها فعليا طيلة حياتها، ذلك أنها عندما كان عمرها 11 شهرا فقدت والدتها، التي كانت تعاني من إدمان المخدرات، حق حضانتها. ووفق الطبيب المعالج فإن «متلازمة الكحول الجنينية» سببت لأليكس ارتعاشا في يديها، كما أنه أسهم كذلك في نقص مستديم للنضج الجيد وسوء الحكم على الأمور. ولعل هذا ما يفسّر بصورة جزئية ما حدث معها على الإنترنت، كما تقول عائلتها. ثم في أعقاب عقب تركها الكلية العام الماضي، كانت تتقاضى مبلغ 300 دولار في الشهر من العمل كجليسة أطفال ليومين في الأسبوع والتدريس في مدرسة الأحد للأطفال لدى الكنيسة في عطلة نهاية الأسبوع. وفي المنزل، كانت تمضي الساعات تشاهد الأفلام على موقع «نيتفليكس» وتحدث صفحتها الشخصية على وسائل الإعلام الاجتماعية. أما جدتها (68 سنة) التي أشرفت على تربية ثمانية أطفال وأحفاد في المنزل المتواضع (لكنه أنيق) والذي بحجم مقطورة واسعة مزدوجة، فتقول «كل الأطفال الآخرين ينشرون أجنحتهم ويطيرون، لكنها ظلت تبدو مثل طفلة تائهة». ثم، يوم 19 أغسطس (آب)، اهتز هاتف أليكس الجوّال حاملا أخبارا عن مقتل صحافي الـ«سي إن إن» جيمس فولي. لم يكن جيمس فولي الذي تعرّض للإعدام ذبحا على يد «داعش» من الصحافيين الذين سبق لأليكس أن سمعت عنهم. كذلك ما كانت قد سمعت شيئا في ذلك الحين عن «داعش». غير صورة أن الشاب المسكين الجاثي على ركبتيه والسكين يعتمل في رقبته من الوريد للوريد لم تغادر تفكيرها. اهتزت نفسية أليكس إثر تلك الجريمة المروّعة، وأذهلتها حالة الفضول المرعبة، ثم دخلت على حسابها على «تويتر» لعلها تعلم المزيد عن الأمر. وعن هذا تشرح قائلة: «كنت أبحث عن أولئك الذين يوافقون على ذلك، حتى يمكنني تفهّم لماذا يفعلون ذلك. كان من السهل للغاية العثور عليهم». لقد أصيبت بصدمات أخرى، وذلك من خلال معرفتها حقيقة مفادها أن أولئك الذين يعرّفون عن أنفسهم بالانتماء إلى «الدولة الإسلامية» المزعومة، يُعرفون أيضا بمسمى «داعش» (ISIS) أو (ISIL) اختصارا، واحتاج الأمر وقتا حتى يمكنهم الإجابة بأدب عن أسئلتها الجمة. وهنا تضيف أليكس موضحة: «لكن، بمجرّد تأكدهم من صدق فضولي واهتمامي، كانوا لطفاء للغاية معي. وسألوني عن عائلتي، وفي أي الأماكن أعيش، وماذا أريد أن أصنع في حياتي». * خدمة «نيويورك تايمز»
aawsat
http://aawsat.com/home/article/394871/3-هجمات-إرهابية-و3-محاور-لأخطار-«داعش»-المتنامية
2015-07-21 02:59:28
3 هجمات إرهابية.. و3 محاور لأخطار «داعش» المتنامية
لندن: رنيم حنوش
ثلاث هجمات إرهابية وعشرات القتلى والجرحى في كل من الكويت وتونس وفرنسا، حولت جمعة مباركة في شهر رمضان إلى يوم تاريخي دامٍ يؤكد تفاقم انتشار آيديولوجية التطرف في الوطن العربي والعالم. ومع أن موجة التطرّف بدأت قبل سنوات عديدة من ظهور محتكرها الأول الحالي «داعش»، فإن هذا التنظيم بات يشكل تهديدا عالميا. إلى ذلك، نتمعّن في المحاور الثلاثة الرئيسة لأخطار «داعش»، حسبما عدّدها لـ«الشرق الأوسط» منسق فريق رصد «القاعدة» و«طالبان» في مجلس الأمن الدولي. وهي: أولا سيطرته على مناطق جغرافية واسعة في العراق وسوريا - وليبيا أخيرا.. وثانيا الشبكة الواسعة التي كوّنها من خلال تجنيد الأجانب.. وثالثا، وهو الأهم، انتشار آيديولوجية التنظيم السامة. وفي هذا السياق، نعرض الفرق ما بين «داعش» وتنظيمات متطرّفة أخرى مثل «القاعدة»، ومسؤوليات المجتمع الدولي في محاربة الظاهرة ونتاجها. وفي ظل وجود توترات في التنسيق الدولي، ومع غياب تعريف أممي شامل لمصطلح «الإرهاب»، يصبح القضاء على «داعش» وآيديولوجيته تحديا حقيقيا. ظاهرة التطرّف تحت شعارات الدين موجودة قبل ولادة تنظيم داعش بسنوات. وقد يمثل هذا التنظيم اليوم استمرارا للموجة الفكرية المتطرفة التي بدأها تنظيم «القاعدة» وغيره سابقا. إذ يقول ألكسندر إيفانز، منسّق فريق رصد «القاعدة» و«طالبان» في مجلس الأمن الدولي، خلال مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط»، إن «تنظيم داعش يمثل استمرارية لموجة (القاعدة) ولكن بخصائص جديدة، ذلك أن تنظيم القاعدة كان أكثر صبرا من (داعش) في التوسّع والعمليات». ويضيف «ومع أن التنظيمين لجآ إلى أساليب العنف المتطرف، فإن طاقات (داعش) الدعائية نقلت تلك الأساليب إلى العالم». خلال جلسة استضافها البرلمان البريطاني الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع «جمعية هنري جاكسون»، طرح إيفانز رؤية مجلس الأمن الدولي حول نشاط تنظيم داعش الإرهابي المتنامي في ظل تدفق المقاتلين الأجانب، والآلية التي يتوجب على الدول اتباعها لمحاربة هذا التنظيم ميدانيا وآيديولوجيا. وخلال الجلسة، حذّر إيفانز من أن التهديد الذي يشكله «داعش» بات تهديدا عالميا بعد احتكار هذا التنظيم الدموي «للإرهاب». كذلك حذر المنسّق الدولي من أن التوسع في شبكات تجنيد التنظيم يشكل أيضا عبئا عالميا، ليس بمقدور بعض الدول تحمله لقلة جهوزيتها وعوزها إلى آليات قانونية كفيلة بالتعامل مع التجنيد. وأكد المنسق إيفانز خلال الجلسة أن أخطار «داعش» في «تمدد أفقي وعمودي حول العالم». وبالأمس، في ظل ثلاث هجمات كانت مسارحها ثلاث قارات يوم الجمعة الماضي، ومع أن التنظيم تبنى رسميا عمليتين منها، نلفت الانتباه لتأثير التنظيم السلبي على مجريات النزاعات في الدول المنكوبة وغير المنكوبة. وفي سياق الحوار مع «الشرق الأوسط» أشار إيفانز إلى أن تهديدات «داعش» فعالة من خلال ثلاثة محاور، هي: أولا المنطقة الجغرافية التي يتمركز فيها وهي العراق وسوريا وليبيا عامة. وثانيا الشبكة التي كوّنها من خلال تجنيد الأجانب. وثالثا آيديولوجية التنظيم المسمومة، بحسب تعبيره. وهذه العوامل الثلاثة قد تكون السبب في تكوين بيئة عالمية حاضنة للتطرّف، ومروّجة لهجمات كالتي أدمت الشهر الفضيل. معاقل «داعش».. ومصادر تمويله بعد عام من إعلان «داعش» تأسيسه «دولة الخلافة»، تمكن التنظيم المتطرف من خوض حروب دامية في كل العراق وسوريا، ونفذ أعمال قتل وتخريب وفظائع متعددة. ووفق آخر بيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، أكدت المفوضية تزايد أعداد النازحين إلى أربعة أضعاف عام 2015 في مناطق النزاع، بعدما كان الرقم مليونا واحدا في العام الماضي. كذلك أوردت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن أكثر من 3 ملايين عراقي تركوا بلادهم منذ اندلاع أعمال العنف وتوغّل «داعش» في عدة مناطق من البلاد. وكما هو معروف، تشهد سوريا «سيناريو» مماثلا، فالأسبوع الماضي فقط أعلنت السلطات التركية أن أكثر من 23 ألف لاجئ سوري فروا من القتال الدائر في شمال البلاد، وعبروا الحدود إلى تركيا. وفي ليبيا، تشهد مدينة درنة، في شرق البلاد، اقتتالا مستعرا منذ مطلع الشهر الحالي بين «كتيبة شهداء أبو سليم» الموالية لتنظيم القاعدة، ومسلحي تنظيم داعش على خلفية خلاف جاء بعد انشقاق عناصر من «كتيبة أبو سليم» وإعلان مبايعتها لخلافة البغدادي، ومن ثم رفضها شرعية «المؤتمر الوطني العام» المنتهية ولايته. في حين يصر الجزء الآخر من «الكتيبة» على شرعيته بسبب الدعم المالي والعسكري الذي يتلقاه منه. وحتى الآن أسفرت الاشتباكات بين الفريقين عن مقتل العشرات. ولذلك يرى مراقبون أن «السيناريو السوري» بدأ ينتقل إلى ليبيا، فالقتال بين الفريقين وصدور فتاوى التكفير شبيهان إلى حد كبير بالقتال الدائر بين «جبهة النصرة» و«داعش» في سوريا. وحاليا يسيطر «داعش» بشكل نهائي على مدينة سرت وبات يدير مرافقها. كما تفيد مصادر محلية بأن التنظيم المتطرّف بات موجودا أيضا في قاعدة الجفرة بجنوب وسط البلاد، التي تعد هي الأخرى من كبريات القواعد العسكرية التي أنشأها القذافي في عهده، إذ تتوفر على مهبط جوي وعشرات مخازن الذخيرة. إلى ذلك، يقول إيفانز إن «ظهور (داعش) في ليبيا زاد من تنبّه الغرب إلى مدى خطورة التنظيم»، ويضيف أنه {كلفنا من قبل مجلس الأمن كفريق رصد بإصدار تقرير عن الوضع حول ليبيا في سبتمبر (أيلول) المقبل وتقديمه للمجلس». والواقع أنه مع تزايد أعداد النازحين واللاجئين جراء إرهاب التنظيم وتوغّله على الأرض وظهوره في ليبيا أخيرا، سألنا إيفانز عما إذا كانت الحرب العسكرية على «داعش» فعّالة بعد نحو عشرة شهور من اندلاعها، وحول مدى فائدة ضربات التحالف بقيادة الولايات المتحدة على معاقل التنظيم في سوريا والعراق، فأجاب بالنيابة عن فريق رصد النشاطات الإرهابية لدى مجلس الأمن بأن الفريق «لم يأخذ موقفا حول العمليات العسكرية لأن هذا لا يقع تحت كنفه». لكنه يستطرد في تقييمه موضحا أن «الضربات ركّزت على استهداف مصافي النفط التي تقبع تحت سيطرة (داعش)، مما أسهم في تجفيف موارد التنظيم المالية التي يكسبها من إيرادات النفط». وحسب معلومات تلقاها خبير الجماعات المتطرفة، فقد أمكن إضعاف طاقات «داعش» في مجال تكرير النفط بالمقارنة مع صيف العام الماضي. ويشير هذا إلى أن النفط الخام متوافر لدى التنظيم لكنه يفتقر لموارد تكرير كافية في المعاقل التي يسيطر عليها في كل من سوريا والعراق، لإنتاج نفط مكرّر. وهنا يذكر أنه في فبراير (شباط) المنصرم، صوّت مجلس الأمن الدولي بالإجماع، وتحت الفصل السابع، على القرار 2199 الذي ينص على تجفيف منابع تمويل الإرهاب وتشديد الرقابة على المناطق الخاضعة لسيطرة الإرهابيين ومحاصرة مصادر تمويل تنظيمي داعش وجبهة النصرة. كذلك شمل القرار منع الاتجار بالنفط والآثار السورية والعراقية مع المنظمات الإرهابية. وشدّد القرار، الذي صدر بعد توصيات من فريق الرصد الذي يشارك فيه إيفانز سلمت لمجلس الأمن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على التزام الدول بأن تكفل عدم إتاحة أي أموال أو أصول مالية أو موارد اقتصادية لصالح تنظيم داعش الإرهابي والجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة. إلى ذلك، يكشف إيفانز أن فريق الرصد «سيبدأ الأسبوع المقبل بالعمل على تقييم فعالية القرار ومدى تأثيره على موارد التنظيمين وذلك لإصدار تقرير في يوليو (تموز) 2015». ومع أن نظام الحظر والعقوبات أداة مفيدة لإضعاف التنظيم المتطرف، فإنه لن يكون فعالا في القضاء عليه أحاديا. وهنا يقول إيفانز شارحا إنه «على الدول الأكثر تضررا من وجود التنظيم مسؤولية تشكيل رد مناسب للتعامل معه لأنها أكثر وعيا بالمشكلة». غير أنه من ناحية ثانية، ينوه بأن الغرب بات على وعي أكبر إزاء تهديدات التنظيم لسبب ثنائي هو «توسع تحركات التنظيم في كل من العراق وسوريا.. تزامنا مع زيادة تدفق المقاتلين الأجانب إلى هناك». وحسب الخبير الأممي، فإن هذين المعطيين هما السبب وراء حشد المجتمع الدولي في صف واحد تجاه مخاطر التنظيم. 25 ألف مجند أجنبي لقد أصدر مجلس الأمن الدولي لدى الأمم المتحدة، أخيرا، تقريرا يكشف أن أعداد المقاتلين الأجانب الملتحقين بجماعات متطرفة قد تعدت 25 ألف مجند من أكثر من 100 دولة، وأغلب هؤلاء ينتمون إلى «داعش». أيضا أشار التقرير إلى أن عدد المقاتلين قد ارتفع بنسبة أكثر من 70 في المائة من جميع أنحاء العالم خلال الأشهر التسعة الماضية، مما يشكل تهديدا إرهابيا فوريا وعلى المدى الطويل. ويعدّ هذا التقرير هو الأول من نوعه الذي تطرح فيه الأمم المتحدة وجهة نظر عالمية حول مشكلة المقاتلين الأجانب، حيث أشارت الأمم المتحدة إلى أن معدل تدفق المقاتلين يعدّ راهنا أكبر منه في أي وقت مضى، لا سيما الذين يتدفقون إلى سوريا والعراق، مع تفاقم الأزمة الواضح أيضا في ليبيا. وهنا يبرز خطر ذهاب وعودة المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم والتهديدات التي يشكلونها على الأمن الوطني جراء ذلك، إذ تشير الإحصائيات إلى أنه من بين كل تسعة مجندين عائدين، هناك احتمالية أن ينفذ واحد منهم أو أن يحاول تنفيذ عملية إرهابية في بلده الأصلي أو في بلد آخر، وهذا ما يدفع الحكومات حول العالم لتشديد الاحترازات الأمنية تحسبا لأي هجمات متطرفة. على صعيد آخر، أعلن الأمين العام لمنظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) يورغن شتوك، في مدينة برشلونة الإسبانية مطلع الشهر الحالي، أن «الإنتربول» حدّد هويات أكثر من أربعة آلاف مقاتل أجنبي انضموا إلى الجماعات المتطرفة في مناطق النزاع، خصوصا في العراق وسوريا. ويأتي هذا الإعلان بغية تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب على الصعيد الدولي. ولمكافحة ظاهرة المقاتلين الأجانب، دعا شتوك الدول إلى تقاسم وتشارك أفضل لمعلوماتها وإلى تسهيل وصول السلطات الدولية إليها. وهنا يوضح المنسق الدولي إيفانز آلية مقترحات التعاون من خلال قاعدة بيانات «الإنتربول» بقوله «نعتقد أن هذه أداة ثمينة، فبيانات الإنتربول من الممكن مشاركتها مع جميع الدول». ويضيف قائلا «تظهر أهمية هذه البيانات عند تفتيش الناس في المطارات وفحص جوازات سفرهم؛ ففي أي مطار في العالم ستتاح خاصية مقارنة معلومات الجواز مقابل قاعدة بيانات الإنتربول». ويستطرد «وعندها يظهر فورا اسم أي شخص على لائحة المتطرفين أو المشتبهين بالإرهاب». أيضا، يؤكد المنسق الدولي أهمية النظام المطروح «في تعقب أي محاولات تجنيد وسفر مقاتلين»، لأنها حسب كلامه «أداة لمشاركة معلومات عن شخوص يجب حظرهم عن السفر أو تعقبهم خلال سفرهم». ومع ارتفاع تدفق المقاتلين الأجانب خلال الأشهر الـ18 الأخيرة، يشير إيفانز إلى «زيادة في النشاط الاحترازي للتعرف على المقاتلين الأجانب واعتراض طريقهم ومنعهم من الالتحاق بالتنظيم قبل سفرهم، أو خلال رحلتهم إلى هناك أو حتى بعد وصولهم. لكن الصعوبة تكمن في التنسيق الدولي إلى الآن». وحول هذا الأمر يضيف «إننا نشهد توترا بين الدول حول تحديد الحد الكافي لجمع بيانات الأشخاص». من جهة ثانية، يشير مراقبون إلى أن أعداد المجندين الأجانب في نمو متضاعف، ومع أن قاعدة بيانات «الإنتربول» تحتوي على نحو ربع المشتبهين، فإن مراقبة الحدود البرية تظلّ تحدّيا أكثر صعوبة من تعقب الحدود الجوية. وهنا تقع المسؤولية على عاتقي المجتمعين العربي والغربي، إذ يشرح إيفانز مفصلا أن «أغلب ضحايا هجمات الجماعات المتطرفة هم مسلمون أو عرب وليسوا أوروبيين أو أميركيين»، متابعا أن «هناك وعيا عالميا حول الخطر الذي يشكله المقاتلون الأجانب العائدون اليوم أكثر من قبل سنتين، ويوجد اليوم تزايد في تبادل المعلومات المنتظمة حول تلك التهديدات، لكن ما زال ثمة مجال لفعل المزيد». في المقابل، يشير المنسق الدولي إلى ما يصفه بـ«أهم معضلة يواجهها العالم في الحرب على التنظيمات الإرهابية» فيقول «ليس ثمة إجماع دولي حول آلية التعامل أو مخاطبة تلك التهديدات». وفي ذلك السياق قد نعتبر «داعش» استمرارية للموجة المتطرفة التي بدأها تنظيم القاعدة سابقا واحتكرها الأول بماكينة دعائية مواكبة للعصر تحمل آيديولوجية سامة. آيديولوجية التنظيم السامة يعد تنظيم داعش هو أحدث تطور لموجة الحركات المتطرفة، ويوجد العديد من الأسباب وراء نمو هذا التنظيم بالتحديد، ولكن لفهمها لا بد من العودة إلى تاريخ الحركات المتطرفة التي نشأت قبله. وخلال جلسة البرلمان البريطاني قال إيفانز «مَن نبذته (القاعدة) التجأ إلى (داعش).. إن تنظيم القاعدة ما زال قويا على الأرض وتقع تحت مظلته جماعة طالبان في باكستان، وحركة الشباب في الصومال، وفرع (القاعدة) في اليمن. لكن التنظيم تقليدي بأسلوبه، لا يواكب (موضة داعش) الدعائية، إذ إن فارق الأجيال بين (القاعدة) و(داعش) أحد الفوارق بينهما. ففي حين يلجأ تنظيم القاعدة إلى تسجيلات على نمط بث قناة رسمية حكومية، يبتكر (داعش) بإصداراته السينمائية ودعايته الإلكترونية أساليب تفاعلية للوصول لـ(جمهوره) بعيدا عن الخطاب الرسمي الجامد، معتمدا اللكنات المختلفة والمصطلحات العامية». ويضع هذا الواقع تحديا أمام الحكومات لإعداد خطاب يقابل حنكة خطاب التنظيم بلغة يفهمها «الجمهور». ومع أن هذه الظاهرة ليست جديدة، كما أن آيديولوجية التطرف أقدم من التنظيم نفسه، فإن ما اختلف اليوم هو حجم التهديد الذي بات يشكله «داعش». في هذا السياق يقول إيفانز «يؤكد التحاق أكثر من 25 ألف مقاتل أجنبي بالتنظيم من أكثر من مائة دولة حول العالم، حقيقة تفاقم خطر (داعش)، وكون هذا الخطر قد غدا أفقيا وعموديا.. لتطال آيديولوجيته السامة المتطرفة كما هائلا من الناس». وهنا نشير إلى يوم الجمعة المنصرم المؤلم عالميا، إذ ضرب الإرهاب ثلاث مدن في الكويت وتونس وفرنسا موزعة على ثلاث قارات حول العالم، حيث تعرضت لهجمات دامية خلّفت عشرات القتلى والجرحى. وكما هو معروف استهدفت تلك الهجمات منتجعا سياحيا في مدينة سوسة التونسية، ومسجدا في مدينة الكويت، ومصنعا للغاز بمنطقة الإيزير قرب مدينة ليون في فرنسا. وكذلك أسفرت الهجمات الإرهابية عن خسائر فادحة. التحقيقات الأولية أشارت إلى أن منفذ هجوم فرنسا كان خضع للمراقبة الأمنية لمدة سنتين، كما اتضح أن أحد منفذي الهجوم في تونس طالب بلا سوابق. ووصل عدد الضحايا في تفجير مسجد الإمام الصادق بمنطقة الصوابر في الكويت إلى 26 قتيلا على الأقل وأصيب 202 آخرون، في الهجوم الذي وقع في ثاني جمعة من رمضان. وقال شهود عيان إن الانتحاري دخل المسجد أثناء الركعة الثانية، وأطلق تكبيرات قبل أن يفجر نفسه وسط المصلين. وفي تونس قتل 37 شخصا على الأقل في هجوم استهدف فندقين بمدينة سوسة. وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجومين. هذه الأحداث الأخيرة تثير مخاوف جديدة حول انتشار تأثير الفكر المتطرف والآيديولوجيات الإرهابية المسمومة التي يحركها «داعش». وحول هذه الزاوية يؤكد إيفانز - وهو في الأصل خبير رصد الجماعات الإرهابية وموظف حكومي بريطاني - أن خطر «داعش» يكمن في لا مبالاته بتنديدات «الأمة» ووحدتها على خلاف منهجية «القاعدة». ففي حين يعتبر زعماء «القاعدة» أنهم يحاربون ضد الغرب، يحارب «داعش» ضد الجميع، العرب والغرب.. المسلمين وغير المسلمين.. على حد سواء. لذلك، يقول إيفانز «ما يعتبره (داعش) جهادا في عقيدته هو في الحقيقة نشر للفساد». وهو ينبه إلى أن التوسع في شبكات تجنيد التنظيم، جغرافيا وإلكترونيا، من خلال دعاياته لنشر آيديولوجية سامة، يشكل عبئا عالميا، ليس بمقدور بعض الدول تحمله لقلة جهوزيتها وعوزها لآليات قانونية للتعامل مع التجنيد. وهنا يشدد إيفانز على أنه «يجب علينا أن نعي أن سموم ماكينة (داعش) الدعائية الإلكترونية السامة لا تقتصر فحسب على المقاطع الدموية، بل تشمل أيضا مقاطع الفيديو التعليمية حول كيفية صنع القنابل.. إن وجود مقاطع مماثلة على الشبكة العنكبوتية أمر ليس مقبولا، لكن شبكة الإنترنت توفر مساحة شاسعة، من الصعب التوصل لإجماع دولي حول التعامل معها». ويتابع «وفي محاولة للتصدي لهذه المخاطر يجري تشكيل فريق شرطة أوروبي جديد يتعقب ويحجب حسابات مواقع التواصل الاجتماعي التي لها علاقة بالتنظيم. ويهدف عمل الفريق بدأب إلى إغلاق الحسابات الجديدة بعد ساعات من إنشائها، بحسب مصادر مقربة من فريق الشرطة الأوروبي». ويستهدف الفريق الأمني الأوروبي العثور على عناصر أساسية في حملة نشرت مائة ألف تغريدة على موقع «تويتر» ولها علاقة بجماعة إرهابية سعيا إلى تجنيد مقاتلين أجانب. ومن المقرر أن تبدأ الوحدة الجديدة عملها بعمل مسح للإنترنت من أجل محاصرة شخصيات قيادية مسؤولة عن الحملة الدعائية الخاصة بتنظيم «داعش» على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي استعان بها التنظيم من أجل تجنيد مقاتلين أجانب، وسيدات يسعين إلى السفر إلى سوريا. وسيسعى هذا الفريق، المكوّن من قوات الشرطة، إلى تتبع الشخصيات الرئيسية المسؤولة عن نشر ما يقدر بنحو مائة ألف تغريدة على موقع «تويتر» يوميًا من حسابات يتراوح عددها بين 45 و50 ألفا يعتقد أنها ذات صلة بتنظيم داعش الذي يسيطر على أجزاء من العراق وسوريا. ويضم فريق الخبراء أفرادا يتكلمون العربية ولغات أخرى لمتابعة عشرات الآلاف من تغريدات المتطرفين. وتشير أحدث المعلومات إلى أن معظم عمليات التجنيد تبدأ على منابر التواصل الاجتماعي. وبعد سنة من ظهور أكثر التنظيمات المتطرفة دموية، وبعد جهود عسكرية وإلكترونية واحترازية للقضاء عليه، نرى أنه ما زال موجودا ومسؤولا عن رفع راية التطرف، ولكن في المقابل، أصبح العالم يعي أخطار «داعش» في الميدان وفي التجنيد. وثمة شيء آخر غاية في الأهمية هو أنه مع أن الدول تحارب «داعش» إعلاميا وعسكريا، تظل المعركة المهملة نسبيا - مع أنها الأهم - معركة للقضاء على آيديولوجية التطرف التي كانت موجودة قبل ولادته، وقد تستمر حتى بعد اختفاء التنظيم.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/394866/مخاوف-الموحّدين-الدروز-في-سوريا-تضعهم-في-حالتي-انقسام-وترقّب
2015-07-21 02:59:30
مخاوف الموحّدين الدروز في سوريا تضعهم في حالتي انقسام وترقّب
بيروت: منى علمي
أثارت المذبحة التي ذهب ضحيتها أكثر من 20 قرويًا من الموحِّدين الدروز في شمال محافظة إدلب، بأقصى شمال غربي سوريا، على يد أحد القادة الميدانيين في «جبهة النصرة» ونفر من أتباعه، مخاوف من وقوع مزيد من أعمال القتل المشابهة تستهدف الأقلية الدرزية السورية. ووفق مراقبين جيّدي الاطلاع، أدى تسارع وتيرة الأحداث إلى إثارة جو من التوتر حتى داخل طائفة الموحِّدين الدروز أنفسهم. علما بأنه منذ بداية الأحداث في سوريا حاولت الطائفة أن تنأى بنفسها عن التشنّج الطائفي الذي تحوّل بمرور الوقت، ووفق مخطّط النظام، إلى مواجهات تخوضها قوى وميليشيات طائفية. ومن ثَم، وجد الموحِّدون الدروز أنفسهم على نحو متزايد ما بين مطرقة نظام يزعم أنه «مدافع عن الأقليات» وسندان الثوار الذين أخذت تبرز في صفوفهم جماعات راديكالية مثل «جبهة النصرة» وغيرها، بينما اقتطع تنظيم داعش لنفسه أجزاء واسعة من البلاد. في مطلع يونيو (حزيران) الحالي سمعت أصوات إطلاق النار في قرية قلب لوزة، بجبل السُّمّاق (أو الجبل الأعلى) في أقصى شمال محافظة إدلب السورية. وكان وراء هذه الاشتباكات محاولة أحد أعضاء «جبهة النصرة» مصادرة منزل قروي درزي متهم بولائه لنظام بشار الأسد. وبعدها اضطرت المعارضة السورية لوقف هجومها المُعدّ لتحرير مطار الثعلة العسكري، بمحافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية في جنوب البلاد، درءًا للتفاعلات الطائفية بعدما حدث في ريف إدلب. وفي الأسبوع الماضي، ادّعت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية أن مقاتلي المعارضة السورية، بمن فيهم «جبهة النصرة»، هاجموا قرية حَضَر الدرزية في الجزء السوري - غير المحتلّ إسرائيليًا - من هضبة الجولان حيث يعيش نحو 25 ألف درزي. أحداث الأسابيع الأخيرة وضعت الموحِّدين الدروز السوريين، رغمًا عنهم، في بؤرة الأحداث. الوزير أكرم شُهيّب، وهو عضو في الحزب التقدّمي الاشتراكي، الفصيل السياسي الرئيسي للدروز في لبنان، شرح لـ«الشرق الأوسط» الوضع قائلاً بأنه يعيش نحو 500 ألف من الموحِّدين في سوريا، ويقطن الجزء الأكبر منهم في محافظة السويداء التي تغطّي الجزء الجَبلي من حوران الطبيعية، متاخمة سهل حوران الذي تغطيه محافظة درعا المجاورة، كذلك تعيش مجموعات صغيرة من الموحّدين الدروز في مناطق أخرى من جنوب سوريا أبرزها منطقة إقليم البلان (الجولان)، وضواحي دمشق الجنوبية والجنوبية الغربية، هذا بالإضافة إلى الوجود الدرزي في محافظة إدلب بشمال سوريا. وتابع الوزير شُهيّب أن الموحِّدين الدروز جماعة عرقية عربية تنتشر في لبنان وسوريا وإسرائيل والأردن. وفي حين يعلِّق جَبر الشوفي، العضو القيادي في المعارضة السورية، في حديث مع «الشرق الأوسط» على مذبحة إدلب التي تُعد الحادثة الأولى من نوعها التي تلحق بالدروز منذ بداية الصراع السوري، بالقول: «إن ما حدث في ريف إدلب عدوان صارخ يعبر عن عنف (جبهة النصرة) وممارسات واعتقادات معينة تعود إلى الماضي»، شدّد شُهيّب على أن «حادثة قلب لوزة حادثة فردية أخذت طابعًا عنيفًا، علما بأن دروز جبل السُّمَّاق انضموا منذ اليوم الأول إلى الثوار وانسجموا مع جيرانهم». ويعتقد الكثير من الموحِّدين الدروز في لبنان أن النظام استغلّ التوتّرات الطائفية ليعزّز من مخاوف الطائفة ويبتزّها لكي تبقى إلى جانبه. فتاريخيًا، اعتمد النظام سياسة القضاء على العائلات السياسية كما على العمل الحزبي والسياسي، كذلك كان للنظام تأثير كبير على مشايخ العقل الثلاث لدى الطائفة - كحال علاقته بالقيادات الدينية المُسلمة والمسيحية في سوريا - ومن ثم حاول جرّ أهل السويداء إلى أزمة مع محيطهم. وفي هذا الصّدد يقول شُهيّب: «لدينا عتَب على البعض من إخواننا في جبل العرب (السويداء) لأن حاضرهم لا يبدي صورة حقيقية عن ماضيهم الذي كان مشرفًا وتميّز بالتعاون ما بين سهل درعا وأهل جبل العرب». أما جبر الشوفي، فيشير إلى أن النظام بدأ يستخدم بطاقة «داعش» لصالحه، معتبرًا أنه «يمكن للسويداء أن تتعرّض للخطر من مقاتلي «داعش» أو سِواهم؛ إذ سبق للنظام أن سهّل وصول «داعش» إلى تدمر نظرًا لأهمية المدينة التي تحتوي على آثار كثيرة، ليتمكن بالتالي من أن يطرح نفسه محاربًا للإرهاب. وللعلم، لا تبعد تدمر إلا ساعتين فقط عن السويداء وجنوب سوريا التي تقع تحت سيطرة الثوار. إن التخوّف من «داعش»، وكذلك الأحداث الأخيرة مع «جبهة النصرة»، التي استنكرت في الواقع حادثة قلب لوزة وتعهّدت بمعاقبة من تسبب بها، فضلاً عن سَعي النظام إلى إظهار نفسه حاميًا للأقليات، عوامل تركت الدروز في سوريا في حالة انقسام كبير. فالكثير منهم يعتبر أن الخيار الأضمن يتمثل في حماية مناطقهم عسكريًا مع محاولة الإحجام عن الدخول في الصراع قدر الإمكان. وفي حين تدخّل بعض الدروز في معركة مطار الثعلة بجانب حامية النظام، رفض آلاف منهم (نحو 28 ألفا) الانضمام إلى صفوف الجيش. وفي هذا الصدد يشير الشوفي إلى «أن أكثرية الشباب الدرزي لا تريد الانخراط في هذه الحرب وتفضل البقاء على الحياد». كذلك يرى شُهيّب أن موقف دروز سوريا «تطوّر من داعم للنظام إلى التوقف عن الالتحاق بالجيش، فنحو 4 آلاف درزي كانوا يلتحقون بالجيش سنويًا، وذلك توقف لأن إيمانهم بالدولة تزعزع، فضلاً عن إيوائهم أعدادا كبيرة من جيرانهم من درعا ومحيط دمشق، وهو ما أدى إلى تغيير موقفهم من دعم نظام الأسد إلى النأي بالنفس». وبالتالي، فإن الموحِّدين الدروز هم اليوم في وضع انتظار وترقب، وخوفا من وقوع مزيد من الأحداث، أرسل وليد جنبلاط، زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، مبعوثين إلى كل من الأردن وتركيا محاولا الحصول على ضمانات. وهنا يعتبر الوزير شهيب أن «الدول المجاورة تلعب دورًا أساسيًا في إعطاء هذه الضمانات من خلال الواقع الجغرافي والسياسي. ولقد سعينا إلى تأكيد هذه العلاقة (الحسنة)، لكن الضمانة الرئيسية تبقى العلاقة بين الموحِّدين الدروز وجيرانهم، ولو أن تدخل الدول الأخرى سيساعد بالتأكيد. نحن مع الشعب السوري، والاتصالات تلعب دورًا أساسيًا في تذليل العقبات، لكن الضمانات لا تأتي فقط من الخارج؛ لأن الضمانة الأساسية هي العلاقة الجيدة التي يجب أن تكون وتبقى بين الدروز وجيرانهم. الدروز جزء من النسيج السوري الذي يعاني من نظام لم يترك وسيلة لم يمارسها، وللتذكير فإن الثورة بدأت سلمية». ويضيف الوزير اللبناني أن التواصل مستمر في الداخل السوري مع كل من له تأثير على الأحداث الحالية مثل «الجيش السوري الحر» في الجبهة الجنوبية (محافظات درعا والسويداء والقنيطرة وريف دمشق)، وكذلك مع «جبهة النصرة» من خلال «الائتلاف الوطني السوري» أو بعض القيادات السورية الموجودة في الخارج، مؤكدًا أيضا «أن التواصل دائم مع تركيا التي بسبب موقعها الجغرافي والسياسي لها تأثير كبير على مجرى الأحداث». وحول البحث الإسرائيلي في منطقة عازلة للدروز في جنوب سوريا، قال شُهيّب أن «المشكلات مع النظام كافية من دون تدخل إسرائيلي، فالنظام وإسرائيل يريدان تفتيت سوريا». ومن ناحية ثانية، نفى وجود أي مخطط لإخراج دروز إدلب من منطقتهم إلى تركيا المجاورة، مؤكدا أن ارتباط الدروز بأرضهم وثيق «ففي الجليل ارتبطنا بأرضنا، وفي لبنان ارتبطنا بأرضنا، كما سنرتبط بأرضنا في سوريا». واختتم كلامه بالقول: «في الوقت الذي نجد فيه الاصطفافات الشعبية اليوم في أوجها، يبقى أن الحل السياسي في النهاية هو الذي سينتصر. كذلك سينتصر الشعب السوري، ونحن مع التوصل إلى تسوية سياسية؛ لأننا نؤمن بأنه من غير الممكن لأي فئة أن تنتصر على فئة أخرى؛ لأن ذلك سيؤدي إلى التقسيم. نحن نحبذ اليوم انخراط الموحِّدين الدروز مع جيرانهم لأخذ النظام إلى الزوال». وحقًا، يؤيد معظم الموحِّدين الدروز الذين تحدثت معهم «الشرق الأوسط» موقف شُهيّب هذا، معتبرين أنه لو كانت حادثة قلب لوزة حادثة مقلقة، فسيبقى الدروز في أرضهم معتبرين أن الميزة الديموغرافية لديهم يعززها انتشار السلاح في الجبل، كما أن علاقاتهم الجيدة مع بعض فصائل المعارضة ستحول دون وقوع مجازر أخرى في منطقتهم.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/394861/ثمة-سبب-وراء-خسارة-الولايات-المتحدة-الحرب-الدعائية-ضد-«داعش»
2015-07-21 02:59:32
ثمة سبب وراء خسارة الولايات المتحدة الحرب الدعائية ضد «داعش»
واشنطن: آرون ديفيد ميلر
إذا كنت لم تشاهد لقاء السفير السابق ألبرتو فرنانديز مع قناة «سي بي إس» التلفزيونية الأميركية في ضيافة المذيعة مارغريت برينان، فعليك تمضية بضع دقائق لمشاهدته. لقد كان السفير فرنانديز، كما تتذكرون، يشغل منصب المنسّق لمركز الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب لدى إدارة الرئيس باراك أوباما في عام 2012. وكان مركز الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب قد أسس عام 2010 من أجل «تنسيق» نشاطات الاتصالات العامة وتوجيهها وتعميمها على نطاق الحكومة، وناحية الجماهير خارج البلاد، ويستهدف تحديدًا حاملي الفكر المتطرف العنيف والتنظيمات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وأذرعها ومعتنقي هذا الفكر. تقاعد فرنانديز من وزارة الخارجية الأميركية في أبريل (نيسان) الماضي وحل محله منذ ذلك الحين رشاد حسين، الذي كان يشغل منصب المبعوث الأميركي الخاص إلى منظمة التعاون الإسلامي. وبالإضافة إلى وظيفة فرنانديز القديمة في وزارة الخارجية، سيشغل حسين منصبًا أكبر هو «مبعوث الولايات المتحدة الخاص ومنسق الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب». كذلك، ووفقا للبيان الصحافي، فسوف «يقود فريقا من العاملين القادمين من عدد من الوزارات والوكالات الأميركية لتوسيع التفاعل والشراكة الدولية لمواجهة التطرف العنيف وتطوير الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب حول العالم». أما السبب الحقيقي وراء مغادرة فرنانديز منصبه، فيشوبه غموض كبير. ولربما كان قد حان الوقت لتقاعده. غير أنه أيضا مسؤول الخدمة الخارجية المخضرم وصاحب التاريخ الطويل من بسط الحقائق المجرّدة أمام أصحاب السلطة. وكان في عام 2006، قد أعرب عن رأيه خلال إحدى المقابلات بأن الولايات المتحدة كشفت عن «صلف وغطرسة شديدين» في العراق، وهي التعليقات التي سرعان ما نالها التصحيح من قبل أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية الذي أوضح أن تلك التعليقات لا تعكس أو تعبر عن سياسة الإدارة. (وأصدر فرنانديز لاحقًا ما وصفته صحيفة الـ«غارديان» بأنه اعتذار «مقتضب»). وكما هي الحال مع شاكلة تلك القصص، «لماذا يغادر وزارة الخارجية فعلاً؟»، فهناك في المعتاد (ودائما) جانب آخر للقصة. وفي مكان ما على طول تلك القصص وعرضها، هناك معارك للنفوذ والسيطرة والصراعات الشخصية. ولكن بكل وضوح، فشلت استراتيجية وسائل الإعلام الاجتماعية ضد تنظيم «داعش». وليس بالأمر الجيد أن ينال أحد الفيديوهات المضادة لـ«داعش» كثيرا من السخرية والنقد اللاذع في وسائل الإعلام الوطنية الأميركية، كما كان نصيب ذلك الفيديو من السخرية على لسان جون أوليفر. ثم إنه ربما كان البيت الأبيض يسعى لزعزعة الأمور من أجل تعزيز سلطاته على جهود وسائل الإعلام الاجتماعية في مختلف أرجاء الحكومة. ومن بين وظائف أخرى، فإن حسين كان يشغل في السابق منصب نائب مساعد المستشار القانوني للرئيس، وعمل في مجلس الأمن القومي كذلك. ولكن، استنادًا إلى مقابلة التقاعد الشخصية مع فرنانديز على شبكة «سي بي إس» التلفزيونية، فإن عمل الحكومة كان مجتزأ وغير كامل. وخلالها سخر واستهزأ فرنانديز بالاقتصاد الأميركي، كما قدح في الحكومة بمزاح لاذع؛ حيث قال لبرينان: «ليس الأمر بأن تنظيم داعش عظيم للغاية» مستخدما الاسم المختصر للتنظيم الإرهابي؛ «بل إن الاستجابة كانت محدودة وضعيفة على حد سواء». وتابع: «هناك أسطورة منتشرة في واشنطن مفادها أنك بطريقة أو بأخرى إذا وضعت سحر وسائل الإعلام الاجتماعية أو غبار الدبلوماسية العامة على مشكلة ما، فستتلاشى سريعًا». في أي حال، كان أفضل ما جاء في مقابلة فرنانديز إجابته عن سؤال طرحته برينان حول ما إذا كانت إدارة الرئيس أوباما تنتهج سياسة «الإهمال الحميد» إزاء تنظيم «داعش»، تحت افتراض أن الإدارة كانت بطيئة في إدراك صعود التنظيم الإرهابي وكانت أبطأ كثيرا في الاستجابة واتخاذ رد الفعل. كان رد فرنانديز موجزا ولاذعًا: «لقد كانت سياسة الإهمال الخبيث». هل ستؤدي التغييرات في الوجوه والعمليات، إذن، إلى تحسين جهود الولايات المتحدة في مكافحة جهود الإعلام الاجتماعي لتنظيم «داعش»؟ جاءت إحدى المراجعات الداخلية لدى وزارة الخارجية الأميركية، التي أشرف عليها ريتشارد ستنغل، وكيل الوزارة للشؤون العامة، شديدة في انتقادها للجهود الأميركية المبذولة في هذا المضمار. ووفقا لاستعراض مذكرة ستنغل، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقول إن اللافت للنظر في تقديرات ستنغل أن «الخطاب العنيف لتنظيم داعش، والمعزّز من خلال آلاف الرسائل اليومية، قد (فاق)، وعلى نحو فعال، الجهود المبذولة من قبل بعض من أغنى وأكثر دول العالم تقدمًا وتقنية». لا يبدو ستنغل من نوعية الرجال الذين يخلون الميدان ويتوجهون إلى منازلهم؛ ففي فبراير (شباط)، صرح لـ«نيويورك تايمز» بأن «داعش» لا يُقارن بموقع «باز - فيد»، وليس ممن لا يمكن قهره على وسائل الإعلام الاجتماعية. وما من شك أنه قد طال انتظار تلك التقديرات لزعزعة مواقفهم. في واقع الأمر، ربما من شأن المسار المنسق والمتكامل الذي يضم السفارات الأميركية في الخارج مع وزارة الدفاع والحلفاء الإقليميين للولايات المتحدة، أن يساعد في زيادة كمية تحسين جودة الرسائل الموجهة لمكافحة تنظيم «داعش» في المنطقة. وبكل تأكيد أنا لست من رجال التقنية الأوائل، أو أملك سلطة مؤثرة على وسائل الإعلام الاجتماعية، حتى إنني أستخدم هاتفًا عاديا حتى هذه اللحظة. ولكن من أجل مواصلة تلك الحرب ضد «داعش»، ذلك الكيان الذي يجمع الممارسات والأدبيات العائدة للقرن الثامن الميلادي مع تقنيات القرن الحادي والعشرين - بصرف النظر عن الانتصار في تلك الحرب - فإن الأمر طويل وممتد. وإليكم الأسباب. النجاح الغبي إن أكثر الآيديولوجيات أهمية في الحياة ليست القومية، أو الرأسمالية، أو حتى الديمقراطية.. إنه النجاح. وذلك لأن النجاح يجلب معه القوة والسطوة والمصداقية الشعبية إلى جانب المتعاطفين. و«داعش» ليس تنظيم «القاعدة» المختبئ في الظل، بعيدًا عنا، يخطط في سرية لشن الهجمات الإرهابية هنا وهناك.. إنه شيء آخر: كيان متطوّر ومتعدّد الأوجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والإرهابية، بجانب قدرته على السيطرة علانية على الأراضي في الواقع وعلى الفضاء الإلكتروني، بينما يسعى فيه بكل انتهازية وخبث - مثل الجرثومة الخبيثة - للسيطرة على مواقع وعوائل جديدة. إن إلحاق الهزيمة بـ«داعش» يستلزم إظهار أن توسعه وتمدّده بلغا حدوده الطبيعية. وفي هذا الاتجاه كتب غرايم وود في مقالته الرائعة على صفحات مجلة «ذي أتلانتيك» بعنوان: «ما الذي يريده (داعش) حقا؟» قائلاً: «إذا ما جرى احتواء هذا التنظيم بشكل مناسب، فإنه سيبدأ في التفكك ذاتيًا». إلا أن هذا يعني وقف توسع التنظيم بصورة رئيسية في العراق، بحيث يمكن احتواء تمدّده في سوريا، ثم إيجاد طريقة لضمان وقف تمتعه بالحكم الذاتي، ووقف توفير الحرية والأمل الذي يعد بهما عناصره ومؤيديه. لابد من تقويض هالة النجاح التي يتيه بها التنظيم، وتحويله إلى مجرد مجهود فاشل آخر عاجز عن الوفاء بوعوده. ومن دون إظهار فشل التنظيم الأصلي أو إقناع تركيا بإغلاق حدودها مع سوريا فعليًا، فمن الصعوبة بمكان أن نرى كيف يمكن وقف عبور ألف مجنّد جديد ينضمون إلى صفوف التنظيم الإرهابي كل شهر. ما الخطاب المضاد؟ كما أشار فرنانديز إلى ذلك في مقابلته، يمكن أن يكون «داعش»، من حيث هو تنظيم، تنظيمًا عُصابيًا، إلا أن هذا لا يعني أن يعاني كل أفراد التنظيم من العلة العصبية نفسها. وهذا الكلام أورده ليس من قبيل السخرية، أو الصحوة، أو الواقع المرير الذي يحاول التنظيم الترويج له، وإنما هو الأمل والهوية، فضلا عن تحقيق الذات اجتماعيًا ودينيًا. هذا هو السبب الفعلي للفاعلية العالية لجهود حشد المؤيدين للتنظيم. وفي الواقع، فإن المنضمين إلى صفوف هذا التنظيم الإرهابي يحاولون العثور على سبيل ما، أو إجابة الدعوة لشيء ما، أو تصحيح ما يتصورونه خطأ، أو تحقيق شيء ذي أهمية في حياتهم، كما قال جون هورغان، مدير «مركز الدراسات الأمنية والإرهاب» في جامعة ماساتشوستس - لوويل، في حديثه لسيمون كوتي من مجلة «ذي أتلانتيك». والحقيقة تفيد أنه بالنسبة لكل الرسائل السلبية الذكية لمكافحة «داعش»، فإن الولايات المتحدة تفتقر إلى الخطاب المضاد الفعّال، وهي بالفعل تفتقر إلى الخطاب الذي يبدأ في منافسة الصدى العاطفي وقوة التأثير الإلكتروني الفظيع لعمليات قطع الرؤوس أو النداءات المثيرة للحماسة على غرار «تعالَ وكنْ جزءًا من المجتمع الذي يمنحك الهدف والاتجاه». * مجلة «فورين بوليسي»
aawsat
http://aawsat.com/home/article/389321/الحجة-ونقيضها-أخطاء-متطرفة-في-مواجهة-التطرف
2015-07-21 02:59:33
الحجة ونقيضها.. أخطاء متطرفة في مواجهة التطرف
دبي: د. هاني نسيرة
لم يدعُ رأسمالي في الحقبة المكارثية في الولايات المتحدة لحرق كتب ماركس، كما لم يدعُ أعداء النيتشوية لحرق كتب نيتشه وفيها ما فيها مما أرهص بالحقبة النازية. كما لم يحض تنويري غربي في عصر الأنوار منذ سبينوزا (توفي عام 1677م) في «اللاهوت والسياسة» أو في كتابه «الأخلاق» إلى كانط (توفي عام 1804م) إلى حرق النصوص، بل كانوا من المؤمنين بإمكانية إصلاح الميتافيزيقا (أيا كانت)، عبر تطبيق نظرية المعرفة عليها. هذا فضلا عن أن خطاب مكافحة التطرف الطارئ دائما في ثقافتنا وتاريخنا، يجري دائمًا على أرضية الديني والوسط الفقهي والعقلي. من هنا نرى أن الأخطاء المتطرفة في الحرب والحرق لبعض المرجعيات السلفية التراثية، أو تحميلهم المسؤولية عن أفعال وممارسات متطرفة بينها وبينهم قرون، يخدم التطرف أو لا يكافحه في أقل الأحوال، وأصحاب هذه الأخطاء أشتات متفرقون، يجمعهم ما يسمى «ذبح التراث» يستهدف بعضهم الشافعي وآخرون البخاري وآخرون ابن تيمية أو الغزالي وبعض آخر ابن خلدون مع تفاوت درجات الحكم! إن خطورة مثل هذا الخطاب ذيوعه العام ومخاطبته العوام، فضلاً عن وقوعه في العديد من الأخطاء المنهجية والعلمية، التي تسقط منتجه النهائي، وتجعله في موضع السجال والانفصال لا التأثير والاتصال، يمكن أن نحدد بعضها فيما يلي: 1- انفصال هؤلاء شبه الكلي عن خطاب التطرف نفسه واكتفاؤهم بتحميله على مرجعياته التراثية، وهو الأمر غير الصحيح في فهم ظاهرته أو مكافحته؛ فمن ينتقدون الدواعش يتابعون أخبار تنظيماتها دون تنظيراتها الأكثر أهمية مثلا. وتثبت الأخيرة دائما أنها طارئ تاريخي يفتقد الأصالة ويحرفها بغية أهدافه الآنية، وليس أدل على ذلك من عمليات «داعش» الانتحارية التي توسع فيها رغم إقرار منظريه بأنها بدعة غير مسبوقة في الفقه الإسلامي. 2- إن مرجعيات السلف مرجعيات عامة ومشتركة بين الاعتدال والتطرف، ونسبها وحصرها كنزًا وركزًا للتطرف دون الاعتدال الوسطي الغالب، إضافة لمخزون التطرف لا خصم منه. 3- لا يمكن رد خطاب التطرف باستخدام مقولاته وأدواته نفسها، فننتج تطرفًا مضادًا عليه، يزكيه ولا يعالجه، فهنا نستخدم ما يسميه الباحث منير شفيق «الحجة ونقيضها في آن واحد». 4- خطأ قراءة التراث خارج زمنيته وخارج تعدديته الكامنة في بنيته ونصوصه، سواء في خطابات ممثليه أو منظومته بشكل عام. وهو ما ألح عليه إدوارد سعيد في نقده للاستشراق بشكل عام، وابن تيمية فيه ما هو مقبول جدًا كرأيه في الطلاق والكثير من مسائل الأحوال الشخصية، ورأيه في الإمامة التي رفض اعتبارها أصلاً من أصول الدين، ورأيه في مسألة الخروج على الحكام التي رأى عدم القول به من منهج السلف، بل رأيه في المثلة بالأسير والحرق له الذي رفضه ورآه مضرة في الدين والدنيا كما وضح في «منهاج السنة»، ورفضه كلية تكفير المعين وغيرها، والعشرات من المسائل وغيرها! التي يمكن أن تكون ضدا على التطرف المعاصر. 5- عدم التفريق - كما يقول ابن تيمية - في قراءة التراث بين الصحة والصلاحية، فالصلاحية لا تعني الصحة كما أن الصحة لا تعني الصلاحية! يجتمعان ويفترقان، ولكن تظل الأخيرة حكمًا مهمًا في أحكام الواقع. 6- خطورة تجنيد العوام بدعوى حماية المقدسات؛ إذ يستخدم التطرف الجهادي أخطاء التطرف المضاد عبر تصويره عن أنه «حرب على الدين والمقدسات». وهو ما أكد عليه مؤلف «إدارة التوحش» أبو بكر ناجي كجزء في المعركة الإعلامية الضرورية والمصيرية لتنظيماته، عبر زرع الاستقطاب في المجتمع وبين الجماهير، فيقول عن الفريق المحايد المتدين واستقطابه الذي يقدمه على الاستقطاب بالمال، كما يذهب: «علينا جذب تعاطف هذا الفريق وجعله يتمنى انتصار أهل الإيمان، خصوصا أنه قد يكون لهذا الفريق دور حاسم في المراحل الأخيرة من المعركة الحالية». إن رهان الدواعش على تعاطف المتدينين وحماستهم وغضبهم من المساس بما يرونه مقدسًا، وقد علق المنظر الأردني أبو محمد المقدسي على قرار حظر كتب ابن تيمية في الأردن يوم 8 يونيو (حزيران) الماضي، مع اتهامه لـ«داعش» بسوء فهمها، بأنه حماقة تقابلها وقاحة السماح بما يحارب الدين والأنبياء! وذلك في تغريدة له يوم 10 يونيو الماضي، وهو ما يعني الاستنفار المضاد تجاه فكرة الحظر بمعنى الدفاع عن الدين. منذ الثالث من فبراير (شباط) 2015 وإحراق «داعش» الطيار الأردني الشهيد معاذ الكساسبة، تعالت دعوات لحرق كتب ابن تيمية التي استند إليها «داعش» في استناد مزور ومدلس سبق أن أوضحناه في تقرير لهذه الصحيفة بعنوان «التلبيس والتدليس الداعشي على ابن تيمية» نشر يوم 9 فبراير 2015. وصدر قرار دائرة المطبوعات والنشر الأردنية يوم 8 يونيو الماضي بحظر كتب ابن تيمية، بعد شهور من إقدام بعض الشباب الغاضبين من قتل الشهيد الكساسبة على حرقها في الجامعة، وهي الفتوى التي يثبت أي تحقيق أنها مزورة على الرجل ومدلسة من نصوصه ومقطوعة عن سياقها المنقول عنه كما سبق أن أوضحنا. وهذا كما قلنا إنصاف للعلم وليس لابن تيمية الذي نحاكمه بمعيار الصلاحية لا التصنيم، شأن كل ما هو موروث وتراث في تصورنا. وتعقيبًا وتأييدًا لهذا القرار الأردني، وردًا على منتقديه، كتب الأكاديمي الإماراتي الدكتور علي بن تميم مقالا بعنوان: «ابن تيمية الذي حفر حفرة لابن حيان فوقع فيها»، على موقع الإمارات 24 يوم السبت 13 يونيو الحالي، زاد فيه بإيراد موقف ابن تيمية من علم الكيمياء ومن عالمها العربي جابر بن حيان، وذكر أن ابن تيمية قد حرق كتبه. وهذا استدلال نرى أنه يحتاج الكثير من النقاش والمراجعة، فالكيمياء في عصر ابن تيمية لم تكن الكيمياء التي نتكلم عنها الآن، كما أن ابن تيمية لم يحرق كتب ابن حيان بل حرق كتب ساحر معاصر له نسب للكيمياء أو الخيمياء، وثالثا أن صورة جابر بن حيان وخلطه كما خلط اليونان بين الكيمياء، علم الصنعة وتحويل المعادن لذهب، كانت محل نقد من أمثال أبي يعقوب الكندي الفيلسوف العربي الأول، وكانت محل إقرار ونقد من كثير من المعاصرين لابن تيمية وقبله وبعده ومن علماء الكيمياء ومؤرخي العلوم قديما وحديثا، كما سنوضح. ويمكننا أن نورد بعض الملاحظات المنهجية والتاريخية على هذا اللبس في موقف ابن تيمية من الكيمياء وجابر بن حيان توضيحا للأمر. إن القول الذي تكرر في المعركة الأخيرة من أن ابن تيمية أفتى بحرق كتب جابر بن حيان، نقل غير صحيح، فما أفتى به ابن تيمية كان عن رجل معاصر له جادله في أن بعض الأنبياء كان يعمل بعلوم الصنعة وتحويل المعادن. ثم يقول ابن تيمية: «مات هذا الرجل وكان خطيبًا بجامع فلم يشهد جنازته من جيرانه وغيرهم من المسلمين إلا أقل من عشرة وكان يعاني السحر والسيميا، وكان يشتري كتبًا كثيرة من كتب العلم، فشهدت بيع كتبه لذلك فقام المنادي ينادي على (كتب الصنعة) (مجموع الفتاوى 29 / 378) وبينما كانت هذه تروج وهي كتب سحر وسيماء! ويقولون: هي علم الحجر المكرم وهي علم الحكمة ويعرفونها بأنواع من العبارات، وكان المتولي لذلك من أهل السيف والديوان شهودًا، فقلت لولي الأمر: لا يحل بيع هذه الكتب، فإن الناس يشترونها فيعملون بما فيها» (نفس المصدر - ونفس الصفحة) قد يبدو هذا الموقف تنويريًا في عرف الكثيرين! ولم يكن حرقا لكتب ابن حيان، كما قال الأصدقاء. أما قول ابن تيمية في أبي الكيمياء أنه «جابر بن حيان صاحب المصنفات المشهورة عند الكيماوية فمجهول لا يُعرف، وليس له ذكر بين أهل العلم ولا بين أهل الدين« (مجموع الفتاوى7 / 59) فينبغي أن يُقرأ وفق محددات ثلاثة، وليس خلطا بين الحقيقة والدعاية المضادة، وهي: الأول: موقف الحنابلة والسحر. إنه رأي فقيه حنبلي حراني، كابن تيمية، في رجل كجابر بن حيان نسب للسحر والتنجيم الذي اختلط بالكيمياء أو الخيمياء، ولعله نقله عن ابن أبي أصيبعة صاحب «طبقات الأطباء» (المتوفى سنة 666 هجرية أو غيره من سابقيه، بمن فيهم «فيلسوف العرب»، وأولهم أبو يعقوب الكندي (توفي سنة 256 هجرية)، الذي انتقد اهتمام بن حيان بالسحر والتنجيم. الثاني: شخصية ابن حيان نفسه: كان ابن حيان شخصية مثيرة ومربكة لقرون، فقد أقام عمره في الكوفة ونسب للتشيع والتلمذة لجعفر الصادق (توفي 147 هجرية) كما وصف أنه أحد «الأبواب» عند الشيعة. واقترب من هارون الرشيد كما اتهم بميله إلى البرامكة وأنه هرب بعد مذبحته لهم. ولقد وصفه ابن النديم وغيره بـ«الكتوم» لهروبه وستر حاله خوفًا من ملاحقته، كما نسب للتصوف وللصابئة حينًا، ولكن ما اشتهر عنه ميله للتنجيم والألغاز وكتم ما يفعله، ونسبت له 1300 مخطوطة كما يقول محققوه لا يصح الكثير منها، قديمًا وحديثًا، كما عرف عنه الاهتمام بالتنجيم والألغاز، وغير ذلك. ولقد قال بمثل قول ابن تيمية وأكثر منه ابن خلدون، فقد وصفه في موضع بأنه «أبو الكيمياء أو علم جابر» ولكنه ليس ثناءً هنا، فهي الكيمياء بمفهوم زمانه، فقد قال عنه أيضا أنه «كبير السحرة في هذه الملة» (المقدمة ج1 / 303) ذلك أن الكيمياء كانت تعني السحر في ذلك العصر! وصناعة الذهب المغشوش! وهكذا كان الموقف الغالب الرافض لها إلا من ممثليها، وحسب مؤرخي العلم لم تكن علمًا ربما إلا مع الكندي والرازي بعده، وقد أثنى عليهما ابن تيمية في بعض المواضع. الثالث: الخلط بين الكيمياء والخيمياء: لقد ورث العرب اختلاط الكيمياء بعلوم التنجيم والسحر عند اليونان، وهو ما استمر عند ابن تيمية وعند الخوارزمي وعند ابن أبي أصيبعة، بل عند «فيلسوف العرب» أبي يعقوب الكندي. وقبل عصره، كانت الكيمياء رديفًا للسحر والشعوذة ولم تكن هذا العلم المقدر في عصرنا، و(كما سبقت الإشارة) هذا لم يقله ابن تيمية فقط، بل قاله ابن خلدون أيضا الذي استند إليه في مقاله كما قاله ابن أبي أصيبعة في «طبقات الأطباء»، وقاله أبو علي الخوارزمي في «مفاتيح العلوم»، وذكرته مستشرقة منصفة كزيغريد هونكه في دراساتها عن «تاريخ العلم عند المسلمين» والعشرات قديمًا وحديثا! بل وصل هذا العداء للخيمياء وفهم الكيمياء بـ«تحويل المعادن وتشبيهها» إلى فيلسوف كبير كأبي يعقوب الكندي الذي كان، خلافًا لابن حيان، مناهضًا معاديا للخيمياء التي كان يعدها معدومة النفع كلية، حتى إنه كتب رسالتين؛ الأولى «تحذير من تضليلات الخيميائيين» والثانية: «دحض مزاعم من يدعون التركيب الصناعي للذهب والفضة»، وهاجم ممارسة الخيمياء ليس لأسباب دينية بل على أسس علمية متينة. وكان يلح على أنه لا أساس لها في الواقع، وإنما فقط في الخيال والأماني بتحويل المعادن إلى ذهب! ومن هنا أتى الخطأ في اتهام رجل بمعاداة علم الكيمياء، الذي لم يكن علمًا حينئذ، بل اختلط بـ«الخيمياء» أي الشعوذة! كما يرى الخوارزمي أنها تتعلق بعلم الألغاز والكتمان، التي تعني الشعوذة، كما سمى «علم الصنعة وتحويل المعادن» بل كان يهدف لصناعة الذهب المغشوش، والتشبه والتشبيه على الناس، بتحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب، كما يسميه ابن تيمية في «الفتاوى». وهذا ما نظن المنتقدين لابن تيمية يوافقونه عليه، فلا أحد منهم يقبل الذهب المغشوش! لا نبغي بهذه التوضيحات تصنيم ابن تيمية أو غيره من مرجعيات التراث التي يستند إليها المتطرفون كما يستند إليها كذلك ناقدو التطرف معًا، وهم كثر، ولكن نبغي التحقيق والصحة أولاً، وثانيًا تحرير التراث والإسلام الصحيح من تغول هؤلاء عليه! ولا يمكن في هذا الحال حيث المعركة الفكرية على أرض الدين حرق التراث أو تسفيهه، ولا نقول بحرق كما يقولون! ولا نصنم كما يصنمون! ولكن نحقق قبل أن نتهم ونضيف كثيرًا من مرجعيات التراث المؤثرة والشغالة إلى التطرف وجماعاته ليكونوا سندا لها. وهو ما يمثل حرجًا كذلك للفضاء الديني المعتدل الذي تمثله المؤسسات الدينية والأصوات المعتدلة، التي تنفض عن الدين والتراث تحريف هؤلاء المتطرفين وتأويلهم المنحرف لهذا التراث.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/389316/الحقل-الديني-وديناميكيته-من-منظور-علم-الاجتماع-المعاصر
2015-07-21 02:59:35
الحقل الديني وديناميكيته من منظور علم الاجتماع المعاصر
الرباط: د. خالد يايموت
تمثل «المسألة الدينية» في المجتمعات المعاصرة أحد أهم فواعل التحديث السياسي المرتبط بتطور المجتمع والدولة. إذ ارتبطت قضية الإصلاح تاريخيا بمكانة الدين ودور النخب الدينية وعلاقة الحقل الديني عامة بالحقل السياسي، وحدود كل منهما وسلطاته؛ ويتجدد بروز الاهتمام بالمسألة الدينية عموما وعلاقتها بواقع المجتمع والدولة بظروف داخلية تارة، وبظروف خارجية كما هو الشأن اليوم مع تنامي تأثير المنظمات الإرهابية على الساحة العربية، تارة أخرى. وسأحاول هنا فتح النقاش حول ماهية الحقل الديني وطبيعته بشكل يحاول تفسير تعقد الظاهرة الدينية في المجتمعات المعاصرة المفتوحة، من منظور سوسيولوجي. يعود الفضل في صناعة مصطلح الحقل الديني، في المجال السوسيولوجي، إلى عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو. ويعرفه بورديو باعتباره «سوق تنافسية تسود فيها العلاقات التفاعلية والمصالح والفرص المادية والاجتماعية والرمزية، وتخضع لصراع أطراف متعددة عن مصالحها وشرعيتها». ويستند هذا التعريف إلى دراسة الباحث للديانتين المسيحية واليهودية، كما أن هذا التعريف يستدعي النظرة الاقتصادية والصراعية المادية لتحديد ماهية الحقل الديني. وهذا يعتبر عاملا كافيا للتساؤل حول محدودية هذا المصطلح لتفسير تفاعلات الإسلام الداخلية، أي علاقة الإسلام بالمتدينين المسلمين، وكذلك علاقته بالأديان السماوية الأخرى. فبورديو يتحدث عن فاعلين متعددين في الحقل الديني المسيحي واليهودي، وفي مقدمتهم النبي ورجال الدين الممثلون للبيروقراطية الدينية، و«اللائكون» والسحرة. وينتهي إلى القول بوجود صراع حول امتلاك واحتكار «الإنتاج الرمزي»، مما ينتج لا مركزية في هذا الأخير. كما أنه يرى أن فعالية الدين تستمد شرعيتها من البناء الاجتماعي، ومن وظيفة الدين عند جماعة أو طبقة معينة، داخل الجماعات والطبقات المشتغلة في المجال الديني. من جهة أخرى يعتبر بورديو أن دينامية الحقل الديني تنتج عن تلك الصفقات بين «المتخصصين» الدينيين و«اللائكين»، والعلاقات التلاحمية القائمة بين «المتخصصين الدينيين» داخل الحقل الديني. وهذه السمات الخاصة تمنح للحقل الديني قدرة ذاتية للاستقلال عن السلطة السياسية، ومنازعتها سوسيولوجيا عن النفوذ المادي والمعنوي، وهو ما يحاول عالم الاجتماع الفرنسي تجاهله. غير أنه من المفيد الإشارة إلى أن ما يقدمه بورديو من تحديد للحقل الديني يحجم من رؤية علم الاجتماع للحقل الديني، خاصة إذا استحضرنا كون مسألة احتكار الإنتاج الرمزي تغيب في بعض المجتمعات الزراعية، وغير المركبة، بسبب ظهور المهن المتخصّصة في العمل الرمزي. يلاحظ كذلك أن بورديو اقتصر على الأديان التاريخية الغربية المتمثلة في اليهودية والكاثوليكية، في دراسته للحقل الديني، ولم يستعمل المفاهيم الدينية المرتبطة بالدين والحقائق الدينية، مما أضعف من القدرة التفسيرية للسوسيولوجية الدينية عند الباحث. ويمكن القول إن هذا المنهج أوقعه في خطأ تعميم منطق التجزئة التي يقوم بها الدين للمجتمعات، وهو شيء لم يقع مع «الأنبياء في أوروبا والشرق الأوسط». بل على العكس من ذلك تماما صنع الإسلام من العرب أمة جامعة، ونقلها من الطور القبلي الاقتتالي، للطور المجتمعي التضامني، الدولتي. ثم، إن تمكن الدين من الناحية الاجتماعية من فرض نفسه لا يعني تمتعه بالاستقلال التام عن السلطة السياسية الزمنية. فالاستقلال النسبي للمجال الديني يجد تفسيره في البنية الاجتماعية وطرق اشتغالها وتوظيفها للقيم الدينية ومرجعتها. والحقل الديني لا يختلف عن باقي الحقول، باعتباره يتأسس على قاعدة اجتماعية تمنحه قوة مهيكلة ومكانة وحيزا يخلق لكل لحقل «استقلاليته» وتميزه عن غيره، دون أن يعني ذلك غياب التمايز والتراتبية بين الحقول؛ خاصة مع نظام الدولة الحديثة، الذي يعتمد على الإكراه الناعم، ويسخر القانون لتنظيم السيطرة على المجتمع باسم الإرادة العامة. وإذا رجعنا لأطروحة بورديو فإننا نستنتج أن «سير» المنافسة الداخلية القائمة داخل الحقل الديني وبين هيئاته؛ أي الكنيسة والأنبياء، راجع بالأساس إلى قوة البنية الاجتماعية الدينية. كما أن النظر للمؤسسات الدينية المحتكرة للحقل الديني، في المجتمعات المتباينة دينيا، يطرح قضية فقدان الكنيسة الكاثوليكية للقوة السياسية والاقتصادية، مما أثر على الممارسات الدينية نفسها ومكانتها داخل نسق الدولة والمجتمع. فهل هذا الضعف أدى إلى اختفاء الممارسة الدينية في المجتمعات الحديثة؟ إن النظرة السوسيولوجية الصحيحة تدعونا إلى القول بضرورة التركيز على الدين خارج المؤسسة المحتكرة له، وكذلك دراسة معتقدات «المرتبطين بالحداثة»، خاصة أنه يمكن ممارسة الدين واستيعاب حقائقه خارج أي مؤسسة بيروقراطية كالكنيسة. فإذا كانت السوسيولوجية التقليدية تزعم أن الدين تتحكم فيه الأطر البيروقراطية المنظمة له ولنشاطه المجتمعي؛ فإن هذا لم يعد يتماشى وتطور مفهوم الدين زمن الحداثة، ويساير تكاثر الممثلين الدينيين، والتعددية الدينية في عالم اكتسحته العلمنة، ويعرف اليوم صحوة دينية عالمية متنوعة. هذا التحول الجوهري دفع بعالم اجتماع كبير مثل خوسيه كازانوفا للتأكيد على دور الأديان في المجتمعات المعاصرة، إذ يقول في كتابه القيم «الأديان العامة في العالم الحديث» (2005 ص319): «كان لا بد من إعادة التفكير بشكل منهجي في العلاقة بين الدين والحداثة، وفي الأدوار المحتملة التي يمكن للأديان أن تضطلع بها في النطاق العام للمجتمعات الحديثة». لقد أصبحت للأديان في بعض المجتمعات المعاصرة مكانة الفاعل الأساسي، رغم موجة العولمة السائدة، والتأميم المصاحب لها، وارتفاع المشاركة العلمانية، في الدولة المعاصرة، وسحب الاعتراف الإرادي. كل هذا دفع بأستاذ علم الاجتماع بجامعة شيكاغو (خوسيه كازانوفا، ص 319)، لتأكيد أن هذا الوضع الجديد أدى إلى «تبدّل في التوجيه من الدولة إلى المجتمع، وسمح للكنيسة بالاضطلاع بدور أساسي في سيرورات التحول الديمقراطي. وكفّت الكنائس الوطنية عن النظر إلى ذواتها كعبادات جماعية تكاملية ضمن الدولة الوطنية وتبنّت هُويّة عالمية متعدية الجنسية، الأمر الذي سمح لها بأن تواجه كلا من الدولة الوطنية والنظام الاجتماعي المعطى تنبُّؤيًا». وفي إطار هذه التحولات، ينبهنا أنتوني غيدينز، أحد أبرز علماء الاجتماع المعاصر، إلى أن «الأصولية ليست نزعة خاصة بالمجتمعات التقليدية، بل هي ظاهرة شائعة في المجتمعات والدولة الغربية المعاصرة بدرجات وتأثيرات متباينة». ولذلك أصبحت المنظمات الدينية الأصولية المسيحية واحدا من أكثر التيارات التي استأثرت باهتمام الباحثين في علم الاجتماع المعاصر؛ ولا يأتي ذلك فقط لكونها تنتظم ضمن «اليمين المسيحي الجديد»، ولكن لكونها كذلك غيرت من تموقعها وطريقة بناء النفوذ من الحقل الديني لتتموقع بشكل جد مؤثر في الحقل السياسي، ومراكز صناعة السياسات العمومية، مستفيدة من وسائل الاتصال المعاصرة، بحيث خلقت جسورا «تسويقية» للممارسة الدينية، وطقوسها، متجاوزة بذلك الانحسار والمشاركة الفعلية المكانية للتعبد عند المؤمنين. غير أن مثل هذا التطور يخفي من الناحية السوسيولوجية ظاهرة دينية معقدة، يمكن أن نطلق عليها «الاغتراب في الدين». ذلك أن قيادة الحقل الديني في تعاطيها مع المنافسين - أي غير الدينين - تحاصر المتدين وتحدد سلوكياته وأنماط المعرفة الدينية، مما يحول النخبة الدينية إلى المفسر الوحيد للمبادئ الدينية، مع نزوع واضح لتفسير الواقع الاجتماعي لتجاوز تحدياته. ومن هنا يجب فهم صراعات الحقل الديني مع منافسيه، لا باعتبارها دينامية «سوقية فقط»، خاضعة للمعطى الاقتصادي، وإنما هي حركية وفعالة متوالية داخل سياقها الاجتماعي، يظهر فيها الدين والمتدين مدافعا عن موقعه داخل البنية العامة للنظام الاقتصادي، والسياسي، والتكيف مع تعقيدات وتداخلات هذه الأنظمة وما يسود فيها من تفاعلات بينة واتصالات عضوية، تنتج المساومات والمتوافقات بعيدا عن مثالية النص الديني المجرد. * أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس
aawsat
http://aawsat.com/home/article/389311/عام-على-«الخلافة»-المزعومة-أفكار-«داعش»-بلا-مستقبل-لكن-التنظيم-مستمر-لسنوات
2015-07-21 02:59:36
عام على «الخلافة» المزعومة: أفكار «داعش» بلا مستقبل لكن التنظيم مستمر لسنوات
القاهرة: عبد الستار حتيتة
بعد عام من الإعلان عن «الخلافة» على يد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف اختصارا باسم «داعش»، يبدو التنظيم غير قادر على التوسع ونشر أفكاره في العالمين العربي والإسلامي كما قد يظن البعض. الإشكالية كما يصورها الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أحمد بان، تتلخص في أن مثل هذه الأفكار ليس لها مستقبل، لكن، في المقابل، يرى أن مسألة وجود «داعش» ومزاعمه عن تأسيس دولة الخلافة، ستستمر لسنوات في ظل وجود نظم حكم وطنية ضعيفة، مثل العراق وسوريا. نعم تمكن «داعش» من خوض حروب شرسة في العراق وسوريا، ونفذ أعمال قتل وتخريب يشيب لها الولدان، لكن الفروع التي أعلنت الانضمام والمبايعة من درنة وسرت في ليبيا إلى سيناء في مصر ومناطق نفوذ بوكو حرام وشباب المجاهدين في أفريقيا وغيرها، تبدو بعد أشهر من تأسيسها، فروعا هشة ليست لديها القدرة على التواصل أو إيجاد صيغة يمكن من خلالها التفكير في شكل لدولة الخلافة التي عرفها المسلمون قديما. ويلفت محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، الانتباه، وهو يجيب عن الأسئلة من مكتبه في القاهرة، إلى ارتباط الخطاب الطائفي الإيراني بظهور «داعش» والخلافة المزعومة، قائلا إن هذا الخطاب الإيراني يساعد في التفاف البعض حول «داعش»، معربا عن اعتقاده في أن مصطلح الخلافة هذا جرى إطلاقه عشوائيا، لاستقطاب الشباب. ويضيف أن إيران حين قامت بتقوية الحوثيين في اليمن، بدأنا نسمع عن تنظيم داعش هناك أيضا، كما سبق وجرى في العراق وسوريا، على سبيل المثال. ما زال التنظيم وخلافته المزعومة تنحصر على جانبي الحدود العراقية السورية، لكن تصرفاته تبدو مريبة. يتحرك بين الرقة والموصل.. أو بين الرقة والأنبار. وهو في الحقيقة يبدو، بحسب روايات من ضباط في الجيش السوري الحر، الذي يقاتل نظام بشار الأسد، تنظيما غريبا في نشأته وتوجهاته وغامضا في مستقبله. أحد أعضاء القيادة العسكرية المشتركة في الجيش الحر، كان في زيارة لإحدى المدن الأوروبية، أخذ يروي لـ«الشرق الأوسط» عدة وقائع على الأرض، يتضح منها أن التنظيم يتدخل ضد معارضي النظام كلما اقتربوا من تحقيق انتصار ضد قوات بشار الأسد. لماذا؟ لا أحد يعرف. وفي العراق يشق التنظيم طريقه بفضل الدعايات الطائفية الإيرانية المبنية على تغذية الاقتتال بين الشيعة والسنة. لكن كيف يفسر العميد مثقال النعيمي، من القيادة المشتركة للجيش الحر في سوريا، مسألة هجوم «داعش» بين حين وآخر على قوات المعارضة السورية كلما حققت تقدما ضد قوات الأسد. يجيب في مقابلة معه أثناء إقامته القصيرة في فندق كومبانيل، بباريس، أن تنظيم داعش مخترق.. «توجد لهذا التنظيم تجاوزات تدل على أنه مخترق. في الوقت الحالي توجد تصرفات في مناطق المعارك تخدم النظام. يوجد أناس مغرر بهم من داعش وغير داعش. لكن يوجد اختراق واضح». كثير من الشخصيات العراقية والسورية التي تراقب تصرفات دولة الخلافة تربط الأمر بالنشاط الإيراني. يقول أحد هؤلاء: انظر للحشد الشعبي. ميليشيات شيعية تحاول التصدي لـ«داعش» بمباركة الحكومة العراقية. وفي هذه الأثناء تقوم هذه الميليشيات بارتكاب فظائع ضد القرى والبلدات السنية، بعد طرد «داعش» منها. هذا يعني أن السنة أصبحوا بين خيارين.. إما الانضمام لـ«داعش» وإعلان البيعة للخليفة المزعوم أبو بكر البغدادي، وبالتالي صب مزيد من الزيت على نار الحرب الطائفية، أو هجرة بلداتهم إلى مدن عراقية أخرى أو الهروب من العراق وسوريا بالمرة. لكن كيف ينظر المسؤولون العراقيون للأمر. تستطيع أن تستمع لعشرات الصريحات الدبلوماسية الحسنة. العراق يرفض الإرهاب والتطرف والطائفية. لكن الواقع على الأرض يتحدث بلغة مختلفة. مثلا: لماذا يتأخر تسليح السنة لمواجهة «داعش». كان الأمر صعبا للحصول على إجابات من هذا الرجل. إنه مسؤول في الحكومة العراقية يقوم بزيارة غير رسمية لفرنسا. قال بعد إلحاح: «داعش» والخلافة والبغدادي قضية مخابرات معقدة. في فندق نوفوتيل القريب من مطار شارل ديغول في باريس، أشار أحد المرافقين لانتهاز الفرصة وفتح حوار معه. الأسئلة الأولى التي تتبادر إلى أذهان الصحافيين تتعلق بالحرب الدائرة بين الجيش العراقي وتنظيم داعش، وعلاقة إيران بالموضوع. في المساء كان الرجل يجلس وحده إلى منضدة أمام الفندق يدخن سيجارة. حين أدرك وجود فضوليين عرب، قال على الفور: لا أسئلة. لا إجابات. أنا لست هنا! وبعد ساعات أخرى بدأ أكثر ميلا لإعطاء مؤشرات لـ«الشرق الأوسط» عما يجري. حين تنظر إلى «داعش» من فوق الجبل، سترى أنها تتكون من ثلاث مجموعات رئيسية. الأولى وهي النواة الأساسية والأكثر خطورة وجاهزية، تعمل داخل الأراضي العراقية، وتشن حربا شعواء في محاولة منها على ما يبدو للوصول إلى العاصمة بغداد. المجموعة الثانية ويتركز عملها داخل الأراضي السورية، ولها أهداف مختلفة مبنية على علاقات مشبوهة مع نظام الأسد. أما المجموعة الثالثة فهي تلك المكونات البعيدة التي تعلن من مدن أفريقية موالاتها للخلافة. وتمكن التنظيم في العراق بتحالفه مع ضباط سابقين من حزب البعث، ممن يعملون في صفوف التنظيم، من تحقيق انتصارات على الجيش العراقي الذي تديره من بغداد حكومة متهمة بالطائفية والميل نحو دولة إيران بميليشياتها الشيعية. الطائفية دافع أساسي مكن «داعش» من جمع أسلحة فتاكة وأموال ضخمة تجعل الحرب معه مرشحة للبقاء عدة سنوات. أما ملحقات التنظيم في سوريا فيمكن القضاء عليها في حال سقوط نظام الأسد، وتأسيس دولة موحدة. وبالنسبة لفروعه في أفريقيا، فهي هشة وعرضة للزوال بمجرد تقديم المساعدات اللازمة للحكومات الوطنية سواء في ليبيا أو غيرها من البلدان الأفريقية. رأس الخلافة الداعشية موجود في العراق. وبمجرد الإعلان عنه في مثل هذا الوقت من العام الماضي، ظهرت قوة دافعة بين الشبان العرب والأجانب للالتفاف حول الخليفة الغامض. واجتاحت مجاميع من المقاتلين العراقيين والسوريين والليبيين والتونسيين ومن بلاد أجنبية، أراضي واسعة في شمال وشمال غربي العراق، وفي شمال وشمال شرقي سوريا. وجرت محاولات من جانب عدد من فقهاء الخلافة لمد قنوات الاتصال مع درنة وسرت على البحر المتوسط، وهي النقاط الأقرب لأوروبا. كما جرى فتح طرق إلى شمال مالي وشمال نيجيريا. لكن هذه الانطلاقة التي أثارت القلق تعرضت لانتكاسات عسكرية وأخرى فقهية تتعلق بأهداف التنظيم وعدم ثباته على موقف محدد من الأصدقاء والخصوم. عسكريا أدت ضربات التحالف الدولي إلى تراجع التنظيم من عدة مناطق في العراق مثل تكريت ومناطق في سوريا مثل عين العرب وتل أبيض. ومنذ ذلك الوقت تسببت الحرب التي يخوضها التحالف الدولي ضد «داعش»، في تغيير تركيبة السكان. ففي خضم عمليات الاقتتال والانتقام، جرى تهجير مئات الألوف من عرب وأكراد، بعيدا عن ديارهم. ويقول المسؤول العراقي، الذي طلب عدم نشر اسمه، وهو ينتظر إجراء مقابلات مع بعض سفراء الدول الغربية في باريس: لم يعد في قدرة أحد وقف التغيرات التي تجري بالفعل على الأرض. وينظر تقرير أعده المركز المصري للبحوث والدراسات الأمنية، الذي يرأسه اللواء عبد الحميد خيرت، النائب السابق لرئيس جهاز الأمن الوطني بمصر، إلى وجود قوى في الإقليم تحت اسم محاربة «داعش» بعين الريبة. ويقول تحت عنوان «داعش ودول الخليج.. حسابات سياسية ومخاطر أمنية» إن وجود قوة كبرى داخل الإقليم لقيادة تحالف دولي إقليمي عسكري لمواجهة التنظيم المتطرف من شأنه إحداث خلل في الأمن الإقليمي، ومن المحتمل أن يستفز التواجد الكثيف للولايات المتحدة الأطراف الأخرى، وعلى رأسها إيران، ويدفعها إلى تسخير مواردها لموازنة هذا الدور. وهذا ما يبدو أنه يجري بالفعل بعد تزايد قوات الحشد الشعبي الموالية لطهران لمواجهة قوات الخلافة المزعومة. تستطيع بكل سهولة أن تتحدث عن المؤامرات. لكن بالنسبة للقادة الذين يعملون على الجبهات يبدو الأمر مختلفا، كما يقول العقيد السوري في الجيش الحر الذي كان في طريقه من زيوريخ إلى مدينة إسطنبول التركية عائدا إلى مقاتليه. أنت حين تقول إن «داعش» له أهداف مشتركة مع النظام السوري، فهنا لا يمكنك تفسير السبب في سيطرة هذا التنظيم أخيرا على مدينة تدمر. فقد كان يأتي عبر هذه المدينة مدد كبير من المقاتلين الشيعة من العراق وإيران وأفغانستان لنصرة النظام السوري. هل ما زال هذا المعبر يستخدم في نقل مقاتلين للأسد تحت نظر «داعش». من الصعب قول ذلك بهذه البساطة. أحيانا يقوم مقاتلو دولة «الخلافة» بشن حروب ضد الجيش الحر وجبهة النصرة التي تعمل هي الأخرى ضد النظام السوري. وأحيانا أخرى يبدأ في مهاجمة مواقع تابعة للحكومة السورية. حدث هذا منذ الصيف الماضي وما زالت الرؤية الغائبة مستمرة حتى الآن، وهذا أدى إلى خلافات بين فقهاء التنظيم، وتسبب في هروب المئات وعودتهم إلى بلادهم، خاصة من الليبيين والتونسيين والجزائريين. ولهذا يعتقد أحمد بان أنه لا مستقبل لمثل هذه الأفكار، لكن المشكلة تكمن في أن مثل هذه التنظيمات تمكنت من الإعلان عن دولة «الخلافة» وتمكنت من السيطرة على نحو 60 في المائة من الأراضي في العراق وسوريا، مشيرا إلى أن التقديرات تتحدث عن وجود مؤثر في أكثر من مكان حول العالم سواء في ليبيا أو سيناء أو بعض مناطق شمال أفريقيا. يقول الباحث بان لـ«الشرق الأوسط» أيضا أن الحقيقة هي أن كل إخفاق في الدولة الوطنية يصب في صالح هذه الخلافة المزعومة، ويعطيها فرص البقاء بما تمثله من إلهام للمجموعات «الجهادية» على امتداد دول العالم.. «أتصور أن كل إخفاق للدولة الوطنية وكل إخفاق لفكرة الدولة المدنية الحديثة، يصب مباشرة في صالح هذه المجموعات (المتطرفة)». ويتابع قائلا إن موضوع دولة الخلافة للأسف سيستمر لأن التنظيم اختار لنفسه شعارا براقا ويبدو أن هذا الشعار يكتسب زخما مع مرور الوقت، خاصة مع إخفاق دول العالم، في الحقيقة، في مواجهة هذا الخطر. ويعتقد أن الدور الأميركي تحديدا يدعم الاتجاه الذي يؤدي لاستمرار «داعش».. «بهدف تقسيم وتفتيت دول المنطقة وإخضاعها لإسرائيل بالأساس، وجعل الدول كانتونات صغيرة في مواجهة إسرائيل بحيث ينتفي وينتهي الأمل لدى الشعوب العربية في تحرير فلسطين أو استعادة الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني». ومن جانبه يضيف محمد صادق إسماعيل، قائلا إن دعوة «داعش» لتأسيس «دولة الخلافة»، تظل مجرد مصطلحات عشوائية جرى إطلاقها على مجموعة من الإرهابيين للإعلان عن أنفسهم بشكل أو بآخر. ويوضح أن مرور عام على هذه الخلافة المزعومة سببه في المقام الأول ضعف الأنظمة العربية، التي أدت لظهور «داعش» بالمنطقة. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «حين كانت هذه الأنظمة قوية لم تسمح بتمدد تنظيم القاعدة الذي كان يعمل على الساحة في السابق مثل داعش.. تتذكر تنظيم القاعدة حين كانت له أماكن محددة يتواجد فيها، حيث كانت الأنظمة العربية قوية، وهو لم يتمكن من نشر قواته بهذا الشكل كما يفعل داعش الآن». ويعتقد مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن معظم الأسلحة التي يملكها «داعش» جرت سرقتها من الجيوش العربية، قائلا إن التنظيم هو مجموعة من المرتزقة كونوا جيشا. وهذا التنظيم أصبح، بعد عام من إعلان «الخلافة»، من أغنى التنظيمات الإرهابية في العالم، وهو يشير إلى النظرية التي يتحدث عنها المثير من العرب وهي أن «داعش» يصب في مصلحة أميركا. ويقول إسماعيل: أرى أن أميركا مستفيدة من وجود «داعش»، ولا أنتظر منها أن تكون هي الدرع الواقي. أميركا هي التي تساعد مثل هذا النوع من الإرهابيين. لو عدنا للتاريخ لوجدنا أن تنظيم القاعدة نشأ، إذا جاز التعبير، بوساطة أميركية في أواخر تسعينات القرن الماضي، لتحقيق أهداف ضد الاتحاد السوفياتي حينذاك. وبدلا من الاعتماد على أميركا، يضيف إسماعيل قائلا إنه ينبغي على الدول العربية أن تكون هي الدرع الواقي في مواجهة تنظيم داعش وليس دول الغرب الكبرى، و«لهذا فإن الموضوع الذي جرى طرحه في القمة العربية الأخيرة بشأن تأسيس قوة عربية مشتركة لمواجهة الإرهاب فكرة رائعة لا بد من تفعليها لمواجهة المخاطر التي تشهدها المنطقة». ومثل كثير من المحللين يربط إسماعيل بين الخطاب الطائفي الإيراني وظهور «داعش» والخلافة المزعومة، قائلا إن لغة إيران الطائفية بشأن المذهب الشيعي، ساعدت في التفاف البعض حول تنظيم داعش.. «من أين يحصل الحوثيون في اليمن على الأسلحة المتقدمة، إن لم يكن من إيران التي تستفيد هي الأخرى، مثل إسرائيل، من زرع الفتن والقلاقل في المنطقة».
aawsat
http://aawsat.com/home/article/389306/مخاوف-من-تحوّل-الميليشيات-المحلية-إلى-صداع-جديد-للحكومة-الأفغانية
2015-07-21 02:59:43
مخاوف من تحوّل الميليشيات المحلية إلى صداع جديد للحكومة الأفغانية
كابل: محمود رحماني
لجأت الحكومة الجديدة في أفغانستان إلى خيار تسليح الميليشيات المحلية، وخاصة في ولايات تقع في الشمال الأفغاني، وجاءت هذه الخطوة في أعقاب شنّ حركة طالبان أكبر وأعنف هجوم لها في الموسم الحالي للمعارك. وكذلك بعدما تنفيذ آلاف من مقاتلي طالبان ومسلحين يدّعون الانتماء لتنظيم «داعش في أفغانستان وباكستان» هجمات جماعية ضد مقرّات للشرطة الأفغانية والإدارات المحلية في كل من ولايتي كندوز وبدخشان الواقعتين في أقصى شمال البلاد قرب الحدود مع دول آسيا الوسطى (السوفياتية سابقًا) مطلع الشهر الماضي. يذكر أن الولايتين المذكورتين كانتا على وشك السقوط بيد طالبان إثر مواجهات دامية مع الجيش النظامي والشرطة الحكومية لولا التدخل السريع من قبل «أمراء الحرب» السابقين وقادة «المجاهدين» السابقين، الذين سبق لهم أن قاتلوا طالبان، وكانوا سدًا منيعًا أمام بسطها سيطرتها الكاملة على شمال أفغانستان في نهاية تسعينات القرن الماضي. أكثر من 30 ألف مسلح ينتمون لـ«أمراء الحرب» تسلّحوا من جديد للدفاع عن مناطقهم عقب توسيع المعارك وتمدّدها إلى شمال أفغانستان بعد انسحاب القوات الدولية من معظم المناطق الأفغانية نهاية العام الماضي. يقول حاجي ايماق، وهو مسؤول محلي وزعيم قبلي في ولاية كندوز، إن طالبان «اقتربت إلى تخوم الولاية إثر هجوم عنيف لمقاتليها على المنطقة وفرار مئات من عناصر الجيش الأفغاني من ساحة القتال. ومن ثم، لم يكن أمام (حكومة الوحدة الوطنية) من خيار غير طلب الدعم من (أمراء الحرب) الذين لديهم خبرة واسعة في الحرب ضد طالبان. وبالفعل، جرى توزيع آلاف قطع الأسلحة المتنوّعة على نحو 30 ألف عنصر محلّي للوقوف إلى جانب الجيش الأفغاني في حربه ضد طالبان وداعش». وتابع: «التجربة أثبتت أن هؤلاء المسلحين المحليين يتمتعون بخبرة كبيرة في قتال الشوارع والأزقة، وبتجارب في حرب العصابات تعلمّوها إبان الحرب ضد القوات السوفياتية السابقة، وكانت النتيجة إخفاق هجوم طالبان على كندوز وصدّ حملتهم العسكرية التي وصفت بالأعنف منذ رحيل نظام طالبان. وعندها، اضطر مقاتلو طالبان و(داعش) للانسحاب من كل المناطق التي أخضعها التنظيمان لسيطرتهما في كندوز، التي تعد من الولايات الاستراتيجية الموقع». وفي ولاية بدَخشان المجاورة، بعدما شنّت طالبان حملتها الربيعية في مديرية وردوج وقتلت وذبحت العشرات من عناصر الجيش الأفغاني طالب أعضاء في البرلمان من الولاية الحكومة بتسليح ميليشيات محلية، وتوفير كل التسهيلات لها لمقاتلة طالبان كخيارٍ مؤقت. فكرة تسليح الميليشيات - أو الشرطة المحلية أو ما يطلق عليها أفغانيا «أربكي» - جاءت أيام حكم الرئيس الأفغاني السابق حميد كرزاي عام 2010 عندما صعّدت طالبان من عملياتها في جنوب البلاد وشرقها، بحيث اضطرت الحكومة آنذاك إلى خيار توزيع السلاح على الميليشيات للدفاع عن مناطقهم. لكن تورّط تلك الميليشيات في أعمال النهب والسرقة والخطف التي طالت رجال الأعمال والمسؤولين وارتكابهم جرائم حرب، وفقا للتقارير وتنفيذ إعدامات ميدانية خارج إطار القانون أجبرت الحكومة على مراجعة قرارها الرامي إلى تسليح الميليشيات، بحيث نزعت أسلحة آلاف المقاتلين عام 2012. غير أن عشرات الآلاف ظلوا يمارسون مهامهم ضمن الشرطة المحلية في بعض المناطق. منظمة «مجموعة الأزمات الدولية» أعربت في تقرير جديد لها بخصوص الحرب في أفغانستان وقضية تسليح الميليشيات عن قلقها الشديد تجاه مسألة توزيع الأسلحة على هذه الميليشيات قائلة بأن ميليشيات الشرطة الأفغانية التي تعتمد عليها الحكومة في عمليات الأمن في بعض مناطق الدولة فاقمت العنف وزادته سوءًا في بعض المناطق. وتضم «الشرطة المحلية الأفغانية»، الأقل تكلفة والخطيرة في الوقت نفسه، حاليا 30 ألف مقاتل تقريبًا، وهي ميليشيا تتكوّن من مقاتلين محليين في المقاطعات التي لا تخضع لسيطرة الحكومة بشكل كبير. وحسب «مجموعة الأزمات الدولية» في تقرير فإن «برنامج الشرطة المحلية الأفغانية لم يحسن الأمن في الكثير من المناطق، بل فاقم الصراع في عدد من المقاطعات». وفي بعض المناطق، اتهمت «مجموعة الأزمات الدولية» الميليشيات بارتكاب انتهاكات خطيرة، منها الاغتصاب والخطف والابتزاز والإعدام خارج نطاق القضاء والاتجار بالمخدّرات. كذلك جاء في التقرير أن الأمر «الأكثر شيوعًا أن تسمع شكاوى بأن الشرطة المحلية الأفغانية تلحق الأذى بأفراد الشعب الذين يفترض أن تحرسهم»، مضيفا أن مثل هذه الحالات يمكن أن «تثير الصراع العرقي والطائفي بدلاً من أن تخمده»، وكانت الحكومة اليابانية أنفقت مئات ملايين الدولارات خلال السنوات العشر الماضية لنزع وجمع السلاح من الأيادي غير مسؤولة ضمن برنامج أممي أطلق عليه اسم «دي دي آر»، لكن تشديد هجمات طالبان في السنة الجارية ومحاولتها السيطرة على بعض المناطق لم يترك - على ما يبدو - للحكومة الأفغانية أي خيار سوى تسليح المقاتلين المحليين لحراسة مناطقهم والتصدّي لخطر طالبان المتزايد. ويقول محمد حنيف، وهو خبير في الشأن الأفغاني، بأن حكومة الرئيس أشرف غني ترتكب أخطاء كبيرة جراء تسليح الميليشيات المحلية وتوزيع السلاح على أشخاص غير مسؤولين. وأضاف أن ذلك «قد يكون حلاً مؤقتًا لكن على المدى الطويل، سيعد ذلك خطرًا أكبر من خطر طالبان، لأن الميليشيات المسلحة ستلجأ لاحقًا إلى ابتزاز الحكومات المحلية، وعرقلة مشاريع التنمية في مناطق نفوذها، كما أنها سترتكب انتهاكات جسيمة في مجال حقوق المرأة وحقوق الإنسان». وأردف «إن التجارب السابقة أثبتت أن هذه الميليشيات تخرج عن سيطرة الحكومة، بسبب ضعف إمكاناتها ومواردها، وتصبح قوة خارجة عن القانون وهذا ليس في مصلحة المؤسسات الشرعية للبلاد». التقارير المستقلة تشير حاليًا إلى أن الحكومة الأفغانية وزّعت بالفعل الأسلحة الخفيفة والثقيلة، ومرة أخرى، على عشرات الآلاف من المقاتلين المحليين كانوا أعضاء في أحزاب «المجاهدين» السابقين في المناطق الريفية والقرى النائية في البلاد، بهدف مواجهة زحف طالبان إلى مراكز المدن الرئيسية التي تسيطر عليها طالبان، ولا سيما، في مناطق الشرق الأفغاني وجنوبه، وحاليًا في مناطق شمال أفغانستان. وفق التقارير تعاني مناطق الشمال في الوقت الراهن من تداعيات نقل المعركة إليها من الجنوب وسط محاولات طالبان الضغط على الحكومة من خلال توسيع المعارك ضدها وتشتيت قواها الأمنية. وللعلم، يبلغ عدد القوات الأمنية الأفغانية الرسمية من الجيش والشرطة وجهاز الاستخبارات نحو 350 ألف عسكري، جرى تدريبهم على أيدي المدربين الأميركيين والأوروبيين خلال السنوات العشر الماضية ليكونوا بديلاً للقوات الدولية التي انسحبت قواتها المقاتلة من أفغانستان مع نهاية عام 2014. وفيما يتعلّق بولاية خوست، في شرق أفغانستان قرب الحدود مع باكستان، التي تعتبر حديقة خلفية لمقاتلي شبكة حقاني المقربة من تنظيم القاعدة، فإن تجربة تسليح ميليشيات محلية لم تكن ناجعة بل أثرت سلبًا على سلطة القانون وأداء الحكومات المحلية. إذ أقدم عدد من مسلّحي هذه الميليشيات على خرق القانون وارتكاب أعمال إجرامية بحق المواطنين، ما وسّع الهوة الموجودة أصلاً بين المواطن والحكومة. وهكذا، استفادت حركة طالبان الساعية إلى توسيع نفوذها عبر كسب عقول المواطنين وقلوبهم. ويقول الخبراء الأمنيون إن الميليشيات المسلحة غير المسؤولة التي أنشئت لمواجهة طالبان «أساءت إلى الحكومة وجعلت من طالبان البديل الأفضل في كثير من المناطق التي تشهد التوترات الأمنية ومعارك باستمرار». ويضيف الخبراء أن الإدارة الأفغانية «ترتكب أكبر غلطة لها من وراء تسليح هذه الميليشيات لأن الأمر سيسبب صداعا وأزمة جديدة للحكومة لن تتمكن من التخلص منه، وأن تسليحها يزيد الطين بلة، خاصة أن أفغانستان تشهد انتشارًا واسعًا للسلاح، وأن المجموعات المسلحة ستستغل الوضع لصالح أعمال تخريبية بحجة محاربة طالبان في مناطقها». ثم إن هناك عاملاً إقليميًا آخر قد يدخل على الخط - وفقًا للمراقبين - بعد تزايد الأنباء عن انتشار مقاتلي «داعش» في مناطق بالشمال الأفغاني قرب حدود دول آسيا الوسطى، ومن المحتمل أن تبادر دول آسيا الوسطى، بما في ذلك روسيا الاتحادية ذاتها، إلى توزيع السلاح على مواطني شمال أفغانستان لكي يحاربوا «داعش» إذا فكر قادة التنظيم المتطرف بشنّ هجمات على مصالح روسية في دول آسيا الوسطى، وقد ينعكس ذلك سلبًا على أمن أفغانستان نفسها التي تنوي نزع سلاح الميليشيات، أو درجها في الإطار الشرعي، ضمن المؤسسات الأمنية الرسمية على حد تعبير الخبراء الأفغان.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/383846/الأسئلة-القلقة-حول-مصير-الأقليات-في-مرحلة-ما-بعد-الأسد
2015-07-21 02:59:45
الأسئلة القلقة حول مصير الأقليات.. في مرحلة ما بعد الأسد
بيروت: منى علمي
مع توسّع سيطرة المعارضة السورية على معظم مناطق محافظة إدلب بما فيها مدينة جسر الشغور ومدينة أريحا، ثم الاعتداء الذي ارتكبه مسلحو «جبهة النصرة» بقرية درزية في ريف المحافظة، وكذلك بعد إنجازات المعارضة في حوران (بجنوب سوريا)، دبّ الخوف في قلوب أهل اللاذقية، وهم بأغلبيتهم من الطائفة العلوية التي يتحدر منها رئيس النظام السوري بشار الأسد، متخوّفين من ردة فعل عنيفة ودموية من مقاتلي فصائل المعارضة جراء حملات القمع التي نفذها النظام، سواء ضد المقاتلين أو المدنيين على حد سواء. إلا أنه وإن كان من أي فرصة لبقاء سوريا على قيد الحياة كدولة موحدة، فلا بد من إعطاء ضمانات للعلويين وكذلك للأقليات الأخرى لتسهيل التوصل إلى حل سياسي، احتمالٌ يصبح يومًا بعد يوم بعيد المنال. في مقابلة نشرت على موقع «سيريا ديبلي» Syria Deeply، اعترف أمجد، وهو من اللاذقية، بأن سكان المدينة الساحلية يشعرون بالخوف من النجاحات التي يحققها «جيش الفتح» في المحافظات الشمالية من سوريا. ومع تحول الحرب إلى صراع طائفي بين النظام المدعوم من العلويين والميليشيات الشيعية الأجنبية من جهة، وبين مقاتلي المعارضة، وجلهم من السنة، من جهة أخرى، زادت أعداد القتلى من المدنيين من كلا الطرفين وسط انتشار عمليات الاغتصاب والنهب وقطع الرؤوس والحرق. أضف إلى ذلك أن الفظائع التي ارتكبها نظام الرئيس السوري بشار الأسد بدّدت أي أمل في تحقيق انتقال سلمي للسلطة. وفي هذا الشأن يشير آرون لوند، رئيس تحرير «سوريا في الأزمة»، وهو موقع تابع لمؤسسة كارنيغي للأبحاث، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى «أن المشاعر المعادية للعلويين التي تسيطر على معظم المقاتلين تنبع من وحشية الحرب والتفجيرات المستمرة وقصف المدن السنّية من قوات بشار الأسد. يجب ألا ننسى أن معظم القتلى واللاجئين في سوريا هم في الواقع من المناطق السنّية، وبالطبع هذا يؤدي إلى رد فعل شعبي وشعور بالكراهية ودعوات إلى الانتقام (ضد العلويين) - هذا أمر يحدث في كل حرب، للأسف. لكن، على عكس المقاتلين العاديين، فإن الإسلاميين داخل صفوف الثوار لديهم أهداف أخرى تحرّكها دوافع دينية بحتة». وبالتالي، يعتقد الخبير أن عددا من الأصوليين الذين يهيمنون على «جيش الفتح»، «يبدون عازمين على تدمير العلويين لأسباب دينية». كذلك تصر جماعات متشدّدة مثل «جبهة النصرة»، على أنه يجب على العلويين التخلي عن اعتقاداتهم الدينية لكي يتلقوا المعاملة التي يحظى بها باقي المواطنين العاديين. وحقًا، صرح أبو محمد الجولاني، قائد «جبهة النصرة»، في مقابلة تلفزيونية بثت أخيرًا على قناة «الجزيرة» الإخبارية بـ«أن العلويين كانوا جزءا من الطائفة التي تحرّكت خارج دين الله والإسلام». كما دعا عبد الله المحيسني، المقرب من «جبهة النصرة» ومن «القاعدة» والذي كان جزءا من الهيئة الشرعية في جيش الفاتح، لإبادة العلويين، وفق لوند. من ناحية ثانية، يعبِّر البروفسور الأميركي جوشوا لانديس، الخبير بالشؤون السورية والمتزوج من سيدة سورية علوية، أيضا عن الخطر الذي يهدد العلويين خلال حديث أدلى به إلى «الشرق الأوسط»، معتبرا أن الولايات المتحدة أو المجتمع الدولي الذين تخلوا عن سوريا لن يستطيعوا حماية العلويين، «فكل من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي يهتم في المقام الأول باحتواء العنف في سوريا»، متوقّعا ثلاثة سيناريوهات محتملة لإنهاء الأزمة. يتمثل الخيار الأول في تشكيل دولة يقودها السنّة من شأنها أن تتسلم الحكم بعد سقوط بشار الأسد، بقيادة «الإسلاميين»، وهنا لن يترك أي مجال للعلويين والمسيحيين والأقلية الدرزية. وفي حال عدم إدراج الأقليات أو ضمان مشاركتهم بصورة فاعلة، فإن مثل هذه الدولة لا شك ستقوم برد فعل على الفظائع التي ارتكبها الأسد وتوجه انتقامها نحو الطائفة العلوية التي تعتبر عنصرا أساسيا في المذابح التي ارتكبها النظام. وستحرص هذه التركيبة الجديدة على تطهير الإدارات والجهاز الأمني من الموالين للأسد السابقين، ما من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من أعمال الاضطهاد وتفكيك مؤسسات الدولة في مرحلة ما بعد الأسد، مع تكرار سوريا أخطاء عراق ما بعد صدام وما بعد القذافي في ليبيا. احتمال آخر، وفق لانديس، يقوم على ضمان بقاء الدولة السورية وحماية الأقليات فيها كالعلويين، عبر التوصل إلى اتفاق، على غرار «اتفاق الطائف» اللبناني الذي يقسم السلطة ويوزعها بين الطوائف، غير أن هكذا خيار لا يمكن أن يتبلور إلا برعاية قوى إقليمية. وبالطبع، يحتاج هذا الخيار أولا إلى تدمير «داعش»، وثانيا إلى أن تسير «جبهة النصرة» مع التيار السائد، وهو أمر يصعب تحقيقه، بحسب لوند، الذي يرى «أن (النصرة) تحاول التقرّب ممن تبقى من المتمردين لتجنب العزلة، وهي تنأى بنفسها عن الممارسات المتطرفة التي ينفذها (داعش). ولكن هذا لا يعني أبدا أن قيادة (النصرة) تخلت عن آيديولوجيتها التي تدعو إلى إخضاع الأقليات، ومنع النشاط الديمقراطي ومهاجمة الدول العربية، كما الغربية. وبطبيعة الحال، فإن الكثير من المقاتلين لن تجذبهم هذه الأهداف الجديدة، وقد يتخلون عن الجماعة إذا سارت في هذا الاتجاه». أما للتوصل إلى اتفاق سياسي على غرار «اتفاق الطائف»، فعلى المجتمع الدولي التحرك والقيام بما يتعدى الدعوات إلى المصالحة وإشراك الأقليات السورية. فالأقليات، وبخاصة العلويون، يحتاجون إلى ضمانات أمنية وإذا لزم الأمر، إلى قوة دولية لحفظ السلام، ما سيصعب على المجتمع الدولي تأمينه. أضف إلى ذلك أن المعارضة السورية بحاجة إلى التوصل إلى تفاهم وإعادة هيكلة تدريجية وأكثر واقعية لمؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية، لتجنّب تجربة العراق، حيث أدى إبعاد حزب البعث إلى انهيار الأمن. ويرى لانديس، هنا، أن هذه الإمكانية تبقى أيضا بعيدة المنال، شارحًا أنه لاستمرار الدولة السورية ككل يجب أن تكون هناك «قوة احتلال» مثل ما حدث في العراق (مع الاحتلال الأميركي) أو في لبنان (مع الاحتلال السوري)». والاحتمال الأخير الذي يرى لانديس أنه على الأرجح سيجري اعتماده يقوم على إنشاء «تجمّع علوي». وعلى الرغم من أن هذا السيناريو قد يكون الخيار الأفضل للطائفة العلوية، فإنه خيار كارثي إذا ما أخذنا في الاعتبار بقاء الدولة السورية على المدى البعيد، «فهذا يعني انسحاب النظام إلى المناطق الساحلية التي يسيطر عليها العلويون مع إبقاء السيطرة على العاصمة دمشق»، وفق لانديس. ويتابع الخبير الأميركي فيقول: «إن إيران تحبذ هذه الاستراتيجية بما أنها تريد أن تحافظ على ما تعتبره (مناطق سورية حيوية) تشمل المدن الساحلية والمدن الكبرى على غرار دمشق». وفي هذا السياق أوردت صحيفة «الديلي ستار»، اللبنانية الصادرة باللغة الإنجليزية، أن إيران أرسلت 15 ألف مقاتل إلى سوريا محاولة التعويض عن الخسائر الأخيرة التي لحقت بقوات النظام، وهي تسعى إلى رؤية نتائج ملموسة لدعمها هذا بحلول نهاية الشهر، وفق ما كشف للصحيفة مصدر سياسي لبناني. وحسب المصدر فإن الميليشيات التي تتألف من الإيرانيين والعراقيين والأفغان وصلت إلى منطقة دمشق وإلى محافظة اللاذقية الساحلية.. كما أن الجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني، كان في اللاذقية هذا الأسبوع لدعم الاستعدادات للحملة الجديدة، وفق المصدر نفسه. مع ذلك، فإن محاولة تأمين «دولة علوية» ستؤدي لا محالة إلى تهجير قسري وحتى تطهير عرقي. ومحاولات الانفصال العلوية لضمان بقائها، ستؤدي إلى نوع جديد من الحرب العرقية مشابهة لـ«حرب البوسنة» الطائفية، حرب يبدو أنها قد بدأت بالفعل مع المزيد من القصف بالبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية التي أطلقها الأسد ضد المدنيين في المناطق المتنازع عليها. أخيرًا، ومن أجل بقاء الدولة ككل، على المعارضة السورية أن توضح كيف تعتزم حماية العلويين والأقليات الأخرى بعد سقوط بشار الأسد من أجل بناء دولة مستقبلية من شأنها أن تشمل جميع الجماعات الدينية في سوريا. ولكن في خضم المعارك الضارية الحالية على الأرض، لأسباب معروفة جيدا، يبدو أن هذه المهمة ستكون صعبة جدًا على المعارضة السورية المتشرذمة أصلا، وصعبة أكثر على المجتمع الإقليمي الذي يشهد على نحو متزايد استقطابا على أسس دينية.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/383841/عام-من-الجهاد-الكفائي-الحشد-الشعبي-يعمم-الإرهاب
2015-07-21 02:59:46
عام من الجهاد الكفائي.. الحشد الشعبي يعمم الإرهاب
الرباط: د. خالد يايموت
يعيش العراق ومعه محيطه الإقليمي على وقع السنة الأولى من فتوى «الجهاد الكفائي»، بقيادة ميليشيات الحشد الشعبي. وقد وضع المرجع الديني الشيعي السيستاني يوم الثالث عشر من شهر يونيو (حزيران) 2014، العراق أمام حالة جديدة أدت لتعميم الإرهاب، بأدوات ينظر إليها طائفيا أنها الذراع الواقية للدولة من «داعش» الإرهابية. إلا أن كثيرا من المراقبين يتفقون أن هذه الأشهر القليلة من عمر الميليشيات العراقية تؤكد أنها تنظيمات «فوق الدولة»، وليست جزءا من بنيتها العسكرية والأمنية، كما تزعم السلطة العراقية الحالية. ولا يظهر ذلك فقط في مبادرات الهادي العماري، أو يحيى المهندس، أو الناطق الرسمي باسم الحشد الشعبي كريم النوري، القيادي البارز في منظمة بدر، بل يظهر كذلك في كيفية تعاطي الولايات المتحدة الأميركية مع هذه الميليشيات، من خلال التغاضي عن أعمالها الإرهابية، وعدم تقديم أفرادها للمحاكم. والواقع أن الأعمال الإرهابية «لميليشيات الحشد الشعبي» لم تأخذ بعد ما تستحقه من الإدانة والانتقاد من التحالف الدولي ضد الإرهاب، ومن اهتمام الإعلام العالمي. فنادرا ما يتطرق للأعمال الوحشية التي ترتكب باسم الجهاد الكفائي، كما أن تناولها يكون عابرا ولا يعتبر الأفعال الوحشية المرتكبة أعمالا إرهابية، سواء تعلق الأمر بذبح المدنيين أو حرقهم، أو تهجيرهم قسريا. وغير خافٍ أن هذا التعامل المحلي والدولي ينتج ردود فعل معاكسة، مثال ذلك ما أقدم عليه مجلس شيوخ عشائر قضائي الفلوجة والكرمة يوم 4-6-2015، حيث أعلن ولاءه للتنظيم الإرهابي، ومبايعة أبو بكر البغدادي «على السمع والطاعة»، مبررا ذلك بما ترتكبه الميليشيات الشيعية من أعمال إرهابية يغض الطرف عنها، ويتضح من ردة الفعل هذه أن التطيف الحربي باسم الجهاد الكفائي، هو عامل مركزي في تعميم الإرهاب وإطالة أمده فوق التراب العراقي، كما أنه عامل أساسي في استمرار سيطرة «داعش» على 90 في المائة من مساحة الأنبار التي يجد الجيش العراقي والميليشيات الشيعية صعوبة بالغة في إحراز تقدم ملموس لإخضاعها للسلطة المركزية. فحسب البيان الذي تلاه الشيخ أحمد درع الجميلي المتحدث الرسمي باسم مجلس البيان، فإن قرار مبايعة تنظيم داعش، «كان نتيجة الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها الميليشيات بحق أبناء السنة في محافظات صلاح الدين وديالى والأنبار، والقصف المستمر الذي يطال أغلب المدن السنية ويخلف الآلاف من القتلى والمعاقين». وأن «هذا القرار جاء بعد المداولة والاجتماعات المتعددة بين شيوخ ووجهاء قضائي الفلوجة والكرمة، والخروج بقرار موحد مفاده الوقوف مع تنظيم داعش، كونه القوة الوحيدة التي تقف بوجه الحكومة الصفوية وميليشياتها». يأتي هذا في الوقت الذي يقود فيه شباب العراق حملة دولية لوقف ما أطلقوا عليه الإرهاب الإيراني في العراق. وقد أوضح محمد الدراجي، مؤسس ومنسق عام هذه الحملة الدولية أنه «انطلقت حملتنا بعد أن أصبح الإرهاب الإيراني في العراق يحظى بدعم دولي بحجة محاربة الإرهاب (..) لذا أصبح لزاما إطلاق حملة تستهدف أولا توعية العالم العربي والإسلامي بخطورة الإرهاب الذي وصل إلى بعض هذه البلاد، والضغط على بعض الجهات الداعمة أو المتواطئة مع هذا الإرهاب». وقبل أيام قليلة، اعترف جلال محمد مستشار رئيس الجمهورية العراقي، بواحدة من الأعمال الإرهابية المثيرة لميليشيا الحشد الشعبي، حيث عمدت وحدات من الميليشيا إلى اختطاف أربعة من حراس فؤاد معصوم وهم في طريقهم من كركوك إلى بغداد، واحتجزتهم في مكان مجهول، فيما طلبت من رئاسة الجمهورية 70 ألف دولار فدية لكل فرد من أفراد الحراسة. ومن المثير للانتباه أن يقف رئيس جمهورية العراق عاجزا أمام أمراء «الجهاد الكفائي» وميليشياته، و«الأغرب» من ذلك أن يتوجه الرئيس فؤاد معصوم صوب وساطة السلطة الإيرانية لإطلاق سراح حراسه الأربعة. إن هذا السلوك الرئاسي هو تعبير صادق عن خروج «الحشد الشعبي» من دائرة السيطرة الرسمية، رغم ما تدعيه السلطة العراقية. كما يدل الفعل الإجرامي المشار إليه أعلاه على أن الحشد الشعبي قادر على تجاوز كل السلط السياسية بالعراق. من جانب آخر يتضح أن الميليشيات صاحبة المبادرة الميدانية، وأنها تملك من الوسائل ما يؤهلها لفرض أجندتها على الدولة وليس العكس. فرغم ما يقال من تحوّل «الحشد الشعبي» إلى هيئة رسمية معترف بها من قبل مجلس الوزراء، وأن ميليشياته تابعة رسميًا لرئيس الوزراء حيدر العبادي، بصفته قائدًا عامًا للقوات المسلحة، فإن الواقع يؤكد أن هذه المجامع العسكرية كيان مواز لقوة الدولة، ولاعب شرس لأدوارها بشكل طائفي، وأنه يتقوى برهان الدولة عليه، في الوقت الذي تحمل المنظمات المشكلة له، مشاريع عقدية، وسياسية، لا تبالي بالمصالحة السياسية العراقية، والتوافق الوطني، وإنما تركز على القيام بأدوار الدولة، وإرفاق ذلك بالتجييش الطائفي، وأنه لا صوت يعلو فوق دور هذه الميليشيات التي صرح رئيس الوزراء حيدر العبادي مرارا بأن «مقاتلي الحشد الشعبي يمثلون العمود الفقري في المعركة ضد داعش». لا تقوم هذه الميليشيات بالدور العسكري فقط، بل إنها تسيطر على المدن وتقوم بإدارتها، ولا تستطيع السلطات الرسمية التصرف إلا وفق طريقة الإدارة المحلية التي تطبقها الميليشيات؛ فبتاريخ 4-6-2015م، رفض «الحشد الشعبي» عودة نازحي مدينة تكريت من كركوك وغيرها، رغم أن هناك قرارا رسميا بذلك، حيث صرح أحد أعضاء الحكومة المحلية في صلاح الدين بأنه «كانت السلطات على علم بحقيقة الأوضاع حين قطعت وعودها السابقة للنازحين التي نصت على إعادتهم قبل حلول شهر رمضان المبارك، لكنها تراجعت عن جميع الوعود بعد قرار صارم من قيادات ميليشيا الحشد الشعبي». ولا يتعرض المواطن العراقي لمثل هذه الممارسات فقط، بل إن الحشد الشعبي ينافس «داعش» في الأعمال الإرهابية؛ ففي نحو أسبوع فقط قامت عناصر من هذه الميليشيا بحرق عدد غير محدد من المدنيين السنة، ومارست ذلك بسادية وبشاعة، مما يؤكد ما سجله العديد من المراقبين من كون الجهاد الكفائي ما هو إلا تأسيس جديد لنوع من الإرهاب، لا يختلف عن إرهاب «داعش» من حيث الممارسة ومنطلقاته العقدية. فقد أكد مدير مركز بغداد لحقوق الإنسان، مهند العيساوي، أن قوات من الحشد الشعبي قامت بعد دخولها لمناطق سيد غريب والنباع جنوب صلاح الدين بحرق عدد من المواطنين أحياء، وقد أكد شهود عيان بهذه المناطق أن الحشد الشعبي عمد لإخفاء الجريمة، عبر تجميع الجثث في منازل وبعد ذلك قام بتفجيرها. يأتي هذا في الوقت الذي انتشرت فيه أشرطة مصورة تظهر الميليشيا وهي تحرق شابا سنيا في نفس المنطقة المشار إليها، ويظهر الشاب ممددا على الأرض والنار تلتهم نصفه السفلي. أما العملية التي أثارت نوعا من الاستياء الدولي هذا الأسبوع، فقد تعلقت بتعليق شاب سني وإحراقه بنفس الطريقة التي تعتمد للشواء، فقد تداول على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي شريط يظهر حرق شاب سني في محافظة الأنبار، من طرف عناصر ميليشيا شيعية، ويظهر بالفيديو أن عناصر من كتيبة «الإمام علي» الشيعية هم من قاموا بهذا العمل الإرهابي. وكان ناشطون وبعض السياسيين العراقيين قد تداولوا منذ أربعة أشهر فيديو آخر، يظهر قيام عناصر من الحشد الشعبي بإحراق أربعة من الشباب السنة بالرمادي. وتكرار هذه العملية يدل بما لا يدع مجالا للشك على أن «داعش» لم يعد يحتكر العمل الإرهابي، وأن فتوى الجهاد الكفائي تشكل مرجعية جديدة لإرهاب جديد بصبغة طائفية. * أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس
aawsat
http://aawsat.com/home/article/383836/السجون-عندما-تغدو-بؤرًا-للتطرف-الديني
2015-07-21 02:59:48
السجون عندما تغدو بؤرًا للتطرف الديني
لندن: رنيم حنّوش
يكشف خبراء مقربون من فكر جماعة الجهاد المصرية أن الدكتور أيمن الظواهري زعيم «القاعدة» الحالي بات أكثر تشددا وتطرفا بعد أن تعرض للتعذيب في السجون المصرية بقضية الجهاد الكبرى عام 1981 بعد أن اعترف عن زملائه وتلاميذه في الجيش المصري الذين شكلوا خلية بقيادة الضابط عصام القمري الذي اعتقل لاحقا. وظهر الظواهري في اليوم التالي خلال المحاكمات بقضية اغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات وهو يعلن أجندة التنظيم الفكري في الانقلاب على الحكومات قبل صدور الحكم بسجنه. فيما أن يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين والمرجع الإخواني الشهير كشف أن أبو بكر البغدادي كان إخوانيا حتى النخاع قبل أن يصبح أكثر تطرفا وتشددا في سجن بوكا بالعراق «رحم » تنظيم «داعش». إلى ذلك، نستعرض مسبّبات التطرف ونشوء التنظيمات في السجون، ونشير إلى تأكيد خبير في شؤون الجماعات الإسلامية لـ«الشرق الأوسط» أن السجون تلعب دور مراكز التجنيد و«الأدلجة» من خلال حلقات القراءة والنقاش بين المساجين، وأيضا لافتقارها إلى مشاريع إعادة التأهيل وارتكازها على التعذيب والعقاب. برزت ظاهرة التطرف والفكر الإرهابي داخل السجون العربية منذ عام 1965 في السجون المصرية، ومن ثم انتشرت إلى باقي الدول العربية وما زالت مسألة شائكة إلى اليوم. ويقول الباحث الأردني في الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية لـ«الشرق الأوسط» إنه «منذ عقدين على الأخص، وحتى الآن، أستطيع أن أجزم بأن جميع قيادات الجماعات المتطرفة تخرجت في السجون، ومنهم ناصر الوحيشي زعيم (القاعدة في اليمن) وأبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش المتطرف». كذلك يشير محللون إلى أن أساليب «غسل الدماغ» هي المفتاح لزرع التطرف من خلال الجلسات اليومية وحلقات «الدعوة» بين السجناء في المهاجع، ثم إن السجون تجعل المتلقي يأخذ الكراهية بشغف لاعتبارات نفسية تتعلق بكونه يشعر بالظلم، وفي حال سنحت له الفرصة ونال حريته سينتقم. وفي حال وجود شخوص داعين للفكر المتطرف يؤثر وجود هؤلاء على باقي السجناء. وهنا يكمن مدخل التطرف ونقطة التحول من إنسان طبيعي التفكير معتدل إلى متطرف. ولتأكيد هذه النظريات نلفت النظر لسيناريو السجون المصرية، إذ خرجت السجون المصرية في ستينات القرن الماضي عدة زعامات متطرفة، فالقبضة الأمنيَّة في مصر واعتقال الآلاف من أنصار الإخوان المسلمين أَدَّيا إلى تكوين «مدرسة» آمن عدد غير قليل ممن انجذبوا إليها بوجوب القتال من أجل تطبيق «حاكمية الإسلام»، كما أن كثيرًا من تلك الأفكار تجذرت في كتبٍ لمفكرين إسلاميين، استطاعوا معها إعادة إنتاج الفكر الحركي الإسلامي. إلى ذلك، يؤكد الباحث الأردني أبو هنية على ذلك بقوله: «بالتأكيد، (الجهادية المعاصرة) ولدت في السجون، إذ نشأت جماعة الجهاد في مصر وعلى رأسها سيد قطب وشكري مصطفى. أما في سجون الأردن مثل الجويدة والسواقة فقد نشأت جماعات متطرفة أخرى من أهم أعلامها أبو مصعب الزرقاوي وأبو محمد المقدسي». ويضيف أبو هنية مستطردا: «معظم المتطرفين في سوريا نشأوا في سجن صيدنايا، والشيء نفسه ينطبق أيضا على سجون العراق كأبو غريب والتاجي وبوكا، ناهيك من سجن أبو سليم في ليبيا وسجون اليمن ومعظمها احتضنت وجوهًا من تنظيم القاعدة». ويتفق خبراء مكافحة الإرهاب في أوروبا مع هذه التصريحات، إذ يذكر الخبراء أن السجون تحولت إلى مدارس لتخريج المتطرفين الذين يلتحقون بتنظيمات متطرفة. ويكمن أحد أهدافهم الرئيسة في اقتحام السجون والإفراج عن الجماعات التي تنتظر الخروج وهي معبأة بالكامل لتنفيذ كل المهمات التي توكل لها، وفقا للخبراء. وما يذكَر أن السجون في بلدان الشرق الأوسط تعج بالشباب النشط القابل للتطرف الفكري والجاهز لـ«الانتقام» من السياسات «التعذيبية» في السجن عن خروجه. كما يقول الدكتور المصري هاني السباعي، مدير مركز المقريزي للدراسات بلندن، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن «الشباب والفتيان الذين يشكلون أغلبية السجناء هم شعلة يتوقع أن يصدر منهم أي شيء». ويتابع موضحا: «إلا في حال تمت ترضيتهم بطريقة معينة وتعويضهم، وهذه أمور تستغرق وقتا طويلا». * الانتقام ونتائج التعذيب وحول ما يؤلم السجناء السياسيين من تعذيب جسدي ونفسي، كتب منتصر الزيات في كتاب «أيمن الظواهري.. كما عرفته»، شارحًا: «... وفي اعتقادي أن أهم ما كان يؤلم (أيمن) الظواهري أنه أجبر تحت وطأة التعذيب والإكراه على أن يكون شاهد إثبات ضد زملائه وإخوانه وأعضاء تنظيمه في القضية التي حوكم فيها عصام القمري والضباط الآخرون... ودفعه (ذلك) إلى ترك مصر.. وتفجير طاقاته في أفغانستان في الفترة من 1987 حتى 1990، وخلال هذه الفترة ولدت زعامة الظواهري واستطاع عبرها جمع شتات عناصر (الجهاد) من المجموعات المختلفة». وحول ذلك، يقول السباعي الذي كان معتقلا في سجن طره بمصر في الفترة نفسها مع الظواهري متذكرًا: «الظواهري تأثر مبدئيا بإعدام الشيخ سيد قطب عام 1966 عندما كان شابًا، وقرر في تلك الفترة من خلال كتاباته أنه لا حل للمسلمين إلا بإزالة الحكومات التي تعذبهم». ويضيف السباعي: «فمن عام 1966 إلى 1981 لم يُعتقَل الظواهري، وباشر عمله التبشيري داعيا الإسلاميين لعمل جماعي (قوي) لإزالة الحكومات... وبعد دخول السجن كنت معه هناك في نفس الوقت، ولذلك - كما يؤكد رئيس مركز المقريزي للدراسات - زاد السجن الظواهري اقتناعا بالعنف». وفي سيناريو مشابه، أصدرت منظمة حقوقية العام الماضي تقريرا يتناول الأوضاع الكارثية داخل سجن صيدنايا العسكري في سوريا، الذي يعتبر أكبر السجون التابعة لمخابرات نظام بشار الأسد. وتضمّن التقرير شهادات الكثير من السّجناء الذين أمضوا فترات طويلة داخل هذا السجن، لكنه اعتمد بشكل أساسي على شهادة أحد المعتقلين المحكومين بالإعدام من قبل المحكمة الميدانية، وأطلق سراحه ضمن إحدى صفقات التبادل السّريّة مع النّظام أخيرًا. ولقد حرصت الرابطة على إخفاء اسمه بسبب وجوده داخل سوريا، على ألا يصار إلى الكشف عن اسمه الحقيقي لحين تمكنه من الإدلاء بشهادة حية أمام لجنة دولية مختصة. وذكر التقرير أن المعتقلين يخضعون لممارسات لا إنسانية منذ لحظة دخولهم، من ضرب بالهراوات والقضبان المطاطية المترافقة مع كم هائل من الشتائم والإهانات. ويسرد التقرير أيضا أن المعتقلين يخضعون للمستوى نفسه من التعذيب والإذلال من قبل السجانين والحرس الذين لا يتجاوز أعمار كثيرين منهم العشرين سنة، ومن الأساليب الشائعة للتعذيب في سجن صيدنايا بالإضافة إلى الصفع والركل، الجلد بالكرباج (السوط)، والصعق بالكهرباء، والحرمان من النوم أو الطعام والشرب لفترات طويلة إلى جانب الحرق بالسجائر والمواد المذيبة. وتعليقًا على آليات التعذيب، يقول السباعي: «بالنسبة لأي إنسان يضطهد أو يعذب أو يهان، لا شك أن هذه الممارسات تترك عنده في صدره أثرًا سيئًا سلبيًا مع من يضطهده لأن الأصل أن يكون المرء حرًا وليس سجينا». ويضيف الخبير المصري في جماعات التطرف: «البشر ليسوا على درجة ضبط نفس واحدة، فمنهم من يتحكم في نفسه ومنهم من لا يستطيع ذلك». ويشرح قائلاً: «بالنسبة للمسلم العقدي فإنه يتحمّل بصبر، ويقول إن يوسف (عليه السلام) كان قدوة في ذلك فيضبط نفسه. ولكن هناك مساجين لا يتحملون ويودّون الانتقام من الجلاد والسجان وهذه مسألة فطرية». ويذكَر هنا أن كثيرين من قيادات الجماعات المتطرفة في سوريا هم من «خريجي» سجن صيدنايا منهم: حسان عبود (أبو عبد الله الحموي) وزهران علّوش وأحمد عيسى الشيخ (أبو عيسى) وأبو سليمان الكردي وأبو البراء الشامي. وثمة رواية بأن زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني قد يكون نزل في سجن صيدنايا لفترة من الزمن، ولكن هذه الرواية غير مثبتة. وجدير بالتنويه العلاقة ما بين الاختلافات بين الجماعات المتطرفة في سوريا وحادثة المجزرة في السجن عام 2008، التي أدّت في ذلك الحين إلى مقتل نحو 25 سجينًا، معظمهم من السجناء المتطرفين. وفي حين تبنت المعارضة السورية، مع منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام العربية والغربية، الرواية التي تقول إن السلطات السورية استقدمت كتيبة من الشرطة العسكرية لتفتيش سجن صيدنايا، وإن عناصر الكتيبة أجروا التفتيش بطريقة مستفزة لمشاعر الإسلاميين، فحصلت مشادة بين السجناء والشرطة العسكرية قتل فيها 9 أشخاص ما أدى إلى اندلاع أعمال احتجاجية داخل السجن سقط خلالها العدد المتبقي من القتلى. فإن الرواية الصادرة عن النظام السوري تزعم أن «بعض نزلاء السجن المحكومين بجرائم متعلقة بالإرهاب في العراق وسوريا، اعتدوا على زملائهم أثناء جولة تفقدية لمدير السجن، فاستدعيت قوات الأمن التي اشتبكت مع السجناء، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بين الطرفين». ويظهر الخلاف بعد صدور شهادات من بعض قيادات «الجهاد الشامي» ترجح صحة الرواية الرسمية، وربما لم تكن مثل هذه الشهادات تجد طريقها إلى النشر على الملأ لولا الخلافات العميقة التي تشتد يومًا بعد يوم بين الفصائل المتطرفة، وبشكل خاص بعد أحداث مسكنة بين «أحرار الشام» و«داعش»، التي تعتبر أكثر تلك الخلافات دموية حتى الآن، حيث سقط بسببها عشرات القتلى والجرحى. * حلقات تطرّف داخل السجن عند سؤال حسن أبو هنية، الباحث الأردني في شؤون الجماعات المتطرفة، عما إذا كان سبب التطرّف داخل السجون هو حقا التعذيب أم الاختلاط بمساجين متطرفين؟ أجاب: «إن السببين معا وراء التطرف». ومن ثم أضاف أبو هنية: «المهاجع يجري استغلالها لتكوين حلقات للدراسة والقراءة والكتابة، فمعظم (الكتابات الجهادية) خرجت من السجن بدءًا من (معالم في الطريق) لسيد قطب وغيرها». أما أحدث مثال على نشوء تنظيم متطرف داخل السجن فهو ولادة «داعش» في سجن بوكا بالعراق؛ إذ أمضى تسعة من كبار قيادات «داعش» بعض الوقت في بوكا، تبعا لما ذكرته «مجموعة صوفان»، وهي مؤسسة معنية بتحليل قضايا الإرهاب. وبخلاف البغدادي، الذي أمضى 5 سنوات بهذا السجن، كان من بين قيادات «داعش» الأخرى التي سجنت هناك الرجل الثاني في الجماعة وهو أبو مسلم التركماني، وحاجي بكر (القيادي العسكري البارز الذي توفي أخيرا)، وأبو قاسم قائد المقاتلين الأجانب، حسبما أفادت المؤسسة. وتضيف المؤسسة أنه رغم احتمالات أن يكون هؤلاء الأشخاص قد تحوّلوا إلى التطرف بعد دخولهم السجن، يبقى الأمر المؤكد أنهم خرجوا جميعا من السجن متطرفين. وفي مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» العام الماضي، أوضح أندرو طومبسون، العسكري السابق، والأكاديمي جيرمي سري، أنه «قبل احتجاز البغدادي وآخرين من الراديكاليين كان هؤلاء يميلون للعنف وعازمين على مهاجمة أميركا. ولكن جاءت فترة احتجازهم في السجن لتعمق تطرفهم ولتمنحهم فرص توسيع دائرة أتباعهم.. ومن ثم تحوّلت السجون إلى جامعات إرهابية فعلية، لعب فيها الراديكاليون المخضرمون دور الأساتذة، بينما كان باقي السجناء الطلاب. أما سلطات السجن فلعبت دور الحارس الغائب». ومن جهة أخرى، لاحظ بعض مديري السجون وفقا لتحقيق نشرته صحيفة «واشنطن بوست» ظاهرة تنامي التطرف في السجون: «... كان هناك ضغط جماعي هائل يمارس على السجناء كي يتحوّلوا نحو مزيد من الراديكالية في أفكارهم.. لقد لجأ السجناء بعضهم لبعض طلبا للدعم. وحال وجود راديكاليين في الدائرة الداعمة لهم، تظهر حينئذ دوما احتمالية اعتناقهم مزيدا من الراديكالية»، بحسب التقرير. وأما أبو بكر البغدادي، زعيم أكثر الجماعات الإرهابية تطرفًا في الوقت الحالي، فلم يكن معروفًا من قبل، إلا أن غزو الولايات المتحدة للعراق في 2003 أدَّى إلى إدخال أَعدادٍ كبيرةٍ من الشباب إلى السُّجون. وكان البغدادي أحد السجناء في بوكا، وكانت الفترة التي أمضاها هناك كفيلة بإعادة صياغته ليخرجَ منها قائدًا متطرفًا بصورة أشد من تنظيم القاعدة. ومن رماد ما سماه سجناء سابقون «مدرسة القاعدة» ولد «داعش». وبالفعل، أشارت «واشنطن بوست» من قبل إلى أن هؤلاء السجناء عندما أفرج عنهم عام 2009 وعادوا إلى بغداد، تحدثوا عن أمرين: تحولهم للراديكالية، والانتقام. ويمثل سجن رومية في لبنان حالة مماثلة لبوكا، إذ تصدّر هذا السجن، هو السجن المركزي في لبنان، واجهة المشهد الأمني في البلاد مطلع العالم الحالي، مع إعلان السلطات اللبنانية أن متشددين في السجن يتواصلون مع إرهابيين لتنسيق عمليات إرهابية في لبنان، ما دفع السلطات إلى تنفيذ العملية الأمنية داخله، ونقل السجناء من المبنى «ب» إلى المبنى «د». وحتى اليوم يعد سجن رومية من البقع الأمنية الخطرة، نظرا لأنه يتضمن موقوفين «خطرين»، وتزداد الخطورة نظرا لوجود ثغرة أمنية فيه، تتمثل في وجود تقنيات الاتصال بيد السجناء، ما يضاعف قدرتهم على التواصل مع الخارج وإدارة عمليات أمنية وغير أمنية من داخل السجن، والتحريض على حركات التمرد التي حفل بها سجن رومية خلال السنوات الماضية. لكن تلك الثغرة ليست الوحيدة؛ إذ يتضمن السجن عددا كبيرا من السجناء يفوق طاقته على التحمل، في ظل التباطؤ في إصدار أحكام بحق موقوفين منذ عام 2007، إثر العملية العسكرية التي نفّذها الجيش اللبناني ضد متشددي تنظيم «فتح الإسلام» في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان، وأدت إلى إنهاء ظاهرة التنظيم المتشدد. ويفوق عدد السجناء المتطرفين 200 شخص، منهم نحو مائة أوقفوا أثناء مواجهات مخيم نهر البارد، إضافة إلى 42 موقوفا آخرين من أنصار الشيخ المتشدد المطلوب للعدالة أحمد الأسير، أوقفوا إثر أحداث بلدة عبرا في مدينة صيدا، جنوب لبنان في صيف عام 2013. أما الباقون فهم عبارة عن مجموعات جرى توقيفهم تباعا بالتورط في الأحداث السورية، وإدخال سيارات مفخخة من سوريا إلى لبنان والتخطيط لأعمال إرهابية على الأراضي اللبنانية. ويعتبر سجن رومية، الذي افتتح عام 1970، من أكبر السجون في لبنان. ولكن على الرغم من أن مساحته لا تتسع لأكثر من 1500 شخص فإن عدد نزلائه يتخطى 3500 موقوف وسجين. * إعادة التأهيل مع نمو التطرف داخل السجون جرّاء التعذيب وحلقات «الدعوة»، يصبح من المُلحّ مراجعة المؤسسة في الشرق الأوسط. ويقول حسن أبو هنية أن «السجون العربية لا تلعب دور إعادة التأهيل بل هي عبارة عن حواضن للفكر الإرهابي والآيديولجية المتطرفة». ويضيف: «وبذلك لا تلعب السجون دور مدارس إعادة التأهيل بل تشغل دور مراكز التجنيد والأدلجة جراء افتقارها إلى مشاريع إعادة التأهيل والارتكاز على التعذيب والعقاب». ويخلق هذا حالة من التوحش والتطرف وصعوبة إعادة دمج المفرج عنهم إلى داخل المجتمعات، بحسب الباحث الأردني. ولقد ناشدت الأمم المتحدة لإعادة هيكلة السجون في أبريل (نيسان) الماضي؛ إذ على هامش مؤتمر الأمم المتحدة الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية عقدت ندوة عن تأهيل مرتكبي جرائم التطرف العنيف، جرى خلالها التأكيد على ضرورة الاهتمام بتطوير خطاب مضاد لما يحاول المتطرفون ترويجه لكسب التأييد وتجنيد أعضاء جدد. من جانبها، قالت جوان جوزيف، المسؤولة بمؤسسة الأمم المتحدة المعنية بأبحاث الجريمة والعدالة، إن السجون يمكن أن توفر فرصة لإعادة تأهيل مرتكبي جرائم التطرف العنيف. وفي فعالية حول تأهيل مرتكبي جرائم التطرف العنيف، قالت جوزيف في حوار مع إذاعة الأمم المتحدة: «لا توفر السجون فرصة فقط لتقييد قدرة مرتكبي الجرائم على القيام بأعمال عنف، لكنها توفر أيضا فرصة للتعامل مع القضايا التي قادتهم إلى التطرف العنيف. ويمكننا تقييم المخاطر والاحتياجات لإيجاد الاستراتيجيات والبرامج الملائمة لإبعادهم عن الاعتقاد بأن آيدلوجيتهم يجب أن تدفعهم لإلحاق الضرر بمن لا يؤمنون بها». وحول هذا الموضوع، يرى مانويل فالس، رئيس الوزراء الفرنسي، أن الحل يكمن في عزل السجناء المتطرفين عن السجناء المدانين في جرائم غير سياسية، إلا أن المنتقدين يرون أن هذه الخطة لن تؤدي إلا لجر السجناء الذين على هامش التطرف للبقاء في مكان واحد مع المتطرفين الحقيقيين؛ لأن فرنسا لا تملك برنامجا واضحا للقضاء على الفكر المتطرف. وفي جانب آخر، تشير دراسة نقلا عن مصادر بريطانية عن مراقبة السجناء إلى أن 10 في المائة من النزلاء المسلمين في سجون المملكة المتحدة البالغ عددهم 8 آلاف بين سجون إنجلترا وويلز يمكن أن يكونوا مستهدفين كمجندين محتملين لـ«موجة جديدة» من الإرهاب تركز على شن هجمات محدودة وغير منسقة. ووفق الدراسة فإن واحدا فقط من كل 10 من بين 230 سجينا أدينوا بأن لهم علاقة بجرائم إرهابية صدر بحقه حكم بالسجن مدى الحياة أو حكم عير محدد المدة. وتشير جميع الإحصائيات والحالات المطروحة إلى أهمية إعادة النظر في منظومة السجن وآليات العقاب.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410241/الصحافية-في-العراق-بين-الإرهاب-وسلطة-مجتمع-متشدد
2015-07-21 02:59:49
الصحافية في العراق بين الإرهاب وسلطة مجتمع متشدد
بغداد: أفراح شوقي
ما زلت أذكر تلك العصا الصغيرة التي حملتها وأنا في الثانية عشرة من عمري لأجري بواسطتها لقاء صحافيا مع أخي باعتبارها «مايك» وأمامنا دارت عدسة كاميرا فيديوية صغيرة كانت عائلتي قد اشترتها لتوثق بها ذكرياتها، كل من شاهد الفيديو القصير الذي أنتجته بنفسي وقتها، قال إنها مشروع صحافية ناجحة، وهذا ما كان عندما اخترت دراسة الإعلام في جامعة بغداد عام 1991، وقت ذاك لم يكن الأمر سهلاً، فقد وضع الإعلامي سعد البزاز رئيس لجنة المقابلة وقتها (ومدير قناة الشرقية الفضائية حاليًا) شروطا صعبة لاختيار المتقدمين.. كما أن طريق الإعلام لم يكن مفروشا بالرمل مثلما يقال بعد انقضاء سنوات الدراسة، وحلم الشهرة والنشر أبعد ما يكون عن أي مستجد في المهنة بسبب شح وسائل الإعلام.. بضع صحف يومية متشابهة، وقناتين محليتين، يسعى كل العاملين فيها لكسب رضا النظام السياسي الحاكم في البلاد، والانقياد لنمط واحد في الكتابة، لكني أزعم أني كنت محظوظة لأني زاملت وتتلمذت على أيدي أقلام صحافية ماهرة، كان ذلك في جريدتي «الجمهورية» و«نبض الشباب»، ومجلة «ألف باء»، (المجلة الأولى في العراق). ورغم انحسار حدود الإبداع في تلك الفترة، نتيجة الرقابة والتصحيح على ما يكتب بدءًا من مدير القسم وحتى رئيس التحرير وصولا إلى وزير الإعلام، وشح فرص النشر الذي عادة ما يعتمد على احتساب الدور بين الصحافيين لضمان العدالة بينهم، فإن تجربة إعداد امرأة صحافية في خضم تلك المتغيرات كانت مميزة وتحمل الكثير من الذكريات والعلاقات. بعد عام 2003 وجدت نفسي مع آخرين من زملائي أمام طقس جديد من العمل الصحافي، عمل يقترب من الصحافة الحقيقية التي أحلم بها، وانفتاح أكبر لممارسة الحريات.. حرية في اختيار المواضيع الساخنة، يعززه شغف الجمهور بالقراءة لمعرفة ما يجري.. قنوات فضائية كثيرة تحاول رصد ما يجري، وصحف تتبارى بوضع مانشيتات أكثر تشويقا وكسبا للقراء، تتنافس معها مواقع إلكترونية إخبارية. ما زلت أذكر حماستي للعمل ومعي زميلات وزملاء لي رغم ضبابية واضطراب المشهد السياسي والأمني في البلاد، ورغم الترويع الذي زرعته بيننا العبوات والسيارات المفخخة وهي تتنوع في اختيار أماكنها.. ملاحقة الأهل لي بترك الصحافة إلى مهنة أقل خطرًا لم تجد نفعًا. اقترن اسمي بمواضيع وتحقيقات لها تماس مع البسطاء والمستعفين من الناس، العمل الصحافي آنذاك، خاصة في أعوام العنف الطائفي (2005 - 2009) في العراق، كان المرحلة الأصعب، وأنا أدس السكين بحقيبتي وقنينة صغيرة لماء النار (تيزاب) كبضعة دفاعات عن نفسي فيما لو تعرضت للخطف أو التهديد من قبل عصابات مجهولة ومعروفة أيضًا! كان الفوز بتحقيق ميداني يصور واقعا مأساويًا أو يشرح تفاصيل جريمة ويكشف مفسدين، هو الشغل الشاغل لعملي في جريدة «المدى» البغدادية، على مدى أربع سنوات، قبل أن أنتقل بعدها مراسلة لجريدة «الشرق الأوسط» منذ عام 2011، وما زلت.. هذا التكليف جعلني أمام مواجهة جمهور عربي وعالمي، ومهمة ليست سهلة باعتباري سفيرة لبلدي فيما يجري فيه من أوضاع وأحوال.. في بلد لم يزل يعيش تقاليده الاجتماعية التي تنظر لعمل الإعلامية فيه على أنه نوع من الجرأة المبالغة أو الوقاحة أحيانا! «سأكشف سرًا طريفًا هنا»، وهو أني خسرت في مطلع حياتي بعض فرص جيدة للزواج من عرسان تقدموا كانت مهنتي هي العائق، باعتبار أن الصحافية صاحبة لسان سليط وجرأة لا تحتملها بعض العوائل المتحفظة! شريط الذكريات يمر أمامي سريعا الآن وأنا أسترجع بعض ما فيه من محطات مهمة، كان أبرزها ما تعرضت له من مضايقات خلال تغطية ميدانية لمظاهرات كبيرة عمت الشارع العراقي في عام 2011، للمطالبة بإصلاح الخدمات والنظام الحاكم، كان ثمنها خسارتي كاميرتي وبضع كدمات في وجهي. وليس آخرها ما حصل من لبس لدى البعض في موضوع نشرته عن لافتات تشير للجماعات المسلحة في البلاد، الأمر الذي عرضني لموجة سب وشتم وتحريض على القتل من أسماء معروفة ومجهولة، مكثت على أثرها شهرا إجباريا في البيت خشية تنفيذ تهديداتهم. الفهم القاصر لدى البعض لدور الصحافة الحقيقي في النقد وتأشير الخطأ كان سببا في تعرضي لعقوبات إدارية من محل عملي في وزارة الثقافة بعد أن نشرت تقريرا تحدث عن غياب دور العرض السينمائي والمسرحي في البلاد. عملي النقابي بعد انتخابي عضوة مجلس في النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين التي تأسست عام 2012، لا يخلو من مواقف صعبة وتحديات، خاصة ما يتعلق بمتابعة وضع الحريات في العراق، والقوانين والتشريعات التي تعنى بضمان حق الحصول على المعلومة وحماية الصحافي من الانتهاكات التي يتعرض لها كل يوم من قبل السلطات والأحزاب والمتنفذين في البلاد. ولعل صعوبة العمل الإعلامي في العراق بالنسبة للإعلامية اليوم يؤشر لطبيعة تقبل المجتمع الشرقي لعملها ومدى التعاون معها، إضافة لانتشار ظاهرة التحرش ومحاولة ابتزازها سواء من قبل مسؤوليها في المؤسسات الإعلامية أو حتى كبار السياسيين والبرلمانيين، كما أن الحصول على فرصة عمل مستقرة مهمة ليست سهلة مع عدم تفعيل قوانين الضمان الاجتماعي أو تنظيم عقود العمل بين الصحافي والمؤسسة الإعلامية، الأمر الذي جعل من الشائع أن نسمع عن جريدة تسرح العاملين فيها فجأة أو تطرد عددا منهم دون أن يكون هناك أي تعويض قانوني لهم.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410246/الهند-هجمات-صادمة-ضد-الصحافيين-بسبب-حملاتهم-ضد-الفساد
2015-07-21 02:59:51
الهند: هجمات صادمة ضد الصحافيين بسبب حملاتهم ضد الفساد
نيودلهي: براكريتي غوبتا
تم حرق جاغندرا سينغ حتى الموت بإيعاز من وزير في الحكومة الفيدرالية في ولاية أوتار براديش. وجريرة سينغ هي أنه كتب سلسلة من الموضوعات الصحافية عن تورط وزراء في عمليات تعدين غير قانونية. ونشر اتهامات للوزير بالفساد على صفحته على موقع «فيسبوك» مدعمة ببعض الوثائق. وفي حالة أخرى، تم اختطاف الصحافي سانديب كوثاري، وتم العثور على جثته بالقرب من قضيب سكة حديد. وكشفت تحقيقات الشرطة أنه تم حرقه حيًا على أيدي عصابات أقطاب المانغنيز والرمل الذين يعملون في ولاية مادهيا براديش. ولا ينبغي النظر إلى عمليات القتل هذه باعتبارها حوادث فردية، حيث تعرض صحافيون في الهند إلى سلسلة من الهجمات الصادمة على مدى الأسابيع القليلة الماضية. وقال الصحافي ساميودين نيلو، الذي تم استهدافه منذ عدة سنوات: «من الواضح أن الهجمات لم تكن هدفها فحسب إخراس الصحافيين الثلاثة، ومنعهم من كشف تفاصيل عن الأعمال الغامضة المشبوهة التي تزدهر في تلك الولايات، بل تهديد وإرهاب صحافيين آخرين أيضًا». وتم ضرب حيدر خان، ثم تم جره باستخدام دراجة نارية لكتابته عن الاستيلاء على أراضٍ بطريقة غير قانونية ويرقد في المستشفى بين الحياة والموت. وهاجم أفراد من عصابة أقطاب صناعة الرمل الصحافي التلفزيوني، آشوك نامديف. وأطلق رجال يركبون دراجات نارية النار على ديباك ميشرا لكتابته عن أوكار الميسر. وتم إطلاق النار على براسانتا كومار، صحافي في الريف، وإلقاؤه خارج سيارته، لكنه نجا. وأصيب أرون تشاتورفيدي، رئيس تحرير صحيفة أسبوعية هندوسية، إصابات بالغة في هجوم من قبل مجرمين بإيعاز من صاحب مزرعة ألبان، عندما اعترض تشاتورفيدي على إلقاء القمامة على جانب الطريق. وتمت مهاجمة أسرة الصحافي حافظ سيد الدين بالسلاح الناري عندما كان في مهمة عمل. وفي الوقت الذي تفخر فيه الهند بنظامها الديمقراطي، تعد الهجمات على صحافيين، والتي كانت 90 في المائة منها خلال شهر يونيو (حزيران)، سببا كافيا لإثارة القلق. المثير للاهتمام هو أن أكثر الصحافيين، الذين تم قتلهم أو الهجوم عليهم، من بلدات صغيرة؛ وكتبوا عن حالات فساد. وكثيرا ما يواجه صحافيون مضايقات وإرهابا من قبل الشرطة، وسياسيين، ومسؤولين بيروقراطيين في الهند. وقال سوجات بخاري، أحد كبار المحررين، والذي تم خطفه وضربه في كشمير بسبب تغطيته الإعلامية: «يوضح قتل صحافيين عام 2015 تنامي مكانة وسائل الإعلام المحلية خاصة الصحف المكتوبة باللغة المحلية». ويؤثر هذا النهج بشكل مباشر على حق المواطنين في مسائلة أقطاب، ومؤسسات صناعة التعدين، والنفط، والرمل، وكذلك السياسيون، ومسؤولو الولايات على حد قول سوجات. ويتعرض صحافيون، كشفوا فسادا أو أنشطة لعصابات مافيا خاصة الذين يعملون لدى صحف محلية، لعنف مثل الذي يتعرض له آخرون في بلاد لديها سجل مشين في مجال حرية الصحافة، بحسب ما توضح بيانات جمعتها صحيفة «هندوستان تايمز». وتأتي الهند في المرتبة الـ136 من بين 180 دولة على قائمة حرية الصحافة العالمية لعام 2015. وتشغل الهند المركز الرابع في قائمة الدول الأخطر من حيث حرية الصحافة لعام 2015 طبقا لبيانات لجنة حماية الصحافيين. وفتح المجلس الهندي القانوني للصحافة، والذي يقوم بدور تنظيمي ورقابي من أجل حماية الصحافيين، عدة تحقيقات في جرائم القتل، والهجوم في نطاق سلطته. وكما هو متوقع، أثارت أحداث العنف الأخيرة ضد صحافيين جدلا بشأن أمن وسلامة الصحافيين. وطالب صحافيون بارزون بوضع «خطة سلامة قومية» خاصة بالكتاب، في حين دعا آخرون إلى تمكين اللجان الصحافية. ودعا صحافيون هنود بارزون، ومجموعات حقوقية عالمية إلى وضع خطة قومية من أجل حماية الصحافيين وسط قلق من تعرض حرية الإعلام إلى ضغوط جديدة، تمارس بعضه الدولة. وقال تشاندراماولي كومار براساد، رئيس المجلس الهندي القانوني للصحافة: «جرائم القتل صادمة. وأمرنا بفتح تحقيق واستنادا إلى التقارير النهائية، سوف نقدم التوصيات المناسبة للحكومة». وقال رافيش كومار، مذيع أخبار في محطة «إن دي تي في إنديا»: «نحن بحاجة إلى إخبار المجتمع أن حريتنا كصحافيين مهمة من أجل حريتكم». وقالت نيرجا تشودهاري، صحافية بارزة: «تمثل التطورات الأخيرة تحديا مختلفا للصحافيين في الهند، حيث يوجد انتهاك لحقوق وحرية الصحافة». وأوضحت أن الهجمات طريقة لإخبار الصحافيين بضرورة الالتزام بالموضوعات الآمنة البعيدة عن الصحافة الاستقصائية. وهناك هجمات على صحافيين شجعان في بلاد مثل باكستان، وأفغانستان، والفلبين، لكن «من المؤسف أن بلادنا تتجه بقوة نحو هذا الوضع. مرتكبو الجرائم من الأشخاص النافذين الذين يتمتعون بحصانة، ويعلمون جيدا أنهم سيفلتون بفعلتهم». وأشارت إلى عدم اتخاذ أي فعل ملموس واضح حتى يمثل مرتكبو الجرائم أمام العدالة نظرا لتورط شخصيات تتمتع بسلطة ونفوذ. وأضافت قائلة: «استجابة الحكومة لهذه القضية بطيئة جدا». ما لم يكون هناك اعتراض شعبي، فالحكومة «لن تصغي». ولا تعد الهجمات على الصحافيين بالأمر الجديد، فبحسب المجلس الهندي للصحافة، تم قتل 79 في المائة من الصحافيين على مدى الـ25 عاما الماضية، ويعد هذا الرقم كبير جدا بالنسبة إلى دولة ديمقراطية، وبلد لا يقع ضمن نطاق منطقة حرب. خلال تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الثانية، شهدت الهند عملية إخراس للكثير من الصحافيين في مناطق تشهد إرهاب، وصراع مثل البنجاب، وكشمير، والولايات التي تقع شمال شرقي الهند، وولاية تشاتيسغار، التي تشهد عنفا. وكان مرتكبو أكثر جرائم القتل من مؤيدي الجماعات الإرهابية. مع ذلك خلال عامي 2011 و2012 بدأت أشكال أخرى تظهر. وتعرض صحافيون إلى هجوم بسبب كتابة موضوعات عن مافيا الأراضي، والمخدرات، والتعدين. وشهد عام 2013 مقتل أحد عشر صحافيا في مختلف أنحاء الهند. وشبهت الصحافية المخضرمة أنيتا جوشوا هذا الوضع بالوضع في سوريا، حيث لقي 16 صحافيا حتفهم في العام نفسه، وبباكستان حيث فقد تسعة صحافيين حياتهم. وانخفض عدد القتلى عام 2014، رغم أن الصحافيين، الذين فقدوا حياتهم، قد قتلوا لأسباب مماثلة.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410251/أزمة-اليونان-والاتفاق-النووي-الإيراني-يتصدران-الصحف-الغربية
2015-07-21 02:59:53
أزمة اليونان والاتفاق النووي الإيراني يتصدران الصحف الغربية
بروكسل: عبد الله مصطفى واشنطن: «الشرق الأوسط»
شهد الأسبوع الماضي اهتماما إعلاميا غربيا بملفين رئيسيين - المفاوضات اليونانية مع الدائنين الدوليين حول أزمتها الاقتصادية، والمفاوضات النووية مع إيران التي نتجت باتفاق تاريخي الثلاثاء الماضي. وحملت الصحف الأميركية الرئيسية عناوين عن الاتفاق النووي الإيراني يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، بينما انفردت صحيفة «نيويورك تايمز» بمقابلة حصرية مع الرئيس الأميركي باراك أوباما حول الاتفاق. وفي المقابلة التي حملت عنوان «أوباما يدافع عن الاتفاق النووي الإيراني» حملت الكثير من التفاصيل حول تفكير الرئيس الأميركي تجاه طهران والعلاقات معها وتطورات المنطقة. أما تداعيات اتفاق القوى الكبرى مع إيران على منطقة الشرق الأوسط فقد كانت في بؤرة اهتمام الصحف البريطانية. وفي صفحة الرأي في صحيفة «الفاينانشيال تايمز» كتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش مقالا بعنوان «هذه فرصة إيران لإخماد نار الفتنة التي أذكتها في المنطقة العربية». يستهل الكاتب مقاله بأن الاتفاق التاريخي الذي تم التوصل إليه حول برنامج إيران النووي تطلب مفاوضات استمرت عدة سنوات. ثم يتساءل الكاتب إذا كانت هذه الاتفاقية سوف تجلب للشرق الأوسط الاستقرار والأمن الذي بات ملحا بالنسبة له، أم أن مفعولها سيكون عكسيا، وستؤدي إلى زعزعة الاستقرار من خلال تشجيع سباق التسلح النووي؟ وحملت غالية الصحف الأوروبية تحاليل إخبارية بالإضافة إلى تغطية الفرص الاستثمارية الموجودة في طهران. وداخليا، انشغلت الصحف الأميركية بالتطورات الأخيرة في سباق الرئاسة، خاصة مع إعلان حاكم ويسكونسون سكوت والكر خوضه السباق للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة لعام 2016. ووصفت صحيفة «ذا هيل» المهتمة بأخبار الكونغرس الأميركي سباق الرئاسة بـ«المأساة الإغريقية» مع الخلافات المتفاقمة داخل الحزب الجمهوري. واستمر ملف أزمة اليونان يشكل عنوانا رئيسا في الصحف الأميركية والأوروبية، على حد سواء. واهتمت صحيفة «ستاندرد» البلجيكية بالتعديل الحكومي الذي عرفته أثينا خلال عطلة نهاية الأسبوع، واستبعد فيه ألكسيس تسيبراس رئيس الوزراء كل من عارض الاتفاق الذي توصل إليه مع قادة منطقة اليورو مؤخرا، وقالت الصحيفة إن الحكومة اليونانية ستبدأ المفاوضات حول برامج ثالث لدعم أثينا يقدر قيمته بـ86 مليون يورو في ظل تشكيلة جديدة، احتفظ فيها وزير المالية بمنصبه. وركزت الصحف الهولندية البلجيكية على اعتماد المجلس الوزاري الأوروبي ببروكسل مساعدة مالية لليونان بقيمة 7 مليارات يورو على المدى القصير. وأجرت مجلة «ذا نيو ستيستمان» البريطانية أول مقابلة صحافية مع وزير المالية اليوناني المستقيل يانيس فاروفاكيس، والذي شرح فيها أسباب استقالته بعد الحصول على الدعم الشعبي من خلال الاستفتاء على المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي. ووفي مقال رأي بصحيفة «دي تسايت»، أعرب فاروفاكيس عن اعتقاده أن ألمانيا كانت تخطط «للتضحية» باليونان عن طريق تعجيزها عن سداد ديونها وذلك سعيا منها لإصلاح منطقة اليورو. وأوضح الوزير السابق في مقاله أن «التصعيد لمعاناة اليونان على مدار سنوات طويلة» كان مدبرا من قبل وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله بهدف تمهيد الطريق لإعادة هيكلة منطقة اليورو بحيث تظهر المنطقة من خلال هذه العملية في صورة كيان مركزي له حق الاعتراض على الميزانيات الوطنية للدول الأعضاء فيها. واهتمت الصحف الأوروبية بذكرى حادث سقوط الطائرة الماليزية وقالت إنه في الذكرى السنوية الأولى لإسقاط طائرة البوينغ 777 التابعة للخطوط الماليزية فوق أوكرانيا شارك نحو ألفين من أقارب وأصدقاء ضحايا الطائرة في مراسم تكريم جرت الجمعة الماضية في نيوفيغين بهولندا. الطائرة أسقطت في أوكرانيا خلال رحلة عادية بين أمستردام وكوالالمبور وقتل طاقمها وجميع ركابها وعددهم مائتان وثمانية وتسعون مسافرا.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/405216/مونديال-السيدات-الأكثر-مشاهدة-في-تاريخ-الكرة-الأميركية
2015-07-21 02:59:59
مونديال السيدات الأكثر مشاهدة في تاريخ الكرة الأميركية
واشنطن: ريتشارد ساندومير
تابع 25.5 مليون مشاهد عبر محطة «فوكس» الفوز الذي حققته الولايات المتحدة على اليابان بنتيجة 5 - 2 في نهائي كأس العالم للسيدات الأحد، وهو رقم قياسي لأي مباراة في كرة القدم، سواء للرجال أو النساء، يتم بثها عبر قناة ناطقة بالإنجليزية في هذا البلد. ومع مشاهدة ما يقرب من 1.3 مليون مشاهد للمباراة عبر قناة «تليموندو»، المحطة الناطقة بالإسبانية، فإن إجمالي عدد المشاهدين البالغ 26.7 مليون مشاهد يفوق كذلك الرقم القياسي المسجل والبالغ 26.5 مليون مشاهد مجتمعين، الذين تابعوا فوز ألمانيا على الأرجنتين في نهائي كأس العالم للرجال العام الماضي على محطتي «إيه بي سي» و«يونيفيجن» الناطقة بالإسبانية. بالفعل سيدات الولايات المتحدة هن الآن بطلات العالم على جبهتين، وهو ما يمثل شهادة تدل على موهبتهن المستمرة، وجذبهن للجمهور الأميركي الذي يبدو أنه يزداد اقترابًا من كرة القدم. وتحدث إد ديسر، وهو مستشار تلفزيوني رياضي، والرئيس التنفيذي للاتحاد الوطني لكرة السلة الأميركية «إن بي إيه» عن عدة عوامل أدت إلى «عاصفة كاملة» من المشاهدة مساء الأحد، قائلاً: «إنها فترة من العام تشهد منافسات رياضية خفيفة، وفريق قوي يلتف الجميع حوله، ومباراة معادة بين الفريقين اللذين وصلا لنهائي كأس العالم للسيدات 2011، وأسابيع من حشد المشاهدة للفريق الأميركي على قناتي (فوكس) و(فوكس سبورت 1)». بتعبير ديسر، «كان هذا حدثًا من النوع الذي يثير المشاهدين». ونظرًا لإقامة كأس العالم في كندا، فقد كان لدى «فوكس» ميزة التوقيت، والفترات التي تتسم بكثافة المشاهدة للمباريات التي لعبها فريق الولايات المتحدة. وتجاوز عدد مشاهدي نهائي كأس العالم للسيدات أولئك الذين يتابعون نهائيات دوري الـ«إن بي إيه» الأخيرة، وكذلك الدوري العالمي العام الماضي. وإحقاقًا للحق، مع ذلك، فإن منافسات كأس العالم، والدورات الأوليمبية تقام كل أربع سنوات، ولا يمكن مقارنتها مباشرة بالقائمة السنوية لأفضل سبع بطولات. مع ذلك، من المثير للدهشة أن تجذب فعاليات السبع بطولات ضمن البطولة العالمية المثيرة بين «رويالز» من كنساس، و«جاينتس» من سان فرانسيسكو في أكتوبر (تشرين الأول)، التي جذبت 23.5 مليون مشاهد على قنوات التلفزيون الناطقة بالإنجليزية، أو أقل بواقع مليوني مشاهد عن ما حققه نهائي كأس العالم للسيدات مساء الأحد. كذلك تفوق نهائي السيدات في عدد المشاهدين بواقع نحو مليوني مشاهد، على المباراة السادسة والحاسمة في نهائيات الـ«إن بي إيه»، التي فاز فيها فريق «غولدن ستيت» على «كليفلاند»، وكان ستيفن كوري ولوبرون جيمس من نجومها البارزين. أما نهائي بطولة اتحاد الرياضيين القومي لكرة السلة للرجال 2015، فتجاوز في المقابل نهائي السيدات بـ28.3 مليون مشاهد، ولكن السيدات هن من يتصدرن المشهد. يدفع الفوز السهل كما في مباراة نهائي كأس العالم يوم الأحد، المشاهدين في كثير من الأحيان إلى الإقبال على المشاهدة، ولكن هذا لم يحدث هذه المرة. لقد سجل الفريق الأميركي أربعة أهداف مبكرة، ودخل الشوط الثاني في فانكوفر متقدمًا بنتيجة 4 - 1، وهي نتيجة لا يمكن تجاوزها تقريبًا في كرة القدم. ومع هذا، فقد زاد عدد المشاهدين المقدر عددهم بـ18.2 مليون مشاهد في بداية المباراة التي انطلقت عند الساعة السابعة مساء، بتوقيت الساحل الشرقي، ووصل إلى ذروة مشاهدة بـ30.9 مليون مشاهد خلال الوقت الأخير للمباراة بين 8:30 و8:45 مساء. ربما ظل المشجعون حتى النهاية ليروا ما إذا كانت كارلي ليلويد ستسجل هدفًا رابعًا، أم ربما أنهم كانوا ينتظرون أن تشارك آبي وامباك في المباراة في ما من المؤكد أن يكون آخر مباراة لها في كأس العالم فعليًا. أو ربما كان المشاهدون ببساطة يريدون أن يروا فريق الولايات المتحدة وهو يحتفل بالفوز للمرة الأولى بكأس العالم منذ 16 عامًا أمام حشد من المشجعين الأميركيين المنتشين في فانكوفر. وعلى محطة «فوكس»، كان الرقم القياسي المسجل لعدد المشاهدين يوم الأحد صادمًا إلى حد ما يوم الاثنين. «قال مايك مولفيهيل، نائب الرئيس الأول للبرامج والأبحاث في «فوكس سبورت»: «لقد أسأت تقدير ما ستحققه المباراة، لا شك.. إنها واحدة من أمتع المفاجآت التي شهدناها على الإطلاق». وقال إنه كان يعتقد بأن المشاهدة قد تصل إلى 19 مليونًا، وهو ما كان سيحطم رقم الـ17.9 مليون مشاهد لنهائي كأس العالم للسيدات 2009، الذي هزمت فيه الولايات المتحدة الصين بركلات الترجيح، خلال المباراة التي كانت تنقلها قناة «إي بي سي». كما كان من شأن هذا الرقم أن يتجاوز الرقم القياسي المسجل بـ18.2 مليون من المشاهدين الناطقين بالإنجليزية لمباراة الولايات المتحدة والبرتغال في دور المجموعات في كأس العالم 2014 للرجال. لكن بدا أن رقم الـ25 مليون مشاهد لا يمكن تجاوزه. وقال مولفيهيل: «كنت أشعر بالانبهار». وأضاف أن أرقام المشاهدة أظهرت أن 1.7 مشاهد في كل منزل كانوا يشاهدون المباراة، وهو معدل أكبر قليلاً من المعتاد في الفعاليات الرياضية. وقال مولفيهيل، وكان يقارن المباراة بالتجمعات المعتادة في مباريات كرة القدم في أعياد الشكر. وفي كثير من الأحيان تجذب الفعاليات الرياضية الكبرى مشاهدين غير منتظمين ربما لا يكونون متابعين باهتمام موسمًا أو مسابقة من البداية حتى النهاية. ويبدو أن أعدادًا من هؤلاء المشاهدين قد تدفقوا يوم الأحد، إذ زادت المشاهدة بمعدل أكبر من الـ8.4 مليون مشاهد، الذين تابعوا مباراة الولايات المتحدة وألمانيا في نصف نهائي كأس العالم العام مساء الثلاثاء الماضي، بمقدار 3 أضعاف. وحذر ديسر من النظر إلى مباراة نهائي الأحد، التي حظيت بنسبة مشاهدة كبيرة، باعتبارها مؤشرًا على تزايد الاهتمام بكرة القدم في الولايات المتحدة. وقال: «كان هذا حدثًا مشوقًا للغاية، وجرى في وقت جيد من اليوم في النصف المناسب من الكرة الأرضية، مع توافر سياق جيد.. ولكنك لن ترى فارقًا ماديًا في ما يتعلق بالمجال الرياضي يتجاوز هذا الحدث». وتابع قائلاً: «ستعود الأمور لطبيعتها الأسبوع القادم، رغم أنني أعتقد بأن ما حدث يزيد من احتمالية أن يشتري شخص ما تذكرة حضور مباراة في دوري كرة القدم الأميركي، أو يشاهد الدوري الإنجليزي الممتاز». وقد يزيد هذا من معدلات حضور مباريات دوري كرة القدم النسائية، الذي ستستأنف فيه 22 من 23 من لاعبات المنتخب الأميركي، أي جميع اللاعبات عدا وامباك، اللعب الأسبوع القادم. *خدمة «نيويورك تايمز»
aawsat
http://aawsat.com/home/article/405221/من-الميدان-العمل-الصحافي-في-أفغانستان-مغامرة-حقيقية-قد-تخسر-فيها-الحياة
2015-07-21 03:00:04
من الميدان: العمل الصحافي في أفغانستان مغامرة حقيقية قد تخسر فيها الحياة
كابل: محمود رحماني
منذ أن قررت قبل تسع سنوات اللحاق بركب الإعلاميين الأفغان والأجانب الذين يقومون بتغطية الأحداث الأفغانية اليومية وتداعياتها، كنت أعرف جيدا أن هذه المهنة هي مهنة المتاعب والصعوبات، ولا تخلو من المخاطر الجمة، خصوصا في بلد مثل أفغانستان حيث القانون والسلاح ينتشر في كل مكان، رغم مساعي القوات الدولية والمجتمع الدولي مساعدة الأفغان للخروج من تبعات الحرب وآثارها الكارثية التي أثرت سلبا على حياة وسلوكيات المواطن الأفغاني». ورغم أن الإعلام ليس من تخصصي، فإن شوقي ورغبتي لهذه المهنة كانت سببا في خوض غمار العمل الصحافي في أفغانستان ما بعد طالبان، إذ انتعشت فيها آمال الأفغان بمستقبل أفضل بعد ما تدفقت إليهم المساعدات المالية للدول المانحة، عملت مع عدة مؤسسات إعلامية محلية وأجنبية وقد كسبت تجارب غنية من خلال تغطية الأحداث اليومية التي تقع في أفغانستان، وما أكثرها، خصوصا العمليات العسكرية التي تشنها جماعة طالبان والجماعات المسلحة الأخرى، ومن الواضح أن هذه التغطية للأحداث أثرت سلبا على نمط حياتي كإنسان بعد ما شاهدت المجازر وأشلاء تتناثر للإنسان الأفغاني، سوء كانت لمنفذ الهجوم أو ضحاياه الذين يسقطون بشكل يومي ضمن حرب مجهولة لا أحد يعرف حقيقة الأهداف من ورائها وإلى متى ستستمر». سافرت إلى كثير من الولايات الأفغانية لعمل تقارير إنسانية من يوميات الإنسان الأفغاني البسيط بكل أطيافه وانتمائه العرقي، ولاحظت أنه لا تغيير كبيرا حدث في ظروف المعيشة للمواطن العادي، وأن أولوياته غير أولويات الحكومة المركزية في كابل، حيث يبحث عن الأمن والسلام المفقودين، مررت بتجارب مؤلمة خلال عملي الإعلامي في أفغانستان؛ ففي عام 2007 وأثناء تغطية عملية عسكرية شنتها القوات الأميركية على بلدة في شمال شرقي أفغانستان قيل لنا من قبل أهالي المنطقة في ذلك الوقت إن جميع الضحايا من جراء العملية الجوية هم المدنيون العزل، خلافا لرواية القوات الأميركية التي قالت للصحافيين إن القتلى من مسلحي طالبان، قررت الذهاب بعدها إلى المنطقة لتغطية ما وقع، والوصول إلى المعلومة الصحيحة، وأثناء العودة من المنطقة تم اعتقالي مع زملاء آخرين من قبل القوات الأميركية لعدة ساعات بحجة أننا ذهبنا إلى منطقة خارج سيطرة الحكومة وأنها تخضع لطالبان، وبعد تحقيق طويل وشامل تم إخلاء سبيلي، لكن بعد مصادرة جميع الصور والمقابلات التي أجريتها مع أهالي المنطقة الذين تحدثوا على الضحايا المدنيين والخسائر المالية التي لحقت بهم من جراء العملية العسكرية. وفي عام 2009، وقعت حادثة مخيفة في حياتي لن أنساها، حيث رأيت الموت بعيني ونجوت بأعجوبة، وفي التفاصيل مجموعة مسلحة تابعة لطالبان هاجمت قلب العاصمة كابل عقب تنفيذ عمليات تفجيرية استهدفت عدة مواقع حكومية قرب القصر الجمهوري، توجهت إلى مكان الاشتباكات للوقوف حول حقيقة ما يجري، وكانت أصوات الرصاص هي المسيطرة على أجواء كابل في ذلك اليوم، اقتربت من حاجز أمني للشرطة التي قالت إنه لا يُسمح بالاقتراب أكثر من هذه النقطة. بسبب الرصاص الطائش والخوف من توسع المعارك توقفت عند نقطة التفتيش للشرطة وأنا أستمع إلى أصوات الرصاص وتبادل إطلاق النار بين مجموعة مسلحة تحصنت في مبنى تجاري، ومن هناك كانت تطلق قذائف «آر بي جي» على مقرات أمنية والقصر الجمهوري، بينما كانت عناصر الأمن الأفغاني تطوق المكان وتحاول السيطرة على المبنى، والقضاء على المسلحين، فجأة توجهت سيارة الإسعاف إلى نقطة أمنية تابعة للجيش الأفغاني قرب مقر الخارجية الأفغانية وسط كابل، لا يبعد عن مسرح الأحداث سوى بضعة أمتار لكن عناصر الجيش رفضوا السماح للسيارة بالمرور، مشيرين إلى سائقها إلى المكان الذي أقف فيه مع الشرطة لتمر من هناك، توجهت سيارة الإسعاف باتجاهنا، قلت للمصور: لنقترب منها لنصور إذا كان بداخلها جرحى أو قتلى الهجوم، اقتربنا منها كثيرا، وأنا أرى وجه سائق السيارة جيدا، وهو شاب في العشرين من عمره، سأله الشرطي لماذا يتجول هو في الشوارع ولا يحمل أي جريح أو قتيل من جراء الاشتباك المستمر بين طالبان وقوات أمنية، وإلى أي مستشفى ينتمي، مكث قليلا ثم أشار إلى حزام ناسف كان يرتديه، فقال إن أمامنا أربع ثوان حتى نبتعد من المكان، لأنه كُشف أمره، وهو سيفجر الحزام والسيارة الملغمة. حينها نطقت بالشهادتين، وقلت في نفسي إنها نهاية الحياة، صرخ الجميع بإرادة أو بلا إرادة، وكان الانتحاري صادقا حين قال أمامنا أربع ثوان. ابتعدنا عن المكان ليفجر سيارة الإسعاف التي كان بداخلها ولم يلحق أي ضرر بالشرطة أو الصحافيين الذين كانوا في الموقع، كانت هذه أخطر تجربة عشتها خلال سنوات من تغطيتي للأحداث في أفغانستان. الوصول إلى المعلومة الصحيحة في بلد مثل أفغانستان وتغطية أداء الحكومة والوزراء والمسؤولين الآخرين ليسا أقل خطورة على حياة الصحافي الميداني من خطورة الحرب الحالية في هذا البلد، فكثير من الوزراء والمسؤولين الحكوميين متورطون في عمليات الفساد المنتشرة في البلاد، ولهم علاقات متينة مع مافيا الاقتصاد، وعند الإشارة إلى فسادهم أو نشر المعلومات التي تدينهم قد يفقد الصحافي في أفغانستان حياته بسهولة دون أن يخضع القاتل للمساءلة القانونية أو يثبت انتماؤه إلى أي جهة، حيث شهدت السنوات العشر الماضية حوادث قتل وضرب طالت الصحافيين الأفغان والأجانب في مختلف المناطق الأفغانية. مشكلات وصعوبات كثيرة وتحديات أمنية نواجهها أثناء التغطية الإعلامية، رغم أن أفغانستان تعتبر أفضل بكثير من الدول في المنطقة من ناحية حرية الرأي والبيان وإيصال المعلومة، لكن كل ذلك يبقى في الأوراق في كثير من الأحيان والحالات، ونواجه تضييقا في العمل ليس من قبل المسلحين فقط وإنما من قبل الشرطة وعناصر الأمن الذين يقومون بممارسات القيود والتضييق على العمل الصحافي الميداني في أفغانستان، خصوصا مع تصعيد الجماعات المسلحة من أنشطتها العسكرية لهذا الموقع القتالي في البلاد. مع ذلك تبقى أفغانستان رغم مضي أربع عشرة سنة من رحيل نظام طالبان أكثر المناطق خطورة للصحافيين، وهم يجازفون بحياتهم من أجل إيصال المعلومة والخبر الصحيح إلى المشاهد أو المستمع حول العالم، ويبدو أن السنوات المقبلة ستكون أكثر خطورة، بعد الأنباء التي تتحدث من حضور مقاتلي «داعش» في أكثر من ثلاث ولايات أفغانية، وتزايد المعارك بين طالبان و«داعش» من جهة، وبين الجماعات المسلحة التي تسعى للإطاحة بالحكومة في كابل والجيش الأفغاني من جهة ثانية.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/405226/هل-تؤسس-قنوات-التحريض-التلفزيونية-للتطرف-وتنمي-الإرهاب؟
2015-07-21 03:00:09
هل تؤسس قنوات التحريض التلفزيونية للتطرف وتنمي الإرهاب؟
جدة: عبد الله آل هيضة
عرّفت المادة الأولى من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، الصادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب في عام 1998، الإرهاب بأنه «كل فعل من أعمال العنف والتهديد به، أيا كانت بواعثه وأغراضه، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة، أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر». تعريف شامل، يلخص كذلك المجالات التي تسهم في وأد روح الإرهاب قبل تشكله، وتبرز منها المجالات الأمنية والدينية والتعليمية والإعلامية، ويعد المجال الأخير الأكثر بروزا منذ أكثر من أربعة أعوام وتنقّل شعلة الثورات العربية في بعض الجمهوريات العربية. محور الإعلام بتركيبته الشاملة، كان ولا يزال وسيظل المؤثر الأساسي في المجتمعات، منه ومن خلاله تساق كل الخطابات، وتصنع تأثيرها على المدى الطويل، ومع صعود نجم تنظيم داعش الإرهابي، زادت سخونة الأجواء وتأثير خطابه المرئي على فئة الشباب. والتأم شمل أهداف التنظيم مع بعض الخطابات السابقة والحالية حول علاقة السنة والشيعة معا، خاصة في منطقة الخليج، فمع تعدد القنوات التلفزيونية التي يصنفها المتابعون «طائفية» والمدعومة من بعض شخصيات سنية وشيعية؛ كلٌ في خندقه، تظهر بوادر الانقسام، وإلقاء اللوم حول تلك الخطابات الممنهجة حتى أضحى «داعش» بعيدا عن التهمة وماهية أهدافه. إضافة إلى ذلك، تبرز في الخليج قنوات مناطقية وأخرى قبلية، تشحذ حماسة الانتماء وتعكر العلاقة بين أطياف مجتمعية، جعلت من صغار السن اليوم من يستذكر تاريخ قبيلته في أزمنة القهر القديمة، ويجعلها معيشة في زمن تتسابق فيه الأمم على صنع الحضارات وعمارة الأرض، متجاوزة تواريخ الدم. وتصعد مع القنوات المبثوثة أمام المشاهد، ما يصنفه بعض من المتابعين بـ«القنوات الهادفة» وهي ذات توجه إسلامي يرى بعضهم أن خطابها ومنهجها لا يخلو من بعض التشابه مع قنوات تأسست على تغذية الطائفية وعبر رجال دين ذوي خطاب أحادي. في السعودية، التي تواجه معارك فكرية بشكل مستمر نتيجة الخطاب الديني الذي تمثله بعض الشخصيات والمرجعيات، تجد القنوات التلفزيونية حضورا ليس على الشاشة فحسب، بل حتى عبر قنوات التواصل الاجتماعي الذي تعد رمزا لما تبثه القنوات. ووفقا لمعلومات تحصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن هيئة الإعلام المرئي والمسموع السعودية تعمل بموجب «لائحة» وفقا لنظام المطبوعات والنشر بانتظار صدور نظامها الجديد، الذي سيمكنها من تحقيق غاياتها، مما دفعها إلى رفع تقارير عن منهج بعض القنوات بغية تشذيبها؛ منها قنوات بث مرئية وأخرى مسموعة وفقا للوائح البث والإنتاج والتوزيع عبر كل الوسائل التقليدية والجديدة، وفقا لمنهجها بتنظيم المحتوى الإعلامي المرئي والمسموع والمقروء. وسبق للهيئة إغلاق قنوات تمس الوحدة الوطنية، منها قنوات دينية وأخرى مناطقية وقبلية، كان آخرها مكتب قناة «وصال» التي تبث من خارج السعودية، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، وتتخذ مكتبا لها في الكويت كذلك قبل أن يتم إغلاقه على خلفية تفجير جامع الإمام الصادق الذي ذهب ضحيته 27 شخصا وأكثر من مائتي جريح، وتقف وراء تمويل القناة بعض الشخصيات الدينية المعروفة بتحريضها ضد الشيعة. عن ذلك، قال الدكتور فايز الشهري، عضو مجلس الشورى السعودي وعضو لجنة الثقافة والإعلام، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن الخطاب الإعلامي المباشر للقنوات التلفزيونية لا يوثر مباشرة على الرأي العام، كونه موزع على فضاء واسع، وتحتكر القنوات الإخبارية 80 في المائة من التأثير. وأضاف الشهري أن خطورة القنوات الطائفية والتحريضية المؤدلجة هي في استخدامها مقاطع تحمل شعار القناة، أو شيخا، أو رمزا للطائفة، تشعل من خلالها الشبكات الاجتماعية، وتكون مساهمة في إثارة الطوائف الإسلامية، وأن الاختلاف بين المذاهب موجود منذ القدم، لكن آثاره كانت محدودة عبر التاريخ، بينما ساهم الجو السياسي العام في الدول العربية على التركيز على الاختلافات وبثها بصورة التحريض، وهو مما استدعى من بعض الشباب الخليجي استقطاب تلك الأزمات وسط ما يعيشونه من رخاء مقارنة ببعض الدول العربية. ورأى الدكتور فايز، صاحب الخبرة الأمنية في المجال الإعلامي، أن الاتفاق على المشتركات، وبناء مشروع مع الفرق الإسلامية بعضها مع بعض، وتعزيز المشتركات الإنسانية مع العالم، سيسهم في توضيح صورة الإسلام الحقيقية، وعدّ أن علاج التطرف في المنطقة العربية يمر بمراحل عدة، أوجزها في احتواء الشباب و«معالجة البطالة التي يشكو منها كثير من الدول العربية، ورد المظالم، وتخفيف مظاهر القهر اليومي». ورأى الباحث السياسي الكويتي الدكتور صالح السعيدي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن التطرف ومكافحته، لا يلتزم بالتقليدية في سبل المعالجة؛ ومنها الإعلام، وعدّ أن استراتيجية تنظيم القاعدة كانت تركز على صراع الحضارات، بينما أراد تنظيم «داعش» جذب الشباب إليه وترويج خطابه من خلال صراع المذاهب. وأرجع السعيدي ما تعرضت له السعودية والكويت على وجه الخصوص خلال الأيام الماضية، إلى محاولة جر البلدان المدنية نحو صراع طائفي، ورأى أن الإعلام لا يعد بالجانب الأعمق في بلورة ذلك التطرف، محملا دولا غربية مسؤولية تنمية الطائفية «من خلال سكوتهم عن إرهاب (الحشد الشعبي) والنظام السوري، وهي أنظمة نمّت الصراع الطائفي وجسدته بكثافة عبر خطابها الإعلامي». بينما رأى الكاتب الكويتي الدكتور صالح السعيدي أن علاج التطرف يرتكز على تجديد طريقة الخطاب والنظر بشمولية أكثر في معالجة ذلك، مبينا أن القضاء على إرهاب الدول التي تنمي المذهبية خاصة في سوريا والعراق سيدمر كل التشكلات الطائفية ويقضي على الجماعات الإرهابية. وفي ضوء تطور الإعلام الاجتماعي وتأثيره، تشكلت مطالبات اجتماعية بإقرار وتفعيل منظومة تعنى بالإعلام والأمن الوطني، تعتمد القضاء على ثالوث: التطرف، والغلو، والإرهاب. وتفعيل المرجعيات الدينية والاجتماعية، وفتح قنوات التواصل مع الشباب العربي، في ظل ما يستهدف الدول العربية من حملات إعلامية بغية تدمير وحدة الأوطان والتعايش فيها. يذكر أن عددا من الجهات القضائية المصرية تنظر في عدد من القضايا المرفوعة ضد أكثر من 32 قناة من القنوات ذات التوجه الطائفي تدعمها بعض رؤوس الأموال التابعة للجمهورية الإيرانية وجمهورية العراق، التي تبث عبر أقمار «نايل سات» المملوكة لشركة الأقمار الصناعية في مصر، والعاملة بموجب ترخيص استثماري تبث من خلاله أكثر من 730 قناة. وتظهر القضايا التي تترقب الحكم؛ في ظل موجة إفلاس بعض القنوات الدينية، رغم أن قيمة بث قناة عبر «نايل سات» لا تتعدى 20 ألف دولار شهريا، ومنها قنوات تعود لبعض رجال الدين يُصنف بعضهم على أنهم أصحاب خطاب تأجيجي. ووسط ذلك الزخم الكبير من الانفتاح الإعلامي، يظل الإعلام وسيلة أمنية يرى الأمنيون في الدول العربية أن يقوم بدوره تجاه مكافحة الخطابات المؤدلجة التي تضر بالشعوب، عبر تقنين حرية التعبير وتطوير أدائها في مواجهة المد، وينصع التأثير ليس فقط للنقل، واتخاذ الفعل قبل رد الفعل، والتصدي لكل الحملات، مع نشر ثقافة التسامح والوسطية خاصة بين الشباب.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/405231/أمل-صقر-الجهل-بالقوانين-وضعف-النقابات-أديا-إلى-تراجع-الإعلام-في-العراق
2015-07-21 03:00:13
أمل صقر: الجهل بالقوانين وضعف النقابات أديا إلى تراجع الإعلام في العراق
بغداد: أفراح شوقي
عاشت الإعلامية العراقية أمل صقر تجربة مريرة، وفريدة من نوعها عندما تعرضت وعائلتها لحملة تحريض واسعة لترويعها وقتلها بمنشورات علنية في قناتين فضائيين واتهامها (زورًا) بالإساءة للرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، ومساندة المسيئين له، وذلك على خلفية نشرها ريبورتاجًا إذاعيا في إذاعة دولية يتضمن ردود فعل رسامي الكاريكاتير في العراق وإدانتهم للهجوم الذي تعرضت له مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية، في وقت تعيش فيه الصحافة العراقية والعاملون فيها أخطر مرحلة بغياب قوانين إعلامية ضامنة وشيوع ظاهرة الجماعات المسلحة التي لا تعرف غير لغة السلاح لإسكات معارضيها. القضاء العراقي سجل نصره الجديد في قضية الإعلامية أمل صقر بعد أن أعلن عن إدانة المحرضين على القتل وفق قانون محكمة الإعلام والنشر التي لجأت إليها الأخيرة وأصدرت حكمها بتغريم المحرضين والاعتذار منها عبر قنواتهم ذاتها، فكانت أول إعلامية تواجه المحرضين على قتلها عبر دعوى قضائية عراقية، الأمر الذي باركه الوسط الإعلامي العراقي واعتبره إعادة اعتبار للصحافي وللقوانين الضامنة لعمله وحياته. عن حكايتها، وما واجهته من مصاعب في ميدان عملها الإعلامي تقول الإعلامية أمل صقر، وهي فلسطينية الجنسية ومتزوجة من إعلامي عراقي وتسكن في بغداد منذ سنوات طويلة، «بدأت القصة عندما نشرت تقريرًا في وكالة (مونت كارلو) الدولية عن ردود أفعال رسامي الكاريكاتير في العراق لما لحق بمجلة (شارلي إيبدو)، عندما اعتبروها استهدافا لحرية الرأي والتعبير، وكان دوري كمراسلة صحافية توثيق ردود الفعل ونقلها مع شرح الحدث بحيادية ودون إبداء أي رأي شخصي، لكن ما حصل بعدها أصابني بالذهول والرعب أيضا بعد أن قامت قناتا (العراق الآن) و(العراق اليوم) الفضائيتان، بالترويج لأكاذيب ادعت فيها بأنني أسيء للرسول وأؤيد الإساءة له، وجاء التحريض على قتلي والتشهير بي بصورة بيان رقم واحد وبيان رقم اثنين، ووصلت إلى توجيه خطاب إلى رئيس الحكومة العراقية والادعاء العام العراقي لتحريك دعوى قضائية ضدي وضد زوجي الإعلامي زياد العجيلي بتهمة الإساءة للإسلام! في البدء عشت تجربة مريرة لأننا نعيش أوضاعا صعبة في البلاد ونشكو من غياب القانون الذي يحمي المواطن فكيف بالصحافي، لكني عزمت على استرداد حقي وفق القانون، وكان أن رفعت دعوى قضائية في محكمة الإعلام والنشر الخاصة بقضايا الإعلام، وكسبتها وأصدر القضاء العراقي أمرا بإلقاء القبض على المتهم، سعد الأوسي، مدير القناة وتعميمه على المطارات والمنافذ الحدودية وتكذيب ما ورد في منشور القناة واعتباره تشهيرا واضحا وتقديم الاعتذار، إضافة إلى دفع تعويض قيمته عشرون مليون دينار عراقي». وعن رأيها بواقع الصحافة العراقية خصوصا لعمل المرأة الإعلامية وسط مناخات صعبة وتحديات أمنية وضعف القوانين التي تحمي الصحافي؟ قالت: «أنظر لهذا الواقع بتوازن لا يوجد شيء اسمه المرأة الإعلامية والرجل الإعلامي فهما بالنسبة لي سواء في الميدان الإعلامي والخطر والتحديات واحد ولا تختلف باختلاف جنس الإعلامي.. بالنسبة للقوانين لا يوجد ضعف فيها، ولكن هناك جهلا واضحا بها ولا بد للإعلامي أن يعرف حقوقه والقوانين التي تضمن تلك الحقوق». وعن دور المنظمات والنقابات الصحافية العاملة في العراق أمام مثل هكذا قضايا، قالت: «من المؤسف أنه حتى الآن أجد أن دور أغلب تلك المنظمات ضعيف. فالبعض منها على سبيل المثال يطالب بتوفير حماية للإعلاميين ولكنه لا يطرح آلية واضحة لتلك الحماية، وهذا بصراحة يدل على سذاجة العقليات التي تقود بعض تلك المنظمات، فمعظمها لم يقدم شيئا في إطار حماية الصحافي على الأقل داخل مؤسسته الإعلامية أو تقديم التوعية القانونية الضرورية لحماية أنفسهم إزاء بعض ما يتعرضون له من انتهاكات على صعد مختلفة». أمل صقر أشادت بدور مؤسسة إعلامية جديدة حملت اسم «بيت الإعلام العراقي» يسعى لتوثيق ورصد الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون في العراق، وقد أفردت تقريرها الذي حمل عنوان «صحافيون عراقيون في مرمى التحريض»، وقد أكد فيه على شيوع ظاهرة: «منتجات إعلامية تدعو إلى التحريض، ضد صحافيين عراقيين على خلفية آرائهم ومواقفهم الثقافية أو السياسية. وقد حدد القانون العراقي النافذ، تعريف التحريض بأنه، خلق فكرة الجريمة ثم تدعيمها لتتحول إلى تصميم على ارتكابها». ومنذ مطلع عام 2015، تلقى صحافيون عراقيون وناشطون في قطاعات السياسة والثقافة، «إعلانات» ومواد صحافية تعرض بشكل مباشر تحريضًا على العنف، وقمعًا صريحًا لحرية التعبير، وسط غياب قواعد العمل المهني واللوائح الأخلاقية في غرف الأخبار، مصادر الإنتاج الإعلامي في العراق. تقرير بيت الإعلام العراقي رصد أيضا خبراء قانونيين في المؤسسات الصحافية والإعلامية، الذين يعتمد على دورهم في تقديم استشارات من شأنها منع نشر نصوص ومنتجات إعلامية قد تسهم في ارتكاب جريمة التحريض، أو قد تجعل المسؤول عن إنتاجها شريكًا في ردود أفعال انتقامية محتملة من أفراد أو جماعات من جمهور المتلقين، كما يرى بيت الإعلام أن استعمال مفردات «محرضة»، أو استغلال وسائل الإعلام لتقديم معلومات موجهة ضد أفراد أو مجموعات خرقًا فاضحًا لقواعد السلوك المهني. وفي ختام لقائنا مع الإعلامية أمل صقر سألتها عن رأيها بما حققته من مكاسب وهي تربح قضية مهمة، قالت: «ربح القضية كان واردا لدي لأن كل الأدلة لصالحي وتدعم موقفي، رغم ذلك فرحت جدا عندما صدر أمر إلقاء القبض بحق المتهم، إضافة إلى حكم القضاء كل ذلك جعلني أشعر بأنني أخذت حقي، وما أفرحني أكثر ردود أفعال زملائي في الوسط واعتبار ما حققته إنجازا لهم وهو بالفعل كذلك لأنه فتح الطريق أمامهم لمعرفة بأن هناك قوانين تحميهم بالفعل فقط عليهم الاطلاع عليها ومعرفتها، وهناك محاكم عدة من الممكن أن تنظر في قضاياهم على اختلافها. وهذا هو نصري الحقيقي وتضامن زملائي معي، وأنا على استعداد تام لمساعدة أي إعلامي يحتاج إلى أن يتوجه للقضاء لأجل استرداد حقوقه».
aawsat
http://aawsat.com/home/article/405236/الصحف-الأوروبية-معاملة-اللاجئين-العرب-على-حدود-مقدونيا-وأزمة-اليونان
2015-07-21 03:00:18
الصحف الأوروبية: معاملة اللاجئين العرب على حدود مقدونيا.. وأزمة اليونان
بروكسل: عبد الله مصطفى - واشنطن: محمد علي صالح
تنوعت الموضوعات التي اهتمت بها الصحف الأوروبية، خلال الأيام القليلة الماضية، وننطلق من الصحافة البريطانية، التي اهتمت بتطورات أزمة الديون اليونانية واستدعاء السياح البريطانيين من تونس بسبب «تهديد إرهابي محتمل»، بالإضافة إلى مخيم اليرموك وأسرى إسرائيليين في غزة. وفي موضوع آخر تحت عنوان «طلاب في بريطانيا وتمويل الإخوان المسلمين» قالت الصحف البريطانية: «لا يخمن طلاب السكن الجامعي في مدينة ليدز أن جزءا من إيجار السكن الخاص الذي يدفعونه يذهب لتمويل جماعات قريبة من جماعة الإخوان المسلمين، التي يعتبرها البعض (أم الجماعات الإسلامية المتطرفة)»، حسب تقرير نشر في صحيفة «تايمز» أعده أندرو نورفولك. بخلاف الاعتقاد السائد أنه لا فروع لجماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا، يقول المتحدث السابق باسم الجماعة في الغرب، كمال الهلباوي، إن أعضاء الجماعة في الدول الأوروبية لا يستخدمون اسمها، حسب التقرير. وإذا كانت الجماعة تعمل في أوروبا بأي شكل من الأشكال فهي بحاجة إلى تمويل، كما نقرأ في التقرير. هناك مؤسسة خيرية تدير عقارات بملايين الجنيهات في أنحاء أوروبا، وتملك 47 شقة في مدينة ليدز، حسب معد التقرير. ويعدد التقرير أسماء أعضاء مجلس أمناء المؤسسة الخيرية التي تحمل اسم «أوروبا»، يترأسهم أحمد الراوي الذي تصفه صحيفة «لوموند» الفرنسية بأنه أحد شخصين أوروبيين عضوين في «المكتب الدولي» لجماعة «الإخوان». ويمضي التقرير في وصف كيفية ارتباط المؤسسة الخيرية المذكورة بجماعة الإخوان وكيفية تمويلها، بالأسماء والتفاصيل. أما الصحف البلجيكية والهولندية فقد استمرت في متابعة ملف اليونان شأنها شأن صحف عواصم أوروبية أخرى، وقالت صحيفة «ستاندرد» البلجيكية الناطقة بالهولندية: «أجرت الأطراف الدائنة تقييما للمقترحات اليونانية الجديدة، ووجدتها بمثابة الأساس الجيد لإجراء مزيد من المفاوضات مع أثينا، وأبلغت الأطراف الدائنة موقفها هذا لمجموعة اليورو التي عقدت اجتماعات في بروكسل بعد ظهر السبت الماضي حول نفس الملف. وبعد إجراء التقييم من جانب صندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية يأتي دور دول مجموعة اليورو الـ19». وقالت الصحافة البلجيكية: «الآن تسعى أثينا للحصول على دفعه ثالثة من برنامج تمويل بقيمة 53 مليار يورو وتسعى الحكومة اليونانية من وراء خطة الإصلاحات إلى توفير ما يزيد عن 12 مليار يورو، من خلال عدة إجراءات تتعلق برفع الضرائب وإجراءات أخرى تضمنتها وثيقة برنامج الإصلاحات التي جاءت في 13 صفحة مكتوبة بالإنجليزية جرى تقديمها إلى بروكسل عقب إقرارها من البرلمان اليوناني. كما اهتمت الصحف البلجيكية بما أعلنته الحكومة نهاية الأسبوع من أنها نجحت في إنقاذ 244 شخصا من المسيحيين في حلب السورية في عملية استقدام لهم، في إطار تحرك إنساني بلجيكي لإعادة توطين هؤلاء بعد توفير الحماية الدولية لهم كطالبي لجوء في البلاد، وقد بدأت العملية في مايو (أيار) الماضي واستمرت حتى الأسبوع الماضي، بحسب ما أعلن وزير الخارجية البلجيكي ديديه رايندرس ووزير الدولة لشؤون الهجرة ثيو فرانكين». ويتعلق الأمر، حسب الإعلام البلجيكي، ببعثة إنسانية بلجيكية عملت في مدينة حلب منذ بداية شهر مايو (أيار) الماضي حتى بداية الأسبوع الحالي، حيث كانت المهمة تنحصر في تحديد الأشخاص الأكثر ضعفًا وحاجة للمساعدة مثل العائلات والأطفال والمرضى وكبار السن، وتم منح أكثر من مائتي شخص ينتمون لهذه الشرائح تأشيرات دخول إلى بلجيكا، لإعطائهم فرصة بالتقدم بطلب لجوء لدى السلطات المختصة. وجرى بالفعل استقدام 70 عائلة وبشكل إجمالي 244 شخصا. ومع انتصاف الصيف، بدأ الأسبوع باهتمام الإعلام الأميركي بمنافسات رياضية رئيسية: الاستقبال الحافل في نيويورك لفريق كرة القدم النسائي الذي فاز ببطولة العالم في كندا (كان هزم ألمانيا، ثم، في النهائي، هزم اليابان). نقل تلفزيون «إي إس بي إن» الموكب حيا على الهواء. ثم انتصار آخر للاعبة الأميركية السوداء سيرينا ويليامز، حيث فازت بلقب الفردي للسيدات في منافسات ويمبلدون في بريطانيا. واهتمت صحيفة «واشنطن بوست» بقرار جيرالد بروس لي، قاضي محكمة فيدرالية للمنطقة الشرقية من ولاية فرجينيا، بإلغاء العلامة التجارية لفريق واشنطن لكرة القدم، «ريد سكنز» (الهنود الحمر) لأن اسم الفريق يمكن أن يكون مسيئا لهم. واهتمت صحيفة «شيكاغو تربيون» بخبر لجوء هوزيه غارسيا، لاعب الفريق الكوبي، لكرة القدم إلى الولايات المتحدة أثناء وجوده في شيكاغو، قبل يوم من مباراة كوبا ضد المكسيك في منافسات إقليمية. في منتصف الأسبوع، كان هناك اهتمام بأخبار اقتصادية، مثل اهتمام صحيفة «وول ستريت جورنال» بخطة الإنقاذ التي قدمتها الحكومة اليونانية، قبل ساعتين من الموعد المحدد. وتشمل: رفع سن التقاعد إلى 67 (من 62). وخفض المعاشات بنسبة 15 في المائة للذين يتقاعدون في سن 62 عاما. واهتمت وكالة «بلومبيرغ» الاقتصادية بإعلان شركة «مايكروسوفت» تخفيض 7800 وظيفة، خاصة في قسم التليفونات الجوالة الذي كانت الشركة اشترته، قبل ثلاثة أعوام فقط، من شركة «نوكيا» الفنلندية. وفي الأخبار العالمية، اهتمت صحيفة «نيويورك تايمز» بإعلان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، اتفاقا بين الأطراف المتحاربة في اليمن لوقف الحرب، بداية من يوم الجمعة إلى نهاية شهر رمضان. وفي الأخبار الداخلية، اعتراف مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) بالتقصير في مراجعة سجل جرائم فرانك روف، الذي قتل 9 سود في كنيسة. حسب القانون، يمنع كل من له سوابق من شراء مسدس أو بندقية. مع نهاية الأسبوع، عادت أخبار العمليات الإرهابية في الخارج إلى الصفحات الأولى في الصحف، وإلى نشرات أخبار التلفزيون. في عدد واحد من صحيفة «واشنطن بوست»، 4 أخبار عن الإرهاب، من 4 دول: هاجم مفجر انتحاري مدينة مايدوجوري (نيجيريا) مما أسفر عن مقتل 10 أشخاص على الأقل. فجر انتحاري يرتدي برقعا نسائيا نفسه، وقتل 14 شخصا في نجامينا (تشاد). تبنى تنظيم داعش انفجار سيارة مفخخة قرب القنصلية الإيطالية في القاهرة (مصر). قتل 10 أشخاص على الأقل في هجمات على فندقين في مقديشو (الصومال).
aawsat
http://aawsat.com/home/article/399951/مدير-«فوكس-إنترناشونال»-في-الشرق-الأوسط-يؤكد-وجود-ثورة-بتلفزيون-الإنترنت
2015-07-21 03:00:28
مدير «فوكس إنترناشونال» في الشرق الأوسط يؤكد وجود ثورة بتلفزيون الإنترنت
دبي: مساعد الزياني
قال سانغاي رينا مدير عام قنوات «فوكس إنترناشونال» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان إن الإقبال على شبكات التلفزيون يشهد ثورة حقيقية، عندما يتعلق الأمر بمنتجي محتوى الفيديو المتاح للعموم عبر الإنترنت، حيث ساهم هذا العامل البارز في عالم التلفزيون، في تغيير طريقة استعراض المحتوى من قبل المشاهدين. وأضاف رينا أنه على الرغم من ازدياد شعبية محتوى الفيديو المتاح للعموم حول العالم، يستمر الاشتراك التلفزيوني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في فرض هيمنته مع ازدياد معدلات المشاهدة والإيرادات. وكشفت دراسة حديثة لشركة «آي إتش إس تكنولوجي» أن إجمالي اشتراكات التلفزيون المنزلي الأساسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حقق ارتفاعًا وصل إلى 4.8 مليون مع نهاية العام 2014، مما يشير إلى نمو سنوي بلغت نسبته 12.4 في المائة. كما ارتفعت إيرادات الاشتراك التلفزيوني في المنطقة إلى أكثر من 100 مليون يورو، من 702 مليون يورو في عام 2013 إلى 873 مليونًا يورو في 2014. وإضافة إلى ذلك، تتوقع آي إتش إس استمرار النمو الإيجابي للاشتراك التلفزيوني حتى عام 2019، ليصل عدد الاشتراكات التلفزيونية المنزلية الأساسية إلى 6.6 مليون، وارتفاع إيراداتها إلى 1.7 مليار يورو. وبالعودة إلى مدير عام قنوات «فوكس إنترناشونال» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن شبكات البث الإقليمية تبذل جهودًا كبيرة لتقديم برامج عالية الدقة تتماشى مع المعايير الدولية، وذلك سعيًا منها لتحقيق تجاوب سريع مع ثورة المحتوى الرقمي، وأضاف: «تشهد معدلات الاستثمار في المحتوى الرياضي نموًا لا مثيل له في التاريخ، مع احتلال ابتكارات مثل البث فائق الوضوح لجزء كبير من هذا التوجه في الإمارات، خصوصا في ظل نمو تقنية (4K)، التي تقدم برامج بجودة فائقة مذهلة تتفوق على البث عالي الوضوح». وزاد: «شهدت السنوات الأخيرة الماضية نموًا مطردًا في أعداد موزّعي محتوى الفيديو المتاح للعموم، التي توفر خدمات محتوى إنترنت مدفوعة ومجانية مع إمكانية تنزيل وتملّك، أو استئجار، أو الاشتراك بعدد غير محدود من المحتوى لفترة معيّنة، فضلاً عن توفير قنوات إلكترونية مثل (يوتيوب) ذي البث المجاني». وأكد أنه في الوقت الذي يزداد فيه الإقبال على محتوى الفيديو المتاح للعموم في منطقة دول الخليج بشكل واضح، مع إشارة 23 في المائة من المجيبين على الاستطلاع، فإنهم يفضلون الحصول على المحتوى باستخدام خدمات تلفزيون الإنترنت، لأنها تمكنهم من الدخول إلى عدد كبير من الأجهزة، وكشف استطلاع «يوجوف» أن المجيبين لم يشيروا إلى أي مزود خدمة معين بشكل خاص. ولفت رينا إلى أنه نظرًا لازدياد التوجه نحو مفاهيم المشاهدة غير النمطية، تقدم شركات الاشتراك التلفزيوني الآن خدمات العرض المتعدد التي تزود المشتركين بإمكانية الوصول إلى المحتوى باستخدام أجهزة مختلفة، فضلاً عن قيام مزوّدي شبكات بث الاشتراك التلفزيوني - بروتوكول تلفزيون الإنترنت - بتطوير عروضها الخاصة بمحتوى الفيديو المتاح للعموم، سواء على شكل منفرد أو ضمن مجموعات عروضها، بهدف تقديم قيمة مضافة لمشتركي التلفزيون المنزلي. ومن شأن النمو العالمي لخدمات الفيديو المتاح للعموم منخفضة التكلفة أن يجهّز السوق لجيل جديد من مشتركي التلفزيون المنزلي من خلال غرس عادات الدفع مقابل الحصول على المحتوى، في جيل كامل من المشاهدين. وفي السياق نفسه أيضًا، تعمل شركات البث الإقليمية على زيادة استثماراتها لإنتاج محتوى محلي أكثر قوة يلقى اهتمام وإقبال المشاهدين من جهة، ولا يوجد بالشكل الكافي على منصات محتوى الفيديو المتاح للعموم من جهة أخرى وفقًا لرينا. ويتضمن ذلك إنتاج البرامج الوثائقية والترفيهية باللغة العربية، فضلاً عن إنتاج إصدارات إقليمية لبرامج تلفزيون الواقع المشهورة عالميًا. كما تقدم الكثير من محطات الاشتراك التلفزيوني في المنطقة مسلسلات وأفلام دولية مدبلجة إلى اللغة العربية، بشكل يضمن للمشاهدين الحصول على تجربة مشاهدة برامج بطريقة سهلة الاستيعاب، وضمن أعلى معايير الجودة في الوقت نفسه. يذكر أن 74 في المائة من المشاهدين في المنطقة ما زالوا يستخدمون التلفزيون للحصول على معظم المحتوى، وتبرز أجهزة فك التشفير، وبروتوكول تلفزيون الإنترنت، وقنوات البث المجاني، كالوسائل الأبرز للحصول على المحتوى. ولكن يستمر مزودو خدمات الاشتراك التلفزيوني ببذل الجهود لمواكبة الطلب المتزايد عبر استخدام الإنترنت بشكل مفيد. وفي نهاية المطاف، ستندلع معركة أسعار بين محتوى الفيديو المتاح للعموم ومزوّدي خدمات الاشتراك التلفزيوني، بحسب مدير عام قنوات «فوكس إنترناشونال» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان. وقال: «حاليًا، يواصل الاشتراك التلفزيوني تحقيق نمو متزايد في ظل استمرار تطبيق مفاهيم الاشتراك التلفزيوني المدعوم بحزم عمل معززة، وخطط توحيد ناجحة، واستغلال أكثر فعالية للمواهب والموارد المحلية، والتطبيق المستمر للمحتوى باللغة العربية».
aawsat
http://aawsat.com/home/article/399946/كيف-تتأقلم-كليات-الصحافة-مع-صحافة-الإنترنت؟
2015-07-21 03:00:33
كيف تتأقلم كليات الصحافة مع صحافة الإنترنت؟
واشنطن: محمد علي صالح
روى ديفيد ريمنيك، رئيس تحرير مجلة «نيويوركر»، وكان صحافيًا في صحيفة «واشنطن بوست»، ومن كبار الصحافيين الأميركيين، قصة عن تحدي إعلام الإنترنت للمقررات التي ظلت كليات الصحافة الأميركية تدرسها لعقود وعقود. قال إن واحدا من هذه التحديات قول صحافي رياضي: «درست أربع سنوات صحافة، ونلت ماجستير صحافة، لكن حتى اليوم، لا أقدر على وصف دقيق لطريقة رمي كرة البيسبول نحو ميدان الفريق الآخر». وقال ريمنيك، إن الإعلام الرقمي التصويري حل هذه المشكلة. وأضاف في ندوة في كلية الصحافة في جامعة كولومبيا (نيويورك)، كتبت عنها دورية «كولومبيا جورناليزم ريفيو» (تصدرها نفس الكلية): «حقيقة، لا تقدر أكثر الكلمات فصاحة على وصف مثل هذه الأشياء». وقالت الدورية: «وسط هذه التساؤلات، ومع قدوم عصر صحافي جديد، صارت كليات الصحافة في كثير من الجامعات الأميركية تكرس جزءا متزايدا من مناهجها الدراسية لدراسة الإعلام الرقمي، وللمساهمة في تطويره». وأضافت الدورية أن هذا التحول لا يزال في بدايته، لكنه يلقى إقبالا متزايدا من الجيل الجديد من الصحافيين والصحافيات، ومن الذين يريدون أن يكونوا صحافيين وصحافيات، وأنه «في الواقع، مع فرص العمل الشحيحة، والرسوم الدراسية المرتفعة، صار هذا الإقبال الجديد ينبع من حاجة ملحة لتحويل درجة جامعية إلى راتب منتظم ومناسب». وقال سام فريدمان، أستاذ عريق في نفس الكلية، ومن كتاب الأعمدة في صحيفة «نيويورك تايمز»: «يجب ألا تكون كلية الصحافة فقط مدرسة مهنية وتخرج فقط مهنيين، تريدهم شركات النشر لتحقيق أهدافها الربحية. لكن، في الجانب الآخر، ها نحن نشاهد ونعيش ثورة إعلامية تكنولوجية لم يسبق لها مثيل في التاريخ. وها هم القراء، في كل مكان، وفي كل دولة تقريبا، يريدون نوعا جديدا من العمل الصحافي. لهذا، يجب ألا ندفن رؤوسنا في الرمال. يجب أن نستجيب، لكن أيضا يجب أن نحافظ على أهم تقاليدنا، وقيمنا، ومثلنا». وقال ستيف كول، عميد كلية الصحافة في جامعة كولومبيا (كان صحافيا كبيرا في صحيفة «واشنطن بوست»، وكتب كتابا عن عائلة بن لادن السعودية، نال به جائزة «بولتزر» للصحافة): «رغم مناقشات جيدة عن كيفية تحسين تراث الكتابة الصحافية ليواكب الصحافة الرقمية، يوجد موضوع آخر يستحق النقاش، وهو كيفية تحسين المقررات، وتنفيذ المنهج الدراسي الذي يغطى عشرة شهور فقط كل عام». وأضاف أنه توجد مشكلات لوجستية، وتعليمية، ومالية. وقال: «لكن لا يوجد أحد يقف أمام القطار، ويصرخ: عد إلى من حيث أتيت». وقال إدوارد واسرمان، عميد قسم الدراسات العليا في كلية الصحافة في جامعة كاليفورنيا (في بيركلي)، إن أهم «تقاليدنا» هي الكتابة الصحافية. وتساءل إذا صارت الكتابة في الإنترنت سطحية. وقال: «أعتقد أن هذا خطر يواجه الذين يكتبون كتابات صحافية تعلموها في كليات الصحافة، التي توارثتها جيلا بعد جيل».واعترف بوجود «رجعية» في مقررات كليات الصحافة، تريد الالتصاق بهذا التراث.. و«فعلا، تعوق الانتقال إلى العصر الرقمي». بين «الرجعية» و«التقدمية»، يختلف الوضع من كلية إلى أخرى: من بين «الرجعيين»، جون ماكارثر، ناشر دورية «هاربر» (التقدمية)، قال: «يزعجني كثيرا، كناشر، وككاتب، هذا التغيير القبيح الذي دخل على فن الكتابة (في عصر الإنترنت)، بدلا عن فن النثر (بروز)، ظهر فن المحتوى (كونتنت)». وقال: «صار رؤساء التحرير ورؤساء الأقسام يقلصون ويغيرون جملا وعبارات مثل الذهب الناصع إلى شيء يشبه قطعا من ركام معادن مختلفة». في الجانب الآخر «التقدمي»، في بداية هذا العام، أصدرت شركة «نايت» الصحافية العملاقة تقريرا اتهمت فيه كليات الصحافة بأنها «تتلكأ» في اللحاق بركب الإنترنت. في آخر أعدادها، سألت دورية «كولومبيا جورناليزم ريفيو» ماكارثر «الرجعي» عن تقرير شركة «نايت»، «التقدمي». وأجاب: «في الوقت الحاضر، أنا صاحب شركة نشر. وإذا صرت، فجأة، عميد كلية صحافة، لن أدرس الكتابة الرقمية». لكنه عاد وقال: «في عمري هذا، لا بد أن أكون واقعيا. كيف أقول لشباب وشابات يدرسون الصحافة إن الكتابة الرقمية شيطان يجب ألا يقتربوا منه؟». وصمت قليلا، ثم قال: «لا أعرف ماذا أقول؟». تختلف الأقوال والآراء. لكن ماذا تفعل كليات الصحافة أمام «الأمر الواقع»؟ من بين كليات الصحافة التي تتردد بين القديم والجديد (لا يمكن وصفها بأنها «رجعية»)، كليات الصحافة في جامعة كولومبيا، وفي جامعة جنوب كاليفورنيا، وفي جامعة نورث ويستيرن. تتشابه هذه الكليات الثلاث في أنها خلال السنوات العشر الأخيرة، قلصت فترة نيل درجة الماجستير من عامين إلى عام، أو أقل. هذا هو ما تحدث عنه ستيف كول (عميد كلية الصحافة في جامعة كولومبيا) عن الجوانب اللوجستية. وقصد ضيق الوقت، في برنامج عشرة شهور فقط لنيل الماجستير. لكن، يبدو أن جامعات ولاية كاليفورنيا تتأرجح بين «الرجعية» و«التقدمية».. في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس (يو سي إل إيه)، حدث تحول «تقدمي»، ورغم فترة تسعة شهور فقط لنيل الماجستير في الإعلام، صارت كل الفترة «رقمية». وصار شعار الكلية «تسعة شهور رقمية»، مع شعار آخر يقول: «غرفة أخبار رقمية»، و«مبنى جديد، ومقرر جديد، وعصر جديد». لكن، في جامعة جنوب كاليفورنيا (يو إس سي)، يوجد بعض التردد، كما قال ساندي تولان، أستاذ في كلية الصحافة في الجامعة. قال: «نعم، يغير الإعلام الرقمي كل شيء. لكن، كيف نحافظ على تراثنا الصحافي؟». في كلية وولتر كرونكايت للصحافة في جامعة ولاية أريزونا، قالت ماريان باريت، عميدة مشاركة: «ليست الرقمية هامشية أو عابرة بالنسبة لنا. نحن ندرس تلاميذنا لدخول العصر الرقمي في شجاعة وتفاؤل». وأشارت إلى «مقررات أساسية» في الكتابة الصحافية، والتحقيقات، وقواعد اللغة. وأيضا «مقررات رقمية» عن الإعلام الجديد. وقالت، في شجاعة وتفاؤل: «نقدر على الجمع بين القديم والجديد».
aawsat
http://aawsat.com/home/article/399941/إغلاق-قناة-«بول-تي-في»-الباكستانية-يهدد-مصير-آلاف-الصحافيين
2015-07-21 03:00:38
إغلاق قناة «بول تي في» الباكستانية يهدد مصير آلاف الصحافيين
إسلام آباد: عمر فاروق
نظم نحو 400 صحافي وقفة أمام نادي الصحافة بإسلام آباد للضغط على الحكومة كي تسمح لتلفزيون «بول تي في» بإطلاق بثه الاعتيادي. ورفع المعتصمون شعارات ولافتات تقول: «دعوا قناة بول (وتعني الكلام) تتكلم» بينما تقول لافته أخرى «نريد حقنا في ممارسة العمل الصحافي في البلاد». وتجمع الصحافيون، الذي يعمل غالبيتهم في تلفزيون «بول تي في»، أمام نادي الصحافة للاحتجاج على قرار حكومي لوقف بث قناة «بول تي في» بعد نشر صحيفة نيويورك تايمز تقريرا يكشف تورط الشركة الأم لقناة «بول تي في»، شركة التقنية «اكساكت»، في فضيحة بيع شهادات مزورة على نطاق واسع. وتسبب الحظر المفروض على قناة «بول تي في» في أزمة كبيرة لآلاف الصحافيين الذين ارتبطوا بالعمل مع القناة. ومع مرور الوقت، يتضح إصرار الحكومة وهيئة تنظيم الاتصالات «بيرما» على عدم السماح للقناة بالعمل بعد القبض على مالكها بتهمة بيع شهادات دراسية ودبلومات مزورة. وتم منع القناة من إطلاق بثها بعد نشر نيويورك تايمز تحقيقا حول تورط الشركة الأم «اكساكت» في فضيحة بيع شهادات دراسية ودبلومات مقابل عدة ملايين من الدولارات لأشخاص في الولايات المتحدة وباكستان. وبعد كشف الفضيحة، انسحب صحافيون كبار كانوا يتقلدون مناصب قيادية في «بول تي في» من العمل، تاركين خلفهم آلاف الصحافيين في أزمة التفكير في مستقبلهم. وشرعت الحكومة الباكستانية نفسها في إجراء تحقيقات ضد الشركة وألقت القبض على مالك القناة ساهويب شيخ، وسارع كبار الصحافيين بالقناة بالاستقالة من مناصبهم وشرعوا في البحث عن أماكن أخرى في مجال الإعلام بدافع أخلاقي، بحسب إفادتهم. وكان من بين كبار المسؤولين التنفيذيين المستقيلين كمران خان وأزهر عباس. وقال كمران خان، رئيس ومدير تحرير قناة «بول تي في في» تغريدة على موقع تويتر «لم يتم البت في صحة الدعاوى المقامة ضد شركة اكساكت ولم تُصدر المحكمة حكما بشأنها حتى الآن إلا أن ضميري يمنعني من الاستمرار». وكان خان قد طالب المحكمة العليا بتشكيل لجنة مستقلة من الخبراء للنظر في دعاوى صحيفة نيويورك تايمز حول شركة اكساكت، إلا أنه «قرر الانسحاب من قناة بول مباشرة»، حسب تغريدة كمران على موقع تويتر. كذلك تقدم أزهر عباس، رئيس قطاع الإخبار والمدير التنفيذي بالقناة، باستقالته بعد مشاورات مع المحررين والعاملين بالقناة، حسب إفادة عباس نفسه الذي قال أيضا في تغريدته «لقد شكلت فريقا عظيما من الصحافيين وأتمنى لهم كل التوفيق».
aawsat
http://aawsat.com/home/article/399936/مرافقو-القوات-السعودية-في-جازان-العقل-والعين-والعضلات
2015-07-21 03:00:40
مرافقو القوات السعودية في جازان.. العقل والعين والعضلات
جازان: خالد الجناحي
على هضبة في أعالي جبل من جبال محافظة الداير في جازان أولَمَ «ضابط» ورفاقه لطاقم قناة «الإخبارية»، على بعد أمتار من الأرض التي نفترشها خارج خيمتهم توجد إطلالة على قرية يمنية، يُشاهد فيها تحركات يُعتقد أن بعضها لأنصار الحوثي. درجات الحرارة منخفضة ورائحة الطعام زكية، ولا تخلو الأجواء من احتمال مواجهة قتالية تندلع في أي لحظة. سألت قائد المجموعة المكونة العسكرية: ما الشعور الذي يختلجكم وأنتم تدركون أن القتال قد ينشب في أي لحظة؟ أجاب: «مرحبا بالشهادة». ثم سرد قصصا من تجربته في الحرب مع جماعة الحوثي عام 2009 قائلا: «قُدت مجموعة في أكثر من مواجهة. أتذكر يوما ما أن جندي الإشارة المرافق لي سلمني جهاز اللاسلكي المحمول على ظهره، وما إن التقطته منه حتى أصيب بطلقة نارية وسقط على الأرض، وأثناء القتال أصيب على مقربة مني جندي آخر بطلقة في عنقه واستشهد على الفور». كان يتحدث وكنت أعجب من أين لهم بهذا الثبات! لم يمهلني وقتا للتفكر فيما أتساءل فيه بخلدي؛ إذ استطرد قائد المجموعة وهو ضابط في القوات المسلحة برتبة «رائد»: «كلما تحين ساعة الصفر لنخوض مواجهة قتالية، نتوضأ ونصلي ركعتين ونباشر المعركة، أما الخوف فلا وجود له، إذ ينزعه الله من قلوبنا في تلك اللحظات». في موقع آخر للمدفعية يشرح قائد المجموعة، وهو أيضا برتبة «رائد» في القوات المسلحة، المهام التي يقوم بها في وصف تبسيطي لي بقوله: «إن الأعمال التي يقوم بها الضباط والجنود قائمة على ثلاثة أركان، العقل والعين والعضلات». يصور العين بعمل الملاحظين في الخطوط الأمامية وما يرصدون من مشاهدات للعدو، سواء بالعين المجردة من خلال التقنيات المستخدمة وكاميرات الرصد الحرارية، أما العقل فهو أعمال الضباط وضباط الصف الذين يقومون على برمجة الأسلحة الثقيلة، كالمدفعية، عبر الأعمال الحاسوبية ويتحكمون من خلالها بمدى القذائف وطريقة تفجرها لتحقق أفضل نتائج في إصابة الهدف، فمنها ما يتبرمج لأن يتفجر على ارتفاع عند الهدف، ومنها ما يتفجر لحظة الارتطام بالهدف، والاختلاف مرهون بطبيعة الهدف. أما العضلات فهي الآلة التي يقوم على تشغيلها طواقم متخصصة. أراد قائد المجموعة أن يصف أعمال القوات العسكرية لصحافي في تصوير يوضح من خلاله أن العسكرية ليست كما يتصورها البعض، مبينا أن العامة من الناس يعتقدون أن أعمال الجندي المقاتل لا تزيد على الحاجة للياقة البدنية والهرولة والامتداد. لكنها في الواقع تحتاج إلى مهارات ذهنية وتتطلب أن يكون الجندي والضابط مسلحين بالعلوم والمعرفة قبل أي شيء. ويقول إن في بعض الوظائف العسكرية يجب أن يكون المقاتل متمكنا في علوم مختلفة، منها الرياضيات، لأن الأعمال في الأسلحة الثقيلة تتطلب إجراء عمليات حسابية معقدة. منذ انطلاق عمليات عاصفة الحزم، وجدت كمراسل لقناة «الإخبارية» في الخطوط الأمامية، واستطعت بفضل الله الوجود في مواقع عالية الخطورة. لكني أدركت بعد شهر من التغطية أن المشاهد بات يظن أن جازان بكامل محافظاتها تحولت إلى منطقة عمليات عسكرية خلال الحرب. عندها تراجعت إلى المدينة وتعمدت مراسلة القناة من الأسواق والكورنيش. بعد نحو أسبوع من تعمد الظهور على الهواء في شاشة قناة «الإخبارية» وجدت زملاء في قنوات أخرى أخذوا يمارسون النهج نفسه، ربما لأن الواقع يتطلب ذلك فعلا. سألني أحد الزملاء: لماذا تراجعت؟! أجبته أن المُشاهد لا بد أن يعرف من خلال الكاميرا كيف هي حياة الناس في الواقع. وجدت في البث من الأسواق ومن داخل المدينة «تقريبا» للصورة الحقيقية؛ إذ إن الناس في المناطق الحدودية «رُغم الحرب» يعيشون حياة طبيعية آمنة. وربما ساهمت وسائل الإعلام بإعطاء صورة غير حقيقية للمشاهد من خلال التركيز على الخطوط الأمامية. عاصمة منطقة جازان هي مدينة جيزان، قبل عمليات عاصفة الحزم لم أكن أعرف إلا القليل عنها. بعد إيفادي إليها مراسلا لقناة «الإخبارية»، أيقنت أن هذه المنطقة لم تنل حقها إعلاميا، جازان المكان وجازان الإنسان في جمال مُبهر. الناس هنا على درجة مذهلة من الكرم والبساطة، الطبيعة أيضا لا تقل إبهارا عن جمال البشر. بحر جيزان العاصمة لا يقل جمالا عن البحر في جدة أو الدمام. وجازان المنطقة ليست الساحل، إنما الجبل والريف اللذان يشكلان بقية الصورة الأخّاذة. الناس في جيزان يشتركون في لزمة لفظية، فكلما أرادوا الإشادة بشيء أو إظهار الإعجاب نحوه، تنهدوا بلفظ الجلالة «الله»، ينطقون اللفظة في مدّ يدلّ على القصد. وكلّما تنقلت في المنطقة، كنت أعجب كيف أن الناس حين تأتي سيرة أميرهم، الأمير محمد بن ناصر، أطلقوا تلك اللزمة «الله». بدا لي أن الأمير محمد بن ناصر حظي بحب حقيقي لا نفاق فيه من قلوب أهالي المنطقة. حظي بحُب لافت. الشباب.. الشيوخ.. النساء.. حتى المقيمون باختلاف جنسياتهم، يرون أن الأمير محمد بن ناصر هو الفارس الحقيقي في ميدان نهضة المنطقة وتحولاتها. «الجوازنة» يعشقون منطقتهم، لكنهم في ظني لم يتوصلوا إلى الطريقة المثلى لتسويق جمالها.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/399931/اشتعال-الحرب-الإعلامية-بين-موسكو-وكييف
2015-07-21 03:00:44
اشتعال الحرب الإعلامية بين موسكو وكييف
موسكو: سامي عمارة
ألكسندرا تشيربنينا، أو ساشا كما يحلو لزملائها ورؤسائها أن ينادوها، شابة في مقتبل العمر، حباها الله قسطا وافرا من الرقة والجمال، لم يشفع لها أمام مواجهة أهوال «مهنة المتاعب». كانت ألكسندرا مع بعض زملائها من القناة الأولى للتلفزيون الروسي وصلت إلى كييف في مهمة تستهدف إماطة اللثام عما تحاول السلطات الرسمية الأوكرانية تقديمه إلى مواطنيها والعالم الخارجي من معلومات ترى موسكو أنها تتضمن أكبر قدر من التضليل الإعلامي يجري تقديمه في قالب مغاير للحقيقة في أعقاب اندلاع ما يعرف في العالم اليوم باسم «الأزمة الأوكرانية». ولما كانت الأحداث، ولا تزال، تتواصل سريعة حادة، حافلة بالتناقضات والمتغيرات في الكثير من جوانبها، فقد كان لا بد للمراسلة الشابة أن تجد ما يساعدها على فض مكنون ما يجري في أوكرانيا، بعيدا عن «الأخبار الجامدة» و«البيانات الرسمية» التي سئم متابعتها الملايين من المشاهدين. ولذا فقد اختارت ألكسندرا «الموضوعات الاجتماعية» و«التحقيقات الصحافية» التي سرعان ما أثارت الكثير من الجدل أحيانا، والسخط والإدانة أحيانا أخرى، حتى جاء اليوم الموعود. لم تكن ابتعدت خطوات معدودات عن باب شقتها التي استأجرتها في أحد المساكن في أطراف العاصمة الأوكرانية حتى تقدم إليها «بصاصَان» في زي مدني يطلبان مرافقتها في هدوء ودون إثارة ضجة غير محمودة. أفهماها أنهما موظفان في جهاز الأمن الوطني الأوكراني. لم ينتظرا ردها أو موافقتها، ليزجا بها إلى سيارة كانت تقف على مقربة وجدت بها اثنين آخرين يبدوان على ذات هيئة زميليهما السابقين. كانت ساشا على موعد مع زميلها المصور التلفزيوني لاستئناف ما سبق وبدآه من تصوير ونشاط صحافي، لإعداد تقريرهما الدوري الذي كانت القناة الأولى في انتظاره كعادتها كل يوم منذ بداية المأمورية. انتظرها طويلا. أثار قلقه عدم ردها على مكالماته التليفونية. وانتقل القلق تباعا إلى زملائهما في موسكو. تزايد القلق مع مُضِي الوقت، فيما تسللت المخاوف على حياتها على ضوء ما سبق ولقيه الكثيرون من زملائها ممن تعرضوا للاختطاف والتعذيب - بل وهناك منهم من لقي حتفه في ظروف غامضة لم يجر الكشف عن تفاصيلها حتى اليوم. وراح القلق يصيب متابعيها، فيما راحت الساعات تمضي تِباعًا دون نتيجة تذكر. وقد اعترفت رئاستها فيما بعد بأنها لم تكن تريد أن تدق نواقيس الخطر في حينه، وتستبق الأحداث بالإعلان عن اختفاء ساشا، خشية أن يكون في ذلك ما يثير خاطفيها، ويدفعهم إلى اتخاذ ما لا تحمد عقباه. وتظل النفوس مشحونة، تساورها مختلف الظنون حول احتمالات ما كان يمكن أن تواجهه الصحافية الشابة في مدينة لا يزال فيها الغموض القاسم المشترك لمعظم ما تموج به من أحداث، حتى حانت لحظة «النهاية السعيدة». دق جرس الهاتف ليفجر جدران الصمت في أروقة وردهات القناة الأولى للتلفزيون الروسي. ساشا تتحدث. اكتفت بإعلان أنها في سبيلها إلى كابينة الطائرة المتجهة من كييف إلى موسكو. كلمات معدودة لم تكن لتشفي غليل المسؤولين أو فضول المتابعين من الزملاء والأصدقاء. وانتظر الجمع في موسكو وصول ساشا بما تحمله من أنباء أرادت القناة أن تعلنها مراسلتها الشابة على الهواء مباشرة بمجرد أن تطأ قدماها أرض مطار «فنوكوفو» في العاصمة الروسية. قالت ساشا إنها لم تكن تدري سبيلا للخروج من ورطتها حين داهمها رجلا الأمن الأوكرانيان. لم يدعا لها فرصة الاتصال بذويها أو زملائها. طلبا منها الصعود ثانية وفي هدوء دون أي محاولة للفت الأنظار، إلى شقتها لتفتيشها ثم جمع متعلقاتها الشخصية. طلبا تسليمهما «الهاتف الجوال» وجواز سفرها، والامتثال لكل ما يطلبانه منها حفاظا على سلامتها! وفي السيارة جلست ساشا محاطة برجلي الأمن على المقعد الخلفي، لينطلق الجمع إلى مبنى جهاز الأمن الوطني الأوكراني. وهناك بدأت جلسات التحقيق. توالت الأسئلة والاستفسارات طويلة ثقيلة حول أسباب وجودها في كييف، وحول أبعاد مهمتها الصحافية، وحول كل من وردت أسماؤهم أو صورهم في تحقيقاتها الصحافية. وقالت ساشا إن المحققين كانوا حريصين أكثر على تبيان ملابسات إعداد وبث موضوعها الأخير الذي يبدو أنه أقام الدنيا ولم يقعدها بعد. وكان الموضوع يتعلق بمحاولات السلطات الأوكرانية الترويج للأفكار المتطرفة من خلال تمجيد الرموز الأوكرانية التي طالما فضحت الدعاية السوفياتية تطرفها وموالاتها للقوات النازية إبان سنوات الاحتلال الهتلري لأوكرانيا إبان سنوات الحرب العالمية الثانية. وكان التحقيق الأخير الذي أذاعته القناة الأولى يتضمن بالصوت والصورة حكاية بطلتها طفلة لا تتعدى السابعة من العمر وهي تلوح بخنجر مهددة بقتل كل الموسكوفيين، على خلفية شعار الصليب المعقوف! وتتوالى الأسئلة حادة.. لئيمة.. ماكرة.. مداهنة.. مسالمة.. ليعقبها القرار الذي سمح لساشا بالعودة إلى الوطن.. لكن شريطة ألا تعود إلى أوكرانيا قبل ثلاث سنوات، وهي المدة التي تقررت للعقاب، غير أن القرار لم يكن مكتوبا. ولم يكن أيضا ممهورا بخاتم أو توقيع أو صادرا عن محكمة أو هيئة قضائية. وذلك ما تستند إليه اليوم السلطات الروسية في احتجاجاتها وإدانتها. فما إن عادت ساشا إلى أرض الوطن حتى انطلقت الأصوات بالشجب والإدانة على وقع تكرار إذاعة الكثير من التحقيقات المصورة التي استطاعت المراسلة الفاتنة إعدادها طوال فترة عملها في العاصمة الأوكرانية. أثار الحادث ضجة واسعة النطاق في الأوساط السياسية والإعلامية الروسية، وردود فعل تباينت بحكم تباين الموقع والمصدر، ولا سيما أنه جاء في أعقاب قيام السلطات الأوكرانية في وقت سابق من العام الماضي بطرد 88 من الصحافيين الروس العاملين في أوكرانيا. سارعت موسكو بإعلان إدانتها لمثل هذه الأساليب التي قالت بأنها تتنافى مع المواثيق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي وغيرهما من المنظمات الدولية. أصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا أعلنت فيه احتجاجها الحاسم ضد مثل هذه الممارسات وطالبت بتفسير لما حدث بشأن ملابسات طرد مراسلة التلفزيون الروسي، ولما سبق وتعرض له كثيرون من زملائها سواء في العاصمة كييف أو في مناطق النزاع في جنوب شرقي البلاد. وقال سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية في معرض تعليقه على هذا الشأن باستحالة تبرير مثل هذه التصرفات، مشيرا إلى الكثير من الحالات التي لقي فيها الكثير من الصحافيين حتفهم لدى محاولتهم إطلاع العالم على حقائق ما يجري في المناطق الساخنة في جنوب شرقي أوكرانيا. وفي معرض الإدانة الشمولية لتصرفات السلطات الأوكرانية راح الكثيرون يقلبون في دفاتر الماضي.. القريب منه والبعيد، يفتحون الملفات وينبشون في الذكريات بحثا عن وقائع قديمة وأسماء أبطال هذه الوقائع والحكايات ممن راحوا ضحية تعسف أجهزة الأمن الأوكرانية التي كانت انقلبت بدورها على كل ما له علاقة بالماضي المشترك إبان سنوات العيش تحت سقف الاتحاد السوفياتي السابق. وكان ديمتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين أعلن من جانبه عن عدم مشروعية طرد الصحافية الروسية، مشيرا إلى أن أوكرانيا أصبحت اليوم من أكثر المناطق خطورة على حياة الصحافيين. وفيما دعا الصحافيين الروس إلى توخي الحذر خلال عملهم داخل الأراضي الأوكرانية، قال بيسكوف إن السلطات الروسية لن تلجأ إلى اتخاذ أي إجراءات مماثلة بحق الصحافيين الأوكرانيين العاملين في روسيا ردا على الإجراءات التي اتخذتها السلطات الأوكرانية بحق زملائهم الروس.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/399926/الصحف-الأوروبية-نهب-التحف-الأثرية-من-سوريا-والعراق-واستفتاء-اليونان
2015-07-21 03:00:49
الصحف الأوروبية: نهب التحف الأثرية من سوريا والعراق.. واستفتاء اليونان
بروكسل: عبد الله مصطفى - واشنطن: محمد علي صالح
نبدأ من الصحافة البريطانية حيث نشرت صحيفة «الغارديان» تقريرا عن نهب التحف الأثرية من سوريا والعراق، وبيعها في بريطانيا ودول أوروبية أخرى. واستشهدت الصحيفة في تقريرها بخبير الآثار، مارك الطويل، وهو أميركي من أصل عراقي، في رحلة بحث عن تحف نهبت من سوريا والعراق، فوجدها تباع في أسواق لندن. وتؤكد الصحيفة، على لسان خبير الآثار، أن تحفا وقطعا أثرية مختلفة من بينها تماثيل صغيرة وأوان، وعظام، وجدها في أسواق لندن، لا بد أنها من مواقع معينة بسوريا أو العراق، بالنظر لخصوصيتها..كما تفيد تقارير إعلامية بأن تهريب الآثار أصبح مصدر المال الثاني بالنسبة لتنظيم داعش، بعد بيع النفط، ولكن لا يوجد دليل قطعي على هذه المزاعم. كما نشرت «الإندبندنت» مقالا تحليليا تناول جدوى الغارات الجوية، التي تقودها الولايات المتحدة، على مواقع تنظيم داعش في العراق وسوريا. ويرى مقال «الإندبندنت» أن توسيع الغارات الجوية على تنظيم داعش لتشمل سوريا بعد العراق، يجد مبررا في أن التنظيم نفسه لا يعير للحدود بين البلدين اعتبارا.. وترى «الإندبندنت» أن القضاء على تنظيم داعش يتطلب تسليح ودعم وتدريب السوريين والعراقيين ليقوموا بالعمل بأنفسهم. ونشرت صحيفة «الإندبندنت» تقريرا عن الدمار الذي لحق بغزة وأهلها في الغارات الإسرائيلية الأخيرة على القطاع. وقالت إن «إعادة بناء غزة، التي دمرت فيها المقاتلات الإسرائيلية 18 ألف بيت، لم تتقدم بسبب القيود المفروضة على الحدود». ووجدت الصحيفة أن عائلات كثيرة في غزة لا تزال تعيش قرب أنقاض البيت الذي كان يؤويها منذ عام. أما الصحف البلجيكية والهولندية فقد ركزت على ملف اليونان شأنها في ذلك شأن صحف أخرى في عدة عواصم أوروبية خلال الفترة الأخيرة، وقالت صحف بروكسل ولاهاي، إن الملفات الاقتصادية تصدرت أجندة عمل الرئاسة الجديدة للاتحاد الأوروبي، التي بدأتها لوكسمبورغ مع مطلع الشهر الحالي، وتستمر حتى نهاية العام، ولعل أبرزها ملف أزمة اليونان وتداعيات الاستفتاء الذي جرى الأحد، حول برنامج إصلاحات اقترحته الأطراف الدائنة. وأجمع كل من رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورئيس وزراء لوكسمبورغ كزافييه بيتل، على التأكيد بأن موقف اليونان سيكون «ضعيفًا ومعقدًا للغاية» فيما إذا جاءت نتيجة الاستفتاء بـ«لا، أما القبول فسيؤدي إلى مفاوضات صعبة»، أما رئيس وزراء لوكسمبورغ، فقد أكد على أن نتائج الاستفتاء ستُحترم بكل الأحوال، معبرًا عن نفس موقف يونكر تجاه نتائجها. كما اهتمت الصحف الأوروبية بإعلان بروكسل عن فشل جولة المفاوضات الثلاثية بين روسيا وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي، في التوصل إلى اتفاق بشأن تمديد بروتوكول يتعلق بحزمة الشتاء لإمدادات الغاز انتهى 30 يونيو (حزيران)، بعد تمديد جزئي له خلال مارس (آذار) الماضي. ونقلت الصحف الأوروبية في بروكسل، عن المفوضية قولها إن «المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا والتي انعقدت في جنيف برعاية أوروبية، حول ملف إمدادات الغاز، انتهت إلى التأكيد على أن المشاورات أظهرت أن جميع الأطراف متفقة على المبادئ اللازمة لضمان إمدادات الغاز بطريقة مستقرة وسلسة من روسيا إلى أوكرانيا ثم الوصول إلى الاتحاد الأوروبي». وقالت المفوضية إن «ترجمة هذه المبادئ إلى إطار نهائي، يتطلب مزيدا من العمل»، كما أظهرت جلسة المناقشات وجود تباين في المواقف، وسوف تضع المفوضية الأوروبية أفكارا للإعداد للخطوات المقبلة حتى يتسنى التشاور بشأنها في الجلسة المقبلة. ومع بداية الأسبوع، دخل مزيد من السياسيين الأميركيين الكبار سباق رئاسة الجمهورية؛ نقل تلفزيون «سي إن إن» إعلان السيناتور السابق جيم ويب أنه يسعى للترشيح باسم الحزب الديمقراطي. ونقل، أيضا، إعلان حاكم ولاية نيو جيرسي، كريس كريستي، ترشح نفسه باسم الحزب الجمهوري. في منتصف الأسبوع، تغلبت الأخبار الاقتصادية؛ ركزت صحيفة «وول ستريت جورنال» على خبر شراء شركة «إيتنا» للتأمينات الصحية لشركة «هومانا» التي تعمل في نفس المجال، وذلك بمبلغ 37 مليار دولار. وخبر غرامة 19 مليار دولار تعويض لحكومة الولايات المتحدة من شركة «بي بي» النفطية البريطانية، وسيذهب جزء منها إلى ولايات ألاباما، وفلوريدا، ولويزيانا، وميسيسيبي، وتكساس. وذلك عن الأضرار الناجمة عن تسرب نفط خليج المكسيك عام 2010. واهتمت وكالة «بلومبيرج» الاقتصادية بخبر أن سبعة من 57 دولة رفضت الانضمام إلى بنك الاستثمار الآسيوي (الذي تسيطر عليه الصين). وصار واضحا أن الفلبين رفضت لأسباب سياسية: النزاع الإقليمي مع الصين في بحر الصين الجنوبي.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/399921/الإنترنت-ملاذ-أبناء-باريس-المهمشين
2015-07-21 03:00:53
الإنترنت ملاذ أبناء باريس المهمشين
بوندي (فرنسا): عايدة المجلي
كل ثلاثاء، يجتمع فريق عمل مدونة «بوندي بلوغ»، من مدونين وصحافيين وشباب يمثلون مختلف آراء ضواحي باريس الفقيرة، داخل مكاتب الإصدار، الذي يحمل اسم المنطقة المحيطة. وقد تركز اجتماع أخير لهم حول السبيل الأمثل لتحدي زعيم الحزب الاشتراكي، جان كريستوف كامباديلي، خلال ظهوره في البرنامج الحواري الشهري «ذي بوندي بلوغ كافيه». يذكر أن الاشتراكيين استحوذوا على نصيب كبير من الأصوات في بوندي وضواح أخرى خلال انتخابات عام 2012 التي دفعت بمرشح الحزب، الرئيس فرنسوا هولاند، لمقعد الرئاسة. ومع ذلك، فإن الكثير من سكان الضواحي، وأغلبهم من المهاجرين، لا يبدون اهتمامًا بالحياة السياسية. عن ذلك، قال أحد المشاركين بالاجتماع: «في هذه اللحظة، لا أحد يعبأ هنا حتى لو تم انتخاب الجبهة الوطنية»، في إشارة إلى حزب أقصى اليمين. وأضاف: «لقد فقدوا الأمل في هذه الحكومة». وتسعى هذه المدونة، التي أنشئت عام 2005 أثناء أعمال الشغب التي تفشت بمختلف أرجاء فرنسا وقتها، وينشرها نوردين نابيلي، لمنح صوت للمجموعات التي تعاني في الغالب من ضعف تمثيلها في التغطية الخاصة بوسائل الإعلام الممثلة للتيار الرئيس. وتصف «بوندي بلوغ» نفسها بأنها تقوم على صحافة المواطن، وتنشر بانتظام تقارير حول قضايا سياسية واجتماعية، مع طرح كثير من الكتاب لصور وفيديوهات للحظات من حياتهم أثناء العمل أو داخل الضاحية. ويبلغ عدد زوار المدونة شهريًا 220 ألف زائر، وفازت بعدة جوائز عن أعمالها، ويسهم الصحافيون لديها بأعمال منتظمة في إصدارات رفيعة مثل «أل» و«لوموند» و«كانال بلو» و«راديو فرانس». بمرور السنوات، تحولت المدونة إلى مصدر ثري للخبراء والصحافيين والنشطاء المهتمين بالحياة داخل الضواحي، حسبما أوضح د.هشام دي إيدي، الباحث بجامعة كولومبيا ومؤلف كتاب «الموسيقى المتمردة»، وهو دراسة حول الحياة السياسية للشباب المسلم في أوروبا والولايات المتحدة. وأضاف خلال مقابلة أجريت معه: «تشعر المؤسسة الفرنسية بعدم ارتياح بعض الشيء تجاههم. أما السفارة الأميركية فغالبًا ما تستشير الصحافيين وتدعوهم لزيارة الولايات المتحدة. إنها تعطي صوتًا لسكان الضواحي. وينتمي غالبية الصحافيين لسكان الضواحي وهم من أبناء المهاجرين. والآن، سترسل المدونة صحافيًا لكتابة موضوع صحافي عن وحشية الشرطة في الولايات المتحدة أو حول ما إذا كان المسلمون أفضل حالا هناك». ورغم أن المؤسسة الرسمية في فرنسا قد لا تشعر بالارتياح حيال المدونة، فإن هذا لم يمنع العديد من السياسيين من الحج إلى مكاتب «بوندي بلوغ». وعن ذلك، قال نابيلي مبتسمًا: «يتنافس السياسيون للقدوم إلى هنا، وذلك لأن وسائل الإعلام تنقل عنا كثيرًا نتيجة وجود فراغ هائل داخل هذه الضواحي نحاول نحن سده». جدير بالذكر أنه في عام 2005 اندلعت أعمال شغب في الضواحي بعدما قتل صبيان بعد فرارهما من نقطة تفتيش شرطية. وحينها، قرر سيرغ ميشال، وهو صحافي يعمل لحساب مجلة «إبدو» السويسرية، تغطية أعمال الشغب من داخل الضواحي. وبالفعل، أسس مكتبًا في بوندي، بشمال شرقي باريس، وشرع في متابعة القصة عبر مدونة، سلمها لاحقًا لعدد من الصحافيين المحليين قبيل رحيله. وبينما يلقى العاملون بالمدونة إشادات متكررة لعملهم، فإن هدفهم الأكبر يظل منح صوت لمن لا صوت لهم، ولا يبدون خجلا حيال التعبير عن آرائهم. في يناير (كانون الثاني)، بدأت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية اليسارية في استضافة المدونة على موقعها، وذاعت شهرة المدونة حتى وصلت الطرف الثاني من الأطلسي. وعام 2010، حرص الممثل الأميركي، صامويل إل جاكسون على زيارة المدونة، بل واستضافت المدونة نجمة التنس الأميركية سيرينا ويليامز، الفائزة ببطولة فرنسا المفتوحة الشهر الماضي، لإعطاء دروس في التنس لأطفال المنطقة المحيطة. * خدمة «نيويورك تايمز»
aawsat
http://aawsat.com/home/article/394661/لقاء-بوتين-مع-مديري-وكالات-الأنباء-تقليد-سنوي-يكشف-حقيقة-سياسات-الكرملين
2015-07-21 03:00:58
لقاء بوتين مع مديري وكالات الأنباء تقليد سنوي يكشف حقيقة سياسات الكرملين
موسكو: سامي عمارة
اللقاءات التي جرت على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي السنوي في سان بطرسبرغ تَوجَها الرئيس فلاديمير بوتين بلقاء إعلامي، ثمة من يقول إنه يظل أحد أهم وأمضى أسلحته التقليدية التي طالما عادت عليه بأفضل النتائج. هذا اللقاء الذي صار تقليديا منذ شمل بوتين برعايته المنتدى الدولي لمدينته الأم سان بطرسبرغ اعتبارا من عام 2007. شارك فيه رؤساء ومديرو أهم وكالات الأنباء العالمية ومنها «أسوشيتد برس» الأميركية التي سوف تحتفل بعد عامين بالذكرى السبعين بعد المائة لتأسيسها، و«رويترز» البريطانية التي يتداولون أخبارها في 130 بلد من خلال 19 لغة، و«الصحافة الفرنسية» الفرنسية الواسعة الانتشار، و«الألمانية» التي قال سيرجي ميخائيلوف المدير العام لوكالة أنباء «تاس» التي أشرفت على ترتيب اللقاء، إنها تستأثر بـ95 في المائة من حجم ما تتناقله وسائل الإعلام الألمانية من أخبار وتعليقات، إلى جانب «تاس» الروسية، و«شينخوا» الصينية، والإنجليزية «Press Association» ذات التاريخ الذي يعود إلى مائة وخمسين عاما مضت، و«الهندية»، و«كيودو نيوز» اليابانية، و«وكالة الأنباء الكندية» التي تأسست في عام 1917، وهي الوكالات التي قال الرئيس بوتين إنها تمد الأوساط الإعلامية العالمية بما يقرب من ثمانين في المائة مما يتداوله العالم من أخبار تفرض نفسها على أجندة وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة. هذا اللقاء الذي تجاوزت مساحته الزمنية ما يزيد على الساعتين كان فرصة «أكثر من مناسبة» استطاع الرئيس بوتين من خلاله تناول أهم قضايا الساحتين الإقليمية والدولية وفي مقدمتها العلاقة مع الولايات المتحدة والدول الغربية، إلى جانب قضايا منطقة الشرق الأوسط، ومستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، إلى جانب قضايا العقوبات ومحاولات فرض العزلة ضد روسيا. ومن اللافت أن هذا اللقاء جاء مواكبا لما أعلنه ستيفان ليندمان الذي وصفته قناة «روسيا اليوم» بأنه «الكاتب والناشط السياسي ومقدم برنامج إذاعي، الأميركي» حول مقارنته بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي باراك أوباما، وتأكيده لتفوق بوتين على أوباما في من مختلف الجوانب. ونقلت عن ليندمان ما قاله بشأن أن «بوتين - يعي ما يقول ويفي بوعوده، أما أوباما - فعلي العكس تماما، لا يفي بوعوده، ويقول شيئا ويفعل شيئا آخر، ومن غير الممكن الثقة في كلامه». ومضى ليندمان ليقول إن أوباما «لو كان يفعل ما يقول، لكانت انتهت لعبة الولايات المتحدة مع إيران، التي تسمى البرنامج النووي الإيراني، والتي في الواقع لا وجود لها». أما عن لقاء بوتين بمديري أكبر وأهم الوكالات الإخبارية العالمية فقد استهله الرئيس الروسي بتقديم الشكر إلى ضيوفه الذين اعتبر مشاركتهم في منتدى سان بطرسبرغ، تعبيرا عن اهتمام ليس فقط لا يتضاءل من عام إلى آخر، بل وعلى العكس ورغما عن الضغوط والعقوبات، يتزايد تأكيدا لما سبق وقاله بوتين حول أن «روسيا عصية على العزلة». وأبرز بوتين أن بلاده تستأثر بأكبر نسبة من الأخبار المتداولة عالميا التي تتناول قضاياها ودورها في الساحة الدولية. وقال إن ذلك مصدر سعادة لأبناء وطنه، فيما توقف ليطلب من الحضور تهنئة زميلهم سيرغي ميخائيلوف المدير العام لوكالة أنباء «تاس» الروسية بمناسبة حلول الذكرى العاشرة بعد المائة لهذه الوكالة، مشيرا إلى الدور العالمي التي طالما قامت وتقوم به منذ تأسيسها كوكالة للأنباء. وفي معرض رده على أسئلة ضيوفه من مديري الوكالات العالمية بدا بوتين أكثر انفتاحا وصراحة، على نحو وكأنما أراد من خلاله ليس فقط توضيح موقف روسيا من مختلف القضايا العالمية والإقليمية، بل وأيضا توضيح ما يخفي عن بسطاء متابعيه في مختلف بلدان العالم، ممن يقعون أحيانا في حبائل احتكارات أهم وكالات الأنباء الغربية، ومن هذه الأخبار ما قاله بوتين حول حقيقة موقف روسيا مما يُقَال حول احتمالات «انضمام روسيا إلى القوى التي تسعى إلى الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد مقابل مكاسب اقتصادية وسياسية ثمة من يطرحها ثمنا لهذا الموقف التآمري». قال بوتين إن بلاده لن تنضم إلى أي محاولات تستهدف الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، كما تحاول الكثير من الأطراف الإقليمية والدولية الإيحاء به في مختلف المناسبات. وأعرب الرئيس الروسي عن استعداد بلاده للحوار مع الرئيس السوري من أجل إجراء الإصلاحات السياسية هناك. وحذر من أي محاولات تستهدف تحقيق الانقلاب في سوريا، معربا عن مخاوفه من احتمالات أن تودي مثل هذه المحاولات بسوريا إلى ما ذهبت إليه الأحوال في ليبيا والعراق. وقال: «نحن لا نريد أن يبلغ تطور الأوضاع في سوريا مثل هذا الحد. وذلك ما يفسر موقفنا من تأييد الرئيس الأسد وحكومته. ونحن نعتبر ذلك موقفا صحيحا. ومن الصعب توقع غير ذلك منا». ومضى ليقول إن رحيل الأسد أمر يخص الشعب السوري وحده، مؤكدا استعداد بلاده للتعاون مع المعارضة من أجل تمهيد الطريق نحو الإصلاح السياسي. وأعاد بوتين إلى الأذهان أن الأمم المتحدة تحدثت مؤخرا عن احتمالات التعاون مع الرئيس الأسد في مكافحة «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى في المنطقة. وتحول بوتين في إطار رده على التساؤلات بشأن جوهر سياسات وعلاقات بلاده مع الولايات المتحدة، إلى انتقاد سياسات خصومه مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تقف في صدارة الأسباب التي أدت إلى ظهور «داعش»، مشيرا إلى أن هذا التنظيم صار يملك من العتاد والأسلحة كميات تزيد عما يملكه الجيش العراقي الذي تدعمه الولايات المتحدة. وقال: «إن الولايات المتحدة تدعم العراق وتدعم وتسلح وتدرب جيشه. لكن (داعش) تمكن من خلال هجومين أو 3 هجمات له، من الاستيلاء على أسلحة بكميات تزيد عما تبقى في حوزة الجيش العراقي». ودعا بوتين الولايات المتحدة والشركاء الأوروبيين إلى اتخاذ إجراءات إضافية لمحاربة التطرف ممثلا في «داعش» والجماعات الأخرى وهي فروع للشبكات الإرهابية العالمية، التي سبق أن وجهت ضربات عدة إلى الولايات المتحدة نفسها. وبهذه المناسبة كان الرئيس بوتين انتقد سياسات الولايات المتحدة تجاه بلاده مؤكدا أن أحدا لن يستطيع الحديث مع روسيا من موقع القوة وإملاء الإنذارات. وحذر بوتين من مغبة اندلاع «حرب باردة» جديدة، مشيرا إلى خروج الولايات المتحدة من جانب واحد من معاهدة الحد من المنظومات الصاروخية وهو ما يدفع الآخرين إلى احتمالات الانجرار إلى سباق تسلح. وقال إن مثل هذه الخطوات أكثر خطورة من النزاعات المحلية في إشارة إلى تطاير الاتهامات في حق روسيا بشأن تدخلها في أوكرانيا. وعلى صعيد مواز كان سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية أعلن في حديث أدلى به إلى قناة «آر. بي. كا» التلفزيونية الروسية المملوكة لرجل الأعمال الملياردير ميخائيل بروخوروف «إنني لا أعتقد في وجود مشكلة خطيرة دولية، يمكن معالجتها من دون روسيا الاتحادية». وضرب الوزير الروسي في هذا الصدد أمثلة عدة تعلقت، على وجه الخصوص، بتطورات الأوضاع في سوريا وليبيا والعراق التي تدخل ضمن قائمة أولويات السياسة الخارجية الأميركية. واستطرد لافروف ليقول: «إنه ليس من قبيل الصدفة أن يبدأ الجانب الأميركي في الآونة الأخيرة البحث عن قنوات كفيلة باستئناف الاتصالات مع روسيا حول أهم القضايا الدولية الراهنة»، وخلص إلى القول: «إن روسيا ستتعامل بصورة إيجابية مع كل هذه المساعي إذا رأت أنها تستجيب لتوجهات سياستها الخارجية ومصالحها الوطنية»، وكلها تصريحات تؤكد ما خلص إليه الرئيس بوتين في عرضه للموقف الروسي من قضايا المنطقة.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/394666/«آية»-أول-مجلة-نسائية-للمرأة-المسلمة-في-بلجيكا
2015-07-21 03:01:03
«آية» أول مجلة نسائية للمرأة المسلمة في بلجيكا
بروكسل: عبد الله مصطفى
مع مطلع يونيو (حزيران) الحالي صدر العدد الرابع، لأول مجلة نسائية للمرأة المسلمة في بلجيكا والتي تهتم بموضوعات الموضة والجمال والأناقة والطهي وفي نفس الوقت تعريف الغرب بالمرأة المسلمة ومواكبتها للتطور في حدود التقاليد والأعراف الدينية، إلى جانب التعريف بالطقوس والعادات المرتبطة بالأعياد والمناسبات الدينية مثل شهر رمضان ومناسك الحج وعرض آخر خطوط الموضة في ملابس المحجبات. تصدر المجلة باللغة الهولندية، واهتمت في الأعداد الثلاثة التي صدرت من قبل، بصيحات وخطوط الموضة الحديثة مع التركيز بشكل أكبر على المصممين العرب الذين يقدمون الجديد في عالم أزياء المرأة المحجبة وتسليط الضوء على الأماكن السياحية في الدول الإسلامية فضلا عن الأعياد والمناسبات الدينية. ويركز العدد الجديد من المجلة على شهر رمضان المبارك والتعريف بالطقوس المصاحبة للشهر الكريم من عبادات وأكلات وملابس مرتبطة بعيد الفطر والتي يتم الاستعداد لها في الأيام الأخيرة من رمضان وأمور أخرى. ومنذ صدور العدد الأول لاقت المجلة اهتماما من جانب وسائل الإعلام البلجيكية والتي قالت إنه بهدف تقديم صورة مغايرة عن حقيقة النساء المسلمات، وتصحيح الصورة المغلوطة لدى الغرب. جاءت أول مجلة نسائية في بلجيكا مخصصة لقضايا المرأة المسلمة المعاصرة، وتحمل اسم «آية»، ويشرف على تحرير المجلة سيدة من أصول مغربية، أكدت منذ صدور العدد الأول، على الالتزام بالتقاليد الإسلامية والعربية في موادها التحريرية. وقالت كوثر نجار مسؤولة التحرير في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «المجلة تصدر أربع مرات في العام بواقع مرة كل ثلاثة أشهر، وفي العدد الجديد خلال شهر يونيو الحالي سنركز على رمضان، وأيضا على العادات المرتبطة بشهر الصوم وأيضا سنستمر في التعريف بالأماكن الإسلامية السياحية، وسنختار في العدد الجديد تركيا وأهم المدن فيها مثل إسطنبول وغيرها كما أننا نخطط لإصدار نسخة من المجلة باللغة الإنجليزية». وأضافت بالقول: «لكن نعاني من صعوبة التمويل والبحث عن الشركات والأنشطة التي تريد نشر إعلانات في مجلة للمرأة المسلمة، وأنا والطاقم المشارك معي في إصدار المجلة، نعمل بشكل تطوعي». واختارت أسرة التحرير، التركيز على المملكة العربية السعودية لتكون موضوعا رئيسيا في العدد الأول من المجلة. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قالت فاطمة الزهراء عضو في تحرير المجلة: «منذ العدد الأول ركزنا على أمور هامة مثل فريضة الحج وأهمية المملكة العربية السعودية، وحاولنا تعريف القراء بمناسك الحج والدور الذي تقدمة المملكة، وأهميتها بالنسبة للمسلمين». من جانبها قالت سهام سريحي عضو تحرير في المجلة: «منذ العدد الثاني بدأنا نسلط الضوء على الفنانين والمصممين المسلمين، وأردنا تغيير الفكر الغربي والتعريف بالمبدعين من المسلمين في الفنون المختلفة، واندهش البعض من الأوروبيين من هذا الأمر». والمجلة لا توزع في محلات بيع الصحف البلجيكية حتى الآن، وإنما تعتمد على الاشتراكات، وفي نفس الوقت يسعى القائمون على المجلة إلى التعريف بها بشكل أكبر في الفعاليات المختلفة التي تشهد إقبالا من جانب أبناء الجالية العربية والإسلامية، ومن بين تلك الفعاليات المعرض الإسلامي السنوي الذي استضافته مدينة انتويرب البلجيكية وشكل فرصة لتعريف الزوار بأشكال مختلفة من التقاليد والثقافة والمعارف الإسلامية، ومنها أول مجلة للمرأة المسلمة في بلجيكا، وجرى عرض أعداد من المجلة في المعرض. وشاهدت «الشرق الأوسط» إقبالا من السيدات المسلمات سواء من البلجيكيات المسلمات أو من ذوات الأصول العربية والإسلامية على المكان المخصص لعرض المجلة.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410651/نافذة-على-مؤسسة-تعليمية-مدرسة-القانون-الوطني-لجامعة-الهند-حقل-الابتكار-القانوني
2015-07-21 03:01:04
نافذة على مؤسسة تعليمية: مدرسة القانون الوطني لجامعة الهند.. حقل الابتكار القانوني
القاهرة: سارة ربيع
تعد مدرسة القانون الوطني لجامعة الهند (NLSIU) من أشهر الكليات المخصصة لدراسة القانون بالهند، وهي مؤسسة للتعليم القانوني الجامعي والدراسات العليا. تأسست المدرسة رسميا في 29 أغسطس (آب) 1987، بموجب قانون أقره المجلس التشريعي في ولاية كارناتاكا. وتستقبل الجامعة نحو 400 طالب في دراسة مناهجها القانونية للمرحلة الجامعية، و40 في درجة الماجستير في القانون، و40 آخرين في درجة الماجستير في السياسة العامة. رئيس المحكمة العليا في الهند هو رئيس الجامعة، وهذه الاتصالات والارتباط القوي بين مؤسسات الدولة يضفي مكانة عالية على المدرسة التي لا مثيل لها في تاريخ التعليم القانوني في الهند. كذلك فإن قانون ولاية كارناتاكا يمنح الاستقلال الإداري والأكاديمي الكامل للمدرسة الوطنية، مما يسهل الابتكار والتجريب في السعي لتحقيق التميز في التعليم القانوني. تقيم المدرسة لطلابها اختبارا للقبول قبل الالتحاق بها، كما أن المدرسة الوطنية لديها برامج التبادل التعليمي والثقافي مع كل من جامعة سنغافورة الوطنية، وكلية أوسغود قاعة القانون، وجامعة يورك في كندا، وكلية الحقوق Buceuius، ألمانيا. كما قامت كلية القانون بالعديد من المشاريع البحثية الممولة من قبل لجنة المنح الجامعية، وحكومة الهند وحكومة ولاية كارناتاكا، وإدارة تنمية المرأة والطفل، ووكالات الأمم المتحدة، والبنك الدولي، من أجل تعزيز البحث والتدريس في كلية الحقوق. وقد قضى الطلاب من كلية القانون فصلا دراسيا في هذه المدارس القانونية، وقضى الطلاب من الجامعات الأخرى على الأقل الثلث في الهند. وقد سهل هذا تبادل الأفكار والثقافة ليس فقط بين كليات القانون ولكن أيضا الدول. وقد ذهب أعضاء من هيئة التدريس إلى جامعات ويلز وأرويك ونوتنغهام، تحت برامج التبادل وبرامج تحسين جامعية بتسهيل من المجلس الثقافي البريطاني وتشيناي. وقد زار عدد من الأساتذة والقضاة من الولايات المتحدة الأميركية، وكندا، والمملكة المتحدة، وأستراليا، وسنغافورة، وهونغ كونغ، والصين، وجنوب أفريقيا، وماليزيا، ونيوزيلندا، الجامعة الهندية وتفاعلوا معها. وتقدم كلية الحقوق من خلال وزارة التعليم عن بعد برنامج درجة الماجستير في قوانين العمل، وبرامج دبلوم الدراسات العليا في القانون الدولي لحقوق الإنسان، وقانون البيئة، وقانون الطب والأخلاقيات، وقانون الملكية الفكرية، وقانون حقوق الطفل. وقد التحق العديد من الضباط والمهنيين العاملين لهذه الدورات. ويشارك أعضاء هيئة التدريس في كلية الحقوق أيضا في تنظيم برامج لتعليم الضباط الذين ينتمون إلى الخدمات الإدارية والبريدية وغيرها، وذلك بالإضافة إلى التواصل مع التعليم القانوني بشكل غير رسمي لأفراد المجتمع من خلال هذه البرامج. وقد كان لمدرسة القانون، منذ البداية، دور للخدمات القانونية ومركز المرأة والقانون في التواصل مع المساعدة القانونية والمشورة للنساء وغيرها من القطاعات المحرومة من المجتمع، والوساطة والتفاوض لتسوية المنازعات. ويساعد أعضاء هيئة التدريس والطلاب من كلية الحقوق في خلق الوعي القانوني أساسا بين النساء والفتيات من خلال الفصول الدراسية في الكليات والمدارس في وحول مدينة بنغالور. وتأسست مدرسة القانون بهدف تلبية متطلبات مهنة المحاماة والتدريس والبحوث في القانون والقضاء، ومن المتوقع أن يصبح الطلاب الذين يدرسون في هذه المدرسة في نهاية المطاف ممارسين قانونيين ومعلمين للقانون أو الانخراط في البحوث القانونية أو الانضمام إلى الجهاز القضائي في الوقت المناسب. وحققت كلية الحقوق عبر تعليم القانون على شبكة الإنترنت تفاعلا كبيرا في مجالات برامج التعليم عن بعد، وتحقيقا لهذا الغرض تم تحسين مرافق البنية التحتية للرد على الاحتياجات، وقد سهل ذلك أيضا استخدام الوسائل التكنولوجية في الفصول الدراسية وقاعات المؤتمرات. وتتجه كلية الحقوق نحو إنشاء مكتبة رقمية من مجموعاتها كجزء من مبادرة توسيع الوصول المعرفي، والجهود جارية لتوفير إمكانية الوصول المفتوح وعلى مستوى العالم إلى جميع الوثائق القانونية ذات الصلة.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410656/قروض-التعليم-في-أميركا-حقائق-ومشكلات-ونصائح
2015-07-21 03:01:06
قروض التعليم في أميركا.. حقائق ومشكلات ونصائح
نيويورك: رون ليبر
تكمن مشكلة النصائح التي يتلقاها المراهقون وعائلاتهم عن قروض التعليم الجامعي، في أنها بالفعل «سمجة للغاية». وتنصب وزارة التعليم الفيدرالية الأميركية نفسها ناصحا أمينا لمن يرغبون في الحصول على قروض طلابية فيدرالية للمرة الأولى ثم سدادها لاحقا. بالنسبة للمقترضين، تعد تلك النصيحة إجبارية، إلا أنه نظرا لفظاظة الموضوع، ولأن محتوى ما تقدمة وزارة التعليم يخلو من أي جاذبية، فمن الصعب جعل الدرس يثبت في العقل. ولذلك طلبت من القراء أن يسردوا حكاياتهم، وأن يدونوا أكثر ما كانوا يودون معرفته قبل حصولهم على القرض وشروعهم في سداده. رسمت التعليقات صورة قاتمة لمراهقين عديمي الحلية وآباء منزعجين، وإدارة جامعية لا تحنوا على طلابها ولا تشغل بالها بالتحري عن مقدرتهم المالية. لم يقل شخص واحد إن الالتحاق بالجامعة كان خطأ (رغم أن البعض ندم على التحاقه بكلية الحقوق). ويعد اقتراض مبلغ بسيط شيئا خطيرا إذا ما تسبب في التسرب من التعليم أو عدم حضور المحاضرات، في حين أن الطلاب الذين يقترضون من الحكومة الفيدرالية من دون الحصول على قرض شخصي إضافي لن يقعوا في الغالب في مشكلة إذا ما ساروا في إجراءات السداد بشكل سليم. إلا أنه ما زال من الواضح أن كثيرا من العائلات لا تعرف إلا القليل عن القروض الطلابية. وفيما يلي نعرض ما يود المقترضون السابقون إطلاع العائلات والجامعات عليه بغرض التعلم والاستفادة: * القائمة * كان ترتيب تيم رانتيز الخامس بين إخوته، وتعلم الدرس جيدا، فقد كان لعائلته دخل لا يجعلها تحتاج لقروض إضافية، حيث إن والديه اعتادا ادخار بعض المال للجامعة عند قيام مصلحة الضرائب برد ما تبقى من المتحصلات في شهر أبريل (نيسان) من كل عام، ولذلك لم يقدموا على التوقيع على أي شيكات عند التحاق تيم بالجامعة. وفي سن السادسة عشرة، جلس تيم ذات مرة وأعد قائمة بمدخراته و«وضعه المالي». كان ذلك في عام 1983، ولم يتطلب الأمر كومبيوترا أو رسوما بيانية؛ بل مجرد معرفة بسيطة بأساسيات الحساب التي يعرفها كل الأطفال في مثل سنة، رغم أن كثيرين لم يفعلوا ذلك. فإذا لم يكن أبناؤك على دراية بما ادخروه أو ما يمكن سداده، فيجب توجيه النصيحة. وحتى لو كانت هناك بضع سنوات قبل الالتحاق بالكلية ما زالت متبقية، فابدأ من الآن في شرح نظام المعونة المالية والاقتراض لهم حتى يكونوا قادرين على تدبير أمورهم مقدما. يجب عليك عدم تأجيل إطلاعهم على أمورهم المحاسبية إلى أن يواجهوا أول خطاب معقد عن المعونة المالية، أو الانتظار حتى يفاجأوا بفاتورة السداد الخماسية التي سيتلقونها لاحقا. ويدير السيد رانتيز الآن مجموعة غير ربحية تدعى «الحسابات الشخصية للجيل الجديد» التي يساعد عن طريقها المدرسين الباحثين عن طريقة أفضل لتدريس طلابهم كيفية التصرف في المال. وأعجبت كثيرا بطريقته التي يديرها عبر الإنترنت التي احتوت على مقاطع مصورة وأفلام تسجيلية عن القروض الطلابية التي تعد رعبا حقيقيا في السنة أو السنتين اللتين تسبقان الالتحاق بالكلية. ولا يرى المستشار رانتيز سببا في ألا توجه الحكومة الفيدرالية من يقترضون من هيئات إقراض خاصة مثل «سالي مي»، للحصول على النصيحة الإجبارية؛ مثلما فعلت مع الطلاب في المؤسسات الفيدرالية. ويصعّب القانون الفيدرالي من عملية الإعفاء من القروض الطلابية في محاكم الإفلاس، وتستفيد جهات الإقراض الخاصة كثيرا من ذلك القيد. ولذلك لماذا لا نطلب عقد جلسة استشارية منفصلة للمقترضين من الجهات الخاصة؟ حيث إنهم قد يكونون عاجزين عن فهم الفارق بين ذلك النوع من الديون وأي قروض أخرى كالتي تأتى مباشرة من الحكومة. ويقترح ألفريد ماكدونالد، 26 عاما، خريج جامعة ترينيتى بسانت أنتونيو ومقيم بالمدينة نفسها، توضيح حقيقة أن القروض من الجهات الخاصة لا تتمتع بنفس مرونة مثيلاتها من الجهات الفيدرالية نظرا لارتفاع نسبة الفائدة عند السداد. * الدورة * ينتمي كثير من المراهقين لعائلات لا يملك كثير من أرباب الأسر فيها الوقت أو المهارات اللغوية كي يدرسوا لأبنائهم نظام الاقتراض المالي. ولذا قال بن ليندسي، 27 عاما، خريج جامعة أوكلاهوما المسيحية ومدين بديون طلابية تقدر بنحو مائة ألف دولار، إنه يتمني لو أن الكلية طالبت كل الطلاب المستجدين بالحصول على دورة أساسية في السنة الأولى بالكلية تؤهلهم لإدارة القروض التي تحصلوا عليها خلال فترة الدراسة. ويبدو تصريح ليندسي كأنه يدين هؤلاء المدينين الذين تراكمت عليهم الديون، ويقول إنهم كان من الواجب عليهم الإلمام باشتراطات الدين، إلا أن السيد ليندسي لا يشير بأصابع الاتهام لأحد، ولا يتنصل من المسؤولية. بالإضافة إلى ذلك، كانت الكلية بالنسبة له شيئا عظيما من أوجه كثيرة، حيث قابل فيها زوجته، وحصل عن طريقها على وظيفة في مجال القروض التجارية بمدينة أوكلاهوما، ليبتعد عن الاقتصاد المهزوز في ولايته ديلاوير. ما زال المتقدمون للكليات أطفالا، ودائما يتصرف الطلاب بهذا الشكل، ويحتاج الأطفال للكبار كي يرشدوهم للخيارات الأنسب. كانت هناك طرق تمكن السيد ليندسي من الاقتراض بمعدل أقل، وكان من الواجب عليه فعل ذلك. «الكلية استثمار ثمين، لكن تلك حقيقة غير كاملة. الأمر يبدو كمن يقامر بمنزلين في مقامرة واحدة»، بحسب ليندسي. والشكوى التي سمعتها مرارا هي كالتالي: «وكأنهم يلعبون لعبة الحجلة بأن يحصل الطلاب على قروض كل سنة، قرض بعد قرض، فمن الممكن جدا أن يصيبك الارتباك في حساب الإجمالي». وتقول شانون دويل، مستشارة مالية بشركة «لوثرن للخدمات الاجتماعية» في مينابوليس، إن الناس عادة ما يأتون لمكتبها دون أي فكرة عن الديون المستحقة على الطالب للكلية، ودون أي فكرة عن إدماج ديون الآباء مع ديون الطلاب بعد التخرج. وتنصح المستشارة المالية الطلاب بأن يحتفظوا بكشف من ثلاث صفحات، ويقوموا بتحديثها كل فصل دراسي. في الصفحة الأولى يتم تسجيل الدين الطلابي الفيدرالي مقسما على خانات للدعم (حيث تغطي الحكومة الفوائد خلال سنوات الدراسة). تشمل الصفحة الثانية القروض الخاصة، إن وجدت، من جهات مثل «سالى ماي»، بينما الصفحة الثالثة تغطي أي قروض يتحصل عليها الآباء لأنفسهم. انتهت محادثتي مع دويل بنداء وجهته للكليات: «أرجوكم ابذلوا كل ما في وسعكم لحساب إجمالي الدين في بيان مالي ترسلونه للطالب كل عام، فليس هناك ما يمنع من معرفة الطالب مقدار ما اقترضه». * الفوائد اليومية * قبل التحاق كيم ليو بكلية جورج تاون، كانت لعائلتها قصة سقوط سريع؛ حيث توفي أبوها، وكافحت العائلة، وكان هناك ضغط على ليو للعمل لبعض الوقت بصفتها طالبة جامعية، ليس فقط لسداد مصروفاتها، لكن أيضا لإرسال المال لأسرتها. وتعد ليو نفسها محظوظة لأنها تخرجت بدين طلابي يبلغ 22500 دولار فقط، إلا أنه حتى هذا الرقم لم يكن في صالحها؛ فما قلب تفكيرها كانت مكالمة هاتفية تلقتها من مكتب خدمات الدين يبلغها فيها أنه يتوجب عليها سداد 2.23 دولار فائدة يومية للدين؛ «يحتسب الدين على أساس صفر مدون إلى جوار الاسم منذ اليوم الأول للدين ثم تضاف الفائدة يوميا»، حسب ليون. وبالنسبة للأشخاص الذين يقومون بإعادة سداد دينهم، فقد يكون من الممكن التغلب على هذا الرقم لو قام الطالب بحساب النفقات اليومية، «فجهاز الحاسب سوف يخبرك بمقدار الدين الذي سوف يتراكم عليك بعد عشر سنوات أو عشرين أو ثلاثين سنه»، حسب السيدة ليو التي سددت ديونها بشكل سريع والآن تعمل في المجلس الاحتياطي الفيدرالي. وتضيف: «لكن حقيقة أنني كنت ملزمة بدفع 2.23 دولار يوميا من دون شراء أي شيء لنفسي؛ كان لها صدى كبير داخلي». * خدمة «نيويورك تايمز»
aawsat
http://aawsat.com/home/article/405266/أوروبا-تغازل-أطفال-مصر-بـ«وجبة-المدارس»-لمكافحة-التسرب-من-التعليم
2015-07-21 03:01:10
أوروبا تغازل أطفال مصر بـ«وجبة المدارس» لمكافحة التسرب من التعليم
القاهرة: أحمد الغمراوي
في إطار نظرة طموحة تهدف إلى المساعدة في القضاء على عمالة الأطفال في مصر من خلال تعزيز فرص الحصول على التعليم، خاصة بالنسبة للفتيات، يولي الاتحاد الأوروبي اهتماما بالغا بمشروع مشترك مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لتنفيذ تلك الخطوة، وهو الأمر الذي خصص له الاتحاد الأوروبي تمويلا من خلال منحة سخية يبلغ قدرها 60 مليون يورو. ويتجاوز عدد الأطفال المتسربين من التعليم في مصر بحسب خبراء ورجال تعليم حكوميين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» نحو مليوني طفل، يعمل غالبيتهم في أعمال ومهن مختلفة رغم أن القوانين المصرية تحرم ذلك.. في وقت تؤكد فيه إحصائيات تابعة للجهاز المركزي للمحاسبات في مصر مطلع العام الجاري أن نسبة أطفال مصر في الفئة العمرية أقل من 18 عاما، تبلغ 36 في المائة من إجمالي عدد السكان الكلي، أي نحو 21.5 مليون شخص، 18.7 في المائة من الذكور، و17.4 في المائة من الإناث. وفي تصريح في نهاية عام 2013. أكد وزير التعليم المصري السابق الدكتور محمود أبو النصر ذلك العدد، موضحا أن الوزارة تعمل على عدد من المشروعات لمساعدة هؤلاء الأطفال على إكمال تعليمهم أو تدريبهم على حرفة تساعدهم على الحياة. كما شدد على أن «هؤلاء الأطفال يمكن أن يكونوا سببا في نهضة مصر أو سببا في نكستها وتدميرها»، داعيا إلى دعم الحكومة في جهودها في هذا الموضوع، وسعي جميع الأطراف الحكومية أو منظمات المجتمع المدني أو الجمعيات الأهلية لإنقاذ هؤلاء الأطفال من «الضياع». وقام سفير الاتحاد الأوروبي، والمدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في مصر بأول زيارة ميدانية الشهر الماضي إلى محافظة بني سويف جنوب العاصمة المصرية، لمتابعة خطوات من مشروعهما المشترك. ويشجع مشروع التغذية المدرسية 100 ألف طفل كانوا يعملون في السابق، أو معرضين لخطر الدخول في سوق العمل، على الالتحاق بالمدارس المجتمعية، وهي مدارس غير رسمية منشأة في المناطق النائية، من خلال تزويدهم بوجبات خفيفة مغذية يوميًا، وكذلك حصص تموينية منزلية شهرية لأسرهم. وعلى هامش المشروع، يقول السفير جيمس موران، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في مصر إن «الاتحاد الأوروبي يساهم من خلال تمويل هذا البرنامج بمنحة قدرها 60 مليون يورو، في الجهود الجارية لمعالجة بعض أهم القضايا التي تؤثر على الأطفال الأكثر فقرًا في مصر، وهي نقص التغذية، والحصول على تعليم جيد، وعمالة الأطفال»، مضيفا: «نحن فخورون بأن نساهم في مساعدة 100 ألف طفل، وبخاصة الفتيات، على مواصلة تعليمهم والحفاظ على حقوقهم». وخلال زيارة إلى مدرسة مجتمعية في بني سويف، على بعد 150 كيلومترًا جنوب العاصمة القاهرة، زار الوفد أربعة من بين 651 مدرسة يدعمها الاتحاد الأوروبي في المحافظة. ويقوم برنامج الأغذية العالمي بتنفيذ مشروع مدته أربع سنوات في 16 من المحافظات الأكثر حرمانًا في مصر. وحول الزيارة، قالت لبنى ألمان، مدير برنامج الأغذية العالمي والممثل القطري في مصر: «اليوم التقينا بعض الأطفال الرائعين الذين يتوقون إلى تغيير حياتهم للأفضل»، متابعة أن «البرنامج يأمل من خلال شراكات من هذا القبيل، في تحويل حلم الطفل البسيط إلى حقيقة. بفضل منح سخية مثل هذه المنحة من الاتحاد الأوروبي، يمكننا العمل كل يوم في المجتمعات الأكثر ضعفًا في مصر». ويهدف مشروع «تعزيز إتاحة الفرص التعليمية للأطفال ومكافحة عمالة الأطفال في مصر» إلى تقديم حوافز للأسر لإرسال أطفالهم إلى المدرسة وبقائهم فيها، وخاصة الفتيات، بدلاً من إرسالهم للعمل لإعالة أسرهم. وبحسب مسؤولين من الاتحاد الأوروبي، سوف يتلقى نحو 400 ألف فرد من أفراد أسر الأطفال الذين يحافظون على نسبة حضور 80 في المائة، حصة غذائية شهرية يأخذونها إلى المنزل، تتكون من 10 كيلوغرامات من الأرز ولتر واحد من الزيت. وتعادل قيمة الحصة الغذائية المنزلية الأجر الذي كان سيحصل عليه الطفل من العمل، وهو الهدف من المشروع لرفع الضغوط عن الأطفال والأسر التي تدفعهم مبكرا إلى سوق العمل والتسرب من الحقل التعليمي. وتزود الوجبة الخفيفة اليومية التي يحصل عليها الأطفال في المدرسة، والتي تتكون من بسكويت التمر المعزز بالفيتامينات والمعادن، بـ25 في المائة من احتياجاتهم الغذائية اليومية. وبالنسبة لبعض الأطفال، تكون هذه الوجبة السريعة في المدرسة عادة هي أول ما يأكله الأطفال في اليوم، ومن ثم تساعدهم على التركيز في دروسهم. وبحسب دراسات محلية ودولية، فإن جانبا كبيرا من أطفال المدارس في مصر يعانون من سوء التغذية بشكل أو بآخر، سواء بسبب نقص الموارد، أو عدم الاهتمام الكافي بالكم الغذائي، أو التغذية الخاطئة بالأغذية السريعة أو المحفوظة مثل رقائق البطاطس والمشروبات الغازية، والتي تتسبب في إفساد بنية الطفل الصحية، ولاحقا تؤدي إلى انخفاض مستوى قوة العمل العام في الدولة. وسعيًا نحو حلول مستدامة، سوف يوفر المشروع المشترك التدريب إلى 50 ألف أم على الأنشطة المدرة للدخل، لمساعدتهن على إعالة أسرهن بدلاً من إرسال أطفالهن إلى العمل. ويذكر أن برنامج الأغذية العالمي هو أكبر منظمة إنسانية في العالم لمكافحة الجوع. ويقوم البرنامج بتقديم المساعدات الغذائية في حالات الطوارئ ويعمل مع المجتمعات لتحسين التغذية وبناء قدرتها على الصمود. وسنويا، يساعد البرنامج نحو 80 مليون شخص في نحو 75 بلدًا.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/405271/مبتعثون-سعوديون-في-خضم-الحياة-الأميركية
2015-07-21 03:01:15
مبتعثون سعوديون في خضم الحياة الأميركية
واشنطن: محمد علي صالح
يوجد في الولايات المتحدة أكثر من مائة ألف طالب سعودي جاءوا بمبادرة الابتعاث للمغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز. ويشترك هؤلاء في مناقشات ثقافية، خاصة عن اختلافات وتشابهات بين الثقافة السعودية (التي ولدوا فيها وتربوا عليها) والثقافة الأميركية (التي انتقلوا إليها). وتنشر بعض هذه المناقشات في كتابات طلابية، ورقية أو إلكترونية. في هذه المناقشات، يثير الانتباه تعامل هؤلاء الطلاب مع أسس في الثقافتين تبدو مختلفة، إن لم تكن متناقضة. لكن، يثير الانتباه أيضا فخر بالهوية، وثقة في النفس، وعقيدة قوية، تسهل مواجهة هذه الاختلافات، أو التناقضات. وقال موقع «سعوديون في أميركا»، الذي تأسس قبل 7 سنوات لخدمة المبتعثين: «صباح الخير للمبتعثين». مع صورة لمنظر طبيعي، وعليها عبارة «بليف إن يورسيلف» (آمن بنفسك)، وتوالت التعليقات فكتب عبد الله اليامي: «أنا دائما أفعل ذلك». بينما كتب جلال المهنا: «آمن على (وليس ب) نفسك»، فيما كتب حسن المعيض: «أنا أومن بالله، قبل نفسي. الله هو الذي خلق نفسي. وخلق هذا المنظر الطبيعي». ونشر الموقع صورة طبيعية أخرى، وعليها عبارة: «لا يهم من أين أنت قادم. يهم إلى أين أنت ذاهب». كتب عبد الله المرشود عن أهمية نسب العبارة إلى صاحبها بريان تريسي (مؤلف كتب علمانية، مثل: «قوة الثقة بالنفس» و«قوة انضباط النفس». مرة أخرى، قال الموقع صباح الخير، مع صورة باب مغلق، وعبارة «سيفتح الله بابا كنت تحسبه، من شدة اليأس، لم يخلق بمفتاح». انهالت التعليقات الدينية. عشرات خلال نصف ساعة من نشر الصورة والتعليق. يكتب سعوديون في أميركا تعليقات كثيرة عن اختلافات، أو تشابهات، في الحياة والثقافة بين السعوديين والأميركيين. وتحتوى أغلبية هذه التعليقات، أولا وقبل كل شيء، على الفخر بالدين، والفخر بالوطن. وإذا نشروا تساؤلات عن أسباب تقدم الأميركيين في مجالات كثيرة، ونشروا اعترافات بإمكانية تعلم أشياء كثيرة مفيدة منهم، لا توجد شكوك في الهوية، وفي الثقة بالنفس، رغم كل شيء. في مقابلة مع أحمد الفقيه، رئيس النادي السعودي في جامعة فيرلي ديكنسون (ولاية نيوجيرسي)، قال: «استوعبت وتعلمت الكثير من الأمور التي لم أكن أعرفها وأدركها خلال وجودي في السعودية. من ناحية الاعتماد على النفس، والتعامل مع الآخرين والمواقف الحياتية اليومية». وقال: «أضاف لي الابتعاث تغيير مفاهيم كثيرة جدا على جميع الأصعدة. باختصار، رحلة الابتعاث جعلتني أدرك وأعظم المسؤولية، وأن أكون شخصا مسؤولا ذا مهمة شخصية، ودينية، ووطنية...». ماذا عن حرص الأميركيين على وضع الطفل في كرسي خاص به داخل السيارة؟ وهل سيطبق السعوديون هذه العادة عندما يعودون إلى السعودية؟ كتب عايض النجدي: «المخجل والفشل الذريع أن يتعلم الإنسان أمورا حضارية مثل استخدام كرسي السيارة والتقيد بأنظمة السير واحترام الآخرين والنظام، وغير ذلك الكثير، ثم ينسى كل هذا عندما يعود (فرحانا) بشهادته فقط». وكتب سلوم السطمي: «للأسف ما جربت هالشي لسي بما أني عزوبي. بس استفدت من حزام الأمان. بديت أحس بالأمان. وتعودت عليه بحيث إني ما أحس براحة إلا لمن أربطه... ومن هذا المنطلق، لو يرزقني الله بأطفال، أكيد راح أستخدم كرسي السيارة. أولاً: لسلامتهم. وثانيا: لسوء أنظمة القيادة في السعودية». وكتب سعد حلمي (من السعودية): «لم أتوقف عن استخدامه منذ عودتي من أميركا. الاقتناع بالشيء مختلف عن مجرد التقليد». وكتب محمد عبد الرحمن: «أنا الحمد لله ولدي عمره ثلاث سنين. ومن أول ما انولد وأنا معوده على الكرسي. الحمد لله ما واجهت عناد منه، أو عدم رغبة في الجلوس بالكرسي إلا نادرًا. وهذا الكلام قبل لا أجي لأميركا. نصيحتي للإخوان يعود طفله من البداية، وراح يرتاح كثير...». وتندر علي ريفول: «لا. طبعا، وقت أرجع للمملكة، حارمي الولد والكرسي في شنطة السيارة». نيويورك وجدة مثل من قبلهم من القادمين إلى أميركا، لاحظ السعوديون أن أميركا، حقيقة، «أمة من المهاجرين»، وأن هذا ينعكس على الثقافة الأميركية. كتب عن هذا حسن البار، ونشر الجزء الآتي من خطاب ألقاه أخيرا الرئيس باراك أوباما: «نحن أمة من المهاجرين. وسنبقى كذلك دائما. كنا غرباء في أحد الأيام. وسواء كان أسلافنا غرباء، الذين عبروا المحيط الأطلسي، أو المحيط الهادي، أو نهر ريو غراندي (الحدود مع المكسيك)، نحن هنا فقط لأن هذا البلد رحّب بهم بالبقاء فيه. ولأنه علّمهم أن الشخص أميركي ليس بسبب أشكالنا، أو أسماء عائلاتنا، أو طرق عبادتنا...». علق على الخطاب تعليقات إيجابية عدد من المبتعثين. واشتركوا كلهم في ملاحظة وجود أنواع مختلفة من الناس في الولايات المتحدة. وفي القول إن بعضهم فوجئ، عندما وصل إلى نيويورك، مثلا، بكثرة السحنات السوداء، والسمراء، والصفراء. وكتب واحد: «نيويورك، عاصمة العالم الثالث». وتندر بعضهم بأن نيويورك مثل جدة، فيها هذه الاختلافات الكثيرة في سحنات الناس. لكن، طبعا، مع حرية وعدالة وانفتاح أميركا، توجد ثقافة العنف. وهذه الأيام، يناقش الأميركيون العنف في الثقافة الأميركية، وخصوصا الاعتداءات الجنسية في الجامعات. عن هذا كتب حسن البار، مرة أخرى: «وفقا لإحصائيات وزارة العدل الأميركية، هناك واحدة من بين كل خمسة طالبات جامعيات ستتعرض لاعتداء جنسي خلال دراستها... مع أن كثيرا من حالات الاعتداءات الجنسية هذه تتم في حفلات لا ننخرط فيها عادة كسعوديين - الطالبات على وجه الخصوص..». وأضاف: «أعد موقع (سعوديون في أميركا) تقريرا عن هذا الموضوع بهدف نشر المعرفة، والتوعية بقضايا المجتمع، وبالثقافة الأميركية. هذا بالإضافة إلى مناقشتها، والاستفادة منها. وعلى أي حال، التحرشات والمضايقات الجنسية هي أمر قد يحدث في أي مكان. وقد يتعرض له أي أحد...». * الطقس الأميركي: يؤثر الطقس الأميركي البارد جدا في الشتاء في بعض الولايات على نمط حياة السعوديين في أميركا. وكتب سعوديون يعيشون في ولايات غير باردة، مثل تكساس، وأريزونا، ونيو مكسيكو، عن تشابهات في المناخ مع السعودية. خاصة الحر، وقلة الأمطار نسبيا. مما انعكس على منازل الأميركيين التي بدت لهم وكأنها منازل في السعودية (أسوار، وحيشان)، لهذا، مع نهاية الشتاء، وبداية فصل الربيع: كتب دودي سالم: «صح إن اليوم أول أيام الربيع. بس لسى قاعد ينزل سنوووو في بوسطن». وكتبت خولة المحمدي: «أول يوم في الربيع، ونيويورك عليها تلج. أصلا عادي». وكتب (باللغة الإنجليزية) عبد الله الريس: «أعيش في ولاية ألاسكا، ولهذا وضعي يختلف قليلا. ألاسكا باردة جدا بالمقارنة مع بقية الولايات. لهذا، لم يحل الربيع بعد. يظل التجمد مستمرا». كتبت فادية بخاري، التي كانت كتبت رواية «رسائل من سعوديات محافظات»، رواية جديدة هي: «حكايات سعودي في نيويورك». قالت عن الرواية الجديدة: «... أكتب خيالاً مستندا إلى واقع من وجهة نظر البطل. وليس رأيي أنا فقط، البطل في هذه القصة (صاحب الشعر الطويل) هو رجل سعودي مغترب. كان مبتعثًا، يعرض الواقع في نيويورك من وجهة نظره، بطريقة طريفة وبسيطة. وصاحب الشعر الطويل ليس بملك، ولا بشيطان. قد يحبه القارئ، وقد يكرهه. هو رجل حجازي بسيط». وعن الغربة، كتبت: «... أعتبر أن ما مررت به لم يكن غربة. ونيويورك، المدينة العظيمة الصاخبة، هي واحدة من ألطف التجارب الحياتية التي عشتها. على قسوتها، وقسوة أجوائها، علمتني حقًا معنى البحث عن السعادة والحرية. وكل من يعيش بنيويورك سيتعلم قيمة الوقت، وقيمة العلم». وأضافت: «توجد النقلة النوعية في طريقة التفكير. المبتعث لم يذهب ليتخرج في جامعة، بل ذهب ليتعلم معاني كثيرة، أقصرها احتراف التواصل الثقافي، والتلاقح الثقافي مع الآخر، أيا يكن». وناشدت السعوديين والسعوديات: «اغتنموا كل لحظة، اخرجوا إلى الثقافة الأخرى هناك. شاهدوا الفن الغربي المتمثل في المعارض الفنية. واقرأوا صحفهم. وشاهدوا إعلامهم، فالتلاقح الثقافي هو أكبر فرصة يمر بها الإنسان ليطور شخصيته وتفكيره». تشدد قوانين أميركية على عدم ترك أطفال من دون بالغين في منازلهم. لهذا، يستأجر كثير من الأميركيين والأميركيات «بيبي ستر» (راعية طفل). أو يتركون أطفالهم في دور رعاية الأطفال. من وقت لآخر، ينشر موقع «سعوديون في أميركا» تعليقات عن هذا الموضوع: كتب البعض أنها عادة طيبة؛ لأنها تشجع الأزواج على الخروج للترفيه عن أنفسهم بعيدا عن صخب أطفالهم، ولأنها، بالنسبة للزوجة خاصة، تسهل لها الدراسة. وكتب البعض ينتقد هذه العادة بأنها تحضر غريبات في المنازل. وليس إشراف الغريبة مثل إشراف الأم. وقد تؤثر الغريبة بدينها على الأطفال. كتب خالد الشمري عمن يحتاج للرعاية، وفي أي عمر: «يا راجل اللي أعمارهم فوق العشرين بالجامعة هنا تعاملهم كأنهم أطفال. المفروض يجيبون أحد بالغ معهم». وكتب «شكسبير القصيم»: «تعامل الحكومة الشعب بمبدأ عدم الثقة؛ لذا فقرات القانون عندهم مشبعة بالمواد حتى بأدق التفاصيل؛ حتى لا تكون هناك حجة. القانون لا يحمي المغفلين. بينما في بلادنا يكون العمل بمبدأ الثقة وتعاليم الدين الذي يحاسبهم الله عليه... ومع توسع البلاد، وكثرة السكان، وتغير الزمان، أعتقد أنه لا بد من وضع قانون خاص لكل تفاصيل الحياة حتى تعرف البشر واجباتها وحقوقها». وكتب أحمد عيسي (من أستراليا): «الحضانة في أستراليا من الساعة 8.30 إلى الساعة 5.30، وتكلف 100 دولار لليوم الواحد. عاد كنت طالب، كنت بطيخ، ما يهمهم...». وكتبت لولا عقيل: «مو مهم الشرح. أهم شي مكافأة عادلة للطفل». وكتب نواف الشعيبي: «إيييه. الحمد لله أني عزابي. مفتكين من غثاء الأطفال. والله يعين اللي عندهم خير». وكتب محسن المحضار: «هنا اللي بيه خير يرفع صوته ع عيالة، عشان تروح عليه...». وسأل عبد الله الصالح:: «إذا كان عمر الطفل أكثر من 8 سنوات، فهل هناك إمكانية تسجيله في دار حضانة، إذا كان فترة تواجده في أميركا تتوافق مع إجازة المدارس عندنا بالسعودية يعني مدة الصيفية عندنا؟». وكتب حسين علي الثواب: «جد تعبنا من الحضانات. كل سبوع أدفع 210 دولار. المكافأة ما تكفي. عشان الحصانات غالية واجد». وكتب عبد الله الصالح، مرة أخرى: «كلامكم صحيح. والله يعينكم يالطلبه هناك. بس، بصراحه، أنا شفت أثر جدًا ممتاز على الأطفال بعد دخولهم رياض الأطفال، بغض النظر عن التكاليف».
aawsat
http://aawsat.com/home/article/405276/نافذة-على-مؤسسة-تعليمية-جامعة-لشبونة-ولدت-عملاقة
2015-07-21 03:01:20
نافذة على مؤسسة تعليمية : جامعة لشبونة.. ولدت عملاقة
القاهرة: «الشرق الأوسط»
جامعة لشبونة (بالبرتغالية Universidade de Lisboa) هي جامعة بحثية عامة في لشبونة، وأكبر جامعة في البرتغال. وقد تأسست في عام 2013، نتيجة اندماج جامعتين عامتين سابقتين تقعان في لشبونة، هما «معهد جامعة لشبونة» السابق (1911 - 2013)، والجامعة التقنية في لشبونة (1930 - 2013)، علما بأن تاريخ الجامعة الأصلية الأولى في لشبونة يعود إلى القرن الثالث عشر. بدأت جامعة لشبونة السابقة، التي تأسست في عام 1911، والجامعة التقنية في لشبونة، التي تأسست في عام 1930. عملية الاندماج في عام 2011. وأصبحتا كيانا جديدا يحمل اسم «جامعة لشبونة» في 31 ديسمبر (كانون الأول) عام 2012. وبدأت جامعة لشبونة «الجديدة» وجودها القانوني منذ اليوم الأول لتولي عميدها المنتخب منصبه في 25 يوليو (تموز) عام 2013. ومنذ عام 2013. صارت جامعة لشبونة تضم ثماني عشرة كلية ومعهدا بحثيا، وهي: كليات الهندسة المعمارية والفنون الجميلة، والعلوم، والحقوق، والصيدلة، والآداب، والطب، وطب الأسنان، والطب البيطري، وعلوم حركة الإنسان، وعلم النفس، والعلوم الاجتماعية والسياسية، والاقتصاد والإدارة، إضافة إلى معاهد العلوم الاجتماعية، والتعليم، والجغرافيا والتخطيط المكاني، والهندسة الزراعية، والمعهد العالي للتكنولوجيا. كما تضم الجامعة أيضا ست وحدات متخصصة، ووحدات للخدمات الاجتماعية وأخرى مشتركة، واستاد جامعة لشبونة. ووفقا للتصنيف الأكاديمي لجامعات العالم في عام 2014. المعروف أيضا باسم ترتيب شنغهاي (Shanghai Ranking)، حازت جامعة لشبونة حديثة التأسيس آنذاك على المرتبة الأولى في البرتغال، ووقعت في مركز من بين أفضل 300 جامعة على مستوى العالم. وعلى مستوى علوم الحاسب والتكنولوجيا والهندسة، صنفت الجامعة ضمن المائة الأفضل عالميا. أما في تصنيف التايمز للتعليم العالي (Times Higher Education World University Rankings (THE)) لعام 2014 - 2015. فتعد جامعة لشبونة أكبر جامعة في البرتغال، وتأتي ضمن أفضل 400 جامعة عالميا، بينما تقع ضمن أفضل 550 جامعة في تصنيف QS العالمي للجامعات عن ذات الفترة.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/400101/فاليري-آموس-من-أروقة-الأمم-المتحدة-إلى-رأس-«سواس»-اللندنية
2015-07-21 03:01:25
فاليري آموس من أروقة الأمم المتحدة إلى رأس «سواس» اللندنية
لندن: مينا الدروبي
عينت كلية الدراسات الأفريقية والآسيوية «سواس» التابعة لجامعة لندن، منسقة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة السابقة البارونة فاليري آموس لتكون المديرة العامة للكلية. وستقود آموس الكلية في سبتمبر (أيلول) المقبل، وستكون أول مديرة لها من أصول أفريقية. وكشف تقرير إحصائي من معهد «وحدة التحدي والمساواة» البريطاني عن التحديات الجنسية التي تواجهها الجامعات في بريطانيا أن «70 في المائة من زعماء الأكاديمية العليا هم من الذكور، وما يقرب من 16 في المائة من هذه المجموعة هم على مستوى أستاذ». وفي تناقض صارخ، وجد التقرير أن «2.8 في المائة من الأكاديميين الإناث هم من أصول أفريقية». ويكسر تعيين المسؤولة الكبيرة في الأمم المتحدة والوزيرة السابقة التمييز بين الجنسين، وقالت آموس بأنه «تكريم» لها أن تكون جزءا من الكلية، وأن «سواس اللندنية مميزة في التعليم والدراسات عن منطقة آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا». وقال رئيس مجلس الإدارة في «سواس» تيم ميلر لـ«الشرق الأوسط»: «فاليري آموس امرأة مهمة في السياسة الدولية. وتشتهر بالثقافة الهائلة والتعامل مع الشؤون المعاصرة مثل الكلية». وأضاف ميلر: «إنها تجلب تجربة رائعة في الإدارة التنفيذية والاستراتيجية لهذا الدور. ونحن نتطلع إلى يوم قدوم آموس إلى الكلية في سبتمبر المقبل». وسيقام العام المقبل حفل بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الكلية التي تأسست في 1916 وتخرج منها الكثير من الشخصيات التي تبوأت مناصب عليا من رؤساء دول ووزراء وسفراء، بالإضافة إلى الكثير من الأسماء التي حازت على جائزة نوبل للسلام وغيرهم من الشخصيات المؤثرة في عالم الأعمال ومراكز القوى في الكثير من دول العالم. وتتخصص كلية «سواس» في مجال اللغات والعلوم الإنسانية والاقتصاد والقانون والعلوم السياسية المرتبطة بمناطق آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط. ويأتي ذلك بالتزامن مع وجود قلق متزايد بشأن الاعتداء الجنسي والتحرش في الجامعات البريطانية، ووعدت آموس أنها ستحاول العمل على تقليص التمييز بين الجنسين في جامعات المملكة البريطانية وصرحت بأن «الفصل بين الجنسين لا يوجد له مكان في التعليم العالي، وينبغي أن نواجه هذه التحديات». وقامت منظمة الحقوق الطلابية البريطانية التي تعمل على مكافحة التطرف والتمييز في الجامعات البريطانية بحملة لمعالجة المشاكل المتزايدة التي تحدث نتيجة الفصل بين الجنسين يوميا في حرم الجامعات. ويذكر أن اتحاد طلبة كلية «سواس» من بين أكثر الاتحادات الطلابية نشاطا في المملكة المتحدة، كما أن توجهاته السياسية تكون عادة يسارية. وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عن تعيين ستيفن أوبراين في منصب وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ. وسيخلف أوبريان آموس، التي أعرب الأمين العام عن بالغ امتنانه لها لما قدمته من خدمات متميزة في الأمم المتحدة والمجتمع الإنساني. وجاء تعيين آموس بعد شهر من تعيين الأستاذة لويز ريتشاردسن كأول امرأة تشغل منصب نائبة مستشار (رئيس) جامعة أكسفورد البريطانية. وقد تولت آموس عدة مناصب عليا في الحكومة البريطانية وكانت الرئيسة التنفيذية للجنة تكافؤ الفرص بين عامي 1989 و1994. ويذكر أن آموس عملت سابقا وزيرة في الحكومة البريطانية وزعيمة لمجلس اللوردات، ووزيرة للدولة للتنمية الدولية في الفترة من عام 2003 حتى 2007. كما شغلت منصب وزيرة شؤون أفريقيا في بريطانيا في الفترة من عام 2001 حتى 2003. قبل أن تعين منسقة للشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة في العام 2010.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/400106/خبير-تربوي-عالمي-يتحدث-عن-«محفزات»-القراءة-لدى-الأطفال
2015-07-21 03:01:30
خبير تربوي عالمي يتحدث عن «محفزات» القراءة لدى الأطفال
واشنطن: فاليري شتراوس
استنادا إلى كتابه الأخير بعنوان «تربية الأطفال على القراءة: دور الآباء والمعلمين»، لأستاذ العلوم المعرفية، البروفسور دانيال ويلينغام، كتب ويلينغام خمسة مقالات كلها تدور حول القراءة، استند في المقال الأول وأجاب عن تساؤل ما إذا كانت المعايير الأساسية والمشتركة للحالة يمكنها تعزيز القراءة والفهم. وطرح المقال الثاني وأجاب أيضا على إمكانية تدريس موضوع القراءة لأجل الفهم. أما المقال الثالث فكان يدور حول السبب وراء فقدان الأطفال للاهتمام في القراءة لأجل الاستمتاع مع تقدمهم في العمر. وطرح المقال الرابع وأجاب عن سؤال ما إذا كان ينبغي على الطلاب في المدارس القراءة لأجل الاستمتاع. والبروفسور دانيال ويلينغام هو أستاذ علم النفس في جامعة فيرجينيا، ومؤلف عدد من الكتب، ومن بينها: «لماذا يكره الطلاب المدرسة؟»، وأيضا كتاب: «متى يمكننا الثقة في الخبراء؟ التفرقة بين العلوم الجيدة والسيئة في التعليم». وقد نشر هذا المقال على مدونة العلوم والتعليم الخاصة بالبروفسور. بدأ السيد ويلينغام التدريس بجامعة فيرجينيا عام 1992، حينما كانت أبحاثه تتمحور حول الأساس الدماغي للتعلم والذاكرة. ولكن بعد عام 2000 تمركزت أبحاثه حول تطبيقات علم النفس المعرفي على مرحلة «K-16» من التعليم. وقد كتب خلال السنوات الأخيرة عددا من المقالات المعروفة في مدونته الخاصة، ومن بينها: «نظرية الدماغ الأيمن - الأيسر.. نظرية فارغة»، وأيضا «المهارات التي يفتقر إليها طلاب القرن الحادي والعشرين». ويقول البروفسور ويلينغام في مقاله: «لاحظت في وقت سابق من هذا الأسبوع انخفاض التوجهات حيال القراءة مع تقدم الطلاب في العمر، حيث تكون التوجهات القرائية في أوجها حينما يكون الأطفال في أولى مراحل تعلمهم للقراءة. والأسوأ من ذلك فإن التوجهات الإيجابية ليست كافية، حيث إنني لدي توجه إيجابي أكيد حيال التمرين. وأعتقد أنه يجلب أيضا فوائد صحية مهمة، كما أعرف أنني أشعر بحالة أفضل حينما أمارس التمرينات. ومع ذلك فإنني لا أمارسها فعلا. تلك هي الحقيقة، وجزء منها يرجع إلى أنني لا أرى نفسي كإنسان يمارس التمرينات. فالصورة الذاتية مهمة. لا يتعين على الأطفال أن يمتلكوا التوجهات الإيجابية نحو القراءة فحسب، بل عليهم أن يروا أنفسهم كذلك النوع من الأطفال المحبين للقراءة». من أين تنبع صورتنا الذاتية؟ إن جزءا كبيرا من مقياس الصورة الذاتية ينبع من المقارنة. فإنك لا ترى نفسك كقارئ لأنك تمارس القراءة بصورة متكررة فحسب، ولكن لأنك تلاحظ أنك تمارسها بوتيرة أكثر من أقرانك. بعد كل شيء، فأنت تتناول الغداء يوميا، ولكن «متناول الغداء» ليس جزءا أصيلا من صورتك عن ذاتك. لكنك إذا لاحظت (كما يلاحظ أقرانك) أنك تطلب السلاطة في كل مرة تذهبون جميعكم لتناول الغداء، فإن ذلك التوجه يصير جزءا من صورتك الذاتية. فأنت «متناول السلاطة» بين مجموعة الأصدقاء. يبدو وكأننا صرنا أسرى لمتلازمة التناقض. فإذا أردنا من طفلة ما أن تقرأ، فعليها أن ترى نفسها أولا كقارئة. ولكن حتى يتسنى لها أن تفكر في نفسها كقارئة فعليها أولا ملاحظة أنها تقرأ أكثر مما يقرأ باقي الأطفال. لحسن الطالع، فإن صورة الطفل الذاتية تخضع كذلك لتأثيرات العائلة. يدرك الطفل أن لعائلته قيمها، كما يدرك أن تلك القيم تتباين مع قيم العائلات الأخرى، ومن واقع عضويته في تلك العائلة فإن ذلك يمنحه (تلقائيا) إحساسا بملكيته لتلك القيم. بطبيعة الحال، لا يؤثر المعلمون على القيم العائلية بصورة مباشرة، ولكن من المهم بقاء تلك الآلية عالقة في الأذهان، حتى يتسنى لهم تحفيزها بمجرد إتيان الفرصة لذلك. ولكن ما الذي يعنيه أن تكون العائلة قارئة؟ إن القراءة بصوت عال للأطفال إلى جانب وجود الكثير من الكتب في المنزل هي من بين المحفزات الواضحة. ولكن ما هي المساهمات الأخرى في ذلك؟ يمكننا توسيع طرحنا في ذلك عبر التركيز ليس على أن نكون عائلة قارئة فحسب، ولكن بأن نكون عائلة متعلمة أيضا، تلك التي تسعى للاستفادة من الفرص السانحة لتعلم الأشياء الجديدة. والقراءة من المكونات المهمة في ذلك، غير أنها ليست السبيل الوحيد في التعبير عن تلك القيمة داخل العائلة. كيف تنقل للطفل أن قيمة التعلم هي من بين قيم عائلته؟ يصف عالم النفي الاجتماعي غيرت هوفستيد السمات التي تعزز من الثقافات المؤسسية، واعتقد أن تلك السمات توفر سبيلا مفيدا في التفكير حول غرس القيم العائلية. ما هي تقاليد عائلتك؟ حيث تكشف التقاليد للأطفال كيف أننا نثمن قيمنا من خلال الإعادة والتكرار. إن تقليدا عائليا مثل «أن تكون الكتب هي هدايا أعياد الميلاد لمختلف أفراد العائلة» يبعث برسالة حول قيمة القراءة وأهميتها. من هو البطل في نظر العائلة؟ ومن الذي نتحدث عنه بمنتهى التبجيل والاحترام؟ أهو ممثل، أو مفكر معروف، أو لعله مدرس؟ ما هي القصص التي تدور بين أفراد العائلة؟ لكل عائلة أساطيرها، وبكونها أسطورة فهي تخبر الطفل الناشئ بأن هناك معنى معينا في تلك القصة يستلزم تكرارها. أهي تستحق التكرار لأن شخصا ما بدا سعيد الحظ، أو صار غنيا، أو سعى لتعلم شيء معين؟ ما هي الرموز التي تحيط بنا؟ هناك الكثير من الفراغ على جدران منازلنا وطاولات غرفنا لتحتلها الأعمال الفنية، أو التذكارات الأسرية، أو ما شابه ذلك. يمكن ترجمة تلك الأعمال كرموز لما يعد مهمًا من قبل العائلة. هل يشاهد الطفل الناشئ مختلف أنواع الكتب في المنزل.. أم أن التلفاز هو بؤرة اهتمام الجميع في غرفة المعيشة؟ ما المعاني التي تحملها الأعمال الفنية أو الصور المعلقة على الجدران؟ على الرغم من الأهمية الكامنة في كل عامل من العوامل سالفة الذكر فإنني لا أعتقد بوجود عصا سحرية بأيدي الآباء يوصلون من خلالها لأطفالهم أهمية القراءة والتعلم في حياتهم. بدلا من ذلك فإنني أرى أنها ملايين الأشياء الصغيرة التي تشتبك مع تفاصيل حياتنا اليومية تلك التي تشكل الفارق. وهي أشبه بزيارة أحد المطاعم التي تقدم أكلات غير مألوفة، فقط لأنه جديد. وهي ليست ملاحظة إحدى الحشرات الساعية على الطريق، ولكن التقاط صورة لها والبحث لاحقا عن معلومات بشأنها. وهي الاحتفاظ دائما بأحد القواميس في مكان قريب بالمنزل حتى يسهل البحث عن الكلمات الجديدة حال معرفتها لأول مرة. بعبارة أخرى، إن التعلم ليس من الأنشطة المجزأة، وهو ليس من الأنشطة التي تستغرق الوقت والحياة، بل إنه زيارة بسيطة إلى متحف العلوم. وهو ذلك الشيء الذي نفعله من خلال كل أنشطتنا اليومية، ولأنه يعبر عن كينونتنا. * خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»
aawsat
http://aawsat.com/home/article/400111/تصحيح-الاختبارات-على-طريقة-مطاعم-الوجبات-السريعة
2015-07-21 03:01:35
تصحيح الاختبارات على طريقة مطاعم الوجبات السريعة
سان أنطونيو (تكساس): موتوكو ريتش
تشدد المعايير الأكاديمية الجديدة المعروفة بـ«النواة المشتركة» common core على التفكير النقدي، والحلول المركبة للمشكلات ومهارات الكتابة، وتراهن أقل على التعليم الاستظهاري والتذكر. ومن ثم فقد تطلبت الاختبارات المعيارية المقدمة في معظم الولايات الأميركية هذا العام عددا أقل من أسئلة الاختيارات المتعددة وقدرا أكبر بكثير من الكتابة في موضوعات كهذا الموضوع الذي تم تقديمه لطلبة المدرسة الثانوية: «اقرأ فقرة من رواية مكتوبة بأسلوب الشخص الأول، وقصيدة مكتوبة بأسلوب الشخص الثالث، وصف كيف يمكن أن تتغير القصيدة إذا كانت مكتوبة بأسلوب الشخص الأول». لكن ليس بالضرورة أن يكون المدرسون هم من يقومون بتقييم النتائج. في يوم الجمعة، وفي مجمع مكاتب مغمور في شمال شرقي وسط المدينة هنا في سان أنطونيو، عمل نحو مائة من الموظفين المؤقتين لدى شركة «بيرسون»، عملاق الاختبارات، في صمت دؤوب وهم يقومون بتصحيح آلاف المقالات القصيرة التي كتبها تلاميذ الصف الثالث والخامس من مختلف أنحاء البلاد. وكان من بين هؤلاء منظمة حفلات زفاف سابقة، واختصاصي تكنولوجيا طبية متقاعد، ومسؤولة مبيعات سابقة بشركة بيرسون تحمل درجة الماجستير في الاستشارات الزوجية. وللحصول على الوظيفة، شأن المصححين الآخرين في أنحاء البلاد، فقد احتاج هؤلاء إلى درجة جامعية من كلية بنظام أربع سنوات مع دورة عملية في مجال ذي صلة، ولكن لم يكن مطلوبا أن يحملوا أي خبرات تدريسية. وهم يتحصلون على 12 إلى 14 دولارا في الساعة، مع احتمال الحصول على علاوات صغيرة إذا حققوا الأهداف اليومية للجودة والكم. ويقول مسؤولون من «بيرسون» و«بارك»، وهي مجموعة غير ربحية عملت على تنسيق تطوير اختبارات نواة مشتركة جديدة، إن التدريب وبروتوكولات التصحيح يهدفان إلى ضمان التطابق، مهما كان من يقوم بتصحيح الاختبارات. في بعض الأحيان، يمكن أن تكون عملية التصحيح ملهمة لسلسلة مطاعم بحيث يجدون طريقة تمكنهم من مراقبة أداء موظفيهم وجودة منتجاتهم. قال بوب ساندرز، نائب رئيس المحتوى وإدارة التصحيح في «بيرسون أميركا الشمالية»: «على سبيل مقارنتنا بستارباكس أو ماكدونالدز، فحيث تذهب إلى هذه الأماكن تعرف بالضبط ما الذي ستحصل عليه». وتابع، وكان يرد على سؤال عما إذا كانت مثل هذه المقارنة مناسبة: «لدى ماكدونالدز عملية قائمة للتأكد من أنهم يضعون شريحتين في شطيرة البيغ ماك... ونحن نفعل هذا الشيء ذاته. لدينا عمليات للإشراف على عملياتنا، ولضمان أن تعليماتنا يتم اتباعها». ومع هذا، يظل المعلمون من أمثال ليندسي سيمنز، وهي مدرسة تعليم خاص في مدرسة إدغربروك الثانوية في شيكاغو، يرون وجود مشكلة إذا لم يتم تصحيح الاختبارات بالأساس عن طريق المدرسين. وقالت السيدة سيمنز: «إننا حتى كمعلمين، ما زلنا نتعلم ما الذي تطلبه منا معايير النواة المشتركة للولايات». وأوضحت: «لذا، فالإتيان بشخص من خارج المجال وتكليفه بتقييم تقدم التلاميذ أو نجاحهم يبدو أمرا مثيرا للشكوك نوعا ما». وخضع ما يقرب من 12 مليون طالب في أنحاء البلاد من الصف الثالث وحتى المرحلة الثانية للاختبارات الجديدة هذا العام. وقد عملت شركة «بارك»، المعروفة رسميا بـ«الشراكة من أجل تقييم استعداد الكليات والحياة العملية»، و«سمارتر بالانسيد»، وهي منظمة أخرى في مجال تطوير الاختبارات، إلى جانب متعاقدين مثل «بيرسون»، عملوا مع مدرسين حاليين ومسؤولي تعليم بالولايات لتطوير الأسئلة ووضع معايير مفصلة لتقييم إجابات الطلاب. وقامت بعض الولايات، ومن بينها نيويورك، بشكل منفصل بتطوير اختبارات نواة مشتركة من دون أي مشاركة أي جهة تقييم. واستعانت بيرسون، التي تدير 21 مركز تصحيح في أنحاء البلاد، بـ14.500 من المصححين المؤقتين على مدار موسم التصحيح، والذي بدأ في أبريل (نيسان) وسوف يستمر خلال شهر يوليو (تموز). ويعمل نحو ثلاثة أرباع المصححين من المنزل. واستقطبتهم بيرسون من خلال موقعها الإلكتروني، وعن طريق الإحالات الشخصية، ومعارض الوظائف ومحركات البحث عن الوظائف على الإنترنت، والإعلانات المخصصة في الجرائد المحلية وحتى على مواقع «كريغ ليست» و«فيسبوك». ولم يحصل نحو نصف من خضعوا للتدريب على الوظيفة في النهاية. وتقول شركة بارك إن أكثر من ثلاثة أرباع المصححين لديهم ما لا يقل عن ثلاث سنوات من الخبرة التعليمية، ولكنها لا تحتفظ ببيانات حول عدد من يعملون كمدرسين ممارسين حاليا. وفي حين أن البعض من هؤلاء هم معلمون متقاعدون ولديهم خبرات هائلة في مجال التدريس، إلا أن أحد المصححين في سان أنطونيو، على سبيل المثال، لديه خبرة تدريس سنة واحدة، وعمره 45 عاما. فبالنسبة إلى امتحانات مثل اختبارات «المستوى المتقدم» التي تقدمها مجالس الكليات، لا بد للمصححين أن يكونوا أساتذة أكاديميين حاليين أو مدرسي تعليم ثانوي لديهم ما لا يقل عن 3 سنوات من الخبرة في تدريس الموضوع الذي يصححونه. وقال طوني ألبرت، المدير التنفيذي لـ«سمارتر بالانسيد»: «إن وجود مدرسين ممارسين يشاركون في التصحيح هو فرصة هائلة... ولكننا لا نريد أن نفعل هذا على حساب عملهم الحقيقي، وهو تعليم الأطفال». إن أهم عوامل التصحيح، بحسب ما يقول خبراء الامتحانات، هو وضع تعليمات إرشادية تكون واضحة بما يكفي لأن ينتهي اثنان من المصححين بشكل متطابق إلى نفس النتيجة. وخلال جلسات التدريب التي تستغرق ما بين يومين إلى خمسة أيام في اختبارات بارك، يدرس المراجعون المحتملون مقالات الطلاب التي راجعها المدرسون والأساتذة الأكاديميون وكذلك معايير التصحيح. ولمراقبة العاملين وهم يصححون، تضع بيرسون بانتظام إجابات تم تصحيحها سابقا في طوابير المصححين على الكومبيوتر لترى ما إذا كانت أرقامهم متفقة مع الأرقام التي توصل إليها المشرفون عليهم الأعلى رتبة. ولا يتم الاستعانة بالمصححين الذين يخفقون بشكل متكرر في مطابقة هذه الإجابات المعروفة بأوراق نماذج الإجابات الصحيحة. وقد عمل المصححون في مركز سان أنطونيو يوم الجعة، على اختبار بارك، والذي تم إجراؤه في 11 ولاية وفي واشنطن. وبينما كانت فاليري غوم تقرأ عدة فقرات من مقال للصف الخامس على شاشة اللابتوب الخاص بها، فإنها كانت تراجع حزمة من الأوراق التي تم إبراز محتواها والتي تصف معايير تقييم الفهم والقراءة، والتعبير المكتوب وأسئلة التقليد مثل الإملاء والتشكيل. وفي كل من هذه الأسئلة كانت تضغط على تصحيح رقمي من 0 إلى 3. وأوضحت السيدة غوم: «أول ما نفعله هو أن نقرأ الفقرات بالكامل». وتابعت السيدة التي هاجرت من فرنسا مع زوجها الأميركي منذ خمس نوات وكانت في السابق تدير شركة لحفلات الزفاف: «بعدها يكون قد تكون لديك إحساس بما فعلوه، وتقوم بتحليل كل صفة، وبعدها تتعمق فعليا وتستطيع أن ترى ما إذا ما كان إحساسك الأول صحيحا أم خاطئا». وأقرت السيدة غوم بأن التصحيح كان صعبا، حيث قالت: «لم أتمكن منه أخيرا إلا بعد تواجدي هنا كل هذه الأسابيع». ويتساءل بعض المدرسيين ما إذا كان بمقدور المصححين أن يقيموا بنزاهة من دون أن يعرفوا ما إذا كان التلاميذ كافحوا مع صعوبات التعلم أو كانوا يتحدثون الإنجليزية كلغة ثانية. وقالت شركة بيرسون إن عددا من اختبارات الرياضيات يتم تقييمها باللغة الإسبانية. ولا يرى المصححون أي صفات دالة على التلاميذ. كما يقول المدرسون ذوو الخبرة إن بعض التلاميذ يعبرون عن أنفسهم بطرق يمكن أن يكون من الصعوبة بمكان أن يسبر أغوارها غير المدرسين. وقالت ميغان سيريل، مدرسة الصف الثالث في مدرسة «برودواي» الثانوية في فينيس بولاية كاليفورنيا، والتي خضعت لاختبار مجموعة «سمارتر بالانسيد» هذا العام: «أحيانا يقول التلاميذ أشياء وعليك كمدرس أن تقوم بترجمة ما يقولونه فعلا. هذه مهارة يحتاج المدرس إلى تطويرها على مدار الوقت، وكمراجع أعتقد أن عليك أن تتمتع بهذه المهارة كذلك». ولكن خبراء الاختبارات يقولون: إن الاختبارات المعيارية مصممة لتقييم عمل التلاميذ من قبل أشخاص بالغين ليس لديهم أي معرفة بالأطفال. كاثرين ماكليلان، مديرة أبحاث سابقة في شركة «خدمة الاختبارات التعليمية»، وهي الآن استشارية مستقلة لدوائر مدرسية، وعدد من الهيئات والمؤسسات التعليمية بالولايات، قالت: «هم لا يعرفون كيف تصرف طفلك في الفصل بالأمس.. وهذا في حقيقة الأمر أمر جيد لأنهم سيضعون تقييما محايدا ومنصفا» بناء على الخطوط الإرشادية والتدريب فيما يتعلق بالتصحيح. ومع هذا تظل الاختبارات الجديدة أكثر تعقيدا ودقة من الاختبارات السابقة وتستلزم من المصححين بذل المزيد من الجهد، بحسب جيمس دبليو. بريليغرينو، أستاذ علم النفس بجامعة إلينوي في شيكاغو والذي يعمل في المجالس الاستشارية لشركتي «بارك» و«سمارتر بالانسيد». وقال السيد بيليغرينو: «لا زلت تطالب الناس، حتى في ظل وجود أفضل التعليمات والأدلة والتدريب، بأن يعطوا تقديرات عن أشكال معقدة من الإدراك. وكلما اقتربنا من نوعيات التفكير والمشكلات والأوضاع المثيرة للاهتمام، والتي تميل لأن تكون متعلقة أكثر بإجابات ذات نهاية مفتوحة، فكلما كان من الصعب الوصول إلى اتفاق موضوعي في التصحيح». * خدمة: {نيويورك تايمز}
aawsat
http://aawsat.com/home/article/394691/دراسة-الآثار-في-الهند-تستهوي-طلبة-من-الشرق-الأوسط
2015-07-21 03:01:41
دراسة الآثار في الهند تستهوي طلبة من الشرق الأوسط
نيودلهي: براكريتي غوبتا
من النادر أن نجد طالبا من الشرق الأوسط يدرس علم الآثار في الهند، حيث تحظى دراسة مجالات مثل الطب، والهندسة، وتكنولوجيا المعلومات، والعلوم الطبيعية، وإدارة الأعمال، والمحاسبة، والتجارة، ودراسات حقوق الإنسان، باهتمام الطلبة من مختلف أنحاء العالم. وعندما كشف جاد عابدين من مصر عن سعيه إلى الحصول على درجة الماجستير في تاريخ القرون الوسطى في الهند بمعهد الآثار بدلهي، كان الأمر يمثل مفاجأة سارة. وتركز دراسات عابدين على العلاقة بين الحضارة المصرية القديمة والحضارة الهندية والصلة بين الديانة في كلتا الحضارتين. وقال: «تربط الحضارتان المصرية والهندية آلاف السنوات، وهناك الكثير من السجلات الموجودة في مصر القديمة تشير إلى عناصر موجودة في ثقافة الهند الآن. ونظرا لأني سأسعى إلى إجراء أبحاثي في هذا الأمر، كان من المهم دراسة الآثار في الهند». كذلك أوضح جاد أن عشرات من الطلبة من أفريقيا، وتونس، والعراق، والمغرب، وعمان، وبعض الدول الأخرى، كانوا يشاركون في دورات تدريبية عن الآثار. لذا كان من المثير للاهتمام الكتابة عن الطلبة القادمين من غرب آسيا وشمال أفريقيا من المهتمين بالعمل في مجال الآثار، وتأمل المعاهد التعليمية الهندية التي تقدم برامج في علم الآثار. * ما هو علم الآثار؟ كلمة آثار اللاتينية «أركيولوجي» (archaeology) تتكون من جزءين، جزء مشتق من الكلمة اليونانية «أركايوس» وتعني الأشياء القديمة، والآخر مشتق من «لوغوس» وتعني نظرية العلم. واستخدم رون هذا المصطلح للمرة الأولى في القرن الثامن عشر تقريبا. وعلم الآثار هو دراسة الجنس البشري من خلال استعادة التاريخ المتمثل في الأعمال الفنية، والأشياء البيولوجية، والمظاهر الثقافية، وغيرها. وبشكل مبسط، يمكن القول إن علم الآثار هو دراسة المجتمعات الإنسانية في الماضي من خلال الاستعانة بالبقايا والآثار المادية التي خلفوها وراءهم كأدلة. مثل المحققين في الجرائم، يجمع علماء الآثار الأشياء الصغيرة من أجل تكوين حجة وطرح تأويلي. وبصفته شكلا من أشكال العلوم، يساعدنا في فهم أين ومتى عاش الإنسان على الأرض، وأيضا لماذا وكيف عاش من خلال تفحص التغيرات، وأسباب التغيرات التي حدثت في ثقافات البشر بمرور الزمن وذلك بإجراء عمليات بحث ميداني، وتنقيب في المواقع الأثرية التاريخية. وتوجد في تلك المناطق آثار لثقافات سابقة في شكل أشياء قديمة مثل أوان من الفخار، وأسلحة، وحلي، ومواد للاستخدامات اليومية، ونباتات وحيوانات وآثار بشرية وغيرها، فضلا عن المعمار. ويتم الاحتفاظ باكتشافات وأبحاث خبراء الآثار من أجل الدراسات المستقبلية وبغرض التعلم. وتشمل مهمة عالم الآثار الحفاظ على الآثار القديمة وترميمها باستخدام مواد بناء قديمة. ويمكن لعلم الآثار أن يخبرك بالكثير عن الإنسانية بوجه عام، مثل أصل الجنس البشري في أفريقيا. وإضافة إلى حضارة مصر القديمة، وبلاد ما بين النهرين، وهي العراق وسوريا حاليا، كانت حضارة وادي إندوس، التي تضم حاليا شمال شرقي أفغانستان، وباكستان، والهند، إحدى الحضارات الثلاث القديمة في العالم القديم. كان أكثر من 99 في المائة من تاريخ البشرية قبل اختراع الكتابة والتدوين، لذا تعد دراسة الآثار وسيلة أساسية لمعرفة هذه الحقبة الزمنية الطويلة وربطها بعصرنا. بوجه عام، يعد العمل بشكل احترافي في مجال الآثار تحديًا، ومحفزا، وباعثا على الرضا. ويدرس إبراهيم كبير من العراق علم النقوش، وهو فرع من فروع علم الآثار هنا. وقال إبراهيم معبرا عن تألمه لما لحق بمدينة النمرود القديمة من دمار على أيدي تنظيم داعش: «لطالما كنت مهتما بالتاريخ. ويمكنني تذكر اطلاعي على الكتب المدرسية المصورة عن اليونان القديمة في مكتبة مدرستي وبنائي لأهرام من مكعبات السكر وأنا طفل صغير. لقد استمتعت بوجه خاص بحطام السفن وكنت أعيد تمثيل تحقيقات أندريا دوريا وتيتانيك التي كنت أراها على التلفزيون. وفي إحدى المرات شاهدت فيلما وثائقيا عن العراق القديمة، ثم قررت أن أصبح عالم آثار وكان اختياري للهند لإجراء دراسات يعود إلى تاريخ عائلتي التي كانت تقوم بالدراسات العليا في الهند. على المستوى الشخصي، أحب هذا المجال لأنه واحد من المهن التي تسمح لك بالتجول وتصور كيف كان الناس يعيشون في الماضي، وأين كانوا يعملون، وكيف كانوا يؤدون طقوس العبادة، وكيف ومع من كانوا يتعاملون. إنه أيضا مجال يجعلك تقوم فيه بتجميع أجزاء أحجية الماضي لتشعر أنك محقق في إحدى روايات أغاثا كريستي». * تاريخ دراسة الآثار في الهند في الهند، كان الجنرال ألكسندر كانينغهام، أول من لفت الانتباه إلى أهمية الحفاظ على الإرث الثقافي للأمة، والحاجة إلى ذلك، من خلال تأسيس الهيئة الهندية للمسح الأثري عام 1862 بهدف الحفاظ على المواقع الأثرية، والآثار الموجودة في الهند. أسس الأستاذ الراحل سانكاليا قسم الآثار، وهو أول مركز للتعليم والبحث في الآثار في جنوب آسيا، عام 1939. وكان هذا القسم رائدا في تطوير البحث في مجال آثار العصر الحجري، وآثار الحقبة بين حقبة ما قبل التاريخ، وبداية التاريخ، والآثار العلمية في الهند. * الدورات التدريبية تقدم أكثر الجامعات في الهند، التي بها قسم للآثار، فرصة دراسة هذا المبحث ضمن برامج الدراسات العليا. وكانت أول خطوة في الطريق نحو النجاح كعالم آثار هو التخرج. وينطبق ذلك على كل المناهج الدراسية. مع ذلك من المفضل الحصول على شهادة البكالوريوس في التاريخ، أو علم الاجتماع، أو علم الأنثروبولوجيا، من أجل فهم مفاهيم الآثار على نحو أفضل. مع ذلك، تقدم جامعات مثل مهراجا ساياجيراو، وجامعة بارودا، برنامج مدته ثلاث سنوات لدراسة التاريخ الهندي والحصول على شهادة بكالوريوس. بالمثل، تقدم جامعة باناراس هندو برنامجي تخرج في هذا المجال، أحدهما برنامج شرفي مدته ثلاث سنوات عن تاريخ الهند القديم، والآخر عن الثقافة والآثار. وهناك كذلك برنامج تدريب مهني مدته ثلاث سنوات عن علم المتاحف وعلم الآثار. ويقدم معهد الآثار التابع الهيئة الهندية للمسح الأثري، بنيودلهي، دبلومة مدتها عامان في علم الآثار. ويمكن لطلبة يحملون درجة ماجستير في اللغات الكلاسيكية، أو الجيولوجيا، التقديم للالتحاق بهذا البرنامج. بعد التخرج، يمكن للمرشحين الالتحاق بالدراسات العليا. * أفرع الأفرع الأساسية لعلم الآثار هي علم دراسة بقايا النباتات من أجل معرفة طرق الزراعة في حقبة من الحقبات، وكذا العادات الغذائية للشعوب، والظروف المناخية، وعلم دراسة بقايا الحيوانات والأمور المتعلقة بها مثل صحتها، واستئناس الحيوان، والصيد، وما إلى ذلك. كذلك من الأفرع الأخرى آثار ميدان المعركة، وهو استكشاف ساحات المعارك الشهيرة، وعلم الآثار البيئية، والذي يعنى بتأثير البيئة على المجتمعات القديمة والعكس بالعكس، والآثار الجيولوجية الذي يعنى بفحص عينات التربة، والصخور، من أجل تحديد التغيرات الجيولوجية، والظروف المناخية، والآثار البحرية، الذي يعنى بفحص آثار السفن، ودراسة الثقافات التي نشأت على السواحل، وعلم دراسة أشكال الحياة التي كانت موجودة على الأرض قبل تقدم الإنسان المعاصر، وآثار ما قبل التاريخ، الذي يعنى بدراسة التقاليد البشرية التي تنتمي إلى حقبة ما قبل التاريخ المكتوب، وعلم الآثار الحضرية، الذي يهتم بدراسة المراكز الحضرية أو المدن. فضلا عن ذلك، يمكن لعالم آثار أن يتخصص في دراسة حقبة تاريخية محددة، مثل الحقبة الإنجيلية، أو القرون الوسطى، وغيرها، أو بحسب الموقع الجغرافي مثل علم المصريات، علم دراسة التاريخ الصيني، وغيره. كذلك يستطيعون الحصول على خبرة في مجال بحث بعينه مثل ميادين المعركة، والآثار الغارقة، والجيولوجيا، والثقافة، وعلم الحياة النباتية. كذلك يمكن أن يعملوا كخبراء في العملات والنقوش. وعلم النقوش هو المبحث الذي يعنى بدراسة النقوش على الآثار القديمة، والمعابد، والأطباق النحاسية، والصخور، وغيرها، في حين يهتم فيه علم دراسة العملات بالعملات القديمة الورقية والمعدنية. * أهم عشر كليات آثار في الهند تقدم جامعة غورو غوبايند سينغ إندربراثا في دلهي برنامج ماجستير مدته عامان في علم الآثار وإدارة التراث. وتقدم جامعة باناراس هندي برنامج مدته عامين لدرجة الماجستير في الفنون والآثار. وتقدم جامعة بارودا برنامج دكتوراه مدته عام في علم الآثار، وماجستير مدته عامان في التاريخ الهندي، والثقافة، وعلم الآثار، وشهادة بكالوريوس تتطلب الدراسة لمدة 3 أعوام في التاريخ الهندي، والثقافة، وعلم الآثار. وتقدم جامعة كاراناتاكا برنامج ماجستير مدته عامان في التاريخ، وعلم الآثار، ودبلومة في علم الآثار، والمتاحف. كما تقدم مهراجا ساياجيراو شهادة البكالوريوس في التاريخ الهندي، والثقافة، وعلم الآثار. وتقدم جامعة رانشي دراسة مدتها عامان لنيل درجة الماجستير في علم الآثار والمتاحف. وتقدم كلية يونيون كريستيان كوليدج دبلومة مدتها عام في علم الآثار. وتقدم جامعة أوتكال أوريسا برنامج دراسة مدته عام للدكتوراه في التاريخ الهندي القديم، والثقافة، وعلم الآثار. وأيضا توفر جامعة ساغار في ماديا براديش برنامج مدته عامان للماجستير، وبرنامج مدته عام لدراسة التاريخ الهندي القديم، والثقافة، وعلم الآثار. ومن مؤهلات التقديم لبرنامج الماجستير هو شهادة تخرج وماجستير في مجال ذي صلة. وتقدم جامعة أواديش بارتاب سينغ في ريوا بولاية ماديا براديش برنامج ماجستير مدته عامان، وآخر للدكتوراه مدته عام واحد في التاريخ الهندي القديم، والثقافة، والآثار. * فرص مهنية هناك طلب دائم على علماء الآثار المؤهلين في مشروعات أثرية جديدة. وهناك طلب على المحاضرين الذين يتمتعون بخبرة، وأمناء المتاحف، والمرممين في مختلف أنحاء العالم. وهناك داخل فرق عمل التلفزيون في قناة «ديسكفري»، و«أنيمال بلانيت»، و«ناشونال غرافيك»، و«فوكس ترافيل»، و«بي بي سي»، وغيرها من القنوات علماء الآثار. وتعد كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة من الدول الرائدة التي توفر فرص عمل في علم الآثار. كذلك هناك وظائف في الترميم في المتاحف، وقاعات العرض، وغيرها من المجالات. * تحديات يعد علم الآثار خيارًا مهنيًا مثاليا لك إذا كان اكتشاف الثقافة والتاريخ يشعرك بالرضا عن ذاتك. وتعد مهنة مثالية لمن يريد العمل في اكتشاف ألغاز الماضي. كثيرا ما يضع اكتشاف مهم عالم الآثار في مكانة مرموقة. إذا كنت عالم آثار سوف تحتاج إلى قضاء أيام طويلة في المعامل، ومواقع التنقيب عن الآثار، والعمل على مشروعات قد تستغرق شهورا أو سنوات. وتمثل الظروف المناخية القاسية، ومخاطر العمل، تحديا دائما أمام العاملين في هذا المجال. ومن بين الأخطار الأخرى احتمال مواجهة حيوانات ضارية، وقطاع طرق، وسارقين، وعصابات محلية، وقرويين منزعجين. سوف تحظى في هذا المجال بالشهرة أكثر مما ستجني من المال. * تركيز دولي يجب على علماء الآثار السفر كثيرا داخل الدولة والتنقل من موقع حفر وتنقيب إلى آخر. كذلك لديهم فرصة العمل على مشروعات تنقيب دولية عند الحاجة. ولديهم فرص للعمل في وظائف دائمة كمحاضرين أو أساتذة، أو مرممين، أو أمناء متاحف، في دول أجنبية لما يتمتعون به من خبرة وللمجال الذي تخصصوا فيه.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/394696/نافذة-على-مؤسسة-تعليمية-الجامعة-اللبنانية-ولدت-من-رحم-الاستقلال-الوطني
2015-07-21 03:01:45
نافذة على مؤسسة تعليمية: الجامعة اللبنانية.. ولدت من رحم الاستقلال الوطني
القاهرة: «الشرق الأوسط»
نشأت فكرة تأسيس الجامعة اللبنانية في عام 1948، على هامش مؤتمر اليونيسكو الثالث الذي عقد في مدينة بيروت العاصمة آنذاك. وكان تأسيسها وليد مطالبة شعبية وطلابية عارمة، حيث كانت الجذوة الأولى لانطلاقتها في 23 يناير (كانون الثاني) من عام 1951 إضرابًا عاما شارك فيه طلابٌ ثانويون وجامعيون، أكثرهم من جامعة القديس يوسف واستمر مدةً طويلة. وتلبية لتلك المطالبات، وتحقيقا لمفاهيم الاستقلال الوطني، اجتمع مجلس الوزراء اللبناني، وشهد العام 1951 ولادة أول نواة للجامعة اللبنانية بإنشاء دار المعلمين العليا ومعهد للإحصاء. وفي نهاية العام، استقبلت الجامعة أول فوج من الطلبة وكان عددهم 68 طالبًا. وفي عام 1953، صدر مرسوم استحدث مركزًا للدراسات المالية والإدارية وألحق بالجامعة، وسمّي فيما بعد معهد «الإدارة والمال»، كما نص على إبدال اسم «دار المعلمين العليا» باسم «معهد المعلمين العالي». بقي الوضع في الجامعة اللبنانية مقتصرًا على تلك النواة حتى عام 1959، حيث صدر المرسوم التنظيمي للجامعة، ونصّ في مادته الأولى على أن «الجامعة اللبنانية مؤسسة تقوم بمهام التعليم العالي الرسمي في مختلف فروعه ودرجاته»، ولكن القانون الأساسي لتنظيم الجامعة الذي كرّس استقلالها الأكاديمي والإداري والمالي صدر في عام 1967. وبعد ذلك نُظّم عمل الهيئة التعليمية في الجامعة بموجب قانون في عام 1970، وكذلك وُضع النظام المالي للجامعة. تولى رئاسة الجامعة تباعًا الدكاترة: فؤاد أفرام البستاني (1953 - 1970)، أدمون نعيم (1970 - 1976)، بطرس ديب (1977 - 1980)، جورج طعمة (1980 - 1988)، أسعد دياب (1993 - 2000)، إبراهيم قبيسي (2001 - 2006)، زهير شكر (2006 - 2011)، وترأس الجامعة منذ العام 2011 الدكتور عدنان السيد حسين. وتضم الجامعة حاليا عددا كبيرا من الكليات والمعاهد، وهي «الجامعة الرسمية LU»، التي تشمل كليات التربية، والحقوق والعلوم السياسية والإدارية، والطب، والصيدلة، والسياحة والفنادق، ومعهد الفنون الجميلة، والمعهد الجامعي للتكنولوجيا، ومعهد العلوم التطبيقية والاقتصادية. كما تضم الجامعة اللبنانية كلية العلوم، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية، وكلية الهندسة، وكلية الإعلام والتوثيق، وكلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال، وكلية طب الأسنان، وكلية الزراعة، وكلّية السياحة وإدارة الفنادق. كما تضم عددا من المعاهد العالية للدكتوراه، وهي: المعهد العالي للدكتوراه في الحقوق والعلوم السياسية والإدارية والاقتصادية، والمعهد العالي للدكتوراه في العلوم والتكنولوجيا، والمعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية. كما يتبع للجامعة معهد العلوم التطبيقية والاقتصادية والمعهد الزراعي.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/394701/تساؤلات-حول-أساليب-الدعم-الدولية-لتطوير-التعليم
2015-07-21 03:01:50
تساؤلات حول أساليب الدعم الدولية لتطوير التعليم
واشنطن: محمد علي صالح
أعلن البنك الدولي الشهر الماضي رصد خمسة مليارات دولار، خلال خمس سنوات، لنشر التعليم، خاصة في الدول الناشئة. وتزامن ذلك مع مشاركة البنك الدولي في المنتدى العالمي للتعليم بسيول، عاصمة كوريا الجنوبية نهاية مايو (آيار) الماضي. وشاركت جهات عدة، بما فيها وكالة التنمية الدولية الأميركية «يو إس إي إي دي» في المنتدى العالمي. وبينما يشير وفد البنك الدولي إلى دور على نطاق عالمي لنشر التعليم، يشير وفد وكالة «يو إس إي إي دي» إلى دور أميركي مركز، خاصة في دول العالم الثالث. وأكد البنك الدولي في بيان للاعلان عن هذه المباردة أن «مزيدا من الإسهامات ستقدم، مع استمرار البرنامج العالمي عن (التنمية المتزايدة) الذي سيستمر حتى عام 2030، والذي يعتبر مؤتمر سيول جزءا منه». وقال رئيس البنك الدولي، جيم يونغ كيم: «نأمل أن يساعد هذا على الانتقال من الأهداف الإنمائية الألفية (إم دي جي)، إلى تحقيقها». هذه إشارة إلى مبادرة عالمية أعلنت عام 2000، وتتضمن ثمانية أهداف، منها تعليم كل أولاد وبنات العالم مع حلول عام 2030. لكن، انتقد الهدف التعليمي بأنه يركز على زيادة الالتحاق بالمدارس، دون أن يركز على تحسين نوعية التعليم.. ومن بين الذين انتقدوا هذه الأهداف مسؤولون كبار في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو). وقال تقرير أصدرته المنظمة: «يعنى التركيز على دخول المدارس الابتدائية قدرا أقل من الاهتمام بمجالات حيوية أخرى، مثل جودة التعليم، ورعاية الطفولة، ومحو أمية الكبار». وبحسب برنامج الإنمائية الألفية، فإنه مع حلول عام 2030، يجب أن يقدر جميع الأولاد والبنات في العالم على إكمال تعليم مجاني، وفعال، وعادل، للمرحلتين الابتدائية والثانوية. وفي الوقت الحاضر، يوجد تقريبا 120 مليون ولد وبنت، في مختلف دول العالم، دون تعليم، حسب تقرير اليونيسكو. ومقابل كل 100 ولد ليس في مدرسة، توجد 117 بنتا. من بين آخرين انتقدوا إعلان البنك الدولي، مشروع «بريتون ودز» للتنمية العالمية، ورئاسته في لندن. وقال بيان أصدره حول هذه النقطة: «يجب أن نرد في حذر على هذا التمويل (من البنك الدولي)، إذ لن يكون استثمارا عبر الحكومات لتمويل نظم التعليم العام... حتى الآن، لا توجد تفاصيل عن طريقة إنفاق هذا المال». يوضح هذا النقد قلقا في منظمات عالمية كثيرة بأن البنك الدولي يتحول، ليس فقط في مجال التعليم، ولكن في مجالات أخرى مثل الصحة والبيئة، من دعم حكومي مباشر إلى منظمات غير حكومية.. وأنه، رغم أن بعض هذه المنظمات مؤسسات خيرية، توجد منظمات ربح رأسمالية. بسبب هذا الاتجاه الجديد، وفي العام الماضي، وقعت أكثر من 100 منظمة عالمية منها «بريتون ودز» على خطاب قلق إلى رئيس البنك الدولي. هذا ما كان عن وفد البنك الدولي من واشنطن إلى سيول لحضور المنتدى العالمي للتعليم. وهناك وفد وكالة المساعدات الدولية الأميركية (يو إس إيه إي دي)، والذي يمثل مساهمات حكومية أميركية لا ترفض التعاون مع منظمات وجهات خاصة في تحقيق أهدافها. في نفس الوقت، تقدم الوكالة برامج متكاملة تشمل التعليم والصحة والإغاثة. من بين هذه البرامج، «خطة العمل الأميركية الوطنية» التي يرمز لها بالأحرف «إن إيه بي». ومن بين نشاطات هذه الخطة «مبادرة النساء والسلام والأمن» التي تركز على اللاجئين. ومنهم اللاجئون في الشرق الأوسط، وبخاصة لاجئو الحروب في سوريا والعراق. ومن بين هذه البرامج، أيضا، تأسيس مدارس في مجموعة من الدول الأفريقية تعتبر الأقل في نسبة التعليم. وقال تقرير أصدرته مؤخرا وكالة التنمية إنه «خلال الأربع سنوات الماضية، وفي جميع أنحاء العالم، تعمل الوكالة من أجل تحقيق الأهداف الثلاثة لاستراتيجية التعليم التي تتبناها: أولا: تحسين مهارات القراءة لأكثر من 100 مليون طفل وطفلة. ثانيا: خلق فرص عمل للشباب. ثالثا: زيادة فرص الحصول على التعليم لأكثر من 15 مليون طفل وطفلة في مناطق الحروب والاشتباكات». وقال التقرير إنه «منذ عام 2011، وصلت برامجنا التعليمية إلى 42 دولة، حيث دخل الملايين من الأولاد والبنات مدارس ابتدائية لأول مرة». وأشار التقرير إلى المنتدى العالمي في سيول، وقال إن «الوفد الأميركي سيبذل كل جهده لشرح المساهمات الأميركية، وفي نفس الوقت، للتعبير عن رغبة الولايات المتحدة في التعاون مع الدول الأخرى لتحقيق أهداف الإنمائية الألفية التي تم الاتفاق عليها عام 2000».
aawsat
http://aawsat.com/home/article/389166/التعليم-الأهلي-السعودي-85-من-استثمارات-القطاع-منشآت-صغيرة-ومتوسطة
2015-07-21 03:01:54
التعليم الأهلي السعودي: 85 % من استثمارات القطاع منشآت صغيرة ومتوسطة
الدمام: إيمان الخطاف
يحقق الاستثمار في قطاع التعليم الأهلي نموا هائلا في السعودية، إذ يصل حجمه بحسب آخر الإحصائيات لنحو 11.5 مليار ريال، في حين يكشف لـ«الشرق الأوسط» عمر العامر، رئيس اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي بمجلس الغرف السعودية، أن «نحو 85 في المائة من مدارس التعليم الأهلي في السعودية عبارة عن منشآت صغيرة ومتوسطة»، قائلا إن «معظمها مدارس تخدم ذوي الدخل المحدود، والفئة القليلة المتبقية تمثل المدارس الكبرى ذات الرسوم العالية». وأكد العامر على أن السنوات الأخيرة شهد خلالها القطاع ارتفاعات واضحة في تكلفة تشغيل المدارس الأهلية، دون أن يحدد نسبة هذا الارتفاع، مرجعا ذلك للقرارات التنظيمية الكثيرة التي أصدرتها وزارة التعليم. وأشار لوجود الكثير من المدارس الأهلية التي تواصل عملها بخسائر واضحة، ويستدرك بالقول: «نحن كمستثمرين تعدينا هذه المرحلة، لأن كثيرا من القرارات المتعلقة بالمدارس الأهلية وجدنا أنها تصب في الصالح الوطني، والذي نأخذه كمستثمرين بعين الاعتبار». من ناحية ثانية، كشف العامر أن استثمارات القطاع قد تواجه أزمة حقيقية بعد نحو عامين من الآن نتيجة توقف برنامج دعم رواتب المعلمين والمعلمات في المدارس الأهلية، الذي يقدمه صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، على مدى 5 سنوات، تبقى منها عامان فقط، مطالبا بتعديل لائحة الدعم لحماية رؤوس الأموال المستثمرة في القطاع. وأوضح تفاصيل ذلك بقوله: «لدينا معلمون ومعلمات أكملوا السنة الثالثة ويدخلون الآن في العام الرابع من عملهم، لكن بعد السنة الخامسة من سيدعمهم؟!»، ويضيف «مالك المدرسة لن يتحمل ذلك في ظل وجود بعض الخسائر وضعف إيرادات الموارد وتدخل وزارة التعليم في الرسوم الدراسية.. مما سيجعلنا أمام مشكلة كبيرة بعد سنتين إذا لم ننتبه لها من الآن». وناشد العامر خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» بضرورة إيجاد حلول عاجلة لإسعاف قطاع التعليم الأهلي قبل انتهاء فترة الدعم، قائلا: «لدينا نحو 34 ألف معلم ومعلمة في التعليم الأهلي، فلو أغلقت 85 في المائة من المدارس الأهلية فهذا يعني أن 24 ألف معلم ومعلمة سيجلسون في منازلهم، لأن المدارس ستضطر حينها للإغلاق، خاصة أن نسبة ربحيتها تتراوح بين 5 إلى 15 في المائة في أفضل الأحول، فلو سقط الدعم سيكون من الصعب مواصلتها في القطاع». تجدر الإشارة إلى أن برنامج الدعم يتضمن زيادة رواتب المعلمين والمعلمات العاملين في المدارس الأهلية لمدة خمس سنوات، ممن تنطبق عليهم المسميات التعليمية المعتمدة، على أن يكون الحد الأدنى للراتب يبدأ من 5000 ريال مضافًا إليها 600 ريال بدل نقل عن طريق مساهمة صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) بنسبة 50 في المائة من الراتب لمدة خمس سنوات، ولقد صدر القرار عام 2012، مما يعني أن صلاحيته ستنتهي بعد عام 2017. من جهة ثانية، علق العامر على البيان الذي أصدره صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) مؤخرا حول عقد العمل الموحد، بقوله «المعلم أعز من أن يُهان، فهو صاحب رسالة ويبني أجيال، لذا يجب أن نكرمه، ونحن نؤيد ما يتخذه الصندوق»، مشيرا إلى أن «العقد الموحد يلزم المدرسة أن تدفع أجور فترة الإجازة الصيفية وبنفس الوقت تلزم المعلم بأن يداوم في فترة الصيف»، قائلا: «المدارس التي لديها برامج صيفية سواء تقوية أو تعليم أو تدريب فأعتقد أنها ستطلب المعلمين خلال فترة الصيف». وكان الصندوق قد أكد خلال بيانه أن عقد العمل الموحد للمعلمين تضمن بندًا يُلزم المدارس الأهلية بصرف الأجر الشهري طيلة مدة العقد، ويشمل ذلك فترة الإجازة الصيفية للطلبة، موضحًا أنَّ العقد الموحد يعتبر أحد المضامين التي نص عليها الأمر الملكي رقم 121-أ والقاضي بزيادة رواتب المعلمين والمعلمات في المدارس الأهلية. وأوضح تيسير المفرج، وهو مدير المركز الإعلامي لوزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية: «إن عقد العمل هو الذي يحكم العلاقة التعاقدية بين صاحب العمل (المدرسة) والمعلم أو المعلمة وينظم استحقاق الإجازات بأنواعها». وأضاف: «ذلك لا يعفي المعلم أو المعلمة في المدارس الأهلية من الدوام في وقت إجازة الطلاب أثناء سريان العقد في حال رغبت المدرسة بذلك وتم تكليفه بمهام وظيفية كونها منشأة قائمة تعامل موظفيها كما يتم التعامل به في القطاع الخاص»، وأكد المفرج أن «هدف» ترى أن سماح المدرسة الأهلية لمعلميها بالدوام من عدمه هو أمرٌ عائد لها ولتنظيماتها الداخلية، وفي حال رغبت المدرسة بالسماح لمعلميها بعدم الدوام أثناء فترة إجازة الطلاب فهي مُلزَمة بصرف راتب المعلم مع استيفاء إجراءات التحضير وإصدار الفواتير الشهرية وسداد اشتراكه في التأمينات الاجتماعية، بحسب قوله.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/389171/نافذة-على-مؤسسة-تعليمية-جامعة-ماكغيل-البحثية-«هارفارد»-الكندية
2015-07-21 03:01:59
نافذة على مؤسسة تعليمية: جامعة ماكغيل البحثية.. «هارفارد» الكندية
القاهرة: سارة ربيع
تعد جامعة ماكغيل الحكومية الدولية من أرقى الجامعات الكندية المرموقة، وهي تضع معايير قبول عالية إذا ما قورنت بجامعات كندية أخرى، لتميزها وعراقتها في المجالات البحثية. تقع الجامعة في مقاطعة كيبك ذات الأغلبية الفرنسية، وتحمل اسم جيمس ماكغيل، الذي كان تاجرا بارزا في مونتريال وهو من اسكوتلندا، وشكلت وصيته بداية الجامعة. حيث قام ماكغيل بوهب قطعة أرض ومبلغ من المال لتأسيس جامعة في المدينة في عام 1821، وبدأت الجامعة بتدريس طلابها خلال حقبة الاستعمار البريطاني، أي قبل 46 عاما من تأسيس الاتحاد الكندي. تضم الجامعة 21 كلية مختلفة، توفر لطلابها وطالباتها فرصة الحصول على درجات وشهادات علمية في أكثر من 300 تخصص من ميادين الدراسة، بما في ذلك الطب والقانون. يدرس بالجامعة أكثر من 39500 طالب وقدمت 250 ألفا من الخريجين، ويمثل الطلاب الأجانب خمس مجموع الطلبة، ويعمل بها أكثر من 1.603 من الأساتذة ذوي الخبرة العلمية والبحثية المتميزة، ورغم أن لغة التدريس هي اللغة الإنجليزية، فإن الطلاب لديهم الحق في تقديم أي عمل دراسي إما باللغة الإنجليزية أو الفرنسية. وتضم الجامعة الكثير من التخصصات منها، الطب، والفنون والعلوم، والأعمال، والسياسة، والرياضة، والاقتصاد الزراعي، وعلم التشريح وبيولوجيا الخلية، وعلم الحيوان، وعلم الإنسان، والهندسة المعمارية، وتاريخ الفن، والغلاف الجوي وعلوم المحيطات وأخلاقيات علم الأحياء، والهندسة الطبية الحيوية، والتكنولوجيا الحيوية، والموارد الحيوية هندسة، والإحصاء الحيوي. وكذلك مجالات الهندسة الكيميائية، والهندسة المدنية والميكانيكا التطبيقية، وعلوم والهندسة الحسابية، وعلوم الاتصال واضطرابات، ودراسات الاتصالات وعلوم الحاسب الآلي، ودراسات شرق آسيا، وطب الأسنان، وعلم التغذية والتغذية البشرية، وعلوم الأرض والكواكب. تم تحديد حرم الجامعة الرئيسي على مساحة 80 فدانا، تحت جبل مون روايال في وسط مدينة مونتريال. والحرم الجامعي الثاني، حرم ماكدونالد، ويقع على 6.5 كيلومتر مربع من الحقول والأراضي الحرجية في سينت آن دو بلفيو، على بعد 30 كيلومترا إلى الغرب من الحرم الجامعي في وسط المدينة. تتميز جامعة ماكغيل بأبحاثها المتميزة الحائزة على الكثير من الجوائز العريقة في شتى المجالات البحثية، وتنتمي الجامعة للكثير من المنظمات البحثية سواء داخل كندا أو خارجها. وتتصدر الجامعة بشتى كلياتها ومدارسها المهنية والدراسات العليا المرتبة الأولى باستمرار في التصنيفات الوطنية مثل تلك التي تنشرها مجلة ماكلين الكندية، وتصنف ضمن الجامعات الـ50 الأوائل في التصنيف العالمي والإقليمي وعلى مستوى العالم، بما في ذلك تصنيف التايمز - كيو إس العالمي وتصنيف شانغهاي للجامعات العالمية. وحصد خريجو الجامعة الكثير من الجوائز الدولية والعالمية، في مجالات مختلفة، منهم ستة علماء حازوا على جائزة نوبل (من أصل تسعة حائزين على جائزة نوبل متعاونين مع الجامعة)، وثلاثة رواد فضاء، واثنان من رؤساء الوزراء الكنديين، وأربعة قضاة من المحكمة العليا الكندية، وثلاثة زعماء أجانب، وتسعة فائزين بجائزة أوسكار للفنون، وثلاثة فائزين بجائزة بوليتزر، وثمانية وعشرون رياضيا حازوا على ميداليات أوليمبية.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/389176/«الانتشار-الإعلامي»-هوس-يطارد-الأبحاث-الأكاديمية
2015-07-21 03:02:03
«الانتشار الإعلامي».. هوس يطارد الأبحاث الأكاديمية
واشنطن: نعوم شيبير
يجتمع كبار الاقتصاديين من جميع أرجاء العالم، في يوليو (تموز) من كل عام، في مدينة كمبردج بولاية ماساتشوستس الأميركية، لحضور مؤتمر يرعاه المكتب الوطني الأميركي للأبحاث الاقتصادية. وفي حين أن الأعمال المطروحة تأتي من كل الأشكال والأحجام، ومن التقنيات الفائقة إلى العصري وحتى الاستفزازي منها، إلا أن اليوم الأول المنتظر للجلسة الرئيسية التي تستمر أسبوعا كاملا سوف يُمنح لبحث من الأبحاث قد يتسبب في فورة إعلامية هائلة. يقول البروفسور ديفيد كارد، وهو اقتصادي عمالي بارز لدى جامعة كاليفورنيا فرع بيركلي: «إنني أتخير الأوراق البحثية. تلك الأوراق التي سوف يُكتب عنها لاحقا». ويفسر البروفسور كارد موقفه فيقول إن كبار خبراء المجال يقرون بالأهمية المتزايدة للانتشار الإعلامي، ويشعر بالتزام ما حيال منحهم الفرصة في ذلك. ويتابع: «إن الجميع يريدون ذلك». خلال الأيام الأولى منذ الكشف عن أن أحد المرشحين لنيل درجة الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا فرع لوس أنجليس قد أساء عرض البيانات في دراسة تتعلق بالدعوة للزواج المثلي - التي نالتها التغطية الإعلامية في صحيفة مثل «نيويورك تايمز» وموقع «vox.com» وكذلك موقع «الحياة الأميركية» - لاحظ الكثير من علماء الاجتماع أن تخصصاتهم العلمية، التي كانت تنظر في المقدرة على جذب الانتباه مع بعض الشكوك، يتزايد تأكيدهم لها. ولم يكن بعيدا عن الملاحظة أن مايكل لاكور، مؤلف الدراسة المذكورة، كان في طريقه لينال منصب الأستاذ المساعد لدى جامعة برنستون. (في يوم الجمعة، اليوم التالي على سحب دورية العلوم لتلك الدراسة من موقعها، التي كانت نشرتها في ديسمبر «كانون الأول» الماضي، أقر السيد لاكور بالكذب في بعض جوانب الدراسة، ولكنه أضاف أنه يتخذ جانب نتائج الدراسة). قد يجادل البعض بأن العلماء، ومستشاريهم ومحرري الدوريات العلمية الذين يراجعون أعمالهم، يتحملون المسؤولية الرئيسية حيال الأبحاث المعيبة. أيضا، وعلى أي حال، فإن أولئك الذين يذهبون لأبعد الحدود حتى مستوى الاحتيال العلمي الصريح، نادرا ما يتحركون بدافع الانتشار والدعاية فحسب. ومع ذلك، فإن الفائدة الراجعة على الأكاديميين من اجتذاب الاهتمام الإعلامي قد تتسبب، وبقدر من الدهاء، في تشويه أبحاثهم العلمية. يقول البروفسور جيمس هيكمان، وهو الخبير الاقتصادي لدى جامعة شيكاغو والفائز بجائزة نوبل التذكارية في العلوم الاقتصادية: «إن الضغوط هائلة جدا. ويعتقد الكثير من صغار الاقتصاديين أنهم قد ينالون جائزة ماك آرثر، أو جائزة كلارك، أو كليهما، لمجرد ظهورهم أو الحديث عنهم في مجلة (تايمز)». تستمر معظم لجان التوظيف ومجالس المراجعة التنفيذية في العلوم الاجتماعية في إيلاء أهمية أكبر للمنشورات أو إمكانية النشر في الدوريات التقنية المعروفة أكثر مما تولي من أهمية لعوامل أخرى عند اتخاذ القرارات التي تؤثر على الحياة المهنية لصغار الأكاديميين. ولكن اهتمام وسائل الإعلام المعروفة غالبا ما يعمل على نحو متزايد لصالح المرشحين أيضا. بالنسبة للقرارات التنفيذية، فكما يقول البروفسور هيكمان: «وصلتني خطابات تطالبني بمراجعة وتقدير تأثير وانتشار أعمال أحد الشخصيات». غالبا ما يكون التأثير غير مباشر، ولكنه ليس خفيا بأي حال، حيث يقول الكثير من العلماء، على سبيل المثال، بأن عددا متزايدا من الزملاء باتوا يعتمدون على المؤسسات غير الربحية في تمويل أبحاثهم، ويميل المسؤولون في تلك المؤسسات إلى الابتهاج والسعادة ما وجدت تلك الأبحاث طريقها إلى وسائل الإعلام. يقول دانيال دريزنر، أستاذ العلوم السياسية لدى كلية فلتشر للقانون والدبلوماسية الملحقة بجامعة تاتفس: «ينظر مانح التبرعات إلى ذلك ويقول: حسنا، دعونا نمول ذلك الرجل أو تلك المرأة، فقط لأننا لن نجني نتائج من الأبحاث التي يهتم بها عشرة أشخاص فقط حول العالم. بل لأنها سوف تنتشر إعلاميا ويتحدث عنها الكثيرون». تساعد هبات تلك المؤسسات في جمع البيانات الغريبة، من النوع الذي زعمه السيد لاكور في دراسته، وهي البيانات التي تحمل احتمال الرجوع بنتائج غير مسبوقة. أدى كل ذلك إلى بروز نموذج جديد من نشر أبحاث العلوم الاجتماعية عبر وسائل الإعلام. ويقول الكثير من خبراء الاقتصاد لدى الإدارات البارزة بأن الزملاء يحاولون الآن التنظيم ثم الدفع بأبحاثهم الأكاديمية إلى الصحافيين، بدلا من كتابة الأبحاث بأنفسهم والسماح لوسائل الإعلام بالكشف عنها بطريقتها. أحد المخاطر الكامنة هو أن الكثير من الصحافيين ليسوا مؤهلين للتمييز بين الغث والسمين من العلوم المطروحة أمامهم. وهي مخاطرة معتبرة خصوصا عندما لا يسلك البحث المطروح طريقه المعتاد من خلال القنوات الأكاديمية قبل طرحه على وسائل الإعلام الإخبارية، حيث يقول البروفسور غاري كينغ أستاذ العلوم السياسية لدى جامعة هارفارد: «إذا ظهرت الأبحاث في وسائل الإعلام والصحف قبل طرحها للمراجعة الأكاديمية أولا، فتلك مشكلة». في حين أن الدوريات العلمية البارزة في مجال العلوم السياسية أو الاقتصاد، تستغرق في المعتاد من ستة أشهر إلى عام كامل في مراجعة وتنقيح المواد المقدمة إليها، فإن عملية المراجعة والتنقيح ذاتها تستغرق وقتا أقل بكثير في دورية علمية عامة مثل «ساينس»، وهي التي نشر السيد لاكور من خلالها نتائج دراسته. تستغرق دورية «ساينس» في الغالب أقل من شهرين في المراجعة والتنقيح، وفقا إلى غينجر بينهولستر الناطقة الرسمية باسم الدورية. يقول البروفسور كارد، في إشارة إلى الدوريات الاقتصادية المتخصصة البارزة: «هناك في الغالب عام ونصف العام بين الوقت الذي تقدم فيه الأبحاث وبين قبولها. وينقضي غالب ذلك الوقت في عملية طويلة ومرهقة من الاستجابات والردود على المراجعين والمحررين». يمكن للعملية الحالية في مجلة «ساينس»، كما يقول بعض العلماء، أن تشجع المؤلفين على التضخيم من قدر وأهمية أعمالهم. يقول الدكتور نارايانان كاستوري، الباحث الطبي المنتقل حديثا إلى مختبر آرغون الوطني الأميركي الذي نشر أبحاثه على صفحات مجلة «ساينس»: «سوف يقول المراجع: إن النتيجة حقيقة والاستنتاج معقول، ولكنه لم يقدم جديدا يمكن أن يلفت انتباه الجمهور. مما يعني، ارجع وأتني باستنتاجات أكبر وأكثر إثارة للاهتمام». على الطرف الآخر من المعادلة، فإن النشر في الدوريات التقنية المتخصصة يستغرق الكثير من الوقت بالفعل حتى إنها في الغالب تؤخر الأعمال البحثية إلى ما بعد الوقت المفترض أن تجتذب فيه اهتمام الجمهور. يقول عزرا كلاين محرر موقع «vox.com»: «إنه لأمر جيد أن تكون لدينا أبحاث علمية تؤسس لمناقشات علمية على أصول تجريبية». يعتقد الكثير من العلماء أن عملية المراجعة المتناظرة في مجلة «ساينس» هي عملية سليمة، حيث أضاف البروفسور هيكمان يقول: «أشعر أن الحكام هناك يمتلكون حسا دقيقا للغاية. ويبدو أنهم يعرفون ماذا يفعلون تماما». غير أن العملية، وبصورة جزئية، يبدو أنها تعبر عن هدف الدورية من تحقيق المزيد من الانتشار للأعمال المنشورة لديها، حيث تقول مونيكا برادفورد المحررة التنفيذية لدى «الجمعية الأميركية لتقدم العلوم» الناشرة للدورية: «من بين الأمور التي تسعى إليها الجمعية رغبتها في نشر العلوم، والحفاظ على اهتمام الجمهور بالعلوم كذلك». على سبيل المثال، لدى الجمعية فريق من 40 عضوا يعملون على التحكم في حركة مرور المقالات من خلال المنشور منها على وسائل التواصل الاجتماعي. ومع استعار المنافسة حول المناصب الأكاديمية واشتداد أوار تمويلات البحث العلمي خلال العقود الأخيرة، يرزح العلماء تحت ضغوط هائلة من أجل نشر نتائج باهرة ورائجة للغاية في عدد محدود من الدوريات العلمية البارزة - ومن بينها: مجلة «ساينس»، و«نيتشر»، و«سيل». يقول البروفسور فيريك فانغ، وهو باحث لدى جامعة واشنطن، سجل تزايد حالات الغش العلمي في الأوراق البحثية، إن الأبحاث التي يشرف عليها قسمه بالجامعة لنيل درجة الأستاذ المساعد تجذب في المعتاد ما لا يقل عن مائة متقدم لنيل الدرجة. وعلى الرغم من أن الكثير من المتقدمين لأكثر من ستة مناصب شاغرة لديهم الكثير من الأوراق البحثية قيد المراجعة والفحص الدقيق بواسطة إحدى الدوريات العلمية غير المشهورة مثل دورية «علم الجراثيم»، فإن غالبية المرشحين النهائيين كانوا المؤلف الرئيسي لإحدى الأوراق البحثية المنشورة في واحدة من الدوريات البارزة. ويتابع فانغ قائلا: «إنك تحاول الكفاح في مواجهة ذلك، والنظر إلى العمل ذاته، غير أن بريق العمل المنشور أخاذ بكل تأكيد». لسنوات كثيرة، كان القيام بأعمال العلوم الاجتماعية بهدف جذب انتباه وسائل الإعلام الاجتماعية مجالا للهواة الذين لا يسعون إلى الدخول في غمار الأبحاث الدقيقة. لكن بعد الأزمة المالية، رغم ذلك، صار الجمهور ووسائل الإعلام الإخبارية أكثر اهتماما بالبحث الجاد، واستجاب العلماء بالسعي إلى المزيد من التغطية. والمؤسسات الإعلامية على غرار مجلة «التايمز» و«واشنطن بوست» قد أضافت أقساما خاصة على صفحاتها، واضطلعت مواقع مثل «vox.com» بتغطيات أكثر شمولية للأعمال التي تتصارع مع مشكلات السياسات العامة، ومن بينها مشكلة الفقر، والحراك الاجتماعي، وركود الأجور. وتقول سيما جاياشاندران، الأستاذ الزائر لدى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «أغلب الوقت، ولدى معظم الناس، لا يعدو الأمر أن يكون جيدا. إنه يعني المزيد من الاهتمام للمزيد من النتائج المهمة». ويكشف الصحافيون برفقة العلماء عن الأخطاء، كما يشارك علماء الاجتماع بالمزيد من البيانات، وتجتذب النتائج الجديدة المزيد من الاهتمام. ومع ذلك، يمكن للنظام الذي يسمح للأكاديميين بنشر أبحاثهم العلمية عبر وسائل الإعلام الحالية أن يسبب المزيد من الفوضى قبل خروج الأخطاء إلى العلن. في بدايات عام 2010، على سبيل المثال، نشر الاقتصادي كينيث روغوف برفقة الاقتصادية كارمن راينهارت ورقة بحثية لم تخضع للمراجعة المتناظرة تفيد بأن الدول خاطرت بانخفاض كبير في معدلات النمو الاقتصادي فور تجاوز ديونها حد 90 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وتحدث الخبيران إلى وسائل الإعلام للترويج لنتائج بحثهما، مما أدى بالسياسيين في أوروبا والولايات المتحدة إلى اعتبار تلك الأبحاث من قبيل الأساس المنطقي لسياسات التقشف العامة. لكن في عام 2013، أشارت مجموعة من الباحثين لدى جامعة ماساتشوستس فرع أمهرست، إلى خطأ رقمي وممارستين مشبوهتين ألقتا بشكوك كثيرة حول النتائج الرئيسية للبحث المذكور. واعترف البروفسور روغوف، في استجابة من طرفه لتلك الانتقادات العام الماضي، بأن البحث احتوى على خطأ كودي طفيف. ولكنه أضاف أنه والمؤلفين المشاركين في البحث عملوا على إزالة الخطأ في الوقت الذي نشرت فيه المقالة بالدورية عام 2012 واصفا إياها بأنها «كانت أطول بكثير وأكثر استكمالا». وقال في رسالة وصلت بالبريد الإلكتروني إنه لم يعتقد أن المراجعة المتناظرة سوف تلحظ ذلك الخطأ. * خدمة «نيويورك تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»
aawsat
http://aawsat.com/home/article/383726/فرح-وحزن-في-حفل-تخرج-قد-يكون-الأخير-في-«سويت-بريار»
2015-07-21 03:02:08
فرح وحزن في حفل تخرج قد يكون الأخير في «سويت بريار»
فيرجينيا: ميكايلا بوشاردماي
طافت خريجات كلية سويت بريار في ولاية فيرجينيا الأميركية خلال الساحة المغطاة بالأشجار، يوم السبت الماضي، وأشرطة قبعاتهن ذات اللونين الوردي والأخضر تتمايل مع حركاتهن. ومن تحت عباءاتهن السوداء الموحدة، تطل أمواج من الأحذية ذات الكعب العالي الملونة، والصنادل وأحذية الاستيلوتو، تقدم لمحة عن شخصية كل واحدة من السيدات الشابات. عزفت فرقة من عازفي آلات النفخ والطبول إيقاع مسيرة حفل التخرج، في حين كان الآباء والخريجون يهللون ويلوحون للطالبات في أثناء مرورهن. ولكن أجواء الاحتفال والإنجاز خالطها حزن، وإحباط، وترقب، لأن الكلية التي لا يدرس بها سوى النساء، يُنتظر أن تغلق أبوابها في أغسطس (آب)، وهو ما يمكن أن يجعل دفعة 2015 هي الأخيرة التي تتخرج في هذه الكلية. استغلت رئيسة الدفعة الأعلى، ساديه فاونتين (22 عاما)، افتتاحية كلمتها لمناسبة حفل التخرج لتقدم نفسها كصانعة سلام في حرم جامعي ساخط على قرار الإغلاق. قالت الآنسة فاونتين: «رجاء، دعوا عنكم حديثكم المشبع بالكراهية وعدم الاحترام.. اليوم ليس هو يوم القتال». ورغم هذا، فقد أبدى بعض عضوات الكلية احتجاجا صامتا، وهن يرتدين الأشرطة الوردية والخضراء – وهي ألوان المدرسة – المتهدلة إلى أكمامهن. قال روبرت ألكسندر، وهو أستاذ متفرغ يدرس العلوم البيئية والاقتصاد، إن الأشرطة كانت طريقة للتعبير عن الإحباط، وفي نفس الوقت احترام رغبة الطالبات في احتفالية سعيدة. وقال الدكتور ألكسندر، الذي يقوم بالتدريس منذ 12 عاما في سويت بريار: «شعر الكثير من (أعضاء) الكلية بأنه عندما يكون هناك شيء مهم ينبغي قوله، فإن عليك التعبير عنه». كان حفل التخرج يوم السبت لحظة حلوة ومرة في آنٍ معا - ولكنها ليست الأخيرة بأي شكل من الأشكال – في المعركة المحتدمة على مستقبل سويت بريار، التي أعلن مجلس إدارتها على نحو مفاجئ في مارس (آذار) أن كلية النساء التي يصل عمرها لـ114 عاما، سوف تغلق بنهاية أغسطس.. «نتيجة لصعوبات مالية مستعصية». ولقد أثار القرار نقاشا في الدوائر التعليمية حول مستقبل التعليم غير المختلط وجدواه. ولكنه في سويت بريار، نجمت عن ذلك الخلاف معركة. فسرعان ما شكلت طالبات الكلية اللائي شعرن بالصدمة، مجموعة أطلقن عليها «إنقاذ سويت بريار» التي تقول إن لديها تعهدات بقيمة 12.4 مليون دولار لإنقاذ الكلية وهي تساند دعوى قانونية رفعها مدعي المقاطعة في أميرست للحيلولة دون عملية الإغلاق. كما رفع عدد من الطالبات دعاوى قضائية، شأن أعضاء الكلية، الذين يزعمون وجود مخالفة تعاقدية ويطلبون تعويضا بقيمة 44 مليون دولار عن الأضرار الناجمة. وفي ترتيب غير معتاد مع الكلية، يمتلك عدد من الأساتذة بيوتا داخل الحرم الجامعي، رغم أنهم لا يملكون الأرض المقامة عليها؛ ومن ثم ففي حال أغلقت الكلية، سيكون مالكو البيوت مرغمين على بيعها. وتتمثل القوة الدافعة في حجة جماعة «إنقاذ سويت بريار» في أن مجلس الإدارة خالف وصية مؤسسة المدرسة، إنديانا فليتشر ويليامز، التي تنازلت عن ممتلكاتها، والمتمثلة في ما كانت مزرعة في السابق، لتتم إدارتها كمعهد تعليمي في ذكرى ابنتها المتوفاة، دايزي. وقد تحركت الدعوى القانونية سريعا، إذ تقرر يوم الرابع من يونيو (حزيران) لعقد مرافعات شفاهية في محكمة فيرجينيا العليا. كما بدأ المدعي العام لولاية فيرجينيا محادثات وساطة بين الأطراف، حيث من المقرر عقد جولة جديدة يوم الاثنين. وقال متحدث باسم سويت بريار، إن المسؤولين سوف يشاركون «بنيات حسنة»، ولكن المدرسة بحاجة إلى «جرعة تمويل هائلة» كي يمكنها البقاء. وفي مقابلة صبيحة يوم السبت، قالت سارة كليمنت، رئيسة جماعة «إنقاذ سويت بريار»، إن «الكلية تحت الحصار». وقالت إن «قرارهم الذي قالوا إنه لا يمكن أن يخترقه الرصاص، وخالٍ من الكلور، وتمت صياغته بدقة تامة – ليس محصنا، وليست هناك قضية منتهية، كما قال جيمي جونز». وكانت كليمنت تشير إلى الشخصية التي كانت هدفا لكثير من السخط والانتقاد في سويت بريار، وهو رئيسها المؤقت، جيمس إف. جونز الابن. إن زوجة السيد جونز من المتخرجات في سويت بريار، وكانت حفيدتها من بين الخريجين يوم السبت. ولكن السيد جونز، الذي تشدد في إصراره على حتمية إغلاق المدرسة، قرر ألا يحضر الاحتفالية. وكتب السيد جونز يوم الجمعة في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى طلاب المدرسة وأعضاء هيئة التدريس وآباء الخريجات يقول إنه «في الساعات الأربع والعشرين الماضية، كان مما استرعى انتباهي، أن هناك من أعضاء الكلية والخريجات من هددوا، وعلى الملأ في بعض الأحيان، بأن يعطلوا احتفالية الغد مرارا في حال ترأست الاحتفالية». ومن ثم، قال إنه «اتخذ على مضض قراره بعدم المشاركة». وحتى رئيسة حفل التخرج، تريزا توملينسون، عمدة مدينة كولومبس بولاية فيرجينيا، المتخرجة من الكلية عام 1978، يخالجها شعور بالغضب بشأن الإغلاق. قالت السيدة توملينسون في مقابلة مساء الجمعة، إنه وقبل أسبوعين على إعلان مجلس الإدارة، كانت هي وزوجها قد تعهدا بتخصيص مليون دولار من أموالهما لصالح كلية سويت بريار. وهي الآن منهمكة في جمع الأموال من أجل جماعة «إنقاذ سويت بريار». وقالت العمدة إن «كلية النساء لم تكن بمثل أهميتها كما هي الآن، ومن الواضح أن ليس كل الناس يدركون ذلك»، مضيفة أن «هذه الكلية بحاجة لأن تستمر». وقد اشتملت كلمة السيدة توملينسون لمناسبة حفل التخرج، على دروس حادة في القيادة، مع ما يمكن وصفه بانتقادات مبطنة، إلى الرئيس ومجلس الإدارة. وفي ما بدا كإشارة إلى غياب الشفافية التي يشعر كثير من المنتقدين أنها كانت جزءا من قرار إغلاق سويت بريار، قالت السيدة توملينسون: «إذا كانت أفكاركم بهذه الروعة، وإذا كانت قائمتكم القصيرة إعجازية هكذا، إذن لتضعوهما أمام العين الناقدة لأصحاب المصلحة». واستحثت الطلبة من دفعة 2015 على أن يتحلوا بالشجاعة في قيادتهم، وأن يبحثوا عن أفكار وتصورات غير مطروقة، وعلى أن يتحرروا من الخوف بحيث يرفعون أصواتهم، حتى ولو كانوا منطلقين من وضعية تعوزها الخبرة. وقالت السيدة توملينسون: «لو أنكن تقاعستن عن التحرك، لما كنا نحن هنا اليوم»، وكانت تشير إلى الأزمة داخل الكلية. أما بالنسبة إلى ليا هامينوك (23 عاما) وهي طالبة تتخصص في دراسة الكيمياء والفن، فإن التخرج ليس هو نهاية تفاعلها مع الكلية، وقالت إنها ستظل مشاركة في القضية. وقالت هامينوك، وهي ابنة نقيب بحرية متقاعد، إنها نشأت بعقلية لا تعترف بالتراجع كخيار – وهي روح استدعتها عندما شاركت في الاحتجاجات من أجل بقاء الكلية مفتوحة الأبواب. قالت: «أنا نتاج ما صنعت بي المدرسة، وهو أن أرفع صوتي من أجل حقوقي وأن أتحدث من أجل فرصي». إن سويت بريار هي مدرسة صغيرة، تمتد على حرم بديع مساحته 3.250 فدان، في أحضان جبال بلو ريدج. ويقدر أن 532 طالبة عشن على حرم الكلية خلال نصف السنة المنصرم هذا، وأن ما يقرب من 170 طالبة درسن بالخارج. وخلال حفل التخرج، منحت المدرسة درجات علمية لـ117 من الخريجات وست من طالبات الدراسات العليا. وترك هذا 400 طالبة عليهن الانتقال إلى مؤسسات تعليمية في حال أغلقت سويت بريار. كاثرين مارتين هي واحدة من أولئك الطالبات، وهي في أول سنوات دراستها للتصوير، حيث انتقلت إلى كلية لينشبرغ. وقد شاهدت احتفالية سويت بريار من خلال عدسات كاميرتها. أما السيدة مارتين، فهي طالبة من الجيل الثاني في سويت بريار. اعتادت والدتها، المتخرجة عام 1991، أن تحكي لها حكايات التنافس في ركوب الخيل في فريق الفروسية، والصلات التي نشأت بين الطالبات وأعضاء الكلية. قالت السيدة مارتن: «حتى قبل أن يتم قبولي، كنت أعتبر نفسي سيدة من سويت بريار.. أردت أن تكون لي نفس تلك الحكايات، وأعرف الأمر لن يكون كذلك». * خدمة «نيويورك تايمز»
aawsat
http://aawsat.com/home/article/383721/مبادرة-مصرية-للتعليم-الإلكتروني-تتأهل-لنهائيات-«وايز»-لعام-2015
2015-07-21 03:02:14
مبادرة مصرية للتعليم الإلكتروني تتأهل لنهائيات «وايز» لعام 2015
القاهرة: سارة ربيع
تأهلت مبادرة «نفهم» للتعليم الإلكتروني المجاني لنهائيات مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم (وايز WISE)، المبادرة الرائدة في مجال الابتكار والقيادة والتعاون الدولي في مجال التعليم، وذلك ضمن خمسة عشر مشروعا آخر من بلدان العالم تم ترشيحها لجائزة «وايز» لعام 2015. وتقدم «نفهم» لطلاب المدارس مقاطع مصورة تعليمية قصيرة متعددة المصدر، مدتها ما بين 5 إلى 15 دقيقة، تشرح بطريقة مبسطة جميع الدروس الرسمية لجميع السنوات الدراسية من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية مقسمة ومفهرسة حسب منهج الدولة بالسنة والفصل والمادة والجدول الدراسي، لتتيح للطالب الوصول إلى شرح الدرس الواحد بأكثر من طريقة، في تجربة استخدام غير مسبوقة في الوصول إلى المعلومات الدراسية في ثوانٍ قليلة. وتقدم الخدمة حاليا لـ500 ألف مستخدم شهريا، وهناك أكثر من 23 ألف فيديو تعليمي تغطي مناهج مصر والسعودية وسوريا والجزائر والكويت، والخدمة متاحة لجميع الطلاب والمدرسين بشكل مجاني من خلال موقعها الإلكتروني وتطبيقات المحمول على الأندرويد والآيفون وتلفزيون «سامسونغ» الذكي. وقال مصطفي فرحات، المدير العام لمبادرة «نفهم»، لـ«الشرق الأوسط» إن «تأهلنا لنهائيات جوائز (وايز) هذا العام هو شرف لفريق العمل، ونأمل في تتويج هذا الإنجاز بالفوز في المرحلة القادمة.. ربما لأننا المبادرة المصرية الوحيدة ضمن المرشحين». وتقدّم المشروعات المتأهلة لنهائيات جوائز «وايز» هذا العام حلولاً واقعيّة، كما أنها تمثل نماذج ملموسة لأفضل الممارسات التعليمية التي تفيد الأفراد والمجتمعات على حدٍّ سواء. وتعالج المشروعات طيفًا واسعًا من القضايا في مختلف المجالات، وتعد بالتالي مصدر إلهام للآخرين حول العالم. وقد قامت لجنة تحكيم أولية، تتألف من خبراء عالميين في التعليم، بتقييم المشروعات المتأهلة إلى النهائيات، وهي المشروعات التي تتجلى فيها أسس التفكير الإبداعي وتترك أثرًا إيجابيًا ملموسًا على المجتمعات، كما أنها قابلة للتطبيق في سياقات أخرى ومناطق مختلفة. وسيتم الإعلان عن المشروعات الفائزة في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، وسيجري الاحتفاء بها في النسخة السابعة من مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم المزمع انعقاده خلال الفترة من 3 إلى 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 في العاصمة القطرية الدوحة. وبالإضافة إلى توفير الدعاية والترويج وإتاحة فرص التواصل، فسوف يحظى كلّ مشروع فائز بجائزة مالية قدرها 20000 دولار أميركي. ومن ضمن المشروعات المتأهلة لنهائيات جوائز «وايز» 2015، «البيرق» من قطر، «أكاديميات بريدج الدولية» من كينيا، «مكتبة الفيديو للأطفال بلغة الإشارة» من الأرجنتين، «استكشاف التنوع» من أستراليا، «مشروع الفتاة المهندسة -Girl Eng» (برنامج لتشجيع الفتيات على دخول ميدان الهندسة) من جنوب أفريقيا، «الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ» من الولايات المتحدة. ويذكر أن مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم «وايز» تم تأسيسه من قبل مؤسسة قطر في عام 2009، في مسعى لوضع الابتكار في مجال التعليم في صدارة جدول الأعمال العالمي، وتوضح الهيئة الإعلامية للمؤتمر أنه «منذ عام 2009 تطوّر مؤتمر (وايز) إلى هيئة عالمية نابضة بالحياة ومتعددة القطاعات، ما فتئت تولّد الحوار المثمر والشراكات المنتجة. وهذه الهيئة عبارة عن شبكة من الأطراف المعنية بقطاع التعليم، بدءًا بالطلاب وانتهاء بصنّاع القرار من نحو 200 دولة ممن يتبادلون الأفكار ويتعاونون لاقتراح حلول خلاقة لمعالجة التحديات التي تواجه التعليم».
aawsat
http://aawsat.com/home/article/383716/لماذا-يتفشى-الغش-بين-الطلاب-في-الامتحانات؟
2015-07-21 03:02:19
لماذا يتفشى الغش بين الطلاب في الامتحانات؟
القاهرة: أحمد الغمراوي
مع دخول موسم الامتحانات في معظم الدول العربية، تتوالى الأخبار بشكل شبه يومي على المواقع الإخبارية متناولة تفشي ظاهرة الغش، سواء المباشر منها أو الإلكتروني. لتفتح الظاهرة بابا من التساؤل حول أسبابها ودوافعها، إضافة إلى محاولات التصدي لها في الوطن العربي. ومن وقائع في مصر عن تسرب أسئلة الامتحانات إلى الجزائر التي شهدت ضجة مماثلة خلال الأسبوع الماضي، وصولا إلى صورة جرى تداولها كالنار في الهشيم على مواقع التواصل في لبنان لفتيات يتبادلن «شيئا ما» خلف ظهر وزير التعليم إلياس بوصعب، الذي سرعان ما نفى أن تكون الفتاتين تبادلتا ورقة للغش، إلا أن الظاهرة أصبحت واقعا نعيشه في عالمنا العربي بشكل يومي في مواسم الامتحانات. ويقول تربويون مصريون لـ«الشرق الأوسط» إن ظاهرة الغش في الامتحانات، خصوصا في الدول العربية، تعود إلى عدة أسباب.. وفي حين أن السلوك الشخصي السيئ للطلاب هو جزء أساسي من المشكلة، كما أن ربط مصير الطالب بنتيجة امتحان واحد، يضع على كاهل الطالب أعباء لا يمكن تخيلها، مما يدفعه أحيانا لسلوك دروب غير محمودة من أجل الحفاظ على مستقبله.. إلا أنه لا يمكن إغفال حقائق أخرى، من بينها أساليب ومنهجية التعليم الخاطئة التي تعتمد على الحفظ لا الفهم، إلى جانب تشعب المناهج والمحتوى بما يفوق قدرة الطالب على الفهم أو الإدراك في بعض الأحيان. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية كثيرا من الصفحات التي تنشر صراحة مواد متعلقة بالاختبارات والأسئلة المسربة.. بينما تحاول الحكومات كبح جماح الظاهرة، في مطاردة تشبه القط والفأر، لكنها في النهاية تظل محاولات لمحاربة أشباح على فضاء إلكتروني يتبدل كل لحظة. وقد شهدت الأيام الأولى لاختبارات الثانوية العامة في مصر واقعة تسرب أسئلة الامتحانات بعد دقائق فقط من توزيع أوراق الأسئلة، ثم نشر الإجابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما أسفر عن دهشة واسعة من «سرعة التسرب»، وتبعه فتح تحقيقات واسعة في الواقعة من أجل التصدي لها في الأيام الباقية للامتحانات.. كما حدث الأمر ذاته مع اختبارات الشهادة الثانوية الأزهرية، ولا تزال التحقيقات جارية. وقالت مصادر بالتعليم المصري إن وزير التعليم الدكتور محب الرافعي، تابع القضية شخصيا، حيث كانت هناك اتهامات بتسرب الأسئلة من داخل الوزارة نفسها. إلا أن محمد سعد رئيس الامتحانات في مصر، أكد لاحقا أنه تم ضبط عدد من الطلاب المتورطين في الواقعة بعد تعقب خط سير التسريبات إلكترونيا. أيضا، أوردت تقارير إخبارية جزائرية أجواء مشابهة، تسببت في ضجة كبرى وصلت إلى حد فتح تحقيقات عن تسريب الامتحانات. حيث سجلت محاولات غش جماعي واسعة النطاق في اليوم الأول لامتحانات «البكالوريا»، حين أرسل طلاب الأسئلة مصورة عبر الإنترنت إلى مجهولين، قاموا بنشرها مع الأجوبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأعلنت وزيرة التربية الجزائرية نورية بن غبريط في مؤتمر صحافي أن «تسرب مواضيع الاختبارات عبر الإنترنت يعد سابقة خطيرة، وقد تم تحديد هوية شخصين كانا وراء العملية، كما تم تحديد هوية أصحاب الصفحات على موقع (فيسبوك)، الذين نشروا هذه المواضيع، وستتخذ الإجراءات اللازمة بحقهم». وفي السياق ذاته، تأهبت وزارة التربية التونسية لمواجهة الظاهرة مبكرا، حيث قامت باستخدام أجهزة للتشويش الإلكتروني على مراكز الامتحانات، ومراقبتها عبر الدوائر التلفزيونية، في محاولة للتغلب على عدم التزام الطلاب بإدخال الأجهزة الإلكترونية إلى اللجان، رغم العقوبات المشددة المقررة على المخالفين. وتثير «مغامرة الطلاب» بما قد يسفر عن عقوبات تعرقل مستقبلهم تساؤلات مشروعة من قبل القائمين على التعليم، لكن كثيرًا من خبراء علوم النفس يقولون إن «الضغوط النفسية الشديدة التي يتعرض لها الطالب، تجعله عرضة لتحدي القانون ذاته من أجل النجاح.. للأسف، فإن أساليب التعليم نفسها هي التي تجعلنا ننشئ مواطنًا قائمًا على الغش، بدلا من التقويم وتأسيس جيل من المحافظين على القيم». وتتعدد الدعوات المنهجية في العالم العربي لتغيير النظرة النمطية للتعليم والتنشئة، وذلك بالاتجاه أكثر على غرار الغرب نحو المناهج التي تقيس درجة الإدراك وتقيم الفهم وليس الحفظ، والتي أثبتت فشلها عبر عصور. كما أن ربط دخول الجامعات بدرجات شهادة الثانوية العامة وحده، دون اختبارات للقدرات الشخصية للطالب، يتسبب كثيرا في دخول الطلاب إلى كليات لا تلاءم قدراتهم، سواء نتيجة الانتشاء بمجموع مرتفع، أو نتيجة الاضطرار في حالة المجاميع المنخفضة، بحسب الخبراء.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/378371/بعد-8-قرون-امرأة-على-رأس-أكسفورد
2015-07-21 03:02:24
بعد 8 قرون.. امرأة على رأس أكسفورد
لندن: «الشرق الأوسط»
للمرة الأولى في تاريخها المسجل خلال نحو 800 عام، قررت جامعة أكسفورد البريطانية العريقة الأسبوع الماضي ترشيح امرأة لمنصب هو الأرفع من نوعه، وذلك باختيار البروفسورة لويز ريتشاردسون لمنصب نائب المستشار (نائب رئيس الجامعة). وريتشاردسون هي خبيرة أكاديمية محنكة في الحركات الإرهابية، ولدت ودرست جامعيا في آيرلندا، وحصلت على درجة الماجستير في مجال العلوم السياسية من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، والدكتوراه في الحوكمة من جامعة هارفارد، ثم تقلدت الكثير من المناصب الرفيعة في جامعة هارفارد، منها عمادة معهد رادكليف للدراسات المتقدمة. وقبل ترشحها كانت مدير جامعة سانت اندروز العريقة ونائبة الرئيس أيضا منذ عام 2009. وستخلف ريتشاردسون نائب رئيس جامعة أكسفورد الحالي أندرو هاميلتون في المنصب بداية من العام المقبل، لتصبح نائب الرئيس رقم 297 منذ عام 1230. ولكنها أول امرأة على الإطلاق في هذا المنصب التنفيذي الرفيع. وعن الاختيار، قال اللورد باتن أوف بارنز، رئيس جامعة أكسفورد، ورئيس لجنة الترشيح إن اللجنة كانت معجبة بشدة بمسار البروفسورة ريتشاردسون التربوي والعلمي القوي، والتي تتناسب مع معايير أكسفورد.. مؤكدا أن «سجلها المتميز، سواء كقائدة أكاديمية أو عالمة متميزة، يؤهلها تماما لقيادة الجامعة خلال الأعوام المقبلة». وقوبل ترشيح ريتشاردسون بترحيب واسع في الأوساط الأكاديمية، سواء من الطلاب أو الأساتذة.. وعلق البعض أن هذا الأمر يفتح بابا واسعا متأخرا للغاية للنساء في المناصب الأكاديمية الرفيعة، خاصة في الجامعات البريطانية المعروفة بالحفاظ على نمط تراثي متحفظ للغاية. وخلال السنوات الماضية، واجهت الكثير من الجامعات البريطانية العريقة انتقادات في هذا الشأن، ومطالبات متزايدة بتغيير هذه النظرة الأحادية، لدرجة أن بحثا صادرا عن اتحاد الجامعات والكليات في عام 2013 توقع أن الأمر يحتاج لنحو 40 عاما حتى تتواجد نسبة من السيدات في المناصب التنفيذية الجامعية تتناسب حقا مع عدد النساء العاملات في المناصب الأقل، إذا سارت التطورات بنفس المعدل في مطلع الألفية. وفور إعلانها بالخبر، قالت ريتشاردسون إنها تتطلع ليوم «لا يكون تعيين امرأة في مثل هذا المنصب خبرا في حد ذاته»، في إشارة ساخرة ذات مغزى عما تعانيه النساء من تفرقة في المجال الأكاديمي، متابعة أن «العمل الأكاديمي، مثله مثل باقي الأعمال المهنية الاحترافية، هرمي التشكيل.. وكلما ترقيت إلى المناصب الأعلى قلت النساء». إلا أن ريتشاردسون رحبت بذات الوقت بأمر ترشيحها في سعادة بالغة، قائلة إن «أكسفورد أحد أعرق جامعات العالم قاطبة.. وأشعر بفخر كبير أن تتاح لي فرصة أن أقود التعليم في هذه المؤسسة في هذا التوقيت»، آملة في العمل مع زملائها ممن وصفتهم بالموهوبين ذوي الخبرات من أجل الاستمرار في تعزيز المكانة الأكاديمية الرفيعة لجامعة أكسفورد.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/378366/قراءة-في-قائمة-أفضل-المدارس-الأميركية-لعام-2015
2015-07-21 03:02:29
قراءة في قائمة أفضل المدارس الأميركية لعام 2015
واشنطن: جاي ماثيوز
ما أثار اهتمامي إزاء القائمة التي نشرتها «واشنطن بوست» بخصوص المدارس الثانوية الأكثر تحديا في 2015 هو ارتفاع عدد المدارس المتأهلة بنسبة قدرها 20 في المائة عما كانت عليه في هذا الوقت من العام الماضي. ولكن هناك الكثير من الملاحظات التي يمكن أن نستفيد منها وخاصة فيما يتعلق بالمدارس التي تصدرت القائمة. * صعود مدارس «بيزيس»: تجسد القائمة صعود نجم واحدة من أكثر المؤسسات التعليمية تحديا وتطبيقا لطرق تعليم مختلفة، وهي مدارس بيزيس الموجودة بولاية أريزونا. واحتلت 3 مدارس مستقلة غير ربحية تابعة لمؤسسة مدارس بيزيس أماكن وسط قائمة المدارس العشرة الأكثر تحديا على مستوى الولايات المتحدة، حيث جاءت مدرسة بيزيس أورو فالي في المركز الأول، وحصلت مدرسة بيزيس تشاندلر على المركز الثاني، بينما حصلت مدرسة بيزيس تكسون نورث على المركز السادس. وهناك مدرسة رابعة وهي بيزيس سكوتسديل، التي كانت ستحتل المركز الأول ولكن تم استبعادها ووضعها على قائمة «واشنطن بوست» للمدارس العامة المخصصة للنخبة، نظرا لتحقيق تلك المدرسة معدلا مرتفعا جدا في اختبار «إس إيه تي» واختبار «إيه سي تي» ما يجعلها انتقائية للغاية بالمقارنة بالمدارس المذكورة في القائمة الأخرى. أنشئت أول مدرسة من مدارس بيزيس المستقلة في عام 1998، حيث شغلت طابقا في مبنى كان عبارة عن مركز رعاية في السابق في المنطقة التجارية من مدينة تكسون، وذلك على يد الزوجين أولغا، وهي مدرسة سابقة بكلية في التشيك، ومايكل بلوك الذي يعمل أستاذا للاقتصاد بجامعة أريزونا. شعرت أولغا بالصدمة عندما أدركت أن مقدار المادة العلمية التي تقدمها المدارس الأميركية ضئيل بالمقارنة بأوروبا. وعندما التقيت بهما في 2001 كانا يعملان على تصحيح ذلك الوضع عن طريق إدراج مناهج ثانوية، بداية من الصف الأول الثانوي، تعادل في مستواها المناهج المستخدمة في اختبارات القبول في الجامعات الأميركية. وظننت حينها أن طموحهما شابه الجموح؛ ولكنهما تمكنا من تحقيق ذلك بل وأكثر. تمكنت مؤسسة بيزيس التعليمية من إنشاء 15 مدرسة مستقلة غير ربحية في أريزونا وتكساس وواحدة في العاصمة واشنطن. كما قررت الشركة المالكة (بيزيس إيد) إضافة مدرستين خاصتين بغرض الربح. فهناك مدرسة بروكلين التي تضم 200 تلميذ بالفعل ومبنى تحت الإنشاء بلغت تكلفته 40 مليون دولار، أما المدرسة الأخرى فهي مدرسة سان خوسيه التي تضم 570 تلميذا. * تكساس وفلوريدا أيضا: شهد هذا العام احتلال 5 مدارس من فلوريدا وتكساس لمراكز في قائمة المدارس العشرة الأكثر تحديا على مستوى الولايات المتحدة، وذلك نتيجة التزام طويل الأمد بـ«إيه بي» و«إي بي» في هاتين الولايتين. واحتلت مدرسة سيغنتشر في إيفانزفيل بإنديانا المركز العاشر حيث تعد من أعلى المدارس المستقلة من ناحية أداء الطلاب، كما أنها من المدارس التي أنشئت في مكان غير متوقع من قبل معلمين، آمنوا بقدرة طلابهم من ذوي الأداء المتوسط على تقديم مستويات أداء أعلى مما كان يتوقع منهم. وتعد مدرسة سيغنتشر الواقعة في جنوب غربي إنديانا بالقرب من الحدود مع ولاية كنتاكي، المدرسة الوحيدة خارج تكساس وفلوريدا وأريزونا، التي استطاعت احتلال مركز في قائمة المدارس العشرة الأعلى ترتيبا هذا العام. * تراجع مدارس كوربيت المستقلة: من المدارس التي تراجع ترتيبها بين المدارس المستقلة، كانت مدرسة كوربيت في ريف أوريغون، حيث تراجعت من المركز الثالث في العام الماضي إلى المركز الأربعين هذا العام، وذلك بعد أن قرر مدير المدرسة، بوب دنتون، تخفيض عدد مناهج اختبارات تحديد المستوى المتقدمة التي يدرسها طلبة مدرسته لأسباب سوف أتطرق إليها في عمود قادم. ولا تخلط بين مدرسة كوربيت المستقلة ومدرسة كوربيت التي احتلت المركز العشرين في القائمة، وهما مدرستان عامتان استثنائيتان، لكنهما لم يتمكنا من الحفاظ على مستواهما المتقدم. * تراجع مدرسة أميركان إنديان المستقلة: تمكن المسؤولون عن مدرسة أميركان إنديان المستقلة، التي تعرضت لتهديدات بالإغلاق نتيجة مزاعم حول سوء الإدارة المالية، من إقناع السلطات بعدم إغلاقها.. فبعد عامين من تحقيقها المركز الأول على المستوى الوطني، تراجع ترتيب المدرسة إلى المركز 29 نتيجة زيادة عدد الخريجين وقلة عدد المتقدمين لاختبارات تحديد المستوى المتقدمة. * عدد قليل جدا يتبنى مناهج كثيفة معادلة للمناهج الجامعية: تبنى عدد ضئيل من المدارس إدراج مناهج كثيفة معادلة للمناهج الجامعية في الصف التاسع والعاشر على العكس من المدارس الثلاثين الأولى في القائمة، ولكن هناك مدارس تبنت برامج على قدر مقارب من الصعوبة، مثل مدرسة «إتش بي وودلون» في أرلينغتون بولاية فلوريدا، ومدرسة «سكوولز ويزاوت وولز» في العاصمة واشنطن، بالإضافة إلى مدارس خاصة في العاصمة مثل مدرسة «واشنطن إنترناشيونال سكوول» ومدرسة «سانت أنسيلمز أبي».. وذلك لتزايد عدد الأسر الأميركية الراغبة في ذلك. * خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»
aawsat
http://aawsat.com/home/article/407006/من-التاريخ-الماجنا-كارتا
2015-07-21 03:02:30
من التاريخ: الماجنا كارتا
د. محمد عبد الستار البدري
كلما زاد بحثي في تطور المفاهيم السياسية الإنسانية، رسخ يقيني بأن الأفكار السياسية ما هي إلا انعكاس للظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية المحيطة بنشأتها. فعصر سيطرة الكنيسة على الشؤون الدينية في أوروبا كان بسبب ظروفها السياسية في القارة والفراغ السياسي الناجم عن اختفاء أية سلطة مركزية قادرة على مواجهة الأعباء السياسية. وعندما جاءت عصور الحكم المطلق في نفس القارة فإنها كانت نتاجًا طبيعيًا للظروف المرتبطة بضعف السلطة الكنسية ومفهوم الإمبراطورية ومعهما مفهوم الأممية والاندثار التدريجي لطبقة الإقطاع، أما بزوغ المفاهيم الديمقراطية في القرن الثالث عشر فينطبق عليها نفس هذا الناموس الذي يبدو حاسمًا، ولعل خير مثال على ذلك كان ما هو معروفًا بـ«الماجنا كارتا» أو الميثاق العظيم، تلك الوثيقة المهمة الموقعة من قبل الملك «جون» ملك إنجلترا في 1215. ويحسب البعض هذه الوثيقة خطًا أول وثيقة أساسية للحقوق والحكم المحدود، فهذه الوثيقة لم تكن إلا نتاجًا للظروف المحيطة بإنجلترا في ذلك الوقت والخلافات الطبقية والسياسية فيها. والثابت تاريخيًا أنه منذ اعتلاء الملك «وليم الغازي» عرش إنجلترا، فإنه طور طبقة الإقطاع في البلاد ليخلق لنفسه سندًا سياسيًا يستطيع من خلاله أن يضمن الاستقرار للحكم وأن يُحصّل الأموال اللازمة والجند الكثيف من أجل تنفيذ أهدافه، وهي نفس السياسة التي اتبعها الملوك من بعده، إلى أن استفحلت سلطات هذه الطبقة الغنية في البلاد، وبدأت تواجه سلطات الملك في صراع سياسي أصيل، وباعتلاء الملك هنري الثاني سدة الحكم بدأت الأوضاع السياسية والاقتصادية تضطرب خاصة بعدما اضطر الملك لرفع الضرائب المفروضة على هذه الطبقة وبدلات التجنيد وغيرها من النفقات، فدخلت البلاد في حالة صراع مفتوح بين الملك وبين هؤلاء البارونات الإقطاعيين، فلجأ الملك إلى تعديل القوانين المحلية من أجل كبح جماح سلطانهم، وعندما آل الحكم لابنه، ريتشارد قلب الأسد، ساءت الأوضاع أكثر بسبب حروبه الممتدة خارج البلاد سواء في الحملات الصليبية أو في شمال فرنسا ثم أسره بعد ذلك، وأصبحت البلاد على حافة الحرب الأهلية، وهو ما دفع أخاه، الملك جون، لاتباع نفس السياسات من أجل تقويض سلطات هذه الطبقة. واقع الأمر أن الظروف كانت قد تغيرت في مطلع حكم هذا الملك لعدد من الأسباب، فلقد تكتلت طبقة النبلاء ضده ورفضوا بشدة السياسات القديمة، وزاد الأمر تعقيدًا الظروف السياسية الدولية وعداء ملك فرنسا «فيليب أغسطس» لإنجلترا وهزيمة الأخيرة في سلسلة من المعارك التي أدت لفقدان إنجلترا أغلبية مقاطعاتها في شمال فرنسا، ويضاف إلى ذلك أن هذا الملك كان متواضع القدرات ولا يملك من الحيل السياسية التي كانت لكثير من أجداده أو نظرائه، ولكن الطامة الكبرى جاءت عقب صراعه المفتوح مع «إنوشنتي الثالث» بابا الفاتيكان بعد الخلاف الذي دب بينهما بسبب رغبة الملك جون تعيين أحد معارفه كبيرًا لأساقفة الكنيسة الإنجليزية وقيام الملك بتأميم كثير من الأراضي وممتلكات الكنيسة الإنجليزية لينفق منها على حروبه بعدما توترت العلاقات مع البابا، وهو ما دفع الأخير لعزله كنسيًا مما هز بشدة شرعيته ووضعه في صدام مباشر مع الكنيسة وكثيرين من رعيته، وهي الظروف التي استغلها الإقطاعيون في البلاد ودخلوا في صراع مفتوح معه، وعلى الرغم من جنوح الأخير لتسوية أوضاعه مع الكنيسة وتهدئة الجبهة الفرنسية، فإنه لم يستطع حسم الصراع مع هذه الطبقة والتي باتت تريد تحجيم سلطات الملك بأي شكل، وهنا تدخل البابا بعدما ثبّت مرشحه ككبير الأساقفة من أجل تسوية الخلافات الداخلية الإنجليزية، فقام ممثلوه بالتوسط بين الملك جون والبارونات وهو ما أسفر عما عرف بـ«الماجنا كارتا» والتي اضطر الملك جون للتوقيع عليها عن غير اقتناع بسب الظروف السياسية المحيطة به. لعل أهم فقرتين في هذه الوثيقة كانتا الفقرة التاسعة والثلاثين والأربعين، حيث نصت الأولى على منع الاحتجاز التعسفي والمعروف في الفقه القانوني بالـ«Habeas Corpus» دون محاكمة من قبل أمثاله، وهو المعروف في النظام القانوني بالمحلفين، فضلاً عن حق المتهم في المحاكمة العادلة، ولكن الفقرة الأولى في التقدير تعد أهم ما صدر عن هذه الوثيقة من حيث تبعاتها السياسية، فلقد نصت على الحرية المطلقة للكنيسة في إنجلترا بلا أي تدخل من قبل الملك إضافة إلى حظر مصادرة ممتلكاتها على الإطلاق وهو ما قوى من سلطان الكنيسة مقابل العرش، كذلك فقد نظمت هذه الوثيقة عملية التوريث في البلاد وعلى رأسها حقوق الإقطاعيين في الميراث وعدم فرض الغرامات عليهم، كما كفلت الوثيقة أيضا إعادة الممتلكات التي كانت قد صُودرت بغير وجه حق من هذه الطبقة، كذلك فقد نظمت الوثيقة حرية التجارة في البلاد وحق التجار وغيرها من هذه الأمور المهمة والتي وضعت بعض أسس فكرة النظام التجاري الحر، وقد أقرت الوثيقة انتخاب مجلس من خمسة وعشرين بارونًا لصيانة الحقوق التي أقرتها الوثيقة والسلام مع الملك، وفي المقابل تعهد البارونات بسحب كافة قوات المرتزقة من غير الإنجليز والذين تم جلبهم للمساهمة في الجهود العسكرية ضد الملك. وعلى الرغم من مما قد يبدو من حقوق وتنظيم داخلي للدولة الإنجليزية والعلاقة بين الطبقات والقوى السياسية في البلاد في إطار هذه الوثيقة فإن الملكية سرعان ما تنصلت من بعض الحقوق الأساسية الواردة بها، فاستمرت الصراعات بين الأطراف المختلفة على مدار القرون التالية خاصة خلال حكم الملك هنري الثالث، مما أدى إلى تحالف جديد بين البارونات والطبقة الوسطى من أجل الضغط على الملك لتنفيذ أهم التوازنات الواردة في «الماجنا كارتا»، وهو ما أسفر عام 1265 عن إنشاء جمعية بهدف تحجيم سلطات العرش مكونة من ممثلي الأقاليم المختلفة تشمل طبقة النبلاء ورجال الدين وبعض الفرسان والمواطنين، وهو ما عُرف فيما بعد بالبرلمان، وعلى الرغم من وجود بعض السلطات لهذه الجمعية فإن الملك إدوارد الأول استطاع فيما بعد أن يحولها إلى أداة لخدمة العرش ضد البارونات. وكما هو واضح، فإن هذه الوثيقة لم يكن هدفها الأساسي هو الحكم الرشيد أو غيره من الأمور الأخرى بقدر ما كان هدفها الأساسي هو خلق التوازن بين سلطات الملك وطبقة الإقطاعيين، وهو التوازن الذي لم يكتب له النجاح إلا بعد الحرب الأهلية الإنجليزية ومن بعدها «الثورة العظيمة» كما أطلق عليها في نهاية القرن السابع عشر. وقد ضمنت هذه الوثيقة استقلالية الكنيسة عن الدولة استقلالاً تامًا لأهداف الكنيسة ذاتها وعلى غير المصلحة القومية في هذا الإطار وهو ما لم تتخلص منه إنجلترا إلا في عصر هنري الثامن وابنته الملكة إليزابيث من بعده، وهي كلها أمور تعكس بوضوح أن الهدف من ورائها لم يكن المبادئ السياسية والإنسانية بقدر ما كانت المصلحة والموائمة السياسية للأطراف المتداخلة في هذا الأمر، ولكن التطور السياسي والاجتماعي في النهاية هو حصيلة الظروف السياسية في كل دولة وليس نتاجًا للمفاهيم الإنسانية السامية كما يحلو للبعض التشدق بها.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/407011/الاستثناء-التونسي
2015-07-21 03:02:32
الاستثناء التونسي
تونس: كمال بن يونس
بعد مرور أكثر من أربع سنوات على الثورات في تونس ومصر واليمن وليبيا، تشهد كل تلك الدول تحديات أمنية تثير مخاوف من تقدم المجموعات المتطرفة. إلا أن تونس، التي شهدت ثورة «الياسمين» غير الدموية التي انطلقت في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2010 وأطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي في يناير (كانون الثاني) 2011، هناك مخاوف من تبعات هجمات المتطرفين الهادفة إلى قلب تلك التجربة «الناجحة». تواجه سلطات المملكة المتحدة منذ قرار ترحيل سياحها ورعاياها من تونس «تحسبا لعملية إرهابية جديدة» أعنف حملات انتقادات في وسائل الإعلام التونسية وفي بعض الأوساط السياسية التونسية والمغاربية، فضلا عن قسم من السياح والساسة البريطانيين. وتتابع وسائل الإعلام البريطانية والتونسية والعربية نشر شهادات صوتية ومصورة عن السياح الذين عارضوا قرار ترحيلهم واتهموا حكومتهم بـ«الرضوخ لمخطط الإرهابيين» ودفع اقتصاد تونس نحو العجز والإفلاس والتسبب في توجيه ضربة قاسية جدا للسياحة التونسية والقطاعات المرتبطة بها. لكن السؤال الذي يطرحه الخبراء الاستراتيجيون هو: هل لن يتسبب قرار بريطانيا سحب سياحها وتشبيه تونس أمنيا بالصومال والعراق إيذانا بـ«انهيار آخر قلاع الانتقال الديمقراطي والربيع العربي». وهناك قلق من أن تكون هذه ضربة قاصمة «للاستثناء التونسي» وتكريسا للمقولات الاستعمارية عن «الاستثناء العربي والإسلامي». وقد وصف السفير التونسي لدى المملكة المتحدة نبيل عمار خطوة لندن بـ«ترحيل سياحها» من تونس وحث كل الجالية البريطانية على مغادرة الأراضي التونسية بكونها «مساهمة في تحقيق أهداف الإرهابيين» الذين استهدفوا الموارد الاقتصادية للدولة ولمئات الآلاف من التونسيات والتونسيين وخصوصا للعاملين في قطاعات السياحة والصناعات التقليدية والتجارة والنقل والخدمات. ويذكر أن القطاع السياحي في تونس يشكل 14.5 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي للاقتصاد التونسي. وتبرز وسائل الإعلام التونسية والبريطانية منذ أيام استياء عدد من الساسة والمستثمرين البريطانيين من قرار «الترحيل»، الذي اعتبره إعلاميون تونسيون «إعلان حرب» على تونس واقتصادها. وتساءل السفير البريطاني السابق في طرابلس أوليفر مايلس عن الأسباب التي جعلت حكومة بريطانيا تتخذ هذه الخطوة «التصعيدية» ضد تونس وتركز على عملية إرهابية وقعت في تونس دون بقية البلدان التي شهدت عمليات مماثلة أو أخطر وبينها فرنسا والكويت اللتين شهدتا هجمات إرهابية في نفس اليوم الذي جرى فيه هجوم سوسة الإرهابي. وتساءلت مقالات رأي في وسائل الإعلام التونسية والبريطانية والعربية إن كان وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند سيصدر بلاغات مماثلة تدعو رعاياه إلى مغادرة فرنسا والكويت ومصر وإسبانيا وألمانيا وتركيا.. لأنها شهدت مرارا عمليات إرهابية أخطر من الهجوم على منتجع سوسة الإرهابي الذي ينسب إلى «داعش». خلل «التعاون الأمني» تزداد التساؤلات حول ما إذا كانت السلطات التونسية قد امتنعت فعلا عن التعاون مع المحققين البريطانيين في جريمة سوسة، بعد أن لمحت مصادر بريطانية بأن تونس لم تتعاون بالطريقة الكافية مع لندن في مواجهة التنظيمات الإرهابية. ولكن سفارة المملكة المتحدة بتونس نفت في بلاغ رسمي باسم الخارجية البريطانية أن يكون الـ600 محقق بريطاني الذين بدأوا التحقيق مع الجانب التونسي في جريمة منتجع سوسة القنطاوي السياحية قد لاقوا صعوبات في التنسيق مع الجانب التونسي. كما نفى الجانبان التونسي والبريطاني ما روج في بعض وسائل الإعلام البريطانية عن تعرض حقيبة رئيس المحققين الأمنيين البريطانيين إلى السرقة في مطار قرطاج. وخلال جلسة مساءلة رسمية في البرلمان التونسي عقب رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد على تصريحات وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند التي تدعو إلى «ترحيل السياح»، وضمنيا كل الجالية البريطانية، بكون تونس «تحترم القرار السيادي لحكومة لندن وستساعد السلطات البريطانية على نقل من يرغب في المغادرة». لكن رئيس الحكومة التونسي ووزير داخليته محمد ناجم الغرسلي اعترضا على الاتهامات «الجانية» التي وجهت لتونس وأكدا أن «المؤسسات الأمنية والعسكرية جندت نحو مائة ألف أمني وعسكري لإحكام السيطرة أمنيا على كامل البلاد رغم بعض الصعوبات التي تمر بها من بينها «نقص بعض التجهيزات» والتدهور الخطير للأوضاع في ليبيا وتسرب مسلحين عبر حدود تونس مع ليبيا منذ سقوط القذافي قبل 4 أعوام». تزحلق كرة الثلج وقد اعتبر البرلماني وزعيم الحزب القومي العروبي زهير المغزاوي أن «التصعيد البريطاني» ضد تونس سيكون له وقع «تزحلق كرة الثلج» وستتبعه دول غربية أخرى ستمنع سياحها من زيارة تونس بما سيؤدي إلى شل جانب كبير من قدرات البلاد المالية والاقتصادية «وستزيد التحديات الاقتصادية والأمنية في تونس ما بعد الثورة تعقدا». وبالفعل فقد انخرطت الدنمارك وأيرلندا في نفس المسار ولوحت حكومات أوروبية أخرى بالاقتداء بلندن. واعتبر ساسة من النقابات العمالية ومن اليسار التونسي، مثل البرلماني فتحي الشامخ، أن «النموذج التونسي للتغيير السلمي والانتقال الديمقراطي مستهدف»، معتبرا أن «النتيجة الطبيعية لشل اقتصاد الديمقراطية الناشئة هي دفعها نحو العسكرة والإجراءات اللاشعبية ومن بينها إعلان حالة الطوارئ والزيادات المشطة في الأسعار وتسريح مئات الآلاف من العمال». وذهب بعض الخبراء في الدراسات الاستراتيجية، مثل السفير ووزير الدولة السابق للخارجية صلاح الدين الجمالي، إلى أبعد من ذلك فيعتبرون أن «تونس تعاقب على نجاحها السياسي والديمقراطي فلم تحصل على المساعدات التي وعدت بها الدول الصناعية السبع مرارا في قممها ولا تلك التي تعهد بها الاتحاد الأوروبي وستكون النتيجة انهيار النموذج التونسي للديمقراطية والتوافق بين الإسلاميين والعلمانيين». وهذا «الاستثناء التونسي» والتنمية البشرية «المتوازنة» تعتبر مهددة اليوم. «نظام إقليمي» جديد وربط الخبير في السياسة الدولية السفير السابق عبد الله العبيدي «التصعيد البريطاني ضد الديمقراطية التونسية الناشئة» بالمتغيرات الجيو استراتيجية التي تمر بها تونس والمنطقة العربية والإسلامية عموما والبلدان المغاربية خصوصا وبمشاريع إعادة صياغة «النظام الإقليمي» في «الشرق الأوسط الكبير» بعد قرن عن اتفاقية سايكس بيكو البريطانية - الفرنسية وربع قرن عن انهيار جدار برلين. وإذ أكدت انتفاضات الشعوب العربية منذ 5 أعوام وجود إرادة للإصلاح والتغيير في دول «الجنوب» وتوفر شروط موضوعية لتمرد المهمشين والطبقة الوسطى وتيار من النخب على منظومات الاستبداد والفساد، فقد تسبب «فشل بلدان الربيع العربي أمنيا وسياسيا واقتصاديا في إعادة الجدل عالميا» حول المقولات الاستعمارية عن «الاستثناء العربي والإسلامي» ثقافيا ودينيا واستراتيجيا، أي المقولات التي تطالب منذ عقود باستثناء الشعوب العربية والإسلامية من مشاريع الإصلاح الديمقراطي وبرامج التنمية السياسية بحجة أن مرجعياتها الدينية والثقافية والتراثية معادية للتعددية». ويبدو الخبراء وصناع القرار الاقتصادي والسياسي والأمني الدولي اليوم مجددا مقسمين بين أنصار الاحتكام إلى صناديق الاقتراع والرأي العام في الدول العربية ودعاة إعطاء الأولوية مرة أخرى للحلول الأمنية والعسكرية بحجة «الاستثناء الثقافي والديني والاستثناء الاقتصادي والاستراتيجي»، على حد تعبير الجامعي التونسي ومدير معهد الدراسات الاقتصادية والاجتماعية في الجامعة التونسية - سيريس رضا الشكندالي. ثنائية الفوضى والاستبداد ويعيد تخلي لندن والعواصم الغربية عن تونس اقتصاديا، في نظر الخبير الأمني العسكري العميد المختار بن نصر، سيناريوهات أمنية خطيرة تخدم الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية التونسية والجزائرية والليبية التي وجهت لها الحكومة التونسية ضربات قاصمة خلال الأعوام الماضية وخصوصا منذ الهجوم الإرهابي على المتحف الوطني في العاصمة يوم 15 مارس (آذار) الماضي. وحذر الخبير الاستراتيجي حاتم بن سالم من «خطورة دفع تونس، على غرار ما جرى مع عدة دول عربية، نحو ثنائية الاستبداد أو الفوضى - أي الاختيار بين أمرين أحلاهما مر الديمقراطية مع الفوضى أو القمع الشامل تحت شعار الأولية المطلقة للأمن». وقدر وزير الداخلية التونسي ناجم الغرسلي نسبة نجاح القوات الأمنية التونسية في القضاء على إرهابيين من دول عربية فارين منذ أكثر من 10 أعوام بـ90 في المائة، بينهم زعماء لعصابات تهريب وإرهاب من الجزائر تطاردهم قوات الأمن الجزائرية منذ عقد التسعينات في القرن الماضي مثل لقمان أبو صخر ومختار بلمختار تركيع «الاستثناء التونسي» ويستعد رئيس البرلمان التونسي ورئيس حزب «النداء»، الذي أسسه الرئيس الباجي قائد السبسي لزيارة لندن ولقاء ساستها وأعضاء برلمانها لإقناعهم بجدية «الشريك التونسي» في محاربة الإرهاب وتذكيرهم بتعهدات أوروبا بدعم «النموذج التونسي للاعتدال والوسطية والوفاق». ويأتي ذلك مع تكثيف رئيس الحكومة الحبيب الصيد وزعماء المعارضة، وبينهم قادة حركات النهضة والوطني الحر وآفاق، لقاءاتهم واتصالاتهم الهاتفية مع الدبلوماسيين الأوروبيين وكبار صناع القرار في لندن والاتحاد الأوروبي «لتجنيب تونس كارثة اقتصادية مالية وسياسية أمنية» على حد تعبير الخبير الاقتصادي الدولي الصادق جبنون. مبادرات رمزية وبما أن الحكومة التونسية تعلم أن المعركة الحالية تعتمد جزئيا على كسب الرأي العام، كلفت الحكومة التونسية الحقوقي السابق التونسي الفرنسي كمال الجندوبي، الوزير المستشار في حكومة الصيد، بتنظيم سلسلة من المؤتمرات الصحافية فسر فيها الإجراءات الأمنية والعسكرية الإضافية التي قررت الحكومة التونسية اتخاذها. ومن تلك الإجراءات إعلان حالة الطوارئ لمدة شهر «قابل للتجديد» وتسخير 100 ألف عسكري وأمني لتعزيز حماية المؤسسات السياحية وحدود تونس مع ليبيا والجزائر وتأمين الشعب في كل المدن والقرى في كل المحافظات. وأكد عبد اللطيف حمام مدير عام ديوان السياحة والصناعات التقليدية أن السلطات التونسية شرعت منذ هجوم متحف باردو الإرهابي قبل 3 أشهر في اعتماد «مخططات حماية أمنية إضافية» للمؤسسات الثقافية والسياحية تقرر قبل هجوم سوسة يوم 26 يونيو (حزيران) تفعيل القسط الجديد فيها يوم 1 يوليو (تموز) الذي يعتبر في تونس موعد دخول «موسم الذروة السياحي». وقد تعززت تلك المخططات بإجراءات استثنائية تقررت في أعقاب هجوم سوسة. لكن الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي يعتبر أن «هدف الإرهابيين ليس إضعاف مداخيل الدولة من السياحة والعملات الأجنبية فقط بل تركيع الاقتصاد الوطني والنموذج التونسي للتغيير السلمي». وأضاف أن هناك سعيا من المتطرفين لتفنيد ما روج عن «الاستثناء التونسي» ونجاح مسار الانتقال الديمقراطي التعددي والتداول العادي على السلطة بين أحزاب وزعامات متناقضة سياسيا وآيديولوجيا بينها زعامات علمانية وأخرى إسلامية. الثغرات الأمنية والسياسية.. والإعلامية لكن الانتقادات الكثيرة للقرار الحكومي البريطاني، الذي اعتبره البعض وقوعا في فخ الإرهابيين، لا يقلل حسب تحاليل قدمها عدد من الساسة والإعلاميين التونسيين والبريطانيين من أهمية «الثغرات الأمنية والسياسية والإعلامية» التي كشفتها جريمة سوسة. ولقد استبعد الصحافي والخبير البريطاني في الشؤون الأمنية فرانك غاردنر أن تكون حكومة بلاده وفرق المحققين الذين أرسلتهم إلى تونس تأكدوا من احتمال تعرض مؤسسة سياحية جديدة إلى عمل إرهابي آخر. لكنه أورد أن «اقتناع المحققين البريطانيين» بوجود إرهابيين في حالة فرار، بينهم شريك سيف الدين رزقي في الهجوم على منتجع سوسة القنطاوي السياحي - جعلهم يقتنعون بأن هؤلاء «الفارين الخطرين» قد ينظمون عملية جديدة. في نفس الوقت يعتقد كثير من الخبراء العسكريين والإعلاميين أن «الأداء الإعلامي» لكثير من وسائل الإعلام و«الناطقين» باسم السلطات الاقتصادية والسياسية والأمنية «ليس مهنيا» وكانت نتائجه مزيدا من ترويع المواطنين والسياح وسفاراتهم، بما في ذلك عند إعلان الناطق باسم الحكومة عن «تعبئة 100 ألف أمني وعسكري تونسي لحماية الشعب والمؤسسات السياحية من الإرهاب والعنف ومن مخاطر المسلحين القادمين من ليبيا». لكن الأهم في نظر عدد من الخبراء التونسيين والعرب بينهم في السياسية الدولية في جامعة جون هوبكنز الأميركية خليل العناني هو مستقبل الإصلاحات السياسية والتنموية في تونس وبقية الدول العربية. ويعتبر الجامعي والباحث في تاريخ الحضارة والفكر زهير بن يوسف أن «نجاح الاستفتاءات الشعبية والانتخابات التعددية والشفافة بعد 2011 في عدد من الدولة العربية مرارا في مصر وتونس والمغرب وليبيا فندت أسطورة وجود مجتمعات وثقافات معادية للقيم العالمية للحريات والتعدد واحترام حقوق الإنسان الفردية والجماعية». وعلى الرغم من تعاقب أعمال العنف والصدامات في عدد من الدول العربية بعد انهيار الأنظمة المركزية المطلقة السابقة، فإن «النموذج التونسي للانتخابات التعددية والتوافق السياسي بين أطراف ذات مرجعيات عقائدية وسياسية متناقضة» ينطوي على أبعاد رمزية ومفارقات سياسية كثيرة بحسب بن يوسف الذي يقول إنها «أثبتت أن قطار التغيير السياسي السلمي نحو الانفتاح والإصلاح السياسي والاقتصادي الشامل يسير في طريقه الصحيح في كامل الوطن العربي، وإن مر بمراحل تعثر لأسباب عدة من بينهم وجود إرادات محلية وإقليمية ودولية لتعطيله». ورغم الرسائل السلبية التي أطلقها تيار من النشطاء التونسيين والعرب بعد 2011، ثم المورطون في العنف والإرهاب فإن المتفائلين بدلالات «الاستثناء التونسي» وبنجاح خيار التعدد الثقافي والسياسي عربيا يعتبرون أن المتضررين من الديمقراطية والتغيير، لأسباب داخلية اقتصادية وسياسية وأخرى استراتيجية، لن ينجحوا في تعطيل المسار الجديد للتغيير والإصلاح حتى وإن حققوا نجاحات مؤقتة عبر تعطيله مستفيدين من الإرهاب ومن الصراعات الدولية على الوطن العربي وأفريقيا.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/407001/ويندي-شيرمان-مفاوضة-إيران-الأولى
2015-07-21 03:02:34
ويندي شيرمان: مفاوضة إيران الأولى
واشنطن: محمد علي صالح
مع إبرام الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى في فيينا أمس، يعود الوزراء والعشرات من أعوانهم والمفاوضين والخبراء إلى عواصمهم ودوائرهم بعد أسابيع من المفاوضات الماراثونية. إلا أن واحدة منهم، التي مكثت 27 يوما في فيينا، لن تعود إلى عملها التقليدي ومكتبها في واشنطن. * قبل شهرين، أعلنت ويندي شيرمان، وكيلة وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية أنها ستتقاعد مباشرة بعد التوقيع على اتفاقية الأسلحة النووية الإيرانية. لكن، أجلت شيرمان تقاعدها، مرة تلو الأخرى، كلما تمددت المفاوضات، موعدا نهائيا بعد موعد نهائي. ونقلت تقارير إخبارية أن شيرمان قالت، الأسبوع الماضي، لوزير الخارجية كيري إنه، إذا أمرهم الرئيس باراك أوباما بالعودة إلى واشنطن، وإعلان فشل المفاوضات، ستتقاعد في الحال. في كل الحالات، ارتبط اسم شيرمان بالمفاوضات مع إيران، منذ قبل أن يعينها الرئيس أوباما في منصبها الحالي، قبل عامين. وهو عينها في المنصب لأكثر من سبب، على رأسها لإصراره على حسم المشكلة مع إيران، ولخبرتها في التفاوض مع كوريا الشمالية. وبما أن شيرمان كانت سياسية قبل أن تكون دبلوماسية، وعملت في الكونغرس الأميركي، فهي تفهم أهمية التبعات السياسية للمناورات الدبلوماسية. وعند تعيينها في هذا المنصب، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» أن شيرمان «ربما أفضل من يقود المفاوضات مع الإيرانيين. ليس فقط لأن عندها خبرة في الموضوع، ولكن لأنها سياسية قبل أن تكون دبلوماسية.. كان المعنى الخفي هو أن الإيرانيين ليسوا دبلوماسيين في تصرفاتهم، ويميلون نحو المناورات والمراوغات. لهذا، يحتاجون إلى سياسي، يعرف كيف يناور ويراوغ». وكان هناك سبب خفي آخر، لم يعلنه البيت الأبيض، ولم تتحدث عنه «واشنطن بوست»، ولا شيرمان نفسها. وهي أنها تنتمي إلى عائلة يهودية غنية ومهمة في نيويورك. لم يتحدثوا كلهم علنا عن هذا الموضوع. (قد تأدبا، ربما خوفا). لكن، صار مفهوما أن أوباما يريدها أولا، تطمئن اللوبي اليهودي في واشنطن، وثانيا، أن تطلع الإسرائيليين على المفاوضات، خطوة بعد خطوة. وكانت شيرمان، وهي تتولى ثالث أرفع منصب في الخارجية الأميركية، تتواصل مع الإسرائيليين من موقع قوة. وفي أواخر العام الماضي، نشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية تقريرا تحت عنوان: «اليهودية التي تقود المفاوضات مع إيران». ووضعتها في أعلى قائمة أهم اليهود خلال عام 2014. وفعلا، في بداية هذا العام، ذهبت شيرمان إلى مؤتمر يهودي في واشنطن، وقالت لهم: «أحس بالفخر لأني أنتمي إلى الجالية اليهودية - الأميركية. وأود أن أنقل لكم أن الرئيس أوباما يحس بالفخر لعلاقاته القوية مع اليهود، ومع إسرائيل». وكان واضحا أنها لا تؤيد غضب كثير من اليهود (خاصة في إسرائيل) على أوباما، من قبل أن يحاول التقرب نحو إيران (ولأسباب كثيرة أخرى). في ذلك المؤتمر، وفي مؤتمرات بعده مع اليهود، كررت العبارة الآتية: «اتفاق مع إيران يحد من قدرتها على إنتاج قنابل نووية أفضل من عدم اتفاق يسمح لإيران لتواصل إنتاج قنابل نووية». في الشهر الماضي، انتقدت صحيفة «جيروزاليم بوست» شيرمان. لم يكن النقد مباشرا، بل انتقدت موقف شيرمان تجاه كوريا الجنوبية. كانت شيرمان اقترحت أن «تتساهل» كوريا الجنوبية مع كوريا الشمالية بهدف كسب ثقتها. وعن هذا الموقف، كتبت «جيروزاليم بوست» تحت عنوان: «الحياة تحت مظلة الحماية الأميركية»، وقالت: «كيف يحس الكوريون الجنوبيون عندما تنتقدهم شيرمان باسم الدولة التي تحميهم؟ نأمل ألا يأتي اليوم الذي ستقول فيه لنا شيرمان ذلك». وبعد فترة وجيزة من توليها قيادة المفاوضات مع إيران، توجهت شيرمان إلى ألماتي (في كازاخستان) في ربيع 2013، حيث التقت ضمن مجموعة الدول الخمس زائد واحد وزير الخارجية الإيراني حينها علي أكبر صالحي، وكبير المفاوضين الإيرانيين حسين جليلي. وقالت للصحافيين كلاما جديدا، وهو أن الهدف هو «الحوار مع النظام الإيراني من دون العمل على تغييره أو إسقاطه». كما سلطت الضوء على فتوى المرشد الأعلى للثورة، آية الله على خامنئي، بتحريم صناعة السلاح النووي، لإثبات حسن النيات الإيرانية. وصار واضحا أن شيرمان (مثلما فعلت مع الكوريين الشماليين) تريد كسب ثقة الإيرانيين، قبل الوصول إلى اتفاق معهم. لكن، أزعج ذلك الإسرائيليين، واللوبي اليهودي في واشنطن. في العام الماضي، كجزء من قرار أوباما باطلاع الإسرائيليين على المفاوضات أولا بأول، زارت شيرمان إسرائيل، مع سوزان رايس، مستشارة أوباما للأمن الوطني. في ذلك الوقت، نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية تصريحات لمسؤولين إسرائيليين انتقدوا رايس انتقادات مباشرة (وشيرمان انتقادات غير مباشرة). وكرروا سياسة إسرائيل المتشددة برفض أي تسوية مع إيران بوجود أي مواد نووية والمطالبة بالتخلص من كل اليورانيوم المخصب، وتفكيك كل أجهزة الطرد المركزية (مفاعل قم، ومفاعل أراك). * إساءة الإيرانيين رغم محاولة شيرمان كسب ثقة الإيرانيين، أغضبت شيرمان الإيرانيين مرات عدة، أبرزها عندما تحدثت، خلال جلسات استماع في الكونغرس في أكتوبر (تشرين الأول) 2013، عن صعوبة التفاوض مع الإيرانيين، قائلة «نعرف أن الخداع جزء من جينات الإيرانيين». ومرة أخرى تحدثت عن «تجار السجاد الإيرانيين» (عبارة غربية نمطية عن التفاوض مع الإيرانيين، وغيرهم من الشرق أوسطيين). وناقش مجلس الشورى الإسلامي في إيران تصريحات شيرمان. وطلب من الرئيس حسين روحاني «اتخاذ موقف حازم وثوري للرد على هذه التصريحات السخيف». وجاء في التصريحات: «تكشف الإساءات التي وجهتها هذه المسؤولة الأميركية النزعة الأميركية الاستكبارية والشريرة». ثم زاد الطين بلة عندما قدم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور الديمقراطي روبرت منينديز، مشروع قانون لفرض عقوبات إضافية على إيران «خلال ستة شهور، إذا فشلت الإدارة في التوصل إلى اتفاق يوقف جميع أنواع التخصيب». هذه المرة، خلال جلسة استماع في لجنة منينديز، لم تدافع شيرمان عن الإيرانيين، طبعا. لكنها كررت تصريحات كان قالها الرئيس أوباما عن أن «الاتفاق مع إيران أفضل لإسرائيل من عدم الاتفاق». ومن عمل مع شيرمان عن كثب يشيد بهدوئها، ولكن يقر بأنها صارمة في التعامل، ولا تتهاون مع من يفاوضها، أو يعمل معها. * حقبة «كوريا الشمالية» قبل عامين تقريبا عندما تولت شيرمان منصبها الحالي، كتبت صحيفة «نيويورك تايمز»: «استطاعت شيرمان أن تجمع بين السياسة والدبلوماسية. وأن تجمع بين النظريات والأفعال. ها هي سياسية الغرف الخلفية في بولتيمور (ولاية ماريلاند) تفاوض الإيرانيين. وها هي تجمع بين سنواتها الاستشارية في واشنطن، ووزارة الخارجية. هذه هي المرة الثانية التي تفعل فيها ذلك». قصدت الصحيفة أن شيرمان، في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون، قادت الوفد الأميركي للمفاوضات مع كوريا الشمالية حول أسلحتها النووية. وفي ذلك الوقت، كانت إدارة كلينتون وصلت، للمرة الأولى، إلى إطار اتفاق (عام 1994). فعلا، وافقت كوريا الشمالية على تجميد وتفكيك برنامجها للأسلحة النووية، بما في ذلك المفاعل الرئيسي في يونغبيون. في وقت لاحق، افتخرت شيرمان بدورها، وقالت: «خلال إدارة كلينتون، لم تضف أوقية واحدة من البلوتونيوم لمخزون كوريا الشمالية». في آخر عام لكلينتون في البيت الأبيض، وبعد مفاوضات سرية مع الرئيس الكوري الشمالي، كيم جونغ إيل، وعد بعدم «إنتاج، أو اختبار، أو نشر» صواريخ يزيد مداها على 300 ميل. حدد هذا عدم قدرة كوريا الشمالية على إطلاق صواريخ يمكن أن تضرب الولايات المتحدة، بل إن كوريا الشمالية عرضت وقف بيع صواريخ، أو مكونات صواريخ، أو تكنولوجيا صواريخ، أو التدريب على صواريخ. وكان ذلك جزءا من مساعي الولايات المتحدة لعدم انتشار الصواريخ، خاصة في منطقة الشرق الأوسط. في ذلك الوقت، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» افتتاحية أشادت بشيرمان. وقالت: «صار السبيل الوحيد لاتفاق الولايات المتحدة حول البرامج المتنازع عليها مع كوريا الشمالية، ومنعها من الحصول على قدرات نووية، هو من خلال الدبلوماسية. يبدو أن كيم جونغ إيل صار على استعداد لتقديم التزامات تاريخية». لكن، مع بداية عهد الرئيس جورج دبليو بوش تغير الوضع. وصارت شيرمان، في نظر قادة الحزب الجمهوري «شبه خائنة» إن لم تكن «خائنة». من بين الذين انتقدوها جيمس بيكر، وزير خارجية بوش الأب، ومن كبار مستشاري بوش الابن. انتقدها بالاسم. وقال إنها تسير على سياسة «الترضية» والتراخي مع بيونغ يانغ. آخر مفاوضات.. بإدارة أوباما ها هو التاريخ يعيد نفسه. وها هم قادة ومعلقون جمهوريون ينتقدون قيادة شيرمان للمفاوضات مع إيران وكثيرا ما يوجهون الانتقادات لشيرمان. قال إدوارد لاسكي، في دورية «أميركان ثنكار» (المفكر الأميركي): «في عام 1999، توصلت وندي شيرمان إلى اتفاق مع كوريا الشمالية مقابل مئات الملايين من الدولارات قيمة شحنات الطعام والمساعدات الطبية للكوريين الشماليين الجوعى. ننظر اليوم، ونرى أنهم أكلوا ما أرسلنا إليهم، ثم تنكروا لما اتفقنا عليه معهم. الآن، جاء دور الإيرانيين مع وندي شيرمان». وبدوره، كتب إيثان إبشتاين في مجلة «ويكلي ستاندراد»: «تخلط ويندي شيرمان بين المنظمات الخيرية التي كانت تترأسها في شوارع بولتيمور لمساعدة الفقراء، وبين دولة آيات الله الإيرانية. سيفتح الإيرانيون أفواههم للالتهام، بعد رفع العقوبات، ثم سيتنكرون للاتفاقية التي وقعونها معنا. على الأقل، فقراء شوارع بولتيمور يحترمون من يعطف عليهم». وكانت شيرمان قد عملت في مجال العمل الاجتماعي للدفاع عن الفقراء والضعفاء في المجتمع في مدينة بولتيمور. واعتادت شيرمان على هذه الانتقادات من الجمهوريين، وأكدت التزامها بأداء المهمة الأخيرة لإدارة أوباما قبل أن تستقيل من منصبها. ولكن بدأت من الآن التكهنات حول إمكانية عودة شيرمان إلى الدبلوماسية ودائرة المفاوضات مستقبلا..في حال فازت المرشحة الديمقراطية للانتخابات الأميركية هيلاري كلينتون والتي عينتها في هذا منصب وكيلة وزير الخارجية الأميركي عام 2011 عندما تولت كلينتون حقيبة الخارجية الأميركية. * ويندي شيرمان.. في سطور * الاسم الكامل: ويندي روث شيرمان * المنصب الرسمي: وكيلة وزير الخارجية الأميركية * ولدت عام 1949 * درست في ثانوية «سميث كولدج» في بوسطن. * حصلت على بكالوريوس من جامعة بوسطن. * حصلت على ماجستير في العمل الاجتماعي من جامعة ماريلاند * تفرغت للعمل الاجتماعي في الأحياء الفقيرة في بالتيمور (ولاية ماريلاند) * صارت مديرة منظمة «ايميلي» لمساعدة النساء الحاملات. * في عام 1971، فازت بعضوية مجلس بلدية بالتيمور، ممثلة للحزب الديمقراطي. * بعد خمسة أعوام، صارت مديرة مكتب خدمات رعاية الطفولة في بالتيمور. * انتقلت إلى واشنطن، وعملت مساعدة للسيناتورة الديمقراطية باربرا ميكولسكي. * انضمت إلى مكتب للمحاماة في واشنطن، متخصص في استشارات المفاوضات والاتصالات الاستراتيجية. * في عام 1993، عينها الرئيس بيل كلينتون، مديرة في مؤسسة «فاني ماي» (شبه الحكومية التي تساعد في شراء المنازل). * في عام 1995، عينها كلينتون مساعدة لوزير الخارجية، وارين كريستوفر، لشؤون الكونغرس. * في عام 1997، عينها كلينتون مساعدة لوزيرة الخارجية، مادلين أولبرايت، للمفاوضات (ركزت على المفاوضات مع كوريا الشمالية حول أسلحتها النووية). * في عام 2000، عادت إلى مكتب استشارات المفاوضات والاتصالات الاستراتيجية في واشنطن. * في انتخابات عام 2008، كانت مستشارة للشؤون الخارجية في حملة السيناتورة هيلاري كلينتون لرئاسة الجمهورية. * في عام 2009، بعد أن فاز أوباما، عينها مستشارة في البيت الأبيض. * في عام 2011، عينها مساعدة لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون للشؤون السياسية. واستمرت في المنصب بعد أن صار جون كيري وزيرا للخارجية. ثم صارت مسؤولة عن المفاوضات مع إيران. * زوجها هو بروس ستوك، صحافي سابق، والآن مدير في مركز «بيو» للأبحاث في واشنطن.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/401666/مصر-المخرج-من-دوامة-«الإرهاب»
2015-07-21 03:02:36
مصر.. المخرج من دوامة «الإرهاب»
القاهرة: محمد عبده حسنين
يبدو أن مصر باتت على موعد سنوي «رمضاني» مع العمليات الإرهابية الكبرى التي تُسقط عشرات الضحايا من الأبرياء دون مراعاة لقدسية الشهر الكريم، خلافًا لأعمال العنف المتفرقة التي تضرب البلاد منذ نحو أربع سنوات. وبحسب ما يشير إليه المراقبون فإن «شهر رمضان أصبح بمثابة الفرصة الثمينة للجماعات المتطرفة من أجل تجنيد الشباب والدفع بهم للقيام بعمليات انتحارية، أكثر من غيره من الشهور، على اعتبار أن ثواب ما يزعمون أنه جهاد في سبيل الله سيكون مضاعفا في هذا الشهر». ووفقا لإحصائية أعدها المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة فإن هناك نحو 32 عملية إرهابية، نفذتها أربع تنظيمات إرهابية، خلال الأسبوع الماضي فقط في الذكرى الثانية لثورة 30 يونيو 2013، تراوحت ما بين اغتيال وتفجيرات انتحارية وزرع عبوات ناسفة. اغتيل النائب العام المصري المستشار هشام بركات يوم 29 يونيو (حزيران) الماضي في تفجير بموكبه بسيارة مفخخة، تبعه هجوم مسلح استهدف كمائن عسكرية شمال سيناء في الأول من يوليو (تموز) الحالي، تبناه تنظيم «ولاية سيناء» التابع لتنظيم داعش، وأسفر عن مقتل 17 جنديا وضابطا وأصيب 13 آخرون من عناصر الجيش المصري، لتشكل بذلك أحدث العمليات الإرهابية التي وقعت في نهار رمضان. وقد رد الجيش المصري بعملية أمنية محكمة استمرت أكثر من 5 أيام، قتل خلالها 241 «إرهابيا»، وفقا لما أعلنه المتحدث العسكري العميد محمد سمير. يقول اللواء سلامة الجوهري، مدير وحدة مكافحة الإرهاب السابق بالمخابرات الحربية، لـ«الشرق الأوسط» إن كل تلك العمليات الإرهابية التي تحدث في سيناء مرتبطة ارتباطا وثيقا بما يحدث داخل القاهرة وجميع المحافظات، وكلها مسؤولية جماعة الإخوان المسلمين، التي تحاول العودة إلى السلطة مرة أخرى عن طريق العنف والتعاون مع التنظيمات التكفيرية. واعتادت التنظيمات المتطرفة تنفيذ مذابح كبرى خلال شهر رمضان في الأعوام الأربعة الأخيرة منذ ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، كانت البداية ما عرف إعلاميا بـ«مذبحة رفح الأولى»، التي وقعت في 6 أغسطس (آب) 2012، الموافق 17 رمضان، حين كان الجنود يستعدون لتناول إفطارهم وهم صائمون، فهاجمتهم مجموعة مسلحة مستخدمين أسلحة ثقيلة ومتعددة، منها «آر بي جي»، وقتلت منهم 16 جنديًا. وفي أولى ليالي شهر رمضان الكريم، في 28 يونيو عام 2014، قامت جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية، بما سمي «مذبحة رفح الثالثة»، ونفذت على الحدود بين مصر وإسرائيل، وأسفرت عن مقتل أربعة جنود أمن مركزي مصريين بمنطقة سيدوت. ووفي 25 رمضان في نفس العام قامت مجموعة إرهابية تتكون من 20 فردًا يستقلون أربع عربات دفع رباعي، بمهاجمة كمين حرس حدود بمنطقة الدهوس بمحافظة الوادي الجديد، راح ضحيتها 22 جنديا مصريا. وتعيش مصر اضطرابات أمنية وسياسية كبيرة منذ ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك. غير أن موجة العنف تلك باتت في وتيرة متزايدة عقب عزل الرئيس الأسبق «الإخواني» محمد مرسي مطلع يوليو 2013. يقول تقرير صادر مؤخرا للمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، تحت عنوان «خريطة العمليات الإرهابية في ذكرى 30 يونيو»، التي صادفت منتصف شهر رمضان، إن العمليات الإرهابية في مصر تزايدت حدتها كمّا ونوعا في ذكرى ثورة 30 يونيو، إذ نفذت أربعة تنظيمات إرهابية نحو 32 عملية خلال الفترة من 28 يونيو وحتى 2 يوليو، تراوحت ما بين اغتيال وتفجيرات وزرع عبوات ناسفة. وأشار المركز إلى أن العمليات الإرهابية شملت مناطق متعددة في عدد من المحافظات في كل من القاهرة والجيزة والإسكندرية، بالتوازي مع عمليات مماثلة في محافظات الوجه البحري في بنها وكفر شكر وقليوب وشبين القناطر والشرقية، بينما شهدت محافظتا الفيوم وبني سويف في الوجه القبلي الجانب الأكبر من العمليات الإرهابية، وظلت محافظة شمال سيناء البؤرة الأكثر اشتعالاً من حيث كثافة العمليات الإرهابية، مشيرا إلى أنه تم استخدام العبوات الناسفة والسيارات المفخخة وإطلاق النار والاستهداف بالأسلحة الثقيلة وتفجير المرافق، كما شهدت بعض العمليات الإرهابية الدمج بين تكتيكات متعددة بهدف زيادة الخسائر على غرار عملية الشيخ زويد الأخيرة التي شهدت توظيفًا للاستهداف بالسيارات المفخخة لكميني أبو الرفاعي والسدرة والاستهداف بإطلاق النار الكثيف والأسلحة الثقيلة لعدة مواقع عسكرية ولقسم الشيخ زويد وتلغيم الطرق بالعبوات الناسفة. وشهدت عملية اغتيال النائب العام قيام العناصر الإرهابية بتفجير عن بعد لسيارة مفخخة بمتفجرات قدرت بعض المصادر وزنها بنحو 300 كغم، وهو ذات الأسلوب الذي كانت تخطط العناصر الإرهابية للقيام به في محيط قسم ثان 6 أكتوبر، إلا أن السيارة المفخخة انفجرت قبيل وصولها إلى هدفها. في المقابل فإن العبوات الناسفة تعد النمط الأكثر شيوعًا لهجمات العناصر الإرهابية خلال الفترة الماضية، وهو ما تجلى في تفجير عبوة ناسفة في منطقة جاردن سيتي وسط القاهرة دون خسائر في 28 يونيو الماضي وتفجير عبوة ناسفة في العريش استهدفت مدير عام مديرية الطرق في شمال سيناء في 29 يونيو والهجمات التي تمت في محيط قسم سمسطا في بني سويف في 30 يونيو، وبالقرب من مبني شرطة المرافق والأحوال المدنية في الفيوم والتفجير بجوار قسم دراو بأسوان في 2 يوليو الحالي. وتصاعدت عمليات تفجير المرافق العامة مثل تفجير أبراج الضغط العالي ومحولات الكهرباء في أسوان وبنها والفيوم وبني سويف ومحاولة تفجير كبري المشاة في محطة شرق للقطارات في شبين القناطر بالقليوبية في 1 يوليو الحالي، وتفجير خط السكك الحديدية في الشرقية في 2 يوليو. أما عمليات إطلاق النار فشهدت تصاعدًا في كثافتها وشملت إطلاق نار على قسم شرطة الفشن في بني سويف وقسم العصافرة في الإسكندرية ومتحف الشمع بحلوان وعلى قوات الشرطة في المطرية واستهداف أحد البنوك في قليوب وتبادل قوات الشرطة لإطلاق النار مع خلية إرهابية في 6 أكتوبر بالإضافة لاستهداف مدرعة في الفيوم واستهداف بعض الخفراء وأمناء الشرطة في الفيوم وبني سويف. وشهدت بعض الهجمات في سيناء توظيف تنظيم ما يسمى بـ«ولاية سيناء» لأسلحة غير تقليدية شملت صواريخ كورنيت المضادة للدبابات الموجهة بالليزر والصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف، ومدافع 14.5 ملي المضادة للطائرات وقذائف الهاون والآر بي جي، وهو ما يكشف عن مدى تصاعد نوعية الأسلحة الثقيلة لدي التنظيم وتصاعد عمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود على الرغم من إجراءات تدمير الأنفاق الواصلة بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء. وأشار المركز الإقليمي إلى أن بعض العمليات التي خططت لها التنظيمات الإرهابية لم تتمكن من تحقيق أهدافها سواء بسبب تدخل قوات الأمن وإحباطها أو بسبب إخفاق منفذيها في القيام بها، مثل قيام السلطات الأمنية في المنيا بضبط خلية إرهابية في 28 يونيو قبيل القيام بعملية إرهابية وانفجار سيارة مفخخة قبل وصولها إلى قسم ثان 6 أكتوبر وانفجار عبوة ناسفة في أحد الإرهابيين في المعصرة في 30 يونيو وتفكيك العبوة الناسفة في محطة قطارات شبين القناطر وضبط 600 كغم من الكبريت والمواد المتفجرة لدي بعض الأفراد في أسيوط. وصنفت الدراسة التنظيمات الإرهابية التي قامت بتلك العمليات إلى أربعة، أولها ما يسمى بـ« ولاية سيناء»، حيث يعد تنظيم أنصار بيت المقدس أخطر التنظيمات الإرهابية الموجودة على الساحة المصرية، خصوصا عقب إعلان مبايعته لتنظيم داعش وتغيير اسمه إلى «ولاية سيناء»، وتأتي العملية الإرهابية الأخيرة في الشيخ زويد استجابة لنداء قيادات تنظيم داعش بتنفيذ عمليات إرهابية كبري في شهر رمضان وبالتوازي مع ذكرى ثورة 30 يونيو. وثاني تلك التنظيمات هو كتيبة المدعو هشام عشماوي الذي يتبنى أفكارا متطرفة نتيجة التحاقه بتنظيم داعش خاصة بعد سفره إلى سوريا عبر تركيا، وينسب إليه المشاركة في عدة عمليات إرهابية. أما ثالثها فهو الخلايا الإخوانية، إذ أدى تفكك البنية التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين إلى تكوين بعض أعضاء الجماعة لخلايا إرهابية تقوم بتنفيذ عمليات إرهابية في المحافظات المصرية تستهدف أقسام الشرطة وأبراج الكهرباء والمرافق العامة من خلال قنابل بدائية الصنع أو عمليات إطلاق النار الخاطفة. والتنظيم الأخير هو جماعة «الذئاب المنفردة»، إذ يرتبط تصاعد كثافة العمليات الإرهابية في مصر بانتشار نمط الذئاب المنفردة بين المنتمين إلى التنظيمات الإرهابية وقيامهم بتكوين خلايا محدودة العدد لتنفيذ عمليات إرهابية في مختلف محافظات مصر، وهو ما أدى إلى الانتشار الجغرافي للعمليات الإرهابية وتصاعد قدرة التنظيمات الإرهابية على التخفي والإفلات من العمليات الأمنية الكثيفة للقبض على العناصر الإرهابية، خصوصا في ظل انقطاع شبكات التواصل بين التنظيمات الإرهابية الكبرى والخلايا الإرهابية المحدودة. ويقول اللواء الجوهري إن كل العمليات الإرهابية مسؤولية جماعة الإخوان، مشيرا إلى أن هناك نحو 5 آلاف مقاتل يحاربون الجيش المصري في سيناء، معظمهم عائدون من القتال في سوريا وأفغانستان والعراق سافروا للقتال هناك خلال حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي ثم عادوا ومعهم مقاتلون ينتمون إلى جنسيات أجنبية من جميع دول العالم ليحاربوا في سيناء، وهدفهم إعلانها إمارة إسلامية مستقلة على غرار ما يحدث في العراق حاليا. وحول تصنيفات وانتماءات تلك الجماعات، قال الجوهري لـ«الشرق الأوسط» إن هناك جماعات مسلحة كثيرة تعمل في سيناء، منها بيت المقدس والفرقان وغيرها، وكلها تتبع تنظيم داعش ولائيا وعقائديا، وهناك تنسيق واتصالات بينهم، إضافة إلى دعمهم بالمال والسلاح. وتخوض القوات المسلحة المصرية بمعاونة الشرطة حربا كبيرة ضد تلك الجماعات منذ عدة شهور، بقيادة الفريق أسامة عسكر. ويقول مدير وحدة مكافحة الإرهاب السابق بالمخابرات الحربية إن «هناك تنسيق كامل بين المخابرات المصرية ونظيراتها من الدول الصديقة لمحاصرة تلك الجماعات على صعيد أوسع يجري حاليا». وتابع: «رغم كل ما يحدث فإن الخسائر في الجيش المصري ليست بالكثيرة مقارنة بما تقوم به الجماعات المسلحة التي تحتمي بالمدنين وتقوم بعمليات واسعة، يكفي أن آخر عملية قام بها 300 مقاتل»، في المقابل فإن تعليمات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هي عدم التعرض للمدنيين، مما يصعب من عمليات الجيش كثيرا ويحد من استخدام آلياتهم العسكرية أحيانا. وكانت القوات المسلحة قد بدأت أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إخلاء منازل أهالي رفح في نطاق 1000 متر بالشريط الحدودي غرب الحدود مع قطاع غزة، وصولا إلى تحقيق الأمن القومي للبلاد، خصوصا مع اكتشاف أنفاق تحت الأرض تبلغ أطوالها من 800 إلى ألف متر. يضيف اللواء الجوهري: «بالطبع مع حلول شهر رمضان تتزايد العمليات الإرهابية والانتحارية، لأن تلك الجماعات تعقد أنها تقوم بعمل جهادي استشهادي ضد جيش كافر». ورصد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية عددًا من الممارسات الإجرامية لتنظيم داعش الإرهابي في حق المرأة التي تهين المرأة وتحط من كرامتها وإنسانيتها. ووفقا لتقرير المرصد نشر يوم الاثنين فإن التنظيم أعلن عن مسابقات في حفظ القرآن الكريم تكون الجوائز فيها عبارة عن «سبايا» توزع على الفائزين، وهو ما يعد تحقيرًا من شأن المرأة وتجريدًا من إنسانيتها. ولفت المرصد إلى أن تلك الممارسات تعبر عن آيديولوجية التنظيم في استغلال المرأة وتوظيفها باعتبارها أحد أهم عناصر جذب المقاتلين وضمان ولائهم واستمرار انخراطهم في القتال بين صفوف التنظيم، كما أنها أيضا تمثل عنصرًا ماديًا لدى التنظيم، إذ يقوم بأسر النساء من المناطق التي يدخلها، ثم يقوم بتوزيع البعض على المقاتلين كغنائم حرب. ودعا المرصد التابع لدار الإفتاء إلى فضح وتعرية ممارسات تنظيم داعش بحق النساء، وبيان حقيقة هذا التنظيم وطبيعة أهدافه التي يسعى خلفها، والأجندة الخاصة به، وكذا رؤيته للمرأة والتعامل معها، بخاصة أن الانضمام إلى التنظيم خطوة لا تقبل العودة إلى الخلف، وفي غالب الأمر فإن التراجع قد يعني الموت بأيدي مقاتلي التنظيم، حتى لا يتم فضح ممارسات التنظيم البربرية الهجمية في حق المرأة بشكل خاص. يقول الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، إنه «لا بديل أمامنا سوى العمل على الخلاص من كل قوى الإرهاب والشر والتطرف سواء أكان إرهابًا مسلحًا أم إرهابًا فكريًا». وأضاف، في مقال على موقع الوزارة ردا على تلك الهجمات المتزايدة مؤخرا: «الجماعات والتنظيمات المتطرفة تشكل خطرا داهما على الأفراد والمجتمعات، وإن الالتحاق بهذه الجماعات والتنظيمات ينطوي على مخاطر جسام، أهمها أن الجماعات المتطرفة تعمل بأقصى طاقتها على تجنيد الصبية والشباب والفتيات، وكل من تستطيع الوصول إليه تحت إغراءات مالية أو معنوية أو مخادعة واستغلال لظروف بعضهم النفسية أو الاجتماعية أو مغالطات فكرية أو دينية أو وعود لا يملكون من أمرها لأنفسهم ولا لغيرهم شيئا». وتابع: «هذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها التنظيم الدولي للإخوان الإرهابيين تعمل ضد دينها وأوطانها، ولو أن أعداء الإسلام بذلوا كل ما في وسعهم، وسخروا كل إمكاناتهم لتشويه صورة الإسلام، ما بلغوا معشار ما فعلته هذه الجماعات من تشويه لصورة الإسلام وحضارة الإسلام في الداخل والخارج». وأمام هذه الدوامة من الإرهاب، يتفق الخبراء الاستراتيجيون على أن المخرج ليس هو الحل الأمني وحده للقضاء على تلك التنظيمات المتطرفة، خصوصا في منطقة سيناء، بل إن الأمر يتطلب بعدا تنمويا وثقافيا وتوعويا. وسبق أن أعلن الرئيس السيسي في مطلع فبراير (شباط) الماضي عن تخصيص مبلغ 10 مليارات جنيه (نحو 1.4 مليار دولار) من أجل التنمية ومكافحة الإرهاب في سيناء، وينتظر مواطنو شبه الجزيرة تفعيلها حاليا. وتشرع مصر حاليا في إصدار قانون جديد لمكافحة الإرهاب من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ خلال أيام. ويقضي مشروع القانون باختصار الإجراءات الجنائية بشأن جرائم الإرهاب، وذلك من خلال سرعة الإجراءات داخل المحاكم المخصصة لجرائم الإرهاب، وتسهيل الإجراءات المتعلقة بفحص حسابات البنوك والاطلاع على الأموال بالبنوك التي لها علاقة بجرائم الإرهاب، ومنح سلطات إضافية لمأموري الضبط القضائي وكذلك للمحققين في جرائم الإرهاب.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/401651/«أوشي»-تسيبراس-التي-هزت-أوروبا
2015-07-21 03:02:37
«أوشي» تسيبراس.. التي هزت أوروبا
أثينا: عبد الستار بركات
لم يتوقع أحد في بداية ظهوره قبل خمسة أشهر كرئيس لوزراء اليونان أن يستحوذ الشاب ألكسيس تسيبراس، على اهتمام وسائل الإعلام المحلية والدولية، ويخطف الأضواء بوطنيته الإغريقية المميزة، وسعيه للنهوض ببلاده وعدم قبوله أي شيء يثقل كاهل المواطنين اليونانيين وخصوصا بعد معاناتهم نحو ست سنوات في ظل تدابير تقشفية قاسية وصارمة، أرجعها إلى تواطؤ الحكومات السابقة في عدم الوقوف في وجه الدائنين. قرار تسيبراس مساء الجمعة قبل الماضي بإجراء استفتاء في اليونان حول خطة إنقاذ الدائنين، جاء بمثابة الزلزال الذي هز أوروبا وربما الرأسماليين في كل دول العالم، حيث أرغم الشركاء في أوروبا والمؤسسات الدولية على أن تصنفه بالرجل الخطير، بعد أن كانت قد وجهت بعض المؤسسات الدولية انتقادات لأثينا وخصوصا كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي التي قالت إنها تشعر أنها تتفاوض مع غير راشدين! بالإشارة إلى التفاوض مع المسؤولين اليونانيين. وحبس زعماء أوروبا أنفاسهم حتى انتظار نتيجة الاستفتاء الذي نظمه تسيبراس للشعب اليوناني حول سؤال: هل تقبلون أم لا خطة الإنقاذ الجديدة التي تستلزم إجراءات تقشفية صارمة؟ وعلى الرغم من أن الغموض كان يلف نتيجة الاستفتاء حتى اللحظات الأخيرة، بسبب التصريحات المخيفة والمحذرة من قبل المعارضة وقيادات الاتحاد الأوروبي من التصويت بـ(لا)، إلا أن النتيجة فاجأت الجميع وأظهرت أن الشعب اليونان يأبى الإذلال والخضوع للابتزاز، كما تقول وسائل الإعلام المحلية، وصوت بـ«لا». يقول عدد من المواطنين والمراقبين اليونانيين لـ«الشرق الأوسط» إن بلادهم تتقدم للأمام فقط بكلمة أوشي أي لا.. وهذا يشهد له التاريخ، حيث تحتفل اليونان سنويا بعيد أوشي أي عيد (لا) الذي يعود إلى ذكرى في الثامن والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1940، 40 عندما توجه القنصل الإيطالي لدى أثينا حينذاك إلى رئيس الوزراء اليوناني يوأنيس ميتاكساس مقدما له طلب رئيس بلاده بنيتو موسوليني بتسليم اليونان للقوات الإيطالية وتجنب الحرب والقتال. فرفض رئيس الوزراء اليوناني الطلب وقال «أوشي» ومعناها «لا»، أي لا للاستسلام ولا للاستعمار، ومنذ ذلك الحين أطلقت هذه الكلمة على هذا اليوم، وصار عيدا وطنيا يحتفل به شعب اليونان سنويا. وجاء الاستفتاء الذي دعا إليه تسيبراس ليقول الشعب اليوناني مرة أخرى «لا».. غير مكترث بعواقب هذه الكلمة، والتي يقولوها بكل «فخر واعتزاز» في وجه أي معتد عليهم. حيث يرى الشعب اليوناني أن الدائنين هم معتدون على سيادة وكرامة الشعب. إذن التصويت بـ«لا» هو الفائز في الاستفتاء، ومعناها رفض اتفاق الدائنين والذي يعتمد على إجراءات تقشفية قاسية على الشعب اليوناني. وبعد فرز جميع الأصوات جاءت النتيجة أن الذين صوتوا بـ«لا» 61.3 في المائة مقابل 38.7 في المائة صوتوا بنعم، وكانت نسبة المشاركة 62.5 في المائة. وفي أول تحرك داخلي بعد الاستفتاء، جاء اجتماع استمر أكثر من 6 ساعات بناء على طلب من رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس، مع رئيس الجمهورية بروكوبيوس بافلوبولوس ورؤساء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان اليوناني، وقام تسيبراس بسرد المبادرات التي تعتزم الحكومة تقديمها للدائنين. وبعد نقاش طويل تم التوصل إلى توقيع اتفاق بمثابة تشكيل جبهة وطنية تعطي تسيبراس قوة للتفاوض مع المقرضين. تضمنت الوثيقة التي تم التوقيع عليها أن الهدف هو السعي إلى حل يضمن، تغطية الاحتياجات المالية للبلاد، وتنفيذ الإصلاحات الموثوق فيها، على أساس التوزيع العادل للأعباء وتعزيز التنمية، ومعالجة الآثار الانكماشية المحتملة والالتزام لبدء مناقشة موضوعية بشأن التعامل مع مشكلة إعادة هيكلة الديون. وهكذا أصبح ألكسيس تسبيراس رئيس الوزراء اليوناني، أصبح مجددا حديث الساعة، على الساحتين الدولية والمحلية، وإن كان تسيبراس حديث وسائل الإعلام المحلية في اليونان منذ صغره وخلال دراسته الجامعية، حيث يتمتع منذ صغره بروح سياسية وثورية، فكان عضوا في الحزب الشيوعي للشباب قبل أن يتجاوز السابعة عشرة من عمره، كما قاد اعتصامات الطلاب التي كانت في بداية التسعينات، والتي كان الهدف منها الاعتراض على نظام التعليم والمطالبة بإدخال إصلاحات، وحينما طالب وزير التعليم آنذاك وفدا منهم من أجل التفاوض حول مطالبهم من أجل تطوير النظام التعليمي، كان تسيبراس على رأس الوفد وتفاوض بشكل مذهل وكأنه رجل محنك سياسيا، وشهد تسبيراس أول نجاح سياسي له عندما استجاب الوزير وقتها لعدد من مطالبه. وشارك تسيبراس في عدد من التنظيمات السياسية الطلابية في اليونان ذات الأفكار اليسارية، كما كان نائب رئيس اتحاد الطلبة بالجامعة، وبعد تخرجه عام 2000 ابتعد عن العمل السياسي لعدة سنوات من أجل الحصول على عدد من الشهادات العليا في مجال البناء والتخطيط العمراني، وشارك في بناء الكثير من الشركات والمؤسسات والمباني بأثينا. وفي عام 2006 لم يستطع تسبيراس الابتعاد عن السياسة أكثر من ذلك حيث رشح نفسه للانتخابات البلدية بأثينا من خلال عضويته بحزب ائتلاف اليسار الراديكالي سيريزا، وحقق فوزا ساحقا، وقد كان من المتوقع أن يرشح نفسه في الانتخابات البرلمانية لعام 2007 إلا أنه فضل إثبات نجاحه وقدرته على القيادة من خلال الحزب وعضويته بالمجلس المحلي. وبعد نحو خمس سنوات من عنفوان ألكسيس تسيبراس في صفوف المعارضة اليونانية، وبعد مغازلاته المتنوعة للناخبين، الذين عانوا طويلا من تدابير التقشف المفروضة على البلاد بضغوط من الدائنين، واستمرار خفض المرتبات والمعاشات وتسريح الموظفين والعمال وزيادة الضرائب.. كل هذا ساعده في يناير (كانون الثاني) الماضي على أن يحقق فوزا تاريخيا على غريمه إندونيس ساماراس الذي قاد حكومة ائتلافية عمرها عامان ونصف فقط. وقطع ألكسيس تسيبراس، رئيس حزب سيريزا المناهض للتقشف الفائز في الانتخابات التشريعية اليونانية، شوطا كبيرا منذ أيام شبابه الشيوعية، لكنه لا يزال يزدري ربطات العنق ويكن حنينا لتشي غيفارا، وبالإجابة على سؤال لأحد الصحافيين المقربين له بارتداء رابطة عنق بعد فوزه، قال تسيبراس: بشرط واحد فقط.. إلغاء ديون اليونان». وأصبح تسيبراس البالغ من العمر 40 عاما أصغر رئيس وزراء لليونان منذ 150 عاما، ويشكل أمل اليسار الأوروبي المناهض لليبرالية، ولم يكن هناك أي شك لدى تسيبراس في النصر سواء في الانتخابات العامة في يناير الماضي أو في الاستفتاء الذي دعا إليه وطلب الشعب بالتصويت بـ«لا»، ورغم أنه غير منحدر من عائلة سياسية على عكس شخصيات يونانية كثيرة، فقد استهواه النشاط السياسي في مرحلة مبكرة. وقد اكتشفته اليونان ممثلا لحركة تلاميذ في برنامج تلفزيوني عام 1990، مؤكدا بحزم رغم أعوامه الـ17 «نريد الحق في اختيار متى ندخل الحصة»، وأطلق الرجل الذي يحتفظ بملامح شابة، اسم اروفيوس على أحد أبنائه تعبيرا عن إعجابه بتشي غيفارا، وهو أب لولدين، كما أنه يقيم مع شريكته بالمساكنة، في بلد محافظ من حيث التقاليد الاجتماعية. ولد ألكسيس تسيبراس في أثينا يوم 28 يوليو (تموز) 1974 وتخرج في المدرسة الثانوية في امبيلوكوبي بالقرب من وسط أثينا، وشارك في الاحتجاجات الطلابية عام 1990 و1991 وانضم لليسار وحصل على الدراسات العليا في التخطيط المدني والإقليمي (هندسة معمارية) وتولى تسيبراس رئاسة الحزب في فبراير (شباط) عام 2008 حيث حصل على نسبة 70 في المائة من الأصوات مقابل منافسة فوتيس كوفيليس (زعيم حزب اليسار الديمقراطي) حاليا. وتأسس حزب تحالف اليسار الراديكالي (سيريزا) (SYRIZA) الذي يترأسه ألكسيس تسيبراس عام 2004، وللحزب حاليا 149 مقعدا في البرلمان اليوناني من إجمالي 300، ويسيطر على نصف أقاليم اليونان تقريبا ويتكون الحزب من مجموعة من التحالفات والمنظمات ذوي الاتجاه اليساري. ويحاول الحزب معالجة عدد من القضايا التي شغلت المجتمع اليوناني مثل الديون السيادية - والأزمة التي تسببت في تجويع وفقر اليونانيين - والقضية القبرصية - والناتو – واسم يوغسلافيا السابقة – والخصخصة – والحقوق الاقتصادية والاجتماعية وكحركة يونانية مناهضة لليبرالية في العالم، وأيدلوجية هذا الحزب الاشتراكية الديمقراطية والايكولوجيا الاشتراكية ومناهضة الرأسمالية. يذكر أن اندلاع أزمة الديون في 2010 وسنوات التدهور الاقتصادي التي رافقتها، أدى إلى إعلاء صوت اليسار المتشدد وزعيمه الذي ندد بالأزمة الإنسانية الناجمة عن إجراءات التقشف القاسية التي فرضها الدائنون، أي البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية. وفي غضون ثلاث سنوات تضاعفت حصيلة سيريزا الانتخابية خمسة أضعاف، ففي انتخابات 2012 التشريعية حل ثانيا خلف «الديمقراطية الجديدة» برئاسة إندونيس ساماراس، وتصدر الانتخابات البرلمانية الأوروبية في الربيع الماضي، ومنذ هذه الانتخابات بدا تسيبراس يصقل صورته دوليا، وبعد تحسن كبير في إتقانه اللغة الإنجليزية كما كثف رحلاته إلى الخارج. وأعلن تسيبراس خلال خطاب الفوز في الانتخابات العامة أن «الشعب اليوناني سطر التاريخ» وهو «يترك التقشف وراءه»، معلنا أن الفوز هو إشارة مهمة لأوروبا التي تتغير، وأن الفوز هو أن الشعب اليوناني يريد نهاية الترويكا أي ممثلي الدائنين. وبعد أكثر من 6 سنوات تذوق خلالها اليونانيون مرارة التقشف وخفض الرواتب وزيادة الضرائب، لم يجدوا سبيلا سوى تسبيراس وحزبه، الذي طالما هاجم خطط التقشف التي لجأت لها الحكومات السابقة من أجل تصحيح الوضع المالي، وإعلانه مرارا وتكرارا من خلال خطاباته الرنانة وظهوره في وسائل الإعلام مدى تعاطفه مع المواطن اليوناني الذي أرهقته خطط التقشف، كما أن انتقاده الدائم لارتفاع نسبة البطالة بين المواطنين بصفة عامة وبين الشباب بصفة خاصة، والتي جعلت عددا كبيرا منهم يلوذ بالفرار خارج البلاد، ومطالباته في البرلمان بزيادة المرتبات ورفع معاشات التقاعد، جعل اليونانيين يشعرون بأن تسبيراس هو الوحيد الذي يشعر بمأساتهم. وقد جاء تصويت الشعب اليوناني بـ«لا» في الاستفتاء بخصوص اتفاق الدائنين، ليبدأ يوما جديدا في اليونان تسعى فيه الحكومة وتسيبراس نفسه للتوصل إلى اتفاق مع المقرضين والشركاء في أوروبا، وينتظر الجميع حاليا افتتاح المصارف وإعادة الحياة إلى طبيعتها، وأن تتولى الحكومة المفاوضات الصعبة مع الشركاء الأوروبيين. وشدد ألكسيس تسيبراس على أن فوز «لا» في الاستفتاء لا يعني قطيعة مع أوروبا بل يعني تعزيزا لقدرتنا على التفاوض مع الدائنين، مؤكدا على أن حكومته مستعدة لاستئناف التفاوض على خطة إصلاحات ذات مصداقية ومنصفة اجتماعيًا، وأن هذه المرة سوف توضع مسألة الدين على مائدة المفاوضات. كما أطلق تسيبراس نداء للوحدة الوطنية قائلاً إنه بصرف النظر عن كيف صوتنا، نحن شعب واحد، داعيًا اليونانيين إلى مواصلة الجهد الوطني للتوصل إلى اتفاق. واعتبر أن الناخبين اليونانيين عبروا عن اختيارهم «أوروبا التضامن والديمقراطية». وتشهد اليونان حاليا أحداثا متتالية ومهمة على إثر نتائج الاستفتاء، منها استقالة وزير المالية يانيس فاروفاكيس حيث تسعى الحكومة وفقا للمصادر إلى تلبية مطالب الشركاء في أوروبا، وأيضا استقالة زعيم المعارضة رئيس حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ إندونيس ساماراس رئيس الوزراء الأسبق والذي فشل في حشد مواليه للتصويت بـ«نعم» في الاستفتاء. وفي الوقت الذي يرفض فيه الشعب اليوناني اتفاق الدائنين الذي يحتوي على الكثير من التدبير التقشفية الجديدة والقاسية، يهيمن التفاؤل الحذر على الشارع اليوناني.. حيث السعي للتوصل إلى اتفاق يرضي الجانبين، وإبقاء اليونان داخل حزام اليورو، باتفاق جديد يسهم في تنمية البلاد وإعادة تمويل البنوك وخفض الديون ومعالجة الكارثة الإنسانية التي تسببت فيها السياسيات التقشفية وسياسة التجويع والفقر التي ما زالت تصر عليها أوروبا والمؤسسات الدائنة تجاه اليونان.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/401646/جوزيف-سميث-والمذهب-الجديد
2015-07-21 03:02:39
جوزيف سميث والمذهب الجديد
محمد عبد الستار البدري
أذكر جيدًا أنني دُعيت منذ سنوات ضمن مجموعة من الأكاديميين والساسة والدبلوماسيين وممثلي الديانات السماوية الثلاث إلى مؤتمر حول الأسرة والحفاظ على قيم الأسرة في عصر العولمة بجامعة «بريغهام يونغ» بولاية «يوتاه» الأميركية، وكانت بالنسبة لي رحلة عبر التاريخ والتراث الديني لم أكن أتوقعها. فمنذ أن ركبت الطائرة متوجهًا إلى مدينة «سالت ليك سيتي»، فقد استمعت إلى سلسلة من التعليقات من قبل رجل وزوجته حول المذهب «المورموني» في هذه المدينة الأخيرة وكيف أنهم مختلفون تمامًا عن باقي المسيحيين في الولايات المتحدة وبقيت مستمعًا إلى أن وصلت لمقصدي، حيث كان منظمو المؤتمر في انتظاري فذهبنا إلى موقع جامعة «بريغهام يونغ» بالسيارة. فاندهشت كثيرًا عندما علمت أن سائق السيارة كان يعمل مدير أمن الجامعة ولكنه يساعد في جهود المؤتمر بالعمل سائقًا بلا أي خجل أو تعالٍ، وفي اليوم التالي وعقب الإفطار توجهنا إلى مقر المؤتمر وعندما سُئلت عما يمكن أن يقدموه لي من مشروب طلبت قدحًا من القهوة أو الشاي، فإذا بالمضيفين ينظرون لي نظرة غريبة للغاية وقالت لي أحدهما «أنت مسلم لا تشرب الخمر، ونحن من المورمون مُحرم علينا الشاي والقهوة لمضارهما بالجسم». فشعرت بحرج شديد لعدم معرفتي بخلفية هذا المذهب، ولم يمضِ وقت طويل حتى سألت أحد المشاركين عن خلفية المذهب «المورموني» وما إذا كان جزءًا من الكنائس المعروفة، فكان الرد واضحًا وصريحًا.. فهم فئة منشقة تمامًا عن أي مذهب مسيحي وكل الكنائس لا تعترف بهم، وعند هذا الحد بدأت رحلة دامت قرابة ثلاثة أسابيع أقرأ فيها عن هذا المذهب المحافظ والذي ترفضه أغلبية المذاهب الأخرى. لقد أسس هذا المذهب «جوزيف سميث» في مطلع القرن التاسع عشر في ولاية نيويورك الأميركية، حيث تشير كتب هذا المذهب إلى أنه تلقي الوحي من ملاك يدعى «مورموني» والذي أوحي إليه بمكان وجود ألواح ذهبية بها الكتاب المقدس الذي يروي قصة جماعة من قبائل القدس والتي نجاها الله قبيل الأسر البابلي في نهاية القرن السادس قبل الميلاد وذهب بهم إلى أميركا والتي كانت تُلقب بأرض الميعاد بالنسبة لهم، ويشير الكتاب إلى مجموعة من القبائل وحياتهم في وسط أميركا، وهو المكان الذي حددته الأبحاث الحديثة بمنطقة وسط أميركا بين المكسيك وغواتيمالا، ويشير الكتاب إلى أن السيد المسيح قد زار هذه القبائل خلال الفترة بين صلبه وفقًا للمعتقد المسيحي وقبيل بعثه مرة أخرى للصعود إلى السماء، وفي هذه الأيام نقل إليهم تعاليمه. وتروي المصادر المورمونية أن «جوزيف سميث» بمجرد أن كشف عن هذه الألواح أتته القدرة على ترجمتها من اللغة المصرية القديمة التي كانت مكتوبة بها، وقام بقراءة الترجمة على حوارييه والذين دونوها، وبالفعل صدر الكتاب متكاملاً في عام 1829 وبدأ يغزو الأسواق الأميركية بعدها، وعلى الرغم من الاتساع النسبي لدائرة التابعين لجوزيف سميث في الولايات المتحدة، إلا أن الغالبية العظمى وجدت في كتابه وسيلة لاستفزاز مشاعرها الدينية المستقرة، ورفضوا قبول هذه الفكرة، وخاصة أن هذا المذهب كان يسمح بتعدد الزوجات وعدد من العادات الأخرى التي كانت غريبة عليهم، وهو ما استدعى محاربة الرجل ومذهبه ومتبعيه. وعندما اشتد الحال بهم، بدأ جوزيف سميث يفكر في الخروج من نيويورك والتوجه إلى الغرب بعدما بدأت تلاحقه القضايا والتحقيقات، وبالفعل بدأ يتحرك، ولكن ليس قبل أن يؤسس لمذهبه الجديد البناء الاقتصادي من خلال مجموعة من الشركات ومصرف لتمويل نشاطه، ولكن رحلته إلى الغرب لم تكن سهلة أبدًا وسط رفض المجتمعات لما مثله من انشقاق للمفاهيم المسيحية الراسخة، وهو ما أدى إلى ملاحقته باستمرار بالقضايا، وسجنه عدة مرات وفي إحدى هذه المرات خرجت الجموع إلى سجنه وقامت بقتله. على الرغم من موت جوزيف سميث مؤسس المذهب المورموني، فإن مذهبه ظل حيًا من خلال أتباعه، فبعد موته حدث خلاف بين قيادات الكنيسة، فآلت القيادة إلى شخصية أخرى عرفت بالحزم والقوة وهو «بريغهام يونغ» والذي عمل في سلك التبشير في كندا ودول أخرى لجذب الأتباع لهذا المذهب الجديد، والزائر لمدينة سولت ليك سيتي سيجد تمثالاً كبيرًا لهذا الرجل وهو يبسط يديه أمامه في إشارة إلى أن هذه المدينة ستكون أرض الميعاد لهذه الطائفة الجديدة، وقد قاد هذا الرجل وفقًا لـ«المورمون» المؤمنين إلى أرض الميعاد في هذه المدينة الجديدة بعيدًا عن الاضطهاد والملاحقات المختلفة، وبالقرب من هذه المدينة شيدت جامعة حملت نفس اسم هذا الرجل، وقد كان «يونج» قوى العزيمة، حيث استطاع خلال قيادته لهذا الطائفة أن يحصل على تفويض من الرئيس الأميركي بإدارة ولاية «يوتاه» نيابة عنه ممسكًا بذلك بالشرعية الدينية وفقًا لأتباعه والشرعية السياسية وفقًا للدستور الأميركي، وقد تميز هذا الرجل بتحويل مدينة «يوتاه» إلى قوة اقتصادية وعلمية وفكرية جديدة، فكانت له قدراته التنظيمية المتميزة، وفي مجال المذهب المورموني، مثل الرجل قوة دفع كبيرة أنقذ بها هذا المذهب من التشرذم والتفتت واستطاع حشد القوة اللازمة لكنيسته، وهو بذلك المؤسس السياسي أو التنظيمي لهذا المذهب وفقًا لتاريخه، وحتى بعد موته في عام 1877 ظل المذهب المورموني محافظًا على قوته من خلال كنيسته وقياداتها المتتالية والتي يرى الكثيرون أنها كانت قيادة دينية إلى جانب كونها سياسية واجتماعية الطابع، ويقدر أصحاب هذا المذهب اليوم بقرابة خمسة عشر مليونًا. وأذكر خلال مشاركتي في المؤتمر المشار إليه عليه أنني تحدثت مع كثير منهم للتعرف عن كثب عن طريقة حياتهم، خاصة ما أشيع حول تعدد الزوجات والإنجاب الكثير، فأوضحت المناقشات أن تعدد الزواج كان مسموحًا به، ولكنه حُرم وفقًا لقائد الكنيسة عام 1890، حيث رؤي ضرورة الاكتفاء بزوجة واحدة، ولكن على الرغم من ذلك فإن هناك مذاهب منشقة لا تزال تؤمن به وتجهر به في الولايات المتحدة على الرغم من معارضة ذلك للقانون، وهنا يكتفون بالزواج الأول بصيغته الرسمية وبالزيجات الأخرى بأشكال أخرى. كذلك فقد نظمت الكنيسة نفسها بشكل متميز للغاية لضمان بقاء المذهب بشكل عملي، فهي تتميز عن سائر الكنائس بعدد من المعايير والممارسات، أولها الاسم فهي في الولايات المتحدة والعالم معروفة باسم «كنيسة القديسين الأخرى» (Church of Latter Day Saints) لفصلها عن باقي الكنائس، وتنظيمها الداخلي مبني على أسس تصاعدية، ولا يسمح بدخول غير معتنقي المذهب بمجرد ترسيم الكنيسة. وتفرض الكنيسة على أتباعها التبرع بُعشر دخلهم السنوي، وهي بالتالي كنيسة ميسورة الحال مقارنة ببعض الكنائس الأخرى في الولايات المتحدة، ويضاف إلى ذلك أن لديها نوعًا من التجنيد التبشيري، حيث يفرض على الشباب في سن معينة التطوع للتبشير بالكنيسة في مناطق مختلفة من العالم، فضلاً عن كونها من أوائل المتقدمين بالمساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة في العالم حتى ولو بمساهمات ضئيلة. ومع ذلك فإن هذه الكنيسة التي أسسها جوزيف سميث وعلى الرغم من انتشارها بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة فإنها تمثل طائفة كثيرًا ما يحذر الأميركيون منها نظرًا لاختلاف معتقداتها، وكثيرًا ما أثرت في بعض السياسات الأميركية حتى على الرغم من أن أعداد هذه الطائفة تقدر عالميًا بقرابة خمسة عشر مليونًا.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/401641/الأسد-يلوذ-بـ«سوريا-المفيدة»
2015-07-21 03:02:40
الأسد يلوذ بـ«سوريا المفيدة»
بيروت: نذير رضا
ترسم التطورات الميدانية في سوريا خريطة جديدة للبلاد، يفرضها «الأمر الواقع». نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ينكفئ إلى عمق البلاد، وتتمدد قوات المعارضة ومتشددون على الأطراف. تستعيد الوقائع الميدانية تجربتين اختُبرتا قبل مائة عام؛ هما: «سوريا المفيدة» التي حاولت تنفيذها سلطات الانتداب الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى، وفشلت فيها، إضافة إلى «حماية الأقليات» التي كانت سبب ضرب بريطانيا وفرنسا قواعد الجيش العثماني قبيل الحرب العالمية الأولى، ومهدّت بعدها لاتفاقية «سايكس - بيكو» لترسيم الحدود الحديثة للمنطقة عام 1916. تكاد تنتهي اليوم مفاعيل اتفاقية «سايكس - بيكو» في سوريا بعد قرن على توقيعها، بل تتغيّر معالمها بالدم والنار؛ فالحدود على العراق، فتحها تنظيم «داعش»، فيما تقف الجغرافيا السورية في رمال متحركة: ينحسر نفوذ النظام على المناطق الحدودية، باستثناء لبنان، وتتبادل أطراف النزاع السيطرة على المناطق، وتتمدد في محيطها. أما النظام السوري، فيبدو أنه يلوذ مجددًا بـ«سوريا المفيدة» الممتدة من العاصمة دمشق إلى وسطها شمالاً، ثم نزولاً إلى البحر المتوسط في الغرب. وهي المنطقة الأكثر كثافة ديموغرافية، والأكثر حيوية، فيما يخلي المناطق الصحراوية والزراعية، مما يسمح لتنظيمات متشددة بأن «تتمدد في الخواء». لم تستقر الجغرافيا السورية، بعد أربع سنوات على الأزمة، على خريطة واحدة. تشير الوقائع الميدانية إلى اختيار نظام الأسد عمق البلاد ومعقله في الساحل، ملاذًا، ويعده البعض خط الدفاع الأخير للنظام السوري. ويعيد خبراء في الشأن السوري تلك التطورات الميدانية إلى لجوئه لـ«سوريا المفيدة». غير أن قياديين في المعارضة المسلحة، لا يرون الأمر قد تحقق بعد؛ إذ «يحتاج هذا الخيار إلى وقت إضافي ليتبلور»، مستندين إلى «استشراس النظام بالدفاع عن مدينة درعا (جنوب البلاد)، ومدينة الحسكة (شمال شرقي البلاد) ومدينة حلب (شمالها)، وحشد النظام قوات إضافية على حدود اللاذقية الشرقية مع إدلب وحماه، مما يتيح له توقيف التمدد المعارض إلى الساحل». ويرى قيادي معارض، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام «يقاتل للحفاظ على المدن والتخلي عن الأرياف في الشمال والشرق والجنوب»، وهي استراتيجية اتبعها منذ عام 2013، وانكسرت في مارس (آذار) الماضي، حيث سيطرت قوات المعارضة على مدينتي إدلب وجسر الشغور، وهددت مدينة درعا. ويشير سلوك النظام العسكري، إلى توسعة مفهوم «سوريا المفيدة» التي تمتد على ربع المساحة الجغرافية السورية، ويسكنها أكثر من ثلث السوريين، عما كانت عليه إبان حقبة الانتداب الفرنسي. فقد طبق الفرنسيون آنذاك خطة أمنية خلال الثورة التي قادها الزعيم الدرزي سلطان باشا الأطرش في العشرينات من القرن الماضي، قضت بتقسيم سوريا إلى ثلاث مناطق؛ الأولى تخضع لسيطرة القوات الفرنسية، والثانية يسيطر عليها المقاتلون السوريون المناهضون لفرنسا، والثالثة منطقة اشتباك ويتقاسم فيها الطرفان السيطرة. أما المنطقة الخاضعة لسيطرة القوات الفرنسية، فتشمل دمشق وحمص وطرطوس المحاذية لساحل البحر المتوسط، وتربطها خطوط اتصال، وترفع عليها القوات الفرنسية أعلامها. أما اليوم، فإن خطة النظام يبدو أنها تشمل السيطرة على سائر المدن، بما فيها مدن الأطراف، رغم أن مفهوم التقسيم لم يتبلور حتى الآن، كما يقول مراقبون. ويرى سفير لبنان السابق في واشنطن عبد الله بوحبيب، أنه «في الوقت الحاضر، لا أحد يفكر بالتقسيم»، مشيرًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «النظام والمعارضة يريدان كامل الأراضي السورية». ويضيف: «التقسيم يعني الفرز على الأرض، رغم أن هناك فرزًا مذهبيًا قائمًا بحكم الأمر الواقع، لكن النظام يبدو أنه متمسك بخط درعا حلب، والمناطق الواقعة غرب هذا الخط، نظرًا إلى أنه يعتبر أن المساحة ليست لصالحه في هذا الوقت»، في إشارة إلى الإنهاك العسكري الذي يترتب على القتال في مناطق متباعدة وواسعة. ولا يرى بوحبيب أن التقسيم سيعود بالنفع على الدولة السورية، موضحا: «لا تمتلك الدولة الدرزية أو الدولة العلوية مقومات النجاح». ورغم أنه لا ينفي قوة النظام في «مناطق وجود الأقليات» أي «في المناطق العلوية والمسيحية» فإن ذلك، من وجهة نظره، «لا يعني تفكير النظام حتى هذا الوقت بالتقسيم». ويضيف: «إذا سيطر النظام على المنطقة الواقعة غرب خط درعا - حلب، فستكون المناطق الشرقية بلا معنى، لأنها ستتبع تلقائيًا العراق والأردن، فيما يعاني النظام من مشكلة ديموغرافية في مناطقه، بسبب التدفق الكبير للنازحين من مختلف الأطياف». ويشير بوحبيب إلى أن «الخريطة الميدانية اليوم، متحركة، مما يصعّب التكهن بنتائج القتال»، لافتًا إلى أن «السوريين لا يفكرون الآن بتسوية، لا تقسيم، ولا كيان واحد، ولا فيدرالية، لأن الطرفين يسعيان لتحقيق فوز ميداني». ويعرب عن اعتقاده أن «السيناريو الممكن في هذا الوقت، هو رسم خطوط تماس تنشئ حدودًا مؤقتة، على غرار بيروت في الحرب الأهلية اللبنانية، أما في مرحلة لاحقة، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا، هو التفكير بالفيدرالية على الطريقة العراقية، إذا لم يغلب أي من الطرفين الآخر». ويكثر الحديث عن «سوريا المفيدة» منذ هجمات قوات المعارضة للسيطرة على مدينة درعا، بالتزامن مع هجمات «داعش» للسيطرة على مدينة الحسكة. وجاءت تلك الهجمات عقب تقدم استراتيجي حققته قوات المعارضة السورية، تمثل في السيطرة على مدينة إدلب، والقواعد العسكرية في محيطها، إضافة إلى مدينة جسر الشغور، فيما سيطر تنظيم «داعش» على مدينة تدمر في الريف الشرقي لمحافظة حمص في شرق البلاد. وبعد مرور أربع سنوات على بدء الأزمة في سوريا، لم يعد بوسع الأسد الدفاع عن البلاد بكاملها أو أن يأمل في استعادة الأراضي التي فقدها، مما يؤدي إلى أن قواته تتقهقر وتعزز معاقلها الرئيسية بدءا من العاصمة دمشق إلى الشريط الساحلي في شمال غربي سوريا. ويقول رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «سوريا في مرحلة تقسيم غير معلن»، موضحًا في تصريحات نقلتها وكالة «رويترز» أن «هناك نقاط اشتباك كثيرة. النظام الآن يحاول أن يخفف انتشاره في مناطق الاشتباكات الكثيرة حتى يركز قوته بمناطق محدودة لها أهمية استراتيجية»، ويضيف: «السلطات تحاول تحصين المنطقة الساحلية من خلال تشكيل (لواء درع الساحل) ومهمته الدفاع عن القرى ذات الأغلبية العلوية». وفي الشمال الشرقي، استطاع المقاتلون الأكراد السوريون السيطرة على مساحة من الأرض تمتد لمسافة طويلة انتزعوها من أيدي تنظيم «داعش» قرب الحدود التركية فسيطروا على كوباني أولاً، ثم تل أبيض هذا الشهر ليقطعوا خطوط الإمداد من تركيا إلى الرقة، العاصمة الفعلية للتنظيم. ودفع التقدم الكردي على الحدود السورية - التركية، مدعومًا بغطاء جوي أميركي، مراقبين لتوقع استعدادات أكراد سوريا لإعلان كيانهم الذاتي، والانفصال عن سوريا، وتأسيس دولتهم. غير أن تلك التوقعات، ينفيها المسؤولون الأكراد. ويؤكد مدير المركز الكردي للدراسات في ألمانيا، نواف خليل، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «ليس هناك تصريح أو تلميح من جانب أي مسؤول كردي عن الاستقلال أو الانقسام»، متهمًا تركيا «بالترويج لتلك الكذبة بهدف إخافة السوريين، وخشية أنقرة من انهيار (الخلافة الداعشية)» التي يتهم الأكراد أنقرة بدعمها. ويقول خليل القيادي في حزب «الاتحاد الديمقراطي» الناشط في شمال سوريا، والمقرب من «حزب العمال الكردستاني» المناهض لتركيا، إن أنقرة «عملت على تشتيت الأنظار إعلاميا عن الانتصارات التي حققها مقاتلو (وحدات حماية الشعب) الكردي و(وحدات حماية المرأة) إلى جانب مقاتلين في الجيش السوري الحر، وتمثلت في تحرير مناطق تناهز مساحتها 6500 كيلومتر مربع»، موضحا: «بما أن هذه المساحة تعادل ضعف مساحة قبرص التركية، زاد قلق تركيا». ويتابع: «تركيا تخشى من استعادة القرار السوري، تخشى انضمام قوى أخرى من الجيش الحر إلى الجبهة ضد (داعش)، فيتشكل جسم سياسي آخر، لا يتوافق مع الجسم السياسي السوري المعارض الذي تدعمه أنقرة». ويشرح خليل أن «هناك برنامجا سياسيا وإدارة ذاتية في منطقة الجزيرة السورية، يشارك فيها العرب والكرد، وتعتبر مثالاً للتعايش بين القوميات والطوائف»، في إشارة إلى الأكراد والآشوريين والسريان والعشائر العربية. ويقول: «ما حققناه هو نصر لكل السوريين ضد النظام و(داعش)، ولا نبحث عن دولة خاصة، فبرامج الأحزاب الكردية تثبت ذلك، لكن إذا كان من قرار دولي بالتقسيم، فلا يستطيع الأكراد منعه». وإذ يشدد على أن سوريا يجب أن تكون دولة لا تلتزم بأي هوية عرقية ودينية في دستورها وقوانينها الناظمة للحياة العامة، يؤكد خليل أن «الأكراد يسعون إلى دولة ديمقراطية وعلمانية واتحادية وفيدرالية في سوريا، يعترف فيها بالوجود الكردي»، موضحًا أنهم يسعون للاحتفاظ بتجربة الإدارة الذاتية المشتركة بين العرب والأكراد في منطقة الجزيرة القائمة اليوم التي يتشارك فيها ممثلون عن الأقليات والأعراق والطوائف. ويقول: «نحن نسعى لفيدرالية على الطريقة الألمانية، تكون فيها سوريا دولة اتحادية، تطبق مشروع اللامركزية». ويشدد على أن «سوريا المستقبل، سيتم التوافق فيها بين مختلف فصائلها، ونوقع عقدًا اجتماعيًا جديدًا، وهو المشروع الذي يتدخل فيه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بعنف، لمنعه، فيما نحن نعمل لإيجاد شركاء حقيقيين لنا في سوريا لتطبيق هذا المشروع». في هذا الوقت، يرجح متابعون أن تقسيم سوريا يمكن أن يتوقف على المنافسة بين دول إقليمية نافذة، وهو ما قد يعني أن الحرب قد تستمر لسنوات. ويقول فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد، إن «سوريا القديمة.. الدولة القومية والدولة نفسها لم يعد لها وجود. ما لدينا الآن هو اقتتال وعشائر متنافسة وكيانات غير تابعة للدولة وقادة فصائل». ويضيف جرجس، الخبير في الشأن السوري، لوكالة «رويترز»: «سيكون من الصعب للغاية إعادة سوريا لتكون دولة واحدة. انفصمت عرى النسيج الاجتماعي والصلات القوية التي تحافظ على تماسكه»، معتبرا أن «حكم الأسد قضية تتصل بطريقة أو بأخرى بالهوية. نعم هناك كثير من السنة والمسيحيين الذين يعيشون هناك، لكنهم يعتبرون أنفسهم جزءا من هذه الهوية.. السنة والمسيحيون من الطبقة المتوسطة والعليا». ولا تخفي المعارضة السورية إخفاقها في الدعوة لحوار واضح وتبني مشروع جدي لمناقشة المسائل بين الأقليات. وتعرب شخصيات منها عن مخاوفها من أن يتحول المشروع الوطني السوري إلى مشروع حلم مثل الوحدة العربية. ويفنّد عضو الائتلاف الوطني السوري والرئيس السابق للمجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا، الإخفاقات التي أحاطت بهذه المسألة، منذ قيام أول جسم سياسي معارض. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ البداية، تنبّهنا إلى مسألة التقسيم، لأن سوريا بلد متعدد، والنظام سيستخدم ورقة العلويين والمسيحيين والكرد، إضافة إلى الدروز. لذلك ناقشنا القضية في المجلس الوطني، كي لا تتحول الثورة إلى طائفية، في وقت كان فيه النظام يدفع إلى ذلك الاتجاه». وأضاف: «للأسف، قراءاتنا كانت خاطئة بالنسبة للثورة. أنا أعترف بخطأ في التقديرات. كنا فرحين بإنجازات الثورات العربية، وناقشنا المسائل الاستراتيجية. وقلنا إن المفروض أن نركز على الملفات الأخرى، فقلنا إنه علينا أن نطرح مشروعا وطنيا يقوم على 3 ركائز: الأولى تتمثل في طمأنة الجميع بعقود واضحة ومكتوبة لإزالة الهواجس، والثانية تتمثل في تعزيز الثقة بممارسات فعلية على الأرض، والثالثة ضرورة الاتفاق على آلية لحل الخلافات بين مكونات الشعب السوري». ويشير سيدا إلى أنه طرح الركائز الثلاث مع وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك هيلاري كلينتون بحضور رئيس المجلس الوطني الأسبق برهان غليون، أثناء أول اجتماع تعارفي بين الطرفين. ويضيف: «كانت تستمع.. ولم تعط وجهة نظرها، رغم أن التصريحات التي صدرت عن واشنطن بعد ذلك اللقاء، كانت تشدد على أن سوريا للجميع». ويشير إلى أن «المشكلة تكمن في أننا لم ندخل بحوارات مع العلويين. كانت لدينا مفاتيح وحاولنا، لكننا لم نستطع تحقيق إنجاز مثل الذي حققناه مع المكون السوري الكردي». ويلفت إلى «أننا وصلنا اليوم إلى حالة أن العلوي لا يثق بالجانب الآخر»، مشيرًا إلى أن «عدم رضا العلويين عن الأسد، لا يعني تأييد المعارضة، بل يبحثون عن مخرج بين الاثنين، وهو العزلة». نتيجة ذلك، يقول سيدا إن سوريا ذهبت باتجاه تقسيم غير معلن، «يشبه انقسام بيروت في الحرب»، موضحًا: «خطوط التماس قائمة فعلاً. يعتبر الفاعلون ذلك حلاً ظرفيًا ويجب أن ننتظر، لكن الواضح أن كيانات ومقاطعات تتشكل، ومع الوقت ستظهر شرائح وفئات تستثمر الواقع، ونتخوف من أن تعتاد الناس هذه المسألة، وتستعد نفسيًا لها». وينفي سيدا أن يكون «التقسيم» قد طرح على قيادات المعارضة في اجتماعاتها مع ممثلين للمجتمع الدولي. ويؤكد أنه «رغم ذلك، فإن سلبية المجتمع الدولي في التعاطي مع تلك المسائل الدقيقة، أوصلتنا إلى هذه النهاية». ويكشف أنه «حين كنا نسأل عن نية لتقسيم سوريا، كان الجميع ينفي. لكن تطور الأحداث، ومسار علاقة المجتمع الدولي بالنظام، قادت إلى مؤشرات على وجود نية لتفتيت البلاد». ورغم أن هذا الواقع يلبي مصالح غالبية الأطراف، وقادر على خلق توازن في المصالح بين جميع الأطراف الدولية المنخرطة بالنزاع، فإن سيدا يتخوف من قيام «مجموعة كيانات ضعيفة وغير قوية وغير مؤثرة، وستضطر لتعمل علاقات مع القوى الإقليمية لتتفاعل وتتكامل عبر علاقات اقتصادية»، مشيرًا إلى أن ذلك «سيكون على حساب التعايش والمشروع الوطني السوري». ويضيف: «خطر التقسيم بات جديًا وواقعيًا. تصريحات (السفير الأميركي السابق في سوريا) روبرت فورد وغيره من مسؤولين دوليين تؤكد ذلك، وللأسف، لا تتعامل المعارضة بمؤسساتها مع الموضوع بجدية، ولا تتبنى حوارًا حقيقيًا بين السوريين، والكل ينتظر إذا ما كان المجتمع الدولي سيقبل بالتقسيم أم لا». ويضيف: «إذا استمر الموضوع لفترة، فستتشكل قوى أمر واقع وتتفاعل وتفرض حقيقة جديدة».
aawsat
http://aawsat.com/home/article/401661/الشيخ-زويد-بؤرة-الإرهاب-في-مصر
2015-07-21 03:02:42
الشيخ زويد.. بؤرة الإرهاب في مصر
القاهرة: «الشرق لأوسط»
باتت بلدة الشيخ زويّد شمال سيناء المصرية بؤرة للأعمال الإرهابية مؤخرا، بعدما انتشرت فيها الجماعات المسلحة، الأمر الذي وصل إلى حد إحباط الجيش المصري الأسبوع الماضي لعملية حول فيها تنظيم «ولاية سيناء» إعلان المدينة «ولاية إسلامية» و«تحريرها عن قبضة الدولة المصرية» على حد زعمهم. وقتل الجيش المصري أكثر من 200 إرهابي خلال عملية موسعة الأسبوع الماضي شاركت فيها القوات البرية والجوية، ردا على هجوم مسلح نفذه نحو 300 من مقاتلي «ولاية سيناء» بمدينة الشيخ زويد شمال سيناء واستهدف كمائن عسكرية، وقتل فيها 17 جنديا وضابطا مصريا. والشيخ زويد هي أحد المراكز الإدارية الستة في محافظة شمال سيناء (شرق البلاد)، وتقع على الطريق الدولي الساحلي بين رفح والعريش على بعد 334 كلم من القاهرة و12 كلم من قطاع غزة الفلسطيني. وأتاحت التركيبة الطبيعية والسكانية لعناصر الإرهاب التوغل في المنطقة، حيث تتصل الشيخ زويّد شرقًا بمنطقة رفح وأنفاقها الحدودية، وتمتد جنوبًا إلى جبل الحلال، وهو أحد أبرز العوائق الجيولوجية التي تتحدّى فرض الأمن في المنطقة، نظرًا لوعورته الشديدة، وتحوّله ملاذًا للخارجين عن القانون والمطاريد من القبائل منذ سنوات. وتتهم الأجهزة المصرية مسلحين من غزة بالدخول للأراضي المصرية عبر الأنفاق وتنفيذ عمليات إرهابية فيها. وكانت المنطقة مسرح عمليات تدريب للإرهابيين في نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات من القرن الماضي، إذ تدربت فيها كثرة من فرق الموت آنذاك مثل جماعات «التكفير والهجرة» و«الجهاد» على أعمال العنف الدموي التي أسفرت عن عشرات العمليات، من أبرزها اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات عام 1981. ومؤخرا تسببت العمليات الأمنية للجيش وانتشار الجماعات الإرهابية في نزوح المواطنين من المدينة، حيث يتجه البعض منهم إلى مدينة العريش التي تبعد عن الشيخ زويد 35 كيلومترا، عبر الطريق الدولي أو جنوب سيناء حيث المناطق السياحية.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/401656/قالوا
2015-07-21 03:02:43
قالوا
Hassan Daier
* «أؤكد أن ما سمعناه من وزير الخارجية الفرنسي مؤخرا يؤكد على أفكار جديدة مختلفة عن الأفكار التي استمعنا إليها قبل أشهر». وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي يقول إن فرنسا تراجعت عن الأفكار التي عرضتها في مبادرتها المقترحة مؤخرا إزاء عميلة السلام وباتت تطرح أفكارا جديدة * «يمكنني أن أقول لكم إن هناك مشكلة كبيرة واحدة فقط فيما يتعلق بالعقوبات - هي مشكلة حظر الأسلحة». وزير الخارجية سيرغي لافروف أمس الثلاثاء حول حظر الأسلحة على إيران هو العقبة الرئيسية التي ما زالت بحاجة إلى التغلب عليها في المحادثات بين القوى الست وطهران بشأن برنامجها النووي * «أود أن أكون صريحا معكم، ولهذا فإني لا أستبعد خروج اليونان». وزير المالية السلوفاكي بيتر كازيمير أكد أن إمكانية خروج اليونان من منطقة العملة الأوروبية الموحدة لم يعد أمرا مستبعدا وذلك قبل انطلاق الاجتماع الطارئ الذي يضم وزراء مالية الدول التسع عشرة الأعضاء في المنطقة * «(صلواتي) لشعب الإكوادور العظيم والنبيل.. ألا يكون هناك تفريق وألا يهمش أحد». البابا فرنسيس الثاني في قداس مفتوح له خلال أيام قليلة في الإكوادور في العاصمة كيتو التي شهدت خلال الأشهر الماضية احتجاجات مناهضة للحكومة * «تتجمع الأمة اليوم لتذكر ضحايا واحدة من أكثر الأعمال الإرهابية دموية في تاريخ بريطانيا». رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خلال مشاركته أمس الثلاثاء في حفل تأبين لإحياء الذكرى العاشرة للهجمات الإرهابية التي وقعت في وسط لندن وأسفرت عن مقتل 52 شخصا وإصابة 700 آخرين
aawsat
http://aawsat.com/home/article/396801/مهندسو-السياسة-النفطية-السعودية
2015-07-21 03:02:45
مهندسو السياسة النفطية السعودية
الخبر: وائل مهدي
هل تركت السعودية دورها التقليدي كأكبر منتج مرجح في العالم؟ هل السعودية تسعى للقضاء على ثورة النفط الصخري؟ هل هناك دوافع سياسية خلف رغبة السعودية في ترك الأسعار تهبط بدلاً من دعمها؟ هل تسعى المملكة لبيع كل ما تستطيعه من نفط خوفًا من تحول العالم إلى الطاقة البديلة أو خوفًا من تراجع الطلب مستقبلاً؟ كل هذه الأسئلة تقود إلى سؤال واحد بمليار دولار، إذ يسعى مئات المحللين النفطيين والآلاف من المتعاملين والتجار في السوق دائمًا لبذل النفس والنفيس من أجل معرفة الإجابة عنه، وهذا السؤال ببساطة هو «ما هي السياسة النفطية السعودية؟»، والسؤال الآخر الحائر هو: من يقوم بتخطيط وتنفيذ السياسة النفطية السعودية، والتي تعتبر أهم سياسة بترولية في العالم؟ وهناك شغف كبير بمعرفة السياسة السعودية، خصوصًا في الظروف الراهنة، حيث غيرت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) سياستها القديمة بالدفاع عن الأسعار واتجهت لسياسة مغايرة تماما تقوم على الدفاع عن حصتها السوقية بدلاً من الدفاع عن الأسعار وترك أمرها للسوق للمرة الأولى في تاريخ المنظمة التي أنشئت في عام 1960، إذ يعد هذا تخليًا عن الهدف الأساسي الذي أنشئت من أجله المنظمة وهو الدفاع عن أسعار عادلة لمنتجي البترول. قبل الإجابة عن السؤال ومعرفة ما هي السياسة السعودية الحالية يجب معرفة من هم الذين يضعون هذه السياسة. إن هندسة السياسة النفطية السعودية أمر معقد وبالغ الصعوبة وليس كما يتصوره البعض في أنه محصور في أشخاص بعينهم كالوزير مثلاً. وسبق أن أوضحت وزارة البترول هذا الأمر قائلة إن السياسة البترولية السعودية يتم اقتراحها من قبل «فريق متكامل من الخبراء والمختصين في اقتصادات السوق البترولية في مقر الوزارة الرئيسي بالرياض، وإطلاع القيادة العليا للبلاد عليها، والتنسيق مع الدول المنتجة للبترول، وبالذات دول (أوبك)، وبما يحقق مصالح المملكة على المديين القصير والمتوسط، وهذا الفريق يعتبر منظومة عمل متكاملة من الخبراء والمستشارين يدعم أصحاب القرار». فمستوى التخطيط لـ«أرامكو السعودية» يختلف تمامًا عن مستوى التخطيط على مستوى «أوبك»، إذ إن «أرامكو» لديها جهاز مستقل وأصبح الآن لديها مجلس أعلى لشؤونها يرأسه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ولديها مجلس إدارة خاص فيها يتكون من مجموعة من الوزراء والتنفيذيين في الشركة إضافة إلى ثلاثة خبراء أجانب. وعلى مستوى «أوبك» تختلف الأمور كثيرًا، إذ على الرغم من كل هذا التعقيد على مستوى التخطيط للسياسة النفطية السعودية فإن هناك ثلاثة مهندسين رئيسيين على مستوى التخطيط في الوزارة يتربعون على هرم الجهاز الذي يدير شؤون المملكة في المنظمة. المهندسون الثلاثة أما المهندس الأول فهو وزير البترول علي النعيمي، والذي أمضى نحو عقدين من الزمن في منصبه الحالي والذي بدأ مسيرته مع «أوبك» منذ عام 1995. والنعيمي غني عن التعريف فهو قد أمضى نحو 60 عامًا في قطاع النفط منذ أن كان في الثانية عشرة من عمره. وقاد المنظمة في ظروف كثيرة صعبة وعاصر كل الصدمات التي تعرضت لها أسعار النفط منذ السبعينات حتى يومنا هذا. والمهندس الثاني في الوزارة هو نائب الوزير الأمير عبد العزيز بن سلمان، والذي كان أحد أهم الشخصيات السعودية في «أوبك» منذ عام 1987 حتى الوقت الحالي. لقد أمضى الوزير سنوات طويلة في أروقة أوبك وعمل مع وزيرين حتى الآن وهما هشام ناظر وعلي النعيمي. ويعتبر الأمير عبد العزيز مرجعية في شؤون المنظمة وتاريخها ويمتلك شبكة واسعة من العلاقات الدولية وظل هو الوجه الدولي للوزارة لسنوات طويلة في الكثير من المنظمات وكان عضوًا لفترة طويلة في لجنة الاستراتيجيات بعيدة المدى في «أوبك» مما أكسبه المزيد من القدرة على التخطيط الاستراتيجي. أما المهندس الثالث فهو دائمًا ما يكون محافظ المملكة في «أوبك» وشغل هذا المنصب الكثير من الأسماء من أبرزهم كان الدكتور ماجد المنيف والذي ترك المنصب في عام 2012. وبالنسبة للسياسة الحالية فإن المحافظ الحالي وهو الدكتور محمد الماضي كان له دور كبير فيها إذ إنه عمل لفترة طويلة في تسويق النفط السعودي في الصين وكوريا وفي تسعير النفط في الظهران قبل أن ينضم لفريق الوزارة. والماضي كما يصفه الكثير ممن علموا معه في آسيا يمتلك قدرة كبيرة على التخطيط الاستراتيجي والتسويق بفضل قربه من العملاء. فهو لم يكون مسوقا للنفط فحسب في الصين، بل وسيطًا بين الزبائن وبين شركة «أرامكو» في ما يتعلق بالاستثمار المتبادل. وبطبيعة الحال يشارك هؤلاء الثلاثة الكثير من الشخصيات الأخرى في الوزارة أو حتى في «أرامكو السعودية» عملية التخطيط والاستشارات إذ يوجد لدى الوزير الكثير من المستشارين أمثال الدكتور إبراهيم المهنا والذي يتولى مهمة السياسات الإعلامية في الأغلب إلا أن الثلاثة في الأعلى لا يزالون الأبرز نظرًا لدورهم في «أوبك»، وخصوصا وأن السياسة الحالية تعتمد على الدفاع عن حصة المملكة السوقية، وهذا الأمر يتطلب أشخاصا على دراية كبيرة وعميقة بالسوق النفطية وطريقة تسويق النفط وعمل المصافي العالمية. بعد معرفة من هم الأشخاص المهمون في هندسة السياسة النفطية السعودية يأتي الحديث عن ماهية السياسة المتبعة حاليًا. لقد أوضحت الوزارة الخطوط العامة لهذه الوزارة مطلع شهر يونيو (حزيران) الماضي عندما قالت: «إن السياسة البترولية السعودية، فيما يخص الإنتاج والسوق البترولية الدولية، تنطلق من معطيات واضحة، بناءً على مصلحة المملكة، ولا تتأثر بالآراء الفردية». والسياسة السعودية متغيرة وليست ثابتة حسب متغيرات السوق ولكن هناك ثوابت كثيرة في هذه السياسة. ولا تكمن المشكلة كما يتوقع الكثير من الغربيين في عدم وضوح السياسة بل تكمن في التشكيك في أي سياسة تعلنها المملكة على يد الإعلام الأجنبي أو على يد المحللين أو التجار إذ إن للجميع أجندات ومصالح مختلفة تدفعهم للتشكيك في السياسة النفطية السعودية. وتواجه السياسة النفطية السعودية حاليًا أشد التشكيك والعداء لسببين الأول هو أن هناك يقينا وإيمانا تامين بأن هناك حربًا خفية تقودها المملكة وتستخدم فيها النفط كسلاح لضرب روسيا وإيران بسبب خلافتها السياسة مع هاتين الدولتين. أما السبب الثاني فهو أن السياسة السعودية بالدفاع عن حصتها السوقية بدلاً من الدفاع عن الأسعار أدت إلى تبني «أوبك» نفس السياسة مما أدى إلى هبوط أسعار النفط بنحو النصف عما كانت عليه قبل عام مضى مما أضر بمداخيل الكثير من المنتجين داخل وخارج أوبك. السياسة السعودية قبل اجتماع «أوبك» وظهرت أولى معالم السياسة البترولية السعودية الحالية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في كلمة ألقاها وزير البترول النعيمي في مؤتمر في المكسيك قبل أسبوعين من موعد اجتماع وزراء «أوبك». وجاءت تصريحات النعيمي في وقت كانت السوق فيه تعج بالفوضى وسيطر فيه المضاربون على الأسعار. فمن جهة بدأ الفائض في السوق يتراكم مع عودة الإنتاج الليبي وضعف الطلب، ومن جهة أخرى أعطت السعودية تخفيضات على نفطها وتبعتها بعض دول «أوبك» في ذلك مما جعل بعض وسائل الإعلام والمحللين يستنتجون أن السعودية تقود حربًا للأسعار لضرب منتجي المنظمة. وزادت نظريات المؤامرة حول تخفيضات المملكة بعد أن ربط بعض المحللين وبخاصة الأميركان من أمثال توماس فريدمان ما يحدث بأنه محاولة لاستخدام النفط السعودي لضرب روسيا وإيران أو تقويض دور الولايات المتحدة في أسواق الطاقة من خلال ضرب منتجي النفط الصخري. «إننا لا نسعى إلى تسييس النفط.. في نظرنا إنها مسألة عرض وطلب.. إنها تجارية محضة»، هذه الكلمات البسيطة التي ألقاها وزير البترول السعودي علي النعيمي في المكسيك، كانت تلخيصا للسياسة النفطية السعودية والرد على كل ما تم إثارته على مدى شهرين متتاليين. ولكن هذا الإعلان لم يرق كثيرًا لأصحاب نظرية المؤامرة الذين استمروا في التشكيك فيها ووضع هؤلاء المملكة على مسار تصادمي مع الولايات المتحدة ومع روسيا وهما دولتان مهمتان في مجموعة العشرين. فبقاء أسعار النفط في مستوى منخفض من المفترض أن يقوض إنتاج الدولتين من النفط ويضعف ميزانية روسيا بشكل كبير. ولكن خطاب النعيمي جاء ليبعد السعودية عن كل هذه السيناريوهات عندما قال: «نحن لا نسعى للتصادم مع أحد»، ولم يتوقف النعيمي عند هذا الحد بل أوضح أن السوق هي من يحدد السعر لا السعودية. وأضاف النعيمي في خطابه الذي ألقاه في مؤتمر عن الغاز الطبيعي في منتجع أكابلكو المكسيكي: «الحديث عن حرب أسعار علامة على سوء فهم مقصود أو غير ذلك ولا أساس له من الواقع». وفي العادة لا يصدق الناس ما يسمعونه في الخطابات. وإذا لم يكن هناك دليل مادي فإن الكلمات التي يقولها النعيمي ستصبح جوفاء. وكان الدليل على ما قاله النعيمي هذه المرة هو ورقة واحدة صدرت في أول أسبوع في شهر نوفمبر الماضي عنوانها هو «قائمة الفروق السعرية لـ(أرامكو السعودية) لشهر نوفمبر». وأظهرت القائمة الصادرة أن السعودية رفعت أسعار النفط على زبائنها في آسيا وأوروبا فيما قدمت تخفيضات على زبائنها في الولايات المتحدة. وبهذا أنهت المملكة التكهنات حول وجود أي حرب أو دوافع سياسية خلف طريقة تسعيرها للنفط بشهادة أغلب المحللين في السوق وأكبر المصارف الاستثمارية التي تتاجر في النفط الخام. وأوضح النعيمي أن «أرامكو» تضع أسعارها الشهرية لنفطها على «خطوات تسويقية راسخة لا أقل ولا أكثر». وشرح النعيمي للحضور في المكسيك عن كيفية ذلك فهي تراعي أمورا كثيرة منها وضعية الهوامش الربحية للمصافي والعلاقة مع الزبائن والحالة التي تكون عليها السوق وبعض العوامل العلمية والعملية الأخرى. وعند سماع كلمات النعيمي يتبادر إلى الذهن سؤال وهو ماذا تريد المملكة إذا وما هو الدور الذي تريد أن تلعبه في الأسواق إذا لم تكن تهدف إلى تستخدم النفط كوسيلة سياسية لدعم نفوذها؟! ويجيب النعيمي في نفس الخطاب على هذا السؤال عندما يقول: «نريد أسواق نفط مستقرة وأسعارا مستقرة لأن في ذلك مصلحة للمنتجين والمستهلكين والمستثمرين». لقد تعلمت السعودية بعد أكثر من 50 عامًا على قيادتها منظمة «أوبك» أن استقرار الأسواق وأسعار النفط أهم بكثير من الحصول على أسعار عالية متذبذبة. وهذا ما جعل النعيمي يقول في خطابه أن السياسة النفطية السعودية ثابتة منذ وقت طويل ولم تتغير. والسبب في هذا أن السعودية لديها نظام سياسي ثابت وآمن وليس نظام سياسي معرض للتقلبات، كما أن الدولة تدرك تمامًا بعد تجاربها في السبعينات والثمانينات أن السياسة عود كبريت لا يجب أن يقرب كثيرًا من النفط القابل للاشتعال ولهذا عملت على عزل السياسة عن النفط بشتى الطرق الممكنة. وبالتأكيد لا يمكن أن يعيش النفط في عزلة تامة عن السياسة الدولية، ولكن أن يكون مكشوفًا على السياسة وأن تكون السياسة هي المحرك الأول له لا عوامل وقوى السوق فهنا ستكون السياسات النفطية غير واضحة وهذا سينعكس على الأسعار وعلى نمو الطلب على النفط، وهو أمر لا يريده منتج كبير مثل السعودية. وتلعب الطاقة دورًا كبيرًا في علاقة السعودية بدول مجموعة العشرين، فهم إما منتجون للطاقة ومنافسون لها مثل روسيا أو زبائن كبار لها مثل الهند والصين والولايات المتحدة. وبالنسبة لزبائن السعودية الكبار فإن استقرار السوق والأسعار أمر مهم جدًا، والأهم من هذا أن تكون الأسعار في مستويات مقبولة وعادلة للجميع تساعد على الاستهلاك والنمو الاقتصادي ولا تضر في الاستثمار لإضافة طاقات إنتاجية جديدة. وحافظت السعودية على استقرار الأسواق مرات كثيرة آخرها هو زيادة إنتاجها منذ عام 2011 لتغطية كل الانقطاعات الحاصلة في دول «أوبك» وهو ما أبقى أسعار النفط مستقرة عند مستوى 100 دولار لأطول فترة في تاريخ الأسعار دامت نحو ثلاث سنوات أو يزيد قليلاً. ولكن استقرار السوق والوصول إلى أسعار مرضية للجميع لن يتم إلا بالحوار، ولهذا أدركت المملكة أهمية الحوار مع المستهلكين وباقي المنتجين من خلال أكثر من قناة من بينها «أوبك» أو منتدى الطاقة العالمي الذي توجد أمانته العامة في الرياض ويعمل على تقريب وجهات النظر بين المنتجين والمستهلكين. ويقول النعيمي إنه بعد السنوات الطويلة جدًا التي قضاها في تجارة النفط فإنه تعلم درسا مهما جدًا وهو أهمية مناقشة أي أمر في إطار تعاوني «ولذلك فإنه من الضروري أن يستمر الحوار بين (أوبك) والبلدان المنتجة من خارج (أوبك) والمستهلكين». السياسة النفطية بعد اجتماع «أوبك» في الفترة بعد اجتماع «أوبك» التاريخي الذي عقد في نوفمبر الماضي، واتفقت فيه الدول على الإبقاء على سقف الإنتاج كما هو للدفاع عن حصتها السوقية، أصبحت السياسة السعودية معلنة بشكل أوضح من قبل مجلس الوزراء وليس على لسان الوزير فقط. فعقب الاجتماع أرسلت الحكومة السعودية رسالة إلى جميع منتجي البترول في العالم مفادها أن استقرار السوق يتطلب تعاون المنتجين خارج «أوبك»، ولا يقف على السعودية وباقي الدول الأعضاء في «أوبك» وحسب. وأبدى مجلس الوزراء السعودي حينها في بيان عقب اجتماعه الأسبوعي ارتياحه من القرار الذي اتخذته منظمة «أوبك» خلال اجتماعها الأخير الذي عقد في العاصمة النمساوية فيينا عندما وافقت المنظمة في الاجتماع على إبقاء سقف إنتاجها كما هو عند 30 مليون برميل يوميًا وهو السقف الذي تم الاتفاق عليه في ديسمبر (كانون الأول) عام 2011. وقال المجلس في البيان أن القرار «يعكس تماسك المنظمة ووحدتها، وبعد نظرها، وهو ما توليه المملكة أهمية خاصة». وأشار المجلس في بيانه إلى اهتمام المملكة باستقرار السوق البترولية الدولية.. «وأن تعاون المنتجين من داخل المنظمة وخارجها يعتبر مسؤولية مشتركة لتحقيق هذا الاستقرار». وعادت المملكة لتختم حديثها في البيان بالتذكير والتنبيه إلى أهمية مقاومة أمر أخر يهدد استقرار السوق البترولية ألا وهو مسألة المضاربة، حيث قال مجلس الوزراء: «وتنبه المملكة إلى مضار المضاربين في السوق وتدعو إلى التعاون لمواجهة هذه الظاهرة». ومنذ ذلك الوقت والسياسة السعودية تتعرض لهجمات إعلامية شرسة من قبل الدول في «أوبك» أو خارجها. وعادت الحكومة السعودية في أبريل (نيسان) الماضي للتذكير بالسياسة البترولية مجددًا. وجددت السعودية في أبريل موقفها الرسمي من دعم أسعار النفط والتي فقدت نصف قيمتها منذ يونيو الماضي إلا أنها وضعت شروطًا لهذا الدعم أهمها هو مشاركة المنتجين الكبار في هذه الخطوة. وجاء هذا الخطاب بالتزامن مع بيان دعت فيه «أوبك» المنتجين خارجها إلى تحمل العبء لإعادة الاستقرار إلى السوق. وقال مجلس الوزراء السعودي في تصريح عقب جلسته الأسبوعية حينها، إن المملكة «ما زالت مستعدة للإسهام في إعادة الاستقرار للسوق وتحسين أسعار البترول بشكل معقول ومقبول، ولكن بمشاركة الدول الرئيسة المنتجة والمصدرة للبترول، وحسب أسس واضحة وشفافية عالية». وشدد المجلس في بيانه على أن المملكة «وبشكل قاطع لا تستخدم البترول لأغراض سياسية، ضد أي دولة، وأنها ليست في صراع تنافسي مع الزيت الصخري، أو غيره بل ترحب بالمصادر الجديدة التي تضيف عمقًا واستقرارًا للسوق». وكان وزير البترول السعودي علي النعيمي قد أوضح الأسبوع الذي سبق إصدار بيان مجلس الوزراء في الرياض في كلمة ألقاها في اللقاء السنوي الثامن عشر لجمعية الاقتصاد السعودية، أن المملكة مستعدة للإسهام في تخفيض الإنتاج.. «حسب آلية عادلة ذات مصداقية، إلا أن ظروف السوق تتطلب عملاً مشتركًا، للدول الرئيسة المنتجة والمصدرة للبترول». وأضاف النعيمي أنه قد تم إجراء اتصالات وزيارات مكثفة، كما عُقدت اجتماعات مشتركة، وكان جواب بعض الدول المنتجة الرئيسة من خارج «أوبك»، هو عدم المقدرة أو الرغبة في التخفيض، ولهذا السبب قررت «أوبك»، بالإجماع، في اجتماع 27 نوفمبر الماضي، الإبقاء على مستوى الإنتاج، وعدم التفريط في حصتها في السوق لصالح الآخرين. ومن الأمور المهمة في السياسة الحالية والتي يقول النعيمي إنه تعلمها جيدًا مسألة التخلي عن دور المنتج المرجح والذي لعبته المملكة في الثمانينات عندما كانت تخفض إنتاجها بمفردها حتى تحافظ على الأسعار عالية، ولكن الأمر انتهى بها بخسران حصتها في السوق وخسران الأسعار عندما هبط إنتاجها من 10 ملايين برميل يوميًا إلى ما يزيد قليلاً على 3 ملايين برميل في 1985. ركائز السياسة البترولية السعودية قد تتغير السياسة البترولية السعودية مع تغير الظروف، ولكنها تقوم على ركائز أساسية ثابتة ومن أهمها. 1 - تلبية طلب الزبائن 2 - المحافظة على استقرار السوق بالتنسيق مع المنتجين الكبار داخل وخارج المنظمة 3 - بيع النفط على أساس تجاري لا على أساس سياسي. 4 - الحفاظ على مستوى أسعار مناسب للمستهلكين ومناسب للمنتجين بالاستثمار في زيادة الطاقات الإنتاجية مستقبلاً. 5 - الحفاظ على طاقة إنتاج احتياطية تتراوح بين 1.5 و2 مليون برميل يوميًا في كل الأوقات لمواجهة أي انقطاعات في الإمدادات على مستوى العالم ولا تزال السياسة السعودية الحالية لم تتغير منذ نوفمبر الماضي ولم يزل التشكيك فيها قائمًا حتى الآن ولا يزال المضاربون على أمل أن تغير المملكة موقفها وتتخلى عن حصتها السوقية وتتجه لدعم الأسعار وهو نفس الأمل الذي تتمناه الكثير من الدول التي تريد من المملكة أن تضحي بحصتها من أجل أن تنعم هي بمداخيل أعلى من دون أن تساهم في أي عبء. ويبقى السؤال الذي لا يمكن الإجابة عنه هو متى ستتخلى السعودية عن هذه السياسة الحالية؟
aawsat
http://aawsat.com/home/article/396791/جان-إيف-لودريان-وزير-دفاع-سعيد
2015-07-21 03:02:46
جان إيف لودريان وزير دفاع سعيد
باريس: ميشال أبو نجم
قد يكون من الصعب العثور على مسؤول حكومي رفيع المستوى في فرنسا ينعم بالسعادة بدءا برئيس الجمهورية فرنسوا هولاند ورئيس الحكومة مانويل فالس إذ إن الأول حطم الأرقام القياسية في انعدام الشعبية بينما الثاني ما زال يجرجر وراءه تبعات «الغلطة» السياسية التي ارتكبها مؤخرا. فقد استخدم فالس طائرة حكومية من طراز فالكون للانتقال ذهابا وإيابا في التاسع من يونيو (حزيران) من مدينة بواتيه (وسط) إلى مدينة برلين وبالعكس لحضور مباراة كرة القدم لنادي برشلونة، المدينة التي ولد وترعرع فيها رئيس الحكومة الفرنسية. وما فاقم من صدى الغلطة أن فالس اصطحب ابنيه لرؤية المباراة، وبالنظر إلى الضجة التي أثارتها هذه الرحلة في زمن التقشف العمومي، فإن فالس اضطر ليدفع من جيبه قيمة بطاقتي السفر لابنيه ما لم يحل دون تدهور شعبيته إلى مستويات لم يعرفها سابقا. ووضع الوزراء ليس أفضل حالا. فما بين وزير داخلية يتخبط في تبرير العجز عن وضع حد للاعتداءات الإرهابية المتكررة على الأراضي الفرنسية ووزيري الاقتصاد والعمل اللذين استنفذا كل التبريرات «المقنعة» لتفسير استمرار ارتفاع وتيرة البطالة وتأخر تحقيق الوعود الانتخابية التي أغدقت على الفرنسيين، ناهيك بوزير للمالية غارق في الأزمة اليونانية، كل ذلك يرسم صورة سريعة لمعنويات الوزراء الأساسيين في الحكومة الفرنسية. لكن وسط هذا المشهد السوداوي، تبرز صورة وزير لا يحب الأضواء وتغلب عليه نزعة التكتم والتواضع. ومع ذلك، هو وزير سعيد. ومبرر سعادته أنه حقق ما لم يحققه سابقوه في هذا المنصب ولأنه يعتبر أن إنجازاته لا تساعد فقط على تعزيز صورة بلاده وحضورها في الخارج بل تساهم كذلك في دعم الاقتصاد الوطني والتجارة الخارجية وخلق فرص عمل وتمكين الصناعات الدفاعية في بلاده من التنافس في الأسواق الخارجية. إنه وزير الدفاع جان إيف لودريان الذي بان الارتياح عليه وهو يتنقل بين أجنحة معرض باريس للطيران ويتوقف طويلا في الجناح المخصص لشركة داسو للصناعات الجوية. وزير الدفاع الفرنسي رجل سعيد خلال السنوات الثلاث التي أمضاها لودريان في وزارة الدفاع أتيحت الفرصة لـ«الشرق الأوسط»، أن تعايشه عن قرب خصوصا في بعض الرحلات التي يقوم بها بشكل شبه دوري إلى منطقة الخليج. والكثير من هذه الزيارات كان سريعا ويتم بعيدا عن الأضواء الإعلامية. ذلك أن الرجل ذا الأصول الاجتماعية المتواضعة للغاية يحب العمل بصمت ويكره التصريحات الرنانة التي تتردد أصداؤها في الفراغ. وأثبت ذلك بأنه نجح في إعادة فرنسا إلى مصاف اللاعبين الأساسيين في المبيعات الدفاعية. ولعل أبرز نجاحات لودريان هو تحقيق أولى الإنجازات الخارجية لطائرة رافال الفرنسية المقاتلة التي لم تجد بعد ما يزيد على عشرين عاما على إطلاق برنامجها زبونا خارجيا. والحال، أن عام 2015 حمل للشركة المصنعة «شركة داسو للصناعات الجوية» المن والسلوى مع توقيع ثلاثة عقود في زمن قياسي؛ حيث كانت الفاتحة مع مصر ثم جاء دور الهند وأخيرا قطر. ويبدو أن المفاوضات مع الإمارات العربية المتحدة تسير في الاتجاه السليم ولا تستبعد الأوساط الدفاعية الفرنسية أن يتم الإعلان عن عقد جديد «في الأسابيع المقبلة». كثيرون يتساءلون عن «سر» نجاح لودريان حيث فشل الآخرون. وكثيرون يرون أنه مهيأ لوظائف أخرى مع نهاية العام الحالي؛ إذ إن اسمه مطروح في دوائر القرار وزيرا للخارجية خلفا للوزير الحالي لوران فابيوس الذي يبدو أنه سيترك الخارجية للالتحاق بالمجلس الدستوري رئيسا. لكن آخرين يرون العكس ويؤكدون أن لودريان يرنو إلى العودة إلى ما كان يقوم بع في السابق أي العمل المحلي في مقاطعة بروتاني (غرب فرنسا) التي يتحدر منها. لكن الأكيد أن لودريان سيستجيب لما يطلبه منه الرئيس هولاند وهو الوزير الأقرب إليه من بين كافة وزرائه. وفيما المناخ السياسي العام في فرنسا يدفع إلى الاعتقاد بأن حظوظ هولاند للترشح لولاية جديدة والفوز بها ستكون ضعيفة للغاية بالنظر لشعبيته المتدنية وصعوبة الأوضاع الاقتصادية وغياب النتائج الملموسة للعمل الحكومي على جبهة البطالة، فإن لودريان يرى العكس ويؤكد أن الرئيس الحالي سيكون أفضل مرشح لليسار في الانتخابات الرئاسية القادمة التي ستجرى ربيع عام 2017. يعود أول لقاء بين لودريان وهولاند لعام 1979. ومنذ 36 عاما، لم يبتعد الأول قيد أنملة عن الثاني. وعندما أعلن هولاند عن عزمه خوض الانتخابات الداخلية للحزب الاشتراكي لتعيين مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية ومواجهة الرئيس ساركوزي الراغب في ولاية جديدة، كان لودريان من أوائل المسؤولين الاشتراكيين الذين أعلنوا تأييدهم لهولاند. وقبل ذلك بخمس سنوات، وقف لودريان إلى جانب سيغولين رويال، رفيقة درب هولاند ووزيرة البيئة في الحكومة الحالية ودعمها في مواجهة مسؤولين من «الوزن الثقيل» في الحزب الاشتراكي وهما وزير الخارجية الحالي فابيوس ومدير صندوق النقد الدولي والوزير السابق دومينيك شتروس خان الذي أخرجته فضائحه الجنسية من ميدان السباق السياسي. ويبين كل ذلك ولاء سياسيا مطلقا لهولاند الذي كلفه بالشق الدفاعي والعسكري خلال حملته الرئاسية. ولهذا الغرض، عمد لودريان الذي كان عضوا في لجنة الدفاع في مجلس النواب الفرنسي ومهتما منذ زمن بعيد بالشؤون العسكرية والتسليح إلى تشكيل «مجموعة عمل» حضرت الجانب الدفاعي في برنامج المرشح الاشتراكي الأمر الذي أهله بطبيعة الحال ليكون وزيرا للدفاع منذ حكومة هولاند الأولى. وبقي في منصبه في الحكومات المتتالية. وبما أن الرئيس الفرنسي بحسب دستور الجمهورية الخامسة هو القائد الأعلى للجيوش الفرنسية وهو حامل حقيبة السلاح النووي، فإنه بحاجة إلى وزير دفاع مقرب منه ويستطيع الاعتماد على ولائه المطلق. وبالطبع، هذه الصفات تنطبق كلها على لودريان. عندما يقال في فرنسا إن «مدرسة الجمهورية» هي بمثابة «المصعد» الذي يوفر لجميع المتمتعين بالكفاءة وسائل النجاح والتحليق، فإن هذا الحكم ينطبق بشكل كامل على جان إيف لودريان المولود في عائلة متواضعة (والده كان تاجر قطع سيارات وأمه عاملة في مصنع للخياطة) في الثلاثين من يونيو عام 1947 في مدينة لوريان، الواقعة على المحيط الأطلسي غرب فرنسا والتي يبلغ تعداد سكانها نحو ستين ألف نسمة تزداد أعداهم كثيرا في موسم الصيف. ولوريان معروفة بأحواضها لصناعة البوارج الحربية بما فيها الغواصات والسفن التجارية. وقد عرفت هذه الصناعات أزمات متلاحقة بسبب تراجع دفتر الطلبيات الخارجية وتناقص الميزاينة الدفاعية في الداخل. وبما أن لودريان شغل منصب رئيس بلدية لوريان بلا انقطاع من عام 1981 إلى عام 1998، فإنه يعرف تماما أهمية أن تكون للصناعات الحربية الفرنسية على أنواعها أبواب للأسواق الخارجية الأمر الذي أفاده، بلا أدني شك، في مهمته وزيرا للدفاع في حكومة اشتراكية لا تجد غضاضة في التسويق للأسلحة الفرنسية في الشرق الأوسط والهند وباكستان وأفريقيا وأماكن أخرى في العالم. ومن الواضح أن «النظرية الاشتراكية» لحقها الكثير من التغير منذ وصول أول رئيس اشتراكي إلى قصر الإليزيه (فرنسوا ميتران) في عام 1981. ويروى أن ميتران طلب من معاونيه، لدى أول زيارة قام بها لمعرض الطيران في لوبورجيه ألا تعرض أسلحة خلال زيارته للمعرض. قبل أن «يصعد» لودريان إلى باريس ويحتل أول مركز وزاري في عام 1991، كان اسمه قد برز في لوريان ومقاطعة بروتاني على صعيد الحزب الاشتراكي واليسار بشكل عام. لودريان انضم إلى هذا الحزب في عام 1974 بعد أن استمع لخطاب ناري لأمينه العام فرنسوا ميتران. وفي سن الثلاثين انتخب نائبا عن مدينة لوريان التي أصبح رئيسا لبلديتها في عام 1981. ونجح في الاحتفاظ بمنصبه النيابي 13 سنة متواصلة. وبعد ذلك رأس مجلس مقاطعة بروتاني وكان أول سياسي اشتراكي يحتل هذا الموقع الاستراتيجي على الصعيدين السياسي والانتخابي. يروي لودريان أن الرئيس ساركوزي اتصل به عقب انتخابه في عام 2007 وعرض عليه، في إطار سياسة الانفتاح على اليسار التي اتبعها، أن يعينه وزيرا للدفاع في أولى حكوماته. لكن الوزير الحالي رفض العرض. وبعد خمس سنوات، تسلم هذه الحقيبة من «صديقه» فرنسوا هولاند ليجد الكثير من الملفات بانتظاره. تكمن مشكلة أي وزير دفاع في فرنسا في قدرته على أن يكون مسموع الصوت لدى رئيس الجمهورية ووزير المالية، خصوصا في زمن ضغط النفقات وخفض الميزانيات الدفاعية. ومنذ احتلاله مكتبه القائم فيما يسمى «هوتيل دو بريين» الواقع في شارع سان دومينيك في الدائرة السابعة من باريس، وجد لودريان أمامه ملفات ساخنة أولها تحقيق انسحاب القوات الفرنسية من أفغانستان قبل نهاية عام 2012 مستبقا بذلك مواعيد انسحاب قوات الحلف الأطلسي والقوات الحليفة الأخرى. وعلى المستوى الداخلي، كان عليه أن يتنكب لإصدار «الكتاب الأبيض» الجديد الخاص بالنظرية الدفاعية الفرنسية وأهداف العمل العسكري ثم قانون البرمجة العسكرية للفترة الممتدة من عام 2014 إلى عام 2019. ومما كان عليه أن يتولى إدارته التدخل العسكري الفرنسي في مالي بداية عام 2013 ثم التدخل العسكري الفرنسي في أفريقيا الوسطى نهاية العام نفسه. وما بين التاريخين، طلب من لو دريان أن يحضر القوات الجوية الفرنسية للقيام بعمليات عسكرية ضد قوات النظام السوري عقب استخدامها الأسلحة الكيماوية في شهر أغسطس (آب) في الغوطتين الشرقية والغربية الأمر الذي أسفر عن مقتل 1400 شخص. لكن تراجع الولايات المتحدة الأميركية والرئيس أوباما في اللحظات الأخيرة ألغى التحضيرات الفرنسية. كذلك كان لودريان مهندس عملية إعادة انتشار القوات الفرنسية وتموضعها في أفريقيا وتوجيهها لمحاربة المنظمات الإرهابية فيما يسمى بلدان الساحل ثم إرسال الطائرات الفرنسية للمشاركة في التحالف الدولي الذي ظهر في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي لضرب تنظيم داعش. لكن عمل الطائرات الفرنسية بقي محصورا في الأهداف العراقية. في هذه المهمات الصعبة، أصاب لودريان النجاح كما تمكن من إقناع الرئيس هولاند بالمحافظة على ميزانية القوات المسلحة الفرنسية التي تكاثرت مهامها بما فيها نشر نحو عشرة آلاف جندي في إطار عمليات مكافحة الإرهاب داخل الأراضي الفرنسية. بموازاة ذلك، عمد لودريان لدفع المبيعات الدفاعية الفرنسية إلى الأمام. وبحسب الأرقام التي تم الكشف عنها، فإن قيمة الطلبات المؤكدة التي حصلت عليها فرنسا لعام 2014 بلغت 8.2 مليار يورو ما يمثل ارتفاعا نسبته 16 في المائة قياسا بعام 2013 الذي كان بدوره قد شهد ارتفاعا بنسبة 43 في المائة. أما بالنسبة للعام الحالي، فإن دفتر الطلبات يسجل أرقاما نادرا ما عرفتها الصناعات الدفاعية الفرنسية بفضل ثلاثة عقود رئيسية لتصدير طائرات رافال المقاتلة: 24 طائرة وفرقاطة حديثة لمصر، 36 طائرة رافال للهند و24 طائرة لقطر فضلا عن مبيعات دفاعية للبنان بقيمة 3 مليارات دولار هي قيمة الهبة السعودية للبنان ليشتري بها أسلحة فرنسية. لماذا نجح هولاند ولودريان حيث أخفق الآخرون؟ الأسباب كثيرة، منها على علاقة بـ«المنهج» الذي اختطه الرجلان البعيد كل البعد عن الإعلانات المتسرعة والقائم على توفير أرضية سياسية للبناء عليها في مجال المبيعات الدفاعية. وفي هذا السياق، لا شك أن سياسة باريس إزاء الملفات الإيرانية والسورية واليمنية والحرب على الإرهاب كان لها دور في «تسهيل» حصولها على عقود دفاعية لا تنحصر فقط بالرافال. وبذلك تكون باريس قد استفادت من «تراجع» الدور الأميركي وسعي دول الخليج لتوفير شركاء آخرين. ومن الأسباب أيضا أن هولاند ولودريان وزعا المهمات حيث الجانب السياسي تتولاه الحكومة (وزارة الدفاع) فيما الجانب الإجرائي والفني يعود التفاوض بشأنه للشركات المعنية. وبعد أن كان ساركوزي قد أنشأ في قصر الإليزيه خلية مسماة «war room» مهمتها الاهتمام بالمبيعات الدفاعية، أرجع هولاند الصلاحيات إلى المستوى الحكومي ولكن من غير تخليه عن متابعتها. ثم إن لودريان اعتمد طريقة بناء الثقة مع نظرائه والطريق إلى ذلك القيام بزيارات متلاحقة والعودة إلى الملف عينه كلما حانت الفرص.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/396786/أتيلا-الجبار
2015-07-21 03:02:48
أتيلا الجبار
د. محمد عبد الستار البدري
أينما ذهب «أتيلا الجبار» قالت عنه الشعوب إنه «وباء الله على الأرض»، بينما انتشرت مقولة أخرى أن الأخضر لا ينمو مرة أخرى تحت أقدام فرس هذا الطاغية، وهكذا استقبلت منطقة وسط أوروبا سيرة هذا الملك الشاب والذي أصبح أحد أسوأ الظواهر الإنسانية على الأرض حتى ذلك التاريخ، فهذا هو «أتيلا» ملك قبائل «الهان Hun»، الذي سيطرت قواته على وسط وجنوب وسط أوروبا خلال منتصف القرن الخامس الميلادي في أحد أسوأ صفحات التاريخ الإنساني المعروف، فهو الرجل الذي كانت أوروبا كلها تخشاه، ومعها أقوى إمبراطوريتين عرفتها أوروبا وهي الإمبراطورية الرومانية والبيزنطية، واللتان وقفتا مكتوفة الأيدي أمام قواته والدمار الشامل الذي كان يلحق بالأرض والشعوب التي مر بها. واقع الأمر أن أصول قبائل «الهان» يرجع إلى وسط آسيا بالأخص قرب منغوليا وأتت إلى أوروبا ضمن موجات الهجرة المتتالية لكثير من القبائل في هذه المناطق بهدف استيطان وسط وجنوب شرقي أوروبا، بينما ترجع بعض المصادر التاريخية الأخرى أصول الهان إلى قبائل الـScythians والتي اختلطت بكثير من القبائل الإيرانية الشمالية في القرن الثاني الميلادي، وعلى كل الأحوال، فإن قبائل «الهان» لم تلعب دورًا فاعلاً وكبيرًا في التاريخ الأوروبي مثل باقي القبائل الهندية / الأوروبية التي كانت منتشرة إلا في القرن الخامس الميلادي، فأمة «الهان» كان شأنها شأن باقي هذه القبائل تمثل قوة متحركة قوية إلى أن استقرت فيما هو معروف اليوم بالمجر، وعلى الرغم من قوتها فهي كانت محلية الطابع بدرجة كبيرة، ولم تسع مثل قبائل «الجوثس» و«الفيزجوثس» والقبائل «الفراكنية» الأخرى إلى توسيع قاعدتها السياسية بشكل كبير، ولكن هذا كان ليتغير بمجرد أن اعتلى أتيلا الحكم وهو في الأربعين من عمره بعدما توفي عمه، تاركًا الحكم له ولأخيه «بليدا»، وهو ما لم يكن ليستمر طويلاً، فالشاب أتيلا لم يكن على استعداد لتقاسم السلطة لمدة طويلة، فتخلص من أخيه بدس السم له، وخلا له الحكم. لقد كان هذا الملك الطموح يعرف جيدًا أهمية توسيع رقعة مملكته ليستطيع أن يتغلب على الظروف الصعبة وشظف العيش، فكان سلاحه في ذلك الأمر هو جيشه القوي، الذي وصل إلى قرابة نصف مليون جندي بعد فترة وجيزة، وكان سلاحه الآخر هو الخوف، فلقد أدرك الرجل أن الخوف هو الحل لمواجهة أعدائه، فعمد إلى اتباع سياسة جعلته في التقدير «أول مجرم حرب أوروبي» على مستوى كبير، فلقد قتل وحرق ودمر من المدن ما لا يمكن حصره، فسياسته كانت القضاء المبرم على عدوه حتى يكون عبرة لعدوه التالي، فأينما ذهبت جيوشه كان الدم والخراب والحرق هو النتاج الطبيعي لوجودها، وبهذا ضمن ولاء وخوف كل أعدائه، وقد ساعده في فتوحاته قيامه بتطوير النظام العسكري الذي كانت قبائل الهان تتبعه، فلقد كان عماد هذه القبائل هو الفرس والذي أعطي لجيوشه الحركة السريعة، وكان القوس هو السلاح الفتاك الذي أتقنه هذا الجيش، فيقال إن الفارس منهم كان يستطيع أن يقنص عدوه من على مسافة تصل إلى مائة متر أو أكثر، فالحركة كانت مفتاح سر هذا الجيش الجبار إلى جانب تنظيمه الدقيق. لقد كانت أوروبا في ذلك الوقت مقسمة سياسيًا ما بين الإمبراطورية الرومانية في الغرب، والإمبراطورية البيزنطية في الشرق، بينما كانت وسط أوروبا تنتشر فيها القبائل القوية التي كانت تهدد هاتين الإمبراطوريتين، وواقع الأمر أن أتيلا بدأ توسيع قاعدة انطلاقاته نحو الإمبراطورية البيزنطية في الجنوب والتي كانت دولة غنية ولكنها لم تعد تملك نفس قوتها السابقة، وهو ما جعلها فريسة سهلة لهذا الرجل الدموي، فهاجم أراضيها بكل قوة وعنف جاعلاً منها صيدًا سهلاً للغاية، فتوغل في ممتلكاتها إلى أن أصبح على مقربة من العاصمة وهو ما دفع الإمبراطور البيزنطي إلى طلب الصلح معه بعدما حرق مدنًا بالكامل وأبيد قاطنيها عن بكرة أبيهم، فأصبحت هذه الدولة تدفع له جزية سنوية متضاعفة تخطت سبعمائة كيلوغرام من الذهب سنويًا، وهو ما سمح له بالمزيد من الوفرة والتي طور بها جيوشه خلال فترة حكمه القصير والتي دامت ثمانية سنوات فقط. اتبع أتيلا نفس سياسات جدوده من حيث رفضه الكامل لعوامل التغريب، فلقد رفض المسيحية ورفض التحضر على النحو الروماني أو البيزنطي، فحافظ على الطبيعة البدوية لقبائله على عكس كثير من القبائل القوية الأخرى في وسط أوروبا والتي سرعان ما تأثرت بثقافة ومدنية هاتين الإمبراطوريتين، وقد وضع الرجل نظامًا قويًا لضمان توفير الجيوش اللازمة لفتوحاته المنتظرة، وبالتالي كانت انتصاراته أحد الأسباب الرئيسية لاستقرار فترة حكمه داخليًا بعد انتصاره على البيزنطيين، خصوصا وأنه كان يعاقب بقوة كل من يخرج عليه ويعدمه في تجمع عام ليكون عبرة لكل من تساوره نفسه للخروج عليه. صار أتيلا على قناعة بأنه استخلص من البيزنطيين أقصى ما يمكن أن يحصل عليه من ذهب وأموال، فوجه جهده نحو الإمبراطورية الرومانية وعاصمتها روما، وكان الرجل في انتظار الفرصة السانحة لفتح جبهته الغربية، وهي الفرصة التي سنحت له بسبب فضيحة لأخت الإمبراطور الروماني والتي أدت لقرار الإمبراطور تزويجها من أحد رجال الساسة، فاستنجدت الأميرة بالملك «أتيلا» حيث عرضت عليه الزواج وتقاسم الإمبراطورية، فاستغل الرجل الفرصة وأرسل لأخيها الإمبراطور يطالب بالممالك الغربية للإمبراطورية كمهر لزواجه المرتقب من أخته، وأرسل جيوشه إلى الغرب في بلاد «الغال» أي فرنسا، ولكن أتيلا لم يكن يتوقع أن القدر سيقف ضده متمثلاً في شخصية رومانية عبقرية هي «فلافيوس أييتس»، ذلك الروماني الفذ والذي عاش صباه صديقًا لأتيلا عندما كان رهينة رومانية لدى قبائل «الهان» ضمانًا لمعاهدة السلام التي وُقعت بين الطرفين، فلقد كان «فلايوس» مدركًا لقوة خصمه وطريقة حياة هذه القبائل وطرق حروبهم، بل يقال إنه كان يمتطي جواده على نفس شاكلتهم، وكان يعرف تكتيكاتهم العسكرية معرفة كاملة، فتحالف هذا القائد الروماني مع بعض القبائل «الجيرمانية» التي كانت تخشى تفشي قوة «الهان» في وسط أوروبا. في عام 452 شهدت أوروبا بالقرب من نهر «المارن» في فرنسا معركة «شارلونز» الشهيرة، وفي هذه المعركة الدموية التي راح ضحيتها ما يقدر بنحو مائة وخمسين ألفًا، استطاع فلافيوس بتكتيكاته العسكرية أن يوقف هجوم «أتيلا» بعدما كاد قلب جيشه يُهزم، ولكن الإمدادات التي دفع بها «فلافيوس» من الجناحين استطاعت أن تصد جيش أتيلا الجبار بكل قوة، وهو ما دفعه للتقهقر على وجه السرعة، وهكذا أُنقذت أوروبا من دمار محقق، ولكنها لم تكن نهاية الحرب مع هذا الرجل الجبار، فانسحابه كان تكتيكًا إلى حد كبير، إذ سرعان ما استطاع أن يُجمع جيوشه مرة أخرى في العام التالي واستغل فترة الصيف ليصب غضبه على روما ذاتها، فهذه المرة لم يوجه جيوشه إلى الغرب، بل خرج من قاعدته إلى الجنوب مباشرة قاصدًا روما، تاركًا خيطًا من الدمار والقتل والدم لم تشهده أوروبا من قبل، وأصبح قاب قوسين أو أدنى من أن يدخل روما، وهو ما اضطر الإمبراطور إلى إرسال البابا «ليو» ليتفاوض معه لينسحب. واقع الأمر أن المصادر التاريخية لم تأت إلينا بما دار في هذا اللقاء التاريخي، ولكن نتيجته كان قرار أتيلا الانسحاب من شبه الجزيرة الإيطالية والعودة مرة أخرى إلى قواعده، ولكن التحليلات التاريخية تقدم لنا رؤية واقعية للأسباب التي دفعت هذا الملك الجبار إلى التخلي عن أهدافه، فحقيقة الأمر أن الرجل كان بعيدًا عن مركزه في المجر، وكانت إمداداته قد بدأت تتأثر كثيرًا بسبب البعد الجغرافي، إضافة إلى أن جبهته الشرقية ممثلة في الإمبراطورية البيزنطية كانت في خطر حقيقي، فلو انكسر الصلح مع البيزنطيين كما كان متوقعًا، فإن هذا معناه أنه سيواجه الإمبراطوريتين معًا، ويضاف إلى ذلك أن جيوش الرجل قد تفشى فيها مرض الجدري، وهو ما يعني ضرورة الانسحاب، وبالتأكيد فإن الذهب الروماني كان سببًا آخر في الانسحاب، حيث عرضت عليه الكنيسة والإمبراطور على حد سواء صناديق من الذهب ملأت شهيته مؤقتًا، وهو ما أدى لقراره بالانسحاب من شبه الجزيرة الإيطالية والعودة مرة أخرى للمجر. حقيقة الأمر أن الدبلوماسية البابوية قد أنقذت الحضارة الأوروبية بكل تأكيد، فلو أن أتيلا قد استمر في حملته واستطاع تصفية الإمبراطورية الرومانية فإن هذا كان معناه نهاية الحضارة الغربية المعروفة اليوم، فالرجل كان سيهدم كل ما هو روماني من الكنيسة إلى القوانين الرومانية، وكان مصير روما هو الحرق شأنها شأن باقي المدن الأخرى، وقد أدى هذا الصلح أيضا إلى علو شأن الكنيسة والتي نظرت لها الرعية على اعتبارها وسيلة السماء المباركة والتي أجبرت هذا الرجل السفاح على التراجع، وهو ما أعطى الكنيسة دفعة قوية للغاية في أعين الرعية والتي رأت أن الرب راض عنها وبالتالي زاد نفوذها السياسي بشكل ملحوظ بعد ذلك. لقد كان من الممكن أن يكون مصير أوروبا في العام التالي هو نفس ما حدث وكان من الممكن أن يهدم أتيلا روما والحضارة الغربية تمامًا هذه المرة، لولا أن القدر تدخل مرة أخرى في عام 453، حيث مات الرجل في ليلة زفافه، ومن سخرية القدر أن الرجل مات مخنوقًا بدمائه بعدما تعرض لنزيف خارجي وداخلي في آن واحد أجهز على رئتيه، فمات الرجل في دمائه مثلما أراق دماء الآخرين، ولكن ليس قبل أن يترك لنا بسيرته عددًا من الحقائق أهمها أن الدولة التي تحاصرها الأعداء عندما يضعف جيشها فهي حتمًا إلى زوال.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/396781/«العمال»-البريطاني-يلملم-جراحه-بعد-انتكاسة-الانتخابات
2015-07-21 03:02:52
«العمال» البريطاني.. يلملم جراحه بعد انتكاسة الانتخابات
لندن: نجلاء حبريري
بعد تعرضه لأكبر انتكاسة انتخابية في تاريخه الشهر الماضي، بدأ حزب العمال البريطاني يلملم جراحه من حيث البحث عن قائد جديد إثر تنحي زعيمه إد ميليباند، وربما حتى عن عقيدة وفلسفة سياسية جديدة. وكانت الصدمة قوية بالنظر إلى الخسارة الكبرى للحزب على المستوى الوطني خصوصا على مستوى اسكوتلندا التي كانت تعد تقليديا أحد المعاقل الرئيسية للحزب اليساري. ويرى محللون أن الحزب سيحتاج الآن إلى فترة تعاف قد تطول حتى يستعيد القدرة على منافسة حزب المحافظين الذي بات يحكم منفردا. ويواجه الحزب خلال المرحلة المقبلة تحديين رئيسيين، أحدهما اختيار زعيم جديد بعد تنحي ميليباند، والآخر صياغة سياسة متوازنة تجاه القضية الآنية الملحة التي تطرحها حكومة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الآن، والمتعلقة بإجراء استفتاء حول البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الانسحاب منه. الأسبوع الماضي، انتهت مهلة الترشح لقيادة الحزب، وانحصر السباق الآن بين أربعة متنافسين هم ليز كيندال وزيرة الرعاية الصحية والكبار في السن في حكومة الظل، وأندي بورنهام وزير الصحة الأسبق، وإيفيت كوبر وزيرة الداخلية في حكومة الظل، وجيريمي كوربين العضو في البرلمان البريطاني لمدة 32 سنة. ودخل هؤلاء المنافسة القيادية بعد أن حصل كل منهم على تأييد 35 نائبا برلمانيا، وبعد انسحاب مرشحين آخرين من السباق الانتخابي قبل أيام قليلة من انتهاء فترة الترشح، أمثال تشاك أومونا وزير الأعمال في حكومة الظل والملقب بـ«أوباما بريطانيا»، وماري كريغ وزيرة التنمية الدولية في حكومة الظل. ومع انطلاق هذا السابق، نُظمت حوارات تلفزيونية يجيب خلالها المتنافسون الأربع عن أسئلة الحضور حول قضايا سياسية داخلية وخارجية عالقة تهمّهم. وتهدف هذه المناظرات إلى مساعدة الناخبين من أعضاء الحزب على اختيار زعيم قبل إقفال صناديق الاقتراع يوم 12 سبتمبر (أيلول) المقبل. وباستثناء جيريمي كوربين، الذي يتميز بمواقفه اليسارية الصارمة، يصعب التمييز بين البرامج الانتخابية الثلاثة الأخرى. فلنلق نظرة على برامج المتنافسين على زعامة الحزب وتاريخهم السياسي. باشرت ليز كيندال مسيرتها السياسية في البرلمان البريطاني عام 2010 كنائبة حزب العمال لمنطقة «ليستر ويست»، وتعتبر قريبة من سياسات توني بلير رئيس الوزراء الأسبق، لتشبّثها بفكرة تجديد الحزب واعتماد مقاربة جديدة جذرية. تشغل كيندال منصب وزيرة الرعاية الصحية والكبار في السن في حكومة الظل، كما كانت المستشارة الخاصة لهارييت هارمان، زعيمة الحزب المؤقتة وباتريسيا هيويت وزيرة الصحة في حكومة بلير. أما أندي بورنهام فيتمتع بخبرة حكومية طويلة، حيث شغل مناصب وزير الصحة في حكومة غوردن براون، ووزيرا للثقافة وللمالية قبل ذلك. دخل بورنهام البرلمان البريطاني كنائب لمنطقة «لايه» عام 2001، وخسر المعركة الانتخابية لقيادة الحزب عام 2010 لصالح إد ميليباند. ويعتمد بورنهام في حملته الانتخابية شعارا ما معناه: «(العمال) لمساعدة الجميع على العيش الكريم». إيفيت كوبر، وزيرة مالية سابقة ووزيرة الداخلية في حكومة الظل، تشارك المرشحين الآخرين في تشبثهم بتجديد الحزب، وتهدف إلى توسيع مجال اهتمام الحزب من العاصمة والمدن الكبيرة إلى المدن المتوسطة والصغيرة، كما تسعى إلى بناء نظرة مستقبلية متفائلة ومبنية على سياسات واقعية. لم تترشح كوبر لقيادة الحزب عام 2010 لتدعم ترشح زوجها إيد بالز وزير الخزانة السابق في حكومة ظل ميليباند. أما جيريمي كوربين فحصل على تأييد النواب البرلمانيين للترشح لقيادة الحزب قبل ساعات قليلة من حلول الموعد النهائي. كوربين هو المرشح الوحيد الذي لم يشغل منصبا حكوميا أو في حكومات الظل السابقة. دخل البرلمان البريطاني كممثل لمنطقة «إسلينغتون نورث» عام 1983، ورفع منذ ذلك مطالب النقابات وقيم العدالة الاجتماعية عاليا في مجلس النواب. ويعد كوربين مناهضا قويا لسياسات التقشف وللسلاح النووي وتجديد برنامج «ترايدنت» للنووي البريطاني. كما عرف كوربين في الماضي برفضه لبعض السياسات المعتمدة من طرف حزبه، كالحرب ضد العراق وتدخلات عسكرية خارجية أخرى. ويتساءل محللون كثيرون الآن حول ما إذا كان حزب العمال فقد مكانته التقليدية في الساحة السياسية ببريطانيا بعد هزيمته النكراء في انتخابات 7 مايو (أيار) الماضي. ويرى محلل سياسي مخضرم في إحدى الصحف البريطانية العريقة أن الحزب، منذ تأسيسه كجناح سياسي للحركة النقابية العمالية من 115 سنة، أدّى خدمات جوهرية للبريطانيين لكن «فترة صلاحيته ضمن الحياة السياسية البريطانية قد انتهت». أمّن «العمال» مكانته كثاني أكبر حزب بريطاني من خلال سلسلة من الإنجازات التي حققها منذ تأسيسه، ولعل أهمها دعم ونستون تشرشل لقيادة بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، وإنشاء مصلحة الصحة الوطنية (إن إتش إس) المعروفة بـ«جوهرة تاج المملكة» عام 1948، فضلا عن عدد من القادة الوطنيين الذين بصموا التاريخ، أمثال إيرني بيفين وجيم كالاهان وبيل رودجرز وديفيد أون وغيرهم. ويرفض كريس دويل، المدير التنفيذي لمؤسسة «كابو» لتطوير العلاقات العربية - البريطانية، فرضية «انتهاء صلاحية» العمال، مشيرا في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن فوز المحافظين فوز متواضع تاريخيا لحصولهم على أغلبية صغيرة. ويوضّح مدافعا عن أهمية الحزب في الساحة السياسية البريطانية: «لا يزال حزب العمال ثاني أكبر حزب. لا يعني ذلك أنه لا يواجه تحديات جدية، خاصة بعد فشله المؤلم في الانتخابات العامة، إلا أن (المحافظين) يواجهون بدورهم تحديات أخرى، خاصة في ما يتعلق بالقضية الأوروبية». ومن جانبه، يقول ريتشارد ويتمان، الخبير في السياسة البريطانية والزميل في معهد «تشاتام هاوس»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «(العمال) في موقف صعب للغاية. فهو في حاجة إلى إقناع البريطانيين بدوره في الحياة السياسية وبأهميته في تحقيق مساعيهم. لكن رغم كل التحديات التي تواجه الحزب التاريخي، فإنني لا أعتقد أنه استنزف مدة صلاحيته.. بل يحتاج إلى إعادة هيكلة أجنحته السياسية والتقرب من الناخبين». وفي ما يتعلّق بأسباب تراجع أداء الحزب، يرى ويتمان أن هذا الأخير لم يتمكن من مواكبة تغيّر طبيعة الطبقة الناخبة التي صوتت تاريخيا على مرشحي «العمّال». ويوضّح أن السبب وراء تألق الحزب في منتصف التسعينات بقيادة توني بلير هو قابليته للتأقلم مع تغير الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والتوجهات السياسية لناخبيه. وهو ما مكنه من الحفاظ على شعبيته، على عكس ما شاهدناه خلال دورتي الانتخابات العامة الماضيتين والتي شهدت فشل رائدي الحزب في مواكبة مطالب الطبقتين المتوسطة والغنية، على الأقل. أما العامل الأساسي الثاني فيتعلق بفشل مرشحي «العمال» في تقديم خطة مستقبلية واضحة لتحسين الأوضاع السوسيو - اقتصادية، واكتفائهم بانتقاد سياسات «المحافظين» غير الشعبية، خاصة منها التي تتعلق بالضرائب والتقشف. ويقول ويتمان في هذا الصدد: «إن عزمت التصويت لصالح (العمال) فإنني أود أن يكون لصوتي تأثير على سياسات المستقبل وعلى واقعي وواقع باقي المواطنين. أود أن يكون صوتا يمنحني فرصة لحياة أحسن، لا فرصة للانتقاد العقيم». وهنا فشل «العمال»، حيث إنه لم يقدم للناخبين حلولا مستقبلية واقعية لتحسين الخدمات الصحية مثلا، أو مستوى المدارس العامة أو خفض الضريبة على السكن وغيرها من الاهتمامات الداخلية الجوهرية. وكانت كريغ، وزيرة التنمية الدولية في حكومة الظل، قد حذرت من بعض مواقف قيادات حزبها تجاه الطبقات المتوسطة في مقالة كتبتها في صحيفة «الغارديان» البريطانية، مشيرة إلى أنه «لا يجوز أن يكون (العمال) حزب الطبقات العاملة وحزبا يرفض ارتقاء بعض أفراد هذه الطبقة لريادة الأعمال وخلق الثروة وفرص العمل في الآن نفسه». ومن جانبه، يقول إيان بيغ، زميل في معهد «تشاتام هاوس» الملكي للشؤون الدولية، لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن قضيتي الاقتصاد الوطني ونظام الـ(إن إتش إس) الصحي كانتا حاسمتين في قرار الناخبين البريطانيين لإعادة انتخاب ديفيد كاميرون، كما كانتا خلال الدورات الماضية. فغالبية الناخبين لا يزالون يلومون (العمّال) على تداعيات الأزمة المالية العالمية وفضّلوا وضع ثقتهم في المحافظين للمرة الثانية على التوالي.. أما بالنسبة للنظام الصحي فاعتاد البريطانيون على تفضيل سياسات العمّال لتحسينه وإصلاحه. إلا أنهم زعموا هذه المرة أن حظوظ المحافظين في إصلاح الاقتصاد تفوق حظوظ العمال في إصلاح الـ(إن إتش إس)». وبخصوص ملف الاتحاد الأوروبي، أعلن حزب العمال في التاسع من يونيو (حزيران) الحالي أنه سينظم حملة مستقلة لبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي بالتزامن مع الاستفتاء على هذا الأمر الذي يتوقع أن ينعقد قبل نهاية عام 2017. وأعلن كاميرون بعد فوزه في الانتخابات العامة أنه سيتفاوض مجددا بشأن علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي قبل أن يطرح عضوية بلاده في الاتحاد الذي يضم 28 دولة في استفتاء عام بحلول 2017. وقال كاميرون إنه يريد لبريطانيا أن تبقى في الاتحاد الأوروبي بعد خضوعه لعملية إصلاح لكنه لم يستبعد الدعوة إلى انسحاب بلاده من الاتحاد إذا لم تتوصل المفاوضات إلى النتائج المرجوة. وبينما أكدت هارييت هارمان، زعيمة الحزب المؤقتة، أن حزبها سيشارك في الاستفتاء للبقاء في الاتحاد نظرا لتمسك البريطانيين بحقهم في المساهمة في اتخاذ هذا القرار، فإنها استغربت رغبة البعض في الخروج من الاتحاد. وتقول: «لا يعقل أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي تزداد فيه الروابط بين الأسواق والدول قوة. سنقنع الناخبين البريطانيين بأننا نعيش عصر التكتلات التجارية والإقليمية، وأننا نكتسب مكانة أقوى بالعمل كجزء من الاتحاد الأوروبي». ومن جانبه، قال هيلاري بن، المتحدث باسم الشؤون الخارجية في حزب العمال ووزير الخارجية في حكومة الظل، إنه بغض النظر عن الجانب الذي يختاره كاميرون فإنه لن يخوض الحملة إلى جانب رئيس الوزراء المحافظ. وأضاف: «الشيء الذي يتفق عليه الجميع هو أننا سنقود حملة عمالية متفردة للتصويت بنعم». كما صرح بأن القرار لا يستبعد المشاركة في الحملة الرسمية المؤيدة للاتحاد الأوروبي والتي لم تتشكل بعد. ويعكس موقف بن رغبة حزب العمال في التعلم من الدروس المستفادة في استفتاء جرى على استقلال اسكوتلندا العام الماضي حين انضم الحزب المعارض إلى المحافظين والديمقراطيين الأحرار في الحملة المعارضة لاستقلال الإقليم. فقرار العمل مع الأحزاب الأخرى أبعد بعض الناخبين التقليديين لحزب العمال في اسكوتلندا، ويعتبر من أسباب صعود الحزب الوطني الاسكوتلندي الذي حصل في الانتخابات على 40 مقعدا كان يشغلها من قبل حزب العمال مما أسهم في الهزيمة الثقيلة التي مني بها «العمال». لم يحتفظ «العمال» إلا بمقعد واحد من أصل 41 مقعدا تاريخيا في البرلمان الاسكوتلندي في أسوأ فشل له في الإقليم. وقد لا تختلف أسباب فشل الحزب في اسكوتلندا عن أسباب فشله في باقي أنحاء المملكة، إلا أن الإقليم عرف بالإضافة إلى ذلك حملة انتخابية شرسة للحزب القومي الاسكوتلندي بقيادة زعيمته نيكولا ستورجن. وفي تعليق على العوامل وراء نجاح القوميين الاسكوتلنديين الكاسح في «المعقل العمالي» التاريخي، يفيد إيان بيغ بأن «هناك قراءتين مختلفتين لهذه المسألة. الأولى هي أن الأفراد الذين صوتوا لصالح استقلال اسكوتلندا خلال استفتاء عام 2014 - والذين بلغت نسبتهم 45 في المائة، هم أنفسهم الذين نزعوا الثقة من (العمّال) وساندوا نيكولا ستورجن، زعيمة القوميين الاسكوتلنديين. أما القراءة الثانية فهي أن الناخبين المعادين لـ(المحافظين) والذين قرروا إعطاء أصواتهم للعمال كما فعلوا سابقا، اضطروا إلى تغيير موقفهم بسبب خطابات ميليباند العدائية للحزب القومي الاسكوتلندي خلال المرحلة الأخيرة من الحملة الانتخابية». ويقود «العمال» الاسكوتلندي بدوره سباقا انتخابيا لاختيار قائده الجديد بعد أن قدم جيم مورفي استقالته عقب الانتخابات العامة. ولم يترشح لقيادة الفرع الاسكوتلندي للحزب إلا نائبان اثنان في البرلمان الاسكوتلندي، وهما كيزيا دوغدايل وكين ماكينتوش. وقال ماكينتوش الذي دخل منافسة القيادة بشعار «اسكوتلندا المستقبل»، لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب في حاجة إلى الانفتاح على مطالب الناخبين، وينبغي أن يبيّن أنه على استماع لتطلعات مواطني اسكوتلندا قبل أن يتمكن من استرجاع ثقتهم». كما أضاف أن المعركة التي بدأها الحزب لاستعادة نفوذه لن تتوج بالنجاح إلا إذا نهج برنامج إصلاح جديا. ويوضح: «لا أود أن أطلب من الناخبين التصويت علينا للحد من نفوذ «المحافظين في لندن أو القوميين الاسكوتلنديين في إدنبره، بل أود أن يصوتوا لصالحنا لاقتناعهم بأفكارنا وبرؤيتنا لمستقبل أفضل للاسكوتلنديين».
aawsat
http://aawsat.com/home/article/396776/المرشح-العمالي-المسلم-لعمادة-لندن-لـ«الشرق-الأوسط»-هويتي-فرصة-وليست-عائقًا
2015-07-21 03:02:54
المرشح العمالي المسلم لعمادة لندن لـ(«الشرق الأوسط»): هويتي فرصة وليست عائقًا
لندن: نجلاء حبريري
بالموازاة مع الحملة الانتخابية لقيادة حزب «العمال»، تشهد العاصمة البريطانية سباقا انتخابيا محتدما لاختيار العمدة الذي سيخلف بوريس جونسون في 5 مايو (أيار) من العام المقبل. أحد أبرز المرشحين هو صديق خان، وهو أول بريطاني مسلم يدخل مجلس الوزراء البريطاني بصفته وزيرا للنقل في حكومة غوردن براون. أكّد خان، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن دينه يشكل فرصة لا عائقا في حياته السياسية، وأنه لا تناقض بين هويته البريطانية ودينه وانتمائه العرقي وتوجهه السياسي. وأكد: «لندن هي إحدى المدن النادرة جدا في العالم غير الإسلامي حيث يستطيع مواطن مسلم الولوج إلى منصب عال ومرموق كمنصب عمدة لندن. واعتبر ذلك فرصة من ذهب لتوعية الناس حول الإسلام والمسلمين من جهة وتشجيع مسلمي لندن وبريطانيا على المشاركة الإيجابية في مختلف جوانب المجتمع». وعن أسباب ترشحه لمنصب عمدة إحدى أهم العواصم العالمية، يوضح خان: «هدفي الأول والأساسي هو أن أضمن أن الفرص التي حظيت بها وإخواني في لندن هي الفرص نفسها التي تستفيد منها باقي ساكنة هذه المدينة. استقبلت لندن أسرتي المهاجرة، وكنا من المحظوظين الذين استفادوا من سكن اقتصادي مناسب ومستوى تدريس متميز في مدرسة عامة محلية ومن الذين أتيحت لهم فرصة ولوج الجامعة إن كان مستواهم الأكاديمي يسمح بذلك». ويضيف: «لندن لم تصبح توفر نفس هذه الفرص لأغلب ساكنيها لعدد من الأسباب، وهذا ما أسعى إلى تغييره بالدرجة الأولى، بدءا من مستويات المدارس العامة وأسعار النقل العمومي، إلى توفير فرص عمل برواتب مناسبة وسكن بأسعار معقولة». اشتغل صدّيق كمحامي حقوق إنسان لسنوات قبل أن يبدأ مسيرته السياسية كنائب برلماني لمنطقة «توتينغ» في مايو 2005. كما شغر منصب وزير النقل في حكومة «العمال» السابقة، ووزير العدل في حكومة الظل من عام 2010 - 2015، ووزير شؤون لندن في حكومة الظل من 2013 إلى 2015. وتعاطى صدّيق، على غرار المتحمسين لقيم «العمال» وسياساته، مع فشل حزبه في الانتخابات العامة الماضية بمراجعة سياسات الحزب، ويقول بهذا الصدد إن «عموم الناخبين البريطانيين لم يكافئوا الحزب بأصواتهم لأنهم لم يقتنعوا بأنه يدعمهم ويدعم إمكانياتهم.. وهذا ما ينبغي تغييره في المستقبل». وتعقيبا عن خطاب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الذي دعا فيه الجالية المسلمة في بلاده إلى بذل مزيد من الجهود لمكافحة التطرف والإرهاب، يقول صديق: «تضم بريطانيا أزيد من 3.5 مليون مسلم، وأغلب أفراد هذه الجالية فخورون للغايةبهويتهم المسلمة وبهويتهم البريطانية ويسهمون إيجابيا في تطوير وبناء المجتمع. وما أخشاه هو أن تعطي هذه الرسالة (خطاب كاميرون) انطباعا بأننا (الجالية البريطانية المسلمة) نؤيد العنف والعمل الإجرامي». وشدد صديق على أن مسؤولية مكافحة التطرف وحماية الشباب من الانقياد وراء الآيديولوجيات المتشددة تقع على عاتق جميع مكونات المجتمع، سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/390871/الدروز-معركة-البقاء
2015-07-21 03:02:57
الدروز.. معركة البقاء
بيروت: ثائر عباس
يقع الدروز في «عين العاصفة» هذه المرة. فالطائفة الصغيرة، المتماسكة، التي أثبتت قدرة لافتة على البقاء، تواجه اختبارا مهما يتعلق بمصيرها، في منطقة تمزقها الحروب التي لم تعد بعيدة عن عقر دارها، فيما تتنازعها قوى أكبر منها، تريد كل منها جرها إلى الموقع الذي تراها فيه، مما يجعلها في مواجهة تحدي البقاء متماهية مع نسيج المنطقة - كما استطاعت لقرون - أو الذهاب في مغامرات غير محسوبة قد تؤدي بها إلى مواجهة هذا النسيج الطائفي المحيط بها. وهذا الواقع يقلق رئيس «اللقاء الديمقراطي» اللبناني النائب وليد جنبلاط، الذي يخوض معركة «بقاء» الطائفة ضد قسم كبير من أبنائها في سوريا الذين يميلون إلى صف النظام السوري، فيما دخلت إسرائيل على الخط لتزيد الأزمة تعقيدا، مكررة محاولة سابقة قامت بها في عام 1982 لاستمالة دروز لبنان إلى صفها، فتصدى لها جنبلاط آنذاك واستطاع أن ينأى بطائفته عنها. وها هي إسرائيل تحاول تكرار التجربة، وها هو جنبلاط يتصدى مجددا، لكن موقفه يبدو ضعيفا هذه المرة. يتميز دروز بلاد الشام عن سواهم من الأقليات بابتعادهم عن «النزعة الاستقلالية»، وميلهم نحو الأطراف الأقوى في مناطق وجودهم، أي الدول. وهكذا نجدهم ينخرطون في مشاريع الدول، مع الاحتفاظ بخصوصياتهم. ولعل أبرز دليل على ذلك هو غياب المرجعية الدينية التي تجمع أبناء الطائفة، واستبدال مرجعيات بها تتعدد حتى في البلد الواحد. وهكذا التصق دروز سوريا بنظامها، إلى حد بات من الصعب عليهم معه الخروج من فلكه. وأدى خوفها من التنظيمات المتشددة، وغياب الخطاب المطمئن من المعارضة السورية، إلى وضع نفسها في خندق واحد مع النظام السوري في معركته للبقاء، وهو ما بدأ بعض أطياف هذه الطائفة التحذير منه، لأن ذهاب النظام قد يؤدي إلى ذهاب الطائفة بأكملها معه، وما حصل في جبل السماق في ريف إدلب دليل على هذا التخوف، مع وقوع الصدام الأول بين «جبهة النصرة» التي تسيطر على المنطقة وأهالي المنطقة الدرزية الذين لا يزيد عددهم على 20 ألف شخص، مهددين بالترحيل عن قراهم. أما في السويداء التي تعتبر أكبر تجمع للدروز، فقد باتت المنطقة على حافة الصدام مع المعارضة المسلحة التي تقضم مواقع النظام، مما يجعل أهل المنطقة أمام خيار من اثنين: القتال إلى جانب النظام السوري أو فك الارتباط معه. وكتب جنبلاط عبر «تويتر» أمس يشكو «مشروع الفتنة المشترك السوري الإسرائيلي، للإيقاع بين العرب الدروز وأهل حوران والسنة بشكل عام مستمر». وقال: «زار السويداء المدعو (رئيس مجلس الأمن القومي) علي مملوك، واجتمع مع مشايخ العقل محرضا، وهذه وظيفته التحريض على القتل والإجرام». وأضاف: «من جهة ثانية، أحد أبرز رموز الإدارة الإسرائيلية، أيوب القرا القريب جدا من نتنياهو، ينشط يمينا وشمالا عارضا خدماته أي خدمات إسرائيل لمساعدة دروز سوريا. يا له من تلاق غريب ومدروس بين علي مملوك وأيوب القرا!». وختم جنبلاط قائلا: «على عقلاء جبل العرب أن يستدركوا حجم المؤامرة التي ترمي إلى الإيقاع بينهم وبين أهل حوران والعرب البدو في السويداء». وتشهد السويداء مخاضا لافتا في الآونة الأخيرة مع اقتراب المعارك منها. وفي حين يمتنع نحو 27 ألف شخص منها عن الالتحاق بالخدمة العسكرية، يبقى الموقف العام لدروزها أقرب إلى النظام، منه إلى المعارضة التي تقترب من حدود المنطقة. وبعد مغامرات سريعة لضباط منشقين دروز، ظهر مؤخرا شيخ درزي يدعى وحيد تمرد على النظام وأنشأ وحدة عسكرية خاصة به، غير أن معارضين سوريين دروزا يرسمون علامات استفهام على تحركه، ومنها أنه ما يزال يحتجز عددا من أبناء درعا مطالبا بمبادلتهم بجثث لدروز سقطوا في مواجهات جرت قبل نحو عام، ومطالبا أيضا بفدية مالية. أما النائب جنبلاط فما يزال مصرا على ضرورة انضمام دروز سوريا إلى الحراك المعارض رغم إدراكه صعوبة مهمته. وقال جنبلاط لـ«الشرق الأوسط» لا خيار أمام الدروز السوريين إلا ملاقاة الثورة السورية، والمصالحة ووحدة الموقف مع أهل حوران، وإدانة عملاء النظام الذين من خلال ما يسمى «درع الوطن» وهو تشكيل يوازي «الدفاع الوطني» حيث قام هؤلاء العملاء بخطف ثلاثة من البدو وقتلهم في إطار مشروع النظام المتراجع، والهادف إلى خلق الفتنة مع البدو ومع أهل حوران. وعما إذا كان خائفا على دروز سوريا، قال: «خائف طبعا. دروز سوريا وأهل حوران قاموا معا بالثورة السورية الكبرى لتوحيد سوريا، وأنا اليوم خائف على تراثهم، وعلى الوقوع في مؤامرة تفتيت سوريا، وهم أضعف حلقة في المجتمع السوري». وأضاف: «النظام يتهاوى، وأخذ معه الطائفة العلوية العربية إلى الهلاك، إنه نظام لا يبالي بأحد». ويتركز الدروز أساسا في منطقة بلاد الشام، وهم طائفة صغيرة، يفضل أبناؤها تسمية أنفسهم بـ«الموحدين». ويعود وجودهم في هذه البلاد لأكثر من ألف عام. في العام 408 للهجرة، أي في العام 1000 ميلادي، انطلقت «دعوة التوحيد» من مصر باتجاه بلاد الشام، حيث كانت الدولة الفاطمية تنشر سيادتها على مناطق كثيرة فيها. انطلقت عملية «الدعوة» من مصر إلى فلسطين، ثم وادي التيم وجبال الأشواف (الشوف اللبناني) وفي اتجاه حوران وحلب وصولا إلى ما يعرف اليوم بجبل السماق. ولاقت الدعوة المدعومة من الدولة إقبالا في تلك المناطق، ويقول الباحث اللبناني الدكتور رياض غنام بأن الدعوة «كانت عقلانية» مشيرا إلى أن الفكر الذي حملته الدعوة كان مشبعا بالفكر الشيعي وملقحا بالحضارة الهندية واليونانية. لكن بعد تقويض الدولة الفاطمية، بدأ التضييق على هؤلاء، فارتد عنها بعض من انضموا إليها من السنة والشيعة، خصوصا عندما قامت الدولة المملوكية باستئصال «الباطنيين» من جبال كسروان في لبنان، فتقوقعت الطوائف، ليذهب الشيعة باتجاه البقاع شرقا وجبل عامل جنوبا، فيما انحصر الوجود الدرزي في بلاد الأشواف وجبل السماق وصفد وجوارها. العلاقة بين دروز لبنان وسوريا، هي علاقة فيها الكثير من الإشكاليات. ففيما يعتبر دروز جبل السماق هم الأصل في سوريا، يتحدر نحو 90 في المائة من دروز السويداء من لبنان. ويتحدث غنام عن ثلاث هجرات درزية، كانت أولها في العام 1711. بعد معركة عين دارة التي كانت بمثابة الحرب الأهلية الدرزية في جبل لبنان، والتي قامت على أساس الانقسام القيسي – اليمني. خسر اليمنيون المعركة، وكانوا أمام خيار الهجرة أو الموت، فانتقلوا إلى الداخل السوري وسكنوا في جبال حوران، مثبتين حضورهم بين سكانه بالقوة. أما الهجرة الثانية فأتت بعد حرب العام 1960 بين الدروز والمسيحيين، حيث هرب عدد من دروز لبنان نحو أقاربهم في المنطقة التي باتت تعرف بـ«جبل الدروز» أما الهجرة الثالثة فأتت في العام 1915 إثر المجاعة التي ضربت لبنان في الحرب العالمية الأولى. وهكذا انتقل العدد الأكبر من الدروز مع مرور الزمن من لبنان إلى جبل الدروز الذي سموه لاحقا جبل العرب، حيث تسكن الآن الكتلة الدرزية الأكبر في العالم بتعداد يقارب 700 ألف نسمة، فيما يسكن لبنان نحو 260 ألف درزي، فيما أن الكتلة الثالثة الأكبر تقيم في فلسطين ويبلغ تعدادها نحو 150 ألفا. ويقدر عدد الدروز في العالم بنحو مليون ونصف المليون. ويتشارك دروز السويداء مع دروز لبنان نفس أسماء العائلات التي ما تزال تجمعها قرابة واضحة، فيما بدل آخرون أسماء عائلاتهم لتأخذ أسماء قراهم الأصلية في لبنان. وبخلاف الطوائف أو الديانات الأخرى، لا يوجد لدى الدروز مرجعية دينية موحدة. ففي كل منطقة من مناطق وجودهم يوجد «شيخ العقل» وهو منصب له طابع سياسي أكثر منه ديني، حيث استحدث خلال العهد العثماني كنتيجة لنظام الملل العثماني الذي اعترف بالطوائف الموجودة على أرض السلطنة العثمانية. ويقوم رجال الدين الدروز بإدارة شؤونهم الدينية عبر مجموعة من كبار رجال الدين، لا يوجد الكثير من المعلومات حول كيفية تنظيمهم. أما فيما خص منصب شيخ العقل فهو منصب يعتبر بمثابة صلة الوصل بين السلطات الرسمية في الدول التي يتواجد فيها الدروز وعامة أفراد الطائفة. ونظرا للانقسام السياسي بين الدروز في لبنان بين الزعامتين الجنبلاطية والأرسلانية، يوجد حاليا شيخ عقل رسمي هو الشيخ نعيم حسن، وشيخ عقل أمر واقع هو الشيخ ناصر الدين الغريب. أما في سوريا فيوجد ثلاثة شيوخ عقل، تعترف الدولة السورية بهم جميعهم بشكل رسمي على قدر المساواة، فيما يوجد شيخ عقل واحد لدى دروز فلسطين. وكما في الدين كذلك في السياسة، لا يوجد قيادة دينية موحدة، تمتلك التأثير المباشر على كل الدروز. فقد أنشأ الدروز زعاماتهم المحلية التقليدية. لكن يسجل للنائب اللبناني وليد جنبلاط قدرة لافتة على التواصل، فيما يبني النائب طلال أرسلان علاقة مميزة مع دروز السويداء الذين يقتربون منه في المفهوم السياسي لجهة التحالف مع النظام السوري، فيما يقوم الوزير السابق وئام وهاب بدور في دعم تشكيلات عسكرية صغيرة تقاتل إلى جانب النظام السوري، كما تحدثت مصادر كثيرة عن دور ميداني لافت للسجين اللبناني المحرر من السجون الإسرائيلية سمير القنطار في تنظيم جماعات مسلحة درزية تعمل بالتعاون مع «حزب الله» في منطقة القنيطرة. ويتجلى هذا الانقسام السياسي في عدم وجود فكرة «الدولة الدرزية» التي قيل بأن غنام «يعمل عليها من قبل غير الدروز ويعارضها الدروز أنفسهم». ويقول غنام: «الدروز لديهم انتماء جغرافي وبيئي، ولا انتماء خارجيا لهم» مشيرا إلى أنهم «يعملون على المحافظة على الخصوصية في كل مكان يتواجدون فيه» جازما بأن فكرة الدولة غير موجودة لديهم ولا شيء يجمعهم سياسيا. ويوضح غنام أن الفرنسيين كان أول من عمل على فكرة الدولة الدرزية، عندما حاولوا تقسيم سوريا إبان انتدابهم عليها. وقال: «قسم الجنرال غورو سوريا إلى أربع دول، هي دولة العلويين ودولة حلب ودولة دمشق ودولة جبل الدروز، لكن الدروز كان أول من ساهم في إحباط هذا المشروع مع إطلاقهم بقيادة سلطان باشا الطرش شرارة الثورة السورية الكبرى في العام 1925 التي انتهت إلى إعادة الوحدة إلى سوريا». أما الكاتب اللبناني، ورئيس تحرير صحيفة «المدن» الإلكترونية ساطع نور الدين فيرى بدوره أن الدولة الدرزية ليست حلما للدروز، فلا العدد يسمح، ولا الجغرافيا تسمح. وأشار إلى ميزة خاصة لدى الدروز في لبنان وسوريا، وإلى حد ما في فلسطين، حيث يكون الدروز متقدمين في الدفاع عن الوطنية التي ينتمون إليها، ويزايدون برفض الطائفية، معتبرا أن الطموح الأكثر عقلانية لديهم هو الانخراط في مشاريع الدول التي ينتمون إليها. ويقول نور الدين: «شعرت بالقلق في تلك اللحظة التي تم التعامل فيها مع الدروز على أنهم أقلية». وقال: «أنا أتحفظ على هذا التعريف لأن الأقلية عادة تكون كتلة واحدة بالوقف السياسي والاجتماعي، فيما أن هناك أقليات أخرى في سوريا أكثر التفافا حول قياداتها أكثر من دروز سوريا». وأشار نور الدين إلى أن سلوك النائب جنبلاط ينبع من إحساسه بالخطر في لحظة شعر فيها بأنه يجري تمزيق الدروز وتحويلهم كبش محرقة من قبل مجموعات تتنازع عليهم. ولهذا أتى ليقول لهؤلاء اتركوا النظام السوري واتركوا إسرائيل واذهبوا إلى محيطكم موضحا أن جنبلاط بذل مجهودا كبيرا لرد الدروز عن النظام وإسرائيل والخيار الانتحاري. لكن نور الدين شكك في إمكانية تجاوب دروز سوريا مع جنبلاط، معتبرا أن غالبية الطائفة هناك ليست معه. وأوضح نور الدين أن ثمة محاولة إسرائيلية جرت في العام 1982 مع دروز لبنان عندما اجتاحت إسرائيل لبنان وأتى دروز من إسرائيل يمهدون لفكرة الدويلة الدرزية، وحينها قام جنبلاط بأخذ الطائفة بأكملها نحو الخيار الوطني المقاوم لإسرائيل. وعن تفسيره لوجود غالبية دروز سوريا مع النظام يقول نور الدين بأن ثمة اعتبارات عدة، منها حضور الدروز في الجيش السوري، وحضورهم في الإدارة الرسمية السورية وأجهزة الأمن، مشيرا إلى أن لدى الدروز إحساسا بأن المشروع الذي تقدمه المعارضة غير جذاب، مشيرا إلى أن ما قام به زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني من دعوة الدروز إلى تصحيح أخطاء عقيدتهم وطريقة التعامل معه في إدلب غير مشجعة واستفزازية. * دروز السويداء...الدفاع عن النفس * اتخذ دروز السويداء قرار القتال دفاعًا عن النفس فقط، دون المشاركة في قتال بالوكالة عن النظام السوري، أو في صفوفه. تقول مصادر المعارضة في الجبهة الجنوبية لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار السويداء «حظي بشبه إجماع في المحافظة، رغم وجود استثناءات قليلة مثل محازبي الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي قتل اثنين من عناصره الأسبوع الماضي، وآخرين من ميليشيات الدفاع الوطني»، مشيرة إلى أن القرار «ظهر عمليًا في 25 مارس (آذار) الماضي، حين شنت قوات المعارضة هجومًا على بلدة بصرى الشام التي تسكنها أغلبية شيعية، وأفضى إلى سيطرة قوات المعارضة عليها». وتوضح: «يومها، رفض دروز السويداء الدفع بتعزيزات لمؤازرة قوات النظام، وهو ما دفع النظام لسحب قواته باتجاه السويداء، وترك البلدة بهدف التقليل من الخسائر البشرية». غير أن القرار، كانت له تبعات أخرى بعد نحو شهرين. وتضيف المصادر: «حين شنت قوات المعارضة هجومًا على مقر اللواء 52 في ريف درعا الشرقي المتصل بالسويداء، الذي يعتبر خط الدفاع الأخير عن مطار الثعلة العسكري، انسحبت قوات النظام منه بشكل دراماتيكي، ما يوحي أنه ترك الخطر يقترب من السويداء، كون النظام يتعاطى مع المعارك العسكرية بخلفية أمنية أيضًا». وتشير إلى أن قوات الجيش السوري الحر المهاجمة «وجدت نفسها تلقائيًا قرب مطار الثعلة، الذي لم يكن ضمن مخطط الهجوم، ودخلت إلى أسواره، وانخرطت في معارك أدت إلى تعطيله، ووجدت أن النظام مارس سياسة تسهيل نقل المعركة إلى مطار الثعلة، بغرض الضغط على الدروز للقتال في المطار، على قاعدة أنه خط الدفاع الأول عن السويداء، وباتوا بخطر، وهو ما دفعهم إلى حشد الطاقات لمواجهة الجيش السوري الحر فيه». وكان عضو المجلس العسكري في الجيش السوري الحر أبو أحمد العاصمي الذي يتحدر من درعا، أبلغ «الشرق الأوسط» في تصريحات سابقة أن مقاتلي الحر المهاجمين وجدوا أنفسهم بمواجهة 1500 مقاتل من السويداء احتشدوا في مطار الثعلة، وهو ما دفع مقاتلي «الحر» لإيقاف المعركة، بهدف منع النظام من التضحية بالدروز، ووضعهم في مواجهة مع جيرانهم من أهل حوران. لكن مصادر مطلعة على المعركة من السويداء، كشفت لـ«الشرق الأوسط» عن وساطات دخلت على خط المعركة بهدف إيقافها، مشيرة إلى أن أطرافًا درزية لبنانية ساهمت في منع استمرار المعركة، لمنع النظام من زيادة التوتر بين أهالي السويداء وجيرانهم من حوران، فاتخذ «قرارا حكيمًا من قيادات الحر التي تتحدر من ريف درعا الشرقي بشكل أساسي، لإيقاف المعركة، ونقل الجهد العسكري إلى جبهة مدينة درعا البلد».
aawsat
http://aawsat.com/home/article/390866/بوش-الثالث-الطريق-إلى-المكتب-البيضاوي
2015-07-21 03:02:59
بوش الثالث.. الطريق إلى المكتب البيضاوي
واشنطن: هبة القدسي
من قبل أن يعلن جيب بوش ترشحه رسميا لسباق الرئاسة الأميركي لعام 2016 عن الحزب الجمهوري والصحف الأميركية تتساءل وتحلل وتطرح أسئلة كثيرة: هل سيكون جيب بوش مثل أبيه جورج بوش الأب أم مثل أخيه جورج بوش الابن؟ فالاسم الذي يحمله جيب كفيل بقطع شوط كبير في تعريف الناس به، فالعائلة لها تاريخ طويل في البيت الأبيض، لكن السؤال هو: هل سيكون اسم العائلة مفيدا للمرشح الجمهوري أم وبالا وعبئا عليه؟ وبعد ثماني سنوات من ترك أخيه لمنصب الرئيس يبقى السؤال الأكثر أهمية: هل مل الناخبون الأميركيون من عائلة بوش أم أنهم يؤيدون مجيء بوش لثالث مرة إلى البيت الأبيض؟ وفي الوقت الذي تشير فيه التحليلات واستقصاءات الرأي إلى أن جيب بوش هو المرشح الأوفر حظا في الانتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري، فإن هيلاري كلينتون لا تجد منافسة حقيقية في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وكأن التاريخ يعيد نفسه، فمنذ إعلان ترشيح جيب بوش رسميا وقبله هيلاري كلينتون وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 (موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية)، سيجد الأميركيون أنفسهم في وضع اختيار بين آل بوش وآل كلينتون للمرة الثانية في خمسة وعشرين عاما، وسيجد العالم نفسه بعد نوفمبر 2016 إما أمام الرئيس بوش الثالث أو الرئيس كلينتون الثاني. بعض التحليلات تقول إن هذا الأمر مثير للقلق لدى الناخب الأميركي الذي يحب التغيير، وتقول نتائج استطلاع للرأي قامت به شبكة «بي سي نيوز» وجريدة «وول ستريت» إن 39 في المائة من الأميركيين يفضلون مرشحا جديدا وليس مرشحا يحمل اسم عائلة بوش أو عائلة كلينتون، ويعتبرون إعادة انتخاب هيلاري كلينتون أو جيب بوش تمثل عودة إلى سياسات الماضي. وعلقت صحيفة «نيويورك تايمز» على تلك القضية بأن قدر ومصير الولايات المتحدة أصبح بيد عائلتين. وأشارت إلى تصريحات للسيدة الأولي السابقة باربرا بوش، قالت فيها إن اثنتين أو ثلاث عائلات أميركية فقط هي الأجدر بالترشح في المناصب العليا في أميركا، وأوضحت الاستطلاعات أن 69 في المائة من الأميركيين يوافقون على هذا الرأي. هذا الأمر هو الذي دفع جيب بوش للابتعاد عن إرث العائلة، وأن يعلن في ترشحه أنه يمثل نفسه فقط، ويقدم أفكاره دون أن ترتبط أفكاره وسياساته بأبيه أو بأخيه، بل قدم دعايته الانتخابية باسمه الأول فقط (جيب) وقال لمناصريه إنه لا أحد من المرشحين للرئاسة له الحق في المنصب اعتمادا على الأقدمية أو العائلة. وحاول جيب الابتعاد عن أخيه وسياساته في عدة مقابلات تلفزيونية، وصرح بأنه لم يكن ليشن حربا على العراق اعتمادا على المعلومات المتوافرة في الوقت الحالي. * جيب وجورج بوش أوجه الشبه والاختلاف * يقول مقربون من آل بوش إن شخصية جيب بوش تختلف بشكل كبير عن شخصية أخيه الرئيس السابق جورج بوش، موضحين أن الأول يملك شخصية أكثر دبلوماسية وأكثر انطوائية، بينما الثاني أكثر انفتاحا وأكثر عاطفية. ويقول ستيفن شير، أستاد العلوم السياسية بكلية كارلتون بولاية مينيسوتا، ومؤلف كتاب «مخاطر عالية وطموحات كبيرة في رئاسة جورج بوش»، إن «شخصية جيب بوش أكثر هدوءا واستقرارا، وينصب على الأمور باهتمام، مما يجعله أكثر شبها لوالده، وإن جورج بوش أكثر شبها لوالدته». بينما تقول باربرا بيري، بمركز ميلر لجامعة فيرجينيا، إنها ترى في جيب بوش سياسيا حاد اللسان. ويتفق المحللون أن كلا من جيب بوش وجورج بوش سيشكل تحديا هائلا مع إنجازات جورج بوش الأب الذي بنى حياته السياسية بنفسه، فهو البطل الأميركي الذي نجا بطائرته خلال الحرب الفيتنامية، ثم أصبح عضوا بالكونغرس الأميركي، ثم رئيسا لوكالة المخابرات المركزية، ثم دبلوماسيا بالبعثة الأميركية إلى الصين، ثم سفيرا لدى الأمم المتحدة، ثم نائبا للرئيس رونالد ريغان لثماني سنوات، حتى وصل ليصبح رئيسا للولايات المتحدة. ويقول البروفسور شير إن جورج بوش الابن كحاكم لولاية تكساس، وكرئيس، اعتمد بشكل كبيرة على مجموعة من المستشارين لتشكيل سياساته. بينما كان جيب بوش الحاكم السابق لولاية فلوريدا أكثر انغماسا في تشكيل السياسات بنفسه، مؤكدا على فوارق كبيرة بين شخصية جيب بوش وأخيه وشخصية الأب جورج بوش. ويقول البروفسور ماثيو كوريغان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فلوريدا «إن جورج بوش الابن كحاكم ولاية تكساس قدم خطوات كبيرة في خفض الضرائب وإصلاح التعليم، ومهما اختلفنا حول جيب بوش فلا يمكن القول إنه لم يحقق أشياء كثيرة كحاكم لولاية فلوريدا، وإن كانت الغالبية العظمي من سياساته سياسات متحفظة للغاية». وأضاف «أبرز إنجازات جيب بوش تمثلت في تخفيضات كبيرة للضرائب ووضع قيود على الإجهاض وتوسيع حق ملكية الأسلحة وإصلاح التعليم». ويشير دونالد كريتشلو، أستاذ التاريخ السياسي في جامعة أريزونا، إلى أن جورج بوش الأب لم يلتزم بتعهداته بعدم رفع الضرائب، وخلال عهد الرئيس جورج بوش الابن تزايد عجز الموازنة نتيجة حربي العراق وأفغانستان، متشككا في ما يمكن أن يحدث مع بوش ثالث في الأفق. ويوضح كريتشلو أن جيب بوش يواجه منافسا خطيرا مثل ماركو روبيو عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا، وهو أمر يشكل تحديا كبيرا خاصة مع ملل الأميركيين من آل بوش. * جيب بوش و الشرق الأوسط * من الصعب التكهن بموقف وسياسات جيب بوش حول قضايا الشرق الأوسط، لكن يمكن استنتاج بعض الملامح من الفريق الاستشاري الذي يعمل مع جيب بوش حول السياسة الخارجية. فمن بين 21 عضوا في فريق المستشارين للسياسة الخارجية هنالك 19 عضوا كانوا في مراكز حيوية بإدارات الرئيس جورج بوش السابقة، بما في ذلك بول وولفويتز أحد المحافظين الجدد ومهندس الحرب على العراق عام 2003، وجيمس بيكر وزير الخارجية الأسبق، وستيفن هادلي مستشار الأمن القومي الأميركي السابق. ويرفض جيب بوش دبلوماسية الرئيس أوباما مع إيران، وينظر لإيران باعتبارها دولة راعية للإرهاب وتشن حربا بالوكالة ضد القوات الأميركية وحلفاء الولايات المتحدة لأكثر من ثلاثة عقود. ويهاجم جيب بوش بانتقادات لاذعة الاجتماعات الحالية بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، وسماح الجانب الأميركي لطهران بالحفاظ على بنية تحتية نووية تسمح لها بالتلويح والتهديد بتصنيع أسلحة نووية وتخويف دول منطقة الشرق الأوسط. ويقول المحللون إن جيب بوش إذا نجح في الوصول إلى الرئاسة في الانتخابات المقبلة فإنه على ما يبدو سيقدم على التراجع وإلغاء أي اتفاق يتم التوصل إليه بين إدارة أوباما والنظام الإيراني. ويتخوف المحللون من أن الإقدام على هذه الخطوة قد يضع البلدين على قدم الاستعداد للحرب. ويبدو جيب بوش أقل دعما للحرب التي شنها أخوه على العراق عام 2003، وما تلاها من احتلال عسكري أميركي للعراق. ويلقي جيب بوش باللوم في ظهور تنظيم داعش على إدارة أوباما وقراره سحب القوات الأميركية من العراق عام 2011. ويرى جيب بوش ضرورة في تعزيز وجود مزيد من القوات الأميركية على الأرض في العراق وتضمينها في الوحدات العسكرية العراقية. ويقول المحللون إنه ليس من الصعب أن نقرأ في تصريحاته الدعوة إلى تدخل عسكري مباشر في العراق وربما في سوريا بهدف محاربة تنظيم داعش. وينتقد جيب بوش موقف إدارة أوباما من مصر والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وما يقوم به من جهود لمحاربة الفكر المتطرف الذي يصفه جيب بوش بأنه ينتشر كالنار في الهشيم في منطقة الشرق الأوسط. ولا تبدو هناك تصريحات واضحة لجيب بوش حول موقفه من الأزمة السورية. ويتعهد جيب بوش بمساندة حكومة بنيامين نتنياهو اليمنية، ملمحا إلى أنه سيتخلى عن ممارسة أي ضغوط على نتنياهو من أجل تنفيذ حل الدولتين. وقد أثار جيب بوش الكثير من التصريحات التي هاجم فيها روسيا، ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالفتوة، ووصف موقف الرئيس أوباما بالضعيف عندما يتعلق الأمر بروسيا. ويقول المحللون إنه في حال فوز جيب بوش فإن سياسته تجاه الشرق الأوسط ستتجه إلى التصعيد العسكري مع إيران وزيادة القوات الأميركية في العراق ودعم حزب الليكود الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة. لغة المال ولأن المال هو دائما ما يحكم ويتحكم في مسار حظوظ مرشح وآخر، فإن المال وحجم التبرعات التي ينجح جيب بوش في الحصول عليها لها حسابات أخرى. ويقول مقربون من جيب بوش داخل حملته الانتخابية إنه يحصل على التبرعات والأموال لمساندة حملته بشكل مذهل من جميع المصادر المعتادة سواء من مناصري الحزب الجمهوري ورجال الأعمال من النخب الغنية، أو من جماعات القوى مثل «وول ستريت» و«وول مارت» و«مايكروسوفت» والشركات العالمية وجماعات الضغط واللوبيهات الأجنبية المعتادة. وأشار مصدر بالحملة الانتخابية إلى أنه في مارس (آذار) 2015 الماضي، وقبل ثلاثة أشهر كاملة من إعلان ترشحه رسميا، كانت حملة جيب بوش قد نجحت في جمع تبرعات وصلت إلى 100 مليون دولار. ويعد جيب بوش الأوفر حظا في استطلاعات الرأي حتى الآن، حيث تقول صحيفة «وول ستريت جورنال» إن الدعم المحتمل لجيب بوش ارتفع بنحو خمس نقاط مئوية في يونيو (حزيران) الحالي عن شهر مايو (أيار) الماضي، وقفز بنحو 26 نقطة منذ مارس الماضي. ويواجه جيب قائمة طويلة من المرشحين عن الحزب الجمهوري الدين أعلنوا بالفعل خوضهم السباق للفوز بترشيح الحزب، ومن بينهم السيناتور عن ولاية كنتاكي راند بول، وحاكم ولاية تكساس السابق ريك بيري، والسيناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو، والسيناتور عن ولاية بنسلفانيا ريك سانتروم، والسيناتور عن ولاية تكساس تيد كروز، وحاكم أركنساس السابق مايك هاكيبي. وعند إعلان ترشحه في ولاية أيوا منتصف الشهر الحالي وقف جيب بوش وبجواره زوجته كولومبيا بوش المكسيكية الأصل، وابنه الأكبر جورج بوش (39 عاما) وابنته نويل (37 عاما) وابنه الأصغر جون أليس بوش (31 عاما). وشاركت باربرا بوش (90 عاما) والدة جيب في حفل إعلان الترشح، وأعطته قبلة على وجهه لتظهر للناخبين أنها توافق على ترشيح جيب ليكون العضو الثالث في العائلة ليحتل المكتب البيضاوي. فيما لم يستطع الرئيس الأسبق جورج بوش الأب المجيء لحفل الترشح واكتفى بمكالمة تليفونية مع ابنه. ووفقا للعادة الأميركية في مشاركة عائلة المرشح في مشواره، وقف أبناء جيب بوش يعلنون مساندتهم لأبيهم خاصة الابن الأصغر جون أليس بوش وهو الأكثر مساندة لوالده، حيث يقوم بجمع التبرعات من الحزب الجمهوري ويشارك في المؤتمرات الحزبية لمساندة والده. وقد حصل على درجة الماجستير في الدراسات الأميركية اللاتينية بعد شهادة في القانون، وهو متزوج من ساندرا الكندية من أصل عراقي. وقد واجه مشاكل مع الشرطة في السابق عندما ألقي القبض عليه بتهمة تعاطي المخدرات ومقاومة الاعتقال عام 2005. وقد أثارت كولومبيا بوش فضيحة كبيرة عام 1998 عندما كذبت على المسؤولين في الجمارك الأميركية حول تقييم الملابس والمجوهرات التي اشترتها من رحلة لباريس، وقالت إن قيمتها 500 دولار، بينما وجدت إدارة الجمارك أن القيمة تتعدى 19 ألف دولار، وأفردت الصحف الأميركية مساحات واسعة لهذه القصة التي أظهرت السيدة الأولى لولاية فلوريدا في موقف الشخص الذي يكذب ويغش وهو موقف لا يغفره بسهولة الناخب الأميركي. وقد عادت كولومبيا بوش للظهور مرة أخرى للأضواء بشكل إيجابي ببرامج تكافح العنف الأسري وبرامج للمنح الدراسية بالمدارس الثانوية ومبادرات لمكافحة إدمان المخدرات على أثر تجربة ابنتها نويل ومشاكلها مع الإدمان. ورغم كل ذلك يقول المحللون إن كولومبيا بوش يمكن أن تكون سلاح بوش السري في سباق 2016 لما يمكن أن يجنيه من أصوات مضمونة من الجالية الإسبانية في الولايات المتحدة. وتقول كولومبيا بوش إنها تريد أن تكون أول سيدة أولى في البيت الأبيض من أصل إسباني. وقد تولى جيب بوش، المولود في 11 فبراير (شباط) 1953، منصب حاكم ولاية فلوريدا لولايتين متتاليتين من عام 1999 إلى عام 2007، ويعد الجمهوري الأول والوحيد الذي تولى المنصب لولايتين. وقد تربى جيب في ولاية هيوستن بتكساس وحصل على شهادة البكالوريوس في الشؤون الأميركية اللاتينية من جامعة تكساس، وانتقل إلى ولاية فلوريدا في عام 1986، وشغل منصب وزير تجارة ولاية فلوريدا حتى استقالته في عام 1988 ليساعد والده بوش الأب في حملته الرئاسية. وخسر جيب بوش معركة الانتخابات لمنصب حاكم ولاية فلوريدا في عام 1994 بفارق ضئيل يصل إلى نقطتين مئويتين، وكرر خوض السباق مرة أخرى في عام 1998، وفاز على منافسه وحشد 55 في المائة من أصوات الناخبين. كان غريبا أن يحصد أصوات الأميركيين من أصل إسباني والأميركيين من أصول أفريقية. وأعاد جيب ترشيح نفسه في عام 2002 وفاز بنسبة 56 في المائة من أصوات الناخبين. وقد جذبت تلك الانتخابات اهتماما وطنيا وحزبيا كبيرا، حيث أصبح جيب بوش الحاكم الجمهوري الأول الذي يفوز بولايتين متتاليتين عن ولاية فلوريدا. وخلال السنوات التي قضاها جيب بوش حاكما للولاية نجح في تحسين الاقتصاد والاهتمام بالبيئة وإصلاح نظام التعليم وتحسين شبكة السكك الحديدية عالية السرعة في فلوريدا. وقد تعرف جيب بوش على زوجته المكسيكية «كولومبيا غارسيا غالو» عندما شارك في برنامج لتبادل المعلمين، وقدم بتدريس اللغة الإنجليزية في المكسيك عام 1971، وتزوج جيب بوش من كولومبيا غالو في 23 فبراير 1974 في مدينة أوستن بتكساس، ولديهما ثلاثة أبناء. الأمر يختلف قليلا مع هيلاري كلينتون، فهي لم تأت من عائلة سياسية، وإنما دخلت السياسية كشريك للرئيس بيل كلينتون وسيدة أولى في البيت الأبيض، وصنعت تاريخها السياسي كسيناتور عن نيويورك في مجلس الشيوخ، وكمرشحة للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، ثم وزيرة للخارجية الأميركية ثم مرشحة للرئاسة مرة أخرى. بعض المحللين يقولون إن هيلاري كلينتون ليست بيل كلينتون، وإن جيب ليس مثل أبيه أو نسخة مكررة من أخيه. ويشير المحللون إلى أن العائلات السياسية الحاكمة هي جزء من التاريخ الأميركي، فهناك ثنائي رئاسي «لأب وابن» ظهر في القرن التاسع عشر للرئيس جون آدامز وابنه جون كوينسي آدامز، فالأول شغل منصب الرئيس رقم اثنين في تاريخ الولايات المتحدة، وابنه شغل منصب الرئيس السادس. وشهد القرن العشرون أيضا مزيدا من الأسماء اللامعة في العائلة السياسية الواحدة، مثل تيودور روزفلت وابن عمه فرانكلين روزفلت. ومن أشهر العائلات السياسية عائلة تافت التي توارثت مناصب في الكونغرس بدءا من ويليام هوارد تافت إلى ابنه السيناتور روبرت تافت إلى الحفيد روبرت تافت وكذلك عائلة كيندي من الرئيس جون كيندي إلى روبرت كيندي. ويشير التاريخ الأميركي إلى حفنة عائلات احتل أفرادها مقاعد في مجلس الشيوخ ومقاعد حكام ولايات ومقعد الرئاسة الأميركي. ويقول المؤرخون إن أمر العائلة التي تتوارث وتحتل المناصب العليا أمر يبدو معتادا في التاريخ الأميركي، ربما يثير بعض القلق لكنه في نهاية الأمر ليس أمرا مؤذيا، لأن أغلبية المناصب القوية في السياسة الوطنية تذهب إلى أناس عاديين ليسوا مرتبطين بعائلات سياسية معينة.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/390861/من-التاريخ-فريدريك-العظيم-وجذور-الجيش-الألماني
2015-07-21 03:03:01
من التاريخ: فريدريك العظيم وجذور الجيش الألماني
د. محمد عبد الستار البدري
تابعنا في الأسبوع الماضي سيرة الملك البروسي «فريدريك العظيم»، الذي يعد المحرك الحقيقي للقوة العسكرية البروسية، التي أصبحت فيما بعد اللبنة التي وحدت ألمانيا، وكيف أنه استطاع أن يمنح هذه الدولة الانطلاقة الفكرية والقانونية والفنية والمعمارية لتدخل هذه الدولة مصاف الدول العظمي في أوروبا، بعد إنجلترا وفرنسا والنمسا، ولكن كثيرًا ما تتغافل كتب التاريخ نسبيًا عن كل هذا لصالح الإنجازات العسكرية لهذا الرجل العظيم، فعندما تولى الرجل الحكم في بروسيا في عام 1740م، فإن بروسيا لم تكن قوة عسكرية تذكر بين مصاف الدول الأوروبية، ولكن والده كان مهتمًا اهتماما كبيرًا ببناء جيش بروسي قوى ورثه من والده وجده منذ حرب الثلاثين عامًا في 1648م. ونظرًا لأنها لم تكن دولة بحرية من الطراز الإنجليزي وبدرجة أقل فرنسي، فإن قيادتها ارتأت ضرورة أن تركز قوتها في سلاحي الفرسان والمشاة باعتبار توجهاتها الأساسية في القارة الأوروبية، كما أن أطماعها السياسية والجغرافية كانت في الدول المجاورة خاصة بولندا وسيليسا، وما هي معروفة اليوم بجمهورية التشيك. وقد استطاع والد فريدريك الأول أن يعد ويطور فرق المشاة بشكل مدروس ومتحضر، فكان اعتماده الأساسي في هذا الصدد منصبًا على طبقة النبلاء المعروفة باسم «اليونكرز» لتكوين ضباط في هذا الجيش، حيث ركز كل جهده على انتقاء الضباط وتعليمهم من هذه الطبقة، وهو ما جعل الجيش البروسي أقرب ما يكون للجيش الوطني في ذلك الوقت في أوروبا، وعندما ورث «فريدريك العظيم» الحكم في عام 1740م، ورث أيضا جيشًا قوامه 80 ألفًا، ولكنه طوره وبدأ يدرب الجيش بنفسه على أحدث أساليب القتال، فكان الرجل يقود الجيش بنفسه ويلبس ملابس خشنة قربته بقوة للجنود الذين بدأوا يشعرون بأنه واحد منهم، حتى إنه يقال إنه في إحدى معاركه التي خسرها جلس تحت شجرة بائسًا مستكينًا، فأتى إليه أحد الجنود وقد ملأ القبعة بالماء، وطلب من الملك أن يشرب منها، وأخذ يشد من أزره باعتباره سيخطط لنصر الدولة في النهاية. وبهذه العقلية والتكوين الحديث لفرق المشاة، بدأ فريدريك العظيم معاركه بعد أشهر عديدة من تولي الحكم، وواقع الأمر أن إمكانيات هذا الملك الشاب لم تكن كبيرة مقارنة بالدول المنافسة له، ومع ذلك فقد برع الرجل في تكتيكاته الحربية بشكل جعله محط أنظار كل الدول الأوروبية إلى الحد الذي أطلق عليه لقب «جنرال أوروبا»، فلقد كان الرجل يتمتع بقدرة عالية للغاية على المناورة والحركة، وهي الصفات نفسها التي تحلى بها بعده بستة عقود القائد الفرنسي الفذ نابليون بونابرت، فنظرًا للندرة النسبية لقواته مقارنة بأعدائه، فإنه كان دائمًا ما يسعى لسرعة الحركة والمناورة العكسية، وينسب له تطوير ما هو معروف بالـOblique Order والأسلوب غير المباشر في القتال، ففي حربه الأولى مع النمسا التي استطاع من خلالها ضم إقليم سيليسا، فإن توغلاته دفعت الجيوش النمساوية لمحاولة تطويقه، وهو ما تفاداه بسرعة الحركة والانسحاب التكتيكي، فاستدرجهم نحوه، وهو ما جعلهم بعيدين عن خطوط الإمدادات، وبخفة شديدة استطاع إلحاق الهزيمة بهم. ولكن العبقرية العسكرية لهذا الرجل تجسدت خلال ما كان معروفًا بحرب «السنوات السبع» ضد التحالف النمساوي والروسي والفرنسي، فثلاث جبهات في آن واحد ليست بالأمر الهين على أي قائد عسكري، ولكنه استطاع بتطبيق بعض التكتيكات الحربية التي طورها أن يصمد طويلاً وهو وحيد بلا دعم حقيقي من حليفه الإنجليزي، فكانت أهم تحركاته تتمثل في محاولة الحفاظ على صلب جيشه وعدم استهلاكه فيما هو معروف في العسكرية بمبدأ «اقتصاد القوات»، حتى يُمكن نفس الجيش التحرك سريعًا لمحاربة الجيوش الأخرى، وهو ما جعله في هذه الحرب الممتدة يتحرك بجيشه من الجبهة النمساوية إلى الفرنسية إلى الروسية بسلاسة وطلاقة مع الاحتفاظ بأقل الخسائر في هذا الجيش كلما أمكن ذلك، وقد برع الرجل في هذا بشكل فريد، ولكنه في النهاية كاد يخسر هذه الحرب بسبب تكالب الأعداء عليه، لولا التدخل الإلهي بموت القيصرة الروسية إليزابيث، وتولي بطرس الثالث مقاليد الحكم، الذي كسر التحالف، ودخل في صلح منفرد مع فريدريك العظيم، من فرط إعجابه به. لعل أبرع معارك هذا الرجل في هذه الحرب كانت بعدما خسر مواجهته مع النمساويين في معركة كولين، ولكنه استطاع التغلب عليها، وبدأ يوجه قواته لمواجهة الجيش الفرنسي الزاحف، وهو أخطر جيوش التحالف، وتلاقى الجيشان في معركة روسباخ الشهيرة في 1757م. حيث كان الجيش الفرنسي ضعف عدد جيشه، وقد عمد الرجل إلى الانسحاب من الجبهة في حركة نصف دائرة تقريبًا خلف أحد التلال ليخفي جيشه وتحركاته، وهو ما دفع جيش العدو إلى التحرك لملاقاته، ولكن حركته كانت أبطأ بكثير من البروسيين، وهو ما جعل الجيش في حالة انفصال عن الجبهة، ثم أمر سلاح الفرسان بالتمركز خلف الميسرة لجيشه سامحًا لفرسان العدو بالهجوم، فما كادت تدخل خيالة الفرنسيين حتى طوقهم من الأمام والميسرة، وهو ما أدى لتحييدهم وإخراجهم من الجبهة، وذلك في الوقت الذي كان صلب جيشه يتحرك بسرعة منظمة للغاية خلف ساتر المرتفعات لينقض على الجيش الفرنسي الذي بدأ عملية تمركزه الجديدة متأخرا، وهنا انقض فريدريك على الجيش الفرنسي وهو في حالة ارتباك، فكان النصر حليفه، خاصة بعدما دخل سلاح الفرسان المعركة دون مواجهة، فكانت النتيجة هزيمة نكراء للفرنسيين خسروا فيها ما يقرب من عشرة آلاف ضحية بين قتيل وأسير ومصاب، وذلك في الوقت الذي فقد فيه الجيش البروسي ما يقرب من خمسمائة جندي فقط، وكان النصر حاسمًا، أخرج فرنسا مؤقتًا من الجبهة المتحدة ضده. وعلى الفور تحرك الرجل مرة أخرى لملاقاة الجيش النمساوي في معركة لوثين الشهيرة بالجيش نفسه، بعدما قطع مئات الكيلومترات ليواجهه، وهنا برزت العبقرية العسكرية لهذا الرجل، فقد طبق عليهم تكتيكاته الحربية التي طورها، وذلك من خلال عدم الاشتباك معهم على طول الجبهة في مواجهات متصاعدة من المشاة، كما كان المعتاد، ولكنه تعمد الهجوم الخفيف على طول الجبهة لتثبيتها، بينما أرسل ألوية من جنود المشاة بشكل الـOblique مركزًا هجومه بشكل يكاد يكون عمودي على أحد الجناحين، واستخدم الخطوط الداخلية لتعبئة هذه الألوية بعيدًا عن أعين العدو، والدفع بها بشكل متتالٍ إلى نفس النقطة الضعيفة في جناح العدو، فشق الجناح النمساوي، وعزله عن باقي الجيش، وهو ما سمح له في وقت سريع بتطويق باقي جيش العدو وهزيمته هزيمة نكراء شتت فلولهم. وعلى الرغم من هذه العبقرية، فإنه لم ينجح في كل معاركه في تطبيق هذه التكتيكات العملية، وهو ما كلفه الكثير من الجنود عند مواجهة القوات الروسية في معركة زوندورف في 1758م. عندما فرض عليه القائد الروسي الدخول في معركة تقليدية مفتوحة أدت إلى استنزاف قوته بموت آلاف الجنود في الجيشين، ولكن نتيجتها المهمة كانت منع تلاحم الجيش الروسي مع حليفه النمساوي، وهو ما جعله يستطيع الاستمرار في هذه الحرب الضروس إلى أن انسحبت روسيا منها وعم السلام بعدها بعدما استهلكت السنوات السبع الجيش البروسي، ولكنه ظل صامدًا. وعلى الرغم من انتهاء حرب السنوات السبع وبروسيا في حالة إرهاق مالي وعسكري، فإن الرجل استغل سنوات السلام فيما بعد لتطوير الجيش البروسي بعدما حصل بالسلم على الأراضي التي كان يطمع فيها، فلم يغفل الرجل هذا البعد على الرغم من أنه قاد بلاده في ثورة فكرية وإدارية وقانونية واسعة النطاق أدخلتها ضمن مصاف الدول الكبرى في أوروبا، وكان هذا التحديث هو ما سمح لبروسيا، التغلب على الهزيمة النكراء على أيدي نابليون بونابرت في إينا عام 1806م. وعندما آن الأوان لبروسيا أن توحد ألمانيا على أيدي المستشار الألماني العبقري بسمارك، فإن الجيش البروسي كان على أهبة الاستعداد لتولي هذه المسؤولية عندما طُلب منه ذلك، وأصبح الجيش الأول في أوروبا بحلول عام 1871م. والفضل في ذلك يرجع للقاعدة العسكرية التي أرساها فريدريك العظيم، أو «فريتز العجوز»، كما كانت كثير من الدوائر السياسية تكنيه، فهو مثال للسياسي الذي أدرك أن القوة العسكرية للدولة حتمية، ولكنها في واقع الأمر امتدادًا للمشروع التنويري العام للدولة ذاتها، فالجيش لا يفصل عن الدولة، وهي حقيقة كثيرًا ما تغفلها القادة على مر التاريخ.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/390856/الحرب-في-ليبيا-و«الصراع»-في-تونس
2015-07-21 03:03:03
الحرب في ليبيا.. و«الصراع» في تونس
تونس: كمال بن يونس
استفحلت الخلافات بين السياسيين وكبار رجال الأعمال التونسيين والليبيين بشكل غير مسبوق حول منهج التعامل مع الحرب المدمرة التي تشهدها ليبيا وانعكاساتها على البلدين، خاصة بعد إعلان تونس عن غلق كل ممثلياتها الدبلوماسية والقنصلية في طرابلس ردا على احتجاز 10 من موظفيها الدبلوماسيين بعد أسابيع قليلة من حادثة اختطاف نحو 200 عامل تونسي في العاصمة الليبية وضواحيها. ولئن سبق للساسة والنخب في تونس وبقية العواصم العربية أن اختلفوا حول طريقة التعامل مع الأطراف المتصارعة سياسيا وعسكريا في ليبيا، فإن جديد الأزمة الجديدة بالنسبة لتونس، أن الشركاء في الائتلاف الحاكم نفسه وداخل قصري الرئاسة والحكومة والبرلمان دخلوا في صراعات علنية بسبب «الملف الليبي». فإلى أين تسير هذه الأزمة التي توشك أن تهدد استقرار الحكومة التونسية الفتية بزعامة الحبيب الصيد ووحدتها فضلا عن مستقبل الحزبين الكبيرين في البلاد: حزب النداء بزعامة الباجي قائد السبسي، الأقرب إلى حكومة طبرق شرقا، وحركة النهضة بزعامة راشد الغنوشي الأقرب إلى «فجر ليبيا» وحكومة طرابلس غربا؟ وما دلالات انخراط رموز «المال السياسي» في المعارك السياسية التي اندلعت في تونس مع اشتداد العمليات العسكرية في ليبيا؟ وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش قال لـ«الشرق الأوسط» على هامش مؤتمر صحافي تعقيبا على قرار غلق القنصلية التونسية في طرابلس، إن قرار الغلق جاء بعد أن تأكد أن المسلحين الذين احتجزوا الدبلوماسيين التونسيين العشرة وقبل ذلك نحو 200 عامل، ينتمون إلى «فجر ليبيا» وحكومة طرابلس غير المعترف بها دوليا. وأعلن الطيب البكوش عن تراجع الخارجية التونسية عن قرارها السابق التعامل مع حكومة طرابلس التي تهمين على كامل غرب ليبيا حيث يوجد نحو 150 ألف عامل تونسي، والذي تربطه بتونس نحو 600 كلم من الحدود المشتركة. وتعهد وزير الخارجية التونسي بإحداث قنصلية جديدة على الحدود التونسية - الليبية «بالتنسيق مع مجموعة من الدول الشقيقة والصديقة التي لديها مصالح وجاليات في ليبيا». * احتجاجات على القطيعة * لكن المفاجأة كانت في إعلان اعتراضات تونسية بالجملة على قرار غلق القنصلية التونسية في طرابلس والقطيعة مع حكومتها. وصدرت بعض تلك التصريحات عن زعماء سياسيين بارزين من بين «الأحزاب المشاركة في الحكومة» ومن المعارضة؛ بينهم نور الدين البحيري الوزير السابق ورئيس كتلة حزب النهضة في البرلمان التونسي. ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية انتقادات بالجملة لقرار القطيعة مع «فجر ليبيا» وحكومة طرابلس، كما انتقدت اتهامهما بالضلوع في الإرهاب وفي ممارسة ضغوطات «غير مقبولة» على السلطات التونسية تمثلت في احتجاز 10 دبلوماسيين واشتراط الإفراج عن موقوف ليبي من التنظيم نفسه في تونس مقابل إطلاق سراحهم، وهو ما تم فعلا على الرغم من أن الموقوف الليبي (وليد القليب) مفتش عنه من قبل الإنتربول (وكالة الشرطة الدولية) بعد اتهامه من قبل خصومه في حكومة طبرق بـ«الضلوع في الإرهاب وفي جريمة معركة طرابلس في صائفة 2014. * خلافات داخل الحزب الحاكم * ولم تبرز حملة مساندة قوية لوزير الخارجية التونسي الطيب البكوش ونائب رئيس حزب نداء تونس من داخل حزبه ولا الفريق الحاكم في قصري قرطاج والقصبة. بل برز العكس؛ إذ تواصلت حملة تهميشه من خلال تكليف الوزير المستشار السياسي للرئيس والأمين العام الجديد للحزب محسن مرزوق - وهو من بين خصوم البكوش - بمزيد من المهام الدبلوماسية الرسمية كانت آخرها زيارة موسكو لإبلاغ الرئيس بوتين رسالة من الرئيس الباجي قائد السبسي وعقد لقاء مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وجاءت هذه العملية بعد أن وقع تغييب وزير الخارجية الطيب البكوش عن زيارات رئيس الدولة التونسي إلى كل من أميركا وألمانيا وإيطاليا. ولم تقف الأمور عند هذا الحد؛ إذ انخرط عدد من رموز «المال السياسي» في تونس وليبيا على الخط، مثل شفيق جراية المقرب من الباجي قائد السبسي وحزبه وصديق زعيم حزب الوطن الليبي ورجل الأعمال عبد الحكيم بالحاج، وأعلنوا معارضتهم قرار الخارجية التونسية «إعلان القطيعة» مع حكومة طرابلس ومع «فجر ليبيا» والأطراف السياسية القريبة منهما. * «المال السياسي» على الخط * ولم تنته «المزايدات» بين أنصار القطيعة مع «فجر ليبيا» وخصومها هنا، بل إن مجموعة من رجال الأعمال والسياسيين والإعلاميين المقربين من شفيق جراية وحلفائه في «فجر ليبيا» تنقلوا إلى طرابلس بعد قرار «القطيعة». في المقابل، فإن الطيب البكوش وزير الخارجية عقد مؤتمرا صحافيا اتهم فيه «أطرافا تونسية» - لم يسمها - بعرقلة عملية الإفراج عن الدبلوماسيين المختطفين وبإجراء اتصالات مع قيادات في «فجر ليبيا» ودعوتها إلى عدم تسليم الرهائن قبل تسلم «الزعيم وليد القليب» الموقوف بناء على أمر من القضاء التونسي. وقد اضطرت تونس لتسليمه لحكومة طرابلس فعلا. وفسر وزير الخارجية التونسي الخطوة بأنها جاءت «لأن وليد القليب سيحاكم في ليبيا أيضا بتهم أخرى موجهة إليه». * محاولة لتسريع النسق * وفي الوقت الذي تشــــــهد فيه محافظات الجنوب والوسط التونسي منذ مــــــدة اضطرابات اجتماعية في علاقـــــــــــــة بانقطاع موارد الرزق لمئــــــات آلاف التونسيين الذين يعتمدون منذ عقود على المبادلات والشــــــــراكة مع ليبيــــــــــــا، تسعى قيادات الأوساط الليبية المواليـــــــة لحكومة طبرق وللعقيـــــــد الليبي الراحل معمر القذافي وتكتــــــل «القبـــــائل الليبية» وجيش خليفة حفتر، من تونس إلى تســــــــــريع نسق «الحسم» من الجانب التونسي ضد مقاتلي «فجر ليبيــــــــا» الذين يتهمونهم بالإرهاب والتطرف وخدمة أجندة الجماعات المســــــــلحة القريبة من «داعش» و«القاعدة». في هذا السياق، كثف مبعوثو وسائل الإعلام القريبة من حكومة طبرق من تونس دعايتهم ضد «الإرهابيين من (فجر ليبيا)». وفي السياق نفسه أيضا، انخرط عدد من الساسة التونسيين في حملة مساندة لقرار وزير الخارجية التونسية «القطيعة» مع حكومة «فجر ليبيا». ووصفت بدرة قعلول رئيسة مركز الدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية، حكومة طرابلس وتنظيم «فجر ليبي» بالميليشيات «الإرهابية»، واتهمتها بـ«دعم الإرهاب والتنظيمات الإرهابية في تونس وفي كامل المنطقة العربية وفي بلدان الساحل والصحراء الأفريقية بدءا من مالي ونيجيريا وتشاد والنيجر». تغيير في موازين القوى ويراهن كثير من خصوم التيارات الإسلامية في تونس وليبيا على أن تؤدي «خطوة سحب كل الدبلوماسيين التونسيين من طرابلس» مع مطالبة العمال التونسيين في ليبيا بالعودة، إلى التعجيل بـ«الحسم عسكريا» من قبل قيادات الجيش الليبي الموالي لخليفة حفتر والميليشيات القريبة منه مع «مجرمي عصابات (فجر ليبيا)» وحلفائها. كما يعد بعض الخبراء الأمنيين مثل نصر بن سلطانة وبدرة قعلول، أن «محاصرة حكومة طرابلس رهينة موقف تونس باعتبار تونس باتت موطن نحو ثلث الشعب الليبي وهي المتنفس الرئيسي للليبيين». كما يعتبرون أن انتصار «الليبراليين والعلمانيين» في ليبيا ضد الجماعات المسلحة «القريبة من الإخوان المسلمين» سيزيد من إضعاف الإسلاميين التونسيين وقد يتسبب في إخراجهم من الحكم ومن البرلمان في تونس أيضا أو على الأقل في تغيير موازين القوى لصالح خصومهم. * تطورات ميدانية * في المقابل، يعد بعض الخبراء - مثل الجامعي زهير بن علي - أن قرار الخارجية التونسية «اتخذ منذ مدة على خلفية التقارير التي تشير إلى تقدم الجيش الليبي الموالي لخليفة حفتر وحلفائه في المناطق الغربية لليبيا بعد أكثر من عام من هيمنة (فجر ليبيا) عليها». لكن وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني الذي أدى بعد قرار غلق القنصلية والسفارة زيارات تفقد للحدود التونسية الليبية، أكد على حياد تونس وعلى «جاهزية الجيش التونسي لحماية الأراضي التونسية». وقد تأكد تعزيز الحدود البرية التونسية - الليبية بقوات من الجيش التونسي في الجنوب وإغلاق بعض المنافذ البرية، وهو ما عدّه البعض مؤشرا على وجود نيات في تونس «لمحاصرة عناصر (فجر ليبيا) بالتزامن مع بدء تغير الواقع السياسي والعسكري في طرابلس والمحافظات الغربية لليبيا». * حملات ضد البكوش ومرزوق * وعلى الرغم من الصبغة الدولية للحرب الليبية، فإن «المعارك» تنفجر بين السياسيين التونسيين في أعقاب كل توتر مع أحد الأطراف السياسية والأمنية والاقتصادية الفاعلة في ليبيا. ولعل من أغرب وأخطر هذه المعارك السياسية استفحال الخلاف داخل الفريق الحاكم في قصري قرطاج والقصبة من جهة، وداخل حزب نداء تونس الذي أسسه الرئيس الباجي قائد السبسي مع نخبة من المقربين منه من بينهم وزير الخارجية الطيب البكوش - نائب رئيس الحزب حاليا - ومحسن مرزوق الأمين العام الجديد للحزب والمدير السابق للحملة الانتخابية لقائد السبسي. وإذا كان لهذه الأزمة جوانب حزبية داخلية، فإن بعض السياسيين والنشطاء، مثل إسكندر الرقيق الأمين العام السابق لحزب السلام والتنمية، تهجموا بقوة بالمناسبة على البكوش ومحسن مرزوق وعلى رموز الدولة. وانتقد إسكندر الرقيق ظاهرة تهميش وزير الخارجية الطيب البكوش خلال الزيارات الدولية لرئيس الجمهورية مقابل تكليف مرزوق بـ«مهام مكوكية بين واشنطن وموسكو وبرلين».. بما يوحي بأن مرزوق ليس أمينا عاما لحزب سياسي، بل وزير الخارجية الحقيقي لتونس، بينما أصبح الطيب البكوش يعامل كأنه «وزير خارجية موزمبيق». * صمت «القصور» * ولئن أخذت هذه الزوبعة السياسية الإعلامية مجددا أبعادا خطيرة في تونس وليبيا، فإنها ليست الأولى، وقد سبق أن أثارت تصريحات حول علاقة تونس بحكومتي طرابلس وطبرق انتقادات بالجملة في تونس وخارجها خاصة لما انخرط فيها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي دعم موقف وزيره الطيب البكوش في ما يتعلق بـ«التزام الحياد» بين الأطراف الليبية المتصارعة داخل ليبيا وبـ«التعامل مع الأمر الواقع كما هو، إي إحداث قنصليتين؛ واحدة في طرابلس، والثانية في طبرق المقر المؤقت للحكومة المعترف بها دوليا». وقد تسببت مواقف الرئيس التونسي ووزيره للخارجية وقتها في انتقادات عنيفة وجهها له الناطق الرسمي باسم حكومة طبرق ولوح فيها بالاعتراف بحكومتين في تونس «إحداها في قصر قرطاج، والثانية في جبل الشعانبي» على الحدود الجزائرية حيث تتركب العصابات الإرهابية من حين لآخر هجمات إرهابية على قوات الجيش والأمن التونسيين. وقد دعم الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي وقتها وزيره للخارجية بعد أن قوبلت بعض تصريحات البكوش بــ«تحفظات» بعض السفراء العرب؛ بينهم السفير المصري لدى تونس أيمن مشرفة الذي أعلن في لقاء عقده وزير الخارجية مع الدبلوماسيين بحضور الصحافيين، تحفظاته على «قرار حكومة تونس التعامل مع حكومة طرابلس غير المعترف بها دوليا خلافا للقرار الدولي الذي نص على الاعتراف بشرعية برلمان طبرق (1700 كلم شرقي طرابلس) وحكومته وسحب الاعتراف من سلطات طرابلس». وتساءل الجامعي عبد اللطيف الحناشي قائلا: «في الوقت الذي قدرت فيه غالبية صناع القرار في العالم (هدوء الانتقال السياسي) في تونس رغم الاضطرابات الأمنية الخطيرة في بقية دول الربيع العربي، فإن التساؤلات كثرت عن (خفايا) استفحال (التناقضات) في المواقف السياسية للرسميين التونسيين بما في ذلك في المجال الدبلوماسي». * الأزمة ستدوم 20 عاما * في الأثناء حذر عسكريون وأمنيون تونسيون من مخاطر «الغرق في الوحل الليبي» ومن التورط في مزيد من المعارك الجانبية في تونس بسبب حرب تجري خارج الأراضي التونسية ولا ينبغي أن يجر التونسيون إليها. وحذر رئيس أركان الجيوش التونسية سابقا محمد سعيد الكاتب من مضاعفات الملف الأمني السياسي الليبي على تونس. وأضاف قائلا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بصفة عامة ودون الخوض في تفاصيل المسائل التقنية واللوجستية، فإني أعتقد أن هشاشة الوضع الأمني في تونس مرتبطة بعوامل داخلية وأخرى إقليمية ودولية، وهي مرتبطة عضويا بتطوّرات الأزمة الليبية التي قد تستمر إلى ما بين العشرين والثلاثين سنة المقبلة. وبالنظر لطبيعة هذه الأزمة جغرافيا، فإنها ستتسبب في تهديدات خطيرة عسكريا وأمنيا بالنسبة لتونس وإقليميا». * فشل الثورات العربية * إلا أن المدير العام السابق للأمن العسكري وللقمارق التونسية أمير اللواء محمد المؤدب، يربط بين الأزمات الأمنية المستفحلة في ليبيا وتونس و«فشل جلّ ما كان يعتقد أنها (ثورات) عربيّة». فقد كانت نتيجة «الثورات» أن اكتسحت الدول المعنيّة موجات عنف ونزاعات داخليّة غذّتها، خاصة، التدخّلات الأجنبيّة المباشرة والإرهاب، ممّا عصف بكلّ أنظمة الحكم فيها، و«أصبحت تلك الدول مهدّدة بصفة مباشرة لا في حدودها الخارجيّة فحسب؛ بل في كيانها وفي وجودها؛ ليبيا، واليمن، وسوريا، والعراق.. و قد لا تكون تلك القائمة نهائيّة». وحذر المدير العام السابق للأمن العسكري والديوانة محمد المؤدب من اتّساع رقعة انتشار «الفكر التكفيري» في تونس وليبيا وفي المنطقة العربيّة ومنطقة الساحل والصحراء الأفريقية. واعتبر محمد المؤدب في حواره مع «الشرق الأوسط» أنّ الأمر بالنسبة لتونس لا يقف عند ذلك الحدّ من التهديدات الخارجيّة، «بل تفاقم وسيتفاقم جرّاء تردّي الوضع العام بليبيا المجاورة التي تشهد منذ 2011 أزمة سياسيّة خانقة، وانهيارا كلّيا لمؤسّسات الدولة، ونزاعات داخليّة مسلّحة بين جهات لا تحصى ذات مرجعيّات متنافرة، وتمركز نواة مواليّة لـ(داعش) في سرت ودرنة، وسيطرة ميليشيات ما يسمّى (فجر ليبيا) على العاصمة طرابلس وعلى جلّ المناطق الليبيّة الغربيّة، أي المجاورة لبلادنا، وتدخّلات عسكريّة أجنبيّة مباشرة على الأراضي الليبيّة وفي مجالها البحري، واستعدادات لعمليّات عسكريّة أجنبيّة قادمة تتأكد يوما بعد يوم.. (فجر ليبيا)، الجار الحالي لتونس، هو أحد أهمّ الأطراف المتنازعة بجدّية على السلطة في ليبيا، خلفيّاته وتوجّهاته الفكريّة قد لا تجعل منه الجار الأمين والسّند القوي لتونس ومتعاونا للمصلحة المشتركة للشعبين. من الصعب اعتبار اقتحام المقرّ الرسمي للقنصلية التونسيّة في طرابلس من طرف مسلّحين واختطاف دبلوماسيّين تونسيين لتبادلهم بموقوف ليبي لدى القضاء التونسي، إشارة أو مبادرة تبشّر بعلاقــات تتجاوز احترام الأعراف الدوليّة لترقى لعلاقات بين إخوة وأشقّاء وأصهار». تستفحل الأزمة في ليبيا وتتعقد مضاعفاتها داخليا وخارجيا، وتبقى تونس التي تحتضن مليوني مواطن ليبي، حسب الرئيس الباجي قائد السبسي، الأكثر عرضة لمزيد من المعارك السياسية الهامشية بسبب حروب ليبيــــــــــــا.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/410941/النمسا-وجهة-المرح-العائلي
2015-07-21 03:03:05
النمسا.. وجهة المرح العائلي
فيينا: «الشرق الأوسط»
عند زيارتك النمسا، سوف يرافقك الجمال أينما كنت وتوجهت؛ فهذا البلد يزخر بلوحات طبيعية جميلة ومشاهد بانورامية تخطف الأبصار، وهذا ليس بغريب على النمسا التي تزخر بمساحات خضراء شاسعة ومتنزهات قل نظيرها، حيث يوجد فيها طيف واسع من المتنزهات التي تضفي على البلاد بعدًا جماليًا متميزًا، وتجعل منها وجهة مثلى لعشاق التنزه في الهواء الطلق من جميع أنحاء العالم. ومع ما تتميز به مدن النمسا المختلفة من مزيج متناغم من العناصر الجمالية، يتحول هذا البلد إلى مقصد مثالي للعائلات والأطفال الآتين من كل أنحاء العالم. فإذا أردنا التوقف مثلاً عند مدينة إنسبروك، فسيجد المرء نفسه في بيئة تتميز بمزيج خلاب يجمع بين طبيعة الألب الوعرة ونمط الحياة المدني العصري.. ففيها يمكن للأطفال القيام بكثير من النشاطات كممارسة رياضة التزلج على الزلاجات الجماعية وغيرها. وتضم هذه المدينة الآسرة حديقة حيوانات تقع على ارتفاع 750 مترًا، حيث يمكن رؤية أكثر من ألفي حيوان، وما يزيد على 150 نوعًا من الحيوانات الألبية. ويوجد في المنطقة الواقعة فوق محطة التليفريك العليا أيضا كثير من وجهات الجذب السياحي المناسبة للأطفال، وكل أفراد العائلة، لعل أبرزها «المياه السحرية» و«البيوت الخشبية» وملعب المغامرات، وقرية خيام الهنود الحمر. باستطاعة الأطفال اللعب والقيام بمختلف الأعمال الحرفية والاستمتاع بألعاب «فن فور كيدز» الأولمبية. وباستطاعة الأطفال الأكبر سنًا تمضية الوقت في ديسكو «كيدي»، ولعب الكرة الطائرة من نوع «سن سبلاش» في وقت متأخر من الليل. وعلى بعد 25 كيلومترًا شمال غربي مدينة إنسبروك تقع المنطقة الأولمبية «زيفيلد» وتستقر على هضبة عالية محاطة بسلاسل جبلية مهيبة. وتنتمي «زيفيلد» إلى 12 منتجعًا كلاسيكيًا في جبال الألب، التي تعد بلا منازع «أفضل مجموعة في جبال الألب». ولعل المشي على طريق «مضيق الأشباح» (غايستر كلَم) هو أشبه بالخروج من قصة خيالية. ويؤدي طريق «غوبلن»، البالغ طوله 1900 متر، إلى «مضيق لويتاش». على طول هذه الطريق، تخبرنا «غوبلن»، وهي تماثيل صغيرة على هيئة بشر، عن جيولوجيا المنطقة. وفي نهاية الممر الضيق، وبالقرب من مدينة ميتينفالد، يؤدي طريق الشلال البالغ طوله مائتي متر إلى شلال يبلغ ارتفاعه 23 مترًا. ومن الأماكن الأخرى الجديرة بالزيارة لكل أفراد العائلة، منجم الملح الواقع في جبل دورنبيرغ بالقرب من قرية هالاين، التي تبعد مسافة 20 كيلومترا فقط عن مدينة سالزبورغ. ولعل الآثار الماثلة هنا لخير دليل على أن السلتيين كانوا يستخرجون الملح منذ أكثر من 2.500 عام خلت. ويعد منجم الأملاح هذا أقدم منجم في العالم يُسمح بدخول الزوار إليه. ولا ريب في أن زيارتك لهذا المكان العجيب ستكون بمثابة دعوة حقيقية للبحث عن الكنز، حيث ستمشي في أنفاق المنجم القديمة لكيلومترات عدة لتصل في نهاية المطاف إلى أطلال ذلك الجبل الغامض. ولا شك أن القيام برحلة قصيرة على متن قارب في البحيرة المالحة القابعة في قلب الجبل، والنزول بممرات عمال المنجم المنزلقة، يمثلان متعة لا توصف. أما عالم العجائب المائية وشلالات «كريمل» فهي بالتأكيد وجهة لا ينبغي تفويت زيارتها. وتمثل زيارة «مركز العوالم المائية المدهشة» نقطة البداية لزيارة شلالات «كريمل»، التي تعد الأعلى في أوروبا؛ إذ يحظى هذا المركز بأهمية خاصة، وذلك بفضل المبنى الحديث الخالي من العوائق والمتميز بإطلالته المميزة على شلالات أوروبا الوسطى الأكثر ارتفاعًا، وتصميمه الفريد. يكمن قلب «العوالم المائية المدهشة» الجديد في «مركز الشلال» الحديث، وقد جهز بكثير من العناصر السمعية والبصرية والوسائط المتعددة. ويقدم معرض «البيت المائي»، «النشاطات المائية المدهشة» في الهواء الطلق، وشلالات «كريمل»، فرصة مثالية أمام الأطفال لاستكشاف الحياة المائية بطريقة ممتعة ومسلية. إنها بحق متعة حقيقية وتجربة لا مثيل لها لكل أفراد العائلة. كما تكمن الإثارة الحقيقية عند زيارة حديقة حيوانات شونبرون؛ إذ تعد بلا منازع أقدم حديقة حيوانات في العالم، وهي تقف مثالاً حيًا على روعة الهندسة المعمارية في عصر الباروك (أسلوب أوروبي في الهندسة المعمارية والموسيقى والفن يعود إلى القرنين الـ17 والـ18 ويتسم بتفاصيل مزخرفة ومنمقة). واليوم تصنف هذه الحديقة ضمن أكثر حدائق الحيوانات حداثة في ما يتعلق بتربية الحيوانات والبحث العلمي. وفي 14 يوليو (تموز) من عام 1906، ولد فيل هنا، وهي المرة الأولى على الإطلاق التي يحدث فيها مثل هذا الأمر في حديقة حيوانات. فحتى ذلك الحين كان علماء الحيوان يعتقدون أن الفيلة لا تستطيع أن تتكاثر في الأسر. واليوم يجد المرء حيوانات صغيرة كثيرة ليس فقط في قفص الفيلة، إنما أيضا عند النمور والفهود والدب القطبي والزرافات. وتكمن المتعة الحقيقية هنا في الذهاب في جولة خاصة لاستكشاف أغوار الحديقة ومراقبة الحيوانات الغريبة خلال الليل، وذلك برفقة دليل سياحي، وباستخدام مناظير تعمل بالأشعة تحت الحمراء. وفي النمسا، لا ينبغي على محبي النشاطات في الهواء الطلق التسلق دائمًا إلى أعلى جبل لمشاهدة إطلالة جيدة في النمسا؛ فمدينة فيينا مثلاً توفر بعضًا من أفضل الإطلالات البانورامية، كما هي الحال مع أقدم دولاب للملاهي «دولاب فيريس العملاق» في أوروبا الذي تم تشييده في عام 1898، ليكون بمثابة علامة فارقة في متنزه «براتر» الترفيهي. وتمثل إحدى جولات دولاب الملاهي العملاق المتفرد في متنزه «براتر» الترفيهي الخيار الأكثر متعة ورومانسية على الإطلاق، حيث يأخذ هذا الدولاب زواره إلى ارتفاع يصل إلى 60 مترًا. ومن هناك سيوقن المشاهدون أن 50 في المائة من منطقة العاصمة فيينا مغطاة باللون الأخضر. ويعد متنزه «براتر» بحد ذاته واحدًا من أكثر المواقع خضرة، كما أنه يضم بركًا وممرات تزينها أشجار الكستناء، بالإضافة إلى قطار الملاهي الأفعواني، ومتحف «مدام توسو» للتماثيل الشمعية. وبمساحته التي تبلغ 65 مليون قدم مربعة، يتفوق متنزه «براتر» على نظيره متنزه «سنترال بارك» في نيويورك. ولكن لا يمكن التحدث عن جمال النمسا الطبيعي دون التوقف مطولاً عند طريق أعالي جبال الألب «جروسجلوكنر»، فهو أجمل طريقة للتمتع بمشاهد تحبس الأنفاس، وخوض تجربة طبيعية متفردة؛ حيث يمر من أمام أعلى جبل في النمسا إلى قلب حديقة «هوه تاورن» الوطنية.. فعبر نحو 36 منعطفًا، يقودك ذلك الطريق إلى ارتفاع يناهز 2.571 متر، لينتهي بك المطاف عند أطول نهر جليدي في جبال الألب الشرقية، ألا وهو «باستيرز». يوفر هذا النهر الجليدي الأطول في جبال الألب الشرقية نقاطًا تتيح فرصة اختبار الجليد. فمن النادر أن تكون قريبًا من هذا العالم الساحر. وعلى طول طريق «جروسجلوكنر» هناك قمم جبلية ومناظر مذهلة. ومن قمة «إيدل فايس شبيتسه»، وهي أعلى نقطة في النمسا يمكن الوصول إليها بالسيارة، يمكن مشاهدة أكثر من 30 قمة تتربع على ارتفاع 3 آلاف متر. وتُعرف قرية زيفيلد الألبية بإطلالاتها البانورامية وهوائها النقي وأنسامها العليلة ومحيطها الجميل، فقد حباها الخالق بمزايا عدة، لعل من أهمها موقعها أمام سلسلة من الجبال البهية، التي تضفي على المكان بعدًا جماليًا آسرًا. سوف تأخذك عربات التليفريك في منطقة «روسهوته» إلى ارتفاع ألفي متر خلال دقائق معدودة، لتثري مخيلتك بطيف واسع من الإطلالات البانورامية المثيرة. فقمة الجبل «هيرميله كوبف»، التي تتربع على ارتفاع 2050 مترا، بمثابة إطلالة مثالية على المشاهد الآسرة في الأسفل، وهي كذلك نقطة الانطلاق لنزهة على الأقدام وممارسة رياضة التسلق في فصل الصيف. وعلى ارتفاع 1.760 متر توجد في «روسهوته» شرفة مشمسة وحديقة ألعاب خاصة بالأطفال، فضلاً عن مطعم وممرات للقيام بنزهة على الأقدام. وتتمثل إحدى ميزات المنطقة أيضا في «التكييف الطبيعي»، وذلك بسبب موقعها في الجبال على ارتفاع 1.200 متر عن مستوى البحر، وذلك يفضي بدوره إلى طقس معتدل من جانب، وإتحاف الزائر لهذا المكان بطيف واسع من المشاهد البانورامية، من جانب آخر. كما تشتهر مدينة إنسبروك، التي تقع وسط جبال الألب، بأنها المكان الوحيد في العالم، الذي يمكنك من خلاله التسوق في مركز مدينة تاريخي يعود للقرون الوسطى، والانتقال منه خلال 20 دقيقة فقط إلى مطعم جبلي يقع على ارتفاع ألفي متر. وهناك، بإمكانك الاستمتاع باحتساء بعض القهوة، وأنت تتأمل تلك الإطلالات البانورامية على جبال الألب. كل ما تحتاج فعله هو ركوب ذلك التليفريك المُسمى «نوردكيتينبان»، الذي صممته المهندسة المعمارية المعروفة «زها حديد». وبما أن إنسبروك هي المكان الوحيد في العالم الذي استضاف الألعاب الأولمبية الشتوية مرتين، فبإمكانك أن تتوقع مشاهدة مناظر مذهلة حقًا هناك. * طريق أعالي جبال الألب «جروسجلوكنر» هو أجمل طريقة للتمتع بمشاهد تحبس الأنفاس وخوض تجربة طبيعية متفردة، حيث يمر من أمام أعلى جبل في النمسا إلى قلب حديقة «هوه تاورن» الوطنية. وعلى طول طريق «جروسجلوكنر» هناك قمم جبلية ومناظر مذهلة. ومن قمة «إيدل فايس شبيتسه»، وهي أعلى نقطة في النمسا يمكن الوصول إليها بالسيارة، يمكن مشاهدة أكثر من 30 قمة تتربع على ارتفاع 3 آلاف متر. * تشتهر مدينة إنسبروك، التي تقع وسط جبال الألب، بأنها المكان الوحيد في العالم، الذي يمكنك من خلاله التسوق في مركز مدينة تاريخي يعود للقرون الوسطى، والانتقال منه خلال 20 دقيقة فقط إلى مطعم جبلي يقع على ارتفاع ألفي متر، وذلك بفضل تليفريك «نوردكيتينبان»، الذي صممته المهندسة المعمارية المعروفة زها حديد. * تزخر النمسا بكثير من مصادر المياه العذبة؛ إذ تضم في ربوعها ما يربو على 5 آلاف بحيرة تعرف بأنها تحوي أعذب المياه الصالحة للشرب في العالم. وتجذب البحيرات في فصل الصيف عددًا لا يحصى من سكان النمسا وزوارها على السواء. كما تغص النمسا بكثير من الأنهار الجليدية، وتضم أيضا أكبر كهف ثلجي في العالم، وأعلى شلالات في أوروبا. ويمكن للزوار رؤية كثير من تلك العوالم المدهشة للبحيرات والمياه العذبة المذهلة والآسرة في مواقع عدة من البلاد، ويتم ذلك غالبًا عبر الإبحار على متن أحد القوارب في رحلة لاستكشاف إحدى هذه البحيرات، أو من خلال التوجه إلى المناطق التي تغص بالشلالات، أو التمتع برؤية المياه المتجمدة في أحد الأنهار الجليدية المنتشرة في أنحاء البلاد.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/405871/وراء-كل-فندق-عربي-تاريخي-قصة
2015-07-21 03:03:12
وراء كل فندق عربي تاريخي قصة
لندن: «الشرق الأوسط»
هنالك كثير من الفنادق في العالم تشتهر بتاريخها الحافل على قدم المساواة بما تقدمه من خدمات ومستويات عليا في الفخامة. والمجموعة العربية التالية هي لفنادق عربية كلاسيكية تجمع فيما بينها أجمل نفحات التاريخ للشخصيات التي نزلت فيها وربما أيضا الأحداث التي صاحبت الفنادق وربما المدن التي تقع فيها هذه الفنادق ومسارات السياسة التي تغيرت بعد اجتماعات في أروقتها. هذه الفنادق تتبع تقاليد ضيافة أصيلة وتعد مدارس في حد ذاتها في تقديم خدماتها لكبار الضيوف. ومن ينزل في هذه الفنادق في العصر الحديث يمكنه أن يلامس التاريخ وأحداثه في أركانها المختلفة. ويتذكر قدامى العاملين في هذه الفنادق شخصيات كثيرة وأحداثا عدة وقعت فيها على مر السنين ولكنهم يلتزمون بتعهد عدم البوح بأسرار ضيوفهم. النخبة التالية ليست حصرية، وإنما هي لبعض النماذج من تاريخ فندقي عريق قد تكون أفضل أيامه في الماضي نظرا لأزمة السياحة التي تعم المنطقة كلها حاليا بسبب شبح الإرهاب المظلم الذي يطل عليها. وهذه هي ملامح عن أبرز هذه الفنادق: > فندق سان جورج، بيروت: وهو من أقدم فنادق بيروت، ويعد من أفخم فنادقها منذ الثلاثينات وشهد أيضا من المآسي ما يؤرخ لأحداث بيروت. وعلى مر السنين كان الفندق هو ملتقى الساسة وكبار الزوار اللبنانيين وأثرياء العالم من السياح. وظل الفندق شاهدا على تاريخ بيروت حتى تحول إلى متراس للمحاربين أثناء الحرب الأهلية. وبعد نهاية الحرب تم ترميم الفندق وإعادته إلى سابق فخامته، فقط ليقع تحت سيطرة الجيش السوري حتى منتصف التسعينات. وعندما وقع التفجير الهائل الذي أودى بحياة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري أدى الانفجار إلى تدمير أجزاء من الفندق ومقتل عدد من النزلاء والعاملين فيه. وتم إغلاق الفندق لمدة عامين بعد ذلك ضمن إجراءات التحقيق في مقتل الحريري. وبعد الافتتاح عرضت شركة «سوليدير» شراء الفندق إلا أن أصحابه رفضوا، وما زال الفندق والشاطئ الخاص به المطل على البحر محل نزاع قضائي على الملكية. وبغض النظر عن متاعب الفندق في الوقت الحاضر، إلا أنه يظل الفندق صاحب الموقع المتميز على شاطئ بيروت الذي استقبل عددا من كبار الضيوف من أمثال شاه إيران وأم كلثوم وإليزابيث تايلور وريتشارد بيرتون. وكان الفندق هو الموقع المفضل للجاسوس البريطاني المزدوج كيم فيلبي. > فندق بلودان الكبير: وهو فندق سوري يقع بين سهل الزبداني وجبال بلودان ويعتبر واحة طبيعية ذات جمال ساحر. تأسس الفندق عام 1930 وشهد أول قمة عربية في عام 1943. وهو يضم 71 غرفة وجناحا وتم تحديثه في عام 2004 مع المحافظة على تصميمه التاريخي. وهناك جناح رئاسي واحد في الفندق بينما تسمى بعض الأجنحة بأسماء كبار الزوار مثل جناح عبد الوهاب، الموسيقار الذي كان يفضل الفندق لعطلاته الدورية. ويبعد موقع الفندق نحو 55 كيلومترا عن العاصمة دمشق و77 كيلومترا عن بيروت. وهو يقع على ارتفاع 1550 مترا فوق سطح البحر. وفيما يمر الفندق حاليا بظروف خطيرة نتيجة للحرب الأهلية في سوريا إلا أنه ظل يستقبل ضيوفه في سنوات الرخاء خصوصا من المنطقة العربية، حيث مناخ المنطقة الصيفي يميل إلى البرودة. وهو من الفنادق القليلة في سوريا التي يمكنها استيعاب مؤتمرات لعدد يزيد عن 300 شخص. وملحق به أيضا استاد النجوم الذي يستوعب نحو أربعة آلاف شخص. > فندق صوفر الكبير: وهو يقع في مدينة صوفر اللبنانية في قضاء عالية على ارتفاع 1250 مترا فوق سطح البحر على مسافة 27 كيلومترا من بيروت، ويقع الفندق على طريق بيروت - دمشق الدولي. ويقال إن المنطقة سميت هذا الاسم نظرًا لصفير الهواء فيها صيفا وشتاء. ويعد الفندق من أقدم فنادق لبنان وبدأ البناء فيه في عام 1885. تم تصميمه على الطراز الإيطالي وضم بين أروقته أول كازينو عربي في الشرق الأوسط. وبالإضافة إلى اجتماع اللجنة المؤسسة لجامعة الدول العربية فيه في عام 1944، اشتهر الفندق باستقبال كثير من الزعماء اللبنانيين مثل إميل أده وبشارة الخوري وفيليب تقلا وكميل شيمعون وبهيج تقي الدين. كما نزل فيه الزعيم المصري سعد زغلول والعاهل الأردني الملك حسين والرئيس السوري الأسبق شكري القوتلي وكثير من الأمراء والفنانين العرب. أطلق عليه أمين الريحاني اسم «القصر المنيع». زاره من النجوم العرب كل من ليلى مراد وفريد الأطرش وشقيقته أسمهان وأم كلثوم وعبد الوهاب. وهو الفندق الذي يحمل الرخصة السياحية رقم 1 في لبنان. > فندق الملك داود، القدس: بني الفندق من الحجر الجيري الوردي وتم افتتاحه في عام 1931، وهو يضم حاليا 237 غرفة وأربعة مطاعم. بناه المهندس البريطاني فرانك غولدسميث لصالح مجموعة من المستثمرين والمصرفيين المصريين. وهو يعد الآن من معالم مدينة القدس. بعد افتتاح الفندق كان يتم إحضار الطعام يوميا بالقطار من القاهرة. ونزل في الفندق عدد من الشخصيات العربية المرموقة مثل الملك عبد الله الأول ملك الأردن والملكة نازلي ملكة مصر. كما نزل فيه ثلاثة من الزعماء الذين اضطروا لمغادرة بلدانهم الأصلية وهم الملك فرنسوا الأول ملك إسبانيا في عام 1931 والإمبراطور هيلا سيلاسي في عام 1936 بعد احتلال إيطاليا لبلاده والملك جورج الثاني بعد الاحتلال النازي لليونان، حيث أعلن من الفندق حكومته في المنفى. تحول الجناح الجنوبي في الفندق إلى مقر القيادة البريطانية أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين، وتعرض الفندق لعملية تفجير إرهابية نفذتها جماعة أرغون اليهودية بقيادة مناحم بيغين. وأسفر الهجوم عن مقتل 91 شخصا وجرح 45 آخرين. وفي عام 1977 نزل الرئيس المصري أنور السادات في الفندق أثناء زيارته للقدس. وعلمت إدارة الفندق بقدومه قبل 12 ساعة فقط من وصوله، وقالت إن جميع نزلاء الفندق طلبوا مقابلة السادات. وأثناء الزيارة رفرف العلم المصري على فندق داود وكانت المرة الأولى والأخيرة التي يرفرف فيها علم عربي على مقر رسمي في القدس. > فندق فلسطين، الإسكندرية: وهو يتبع الآن مجموعة فنادق هيلنان التي تولت إدارته منذ عام 1987 وينتمي إلى فئة الخمسة نجوم. يتمتع الفندق بموقع متميز على شاطئ المتنزه بالإسكندرية ويشتهر بأنه بني بأمر من الرئيس جمال عبد الناصر في عام 1964، ليكون الفندق الوحيد الذي يبنى داخل أحد القصور الملكية. وأراد ناصر أن يكون الفندق مقرًا لضيوفه من كل أنحاء العالم وشهد الفندق أول قمة عربية تستضيفها مصر في شهر سبتمبر (أيلول) عام 1964. وفي الفندق نفسه تمت استضافة زوار افتتاح مكتبة الإسكندرية الذين كان من بينهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك وقرينته وملكة إسبانيا الملكة صوفيا والملكة رانيا قرينة الملك الأردني عبد الله الثاني. وهو أيضا المقر المفضل لقضاء الصيف بين الكتاب والفنانين المصريين. واستضاف الفندق مؤخرا مسابقة «أراب أيدول». > فندق مينا هاوس، القاهرة: وهو أحد أفخم منتجعات القاهرة ويقع على مشارف منطقة أهرامات الجيزة ويطل عليها مباشرة. وهو من فئة الخمسة نجوم وتشرف عليه مؤسسة إيجوت للسياحة والفنادق. ولعب الفندق جانبا مهما في التاريخ المصري ونزل فيه عدد من كبار زعماء العالم مثل ونستون تشرشل والرئيس الأميركي روزفلت والزعيم الصيني شيانغ كاي شيك ثم فيما بعد الرئيس ريتشارد نيكسون، بالإضافة إلى شخصيات تاريخية مثل أغاثا كريستي وفرانك سيناترا. وكان الخديوي إسماعيل باشا وراء تأسيس «مينا هاوس» في عام 1869 على مساحة 40 فدانا ليكون استراحة خاصة يقضي فيها أوقاته بعد عودته من رحلات الصيد. ويعد الموقع واحة في موقع صحراوي تحيطها أشجار الياسمين الذي تهب نسائمه خلال فصلي الربيع والصيف. وتحول القصر إلى موقع ضيافة لزوار افتتاح قناة السويس. وبيع الفندق بعد ذلك لأثرياء إنجليز قرروا تحويل القصر إلى فندق مينا هاوس في عام 1886. وتحول الفندق إلى مقر قوات أسترالية في الحرب العالمية الأولى، وشهد في عام 1943 مؤتمر القاهرة بين تشرشل وعدد من الزعماء لمناقشة أحداث الحرب العالمية الثانية. تم تأميم الفندق بعد ثورة عام 1952 ثم اشتراه مستثمرون هنود في عام 1971 وتم تجديده أكثر من مرة. واستضاف الفندق قمة بين السادات وكارتر وبيغين لمناقشة تنفيذ اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل. > فندق المأمونية، مراكش: وهو ملتقى مشاهير هوليوود منذ تأسيسه في عام 1923، وكان حينذاك من أفضل 14 فندقا على مستوى العالم. وينتمي الفندق إلى فئة الخمسة نجوم، وهو يستمد اسمه من الحدائق التي تحيطه واسمها حدائق المأمون. ويتميز الفندق بإطلالة رائعة على مدينة مراكش، وكان موقع تصوير كثير من الأفلام السينمائية المشهورة مثل فيلم المخرج العالمي هيتشكوك «الرجل الذي عرف أكثر من اللازم»، وفيلم «ألكسندر» للمخرج أوليفر ستون، وفيلم «الجنس والمدينة 2» بطولة سارة جيسيكا باركر. كما نزل بالفندق عدد من نجوم السينما والفن من أمثال ريتشارد غير وجينيفر أنستون وإنجلينا جولي وبراد بت وإلتون جون، والفنان الأوبرالي أندريه بوتشيللي. وإلى جانب الفنانين نزل في الفندق أيضا ونستون تشرشل الذي كتب إلى زوجته يقول إنه مكان رائع وواحد من أفضل الفنادق. وكان تشرشل يمارس هواية الرسم في الفندق. ويوجد في الفندق جناح يحمل اسم تشرشل. من الأسماء العالمية الأخرى التي حطت بالفندق كل من: رونالد ريغان، ونيلسون مانديلا، والملكة إليزابيث الثانية، وحسني مبارك، وأديث بياف، وشارلي شابلن، وسيلفستر ستالون، وشارل أزنافور، وجاك بول بلموندو، وكاثرين دونوف، وآلان ديلون، وكيرك دوغلاس، وعمر الشريف. > فندق كتاراكت، أسوان: وهو فندق شيد على صخرة غرانيتية تطل على نهر النيل في مدينة أسوان وتم افتتاحه في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني في عام 1899. أقام في الفندق ونستون تشرشل وأغا خان وقيصر روسيا نيكولاس الثاني، بالإضافة إلى الملك فاروق والكاتبة أغاثا كريستي التي كتبت روايتها «جريمة على ضفاف النيل» من شرفتها في الفندق. ارتبط الفندق ببعض المشروعات الكبيرة في أسوان مثل مد خطوط السكك الحديدية وبناء سد أسوان القديم. ويحتفظ الفندق حتى الآن بالطراز المعماري الفيكتوري. وهو يقع على مقربة 58 كيلومتر من مطار أسوان، ويحتوي على كافة لمسات الفخامة العصرية مثل مركز اللياقة البدنية وحمام السباحة والساونا. وهو يتميز بمطعمه الأندلسي الطراز بقبة ترتفع 75 قدما وأعمدة مستوحاة من مسجد ابن طولون في القاهرة. أما أشهر الأماكن فيه فهو التراس الذي يطل على جبال أسوان والذي يشهد الضيوف منه يوميا غروب الشمس. وطلب الأغا خان أن يدفن في موقع قريب من الفندق، في جزيرة الفانتاين، من فرط عشقه للموقع. ويقال إن وزير الخارجية كيسنغر طلب أثناء مباحثات مع السادات في الفندق تسليم الجاسوسة «هبة سليم»، التي كانت تعمل لصالح إسرائيل، ولكن السادات احتد عليه ورفض طلبه.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/405861/ألبانيا-تفتح-ذراعيها-للسعوديين-وتستقبلهم-من-دون-تأشيرة
2015-07-21 03:03:14
ألبانيا تفتح ذراعيها للسعوديين وتستقبلهم من دون تأشيرة
الرياض: فيصل ألماس
مع حلول ربيع كل عام تبدأ ألبانيا بمختلف مُدنها ومناطقها بلبس حلة جديدة، تستقبل فيها زوارها من كل أنحاء العالم، للاستمتاع بأجوائها المعتدلة وبشواطئها، حيث تبدأ المقاهي بفتح أبوابها بعد أن كانت مغلقة طوال فترة الشتاء لتضع الشمسيات والكراسي وترسم لوحة فنية تلمع مع مياه البحر الصافية. وتعتبر ألبانيا من البلاد التي بدأت تهتم حديثا بالسياحة من خلال تهيئة الخدمات التي يحتاج إليها السائح من أماكن إقامة ومتنزهات ومطاعم فاخرة، فمقومات السياحة مجتمعة في هذا البلد الأوروبي الصغير الذي تبلغ مساحته 28,748 كيلومترا مربعا وعدد سكان يتجاوز 3 ملايين بقليل، من مقدرات تراثية مضت عليها آلاف السنين، وطبيعة ساحرة لجبال خضراء يتخللها الأنهار والأودية التي تعطينا أشكالا مختلفة من الشلالات، إضافة إلى سهول مليئة بالأزهار التي لا يمكن أن تراها سوى في ألبانيا. ومنذ عشر سنوات تقريبا بدأت حكومة ألبانيا بجعل البلاد من أهم بلدان أوروبا جذبا للسياح وعشاق السفر وطالبي الاسترخاء والاستجمام، إضافة إلى التعرف على أماكن جديدة لم تكتشف من الكثير من السياح، فبدأ المستثمرون في ألبانيا ومن أوروبا بالمشاركة في إنشاء مشروعات عقارية سياحية حتى وصل عام 2014 عدد زوارها إلى 4.1 مليون سائح. وقال لـ«الشرق الأوسط» سمير شيبا سفير جمهورية ألبانيا لدى السعودية عن السياحة في بلاده وعن أهم معالمها: «في ألبانيا الكثير من المدن والمناطق السياحية لمختلف الفئات وعلى حسب الرغبات، فالقادم إليها إما مهتم بالجانب التراثي والتاريخي، أو راغب بالأجواء الهادئة مستمتعا بالطبيعة التي لم يكن للبشر أي تدخل فيها، والآخر الذي يرغب في أجواء البحر والرمال الناعمة التي تتميز بها شواطئ ألبانيا». وعن مقومات السياحة في ألبانيا، قال شيبا «لدى ألبانيا طبيعة بكر ومناخ البحر المتوسط مما يجعلها إحدى أهم الوجهات السياحية خلال العام بأكمله، وفي الفترة الأخيرة نمت السياحة الألبانية مما يتيح التركيز في عرض الحزم السياحية التي تسمح أثمن سماتها مثل الشمس والسياحة البحرية، والسياحة التاريخية والثقافية، والسياحية الجبلية، جنبا إلى جنب مع غيرها من تزايد الحقول». وتابع السفير الألباني «تتميز ألبانيا بساحل يبلغ طوله 450 كيلومترا، مع الكثير من الجزر والخليج، الذي يسمح للإمكانات حيث تطل البلاد على البحر الأدرياتيكي إلى الغرب وعلى البحر الأيوني إلى الجنوب الغربي». وأوضح أن أكثر من ثلث أراضي ألبانيا هي مناطق غابات والبلد غني جدا بالنباتات، حيث تنمو نحو 3 آلاف نوع من أنواع النباتات المختلفة في ألبانيا، ويستخدم كثير منها للأغراض الطبية، وتملك ألبانيا عددا كبيرا من المناطق المناخية بالنسبة لمساحتها الضئيلة، فتواجه سواحلها البحر الأدرياتيكي والبحر الأيوني، وتقع مرتفعاتها على المرتفع البلقاني، وتقع البلاد بأسرها على خط عرض يتعرض لمجموعة متنوعة من الأنماط المناخية خلال فصلي الشتاء والصيف، كما أن ألبانيا لديها الكثير من المدن ذات الطابع التاريخي وهي تحت حماية منظمة اليونيسكو، لما لها من قيمة تاريخية وطبيعية مثل مدينة أشقودرة وتقع على بحيرة أشقودرة وهي واحدة من أقدم البلدات في ألبانيا وأكثرها تاريخيةً، كما أنها مركز ثقافي واقتصادي مهم، وهي العاصمة القديمة لألبانيا. وزاد شيبا «تعتبر مدينة دروس ثاني أكبر مدينة في ألبانيا والمدينة الاقتصادية وهي صلة مهمة إلى أوروبا الغربية بسبب قرب مينائها من ميناء مدينة باري الإيطالية، وتمتلك قطاعات صناعية خصوصا الجلديات والتبغ والبلاستيك، إضافة إلى مواقعها التاريخية، وتعد مدينة بيرات من أهم المدن التاريخية في ألبانيا، ووضعت على قائمة تراث العالم في يوليو (تموز) 2008، وتعد العاصمة تيرانا هي العاصمة الاقتصادية في البلاد التي بها كبريات الشركات وتستقبل السائحين عبر مطارها الدولي إضافة إلى احتوائها على الكثير من الآثار مثل قلعة بيترال». وأكد السفير الألباني أن السلطات الألبانية واصلت العمل بقوة لإصدار القوانين التي تحكم السياحة والاستثمار الأجنبي وسلامة السياح، والحكومة الألبانية تعمل بعزم في البنية التحتية للطرق، من أجل تحسين شبكة الطرق الحديثة التي من شأنها أن تسمح للمواطنين والزوار والمستثمرين الأجانب بزيارتها بالسهولة ودون عناء، بالإضافة إلى ذلك، تم إيلاء اهتمام خاص إلى التعرض للسياحة الألبانية من خلال المعارض المختلفة في الكثير من البلدان. ومنذ عشر سنوات تقريبا بدأت حكومة ألبانيا بجعل البلاد أحد أهم بلدان أوروبا جلبا للسياح وعشاق السفر وطالبي الاسترخاء والاستجمام إضافة إلى التعرف على أماكن جديدة لم يتم اكتشافها من الكثير من السياح، فبدأ المستثمرون في ألبانيا ومن أوروبا بالمشاركة في إنشاء مشروعات عقارية سياحية حتى وصل عام 2014 عدد زوارها إلى 4.1 مليون سائح. وأوضح شيبا أن السائح العربي يعد النسبة الأقل بالنسبة إلى السياح من أوروبا وأميركا، وعلى هذا الأساس بدأت الحكومة ومن خلال سفاراتها الخليجية بشكل خاص بتسهيل إجراءات السفر إلى ألبانيا وخصوصا في موسم الصيف، حيث يمكن للسائح من السعودية والبحرين وعُمان وقطر السفر إلى ألبانيا دون تأشيرة وذلك ابتداء من شهر مايو (أيار) حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، فقد انصب توجهنا في استقطاب السياح الخليجيين والسعوديين بصفة خاصة لتوافر الأجواء العائلية الرائعة التي تشجعهم على قضاء أوقات جميلة، والأمر الذي يشجع العوائل الخليجية والعربية أيضا هو أن 70 في المائة من الشعب الألباني هو من المسلمين، فتكثر في البلاد المساجد سواء الأثرية أو الحديثة ويسمع الأذان في كل الأوقات، ويتمتع شعبها بطيبة التعامل وحسن الخلق. وحول إمكانية السفر إلى ألبانيا، قال السفير الألباني إن «أقصر الطرق تكون عن طريق إسطنبول ومنها إلى تيرانا العاصمة حيث يوجد ثلاث رحلات يوميا وتستغرق الرحلة ساعة واحدة فالمسافة جد قريبة». ويتأثر المطبخ الألباني كما هو الحال في معظم منطقة البحر الأبيض المتوسط والبلقان، بتاريخ البلد الطويل، فقد احتلت ألبانيا في أوقات مختلفة من قبل اليونان، وإيطاليا، وتركيا، وتركت كل مجموعة بصماتها على المطبخ الألباني، الوجبة الرئيسية للألبان هي وجبة الغداء، وعادة ما يصاحبها السلطة الطازجة والخضراوات مثل الطماطم والخيار، الفلفل الأخضر والزيتون مع زيت الزيتون والخل والملح، فالمائدة في مختلف مطاعم ألبانيا تحضر من منتجات البلاد محلية الصنع لتوفر المنتجات الزراعية في البلاد، فنهاك اللحوم الطازجة لتوفر مساحات شاسعة للمراعي الطبيعية لمختلف المواشي، إضافة إلى الخضراوات الطازجة وكثيرا ما تحتوي المطاعم على الكثير من المشاوي والمعجنات لذيذة الطعم.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/400831/مومباي-المختصر-المفيد
2015-07-21 03:03:19
مومباي.. المختصر المفيد
مومباي: براكريتي غوبتا
إذا ما رغبت في أن ترى الهند بأكملها في مدينة واحدة، فعليك إذن بزيارة مومباي، التي تضم في جنباتها بوليوود التي لا تنام. وتحمل هذه المدينة وعودًا بتوفير تجارب تثري جميع حواسك. قد تكون دلهي عاصمة الهند، لكن مومباي تحتضن جميع العناصر الديناميكية والفوضوية المكونة للهند الحديثة. في مومباي، ستجد كل شيء بدءًا من الأطعمة التي تعد في الشوارع وصولاً إلى أفخر المطاعم، ومن أقسى درجات الفقر إلى الثراء الفاحش. كما تنفرد مومباي بضمها لأكبر منطقة أزقة على مستوى آسيا. باختصار يمكن القول بأن مومباي تمثل الهند في صورتها النشطة المفعمة بالحياة، بجمالها وقبحها. تتميز مومباي بتاريخ فريد ينبع من نشأتها داخل عدد من الجزر الصغيرة ثم نموها حتى وصلت لما وصلت إليه الآن. منذ عام 1534، وقعت جزر مومباي تحت سيطرة البرتغاليين، ثم سلمها ملك البرتغال إلى سيطرة التاج الإنجليزي، كمهر مقدم إلى ملك إنجلترا تشارلز الثاني، عام 1662. وفي عام 1668، انتقلت السيطرة عليها إلى شركة الهند الشرقية. في البرتغالية، تعني عبارة «بوم بايا» «وداعًا»، لذا أطلق عليها البريطانيون «بومباي»، والذي تحول الآن إلى مومباي. كما تعرف المنطقة بأنها «أرض التوابل» و«مدينة الفرص» و«بوابة الهند» و«مكة المعمار الفيكتوري في آسيا» و«المدينة الفيكتورية الفريدة» و«جزيرة النخيل» و«ملكة المدن الآسيوية» و«مدينة الذهب» و«الميناء العظيم»، بجانب وصف بعض الرحالة الغربيين لها بأنها البوابة الغربية للهند، والتي عن طريقها تمر التجارة والحضارة وتنتشر في ربوع البلاد. ومثلما الحال في مدينة نيويورك، توصف هذه المدينة بأنها مدينة الأحلام، خصوصا وأنها تضم بين سكانها بعض أكثر الهنود ثراءً وكذلك نجوم بوليوود. بالنسبة للسياح العرب، تعد أمطار مومباي من عناصر الجذب الكبرى. وتتساقط هذه الأمطار خلال موسم هبوب الرياح الموسمية، حيث يصل عدد الزائرين العرب إلى أقصاه. وإذا قمت بزيارة المدينة وشعرت بالحيرة حيال أي الأماكن ينبغي أن تزورها، فإنه بجانب الشواطئ، يمكنك معاينة بعض أروع مشاهد غروب الشمس على ضفاف البحر العربي. وفيما يلي سنطرح قائمة بأبرز الأماكن التي عليك زيارتها. في مومباي، يمثل الليل البداية الحقيقية لليوم. لذلك، تحمل مومباي اسم «المدينة التي لا تنام!» خلال الشهور القليلة المقبلة، من المحتمل أن تصبح مومباي المدينة الهندية الأولى التي تبقى مفتوحة طيلة ساعات اليوم على مدار الأسبوع. ويجري النظر إلى نصب «بوابة الهند» باعتباره نقطة البداية التي ينطلق منها غالبية السياح الراغبين في التجول بمختلف أرجاء المدينة. ويعد هذا النصب واحدًا من أبرز المعالم الأثرية بالهند، ويبلغ ارتفاعه 26 مترًا، وبه أربعة أبراج، بجانب زخارف متشابكة معقدة منقوشة على حجر بازلت أصفر. ويمثل الأثر نموذجًا للعمارة الهندوسية - مسلمة، وجرى تشييده لتكريم الملك البريطاني جورج الخامس والملكة ماري. وأقيم النصب الضخم عام 1924، ويطل على ميناء مومباي ويحده البحر العربي. ويبقى هذا النصب بمثابة رمز لافت على حقبة الحكم البريطاني. وبعد انتهاء هذه الحقبة عام 1947، غادر آخر الجنود البريطانيين الهند عبر هذه البوابة. وقد صممت البوابة لتكون أول ما يراه الزائرون لدى اقترابهم من مومباي بحرًا. في الوقت الحاضر، يشبه المناخ العام المحيط بالنصب في بعض الأحيان السيرك، مع وجود أعداد كبيرة من البائعين يعرضون سلعًا كثيرة تتنوع بين البالونات والشاي الهندي. عام 2011، ضمت مؤسسة «لونلي بلانيت» «بوابة الهند» إلى قائمة أحد أفضل المزارات العالمية المجانية. ومن بين أفضل المتاحف في الهند متحف أمير ويلز المتميز بعمارته المثيرة التي تمثل مزيجًا بين العمارة الهندوسية والإسلامية والبريطانية. ويضم المتحف أكثر من 50 ألف قطعة أثرية تعود إلى التاريخ الهندي القديم، وكذلك عصور ماضية بدول أخرى. كما يعرض المتحف قطعًا فنية من حضارة وادي السند، وكذلك بقايا من آثار الهند من العصور القديمة والوسطى. بوابة الهند كما تتميز الهند ببعض المباني الأثرية الأخاذة، حيث يمكن أن تستمتع بمعاينة نماذج من المعمار المميز لفترة الاستعمار. عبر «بوابة الهند»، يمكنك رؤية فندق تاج محل الرائع في الخلفية. يقع الفندق في الشارع المجاور للبوابة، وقد تركزت عليه أنظار العالم عندما تعرض لهجوم إرهابي بشع عام 2008، أسفر عن مقتل الكثيرين. يتجاوز عمر الفندق 100 عام، حيث بني عام 1903، وهو من الأماكن التي يجب زيارتها في المدينة. وقد أعيد بناء الفندق بعد الهجوم، وخصص أحد أقسامه لمن لقوا حتفهم خلال الهجوم. إذا تمكنت من الإقامة في الفندق، فهذا خيار ممتاز. أما إذا عجزت عن ذلك، فيمكنك إذن تناول القهوة هناك على الأقل. أيضًا، تعد كهوف إليفانتا من أهم المزارات في أوساط الزائرين المحليين والأجانب. من جانبها، ضمت منظمة «اليونيسكو» هذه الكهوف لقائمة التراث الإنساني. وتقع الكهوف على جزيرة تبعد مسافة 10 كيلومترات شرق ميناء مومباي. كما يطلق عليها «مدينة الكهوف»، وتضم بقايا أثرية قديمة تعد دليلاً على الماضي الثقافي الثري للهند. ويعود عمر هذه الكهوف إلى منتصف القرن الخامس والقرن السادس. كما يوجد كهفان بوذيان، ضمتهما «اليونيسكو» أيضا لقائمة التراث العالمي. ولدى تجولك بمختلف أرجاء «إليفانتا»، عليك توخي الحذر حيال القرود الكثيرة التي تجول بالمكان. ويعد هذا تحديدًا المكان المناسب لزيارته إذا رغبت في الاستمتاع بالهدوء بعيدًا عن صخب مومباي. أيضًا، يمكن زيارة «نافورة فلورا»، المعروفة كذلك باسم «هوتاتما تشوك»، ويعود تاريخ بنائها لعام 1864. وتعد النافورة واحدة من أهم مواقع التراث بالهند. أهم المزارات من بين المزارات الأخرى «مضمار ماهالاكشمي» لسباق الخيول، الذي يحظى بشهرة واسعة على مستوى البلاد، وهو أحد أبرز مضامير السباق على مستوى آسيا. كما أن «غراندستاند» الموجودة بالمضمار، موجودة بقائمة مواقع التراث الهندية. وتعتبر محطة «تشهاتراباتي شيفاجي ترمينس» أو «فيكتوريا ترمينس» للسكك الحديدية بمثابة أعجوبة معمارية. بنيت المحطة عام 1888 بأسلوب معماري قوطي فيكتوري، مطعم ببعض عناصر العمارة الهندية التقليدية. وتوجد المحطة على قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي. وعندما تسير أمام المحطة الفيكتورية ومكتب البريد الملحق بها تشعر وكأنك في باريس، لكن صخب الحركة المحيطة يعود بك مجددًا إلى الهند. أيضًا، من بين المعالم السياحية للمدينة «مارين درايف»، ويعد من أبرز نقاط الجذب للسائحين وظهر في كثير من أفلام بوليوود، وهو عبارة عن طريق سريع على شكل «سي» بالأجنبية يطل على البحر ولا يخلو من صخب السيارات المسرعة قط. بعد الغروب، تجري إضاءة الطريق بالآلاف من مصابيح إنارة الشوارع، ويشار إلى منظر الطريق من أعلى وهو مضيء ليلاً باسم «عقد الملكة». من المزارات أيضا مسجد ومقبرة الحاج علي، والذي بني عام 1431 من جانب تاجر مسلم ثري وشيخ صوفي يدعى الحاج علي شاه بخاري، والذي دفعه إلهام لتبديل مسار حياته بعد زيارته مكة. يوجد المسجد والمقبرة التي تضم جسد الحاج علي في قلب المحيط، لذا لا يمكن الوصول إليه سوى خلال فترات الجزر عبر ممشى ضيق يمتد لمسافة 500 ياردة. بعيدا عن صخب المدينة ويمكن للزائر التماس الهدوء بمنأى عن صخب المدينة بالذهاب إلى سواحل المدينة الرائعة ومشاهدة الشروق والغروب بها. وتوجد بعض أشهر شواطئ المدينة في «جوهو غيرغوم» و«باندرا». وتضم المناطق المحيطة بهذه الشواطئ منازل الأثرياء من سكان مومباي. ويحرص كثير من زائري المدينة على مشاهدة منزل نجم السينما أميتاب باتشان على طريق مؤدٍ لشاطئ جوهو. وكثيرًا ما يجري تصوير أفلام لبوليوود بهذا المكان. وفي الصباح، يمكن رؤية كثير من المشاهير يتنزهون بأرجاء الشاطئ. قرب شواطئ «باندرا»، المعروفة باسم «باندستاند»، يقف العشرات من المعجبين لرؤية منزل شاروخان وسلمان خان. بوجه عام، من الممتع زيارة كلا الشاطئين، حيث يسود جو عام شبيه بأجواء الكرنفالات، خصوصا خلال عطلات نهاية الأسبوع. وأهم ما يميز الشاطئين إمكانية مشاهدة النجوم والمشاهير، أما العطش فيمكنك التغلب عليه باحتساء ماء جوز الهند الطازج. ابحث عن غاندي في بومباي إذا كنت تبحث عن صلة غاندي بمومباي، فإن «ماني بهافان» هي المكان الأمثل لزيارته، حيث يضم معروضات من كتابات أدبية وصورًا لغاندي، بجانب معروضات مجسدة ثلاثية الأبعاد لأحداث من حياة الزعيم الهندي الشهير. كما يضم المعرض مقتنيات شخصية لغاندي من غرفة نومه وكتبه وملابسه. وقد شهد هذا المكان تعلم غاندي للمرة الأولى كيفية استخدام عجلة المغزل. ويقع المنزل المؤلف من طابقين على طريق لابورنوم في غامدفي. ومن داخل هذا المنزل، أطلق غاندي حملة عدم التعاون وحركات أخرى مناهضة للاستعمار البريطاني. ويعد جسر «باندرا وورلي سي لينك» واحدا من المعجزات الهندسية الحديثة. ويمر هذا الجسر المؤلف من 8 ممرات فوق البحر، ويوفر تجربة قيادة ممتعة، حيث يستمتع الكثيرون بالقيادة فوقه مع التمتع بمشاهدة منظر البحر، لكن لا يسمح لأحد بالتوقف في أي مكان على الجسر. من ناحية أخرى، تعتبر مومباي قلب صناعة بوليوود المزدهرة. ومن الأماكن الرائعة المرتبطة بهذه الصناعة سينما إروس، ذات الطراز المعماري الأخاذ، والتي تجاوز محطة سكة حديد «تشرتش غيت»، وهي مكان رائع لمشاهدة أحدث إبداعات بوليوود. ويمكنك كذلك القيام بجولة إلى قلب «فيلم سيتي» (مدينة الأفلام) لمعاينة عالم صناعة السينما عن قرب. وتعتبر «إسيل وورلد» و«أدلابس إماجيكا ثيم» من أكبر المتنزهات وأروعها على مستوى الهند، وهي من المناطق المفضلة للزائرين من الأسر بوجه خاص. أفضل وقت للزيارة بالنسبة للوقت الأمثل لزيارة مومباي، فإنه نظرًا لقرب المدينة من البحر العربي نجد أنها بطبيعتها مدينة ذات مناخ رطب. ونظرًا لوجود مومباي في المنطقة المدارية، وغالبًا ما تحظى بالمناخ ذاته دون اختلاف يذكر على مدار العام. ومع ذلك، فإن الوقت الأمثل لزيارة المدينة للراغبين في تجنب التعرض للشمس المحرقة ما بين نوفمبر (تشرين الثاني) وفبراير (شباط) . ودائمًا ما تهب الرياح الموسمية على مومباي في نهاية يونيو (حزيران) . وخلال تلك الفترة، تتحول زيارة المدينة لتجربة يصعب نسيانها مع هطول الأمطار بغزارة واستمرار. وتصبح المدينة في أزهى صورها خلال شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) ، حيث تضيف الشوارع والمتاجر المزخرفة بكثرة إلى جمال المدينة وثرائها البصري. لذا، فإن الشهور من أكتوبر إلى فبراير هي الوقت الأمثل لزيارة المدينة. التسوق الملاحظ أنه على امتداد السنوات، ومع نيل البلاد استقلالها، تحولت مومباي إلى مدينة عامرة بأسواقها المزدهرة وكثير من المجتمعات المتنوعة. وتمثل هذه المدينة الساحرة العاصمة المالية للهند ومركز الغالبية العظمى من المعاملات التجارية والاستثمارية، علاوة على كونها مركزًا ثقافيًا، علاوة على تميزها بأرقى العلامات التجارية في عالم الموضة. أيضًا، تعج المدينة بحركة تجارية صاخبة ومتنوعة، من التجار الذين يشغلون جوانب الشوارع إلى سوق تشور بازار ثيفز المذهل، ما يجعلها مكانًا مثاليًا للتسوق. ويمكنك شراء تذكارات ساحرة من كولابا كوزواي، والتمتع بأحذية رخيصة من لينكنغ رود، والتجول عبر أزقة تشور بازار بحثًا عن الأنتيكات. افعل ولا تفعل من الأفضل التجول عبر المدينة برفقة أحد أبنائها، مما سيفيد كثيرًا في التعامل مع الباعة بالشوارع وسائقي سيارات الأجرة الذين عادة يبالغون في الأسعار التي يطالبون بها السياح، علاوة على الحصول على نصائح مهمة بخصوص الأماكن التي يمكن زيارتها والأخرى التي ينبغي تجنبها. ورغم أن مومباي أقل محافظة من الناحية الاجتماعية عن المدن الهندية الأخرى، فإنه يبقى من الأفضل للنساء التزام الملابس المحتشمة، وكذلك من الضروري التزام الهدوء والجدية داخل أماكن العبادة على اختلافها، وضرورة خلع الأحذية قبل الدخول إليها. كما أن بعض الأماكن المقدسة تتطلب الفصل بين الرجال والنساء. ومن الأفضل تجنب ركوب القطارات خلال ساعات الذروة من 7 إلى 11.30 صباحًا ومن 4 إلى 11 مساءً. وكذلك تجنب تناول الأطعمة السريعة التي قد لا يلتزم معدوها بالأساليب الصحية، ولا ينبغي قبول أي مأكولات أو مشروبات من غرباء.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/400826/إذا-كنت-تبحث-عن-الهدوء-في-لبنان-اذهب-إلى-«بيوتي»
2015-07-21 03:03:20
إذا كنت تبحث عن الهدوء في لبنان.. اذهب إلى «بيوتي»
بيروت: فيفيان حداد
إذا كنت تبحث عن مكان تبتعد فيه عن ضوضاء المدينة، وعن طاقة إيجابية تخوّلك تمضية باقي أيام الأسبوع وأنت مبتسم وهادئ و«يا جبل ما يهزّك ريح» كما تقول أغنية الراحلة صباح، ما عليك سوى التوجه إلى «بيوتي» حيث السكينة وراحة البال. فمن الصعب وصف بيت الضيافة اللبناني «بيوتي» في بضعة سطور أو كلمات. فهذا المكان الواقع وسط جبال الشوف وبالتحديد في منطقة معاصر بيت الدين أقل ما يمكن القول عنه بأنه قطعة من الجنّة على الأرض. فهناك لا أبواق سيارات ولا رنّات تلفونات ولا زحمة سير ولا أي وجود للضوضاء التي تثقل حياة المدينة. فزقزقة العصافير ونسمات الهواء العليل ورائحة أشجار الغار والبهار وحفيف أوراق شجر الحور، هي الوحيدة المخوّلة أن ترافقك في رحلتك هذه إذا كنت باحثا شغوفا عن الشعور بالاسترخاء في الطبيعة. ولعلّ الحجر الصخري المبنية به «بيوتي»، هو أول إشارة تلوح أمامك لتنبئك بأنك في حضرة الأصالة اللبنانية العريقة، التي تتوق إليها بعد أن صارت العمارات المرتفعة وناطحات السحاب في مدينتك، بمثابة حلم مزعج لطالما تمنيت أن تستيقظ منه على غفلة. *موقع «بيوتي» وخصائصه - تقع بلدة معاصر بيت الدين حيث يستقرّ فيها بيت الضيافة «بيوتي» على بعد 40 كيلومترا عن العاصمة بيروت، وترتفع 850 مترا عن سطح البحر. ومنذ اللحظة الأولى لوصولك إلى «بيوتي» المنتشر على مساحة 35 ألف متر مربع، يخيّل إليك أنك في الريف الإيطالي، أو بالأحرى في واحدة من مناطقها المعروفة توسكانا. وتحتار عيناك أين تستقر بنظرها، فهنا درب طويل مفروش بالزهور وهناك أشجار الجميز والزنزلخت تظللك بفيئها، ومقابلك تماما حدائق معلّقة تشكّل لوحات طبيعية لا تملّ من تأملّها. ابتسم أنت في «بيوتي» قد تكون العبارة الأفضل لوصف المكان الذي أنت موجود فيه. أما العنوان العريض لـ«بيوتي» فهو الهدوء والسكينة. «هنا تشعر بأنك في جزء آخر من العالم، وقد آثرت أن يتمتع المشروع بهذه الصفة كي يتميّز عن غيره من بيوت الضيافة في لبنان، فالأشخاص الذين نستقبلهم يمثلون شريحة من المجتمع اللبناني الراقي الباحث عن الراحة والتمتع بالطبيعة في آن» هذا ما يقوله رفيق بازرجي صاحب فكرة «بيوتي» والذي قرر أن يترك عمله الأساسي (صاحب شركة سيارات سوزوكي ومازيراتي) للتفرّغ لهذا المشروع السياحي البيئي، وتساعده زوجته رلى في تثبيت فكرته هذه على أرض الواقع، لا سيما وأنها المسؤولة عن استقبال الضيوف وتأمين وسائل الراحة لهم. فكونها تعمل في مجال تصميم الهدايا والتذكارات، فلقد أخذت على عاتقها ترتيب «بيوتي» بأسلوبها الخاص بحيث مزجت ما بين العراقة والحداثة في ديكوراته وأثاثه. فلذلك تشاهد المدفأة على الحطب (الشيمينيه) إلى جانب الصوبيا (وسيلة تدفئة قديمة) في آن، وكذلك شراشف مطرّزة بالدانتيل البريطاني على الأسرة ومغسلة على شكل جرن الكبّة في صالة الحمام المغطّى بالرخام. بيوت «بيوتي» لكل منها قصة وحكاية يبلغ عدد بيوت الضيافة في مركز «بيوتي» السياحي عشرة، وهي موزعة بشكل متباعد عن بعضها بعضا للحفاظ على الحميمية والحريّة بين نزلائها. فكل بيت يحكي قصة أن بهندسته أو بالاسم الذي يحمله. فمنها ما يتسّع لأربعة أشخاص وأخرى لشخصين، إلا أنها جميعها مطلّة على منظر طبيعي خلّاب محاط بالورود والأشجار ودروب المشي. كما أنها مفروشة بالأثاث القديم والمحدّث معا، وكذلك بأسرّة وحمامات صممّت بأسلوب راق. ولا تغيب عن هذه المنازل التكنولوجية الحديثة، بحيث عمد أصحاب هذا المشروع إلى تأمين الإنترنت ومكيفات التبريد وما إلى هنالك من المستلزمات الحياتية لتمضية عطلة أسبوع بنسبة رفاهية عالية. أما أسماء هذه البيوت فتدلّك مباشرة على ما ينتظرك فيها أو بقربها، فيكفي أن نقول مثلا «بيت الورد» حتى تعلم أنك على موعد مع صباح الورد حقيقة فلا يكون الأمر كمجرّد تحية اعتدت أن تلقيها على صديق. فرائحة الزهور البرّية والجوريّة المزروعة على جانبيه لا بدّ من أن تنعشك فتشعر بسعادة الأطفال. وتكرّ سبحة الأسماء لتكشف عن حنايا البيوت الأخرى: «المندلون» (نسبة إلى هندسته التي ترتفع على شرفاتها القناطر القديمة)، «اليسار» وهي تسمية ارتآها صاحب المشروع رفيق بازرجي تيمنا بالراقصة اليسار كركلا التي سكنته لأسبوعين متتاليين فقرر أن يقرنه باسمها، «الجل» كونه يقع في وسط أحد «الجلالة» (قسم من عدة أراض متدرّجة)، و«الياسمين» لأن رائحته تعبق بأشجار الياسمين المحيطة به و«العريشة» لأن مدخله تظلله أشجار الكرمة وعناقيد العنب، و«التنور» كون هذا المخبز القديم يوجد في منطقته فتتناول خبزه الطازج أثناء وجبة الفطور، و«النهر» لموقع البيت على ضفافه، و«الغار» لأن أشجاره تكلل الأراضي والتلال في قربه و«الجسر» لأنه يقع إلى جانب جسر بيت الدين الذي بني في حقبة الأمير بشير الثاني الكبير، وذلك بطلب من أحد أبناء بلدة مجاورة ويعرف بـ«أخوت شاناي» والذي استطاع بذكائه أن يجرّ المياه إلى قصر الأمير المذكور. * ممارسة رياضة المشي والسباحة واستكشاف الطبيعة أبرز النشاطات في «بيوتي» قد تتساءل عن النشاطات التي يمكنك ممارستها على مساحة 35 ألف متر مربع. إلا أن «بيوتي» يؤمن لنزلائه أهمها والتي تدور ما بين زرقة السماء وظلال الأشجار وأشعة الشمس الدافئة وجلسات الليل المسليّة. رياضة رياضة السباحة تأتي في مقدمة النشاطات التي في إمكانك ممارستها في «بيوتي»، وعلى ضفاف بركتي السباحة الموجودة في المشروع، تتوزّع الكراسي المريحة لتستلقي على إحداها وتلوّن بشرتك بالسمرة البرونزية. أما إذا كنت من هواة رياضة المشي فإنك في «بيوتي» ستلاقي مرادك كون دروب السير على الأقدام لا تحصى ولا تعدّ لا سيما وأن بعضها تظللها أشجار الفاكهة مثل (الكرز والتفاح والخوخ والأجاص)، والبعض الآخر منها تتوزّع على جوانبها أشجار البهار الأبيض والأحمر والأسود والحور والسرو والصنوبر وغيرها. ولمحبي جلسات السمر وتناول الطعام مع مجموعة من الأصدقاء، فإن «بيوتي» تؤمن لهم ذلك داخل مطعمها أو تحت ضوء القمر في الخارج. ولا بد هنا من الإشارة إلى أن تكلفة تمضية ليلة واحدة في هذا المشروع السياحي تتراوح ما بين 200 دولار (لشخصين) و350 دولار (لأربعة أشخاص). وتغطي هذه التكلفة تناول وجبة الفطور الصباحية والتي هي كناية عن ترويقة لبنانية تتألّف من مناقيش الزعتر والكشك واللبنة البلدية والبيض المقلي والمربيات وغيرها من الأطباق التي عادة ما تزيّن مائدة اللبناني وقت الفطور، وجميع هذه الأطباق مصنوعة ومحضّرة من مكونات طبيعية لخضار مزروعة في حدائق «بيوتي»، وللحوم حيوانات من تربية المزرعة التي تعدّ جزءا من هذا البيت الضيافي. معالم مهمة قريبة أما في أوقات الفراغ فباستطاعتك زيارة معالم سياحية وأخرى أثرية موجودة في بلدة بيت الدين كـ(قصر بيت الدين)، أو في بلدة دير القمر المجاورة لها كـ(قصر موسى)، أو التوجه إلى محمية أرز الباروك التي تحتوي على نحو مليوني شجرة أرز وتشغل 7 في المائة من المساحة الخضراء العامة في لبنان، أو تناول طعام الغداء في أحد المطاعم المنتشرة في منطقة الشوف والتي تقدّم اللقمة اللبنانية الطيبة. المشوار إلى «بيوتي» في بلدة معاصر بيت الدين لن يكون بالتأكيد شبيها بأي من المشاوير والنزهات التي سبق وقمت بها في أي بقعة من العالم، ولذلك فإن التخطيط لقضاء عطلة الصيف أو الشتاء فيها قد يكون واحدا من أنجح المخططات السياحية التي تنوي القيام بها قريبا، والصور التي ستلتقطها ذاكرتك فيها ستبقى دون شك تسكن خيالك فترويها بشغف لأصدقائك عند عودتك منها.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/395626/دليل-الوجهات-السياحية-الجديدة-للعرب-في-بريطانيا
2015-07-21 03:03:27
دليل الوجهات السياحية الجديدة للعرب في بريطانيا
لندن: «الشرق الأوسط»
من المتوقع أن تشهد لندن هذا الصيف إقبالا قياسيا من السياح العرب لأنها من الوجهات الأوروبية القليلة متعددة الأعراق والثقافات التي يشعر فيها العرب بأنهم في وطنهم الثاني. كذلك لا تفرض لندن قيودا على الملبس أو المأكل، كما يمتلك كثير من العرب عقارات في لندن يستخدمونها خلال فصل الصيف من كل عام. وفي العام الماضي قدرت مصادر السياحة البريطانية جملة الإنفاق السياحي من منطقة الشرق الأوسط بنحو 1.25 مليار إسترليني (1.87 مليار دولار)، بواقع 4.5 مليون جنيه إسترليني (6.75 مليون دولار) يوميا. وقالت هيئة السياحة البريطانية إن السياح العرب هم أكثر السياح إنفاقا في العالم. وكان نصف الإنفاق السياحي العربي في العاصمة لندن. وتشير الإحصاءات إلى أن سياح لندن في ازدياد مضطرد عبر السنوات الأخيرة من أقل من خمسة ملايين في عام 2003، إلى 8.5 مليون زائر في عام 2013. ويأتي معظم سياح لندن من أميركا ودول من خارج أوروبا، ولكن نسبة كبيرة من هؤلاء هم من العرب. ومن السهل مشاهدة العائلات العربية خلال فصل الصيف في لندن في المواقع السياحية المعهودة؛ بداية من حدائق «هايد بارك»، إلى التسوق في «أكسفورد ستريت»، وتناول الطعام في «إدجوار رود». وبالطبع يتوجه العرب في لندن إلى زيارة معالم سياحية؛ مثل «متحف الشمع (مدام توسو)»، و«عجلة لندن (لندن أي)»، والصعود إلى سطح الناطحة «شارد»، والتجول في الأحياء الفاخرة، والجلوس في المقاهي. ولكن بريطانيا تضم كثيرا من الوجهات السياحية التي توفر أياما ممتعة للسياح العرب في رحلات لا تستغرق أكثر من يوم واحد أو يومين خارج لندن، ويمكن أن تضيف مزيدا من الإثارة في رحلة سياحية إلى بريطانيا. والوجهات السياحية التالية تستعد لموسم سياحي حافل هذا الصيف، وتوفر برامج مثيرة، وضيافة تقليدية للسياح العرب لا تقل عن ضيافة لندن. من أبرز هذه المواقع * قلعة ويندسور: وهي قريبة من لندن ويمكن الوصول إليها عبر رحلة بالقطار من محطة بادينغتون لا تزيد على نصف ساعة. وتفتح القلعة أبوابها يوميا من العاشرة صباحا إلى الخامسة عصرا. وتقع القلعة على قمة تل، ولذلك لا بد من ارتداء أحذية مريحة عند الزيارة. وتقام يوميا استعراضات من حراس القلعة بملابسهم العسكرية حمراء اللون. وهناك متحف قريب من محطة القطار يمكن زيارته أيضا. ويمكن التصوير خارج القلعة، ولكن ليس داخلها. وتتوفر أجهزة استماع بلغات مختلفة (ليس من بينها العربية) لتقديم معالم القلعة للسياح. وتقام هذا الصيف عدة معارض في ويندسور؛ من بينها معرض «ووترلو» واستعراض «ميليتاري نايتس». * قصر بلينهايم: وهو قصر مصنف إرثا حضاريا، ويقع بالقرب من مدينة أكسفورد، ويعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر، ويسكنه حاليا دوق مارلبورو الثاني عشر وزوجته. ويحيط بالقصر ألفا فدان من المساحات الخضراء. وهو أيضا يمثل الموقع الأمثل للمناسبات الخاصة. ويحتفل القصر هذا الصيف بذكرى تشرشل الذي ولد وتزوج ودفن في القصر، وقال في مذكراته إنه اتخذ أهم قرارين في حياته في هذا القصر؛ هما: ميلاده، وزواجه، ولم يندم على أيهما. ويمثل هذا العام ذكرى 50 عاما على وفاته، و75 عاما على انتصار معركة بريطانيا الجوية في عام 1940 أثناء الحرب العالمية الثانية. ويمكن الوصول إلى القصر بالقطار من محطة بادينغتون، وتستغرق الرحلة ساعة و20 دقيقة. ويقع القصر في مقاطعة أكسفوردشير. * بورنموث: وهي مدينة تقع على الساحل الجنوبي إلى الغرب من برايتون التي يعرفها السياح العرب وتتفوق عليها في المزايا. فهي ذات شواطئ رملية وتعداد شبابي، وتستعد للصيف ببرامج سياحية تشمل استعراضا لسيارات السباق، ومهرجانا للأطعمة. وبالقرب من المدينة تقع قلعة قديمة اسمها «كورف كاسل» تقام فيها استعراضات تاريخية، ويمكن زيارتها مشيا على الأقدام. وعلى رصيف المرفأ يمكن للأطفال الإقلاع فوق الماء إلى الشاطئ على كابلات. ويمكن قضاء ليلة في أحد فنادق المدينة والعودة إلى لندن في اليوم التالي. الذهاب إلى المدينة أفضل بالسيارة؛ حيث تتيح السيارة فرصة التجول فيها وزيارة أرجائها المختلفة. * قلعة وحدائق «هيفر»: وهي قلعة تقع في مقاطعة «كِنت»، ويمكن السفر إليها بالقطار في رحلة لا تزيد على 45 دقيقة، بالإضافة إلى 20 دقيقة مشيا من محطة هيفر. وتضم القلعة بحيرة خلابة تمثل أحد أهم معالم الزيارة. ويمكن تناول الطعام والشراب داخل القلعة التي تشتهر تاريخيا بأنها كانت مسكن أسرة الملكة آن بولين إحدى زوجات الملك هنري الثامن. وتمثل القلعة يوما ممتعا خارج لندن، وتوفر جولة تاريخية تعود سبعة قرون إلى الماضي. ويمكن للأطفال اللعب في حدائق خاصة بهم بينما تتوفر للكبار فرصة الاسترخاء في مناخ مرتبط بالطبيعة. وتقام هذا الصيف عدة معارض في القلعة عن زمن الحرب في بريطانيا وأسلوب الحياة في العصر الإدواردي. وتفتح القلعة أبوابها يوميا من العاشرة والنصف صباحا إلى السادسة مساء. وآخر موعد للدخول يوميا هو الساعة الرابعة والنصف. * مدينة ونشستر: وهي على مسافة ساعة بالقطار من لندن من محطة ووترلو، وهي مدينة تقليدية بها أقدم مدرسة بريطانية، وبها أيضا طاحونة تاريخية تدفعها مياه نهر ايتشن وما زالت تعمل حتى اليوم. وتم تجديد الطاحونة في عام 1743 مكان طاحونة أخرى يعود تاريخها إلى العصور الوسطى. ويمكن التجول والتسوق في مدينة عريقة تمثل المناخ البريطاني التقليدي بعيدا عن زحام موسم السياحة في لندن. * قلعة ليدز: وهي على الرغم من اسمها، فإنها تقع في مقاطعة «كِنت». ويمكن الوصول إليها من محطة فيكتوريا بقطار يصل إليها في غضون ساعة واحدة. ولا بد من سيارة من محطة قطار بيرستيد إلى القلعة. وتقع القلعة في شبه جزيرة محاطة بمياه بحيرة، وهي تقع بالقرب من الطريق السريع «إم 20» لمن يرغب في السفر إليها بالسيارة. وتعرض القلعة هذا الصيف مجموعة من السيارات السوبر التي وافق أصحابها على عرضها في القلعة، وتقدم عروضا للأطفال بالملابس التاريخية، كما تقيم القلعة أمسية للموسيقى الكلاسيكية، وتعرض أيضا أفلاما في سينما مفتوحة. ويوجد كثير من المطاعم والكافيتريات داخل القلعة، وبعضها يوفر جلسات في الهواء الطلق. وتوفر القلعة جولات في أرجاء الطوابق العليا وفي الحدائق المجاورة. ويستمع الزائر إلى شرح لوسائل تحضير الطعام عبر العصور التاريخية. * قلعة كارديغان: وهي قلعة تاريخية تقع في مقاطعة ويلز على الشاطئ الغربي لبريطانيا، ويمكن السكن في القلعة أثناء الزيارة لمدة ليلة أو عدة ليال. وكانت القلعة مهدمة حتى نهاية الثمانينات عندما قام مستثمرون بترميمها وتحديثها وإعدادها سياحيا بتكلفة 12 مليون جنيه إسترليني (18 مليون دولار). وتوفر القلعة زيارات للشواطئ المجاورة ومحميات طبيعية. وهي تضم بعض أجمل المشاهد الطبيعية للطرق الساحلية التي يمكن القيادة فيها. وهناك كثير من الألعاب المخصصة للأطفال. ويمكن تناول الطعام في القلعة نفسها أو في كثير من المطاعم في الضواحي القريبة. * رحلة إلى لنكولن: تحتفل لنكولن هذا العام بمرور 800 عام على توقيع وثيقة «ماغنا كارتا» الدستورية التي توجد منها نسخة في قلعة لنكولن. وتم تحديث القلعة هذا العام لهذه المناسبة في برنامج تكلف 22 مليون جنيه إسترليني (33 مليون دولار). وتعرض القلعة هذا الصيف بعض المعروضات التاريخية؛ منها هيكل عظمي تاريخي عمره ألف عام عثر عليه أثناء التنقيب تحت القلعة. وخلال الصيف أيضا سوف تقام عروض سياحية في لنكولن تشمل الألعاب النارية والاستعراضات والمسرحيات التاريخية حول أحداث عام 1215، وهو عام توقيع الوثيقة، خصوصا في يومي 13 و14 يونيو (حزيران) الحالي. وتقيم المدينة في أيام نهاية الأسبوع دورات في الصناعات التقليدية يمكن لأي زائر أن يشارك فيها. ويمكن للسائح أن ينظم رحلته بنفسه عن طريق السفر إلى لنكولن بالسيارة وحجز ليلة في أحد فنادقها والعودة في اليوم التالي. * حدائق «ستادلي» في يوركشير: وهي حدائق ملكية تاريخية تستقبل الزوار منذ ثلاثة قرون وتفاجئهم بكثير من العروض والتصميمات؛ مثل أعشاش الطيور العملاقة وحوائط المرايا. وفي الحدائق يمكن مشاهدة الغزلان، وتناول الباربيكيو، وزيارة معالم يوركشير القريبة ومنها مسارح تقليدية، والذهاب في رحلات مشي على الأقدام بين المزارع. وكل النشاطات في الحدائق مجانية بعد دفع رسوم الدخول، وتوجد بالقرب من الحدائق فنادق للإقامة. * زيارة لمزارع بريطانية: وهي تفتح أبوابها خلال فصلي الربيع والصيف للزوار للتجول بين حيوانات المزرعة، ثم تناول الطعام في مطاعم تقليدية مع وجبات ريفية يتم طبخها في مطابخ منزلية داخل المزارع نفسها. وتنتشر مثل هذه المزارع في مقاطعة سمرست؛ ومنها «نايتون فارم» التي تديرها سالي باريش وزوجها شون. وهناك أيضا مزارع قريبة يمكن جمعها في الزيارة أيضا. وتقام رحلات المزارع عدة مرات أسبوعيا، ويمكن الإقامة لفترات قصيرة تمتد ليوم أو يومين في فنادق ملحقة بالمزارع توفر النوم والإفطار بأسعار معقولة.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/395631/إذا-كان-لفيينا-موزارت-فإن-لوارسو-شوبان
2015-07-21 03:03:28
إذا كان لفيينا.. موزارت فإن لوارسو شوبان
وارسو: ميشال أبو نجم
لمن ما زال يعتقد أن بولندا دولة اشتراكية وأن الحياة فيها حزينة أو أن العاصمة وارسو ما زالت كما كانت عليه في التسعينات وبالتالي لا شيء يمكن أن يجنيه الزائر من زيارته لها، عليه بالضرورة أن يعيد النظر في أبجدياته لأن الأمور تغيرت جدا، ووارسو آخذة في فرض نفسها على لائحة المدن الصاعدة ساعية للحاق بعواصم أخرى مثل براغ أو فيينا. البراهين على ذلك أكثر من أن تحصى، يكفي بأن يجلس الزائر في أحد المقاهي المنتشرة في «الساحة الملكية» مقابل القصر السابق ليرى وفود السائحين تتوافد بالمئات والعشرات من كل أصقاع الأرض. ويبدو أن سمعة وارسو وصلت إلى اليابان والصين حيث حملة أجهزة التصوير و«السمارت فون» لا يتركون شيئا إلا ويثبتونه على عدساتهم. ولمن يريد أدلة «حديثة»، ربما أقنعته رؤية الأبراج التي تنبت هنا وهناك في وارسو. المجموعات الفندقية الدولية رتبت أمورها وحضرت بقوة إلى عاصمة بولندا. من الغرفة التي شغلناها في فندق ماريوت والمطلة على قصر الثقافة العائد إلى الحقبة السوفياتية، نرى برجي السوفياتيل والإنتركونتينتال وإلى جانبهما أبراج تحمل أسماء الماركات الأميركية الشهيرة. وإذا كلف الزائر نفسه وتمشى في الشوارع التجارية، فقد تصدمه العلامات المضيئة التي تذكر أسماءها بالعواصم الغربية ولعل المرء يخال نفسه للحظات أنه في باريس أو لندن أو بروكسل أو كوبنهاغن. أما إذا أصاخ الزائر سمعه في فنادق الخمس نجوم لدى تناوله طعام الفطور صباحا أو ارتاد المطاعم الفخمة المنتشرة هنا وهناك، فإنه يسمع لهجات مختلفة كلها تتحدث عن صفقات وعمليات ما يدل على وجود «طبقة» رجال أعمال تنتظرها خارج الفنادق سيارات المرسيدس الألمانية الضخمة أو أخواتها. * وارسو قطعة من التاريخ * بالطبع، من يأتي وارسو سائحا لا يجيء إليها ليراقب ناطحات السحاب. فهذا النوع من التسلية متوفر أينما كان إن في المدن الخليجية أو الشرق الأقصى، ناهيك بأوروبا الغربية والولايات المتحدة الأميركية. من يجيء إلى وارسو يفعل ذلك لأنه يبحث عن قطعة من التاريخ يحتضنها هذا البلد المعذب الذي وجد نفسه خلال مئات السنين محصورا بين إمبراطوريتين بروسية ألمانية من الغرب وروسية سوفياتية من الشرق. ولعشرات السنين، اختفت بولندا هذا البلد الأوروبي الشرقي ذو الجغرافية المسطحة عن الخارطة السياسية الأوروبية. أما الطامة الكبرى، فكانت الاحتلال الألماني النازي الذي أنزل فيها الفظائع ليس فقط عن طريق اضطهاد أهلها بمئات الآلاف أكانوا من الكاثوليك أو اليهود أو أي مكون آخر بل عن طريق تدميرها تدميرا شبه كامل. والثابت أن الجيش الألماني ترك وارسو ركاما. وعندما كنا نزور «الساحة الملكية» وإلى جانبها ساحة «رينك ستروم بارسا» التي تعني بالعربية «ساحة السوق» أخرج الدليل من جعبته صورتين تظهرانهما بعد خروج الجنود الألمان من المدينة. كوم من الركام متراكمة على الصورتين. بينما اليوم، قصور وكنائس ومنازل وأسواق أعيد ترميمها وفق ما كانت عليه قبل الحرب العالمية الثانية استنادا إلى صور فوتوغرافية وأخرى للوحات فنية. وباختصار، وارسو نهضت من بين الأنقاض في الخمسينات وتخلصت من الروس في التسعينات وها هي اليوم تدخل «الحداثة» الرأسمالية من بابها العريض. من منا لا يذكر الجنرال ياروزلسكي بنظارتيه السوداوين، آخر الحكام الذين وضعهم الكرملين على رأس البلاد أو النقابي ليخ فاليسا، ذو الشاربين الشهيرين الذي نجح في الوقوف في وجه النظام والاتحاد السوفياتي بدعم من الكنيسة الكاثوليكية والمخابرات الأميركية وليصبح بعدها رئيسا للجمهورية. وارسو شقت طريقها سريعا باتجاه الاتحاد الأوروبي ولاحقا نحو الحلف الأطلسي لتحمي نفسها من أطماع جارها الشرقي وانضمت لاحقا إلى الاتحاد الأوروبي ولكن من غير الدخول إلى فضاء اليورو. احتفظت بعملتها الوطنية التي تسمى «الزلوطي» وبحب مواطنيها للفودكا التي يستهلكونها بكميات كبيرة بغض النظر عن نوع النظام السياسي الذي يحكم البلاد. * أشهر مواطنيها * إذا كان لفيينا «موزارت» فإن لوارسو شوبان. ومن يتحدث عن وارسو لا بد أن يأتي على أشهر مواطنيها على الإطلاق وهو الفنان المبدع فريدرك شوبان المولود في الأول من مارس (آذار) لعام 1810. ورغم أن شوبان الذي ألف أول قطعة موسيقية له في سن الثامنة من عمره، انتقل إلى فيينا في سن العشرين وإلى باريس في الواحدة والعشرين حيث أمضى كل حياته وتوفي في العاصمة الفرنسية، إلى أن العاصمة، مسقط رأسه، جعل من سنواته في وارسو محطات ومحجات للسائح. شوبان لعب في حديقة ساسكي التي كانت تحيط بالقصر الذي يحمل الاسم نفسه. لكن القصر لم يُعَد ترميميه لأن الألمان سووه بالأرض. وما بقي منه واجهة صغيرة مكونة من ثمانية أعمدة متوازية يتوسطها نصب الجندي المجهول وعلى حيطانه أسماء كبراء الأمة الألمانية الذين في دافعوا عنها بوجه الغزاة. عمد المكتب السياحي في وارسو القائم في أحد أجنحة «القصر الثقافي» إلى إصدار كتيب عنوانه «وارسو شوبان» وظيفته أن يكون المحور لاقتفاء أثر الفنان العظيم. ومن بين المحجات التي يركز عليها «قصر كازيميرزوفسكي»، الذي سكنه شوبان مع أهله وهو اليوم مقر للسلطات الجامعية في وارسو.. ولم يفت مؤلفي الكتيب أن يضموا إلى المسار «قصر رادزيويل» الذي هو اليوم القصر الجمهوري لأن شوبان استدعي إليه وهو صغير ليؤدي قطعة موسيقية من تأليفه. يطول الحديث عن شوبان والقصور التي ارتادها رغم قصر المدة التي قضاها في وارسو التي كرست له متحفا يحمل اسمه. لكن الزائر يمكن أن ينطلق منها ليتعرف على وارسو التاريخية وعلى آثارها وإبداعاتها، إن الكنسية حيث تحفل بمجموعة من الكنائس والكاتدرائيات المزخرفة الرائعة أو المدنية من قصور ومتاحف ومبان وفنادق «تاريخية» ومن بينها وربما الأشهر فندق «البريستول» القائم في وسطها التجاري وعلى المحور الذي يسمى «الطريق الملكية» الذي يشقها من الشرق إلى الغرب. وتنتهي هذه الطريق، بطبيعة الحال، بالساحة الملكية التي يتوسطها القصر الملكي بلونه الأحمر القرميدي وهو بدوره يتوسط «المدينة القديمة» المسجلة على لائحة التراث الإنساني لليونسكو. وحري الإشارة إلى أن منظمة الثقافة والتربية والعلوم لعبت دورا كبيرا في إعادة ترميم المدينة القديمة.. الأمر الذي تخلده لوحة من البرونز قريبا من الحائط المتبقي من أسوار وارسو القديمة. * القصر الملكي.. محطة أساسية * لا يمكن للزائر إلا أن يتوقف أمام القصر الملكي الذي كان مقرا لملوك وسلطات بولندا منذ القرن السادس عشر عندما انتقلت العاصمة من مدينة كراكوف إلى وارسو في عهد الملك سيغموند وازا الثالث فيما يعود تاريخ تأسيس المدينة للقرن العاشر. ويرتفع وسط الساحة عامود يعلوه تمثال الملك سيغموند أمر بإقامته ابنه الملك فلاديسفاو الرابع اعترافا بفضله وتخليدا لذكره. والعامود والتمثال أحد أقدم وأعلى الآثار المتبقية من تلك الحقبة. واللافت أن القصر الملكي، ككثير من القصور في عاصمة بولندا، كان قد دمر تماما خلال الحرب العالمية الثانية لكن أعيد بناؤه كما كان باستخدام حجارته الأصلية وقد حول إلى متحف يضم مجموعات من اللوحات الشهيرة للرسام الهولندي رامبراندت أو الإيطالي كناليتو الذي رسم لوحات دقيقة لوارسو في القرن الثامن وقد استخدمت في عملية إعادة الترميم. وتستضيف باحة القصر الرئيسية في شهر يوليو (تموز) من كل عام «حدائق الموسيقى» وحفلات الأوبرا والباليه المتنوعة. * زيارات مهمة * لا شك أنه سيحلو للزائر أن يطوف في ساحات وشوارع المدينة القادمة، حيث تكثر المطاعم والمقاهي ومحلات بيع الحلي المصنوعة من عنبر البلطيق الذي يرفع شهرة بولندا. وعندما يترك الزائر الساحة الملكية وراءه ويتجه شرقا، عليه أن يكون مشحوذ الذهن دقيق الملاحظة لأن المباني التاريخية تتلاحق. ليس بعيدا عن القصر الملكي ترتفع كنيسة سانت آن التي يعود تاريخ بنائها للقرن الخامس عشر، وهي تعد الأجمل في وارسو. وقد استضافت الكنيسة البابا يوحنا بولس الثاني خلال زيارته الأولى لبولندا. ووراءها تقوم مصطبة توفر للزائر منظرا خلابا إذ يطل على نهر الفيستول، الذي يقسم وارسو إلى قسمين شمالي وجنوبي، ويوفر للزائر نزهة حالمة في ظل الأشجار الوارفة التي تحنو عليه. وعلى بعد رمية حجر، يقع نيكولاس كوبرنيك وهو البولندي الآخر الشهير الذي أدخل الثورة إلى علوم الفلك عندما أكد أن الأرض تدور حول الشمس وليس العكس وفق المفاهيم السابقة. وكوبرنيك ولد في عام 1473 توفي في عام 1543. ويمثل كتابه «نظرية الحركات السماوية» زبدة فكره في العلوم الفلكية التي أثارت الجدل في كل أوروبا ابتداء من أواخر القرن السادس عشر. يصعب حصر ما يستطيع الزائر التعرف إليه في وارسو في مساحات ضيقة. لكن التقديم لا يستقيم من غير إشارة إلى المتحف الوطني البولندي الذي يضم مجموعات غنية من اللوحات والتماثيل والقطع النقدية والأشياء التاريخية الممتدة من أقدم الحقبات وحتى العصور الحديثة. كذلك لا يستطيع الزائر إلا أن يعرج قصر يوجدوفسكي المكرس للفنون المعاصرة أو على مبنى جامعة وارسو الذي كان في الأساس أحد قصور العاصمة. لكن الأهم منه هو المجموعة المكونة من قصر لازينسكي كرولويسكي ومن الحديقة المتصلة به التي أمر بها الملك ستانيسلاف أوغست بونياتوفسكي، آخر ملوك بولندا وتعد المجموعة الأجمل في كل بلدان أوروبا. ثم هناك الموقع السابق لـ«غيتو وارسو» الذي كان مخصصا لليهود والمتحف والمقبرة اليهوديتين في العاصمة وكثير من المواقع التي يصعب حصرها. وفي أي حال، فلا بد للزائر أن يستمتع بزيارة وارسو التي تجهد سلطاته في تقديم أفضل ما تمتلكه للزائر إن في ميدان الإقامة أو التنقل أو الخدمات، ويكفي الزائر سحر جميلاتها وطيب الإقامة في مدينة عرفت أن تنهض، كما طائر الفينيق من رمادها لتعود أكثر بهاء على خريطة العالم.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/389806/فندق-«ريتز»-جوهرة-الفنادق-في-مدريد-يتحول-إلى-ملكية-عربية-ـ-صينية
2015-07-21 03:03:34
فندق «ريتز» جوهرة الفنادق في مدريد يتحول إلى ملكية عربية ـ صينية
مدريد: كارمن سيرنا
إذا سألت السائحين عن أكثر الفنادق فخامة في مدريد، فسيجيبونك: «فندق ريتز»، الذي افتتحه الملك ألفونسو الثاني عشر في 2 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1910 ليكون وجهة العائلات الأرستقراطية في البلاد. وكان الفندق خلال القرن الماضي هو المكان المفضل لرجال الأعمال الأوروبيين وزوجاتهم، الذين كانوا يقيمون في مدريد للاستمتاع بالطقس الجيد، والسلام في إسبانيا إبان الحرب العالمية الأولى. وفي أربعينات القرن الماضي، بات الفندق المكان الذي يرتدنه بنات الأسر العريقة من أجل تناول القهوة. وكان يشتهر بشرفته، التي يمكن مشاهدة الشابات اللائي ينتمين إلى أعرق أسر مدريد بها. وأصبح اللقاء به عادة واجبة وكانت تلك اللقاءات تعرف باسم «لقاءات بعد الظهيرة في ريتز». مع ذلك بعد مرور أكثر من قرن، أصبح الفندق بحاجة إلى تغيير، ولم يكن أصحابه السابقون راغبين في استثمار ما يكفي من المال من أجل هذا الغرض. لذا للمرة الأولى لم تعد القاعات الضخمة ذات الأرضيات المغطاة بالسجاد، أو الأرائك ذات القماش المخملي، أو البيانو الذي يقبع في الركن، أو المشارب الصغيرة المصنوعة من الخشب والملحق بها مرايا، ملكا للعاصمة الإسبانية. وتمت إضافة اسمين بحروف ذهبية إلى تاريخ فندق «ريتز» هما «عليان» و«مندرين». وعليان هو اسم لأسرة ثرية عربية، و«مندرين» اسم مجموعة تجارية عملاقة من الفنادق مقرها الصين. وقد دفعوا 132 مليون يورو إلى أليسيا كوبلوويتز مجموعة «بلموند» من أجل الحصول على أهم رمز للفخامة في مدريد وهو الفندق الذي يتكون من 137 غرفة، و30 جناحا، ويقع في قلب العاصمة الإسبانية التاريخي. ويمتلك عليان 50 في المائة من الفندق، في حين تمتلك مجموعة «مندرين» 50 في المائة، لكن المجموعة الآسيوية هي التي ستتولى إدارته نظرا لتخصصها في مجال المنشآت الفخمة. وللمالكين خطط كثيرة خاصة بهذا الفندق، حيث سيقومان بعملية تجديد له تستغرق عامين. فضلا عن ذلك، ذكرت الشركة الآسيوية في بيان لها أنهما سوف «يقيمان منتجعا صحيا جديدا، وعددا من المطاعم، والحانات، كلها مصممة بغرض تحسين وضع الفندق». وأضافت شركة «مندرين أورينتال»، وهي جزء من مجموعة «جاردين ماثيسان»: «سوف يتم تمويل عملية التجديد بأسهم وبقروض». كذلك قال إدواردو تيدغي، الرئيس التنفيذي لشركة «مندرين أورينتال»: «يسعدنا المشاركة في هذا المشروع مع عليان وهو أمر يمثل فرصة عظيمة لتوسيع أعمالنا في العواصم الأوروبية». ويأتي شراء فندق «ريتز» ضمن خطة توسعية تنفذها مجموعة «مندرين» في إسبانيا وباقي أنحاء أوروبا. وأوضح تيدغي أن «هذا البناء الجميل سوف يكمل فندقنا الحائز على الجوائز في برشلونة. وسوف يساهم كلا الفندقين في الانتعاش الاقتصادي». ومجموعة «مندرين» هي مجموعة آسيوية عملاقة تعمل في مجال الفنادق الفخمة وتأسست عام 1963 في هونغ كونغ، حيث تم إنشاء أول فندق هناك. وتمتلك الشركة فنادق فخمة في ماكو، وبرشلونة، ولاس فيغاس، ونيويورك، وبوسطن، وبراغ، فضلا عن أماكن أخرى. وكانت الشركة مهتمة بالوجود في مدريد بعد نجاح فندقها في برشلونة. وكان إجمالي عدد غرف الفنادق 11 ألف غرفة في 44 فندقا تعمل بالفعل أو توشك على فتح أبوابها. وتعد مجموعة «عليان» مجموعة شركات كبيرة لأسرة سعودية تأسست عام 1947. وكانت تلك المجموعة هي التي أدخلت مشروب الكوكاكولا في البلاد عام 1988، وتمتلك مصنع للتعبئة في السعودية. وهي شريكة محلية لـ«كولغيت - بالموليف»، و«نابيسكو»، و«كيمبرلي - كلارك»، و«موندوليز» وغيرها من الشركات. كذلك تعمل المجموعة في مجال الأعمال والبناء والخدمات الصناعية. وفي عام 1912 اختار رجل أعمال حديقة من أجل إنشاء هذا المكان الفريد، والمعماري الفرنسي، الذي قام ببناء فندق «ريتز» في لندن وباريس، على أساس فكرة نقل نكهة ومذاق ذلك الزمن. إضافة إلى ذلك، خصص المشروع جزءا من الحدائق لبناء واحدة من أكثر الشرفات التي تتمتع بخصوصية في مدريد لتكون ملجأ يسوده السلام في مواجهة الإيقاع الصاخب السريع للمدينة. ويمكن للزائر حتى يومنا هذا ملاحظة الملامح الأصلية للمكان، فرغم تجديده لا يزال العمل يحمل بصمة بدايات القرن العشرين. ولا يزال فندق «ريتز» هو الفندق الوحيد في مدريد الذي يتم استخدام فيه ملاءات مطرزة يدويًا كما كان الحال منذ تشييده. ويتذكر العاملون القدامى كيف كانت تلك الردهات تشهد زيارات ممثلين، وممثلات، ومغنيين، مثل فرانك سيناترا، وآفا غاردنر، التي تم طردها من الفندق بسبب فضائحها وتجاوزاتها. كذلك كان فندق «ريتز» هو المكان الذي اختاره الكثير من قادة العالم ممن قدموا إلى إسبانيا حين بدأ النظام الاستبدادي في الانحلال والتفسخ. أما اليوم، فيعد الفندق واحدا من الأماكن التي يقصدها السائحون رفيعو المستوى مثل الزائرين الروس، والأميركيين، والعرب.
aawsat
http://aawsat.com/home/article/389811/هامتون-كورت-500-عام-من-القصص-المثيرة-والطعام-الملكي
2015-07-21 03:03:36
{هامتون كورت}.. 500 عام من القصص المثيرة والطعام الملكي
لندن: عبير مشخص
أين تقع غرف الملك هنري الثامن؟ أين عاشت زوجاته؟ أين كان يأكل؟ أسئلة كثيرة طُرحت تطرأ على ذهن الزائر لقصر هامتون كورت في جنوب غربي لندن الذي ارتبط بسيرة الملك هنري الثامن أكثر من أي مكان آخر في بريطانيا. وفي الفترة الأخيرة أسهمت كثرة الأعمال الأدبية والتلفزيونية حول سيرة هذا الملك في ارتفاع نسب الزوار. ولكن هامتون كورت، كما يحب المسؤولون عن القصر تذكيرنا، ارتبط بعدد آخر من الملوك والملكات، ويحمل في أرجائه الكثير من اللمحات المعمارية والفنية التي ترتبط بتاريخ عريق. في زيارة خاصة لقصر هامتون كورت الذي يحتفل هذا العام بـ500 عام على إنشائه كان هناك الكثير من الملامح والغرف، وأيضا القصص التي تجعل من المكان بمثابة كنز ثمين. شملت الجولة زيارة الغرف الرئيسية الملكية ولكنها أيضا ذهبت بنا لأبعد من ذلك؛ فكانت هناك جولات لمركز صيانة وترميم الملابس التاريخية الملحق بالقصر، ومنه لسطح القصر الذي يفتح أبوابه للزوار أيضا، أما طعام الغذاء فكان مستوحى من تاريخ 500 عام في مطابخ القصر. * لمحة تاريخية القصر بناه كاردينال والزلي أحد أخلص أتباع الملك هنري الثامن في عام 1515، وحسب الروايات التاريخية فكان والزلي يبني قصرًا يليق بمكانته كأرفع شخصية دينية في إنجلترا، وأيضا ليكون مكانا ملائما لضيوفه من الملوك والنبلاء، وحسب تلك الروايات فقد أعجب الملك هنري الثامن بالقصر وقام والزلي بإهدائه له. هامتون كورت يحمل في جوانبه الكثير من القصص والروايات التاريخية، وارتبط بملوك وملكات آخرين عبر تاريخه الممتد لـ500 عام، حتى أصبح ضمن أملاك الملكة إليزابيث الثانية، ويُدار بواسطة مؤسسة «القصور الملكية التاريخية» (رويال هيستوريكال بالاسيس) اللاربحية، والتي تعني أيضا ببرج لندن وكينزنغتون بالاس وكيو بالاس. وخلال الجولة التي امتدت لست ساعات (دون أن تحيط بكل أرجاء المبنى الشاسع) اصطحبنا دان جاكسون القيم على مباني قصر هامتون كورت في جولة غير اعتيادية، بدأها من ساحة القصر حيث تطرق لبناء القصر في 1515، وانتقاله لملكية هنري الثامن ليصبح مقره الأثير، وتطوره بعد ذلك ليصبح مقر الحياة الملكية على مدى 200 عام. وحسب ما يُذكر لنا جاكسون؛ فالقصر حسب خطة البناء التي اعتمدها والزلي كان يحتوي على 30 جناحا وثيرا ملأت بالسجاجيد وأواني الفضة واللوحات الضخمة. القصر وملحقاته يعد مثالا على البناء في عصر التيودر، وأحد أبرز العناصر المميزة له، حسبما يذكر جاكسون، هو حب الألوان ونرى مثالا لها في القاعة الكبرى «ذا غريت هول»، حيث تغطي الحوائط منسوجات ضخمة تصور قصصا دينية وشخصيات من الإنجيل كلها منسوجة بالخيوط الملونة. المنسوجات التي قاومت تأثير الزمن لا تزال تحتفظ برونق خاص وإن كانت ألوانها قد بهتت لحد كبير، يشير جاكسون إلى أنها أيضا كانت مشغولة بخيوط الذهب: «لكم أن تتخيلوا البريق واللمعان الذي كان ينعكس من هذه اللوحات الرائعة في النهار في ضوء الشمس وعلى ضوء الشموع بالليل. إضافة لذلك فإن السقف حافل بالرسومات الملونة بالألوان الذهبي والأزرق والأحمر والنوافذ ذات الزجاج الملون»، ويلفتنا هنا إلى أن النوافذ أمامنا ليست التي عاصرت الملك هنري الثامن، وإنما نوافذ وضعت في القرن التاسع عشر. القاعة الكبرى لا شك من أهم الغرف التي يمكن زيارتها في هامتون كورت، ومن اسمها قد يهيأ لنا أنها كانت مخصصة للمناسبات الملكية، ولكن في الحقيقة فإن تلك القاعة كانت مخصصة لموائد العشاء لمن هم دون طبقة النبلاء، فالملك وحاشيته كانوا يتناولون العشاء في الغرف الخاصة، وبالتالي تتناول بقية الحاشية والضيوف وجباتهم في القاعة الكبرى التي كانت تسع 600 شخص. ولكن القاعة أيضا كانت مكانا لاستقبال السفراء والوفود الذين يتجهون بعدها لجناح الملك. اللوحات الجدارية صممت للقاعة، وقام هنري الثامن بإصدار التعليمات بنسجها في 1540، وتذكر للمرة الأولى في الوثائق، حيث كانت تزين جدران القاعة أثناء استقبال الملك هنري للسفير الفرنسي في عام 1546. من القاعة الكبرى نجتمع في حجرة خاوية شهدت مولد الأمير إدوارد وريث الملك هنري الثامن من زوجته جون سيمور، ويروي لنا مرافقنا قصة ترتبط بها «تعسرت ولادة الأمير إدوارد، ومرت الأم جين سيمور بلحظات عصيبة، ولجأ طبيب القصر للملك هنري ليخبره عن الحالة الصحية الحرجة للأم، ولكن هنري المعرف بقسوته قال: (ما يهمني هو الطفل، ستكون هناك ملكة أخرى)». خلال الجولة نسمع جلبة وأصواتا، ويمر من أمامنا شاب يرتدي ملابس تاريخية من عهد التيودور يقود وراءه مجموعة من الأطفال، ويبدو وكأنهم في مغامرة للبحث عن كنز، يقول مرافقنا إن ذلك من ضمن فعالية استحدثت للعائلات بعنوان «تايم كويك»، حيث تزور المجموعات أجزاء من القصر ويلتقون من خلالها بشخصيات تاريخية يقوم بتقمصها ممثلون. يشير جاكسون إلى أن تلك الفعالية ليست الوحيدة الموجهة للعائلات والأطفال تحديدا؛ فهناك في الحديقة الأمامية الشاسعة نجد نماذج لعربات ملكية كل منها تمثل عصرا محددا، وهي موضوعة للأطفال الذين يمكنهم ركوبها واللعب داخلها. نمر بالمدخل الرسمي للقصر حيث يستقبلنا بهو واسع وسلالم تؤدي لغرف الملك، البناء صممه المعماري الشهير كريستوفر رين ويضم لوحات جدارية هائلة. من المدخل إلى حجرة الأسلحة التي زينت بصفوف من البندقيات والمسدسات اليدوية والخناجر، قبل أن نلتقط كل تفاصيل الحجرة يشير جاكسون إلى أحد الجدران، ويقول: «هنا كان يوجد باب خفي يؤدي لدرج داخلي يفضي للغرف الخاصة بالقصر، وبالفعل يفتح لنا الباب الذي أخفي بمهارة شديدة»، ولكن خلف ذلك الباب لم يكن هناك ممر فقط جدار آخر بدا أنه وضع لإغلاق ذلك الممر: «هذا الجدار وضع لاحقا ومن الناحية التاريخية يخبرنا عن التغييرات المعمارية التي أجريت هنا على مر السنين». نعود لحجرة الأسلحة أو «غرفة الحرس» كما يطلق عليها، حيث كان الحرس الملكي يقوم بالتأكد من الداخلين للقصر والتأكد أيضا من أن الزوار يرتدون ملابس ملائمة قبل السماح لهم بدخول قاعة الاستقبالات. نمر على القاعة الملكية الخاصة التي كان الدخول لها يقتصر على رجال الدولة والملك ورجال البلاط، ومنها يمكن النظر للأسفل نجو الحديقة الخاصة الباذخة. أما حجرة النوم التي تتميز بالسرير الوثير الذي تلفه الستائر والمظلة العلوية فلم تكن تستخدم للنوم؛ فهي حجرة يستخدمها الملك لتغيير ملابسه بمساعدة الخدم ثم يدلف لغرفة النوم الأصغر وهي ملحقة بها. * مركز الترميم الجولة هنا لا تمر بنا على جميع أجزاء القصر الملكي، ولكنها تأخذنا لأماكن مختلفة من القصر مثل مخازن القصر التي يحتفظ فيها بقطع أثرية من المفروشات إلى قطع من الأحجار التي تساقطت عبر الزمن، وهنا يقوم الخبراء بترميم بعضها ودراسة الأجزاء الأخرى التي تضيف إلى القصص الكثيرة المرتبطة بهامتون كورت. مثل قطعة سقطت من غاليري بناه الكاردينال ولزلي. في البداية يقول جاكسون إن القطعة واحدة من 160 قطعة أخرى في المركز «مثل هذه القطع تخبرنا الكثير عن المواد التي استخدمت في البناء في ذلك الوقت وأيضا تمكننا من تصور شكل تلك القاعة إذا لم يبقَ لنا صور أو وثائق حولها». قطعة أخرى تبدو وكأنها سقطت من قوس حجري فوق باب جناح زوجة هنري الثامن، وهو ما يتضح من الشعار المنحوت فوق القطعة، هناك أيضا عدد من القطع الحديدية التي تساقطت من بوابة تيجو الموجودة في حافة الحديقة الخلفية وتؤدي إلى النهر. * 500 عام من الطعام الملكي في وقت الغداء يصاحبنا مارك ميلتونفيل وهو مؤرخ تاريخ الطعام، يشرح لنا مقومات المائدة لدى هنري الثامن وباقي الملوك الذين تواتروا على هامتون كورت على مدى 500 عام. الحديث يجذب اهتمام الموجودين، ويبدو أن الطعام له جاذبية خاصة لا تقاوم، وسرعان ما تنهال الأسئلة على الخبير الذي يبادر بالقول: «أكثر ما يتعبني هو السؤال الذي يطرحه الكثيرون علي: (صف لنا أكلة غريبة كانت تقدم في عهد التيودور)»، في الحقيقة لا يوجد، يمكن أن أقول إنه «روست بيف» ولكن هناك من سيقول بأنه أكله حديثة ولكنها في الحقيقة ليست كذلك. فالروست بيف كان يقدم على مائدة الملك هنري الثامن وموائد الملوك من بعده، الأكلة وصلت إلينا عبر الأزمان بسبب شعبيتها. قائمة الطعام التي أعدها لنا ميلتونفيل تضم الروست بيف والخضار المتنوع إضافة إلى فطيرة البطاطس. في مطابخ القصر هناك ممثلون يقومون بشي لحم العجل على نار الموقد الحجري الضخم «هذا كان أحد أهم الأطباق في هذا القصر لسنوات طويلة، وتعد الحجرة المخصصة للشي داخل المطابخ هي الأكبر». اللحم المشوي لم يكن متوفرا للجميع حينذاك «لا يستطيع جميع الأشخاص شراء اللحم ولكن القصر الملكي كان يقدمه كل يوم»، الشواء كان يقدم مع مجموعة من «الصوصات» المفضلة وقتها، منها صوص الخردل التي كانت تصنع بهرس بذور الخردل مع فتات الخبز والخل. اللحوم التي كانت تقدم في فترة الملك هنري الثامن كانت لحوم أبقار وعجل وأسماك وأيضا الطاووس. ولكن الطاووس كان يقدم للاستعراض غالبا حيث يتم فصل الجلد والريش كاملا عن الطائر ثم يعاد وضعه عليه بعد طهيه. أما بالنسبة للخضراوات فقائمة الطعام أمامنا تضم خضراوات من حديقة المطابخ. طقوس الأكل نفسها تبدو شيقة، فحسب الروايات التاريخية كان الملك هنري الثامن يحرص على غسل يديه قبل الطعام وأثناءه وبعده، ويوضع جانبه على الطاولة إناء به بعض الماء الدافئ. أما بالنسبة لضيوف العشاء فيجب عليهم التوجه لأحد أركان الغرفة، حيث توجد المغسلة لغسل أيديهم قبل اتخاذ أماكنهم على الطاولة، ويضع كل منهم قطعة قماش على الكتف أو على المعصم لمسح اليد. وجرت العادة على أن يحضر الضيوف أدوات تناول الطعام معهم، مثل السكاكين التي تختلف بحسب الطبقة الاجتماعية ومستوى الغنى من شخص لآخر. الأطباق تقدم على المائدة الرئيسية وتوضع في المنتصف وعلى كل ضيف أخذ بعض الطعام في طبقه وتقطيعه إلى قطع صغيرة، «من غير المستحب أكل اللحم حول العظم، فيجب تقطيع اللحم من حول العظم ووضعه في الطبق، فالعظام تعطى للحيوانات». أما مواعيد الوجبات فهي في الحادية عشرة صباحا وفي السادسة عصرا، وكانت تقدم في الصالة الكبرى للحواريين والنبلاء في القصر ويصل عددهم لـ600. أما طعام الملك فيمر أولا على الخاصة الملكية، بعد أن يقوم الطاهي الأول بتذوقه حتى لا يكون مسموما أو فاسدا وبعد ذلك يقدم للملك. وحسب دفاتر الحسابات في القصر، فكان المطبخ يتلقى سنويا 8200 خروف، 2300 غزال، إضافة إلى أعداد ضخمة من الطيور والدواجن. * مركز الملابس الملكية بعد الغذاء تتاح لنا فرصة فريدة لزيارة مركز صيانة وحفظ الملابس التاريخية الملحق بالقصر، حيث تعرض لنا نماذج من الملابس التي يقوم المركز باقتنائها من المزادات. يقدم لنا ماثيو ستوري القيم بالمركز نبذة حول الموجودات وأسلوب حفظ الملابس التي لا نراها مكشوفة؛ فكلها مغطاة ومحفوظة في غرف مظلمة، «الضوء هو العدو الأول للملابس؛ فهو يؤثر على الأنسجة»، من النماذج التي تعرض لنا بدلة مزركشة لشاب في مقتبل العمر أعدت فيما يبدو للقاء الملك «من الطقوس الصارمة في البلاط الملكي مرور الزوار على الحرس الملكي أولا للتأكد من ملاءمة الملابس لحضرة الملك، ولهذا فبدلة مثل هذه تعتبر استثمارا جيدا يسمح لصاحبه بالاختلاط مع النبلاء والأمراء»، من القرن العشرين نرى فستانا من تصميم دار لانفان لسيدة أرستقراطية ارتدته في مناسبة تقديم ابنتها في البلاط الملكي، هناك أيضا فستان للأميرة الراحلة ديانا ارتدته في عام 1992. والمفاجأة التي يعرضها لنا ستوري بفخر قبعة حمراء يقال إنها كانت ملكًا للملك هنري الثامن. المجموعة متاحة لمن يريد رؤيتها من الزوار والباحثين والمصممين، يجب فقط حجز موعد سابق. * نظرة أعلى السطح تتاح فرصة للصعود لسطح القصر لرؤية الحدائق والأماكن المحيطة، يتخوف البعض منها ولكن أغلب المجموعة تصعد بمرافقة القيم على مباني القصر ويجب القول هنا إن المنظر هناك يأخذ بالألباب فعلا، فعلى مد البصر نرى مداخن القصر التي تتميز بجمال صنعها وطرافتها وجمالها، أما الحدائق الممتدة حتى النهر فتمثل متعة لا حدود لها. الزيارة للسطح أيضا متوفرة للزوار، ولكن بحجز سابق ولأعداد محددة. أماكن أخرى تستحق الزيارة في هامتون كورت: - «كمبرلاند أرت غاليري»: يضم مجموعة من روائع الفن العالمي منها لوحات لرمبرانت وغاينوبورو وكارافاجيو وكاناليتو. - «المتاهة»: بنيت للملك ويليام الثالث في عام 1700 وتمتد على مساحة ثلث قيراط. - ملاعب التنس في «هامتون كورت»: أقيمت في عام 1529. للمزيد من المعلومات: http: / / www.hrp.org.uk / HamptonCourtPalace / stories / palacehighlights