text
stringlengths
3
39.1k
resource_name
stringclasses
8 values
verses_keys
stringlengths
3
77
قال تعالى "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون" قال ابن عباس وغيره يعني المنافقين الذين يصلون في العلانية ولا يصلون في السر ولهذا قال "للمصلين" الذي هم من أهل الصلاة وقد التزموا بها ثم هم عنها ساهون إما عن فعلها بالكلية كما قاله ابن عباس وإما عن فعلها في الوقت المقدر لها شرعا فيخرجها عن وقتها بالكليه كما قاله مسروق وأبو الضحى.
ابن كثير
107:4
فعذاب شديد للمصلين الذين هم عن صلاتهم لاهون، لا يقيمونها على وجهها، ولا يؤدونها في وقتها.
المیسر
107:4
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) موقع الفاء صريح في اتصال ما بعدها بما قبلها من الكلام على معنى التفريع والترتب والتسبب . فيجيء على القول : إن السورة مكية بأجمعها أن يكون المراد بالمصلين عينَ المراد بالذي يكذب بالدين ، ويدُعّ اليتيم ، ولا يحض على طعام المسكين ، فقوله { للمصلين } إظهار في مقام الإِضمار كأنه قيل : فويل له على سهوه عن الصلاة ، وعلى الرياء ، وعلى منع الماعون ، دعا إليه زيادة تعداد صفاته الذميمة بأسلوب سليم عن تتابع ستِّ صفات لأن ذلك التتابع لا يخلو من كثرة تكرار النظائر فيشبه تتابع الإِضافات الذي قيل إنه مُناكد للفصاحة ، مع الإِشارة بتوسط ويل له إلى أن الويل ناشىء عن جميع تلك الصفات التي هو أهلها وهذا المعنى أشار إليه كلام «الكشاف» بغموض .فوصفهم ب«المصلين» إِذَنْ تهكم ، والمراد عدمه ، أي الذين لا يصلون ، أي ليسوا بمسلمين كقوله تعالى : { قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين } [ المدثر : 43 ، 44 ] وقرينة التهكم وصفهم ب { الذين هم عن صلاتهم ساهون } .وعلى القول بأنها مدنية أو أن هذه الآية وما بعدها منها مدنية يكون المراد { بالمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون } المنافقين . وروَى هذا ابنُ وهب وأشهبُ عن مالك ، فتكون الفاء في قوله : { فويل للمصلين } من هذه الجملة لربطها بما قبلها لأن الله أراد ارتباط هذا الكلام بعضه ببعض .وجيء في هذه الصفة بصيغة الجمع لأن المراد ب { الذي يكذب بالدين } : جنس المكذبين على أظهر الأقوال . فإن كان المراد به معيناً على بعض تلك الأقوال المتقدمة كانت صيغة الجمع تذييلاً يشمله وغيره فإنه واحد من المتصفين بصفة ترك الصلاة ، وصفة الرياء ، وصفة منع الماعون .
Arabic Tanweer Tafseer
107:4
والمراد بالسهو هنا : الغفلة والترك وعدم المبالاة . . أى : فهلاك شديد ، وعذاب عظيم ، لمن جمع هذه الصفات الثلاث ، بعد تكذيبه بيوم الدين ، وقسوته على اليتيم ، وامتناعه عن إطعام المسكين .وهذه الصفات الثلاث أولها : الترك للصلاة ، وعدم المبالاة بها ، والإِخلال بشروطها وأركانها وسننها وآدابها .
Arabic Waseet Tafseer
107:4
وقوله: ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ)يقول تعالى ذكره: فالوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم للمنافقين الذين يصلون, لا يريدون الله عز وجل بصلاتهم, وهم في صلاتهم ساهون إذا صلوها.واختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) فقال بعضهم: عُنِيَ بذلك أنهم يؤخِّرونها عن وقتها, فلا يصلونها إلا بعد خروج وقتها.* ذكر من قال ذلك:
الطبري
107:4
أي عذاب لهم .وقد تقدم في غير موضع .
Arabic Qurtubi Tafseer
107:4
{ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ } أي: الملتزمون لإقامة الصلاة، ولكنهم { عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ }
Arabic Saddi Tafseer
107:4
"فويل للمصلين".
Arabic Baghawy Tafseer
107:4
وقال عطاء بن دينار الحمد لله الذي قال "عن صلاتهم ساهون" ولم يقل في صلاتهم ساهون. وإما عن وقتها الأول فيؤخرونها إلى آخره دائما أو غالبا وإما عن أدائها بأركانها وشروطها على الوجه المأمور به. وإما عن الخشوع فيها والتدبر لمعانيها فاللفظ يشمل ذلك كله ولكن من اتصف بشيء من ذلك قسط من هذه الآية ومن اتصف بجميع ذلك فقد تم له نصيبه منها وكمل له النفاق العملي كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا" فهذا آخر صلاة العصر التي هي الوسطى كما ثبت به النص إلى آخر وقتها وهو وقت كراهة ثم قام إليها فنقرها نقر الغراب لم يطمئن ولا خشع فيها أيضا ولهذا قال "لا يذكر الله فيها إلا قليلا" ولعله إنما حمله على القيام إليها مرآة الناس لا ابتغاء وجه الله فهو كما إذا لم يصل بالكلية. قال الله تعالى "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا".
ابن كثير
107:5
فعذاب شديد للمصلين الذين هم عن صلاتهم لاهون، لا يقيمونها على وجهها، ولا يؤدونها في وقتها.
المیسر
107:5
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) وقوله : { الذين هم عن صلاتهم ساهون } صفة { للمصلين } مقيِّدة لحكم الموصوف فإن الويل للمصلي الساهي عن صلاته لا للمصلي على الإطلاق .فيكون قوله { الذين هم عن صلاتهم ساهون } ترشيحاً للتهكم الواقع في إطلاق وصف المصلين عليهم .وعدي { ساهون } بحرف { عن } لإفادة أنهم تجاوزوا إقامة صلاتهم وتركوها ولا علاقة لهذه الآية بأحكام السهو في الصلاة .وقوله : { الذين عن صلاتهم ساهون } يجوز أن يكون معناه الذين لا يؤدون الصلاة إلاّ رياء فإذا خلوا تركوا الصلاة .ويجوز أن يكون معناه : الذين يصلون دون نية وإخلاص فهم في حالة الصلاة بمنزلة الساهي عما يفعل فيكون إطلاق { ساهون } تهكماً كما قال تعالى : { يراءون الناس ولا يذكرون اللَّه إلا قليلاً في المنافقين } في سورة النساء ( 142 ) .
Arabic Tanweer Tafseer
107:5
وثانيها : أداؤها رياء وخداعا لا عن إخلاص وطاعة لله رب العالمين كما قال - تعالى - :( إِنَّ المنافقين يُخَادِعُونَ الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قاموا إِلَى الصلاة قَامُواْ كسالى يُرَآءُونَ الناس وَلاَ يَذْكُرُونَ الله إِلاَّ قَلِيلاً )
Arabic Waseet Tafseer
107:5
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا سكن بن نافع الباهلي, قال: ثنا شعبة, عن خلف بن حوشب, عن طلحة بن مُصَرّف, عن مصعب بن سعد, قال: قلت لأبي, أرأيت قول الله عزّ وجلّ : ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) : أهي تركها؟ قال: لا ولكن تأخيرها عن وقتها.حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن عُلَية, عن هشام الدستوائي, قال: ثنا عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد, قال: قلت لسعد: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) : أهو ما يحدّث به أحدنا نفسه في صلاته؟ قال: لا ولكن السهو أن يؤخِّرها عن وقتها.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن عاصم, عن مصعب بن سعد ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: السهو: الترك عن الوقت.حدثنا عمرو بن عليّ, قال: ثنا عمران بن تمام البناني, قال: ثنا أبو جمرة الضبعي نصر بن عمران, عن ابن عباس, في قوله: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: الذين يؤخِّرونها عن وقتها.وحدثنا ابن حميد, قال: ثنا يعقوب, عن جعفر, عن ابن أبزي ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: الذين يؤخِّرون الصلاة المكتوبة, حتى تخرج من الوقت أو عن وقتها.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن أبي الضحى عن مسروق ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: الترك لوقتها.حدثني أبو السائب, قال: ثني أبو معاوية, عن الأعمش, عن مسلم, عن مسروق, في قوله: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: تضييع ميقاتها.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن الأعمش, عن أبي الضحى ( عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: ترك المكتوبة لوقتها.حدثنا ابن البرقي, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: ثنا يحيى بن أيوب, قال: أخبرني ابن زحر, عن الأعمش, عن مسلم بن صبيح ( عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) الذين يضيعونها عن وقتها.وقال آخرون: بل عني بذلك أنهم يتركونها فلا يصلونها.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله: ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) فهم المنافقون كانوا يراءون الناس بصلاتهم إذا حضروا, ويتركونها إذا غابوا, ويمنعونهم العارية بغضا لهم, وهو الماعون.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: هم المنافقون يتركون الصلاة في السرّ, ويصلون في العلانية.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: الترك لها.وقال آخرون: بل عُنِيَ بذلك أنهم يتهاونون بها, ويتغافلون عنها ويلهون.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: لاهون.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) : غافلون.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: ساهٍ عنها, لا يبالي صلى أم لم يصلّ.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) يصلون, وليست الصلاة من شأنهم.حدثني أبو السائب, قال: ثنا ابن فضيل, عن ليث, عن مجاهد, في قوله: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: يتهاونون.وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب بقوله: (ساهُونَ) : لاهون يتغافلون عنها، وفي اللهو عنها والتشاغل بغيرها, تضييعها أحيانا, وتضييع وقتها أخرى، وإذا كان ذلك كذلك صح بذلك قول من قال: عُنِيَ بذلك ترك وقتها, وقول من قال: عُنِيَ به تركها لما ذكرتُ من أن في السهو عنها المعاني التي ذكرت.وقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك خبران يؤيدان صحة ما قلنا في ذلك:أحدهما: ما حدثني به زكريا بن أبان المصري, قال: ثنا عمرو بن طارق, قال: ثنا عكرمة بن إبراهيم, قال: ثنا عبد الملك بن عمير, عن مصعب بن سعد, عن سعد بن أبي وقاص, قال: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم, عن ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: هم الذين يؤخِّرون الصلاة عن وقتها.والآخر منهما: ما حدثني به أبو كُرَيب, قال: ثنا معاوية بن هشام, عن شيبان النحوي, عن جابر الجعفي, قال: ثني رجل, عن أبي برزة الأسلميّ, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما نـزلت هذه الآية: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) : الله أكبر هذه خير لكم من أن لو أعطي كلّ رجل منكم مثل جميع الدنيا هو الذي إن صلى لم يرج خير صلاته، وإن تركها لم يخف ربه ".حدثني أبو عبد الرحيم البرقي, قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة, قال: سمعت عمر بن سليمان يحدّث عن عطاء بن دينار أنه قال: الحمد لله الذي قال: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) وكلا المعنيين اللذين ذكرت في الخبرين اللذين روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم محتمل عن معنى السهو عن الصلاة.
الطبري
107:5
الذين هم عن صلاتهم ساهون فروى الضحاك عن ابن عباس قال هو المصلي الذي إن صلى لم يرج لها ثوابا ، وإن تركها لم يخش عليها عقابا . وعنه أيضا : الذين يؤخرونها عن أوقاتها . وكذا روى المغيرة عن إبراهيم ، قال : ساهون بإضاعة الوقت . وعن أبي العالية : لا يصلونها لمواقيتها ، ولا يتمون ركوعها ولا سجودها .قلت : ويدل على هذا قوله تعالى : فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة حسب ما تقدم بيانه في سورة ( مريم ) عليها السلام . وروي عن إبراهيم أيضا : أنه الذي إذا سجد قام برأسه هكذا ملتفتا . وقال قطرب : هو ألا يقرأ ولا يذكر الله . وفي قراءة عبد الله ( الذين هم عن صلاتهم لاهون ) . وقال سعد بن أبي وقاص : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون - قال - : ( الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها ، تهاونا بها ) . وعن ابن عباس أيضا : هم المنافقون يتركون الصلاة سرا ، يصلونها علانية وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى الآية . ويدل على أنها في المنافقين قوله : الذين هم يراءون ، وقال ابن وهب عن مالك . قال ابن عباس : ولو قال في صلاتهم ساهون لكانت في المؤمنين وقال عطاء : الحمد لله الذي قال عن صلاتهم ولم يقل في صلاتهم . قال الزمخشري : فإن [ ص: 189 ] قلت : أي فرق بين قوله : عن صلاتهم ، وبين قولك : في صلاتهم ؟ قلت : معنى عن أنهم ساهون عنها سهو ترك لها ، وقلة التفات إليها ، وذلك فعل المنافقين ، أو الفسقة الشطار من المسلمين . ومعنى في أن السهو يعتريهم فيها ، بوسوسة شيطان ، أو حديث نفس ، وذلك لا يكاد يخلو منه مسلم . وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقع له السهو في صلاته ، فضلا عن غيره ; ومن ثم أثبت الفقهاء باب سجود السهو في كتبهم . قال ابن العربي : لأن السلامة من السهو محال ، وقد سها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاته والصحابة : وكل من لا يسهو في صلاته ، فذلك رجل لا يتدبرها ، ولا يعقل قراءتها ، وإنما همه في أعدادها ; وهذا رجل يأكل القشور ، ويرمي اللب . وما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسهو في صلاته إلا لفكرته في أعظم منها ; اللهم إلا أنه قد يسهو في صلاته من يقبل على وسواس الشيطان إذا قال له : اذكر كذا ، اذكر كذا ; لما لم يكن يذكر ، حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى .
Arabic Qurtubi Tafseer
107:5
أي: مضيعون لها، تاركون لوقتها، مفوتون لأركانها وهذا لعدم اهتمامهم بأمر الله حيث ضيعوا الصلاة، التي هي أهم الطاعات وأفضل القربات، والسهو عن الصلاة، هو الذي يستحق صاحبه الذم واللوم وأما السهو في الصلاة، فهذا يقع من كل أحد، حتى من النبي صلى الله عليه وسلم.
Arabic Saddi Tafseer
107:5
"الذين هم عن صلاتهم ساهون"، [ أي : عن مواقيتها غافلون ] .أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن غالب بن تمام الضبي ، حدثنا حرمي بن حفص [ القسملي ] حدثنا عكرمة بن إبراهيم الأزدي ، حدثنا [ عبد الملك ] بن عمير عن مصعب بن [ سعد ] عن أبيه أنه قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن " الذين هم عن صلاتهم ساهون " ، قال : " إضاعة الوقت " .
Arabic Baghawy Tafseer
107:5
قال الطبراني حدثنا يحيى بن عبدالله بن عبد ربه البغدادي حدثني أبي حدثنا عبدالوهاب بن عطاء عن يونس عن الحسن عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن في جهنم لواديا تستعيذ جهنم من ذلك الوادي في كل يوم أربعمائة مرة أعد ذلك الوادي للمرائين من أمة محمد لحامل كتاب الله وللمصدق في غير ذات الله وللحاج إلى بيت الله وللخارج في سبيل الله". وقال الإمام أحمد حدثنا أبن نعيم حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة قال كنا جلوسا عند أبي عبيدة فذكروا الرياء فقال رجل يكنى بأبي يزيد سمعت عبدالله بن عمرو يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه وحقره وصغره" ورواه أيضا عن غندر ويحيى القطان عن شعبة عن عمرو بن مرة عن رجل عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ومما يتعلق بقوله تعالى "الذين هم يراءون" أن من عمل عملا لله فاطلع عليه الناس فأعجبه ذلك أن هذا لا يعد رياء والدليل على ذلك ما رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي في سنده حدثنا هارون بن معروف حدثنا مخلد بن يزيد حدثنا سعيد بن بشير حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت أصلي فدخل علي رجل فأعجبني ذلك فذكرته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "كتب لك أجران أجر السر وأجر العلانية" قال أبو علي هارون بن معروف بلغني أن ابن المبارك قال نعم الحديث للمرائين وهذا حديث غريب من هذا الوجه وسعيد بن بشير متوسط وروايته عن الأعمش عزيزة وقد رواه غيره عنه قال أبو يعلى أيضا حدثنا محمد بن المثنى بن موسى حدثنا أبو داود حدثنا أبو سنان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عنه قال: قال رجل يا رسول الله الرجل يعمل العمل يسره فإذا اطلع عليه أعجبه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "له أجران أجر السر وأجر العلانية" وقد رواه الترمذي عن محمد بن المثنى وابن ماجه عن بندار كلاهما عن أبي داود الطيالسي عن أبي ستان الشيباني واسمه ضرار بن مرة ثم قال الترمذي غريب وقد رواه الأعمش وغيره عن حبيب عن أبي صالح مرسلا. وقد قال أبو جعفر بن جرير حدثني أبو كريب حدثنا معاوية بن هشام عن شيبان النحوي عن جابر الجعفي حدثني رجل ن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية "الذين هم عن صلاتهم ساهون" قال "الله أكبر هذا خير لكم من أن لو أعطي كل رجل منكم مثل جميع الدنيا هو الذي إن صلى لم يرج خير صلاته وإن تركها لم يخف ربه" فيه جابر الجعفي وهو ضعيف وشيخه مبهم لم يسم والله أعلم. وقال ابن جرير أيضا حدثني زكريا بن أبان المصري حدثنا عمرو بن طارق حدثنا عكرمة بن إبراهيم حدثني عبدالملك بن عمير عن مصعب بن سعد عن سعد بن أبي وقاص قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن "الذين هم عن صلاتهم ساهون" قال "هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها" قلت وتأخير الصلاة عن وقتها يحتمل تركها بالكلية ويحتمل صلاتها بعد وقتها شرعا وتأخيرها عن أول الوقت وكذا رواه الحافظ أبو يعلى عن شيبان بن فروخ عن عكرمة بن إبراهيم به. ثم رواه عن أبي الربيع عن عاصم عن مصعب عن أبيه موقوفا: سهوا عنها حتى ضاع الوقت وهذا أصح إسنادا وقد ضعف البيهقي رفعه وصحح وقفه وكذلك الحاكم.
ابن كثير
107:6
الذين هم يتظاهرون بأعمال الخير مراءاة للناس.
المیسر
107:6
الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وقوله : { الذين هم عن صلاتهم ساهون } صفة { للمصلين } مقيِّدة لحكم الموصوف فإن الويل للمصلي الساهي عن صلاته لا للمصلي على الإطلاق .فيكون قوله { الذين هم عن صلاتهم ساهون } ترشيحاً للتهكم الواقع في إطلاق وصف المصلين عليهم .وعدي { ساهون } بحرف { عن } لإفادة أنهم تجاوزوا إقامة صلاتهم وتركوها ولا علاقة لهذه الآية بأحكام السهو في الصلاة .وقوله : { الذين عن صلاتهم ساهون } يجوز أن يكون معناه الذين لا يؤدون الصلاة إلاّ رياء فإذا خلوا تركوا الصلاة .ويجوز أن يكون معناه : الذين يصلون دون نية وإخلاص فهم في حالة الصلاة بمنزلة الساهي عما يفعل فيكون إطلاق { ساهون } تهكماً كما قال تعالى : { يراءون الناس ولا يذكرون اللَّه إلا قليلاً في المنافقين } في سورة النساء ( 142 ) .و ( يراءون ) يقصدون أن يَرى الناسُ أنهم على حال حسن وهم بخلافه ليتحدث الناس لهم بمحاسنَ ما هم بموصوفين بها ، ولذلك كَثر أن تعطف السُّمعة على الرياء فيقال : رياء وسُمعة .وهذا الفعل وارد في الكلام على صيغة المفاعلة ولم يسمع منه فعل مجرد لأنه يلازمه تكرير الإِراءة .
Arabic Tanweer Tafseer
107:6
وثالثها : منع الماعون : أى منع الخير والمعروف والبر عن الناس . فالمراد بمنع الماعون : مع كل فضل وخير عن سواهم . فلفظ " الماعون " أصله " معونة " والألف عوض من الهاء . والعون : هو مساعدة الغير على بلوغ حاجته . . فالمراد بالماعون : ما يستعان به على قضاء الحوائج ، من إناء أو فأس ، أو نار ، أو ما يشبه ذلك .ومنهم من يرى أن المراد بالماعون هنا : الزكاة لأنه جرت عادة القرآن الكريم أن يذكر الزكاة بعد الصلاة .قال الإِمام ابن كثير : قوله : ( وَيَمْنَعُونَ الماعون ) أى : لا أحسنوا عبادة ربهم ، ولا أحسنوا إلى خلقه ، حتى ولا بإعارة ما ينتفع به ، ويستعان به ، مع بقاء عينه ورجوعه إليهم ، فهؤلاء لمنع الزكاة ومنع القربات أولى وأولى . .وسئل ابن مسعود عن الماعون فقال : هو ما يتعاوره الناس بينهم من الفأس والقِدْر . .وهكذا نرى السورة الكريمة قد ذمت المكذبين بيوم الدين ذما شديدا حيث وصفتهم بأقبح الصفات وأشنعها .نسأل الله - تعالى - أن يعيذنا من ذلك .وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
Arabic Waseet Tafseer
107:6 + 107:7
وقوله: ( الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ) يقول: الذين هم يراءون الناس بصلاتهم إذا صلوا, لأنهم لا يصلون رغبة في ثواب, ولا رهبة من عقاب, وإنما يصلونها ليراهم المؤمنون فيظنونهم منهم, فيكفون عن سفك دمائهم, وسبي ذراريهم, وهم المنافقون الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, يستبطنون الكفر, ويُظهرون الإسلام, كذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عامر ومؤمل, قالا ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: هم المنافقون.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.حدثني يونس, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام في قوله: ( يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: يراءون بصلاتهم.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ) يعني المنافقين.حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قال: هم المنافقون، كانوا يراءون الناس بصلاتهم إذا حضروا, ويتركونها إذا غابوا.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: ثني ابن زيد: ويصلون- وليس الصلاة من شأنهم- رياءً.
الطبري
107:6
قوله تعالى : الذين هم يراءون أي يري الناس أنه يصلي طاعة وهو يصلي تقية ; كالفاسق ، يري أنه يصلي عبادة وهو يصلي ليقال : إنه يصلي . وحقيقة الرياء طلب ما في الدنيا بالعبادة ، وأصله طلب المنزلة في قلوب الناس . وأولها تحسين السمت ; وهو من أجزاء النبوة ، ويريد بذلك الجاه والثناء . وثانيها : الرياء بالثياب القصار والخشنة ; ليأخذ بذلك هيئة الزهد في الدنيا . وثالثها : الرياء بالقول ، بإظهار التسخط على أهل الدنيا ; وإظهار الوعظ والتأسف على ما يفوت من الخير والطاعة . ورابعها : الرياء بإظهار الصلاة والصدقة ، أو بتحسين الصلاة لأجل رؤية الناس ; وذلك يطول ، وهذا دليله ; قاله ابن العربي .قلت : قد تقدم في سورة النساء وهود وآخر الكهف القول في الرياء وأحكامه وحقيقته بما فيه كفاية . والحمد لله .ولا يكون الرجل مرائيا بإظهار العمل الصالح إن كان فريضة ; فمن حق الفرائض الإعلان بها وتشهيرها ، لقوله - عليه السلام - : ولا غمة في فرائض الله لأنها أعلام الإسلام ، وشعائر الدين ، ولأن تاركها يستحق الذم والمقت ; فوجب إماطة التهمة بالإظهار ، وإن كان تطوعا فحقه أن يخفى ; لأنه لا يلام بتركه ولا تهمة فيه ، فإن أظهره قاصدا للاقتداء به كان جميلا . وإنما الرياء أن يقصد بالإظهار أن تراه الأعين ، فتثني عليه بالصلاح . وعن بعضهم [ ص: 190 ] أنه رأى رجلا في المسجد قد سجد سجدة الشكر فأطالها ; فقال : ما أحسن هذا لو كان في بيتك . وإنما قال هذا لأنه توسم فيه الرياء والسمعة . وقد مضى هذا المعنى في سورة ( البقرة ) عند قوله تعالى : إن تبدوا الصدقات ، وفي غير موضع . والحمد لله على ذلك .
Arabic Qurtubi Tafseer
107:6
ولهذا وصف الله هؤلاء بالرياء والقسوة وعدم الرحمة، فقال: { الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ } أي يعملون الأعمال لأجل رئاء الناس.
Arabic Saddi Tafseer
107:6
قال ابن عباس : هم المنافقون يتركون الصلاة إذا غابوا عن الناس ، ويصلونها في العلانية إذا حضروا لقوله تعالى : ( الذين هم يراءون )وقال في وصف المنافقين : " وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس " ( النساء - 142 ) .وقال قتادة : ساه عنها لا يبالي صلى أم لم يصل .وقيل : لا يرجون لها ثوابا إن صلوا ولا يخافون عقابا إن تركوا .وقال مجاهد : غافلون عنها يتهاونون بها .وقال الحسن : هو الذي إن صلاها صلاها رياء ، وإن فاتته لم يندم .وقال أبو العالية : لا يصلونها لمواقيتها ولا يتمون ركوعها وسجودها .
Arabic Baghawy Tafseer
107:6
أي لا أحسنوا عبادة ربهم ولا أحسنوا إلى خلقه حتى ولا بإعارة ما ينتفع به ويستعان به مع بقاء عينه ورجوعه إليهم فهؤلاء لمنع الزكاة وأنواع القرابات أولى وأولى وقد قال ابن أبي نجيح عن مجاهد قال علي الماعون الزكاة وكذا رواه السدي عن أبي صالح عن علي وكذا روي من غير وجه عن ابن عمر وبه يقول محمد بن الحنفية وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وعطاء وعطية العوفي والزهري والحسن وقتادة والضحاك وابن زيد قال الحسن البصري إن صلى راءى وإن فاتته لم يأس عليها ويمنع زكاة ماله وفي لفظ صدقة ماله وقال زيد بن أسلم هم المنافقون ظهرت الصلاة فصلوها وخفيت الزكاة فمنعوها. وقال الأعمش وشعبة عن الحكم عن يحيى بن الخراز أن أبا العبيدين سأل عبدالله بن مسعود عن الماعون فقال هو ما يتعاوره الناس بينهم من الفأس والقدر وقال المسعودي عن سلمة بن كهيل عن أبي العبيدين أنه سأل ابن مسعود عن الماعون فقال هو ما يتعاطاه الناس بينهم من الفأس والقدر والدلو وأشباه ذلك. وقال ابن جرير حدثني محمد بن زيد المحاربي حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي العبيدين وسعيد بن عياض عن عبدالله قال كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدث أن الماعون الدلو والفأس والقدر لا يستغنى عنهن وحدثنا خلاد بن أسلم أخبرنا النضر بن شميل أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت سعد بن عياض يحدث عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وقال الأعمش عن إبراهيم عن الحارث بن سويد عن عبدالله أنه سئل عن الماعون فقال ما يتعاوره الناس بينهم الفأس والدلو وشبهه. وقال ابن جرير حدثنا عمرو بن علي الفلاس حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا أبو عوانة عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن عبدالله قال كنا مع نبينا صلى الله عليه وسلم ونحن نقول الماعون مع الدلو وأشباه ذلك. وقد رواه أبو داود والنسائي عن قتيبة عن أبي عوانة بإسناده نحوه ولفظ النسائي عن عبدالله قال: كل معروف صدقة وكنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عارية الدلو والقدر وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن عبدالله قال: الماعون العواري القدر والميزان والدلو وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس "ويمنعون الماعون" يعني متاع البيت وكذا قال مجاهد وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير وأبو مالك وغير واحد إنها العارية للأمتعة وقال ليث بن أبي سليم ومجاهد عن ابن عباس "ويمنعون الماعون" قال لم يجيء أهلها بعد وقال العوفي عن ابن عباس "ويمنعون الماعون" قال اختلف الناس في ذلك فمنهم من قال يمنعون الزكاة ومنهم من قال يمنعون الطاعة ومنهم من قال يمنعون العارية رواه ابن جرير ثم روى عن يعقوب بن إبراهيم عن ابن عليه عن ليث بن أبي سليم عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي: الماعون منع الناس الفأس والقدر والدلو وقال عكرمة رأس الماعون زكاة المال وأدناه المنخل والدلو والإبرة رواه ابن أبى حاتم وهذا الذي قاله عكرمة حسن فإنه يشمل الأقوال كلها وترجع كلها إلى شيء واحد هو ترك المعاونة بمال أو منفعة ولهذا قال محمد بن كعب "ويمنعون الماعون" قال المعروف ولهذا جاء في الحديث "كل معروف صدقة" وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن الزهري "ويمنعون الماعون" قال بلسان قريش المال. وروى ههنا حديثا غريبا عجيبا في إسناده ومتنه فقال حدثنا أبي وأبو زرعة قالا حدثنا قيس بن حفص الدارمي حدثنا دلهم ابن دهيم العجلى حدثنا عائذ بن ربيعة النميري حدثني قرة بن دعموص النميري أنهم وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله ما تعهد إلينا قال "لا تمنعون الماعون" قالوا يا رسول الله وما الماعون؟ قال "في الحجر وفي الحديدة وفي الماء" قالوا فأي الحديدة؟ قال "قدوركم النحاس وحديد الفأس الذي تمتهنون به" قالوا ما الحجر؟ قال "قدوركم الحجارة" غريب جدا ورفعه منكر وفي إسناده من لا يعرف والله أعلم. وقد ذكر ابن الأثير في الصحابة ترجمة علي النميري فقال روى ابن مانع بسنده إلى عامر بن ربيعة بن قيس النميري عن علي بن فلان النميري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "المسلم أخو المسلم إذا لقيه جاء بالسلام ويرد عليه ما هو خير منه لا يمنع الماعون" قلت يا رسول الله ما الماعون؟ قال "الحجر والحديد وأشباه ذلك" الله أعلم. آخر تفسير السورة ولله الحمد والمنة.
ابن كثير
107:7
ويمنعون إعارة ما لا تضر إعارته من الآنية وغيرها، فلا هم أحسنوا عبادة ربهم، ولا هم أحسنوا إلى خلقه.
المیسر
107:7
وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)والماعون } : يطلق على الإِعانة بالمال ، فالمعنى : يمنعون فضلهم أو يمنعون الصدقة على الفقراء . فقد كانت الصدقة واجبة في صدر الإِسلام بغير تعيين قبل مشروعية الزكاة .وقال سعيد بن المسيب وابن شهاب : الماعون : المال بلسان قريش .وروى أشهب عن مالك : الماعون : الزكاة ، ويشهد له قول الراعي: ... قوم على الإِسلام لمّا يمنعواماعونهم ويضيِّعوا التهليلا ... لأنه أراد بالتهليل الصلاة فجمع بينها وبين الزكاة .ويطلق على ما يستعان به على عمل البيت من آنية وآلات طبخ وشدّ وحفر ونحو ذلك مما لا خسارة على صاحبه في إعارته وإعطائه . وعن عائشة : الماعون الماء والنار والملح . وهذا ذم لهم بمنتهى البخل . وهو الشح بما لا يزرئهم .وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي في قوله : { هم يراءون } لتقوية الحكم ، أي تأكيده .فأما على القول بأن السورة مدنية أو بأن هذه الآيات الثلاث مدنية يكون المراد بالمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون والصلاتتِ بعدها : المنافقين ، فإطلاق المصلين عليهم بمعنى المتظاهرين بأنهم يصلون وهو من إطلاق الفعل على صورته كقوله تعالى : { يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة } [ التوبة : 64 ] أي يظهرون أنهم يحذرون تنزيل سورة .{ ويمنعون الماعون } أي الصدقة أو الزكاة ، قال تعالى في المنافقين : { ويقبضون أيديهم } [ التوبة : 67 ] فلما عُرفوا بهذه الخلال كان مفاد فاء التفريع أن أولئك المتظاهرين بالصلاة وهم تاركوها في خاصتهم هم من جملة المكذبين بيوم الدين ويدُعُّون اليتيم ولا يحضّون على طعام المسكين .وحكى هبة الله بن سَلاَمَة في كتاب «الناسخ والمنسوخ» : أن هذه الآيات الثلاث نزلت في عبد الله بن أبي ابن سلول ، أي فإطلاق صيغة الجمع عليه مراد بها واحد على حد قوله تعالى : { كذبت قوم نوح المرسلين } [ الشعراء : 105 ] أي الرسول إليهم .والسهو حقيقته : الذهول عن أمر سبق عِلمُه ، وهو هنا مستعار للإِعراض والترك عن عمد استعارة تهكمية مثل قوله تعالى : { وتنسون ما تشركون } [ الأنعام : 41 ] أي تعرضون عنهم ، ومثله استعارة الغفلة للإعراض في قوله تعالى : { بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين } في سورة الأعراف ( 136 ) وقوله تعالى : { والذين هم عن آياتنا غافلون } في سورة يونس ( 7 ) ، وليس المقصود الوعيد على السهو الحقيقي عن الصلاة لأن حكم النسيان مرفوع على هذه الأمة ، وذلك ينادي على أن وصفهم بالمصلين تهكم بهم بأنهم لا يصلون .واعلم أنه إذا أراد الله إنزال شيء من القرآن ملحقاً بشيء قبله جعَل نظم الملحق مناسباً لما هو متصل به ، فتكون الفاء للتفريع . وهذه نكتة لم يسبق لنا إظهارها فعليك بملاحظتها في كل ما ثبت أنه نزل من القرآن ملحقاً بشيء نزل قبله منه .
Arabic Tanweer Tafseer
107:7
وثالثها : منع الماعون : أى منع الخير والمعروف والبر عن الناس . فالمراد بمنع الماعون : مع كل فضل وخير عن سواهم . فلفظ " الماعون " أصله " معونة " والألف عوض من الهاء . والعون : هو مساعدة الغير على بلوغ حاجته . . فالمراد بالماعون : ما يستعان به على قضاء الحوائج ، من إناء أو فأس ، أو نار ، أو ما يشبه ذلك .ومنهم من يرى أن المراد بالماعون هنا : الزكاة لأنه جرت عادة القرآن الكريم أن يذكر الزكاة بعد الصلاة .قال الإِمام ابن كثير : قوله : ( وَيَمْنَعُونَ الماعون ) أى : لا أحسنوا عبادة ربهم ، ولا أحسنوا إلى خلقه ، حتى ولا بإعارة ما ينتفع به ، ويستعان به ، مع بقاء عينه ورجوعه إليهم ، فهؤلاء لمنع الزكاة ومنع القربات أولى وأولى . .وسئل ابن مسعود عن الماعون فقال : هو ما يتعاوره الناس بينهم من الفأس والقِدْر . .وهكذا نرى السورة الكريمة قد ذمت المكذبين بيوم الدين ذما شديدا حيث وصفتهم بأقبح الصفات وأشنعها .نسأل الله - تعالى - أن يعيذنا من ذلك .وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
Arabic Waseet Tafseer
107:6 + 107:7
وقوله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) يقول: ويمنعون الناس منافع ما عندهم, وأصل الماعون من كلّ شيء منفعته، يقال للماء الذي ينـزل من السحاب ماعون، ومنه قول أعشى بني ثعلبة:بِــــأَجْوَدَ مِنْـــه بِمَاعُونِـــهِإذا مـــا سَــماؤُهُمُ لَــمْ تَغِــمْ (3)وقال آخر يصف سحابا:يَمُجُّ صّبيرُهُ المَاعُونَ صَبًا (4)وقال عبيد الراعي:قَــوْمٌ عَـلى الإسْـلامِ لَمَّـا يَمْنَعُـوامـــاعُونَهُمْ وَيُضَيِّعُــوا التَّهْلِيــلا (5)يعني بالماعون: الطاعة والزكاة.واختلف أهل التأويل في الذي عُنِيَ به من معاني الماعون في هذا الموضع, فقال بعضهم: عُنِيَ به الزكاة المفروضة.*ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: قال عليّ رضى الله عنه في قوله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: الزكاة.حدثني ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن عبد الله بن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: قال عليّ رضى الله عنه: (المَاعُون) : الزكاة.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا سفيان، وحدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن السديّ, عن أبي صالح, عن عليّ رضى الله عنه قال: (المَاعُون) : الزكاة.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن عليّ رضى الله عنه ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: يمنعون زكاة أموالهم.حدثني محمد بن عمارة وأحمد بن هشام قالا ثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا إسرائيل, عن السديّ عن أبي صالح, عن عليّ رضى الله عنه ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: الزكاة.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: (المَاعُون) قال: الزكاة.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن عليّ, مثله.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, أن عليا رضى الله عنه كان يقول (المَاعُون) : الصدقة المفروضة.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) أن عليا رضى الله عنه قال: هي الزكاة.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن رجل, عن مجاهد, عن ابن عمر, قال: (المَاعُونَ) : الزكاة.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن سلمة بن كهيل, عن أبي المُغيرة, قال: سأل رجل ابن عمر، عن الماعون قال: هو المال الذي لا يؤدى حقه، قال: قلت: إن ابن أمّ عبد يقول: هو المتاع الذي يتعاطاه الناس بينهم, قال: هو ما أقول لك.حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا وهب بن جرير, قال: ثنا شعبة, عن سلمة, قال: سمعت أبا المُغيرة قال: سألت ابن عمر, عن الماعون, فقال: هو منع الحقّ.حدثنا عبد الحميد بن بيان, قال: أخبرنا محمد بن يزيد, عن إسماعيل, عن سلمة بن كهيل, قال: سُئل ابن عمر عن الماعون, فقال: هو الذي يسأل حق ماله ويمنعه, فقال: إن ابن مسعود يقول: هو القدر والدلو والفأس, قال: هو ما أقول لكم.حدثني هارون بن إدريس الأصمّ, قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي, عن إسماعيل بن أبي خالد, عن سلمة بن كهيل, أن ابن عمر سُئل عن قول الله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: الذي يُسأل مال الله فيمنعه, فقال الذي سأله, فإن ابن مسعود يقول: هو الفأس والقدر, قال ابن عمر: هو ما أقول لك.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن إسماعيل بن أبي خالد, عن سلمة بن كهيل, قال: سأل رجل ابن عمر عن الماعون, فذكر مثله.حدثني سليمان بن محمد بن معدي كرب الرعيني, قال: ثنا بقية بن الوليد, قال: ثنا شعبة, قال: ثني سلمة بن كهيل, قال: سمعت أبا المغيرة: رجلا من بني أسد, قال: سألت عبد الله بن عمر، عن الماعون, قال: هو منع الحقّ, قلت: إن ابن مسعود قال: هو منع الفأس والدلو قال: هو منع الحقّ.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن سلمة بن كهيل, عن أبي المغيرة, عن ابن عمر قال: هي الزكاة.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن السديّ, عن أبي صالح, عن عليّ, مثله.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا جابر بن زيد بن رفاعة, عن حسان بن مخارق, عن سعيد بن جُبير, قال: (المَاعُونَ) : الزكاة.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة والحسن: الماعون: الزكاة المفروضة.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن إسماعيل, عن أبي عمر, عن ابن الحنفية رضى الله عنه قال: هي الزكاة.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: الزكاة.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: هم المنافقون يمنعون زكاة أموالهم.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: (المَاعُونَ) : الزكاة المفروضة.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن سعيد, عن قتادة, مثله.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا محمد بن عقبة, قال: سمعت الحسن يقول: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: منعوا صدقات أموالهم, فعاب الله عليهم.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن مبارك, عن الحسن ( الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: هو المنافق الذي يمنع زكاة ماله, فإن صلى راءى, وإن فاتته لم يأس عليها.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سلمة, عن الضحاك, قال: هي الزكاة.وقال آخرون: هو ما يتعاوره الناس بينهم من مثل الدلو والقدر ونحو ذلك.* ذكر من قال ذلك:حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة, قال: ثنا ابن أبي إدريس, عن الأعمش, عن الحكم بن يحيى بن الجزار, عن أبي العبيدين, أنه قال لعبد الله: أخبرني عن &; 24-638 &; الماعون؟ قال: هو ما يتعاوره الناس بينهم.حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن الحكم, قال: سمعت يحيى بن الجزار يحدّث عن أبي العبيدين: رجل من بني تميم ضرير البصر, وكان يسأل عبد الله بن مسعود, وكان ابن مسعود يعرف له ذلك، فسأل عبد الله عن الماعون, فقال عبد الله: إن من الماعون منع الفأس والقدر والدلو, خصلتان من هؤلاء الثلاث; قال شعبة: الفأس ليس فيه شكّ.حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا الوليد, قال: ثنا شعبة, عن الحكم بن عتيبة, عن يحيى بن الجزار, عن أبي العبيدين, عن عبد الله, مثله.حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن عُلَيه, قال: ثنا شعبة, عن الحكم بن عتيبة, عن يحيى بن الجزار, أن أبا العبيدين: رجلا من بني تميم, كان ضرير البصر, سأل ابن مسعود عن الماعون, فقال: هو منع الفأس والدلو, أو قال: منع الفأس والقدر.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن الأعمش, عن الحكم, عن يحيى بن الجزار, أن أبا العبيدين سأل ابن مسعود, عن الماعون, قال: هو ما يتعاوره الناس بينهم, الفأس والقدر والدلو.حدثنا أحمد بن منصور الرمادي, قال: ثنا أبو الجوّاب, عن عمار بن رزيق, عن أبي إسحاق, عن حارثة بن مضرِّب, عن أبي العبيدين, عن عبد الله, قال : كنا أصحاب محمد نحدّث أن الماعون: القدر والفأس والدلو. قال أبو بكر: قال أبو الجوّاب, وخالفه زُهير بن معاوية فيما: حدثنا به الحسن الأشيب, قال: ثنا زُهَير, قال: ثنا أبو إسحاق, عن حارثة, عن أبي العبيدين, حدثني محمد بن عبيد, قال: ثنا أبو الأحوص, عن أبي إسحاق, عن حارثة, عن أبي العبيدين وسعيد بن عياض, عن عبد الله, قال: كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدّث أن الماعون: الدلو والفأس والقدر, لا يستغنى عنهنّ.حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن ابن أبي إسحاق, عن سعيد بن عياض -قال أبو موسى: هكذا قال غندر- عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم , قالوا: إن من الماعون: الفأس والدلو والقدر.حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان، وحدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن أبى إسحاق, عن سعيد بن عياض, يحدّث عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم بمثله.قال: ثنا أبو داود, قال: ثنا شعبة, عن أبي إسحاق, قال: سمعت سعيد بن عياض, يحدّث عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم, مثله.حدثنا خلاد, قال: أخبرنا النضر, قال: أخبرنا إسرائيل, قال: أخبرنا أبو إسحاق, عن حارثة بن مضرب, عن أبى العبيدين, قال: قال عبد الله: الماعون: القدر والفأس والدلو.حدثنا خلاد, قال: أخبرنا النضر, قال: أخبرنا المسعودي, قال: أخبرنا سلمة بن كُهَيْلٍ, عن أبي العبيدين, وكانت به زمانة, وكان عبد الله يعرف له ذلك, فقال: يا أبا عبد الرحمن ما الماعون؟ قال: ما يتعاطى الناس بينهم من الفأس والقدر والدلو وأشباه ذلك.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن سلمة بن كهيل, عن مسلم, عن أبي العبيدين, أنه سأل ابن مسعود, عن الماعون, فقال: ما يتعاطاه الناس بينهم.قال: ثنا مهران, عن الحسن وسلمة بن كهيل, عن أبي العبيدين, عن ابن مسعود, قال: الفأس والدلو والقدر وأشباهه.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ, عن المسعوديّ, عن سلمة بن كهيل, عن أبي العبيدين, أنه سأل ابن مسعود, عن قوله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) فذكر نحوه.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن الأعمش, عن إبراهيم التيمي, عن الحارث بن سويد, عن ابن مسعود, قال: الفأس والقدر والدلو.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن إبراهيم التيميّ, عن الحارث بن سويد, عن عبد الله قال: (المَاعُونَ) منع الفأس والقدر والدلو.حدثنا أبو السائب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن إبراهيم, عن الحارث بن سويد, عن عبد الله, أنه سُئل عن الماعون, قال: ما يتعاوره الناس بينهم: الفأس والدلو وشبهه.&; 24-640 &;حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن الأعمش, عن مالك بن الحارث, عن ابن مسعود, قال: الدلو والفأس والقدر.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن سعيد بن عياض, عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم: قال: الماعون: الفأس والقدر والدلو.حدثني أبو السائب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن إبراهيم, قال: سُئل عبد الله عن الماعون, قال: ما يتعاوره الناس بينهم, الفأس والقدر والدلو وشبهه.حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا مغيرة, عن إبراهيم أنه قال هو عارية الناس: الفأس والقدر والدلو ونحو ذلك, يعني الماعون.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن الأعمش, عن إبراهيم, عن عبد الله, بمثله.قال: ثنا وكيع, عن الأعمش, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس مثله, قال: الفأس والدلو.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن حبيب بن أبي ثابت الأسدّي, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس قال: (المَاعُونَ) : العارية.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع; وحدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن ابن عباس, قال: هو العارية.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, نحوه.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن ابن عباس, مثله.حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن ابن عباس, في قوله: (المَاعُونَ) قال: متاع البيت.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا إسماعيل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, أراه عن ابن عباس -" شك أبو كريب "-( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: المتاع.حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, قال: أخبرنا ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: قال ابن عباس هو متاع البيت.حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قال: يمنعونهم العارية, وهو الماعون.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: اختلف الناس في ذلك, فمنهم من قال: يمنعون الزكاة, ومنهم من قال: يمنعون الطاعة, ومنهم من قال: يمنعون العارية.حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, عن ليث, عن مجاهد, عن ابن عباس, في قوله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: لم يجيء أهلها بعد.حدثني ابن المثنى, قال: ثنا محمد, قال: ثنا شعبة, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: قال ابن عباس: (المَاعُونَ) ما يتعاطى الناس بينهم.حدثنا يعقوب بن إبراهيم, قال: أخبرنا ابن عُلَية, قال: ثنا ليث, عن أبي إسحاق, عن الحارث, قال: قال عليّ رضى الله عنه: (المَاعُونَ): منع الزكاة والفأس والدلو والقدر.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم النبيل, قال: ثنا سفيان, عن حبيب بن أبي ثابت, عن سعيد بن جُبير قال: الماعون: العارية.حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس, قال: ثنا عبثر, قال: ثنا حصين, عن أبي مالك, في قول الله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: الدلو والقدر والفأس.حدثنا عمرو بن علي, قال: ثنا أبو داود, قال: ثنا أبو عوانة, عن عاصم بن بهدلة, عن أبي وائل, عن عبد الله, قال: كنا مع نبينا صلى الله عليه وسلم ونحن نقول: الماعون: منع الدلو وأشباه ذلك.وقال آخرون: الماعون: المعروف.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن إبراهيم السلمي, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا محمد بن رفاعة, قال: سمعت محمد بن كعب يقول: الماعون: المعروف.وقال آخرون: الماعون: هو المال.* ذكر من قال ذلك:حدثني أحمد بن حرب, قال: ثنا موسى بن إسماعيل, قال: ثنا إبراهيم بن سعد, عن ابن شهاب, عن سعيد بن المسيب, قال: الماعون, بلسان قريش: المال.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن ابن أبى ذئب, عن الزهريّ, قال: الماعون: بلسان قريش: المال.وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب, إذ كان الماعون هو ما وصفنا قبل, وكان الله قد أخبر عن هؤلاء القوم, وأنهم يمنعونه الناس, خبرًا عاما, من غير أن يخص من ذلك شيئا أن يقال: إن الله وصفهم بأنهم يمنعون الناس ما يتعاونونه بينهم, ويمنعون أهل الحاجة والمسكنة ما أوجب الله لهم في أموالهم من الحقوق؛ لأن كل ذلك من المنافع التي ينتفع بها الناس بعضهم من بعض.آخر تفسير سورة أرأيت
الطبري
107:7
قوله تعالى : ويمنعون الماعون فيه اثنا عشر قولا :الأول : أنه زكاة أموالهم . كذا روى الضحاك عن ابن عباس . وروي عن علي - رضي الله عنه - مثل ذلك ، وقاله مالك . والمراد به المنافق يمنعها . وقد روى أبو بكر بن عبد العزيز عن مالك قال : بلغني أن قول الله تعالى : فويل للمصلين الذين هم على صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون قال : إن المنافق إذا صلى صلى رياء ، وإن فاتته لم يندم عليها ، ويمنعون الماعون الزكاة التي فرض الله عليهم . قال زيد بن أسلم : لو خفيت لهم الصلاة كما خفيت لهم الزكاة ما صلوا .القول الثاني : أن الماعون المال ، بلسان قريش ; قاله ابن شهاب وسعيد بن المسيب .وقول ثالث : أنه اسم جامع لمنافع البيت كالفأس والقدر والنار وما أشبه ذلك ; قاله ابن مسعود ، وروي عن ابن عباس أيضا . قال الأعشى :بأجود منه بماعونه إذا ما سماؤهم لم تغمالرابع : ذكر الزجاج وأبو عبيد والمبرد أن الماعون في الجاهلية كل ما فيه منفعة ، حتى الفأس والقدر والدلو والقداحة ، وكل ما فيه منفعة من قليل وكثير ; وأنشدوا بيت الأعشى . قالوا : والماعون في الإسلام : الطاعة والزكاة ; وأنشدوا قول الراعي :أخليفة الرحمن إنا معشر حنفاء نسجد بكرة وأصيلاعرب نرى لله من أموالنا حق الزكاة منزلا تنزيلاقوم على الإسلام لما يمنعوا ماعونهم ويضيعوا التهليلايعني الزكاة .الخامس : أنه العارية ; وروي عن ابن عباس أيضا .السادس : أنه المعروف كله الذي يتعاطاه الناس فيما بينهم ; قاله محمد بن كعب والكلبي .السابع : أنه الماء والكلأ .الثامن : الماء وحده . قال الفراء : سمعت بعض العرب يقول : الماعون : الماء ; وأنشدني فيه :يمج صبيره الماعون صباالصبير : السحاب .التاسع : أنه منع الحق ; قاله عبد الله بن عمر .العاشر : أنه المستغل من منافع الأموال ; مأخوذ من المعن وهو القليل ; حكاه الطبري وابن عباس . قال [ ص: 191 ] قطرب : أصل الماعون من القلة . والمعن : الشيء القليل ; تقول العرب : ( ما له سعنة ولا معنة ) ; أي شيء قليل . فسمى الله تعالى الزكاة والصدقة ونحوهما من المعروف ماعونا ; لأنه قليل من كثير . ومن الناس من قال : الماعون : أصله معونة ، والألف عوض من الهاء ; حكاه الجوهري . ابن العربي : الماعون : مفعول من أعان يعين ، والعون : هو الإمداد بالقوة والآلات والأسباب الميسرة للأمر .الحادي عشر : أنه الطاعة والانقياد . حكى الأخفش عن أعرابي فصيح : لو قد نزلنا لصنعت بناقتك صنيعا تعطيك الماعون ; أي تنقاد لك وتعطيك . قال الراجز :متى تصادفهن في البرين يخضعن أو يعطين بالماعونوقيل : هو ما لا يحل منعه ، كالماء والملح والنار ; لأن عائشة رضوان الله عليها قالت : قلت يا رسول الله ، ما الشيء الذي لا يحل منعه ؟ قال : الماء والنار والملح قلت : يا رسول الله هذا الماء ، فما بال النار والملح ؟ فقال : يا عائشة من أعطى نارا فكأنما تصدق بجميع ما طبخ بتلك النار ، ومن أعطى ملحا فكأنما تصدق بجميع ما طيب به ذلك الملح ، ومن سقى شربة من الماء حيث يوجد الماء ، فكأنما أعتق ستين نسمة . ومن سقى شربة من الماء حيث لا يوجد ، فكأنما أحيا نفسا ، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا . ذكره الثعلبي في تفسيره ، وخرجه ابن ماجه في سننه . وفي إسناده لين ; وهو القول الثاني عشر . الماوردي : ويحتمل أنه المعونة بما خف فعله وقد ثقله الله . والله أعلم .وقيل لعكرمة مولى ابن عباس : من منع شيئا من المتاع كان له الويل ؟ فقال : لا ، ولكن من جمع ثلاثهن فله الويل ; يعني : ترك الصلاة ، والرياء ، والبخل بالماعون .قلت : كونها في المنافقين أشبه ، وبهم أخلق ; لأنهم جمعوا الأوصاف الثلاثة : ترك الصلاة ، والرياء ، والبخل بالمال ; قال الله تعالى : وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ، وقال : ولا ينفقون إلا وهم كارهون . وهذه أحوالهم ويبعد أن توجد من مسلم محقق ، وإن وجد بعضها فيلحقه جزء من التوبيخ ، وذلك في منع الماعون إذا تعين ; كالصلاة إذا تركها . والله أعلم . إنما يكون منعا قبيحا في المروءة في غير حال الضرورة . والله أعلم .
Arabic Qurtubi Tafseer
107:7
{ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ } أي: يمنعون إعطاء الشيء، الذي لا يضر إعطاؤه على وجه العارية، أو الهبة، كالإناء، والدلو، والفأس، ونحو ذلك، مما جرت العادة ببذلها والسماحة به .فهؤلاء -لشدة حرصهم- يمنعون الماعون، فكيف بما هو أكثر منه.وفي هذه السورة، الحث على إكرام اليتيم، والمساكين، والتحضيض على ذلك، ومراعاة الصلاة، والمحافظة عليها، وعلى الإخلاص [فيها و] في جميع الأعمال.والحث على [فعل المعروف و] بذل الأموال الخفيفة، كعارية الإناء والدلو والكتاب، ونحو ذلك، لأن الله ذم من لم يفعل ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب والحمد لله رب العالمين.
Arabic Saddi Tafseer
107:7
( ويمنعون الماعون ) روي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال : هي الزكاة ، وهو قول ابن عمر والحسن وقتادة والضحاك .وقال عبد الله بن مسعود : " الماعون " : الفأس والدلو والقدر وأشباه ذلك وهي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس .قال مجاهد : " الماعون " [ العارية . وقال عكرمة ] أعلاها الزكاة المعروفة [ وأدناها عارية المتاع .وقال محمد بن كعب والكلبي : " الماعون " : المعروف الذي يتعاطاه الناس فيما بينهم .قال قطرب : أصل الماعون من القلة ، تقول العرب : ما له : سعة ولا منعة ، أي شيء قليل فسمى الزكاة والصدقة والمعروف ماعونا لأنه قليل من كثير .وقيل : " الماعون " : ما لا يحل منعه مثل : الماء والملح والنار ] .
Arabic Baghawy Tafseer
107:7
قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن فضيل عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال: أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة فرفع رأسه متبسما إما قال لهم وإما قالوا له لم ضحكت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنه أنزلت علي آنفا سورة" فقرأ "بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر" حتى ختمها فقال "هل تدرون ما الكوثر؟" قالوا الله ورسوله أعلم قال "هو نهر أعطانيه ربي عز وجل في الجنة عليه خير كثير ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد الكواكب يختلج العبد منهم فأقول يا رب إنه من أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك" هكذا رواه الإمام أحمد بهذا الإسناد الثلاثي وهذا السياق عن حمد بن فضيل عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك. وقد ورد في صفة الحوض يوم القيامة أنه يشخب فيه ميزابان من السماء من نهر الكوثر وأن آنيته عدد نجوم السماء وقد روي هذا الحديث مسلم وأبو داود والنسائي من طريق علي بن مسهر ومحمد بن فضيل كلاهما عن المختار بن فلفل عن أنس ولفظ مسلم قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا في المسجد إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما قلنا ما أضحكك يا رسول الله؟ قال "لقد أنزلت علي آنفا سورة" فقرأ "بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر" ثم قال "أتدرون ما الكوثر"؟ - قلنا الله ورسوله أعلم قال "فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير وهو حوض ترد عليه أمتى يوم القيامة آنيته عدد النجوم في السماء فيختلج العبد منهم فأقول رب إنه من أمتي فيقول إنك لا تدري ما أحدث بعدك". وقد استدل به كثير من القراء على أن هذه السورة مدنية وكثير من الفقهاء على أن البسملة من السورة وأنها منزلة معها. فأما قوله تعالى "إنا أعطيناك الكوثر" فقد تقدم في هذا الحديث أنه نهر في الجنة وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى عن أنس فقال حدثنا عفان حدثنا حماد أخبرنا ثابت عن أنس أنه قرأ هذه الآية "إنا أعطيناك الكوثر" قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعطيت الكوثر فإذا هو نهر يجري ولم يشق شقا وإذا حافتاه قباب اللؤلؤ فضربت بيدي في تربته فإذا مسك أذفر وإذا حصباؤه اللؤلؤ" وقال الإمام أحمد أيضا حدثنا محمد بن أبي عدي عن حميد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه خيام اللؤلؤ فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء فإذا مسك أذفر قلت ما هذا يا جبريل؟ قال هذا الكوثر الذي أعطاكه الله عز وجل" ورواه البخاري في صحيحه ومسلم من حديث شيبان بن عبدالرحمن عن قتادة عن أنس بن مالك قال: لما عرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء قال "أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف فقلت ما هذا يا جبريل؟ قال هذا الكوثر" وهو لفظ البخاري رحمه الله. وقال ابن جرير حدثنا الربيع أخبرنا ابن وهب عن سليمان بن بلال عن شريك بن أبي نمر قال: سمعت أنس بن مالك يحدثنا قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم مضى به جبريل إلى السماء الدنيا فإذا هو بنهر عليه قصر من اللؤلؤ وزبرجد فذهب يشم ترابه فإذا هو مسك قال "يا جبريل ما هذا النهر؟ قال هو الكوثر الذي خبأ لك ربك" وقد تقدم حديث الإسراء في سورة سبحان من طريق شريح عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مخرج في الصحيحين. وقال سعيد عن قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "بينما أنا أسير في الجنة إذ عرض لي نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف. فقال الملك - الذي معه - أتدري ما هذا؟ هذا الكوثر الذي أعطاك الله وضرب بيده إلى أرضه فأخرج من طينه المسك" وكذا رواه سليمان بن طرخان ومعمر وهمام وغيرهم عن قتادة به. قال ابن جرير حدثنا ابن أبي شريح حدثنا أبو أيوب العباس حدثنا إبراهيم بن سعد حدثني محمد بن عبدالوهاب ابن أخي بن شهاب عن أبيه عن أنس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر فقال "هو نهر أعطانيه الله تعالى في الجنة ترابه مسك أبيض من اللبن وأحلى من العسل ترده طير أعناقها مثل أعناق الجزر" قال أبو بكر يا رسول الله إنها لناعمة قال "آكلها أنعم منها" وقال أحمد حدثنا أبو سلمة الخزاعي حدثنا الليث عن يزيد بن الهاد عن عبدالوهاب عن عبدالله بن مسلم بن شهاب عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الكوثر؟ قال "هو نهر في الجنة أعطانيه ربي لهو أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل فيه طيور أعناقها كأعناق الجزر - قال عمر يا رسول الله إنها لناعمة قال - آكلها أنعم منها يا عمر" ورواه ابن جرير من حديث الزهري عن أخيه عبدالله عن أنس أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر فذكر مثله سواء. وقال البخاري حدثنا خالد بن يزيد الكاهلي حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عائشة رضي الله عنها قال سألتها عن قوله تعالى "إنا أعطيناك الكوثر" قالت نهر أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم شاطئاه عليه در مجوف آنيته كعدد النجوم ثم قال البخاري رواه زكريا وأبو الأحوص ومطرف عن أبي إسحاق ورواه أحمد والنسائي من طريق مطرف به. وقال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن سفيان وإسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عائشة قالت الكوثر نهر في الجنة شاطئاه در مجوف وقال إسرائيل نهر في الجنة عليه من الآنية عدد نجوم السماء. وحدثنا ابن حميد حدثنا يعقوب القمي عن حفص بن حميد عن شمر بن عطية عن شقيق أو مسروق قال: قلت لعائشة أم المؤمنين حدثيني عن الكوثر قالت نهر في بطنان الجنة قلت وما بطنان الجنة؟ قالت وسطها حافتاه قصور اللؤلؤ والياقوت ترابه المسك وحصباؤه اللؤلو والياقوت. وحدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن أبي جعفر الرازي عن ابن أبي نجيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: من أحب أن يسمع خرير الكوثر فليجعل أصبعيه في أذنيه. وهذا منقطع بين ابن أبي نجيح وعائشة وفي بعض الروايات عن رجل عنها ومعنى هذا أنه يسمع نظير ذلك لا أنه يسمعه نفسه والله أعلم قال السهيلي ورواه الدارقطني مرفوعا من طريق مالك بن مغول عن الشعبي عن مسروق عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.ثم قال البخاري حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا هشيم اخبرنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الكوثر هو الخير الذي أعطاه الله إياه قال أبو بشر قلت لسعيد بن جبير فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه ورواه أيضا من حديث هشيم عن أبي بشر وعطاء بن السائب عن سعيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الكوثر الخير الكثير وقال الثوري عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الكوثر الخير الكثير وهذا التفسير يعني النهر وغيره لأن الكوثر من الكثرة وهو الخير الكثير ومن ذلك النهر كما قال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومحارب بن دثار والحسن بن أبي الحسن البصري حتى قال مجاهد هو الخير الكثير في الدنيا والآخرة وقال عكرمة هو النبوة والقرآن وثواب الآخرة وقد صح عن ابن عباس أنه فسره بالنهر أيضا فقال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا عمر بن عبيد عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الكوثر نهر في الجنة حافتاه ذهب وفضة يجري على الياقوت والدر ماؤه أبيض من الثلج وأحلى من العسل وروى العوفي عن ابن عباس نحو ذلك وقال ابن جرير حدثني يعقوب حدثنا هشيم أخبرنا عطاء بن السائب عن محارب بن دثار عن ابن عمر أنه قال: الكوثر نهر في الجنة حافتاه ذهب وفضة يجري على الدر والياقوت ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل. وكذا رواه الترمذي عن ابن حميد عن جرير عن عطاء بن السائب به مثله موقوفا وقد روي مرفوعا فقال الإمام أحمد حدثنا علي بن حفص حدثنا ورقاء قال: وقال عطاء عن محارب بن دثار عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب والماء يجري على اللؤلؤ وماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل. وهكذا رواه الترمذي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن جرير من طريق محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب به مرفوعا وقال الترمذي حسن صحيح. وقال ابن جرير حدثني يعقوب حدثنا ابن علية أخبرنا عطاء بن السائب قال: قال محارب بن دثار ما قال سعيد بن جبير في الكوثر؟ قلت حدثنا عن ابن عباس أنه قال هو الخير الكثير فقال صدق والله إنه للخير الكثير ولكن حدثنا ابن عمر قال لما نزلت "إنا أعطيناك الكوثر" قال رسول الله "الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب يجري على الدر والياقوت". وقال ابن جرير حدثني ابن البرقي حدثنا ابن أبي مريم حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير أخبرني حرام بن عثمان عن عبدالرحمن الأعرج أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى حمزة بن عبد المطلب يوما فلم يجده فسأل عنه امرأته وكانت من بني النجار فقالت خرج يا نبي الله آنفا عامدا نحوك فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار أو لا تدخل يا رسول الله؟ فدخل فقدمت إليه حيسا فأكل منه فقالت يا رسول الله هنيئا لك ومريئا لقد جئت وأنا أريد أن آتيك فأهنيك وأمريك أخبرني أبو عمارة أنك أعطيت نهرا في الجنة يدعى الكوثر فقال "أجل وعرضه - يعني أرضه - ياقوت ومرجان وزبرجد ولؤلؤ" حزام بن عثمان ضعيف ولكن هذا سياق حسن وقد صح أصل هذا بل قد تواتر من طرق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث وكذلك أحاديث الحوض وهكذا روي عن أنس وأبي العالية ومجاهد وغير واحد من السلف أن الكوثر نهر في الجنة وقال عطاء هو حوض في الجنة.
ابن كثير
108:1
إنا أعطيناك -أيها النبي- الخير الكثير في الدنيا والآخرة، ومن ذلك نهر الكوثر في الجنة الذي حافتاه خيام اللؤلؤ المجوَّف، وطينه المسك.
المیسر
108:1
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) افتتاح الكلام بحرف التأكيد للاهتمام بالخبر . والإِشعار بأنه شيء عظيم يستتبع الإِشعار بتنويه شأن النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم في { إنا أنزلناه في ليلة القدر } [ القدر : 1 ] . والكلام مسوق مساق البشارة وإنشاء العطاء لا مساق الإخبار بعطاء سابق .وضمير العظمة مشعر بالامتنان بعطاء عظيم .و { الكوثر } : اسم في اللغة للخير الكثير صيغ على زِنة فوْعل ، وهي من صيغ الأسماء الجامدة غالباً نحو الكوكب ، والجورب ، والحوشب والدوسر ، ولا تدل في الجوامد على غير مسماها ، ولما وقع هنا فيها مادة الكَثْر كانت صيغته مفيدة شدة ما اشتقت منه بناء على أن زيادة المبنى تؤذن بزيادة المعنى ، ولذلك فسره الزمخشري بالمفرط في الكثرة ، وهو أحسن ما فُسر به وأضبطُه ، ونظيره : جَوْهر ، بمعنى الشجاع كأنه يجاهر عدوّه ، والصومعة لاشتقاقها من وصف أصمع وهو دقيق الأعضاء لأن الصومعة دقيقة لأن طولها أفرط من غلظها .ويوصفُ الرجل صاحب الخير الكثير بكَوثر من باب الوصف بالمصدر كما في قول لبيد في رثاء عوف بن الأحوص الأسدي: ... وصاحب ملحوب فُجعنا بفقدهوعند الرّداع بيتُ آخر كوثر ... ( ملحوب والرداع ) كلاهما ماء لبني أسد بن خزيمة ، فوصف البيت بكوثر ولاحظ الكميت هذا في قوله في مدح عبد الملك بن مروان: ... وأنتَ كثيرٌ يا ابنَ مروان طيبٌوكان أبوك ابنُ العقايل كَوْثرا ... وسمي نهر الجنة كوثراً كما في حديث مسلم عن أنس بن مالك المتقدم آنفاً .وقد فسر السلف الكوثر في هذه الآية بتفاسير أعمها أنه الخير الكثير ، وروي عن ابن عباس ، قال سعيد بن جبير فقلت لابن عباس : إن ناساً يقولون هو نهر في الجنة ، فقال : هو من الخير الكثير . وعن عكرمة : الكوثر هنا : النبوءة والكتاب ، وعن الحسن : هو القرآن ، وعن المغيرة : أنه الإِسلام ، وعن أبي بكر بن عَيَّاش : هو كثرة الأمة ، وحكى الماوردي : أنه رفعة الذكر ، وأنه نور القلب ، وأنه الشفاعة ، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم المروي في حديث أنس لا يقتضي حصر معاني اللفظ فيما ذكره .وأريد من هذا الخبر بشارة النبي صلى الله عليه وسلم وإزالةُ ما عسى أن يكون في خاطره من قول من قال فيه : هو أبتر ، فقوبل معنى الأبتر بمعنى الكوثر ، إبطالاً لقولهم .
Arabic Tanweer Tafseer
108:1
الكوثر : فَوْعل من الكثرة ، مثل النَّوْفل من النفل ، ومعناه : الشئ البالغ فى الكثرة حد الإِفراط ، والعرب تسمى كل شئ كثر عدده ، وعظم شأنه : كوثرا ، وقد قيل لأعرابية بعد رجوع ابنها من سفر : بم آب ابنك؟ قالت : آب بكوثر . أى : بشئ كثير .قال الإِمام القرطبى ما ملخصه : واختلف أهل التأويل فى الكوثر الذى أعطيه النبى صلى الله عليه وسلم على ستة عشر قولاً : الأول : أنه نهى فى الجنة ، رواه البخارى عن أنس ، ورواه الترمذى - أيضاً - عن ابن عمر . . الثانى : أنه حوض للنبى صلى الله عليه وسلم فى الموقف . . الثالث : أنه النبوة والكتاب . . الرابع : أنه القرآن . . الخامس : الإِسلام .ثم قال - رحمه الله - قلت : أصح هذه الأقوال الأول والثانى ، لأنه ثابت عن النبى صلى الله عليه وسلم نص فى الكوثر . . وجميع ما قيل بعد ذلك فى تفسيره قد أعطيه صلى الله عليه وسلم زيادة على حوضه . . .وافتتح - سبحانه - الكلام بحرف التأكيد ، للاهتمام بالخبر ، وللإِشعار بأن المعطى شئ عظيم . . أى : إنا أعطيناك بفضلنا وإحساننا - أيها الرسول الكريم - الكوثر ، أى : الخير الكثير الذى من جملته هذا النهر العظيم ، والحوض المطهر . . فأبشر بذلك أنت وأمتك ، ولا تلتفت إلى ما يقوله أعداؤك فى شأنك .
Arabic Waseet Tafseer
108:1
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)يقول تعالى ذكره: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ ) يا محمد ( الْكَوْثَرَ) واختلف أهل التأويل في معنى الكوثر, فقال بعضهم: هو نهر في الجنة أعطاه الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم.حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا عطاء بن السائب, عن محارب بن دثار, عن ابن عمر: أنه قال: " الكوثر: نهر في الجنة, حافتاه من ذهب وفضة, يجري على الدرّ والياقوت, ماؤه أشدّ بياضا من اللبن, وأحلى من العسل ".حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن عطاء, عن محارب بن دثار الباهلي, عن ابن عمر, في قوله: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: " نهر في الجنة حافتاه الذهب, ومجراه على الدرّ والياقوت, وماؤه اشدّ بياضا من الثلج, وأشدّ حلاوة من العسل, وتربته أطيب من ريح المسك ".حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا عمر بن عبيد, عن عطاء, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, قال: " الكوثر: نهر في الجنة حافتاه من ذهب وفضة، يجري على الياقوت والدرّ, ماؤه أبيض من الثلج, وأحلى من العسل ".حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يعقوب القُمِّي, عن حفص بن حميد, عن شمر بن عطية, عن شقيق أو مسروق, قال: قلت لعائشة: يا أمّ المؤمنين, وما بُطْنان الجنة؟ قالت: " وسط الجنة: حافتاه قصور اللؤلؤ والياقوت, ترابه المسك, وحصباؤه اللؤلؤ والياقوت ".حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازيّ, قال: ثنا أبو النضر وشبابة, قالا ثنا أبو جعفر الرازيّ, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن رجل, عن عائشة قالت: الكوثر: نهر في الجنة ليس أحد يدخل أصبعيه في أذنيه إلا سمع خرير ذلك النهر.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن أبي جعفر; وحدثنا ابن أبي سريج, قال: ثنا أبو نعيم, قال: أخبرنا أبو جعفر الرازيّ, عن ابن أبي نجيح, عن أنس, قال: الكوثر: نهر في الجنة.قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عائشة قالت: الكوثر نهر في الجنة, درّ مجوّف.حدثنا وكيع, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عائشة: " الكوثر: نهر في الجنة, عليه من الآنية عدد نجوم السماء ".قال ثنا وكيع, عن أبي جعفر الرازيّ, عن ابن أبي نجيح, عن عائشة قالت: من أحبّ أن يسمع خرير الكوثر, فليجعل أصبعيه في أُذنيه.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عائشة, قالت: نهر في الجنة, شاطئاه الدرّ المجوّف.قال: ثنا مهران, عن أبي معاذ عيسى بن يزيد, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عائشة قالت: " الكوثر: نهر في بطنان الجنة وسط الجنة, فيه نهر شاطئاه در مجوف, فيه من الآنية لأهل الجنة, مثل عدد نجوم السماء ".حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: نهر أعطاه الله محمدا صلى الله عليه وسلم في الجنة.حدثنا أحمد بن أبي سريج, قال: ثنا مسعدة, عن عبد الوهاب, عن مجاهد, قال: " الكَوْثر: نهر في الجنة, ترابه مسك أذفر, وماؤه الخمر ".حدثنا ابن أبي سريج, قال: ثنا عبيد الله, قال: أخبرنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية, في قوله: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: نهر في الجنة.حدثنا الربيع, قال: أخبرنا ابن وهب, عن سليمان بن بلال, عن شريك بن أبي نمر, قال: سمعت أنس بن مالك يحدثنا, قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم, مضى به جبريل في السماء الدنيا, فإذا هو بنهر, عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد, فذهب يَشَمّ ترابه, فإذا هو مسك, فقال: " يا جبريل ما هذا النهر؟" قال: هو الكوثر الذي خبأ لك ربُّك .وقال آخرون: عُنِي بالكوثر: الخير الكثير.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب, قال: ثني هشيم, قال: أخبرنا أبو بشر وعطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس أنه قال في الكوثر: هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر: فقلت لسعيد بن جبير: فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة, قال: فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم, عن عطاء بن السائب, قال: قال محارب بن دثار: ما قال سعيد بن جُبير في الكوثر؟ قال: قلت: قال: قال ابن عباس: هو الخير الكثير, فقال: صدق والله.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, قال: الكوثر: الخير الكثير.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن أبي بشر, قال: سألت سعيد بن جبير, عن الكوثر, فقال: هو الخير الكثير الذي آتاه الله, فقلت لسعيد: إنا كنا نسمع أنه نهر في الجنة, فقال: هو الخير الذي أعطاه الله إياه.حدثنا ابن المثنى, قال: ثني عبد الصمد, قال: ثنا شعبة, عن أبي بشر, عن سعيد بن جبير: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: الخير الكثير.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا محمد, قال: ثنا شعبة, عن عمارة بن أبى حفصة, عن عكرمة, قال: هو النبوّة, والخير الذي أعطاه الله إياه.حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا حرمي بن عمارة, قال: ثنا شعبة, قال: أخبرني عمارة, عن عكرمة في قول الله: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: الخير الكثير, والقرآن والحكمة.حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, قال: ثنا عمارة بن أبي حفصة, عن عكرمة أنه قال: الكوثر: الخير الكثير.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: الخير الكثير.قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن هلال, قال: سألت سعيد بن جُبير ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: أكثر الله له من الخير, قلت: نهر في الجنة؟ قال: نهر وغيره.حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة, قال: ثنا أبو عاصم, عن عيسى بن ميمون, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: الكوثر: الخير الكثير.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: الكوثر: الخير الكثير.حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن مجاهد: الكوثر: قال: الخير كله.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: خير الدنيا والآخرة.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة في الكوثر, قال: هو الخير الكثير.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير, قال: الكوثر: الخير الكثير.قال: ثنا وكيع, عن بدر بن عثمان, سمع عكرمة يقول في الكوثر: قال: ما أُعطي النبّي من الخير والنبوّة والقرآن.حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازيّ, قال: ثنا أبو داود, عن بدر, عن عكرمة, قوله: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: الخير الذي أعطاه الله النبوّة والإسلام.وقال آخرون: هو حوض أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن مطر, عن عطاء ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: حوض في الجنة أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.حدثنا أحمد بن أبي سريج, قال: ثنا أبو نعيم, قال: ثنا مطر, قال: سألت عطاء ونحن نطوف بالبيت عن قوله: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: حوض أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي, قول من قال: هو اسم النهر الذي أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة, وصفه الله بالكثرة, لعِظَم قدره.وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك, لتتابع الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ذلك كذلك.* ذكر الأخبار الواردة بذلك:حدثنا أحمد بن المقدام العجلي, قال: ثنا المعتمر, قال: سمعت أبي يحدّث عن قتادة, عن أنس قال: لما عُرج بنبيّ الله صلى الله عليه وسلم في الجنة, أو كما قال, عرض له نهر حافتاه الياقوت المجوف, أو قال: المجوب, فضرب الملك الذي معه بيده فيه, فاستخرج مسكا, فقال محمد للملك الذي معه: " ما هَذَا؟" قال: " هذا الكوثر الذي أعطاك الله; قال: ورفعت له سدرة المنتهى, فأبصر عندها أثرا عظيما " أو كما قال.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, عن أنس, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: " بَيْنَما أنا أسِيرُ في الجَنَّةِ, إذْ عَرَض ليَ نَهْرٌ, حافَتاهُ قِبابُ اللُّؤْلُؤِ المُجَوَّفِ, فقالَ المَلَكُ الَّذِي مَعَهُ: أتَدْرِي ما هَذَا؟ هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطاكَ اللهُ إيَّاهُ, وَضَرَبَ بِيَدِهِ إلى أرْضِه, فأخْرَجَ مِنْ طِينِه المِسْكَ" .حدثني ابن عوف, قال: ثنا آدم, قال: ثنا شيبان, عن قتادة, عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لمَّا عُرِجَ بِي إلى السَّماء, أَتَيْتُ على نَهْرٍ حافَتاهُ قِبابُ اللُّؤْلُؤِ المُجَوَّف, قُلتُ: ما هَذَا يا جِبْرِيلُ؟ قال: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطَاكَ رَبُّكَ, فأهْوَى المَلكُ بِيَدِهِ, فاسْتَخْرَجَ طِينَه مِسْكًا أذفَرَ" .حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن حميد, عن أنس بن مالك, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دَخَلْتُ الجَنَّة, فإذَا أنا بِنَهْرٍ حافَتاهُ خِيامُ اللُّؤْلُؤِ, فَضَرَبْتُ بِيَدِي إلى ما يَجْرِي فِيهِ, فإذَا مِسْكٌ أذْفَرُ; قال: قُلْتُ: ما هَذَا يا جِبْرِيلُ؟ قال: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطاكَهُ اللهُ" .حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الصمد, قال: ثنا همام, قال: ثنا قتادة, عن أنس, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, فذكر نحو حديث يزيد, عن سعيد.حدثنا بشر, قال: ثنا أحمد بن أبي سريج, قال: ثنا أبو أيوب العباس, قال: ثنا إبراهيم بن مسعدة, قال: ثنا محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي ابن شهاب, عن أبيه, عن أنس, قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر, فقال: " هُوَ نَهْرٌ أعْطانِيهِ اللهُ في الجَنَّةِ, تُرَابُهُ مِسْكٌ أبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ, وأحْلَى مِنَ العَسَلِ, تَرِدُهُ طَيْرٌ أعنَاقُهَا مِثْلُ أعناقِ الجُزُرِ", قال أبو بكر: يا رسول الله, إنها لناعمة؟ قال: "آكِلُها أنْعَمُ مِنْها " .حدثنا خلاد بن أسلم, قال: أخبرنا محمد بن عمرو بن علقمة بن أبي وقاص الليثي, عن كثير, عن أنس بن مالك, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دَخَلْتُ الجَنَّةَ حِينَ عُرِجَ بِيَ, فَأُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ, فإذَا هُوَ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ, عُضَادَتاهُ بُيُوتٌ مُجَوَّفَةٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ" .حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم, قال: ثنا أبي وشعيب بن الليث, عن الليث, عن يزيد بن الهاد, عن عبد الله بن مسلم بن شهاب, عن أنس: أن رجلا جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, ما الكوثر؟ قال: " نَهْرٌ أعْطانِيهِ اللهُ فِي الجَنَّةِ, لَهُوَ أشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ, وأحْلَى مِنَ العَسَلِ, فِيهِ طُيُورٌ أعْناقُهَا كأعْناقِ الجُزُرِ". قال عمر: يا رسول الله إنها لناعمة, قال: "آكِلُها أنْعَمُ مِنْها " .حدثنا يونس, قال: ثنا يحيى بن عبد الله, قال: ثني الليث, عن ابن الهاد, عن عبد الوهاب عن عبد الله بن مسلم بن شهاب, عن أنس, أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فذكر مثله.حدثنا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن الزهري، أن أخاه عبد الله, أخبره أن أنس بن مالك صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أخبره: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: ما الكوثر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نَهْرٌ أعْطانِيهِ اللهُ فِي الجَنَّةِ, مَاؤهُ أبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ, وأحْلَى مِنَ العَسَلِ, فِيهِ طُيُورٌ أعْناقُهَا كأعْناقِ الجُزُرِ", فقال عمر: إنها لناعمة يا رسول الله, فقال: "آكِلُها أنْعَمُ مِنْهَا " .فقال: عمر بن عثمان: قال ابن أبي أُوَيس; وحدثني أبي, عن ابن أخي الزهريّ, عن أبيه, عن أنس, عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكوثر, مثله.حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا ابن فضيل, قال: ثنا عطاء, عن محارب بن دثار, عن ابن عمر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ, حَافَتاهُ مِنْ ذَهَبٍ, وَمجْرَاهُ عَلى الْياقُوتِ والدُّرِّ, تُرْبَتُهُ أطْيَبُ مِنَ المِسْكِ, ماؤُهُ أحْلَى مِنَ العَسَلِ, وأشَدُّ بَياضًا مِنَ الثَّلْجِ" .حدثنا يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, قال: أخبرنا عطاء بن السائب, قال: قال لي محارب بن دثار: ما قال سعيد بن جُبير في الكوثر؟ قلت: حدثنا عن ابن عباس, أنه قال: هو الخير الكثير, فقال: صدق والله, إنه للخير الكثير, ولكن حدثنا ابن عمر, قال: لما نـزلت: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ, حافَتاهُ مِنْ ذَهَبٍ, يَجْرِي على الدُّرِّ واليَاقُوتِ" .حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن أنس بن مالك, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ", قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " رَأَيْتُ نَهَرًا حَافَتاهُ اللُّؤْلُؤ, فَقُلْتُ: يا جِبْرِيلُ ما هَذَا؟ قالَ: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطَاكَهُ اللهُ" .حدثنا ابن البرقي, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: ثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير, قال: أخبرنا حزام بن عثمان, عن عبد الرحمن الأعرج, عن أُسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى حمزة بن عبد المطلب يوما, فلم يجده, فسأل امرأته عنه, وكانت من بني النجار, فقالت: خرج, بأبي أنت آنفا عامدا نحوك, فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار, أو لا تدخل يا رسول الله؟ فدخل, فقدمت إليه حيسا, فأكل منه, فقالت: يا رسول الله, هنيئا لك ومريئا, لقد جئت وإني لأريد أن آتيك فأهنيك وأمريك (6) أخبرني أبو عمارة أنك أُعطيت نهرا في الجنة يُدعى الكوثر, فقال: " أَجَلْ, وَعَرْضُهُ - يعني أرضه - يَاقُوتٌ وَمَرْجَانٌ وزَبَرْجَدٌ ولُؤْلُؤٌ" .------------------------الهوامش:(6) تريد : أقول لك : هنأك الله وأمرأك ، بما أعطاك من الكوثر .
الطبري
108:1
تفسير سورة الكوثروهي مكية في قول ابن عباس والكلبي ومقاتلوهي ثلاث آياتبسم الله الرحمن الرحيمإنا أعطيناك الكوثرفيه مسألتان :الأولى : قوله تعالى : إنا أعطيناك الكوثر قراءة العامة . إنا أعطيناك بالعين . وقرأ الحسن وطلحة بن مصرف : ( أنطيناك ) بالنون ; وروته أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ; وهي لغة في العطاء ; أنطيته : أعطيته . والكوثر : فوعل من الكثرة ; مثل النوفل من النفل ، والجوهر من الجهر . والعرب تسمي كل شيء كثير في العدد والقدر والخطر كوثرا . قال سفيان : قيل لعجوز رجع ابنها من السفر : بم آب ابنك ؟ قالت بكوثر ; أي بمال كثير . والكوثر من الرجال : السيد الكثير الخير . قال الكميت :وأنت كثير يا بن مروان طيب وكان أبوك ابن العقائل كوثراوالكوثر : العدد الكثير من الأصحاب والأشياع . والكوثر من الغبار : الكثير . وقد تكوثر إذا كثر ; قال الشاعر :وقد ثار نقع الموت حتى تكوثراالثانية : واختلف أهل التأويل في الكوثر الذي أعطيه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ستة عشر قولا :[ ص: 193 ] الأول : أنه نهر في الجنة ; رواه البخاري عن أنس والترمذي أيضا وقد ذكرناه في كتاب التذكرة . وروى الترمذي أيضا عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الكوثر : نهر في الجنة ، حافتاه من ذهب ، ومجراه على الدر والياقوت ، تربته أطيب من المسك ، وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج . هذا حديث حسن صحيح .الثاني : أنه حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - في الموقف ; قاله عطاء . وفي صحيح مسلم عن أنس قال : بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أغفى إغفاءة ، ثم رفع رأسه متبسما فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : نزلت علي آنفا سورة - فقرأ - بسم الله الرحمن الرحيم : إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر - ثم قال - أتدرون ما الكوثر ؟ . قلنا الله ورسوله أعلم . قال : فإنه نهر وعدنيه ربي - عز وجل - ، عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم ، فيختلج العبد منهم فأقول إنه من أمتي ، فيقال إنك لا تدري ما أحدث بعدك .والأخبار في حوضه في الموقف كثيرة ، ذكرناها في كتاب ( التذكرة ) . وأن على أركانه الأربعة خلفاءه الأربعة ; - رضوان الله عليهم - . وأن من أبغض واحدا منهم لم يسقه الآخر ، وذكرنا هناك من يطرد عنه . فمن أراد الوقوف على ذلك تأمله هناك . ثم يجوز أن يسمى ذلك النهر أو الحوض كوثرا ، لكثرة الواردة والشاربة من أمة محمد - عليه السلام - هناك . ويسمى به لما فيه من الخير الكثير والماء الكثير .الثالث : أن الكوثر النبوة والكتاب ; قاله عكرمة .الرابع : القرآن ; قاله الحسن .الخامس : الإسلام ; حكاه المغيرة .السادس : تيسير القرآن وتخفيف الشرائع ; قاله الحسين بن الفضل .السابع : هو كثرة الأصحاب والأمة والأشياع ; قاله أبو بكر بن عياش ويمان بن رئاب .الثامن : أنه الإيثار ; قاله ابن كيسان .التاسع : أنه رفعة الذكر . حكاه الماوردي .العاشر : أنه نور في قلبك دلك علي ، وقطعك عما سواي .وعنه : هو الشفاعة ; وهو الحادي عشر .وقيل : معجزات الرب هدي بها أهل الإجابة لدعوتك ; حكاه الثعلبي ، وهو الثاني عشر .الثالث عشر : قال هلال بن يساف : هو لا إله إلا الله محمد رسول الله .وقيل : الفقه في الدين . وقيل : الصلوات الخمس ; وهما الرابع عشر والخامس عشر . وقال ابن إسحاق : هو العظيم من الأمر ; وذكر بيت لبيد :وصاحب ملحوب فجعنا بفقده وعند الرداع بيت آخر كوثر[ ص: 194 ] أي عظيم .قلت : أصح هذه الأقوال الأول والثاني ; لأنه ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص في الكوثر . وسمع أنس قوما يتذاكرون الحوض فقال : ما كنت أرى أن أعيش حتى أرى أمثالكم يتمارون في الحوض ، لقد تركت عجائز خلفي ، ما تصلي امرأة منهن إلا سألت الله أن يسقيها من حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - . وفي حوضه يقول الشاعر :يا صاحب الحوض من يدانيكا وأنت حقا حبيب باريكاوجميع ما قيل بعد ذلك في تفسيره قد أعطيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيادة على حوضه ، - صلى الله عليه وسلم - تسليما كثيرا .
Arabic Qurtubi Tafseer
108:1
يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ممتنا عليه: { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ } أي: الخير الكثير، والفضل الغزير، الذي من جملته، ما يعطيه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، من النهر الذي يقال له { الكوثر } ومن الحوض طوله شهر، وعرضه شهر، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته كنجوم السماء في كثرتها واستنارتها، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا.
Arabic Saddi Tafseer
108:1
مكية( إنا أعطيناك الكوثر ) أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا علي بن مسهر عن المختار - يعني ابن فلفل - عن أنس قال : بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : أنزلت علي آنفا سورة ، فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم : " إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر " ، ثم قال : " أتدرون ما الكوثر " ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : " فإنه نهر وعدنيه ربي - عز وجل - عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم فأقول : رب إنه مني ، فيقول : ما تدري ما أحدث بعدك " .أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا عمرو بن محمد ، حدثنا هشيم ، حدثنا أبو بشر وعطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : " الكوثر " : الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه . قال أبو بشر قلت لسعيد بن جبير : إن أناسا يزعمون أنه نهر في الجنة ؟ فقال سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه .قال الحسن : هو القرآن العظيم .قال عكرمة : النبوة والكتاب .وقال أهل اللغة : الكوثر : فوعل [ من الكثرة ، كنوفل : فوعل ] من النفل والعرب تسمي كل شيء [ كثير في العدد أو ] كثير في القدر والخطر : كوثرا . والمعروف : أنه نهر في الجنة أعطاه الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث :أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني ، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري ، حدثنا أحمد بن [ علي ] الكشميهني ، حدثنا علي بن حجر ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، حدثنا حميد عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : دخلت الجنة فإذا أنا بنهر يجري بياضه [ بياض ] اللبن وأحلى من العسل وحافتاه خيام اللؤلؤ فضربت بيدي فإذا الثرى مسك أذفر فقلت لجبريل : ما هذا ؟ قال الكوثر الذي أعطاكه الله - عز وجل - : .أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الداودي ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى الصلت ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أخبرنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن محارب بن دثار عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه الذهب مجراه على الدر والياقوت تربته أطيب من المسك وأشد بياضا من الثلج " . .أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا نافع [ بن عمر ، عن ] ابن أبي مليكة قال : قال عبد الله بن عمرو : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حوضي مسيرة شهر ، ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء ، من يشرب منها لم يظمأ أبدا " .أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري ، أخبرنا جدي عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز ، أخبرنا محمد بن زكريا العذافري ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، حدثنا عبد الرزاق ، أنا معمر عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " [ أنا عند عقر حوضي ] أذود الناس عنه لأهل اليمن " إني لأضربهم بعصاي حتى يرفضوا عنه " وإنه [ ليغت ] فيه ميزابان من الجنة ، أحدهما من ورق والآخر من ذهب طوله ما بين بصرى وصنعاء ، أو ما بين أيلة ومكة أو من مقامي هذا إلى عمان " .
Arabic Baghawy Tafseer
108:1
أي كما أعطيناك الخير الكثير في الدنيا والآخرة ومن ذلك النهر الذي تقدم صفته فأخلص لربك صلاتك المكتوبة والنافلة ونحرك فاعبده وحده لا شريك له وانحر على اسمه وحده لا شريك له كما قال تعالى "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين". قال ابن عباس وعطاء ومجاهد وعكرمة والحسن يعني بذلك نحر البدن ونحوها وكذا قال قتادة ومحمد بن كعب القرظي والضحاك والربيع وعطاء الخراساني والحكم وسعيد ابن أبي خالد وغير واحد من السلف وهذا بخلاف ما كان عليه المشركون من السجود لغير الله والذبح على اسمه كما قال تعالى "ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق" الآية وقيل المراد بقوله وانحر وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى تحت النحر يروى هذا عن علي ولا يصح وعن الشعبي مثله وعن أبي جعفر الباقر "وانحر" يعني رفع اليدين عند افتتاح الصلاة وقيل "وانحر" أي استقبل بنحرك القبلة. وذكر هذه الأقوال الثلاثة ابن جرير. وقد روى ابن أبي حاتم ههنا حديث منكرا جدا فقال حدثنا وهب بن إبراهيم القاضي سنة خمس وخمسين ومائتين حدثنا إسرائيل بن حاتم المروزي حدثنا مقاتل بن حيان عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب قال لما نزلت هذه السورة على النبي صلى الله عليه وسلم "إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا جبريل ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي؟ فقال ليست بنحيرة ولكنه يأمرك إذا تحرمت للصلاة ارفع يديك إذا كبرت وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك من الركوع وإذا سجدت فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة الذين في السموات السبع وإن لكل شيء زينة وزينة الصلاة رفع اليدين عند كل تكبيرة" وهكذا رواه الحاكم في المستدرك من حديث إسرائيل بن حاتم به وعن عطاء الخراساني "وانحر" أي ارفع صلبك بعد الركوع واعتدل وابرز نحرك يعني به الاعتدال رواه ابن أبي حاتم وكل هذه الأقوال غريبة جدا والصحيح القول الأول أن المراد بالنحر ذبح المناسك ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العيد ثم ينحر نسكه ويقول "من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له" فقام أبو بردة بن نيار فقال يا رسول الله إني نسكت شاتي قبل الصلاة وعرفت أن اليوم يوم يشتهى فيه اللحم قال "شاتك شاة لحم" قال فإن عندي عناقا هي أحب إلي من شاتين أفنجزئ عني؟ قال "تجزئك ولا تجزئ أحدا بعدك" قال أبو جعفر ابن جرير والصواب قول من قال إن معنى ذلك فاجعل صلاتك كلها لربك خالصا دون ما سواه من الأنداد والآلهة وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان شكرا له على ما أعطاك من الكرامة والخير الذي لا كفاء له وخصك به وهذا الذي قاله في غاية الحسن وقد سبقه إلى هذا المعنى محمد بن كعب القرظي وعطاء.
ابن كثير
108:2
فأخلص لربك صلاتك كلها، واذبح ذبيحتك له وعلى اسمه وحده.
المیسر
108:2
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)وقوله : { فصل لربك } اعتراض والفاء للتفريع على هذه البشارة بأن يشكر ربه عليها ، فإن الصلاة أفعال وأقوال دالة على تعظيم الله والثناء عليه وذلك شكر لنعمته .وناسب أن يكون الشكر بالازدياد مما عاداه عليه المشركون وغيرهم ممن قالوا مقالتهم الشنعاء : إنه أبتر ، فإن الصلاة لله شكر له وإغاظة للذين ينهونه عن الصلاة كما قال تعالى : { أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى } [ العلق : 9 ، 10 ] لأنهم إنما نهَوْه عن الصلاة التي هي لوجه الله دون العبادة لأصنامهم ، وكذلك النحر لله .والعدول عن الضمير إلى الاسم الظاهر في قوله : { فصل لربك } دون : فصلِّ لنا ، لما في لفظ الرب من الإِيماء إلى استحقاقه العبادة لأجل ربوبيته فضلاً عن فرط إنعامه .وإضافة ( رب ) إلى ضمير المخاطب لقصد تشريف النبي صلى الله عليه وسلم وتقريبه ، وفيه تعريض بأنه يربُّه ويرأف به .ويتعين أن في تفريع الأمر بالنحر مع الأمر بالصلاة على أن أعطاه الكوثر خصوصية تناسب الغرض الذي نزلت السورة له ، ألا ترى أنه لم يذكر الأمر بالنحر مع الصلاة في قوله تعالى : { ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين } في سورة الحجر ( 97 ، 98 ) .ويظهر أن هذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن صدّ المشركين إيّاه عن البيت في الحديبية ، فأعلمه الله تعالى بأنه أعطاه خيراً كثيراً ، أي قدره له في المستقبل وعُبر عنه بالماضي لتحقيق وقوعه ، فيكون معنى الآية كمعنى قوله تعالى : { إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً } [ الفتح : 1 ] فإنه نزل في أمر الحديبية فقد قال له عمر بن الخطاب : أفتح هذا؟ قال : نعم .وهذا يرجع إلى ما رواه الطبري عن قول سعيد بن جبير : أن قوله : { فصل لربك وانحر } أمر بأن يصلي وينحر هديه وينصرفَ من الحديبية .وأفادت اللام من قوله : { لربك } أنه يخُص الله بصلاته فلا يصلي لغيره . ففيه تعريض بالمشركين بأنهم يصلون للأصنام بالسجود لها والطواف حولها .وعطف { وانحر } على { فصل لربك } يقتضي تقدير متعلِّقه مماثلاً لمتعلِّق { فصل لربك } لدلالة ما قبله عليه كما في قوله تعالى : { أسمع بهم وأبصر } [ مريم : 38 ] أي وأبصر بهم ، فالتقدير : وانحر له . وهو إيماء إلى إبطال نحر المشركين قرباناً للأصنام فإن كانت السورة مكية فلعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اقترب وقت الحج وكان يحج كل عام قبلَ البعثة وبعدها قد تردد في نحر هداياه في الحج بعد بعثته ، وهو يود أن يُطعم المحاويج من أهل مكة ومن يحضر في الموسم ويتحرجُ من أن يشارك أهل الشرك في أعمالهم فأمره الله أن ينحر الهدي لله ويطعمها المسلمين ، أي لا يمنعك نحرهم للأصنام أن تنحر أنت ناوياً بما تنحره أنه لله .وإن كانت السورة مدنية ، وكان نزولها قبل فرض الحج كان النحر مراداً به الضحايا يومَ عيد النحر ولذلك قال كثير من الفقهاء إن قوله : { فصل لربك } مراد به صلاة العيد ، ورُوي ذلك عن مالككٍ في تفسير الآية وقال : لم يبلغني فيه شيء .وأخذوا من وقوع الأمر بالنحر بعد الأمر بالصلاة دلالةً على أن الضحية تكون بعد الصلاة ، وعليه فالأمر بالنحر دون الذبح مع أن الضّأن أفضل في الضحايا وهي لا تنحر وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضحّ إلا بالضأن تغليب للفظ النحر وهو الذي روعي في تسمية يوم الأضحى يومَ النحر وليشمل الضحايا في البدن والهدايا في الحج أو ليشمل الهدايا التي عُطل إرسالها في يوم الحديبية كما علمت آنفاً . ويرشح إيثارَ النحر رَعْيُ فاصلة الراء في السورة . وللمفسرين الأولين أقوال أخر في تفسير «انحر» تجعله لفظاً غريباً .
Arabic Tanweer Tafseer
108:2
والفاء فى قوله - تعالى - : ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانحر ) لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، والمراد بالصلاة : المداومة عليها .أى : ما دمنا قد أعطيناك هذه النعم الجزيلة ، فداوم على شكرك لنا ، بأن تواظب على أداء الصلاة أداء تاما ، وبأن تجعلها خالصة لربك وخالقك ، وبأن تواظب - أيضاً - على نحرك الإِبل تقرباً إلى ربك . كما قال - سبحانه - ( قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ العالمين . لاَ شَرِيكَ لَهُ وبذلك أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين )
Arabic Waseet Tafseer
108:2
وقوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ )اختلف أهل التأويل في الصلاة التي أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصليها بهذا الخطاب, ومعنى قوله: ( وَانْحَرْ) فقال بعضهم: حضه على المواظبة على الصلاة المكتوبة, وعلى الحفظ عليها في أوقاتها بقوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) .* ذكر من قال ذلك:حدثني عبد الرحمن بن الأسود الطفاوي, قال: ثنا محمد بن ربيعة, قال: ثني يزيد بن أبي زياد بن أبي الجعد, عن عاصم الجحدري, عن عقبة بن ظهير, عن علي رضى الله عنه في قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: وضع اليمين على الشمال في الصلاة.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا حماد بن سلمة, عن عاصم الجحدري, عن عقبة بن ظبيان عن أبيه, عن علي رضى الله عنه ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: وضع اليد على اليد في الصلاة.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن حماد بن سلمة, عن عاصم الجحدري, عن عقبة بن ظهير, عن أبيه, عن علي رضى الله عنه ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: وضع يده اليمنى على وسط ساعده اليسرى, ثم وضعهما على صدره.قال: ثنا مهران, عن حماد بن سلمة, عن عاصم الأحول, عن الشعبي مثله.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن يزيد بن أبي زياد, عن عاصم الجحدري, عن عقبة بن ظهير, عن علي رضى الله عنه: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: وضع اليمين على الشمال في الصلاة.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم, يقال: ثنا عوف, عن أبي القُموص, في قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: وضع اليد على اليد في الصلاة.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا أبو صالح الخراساني, قال: ثنا حماد, عن عاصم الجحدري, عن أبيه, عن عقبة بن ظبيان, أن علي بن أبي طالب رضى الله عنه قال في قول الله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: وضع يده اليمنى على وسط ساعده الأيسر, ثم وضعهما على صدره.وقال آخرون: بل عُنِيَ بقوله ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ ) : الصلاة المكتوبة, وبقوله ( وَانْحَرْ) أن يرفع يديه إلى النحر عند افتتاح الصلاة والدخول فيها.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن إسرائيل, عن جابر, عن أبي جعفر ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) الصلاة, وانحر: برفع يديه أول ما يكبر في الافتتاح.وقال آخرون: عني بقوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ ) المكتوبة, وبقوله ( وَانْحَرْ) : نحر البُدن.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام بن سلم وهارون بن المغيرة, عن عنبسة, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: الصلاة المكتوبة, ونحر البُدن.حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير وحجاج أنهما قالا في قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: صلاة الغداة بجمع, ونحر البُدن بمنًى.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن قطر, عن عطاء: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: صلاة الفجر, وانحر البدن. حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: الصلاة المكتوبة, والنحر: النسك والذبح يوم الأضحى.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن الحكم, في قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: صلاة الفجر.وقال آخرون: بل عُنِيَ بذلك: صل يوم النحر صلاة العيد, وانحر نسكك.*ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد, قال: ثنا هارون بن المغيرة, عن عنبسة, عن جابر, عن أنس بن مالك, قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينحر قبل أن يصلي, فأمر أن يصلي ثم ينحر .حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن جابر, عن عكرِمة: فصلّ الصلاة, وانحر النُّسُك.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن ثابت بن أبي صفية, عن أبي جعفر ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ ) قال: الصلاة; وقال عكرِمة: الصلاة ونحر النُّسُك.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن أبي جعفر, عن الربيع ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: إذا صليت يوم الأضحى فانحر.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا قطر, قال: سألت عطاء, عن قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: تصلي وتنحر.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عوف, عن الحسن ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: اذبحقال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا أبان بن خالد, قال: سمعت الحسن يقول ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: الذبح.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: نحر البُدن, والصلاة يوم النحر.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: صلاة الأضحى, والنحر: نحر البُدن.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: مناحر البُدن بِمِنًى.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن رجل, عن عكرمة ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: نحر النسك.حدثني علي, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, في قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) يقول: اذبح يوم النحر.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: نحر البُدن.وقال آخرون: قيل ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم, لأن قوما كانوا يصلون لغير الله, وينحرون لغيره فقيل له. اجعل صلاتك ونحرك لله, إذ كان من يكفر بالله يجعله لغيره.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: ثني أبو صخر, عن محمد بن كعب القرظي, أنه كان يقول في هذه الآية: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) يقول: إن ناسا كانوا يصلون لغير الله, وينحرون لغير الله, فإذا أعطيناك الكوثر يا محمد, فلا تكن صلاتك ونحرك إلا لي.وقال آخرون: بل أنـزلت هذه الآية يوم الحديبية, حين حصر النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه, وصُدّوا عن البيت, فأمره الله أن يصلي, وينحر البُدن, وينصرف, ففعل.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني أبو صخر, قال: ثني أبو معاوية البجلي, عن سعيد بن جُبير أنه قال: كانت هذه الآية, يعني قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) يوم الحديبية, أتاه جبريل عليه السلام فقال: انحر وارجع, فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم, فخطب خطبة الفطر والنحر (7) ثم ركع ركعتين, ثم انصرف إلى البُدن فنحرها, فذلك حين يقول: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) .وقال آخرون: بل معنى ذلك: فصل وادع ربك وسله.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن أبي سنان, عن ثابت, عن الضحاك ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: صلّ لربك وسل.وكان بعض أهل العربية يتأوّل قوله: ( وَانْحَرْ) واستقبل القبلة بنحرك. وذُكر أنه سمع بعض العرب يقول: منازلهم تتناحر: أي هذا بنحر هذا: أي قبالته. وذكر أن بعض بني أسد أنشده:أبــا حَـكَمٍ هَـلْ أنْـتَ عَـمُّ مُجَـالِدٍوَسَــيِّدُ أهْــلِ الأبْطَــحِ المُتَنَـاحِرِ (8)أي ينحر بعضه بعضا.وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب: قول من قال: معنى ذلك: فاجعل صلاتك كلها لربك خالصا دون ما سواه من الأنداد والآلهة, وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان, شكرا له على ما أعطاك من الكرامة والخير الذي لا كفء له, وخصك به, من إعطائه إياك الكوثر.وإنما قلت: ذلك أولى الأقوال بالصواب في ذلك, لأن الله جلّ ثناؤه أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بما أكرمه به من عطيته وكرامته, وإنعامه عليه بالكوثر, ثم أتبع ذلك قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) , فكان معلوما بذلك أنه خصه بالصلاة له, والنحر على الشكر له, على ما أعلمه من النعمة التي أنعمها عليه, بإعطائه إياه الكوثر, فلم يكن لخصوص بعض الصلاة بذلك دون بعض, وبعض النحر دون بعض وجه, إذ كان حثا على الشكر على النِّعَم.فتأويل الكلام إذن: إنا أعطيناك يا محمد الكوثر, إنعاما منا عليك به, وتكرمة منا لك, فأخلص لربك العبادة, وأفرد له صلاتك ونسكك, خلافا لما يفعله من كفر به, وعبد غيره, ونحر للأوثان.
الطبري
108:2
قوله تعالى : فصل لربك وانحرفيه خمس مسائل :الأولى : قوله تعالى : فصل أي أقم الصلاة المفروضة عليك ; كذا رواه الضحاك عن ابن عباس . وقال قتادة وعطاء وعكرمة : فصل لربك صلاة العيد ويوم النحر . وانحر نسكك . وقال أنس : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينحر ثم يصلي ، فأمر أن يصلي ثم ينحر . وقال سعيد بن جبير أيضا : صل لربك صلاة الصبح المفروضة بجمع ، وانحر البدن بمنى ، وقال سعيد بن جبير أيضا : نزلت في الحديبية حين حصر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن البيت ، فأمره الله تعالى أن يصلي وينحر البدن وينصرف ; ففعل ذلك . قال ابن العربي : أما من قال : إن المراد بقوله تعالى : فصل : الصلوات الخمس ; فلإنها ركن العبادات ، وقاعدة الإسلام ، وأعظم دعائم الدين . وأما من قال : إنها صلاة الصبح بالمزدلفة ; فلأنها مقرونة بالنحر ، وهو في ذلك اليوم ، ولا صلاة فيه قبل النحر غيرها ; فخصها بالذكر من جملة الصلوات لاقترانها بالنحر " .قلت : وأما من قال إنها صلاة العيد ; فذلك بغير مكة ; إذ ليس بمكة صلاة عيد بإجماع ، فيما حكاه ابن عمر . قال ابن العربي : ( فأما مالك فقال : ما سمعت فيه شيئا ، والذي يقع في نفسي أن المراد بذلك صلاة يوم النحر ، والنحر بعدها ) . وقال علي - رضي الله عنه - ومحمد بن كعب : المعنى ضع اليمنى على اليسرى حذاء النحر في الصلاة . وروي عن ابن عباس أيضا . وروي عن علي أيضا : أن يرفع يديه في التكبير إلى نحره . وكذا قال جعفر بن علي : [ ص: 195 ] فصل لربك وانحر قال : يرفع يديه أول ما يكبر للإحرام إلى النحر . وعن علي - رضي الله عنه - قال : لما نزلت فصل لربك وانحر قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل : " ما هذه النحيرة التي أمرني الله بها " ؟ قال : " ليست بنحيرة ، ولكنه يأمرك إذا تحرمت للصلاة ، أن ترفع يديك إذا كبرت ، وإذا رفعت رأسك من الركوع ، وإذا سجدت ، فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة الذين هم في السماوات السبع ، وإن لكل شيء زينة ، وإن زينة الصلاة رفع اليدين عند كل تكبيرة " . وعن أبي صالح عن ابن عباس قال : استقبل القبلة بنحرك ; وقاله الفراء والكلبي وأبو الأحوص . ومنه قول الشاعر :أبا حكم ما أنت عم مجالد وسيد أهل الأبطح المتناحرأي المتقابل . قال الفراء : سمعت بعض العرب يقول : منازلنا تتناحر ; أي تتقابل ، نحر هذا بنحر هذا ; أي قبالته . وقال ابن الأعرابي : هو انتصاب الرجل في الصلاة بإزاء المحراب ; من قولهم : منازلهم تتناحر ; أي تتقابل . وروي عن عطاء قال : أمره أن يستوي بين السجدتين جالسا حتى يبدو نحره . وقال سليمان التيمي : يعني وارفع يدك بالدعاء إلى نحرك . وقيل : فصل معناه : واعبد . وقال محمد بن كعب القرظي : إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر يقول : إن ناسا يصلون لغير الله ، وينحرون لغير الله ; وقد أعطيناك الكوثر ، فلا تكن صلاتك ولا نحرك إلا لله . قاله ابن العربي : والذي عندي أنه أراد : اعبد ربك ، وانحر له ، فلا يكن عملك إلا لمن خصك بالكوثر ، وبالحري أن يكون جميع العمل يوازي هذه الخصوصية من الكوثر ، وهو الخير الكثير ، الذي أعطاكه الله ، أو النهر الذي طينه مسك ، وعدد آنيته نجوم السماء ; أما أن يوازي هذا صلاة يوم النحر ، وذبح كبش أو بقرة أو بدنة ، فذلك يبعد في التقدير والتدبير ، وموازنة الثواب للعبادة . والله أعلم .الثانية : قد مضى القول في سورة ( الصافات ) في الأضحية وفضلها ، ووقت ذبحها ; فلا معنى لإعادة ذلك . وذكرنا أيضا في سورة ( الحج ) جملة من أحكامها . قال ابن العربي : ومن عجيب الأمر : أن الشافعي قال : إن من ضحى قبل الصلاة أجزأه ، والله تعالى يقول في كتابه : فصل لربك وانحر ، فبدأ بالصلاة قبل النحر ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ( في البخاري وغيره ، عن البراء بن عازب ، قال ) : أول ما نبدأ به في يومنا هذا : نصلي ، ثم نرجع فننحر ، من فعل فقد أصاب نسكنا ، ومن ذبح قبل ، فإنما هو لحم قدمه لأهله ، ليس من النسك في شيء " . وأصحابه ينكرونه ، وحبذا الموافقة .[ ص: 196 ] الثالثة : وأما ما روي عن علي - عليه السلام - فصل لربك وانحر قال : وضع اليمين على الشمال في الصلاة ( خرجه الدارقطني ) ، فقد اختلف علماؤنا في ذلك على ثلاثة أقوال :الأول : لا توضع فريضة ولا نافلة ; لأن ذلك من باب الاعتماد . ولا يجوز في الفرض ، ولا يستحب في النفل .الثاني : لا يفعلها في الفريضة ، ويفعلها في النافلة استعانة ; لأنه موضع ترخص .الثالث : يفعلها في الفريضة والنافلة . وهو الصحيح ; لأنه ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضع يده اليمنى على اليسرى من حديث وائل بن حجر وغيره . قال ابن المنذر : وبه قال مالك وأحمد وإسحاق ، وحكي ذلك عن الشافعي . واستحب ذلك أصحاب الرأي . ورأت جماعة إرسال اليد . وممن روينا ذلك عنه ابن المنذر والحسن البصري وإبراهيم النخعي .قلت : وهو مروي أيضا عن مالك . قال ابن عبد البر : إرسال اليدين ، ووضع اليمنى على الشمال ، كل ذلك من سنة الصلاة .الرابعة : واختلفوا في الموضع الذي توضع عليه اليد ; فروي عن علي بن أبي طالب : أنه وضعهما على صدره . وقال سعيد بن جبير وأحمد بن حنبل : فوق السرة . وقال : لا بأس إن كانت تحت السرة . وقالت طائفة : توضع تحت السرة . وروي ذلك عن علي وأبي هريرة والنخعي وأبي مجلز . وبه قال سفيان الثوري وإسحاق .الخامسة : وأما رفع اليدين في التكبير عند الافتتاح والركوع والرفع من الركوع والرفع من الركوع والسجود ، فاختلف في ذلك ; فروى الدارقطني من حديث حميد عن أنس قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه إذا دخل في الصلاة ، وإذا ركع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، وإذا سجد . لم يروه عن حميد مرفوعا إلا عبد الوهاب الثقفي . والصواب : من فعل أنس . وفي الصحيحين من حديث ابن عمر ، قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة رفع يديه ، حتى تكونا حذو منكبيه ، ثم يكبر ، وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع ، ويفعل ذلك حين يرفع رأسه من الركوع ، ويقول سمع الله لمن حمده . ولا يفعل ذلك حين يرفع رأسه من السجود .قال ابن المنذر : وهذا قول الليث بن سعد ، والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور . وحكى ابن وهب عن مالك هذا القول . وبه أقول ; لأنه الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وقالت طائفة : يرفع [ ص: 197 ] المصلي يديه حين يفتتح الصلاة ، ولا يرفع فيما سوى ذلك . هذا قول سفيان الثوري وأصحاب الرأي .قلت : وهو المشهور من مذهب مالك ; لحديث ابن مسعود ; ( خرجه الدارقطني من حديث إسحاق بن أبي إسرائيل ) ، قال : حدثنا محمد بن جابر عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومع أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ; فلم يرفعوا أيديهم إلا أولا عند التكبيرة الأولى في افتتاح الصلاة . قال إسحاق : به نأخذ في الصلاة كلها . قال الدارقطني : تفرد به محمد بن جابر ( وكان ضعيفا ) عن حماد عن إبراهيم . وغير حماد يرويه عن إبراهيم مرسلا عن عبد الله ، من فعله ، غير مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ; وهو الصواب . وقد روى يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء : أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه ، ثم لم يعد إلى شيء من ذلك حتى فرغ من الصلاة . قال الدارقطني : وإنما لقن يزيد في آخر عمره : ( ثم لم يعد ) فتلقنه وكان قد اختلط . وفي ( مختصر ما ليس في المختصر ) عن مالك : لا يرفع اليدين في شيء من الصلاة . قال ابن القاسم : ولم أر مالكا يرفع يديه عند الإحرام ، قال : وأحب إلي ترك رفع اليدين عند الإحرام .
Arabic Qurtubi Tafseer
108:2
ولما ذكر منته عليه، أمره بشكرها فقال: { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } خص هاتين العبادتين بالذكر، لأنهما من أفضل العبادات وأجل القربات.ولأن الصلاة تتضمن الخضوع [في] القلب والجوارح لله، وتنقلها في أنواع العبودية، وفي النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من النحائر، وإخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته والشح به.
Arabic Saddi Tafseer
108:2
قوله - عز وجل - : ( فصل لربك وانحر ) قال محمد بن كعب : إن أناسا كانوا يصلون لغير الله وينحرون لغير الله فأمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي وينحر لله - عز وجل - .وقال عكرمة وعطاء وقتادة : فصل لربك صلاة العيد يوم النحر وانحر نسكك .وقال سعيد بن جبير ومجاهد : فصل الصلوات المفروضة بجمع وانحر البدن بمنى .وروي عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قال : " فصل لربك وانحر " قال : وضع اليمين على الشمال في الصلاة عند النحر .
Arabic Baghawy Tafseer
108:2
قوله تعالى "إن شانئك هو الأبتر" أي إن مبغضك يا محمد ومبغض جئت به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكره قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة نزلت في العاص بن وائل وقال محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان قال: كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دعوه فإنه رجل أبتر لا عقب له فإذا هلك انقطع ذكره فأنزل الله هذه السورة وقال شمر بن عطية نزلت في عقبة بن أبي معيط وقال ابن عباس أيضا وعكرمة نزلت في كعب بن الأشرف وجماعة من كفار قريش. وقال البزار حدثنا زيد بن يحيى الحساني حدثنا ابن أبي عدي عن داود عن عكرمة عن ابن عباس قال: قدم كعب بن الأشرف مكة فقالت له قريش أنت سيدهم ألا ترى إلى هذا الصنبر المنبتر من قومه؟ يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية فقال أنتم خير منه قال فنزلت "إن شانئك هو الأبتر" وهكذا رواه البزار وهو إسناد صحيح وعن عطاء قال نزلت في أبي لهب وذلك حين مات ابن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب أبو لهب إلى المشركين فقال بتر محمد الليلة فأنزل الله في ذلك "إن شانئك هو الأبتر". وعن ابن عباس نزلت في أبي جهل وعنه "إن شانئك هو الأبتر" يعني عدوك وهذا يعم جميع من اتصف بذلك ممن ذكر وغيرهم وقال عكرمة الأبتر الفرد وقال السدي كانوا إذا مات ذكور الرجل قالوا بتر فلما مات أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بتر فأنزل الله "إن شانئك هو الأبتر" وهذا يرجع إلى ما قلناه من أن الأبتر الذي إذا مات انقطع ذكره فتوهموا لجهلهم أنه إذا مات بنو انقطع ذكره وحاشا وكلا بل قد أبقى الله ذكره على رءوس الأشهاد وأوجب شرعه على رقاب العباد مستمرا على دوام الآباد إلى يوم المحشر والمعاد صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم التناد. آخر تفسير سورة الكوثر ولله الحمد والمنة.
ابن كثير
108:3
إن مبغضك ومبغض ما جئت به من الهدى والنور، هو المنقطع أثره، المقطوع من كل خير.
المیسر
108:3
إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)استئناف يجوز أن يكون استئنافاً ابتدائياً . ويجوز أن تكون الجملة تعليلاً لحرف { إنّ } إذا لم يكن لرد الإِنكار يكثر أن يفيد التعليل كما تقدم عند قوله تعالى : { قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم } في سورة البقرة ( 32 ) .واشتمال الكلام على صيغة قصر وعلى ضمير غائب وعلى لفظ الأبتر مؤذن بأن المقصود به ردُّ كلام صادر من معيَّن ، وحكايةُ لفظٍ مرادٍ بالرد ، قال الواحدي : قال ابن عباس : إن العاصي بن وائل السهمي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الحرام عند باب بني سهم فتحدث معه وأناسٌ من صناديد قريش في المسجد فلما دخل العاصي عليهم قالوا له : من الذي كنت تتحدث معه فقال : ذلك الأبترُ ، وكان قد توفّي قبل ذلك عبدُ الله ابنُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن مات ابنه القاسم قبلَ عبد الله فانقطع بموت عبد الله الذكورُ من ولده صلى الله عليه وسلم يومئذ ، وكانوا يَصِفون من ليس له ابن بأبتر فأنزل الله هذه السورة ، فحصل القصر في قوله { إن شانئك هو الأبتر } لأن ضمير الفصل يفيد قصر صفة الأبتر على الموصوف وهو شانىء النبي صلى الله عليه وسلم قصرَ المسند على المسند إليه ، وهو قصر قلب ، أي هو الأبتر لا أنت .و { الأبتر } : حقيقته المقطوع بعضه وغلب على المقطوع ذَنبه من الدواب ويستعار لمن نقص منه ما هو من الخير في نظر الناس تشبيهاً بالدَّابة المقطوع ذَنَبها تشبيه معقول بمحسوس كما في الحديث : " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله فهو أبتر " يقال : بَتر شيئاً إذا قطع بعضَه وبَتر بالكسر كفرِح فهو أبتر ، ويقال للذي لا عقب له ذكوراً ، هو أبتر على الاستعارة تشبيه متخيل بمحسوس شبهوه بالدابة المقطوع ذنبها لأنه قُطع أثره في تخيُّل أهللِ العرف .ومعنى الأبتر في الآية الذي لا خير فيه وهو رد لقول العاصي بن وائل أو غيره في حق النبي صلى الله عليه وسلم فبهذا المعنى استقام وصف العاصي أو غيره بالأبتر دون المعنى الذي عناه هو حيث لمز النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أبتر ، أي لا عقب له لأن العاصي بن وائل له عقب ، فابنه عمرو الصحابي الجليل ، وابن ابنه عبد الله بن عمرو بن العاص الصحابي الجليل ولعبد الله عقب كثير . قال ابن حزم في «الجمهرة» عقبه بمكة وبالرهط .فقوله تعالى : { هو الأبتر } اقتضت صيغة القصر إثبات صفة الأبتر لشانىء النبي صلى الله عليه وسلم ونفيها عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الأبتر بمعنى الذي لا خير فيه .ولكن لما كان وصف الأبتر في الآية جيء به لمحاكاة قول القائل : «محمد أبتر» إبطالاً لقوله ذلك ، وكانَ عرفهم في وصف الأبتر أنه الذي لا عقب له تعيّن أن يكون هذا الإِبطال ضرباً من الأسلوب الحكيم وهو تلقي السامع بغير ما يترقب بحمل كلامه على خلاف مراده تنبيهاً على أن الأحقَّ غيرُ ما عناه من كلامه كقوله تعالى : { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } [ البقرة : 189 ] . وذلك بصرف مراد القائل عن الأبتر الذي هو عديم الابن الذكر إلى ما هو أجدر بالاعتبار وهو الناقص حظّ الخير ، أي ليس ينقص للمرء أنه لا ولد له لأن ذلك لا يعود على المرء بنقص في صفاته وخلائقه وعقله . وهب أنه لم يولد له البتة ، وإنما اصطلح الناس على اعتباره نقصاً لرغبتهم في الولد بناء على ما كانت عليه أحوالهم الاجتماعية من الاعتماد على الجهود البدنية فهم يبتغون الولد الذكور رجاء الاستعانة بهم عند الكبر وذلك أمر قد يعرض ، وقد لا يعرض أو لمحبة ذِكر المرء بعد موته وذلك أمر وهمي ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أغناه الله بالقناعة ، وأعزّه بالتأييد ، وقد جعل الله له لسان صدق لم يجعل مثله لأحد من خلقه ، فتمحض أن كماله الذاتي بما عَلِمه الله فيه إذ جعل فيه رسالته ، وأن كماله العرضي بأصحابه وأمته إذ جعله الله أولى بالمؤمنين من أنفسهم .وفي الآية محسن الاستخدام التقديري لأن سوق الإبطال بطريق القصر في قوله : { هو الأبتر } نفيُ وصف الأبتر عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن بمعنًى غير المعنى الذي عناه شانئه فهو استخدام ينشأ من صيغة القصر بناء على أن ليس الاستخدام منحصراً في استعمال الضمير في غير معنى معاده ، على ما حققه أستاذنا العلامة سالم أبو حاجب وجعله وجهاً في واو العطف من قوله تعالى : { وجاء ربك والملك } [ الفجر : 22 ] لأن العطف بمعنى إعادة العامل فكأنه قال : وجاء الملك وهو مجيء مغاير لمعنى مجيء الله تعالى ، قال : وقد سَبقنا الخفاجي إلى ذلك إذ أجراه في حرف الاستثناء في «طراز المجالس» في قول محمد الصالحي من شعراء الشام: ... وحديثُ حُبّي ليسَ بالْمَنْسُوخ إلاّ في الدَّفاتر ... والشانىء : المبغض وهو فاعل من الشناءة وهي البغض ويقال فيه : الشنآن ، وهو يشمل كل مبغض له من أهل الكفر فكلهم بتر من الخير ما دام فيه شنآن للنبيء صلى الله عليه وسلم فأما من أسلموا منهم فقد انقلب بعضهم محبة له واعتزازاً به .
Arabic Tanweer Tafseer
108:3
ثم بشره - سبحانه - ببشارة أخرى فقال : ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتر ) والشانئ : هو المبغض لغيره ، يقال : شَنَأَ فلان شَنْئاً ، إذا أبغضه وكرهه .والأبتر فى الأصل : هو الحيوان المقطوع الذنب ، والمراد به هنا : الإِنسان الذى لا يبقى له ذكر . ولا يدوم له أثر . .شبه بقاء الذكر الحسن بذنب الحيوان ، لأنه تابع له وهو زينته ، وشبه الحرمان من ذلك ببتر الذي وقطعه .والمعنى : إن مبغضك وكارهك - أيها الرسول الكريم - هو المقطوع عن كل خير ، والمحروم من كل ذكر حسن .قال الإِمام ابن كثير : " كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : دعوه فإنه رجل أبتر لا عقب له ، فإذا هلك انقطع ذكره ، فأنزل الله - تعالى - هذه السورة " .وقال السدى : كانوا إذا مات ذكور الرجل قالوا : بتر ، فلما مات أبناء النبى صلى الله عليه وسلم قالوا : بتر محمد فأنزل الله هذه الآية .وهذا يرجع إلى ما قلناه من أن الأبتر إذا مات انقطع ذكره ، فتوهموا لجهلهم أنه إذا مات بنوه ينقطع ذكره ، وحاشا وكلا ، بل أبقى الله ذكره على رءوس الأشهاد ، وأوجب شرعه على رقاب العباد ، مستمرا على دوام الآباد ، إلى يوم الحشر والمعاد ، صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الثناد . . .نسأل الله - تعالى - أن يجعلنا من أهل شفاعته يوم القيامة .وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
Arabic Waseet Tafseer
108:3
وقوله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ )يعني بقوله جل ثناؤه: ( إِنَّ شَانِئَكَ ) إن مبغضك يا محمد وعدوك ( هُوَ الأبْتَرُ ) يعني بالأبتر: الأقلّ والأذلّ المنقطع دابره, الذي لا عقب له.واختلف أهل التأويل في المعنيّ بذلك, فقال بعضهم: عني به العاص بن وائل السهميّ.* ذكر من قال ذلك:حدثني علي, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) يقول: عدوّك.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: هو العاص بن وائل.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن هلال بن خباب, قال: سمعت سعيد بن جُبير يقول: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: هو العاص بن وائل.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن هلال, قال: سألت سعيد بن جُبير, عن قوله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: عدوّك العاص بن وائل انبتر من قومه.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: العاص بن وائل, قال: أنا شانئٌ محمدا, ومن شنأه الناس فهو الأبتر.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: هو العاص بن وائل, قال: أنا شانئٌ محمدا, وهو أبتر, ليس له عقب, قال الله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال قتادة: الأبتر: الحقير الدقيق الذليل.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) هذا العاص بن وائل, بلغنا أنه قال: أنا شانئُ محمد.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: الرجل يقول: إنما محمد أبتر, ليس له كما ترون عقب, قال الله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) .وقال آخرون: بل عني بذلك: عقبة بن أبي معيط.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يعقوب القُمِّي, عن حفص بن حميد, عن شمر بن عطية, قال: كان عقبة بن أبي معيط يقول: إنه لا يبقى للنبيّ صلى الله عليه وسلم ولد, وهو أبتر, فأنـزل الله فيه هؤلاء الآيات: ( إِنَّ شَانِئَكَ ) عقبة بن أبي معيط ( هُوَ الأبْتَرُ ) .وقال آخرون: بل عني بذلك جماعة من قريش.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الوهاب, قال: ثنا داود, عن عكرمة, في هذه الآية: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلا قال: نـزلت في كعب بن الأشرف, أتى مكة فقال لها أهلها: نحن خير أم هذا الصنبور (9) المنبتر من قومه, ونحن أهل الحجيج, وعندنا منحر البدن, قال: أنتم خير. فأنـزل الله فيه هذه الآية, وأنـزل في الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ما قالوا: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) .حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن بدر بن عثمان, عن عكرمة ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) . قال: لما أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت قريش: بَتِرَ محمد منا, فنـزلت: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: الذي رماك بالبتر هو الأبتر.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن أبى عديّ, قال: أنبأنا داود بن أبي هند, عن عكرمة, عن ابن عباس قال: لما قَدِم كعب بن الأشرف مكة أتَوْه, فقالوا له: نحن أهل السقاية والسدانة, وأنت سيد أهل المدينة, فنحن خير أم هذا الصنبور المنبتر من قومه, يزعم أنه خير منا؟ قال: بل أنتم خير منه, فنـزلت عليه: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: وأنـزلت عليه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ ... إلى قوله نَصِيرًا .وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن مُبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأقلّ الأذلّ, المنقطع عقبه, فذلك صفة كل من أبغضه من الناس, وإن كانت الآية نـزلت في شخص بعينه.آخر تفسير سورة الكوثر------------------------الهوامش:(7) لعله خطبة الفطر أو النحر ، فإنه اختلف في الخروج إلى عمرة الحديبية هل كان في رمضان أو ذي القعدة ؟ فيكون شكا من الراوي .(8) البيت لبعض بني أسد، وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن ( 377 ) قال : وقوله : { فصل لربك وانحر } فصل لربك يوم القيامة : انحر . وبإسناد إلى علي قال : فيها النحر : أخذك شمالك بيمينك في الصلاة . ويقال : فصل لربك وانحر : استقبل القبلة بنحرك . وسمعت بعض العرب يقول : منازلنا تناحر هذا : أي قبالته . وأنشدني بعض بني أسد : " أبا حكم ... " البيت فهذا من ذلك : ينحر بعضه بعضا . ا هـ . وفي ( اللسان : نحر ) والداران تتناحران : أي تتقابلان . وإذا استقبلت دار دارا ، قيل : هذه تنحر تلك . ثم نقل كلام الفراء والبيت .(9) في ( اللسان : صنبر ) أصل الصنوبر : سعفة تنبت في جذع النخلة ، لا في الأرض ، أو النخلة تبقى منفردة . ومراد كفار قريش بقولهم صنبور ، أي : أنه إذا قلع انقطع ذكره ، كما يذهب أصل الصنبور ؛ لأنه لا عقب له .
الطبري
108:3
قوله تعالى : إن شانئك هو الأبترأي مبغضك ; وهو العاص بن وائل . وكانت العرب تسمي من كان له بنون وبنات ، ثم مات البنون وبقي البنات : أبتر . فيقال : إن العاص وقف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يكلمه ، فقال له جمع من صناديد قريش : مع من كنت واقفا ؟ فقال : مع ذلك الأبتر . وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان من خديجة ; فأنزل الله جل شأنه : إن شانئك هو الأبتر أي المقطوع ذكره من خير الدنيا والآخرة . وذكر عكرمة عن ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية إذا مات ابن الرجل قالوا : بتر فلان . فلما مات إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج أبو جهل إلى أصحابه ، فقال : بتر محمد ; فأنزل الله جل ثناؤه : إن شانئك هو الأبتر يعني بذلك أبا جهل . وقال شمر بن عطية : هو عقبة بن أبي معيط . وقيل : إن قريشا كانوا يقولون لمن مات ذكور ولده : قد بتر فلان . فلما مات لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنه القاسم : بمكة ، وإبراهيم بالمدينة ، قالوا : بتر محمد ، [ ص: 198 ] فليس له من يقوم بأمره من بعده ; فنزلت هذه الآية ; قال السدي وابن زيد . وقيل : إنه جواب لقريش حين قالوا لكعب بن الأشرف لما قدم مكة : نحن أصحاب السقاية والسدانة والحجابة واللواء ، وأنت سيد أهل المدينة ، فنحن خير أم هذا الصنيبر الأبيتر من قومه ؟ قال كعب : بل أنتم خير ; فنزلت في كعب : ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت الآية . ونزلت في قريش : إن شانئك هو الأبتر ; قاله ابن عباس أيضا وعكرمة .وقيل : إن الله - عز وجل - لما أوحى إلى رسوله ، ودعا قريشا إلى الإيمان ، قالوا : انبتر منا محمد ; أي خالفنا وانقطع عنا . فأخبر الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - أنهم هم المبتورون ; قاله أيضا عكرمة وشهر بن حوشب . قال أهل اللغة : الأبتر من الرجال : الذي لا ولد له ، ومن الدواب الذي لا ذنب له . وكل أمر انقطع من الخير أثره ، فهو أبتر . والبتر : القطع . بترت الشيء بترا : قطعته قبل الإتمام . والانبتار : الانقطاع . والباتر : السيف القاطع . والأبتر : المقطوع الذنب . تقول منه : بتر ( بالكسر ) يبتر بترا . وفي الحديث ما هذه البتيراء . وخطب زياد خطبته البتراء ; لأنه لم يمجد الله فيها ، ولم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - . ابن السكيت : الأبتران : العير والعبد ; قال سميا أبترين لقلة خيرهما . وقد أبتره الله : أي صيره أبتر . ويقال : رجل أباتر بضم الهمزة : الذي يقطع رحمه قال الشاعر :لئيم نزت في أنفه خنزوانة على قطع ذي القربى أحد أباتروالبترية : فرقة من الزيدية ; نسبوا إلى المغيرة بن سعد ، ولقبه الأبتر . وأما الصنبور فلفظ مشترك . قيل : هو النخلة تبقى منفردة ، ويدق أسفلها ويتقشر ; يقال : صنبر أسفل النخلة . وقيل : هو الرجل الفرد الذي لا ولد له ولا أخ . وقيل : هو مثعب الحوض خاصة ; حكاه أبو عبيد . وأنشد :ما بين صنبور إلى الإزاءوالصنبور : قصبة تكون في الإداوة من حديد أو رصاص يشرب منها . حكى جميعه الجوهري - رحمه الله - والله سبحانه وتعالى أعلم .
Arabic Qurtubi Tafseer
108:3
{ إِنَّ شَانِئَكَ } أي: مبغضك وذامك ومنتقصك { هُوَ الْأَبْتَرُ } أي: المقطوع من كل خير، مقطوع العمل، مقطوع الذكر.وأما محمد صلى الله عليه وسلم، فهو الكامل حقًا، الذي له الكمال الممكن في حق المخلوق، من رفع الذكر، وكثرة الأنصار، والأتباع صلى الله عليه وسلم.
Arabic Saddi Tafseer
108:3
قوله تعالى : ( إن شانئك ) عدوك ومبغضك ( هو الأبتر ) هو الأقل الأذل المنقطع دابره .نزلت في العاص بن وائل السهمي ; وذلك أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج من [ باب ] المسجد وهو يدخل فالتقيا عند باب بني سهم وتحدثا وأناس من صناديد قريش جلوس في المساجد فلما دخل العاص قالوا له : من الذي كنت تتحدث معه ؟ قال : ذلك الأبتر يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان قد توفي ابن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خديجة رضي الله عنها .وذكر محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان قال : كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : دعوه فإنه رجل أبتر لا عقب له فإذا هلك انقطع ذكره ، فأنزل الله تعالى هذه السورة .وقال عكرمة عن ابن عباس : نزلت في كعب بن الأشرف وجماعة من قريش ، وذلك أنه لما قدم كعب مكة قالت له قريش : نحن أهل السقاية والسدانة وأنت سيد أهل المدينة ، فنحن خير أم هذا [ الصنبور ] المنبتر من قومه ؟ فقال : بل أنتم خير منه ، فنزلت : " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت " ( النساء - 51 ) . الآية ، ونزل في الذين قالوا إنه أبتر : " إن شانئك هو الأبتر " أي المنقطع من كل خير .
Arabic Baghawy Tafseer
108:3
سورة الكافرون: ثبت في صحيح مسلم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهذه السورة وبـ "قل هو الله أحد" في ركعتي الطواف وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهما في ركعتي الفجر وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب بضعا وعشرين مرة أو بضع عشرة مرة "قل يا أيها الكافرون" و "قل هو الله أحد". وقال أحمد أيضا حدثنا محمد بن عبدالله بن الزبير حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر قال رمقت النبي صلى الله عليه وسلم أربعا وعشرين أو خمسا وعشرين مرة يقرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب بـ "قل يا أيها الكافرون" و "قل هو الله أحد". وقال أحمد حدثنا أبو أحمد هو محمد بن عبدالله بن الزبير حدثنا سفيان هو الثوري عن أبي إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر قال رمقت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا وكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر بـ "قل يا أيها الكافرون" و "قل هو الله أحد" وكذا رواه الترمذي وابن ماجه من حديث أبي أحمد الزبيري وأخرجه النسائي من وجه آخر عن أبي إسحاق به وقال الترمذي هذا حديث حسن وقد تقدم في الحديث أنها تعدل ربع القرآن وإذا زلزلت تعدل ربع القرآن وقال الإمام أحمد حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق عن فروة بن نوفل هو ابن معاوية عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له "هل لك في ربيبة لنا تكفلها؟" قال أراها زينب قال ثم جاء فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عنها قال "ما فعلت الجارية؟" قال تركتها عند أمها قال "فمجيء ما جاء بك" قال جئت لتعلمني شيئا أقوله عند منامي قال "اقرأ "قل يا أيها الكافرون" ثم نم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك". تفرد به أحمد وقال أبو القاسم الطبراني حدثنا أحمد بن عمر القطراني حدثنا محمد بن الطفيل حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن جبلة بن حارثه وهو أخو زيد بن حارثة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا أويت إلى فراشك فاقرأ "قل يا أيها الكافرون" حتى تمر بآخرها فإنها براءة من الشرك". وروى الطبراني من طريق شريك عن جابر عن معقل الزبيدي عن عبدالرحمن بن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه قرأ "قل يا أيها الكافرون" حتى يختمها. وقال الإمام أحمد حدثنا حجاج حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن فروة بن نوفل عن الحارث بن جبلة قال: قلت يا رسول الله علمني شيئا أقوله عند منامي قال "إذا أخذت مضجعك من الليل فاقرأ "قل يا أيها الكافرون" فإنها براءة من الشرك" والله أعلم. هذه السورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون وهي آمره بالإخلاص فيه فقوله "قل يا أيها الكافرون" يشمل كل كافر على وجه الأرض ولكن المواجهون بهذا الخطاب هم كفار قريش وقيل إنهم من جهلهم دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة أوثانهم سنة ويعبدون معبوده سنة فأنزل الله هذه السورة وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فيها أن يتبرأ من دينهم بالكلية.
ابن كثير
109:1
قل -أيها الرسول- للذين كفروا بالله ورسوله: يا أيها الكافرون بالله.
المیسر
109:1
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) افتتاحها ب { قلْ } للاهتمام بما بعد القول بأنه كلام يراد إبلاغه إلى الناس بوجه خاص منصوص فيه على أنه مرسل بقول يبلغه وإلا فإن القرآن كله مأمور بإبلاغه ، ولهذه الآية نظائر في القرآن مفتتحة بالأمر بالقول في غير جواببٍ عن سؤال منها : { قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء للَّه } في سورة الجمعة ( 6 ) . والسور المفتتحة بالأمر بالقول خمس سور : { قل أوحي } [ الجن : 1 ] ، وسورة الكافرون ، وسورة الإخلاص ، والمعوّذتان ، فالثلاث الأول لقول يبلِّغه ، والمعوّذتان لقول يقوله لتعويذ نفسه .والنداء موجه إلى الأربعة الذين قالوا للنبيء صلى الله عليه وسلم فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد ، كما في خبر سبب النزول وذلك الذي يقتضيه قوله : { ولا أنتم عابدون ما أعبد } كما سيأتي .وابتدىء خطابهم بالنداء لإِبلاغهم ، لأن النداء يستدعي إقبال أذهانهم على ما سيلقى عليهم .ونُودوا بوصف الكافرين تحقيراً لهم وتأييداً لوجه التبرؤ منهم وإيذاناً بأنه لا يخشاهم إذا ناداهم بما يَكرهون مما يثير غضبهم لأن الله كفاه إياهم وعصمه من أذاهم . قال القرطبي : قال أبو بكر بن الأنباري : إن المعنى : قل للذين كفروا يا أيها الكافرون أن يعتمدهم في ناديهم فيقول لهم : يا أيها الكافرون ، وهم يغضبون من أن ينسبوا إلى الكفر .
Arabic Tanweer Tafseer
109:1
أى : قل - أيها الرسول الكريم - لهؤلاء المشركين الذين جاؤوك ليساوموك على أن تعبد آلهتهم مدة ، وهم يعبدون إلهك مدة أخرى . . قل لهم على سبيل الحزم والتأكيد " لا أعبد " أنا الذى تعبدونه من آلهة باطلة ، ولا أنتم عابدون الإِله الحق الذى أعبده ، لجهلكم وجحودكم . وعكوفكم على ما كان عليه آباؤكم من ضلال .وافتتحت السورة الكريمة بفعل الأمر " قل " للاهتمام لما سيأتى بعده من كلام المقصود منه إبلاغه إليهم ، وتكليفهم بالعمل به .ونودوا بوصف الكافرين ، لأنهم كانوا كذلك ، ولأن فى هذا النداء تحقيرا واستخفافا بهم .
Arabic Waseet Tafseer
109:1
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم, وكان المشركون من قومه فيما ذكر عرضوا عليه أن يعبدوا الله سنة, على أن يعبد نبيّ الله صلى الله عليه وسلم آلهتهم سنة, فأنـزل الله معرفه جوابهم في ذلك: ( قُلْ ) يا محمد لهؤلاء المشركين الذين سألوك عبادة آلهتهم سنة, على أن يعبدوا إلهك سنة ( يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) بالله ( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) من الآلهة والأوثان الآن ( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ) الآن( وَلا أَنَا عَابِدٌ ) فيما أستقبل( مَا عَبَدْتُمْ ) فيما مضى ( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ ) فيما تستقبلون أبدا( مَا أَعْبُدُ ) أنا الآن, وفيما أستقبل. وإنما قيل ذلك كذلك, لأن الخطاب من الله كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أشخاص بأعيانهم من المشركين, قد علم أنهم لا يؤمنون أبدا , وسبق لهم ذلك في السابق من علمه, فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يؤيسهم من الذي طمعوا فيه, وحدّثوا به أنفسهم, وأن ذلك غير كائن منه ولا منهم, في وقت من الأوقات, وآيس نبي الله صلى الله عليه وسلم من الطمع في إيمانهم, ومن أن يفلحوا أبدا, فكانوا كذلك لم يفلحوا ولم ينجحوا, إلى أن قتل بعضهم يوم بدر بالسيف, وهلك بعض قبل ذلك كافرا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, وجاءت به الآثار.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن موسى الحَرشي, قال: ثنا أبو خلف, قال: ثنا داود, عن عكرِمة, عن ابن عباس: أن قريشا وعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة, ويزّوجوه ما أراد من النساء, ويطئوا عقبه, فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد, وكفّ عن شتم آلهتنا, فلا تذكرها بسوء, فإن لم تفعل, فإنا نعرض عليك خصلة واحدة, فهي لك ولنا فيها صلاح. قال: " ما هي؟" قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزى, ونعبد إلهك سنة, قال: " حتى أنْظُرَ ما يأْتي مِنْ عِنْدِ رَبّي", فجاء الوحي من اللوح المحفوظ: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) السورة, وأنـزل الله: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ... إلى قوله: فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ .حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, عن محمد بن إسحاق, قال: ثني سعيد بن مينا مولى البَختري (1) قال: لقي الوليد بن المُغيرة والعاص بن وائل, والأسود بن المطلب, وأميَّة بن خلف, رسول الله, فقالوا: يا محمد, هلمّ فلنعبد ما تعبد, وتعبدْ ما نعبد, ونُشركك في أمرنا كله, فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا، كنا قد شَرِكناك فيه, وأخذنا بحظنا منه; وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يديك, كنت قد شَرِكتنا في أمرنا, وأخذت منه بحظك, فأنـزل الله: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) حتى انقضت السورة .
الطبري
109:1
سورة الكافرونوهي ست آياتوهي مكية في قول ابن مسعود والحسن وعكرمة . ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة والضحاك وفي الترمذي من حديث أنس : أنها تعدل ثلث القرآن . وفي كتاب ( الرد لأبي بكر الأنباري ) : أخبرنا عبد الله بن ناجية قال : حدثنا يوسف قال حدثنا القعنبي وأبو نعيم عن موسى بن وردان عن أنس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قل يأيها الكافرون تعدل ربع القرآن . ورواه موقوفا عن أنس . وخرج الحافظ أبو محمد عبد الغني بن سعيد عن ابن عمر قال : صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه صلاة الفجر في سفر ، فقرأ قل يأيها الكافرون . و قل هو الله أحد ، ثم قال : قرأت بكم ثلث القرآن وربعه . وروى جبير بن مطعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أتحب يا جبير إذا خرجت سفرا أن تكون من أمثل أصحابك هيئة وأكثرهم زادا " ؟ قلت : نعم . قال : " فاقرأ هذه السور الخمس من أول قل يا أيها الكافرون إلى - قل أعوذ برب الناس وافتتح قراءتك ببسم الله الرحمن الرحيم " . قال : فوالله لقد كنت غير كثير المال ، إذا سافرت أكون أبذهم هيئة ، وأقلهم زادا ، فمذ قرأتهن صرت من أحسنهم هيئة ، وأكثرهم زادا ، حتى أرجع من سفري ذلك . وقال فروة بن نوفل الأشجعي : قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أوصني قال : " اقرأ عند منامك قل يأيها الكافرون ، فإنها براءة من الشرك " . خرجه أبو بكر [ ص: 200 ] الأنباري وغيره . وقال ابن عباس : ليس في القرآن أشد غيظا لإبليس منها ؛ لأنها توحيد وبراءة من الشرك . وقال الأصمعي : كان يقال لـ قل يأيها الكافرون ، وقل هو الله أحد المقشقشتان ؛ أي أنهما تبرئان من النفاق . وقال أبو عبيدة : كما يقشقش الهناء الجرب فيبرئه . وقال ابن السكيت : يقال للقرح والجدري إذا يبس وتقرف ، وللجرب في الإبل إذا قفل : قد توسف جلده ، وتقشر جلده ، وتقشقش جلده .بسم الله الرحمن الرحيمقل يا أيها الكافرون ذكر ابن إسحاق وغيره عن ابن عباس : أن سبب نزولها أن الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والأسود بن عبد المطلب ، وأمية بن خلف ؛ لقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا محمد ، هلم فلنعبد ما تعبد ، وتعبد ما نعبد ، ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله ، فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا ، كنا قد شاركناك فيه ، وأخذنا بحظنا منه . وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما بيدك ، كنت قد شركتنا في أمرنا ، وأخذت بحظك منه ؛ فأنزل الله - عز وجل - قل يا أيها الكافرون .وقال أبو صالح عن ابن عباس : أنهم قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو استلمت بعض هذه الآلهة لصدقناك ؛ فنزل جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه السورة فيئسوا منه ، وآذوه ، وآذوا أصحابه . والألف واللام ترجع إلى معنى المعهود وإن كانت للجنس من حيث إنها كانت صفة لأي ؛ لأنها مخاطبة لمن سبق في علم الله تعالى أنه سيموت على كفره ، فهي من الخصوص الذي جاء بلفظ العموم . ونحوه عن الماوردي : نزلت جوابا ، وعنى بالكافرين قوما معينين . لا جميع الكافرين ؛ لأن منهم من آمن ، فعبد الله ، ومنهم من مات أو قتل على كفره . ، وهم المخاطبون بهذا القول ، وهم المذكورون . قال أبو بكر بن الأنباري : وقرأ من طعن في القرآن : قل للذين كفروا لا أعبد ما تعبدون ، وزعم أن ذلك هو الصواب ، وذلك افتراء على رب العالمين ، وتضعيف لمعنى هذه السورة ، وإبطال ما قصده الله من أن يذل نبيه للمشركين بخطابه إياهم [ ص: 201 ] بهذا الخطاب الزري ، وإلزامهم ما يأنف منه كل ذي لب وحجا . وذلك أن الذي يدعيه من اللفظ الباطل ، قراءتنا تشتمل عليه في المعنى ، وتزيد تأويلا ليس عندهم في باطلهم وتحريفهم . فمعنى قراءتنا : قل للذين كفروا : يأيها الكافرون ؛ دليل صحة هذا : أن العربي إذا قال لمخاطبه : قل لزيد : أقبل إلينا ، فمعناه قل لزيد : يا زيد أقبل إلينا . فقد وقعت قراءتنا على كل ما عندهم ، وسقط من باطلهم أحسن لفظ وأبلغ معنى ؛ إذ كان الرسول - عليه السلام - يعتمدهم في ناديهم ، فيقول لهم : يأيها الكافرون . وهو يعلم أنهم يغضبون من أن ينسبوا إلى الكفر ، ويدخلوا في جملة أهله إلا وهو محروس ممنوع من أن تنبسط عليه منهم يد ، أو تقع به من جهتهم أذية . فمن لم يقرأ : قل يأيها الكافرون ، كما أنزلها الله ، أسقط آية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وسبيل أهل الإسلام ألا يسارعوا إلى مثلها ، ولا يعتمدوا نبيهم باختزال الفضائل عنه ، التي منحه الله إياها ، وشرفه بها .وأما وجه التكرار فقد قيل إنه للتأكيد في قطع أطماعهم ؛ كما تقول : والله لا أفعل كذا ، ثم والله لا أفعله . قال أكثر أهل المعاني : نزل القرآن بلسان العرب ، ومن مذاهبهم التكرار إرادة التأكيد والإفهام ، كما أن من مذاهبهم الاختصار إرادة التخفيف والإيجاز ؛ لأن خروج الخطيب والمتكلم من شيء إلى شيء أولى من اقتصاره في المقام على شيء واحد ؛ قال الله تعالى : فبأي آلاء ربكما تكذبان . ويل يومئذ للمكذبين . كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون . و فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا . كل هذا على التأكيد . وقد يقول القائل : ارم ارم ، أعجل أعجل ؛ ومنه قوله - عليه السلام - في الحديث الصحيح : فلا آذن ، ثم لا آذن ، إنما فاطمة بضعة مني . خرجه مسلم . وقال الشاعر :هلا سألت جموع كندة يوم ولوا أين أيناوقال آخر :يا لبكر أنشروا لي كليبا يا لبكر أين أين الفراروقال آخر :يا علقمه يا علقمه يا علقمه خير تميم كلها وأكرمه[ ص: 202 ] وقال آخر :يا أقرع بن حابس يا أقرع إنك إن يصرع أخوك تصرعوقال آخر :ألا يا اسلمي ثم اسلمي ثمت اسلمي ثلاث تحيات وإن لم تكلمومثله كثير . وقيل : هذا على مطابقة قولهم : تعبد آلهتنا ونعبد إلهك ، ثم نعبد آلهتنا ونعبد إلهك ، ثم تعبد آلهتنا ونعبد إلهك ، فنجري على هذا أبدا سنة وسنة . فأجيبوا عن كل ما قالوه بضده ؛ أي إن هذا لا يكون أبدا .
Arabic Qurtubi Tafseer
109:1
أي: قل للكافرين معلنا ومصرحًا
Arabic Saddi Tafseer
109:1
مكية( قل يا أيها الكافرون ) إلى آخر السورة .نزلت في رهط من قريش منهم : الحارث بن قيس السهمي ، والعاص بن وائل ، والوليد بن المغيرة ، [ والأسود ] بن عبد يغوث ، والأسود بن المطلب بن أسد ، وأمية بن خلف ، قالوا : يا محمد [ هلم فاتبع ] ديننا ونتبع دينك ونشركك في أمرنا كله ، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ، فإن كان الذي جئت به خيرا كنا قد شركناك فيه وأخذنا حظنا منه ، وإن كان الذي بأيدينا خيرا كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه ، فقال : معاذ الله أن أشرك به غيره ، قالوا : فاستلم بعض آلهتنا نصدقك ونعبد إلهك ، فقال : حتى أنظر ما يأتي من عند ربي ، فأنزل الله - عز وجل - : " قل يا أيها الكافرون " إلى آخر السورة ، فغدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش ، فقام على رءوسهم ثم قرأها عليهم حتى فرغ من السورة ، فأيسوا منه عند ذلك وآذوه وأصحابه .
Arabic Baghawy Tafseer
109:1
يعني من الأصنام والأنداد.
ابن كثير
109:2
لا أعبد ما تعبدون من الأصنام والآلهة الزائفة.
المیسر
109:2
لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) فقوله : { لا أعبد ما تعبدون } إخبار عن نفسه بما يحصل منها .والمعنى : لا تحصل مني عبادتي ما تعبدون في أزمنة في المستقبل تحقيقاً لأن المضارع يحتمل الحال والاستقبال فإذا دخل عليه ( لا ) النافية أفادت انتفاءه في أزمنة المستقبل كما درج عليه في «الكشاف» ، وهو قول جمهور أهل العربية . ومن أجل ذلك كان حرف ( لَن ) مفيداً تأكيد النفي في المستقبل زيادة على مطلق النفي ، ولذلك قال الخليل : أصل ( لَن ) : لا أنْ ، فلما أفادت ( لا ) وحدها نفي المستقبل كان تقدير ( أنْ ) بعد ( لا ) مفيداً تأكيد ذلك النفي في المستقبل فمن أجل ذلك قالوا إن ( لن ) تفيد تأكيد النفي في المستقبل فعلمنا أن ( لا ) كانت مفيدة نفي الفعل في المستقبل . وخالفهم ابن مالك كما في «مغني اللبيب» ، وأبو حيان كما قال في هذه السورة ، والسهيلي عند كلامه على نزول هذه السورة في «الروض الأنف» .ونفي عبادته آلهتهم في المستقبل يفيد نفي أن يعبدها في الحال بدلالة فحوى الخطاب ، ولأنهم ما عرضوا عليه إلا أن يعبد آلهتهم بعد سنة مستقبلة .ولذلك جاء في جانب نفي عبادتهم لله بنفي اسم الفاعل الذي هو حقيقة في الحال بقوله : { ولا أنتم عابدون } ، أي ما أنتم بمغيِّرين إشراككم الآن لأنهم عرضوا عليه أن يبتدِئوا هُم فيعبدوا الرب الذي يعبده النبي صلى الله عليه وسلم سنة . وبهذا تعلم وجه المخالفة بين نظم الجملتين في أسلوب الاستعمال البليغ .
Arabic Tanweer Tafseer
109:2
و " ما " هنا موصولة بمعنى الذى ، وأوثرت على " مَن " لأنهم ما كانوا يشكون فى ذات الآلهة التى يعبدونها ، ولافى ذات الإلهة الحق الذى يبعده النبى صلى الله عليه وسلم ، وإنما كانوا يشكون فى أوصافه - تعالى - ، من زعمهم أن هذه الأصنام ما يعبدونها إلا من أجل التقرب إليه .ويقولون : ( هؤلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ الله ) مع أن الله - تعالى - منزه عن ذلك ، فالمقصود من " ما " هنا : الصفة ، وليس الذات ، فكأنه قال : لا أعبد الباطل الذى تعبدونه ، وأنتم لجهلكم لا تعبدون الإله الحق الذى أعبده .
Arabic Waseet Tafseer
109:2
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم, وكان المشركون من قومه فيما ذكر عرضوا عليه أن يعبدوا الله سنة, على أن يعبد نبيّ الله صلى الله عليه وسلم آلهتهم سنة, فأنـزل الله معرفه جوابهم في ذلك: ( قُلْ ) يا محمد لهؤلاء المشركين الذين سألوك عبادة آلهتهم سنة, على أن يعبدوا إلهك سنة ( يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) بالله ( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) من الآلهة والأوثان الآن ( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ) الآن( وَلا أَنَا عَابِدٌ ) فيما أستقبل( مَا عَبَدْتُمْ ) فيما مضى ( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ ) فيما تستقبلون أبدا( مَا أَعْبُدُ ) أنا الآن, وفيما أستقبل. وإنما قيل ذلك كذلك, لأن الخطاب من الله كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أشخاص بأعيانهم من المشركين, قد علم أنهم لا يؤمنون أبدا , وسبق لهم ذلك في السابق من علمه, فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يؤيسهم من الذي طمعوا فيه, وحدّثوا به أنفسهم, وأن ذلك غير كائن منه ولا منهم, في وقت من الأوقات, وآيس نبي الله صلى الله عليه وسلم من الطمع في إيمانهم, ومن أن يفلحوا أبدا, فكانوا كذلك لم يفلحوا ولم ينجحوا, إلى أن قتل بعضهم يوم بدر بالسيف, وهلك بعض قبل ذلك كافرا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, وجاءت به الآثار.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن موسى الحَرشي, قال: ثنا أبو خلف, قال: ثنا داود, عن عكرِمة, عن ابن عباس: أن قريشا وعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة, ويزّوجوه ما أراد من النساء, ويطئوا عقبه, فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد, وكفّ عن شتم آلهتنا, فلا تذكرها بسوء, فإن لم تفعل, فإنا نعرض عليك خصلة واحدة, فهي لك ولنا فيها صلاح. قال: " ما هي؟" قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزى, ونعبد إلهك سنة, قال: " حتى أنْظُرَ ما يأْتي مِنْ عِنْدِ رَبّي", فجاء الوحي من اللوح المحفوظ: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) السورة, وأنـزل الله: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ... إلى قوله: فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ .حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, عن محمد بن إسحاق, قال: ثني سعيد بن مينا مولى البَختري (1) قال: لقي الوليد بن المُغيرة والعاص بن وائل, والأسود بن المطلب, وأميَّة بن خلف, رسول الله, فقالوا: يا محمد, هلمّ فلنعبد ما تعبد, وتعبدْ ما نعبد, ونُشركك في أمرنا كله, فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا، كنا قد شَرِكناك فيه, وأخذنا بحظنا منه; وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يديك, كنت قد شَرِكتنا في أمرنا, وأخذت منه بحظك, فأنـزل الله: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) حتى انقضت السورة .
الطبري
109:2
قال ابن عباس : قالت قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم - : نحن نعطيك من المال ما تكون به أغنى رجل بمكة ، ونزوجك من شئت ، ونطأ عقبك ؛ أي نمشي خلفك ، وتكف عن شتم آلهتنا ، فإن لم تفعل فنحن نعرض عليك خصلة واحدة هي لنا ولك صلاح ، تعبد آلهتنا ( اللات والعزى ) سنة ، ونحن نعبد إلهك سنة ؛ فنزلت السورة . فكان التكرار في لا أعبد ما تعبدون ؛ لأن القوم كرروا عليه مقالهم مرة بعد مرة . والله أعلم . وقيل : إنما كرر بمعنى التغليظ . وقيل : أي لا أعبد الساعة ما تعبدون ولا أنتم عابدون الساعة ما أعبد . ثم قال : ولا أنا عابد في المستقبل ما عبدتم ولا أنتم في المستقبل عابدون ما أعبد . قاله الأخفش والمبرد . وقيل : إنهم كانوا يعبدون الأوثان ، فإذا ملوا وثنا ، وسئموا العبادة له ، رفضوه ، ثم أخذوا وثنا غيره بشهوة نفوسهم ، فإذا مروا بحجارة تعجبهم ألقوا هذه ورفعوا تلك ، فعظموها ونصبوها آلهة يعبدونها ؛ فأمر - عليه السلام - أن يقول لهم : لا أعبد ما تعبدون اليوم من هذه الآلهة التي بين أيديكم .
Arabic Qurtubi Tafseer
109:2
{ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } أي: تبرأ مما كانوا يعبدون من دون الله، ظاهرًا وباطنًا.
Arabic Saddi Tafseer
109:2
ومعنى الآية: "لا أعبد ما تعبدون"، في الحال.
Arabic Baghawy Tafseer
109:2
وهو الله وحده لا شريك له.
ابن كثير
109:3
ولا أنتم عابدون ما أعبد من إله واحد، هو الله رب العالمين المستحق وحده للعبادة.
المیسر
109:3
وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3)وهذا إخباره إياهم بأنه يعلم أنهم غير فاعلين ذلك من الآن بإنباء الله تعالى نبيئه صلى الله عليه وسلم بذلك فكان قوله هذا من دلائل نبوءته نظير قوله تعالى : { فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا } [ البقرة : 24 ] فإن أولئك النفر الأربعة لم يُسلم منهم أحد فماتوا على شركهم .ومَا صدقُ { ما أعبد } هو الله تعالى وعبر ب { ما } الموصولة لأنها موضوعة للعاقل وغيره من المختار وإنما تختص ( مَن ) بالعاقل ، فلا مانع من إطلاق ( ما ) على العاقل إذا كان اللبس مأموناً . وقال السهيلي في «الروض الأنف» : إن ( ما ) الموصولة يؤتى بها لقصد الإِبهام لتفيد المبالغة في التفخيم كقول العرب : سبحان ما سَبَّح الرعد بحمده ، وقوله تعالى : { والسماء وما بناها } كما تقدم في سورة الشمس ( 5 ) .
Arabic Tanweer Tafseer
109:3
وقوله - تعالى - : ( وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ . وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ) تأكيد وتقرير لما اشتمل عليه الكلام السابق . . " وما " هنا مصدرية ، فكأنه قبل : ولا أنا عابد عبادتكم ، ولا أنتم عابدون عبادتى .فالآيتان السابقتان تنفيان الاتحاد بينه صلى الله عليه وسلم وبينهم فى المعبود ، وهاتان الآيتان تنفيان الاتحاد فى العبادة ، والمقصود من ذلك المبالغة التامة فى البراءة من معبوداتهم الباطلة ، ومن عبادتهم الفاسدة ، وأنه صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين ، لا يعبدون إلا الله - عز وجل - ، وهم بذلك يكونون قد اهتدوا إلى العبادة الصحيحة .
Arabic Waseet Tafseer
109:3
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم, وكان المشركون من قومه فيما ذكر عرضوا عليه أن يعبدوا الله سنة, على أن يعبد نبيّ الله صلى الله عليه وسلم آلهتهم سنة, فأنـزل الله معرفه جوابهم في ذلك: ( قُلْ ) يا محمد لهؤلاء المشركين الذين سألوك عبادة آلهتهم سنة, على أن يعبدوا إلهك سنة ( يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) بالله ( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) من الآلهة والأوثان الآن ( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ) الآن( وَلا أَنَا عَابِدٌ ) فيما أستقبل( مَا عَبَدْتُمْ ) فيما مضى ( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ ) فيما تستقبلون أبدا( مَا أَعْبُدُ ) أنا الآن, وفيما أستقبل. وإنما قيل ذلك كذلك, لأن الخطاب من الله كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أشخاص بأعيانهم من المشركين, قد علم أنهم لا يؤمنون أبدا , وسبق لهم ذلك في السابق من علمه, فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يؤيسهم من الذي طمعوا فيه, وحدّثوا به أنفسهم, وأن ذلك غير كائن منه ولا منهم, في وقت من الأوقات, وآيس نبي الله صلى الله عليه وسلم من الطمع في إيمانهم, ومن أن يفلحوا أبدا, فكانوا كذلك لم يفلحوا ولم ينجحوا, إلى أن قتل بعضهم يوم بدر بالسيف, وهلك بعض قبل ذلك كافرا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, وجاءت به الآثار.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن موسى الحَرشي, قال: ثنا أبو خلف, قال: ثنا داود, عن عكرِمة, عن ابن عباس: أن قريشا وعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة, ويزّوجوه ما أراد من النساء, ويطئوا عقبه, فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد, وكفّ عن شتم آلهتنا, فلا تذكرها بسوء, فإن لم تفعل, فإنا نعرض عليك خصلة واحدة, فهي لك ولنا فيها صلاح. قال: " ما هي؟" قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزى, ونعبد إلهك سنة, قال: " حتى أنْظُرَ ما يأْتي مِنْ عِنْدِ رَبّي", فجاء الوحي من اللوح المحفوظ: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) السورة, وأنـزل الله: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ... إلى قوله: فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ .حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, عن محمد بن إسحاق, قال: ثني سعيد بن مينا مولى البَختري (1) قال: لقي الوليد بن المُغيرة والعاص بن وائل, والأسود بن المطلب, وأميَّة بن خلف, رسول الله, فقالوا: يا محمد, هلمّ فلنعبد ما تعبد, وتعبدْ ما نعبد, ونُشركك في أمرنا كله, فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا، كنا قد شَرِكناك فيه, وأخذنا بحظنا منه; وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يديك, كنت قد شَرِكتنا في أمرنا, وأخذت منه بحظك, فأنـزل الله: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) حتى انقضت السورة .
الطبري
109:3
ثم قال : ولا أنتم عابدون ما أعبد وإنما تعبدون الوثن الذي اتخذتموه ، وهو عندكم الآن . ولا أنا عابد ما عبدتم أي بالأمس من الآلهة التي رفضتموها ، وأقبلتم على هذه . ولا أنتم عابدون ما أعبد فإني أعبد إلهي . وقيل : إن قوله تعالى : لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد في الاستقبال .
Arabic Qurtubi Tafseer
109:3
{ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } لعدم إخلاصكم في عبادته ، فعبادتكم له المقترنة بالشرك لا تسمى عبادة، ثم كرر ذلك ليدل الأول على عدم وجود الفعل، والثاني على أن ذلك قد صار وصفًا لازمًا.
Arabic Saddi Tafseer
109:3 + 109:4 + 109:5
"ولا أنتم عابدون ما أعبد"، في الحال.
Arabic Baghawy Tafseer
109:3
فما ههنا بمعنى من قال "ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد" أي ولا أعبد عبادتكم أي لا أسلكها ولا أقتدي بها وإنما أعبد الله على الوجه الذي يحبه ويرضاه.
ابن كثير
109:4
ولا أنا عابد ما عبدتم من الأصنام والآلهة الباطلة.
المیسر
109:4
وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4)عطف على { ولا أنتم عابدون ما أعبد } [ الكافرون : 3 ] عطفَ الجملة على الجملة لمناسبة نفي أو يعبدوا الله فأردف بنفي أن يعبد هو آلهتهم ، وعطفُه بالواو صارف عن أن يكون المقصود به تأكيدَ { لا أعبد ما تعبدون } فجاء به على طريقة : { ولا أنتم عابدون ما أعبد } بالجملة الإسمية . للدلالة على الثبات ، وبكَون الخبر اسم فاعل دالاً على زمان الحال ، فلما نفَى عن نفسه أن يعبد في المستقبل ما يعبدونه بقوله : { لا أعبد ما تعبدون } كما تقدم آنفاً ، صرح هنا بما تقتضيه دلالة الفحوى على نفي أن يعبد آلهتهم في الحال ، بما هو صريح الدلالة على ذلك لأن المقام يقتضي مزيد البيان ، فاقتضى الاعتمادَ على دلالة المنطوق إطناباً في الكلام ، لتأييسهم مما راودوه عليه ولمقابلة كلامهم المردود بمثله في إفادة الثبات . وحصل من ذلك تقرير المعنى السابق وتأكيده ، تبعاً لمدلول الجملة لا لموقعها ، لأن موقعها أنها عطف على جملة : { ولا أنتم عابدون ما أعبد } وليست توكيداً لجملة : { لا أعبد ما تعبدون } بمرادفها لأن التوكيد للفظ بالمرادف لا يعرف إلا في المفردات ولأن وجود الواو يُعيِّن أنها معطوفة إذ ليس في جملة : { لا أعبد ما تعبدون } واو حتى يكون الواو في هذه الجملة مؤكداً لها .ولا يجوز الفصل بين الجملتين بالواو لأن الواو لا يفصل بها بين الجملتين في التوكيد اللفظي . والأجود الفصل ب ( ثم ) كما في «التسهيل» مقتصراً على ( ثُم ) . وزاد الرضي الفَاء ولم يأت له بشاهد ولكنه قال : «وقد تكون ( ثم ) والفاء لمجرد التدرج في الارتقاء وإن لم يكن المعطوف مترتباً في الذكر على المعطوف عليه وذلك إذا تكرر الأول بلفظه نحو : بالله ، فالله ، ونحو واللَّهِ ثم واللَّهِ» .وجيء بالفعل الماضي في قوله : { ما عبدتم } للدلالة على رسوخهم في عبادة الأصنام من أزمان مضت ، وفيه رمز إلى تنزهه صلى الله عليه وسلم من عبادة الأصنام من سالف الزمان وإلا لقال : ولا أنا عابد ما كُنا نعبد .
Arabic Tanweer Tafseer
109:4
وقوله - تعالى - : ( وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ . وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ) تأكيد وتقرير لما اشتمل عليه الكلام السابق . . " وما " هنا مصدرية ، فكأنه قبل : ولا أنا عابد عبادتكم ، ولا أنتم عابدون عبادتى .فالآيتان السابقتان تنفيان الاتحاد بينه صلى الله عليه وسلم وبينهم فى المعبود ، وهاتان الآيتان تنفيان الاتحاد فى العبادة ، والمقصود من ذلك المبالغة التامة فى البراءة من معبوداتهم الباطلة ، ومن عبادتهم الفاسدة ، وأنه صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين ، لا يعبدون إلا الله - عز وجل - ، وهم بذلك يكونون قد اهتدوا إلى العبادة الصحيحة .
Arabic Waseet Tafseer
109:4 + 109:5
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم, وكان المشركون من قومه فيما ذكر عرضوا عليه أن يعبدوا الله سنة, على أن يعبد نبيّ الله صلى الله عليه وسلم آلهتهم سنة, فأنـزل الله معرفه جوابهم في ذلك: ( قُلْ ) يا محمد لهؤلاء المشركين الذين سألوك عبادة آلهتهم سنة, على أن يعبدوا إلهك سنة ( يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) بالله ( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) من الآلهة والأوثان الآن ( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ) الآن( وَلا أَنَا عَابِدٌ ) فيما أستقبل( مَا عَبَدْتُمْ ) فيما مضى ( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ ) فيما تستقبلون أبدا( مَا أَعْبُدُ ) أنا الآن, وفيما أستقبل. وإنما قيل ذلك كذلك, لأن الخطاب من الله كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أشخاص بأعيانهم من المشركين, قد علم أنهم لا يؤمنون أبدا , وسبق لهم ذلك في السابق من علمه, فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يؤيسهم من الذي طمعوا فيه, وحدّثوا به أنفسهم, وأن ذلك غير كائن منه ولا منهم, في وقت من الأوقات, وآيس نبي الله صلى الله عليه وسلم من الطمع في إيمانهم, ومن أن يفلحوا أبدا, فكانوا كذلك لم يفلحوا ولم ينجحوا, إلى أن قتل بعضهم يوم بدر بالسيف, وهلك بعض قبل ذلك كافرا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, وجاءت به الآثار.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن موسى الحَرشي, قال: ثنا أبو خلف, قال: ثنا داود, عن عكرِمة, عن ابن عباس: أن قريشا وعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة, ويزّوجوه ما أراد من النساء, ويطئوا عقبه, فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد, وكفّ عن شتم آلهتنا, فلا تذكرها بسوء, فإن لم تفعل, فإنا نعرض عليك خصلة واحدة, فهي لك ولنا فيها صلاح. قال: " ما هي؟" قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزى, ونعبد إلهك سنة, قال: " حتى أنْظُرَ ما يأْتي مِنْ عِنْدِ رَبّي", فجاء الوحي من اللوح المحفوظ: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) السورة, وأنـزل الله: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ... إلى قوله: فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ .حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, عن محمد بن إسحاق, قال: ثني سعيد بن مينا مولى البَختري (1) قال: لقي الوليد بن المُغيرة والعاص بن وائل, والأسود بن المطلب, وأميَّة بن خلف, رسول الله, فقالوا: يا محمد, هلمّ فلنعبد ما تعبد, وتعبدْ ما نعبد, ونُشركك في أمرنا كله, فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا، كنا قد شَرِكناك فيه, وأخذنا بحظنا منه; وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يديك, كنت قد شَرِكتنا في أمرنا, وأخذت منه بحظك, فأنـزل الله: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) حتى انقضت السورة .
الطبري
109:4
على نفي العبادة منه لما عبدوا في الماضي .
Arabic Qurtubi Tafseer
109:4
{ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } لعدم إخلاصكم في عبادته ، فعبادتكم له المقترنة بالشرك لا تسمى عبادة، ثم كرر ذلك ليدل الأول على عدم وجود الفعل، والثاني على أن ذلك قد صار وصفًا لازمًا.
Arabic Saddi Tafseer
109:3 + 109:4 + 109:5
"ولا أنا عابد ما عبدتم"، في الاستقبال.
Arabic Baghawy Tafseer
109:4
أي لا تقتدون بأوامر الله وشرعه في عبادته بل قد اخترعتم شيئا من تلقاء أنفسكم كما قال "إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى" فتبرأ منهم في جميع ما هم فيه فإن العابد لا بد له من معبود يعبده وعبادة يسلكها إليه فالرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه يعبدون الله بما شرعه ولهذا كان كلمة الإسلام لا إله إلا الله محمد رسول الله أي لا معبود إلا الله ولا طريق إليه إلا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم والمشركون يعبدون غير الله عبادة لم يأذن بها الله.
ابن كثير
109:5
ولا أنتم عابدون مستقبلا ما أعبد. وهذه الآية نزلت في أشخاص بأعيانهم من المشركين، قد علم الله أنهم لا يؤمنون أبدًا.
المیسر
109:5
وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5)عطف على جملة : { ولا أنا عابد ما عبدتم } [ الكافرون : 4 ] لبيان تمام الاختلاف بين حاله وحالهم وإخبار بأنهم لا يعبدون الله إخباراً ثانياً تنبيهاً على أن الله أعلمه بأنهم لا يعبدون الله ، وتقويةً لدلالة هذين الإِخبار على نبوءته صلى الله عليه وسلم فقد أخبر عنهم بذلك فماتَ أولئك كلهم على الكفر وكانت هذه السورة من دلائل النبوءة .وقد حصل من ذكر هذه الجملة بمثل نظيرتها السابقة توكيد للجملة السابقة توكيداً للمعنى الأصلي منها ، وليس موقعها موقع التوكيد لوجود واو العطف كما علمت آنفاً في قوله : { ولا أنا عابد ما عبدتم } .ولذلك فالواو في قوله هنا : { ولا أنتم عابدون ما أعبد } عاطفة جملة على جملة لأجل ما اقتضته جملة : { ولا أنتم عابدون ما أعبد } من المناسبة .ويجوز أن تكون جملة { ولا أنتم عابدون ما أعبد } تأكيداً لفظياً لنظيرتها السابقة بتمامها بما فيها من واو العطف في نظيرتها السابقة وتكون جملة : { ولا أنا عابد ما عبدتم } معترضة بين التأكيد والمؤكد .والمقصود من التأكيد تحقيق تكذيبهم في عَرضهم أنهم يعبدون رب محمد صلى الله عليه وسلم
Arabic Tanweer Tafseer
109:5
وقوله - تعالى - : ( وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ . وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ) تأكيد وتقرير لما اشتمل عليه الكلام السابق . . " وما " هنا مصدرية ، فكأنه قبل : ولا أنا عابد عبادتكم ، ولا أنتم عابدون عبادتى .فالآيتان السابقتان تنفيان الاتحاد بينه صلى الله عليه وسلم وبينهم فى المعبود ، وهاتان الآيتان تنفيان الاتحاد فى العبادة ، والمقصود من ذلك المبالغة التامة فى البراءة من معبوداتهم الباطلة ، ومن عبادتهم الفاسدة ، وأنه صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين ، لا يعبدون إلا الله - عز وجل - ، وهم بذلك يكونون قد اهتدوا إلى العبادة الصحيحة .
Arabic Waseet Tafseer
109:4 + 109:5
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم, وكان المشركون من قومه فيما ذكر عرضوا عليه أن يعبدوا الله سنة, على أن يعبد نبيّ الله صلى الله عليه وسلم آلهتهم سنة, فأنـزل الله معرفه جوابهم في ذلك: ( قُلْ ) يا محمد لهؤلاء المشركين الذين سألوك عبادة آلهتهم سنة, على أن يعبدوا إلهك سنة ( يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) بالله ( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) من الآلهة والأوثان الآن ( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ) الآن( وَلا أَنَا عَابِدٌ ) فيما أستقبل( مَا عَبَدْتُمْ ) فيما مضى ( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ ) فيما تستقبلون أبدا( مَا أَعْبُدُ ) أنا الآن, وفيما أستقبل. وإنما قيل ذلك كذلك, لأن الخطاب من الله كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أشخاص بأعيانهم من المشركين, قد علم أنهم لا يؤمنون أبدا , وسبق لهم ذلك في السابق من علمه, فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يؤيسهم من الذي طمعوا فيه, وحدّثوا به أنفسهم, وأن ذلك غير كائن منه ولا منهم, في وقت من الأوقات, وآيس نبي الله صلى الله عليه وسلم من الطمع في إيمانهم, ومن أن يفلحوا أبدا, فكانوا كذلك لم يفلحوا ولم ينجحوا, إلى أن قتل بعضهم يوم بدر بالسيف, وهلك بعض قبل ذلك كافرا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, وجاءت به الآثار.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن موسى الحَرشي, قال: ثنا أبو خلف, قال: ثنا داود, عن عكرِمة, عن ابن عباس: أن قريشا وعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة, ويزّوجوه ما أراد من النساء, ويطئوا عقبه, فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد, وكفّ عن شتم آلهتنا, فلا تذكرها بسوء, فإن لم تفعل, فإنا نعرض عليك خصلة واحدة, فهي لك ولنا فيها صلاح. قال: " ما هي؟" قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزى, ونعبد إلهك سنة, قال: " حتى أنْظُرَ ما يأْتي مِنْ عِنْدِ رَبّي", فجاء الوحي من اللوح المحفوظ: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) السورة, وأنـزل الله: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ... إلى قوله: فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ .حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, عن محمد بن إسحاق, قال: ثني سعيد بن مينا مولى البَختري (1) قال: لقي الوليد بن المُغيرة والعاص بن وائل, والأسود بن المطلب, وأميَّة بن خلف, رسول الله, فقالوا: يا محمد, هلمّ فلنعبد ما تعبد, وتعبدْ ما نعبد, ونُشركك في أمرنا كله, فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا، كنا قد شَرِكناك فيه, وأخذنا بحظنا منه; وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يديك, كنت قد شَرِكتنا في أمرنا, وأخذت منه بحظك, فأنـزل الله: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) حتى انقضت السورة .
الطبري
109:5
ولا أنتم عابدون ما أعبد على التكرير في اللفظ دون المعنى ، من قبل أن التقابل يوجب أن يكون : ولا أنتم عابدون ما عبدت ، فعدل عن لفظ عبدت إلى أعبد ، إشعارا بأن ما عبد في الماضي هو الذي يعبد في المستقبل ، مع أن الماضي والمستقبل قد يقع أحدهما موقع الآخر . وأكثر ما يأتي ذلك في أخبار الله - عز وجل - .وقال : ما أعبد ، ولم يقل : من أعبد ؛ ليقابل به ولا أنا عابد ما عبدتم وهي أصنام وأوثان ، ولا يصلح فيها إلا ما دون من فحمل الأول على الثاني ، ليتقابل الكلام ولا يتنافى . وقد جاءت ما لمن يعقل . ومنه قولهم : سبحان ما سخركن لنا . [ ص: 203 ] وقيل : إن معنى الآيات وتقديرها : قل يأيها الكافرون لا أعبد الأصنام التي تعبدونها ، ولا أنتم عابدون الله - عز وجل - الذي أعبده ؛ لإشراككم به ، واتخاذكم الأصنام ، فإن زعمتم أنكم تعبدونه ، فأنتم كاذبون ؛ لأنكم تعبدونه مشركين . فأنا لا أعبد ما عبدتم ، أي مثل عبادتكم ؛ فما مصدرية . وكذلك ولا أنتم عابدون ما أعبد مصدرية أيضا ؛ معناه ولا أنتم عابدون مثل عبادتي ، التي هي توحيد .
Arabic Qurtubi Tafseer
109:5
{ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } لعدم إخلاصكم في عبادته ، فعبادتكم له المقترنة بالشرك لا تسمى عبادة، ثم كرر ذلك ليدل الأول على عدم وجود الفعل، والثاني على أن ذلك قد صار وصفًا لازمًا.
Arabic Saddi Tafseer
109:3 + 109:4 + 109:5
( ولا أنتم عابدون ما أعبد ) في الاستقبال .وهذا خطاب لمن سبق في علم الله أنهم لا يؤمنون .وقوله : [ ما ] أعبد " أي : من أعبد ، لكنه ذكره لمقابلة : " ما تعبدون " .ووجه التكرار : قال أكثر أهل المعاني : هو أن القرآن نزل بلسان العرب ، وعلى مجاز خطابهم ، ومن مذاهبهم التكرار ، إرادة التوكيد والإفهام كما أن من مذاهبهم الاختصار إرادة التخفيف والإيجاز .وقال القتيبي : تكرار الكلام لتكرار الوقت ، وذلك أنهم قالوا : إن سرك أن ندخل في دينك عاما فادخل في ديننا عاما ، فنزلت هذه السورة .
Arabic Baghawy Tafseer
109:5
قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم "لكم دينكم ولي دين" كما قال تعالى "وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون" وقال "لنا أعمالنا ولكم أعمالكم". وقال البخاري يقال "لكم دينكم" الكفر "ولي دين" الإسلام ولم يقل ديني لأن الآيات بالنون فحذف الياء كما قال "فهو يهدين" و "يشفين" وقال غيره لا أعبد ما تعبدون الآن ولا أجيبكم فيما بقي من عمري ولا أنتم عابدون ما أعبد وهم الذين قال "وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا" انتهى ما ذكره. ونقل ابن جرير عن بعض أهل العربية أن ذلك من باب التأكيد كقوله "فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا" وكقوله "لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين" وحكاه بعضهم كابن الجوزي وغيره عن ابن قتيبة فالله أعلم. فهذه ثلاثة أقوال "أولها" ما ذكرناه أولا "الثاني" ما حكاه البخاري وغيره من المفسرين أن المراد "لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد" في الماضي "ولا أنا عابد ما عبدتم" نفي قبوله لذلك بالكلية لأن النفي بالجملة الاسمية آكد فكأنه نفي الفعل وكونه قابلا لذلك ومعناه نفي الوقوع ونفي الإمكان الشرعي أيضا وهو قول حسن أيضا والله أعلم. وقد استدل الإمام أبو عبدالله الشافعي وغيره بهذه الآية الكريمة "لكم دينكم ولي دين" على أن الكفر كله ملة واحدة فورث اليهود من النصارى وبالعكس إذا كان بينهما نسب أو سبب يتوارث به لأن الأديان ما عدا الإسلام كلها كالشيء الواحد في البطلان. وذهب أحمد بن حنبل ومن وافقه إلى عدم توريث النصارى من اليهود وبالعكس لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يتوارث أهل ملتين شتى". آخر تفسير سورة قل يا أيها الكافرون.
ابن كثير
109:6
لكم دينكم الذي أصررتم على اتباعه، ولي ديني الذي لا أبغي غيره.
المیسر
109:6
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)تذييل وفذلكة للكلام السابق بما فيه من التأكيدات ، وقد أُرسل هذا الكلام إرسالَ المثل وهو أجمع وأوجز من قول قيس بن الخطيم: ... نَحْن بما عندنا وأنتَ بماعنْدك راض والرأي مختلف ... ووقع في «تفسير الفخر» هنا : «جرت عادة الناس بأن يتمثلوا بهذه الآية عند المتاركة وذلك غير جائز لأنه تعالى ما أنزل القرآن ليتمثل به بل ليتدبَّر فيه ثم يعمل بموجبه» ا ه .وهذا كلام غير محرر لأن التمثل به لا ينافي العمل بموجبه وما التمثل به إلا من تمام بلاغته واستعداد للعمل به . وهذا المقدار من التفسير تركه الفخر في المسودة .وقدم في كلتا الجملتين المسندُ على المسند إليه ليفيد قصر المسند إليه على المسند ، أي دينكم مقصور على الكون بأنه لكم لا يتجاوزكم إلى الكون لي ، وديني مقصور على الكون بأنه لا يتجاوزني إلى كونه لكم ، أي لأنهم محقق عدم إسلامهم . فالقصر قصر إفراد ، واللام في الموضعين لشِبه الملك وهو الاختصاص أو الاستحقاق .والدين : العقيدة والملة ، وهو معلومات وعقائد يعتقدها المرء فتجري أعماله على مقتضاها ، فلذلك سمي دِيناً لأن أصل معنى الدين المعاملة والجزاء .وقرأ الجمهور { دين } بدون ياء بعد النون على أن ياء المتكلم محذوفة للتخفيف مع بَقاء الكسرة على النون . وقرأه يعقوب بإثبات الياء في الوصل والوقف . وقد كتبت هذه الكلمة في المصحف بدون ياء اعتماداً على حفظ الحفاظ لأن الذي يُثبت الياء مثل يعقوب يُشبع الكسرة إذ ليست الياء إلا مَدّة للكسرة فعدم رسمها في الخط لا يقتضي إسقاطها في اللفظ .وقرأ نافع والبزي عن ابن كثير وهشام عن ابن عامر وحفص عن عاصم بفتح الياء من قوله : { ولي } . وقرأه قنبل عن ابن كثير وابنُ ذكوان عن ابن عامر وأبو بكر عن عاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر ويعقوب وخلف بسكون الياء .
Arabic Tanweer Tafseer
109:6
وقوله - تعالى - : ( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) تذييل مؤكد لما قبله . والدين : يطلق بمعنى العقيدة التى يعتقدها الإِنسان يدين بها ، وبمعنى الملة التى تجرى أقواله وأفعاله على مقتضاها ، وبمعنى الحساب والجزاء . ومنه قولهم : دنت فلانا بما صنع ، أى : جازيته على صنيعه .واللفظ هنا شامل لكل ذلك ، أى : لكم - أيها الكافرون - دينكم وعقيدتكم التى تعتقدونها ولا تتجاوزكم إلى غيركم من المؤمنين الصادقين ، فلا عن رسولهم ومرشدهم صلى الله عليه وسلم ، ولى دينى وعقيدتى التى هى عقيدة التوحيد ، والتى بايعنى عليها أتباعى المؤمنون ، وهى مقصورة علينا ، وأنتم محرومون منها ، وسترون سوء عاقبة مخالفتكم لى .وقدم - سبحانه - المسند على المسند إليه ، لإِفادة القصد والاختصاص فكأنه قيل : لكم دينكم لا لغيركم ، ولى دينى لا لغيرى والله - تعالى - هو أحكم الحاكمين بينى وبينكم .وبذلك نرى السورة الكريمة ، قد قطعت كل أمل توهم الكافرون عن طريقه الوصول إلى مهادنة النبى صلى الله عليه وسلم ، وإلى الاستجابة لشئ من مطالبهم الفاسدة ، وإنما هو صلى الله عليه وسلم برئ براءة تامة منهم ومن معبوداتهم وعباداتهم .وصلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
Arabic Waseet Tafseer
109:6