tweet
stringlengths
62
9.21k
label
int64
0
1
عاد الشاب الفذ ريادي الأعمال شمس جميل البطوحي من بلاد الغربة في إجازة إلى بلاده ليستمتع بمناخها الحار صيفاً البارد شتاءً، مصطحباً سيارته الجديدة ذات الدفع الرباعي المزوّدة بفتحة في السقف وسماعات عظيمة ولوحة لامعة ذات أرقام لاتينية كبيرة لتكون -إلى جانب تسريحة شعره العصرية ونظارته الراي بان وابتسامة هوليود وجاكيته مع المحرمة الساتان المزخرفة المطوية على شكل مثلث في جيبه- دليلاً على نجاحه في الحياة وتميّزه وتفوقه على شباب البلد البائسين الذين لا يملكون أدنى مهارات الحصول على قرض سيارة. وقال شمس إنه لطالما واجه صعوبة في الإجابة على سؤال والديه عما يفعله ليتقدم بحياته "لذا، فضّلت التضحية بعدة خيارات مريحة للسفر في سبيل إحضار جسم معدني يزن عدة أطنان يحلم رئيس وزرائنا باقتنائه لأعرض له الأمور من وجهة نظري". وتطرق شمس إلى الفوائد العلاجية لهذه الخطوة "بالكاد خمّست لمرة واحدة في الخارج. قوانين المرور تخنقك وتحول دون المتعة بتدمير الأسفلت، ما يسبب شعوراً بالإحباط والعجز، أما هنا فأستطيع تنفيذ مناورة جريئة وسط منطقة سكنية مكتظة بالسيارات وأشاهد الغبطة في عيون أولاد الحارة والتمنّع بعيون سمر والدهشة في عيون أبو سامي البقال وأسمع صيحات الحسد من الرضّع والأمهات والآباء والأجداد. سأتنفس السعادة والحرية في وطني، ولن تقف الحفر والمطبّات في وجه الدفع الرباعي ليتجاوز الإشارات الحمراء والحدود والصعاب". من جانبه، أكّد جار شمس وصديقه السابق السيد عبد الكريم اللفت أنه لا يريد أن يسمع اسم هذا الحيوان "توقعت أن يجلب مغناطيساً للبراد يضاهي حجم نجاحه، لكنه خالف توقعاتي وأمطرني بفيديوهات لا تنتهي لسيارته وأهداني آخر بطاقة مترو اشتراها لأتذكر أنه اقتنى سيارةً دوماً". بينما لفت شقيق الابن العائد فريد النظر إلى إحباط أسرته "بعنا الغالي والرخيص لنرسله إلى خارج ولم يفكر مرةً برد المبلغ أو استثماره في تطوير نفسه للحصول على شخصية حقيقية على الأقل. حدّثنا عن مفاجأة ستكون بانتظارنا، وجلسنا ننتظره معتقدين انه أنجز شيئاً واحداً لا يجعلنا جميعاً نشعر أن تضحياتنا ضاعت سدى، وبالفعل تفاجأنا عندما ترافق صوت زعيقه في الزقاق بصوت بوق سيارته بعد أن اعتدنا على صوت زمّور الدراجة، لكن المفاجأة تلاشت عندما دعانا للركوب معه واختبار سرعة سيارته على الطريق الدولي". من جانبها، أكدت السيدة عواطف سمرقوني والدة شمس سعادتها لدرجة ارتفاع ضغط دمها نتيجة رؤية ابنها بالتأكيد، معبّرة عن فرحها لوجوده وبثه الحياة في منزلهم مجدداً بعد أن سادته الرتابة "اشتقنا للصخب وزحمة الاتصالات وروح الحياة بعد مغادرة شمّوسة. أما اليوم، وبعد مضي أقل من أسبوع على زيارته، لم نعد نستطيع المفاضلة بين مكالمة من مخفر الشرطة أو المشفى أو أصدقائه الملهوفين الذين يتصلون للاطمئنان عليه كل ساعة مع سماع صوت التفحيط والاصطدام بين الحين والآخر".
0
جدد الشاب التقدمي كُ.أُ. رفضه المجتمع بعاداته وتقاليده وأسئلته الحشرية قليلة الحياء التي تتكرر لمعرفة أين يذهب ومتى يعود ومع من يتكلم على الهاتف بصوت منخفض ولماذا يقفل باب غرفته ليلاً، مشدداً على ضرورة احترام الآخر وشؤونه الخاصة؛ خصوصاً أنه آخر ولديه صفات الآخر من لحية وشارب وشعر صدر وصوت غليظ وقضيب، وليس أُخرى لا تملك من هذه المقومات شيئاً وتحتاج وصياً آخر يتحكم بحياتها. وأكدّ كُ.أُ. أن الآخر - بوصفه آخراً - ليس لديه ما يخفيه أو يخشى منه، ولا داعي لانتهاك مساحاته الخاصة ومطالبته بالإفصاح عنها "لن يعتب أحد إن عاد لمنزله بعد منتصف الليل أم لم يعد أصلاً، ولن يقدّم التدخل فيه أو يؤخر ما يود فعله. وفي حال الخوف من ارتكابه جرائم مثل السرقة أو القتل أو الاغتصاب أو تعاطي المخدرات والاتجار بها، فالله أعلم بحاله، ولكن يجب تركه حراً وعدم الاقتراب منه لأنه كائن عقلاني سديد الرأي يرفض الارتهان لعواطفه وأحاسيسه كالأُخرى، وإن ارتكب خطأ فادحا استدعى اعتقاله، فالسجن للرجال". وأشار كُ.أُ. إلى الفرق الشاسع بين الآخر والأخرى وضرورة الفصل بينهما بوضوح، كي لا تختلط الحريات وتصبح متاحة لمن لا تستحقها "على الرغم من امتلاك الأُخرى فماً وعينين وأذنين ويدين وقدمين توحي جميعها أنها تشبه الآخر، لكن الحرص واجب. يجب التركيز عليها وملاحقتها ومعرفة كل شاردة وواردة عنها وكل صغيرة وكبيرة تعتزم الإتيان بها، حمايةً للآخر من شرورها وكيدها ومحاولتها التعدي على خصوصيته الخاصة". وحذّر كُ.أُ. من تصديق وجود كينونة للأخرى، بدليل فشله الدائم في في العثور عليها "لم أتمكن مطلقاً من كبح نفسي عن التدخل بشؤون أختي والتفتيش في جهازها والتلصص على منزل جارتي العزباء لأعرف من هم ضيوفها وزوارها ومراقبة قريبتنا وصديقاتها بعد خروجها من المدرسة، فالموضوع غير قابل للتنفيذ أساساً لتناقضه مع الطبيعة البشرية".
0
دشّن صديقك الذي أضافني البارحة على فيسبوك لقائمة أصدقائه وصار صديقي وصديق أصدقائي وصديق الجميع، عمرو نجمي عكارم، دشّن دخوله عالم التسويق من أوسع أبوابه، بعد أن فلقنا ولعن أبا أبينا بدعواته للإعجاب بصفحات شركات وقعت تحت رحمة إدارته. ورغم تسبب دعوات عكارم بإزعاجنا، إلا أنَّه لم يكن ليطلب هذه الخدمة لولا معزَّتنا عنده، نحن الخمسة آلاف شخص الذين رأى فيسبوك ألّا ضير من إضافته لهم وإمطارهم برسائل متطابقة تؤكد عمق صداقته بنا جميعاً، وتشير إلى أن متابعة "كهربائيات سوبر إلكترون - الصفحة الرسمية" و"عراير للمفروشات" و"وكالة كوزمو ماركتينغ للتسويق الكوني" لن تنعكس على سمعته في سوق التسويق فحسب، بل ستعود علينا بفرصة مراقبة أحدث التشكيلات ومعرفة عروض عيد الأم. وكان بعض أصدقاء عكارم قد دقوا ناقوس الخطر بعد تعرِّضهم لعدة منشورات ودردشات يناقش فيها أبرز صراعات العلامات تجارية والحملات الدعائية التي غيرت مجرى التسويق والتجارة والتاريخ، قبل أن يوضح بثقة راسخة أنه سينضم لمصاف العظماء أمثال ستيف جوبز وديفيد أوغيلفي ودون دريبر، وذلك من خلال التعويل عليك، وعلينا، نحن من لا حول ولا قوة شرائية لنا ولا رصيد اجتماعي يسندنا، لنشكل العمود الفقري لجمهوره المستهدف. من جانبه، أوضح شريك عكارم وابن خالته، راجي طحلب، أن العملية لا تزال في بدايتها "لا يجب أن يشعر أحد بالرضا لمجرد إعجابه بالصفحات. عكارم قال لي إن كل خبراء التسويق يعتبرون المرحلة التأسيسية المعركة الأهم على الإطلاق، ولذلك سيحرص على تذكير الجميع بأهمية تفجير أزرار اللايك ونسف التعليقات وقصف المشاركات كل فترة".مؤكداً أن توظيف أوصاف تشبّه سامعيها بشتى أنواع الحيوانات المفترسة المهيبة وأخرى تذكر مناقبهم ومحاسنهم سيدب الحماسة في قلوب أصدقائه ويجعل من تلبية طلباته المتكررة أمراً مضموناً.
0
حَمَلَ المدير التنفيذي والبيغ بوس لمؤسسة الأفق المسدودة السيد المدير كُ.أُ. حمل السلّم الوظيفي إلى منزله كي يتسنى له الصعود على أكتاف موظفيه المرابطين على درجاته، ثمّ الوصول إلى قمته والوقوف عليها منتصباً لتغيير مصباح غرفة الجلوس، وذلك بعد انتهاء دوامه في المؤسسة في تمام الساعة العاشرة صباحاً. وطالب السيد المدير كُ.أُ. موظفيه المتسابقين على صعود درجات السلّم بالثبات في مواقعهم والتمتّع بروح الفريق وتحمّل ضغط قدميه فوق أكتافهم كي يتمكّن من تركيب المصباح ومن ثمّ الوصول بالمؤسسة إلى العالمية، مؤكداً أن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة منه على رؤوسهم. كما أثنى السيد المدير كُ.أُ. على جهود الموظفين الفعالة في تنفيذ مشروع تركيب المصباح، خاصة الموظفين القدامى الذين أصيبوا بأمراض الديسك والتهاب المفاصل خلال سنوات جلوسهم في نفس المكان بالسلم، ووعد بمكافئتهم على صمودهم قريباً عبر تعيين ابنه الصغير خلفاً له؛ كي يحدّ وزنه الخفيف من أعبائهم ويخفف عنهم التعب حين يصعد على ظهورهم لتغيير مصباحه أو تركيب ستائر جديدة. وأكد كُ.أُ. السيد المدير أن تعطّل مصباح منزله كان يشغل باله ويمنعه من التفرغ لتطوير عمل المؤسسة بما يضمن نموها المستدام الذي يوفّر استقراراً مادياً يُتيح توسعتها أفقياً وجلب المزيد من الموظفين للمرابطة في أسفل السلّم الوظيفي مع بقية زملائهم، ما سيؤدي بالضرورة إلى زيادة متانة وثبات السُلّم ويُسهّل عملية الصعود والنزول عنه لتغيير مصابيح المنزل في حال تعطلّت مرة أخرى. بدوره، قال الموظف تيسير فصعون إنه يشعر بالامتنان لأن السيد المدير أتاح له فرصة ركوب السلم الوظيفي والمشاركة في مشروع تركيب المصباح الاستراتيجي رغم أنه موظف جديد حديث التخرج بخبرة معدومة في إحناء الظهر للمدراء، آملاً أن يكون أداؤه عند حسن ظن المدير كُ.أُ.، وتضاف مشاركته الفعالة إلى رصيده العملي ليتمكن مستقبلاً من صعود السلم على قدميه أو تقاضي أجرٍ مقابل المشاركة في مشاريع مشابهة.
0
كلفت الحكومة الرشيدة حفارات وآليات وزارة الأشغال بالتعاون مع وزارة الدفاع والنزول إلى شوارع العاصمة فوراً؛ لمباشرة عمليات توسيع الشوارع الرئيسية والفرعية وهدم أزقة أحيائها الضيقة وإزالة كافة الأكشاك والمحال التجارية والبنايات من طريقها، وذلك كي تتسع لدباباتها وقوافلها العسكرية التي ستنزل إلى الشارع لتحييد الخطر وبسط الأمن والأمان عندما ينتفض الشعب على الحكومة في المستقبل القريب أو المتوسط أو بعيد المدى. وقال رئيس غرفة العمليات المشتركة المجوقلة المهندس اللواء كُ.أُ. إن الحكومة ترى شوارع العاصمة بأفضل حالاتها من ناحية القبضة الأمنية، بفضل إجراءاتها بتخصيص مخبرين وخمسة عناصر أمنيين بين كل حفرة ومطب، إلا أنها تخشى من انفلات زمام الأمور -لا قدر الله- وخروج بعض المندسين والمخربين ضدها في إحدى الضواحي أو العشوائيات، عندها ستحتاج لإيصال دباباتها بالسرعة القصوى لمعالجة الوضع دون خشية تأخرها بسبب زحمة السير أو تعطلها جراء اضطرارها الصعود فوق السيارات أو دهس المواطنين المشاة على الأرصفة. ودعا كُ.أُ. المواطنين إلى التعاون مع الحكومة بعد الانتهاء من المشروع لقياس نجاحه، من خلال الاتصال برقم الطوارئ ١١١ المُخصص لدبابات النجدة "تضمن الحكومة لمواطنيها سرعة وفعالية تتفوق على سرعة سيارات الإسعاف والإطفاء؛ إذ تكفي إشارة صغيرة من المواطن لعنوان التجمع أو الاعتصام غير الشرعي -بطبيعة الحال- ليرى أرتال الدبابات والمصفحات العسكرية تجثم على مفترقاته وتحاصره من كل حدب وصوب وتدك المخربين دكاً بكافة أنواع القذائف". وأكد كُ.أُ. نية الحكومة تحسين البنية التحتية العسكرية لمرافق المدينة لتتناسب مع الأخطار الأمنية المحدقة التي تأتي من تحت رأس الشعب الذي لا يؤمن جانبه "تنوي الحكومة في المرحلة المقبلة تشييد مرآب في كل حيّ، يتسع لعدة حاملات جنود ومدرعات، إضافةً لإنشاء مطارات عسكرية متفرقة ليتمكن الطيران الحربي من التحليق بغضون ثوانٍ في سماء العاصمة وإمطارها بالصواريخ، وتزويد شرطة المرور بصواريخ كورنيت محمولة على الكتف بهدف تحويل المدينة لمربع عسكري كبير وحماية السادة المواطنين من شر أفكارهم قبل أن يقع الفأس في الرأس".
0
عرقل المواطن الوقح راشد مزهرية حركة السير في وسط المدينة بعد أن سوّلت له نفسه الأمّارة بالسوء عبور الشارع بمنتهى اللامبالاة من ممر المشاة؛ مُتسبباً بإغلاق الممر أمام سيل السيارات التي انهارت من الصدمة، مُصدرة توليفة من أصوات الفرامل والزوامير الممزوجة بعويل وصياح وقذف من قبل سائقيها المكلومين الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن ممارسة حياتهم الطبيعية واجتياز هذا الممر بسلام. وأكد السائق رزاق زعزوعة، الذي راقب فعلة راشد المروّعة من خلف المقود، أن ما ارتكبه الأخير هو سرقة للحقّ الوحيد المتبقي لأصحاب السيارات "ألا يكفيني أن الشوارع ضيّقة والراديو معطّل والمكيف خالٍ من الغاز والإطارات قديمة؛ ليأتي شخص سافل ويغلق المكان الوحيد الذي يمكنني العبور فيه بسيارتي بسلام دون أن تسقط في حفرة أو بالوعة أو توقفها دورية شرطة". وقال سائق الرالي المخضرم سمير بُكلة إنّ راشد حوّل سيارته الكيا 1992 إلى خردة بعد اضطراره للضغط على الفرامل بقدميه الاثنتين "خسرت سيارتي بسبب ظهور راشد في وسط ممر المشاة بطريقة لا على البال ولا على الخاطر. في المرة القادمة إذا عبر أحد الشارع فإنني سأردّ عليه بالمثل، وأذهب بسيارتي إلى غرفة نومه وأفحّط فيها هناك". من جانبه، أكد راشد أنّ تعرضه للاغتيال النفسي من قبل سائقي السيارات فتح عينيه وجعله يُدرك خطأه قبل فوات الأوان والتعرّض لاغتيال جسدي "في المرة القادمة سأركب سيارة أجرة وأتلذذ بأحاديث السائق وأمنحه كل ما في جيوبي كي يوصلني إلى الضفّة الأخرى، أو سأصعد فوق البنايات وأقفز مثل باتمان إلى الناحية الأخرى، وإذا لم ينفع كل هذا، سأشتري أربع سيارات وأركنها قرب بعضها في ممر المشاة لأعبر الشارع من خلال النزول من واحدة والصعود إلى أخرى إلى حين وصولي".
0
أعلن مجموعة من العلماء توصلهم إلى تقدير أولي للحظة التي تستحيل عندها استمرارية الحياة على كوكب الأرض كما نعرفها، إذ خلصت دراساتهم إلى أن موعد النهاية سيحين قبل تحقيقك لذاتك ورضاك عنها، أنت عزيزي القارئ، بعامٍ واحد تقريباً. وقال الدكتور عبد الكريم الزمر إن موجات الحر والعواصف الرملية وغيرها من الكوارث الطبيعية لا تترك مجالاً للشك حيال حجم الكارثة المقبلة، مؤكداً أنّ نوعنا مهدد بالانقراض في اليوم نفسه الذي تنال خلاله ترقية في عملك وتجري حساباً رياضياً يؤكد أنك بحاجة عام واحد لتنتهي من سداد الديون المتراكمة عليك والبدء بالتفكير بتقسيط منزل. وأوضح الزمر أن هذه التقديرات كانت نتيجة تعاون وتنسيق بين علماء من مختلف الاختصاصات، اعتمدوا على بيانات معقدة وصور أقمار صناعية ومراقبة حثيثة لحياتك البائسة "لم نصل إلى هذا الموعد من المحاولة الأولى؛ ففي البداية اعتقدنا أننا سنصل اللحظة الكارثية بعد عقدٍ من تحوّل الفوضى التي تعيشها حضرتك إلى تجربة يمكن القول إنها تليق بفردٍ من النوع البشري، إلا أننا كنا نقترب من الحقيقة مع كل خطوة وسرعان ما عرفنا أن والدك لن يحظى بالكثير من الوقت ليغيّر رأيه بك، وإن حدثت معجزة غيّرت علاقتكما باتجاه إيجابي فإنّ أحدكما بالكاد سيعتاد على عدم كره الآخر فيما تبقى له من أيام معدودة". وأكّد د. الزمر أنّ عدم وفاء قادة العالم والشركات بوعودهم حول خفض انبعاثات الكربون سيتسبّب بإغراق عدة مدن ساحلية حول العالم وفناء سكانها دفعةً واحدة، قبل أن تحظى بفرصة التصالح التام مع ماضيك والالتفات نحو المستقبل للمرة الأولى دون الانشغال بالندم أو التفكير بما كان سيجري لو اتخذت قرارات تختلف عن تلك التي أودت بك إلى حاضرك الحالي وتمنعك من النوم في معظم الأيام.
0
قرر الشاب مؤيد تلاحيسي حصر مشاعر الانتماء والولاء والفداء والتضحية ضمن المنطقة المخصصة للتدخين في شركته، والتي تقع عند مخرج الطوارئ في طابق التسوية خلف المصفّات، حيث توجد المنفضة المعدنية دائرية الشكل وأكواب القهوة الورقية المتراصة بحذر واهتمام جنباً إلى جنب هو وطنه الجديد ومصدر هويته وما يعطي حياته شكلاً وهدفاً وغايةً. وحسم مؤيد أمره بالانتقال بشكل دائم للإقامة والعيش بالمكان المخصص للتدخين "أنا من هناك، ولي ذكرياتٌ، هذه البقعة صُلب وجداني والمكان الذي كبرت وترعرعت وقضيت أجمل أيامي في كنفه، وتعرفت فيه على أعز أصدقائي، ويسبقني الحنين إليه كلما غاب عني ولو لدقائق معدودة، فتراني أهرول وألهث وألهث لا أطيق الانتظار لأعود إليه، فلكل الناس، عادةً، أوطان يعيشون فيها، إلا المدخن… وطنه… يعيش ويعشعش فيه ويتغلغل في مساماته وملابسه وخصلات شعره". ويؤكد مؤيد على رفضه جميع المغريات في المهجر، خارج المكان المخصص للتدخين "لا يُهمني المكتب والكرسي الدوار المريح ولا مكيف الهواء ولا آبه بإصرار أحمد على إنهائي كتابة العطاء هذا أو إلحاح مديري محمود على تركيب حبر الطابعة الجديد، فحفنة من تراب الوطن الموجود في حوض الزهور الذي أطفئ به سيجارتي تساوي عندي قيمة الدنيا وما فيها". ويرى مؤيد أن المكان المخصص للتدخين يحقق جميع شروط الوطن الحقيقي "فهو دافئ جداً، جداً، يُعطي يُعطي ولا يأخذ أي شيء، يرحب بزواره من شتى الأصول والمنابت وخصوصاً المنبوذين والمطرودين من المضاجع والمساكن والغُرف الزجاجية الذين يُميز ضدهم على النوع والخيار والتوجه الإجتماعي، فقط لأنهم مدخنون".
0
أُقيمت الأفراح والليالي الملاح في مجمع اللغة العربية وأُعلن عن حفلٍ خاص سيقام احتفاءً بإنجاز الكاتب والصحفي الفنان المبدع الأستاذ بديع مالك إنذار، الذي أثرى معاجم اللغة وأغدق على فهارس مصطلحاتها في مقالٍ تطرّق فيه إلى موضوع الزواج من زاوية لم يجرؤ أحد قبله على الكتابة عنها، وشبَّه العقل بالمطرقة التي تدقّ الزواج على سندان العاطفة، معبّراً عن وقوع أمرٍ ما في خندقٍ بين متضادّين ببلاغةٍ غير مسبوقة. رئيس المجمع الأستاذ الدكتور حازم شعبوط أشاد بذلاقة أنامل الأستاذ بديع وذرابة لسانه "ألقى الأديب والأستاذ بديع مالك إنذار على كاهله حمل تجديد الخطاب الصحفي العربي الرصين وضخّ دماء جديدة في عروق اللغة بعدما وقع ممارسو المهنة ومتسلّقوها في فخ تكرار ما سبقهم إليه أسلافهم دون التجرؤ على الخروج من قوالبهم، ليكون بذلك عالَمَ البلاغة الأكبرَ بعد أن حسب نفسه جُرمَ كتابةٍ صغير". من جانبه، أوضح الأستاذ بديع أن مهمّته ككاتب صحفي لا تقتصر على إملاء الأسطر والأعمدة المخصصة له وحسب، بل نفخ الروح فيها؛ وتمسّكاً منه بهذا المنطلق، يشدّد على ضرورة نشر بلاغته على أنها مشاعٌ أدبي لا منتجاً يحتكره، مفيداً بأنه أرسل مقالاً جديداً لهيئة التحرير بعنوان يخرج فيه عن المألوف مجدداً: "أفضل طرق استخدام «المطرقة والسندان» في مقالك". وأضاف الأستاذ بديع أنه على الرغم من حرصه على نشر بلاغته وكيفية تسخيرها في بناء نصوصٍ رصينة على أوسع نطاق، إلا أنه على عكس غيره من الصحفيين، لا مكان للتكرار في عناوين مقالاته. إذ أرسل نسختين أخرتين من مقاله بعناوين "أجمل وسائل توظيف «المطرقة والسندان» في مقالك" و"استخدام «المطرقة والسندان»: بين مطرقة التكرار وسندان التقليد" لموقعين صحفيين آخرين.
0
أين هم عصافير الجنة؟ أين البراءة المزعومة؟ اترك هاتفي أيها قرد، انزل على الكنبة يا ابن الكلب، لابد أن هذه التساؤلات والهواجس قد دارت في خلدك أثناء مشاهدتك أولاد أختك يشنون عدواناً غاشماً على غرفتك، أو حين تستيقظ من قيلولتك على صوت تحطيم إحدى مقتنياتك الثمينة من قبل أحد أولادك، أو حين يقرع قرد من أبناء الجيران الجرس ويهرب. أياً كانت صلة قرابتك مع تلك المخلوقات ذوات الدم والوجه البارد، لابد أنك تتساءل، والسؤال حق مشروع؛ لماذا هم هكذا؟ من ماذا خلقوا حتى يكونوا بهذا القدر من السماجة وقلة الأدب والذوق؟ معهد الحدود لتنظيم الأسرة وتحديد النسل قدر الإمكان قرر مساعدتك، وأجرى دراسة سيكولوجية وفسيولوجية تشريحية معمقة على عدد من الأطفال لمعرفة مكونات ذلك الكائن المسمى بالطفل، وأهم العوامل التي ساهمت في تصميمه بذلك الشكل الرديء، وعادوا بالنتيجة التالية. المكونات العضوية للطفل: ١. سوائل لزجة: في الوقت الذي تستغرق فيه أعضاء أساسية في الطفل كالقدمين واليدين واللسان سنوات حتى تتطور بشكلٍ يمكّنها من أداء وظائفها الحيوية مثل الكلام والمشي، فإن الغدد التي تفرز سوائلَ كالمخاط والبصاق والبول تعمل بكل فعالية منذ اللحظة الأولى لولادته. وسرعان ما يدرك الطفل أن قذف السوائل هو من أهم وسائل التعبير؛ فيطور ملكة البصق والتفتفة سريعاً؛ وقبل أن ينطق بكلمات مثل ماما وبابا لا بد أن يكون قد بصق في وجههما وتبول عليهما مرات عدة، ومن المستبعد أن يتخلى عن التعبير بهذا الأسلوب السهل والفعال خلال سنوات طفولته. ٢. فتات الشوكولاتة مع قطع بلاستيك وفراء قطط: يحب الأطفال تحدي المنطق من خلال ترك طعامهم على الطاولة ومن ثم النزول أرضاً للالتقاط الفتات المتساقط منه؛ وفي حالات أخرى يفضلون اللعب بطعامهم ومحاولة قضم الألعاب البلاستيكية وإشباع غريزة الافتراس وتعلم الصيد على قطة المنزل الأليفة من خلال عضها لالتهامها وهي ما تزال حية. أدى خليط النفايات والمواد السامة التي التهمها طفلك لتسمم خلايا التذوق والمنطق وبالتالي عجزها عن العمل، ومع الأسف، فإن هذا الضرر دائم ويستمر حتى سن البلوغ، فينجب الشخص أطفالاً رغم معرفته بالمصائب التي ستأتي نتيجة ذلك. ٣. جينات غير متطورة: لا نحتاج كثيراً من الشرح لنثبت لك أن طفلاً كابن أختك مثلاً يملك سلفاً مشتركاً مع القرد، وقد أيدت الدراسات الحديثة ذلك، فوجدوا جينات كتلك التي يملكها الشمبانزي وبقية القرود، ويرجح أنها تعود لأجدادنا الأوائل الذين عاشوا قبل تطور الإنسان، هذا فضلاً عن احتمال وجود جينات أقدم تعود لأسلافنا في الحقبة التي سبقت خروجهم بشكلٍ كامل لليابسة، حينما كانت كائنات برمائية لزجة. عوامل مساعدة ١. قناة طيور الجنة: يوضع الطفل منذ اللحظة الأولى لخروج الطفل من رحم والدته أمام شاشة التلفاز ليتفرج على قناة طيور الجنة ريثما ينتهي والداه من إهمالهما له، فيتعرض المسكين لموجات من الضوضاء والتلوث البصري والفكري المقدم على هيئة برامج أطفال يقدمها عميدا السماجة الطفولية عصومي ووليد مقداد، فيستمع لأغانٍ مثل: عصومي ضرب وليد ليش ليش يا عصوم… كسرله راسه والإيد ما عاد يتحرك ويقوم. ٢. جعلكة وكمش وكرمشة خلايا دماغ الطفل نتيجة العبث بخديه: عادة ما يبحث الكبار عن وسيلة لإشباع غرائزهم الطفولية المكبوتة منذ أقنعوا أنفسهم أنهم أصبحوا بالغين وتركوا ألعابهم، فيجدون ضالتهم في أي مخلوق صغير بريء كالطفل، ويعبثون بخديه دون رحمة إلى أن تتمطمط وتنعجن وتتشابك وتختلط وتتغير تركيبة رأسه، ويمتد الضرر إلى الدماغ وتنهار فيه المورثات الجينية الخاصة بالإنسان الطبيعي المحترم، فيما تمتزج جينات الدلع والنق والميوعة وثقل الدم في مورث جيني قوي متين يستحيل تفكيكه.
0
باغت مطعم التايتنيك ليجيند (أبو خليل الأسطورة سابقاً) زبائنه ورواده بتشغيله باقة من أشهر الأغاني الأجنبية مرهفة الأحاسيس، قبل أن يصدمهم بفواتير رفع فيها أسعار وجباته بمعدل ضعف للمأكولات الشرقية وضعفين للمأكولات الغربية، ضريبة رفاهية الاستماع إلى الأغاني الأجنبية. وقال المدير التنفيذي ومؤسس ومالك المطعم مستر خليل فسحة إنه لطالما حلم برؤية مطعمه يخطو نحو العالمية ويصنف ضمن المطاعم الراقية، لكن ظروفه وظروف الزبائن المادية حالت دون ذلك، حتى صدحت في إحدى الأمسيات عن طريق الخطأ أغنية أجنبية في المطعم "وحينها، شعرت أن المطعم غير حلّته، واكتسب عدة نجوم وترقيات نازعاً عنه سمعة المطاعم الشعبية". وأكد مستر خليل أن قرار تشغيل أغاني أجنبية رفع سوية الشيف وطاقم النوادل، وصاروا لائقين للعمل في المطعم التي يستمعون لها أثناء خدمة الزبائن بحرفية وإتيكيت، وليس كأيام تشغيل الأغاني العربية حين كان النادل يقدم الصحن للزبون مع ربطة خبز عربي كما يقدم السائس سطل التبن للحصان. وأضاف مستر خليل أن أهم سبب لرفع الأسعار هو الزبائن أنفسهم "لقد ارتفع مستوى الزبائن وطبقتهم الاجتماعية بعدما ارتاحوا من سماع الأغاني العربية، وباتوا يستمعون أثناء تناولهم طعامهم لأغاني فرانك سيناترا وديسباسيتو وميتاليكا وهارد روك وإديت بياف ، ومن الطبيعي أن يدفعوا السعر الذي أحدده بطيب خاطر احتراماً للمطعم الراقي الذي طورهم ولم يبقوا بفضله مواطنين همج فولغير".
0
يواظب الشاب فوزي دبس الرمّان (٢٧ عاماً) على الترويح عن نفسه والذهاب إلى نفس المقهى مع نفس الأصدقاء في نفس الساعة من كل أسبوع ليتحدثوا في نفس القضايا ويناقشوا نفس الهموم والمشاكل الشخصية ويفكروا بذات الحلول ويطرحوا نفس الأسئلة ليجتروا نفس الأجوبة عليها، وذلك لإيمانه بأهمية أن يُغيّر جو واقتناعه بأنّه يدين لنفسه بألّا يحرمها من متع الحياة ويحولها إلى آلة على هيئة موظف يُكرّر نفس الأفعال طوال الوقت في مكتب لا يصله ضوء الشمس برفقة زملاء يتحدثون عن نفس القضايا طوال الوقت. ويداوم فوزي على خطة تغيير الجو هذه منذ ١٠ أعوام؛ حيث يبدأ دوام تغيير الجو من الساعة الثامنة وينتهي في تمام الثانية عشر مساء كل يوم خميس، يلتزم خلالها بارتداء ملابس مريحة غير رسمية ويتخلص من ربطة العنق والقميص الأبيض المكوي بعناية ليباشر تأدية واجباته المعتادة في السهرة بالقهقهة على نكات حازم والطبطبة على وليد والمشاركة في نشاط التذمّر الجماعي من روتين العمل والراتب الزهيد ونفسية المدير الحامضة والتخطيط للاستقالة، مقابل نفس أرجيلة وكأس شاي بالنعناع ولعبة تريكس مشوقة يخسر فيها في معظم الأحيان. ولم يُسجّل فوزي حالات تأخير عن مواعيد تغيير الجو دون عذر طبي أو ظرف عائلي، خاصة وأنّ ظروف تغيير الجو مرنة أصلاً تتضمن إجازة عرضية كل آخر شهر مراعاة لعدم وصول الراتب، بالإضافة إلى الإجازات المرضية المُتفرقة التي يسمح بها بالتغيّب عن المقهى ولعب الشدّة من المنزل حيث يزورون اللاعب المريض ليغيروا له جوّه. ويؤكد فوزي أنّ أيام تغيير الجو هي الأيام الوحيدة في السنة التي تشعره بأنّه إنسان، قادر على التصرّف بعفوية وإطلاق العنان لنفسه في كسر القواعد رأساً على عقب دون محاذير "الخميس الماضي مثلاً قرّرت إجراء انقلاب ملموس في حياتي بتغيير طقوس تغيير الجو نفسها؛ فجلست على طاولة مختلفة عن تلك التي أجلس عليها عادةً لأخلق جدالاً دام لأكثر من نصف ساعة بين الأصدقاء قبل أن نُقرّر أنّنا لن نشعر بالارتياح في بيئة جديدة ونعود إلى طاولتنا الأصلية". وتابع "هذا التغيير رفع الأدرينالين في دمي ودفعني للإقدام على أفعال أكثر اندفاعاً، فطلبت قائمة المشروبات من النادل وتأملتها كلّها وسألته عن كافة مكوناتها واستمتعت بمعرفة الإمكانات التي يُقدّمها المقهى لي قبل أن أطلب الشاي بالنعناع. أؤكد لك أنّه كان خميساً استثنائياً لن يتكرر حتى يوم الخميس المقبل".
0
قرَّرت شركة الأُزَّيمي وإخوانه وأولاده وأولاد إخوانه لحلب المال تعديل استراتيجيتها فيما يتعلق بالتوظيف، وحصر حق الحصول على هذا الامتياز بالشباب حديثي التخرج؛ كي تتمكن من تربيتهم على أيدي مدرائها ويحظون بفرصة تكبير أرباح الشركة، فيكبرون بمعيتها ويكبر دخلهم بنسبة ۲٪ سنوياً. وقال المدير التنفيذي للشركة السيد نعيم الأُزَّيمي إنَّ الخريجين الجدُد ما زالوا أطفالاً في سوق العمل "إنهم أحباب الله وفلذات أكباد الشركات، وعلينا توفير الفرص لهم ودعمهم وضبطهم وتعليمهم أصول العمل ليؤدوا مهامهم على أكمل وجه، فلا يضعون السكر في قهوتي، ويستعملون معطر الجو الذي أفضله لدى تنظفيهم المكتب، فضلاً عن فهمهم مبادئ وآداب السمع والطاعة ليلبوا طلبات أولادي عند توصيلهم إلى مدارسهم صباحاً". وأضاف "يملك حديثو التخرج أدمغةً نظيفة خالية من أي تصوراتٍ عن إدارة الشركات، ما يتيح لهم فهم أنَّ أيَّ شيءٍ نطلبه منهم هو الطبيعي؛ أحمد مثلاً، غرسنا فيه الخجل من الحديث مع زملائه وأصدقائه عن ظروف عمله، وها هو شطور لا يصدع رأسنا بأمثلةٍ لأنظمة أخرى من الإدارة، أمَّا سمر، فقد حاولت التقدم لوظيفة أخرى لكنّها عدلت عن رأيها عندما أخبرناها أنَّ قبول استقالتها مشروط بقضائها شهراً في غرفة الفئران". وأكَّد السيد نعيم أنَّ شركته لن تقصي ذوي الخبرة لدى الإعلان عن وظائف جديدة "قد يعتقدون أنَّنا نبحث عن خبرة طويلة بناءً على شرح طبيعة العمل والمهام التي نطلبها في وصف كل وظيفة، فيتقدمون لها؛ لن نفرّط بمعرفتهم، رغم أننا سنفاجأ كم فوجئنا سابقاً حين يرفضون العمل مع شركة ريادية مثل شركتنا لأسباب مادية مثل عرضنا عليهم ربع راتبهم الحالي". وطالب السيد نعيم الحكومة بدعم توجه شركته عبر التخفيف من الضرائب المفروضة عليها "فكل الشركات الأخرى تطلب امتلاك موظفيها خبراتٍ طويلة لا يمكن للشباب امتلاكها، ما يتركهم عرضةً للبطالة وعدم دفع أي ضرائب، أو لا قدَّر الله اللجوء للشركات العالمية التي تؤثر عليهم وتدخل عاداتٍ وتقاليد عملٍ مشوَّهة لثقافة العمل في بلادنا، مثل الالتزام بقانون العمل وحقوق الموظفين والمطالبة بالزيادات واحترام ساعات الدوام والتجرؤ على الرد على المدراء بقول لا".
0
قررت المؤسسة العامة لنقل وتوزيع انقطاع الكهرباء وضع حد للتقنين العشوائي المتفاوت بين الأحياء والمدن وساعات قطع التيار الطويلة لما تلحقه من ضرر بكافة مناحي الحياة، مبشرة السوريين ببدء العمل ببرنامج تقنينٍ ثابتٍ موحّد في كافة الأراضي السورية، يتمثل بقطع التيار لثلاث ساعات تليها ثلاث ساعات عطلٍ طارئ على الشبكة. ويرى محلّلون في برنامج التقنين الجديد خطوةً تعكس جدّية القيادة في إنهاء أزمة الكهرباء ومتاعب وجودها ونقلها في ظل انقطاع الأمل باستعادة آبار النفط والغاز المحتلة في المنطقة الشرقية التي تحتاجها الدولة لتوليد الكهرباء، والذي يعود لانهماك وحدات الجيش العربي السوري في النظر والتلويح من بعيد لجبهة الجولان. مدير الكهرباء فواز الظاهر قال إن قسم الطوارئ في مؤسسته استقبل شكاوى لا تعدّ ولا تحصى من مواطنين وصناعيين يعانون التخبّط في العمل والطبخ والغسيل والتخزين ومتابعة الأخبار جرّاء عشوائية التقنين، فكان لا بد من التدخل لتنظيم وقت هذا الشعب وإعادة الرتابة المفقودة إلى حياته "وبفضل تدخلنا، تمكن الصناعي من الموازنة في تشغيل منشأته بين كهرباء الألواح الشمسية وكهرباء مولّدة المازوت، كما سيتسنّى للمواطن تخزين طعامه في النملية لثلاث ساعات، وداخل النملية في الثلاث الأخرى". على الصعيد الاقتصادي، أكد الخبير د. كُ.أُ. أن هذا القرار سيزيد الطلب على سوق البطاريات والشواحن الخارجية، وهذا ما يمكن توفيره من الحليف الروسي؛ الأمر الذي سيعزز العلاقات معه ويشجعه على البقاء وزيادة حضوره وانتشاره في البلاد، وما يتبع ذلك من افتتاح مزيد من المطاعم الروسية التي ستسهم في ازدهار قطاع السياحة.
0
اكتشف باحثون في مختبرات اللؤلؤة لأبحاث المصائب الوراثية المكتسبة وغير المكتسبة متلازمةً نادرةً مصابٌ بها السيد هزاع الأقرع الملقب بأبو طلال، تتمثل بتحجّر الجينات وتوقفها عن إحداث الطفرات ودفع عملية التطور إلى الأمام، إذ أن عدم إيمان أبو طلال بصحّة نظرية التطور أوقف هذه العملية ووضع مصير البشرية على المحك. وقال الدكتور مازن سعدالله فريفر، المشرف على المختبر "راجعنا السيد طلال الأقرع ليقدّم شكوى بشأن والده الذي يعاني من مشاكل في التفكير وصعوباتٍ في إجراء نقاشٍ فعّال أو غير فعّال. لذا، أجرينا صورةً بالرنين المغناطيسي لدماغه لدراسة خلاياه العصبية، لنتفاجأ أن سجلّ السيد أبو طلال الجيني في منطقة الفصّ الجبهي المسؤول عن التفكير والمنطق يطابق سجلات أحافير أسلافنا الهوموسابيان ممن عاشوا على الأرض منذ ملايين السنين". وبحسب الباحثين، لم يتمّ التوصّل إلى أية علاجٍ فعال للمتلازمة حتى الآن "وصفنا في البداية إبر «منهج علمي-٤٩» يومياً على الريق لكن أبو طلال رفض الالتزام بها لأنه لا يؤمن بالإبرة، ويفضّل الطب البديل. لذا، لجأنا إلى إعطائه حبوب «أوراق بحثية-٥٥٥» المطورة عن عقار «داروين- سي»، لكن أبو طلال أظهر تجاهها حساسيةً شديدةً وبدأت تظهر عليه أعراض الحمّى وارتفاع ضغط الدم التي لم تتم تهدئتها إلا بدواء «آدمحواء-١»". من جانبه، سخر أبو طلال مما تقوله هرطقات العلم وأكاذيبه، مؤكداً هشاشة الأخير أمام قوانينه وقناعاته الراسخة "هم وحدهم المتلازمة، وهم ومن يعانون من قصورٍ عقلي. أما أنا، دخيل عيني أنا، أوزع فهماً عليهم وعلى بروفسورات العالم كله، ولقد علّمني كتاب «السر» أن قوة إيماني وحدها تحرك الزمان والمكان والذرات وحتى الجينات، لذا لا أحتاج للإيمان بنظرية ساذجة حتى أنقل مورثاتي التي حافظت عليها كما هي منذ عهد أجدادي الأولين".
0
كشف مطوّرو موسوعة "النجوم دوت كوم" الرقمية للعلوم والتكنولوجيا والطبخ والفن والدين والسياسة والأدب والفلك، كشفوا عن آخر تحديثات للموقع، كان أبرزها ظهور بوب أب تغطي الصفحة الرئيسية، لا تحاول الترويج لشيء أو دعوتك للاشتراك أو زيارة موقع آخر، بل تهدف إلى اختبار سرعة تفاعلك كزائر مع مميزات الموقع التفاعلية، من خلال قياس المدة الزمنية بين ظهور النافذة وسرعة ضغطك على علامة X لإغلاقها. خبير تصميم مواقع الويب وإلقاء الإعلانات في وجه المستخدم ساري شواشرجي بيّن أن وضوح علامة X وموقعها في النافذة يعكسان فهم فريق "النجوم" العميق لسلوكيات المستخدم "انخفضت مدة انتباه المستخدم العادي بسبب وسائل التواصل الاجتماعي وما تسببه للمستخدم من هبل وقلة تركيز، لذا أصبح لزاماً على مقدّمي الخدمات إيصال رسالتهم في مدةٍ لا تتجاوز خمس ثوان، وهذا ما نجح به المبرمجون حين سمحوا لمستخدم بإيجاد زر إغلاق النافذة قبل نفاد صبره وإغلاق الموقع كاملاً". وبحسب السيد طاهر زقزقون، مدير تطوير الجمهور في "النجوم دوت كوم"، فإن الموقع ينتهج أسلوب تسخير المحتوى للترويج لخدماته الأساسية "نكتب عنواناً يتوافق مع محركات البحث، ونجمع داخل الصفحة كافة الكلمات المفتاحية ذات الصلة بما يضمن تدفق زوار الموقع بشكل مستمر، وما إن يحطّوا في صفحتنا، حتى تبدأ رحلتهم الممتعة مع عروض خدماتنا التي تحقق رؤية الموقع ومهمّته من نشراتٍ بريدية وإشعارات وإعلانات وروابط صفحات تواصل اجتماعي، حاجبين عنه المحتوى الذي دخل الموقع لأجله، والذي قد يشتته عن رؤيتها والتفاعل معها".
0
باتت متلازمة الاستيقاظ صباحاً لممارسة العمل (س.ص.م.ع) تُشكّل مصدر قلق عالمي، لا سيما بعد تحولها إلى جائحة تفشّت في نهار أكثر من ثلثي سكان الأرض، وتحوّر الفيروس المتسبب بها إلى فيروسات ريادية تنتشر في مكاتب صغيرة حول العالم مُستهدفة أصحاب المناعة الضعيفة من حديثي التخرّج. ورغم انتقال المرض عادةً عن طريق رذاذ مدير موارد بشرية يُخبر المُصاب بأنّه مقبول في الوظيفة التي تقدّم إليها، إلّا أنّ الإصابة تحدث نتيجة وجود بيئة حاضنة للمرض، تتمثل بمنزل مستأجر وعائلة جائعة وعيد ميلاد صديق وكيلو بطاطا في محل الخضار المجاور للمنزل وعلب سجائر وبيرة وإعلانات كراسي ريكلاينر وقروض مُسهلّة على السيارات وطموح وملل. وتبدأ متلازمة (س.ص.م.ع) بأعراض طفيفة تنحصر باستيقاظ المصاب صباحاً على أنغام عويل المنبه مع شعور مؤلم بالنعاس يدفعه إلى شرب كأس من القهوة على عجل، ثم تجتاحه حالة من تبلّد الحواس وترهّل العقل تُرسله إلى مكان لا تصله أشعة الشمس ليحني ركبتيه ويُحدّق في شاشة حاسوب ضاغطاً على أزرار لوحة المفاتيح بشكل آلي على مدار ٨ ساعات في النهار، تتخللها أوقات متقطعة من دوامة "تساؤل شكوى غضب خضوع، تساؤل شكوى غضب خضوع، تساؤل شكو.. إلخ" في ظل فقره لمناعة عقلية تحميه من الانهيار وتقوي قدرته على الخضوع مباشرة. هذه الأعراض سرعان ما تمتد لتصل إلى ١٢ ساعة، بالإضافة إلى ساعة انتقال المرض وساعة انسحابه و٤ ساعات أعراض انسحابية يومية يقضيها المريض ممدداً على كنبة فاغراً فاه يشاهد مسلسلاً كوميدياً تافهاً، حتى يغفو، ليستيقظ في اليوم التالي ويجد المرض أشد فتكاً من السابق. ورغم الاعتقاد السائد بأن المرض يصل ذروته حين تهاجم الفيروسات ليل المصاب وتوقظه على حوار متخيل مع الفيروس لمقاومة تفشيه لساعتين إضافيتين في اليوم التالي، إلا أن العلم الحديث يُرجح أن الذروة تتمثل بانحسار هذه الأعراض وتقبل المريض للمرض واستمتاعه به. يقول الباحث والمفكر إسماعيل أبو فوطة إن خطورة (س.ص.م.ع) تكمن في خبث الفيروسات المسببة لها وسرعة انتشارها وتطورها "لا يتوقف المصاب عن المقاومة فحسب، بل يتحول إلى جندي يحارب في جيش الفيروس، فقد سجلت حالات كثيرة لإصابات دوام جزئي وعمل حر طفيفة تفاعلت مع حالات دوام كامل حرجة، حيث هاجمت الأخيرة الجهاز المناعي للأولى بالحديث عن رفاهية الراتب المرتفع ومتعة التوحد مع الفيروس ودفعت الإصابات البسيطة للتحول إلى إصابات حرجة بنفسها، ناهيك عن حالات الدوام الكامل التي تفشت إلى دوام كامل وساعات إضافية من فيروس الفريلانس". تكمن الإشكالية بارتفاع كلفة علاج هذه المتلازمة واستئثار طبقة ضئيلة من المجتمع فيه، فيما يلجأ أبناء الطبقة الوسطى والفقيرة إلى المسكنات للسيطرة على أعراضه، تتراوح بين حشيش، ترامادول، لاريكا، كحول، سكر، وجبات ماكدونالدز، مسلسل فريندز، صراخ على الشريك، بالإضافة إلى أساليب العلاج الجماعي التي تتمثّل بسهرات الزملاء المصابين بالمتلازمة سويةً في نهاية الأسبوع والحديث عن المرض ومنح بعضهم البعض الأمل بإمكانية الإصابة بمرض آخر بشروط أفضل.
0
تفوقت مؤسسة أمجد سليم سنفوري (A.S.S) الرائدة في مجال الريادة على كافة المؤسسات الريادية المنافسة، وذلك باستبدالها التسلسل الهرمي البيروقراطي التقليدي، بتنظيم المؤسسة بناءً على التسلسل الأفقي الذي يُمثّل حالة ثورية في مجال المراتب الوظيفية، لا يتبع فيها الموظف لموظف أعلى مرتبة منه يجلس بمكتب عاجي ويتحكم بمصيره المادي ومستقبله الوظيفي، بل يتبع لموظف أعلى مرتبة منه يجلس بجانبه أفقياً ويتحكم بمصيره المادي ومستقبله الوظيفي. ولا يقتصر التنظيم الأفقي من اليمين إلى اليسار (ت.ف.م.ي.ل.س) على جلوس الموظفين على مقاعد متشابهة جنباً إلى جنب وتوحيد لون كاسات القهوة، بل يشمل إلغاء المخاطبات المُتكلفة؛ فلا مكان لكلمة مدير في A.S.S، ومن حق الموظف أن ينادي "قائد فريقه" باسمه الشخصي بلا ديباجات ومقدمات طويلة في الإيميلات التي تُرسل وتُستقبل في أي وقت من اليوم على مدار ٢٤ ساعة. يقول الشاب الريادي الدمث -الذي رفض أن ألقبه بالمدير التنفيذي- إنّ فريق A.S.S ليسوا موظفين لديه يُقسمهم إلى مراتب ويمنحهم أجراً في نهاية الشهر "بل عائلتي الحبيبة، أولادي الذين أمنحهم مصروفاً -حسب قدراتي- بأبوية وحب لقاء وجودهم إلى جانبي، يساعدهم جو العمل العائلي على الاسترخاء والعمل لأكثر من ١٥ ساعة يومياً دون تذمّر، ثم أرافقهم مساءً وأسهر معهم لأحكي لهم قصصي وأمطرهم بنكاتي، وأتوقع منهم أن يبادلوني التواضع والمودة ويتفهموا ظروفي حين ينقص مصروفهم أو يتأخر". ويؤكد الشاب الريادي الدمث الذي رفض أن ألقبه بالمدير التنفيذي أنّ نموذج التسلسل الأفقي يساعد على الاستقرار في المؤسسات الريادية "ليس ثمة جو تنافسي قبيح في A.S.S؛ فإلغاء المراتب العليا يلغي بطبيعة الحال طموح الوصول إليها. لا مجال إلّا لجو أخوي يحاول فيه الإخوة كسب قلب أبيهم ورب الأسرة الذي لا ينافسه أحد على مكانته". يُشار إلى أنّ التسلسل الأفقي من اليمين إلى اليسار (ت.ف.م.ي.ل.س) وفّر على A.S.S أجور قسم الموارد البشرية وسكرتير المدير وعامل بوفيه يُعد للمدير القهوة والشاي، ناهيك عن مصاريف تجديد مكاتب خشب البلوط والكراسي الجلدية الدوّارة وكرسيين أصغر حجماً وأقل استدارة لضيوف المدير، ما أتاح للشاب الريادي الدمث الذي رفض أن ألقبه بالمدير التنفيذي فرصة استثمار هذه الأموال لشراء كرسي ريكلاينر وشاشة حديثة ونباتات طبيعية ولوحات تجريدية وتحف كلاسيكية لمنزله.
0
أدرك الشاب كامل محاسن، من مواليد برج الحمل، مُحب إيموجي السيوف المتعالجة، لاعب كمال الأجسام، المواطن العالمي، الموسيقار، والإنترابرونور كذلك، أدرك أن حياة الترف والرخاء التي قضاها على إنستاغرام طيلة السنوات الخمس الماضية لا تعكس حقيقة طموحه وعلوّ أمانيه، ميقناً أنّه حوت في حوض سمك، يعرف مصطلحات وهاشتاغات لا تتسع لها هذه الحياة الخجولة، فقرر كامل أن يكسر قيده وكشف الستار عن تأسيسه أول وأضخم ستارتَب لتقديم خدمات التسويق الإلكتروني، "MENA's Unicorn"، على لينكد إن، مضفياً بذلك المزيد من المعنى لحياته التي يعيشها بين تطبيقاتٍ خمسة. وأوضح الشاب في بودكاست من كتابته وإعداده وتقديمه، نشره على قناته على اليوتيوب، أن النجاح الريادي مرهونٌ بالعقلية والعقلية وحدها، لا بالمعطيات أو الخبرة أو التحصيل العلمي أو وجود رأس مال أو حتى خطة "أنت تحدد ما ستكون عليه، مجرد عابر سبيل يكتفي بتفاعلات الإعجاب والحب ولا يخرج من منطقة الراحة، أم حالمٌ جامحٌ جريءٌ يطمح لإشعال الاحتفالات وتوسيع البصيرة وتحفيز الفضول لدى متابعيه الثلاثة عشر". وكتب السيد كامل منشوراً على لينكد إن يشرح فيه النهج الذي سيتّبعه في شركته للوصول إلى المليار دولار في الأسبوع الأول "نحرص في أول يونيكورن في الشرق الأوسط على تحديد الـ KPIs بعد تطبيق اختبارات A/B لدراسة سلوك العميل، ثم نهتم بتطوير علاقتنا معه باستمرار باتباع أحدث أساليب الـ CRM لتحقيق الـ Break Even ومن ثم الـ ROI المرجوّ، وما علينا إلّا انتظارالمستثمرين الذين يجلسون الآن مكتوفي الأيدي في دُبي بانتظار هذا المشروع الفريد الذي لم يروا مثله ليكبّوا عليه ملياراتهم". يذكر أن طموحات كامل بالنموّ لم تتوقف عند توقف نموه، أو عند ريادة الأعمال وتأسيس الستارتَبس فحسب، إذ أفصح للحدود عن نيّته دخول عالم السياسة وصنع القرار بعد شاهد ما يكفي من لقطات الشاشة لتغريدات السياسيين على تويتر المنشورة على فيسبوك، إذ عقد العزم أن يدخل معترك التغريد بنفسه، معيداً تفعيل حسابه الذي أوقفه عام ٢٠١٣ عندما لم يعرف كيف يزيل رداً على تغريدة مُحرجة ظنّ أنها تعليق خاص -مثلما تعوّد على فيسبوك- ظهرت على صفحته الرئيسية كالفضيحة أمام الجميع.
0
أعلن المدير التنفيذي لشركة مايكروسوفت، السيد ساتيا ناديلا، تأجيل الشركة إطلاق حزمة برمجياتٍ جديدة لحين إضافة المبرمجين كمَّاً مناسباً من المشاكل التي تساعد الموظفين حول العالم في تركيز غضبهم على حواسيبهم وترفع معدلات إنتاجهم للشتائم الموجهة نحو التكنولوجيا عامَّة ومايكروسوفت خاصة. وأكَّد ساتيا أن المبرمجين يعملون على قدمٍ وساق لإطلاق البرمجيات الجديدة في أقرب وقت ممكن "ونتوقع من المستخدمين تفهّم موقفنا نظراً لخبرتهم في تأخر تسليمهم التقارير المالية مثلاً بسبب توقف إيكسيل عن العمل فجأة، أو إضاعة فرصة مبيعات ضخمة لاختفاء ملف باوربوينت، إذ يستعمل مبرمجونا آخر إصدارات ويندوز، والتي كما تعلمون صُمِّمت بحرفية عالية لتناسب أي وظيفة أو طريقة عمل وتضمن تعثرها جميعها". وشدد ساتيا على تطور مايكروسوفت الملحوظ في مجال إنتاج الباغز "حتى أقرب منافسينا، آبل، صرفوا المليارات على البحث والتطوير ولم يتمكنوا سوى من إنتاج لوح مفاتيح يتعطل بعد بضعة أسابيع أو فأرة لا يمكن استعمالها وشحنها بنفس الوقت، بينما وسَّعنا نطاقنا من إعادة تشغيل الجهاز فجأة أو تحميل أبديت عنوةً، إلى إنتاج تطبيقات بتجربة مستخدم سيئة وألوان مقرفة، مروراً بتقديم أجمل الإعلانات رغم دفعهم ثمن الحواسيب، التي نحمِّل عليها كاندي كراش مسبقاًً". واستعرض ساتيا تطور مايكروسوفت الملحوظ في مجال إنتاج الباغز باستخدامه متصفح إيدج لعرض بعض آليات عمل التطبيقات الجديدة، إلا أنَّه انتظر دقائق لحين تحميل الصفحة، ثمَّ لم يتمكن من رؤية أي شيءٍ خلف رسالة طلب جعل "إيدج" المتصفح الافتراضي للحاسوب.
0
لقي الشاب توفيق شقّ اللفت مصرعه ليلة أمس متأثراً بإصابته بنظرة حادة رماها نحوه المدعو خ.ر في مقهى السنبلة البرونزية في إحدى ضواحي العاصمة، بعد مشادّة بالأعين استمرت بين الجاني والضحية لأكثر من ربع ساعة حاول خلالها الحاضرون الحؤول دون تطورها إلى شجار، قبل أن يباغتهم توفيق بالسقوط أرضاً حاقناً دماء الموجودين وموفراً على صاحب المقهى تكاليف الإصلاح والديكور. وقال صديق المرحوم إنّ المشادة بدأت عندما شبّه الضحيّة على الشاب الذي يجلس في الطاولة المقابلة "كنت أوزّع ورق اللعب ولاحظت أن توفيق ينظر باتجاه الجاني، فسألته إن كان هذا الوغد قد ضايقه كي أقوم وأكسر رأسه، فأجابني: لا، صلّ عالنبي، كل ما هنالك أن ابن الحرام هذا يشبه صديقنا سمير الذي درس معنا في الثانوية العامة، أليس هو؟ بشرفك أليس هو؟ -سألني المرحوم- وأكّدت له أن سمير أصلع ولا يمكن أن يكون هو، وحينها ألقى المرحوم دعابة عن الصلع وضحكنا عليها، هل لديك الوقت لأخبرك بها الآن؟". من جانبه، أكّد صديق الجاني أن توفيق لم يكن مصلياً على النبي منذ البداية "منذ جلسنا وهو ينظر باتجاه خ.ر شزراً، حتى أنني لاحظت ذلك ونفثت دخان الأرجيلة من فمي بزاوية مقابلة لنظراته، وقلت لصديقي إنني سأقتلع عينيه إن لم يكف عن النظر، وحينها اكتشفت أن خ.ر لم يكن يستمع لي أصلاً لغرقه في التحديق بالشاب، حتى أنه كاد يكسر مبسم الأرجيلة بأسنانه من شدة حنقه وتركيزه، وعندها شعرت أن الأمور تحت السيطرة وأن النظرة القاضية قادمة لا محالة، ولا داعي لتدخلي طالما أن نظرات خ.ر أقسى من نظرات ذلك الخَوَل، رحمه الله على كل حال". وعند سؤالنا صاحب المقهى المعلّم أبو جمعة عمّا حدث، أجاب بأنه لم يكن مرتاحاً للزبونين منذ دخولهما "سبحان الله، لم يرتح قلبي فور رؤيتهما يدخلان المقهى كلٌّ مع أصدقائه. أعرف الزبون الذي سيغادر دون أن يدفع من عيونه، من اللحظة الأولى أدركت أن أحدهما لن يطلب شيئاً والآخر سيطلب ولن يدفع، حسبي الله ونعم الوكيل بهذه الأشكال، على الحكومة وضع حد لهذا النوع من النصب والاحتيال". وأضاف أبو جمعة أنه لاحظ سلوك الجاني والضحية العدواني وحاول التدخل قبل فوات الأوان "طلبت من أيوب القهوجي أن يحاول أخذ طلباتهما بأسرع وقت على أمل أن يهدأ أحدهما على الأقل، وأن يأخذ الحساب منهما فوراً، ثم يبدأ بنقل كل ما يمكن كسره بعيداً عن الطاولتين تحسباً لوقوع مشاجرة دامية، لكنّهما سبقا أيوب وحدث ما حدث، لعنة الله عليك يا أيوب كم أنت بطيء الاستيعاب". يشير خبير الطاقة العدوانية الأستاذ الدكتور خليل أبو هليون إلى أن في هذه الحادثة دليل دامغ على تطور أجهزة الدفاع عند الإنسان "نجح الإنسان في تطوير وسائل دفاع وهجوم تناسب نمط الحياة التي يعيشها، حيث أسهمت كثرة حوادث التحديق في بلورة قدرة عين الإنسان على منع هجوم وشيك، أو شن هجوم سيكولوجي عن بعد على الطرف المعادي وتجميده في أرضه قبل أن يبادر بإيذائنا، وُتعد ّحادثة مقتل توفيق أول واقعة تراشق بالنظرات تودي بحياة شخص باستخدام الطاقة البصرية النفسية ودون أن تمتد لمشاجرة تستخدم فيها الأسلحة التقليدية". وفي تصريح خاص للحدود، كشف مصدر مسؤول في جهاز المخابرات رفض الإفصاح عن اسمه، عن تشكيل قوة من نخبة المخبرين المنتشرين في المقاهي والأماكن العامة لرصد الأشخاص الذين يمتلكون قدرات خ.ر، ورفع تقارير مفصلة عن كل شخص يطلق نظرات حادة تجاه الآخرين؛ للتأكد من تاريخه ونشاطه واتصالاته واحتمالية أن يستخدم عينيه في عمليات إرهابية مثل توجيهها نحو الأقليات الدينية أو تنفيذ عمليات اغتيال لزعماء وقادة من خلال متابعة خطاباتهم".
0
أعلن مدير مصنع الدهشة للمشروبات الملونة السيد كُ.أُ. تخلص مصنعه نهائياً من الاعتماد على المواد الطبيعية في صناعة مشروباته، واللجوء إلى إنتاج مكونات المشروبات كافة ذاتياً في المصنع، مُتحدياً السادة الزبائن بشراء منتجاته كافة لاختبارها بأنفسهم، من خلال وضع عينة منها على سطح رخامي وإضافة بعض الليمون الحامض لرؤية التفاعلات الكيميائية التي ستنتج عن العملية. وأشاد كُ.أُ. بجهود قسم التطوير في إزالة الشوائب الطبيعية المضافة إلى المشروبات والتي كانت تصل نسبتها إلى عشرة في المئة مُفسدة درجة الإشباع المكثفة في المشروب "استبدلنا السكروز بالجلوكوز ، واستعضنا عن نكهة التفاح والبرتقال والفروالة بأخرى مركبة كيمائياً في مختبراتنا، ولم يبق لدينا أي مكون طبيعي سوى الماء، حتى تخلصنا منه وعوضناه بماء مقطر ومعالج من مياه الصرف الصحي". وأكد كُ.أُ. أنّ الإنجاز لم يكن سهلاً، خاصة في ظل عجز المختبرات عن إنتاج منكّهات كيميائية بنفس جودة المنكّهات الطبيعية "لكننّا تغلبنا على التحدي هذا بتسخين المشروبات على درجات حرارة عالية حتى تتفكك الأنزيمات الطبيعية للمواد وتتحلل وتفقد خواصها، كما ضاعفنا كميات الحافظات وألوان الصبغة المضافة إليها". وأكّد كُ.أُ. أنّ هذا الإنجاز يضمن للمستهلك مشروبات لذيذة يتغلب طعمها على نكهة الفواكه الطبيعية وبأسعار زهيدة، فضلاً عن قدرتها على البقاء في السوق لفترات طويلة في مختلف ظروف التخزين، على عكس المشروبات الطبيعية قصيرة الأمد وباهظة الثمن، والتي لا تكترث لجيب المنتج أو المستهلك". وتابع كُ.أُ. "ناهيك عن خدمة ما بعد البيع؛ إذ إنّ عدم اضطرار الزبون للتعامل مع مواد طبيعية مجهولة المصدر والتكوين ستساعده على معرفة المصدر الدقيق لسرطانات الحنجرة والجلد والجهاز الهضمي والبروستات وأمراض العظام التي سيصاب بها في المستقبل، عوض التعامل مع أمراض غامضة لا يعلم منشأها".
0
أظهر الشاب اللطيف كريم هفهفات، لباقته وقدرته على رؤية العالم من حوله بعين خالية من الطائفية والتشدد الديني عبر قراره بمشاركة إخوته المسيحيين في صيامهم الأربعيني الذي يتقاطع مع حلول شهر رمضان هذا العام، والامتناع عن أكل اللحوم والألبان ومشتقاتها في الصباح، ليفطر ويتحلى ويأكل الزفر والأخضر والأزرق واليابس مع أشقائه المسلمين بعد آذان المغرب. وعبّر كريم عن سعادته بقدرته على التوفيق والجمع بين الرؤى التي تخدم الرب عزّ وجلّ "قبل صلاة المغرب أتناول الزلابية والعوامة وقطائف الجوز، وبعدها أتناول قطائف الجبنة وأقضي المساء كُلُه أحفظ ما تيسر لي من سورة مريم وأنا أهز النخيل وأقطف الرطب وأقشر الحمص الأخضر، حيث استمر في السهر لحين موعد القدّاس الإلهي في الساعة السابعة صباحاً كي أزور تشكيلة من الكنائس لتناول جسد ودم المسيح من خبز ونبيذ وأشعر بالتقرّب منه وعبادته والاتحاد معه عبر النشاط الأحب إلى قلبي، ومِن ثُم أبحث عن مائدة رحمن مجانية وأجلس مع الفقراء والمحتاجين أتناول الطعام المجاني المبارك اللذيذ". وقال كريم إنّ ممارساته الروحانية الجامعة تعبّر عن إيمانه بأنّ الديانات سواسية كأسنان المشط "لقد أقرّ الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشفاعة أُم المخلص القديسة مريم، فلا دين يطغى على دين ولا تقليد يكسب على ظهر الآخر ولا صوم أصعب من صوم؛ أشعر بآلام المسيحيين صباحاً عندما يُحرمون من تغميس اللبنة والجبنة والبيض ويكتفون بالانتفاخ والقولون العصبي الناتج عن تناول الفلافل يومياً لمدة أربعين يوماً، وأحس بآلام المسلمين وعسر الهضم والغثيان والإغماء بعد أكل ١٢ كغ من الخروف والأرز في ١٥ دقيقة فور ضربة المدفع، وأتنقل من عزومة لعزومة ومن مشقة لمشقة لحين انتهاء فترة الصوم وتهذيب النفس". وأضاف "الصيامان جعلا مني إنساناً جديداً بعد أن امتنعت عن الصوم من أساسه مسبقاً، فكسبت احترام والدي الذي يراني أصلي معه وأفطر معه، ومحبة جريس زميلي الذي ظنّ أنني آمنتُ بالآب والابن والروح القُدُس، ومراعاة الجميع في الشارع كوني لا أمتلك حجة بل حجتين لأكون غاضباً ناقماً على العالم وأقود سيارتي كالبهيمة".
0
رمى مساعد معالي الوزير ويده اليمنى وحارس بوابة مكتبه السيد ك.أُ، بالرأي العام في سلة القمامة عن طريق الخطأ، حيث عثر عليه ملقى بجانب السلة رفقة أعقاب السجائر ورسائل الاقتراحات والشكاوى وميداليات الشاي ورأي الخبراء والمختصين. وكان كُ.أُ. في مكالمة هاتفية مع أمين عام الوزارة لمتابعة سير عملية توظيف ابن أخته، حين بدأ بالخربشة على ملف الرأي العام، ثم راح يرسم وجوهاً تمد لسانها وأشكالاً حلزونية ودوائر مفرغة ويُزخرف حروف اسمه بخط الرقعة على السطور الفارغة من الملف، قبل أن يبدأ بطيه بناءً على الأشكال الهندسية التي رسمها، ليكتشف إمكانية تمزيق أطراف الورق لتنظيف أسنانه، وحين تأكّد من إزالة بقايا الطعام من أسنانه كافة، شرع بتمزيق أوراق عشوائية من الملف وكوّرها وأحرز عدداً من الأهداف في سلّة القمامة، ولدى انتهاء المكالمة ترك بقايا الملف على طاولته وأشعل سيجارة وحمل فنجان قهوته بعجالة، فانزلق من يده واندلق على الرأي العام، ليطفئ السيجارة فيه ويقذفه وهو يشتم ويلعن الساعة التي عمل فيها بوظيفة تحتاج للعمل والتعامل مع الملفات. وليست هذه المرة الأولى التي يرمي فيها كُ.أُ. ملفات حسّاسة، رغم علمه بأنّ الوزارة تولي الرأي العام أهمية قصوى وتعتبره مادة خطيرة لا يجوز رميها بالقمامة قبل إتلافها أو حرقها، أو إرسالها إلى دائرة المخابرات العامة والشرطة والدرك والجيش للتحقيق فيها وكشف الأيادي الخارجية السوداوية المؤدلجة التي اخترقت تحصينات الوزارة ضد الرأي والعوام، وتعتقلهم ثمّ تتلفهم مع الملف. وتفادياً لتكرار أخطاء مشابهة في المستقبل، اتخذت الوزارة حزمة إجراءات وقائية جديدة لحماية نفسها من تفشي الرأي العام، مثل تكثيف وتشديد قوانين المطبوعات والمنشورات الورقية والإلكترونية، وقراءة المعوذات من شر الناس الذين يوسوسون في آذان المسؤولين ويقتحمون خلوة أحلامهم، فضلاً عن صرف سدادة أذن عدد ٥ لكل موظف في الوزارة لتمنع ضجيج الشارع من الوصول إليه حتى وإن كانت نافذته مفتوحة.
0
احتشد مساء الأمس، عموم آل جلاب وأصدقاء العائلة وأبناء قرية أم الحبايب في غرفة المريض نجيب جلاب، لأداء واجب زيارته المريض والترويح عنه بعد اطمئنانهم أن الأعراض التي يعاني منها ليست أعراض كوفيد-١٩ وإنما مجرد أعراض التهاب الكبد الوبائي. وعبّر والد المريض السيد يونس جلاب عن ارتياحه العميق لتأكيد إصابة ولده العزيز وفلذة كبده بالتهاب الكبد الوبائي وليس كورونا "عندما بدأت تظهر عليه أعراض المرض من وهن وتعب شديد افترضنا بالطبع إصابته بفيروس كورونا اللعين، لذا أدخلناه مباشرةً في حجر إجباري في غرفته، ومنعنا أي شخص من الدخول إليه عدا أنا ووالدته وأصدقائه سعيد وحسن ويزن بالإضافة طبعاً لابن خالته نوار الذي ينوي دراسة التمريض بعد إنهاء الثانوية للاعتناء به ومراقبة حالته الصحية، وذلك منعاً لانتشار العدوى وحفاظاً على صحة الآخرين وحياتهم". وأضاف أبو نجيب أن الخوف سيطر على الأجواء في العائلة خاصةً وأن نجيب كائن اجتماعي لا يستطيع العيش دون قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء والأحباب قبل أن تثبت التحاليل والفحوصات أنه -ولله الحمد- مجرد التهاب كبد، لتتبدد جميع المخاوف وتنتهي حالة الاستنفار "فالأمر تافه وبسيط، يبدو أنه شرب من صنبور المياه مباشرة ناسياً أن البلدية تشبكه مع خط مياه الصرف الصحي، وما إن تأكد خبر براءته من كورونا؛ حتى طلبت من أم نجيب إطلاق الزغاريد عالياً وإبلاغ مجموعات العائلة على واتس آب كي يتسنى لأقاربه ومحبيه المجيء والاحتفال به وتقديم الدعم له والتناوب على تسليته". من جانبه، تمنى نجيب لو أنه كان مصاباً بكورونا "في البداية لم يأت الكثير من الناس نظراً لأن أمي مشهورة بإطلاق الإشاعات عبر مجموعة الواتس آب، لكن تحولي إلى الرجل الأصفر واكتسائي باللون اليرقاني الليموني المتوهج لم يدع أي مجال للشك، وسرعان ما تأكد الخبر وبدأ أقربائي حتى الدرجة الخامسة يتوافدون علي، ولم أعد أعرف ما إذا كان الصداع الذي يحفر برأسي من أعراض التهاب الكبد أو بسبب التلوث السمعي وضجيج الزحام ولعب الأطفال، وسماجة حمودة الصغير ابن هيام التي لا أعرف حتى الآن من تكون". وأكد نجيب على اتباعه سبل الوقاية من العدوى قدر المستطاع أثناء وجود المحتشدين "أحرص على إشاحة وجهي عنهم والبحث عن زاوية في جانب السرير تحوي أقل كثافة بشرية حتى أعطس وأسعل فيها براحتي، كما أنني لا أسمح لأحد بإطعامي عند الجلوس على الغداء مع الضيوف في غرفتي التي نقل والدي سفرة الطعام إليها كي يريحني من عناء التنقل بين الغرف.
0
قررت سيدة المجتمع، مدام كُ.أُ، إلزام عاملة المنزل بارتداء الزي الرسمي والموحد للعاملات المنزليات في بيوت العز المحترمة، حرصاً على بقاء المنزل أنيقا مدوزناً متناسقاً أثناء تنقلها بين المطبخ والحمام والأرضيات والحيطان والسقف دون أن تتسبب بأي تلوث بصري كما كان الحال عندما كانت ترتدي ملابسها الخاصة أو أزياء خريف ١٩٩٩ التي حصلت عليها بمنحة كريمة من المدام. وأوضحت المدام أن الاختيار بين الزهري الفاتح والأزرق والأخضر لزيّ عاملتها خطوة بسيطة، ولكنها الأهم في سلسلة خطوات اتخذتها لضمان بيئة جمالية صحية متناغمة في بيتها "بدأ الأمر باختيار زوجي، تلاه اختيار المنزل فأطقم الكنب والثريات والنباتات واللوحات والسجاد وفناجين القهوة والحيوانات الأليفة، ثم اختيار شغّالة قادرة على العناية بجميع هذه الأشياء؛ لقد تطلّب مني هذا تشكيل لجنة مكوّنة من أمي وأختي وصديقاتي، وتصفح الكثير من كاتالوجات مكاتب استقدام العاملات والمفاضلة بين الخيارات المتاحة وفق الوزن والطول وبلد المنشأ ودرجة لون البشرة بالنسبة إلى طاولة السفرة". وأكدت المدام أن اليونيفورم سيحسّن نفسية الخادمة ويضفي قدراً من الاحتراف على أي مهمة تؤديها "فهي ليست فريلانسر أو عاملة مياومة أو امرأة مسكينة تعمل في منزلها الخاص تحت إمرة زوجها أو أمها لترتدي بيجاما أو ملابس عشوائية، بل موظفة محترمة بدوام كامل وأرباب عمل يقيّمون أداءها ويتابعون ساعات دوامها واستراحة الحمام التي تأخذها، مع امتيازات تخوّلها التنقل مجاناً بين طوابق الفيلا وسكنها في غرفة الخزين، تماماً وكأنها خادمة راقية في شركة ضخمة محترمة أو فندق ٥ نجوم" من جانبه أكد التاجر فادي زقلب صاحب مكتب "الخادمة السعيدة" أن آخر تشكيلة من يونيفورمات العاملات حازت إعجاب زبوناته من نخبة المدامات بعد أن رأينها معروضة في أكثر من بيت "فهي مصنوعة من البوليستر المقمّش الخفيف الذي يوفّر الحد الأدنى من الراحة، فيدب في من ترتديه النشاط والحيوية، ويحفزها لإنجاز مهامها بسرعة، خصوصاً في فصل الشتاء حيث تكون حركتها أثناء تنظيف الحديقة وتنزيه الكلبة مصدر الدفء الوحيد لديها".
0
نشر الشاب ياسر زعاليلي (yaser_za3za3@) صباح اليوم ٤ تغريدات يندد فيها بالمنشورات المناهضة لوجود مليارديرات ويدافع بشراسة عن ثروة أغنياء العالم، تحديداً جيف بيزوس (١١٧.٧ مليار) وإيلون ماسك (٢٣٥.٥ مليار) وأحقيتهم بها، مشيداً بتهربهم الضريبي ومسانداً لهم في محاربة النقابات العُمالية وإلغاء الحد الأدنى للأجور والإجازات والاستراحات والحمَّامات. ويواظب على إعادة نشر تغريداتهم المناهضة للشيوعية، مؤكداً إيمانه التام بفشل هذا النظام في كل مرة جُرِّب تطبيقه، باذلاً قصارى جهده لمنع قيام ثورة شيوعية لأنه بالتأكيد -دون أي مجال لأدنى شك- المستهدف الثالث إن دهس القطار الأحمر بيزوس وماسك. وينبع يقين ياسر باستهدافه من قبل "الساذجين الحُمر" -كما يسميهم- من معرفته أنّ هؤلاء المليارديرات كانوا يوماً ما مثله تماماً، يعيشون في منازل أهاليهم ويحرثون في وظائفهم طوال اليوم وتُخصم رواتبهم إن عطسوا دون إذن المدير. ومثلما نجح العصاميان إيلون ماسك وجيف بيزوس، سيستطيع هو أيضاً توفير الثلاثة دولارات التي تبقى في حسابه آخر كل شهر واستعمالها لبناء إمبراطورية، دون أن يكون والده مالكاً لمنجم زمرد في جنوب أفريقيا أو تعطيه الوالدة ربع مليون دولار لإنقاذ شركة بيع الكتب التي يملكها في سياتل من الإفلاس. ويؤكد ياسر، أنّ إجبار المليارديرات على التخلي عن أرباحهم وإضاعتها على ضرائب تصرف على عامّة الناس أو موظفين أقلّ ذكاءً سيقتل روح الإبداع التي يتحلى بها ياسر وماسك وبيزوس، ليتوقفوا بالتالي عن إعلان اختراعاتهم التي تغير العالم، كإعادة أمجاد العبودية التاريخية في هذا القرن، أو إطلاق أعضاء ذكرية حديدية نحو الفضاء، أو إمطار صواريخ فاشلة تتهاوى من السماء وتزيّن السماء بأحلى التشكيلات الضوئية احتفالاً بموتنا جميعاً. ويرى ياسر أنَّ هذه الأموال كُلّها مشروعة ويستحقها المليارديرات تقديراً لجهودهم وتناسباً مع القيمة المُضافة التي يخلقونها، مؤكداً أنَّ الفقر مشكلةٌ فردية تنبُع من عدم بذل الفقير المجهود اللازم، وأنَّ إيلون ماسك مثلاً يبذل ٤٣٤٧٨ مرة ضعف مجهود ياسر، فيصير مليارديراً بينما يُبصق على ياسر ٧٠٠ دولار آخر الشهر. ويشير خبراء إلى أنَّ اقتناع ياسر وأمثاله بقدرته على منافسة ماسك وبيزوس دليلٌ على إيمانه بإمكانية تغيير عرقه ونسبة صبغة الميلانين في بشرته لينضم إلو نادي رؤوس رؤوس الأموال، بما أنّ ثروة أغنى رجل أبيض تساوي ١٧ ضعف ثروة أغنى رجل غير أبيض و٢٧ ضعف ثروة أغنى رجل عربي، ما يفسر أيضاً مشاركته في يانصيب الغرين كارد الأميركية لينتقل إلى كاليفورنيا أو تكساس ويصبح رجلاً أبيض تنهمر عليه الدولارات من كدحه ودمه وعرق جبينه كما تنهمر على بيزوس وماسك في كل ثانية من كل دقيقة تمضي من دم وعرق جبين وأعمار الموظفين المرابطين على خطوط إنتاجهم.
0
أثبتت دراسة جديدة صدرت عن "مركز الحدود لمراقبة الأثرياء للتمتع بمنظرهم وعدم التخطيط لسرقة خزناتهم أبداً لا لا بالطبع لا لن نفعل ذلك ماذا تقول يا رجل!" أثبتت أنَّه من الأفضل لمن يطلبون العُلا -دون أن يكون لديهم أهل يورّثونهم الملايين ويفتحون أمامهم الأبواب المغلقة أو يخلعونها- أن يتوقفوا عن إضاعة الوقت والجهد والسعي وسهر الليالي واستهلاك أعصابهم في التخطيط والتفكير، واستثمار هذا الوقت في تحميل ومتابعة نسخٍ مقرصنة من مسلسلات مارفيل أو التفكير بمواقف مختلقة تحوز إعجاب علا أو حتى مشاهدة مقاطع فيديو لجنوب آسيويين يبنون مسبحاً وسط الغابة. وبحسب مشرف الدراسة، الدكتور الباحث عن المال خلدون شوامع، فقد استندت الدراسة إلى تحليل عيناتٍ من ساهري الليالي وطالبي العُلا والناجحين على مدار العام "اكتشفنا علاقة طردية بين الزيادة في عدد طالبي العُلا وعدد ساهري الليالي، في حين لا يتأثر عدد الواصلين إلى العُلا بتغير أيٍّ منهما، ما يشير إلى وجود عاملٍ إضافيٍّ لم نأخذه بالحسبان، فبدأنا دراسة عوامل أخرى فشلت أيضاً في تقديم علاقة واضحة، مثل الطول والجمال ومعدل الثانوية العامة وهل امتلاك المرء اسم خلدون سبب نحس، وما إن كان لتبلد مشاعر والدي تأثير على فرص نجاحي، أم أنَّني أنا الحيوان المسؤول عن فشلي ولا أحد يلام عليه سواي". وأكَّد الدكتور خلدون أنَّ اكتشاف ارتباط النجاح بمدى ثراء الوالدين جاء بمحض الصُّدفة "بعد اطلاعنا على النتائج الأوليَّة للبحث، أصابنا اليأس وتوقفنا عن السهر بحثاً عن عوامل أخرى، ولم نصل إلى مسعانا إلا بعد زيارة ابن ممول البحث لمركزنا؛ كان من المفترض أن تُنشر الدراسة باسمه ليستعملها ضمن طلب دراسة الدكتوراة في جامعة هارفرد، لكنَّه لم يكترث بفشلنا وأكَّد أنَّ والده موَّل عشرة أبحاثٍ أخرى من باب الاحتياط، وهو من نسَّق إجراء هذه المُقابلة بتواصله مع رئيس تحرير موقعكم*". من جانبه، اعتبر خبير التنمية البشرية إيهاب طَرَقَطاش أنَّ نتائج الدراسة لا تعني توقف الناس عن السعي "يمكن للإنسان تحقيق أيَّ شيء إذا كان جاهزاً لبذل الجُهد اللازم؛ فأنا مثلاً توقَّفت عن تطوير فكرة التطبيق الخاص بي وحققت نجاحاتٍ مُبهرة حين بدأت التواصل مع أكثر من شوغار دادي". *لإيقاف رئيس التحرير عن بيع مقالات المؤسسة لمن هبَّ ودَب، بإمكانك الانضمام للعضوية من خلال هذا الرابط ودعم الحدود حتى نتجنّب تكرار الأمر.
0
قرّر الحاج كُ.أُ. استغلال الحيز الفارغ في عمارته المكونة من ثماني شُقق موزعة على طابقين فوق مساحة أرض ١٠٠ متر مربع، وفَرَشَ سلالمها بأجمل قطع الأثاث المُختارة بعناية من بائع الخردة المجاور، بهدف تأجيرها استوديوهات مفروشة للعُزّاب والأجانب والعرسان الجُدد أو العائلات الصغيرة. ويحتوي الاستوديو الواحد على غرفة نوم دافئة تتكون من أربع درجات، تحتوي سريراً أنيقاً قابلاً للطي على الدرجات الثلاث الأولى، وخُصّصت الدرجة الأخيرة لطاولة صغيرة مُربعة فوقها مصباح أنتيكا بضوء أصفر خافت يُضفي المزيد من الدفء على الاستديو، كما وضعت علّاقات ملابس على درابزين السُلّم الذي حُوّل إلى خزانة مفتوحة تُتيح تهوية الملابس، على الطراز الحديث. ومن غرفة النوم نزولاً تنتقل إلى البسطة التي حُوِّلت إلى مطبخ أمريكي فسيح مفتوح على غرفة النوم/الجلوس وأبواب شقق الجيران، بحيث وضع المجلى على عتبة الجيران، وصُمّم بأكثر الطرق عصرية ليمنح المستأجر إمكانية استعماله في جلي الصحون وغسيل الملابس والاستحمام والتبوّل. وتتراوح أسعار استديوهات الحاج كُ.أُ. بين ٣٠٠ إلى ٤٠٠ دولار شهرياً -على أن يكون الدفع كل ثلاثة أشهر- تُضاف إليها عمولة مكتب العقارات وبدل خدمة شطف الدرج، ومبلغ تأمين مُسترد، لضمان عدم تخريب المُستأجر للعفش أو درجات السلّم أو درابزينه أو مقابض أبواب الجيران. وتختلف أسعار الاستديوهات تبعاً لاختلاف الطابق، حيث يحظى مُستأجر السُلّم المؤدي إلى سطح العمارة بالكثير من السكينة والهدوء لعدم مرور عدد كبير من الجيران من شقته، بالإضافة إلى امتلاكه إطلالة خلّابة على أرقى فروع ماكدونالدز في المدينة، فضلاً عن الأسعار الخاصة بالأجانب والعزّاب الراغبين باستقبال ضيوف من الجنس الآخر.
0
تبدو لطيفة للوهلة الأولى. يشيع العلماء أنّها تحمي التربة من الانجراف وتحد من الاحتباس الحراري وتزوّدنا بالأكسجين وما إلى ذلك، مع أنها ليست إلا مرتعاً لمجموعة مخلوقات قذرة وضيعة، كالطيور التي تتبرز على رؤوسنا، والفهود والثعابين والحشرات التي تتربص للانقضاض علينا وافتراسنا أو لدغنا وامتصاص دمائنا. إنها الأشجار، وهي تشارف الآن على الانقراض، بفضلنا طبعاً. في الحقيقة، لا يمكن القول بأن الفضل يعود لنا لوحدنا، لأن الجزء الأكبر منه يعود لغباء الأشجار اللامحدود؛ فهي لم تكلف نفسها عناء استحقاق البقاء كما فعلت الطيور بأجنحتها ونحن بأدمغتنا والبكتيريا بسرعة انتشارها على الأسطح كافة بصرف النظر عن درجات الحرارة. الكائنات جميعها تعلمت عبر ملايين السنين كيفية النجاة من الحرائق والهزات الأرضية والطوفانات والصيد، إلا الأشجار، بقيت بلهاء تقف منتظرة حتفها، وهي - فوق ذلك - المسؤول الوحيد عما آلت إليه الحال من حرائق فظيعة يشهدها العالم لتقاعسها عن أداء دورها المزعوم في امتصاص ثاني أكسيد الكربون المسبب لما يسمى بالاحتباس الحراري. نعلم أنّه ليس لديك الرغبة للتفكير بشأن الأشجار. معك حق؛ فما يحل بها ليس خطأك أنت أو أي فرد من بني آدم، ولكننا آثرنا الاستعانة بأستاذ التمسحة وراحة الضمير، الدكتور سامي المهجة، ليوضح عبر النقاط التالية كم أنت غير مسؤول عن مخلوقات اختارت العجز عن الهرب من النيران. أولاً. تمتلك الأشجار شعوراً عارماً بالنقص ورغبة بإظهار الذات: يشير علماء التاريخ إلى أنّ مقولة "هاجر فأنت لست شجرة" لم تكن صحيحة دائماً؛ إذ لطالما كانت الأشجار كائنات بأعين ترى وأفواه تتكلم وأرجل تسير كما شاهدناها في فيلم ملك الخواتم. ولكن، لأنّ الأولين لم يذكروها في أمثال كـ"الكلب وذيله الذي لا يعتدل" و"الجمل الذي لا يرى عوج رقبته"، قررت تلك الكائنات التوقف عن المشي والتطور ونشر جذورها في الأرض لعلهم يرونها ويضربون بها أمثالاً تخلد وجودها. وهكذا - بسبب قصر نظرها وعدم استيعابها تطور حركة التاريخ وإحساسها الزائد بالأهمية - أصبحت فريسة سائغة لأكبر مفترس عرفته البشرية، أنت وشغفك برائحة الخشب المشوي وسائر المخلوقات التي ستشويها باستخدامه. ثانياً. الازدحام: تُفضّل الأشجار العيش ضمن قطعان ضخمة متلاصقة تصعب معها الحركة - مثلك أنت وأبناء عمومتك وعشيرتك - حيث تشابكت جذورها وأغصانها، ومع مرور الوقت كبرت القطعان تلك وشكّلت غابات ضخمة متراصة؛ فتضاءلت فرصة نجاتها حين تشب الحرائق. لذلك، حتى لو افترضنا أن لها أرجلاً تعينها على الهرب، فهي لن تنجو من النيران، وذلك لاختيارها مناعة القطيع والاحتماء بالآخرين بدل الاعتماد على نفسها وعيش حياة العزلة التي تحقق النجاة من المجتمع. ثالثاً. التركيبة البيولوجية للشجرة: كما تطور الخروف كلقمة سائغة لنا، تطورت الشجرة لتصير قمة سائغة للنيران؛ جلدها وعظمها وشعرها من الخشب وزينتها من الأوراق، كل شيء فيها يغري النيران لالتهامها. كان من المفترض عليها أن تطور جلداً سميكاً كما فعل التمساح وعظماً كالأحجار ورؤوساً صلعاء كجارنا أبو أحمد، أو كان بإمكانها على الأقل ستر نفسها بأي مادة عوض الوقوف أمامنا عارية في دعوة صريحة للانتهاك.
0
بعد احتراق غابات الجزائر ولبنان وفلسطين وتركيا واليونان والمغرب وإسبانيا وحوض المتوسط بأكمله ومن قبلها غابات كاليفورنيا وشرق أوروبا وأستراليا والأمازون ووسط إفريقيا، أطلقت دول العالم الأول وشركاته الكُبرى وكبار رجال الأعمال مبادرة للاستثمار في قطع الغطاء الأخضر والحدائق العامة والخاصة ومشاتل النباتات في جميع أنحاء المعمورة وقاية من خطر احتراقها المحتوم. وفي تقرير دولي، توقع خبراء ومحللون ومختصون أثراً إيجابياً ملموساً على الاقتصاد العالمي والمجتمع إبان قطع الغابات كافة "ستزدهر الصناعات الورقية، ويحصل العالم على فائض من الأوراق التي يمكن استعمالها لتوقيع المزيد من الاتفاقيات البيئية وطباعة منشورات الحفاظ على البيئة. سنكتفي ذاتياً - لعشر سنوات - من ورق التواليت، وسيصبح بمتناول الجميع شراء خزائن رصينة من الخشب الأصلي عوض تلك المصنوعة من الخشب المضغوط التي تتقوّس رفوفها بعد أول استعمال. كما سنشهد ازدهاراً في سوق الحطب، وسيجتمع الناس في جلسات حميمة حول المدافئ شتاءً يتسامرون ويستذكرون أيامهم الجميلة عندما كان هناك غابات". وأشار التقرير إلى مخاطر استنزاف الغابات للموارد المائية "تمتص الأشجار مصادرنا المائية الجوفية وتستولي على حصة كبيرة من الهطول المائي أيضاً، وحين تحترق تحتاج للأطنان من المياه لإطفائها؛ لذا، فإن قطعها لا يخلصنا من مخاطر احتراقها، بل يتدارك تبعات وجودها على أزمة الماء الواجب علينا ترشيد استخدامه ليقتصر على المصانع وبرك السباحة وملاعب الغولف". ورَفع التقرير بعض التوصيات لاستغلال الأراضي التي ستخلو قريباً من الأحراج "المساحات الجديدة مناسبة لتكون حقولاً لاختبارات الأسلحة، ومن الممكن أن يُخصص بعضها لبناء السجون الجديدة، ومن الممكن أن نقود أيضاً مشاريع ثورية للأجيال القادمة بتحويل المساحات إلى غابات هولوغرامية".
0
كلما فُقأت عينا طفل أو اغتيل ناشط أو ذُبحت زوجة بسكين المطبخ أو نُشِر صحفي. كلما انفجر مرفأ أو قُصفت منازل ثمّ قصف المستشفى الذي يضم جرحى انفجار المنازل، ثم سُرقت ثورة الناجين من القصفين. كلما احترق مستشفى وتفحّم المرضى فيه. وكلما دقّ الكوز بالجرة، تعج الشوارع العربية بمتظاهرين يُطالبون بما يُسمى "العدالة" حتى بات المصطلح سيمفونية كلاسيكية نُدندنها باستمتاع دون معرفة معانيها، خاصة وأنّنا لم نختبرها من قبل. ما يزيد الأمر سوءاً هو الإصرار على تحقيق تلك "العدالة" الآن، هنا -على الأرض هذه- ما ينقلنا إلى مستوى جديد من الأزمة يتجلى في نشوء وعي جمعي يحاول تحقيق الأشياء في الحياة الدنيا، متجاهلاً أنّ الآخرة تتضمن العدالة والقصاص والنعيم والماء والكهرباء والإنترنت السريع وغيرها من الخدمات التي لن تتوفر في البقعة هذه من الأرض. ويشكل تنامي الظاهرة تلك خطورة على استقرار المجتمعات؛ ذلك أنّ التخلّي عن المعنى الميتافيزيقي- المُطلق والمريح- لمفهوم "العدالة"واستبدالها بمعانٍ دنيوية يفتح الباب أمام نسبية المفهوم بحد ذاته؛ فالعدالة من منظور آلاف اللبنانيين الذين سُرقت تحويشة عمرهم من المصارف تتمثّل في إعادة دولاراتهم لهم، لكنّها عدالة نفعية مبنية على رغبة المظلومين بالحصول على حقوقهم، دون مراعاة لمنظور أصحاب المصارف للحق والباطل والعدل والظلم. كما أنّ السعي المَرضي وراء تحقيق المنظور الضيق-الشخصي للعدالة غير عقلاني وينطوي على حسّ انتقامي. ها نحن نرى عائلات ضحايا انفجار بيروت يطالبون بالعدالة ومحاكمة المسؤولين؛ لنفرض أنّ أحداً سيسمع مطالبهم، أين العدالة في ذلك؟ لن يُعيد القصاص أبناءهم من الموت، لكنّه حتماً سيُنغّص عيشة الأحياء من المسؤولين اللبنانيين، الذين سينغصون بدورهم عيشة الأحياء من أهالي الضحايا وبقية المواطنين، وهكذا، عوض الحفاظ على بعض المكاسب لبعض الأحياء، يخسر الجميع أحياءً وأموات. إنّ التمعّن في فكرة المطالبة من منظور فلسفي يفضح انطواءها على مغالطة منطقية. فإن عرّفنا العدالة على أنّها "عكس الظلم"؛ فهذا يعني أنّ المطالبة بإنهاء الظلم تعدّ ببساطة مطالبة باندثار العدالة أيضاً، لأنّه مفهومٌ يُعرف بنقيضه، والمطالبة بالقضاء على الظلم يعني مطالبة بالقضاء على العدالة. لذا، يتوجب على الشعوب العربية -إن كانت ترغب حقاً بالإبقاء على العدالة- أن تطالب بالإبقاء على الظلم.
0
تعطّل مكيّف المواطن سعفان شحابير في منزله مرة أخرى في أحد أحرّ أيّام الصيف، إلا أن صوت زفير وشهيق المكيف قوبل بالتهليل والتكبير رغم ما يعنيه ذلك من معاناة بسبب فتح الشبابيك ودخول الناموس والذباب والحر الملتهب وازدياد العراكات بين جميع أفراد العائلة بخصوص من سيجلس أمام المروحة الوحيدة في المنزل، وذلك بسبب الانخفاض المتوقع في فاتورة كهرباء الشهر ما سيحمي سعفان من الارتفاع المعتاد في حرارته الداخلية عند استلامها وسيقيه من تفاقم ديونه لشهر آخر في هذا الصيف. وأكد سعفان أن محاولات انتحار المكيف المتكررة تشكل مصدراً للراحة النفسية والمالية له ولعائلته "الجيل الحالي يشغل المكيف بداعٍ وبلا داعٍ، وسيستلقون أمامه مثل الغنم بحجة خطر ضربات الشمس المتتالية والجفاف، وكأنهم لا يعلمون أن العرق هو ما يبردهم داخلياً، حتى أنهم أحياناً يتركونه يعمل وهم نائمون إذا تخطت درجة الحرارة معدلاتها الطبيعية التي هي في حدود ٤٥ درجة مئوية، وهو ما يؤدي إلى تضخم فاتورة الكهرباء إذا لم أنتبه وأضع حداً لاستخدامهم المبذر". البشر تطوروا على مدى مئات الآلاف من السنين حتى وصلنا إلى ما نحن عليه، أما ارتفاع الأسعار فيحدث بسرعة كبيرة أعلى بكثير من قدرة استيعابنا ككائنات لم تتخلّ بعد عن بعض تصرفات القردة. وقال المحلل الاقتصادي رضوان خوخ الزمان إن ردود الأفعال الهادمة للذات طبيعية في ظل التضخم والازدياد الفاحش في أسعار الخدمات والسلع "البشر تطوروا على مدى مئات الآلاف من السنين حتى وصلنا إلى ما نحن عليه، أما ارتفاع الأسعار فيحدث بسرعة كبيرة أعلى بكثير من قدرة استيعابنا ككائنات لم تتخلّ بعد عن بعض تصرفات القردة. قد تكون هذه السرعة في التغير على مدار أيام أو حتى ساعات، ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى ما نسميه استجابة القتال أو الهروب، إما عن طريق ترك المكيف لا يعمل والهروب من الغرفة أو تكسيره على محصل الكهرباء"
0
قررت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الأردني إلغاء أشكال التقاعد كافة، بما فيها المبكرة والمتأخرة وإصابات العمل وحتى تلك التي حصلت في الماضي. ويأتي هذا القرار استجابة لاحتجاج حبايب القلب المواطنين على قرار رفع سن التقاعد وتقليص حوافز المتقاعدين، إذ أعاد الضمان النظر بإجراءاته ووجد أنها مجحفة تحرم الحكومة من نصيبها البديهي من أموال الإنسان الذي تعده أغلى ما تملك. إلغاء التقاعد لن يترافق مع إيقاف اقتطاعات الضمان من رواتب مشتركيه، لئلا تتأثر إيرادات الحكومة التي تقترض ٦٠٪ من أمواله، فيفقد تفوقه على مؤسسات الدولة الأردنية في الجباية. الناطق باسم الضمان أكد أن القرار بالطبع سيصب في صالح المواطن تماماً كما استفاد من قرارات الحكومة حين رفعت الدعم عن الكهرباء والمحروقات والخبز وعومت الأسعار وزادت الضرائب "العمل عبادة، ومن الأفضل أن يقضي المواطن الذي بلغ أرذل العمر بالتعبد والتقرب لله، لأنه بحاجة ماسة للحسنات والعمل الصالح وليس المال الذي لن يفيده كثيراً لعدم وجود الكثير من النشاطات التي يمكن لكبار السن التمتع بها". ونوَّه الناطق بأن إلغاء التقاعد لن يترافق مع إيقاف اقتطاعات الضمان من رواتب مشتركيه، لئلا تتأثر إيرادات الحكومة التي تقترض ٦٠٪ من أمواله، فيفقد تفوقه على مؤسسات الدولة الأردنية في الجباية. من جهته، اعتبر المحلل والخبير الرسمي عدنان الطوابرة أن إلغاء التقاعد له أبعاد سياسية تتعلق بهيبة الدولة "يبتزنا البنك الدولي ويضغط علينا بدراسات وتوصيات لفرض مزيد من القيود على المواطنين مشتركي الضمان الاجتماعي، وهو ما يمس بسيادتنا عليهم، لذا، يأتي هذا القرار لإفراغه من أي مشترك، لنري البنك ومن وراءه أننا لا نخضع للإملاءات الخارجية".
0
أكملت عائلة السيّد أنطون تناسيم عامها الخامس عشر وهي على قيد الحياة، رغم أن أفرادها لم يعرفوا يوماً الوجبة التي يودون تناولها على الغداء، ولم يسبق لهم أن اتفقوا على مطعم لشراء الطعام منه بدل الطبخ، ولم يأكلوا شيئاً عند أحد من أصدقائهم أو أقاربهم لأنهم لم يُجمعوا على قبول أي دعوة من قبل، فضلاً عن حقيقة أنهم بشر، ما يعني عدم قدرتهم اعتماد عملية البناء الضوئي كمصدر للتغذية كالنباتات. لا بد أولاً أن نختلف حول الطعام ووصفاته كنقطة انطلاق نحو الديمقراطية واعتبرت ربة الأسرة السيدة تماضر حناويس أن ما يجري في أسرتها لا يخرُج عن أعراف وتقاليد المنطقة والعالم "في ظل عجز الحكومة عن الاتفاق على رواية موحدة عن أي حدث في البلاد، وعدم وصول الدول العربية إلى التفاهم المنشود في ما بينها، واختلاف البشرية على إجابة الأسئلة الوجودية مثل نشأة الكون والإله، لا يمكن أن تلام عائلة بسيطة مثلنا على عدم الاتفاق على وجبة غداء". وأكد الشاب الجامعي شادي تناسيم أن اختلاف العائلة هو النواة الحقيقية للتقدم "كما تعلمون، نحن شعوب لم تتعلم العمل والممارسة الديمقراطية، وليس لدينا أحزاب فاعلة تختلف فيما بينها على البرامج والخطط، لذا، لا بد أولاً أن نختلف حول الطعام ووصفاته كنقطة انطلاق نحو الديمقراطية". كما أشار شادي إلى أن الاختلاف في وجهات النظر أمر صحي، خصوصاً حين يتعلق الأمر بالطعام "فعلى عكس أصدقائي وصديقاتي الذين يعيشون في عائلات مستقرة تسودها أجواء التفاهم والتضامن، ليس علي القلق بشأن الدهون الثلاثية والكوليسترول، كما أنني لا أعاني من زيادة في الوزن، ولن أهتم بهذا الشأن ذلك ما دام الخلاف الصحي مستمراً في عائلتنا". يذكر أن لغز بقاء العائلة على قيد الحياة لا يستحق الإجابة أمام المُعضلات الكبرى التي تُحيط بوجودها ولم تجد تفسيراً حتى الآن، مثل قدرة أنطون وزوجته على الإنجاب مع أنهما لم يتفقا على وضعية للجماع منذ أول يوم لزواجهما، وحمل أطفالهما أسماءً مع أنهما لم يتفقا عليها بطبيعة الحال.
0
طلقت شركة غوغل تحديثاً جديداً لمتصفحها "كروم" يُسهِّل على المستخدمين استهلاك كل كيلوبايت من الرام في حواسيبهم دون الحاجة لفتح عشرة تابات من المتصفح ثمَّ فتح ويندو أخرى بعشرة تاباتٍ جديدة لأنَّ تلك الويندو مُلئت ولم تعد عناوين التابات مقروءة مما يصعّب التنقل بينها. وقال السيد روبيرتو ساكو ديبولاز، مدير المنتج في كروم، إنَّ من شأن التحديث الجديد زيادة إنتاجية مستخدمي المتصفح "في السابق، اضطر مستخدم كروم لتشتيت نفسه بفتح تابٍ جديدٍ لاستهلاك كل غيغابايت من الرام، والتنويع بين تابٍ للموسيقى وآخر لمقطع فيديو يشاهده حينما لا يكون مديره خلف ظهره، وتاب لعمل اليوم، وآخر لتلك المهمة التي طلبها منه زميله قبل أسبوع، وتاب للفيلم الذي بدء مشاهدته البارحة ونام قبل إنهائه، فضلاً عن فتحه تاباتٍ فارغة كل حينٍ، أمّا الآن وبفضل هذا التحديث فيمكن للمستخدم أن يستنزف راماته دفعةً واحدة دون الحاجة لفتح كروم من الأساس". وأعرب السيد ساكو ديبولاز عن سعادته بإطلاق النسخة الجديدة من كروم "ربما - وهذه المرة الأولى التي أعني بها هذه الجملة حقاً - نجحنا بتغيير حياة المستخدمين. لن يتمكنوا من فعل أي شيءٍ آخر على حواسيبهم سوى النظر إلى شعار غوغل عبر الصفحة الرئيسية للمتصفح وتأمله خلال تقديرهم كم باتت حياتهم أجمل بوجود غوغل فيها". ونوَّه السيد ساكو ديبولاز إلى ضرورة منح كروم صلاحية قراءة كل البيانات والملفات وكل إشارة ترسلها الرام إلى المعالج وجمعها كلها وإرسالها إلى غوغل "وذلك لنتمكّن من تحسين استهلاك كروم للرام عبر تحليل أنماط استخدام كل فردٍ لحاسوبه وتخصيص تجربة مثلى لهم. وبما أنَّنا حصلنا على هذه البيانات فلمَ لا نستخدمها لعرض إعلاناتٍ أفضل لهم؟".
0
قُبيل إعلان وفاته رسمياً ونقله في جنازة رسمية مهيبة من مكتبه الوثير إلى مثواه الأخير، أُحيل مدير دائرة إدارة المواطنين كُ.أُ. للتقاعد لفقدانه القدرة على النُطق والحركة وتحريك جفنيه وإعلان وفاته سريرياً فقط. الناطق باسم الحكومة قال إن الحكومة اضطرت مُكرهةً لاتخاذ هذا القرار "حالة عطوفة معالي سعادة كُ.أُ. جعلت إحضاره إلى مكتبه بكرسي متحرك ليمارس أعماله بعزيمة ونشاط كما كنا نفعل منذ إعلان مرضه قبل ١٠ سنوات أمراً مستحيلاً، ولم يكُن بالإمكان نقله إلى مقر عمله بواسطة سرير؛ لأن مكتبه المتواضع يفتقر لأجهزة عناية حثيثة وطواقم طبية تبقيه على رأس عمله حتى آخر نبض في عروقه". الحكومة ستعوض كُ.أُ. بتسليمه بضعة مناصب رمزية، كرئاسة مجالس عدد من الشركات والهيئات، مع الإبقاء على رواتبه وامتيازاته كاملة لكونه توقف عن العطاء لظروف قاهرة. وشدد الناطق على كذب الإشاعات التي تتهم الحكومة باستغلال مرض كُ.أُ. لأجل إقالته "لسنا قساة متحجرين أغبياء لنُقيل قامة فارعة بحجم كُ.أُ.، خصوصاً أنه لم يُكمل عامه الخامس والأربعين في المنصب ولم يأخُذ فرصته لينفذ خطة الإصلاح الخمسيّة التي كُلِّف بها منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي". وأكد الناطق أن الحكومة ستعوض كُ.أُ. بتسليمه بضعة مناصب رمزية، كرئاسة مجالس عدد من الشركات والهيئات، مع الإبقاء على رواتبه وامتيازاته كاملة لكونه توقف عن العطاء لظروف قاهرة. يذكر أن السلطات اتخذت جملة إجراءات تحول دون خسارة كفاءات مماثلة في المستقبل، مثل تجهيز مكاتب المسؤولين بعناية طبية متكاملة، والتأكد من كتابتهم أسماء الورثة الشرعيين لمناصبهم في وصاياهم".
0
أعرب أبو أسعد فرطاس عن فخره واعتزازه بنفسه بعد أن عالج ضعف الإضاءة الذي يخيم على غرفة الجلوس بتركيب كشافات في السقف وزوايا وجدران الغرفة الأربعة واثنين في البلاط وشراء فانوس لكل فرد في العائلة وإجبارهم على تشغيل الفلاش في هواتفهم دوماً، جاعلاً إضاءة الغرفة صحيّة ومناسبة بعد أن كانت الثريات وأضواء الإنارة الجانبية وقضبان النيون غير كافية لممارسة النشاطات والفعاليات في هذه المساحة. وأكد أبو أسعد أنه يشعر الآن بصفاء ذهني ونفسي وهدوء وسكينة "صوت تردادات الكهرباء العالية مثالي للتأمل؛ هذه الضجة البيضاء تساعدني على تركيز أفكاري، والإشعاعات الساطعة تجعل من كل الأمور واضحة وجليّة وبيّن أبو أسعد أنّ شكل الإضاءة الآن سيفضي لنتائج اقتصادية واجتماعية وعلمية جيدة على الأسرة والمجتمع "لم أستطع حلّ الكلمات المتقاطعة أو تقطيع الفاكهة بكفاءة قبل تركيب كشاف ٣٠٠ واط خلف مقعدي، كما أنّ درجات أبنائي كانت متدنيّة في المدرسة لأ الإضاءة الطبيعية لم تكن مفيدة وتساعد على القراءة، وكنت في عراك دائم مع العائلة حول مكان ريموت التلفزيون الذي يتماهى مع قماش الكنب، وكانت زوايا البيت مسكونة بالأشباح التي ترتاح في الظلمات قبل أن أنير عليهم وأجعل الليل نهار والنهار نهار أكثر". وأكد أبو أسعد أنه يشعر الآن بصفاء ذهني ونفسي وهدوء وسكينة "صوت تردادات الكهرباء العالية مثالي للتأمل؛ هذه الضجة البيضاء تساعدني على تركيز أفكاري، والإشعاعات الساطعة تجعل من كل الأمور واضحة وجليّة، فكلما خفت الإضاءة زادت الظلال، وإلغاء الظلال وكل الأبعاد الثلاثية للأشياء يلغي أي تشويش بصري قد يتعب العين". وأشار أبو أسعد إلى أن الخطوة هذه ليست الأخيرة في قائمة مشاريعه "أسعى لنقل تجربة الكشافات إلى المطبخ والحمام وغرف النوم، و تركيب ميكروفون ومكبرات صوت لأتأكد من وصول صوتي للجميع داخل وخارج المنزل عندما أطلب منهم أن يحضروا لي كوباً من الماء، وأركب كشافات خاصة بحساسات للحركة ينيرون المنزل والشارع بأكمله عندما يعود أولادي إلى البيت متأخرين دون حاجتي للجلوس وانتظارهم وإشعال الضوء درامياً عندما يدخلون".
0
نعم، فعلها العبقري ابن العباقرة، فعلها رغم سخرية من حوله من مجرد إيمانه بإمكانية تحقيق ما فشل أجداده في تحقيقه منذ إنتاج أول علبة مناديل؛ عندما تمرّد على منظومة المناديل وتحدّى موروث المستخدمين ونجح باستخراج المنديل الأول في العلبة بحالة قابلة للاستخدام. يقول الشاب مدحت مُخللات إنّ العملية لم تكن سهلة؛ إذ إنّها بمثابة جراحة دقيقة للعلبة المُصممة للتضحية بالمناديل التي تقف على خط الدفاع “لقد تعمدّت المصانع الرأسمالية القذرة تعكير مزاج المُستخدم بهذا التصميم اللئيم وتكبيد البشرية مليارات المناديل يومياً؛ ففي كل مرة تُفتح فيها علبة جديدة تخسر البشرية من 15 – 25 منديلاً تذهب أرباحها إلى جيب أصحاب الشركات الذين يبيعون أكثر مع كل فشل بشري أمام محاولة فتح علبة جديدة”. ويتابع “لكنّ المستخدم الذكي يتحلّى بالصبر وينزع غطاء العلبة العنيد بتأنٍ ويسحب المنديل الأول وكأنّه الأخير في هذه العلبة، في هذا المنزل، بل وفي البقالة المقابلة للمنزل. عندها فقط سينجح . لا تسألني كيف ولكن اسألني لماذا”. ولدى سؤاله “لماذا؟”، أكّد مدحت أنّ المسألة ليست منهجاً تعليمياً يمكن تطبيقه ببساطة، بل عليك التمتّع بعدد من المهارات مجتمعة مثل الذكاء والتركيز والرشاقة والإيمان بقدرتك على تحقيق المستحيل، ولكنّ الأهم هي الموهبة، وهي مسألة ربانية لا تحصل عليها ببساطة ولا يمكن شراؤها بالأموال. مثل القدرة على التصفير أو فتح زجاجة بيرة بالقداحة أو تنظيف شعر الوجه بالخيط”. بدورها، أثنت والدة مدحت على إنجاز ابنها مؤكدة أنّها استشعرت ذكاءه الاستثنائي وتفكيره الاستراتيجي منذ زمن “مدحت مختلف. إنّ الإنسان متوسط الذكاء قليل الطموح، يواجه موقف علبة المحارم الممتلئة بسذاجة؛ لا يُفكّر أبعد من أنفه – خاصة إن كان أنفه بحاجة مُستعجلة لاستخدام المحرمة – وما إن تصله علبة المناديل المُغلقة حتى يشعر بالطمأنينة والامتلاء وبأنّه سينعم بالمحارم طيلة حياته، فلا يأبه لاستخراج أول عشرين محرمة مُمزقة ومُهترئة ليرميها في القمامة باستهتار وبين ليلة وضحاها يقف عارياً أمام حقيقة انتهاء العلبة. لكنّ مدحت لم يخش التفكير بالمستقبل القريب، وعلم أنّه لو نجح باستخراج أول محرمة بحالة صالحة سيُجنّب نفسه الكثير من المعاناة لاحقاً”.
0
في ظهور نادر لها، أعلنت وزارة البيئة أنّها توّجت مجهوداتها في التطوير العلمي وتوعية المجتمع بما يستجد في الكوكب العربي، حيث توصلت إلى التركيبة الصحيحة والحقيقية لسائل الماء وأوعزت لوزارة التربية والتعليم بإضافة اللون والرائحة إلى خصائصه في المناهج الدراسية. وأكّدت الوزارة ضرورة خلق مناهج دراسية تواكب التطورات المحيطة بالطالب وتعكس واقعه “لطالما اتسمت المناهج بالجمود والتزمت بتدريس الماء الشفاف عديم الرائحة، وهمّشت أنواعاً أخرى مثل مياه الصرف الصحي ومياه المخلفات الكيماوية والمياه التي تخرج من القمامة عند سقوط المطر عليها ومياه المطر الكبريتية ومياه البول، والتي ينتهي بها المطاف جميعاً في خزانات المواطنين”. وأضافت “أكّدت تجاربنا العلمية والمعملية بأنّ للماء روائح وألوان عدة، ألوان الطيف السبعة بتدرجاتها كافة من اللون البنفسجي إلى الأحمر المتلون بدماء المتظاهرين في يوم ماطر، بالإضافة إلى اللونين الأبيض الحليبي والأسود الغامق، كما أنّ روائحه تتدرج من رائحة البيض الفاسد إلى رائحة المجاري وجثث المتسممين عند شمّها، هذا فضلاً عن التركيبة الكيميائية للماء؛ فهو لا يحتوي على أكسجين وهيدروجين فقط كما تزعم الدراسات القديمة، بل يضم عناصر مهمة كالكلور والدودة الشريطية والفيروسات وخراء المواطنين”. وأشارت الوزارة إلى أهمية الماء ذي اللون والرائحة في حياة المواطن “العينات كافة التي درسناها صالحة للغسيل والشرب والتداوي والتعذيب بها، وتكمن أفضليتها على المياه الشفافة في قدرتها على تطوير الإنسان بيولوجياً وخلق طفرات وراثية وصفات جسمانية جديدة للبشر، تماماً كالصفات التي اكتسبها الماء بعد أن كان شفافاً بلا طعم ولا لون ولا رائحة، وستذوب العنصرية بين البشر عندما تخرج مجموعات جديدة بألوان مختلفة”. وشدّدت الوزارة على أهمية إضافة مادة أنواع المياه إلى المناهج الخاصة بالمراحل الدراسية المختلفة لتُعزّز فخر الأجيال الشابة بالإنتاج الوطني، مشيرة إلى جهودها الجبّارة لإنجاح هذا الإنجاز العلمي الضخم، وسعيها لتوثيق ودراسة كل قطرة مياه في البلاد من خلال نزولها إلى الشوارع والتحام عناصرها وعلمائها بفئران وبشر التجارب “تمكنّا من الوصول إلى أفراد حي بالقرب من نهر مخلفات مصانع الصابون، ولاحظنا لون ألسنتهم الأخضر ونجحنا بانتزاع تصريح حصري منهم بلون وطعم المياه التي يشربونها قبل وفاتهم بدقائق قليلة”.
0
أعلنت وزارة التربية والتعليم عن إطلاق مشروعها الجديد القائم على افتتاح آلاف المدارس الموزعة على كافة المدن والمحافظات والأحياء السكنية، وذلك من خلال تحويل كل أم إلى مدرسة مستقلة ومستعدة لاستقبال أبنائها الطلبة في مختلف المراحل الدراسية – بدءاً من الصف الأول وصولاً إلى المرحلة الثانوية – عقب النجاح الباهر الذي حققته تجربة التعلم عن بعد على صعيد الخصم من رواتب الكوادر التعليمية وتوفير كُلف تشغيل المرافق المدرسية. وقد تبيّن خلال جائحة كورونا أن طاقة الأمهات لم تكن مستغلة في السابق بالشكل المطلوب؛ إذ لطالما كانت الأم مجرد مربية أو معلمة مساعدة تشرف على حل الواجبات المنزلية وتساهم في تنفيذ المشاريع وتتابع الدروس مع أبنائها عوض شرحها لهم من الصفر وابتكار طرق إبداعية لضبطهم وربطهم وإيصال المعلومة. وأجرى وزير التربية والتعليم جولة تفقدية افتراضية على مواقع المشاريع، فوجد أن البنية التحتية اللازمة متوفّرة فيها أساساً، خصوصاً بعد مرور أكثر من عام على التعليم المنزلي واضطرار معظم الأمهات لاقتناء حاسوب أو هاتف ذكي، والاشتراك بخدمة الإنترنت، وتهيئة غرف صفية مريحة، وإنهاء التزاماتهنّ في أي وظائف خارج قطاع التربية والتعليم. وأكد الوزير في كلمة ألقاهها في حفل التدشين أن جميع المدارس الجديدة بإمكانها تقديم تعليم ذي جودة نوعيّة “كل أم حائزة على شهادة الثانوية العامة مؤهلة لتعليم جميع المواد في المنهاج الدراسي؛ فهو لم يتغير كثيراً منذ كانت الأمهات على مقاعد الدراسة”. وطمأن الأمهات اللواتي لم يكملن الثانوية بأن أفضل طريقة للتعلُّم هي التعليم. من جانبه، شدّد وزير التعليم العالي على أن العمل جارٍ على قدم وساق لإيجاد أفضل وسيلة لإشراك الأمهات الجامعيات في العملية التعليمية، كل واحدة حسب اختصاصها.
0
أنفق الشاب فريد القطاريفي ما يعادل ثمن شاحن جديد لشراء أشرطة لاصقة يضعها على كامل أجزاء شاحنه المهترئ، قبل أن يزيلها حين تتلف ويضع لاصقاً جديداً، موفراً بذلك على نفسه شراء شاحن جديد ومتغلباً على النمط الاستهلاكي السائد في أوساط الطبقة المتوسطة المستهترة التي تسارع لرمي الأشياء فور تلفها وفقدان الأمل بإصلاحها. وكان فريد قد واجه بصلابة تعليقات أهله وأصدقائه ومعارفه على شاحنه المرقع “لم آخذ بنصائحهم لشراء شاحن جديد، وحين قدمه لي أحدهم هدية رفضته رفضاً قاطعاً. إنهم لا يدركون أبعاد ما أفعله؛ فالقبول بشاحن جديد يعني أن أصبح إنساناً بليداً يستسهل الحلول ويصعب عليه الخروج من منطقة الأمان. المسألة مسألة مبدأ؛ يجب عليّ الاعتماد على نفسي، ماذا لو وجدت نفسي في جزيرة نائية مهجورة وليس لدي إلا شاحن مكسور، كيف سأشحن هاتفي لأتواصل مع العالم إن لم أنجح بإلصاقه؟”. وأضاف “في اليابان، ترتفع قيمة الخزفيات حين تنكسر وتلصق، حتى أنهم يزينون موضع الكسر بورق الذهب، ولكننا أناس لا نقدّر الأشياء. يجب أن يعود العالم إلى رشده؛ لن أتخلى عن شاحني مع أنه بالكاد يعمل، لن أتخلى عنه حتى حين يتلف تماماً، وبموقفي هذا أحافظ على عادة قاربت على الانقراض وأكون خيط الوصل بين زماننا والأزمنة اللاحقة. سيرى أحفادي شاحني، وعندما يكبرون سيرثونه عني تحفة من العصر البائد ويعرضونه بمتحف أو يبيعونه في مزاد سوذبي لمقتني الآثار بمبلغ معتبر”. وأشار فريد إلى أن الموضوع لا يقتصر على المبادئ والنوستالجيا، بل يمتد تأثيره على إنتاج الشواحن والتطور الصناعي في العالم “لا يهمني إن أنفقت ثمن عشرة شواحن على الشرائط اللاصقة؛ سأستخدمها على الأشياء جميعها، على أكواب القهوة المتكسرة ومواسير المياه وتمديدات الكهرباء والكراسي والزجاج والجدران. يجب أن يعلم أصحاب المصانع أننا لن نقبل ببضائع قابلة للكسر والاهتراء والتلف. لقد بدأت بنفسي، وكلي ثقة بأن الكثيرين سيحذون حذوي، وبهذا أكون قد قدمت خدمة للبشرية الحمقاء، مع أنها لا تقدّر قيمة ما أفعله”.
0
أفحم الطبيب البيطري كُ.أُ. جميع المشككين بكونه طبيباً حقيقياً – مع أنه دخل المهنة إثر فشله في تحصيل قبول في كلية الطب البشري – وأثبت أنه لا يقل شأناً عن أطباء البشر، وذلك باتجاره بأرواح الحيوانات والطيور المستأنسة كما يتاجرون بأرواح الناس. وقال كُ.أُ. إنه ضاق ذرعاً من احتكار الأطباء البشريين لمفهوم الطبيب “سأفرض هيبة الطب البيطري في المحافل الصحية. لقد رفعت أجور كشفيتي، وسأرفعها مجدداً، ما الذي ينقصنا لنطلب ٣٠ دولاراً للجلسة الواحدة؟ سأجعلها ٥٠ دولاراً، أو ٧٠ ولن أكتفي بذلك؛ سأجعل من فحوصات الدم والأشعة والصور الطبقية المحورية ومخططات الدماغ وتحاليل بول إجراءً روتينياً – وكل شيء بثمنه – فضلاً عن أسعار المراهم والطعام الخاص المستورد والمبيت الإجباري لليلة أو ليلتين في أقفاص العيادة. وأوضح كُ.أُ. أنه سيتفوق على تجار البشر “رؤيتي متسقة مع متطلبات السوق. هل يستطيع الأطباء العاديون حشر ذكر وأنثى في قفص وإجبارهم على الجماع ليخلطوا التشكيلات جينية ويخرجوا بسلالات كيوت وفلافي؟ ها أنا أزاوج قططاً وكلاباً مختارة بعناية ورميتها في أقفاص أصغر من حجمها، وأخلق سلالات أبيعها وأُشرف على علاجها من المشاكل الوراثية التي تعاني منها، وهكذا أبني قاعدة من الزبائن الأوفياء، وأحقق مبادئ الاستدامة في إدارة الأعمال أفضل من أفضل طبيب بشري”. وأشار كُ.أُ. إلى أن تربية الحيوانات لا تناسب الطبقة المتوسطة “لنفرض أن شخصاً اشترى سيارة فيراري، ألا يحتاج ذلك لتزويدها بأغلى أنواع الوقود والزيوت وإصلاحها عند أفضل الميكانيكيين؟ كذلك الحال في عالم الحيوان، يجب أن يمتلك من يربيها رأس مال ليوفر لها حياة هانئة صحية بزيارات دورية لعيادتي. وهذا لا يعني أنني أميز بين قط يُدعى مارلون وآخر يُدعى خمخوم؛ فغلاء أرواح جميع الحيوانات محفور في قلبي وعلى قائمة أسعاري”.
0
وضّب المهندس المعماري م. ضياء شمنطاوي شهادته الجامعية ومشروع تخرّجه ولابتوبه وروب التخرّج وبطاقة عضوية نقابة المهندسين ومسطرة الـ T وأقلام الرصاص والفرجار وأقلام ماركر ومشرطاً دائرياً ومشروع مكعب الجبس من السنة الأولى، وضّبهم واصطحبهم جميعاً مع أمه وأبيه لزيارة عائلة الفتاة التي يود التقدم لخطبتها حتى يثبت لهم أنّه مؤهل للارتباط بها بأدلة ووثائق لا تقبل النقاش. ولدى سؤال والد الفتاة م. ضياء عن حاله، أكد له أنه درس الهندسة المعمارية في كلية الهندسة “وصرت زميلاً لمهندسين ومهندسات وانتسبت لنقابة المهندسين وأعيش حياتي كمهندس وأعمل مهندساً في مجال هندسي وسأموت مهندساً، ورغم صعوبة تخصص الهندسة المعمارية ،فقد كنت تلميذاً نجيباً؛ فأنا مهندس بالفطرة، والهندسة حلم طفولتي؛ في الوقت الذي كان الأولاد يلعبون في الحارة كنت أسطّر وألوّن وأهندس، أردت دوماً أن أكون مهندساً، وهذا ما صرت عليه؛ مهندس بخير والحمد لله، كيف حالك أنت؟”. وقبل أن يتمكن والد الفتاة من الإجابة، أزاح م. ضياء المزهرية التي على الطاولة ووضع مكانها مشروع تخرّجه “ظننتم أنني سآتي حامِلاً علبة حلوى أو باقة ورد، لكنني أتيت بالمهمّ، إنه مشروع تخرّجي الذي وصلت الليل بالنهار لإتمامه، وحين عرضته على لجنة التحكيم صفّروا وصفّقوا، وكادوا – لولا النظام التعليمي الرديء – أن يمنحوني شهادة ماجستير عليه، وحين نشرت صوره على جروبات الدفعة حصدت الكثير من اللايكات وقلوب الحبّ وضحكات الحُسّاد. لا أريد الإطالة في الكلام عنه، دعوني أشرحه لكم بالتفصيل”. بعد ساعة ونصف من الشرح، أدرك م. ضياء أنه حاز قبولهم “إذ نادى الوالد على ابنته بصوت عالٍ لتأتي وتقابلني وتراني بأم عينها؛ اقتربت بخطّ مستقيم، بدأت أحسب قياسات عش الزوجية والأثاث الذي يناسب حجمها، ولم تكد تجلس حتى أريتها قرطاسيتي وبطاقة عضوية النقابة على صدري، وأشرت لها بيدي إلى مشروعي، وتركت كل هذه الأشياء تتكلّم عنّي”. وفور انتهاء الزيارة، ورفض طلبه، أكد م. ضياء أنه يشرف تلك العائلة بالزواج من ابنتها الجاهلة “هي أصلاً ليست مطابقة لمواصفاتي ومقاييسي. لا تعرف أسباب سقاية الإسمنت الطري في ساعات الصباح الباكر؛ وحين صافحتها كانت يدها رخوة طريّة، فضلاً عن حملها صينية القهوة بدرجة ميلان ٨٧ درجة، وهذا دليل على مشكلة كبيرة في توازنها ومتانة أساساتها”.
0
أعلنت الحكومة الرشيدة أن بطاقات الهوية لحاملي هاتف التفاحة تُعدّ مُنتهية الصلاحية اعتباراً من موعد إطلاق تطبيق كلوب هاوس، وطالبتهم بالتوجّه فوراً إلى دائرة الأحوال المدنية لتحديث بياناتهم الشخصية وتسجيل عينات صوتية نقية عبر الميكروفونات الموجودة في الدائرة ليتم تعريفها وإدخالها إلى النظام وربطها مع الرقم الوطني وكل ما يندرج تحته من أرقام وأسماء تتعلق بالمواطن وأصله وفصله، حتى تستأنف الأجهزة الاستخباراتية عملها بشكل طبيعي. وأصدرت دائرة الأحوال المدنية تعميماً جاء فيه أنّ غرامات التأخير في تجديد بطاقات الهوية تحتسب بدءاً من يوم تحميل التطبيق على هاتف المواطن المعني، وهذا ينطبق أيضاً على رسوم إصدار بطاقة لأول مرة بالنسبة للمواطنين ما دون سن السادسة عشرة، على أن يعودوا كل ثلاثة أشهر لتجديد عينة الصوت حتّى تتبلور أصواتهم في الثامنة عشرة وتصل إلى مستوى ثابت من الخشونة. وشمل التعميم المواطنين في المهجر، الذين يستعملون كلوب هاوس للبقاء على تواصل مع أبناء شعبهم ويبثون بأصواتهم عن شتى المواضيع الاجتماعية والسياسية، مُعتبراً جوازات سفرهم لاغية حتى يتوجهوا إلى مكتب السفارة ويتركوا بصماتهم الصوتية هناك، مع مراعاة للمرضى وكبار السن ومنحهم استثناءً يسمح بتوكيل أحد أفراد الأسرة لإنجاز المعاملة نيابةً عنهم في أرض الوطن، شريطة أن يكون التفويض بواسطة رسالة صوتية عالية الجودة بحيث تستقبلها الميكروفونات بفاعلية. وأوضحت الحكومة أنها ستوسع حملة تجديد الهويات لتشمل حاملي الآيباد، ومن ثم حاملي الهواتف التي تعمل بنظام الأندرويد، رغم أنّها ستحظر التطبيق قبل أن يصبح متاحاً لديهم، ولكنها ستأخذ عينات من أصواتهم في كل الأحوال حتى تتعرف عليهم أثناء الاستماع لأرشيف المحادثات المُسجّلة، وذلك في حال كان أحدهم يستعمل نسخة مقرصنة من التطبيق أو يتحدث عبر آيفون تابع لمواطن آخر.
0
إثر همسها لسلفتها عن صعوبات تواجهها مع زوجها في الإنجاب، فوجئت السيدة تماضر محاسيس بحماها الحاج أبو رستم يقترح عليها اسم طبيب متخصص في هذه الحالات، بعد استعادته قوة سمعه الآخذة بالتدهور مع تقدمه في السن، فجأة، بمعجزة، دون الاستعانة بطبيب أو سماعة طبية أو تدخل جراحي. ولم تكن تلك المرة الأولى التي يباغت فيها الحاج عائلته بهذا الشأن؛ إذ سجلت قوة سمعه تحسناً ملحوظاً فور انزواء اثنين بحديث خاص، أو خلال مناقشة الخلافات في الغرف المغلقة، أو حين يضج الأطفال بالصراخ أثناء نومه، قبل أن تعود للتراجع حالما يُطالبه أحدهم بالنقود، أو تقترح أم رستم تجديد طلاء المنزل، أو تحذره من أثر التهام كيلو الكنافة لوحده على وضعه الصحي. ويرجح خبير الظواهر المحيرة حفيد أبو رستم أن تكون أعصاب الأذن الداخلية لجده قد طورت وعياً خاصاً منفصلاً عن وعيه، معتمدة بذلك على ما سمعته طوال السنوات الماضية، إلى درجة جعلتها قادرة على فلترة الأحاديث ثم تقرير إن كان من الضروري أن يعرف بشأنها أم لا. يذكر أن لأبو رستم معجزة أخرى، تتمثل بقدرته على قراءة الشفاه لتعويض انخفاض صوت من يتحدثون بموجات صوتية تقل عن ١٨ هيرتز، ومعرفة محتوى المكالمات الهاتفية التي يجرونها، وهو ما طور لديهم مهارة إخفاء أفواههم بأيديهم والتحدث دون تحريك شفاههم.
0
شهدت حياة الشاب أديب فهلول نقلةً نوعيّة عندما اكتشف موهبته في المالتي تاسكينج، أي القيام بمهام متعددة في نفس الوقت، صدفةً وذلك عندما نجح في الجمع بين مهمتي التفكير وشرب الشاي في وقت واحد، وتفضل بضمّ نفسه إلى نخبة المالتي تساكرز* المرموقة. وتفاجأ فهلول بدماغه يفكر بالتزامن مع ارتشاف كوب من الشاي “في أول بضع رشفات أحسست بشعورٍ غريب لم ينتبني من قبل، وبعد إنهائه وعيت على نفسي وأنا أفكر، لا أذكر ما الذي كنت أفكر به بوضوح، لا يمكنكم أن تطلبوا مني القيام بمهمة التذكر بينما أتحدث إليكم، ما زالت هذه الميزة جديدة. مهلاً…. تذكرت… لحظة نسيت، مممم نعم نعم تذكرت، كنت أفكر بالأسباب التي تدفعُ الطيور المهاجرة إلى الهجرة”. واستهجن فهلول الأصوات التي تكذّب المالتي تاسكينج وتدعي أنه وهم “لقد استطعت التفكير دون أن يؤثر ذلك أبداً على شربي للشاي؛ بقيت يدي ثابتة على الكوب أرفعها باتجاه فمي وأخفضها بشكل اعتيادي، واستطاعت شفاهي رشف الشاي من الكوب، كما تذوقت طعم الشاي – ولاحظت أنه يحتاج المزيد من السكر- وبلعته باتجاه المعدة مباشرةً مروراً بالمريء، وهذا دليل واضح على تطوري لفصيلةٍ بشرية متحورة كفؤة”. وأكدّ أنه سيعمل على تطوير هذه المهارة المكتشفة حديثاً “في المرة المقبلة سأغط الكعك بالشاي وأحاول التفكير كذلك، وإن نجحت سأنتقل للمرحلة التالية وأجرب الاستماع إلى الأغاني وقيادة السيارة والتحدث على الهاتف وتدخين السجائر في اللحظة ذاتها”. * المالتي تاسكير في معجم الحدود: مالْتِي تَاسْكٌ، مَالْتِيْ تَاسْكِينْغ، فهو مَالْتِي تَاسْكَر؛ شخصية خيالية من أبطال شركة “مارفيل”. قادر على خرق قوانين الطبيعة والقيام بأفعال متعددة في نفس اللحظة. والمَالْتِيْ تَاسْكِينْغ معجزة يتمناها الموظف العادي لينجز المهام الموكلة إليه قبل انتهاء دوامه، أو يومه أو حياته.
0
قرر السيد أبو حسني استغلال العطلة الرسمية والخروج من بيته صباح اليوم مصطحباً عائلته للتنزه خارج المدينة، أو الحيّ، أو الشارع، بحسب قدرة سيارته على السير في الثلج قبل اضطرار باقي الجيران للخروج في نزهة لدفعها. وقال أبو حسني إنّه لطالما شعر بالذنب تجاه زوجته وأطفاله لعدم مشاركته حماسهم للرحلات التي يقترحونها طوال العام، ما دفعه لتعويضهم اليوم ومفاجأتهم بنشاط خارج عن المعتاد لمضاعفة فرحتهم “عادةً ما أرفض مقترحاتهم؛ لأنّهم يطلبون مني الخروج في أوقات لا تصلح إلا للبقاء في الداخل والاسترخاء وأخذ قيلولة، كليالي الصيف الحارة أو في موعد الغروب أيام الربيع أو صباح يوم الجمعة”. وتابع “في الأوقات التي يخرج فيها معظم الناس لا يكون الدفاع المدني متفرّغاً لإسعافهم في حال تصادموا بشجرة صنوبر أثناء لعب الغميضة بسبب انعدام الرؤية، أو إذا انزلق أحدهم من مطلٍ عالٍ أو تعطّلت السيارة بسبب نقص البنزين فيها أو فوات موعد صيانتها منذ سنوات، وأنا لا أرضى أن تخرج عائلتي في رحلة إلا إذا كانت كوادر الدولة جميعها في حالة تأهب واستعداد لإنقاذهم من أي مكروه لا سمح الله”. وأكد أبو حسني أنه ليس مستهتراً ليخوض مجازفة كهذه من باب الترفيه فحسب “الغاية ليست مجرد استنشاق الهواء المنعش البارد أو حتى الشعور بالتميّز عن الآخرين النائمين في منازلهم مُتدثرين بلحافاتهم؛ فحقيقة الأمر أنني مضطر للذهاب إلى البقالة لشراء بعض الضروريات، وعليّ أن أكون قدوة لأبنائي وأعلمهم ألا يدعوا شيئاً يقف في طريقهم إذا عزموا على تحقيق مرادهم، إذ نفد من عندنا الشامبو برائحة البرتقال ولا يمكنني الاستحمام بشامبو برائحة التفاح لوجود بضعة جبال الثلج هنا وهناك”. من جانبه، أشاد حسني بنشاط والده وروح المبادرة لديه “إذا بقينا في المنزل كنا سنقضي الوقت في مشاهدة التلفاز والأكل والشراب ونحن في ملابس النوم كالكسالى، لكننا لم نستسلم لذلك، بل ارتدينا المعاطف فوق ملابس النوم وذهبنا إلى البقالة، ثم توقفنا عند محل حلويات واشترينا بعض الكنافة والهريسة والسحلب لنتسلى بها في طريق العودة”.
0
تروَّى الشاب سعيد لُعلاب قبل أن يُضيف لقب “كاتب” قبل اسمه في سيرته الذاتية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ويُنشأ صفحةً للمعجبين بإبداعاته الأدبيَّة الفكرية حتى أنهى المسوَّدة الأولى للفصل الأول من كتابه الأول مُكللاً بذلك مسيرته الأدبيَّة التي بدأها مساء البارحة. يُشير سعيد إلى أن المشهد الأدبي يدفع ضريبة الإنترنت وعصر الاستعجال الذي نعيشه في كل تفصيلٍ من تفاصيل حياتنا “ولهذا صار مخزياً مبتذلاً مكتظاً بكتبة خواطر ومرتزقة لايكات على فيسبوك وإنستاغرام يعدّون أنفسهم كُتَّاباً. لكن أنا، سعيد لعلاب، تصديتُ لهذه الظاهرة على طريقتي، وجلستُ ساعتين ونصف كتبت خلالها أربع صفحات وانهيتُ المسودة الأولى من روايتي، والعالم أجمع على موعد لمعرفة الأدب الحقيقي خلال الربع ساعة المقبلة؛ حين أُنهي إعداد صفحة المعجبين الخاصة بالكاتب والأديب سعيد لعلاب وأنشر الفصل الأول كاملاً في مقتطفات مليئةٍ بالجُمل الخالدة”. وينوي سعيد أخذ استراحةٍ من العمل يفرد فيها مساحةً للتأمل واختمار الأفكار وأحداث الفصول المقبلة من الرواية في لاوعيه، إضافةً لتأليف عنوان لها، وتصميم الغلاف “جمعتُ لوحات كبار الفنانين من الإنترنت، وأعكفُ الآن على تأملها لأجد لوحةً تليق بكتابي وتعكس روحه. اخترت للغلاف الخلفي صورتي مُسنداً رأسي على راحة كفي والسيجارة تتدلى من فمي وأنا أحدقُ في الفراغ ذاهلاً من حجم الخلل الذي أصاب حياتنا. وأعددتُ لنفسي تعريفاً مختصراً، كما جهزتُ البدلة التي سأرتديها في حفل استلام الجوائز التي سأحصدها فور إصداره”. يثق سعيد بأن كتابه سيكون درةً من درر أدب القرن الحادي والعشرين، وسيُحدث ثورةً فكرية في عالم الأدب الضحل “وأنا على ثقةٍ من تهافت الناشرين للتعاقد معي فور استلامهم المسوَّدة الأولى التي سأطبعها على ورقٍ فاخر وأرسلها في ظرفٍ أنيق، وأرفقها مع بطاقة بلون الكريم، مدونة برقم هاتفي الخلوي أثناء ساعات العمل، ويزينها اسمي بخطٍ كلاسيكي أنيق باللون الذهبي”.
0
فور خروجه من دائرة الأحوال المدنية، توجه الشابُ سامر حويرنة إلى حاوية نفايات وألقى هويته الشخصية الجديدة فيها، قبل أن يعود أدراجه لتعبئة نموذج إصدار هوية جديدة بدل المفقودة، أملاً بأن يحالفه الحظ هذه المرة ويحصل على هوية بصورة شخصية أقل إثارة للحرج من صورته في الهوية الملقاة بالقمامة. وكان سامر قد قص شعره واستحم وحلق لحيته ورطّب شفتيه ورشّ العطر وارتدى أجمل قميص، دون أن ينسى أخذ فرشاة الشعر لينسقه مجدداً قبيل التقاط الصورة، خشية أن تظهر صورته في الهوية الجديدة كتلك التي ظهر فيها ذاهلاً مرهقاً بشعر أشعث في الهوية التي استصدرها قبل عشر سنوات، آنذاك، رفض الموظف استلام صورته الشخصية اللائقة لأن وزارة الداخلية اكتشفت موهبة موظفيها بالتصوير الفوري. والآن، حين جاء الوقت ليأخذ الصورة الجديدة، وقبل أن ينهي موضعة ملامح وجهه لتظهر كما تدرب عليه أمام المرآة بنظرة ذكية وابتسامة رقيقة تظهر حقيقته بأجزاء من الثانية، فوجئ بالموظف يمدّ له الهوية الجديدة. يأمل سامر أن تظهر صورته في الهوية الجديدة أفضل من سابقتها، إلا أن للحكومة رأي مختلف “صورة الهوية لا علاقة لها بالشخص أو بالشكل واللباس “يقول بهاء شعناب الموظف المسؤول عن التقاط الصورة، ويضيف “تعمل وزارة الداخلية على ترسيخ مفاهيم العدالة والمساواة في اللاوعي الجمعي، والرد على تعليقات من يتهمونها بالمحاباة والواسطة، وذلك بسياسة الكل أمام كاميرات الأحوال المدنية سواسية. صورة الهوية الشخصية لها تبعات مجتمعية وأمنية أكبر من سامر ومشاعره، ومن مصلحته ومصلحة بقية المواطنين العاديين تقليص توقعاتهم عن أنفسهم، وعدم إعطائها قيمة واحتراماً أكثر مما تستحق، فيصدقون أن لهم الحق بمطالبة الحكومة بشيء من الاحترام الذي لن يحصلوا عليه”. وأوضح بهاء أن تحقيق الحكومة لأهدافها من إصدار هويات شخصية بصور محرجة للمواطنين، لا يتنافى مع وجود مآرب أخرى لها “في كل مرة تصدف أن يشاهد فيها ذوو سامر أو أصدقائه أو حبيبته أو موظف البنك هويته، ترتسم الابتسامة على وجوههم، وقد تنطلق ضحكة في إحدى المرات، وبإمكانه أن يبادلهم الابتسام والضحك على هوياتهم الشخصية أيضاً، نعم، نريد مجتمعاً فرحاً دائم الابتسام، ونريد أيضاً أن يشارك بالضحك شرطة السير وموظفونا في سائر الدوائر الحكومية تعزيزاً لرؤيتنا ببيئة عملٍ حكومي مرحة وخدمة الجمهور بابتسامة”.
0
رغم واقعه كموظف في القرن الحادي والعشرين، لم يترك أنور شكرباطي الكرسي الدوار والمكتب ومشابك الورق والطابعة ونظام البصمة والاجتماعات والحواسيب الحديثة تبتلع روحه، بل استغل استراحة الغداء لتناول سندويشة الفلافل في أحضان أمه الطبيعة بمروجها الندية وأشجارها اليانعة وسمائها الصافية وينابيعها الرقراقة وكل ما توفره الشاشات المؤقتة لويندوز ١٠. وكان أنور قد عقد العزم على تأمل الطبيعة منذ بضع سنوات “لكنّني لم أجد المكان المناسب، ولم ألحظ الصور الخلابة التي تظهر على الشاشة من قبل؛ إذ لم تتح لي فرصة التوقف عن استخدام الحاسوب لثلاثين ثانية، حتى جاء اليوم الذي وقف فيه المدير أمام مكتبي يوبخني على استخدام المكبس لجمع الأوراق من الجهة اليمنى بدل اليسرى، واستمر في توبيخي حتى فقدت الرغبة بالاستماع إليه ورحت أتأمل شاشتي؛ فرأيتها، وأغرمت بها، وعقدت العزم على زيارتها يومياً مهما كانت الظروف، وحتى في أيام العطل أثناء قضائي فائض العمل المتراكم خلال الأسبوع”. وأكّد أنور أنّ نظرته للحياة اختلفت كلياً بعد هذه التجربة “بت انتبه لانعدام لياقتي للمشي في الطبيعة؛ فبدأت تمارين هز قدمي خلال العمل والمشي من وإلى الحمام ثلاث مرات يومياً على الأقل. كما أنوي الاهتمام أكثر بحياتي العاطفية وتخصيص ساعة يومياً لمشاهدة المواقع الإباحية تحسباً لتمكني من اصطحاب حبيبتي معي في واحدة من رحلاتي”. ويأمل أنور أن يعمم تجربته على جميع زملائه “تؤكد الدراسات الحديثة أنّ تأمل الطبيعة يومياً ولو لنصف ساعة ينعش الروح ويزيد الإنتاجية، وهو ما ينعكس إيجاباً على الشركة ككل. سأقترح على المدير أن يسمح لي بترتيب رحلات جماعية في ساعات الاستراحة، لنتأمل فيها الطبيعة على الداتا شو”. يُذكر أنّ ارتباط أنور بالطبيعة بدأ منذ طفولته المبكرة، حيث كان يترك أولاد الحي يلعبون كرة القدم في منتصف الشارع، ويجلس وحيداً فوق تلة صغيرة من الرمل الأبيض الذي جلبه جاره أبو فؤاد ليرفع سور منزله؛ يتأمل الخضراوات والفواكه الملقاة عند الحاوية وجداول مياه المجاري الخضراء تنساب أمام ناظريه والأكياس البلاستيكية تتطاير بين الغيوم، قبل أن يعتاد في الجامعة على تأمل الأشجار التي أجبر عميد كلية الفنون الطلاب على رسمها مقابل النجاح في مادته.
0
احتفل رئيس مجلس إدارة جمعية العاطلين عن العمل والمدير التنفيذي لصفحة يوميات عابد البطّال، السيد عابد البطّال، بعيد ميلاده السبعين والذي تزامن مع انتهاء مسيرته المهنية في الوقوف على عتبات البنوك ومقهى الحي وجلسات الجمعية، مقرراً التقاعد ليفسح المجال للأجيال الجديدة في سوق البطالة. وصرّح السيد عابد أمام جمع غفير من الأهل والأصحاب والزملاء في جلسات الصباح والظهيرة والمساء والليل أنّ الوقت قد حان للسواعد الشابة كي تبني زوايا جديدة وتكتشف طرقات أخرى في الأحياء لتقعد فيها، مشيراً إلى أنّ السوق في أشد الحاجة إلى دماء جديدة تستهلك السجائر ويستهلكها الوقت والأمل، كي تدور عجلة الاقتصاد بدوران عجلة الاقتراض. وأوصى عابد الجيل الجديد من العاطلين عن العمل أن يكونوا على قدر المسؤولية “سيروا على درب أجدادنا وانهضوا ببلادنا؛ فالفرصة سانحة الآن في ظل الأزمة العالمية لنزيد من معدلات البطالة وننافس الدول الصديقة، انتهزوها قبل أن يحتل الذكاء الاصطناعي حياتنا وتُسيطر الروبوتات على سوق البطالة”. وأكد السيد عابد أنّه فخور بما حققه خلال المشوار الطويل من خيبات الأمل والمحاولات المتعددة للبحث عن عمل يناسب تطلعاته ورؤيته المستقبلية وسيرته الذاتية “تعلمتُ الكثير واكتشفتُ نفسي أكثر من مرة، عرفتُ أسرار الصنعة وخباياها بعد أن تركتُ زوايا نقشت عليها حروف اسمي على مكاتب أرباب العمل، وما زال مسؤولو التوظيف في تلك المؤسسات يحلفون باسمي أمام المتقدمين إلى العمل بعد رفضهم لهم”. وأشار عابد إلى أنّه ينوي التفرّغ خلال سنوات التقاعد لتوثيق سيرته الذاتية في كتاب يحمل عنوان “خمسون عاماً من البطالة.. دروس وحيل وأفكار”، والذي كان ليحقق الكثير من الأرباح لولا أنّ الشريحة المستهدفة لا تملك المال لشرائه.
0
أعرب الشاب فواز أبو باب عن استغرابه من حصر النباتيين أنفسهم بخياراتٍ محدودة من الأطعمة إثر امتناع زميله الجديد علاء بقصماتي عن الانضمام إلى باقي الزملاء لتناول الشاورما يومياً وعلى مدار أسبوع؛ إذ اعتذر عن طلب وجبة عادية أو إكسترا أو دبل، كما رفض اقتراح الزملاء بطلب شاورما اللحمة من ذلك المطعم الممتاز والله ياااااه ما ألذه، قبل أن يعلن على الملأ أنه نباتي. وبيّن فواز أنه لاحظ شيئاً مريباً في العادات الغذائية لعلاء من أيامه الأولى في المكتب؛ معتقداً أنَّ الأمر لا يعدو عدم تفضيله المطعم الذي يطلبون الشاورما منه دائماً “لكن شكوكي بدأت تتعاظم في كلِّ مرَّة يرفض فيها أي مطعمٍ آخر، ثمَّ يخرج الأوعية البلاسيتيكية نفسها ويأكل منها سلطة وشوربة ويخنة مع الأرز. الصدمة الحقيقية حدثت عندما مللنا شاورما الدجاج وطلبنا شاورما اللحمة من مطعمٍ آخر، حينها أعلن لنا أنَّه مسكين نباتي لا يأكل إلا الخضروات، وحتى عندما يشاركنا البيتزا يأكل عجينةً تعتليها كوسا وباذنجان وجزر وفطر وذرة فقط؛ كونه لا يستطيع الاختيار بين البيتزا بالدجاج أو اللحمة مثلنا”. وأكَّد فوَّاز أنَّه حاول إيقاظ علاء من وهمه مراراً “جربت إغواءه عبر تمرير قطعة الشاورما أمامه لعلَّ رائحتها توقظ آكل اللحوم في داخله، ثمَّ حاولت السخرية منه ومن الحشائش التي يسميها طعاماً، ولما ضاقت بي السبل حاولت إقناعه باستخدام المنطق الذي من الواضح أنَّه يفتقده، إلا أنَّه أصرَّ على حصر نفسه بالفاصولياء والبامية واللوبياء والفول والسبانخ والملوخية والعدس والطماطم والخيار والبطاطا والفلفل والبازلاء والحمص والأرز والملفوف وورق العنب والأفوكادو وغيرها”. وأشار فواز إلى أهمية تناول الخضار كمكمل غذائي وعدم تجاهلها باعتبارها طعاماً للنباتيين فقط “بالنسبة لي، أقدّر الخضار وإن كانت متوفرة بشكل محدود؛ فتراني أتناول الشاورما مع المخلل والمايونيز والكاتشاب والماستارد والبطاطا والكوكا كولا، وأتبرع بها أحياناً لعلاء كي لا يضطر لأكل الفاكهة بعد الغداء لسد جوعه”.
0
أطلقت شركة كُ.أُ. وإخوانه المحدودة خدمة ريادية جديدة لمستخدمي صفحة “اشترِ ما تريد، معنا كل يومٍ عيد” على فيسبوك، تهدف لزيادة إحساس العملاء بقيمة المنتج وخلق تجربةٍ متكاملة لاقتنائه، وذلك عن طريق إخفاء سعر المنتج خلف مجموعة من التحديات التي تشمل البحث عنها في جزيرة استوائية لا توجد على خرائط جوجل ثم انتشال الورقة المتضمنة للثمن من داخل مغارة مليئة بثعابين الكوبرا. وقال سعدون صبارص، نائب آدمن الصفحة إنَّ المبدأ الرئيس الذي اعتمده في دراسة المبادرة يتمثل بخلق عقبات تجعل الزبون يجاهد ويتعب لأجل الحصول على المنتج، بهدف الارتقاء بقيمته المعنوية بغض النظر عن سعره، وحتى يعرف المشتري أنه يتعامل مع منتج وبضاعة حقيقية ذات قيمة وليس مجرد كرتون يمكن إعادة تدويره. وأشار سعدون إلى أنه يتعامل من منظور أنك إذا كنت مضطراً لمعرفة أسعارنا، فهذا يعني أنك لا تستحق امتلاكها ولن تقدر قيمتها “نحن للأسف أصبحنا نعيش في مجتمعات استهلاكية لا تقدر قيمة المنتج وترميه إذا تلف بدلاً من إصلاحه، والكل أصبح يمتلك نفس الشيء، ولذلك أردنا أن تمتلك كل وحدة نبيعها من منتجاتنا قصة وتجربة. ليس بالضرورة أن يعود كل زبون من الجزيرة المكتظة بالحيوانات المتوحشة حياً، لكن من يعود سيمتلك ذكرى تجربة ومغامرة ستبقى معه مدى الحياة”. وبيّن سعدون أنَّ شراء منتجات من صفحته سيسهم في تقويض الرأسمالية التي حوّلت البشرية كلها إلى مجرد قطيع في حظيرة السوق “كتابة السعر بطريقة مباشرة تفقد التجارة قيمتها الاجتماعية، ثم أننا مجتمعات لا تتحدث في هذه الأمور مثل الغرب الجشع. في السابق استحدثنا تجربة ريادية حيث كنا نطلب من الناس إرسال رسائل خاصة لمعرفة السعر، وبعد أن قلَّدَنا الجميع كان يجب أن نتفوق على أنفسنا مرة أخرى وأصبحنا نطلب رقم هاتفهم ونتصل لنشرح لهم كل شيء عن المنتج حتى يفهموا مقدار حظهم عند سماع السعر، لكن المتاجر الأخرى قلدتنا، وبهذه المبادرة سنضمن البقاء دائماً في الطليعة”.
0
قرَّر الشاب ظافر الشيشطاوقي أخذ زمام المبادرة والتعامل مع مشاكله مباشرةً بإيجاد حلولٍ فورية لها؛ فأهدى نفسه سماعات هاتف يمنحها لأبيه، السيد أبو ظافر الشيشطاوقي، ليرفع صوت فيديوهات واتساب وفيسبوك التي يشاهدها بالقدر الذي يريد دون التسبّب بإزعاج باقي أفراد العائلة وتنغيص لياليهم. وقال ظافر إنَّ الإنسان يستحق مكافأة نفسه بهدية قيِّمة بين الحين والآخر “لقد صبرت كثيراً على عدم اعتراف والدي بأهمية وجود زرِّ تخفيض الصوت على هاتفه. أعود يومياً للمنزل من العمل المليء بضحكات أمجد وصراخ لينا وبكاء سمير؛ أخلع حذائي وأرتدي بنطال البيجامة الفضفاض وأتناول العشاء معتقداً أنَّني سأرتاح قليلاً وأعيد شحن طاقتي لأبدأ يوماً آخر، لكنَّ والدي سامحه الله يقرِّر مشاهدة فيديوهاتٍ لحقائق غريبة عن الطيور المهاجرة في شهر سبتمبر أو كواليس صفقة القرن وكشف المستور عن رغبات الجزائر في احتلال فرنسا ووثائقي عن احتمالية وجود التنانين وكيف كذبت ناسا علينا وأخبرتنا أنَّ الأرض كروية مع أنها في الحقيقة مكعَّبة”. وأكَّد ظافر أنَّ محاولاته السابقة كافة لم تُجدِ نفعاً أبداً “حاولت حشر نفسي في غرفتي لكنَّ الصوت يتسلل إليها دائماً. جرَّبت استغفاله وتخفيض صوت الهاتف أثناء استعماله الحمام لكنَّه يعود دوماً لمناداتي وإعلامي بأنَّ هاتفه تعطّل وعليَّ إصلاحه، وعندما قرَّرت معاملته بالمثل ومشاهدة يوتيوب بصوتٍ مرتفعٍ نهرني لأنني لا أحترم وجود آخرين معي في المنزل وأزعجهم بصوت هاتفي المرتفع”. يُذكر أنَّ هذه المحاولة فشلت أيضاً في منح ظافر راحة باله؛ إذ بدأ والده بسؤاله عن كيفية وصلها بالهاتف والشكوى من ضعف صوتها والمطالبة بإصلاحها أو شراء غيرها، فضلاً عن اضطراره للصراخ في كلِّ مرَّةٍ يخطر في باله تعليقٌ على أحد الفيديوهات.
0
أثبت المؤرخون على فيسبوك ومجموعات واتساب أنَّ لقمان الحكيم كان رجلاً سابقاً لزمانه وعصره؛ فنشرهم لحكمه ومواعظه إلى يومنا هذا يعني أنَّه هيأها للمستقبل، فجعلها قصيرة ومستساغة وتحتوي على مزيج من الأمل والتحفيز والبساطة والشمولية ليسمح بتطبيقها أو على الأقل فهمها بشكل سطحي من العامة بغض النظر عن مستوى غباء وتفاهة المجتمع في أي حقبة من التاريخ، وركَّز على تفريغها من أي عمق أو معنى أو فائدةٍ حقيقية لتتناسب مع عصر وسائل التواصل الاجتماعي. ومما ساهم في انتشار حكم لقمان، أنها شكلت بديلاً جيِّداً وصحياً لرسائل صباح الخير وجمعة مباركة وكسرت جمودها وتكرارها وشح الإبداع فيها، كما أنها استطاعت الانتشار على فيسبوك وجروبات واتساب بنفس السرعة، ولا يتطلب تصميمها أي مهارة أو ذوق إضافي؛ فقط ضع حكمة مثل “اعتزل عدوك، واحذر صديقك، ولا تتعرض لما لا يعنيك” بخطّ عربي جذاب أمام خلفية صورة ملهمة لغروب الشمس أو جبال الهيمالايا، أو – إن كنت جريئاً بما يكفي – لامرأة تمارس اليوغا على شط البحر دون التعرض للتحرش، كي تحقق انتشاراً أفضل. ولا ينقص لقمان أي شيء حتى يصبح نجماً ساطعاً من نجوم وسائل التواصل الاجتماعي ممن يطلقون أحكاماً تناسب عصر الإنترنت، يحسّ بعدها القارئ أنه شخص أفضل لمجرد قرائتها، بل ويمكن القول إنَّ بمقدوره تحقيق شهرةٍ أكبر من جلال الدين الرومي وجبران خليل وجبران وتايلور سويفت وعائض القرني. ويمكن الاستفادة منها لحل مشاكل العمل والخلافات العائلية وطمأنتك بأن حبيبتك ستعود إليك مهما طال الزمن، وكيفية شرب القهوة وطبخ الباستا بولونيز. ورغم أن لقمان هو الإنفلوينسر الأصلي النموذجي، إلا أنه واجه معضلة حدَّت من انتشاره تتلخص في ابنه، الذي يبدو أنه استهلك قدرات الفيلسوف الفذ المستمر طيلة حياته في وعظه ومحاولات إصلاحه، ولم يترك للقمان فرصةً للتركيز على باقي البشر، خصوصاً الأجانب المنشغلون بترجمة أقوال حكماء آخرين من حول العالم، ليترجمها العرب مرة أخرى إلى العربية؛ لأن الأجانب أعجبوا بها وبالتالي فهي بالتأكيد جميلة ومحقة. لذلك، وحفاظاً على إرث لقمان في زمن كثرت فيه المهاترات والمزايدات والفيروسات والحروب والأخبار الكاذبة والأقوال التي يؤلفها آدمن صفحة الہحہب قاتہل ثمَّ ينسبها لشخصيات تاريخية، ننشر اليوم ثلاث حكمٍ جديدة قالها لقمان طبعاً وأرسلها إلى مكتبنا باستخدام الحمام الزاجل لأنَّه مستدام وصديق للبيئة. يواجه المرء على صفحات الإنترنت العديد من الأفكار والقيم المتناقضة مع تقاليدنا في العالم العربي، مثل النودز أو حرية التعبير أو الكاريكاتيرات أو كارثة إضافة الرمان على سلطة الدجاج. لكن عليك باتخاذ الصبر ملاذاً وإلهاء نفسك في نشاطات مفيدة مثل الرياضة والمطالعة والعادة السرية حتى تتناسى نزعة النفاق الإلكتروني والتكفير والسب والتحريض على العنف. قد يبدو للوهلة الأولى كمنشور على تويتر يزعم فيه أحدهم أنه رأى كلمة “الله” منحوتة في توست أفوكادو تناوله صباح اليوم دون أن تشوبه شائبة من ناحية الدقة والموضوعية، تماماً مثل منشور أبو جهاد الذي يجزم بامتلاكه أدلة على أن السي آي إيه وقفت وراء فشل ابنه حمودة في امتحانات الثانوية، إلا أن عليك التمهل ولو لدقيقة قبل مشاركة تلك المنشورات التي قد تبدو صحيحة على السطح، ومحاولة التأكد من دقتها خارج نطاق زملائك في الجامعة. كما يمكن اعتبار هذه الحكمة من النوع الذي يمكن تفسيره بأي طريقةٍ تشاء ويصلح لأي موقف؛ إذ يمكنك نشرها عندما تتركك حبيبتك أو يأكل أخوك الصغير آخر حبة بيتزا في العلبة، أو لتُعلم مديرك أنَّك تأخرت في إتمام مهامك مرَّة أخرى. قد ينتابك شعور بالفخر والاحتفاء بالنفس بعد ضغط زر اللايك أو الريتويت على صفحة أو منشور عن يوم المرأة العالمي أو حرية التعبير أو التلوث البيئي أو حملة مقاطعة الكنافة بالمانجا، لكن لا تخلط بين ذلك الشعور وحقيقة أنك لم تحرك مؤخرتك من على الكنبة منذ صباح الأمس إلا لاستخدام المرحاض والأكل؛ فالثورات لم تولد من رحم الريتويت. حكمة إضافية ربما لم يقلها لقمان فعلاً لكن لا أحد يكترث بذلك: الثورات لم تولد من رحم الريتويت
0
قرّرت شركات التكنولوجيا العملاقة فيسبوك وغوغل ومايكروسوفت ردّ الجميل للدول النامية التي تحتضن مقراتها دون مطالبتها بأي بيانات مالية تجبرها على دفع ضرائب عادلة، ردّت إليها الجميل واشتركت ببناء مراحيض عامة مزوّدة بمغسلة وشطّاف، كمساهمة سخيّة تُساعد الدول النامية على النمو بأريحية بعد التخلّص من عبء المثانة الممتلئة. وستساعد هذه اللفتة الإنسانية المسبوقة، الدول النامية على تحسين أنظمتها الصحية والتعليمية دون الحاجة إلى تعديل النظام الضريبي والحصول على أموال بالمليارات من الشركات متعددة الجنسيات؛ إذ إنّ المرحاض سيُعزّز ثقافة استخدام الحمامات العامة ويُقلّل من حالات التبوّل في الطريق العام وفي القوارير، ما يدعم النظام الصحي والتعليمي على حد سواء، فضلاً عن منح الدول النامية فرصة للاندماج مع المجتمع الدولي من خلال المشاركة في اليوم العالمي للمراحيض وهم مرفوعو الرأس. ورفضت الشركات، في بيان مشترك، الإفصاح عن تكاليف بناء المراحيض حفاظاً على حقها بعدم الإفصاح عن أي شيء “لكنّنا في المقابل سنعامل تلك الدول المحترمة بالمثل، ولن نُلزم مواطنيها بدفع أي ضرائب لقاء استخدام المرحاض. لن نطالب سوى ببعض البيانات حول عدد مرات التبوّل والتبرّز فيه، كي تساعدنا في الإعلانات ونبيعها لأطراف ثالثة”. وكانت الشركات قد اختارت بناء المراحيض بالتزامن مع جائحة كورونا؛ إذ امتلكت بعض الفكّة من فائض الربح الذي جنته في ظل الجائحة ورأت ألَّا ضير من المساهمة في تخفيف العبء عن القطاعات الصحية المتهالكة في هذه الدول والتي تعاني نقصاً في الموارد وعدد الممرضين والأطباء، لتقليل الحالات المصابة من خلال حثّ المواطنين على غسل اليدين لمدة ٢٠ ثانية عقب استخدام المرحاض. ورغم قدرة الشركات على توفير ثمن الشطافات وبناء المراحيض في الدول الأوروبية، إلّا أنّها اختارت الدول النامية؛ لكونها الدول الوحيدة التي تعاملها بهذا القدر من اللطف وتضحي بأموال الضرائب لخاطر عيون صور مقرات الشركات العملاقة داخل الدولة التي توضع على موقعها الإلكتروني.
0
لا بد أنك اختبرت الكثير من المشاعر السلبية قبل أن تصبح كتلة من اللامسؤولية وعدم الاكتراث بنفسك وبكوكب الأرض وما عليه، لدرجة تمنِّي حدوث كارثة طبيعية متمثلة بتحرك صفائح الأرض وطبقاتها وانشقاقها في البقعة الجغرافية التي توجد فيها حضرتك لتبتلعك، ولماذا؟ لتخلِّصك من مكالمة هاتفية لا تنتهي أو أزمة سير خانقة أو مصادفتك حبيبتك السابقة في مكان عام وإلقاء التحية عليها وعلى حبيبها الجديد. لا تُسئ فهمنا؛ فنحن لا ندَّعي هنا أنَّ انشقاق الأرض أمر مستحيل، والكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وطوفان ونيازك أحداث من الممكن أن تؤدي في النهاية لانشقاق الأرض وابتلاع من عليها، لكنها جزءٌ من النظام البيئي وقوانينه الفيزيائية، ولا تحدث بأمرٍ من أيِّ فردٍ أو تلبية لرغباته، وخصوصاً رغباتك أنت. وحتى ميثولوجياً، هذه الفكرة ليست جديدة؛ إذ خُسفت الأرض بقوم لوط، ولاحظ أنَّهم كانوا قوماً بحالهم. وحتى فرعون، وبالرغم من كل شروره انشق لأجله مسطحٌ مائيٌ ليغرقه وحده فحسب. أما أنت فمن سيهتم بإزالتك عن الوجود مع ما يتطلبه ذلك من تغييرٍ للتركيبة الجيولوجية للتربة وانحراف مسار ما تبقى من أجسام مائية وقلب معالم مدينتك بعد وقوع بنايات حيّك فوق رؤوس أصحابها وإرضاء حضرة جنابك؟ ولماذا تريد إقحام كلّ من حولك في نهايتك الرومانسية والتراجيدية؟ أي أنانية هذه! أنت حتى برغبتك في الزوال إلى العدم تسلب من حولك حقهم في الموت بطريقة يختارونها؛ فمنَّا من يدعو على نفسه بالحمى أو السكتة القلبية أو حتى يرغب في البقاء على قيد الحياة ليتمنَّى الموت بشكل يومي. وحتى لو قلنا جدلاً إنَّك تدرك ذلك ولن تتمنى سوى انشقاق نصف متر مربع يبتلعك وأنت واقف، قل لي صدقاً، هل ستتذكر وضع هذه الشروط الدقيقة لأمنيتك خلال فورة غضبك، وكل تلك الدراما التي تعيشها؟ ثمَّ من قال لك إنَّنا نريد رؤيتك تسقط في الستين داهية الخاصة بك؟ ومن سيسدُّ الفجوة التي ستخلِّفها وراءك؟هل سنبتلي نحن بترقيعها والتبليغ عنها للبلدية رفقة الحُفر والمناهل والمطبات بلا جدوى، ثمَّ اللجوء لتمني زوالها كلما وقع فيها أحدهم؟ عزيزي القارئ، لو كانت لديك القدرة على تحقيق أمنيات كهذه، لما احتجت لانشقاق الأرض وابتلاعك أساساً، ومحدودية صلاحياتك يجب أن تكون سبباً بإعادة تقييمك لنفسك وللممارسات التي يحق لها اتباعها لإطلاق غرائز تدمير الذات لديك. كن مثل سائر الخلق: اشرب السجائر والكحول والمخدرات والعصائر وكل الشيبسات المسرطنة والشاورما المؤدية إلى التسمم لا محالة. وإن كان ولا بدَّ أن تجد نهاية ملحمية فورية، فما عليك سوى الحديث في السياسة وشتم الزعيم أو ابنه أو صديقه في العلن لتضمن الاختفاء وراء الشمس.
0
أطلقت جمعية ظلال الأشجار حملة بيئية لتعويض أولئك الأقل حظاً، الذين حُرموا نصيبَهم من المنتجات الصناعية في الغذاء والدواء والماء والنفط وكل الآلات التي تعمل باستخدامه، عبر منحهم حصتهم من النفايات الصلبة والسائلة والغازية الناتجة عن هذه الصناعات، ليستمتعوا بما توفره الطبيعة من مواد خام، حتى ولو كانت في المراحل الأخيرة من دورة حياتها. وأوضح مدير المشاريع في الجمعية، الدكتور سميح مرزبان، أن الحملة جاءت لسدِّ الفجوة بين فئات المجتمع في حجم المساهمة بالضرر البيئي “لا يُعقل أن تتسبب نخبة نسبتها 1% من أغنياء العالم بضعف كمية التلوث التي يسببها 50% من الفقراء، حتى مع احتساب فضلاتهم البيولوجية وأول أكسيد الكربون المُنبعث من بابورات الغاز الخاصة بهم، لذلك سنحتسب لكل فرد، ولأقرب مئة طن، كمية ثاني أكسيد الكربون التي كان ليساهم بها إن توفَّرت لديه الوسائل اللازمة، وسنرسلها إليه ليفعل بها ما يحلو له، أو ليُقدمها للغلاف الجوي الذي يغطيه مباشرة فينال حصته العادلة من ثقب الأوزون فوق رأسه”. وأكّد سميح أن هذه المبادرة ليست أول لفتة إنسانية تُقدّم للأقل حظاً في هذا المجال “إذ تواظب الشركات الكبرى على إقامة مصانعها في البلدان الفقيرة وتحرص على التنازل عن المعايير الصحية فيها، ليحصل الفقراء على حصتهم من انبعاثات المعامل بشكل مباشر، كما تمنحهم فرصة المُساهمة بالصناعة نفسها عن طريق استخراج المواد الأولية من أراضيهم بأنفسهم وتجميعها في هذه المصانع”. وأشاد سميح بالجهود التي تبذلها حكومات الدول لتحقيق العدالة البيئية لمواطنيها، خصوصاً مع صعوبة إشراك الجميع بالتساوي في جميع مراحل الصناعة والاستهلاك والهدر والإتلاف، ومن الجيد توزيع هذه الأدوار على شرائح المجتمع “فحتى المناطق القروية النائية التي لا تتأثر بشكل مباشر في نمط الحياة العصرية، تُخصِّص لها حكوماتها حصة من النفايات، عن طريق دفنها في التربة أو رميها في النهر كي تجد طريقها إلى مزروعات الأهالي ومياههم والجهاز الهضمي للمواشي التي يتغذون عليها”.
0
أسس الكاتب والمحرر تيمور الشمأنط جماعة إرهابية باسم “كتائب المحررين الإرهابيين الحاقدين”، وسجلها في لوائح الإرهاب العالمية، كحل ريادي لتجاوز عمليات التدقيق والتحقيقات المطولة ونظرات الشك والريبة والازدراء التي يرمقه بها الموظفون في البنوك أو شركات الصيرفة كلما زارهم لتحصيل مستحقاته المادية لقاء عمله مع جهات خارج الحدود. ويأتي تأسيس تيمور للجماعة بعد أن ضاقت به السبل وأدرك استحالة حصوله على وظيفة أو دخل حقيقي في سوق العمل المحلي، حينذاك، أقنع نفسه بأن روحه الحرة الكارهة لقيد الوظائف الرسمية ودوام الثماني ساعات تفضّل نمط الأعمال المؤقتة، ولكن النظام الاقتصادي العالمي كان بالمرصاد لأحلامه الساذجة، وحال دون وصول أجره من الخارج، لكونه فرداً في منطقة غارقة في الكوارث والحروب ويحمل جنسية أحد البلاد الإرهابية. الأيام التي عانى فيها تيمور مع البنوك الأوروبية والأمريكية وشركات تحويل النقود مثل ويسترن يونيون وموني غرام قد ولّت إلى غير رجعة، بعد أن بات يطلب من زبائنه بأن يضعوا سبب التحويل في الفاتورة “تمويل هواتف ثريا وأحزمة ناسفة وسيارات مفخخة”، حيث توقفت الشركات عن منع الحوالات ووقف حسابه دون مبرر بعد اطمئنانهم بعدم وجود سبب يستدعي القلق بعد الآن، على عكس التحويلات السابقة التي تضمنت أسباباً مريبة مثل “أجور تحرير وترجمة”. ولا يقف إبداع تيمور عند هذا الحد؛ إذ طالب زبائن آخرون بتسديد مستحقاته عن طريق دخولهم إلى دوري البوكر أونلاين وتحويل المبلغ إلى حساب لاعبٍ باسم أبو سلمى المهاجر، لئلا يثير الأمر أي شكوكٍ، وهو أمر لاقى نجاحاً على الرغم من كون أبو سلمى لا يعرف ما هو البوكر أساساً، مما لا يبرر المبالغ التي يحصّلها في اللعبة، ولكن ذلك لم يسبب أي مشكلة، طالما لا يتفلسف ويرهق المؤسسات المالية وموظفيها بادعاء تنفيذ جهد حقيقي لقاء المال. من جانبهم، أكد زبائن تيمور أن بمقدورهم الآن الاستفادة من خدماته وتحويل مستحقاته بسلاسة، شاكرين وعيه واستيعابه لدورة الأموال في الاقتصاد العالمي، وفهمه أن البنوك مؤسسات مالية ضخمة، ولن تبذل جهوداً لتمرير بضعة دولارات لقاء ترجمة ٢٠٠ كلمة أو تحرير مقال، ولكنها بالمقابل تحترم العمل الممنهج والمنظم وتدرك أن وراء التحويلات البنكية الكبيرة مسؤوليات عظيمة تضطلع بها منظمات جديّة، سواء كان نطاق عملها في العقارات أو ترهيب الآمنين وتدمير العقارات.
0
لا يزال البعض يعتقد أنّه يعيش أيام زمان، حين كان باستطاعته مراكمة رسائل البريد فوق بعضها وتخصيص يوم واحد لقراءتها مرة واحدة وشراء طوابع ومغلفات جميلة للرد عليها، ذلك الزمن الجميل الذي لم يكن يضمر فيه المرء أي ضغائن لمعارفه، ويكتفي بلعن الحكومة وخدمة البريد وساعي البريد حين يتأخر الرد على الرسالة شهراً أو شهرين، لذا، فإن من واجبنا أن نوقظك عزيزي الواهم من أحلام اليقظة لنخبرك أننا بتنا في عام ٢٠٢٠، حيث تصلك الرسالة عبر تطبيقات التواصل فور ورودها ببال مُرسلها، وهو ما يمنحك وقتا مُحدوداً لاختلاق الأعذار في حال لم ترد عليها فوراً، قبل أن يُصبح عدم الرد الخيار الأفضل لمستقبل علاقتك بالمُرسل. فكيف تُحدّد المدة المنطقية للتأخر بالرد على هذه الرسائل قبل أن تنساها كُلياً وتنسى صاحبها حتى يأتي اليوم الذي تصادفه فيه وتؤكد له أنّ الرسائل لم تصلك نتيجة عطل في هاتفك سببّته قطة الجيران التي سكبت عليه القهوة، وبعد أن كلفك مبلغاً هائلاً لإصلاحه اختفت منه جميع الرسائل والصور والأسماء والذكريات وياااه ما أسوأ حياتك، أيها الكذاب؟ نحن في الحدود طلبنا مطلع العام مساعدة أستاذ التسويف والتثاؤب برهـ – ـا – ـا ـان طنّـ – ـو – ـو ـوع، وبالفعل، ارتكى على الكرسي وتمدد ومد قدميه على الطاولة وربت على كرشه ورفع حاجبيه وبدأ التفكير، وقبل يومين قدم النصيحتين التاليتين، وما زلنا ننتظر النصائح الخمس الأخرى التي وعدنا بها، ونعدكم أن نطلعكم عليها فور استلامها. العلاقة بالمرسل يختلف الوقت اللازم للرد على الرسائل بحسب علاقتك بالمرسل؛ فصديقك الذي يعرفك منذ طفولتك ويعلم مقدار تنبلك وبلادتك وتكاسلك عن طباعة الأحرف لن يتوقع مدة زمنية للرد عليه، هو يعرف أنه حين يرسل رسالة إنما يُرسلها للمجهول، لضمير الغائب، وبإمكانك عدم الرد بالمطلق دون الحاجة للادعاء أنك مشغول كما تفعل مع بقية الناس، وإن كان المرسل رب عملك فهو العالم بك وبما تظهره وتخفيه من أدق تفاصيلك، هو من يحدد متى تنام وتستيقظ ومتى تغادر العمل ومتى تذهب إلى السينما أو تسافر أو تجلس مع العائلة أو مع الحبيب، وهو يدرك أن راتبك لا يتيح لك الانشغال حتى بالطعام، ليس لديك معه مجال للف والدوران، لذا عليك الرد عليه بعد إرساله الرسالة بأجزاء من الثانية. أما إن كان المرسل حبيبك أو حبيبتك فعليك الرد قبل إرساله الرسالة أصلاً. طبيعة الرسالة تعدّ تطبيقات التواصل مرتعاً لجميع أنواع الرسائل النصية والصوتية والبصرية، وعليك التحلّي بالحكمة لمعرفة الوقت المناسب للرد على كُل منها، فكلما تأخرت بالرد على رسائل الحب كُلما اضطررت لكتابة رسالة أطول تحوي إيموجيز أكثر تأثيراً، تمعن بها في التذلل للحبيب وتبرير كم أنت حيوان ووضيع لعدم ردك طوال هذا الوقت، وقد تضطر لإرسال رسالة صوتية بصوت مبحوح حزين مرتعش ومتوتر توضّح فيها الأسباب، وإن لم تكن تنوي قطع الصلة بالطرف الآخر، يُصبح الرد عبثياً بالفعل بعد يوم ونص من وصول الرسالة، لأنّه سيكون قد حظر رقمك أصلاً وعمم عليك لدى جميع معارفه بما فعلته من خيانة. الأمر ذاته ينطبق على الرسائل التي تحمل صفة “رسالة” حقاً وتحوي مضموناً حقيقياً يحاول المُرسل “إرساله” إليك، أمّا فيما يتعلّق بالرسائل التي يحاول مرسلها فتح حوار حقيقي معك عبر الوتساب معتقداً أنّه صالون ثقافي؛ فسوف تكون بأمان طالما رددت خلال أسبوع من إرسالها، أو أسبوعين، ومرة بعد مرة سوف يشعر المرسِل أنّه مُجرد شخص هامشي* في حياتك ويتصالح مع الفكرة. تنويه: قد ينفعل هذا الهامشي ويحاول الاحتفاظ ببعض من كرامته التي أهدرتها برسالة يعاتبك فيها على تأخرك بالرد، انتظر ثلاثة أسابيع واعتذر منه. وأخيراً هناك رسائل الميمز والنكات، معك يوماً واحداً للرد عليها باستخدام إيموجي الضحك حتى البكاء دون الحاجة لمعرفة محتواها، واعتبر نفسك بمكالمة مع صديقك الثرثار الذي لا يتوقف عن الكلام حين تكتفي بقول آآآآآآ، ممممم، أيوااااا، نعم نعم، أيوه. خلافاً للرسائل التي تتضمن حكماً ونصائح طبية وفيديوهات توعوية وهواجس منتصف الليل، التي عليك الرد عليها فوراً باستخدام إيموجي الإصبع الأوسط ليفهم المرسل أنه قليل حياء ويتوقف عن استعمال هاتفه كمحطة إعادة تدوير لأي قمامة يستلمها ويوزعها على كل معارفه.
0
وثّق الشاب منير فرطع لحظة جديدة من لحظات حياته الجامحة، بالتقاط صورة جديدة برفقة صديق طفولته وهما يأكلان البرغر في مطعم للوجبات السريعة، واحتفظ بها على هاتفه إلى جانب صور تخرجّه من الجامعة ويومه الأول في العمل ويوم طرده من العمل وصور عيد ميلاد سناء وحفل طهور ابن خالته، وتلك الصورة التي التقطها حين فاز بلعبة التريكس، والتي لم يرَ أيّاً منها منذ التقاطها. وبعد التقاط عشرات صور السيلفي إلى جانب البطاطا والصوص الحار، أجبر منير صديقه على التقاط حوالي ٣٦ صورة له وهو يحمل البرغر في يديه وعلبة البيبسي أمامه على الطاولة، وعشر صور حمل فيها البيبسي في يد والبرغر في يد أخرى، وعشرين للندى الذي يقطر من علبة البيبسي وخيوط الشمس تُداعب السمسم فوق حبة البرغر، قبل أن يتبادلا الأدوار فيصوّر هو صديقه عشرات الصور من بينها صورة عفوية وهو يمسح العرق عن جبينه أعجبت منير فأضاع قرابة نصف ساعة وهو يحاول التقاط صورة مشابهة لنفسه. وأكّد منير أنّه مُمتن لأنّه يمتلك هاتفاً ذكياً يُساعده على تخليد الأوقات السعيدة بأفضل طريقة ممكنة “نستطيع اليوم التقاط مئات الصور للحصول على الزاوية المطلوبة وتعابير الوجه المناسبة. لقد تخلصنا من عبء الماضي الثقيل، حين كانت عملية التصوير مُعقدة ومُكلفة لمجرد التقاط صورة عفوية واحدة لذكرى عظيمة يتم تحميضها وتعليقها على حائط العائلة، لتضطر للعيش إلى الأبد مع لقطة مُكبّرة يظهر فيها كرشك المتدلي أو عيناك الحمراء أو المغلقة”. ويُصرّ منير على الاحتفاظ بهذه الصور رغم الضغط الذي تُشكّله على هاتفه واضطراره لحذف بعض تطبيقاته بسبب امتلاء الذاكرة، وينقلها من هاتف إلى آخر كُلّما اشترى واحداً جديداً، كما يحتفظ بنسخة منها على اللابتوب، منتظراً أن تأتي اللحظة المناسبة ليمسحها بعد اختيار صورة أو اثنتين من كُل مجموعة صور متشابهة للاحتفاظ بها، على أمل رؤيتها بعد أعوام والتحسّر على تلك الأيام الرائعة، أو وضع واحدة منها كصورة شخصية على الفيسبوك.
0
صدرت صباح اليوم الإرادة السامية للقيادة الحكيمة بالموافقة على طلب لجنة مكونة من أقاربها ومقرَّبيها وأقاربهم ومحاسيبهم بتأسيس نقابتهم الخاصة، لضمان حصولهم على حصتهم العادلة من الدولة والشعب. ويأتي تأسيس النقابة لمواكبة الزيادة في قطاع أقارب القيادة، وتلبية احتياجاتهم كافة وتلافي تبعات ارتفاع البطالة وانخفاض الإنتاج وتراجع موارد البلاد والمشاريع الاستثمارية. ومن المنتظر انتخاب لجنة تنظيمية توضح تراتبية المواقع والمناصب وتحدِّد أولوية الانتفاع من بين أعضائها الكرام. ووفقاً للمتحدث باسم مدير مكتب رئيس اللجنة التحضيرية للنقابة، فإن هذا الكيان سيعالج ما أفسده الربيع العربي؛ الذي سمح بتغوّل الشعب بكل خسة على أسياده وترويعهم، وطالب بتقليص صلاحيَّاتهم ومحاسبتهم وحرمانهم من حقهم الطبيعي بالفساد. ومن المتوقع أن تعقد النقابة خلال الأيام المقبلة حفلات سواريه لبحث آليات استحداث المزيد من الهيئات والمؤسسات والمديريات والوزارات والسفارات والقنصليات والوظائف الحساسة وتأمين أعضاء النقابة بمناصب عليا، وزيادة الضغط على مؤسسات القطاع الخاص التي لا يملكون فيها حصصاً لتعيينهم في إداراتها، وتحسين نظام المنح والهدايا والمكرمات، وسنِّ قوانين تمنع وقوفهم في الطوابير وتمنحهم الأولوية في كل معاملة، وتسمِّي الشوارع بأسمائهم، وتعفيهم من تلقي الغرامات، أو وضعهم إلى جانب القائد فوق القانون. كما ستحدد الاجتماعات المراحل التفصيلية المتعلقة بأداء النقابة لواجباتها، والتي ستُقسم إلى قسمين: أولاً تجاه نفسها، وثانياً تجاه القائد. والتي يمكن تلخيصها بتعزيز أواصر التواصل بين الأعضاء، وتهيئة الأجواء المناسبة ليتبادل أبناؤهم التعارف، ويتزوجوا وينجبوا أحفاداً مُتنفِّذين؛ لأنهم – على كثرتهم – قلائل.
0
يهوى جميع من هم أكبر منك بيوم أو أكثر معايرتك أنت وجيلك باختفاء ما يسمّونه بـ “البركة” من الحياة اليومية، وكأنك اخترت موعد ولادتك ونشأتك وبلوغك مرحلة الشباب زمن دونالد ترامب واحتلال بغداد وانفجار بيروت وفيروس كورونا ولعبة ببجي، وهو ما يمثل انحداراً عن عالمهم الذي تميز بالهدوء والسكينة والنكسة وصعود الأنظمة العربية البوليسية والحروب الأهلية وأغنية “العتبة جزاز والسلم نايلو في نايلو”. حلت هذه البركة فيما مضى على العديد من الأشياء التي تبدو للوهلة الأولى منطقية لدرجة تدعوك للتحسر على ما فاتك؛ فبعد تنهيدة عميقة مليئة بالشجن، يعرب من هم أكبر منك بيوم أو أكثر عن حزنهم لأن رمضان بات يمر بسرعة لأن الوقت آنذاك كانت فيه نسبة أعلى من البركة، متناسين أنه يمر بسرعة الآن لاستغراقهم في مشاركة ميمز صباح الخير ومتابعة المسلسلات وبرامج الطبخ والنوم عوضاً عن العمل أو التعبد. وهم كذلك يتناولون الفاكهة والخضروات ثم تراهم يترحمون على زمان وشجر زمان وأعشاب زمان وفواكه زمان التي كانت صغيرة ولها طعم، رغم أن الثورة الزراعية محت المجاعات عن غالبية الكرة الأرضية خلال الخمسين سنة الأخيرة. وللوقوف على المعضلة، أجرى فريق من جامعة الأمير عبد العليم دراسة شاملة لمعدلات البركة في عدة بلدان عربية؛ حيث حددت المعادلات والنماذج الرياضية المستخدمة في الدراسة نسبة انحسار البركة بـ ٤٢.٦٢٨٨٩٣ بالمئة، مع الأخذ بعين الاعتبار الفرق بين نسب البركة في المناطق الريفية مقارنة بالمدن، وبين مناطق تجمع الجيل الجديد مثل المقاهي والجيل القديم مثل المقاهي، إضافة إلى تطبيقه نظرية النسبية لقياس البركة الوقتية في زمن أم كلثوم وزمن حمو بيكا، ونظرية النشوء والارتقاء لقياس تذبذب نسبة البركة وتأثيره على البيئة المحيطة بالإنسان من أيام هتلر إلى أيام بشار الأسد. وقال مدير فريق البحث، الدكتور شوقي الأخطل، إن الرغبة في إثبات وتوضيح مدى فشل الجيل الجديد بدقة كان الدافع وراء الدراسة “كل شيء في السابق كان أفضل. الأكل كان لذيذا؛ قد يجزم بعض المغرضين أن المرأة كانت آنذاك لا تعمل، وشغلها الشاغل هو البقاء في المطبخ ساعات أملاً في تجنب العنف الأسري، لكن الواقع هو أن المواد الخام والمكونات نفسها كان أفضل. حتى الخلافات بين الأصدقاء كانت حقيقية عميقة ذات معنى؛ إذ كان المرء يتلقى صفعة يصل صوتها آخر الحارة، وكانت الخلافات تستمر لسنين تتخللها حوادث مثيرة كالقتل والثأر والثأر بالمقابل، أما الآن، فغالباً ما تنقضي هذه الخلافات بالسب والبصق عبر الواتساب ووسائل التواصل الاجتماعي، وبأسماء وهمية”. وأشار الدكتور شوقي إلى أن نتائج البحث خلصت إلى عدّة عوامل تُقلّص نسبة البركة: ٣٠٪ بسبب انتشار المواقع الإباحية واختراع الإنترنت بشكل عام، بينما تعود ٥٪ إلى أغاني الفيديو كليب، و٣٪ إلى استعمال المبيدات الحشرية في الزراعة، و١.٢٪ بالمئة لهجر دور العبادة وانتشار اليوجا بانتس. إلا أن الباحثين فوجِئوا أن النسبة الأكبر من الانحدار، والتي تفوق ٦٠٪، حدثت في يوم واحد هو ٢١ حزيران/يونيو ١٩٧٠، والذي يوافق يوم ميلاد وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل. وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور شوقي صعوبة الربط الحدثين ببعض من الناحية العلمية، إلا أنه يوافق تجاربنا الحياتية الشخصية.
0
تعوَّدنا كمواطنين مأخوذين بالأجانب ولا نملك ذرّة ثقة في قدرات دولنا على إنشاء مستوصف طبيعي لتُشيّد منظومة صحة عامة، تعودنا على تضارب تعليمات “الخبراء” والحكومة أثناء جائحة كورونا. بعض التضارب مبرّر، إذ لم يكن أحد يعرف شيئاً عن فيروس كورونا، ومن المعروف أن الحيطة أفضل من عض الأصابع ندماً، ثم إن أخذ الاحتياطات بداية الأزمة سمحت لنا بتفادي العزائم الثقيلة على النفس كعزيمة الملفوف عند أم حمودة في رمضان، كما ساعدتنا على مراجعة معلوماتنا عن مسلسل لعبة العروش أثناء الاجتماع اليومي مع فريق العمل عبر التطبيقات الإلكترونية التي تتيح لك كتم صوت المايكروفون والاستمتاع بحياتك. إلا أن التعليمات الأخيرة من الخبراء البرجوازيين في البروج المشيدة في منظمات وجامعات العالم الأول ضربت بخصوصيات منطقتنا عرض الحائط؛ فتارة يطالبوننا بارتداء الكمامات التي تُصعّب التحرش الشفوي في الشارع، وتارة ينصحون باقتصار تجمعاتنا على الأماكن المفتوحة حيث الماء العذب الرائق والخضرة اليانعة والورد والحيوانات والطيور المتسأنسة والهواء النقي المنعش، وكأن مشاكل شعوبنا الصامدة المقاومة للإمبريالية العالمية انتهت، ولم يعد لدينا سوى إنشاء مساحات خضراء وتنقية الهواء وتنظيف الممرات المائية من أمراض متوطنة ووطنية مثل البلهارسيا. لذا، ومن باب الرفاهية، لعلمنا أن رفاهيتنا الحالية محصورة في الوقوف على الرصيف تحت ظل بناء إسمنتي حار لا يقي حراً أو زمهريراً، دعنا نتخيل عزيزي القارئ يوماً في العالم الأنيق الذي يدعونا خبراء الغرب للتصرف وكأننا نعيش فيه. تعال معي، تخيل أنك تستيقظ صباحاً وتفتح الشباك، وبدل استنشاق خليط دخان السجائر المضروبة وشذى عوادم السيارات وزيت الفرامل والصرف الصحي والكاوتشوك المحترق على أنغام أبواق السيارات وتبادل الشتائم بين السائقين، تجد الجمال والتنظيم منتشرين في كل مكان، يع، اللعنة، إن هذا كفيل بتعكير متعة الاستيقاظ صباحاً من الكوابيس الممتعة على نعيق الطيور وزعيقها المزعج. وتخيل، بعد هذا الصباح المزعج، أن ترتدي الكمامة والكفوف وتذهب إلى الحديقة للالتقاء بصديق، وربما تعدو على طرق معبدة في مناطق خضراء مُخصصة للرياضة، أو تركب دراجة في شارع خالٍ من الحُفر والمنعرجات، قد تستمتع بهذه النشاطات في تلك اللحظة، لكن آخرين سيستمتعون بها كذلك، وهو ما سيتسبب باكتظاظ الشوارع وتأخرك في الوصول إلى عملك حتى تستمع إلى سخافات مديرك وجدول أعمالك اليومي المنظم وكأنك الرئيس التنفيذي لشركة بوينج، ولست محاسباً محظوظاً في مقهى الحاج برعي. ولنكن منطقيين، ما الفائدة من المناطق الخضراء على حياتنا الاجتماعية؟ ما الفائدة من الالتقاء في فضاء رحب أو المشي في طرقات هادئة؟ تحسين صحتك النفسية؟ عظيم، وماذا عن الجلسات اليومية المغلقة حيث تترعرع الغيبة والنميمة المحببة إلى قلوبنا، أتستحق البيئة النظيفة التضحية بها؟ انظر إلى المسؤولين الذين يحوزون مساحات شاسعة في الأراضي على شكل حدائق غناء في قصورهم، انظر إلى القلق والتوتر الذي تُسببه لهم بحيث يزرعونها بالكاميرات والحراسة المُشدّدة خوفاً من أن يدخل إليها أمثالك. ثم اشكر الله على عدم امتلاكك شيئاً تخشى خسارته. إذن، كيف نحافظ عزيزي القارئ على نمط الحياة اليومية قبل الجائحة دون الانجرار وراء البروباغاندا الغربية؟ لنبدأ بإيجاد حلول مبتكرة مناسبة لثقافاتنا ومجتمعاتنا. بإمكاننا مثلا مطابقة تجربة لعب الطرنيب في القهوة بإعداد تطبيقات للعب وتبادل الشتيمة على الإنترنت، واستخدام مبسم خاص بنا في الأرجيلة الديليفيري. أو قيادة السيارة والبقاء على بعد مترين أو أكثر من الأصدقاء في السيارة الأخرى على ناصية الشارع وتبادل أطراف الحديث دون نفخ دخان السجائر في وجوههم. وإن ضاقت بك الحياة في المدينة، فلتحمل حقائبك وتذهب إلى الريف، حيث الطبيعة الخلابة الوطنية الأصيلة الخالية من أي خدمات ينبعث منها التلوث أو بشر، لأنهم جميعاً في المدينة.
0
أكّد تقرير صحفي نشرته مجلة ديلي فوبيا الأجنبية المرموقة ظهور أربع سلالات جديدة من فيروسات الإنفلونزا والجدري والقرحة والسحايا، تحوّلت إلى جائحة عالمية خلال ربع ساعة، لتحدد موقعك وتنطلق نحوك، وهي في طريقها إليك أنت شخصياً لتصيبك وتقلبك رأساً على عقب وتفرمك وتفتك بك خلال ربع ساعة من الآن. وكشف التقرير، الذي أعده علماء في السنة الجامعية الأولى كواجب منزلي لمادة اختيارية حول أشهر الفيروسات في القرن العشرين، كشف أنّ الفيروسات الجديدة تُصيب الجهاز التنفسي والهضمي وتقضي على الجهاز العصبي وتؤثر على القدرات العقلية للمصاب وتفتك بكبده وطحاله ونخاعه الشوكي ونفسيته، قبل أن تخرج من جسمه وتندمج ببعضها وتتشكل على هيئة إنسان يهاجمه ويغتصبه حتى الموت. وبحسب المجلة، فقد ألمح أحد العلماء المشاركين في إعداد الدراسة جوني جلينليف إلى أنّ التجارب السريرية على زميلهم المصاب أثبتت أنّ لم يستطع البارحة مداعبة زوجته، ولوحظ أنّه يكتب ويأكل ويشرب بيده اليسرى، ومن غير الواضح حتى الآن إن كان كل ذلك سببه الفيروسات أو لأنّه أعسر أصلاً ومُطلَّق منذ نحو شهر، ولا إن كان حديثه المستمر عن زوجته السابقة سببه صدمة غيابها أو تأثير الفيروسات على ذاكرته. ولم يتوصل العلماء بعد إلى أصل الفيروسات الأربعة وما إذا كانت مُعدية أم لا، أو إن كانت فيروسات أصلاً أو بكتيريا معوية؛ فقد ظهرت علامات انتشار وتفشي الفيروس/البكتيريا في لعاب زميلهم، لكنّ المؤكد حتى الآن هو خطورة تلك الأشياء، لأنّ جميع الفيروسات وكل أنواع البكتيريا قد تكون خطيرة: الإنفلونزا، الإيدز، البلهارسيا، الرشح، وفي حال كان المصاب يعاني من السرطان ويتلقى العلاج الكيماوي ومناعته ضعيفة، وقد لا تكون خطيرة أيضاً، فالعلم عند الله. كيف تتجنب العدوى؟ للأسف، إنّ عدم وجود أي معلومة مؤكدة حول هذا المرض تعني أنّ احتمالات الوقاية منه شبه معدومة، لكنّ العلماء عموماً ينصحونك بالتموّن وشراء أدوات التنظيف والتعقيم وأثاث جديد للمنزل فور استلامك الراتب، فضلاً عن تجنّب الازدحام والضوضاء والهدوء والأماكن العامة، لأنّها تُسبب التوتر والقلق، مع ضرورة غسل اليدين عند الانتهاء من استخدام الحمام أو العودة للمنزل لأنّ ذلك من أساسيات النظافة لاحتمال وجود فيروس أو بمعزل عنه، بالإضافة إلى عدم الخوف والفزع، والمثابرة على قراءة كل المستجدات التي سننشرها على الموقع أولاً بأول حول الموضوع، لضمان الحصول على المعلومات من مصادر موثوقة.
0
جدَّدت الحكومة الرشيدة تعهُّدها بالدفاع عن الحريَّات الشخصية لمواطنيها وحقِّهم بالخصوصية، مؤكدة مساندتها لهم في جميع الظروف ودعمها التام لقراراتهم، وأنّها لهذا السبب لم ولن تبحث بدوافع حالات الانتحار وتزايدها في البلاد. وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة إنّ معرفة الإنسان محدودة ومن الصعب معرفة خبايا النفس البشرية التي تحرِّض المرء على القيام بأيِّ فعل “هذا ما لا يدركه الناس الذين يلوِّحون لنا على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحف برسائل الانتحار التي يتركها الضحايا، مُعتقدين أنّها تُعبّر حقاً عمّا يدور في خُلد المُنتحر، ويتَّخذونها ذريعة للتحريض ضد الحكومة وتأليب الشعب عليها، مدَّعين أنّ المسؤول مسؤولٌ فعلاً عن كل شيء حتّى يجبرونا على التدخل رغماً عنا وانتهاك خصوصياتهم واتخاذ خطوات ضدَّهم وضد أهل الفقيد الذين تركوه بلا وظيفة أو أموال أو أي شكل من أشكال العناية والرعاية النفسية يعاني الإحباط والاكتئاب لينتحر بعد كتابة هذه الرسائل”. وشدَّد المتحدث على أن الحكومة لن ترضخ لأي ضغوط سياسية أو شعبية لتجاوز ثوابتها وأخلاقياتها والتعدي على حرمة الميت “سواء مات المواطن في فراشه أو بحادثة انحراف قطار عن مساره لأسباب لا يحق لنا الخوض فيها، أو الجوع أو بنوبة قلبية في المعتقل أو بادر بالانتحار لأسباب تخصُّه وحده”. وأضاف “ليس لأحد المزاودة علينا. إنّ تعاطينا مع القضية ينطوي على كثير من الحكمة والتعاطف مع الضحية؛ فعلى الأقل نحن لا نقضي الساعات والأيام على وسائل التواصل الاجتماعي نكفّرهم ونقول إن الله لن يرحمهم”. وألمح المتحدث إلى أن الحكومة قد تتحمل بعض المسؤولية في هذا الشأن “لطالما نددنا بمادّية المجتمعات الغربية وترفها الذي يخلق عادات اجتماعية مختلة مثل الانتحار، على عكس مجتمعاتنا السويّة التي لطالما تحملت الفاقة والعوز واكتفت بما يسد رمقها، لكننا وقعنا بنفس الفخ ودللنا مواطنينا وأصبحنا موضع مقارنة مع دول مثل السويد في معايير مهمة مثل وقت الفراغ المتاح للمواطن، سواء عن طريق الإجازات أو انعدام فرص العمل، وهو ما أتاح له الوقت للتمعّن في حياته ومجتمعه والاتجاه نحو العدمية”.
0
“في الساعة الأخيرة، فقدت قدرتي على الفهم أو الاستماع، أصبح كلامه مجرد همهمات.. أو أصوات مبهمة يتخللها ضحك أو شتائم. فقدت الأمل في أن يصمت وأعود لحياتي الطبيعية.. سبحان من أخرج يونس من بطن الحوت، وجعل صديقي يسعل في تلك الثانية”. هذا ما قاله الشاب مُحسن الفلعوطي، وهو يحاول استرجاع تلك الساعات الثلاث التي “سُرقت من عمره إلى الأبد” على حدّ تعبيره، أثناء حديث مع صديقه الثرثار، الذي رفض الإفصاح عن اسمه “حتى لا يتَّصل بي ليتحدث عن المقال”. ابحث عن البداية يؤكد مُحسن أنّه يعلم طباع صديقه، لذا يعمد دائماً إلى التواصل معه من خلال الرسائل النصية لتجنّب الوقوع في فخه “رغم أنّه يردُّ علي برسائل صوتية تتجاوز مدتها خمس دقائق أحياناً، لكنّني تقبلّت المسألة منذ زمن وصرت اكتفي بسماع مقتطفات منها، إلّا أنّه لم يرد على رسائلي هذه المرة، والمسألة كانت مُلحّة للغاية، ما هي؟ والله لم أعد أذكر. لعنة الله عليه وعلى الساعة التي تحدثت بها معه وعلى السبب الذي دفعني لذلك. المأساة أنّني متأكد من اتصالي به لسبب ضروري، وحين أتذكره سأضطر للاتصال به مرة أخرى لأنه لم يترك لي مجالاً لأخبره بما أريد”. ولا يُنكر مُحسن أنّه يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية “لا أقول إنّني السبب في كثرة كلام صديقي، وفراغه وتفاهته، لكنّني بدوري كنت أحمق؛ فأنا أدرك هذا كله ومع ذلك اتصلت به وبدأت مكالمة كان من المفترض أن تستمر لأقل من دقيقتين، وبكل غباء سألته (كيف حالك؟). كان علي أخذ الحيطة من أنّ هناك بشراً على هذا الكوكب يأخذون هذا السؤال على محمل الجد. لو أنّ الزمن يعود للوراء، لو أنّني كنت أقل حُمقاً، لو أنّ المعجم لا ينطوي على هاتين الكلمتين، لما ضاع نهاري سدى وأنا أستمع لحاله وحال زوجته وأخواته وابن خال عمة زوجة أخيه في كندا وحال بطل الرواية التي قرأها مؤخراً وانعكاس حال البطل على حاله، لما عرفت أنّه يُحب قالب الجاتوه متوسط الحجم ويُفضل احتواءه على بيضتين فقط”. رحلة كفاح يقول مُحسن “في الساعة الأولى، لم تنطفئ روحي تماماً، وكنت أُفكّر بتكتيكات للهروب من المكالمة، قلت له: (حسناً، عظيم، عليّ العودة إلى عملي، إلى اللقـ) لكنّه كان يسبقني دائماً بخطوة. سرَدَ قصة حزينة حدثت معه في الجامعة عام ٢٠٠٠ وانتقل برشاقة إلى عام ٢٠١٩، العام الذي سافر فيه أخوه إلى أمريكا لدراسة علم النفس الإكلينيكي وفقد أعز أصدقائه. فكَّرت: لا بُدّ أنّ توديعي له بهذه اللحظات سيشي بعدم تعاطفي، فجربت تكتيكات مختلفة، كأن أقول (لا حول ولا قوة إلّا بالله، إييييه، الله يعين ويُساعد، لعلّه خير) بلهجة تشي بالوداع، لكنّه تجاهل اللهجة وتمسّك بالكلمات وبدأ يتحدث عن القدر وعن وجهة نظره بالوجود”. ويتابع “أعلم أن الكلام وسيلة للتواصل؛ لكنّني أدركت في الساعة الثانية أنّ صديقي يعتبره رياضة يُدرِّب من خلالها لسانه وشفتيه وأحباله الصوتية، هذا ما يُفسر عدم قيامه بأي نشاط فيزيائي آخر أثناء المكالمة؛ لا يتنفس، لا يشرب المياه. إنه قوي لدرجة أنّه لم يلهث بعد جملة طويلة استمرت لدقيقة كاملة، لا يُفكر، يتحدث فقط. في الساعة الأخيرة، فقدت قدرتي على الفهم أو الاستماع، أصبح كلامه مجرد ضباب صوتي”. الخلاص .. الحرية “فقدت الأمل، قلت لنفسي: انتهت المسألة. لن يصمت ولن أعود لحياتي الطبيعية قبل أن يشعر بالنعاس ويغفو على الخط، ولكن سبحان مغير الأحوال، سبحان من أخرج يونس من بطن الحوت وأشفق على أيوب ونجاه من مرضه، فجأة ودون سابق إنذار عطس، وبدأ بالسعال. لم يصمت بالطبع، استمر بالحديث المتقطع، لكنّها فرصة انتهزتها في أقل من خمسة ثواني، (ألو، ألو، لا أسمعك، الشبكة، مشكلة في الشبكة، ودعاً، باي باي باااااي). أغلقت الخط، وأخرجت البطارية من الهاتف لعدة ساعات وربما سأتركه مغلقاً للأبد. أؤكد لك أنّ مُحسن قبل هذه المكالمة ليس كمحسن بعدها؛ لن أحتاج لأحد بعد اليوم، لن أتصل بأحد، لمَ أحتاجه أصلاً، ما الذي أريده منه؟ أستطيع فعل كل شيء في هذه الدنيا وحدي، من قال إنّ الإنسان يحتاج إنساناً لتصريف أموره؟ أستطيع فعل كل شيء وحدي، وإن لم أنجح لا يهمني ذلك، ما معنى النجاح أصلاً؟ ما المغزى من الوجود كله؟”.
0
بعد صراع طويل مع المدينة، فاضت روح الشجرة الواقعة في حي أم التنابل، شارع الدبابيق – الرصيف الثاني على اليسار، نتيجة الوحدة الشديدة التي عانت منها منذ غرستها البلدية لوحدها ضمن مشروع تشجير العاصمة. وبقلب يعتصره الحزن والأسى، نعى رئيس بلدية العاصمة السيد مسعود بندولي، الشجرة المتوفاة “كل نفس ذائقة الموت، كنا على بعد أعوام فقط من استكمال مشروع التشجير وزراعة رفيقات لهذه المسكينة، ولكن قدّر الله وما شاء فعل. أتذكر اليوم الذي زرعناها فيه وكأنّه اليوم، ما زلت أحتفظ بصورتي معها برفقة وزير الزراعة، الذي تفضل مشكوراً بطلب تمويل المشروع من المنظمات الدولية وأشرف على بدئه قبل ٢٠ عاماً”. وقال مسعود إنّ الشجرة كانت طيلة حياتها عرضة للتنمر “منذ كانت صغيرة، دأب أولاد الحارة يتسلطون عليها بتكسير أغصانها، وقد حاول بعض المراهقين تسلقها عدة مرات رغم أنّ حجمهم يفوق حجمها، ما أثّر على نموها بشكل ملحوظ. وحين كبرت، راحوا يستهزؤون بشكلها واتهموها بتشويه منظر البلاط الأنيق، وطالبوا بإزالتها، متناسيين أنّها مصدر الأكسجين الوحيد في الشارع، حتى أنّ بعضهم تمادوا ورسموا رسومات إباحية عليها وصاروا يكتبون كلمات بذيئة تُقلل من شأنها وتزيد من وحدتها”. وأكّد مسعود أنّ المرحومة علّمت سكان العاصمة معنى العطاء “تسقط أوراقها خريفاً تلو خريف ولا تجد من يكنسها عن الرصيف، تمنح الأكسجين لسكان المدينة وحدها دون انتظار ثناءٍ من أحد، وهي تعلم تماماً أنّها لن تجده مساءً حين تحتاج لتنفسه بسبب التلوّث في العاصمة”. من جانبه، حمّل المواطن سلوم فراقيع المسؤولية للبلدية “يقتلون القتيل ويمشون في جنازته. لطالما أطلقوا وعوداً في الهواء والمسكينة تنتظر وصول فوج آخر من الشجر. كانت تنتظر هطول المطر حتّى تشم رائحة المياه، وحين يهطل ينفجر الصرف الصحي ويُسمّم جذورها بخليط من المواد الكيميائية المستخدمة في مساحيق تنظيف الأرضيات والحمامات والأواني، لولاي، نعم لولاي أنا شخصياً لماتت منذ ١٠ أعوام، فقد كنت أرعاها واعتني بها بالتبوّل عليها مرتين بالأسبوع”.
0
تفاجأ الشاب فريد الخُرنُش حين أخبره موظف مكتب البريد أنّ الطرد الذي يحتوي قميصاً ثمنه ٢٠ دولاراً وكلّفه ١٠٠ دولار لإرساله بالبريد إلى صديقته قبل أربعة أشهر، وصل أخيراً إلى عالم مواز للعالم الذي نعيش فيه. وحمّل موظف البريد الهادئ واللبق مسؤولية هذا الخطأ الرويتي لفريد “عميلنا العزيز، لقد أبلغتنا برغبتك أن يصل طلبك عبر خدمة الشحن السريع، حتّى أنّك دفعت مبلغاً إضافياً لتحصل على هذه الخدمة، لذلك استعجلنا في تنفيذه، وفهم موظفنا كلمة (الشارع الموازي للسوق المركزي) على أنّها (العالم الموازي للسوق المركزي)، وبالفعل أوصل الطرد بأقصى سرعة ممكنة إلى الشارع رقم ٩ عمارة ٦ كما طلبت بالضبط، ولكن في كوكب الأرض الثاني، الكون الثالث”. وأكّد الموظف أنّ الطرد قد يحتاج قليلاً من الوقت ليصل إلى العنوان الصحيح “فقد راسلنا مندوب شركة البريد هناك، لكنّهم حولونا إلى شركة أخرى مسؤولة عن أخطاء الشحن، وحين حاولنا التواصل معها، حلّت عندهم عطلة الربيع، ومع حساب فارق التوقيت بيننا وبينهم، قد يستلزم الأمر بضعة أشهر أخرى قبل إعادة الطرد. للأسف يبدو أنّ الدول في هذا العالم تعاني من بيروقراطية لا تطاق. عموماً، قضيتك ليست من اختصاصي، أستسمحك بالذهاب إلى شباك رقم خمسة في الطابق الثالث حتّى تتابع القضية هناك”. من جانبه، قدّم الموظف عند الشباك رقم خمسة الطابق الثالث – بعد انتهائه من استراحة الغداء – اعتذاره لفريد عن هذا الخطأ، مشيراً إلى أنّ الشركة ستعوّضه وتخصم ٥٪ على كُل شحنة قادمة يرسلها عبر بريدهم السريع “كما أنّنا لن نحمّلك أي رسوم مقابل تكاليف نقلها عبر الكون إلى كون آخر”. بدوره، قال المدير العام لشركة البريد إنّ من لا يُخطئ لا يعمل “وأتمنى من جميع الموظفين الأعزاء الاستفادة ممّا حصل ومواصلة الوقوع بأخطاء كبيرة، لنتعلم من أخطائنا ونحافظ على تطورنا”.
0
لقَّن المواطن كُ.أُ. الحكومة الفاسدة عديمة المسؤولية درساً قاسياً لن تنساه، وذلك برميه كيس الشيبس الذي انتهى منه للتو من نافذة سيارته، مؤكداً أن هذا أقل ما يمكن فعله إزاء الممارسات الحكومة وقذارتها والعفن الذي ينخر مؤسساتها ودوائرها ومتنفذيها. وقال كُ.أُ. إن من شأن رمي النفايات في كل مكان وضع الحكومة في مكانها الصحيح والمكانة التي تستحقها “والكيس ليس إلا بداية؛ لدي بقايا وجبة شاورما ومشروب غازي وكمية كبيرة من أعقاب السجائر وقشر البزر في المنفضة، سأنثرها على طول الشارع، وحين يصدف وأعثر على سلة مهملات، سأقلبها برجلي بعد إضرام النار فيها”. أما بخصوص عمال النظافة الذين يتكفلون بإزالة كيس الشيبس وكل ما ألقاه وسيلقيه، أكد كُ.أُ. أنه لا يحمل أي ضغينة ضدهم “مع أنهم يعملون مع الحكومة، ولكنهم مغلوبون على أمرهم وينفذون ما يطلب منهم. إن هذا لا يعني أن أتوقف عن ممارساتي، بالعكس، سأرفع وتيرتها؛ إذ بدون نفاياتي ونفايات الآخرين، سيفقدون أعمالهم، وأفضل أن يذهب ولو نِزر يسير من الضرائب التي أدفعها على شيء مفيد مثل إعالتهم”. وأوضح كُ.أُ. أن انتقامه لم يقتصر على الحكومة “بل سيمتد ليشمل جميع من يوالونها؛ سألقي القمامة على بيت جارنا الوضيع المتواطئ معها، والذي رفض كل ممارساتي ودعواتي له بالانضمام إلي في مسيرة الكفاح، وأصَر على رمي نفاياته في المكان الذي خصَّصَته لها”. وتوجه كُ.أُ. بالشكر لجميع المواطنين الذين يتصرفون بذات الطريقة “وأهيب بالبقية الانضمام لنضالنا ضد السلطة الفاسدة؛ ارموا النفايات، اقذفوها، احرقوها، حولوا البلد إلى مكب كبير تعجز عن تنظيفه، ولتنتشر الأمراض والأوبئة والقوارض والحشرات، عرّوا تقصيرها ومدى فشلها أمام العالم والسياح المُغرّر بهم”.
0
هل تذكر المكتب؟ ذاك المكان القَصي الذي ترتاد حافلة كبيرة كي تصل إليه، حيث المكاتب الخشبية والطاولات المتهالكة والكراسي المدوّرة مكسورة العجلات والمدير السمج، هل تذكره؟ ذاك المكان الذي كنت تقضي فيه ثلاثة أرباع يومك دون أن ترى الشمس. نعم، للأسف، لقد انتهت فسحة الحجر الصحي وحان وقت رجوعك إليه. نعلم أنّك عشت أزمة وجودية وحرماناً عاطفياً جعلاك تشتاق إليه بكل من فيه، متناسياً أنّك كنت تخطط يومياً لاستراتيجية هروب جديدة بعد نهاية الدوام حتى لا يراك أحد ويطلب منك إنجاز المزيد من المهام؛ فتتسلل على رؤوس أصابعك وتنسى أغراضك فيه لشدة ارتباكك، وترفض المخاطرة والعودة لأخذها. اطمئن، لا تزال حاجياتك التي تركتها في مكانها، فلا أحد مهتم بأخذها، لكن عليك أن تهيئ نفسك للتغيرات التي طرأت عليها وتستعد لملاقاتها دون ذعر. لذا، ومن منطلق دعم الموظف للموظف سأخبرك بمصير خمسة أشياء منها، لأجنبك صدمات نفسية جديدة إلى جانب رؤية زملائك. ١. قلم الحبر السائل الأسود الجميل ذي الخط الرفيع الدقيق الغامق الذي سرقته من زميلتك سهاد: لم يعد يصلح للكتابة؛ لأنك واصلت مضغ غطائه حتّى آلمتك أسنانك، ثم تلف الغطاء وأصبح مكشوفاً من عدة جهات، وهو ما أدى إلى تبخر حبره مع مرور الوقت. لكنّ الخبر الجيد أنك تستطيع مضغ القلم كاملاً الآن دون الخوف من فوران الحبر في فمك. ٢. التفاحة وحبات الخيار الثلاث وشريحة الخس: وجبة الغداء التي وضعتها في درج المكتب حين قررت بدء حمية غذائية ونظام صحي صارم قبل أن يطلب زملاؤك البرغر وتؤجل خططك الصحية إلى يوم آخر، لم تتعفن وتسّود وتتآكل فحسب، بل استمرت في إفراز سوائل ملأت الدرج وزادت تشويه خشبه الرديء أصلاً، فضعف وتحلّل وانهار وتساقط فتاته على الدرج الأدنى منه، حيث قطعة الكيك المُتخشبة التي اشتريتها وخبأتها عن زميلك مصعب الفجعان. لا داعي لوصف شكلها الآن. ٣. زميلك عِماد: لن تُصدّق ذلك، لكنه ما زال جالساً وراء المكتب منذ تركته آخر مرة غارقاً في تنفيذ المهام الموكلة إليه وتلك التي أوكلها إلى نفسه. لقد فكّر بالعودة إلى المنزل عدة مرات لكنّه ينتظر مجيء المدير وتربيته على رأسه وشكره على جهوده. كذلك، لا، لم يسقِ النباتات أو يمسح بقعة القهوة الناشفة على الغاز كما تظن ولا حتى دخل الحمام، لخشيته أن يحضر المدير خلال أوقات حظر التجول بالصدفة ويراه يفعل شيئاً غير العمل فيعتقد أنّه يتسلى، ويخسر الإطراء. ٤. الكتاب الذي كنت تحمله يومياً على أمل قراءته في الحافلة خلال الطريق: وكأنّ حضرة جنابك تسكن في الريف الفرنسي وتذهب إلى عملك في باريس بالقطار، أو كأنّك تجد مقعداً في الحافلة التي تصعد وتهبط طوال الوقت بسبب الحفريات في الشارع على أنغام صوت السائق ورائحة الفستق الخارجة من أنفاس الراكبين. اطمئن يا حبيبي، الكتاب على حاله، ملقى على درج المكتب منذ قرَّرت نسيانه متعمداً هناك (ثمة احتمال أن تجد بعض أوراقه ممزقة لأنّ عماد يستخدمهم لتنظيف أسنانه، لا تصدقه إن أنكر ذلك). ٥. ورق الملاحظات الأصفر والأخضر والأحمر والوردي الذي ألصقته على الحائط وكنت تدون عليه مهماتك اليومية في العمل وتاريخ تسليمها: كان من الممكن ألّا تصفَر أطراف تلك الأوراق ويبهت لون الحبر عليها ويضعف اللاصق الذي يبقيها على الحائط، لولا أنّك تضعها هناك منذ تمّ تثبيتك في العمل ولم تعد خائفاً على خسارته. لن تجد سوى ملاحظة واحدة تتضمن المهمة التي كلَّفك بها مديرك قبل الحجر وهدَّدك بالطرد من العمل ما لم تنفذها في الموعد.
0
استهلَّت الحيوانات البرية جولتها الأخيرة في حديقة الإنسان وشوارع وحواري بني البشر، قبل رفع الحجر الصحي المفروض بسبب فيروس كورونا في معظم دول العالم وخروج البشر من أقفاصهم وتوقُّف رحلات المدن التي كانت ملهاة لأطفال الحيوانات من الفصائل كافة. وقال المتحدث باسم الغابة الغضنفر عبد القهار إنّ رؤية البشر في أقفاصهم تعدُّ فرصة للتأمل والتفكر للحيوانات “وأكثر ما أثار استغرابنا أن رد فعلهم للوقاية من فيروس مميت تمثّل بالبقاء في مناطقهم والتكدُّس في بيوتهم بدلاً من العيش في الغابات والمساحات الخضراء الشاسعة خارج مناطقهم السكنية الموبوءة”. وأضاف “لو أنهم امتنعوا عن أكل الأخضر واليابس في سبيل البناء غير المبرَّر لبؤر التعاسة التي يسمونها مدناً، وتركوا لنا مجالاً للعيش في البرية مثل السابق، لدعوناهم للعيش في الطبيعة معنا بصدر رحب”. وأكّد الغضنفر أنّ زيارة حديقة الإنسان جعلت الحيوانات تُدرك مدى التشابه بينها وبين البشر “اعتقدنا بأنّنا سنتعلم الكثير منهم – بوصفهم أكثر تطوراً وتعقيداً منّا – لكنّنا لم نلحظ اختلافات جذرية عنا سوى ارتدائهم ملابس داخلية مثيرة أثناء ممارسة الجنس وتزيينهم الطعام وإضافة الملح والسكر عليه قبل أكله، واستعمالهم آلات ومال وسياسيين لاصطياد فرائسهم”. ودعا الغضنفر مجتمع الغابة إلى الاستمرار بدراسة البشر لتتفادى الحيوانات أن تصبح مثلهم “رغم رغبتنا الشديدة في تعلّم القراءة والكتابة وصناعة الأفلام ومشاهدتها، إلّا أنّنا نخشى أن نُصبح وحوشاً نستعبد بعضنا ونرفض توزيع الطعام دون مقايضته بأوراق ملونة. كما نود معرفة سبب عدم إخصائهم الأفراد العنيفين منهم مثلما يفعلون مع الحيوانات اللطيفة التي نرسلها لاستكشاف طبيعة الحياة معهم، قبل أن يسجنوها في المنازل ليلعبوا معها بسبب نقص في معدلات حبهم لبعضهم البعض، وربما نستفيد من تشابه جيناتهم مع القردة للتوصل إلى طريقة نهزم بها فصائل الشمبانزي للأبد”. من جانبه، رحب حزب القوارض على لسان رئيسه بخبر خروج البشر”فقد تسبَّب توقُّف عجلة الاقتصاد والمطاعم بنقص كبير في كمية النفايات والمهملات التي يخلِّفها البشر، الأمر الذي أدى إلى نقص رهيب في التغذية وتدهور الأمن الغذائي لدينا. ندعو المجتمع الدولي إلى التحرك بأقصى سرعة لإنقاذ ما تبقى منا والعودة إلى العمل والاستهلاك، وإلا، ستواجه القوارض خطر الانقراض”.
0
في ظل عودة الصالونات إلى عملها واقتراب العيد ومغادرة الرجال منازلهم بعد الحجر الصحي وجميعهم يشبهون رجل الغاب، أعلنت نقابة الحلاقين اعتمادها نظاماً جديداً للتسعيرة اعتباراً من الأسبوع المقبل، بحيث يدفع الزبون مقابل وزن شعره المحلوق. وقال نقيب الحلاقين، المعلم الكوافير عوض شنائف، المعروف بالمعلم عوض، إن الانتهاء من الحجر فرصة مناسبة لتغيير النظام السابق “ليس بسبب كمية شعر الزبائن، بل لأنه من غير اللائق أن يحدد كل حلاقٍ تسعيرته، ما يدفع الزبائن عادةً للبحث عن صالون آخر يقدم خدمات جيدة بسعر مناسب، وكأن الأمور سائبة على حل شعرها”. وأضاف “لقد سئمنا جميعاً من تكرار هذه التجربة مع كل موجة غلاء. لكن هذه المرة الأمور ستختلف؛ لأن الوقت الراهن لا يحتمل المساومة، وسيخجل الحلاق من رفع التسعيرة على الزبون عندما يرى أنه هو الآخر تضرر نتيجة التعطل عن العمل، والزبون سيخجل من مجادلة الحلاق والاعتراض على غلاء التسعيرة في هذا الظرف الاقتصادي، خصوصاً بعد أن قدّر قيمة عمله أثناء الحجر، حين طال سالفاه وانسدل شعره على عينيه وأذنيه وحياته، واضطر إلى تسليم رقبته لزوجته أو ابنه ليفعلا العجائب بمظهره”. وأبدى المعلم عوض تعجبه لعدم العمل بنظام مشابه من قبل، مع أن كل رأس يختلف عن الآخر “فهناك الذي يأتيك بشعره الأشعث الكثيف كالصوف، الذي يحتاج إلى الجزّ والتشذيب والتقليم قبل البدء بحلاقته، بينما يأتي آخرون بشعر أقل فأقل في كل زيارة نتيجة تفاقم الصلع الوراثي عندهم. يجب على التسعيرة أن تأخذ بعين الاعتبار الضغط الذي يضعه الزبون على عاتق الحلاق والصالون والموارد التي يستهلكها، كالوقت الذي يستغرقه على الكرسي، ومدى تأثير شعره في الانتقاص من حدة أمواس الحلاقة أو تقصير عمر بطارية الماكينة، وكمية المياه التي تُهدر لغسل شعره، والجهد المبذول في كنس الأرض من بعده، وهذه الخسائر تعتمد على طول الشعر وسمكه وخشونته وتراصّه وجميع هذه العوامل تتناسب طردياً مع وزن الشعر”. وأشاد المعلم عوض بدور عدد من الحلاقين في اقتراح حلول للتسعيرة قبل الاتفاق على النظام الجديد، حيث طرح بعضهم فكرة تسعير عدد ضربات المقص، لكنها لم تطبق لأنه من الصعب إقناع الزبون بأن يدفع ثمن الضربات الهوائية للمقص دون ملامسة شعره، مع أنها فعلاً ضرورية جداً في تليين أصابع الحلاق وإحماء المقص وتحضيره لقطع الشعر بالزاوية والقوة المناسبتين. وتوقع المعلم عوض أن يرفع هذا التغيير عدد زيارات الناس إلى الصالونات “الناس يفضلون إنفاق مبالغ بسيطة بشكل متكرر بدلاً من مبلغ كبير دفعة واحدة، وسيجدولون مواعيد الحلاقة ويتعاملون معها كأقساط البيت و السيارة، حتى لا يتراكم الشعر على رؤوسهم. كما أن الميزان الحساس المستخدم في الصالونات سيدفع الزبائن لإعادة التفكير في الوزن الفعلي لشعورهم والمبادرة بتنظيفها من الزيوت والرواسب ليوفروا في الفاتورة.”
0
لعب الفأر في عبِّ السيدة تماضر محاسيس (أم حمّوده) بوجود احتمال ضئيل للغاية ألّا يكون ابنها حبيب قلبها عبقرياً كما كانت تعتقد وتروِّج بين أفراد العائلة الصغيرة والمُمتدة والأصدقاء والجيران والمعارف وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، منذ أنجبته ولاحظت تفرُّد صوته عن صوت الأطفال الآخرين حين ضربه الطبيب على مؤخرته. وكانت تماضر قد لاحظت خلال العطلة، نوم حمودة من ١٠ إلى ١٢ ساعة خلال النهار “كما أنّه يشرد حين أنادي عليه أو أسئله سؤالاً وكأنّه لا يفهم ما أقول. وازدادت شكوكي حين درَّسته امتحان الرياضيات أكثر من مرّة ولجأت لحبات البرتقال والتفاح وجبنة المثلثات لأُقرِّب له المعلومة ويفهم آلية الطرح والجمع في منهاج الصف الرابع، لكنّه اكتفى بأكلها ونسي المعلومات. هل يعقل أنّ معلمي الرياضيات واللغة العربية والإنجليزية والتايكوندو والسباحة وجارتنا سهاد كانوا على حق وأنّ معدل ذكائه لا يختلف عن معدل ذكاء أي طفل آخر في عمره؟ لا لا، فالولد عبقري بالفطرة؛ ينجح بالعدِّ إلى المئة واثنين وخمسين ويغسل يديه عند استخدام الحمّام. لاحظوا علامات النباهة واللمعة الحذِقة في عينيه التي تظهر بالصور، حتّى أنّه يحفظ أغاني أفلام الكرتون كلها ويُقلّد الشخصيات وأصوات الحيوانات”. وأكّدت تماضر أنّها حاولت دعم مَلكات ابنها الإبداعية بدلاً من التشكيك بقدراته “يميل حمودة إلى الفن التشكيلي أكثر من ميله للرياضيات؛ فقد رأيته يضع ورقة على عملة معدنية ثم يمرّر القلم فوقها ليظهر شكل العملة، لقد كرر هذه العملية حتى صار لديه لوحة رائعة تُذكّر بلوحات الفنان العبقري آندي وارهول الذي يرتب صور عُلب الحساء في لوحاته، وحين سألته عن الهدف من لوحته، أخبرني أنه سيقصها ويذهب بها إلى البقال لشراء الشوكولاته والشيبس بعد انتهاء الحجر”. وأضافت “أنا متأكدة أنّ الولد عبقري؛ فبذور العبقرية مزوعة فيه، لكنها بحاجة للسقاية، لذلك سوف أُسجله بدورات لغة إنجليزية وفرنسية وإسبانية وصينية وتركية، ودورة عود وبيانو وقانون، وباليه، ودورة تصميم ثلاثي الأبعاد وكتابة إبداعية وبرمجة ألعاب إلكترونية، سيبدع بها، لأنّه يحمل هاتفي طوال الوقت ويلعب فيه”.
0
أشاد الأب كُ.أُ. بعلامات الذكاء والنباهة والفضول عند ابنه، والتي دفعته لاستكشاف اللون الأصلي لسيارة جارهم من خلال كشطها بقطعة معدنية حادَّة على شكل حلقات متداخلة ثمَّ كتابة اسمه عليها قبل الخربشة فوقه كي لا يكشف صاحب السيارة هويته. وأكّد كُ.أُ. أنّ ابنه خاض غمار العلم التجريبي في وقت مبكر “ذاك الحقل المعرفي الذي أثبت فعاليته من بين جميع العلوم الإنسانية. سؤاله لي مثلاً أو بحثه في محرك البحث عن لون السيارات قبل طلائها سيجعل المعلومة تتبخَّر من رأسه بعد أيام لسهولة تحصيلها، بينما كشط طلاء السيارة سيكشف له بالدليل والتجربة لون السيارات الأصلي، لأنّ حفرها بالمسمار أو بالحجر سيحفر المعلومة في دماغه وتترسخ للأبد”. وأضاف “أكبر دليل على نباهته أنّه فكَّر خارج حدود محيطه الضيق، ونفَّذ تجربته على سيارة الجيران وابتعد عن سيارتنا”. واستنكر كُ.أُ. اتهام جاره له بإفساد ابنه بالدلال ومطالبته بلمِّه من الشارع “وكأنّ سيارته أهم من تعلّم الولد! علينا كمجتمع الفصل بين الأخلاق والحرية، حيث تُعد الأخيرة أهم ركائز التربية الحديثة. لقد عفا الزمان على الآباء الحشريين الذين يوجهون أطفالهم ويحرمونهم من ممارسة نشاطاتهم المفضلة، مثل شخط الدهان عن سيارات الجيران والصراخ في منتصف الليل وتعنيف الحيوانات ونكش أنوفهم ومقاطعة حديث الآخرين، بحجة الأخلاق التي أثبتت الفلسفة الحديثة أنّها مفهوم نسبي”. بدورها، أشارت مدام كُ.أُ. إلى أنّ حدود الحرية الممنوحة لابنها لا تتوقف عند اختياره الطريقة الأمثل للتعلم فحسب “نمنحه مساحة أيضاً للتعبير عن نفسه، فيختار الكلمات التي تناسبه للتواصل مع معلماته سواء تعلمها في البيت أو الشارع، دون أن نُقيده بحدود رجعية كالعمر والاحترام والمكانة، ولا يخجل كالأطفال الانطوائيين من توجيه النقد أو التعبير عن رأيه في مظهر بنات خالته أو أولاد عمومته”.
0
لطالما تذمَّر المواطنون من حكوماتهم بداع ودون داع، حتى أن البعض سوَّلت لهم أنفسهم الاحتجاج ضد حكوماتهم لأسباب أذهلت كلَّ من في أروقة صناعة القرار؛ فهم على سبيل المثال يعترضون على ما يسمَّونه الاعتقال التعسفي وتقويض حرية الرأي، دون النظر إلى دور الزعيم كأب يأمر وينهى كيفما وحينما يشاء، وتقدير أن لحم أكتافهم من خيره، متجاهلين الفوائد الأمنية المثبتة علمياً لتعذيب المعارضين والإرهابيين وأقاربهم ومعارفهم. ولأننا في الحكومة نلتزم بحظر التجول المفروض هذه الأيام، باعتباره سبباً جيداً لتفادي التعاطي مع هذه الشعوب الناكرة للجميل، وجدت نفسي أفكر وأخطِّط لمستقبل ما بعد الحظر، وفوجئت أثناء جلسة تأمل باكتشاف أن المواطن العادي يملك عديداً من الحقوق التي تغاضينا عنها أو نسيناها لسبب أو لآخر، وينبغي إعادة النظر فيها، أهمُّها المزايا الخمس التالية: دخول الحمَّام: المواطن اليوم يدخل دورة المياه ويقضي حاجته كما يشاء، صباحاً ومساءً، حتى أن بعضهم يستغل وجوده فيها ليقرأ أو يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي ويزداد حنقاً على حكومته، أو ليهرب من ازدحام بيته الذي تسبَّب به والداه بإنجابه، معتبراً خدمة الصرف الصحي العامة ملكاً لأبيه، دون أي اعتبار للضغط عليها خلال أيام الأعياد وانتشار الزيارات والعزائم. لذلك سنعمل على إعادة تأهيل المواطنين وتصحيح نظرتهم للمراحيض، ليعلموا أنهم هم من في خدمة الصرف الصحي وليس العكس، ثمَّ نُمأسِس عمليات التبول والتبرز وننظمها عبر لجنة مختصة تهدف إلى زيادة فاعلية العملية وتفادي تعريض المجاري لفضلات المواطنين بشكل مكثف، من خلال السماح للمواطنين بقضاء الحاجة خلال فترات محددة بناء على أرقامهم الوطنية. شرب النسكافيه: لطالما فشلت محاولاتنا المتكررة للنهوض بذوق الشعب، ولكن قد تكون شعبية مشروب النسكافيه “ثلاثة في واحد” أحد أبشع أشكال انتهاكات الذوق العام؛ إذ يرفض هؤلاء الهمج التطور والاتساق مع الذوق الغربي، مصرِّين على استهلاك هذا الخليط غير المفهوم من المواد الكيميائية، بزعم أهميته في إبقاء الطلاب مستيقظين ليحضِّروا امتحاناتهم، وكأننا لم نفتتح لهم أفرع عديدة لمقاهي ستاربكس وكوستا ونساهم في نشر القهوة الفير تريد باهظة الثمن. وبكل الأحوال لا داعي لأن أبرِّر سبب إقدام الحكومة على منع سلعة مثل النسكافيه؛ سنمنعها إن أردنا، إلا إذا كان من المجدي رفع الضرائب عليها، لأنَّها بالطبع مضرة بالصحة ومن واجبنا ثني أحبتنا المواطنين عن استهلاكها. الاستيقاظ : بإمكان غالبية المواطنين الاستيقاظ من النوم في الوقت الذي يريدون، للأسف، وهو تجاوز لا يمكن السكوت عنه، سواء بخصوص التوقيت أو مبدأ الاستيقاظ نفسه؛ فالحكومة وحدها من تحيي وتميت وتوقظ. كما أنَّ حرمان المواطنين من هذا الامتياز سيساعد على تقنين أزمة السير إذا قررنا إيقاظ المواطنين على دفعات، وسيمنحنا مخزوناً من الناس إن أبقينا على بضعة ملايين منهم في سبات بلا نهاية، وفي ذات الوقت تُحلُّ أزمات البطالة والفقر والأميَّة وأي مرضٍ يتفشى في البلاد. اختيار شريك الحياة: يستطيع المواطن العادي اختيار من يشاء كزوجة، أو على الأقل من تشاء أمه، مع بعض الاستثناءات التي أثبتت نجاحها، كمنعِ التزاوج بين أتباع الأديان والطوائف المختلفة وأثرِ ذلك في الحفاظ على التعايش والسلم الأهلي. ويجب على الحكومة تعميم التجربة، واختيار الأزواج بناء على معايير علمية وجينيَّة موثوقة، تماماً، كتهجين الكلاب والمواشي؛ فما المانع من نقل تجربة الثروة الحيوانية لعامَّة الشعب، خصوصاً إن كانت ستؤدي إلى شعب مهذب ومطيع أكثر؟ الطبخ اليومي: يعتقد هؤلاء المواطنون أن الحكومة نادل في مطعم أهاليهم؛ يوماً يريدون الجزر، يوماً يأكلون الفجل، ويوماً آخر يطهون السمك، وكأنهم وطلباتهم شغلنا الشاغل ولا يوجد ما نفعله سوى استيراد المواد الغذائية لتلبية احتياجاتهم التي لا تنتهي. من المهم تنظيم هذه العملية عبر وضع قائمة طعام أسبوعية للمواطنين، خصوصاً في ظل عدم وجود خطة طوارئ للتعامل مع إقدام عدد كبير منهم على طبخ البامية في الوقت ذاته مثلاً، أو تدميرهم البيئة إذا استمر تناولهم للبقوليات بنفس المعدلات الحالية، ما قد يخلق أزمة يفاقمها تجنبهم دعم الاقتصاد الوطني، في ظلِّ عزوفهم عن استهلاك اللحوم المدفوع ثمنها بحجَّة انتهاء صلاحيتها.
0
باشرت عائلة محاسيس إجراءات تحضير وجبة الغداء على عجل، نظراً لتثاؤب تهاني ودخول بهاء إلى الحمام وجرّ أبيهما للكرسي وردِّ والدتهما على الهاتف، ما أحدث جلبة استغرقت دقيقتين، وكادت أن تؤخرهم وتعرقل مسيرة حياتهم وتعبث في نظامهم الغذائي لبقية اليوم. وقالت ربّة الأسرة السيدة تماضر محاسيس، إنّها تضع في حسبانها هامشاً للخطأ في استراتيجيتها لجدول الطعام اليومي “لذا، أناقش مشروع الغداء على الإفطار، لضمان عدم تأخره عن موعده؛ كي لا نضطر لتأجيله في حال وقوع خلل كما حدث اليوم، لأن ذلك يعني تأخر العشاء والحلويات من بعده”. وأضافت “إن أخطر ما يسببه التراخي في هذا الشأن هو لجوء الأولاد للتسالي والسندويشات الخفيفة خوفاً من التضور جوعاً؛ لأنهم يدمرون بذلك مشروع الغداء”. وأكّدت تماضر حرصها على تقسيم العمل لإتمام الإجراءات على أكمل وجه “فور ابتلاعنا آخر لُقمة، ينهض بهاء بكل رشاقة وخفة للعمل باتجاهين، فينقل بقايا الفطور للثلاجة ويستخرج مكونات وجبة الغداء منها. فيما تنهمك تهاني بجلي وتلميع الأطباق المُتسخة وتُنشفها لاستخدامها على الغداء، وأزيل بدوري الطناجر والأواني عن الفرن لأحضر الطناجر الأكبر المناسبة للغداء، وفي الأثناء، يحمل زوجي القمامة خلال مغادرته المنزل ليحضر مكونات الوجبة القادمة من البقالة”. بدوره، كشف ربّ الأسرة السيد مُحسن محاسيس للحدود عن دراسة جدوى أعدها مسبقاً لمساعدة زوجته بوضع استراتيجية الوجبات “بالرجوع إلى عينة البحث (عائلة أبو خليل)، نلاحظ أنّها تُرجئ مناقشة مسألة الغداء بمعدل ربع ساعة يومياً عن موعد الإفطار، ما يؤدي إلى تأجيل الوجبات التي تليها ربع ساعة أيضاً، وبالتالي، تأخُّر وجبة الإفطار في اليوم التالي؛ وإذا أخذنا بعين الاعتبار هامش الخطأ وعامل الإهمال المؤدي إلى تأخير نقاش الوجبات الأخرى ربع ساعة فوق الربع ساعة المحسوبة أصلاً، ستُأجَّل الوجبات أكثر من ساعة يومياً مع زيادة نسبية تصل إلى ذروتها كُل ثلاثة أسابيع، ليصبح ليل العائلة نهاراً ونهارها ليلاً، ما يؤدي إلى رسوب خليل بامتحاناته المدرسية، وطرد أم خليل وأبي خليل من وظائفهم وانهيار العائلة”.
0
عهدت الحكومة الرشيدة لجموع المواطنين من عمال المياومة إن هم التزموا منازلهم للوقاية من كورونا، وتحملوا الجوع وكفوا عن التشكّي والمطالبة بتعويضهم أو صرف أي مبلغ ليتمكنوا من تحمل الأزمة، تعهدت بتعويضهم وأخذهم بعين الاعتبار في خططها الخمسية المقبلة. وقال الناطق باسم الحكومة إن على عمال المياومة التحلي بالصبر “فأنتم الأعلم بحال الحكومة وعدم قدرتها على دعمكم؛ عشتم عقوداً في ظروف سيئة، وكثيراً ما واجهتم خلال الأيام العادية فترات انقطاع عن العمل والدخل، وهو ما عودكم على الجوع وتحمُّله”. وأشار الناطق إلى أن العمال كانوا يأكلون كثيراً قبل الأزمة نظراً لحاجتهم إلى الطاقة لإنجاز أعمالهم ” أما الآن، فلا شيء لديكم لتفعلوه سوى الجلوس؛ اصبروا بضعة أشهر إلى حين انتهاء الجائحة، ولن تعانوا كثيراً من الجوع”. وأضاف “أعرف صعوبة نجاتكم جميعاً من الأزمة، ستتدهور صحة بعضكم ويصاب البعض الآخر بفقر دم ومشاكل في الجهاز الهضمي وبقية الأعضاء ومضاعفات تفضي للموت، ولكنها تضحية عليكم تقديمها كأفراد لأجل المجموع. هناك مواطنون – مثل الوزراء والمدراء وبقية أبناء الدولة – لم يعتادوا الفقر والجوع، ويجب أن نعطيهم الأولوية، وإلا سينزعجون كثيراً”. وشدد الناطق على أن الخطط الخمسية المقبلة ستعوضهم بالتأكيد “سنحصّل النقود اللازمة من الجهات الراعية لنفي بوعودنا. لقد فعلناها سابقا وقدمنا الكثير من المشاريع، ولن تصدقوا كم من المنح والمساعدات أدخلنا على الخزينة باسمكم”. وأكد الناطق أن الحكومة ستشغّلهم “وسنحاول أن نتيح لكم دعمنا وخدماتنا المميزة، ولكن، كونوا قنوعين، لا تطمعوا بتأمين صحي وضمان اجتماعي. إذا كانت حبيبتكم الحكومة عسلاً فلا تلحسوها كلها”.
0
صفوان زرمؤوط – مراسل الحدود العالق في بيته بسبب الحجر ولم يجد ما يكتب عنه سوى نفسه أو عائلته، فقرَّر الكتابة عن نفسه كي لا يُغضب عائلته ويُضرَب ثم يُطرد من المنزل ويتشرَّد ويصاب بكورونا ويموت في الشارع. وجد الشاب صفوان زرمؤوط للمرة الأولى منذ بداية الحجر الصحي شيئاً لا يتعلق بالأكل ليفعله، واستمر بفعله لمدة دقيقتين، أجل، دقيقتان كاملتان، مئة وعشرون ثانية، مئتان وأربعون نصف ثانية، مرُّوا كأنهم يومان من الفرحة والفخر، قبل أن يعود لسابق عهده ويشرع بالأكل. ومنذ قعوده في المنزل، عانى صفوان صعوبات كبيرة في التأقلم مع انقطاع تواصله المباشر مع زملائه وأصحابه ومعارفه والقدرة على حبهم وكرههم والتلاسن معهم والنميمة عليهم، واقتصار مشاويره بين غرفة النوم والحمام وغرفة الجلوس والمطبخ وباب المطبخ وباب الثلاجة، إضافة إلى تعرُّضه المتواصل لروائح الطبخ. ومع مرور الأيام، تطوَّرت علاقته مع الطعام، إلى أن أصبح وظيفته الرسمية وهوايته وحبَّه الأول والأخير وصديقه الذي لا يغادره سواء كان يشعر بالجوع أو الحزن أو الفرح أو النعس أو الغضب أو الفراغ أو الحنين للأيام الخوالي حين كان يخرج من المنزل. وأكد صفوان أنَّ توقفه عن الأكل لدقيقتين لا يعني عدم تفكيره به طيلة هذه المدة، ولكنه اضطرَّ للتركيز على حلِّ مشكلة بطء الإنترنت على حاسوبه ليكمل متابعة الفيلم دون انقطاع، حينها، فكَّر كثيراً بتناول لقمةٍ يتسلَّى بها خلال إصلاح المشكلة، لكنَّه خشي أن يزيد ذلك مدَّة عمله على حلِّها، الأمر الذي سيؤدي لانتهائه من مشاهدة الفيلم بعد بدء المشاهد الأولى من المسلسل الذي خطَّط لمتابعته على التلفاز. من جانبها، أعربت أم صفوان عن أملها بانتهاء هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن “إذا استمر صفوان بالتصرف بنفس الوتيرة سيتدهور الأمن الغذائي في المنزل وندخل في مجاعة؛ فقد قضى حتى الآن على المونة والتسالي, واكتشف المخبأ الذي وضعت به بعضاً منها بعيداً عنه، ولم يبقَ في منزلنا ما يكفي لأكثر من فيلمين ومباراة فيفا واحدة”.
0
بعد أن شارفت المنطقة على الانزلاق لتسقط بتسارعٍ نحو الهاوية، تدارك العفريت الذي تقبع على كفه الأمر في اللحظات الأخيرة عبر التقاطها بإصبعه الأوسط، لتثبت عليه إلى أجلٍ غير مسمى. ولا يشكِّل موقع المنطقة على هذا الإصبع تغييراً مفاجئاً على طبيعة وجودها؛ لأن العفريت بحد ذاته يقبع في الحضيض، ولطالما حاول السكّان الهرب بتسلُّق شعر صدره أو التزحلق على كرشه أو التسلُّل من خلفه لينتهي الحال بهم فوق مؤخرته تماماً قبل أن يحكها كعادته ويمروا بالتجربة الأليمة بكل تفاصيلها قبل الالتصاق بكفّه مجدداً، وحين اقتربوا من بلوغ غايتهم قبل تسع سنوات، اندهش لرؤيتهم يبتعدون عن كفِّه، فضربه بكفه الآخر، وما زال يضرب الكف بالكف حتى الآن. ويبرِّر تصرُّف العفريت الأخرق مع السكان وأحلامهم حالة فضح العرض المستدام الذي تعاني منه، واستمرار التغييرات الجيوسياسية واندثار بلادٍ وقيام أخرى مثل إسرائيل، ودخول مصر على اليمن وإيران على العراق وسوريا والسعودية على اليمن والعراق على الكويت وسوريا على لبنان وروسيا على سوريا وأمريكا على الجميع. وفي ظلِّ كثرة هذه التغييرات، إضافة لاستهتار العفريت، يستحيل تحديد سبب انزلاق المنطقة هذه المرة، إلا أنَّ الخبراء يرجِّحون شعوره بالملل من وجود المنطقة برمِّتها على كفِّه طوال هذه العقود، فرماها كما يرمي المرء منديلاً من يده أثناء سيره، ولكنه التقطها بعدما تذكَّر إمكانية الاستفادة منها في لعب البينغ بونغ مع أصدقائه، أو جذب عفريتةٍ من خلال تدويرها على إصبعه كما يفعل نجوم كرة السلة. ويؤكِّد الخبراءٌ ذاتهم أنَّ مصير المنطقة بات مجهولاً أكثر من أي وقت مضى؛ نظراً لصغر مساحة إصبع العفريت الوسطى مقارنةً بكفِّه، وهو الأمر الذي يقلِّل من ثباتها في موقعها، ما يعني أنَّ أيَّ نسمة هواء تهب عليها كفيلة بإسقاطها مرَّة أخرى، لتستقر على الإصبع الأوسط لقدمه، أو انتظاره وصولها قاع الحضيض ليمعسها برجله كعقب سيجارة ويركلها بعيداً عنه.
0
تقتطع وزارة الإعلام من جيوبنا مبلغاً شهرياً، لتجمع ميزانية مهولة في كل عام؛ تنفقها على مبانٍ ضخمة مليئة بالمعدَّات والكاميرات والاستوديوهات والكراسي الدوَّراة والإضاءة والديكورات وأجهزة البث تُسمِّيها “التلفزيون الرسمي”. لا يكتفي هذا التلفزيون بالبث الأرضي، بل يستأجر تردُّداً فضائياً، ليؤدي مهمة أساسية واحدة تنحصر بتفريغ كبت الدولة وتركيز الاهتمام على زعيمها وقائدها ورجالاتها الذين لا يعيرهم العالم أيَّ اهتمام. إلا أن الأداء البائس لهذا التلفزيون، وبشكل مستمر، لم يفضِ لفشل ذريع في تلميع السلطة فحسب، بل حوَّل رجالاتها إلى مادة زخمة للسخرية والتندُّر، قبل أن ينفضَّ الناس عن متابعته ويمروا عنه كلما لاح اسمه في قائمة المحطات وكأنه لم يكن. نحن في الحدود، مثلكم أيُّها القراء الأعزاء، لم نكن لنفكِّر فيه أو بالحديث عنه، إلا أن تعثُّرنا بمقطع فيديو لإحدى مُقدِّمات التلفزيون الرسمي على شبكات التواصل الاجتماعي، نكأ جُرحاً قديماً؛ إذ ذكَّرَنا بمقاطع مشابهة انتشرت خلال السنوات السابقة وتجاهلناها لإصرارنا على المضي قُدُماً بحياتنا. لذا، قرَّرنا مواجهة الواقع، ومعرفة أهمية وجود التلفزيون الرسمي، وسبب استمراره بالبث حتّى اليوم، وتوصلنا إلى عدم وجود أي أهمية له بالفعل. لكنَّ رئيس التحرير المُتحذلق أكّد لنا أنّ انعدام أهمية التلفزيون الرسمي كإعلام، لا يعني عدم أهمية وجوده، فالذباب على سبيل المثال: نُسخة مُشوَّهة عن النحل، لا يُنتج أي شيء وليس له أي أهمية، وفوق ذلك، يحوم حول القمامة والفضلات والمكاره الصحية ثم يحطُّ علينا لينقل العدوى، إلَّا أن البحث والتقصِّي وسؤال الجهات المختصة من علماء الأحياء سيقودنا لمعرفة أنه مخلوق تافه فعلاً، ولكنَّه مهمٌّ لتحقيق التوازن البيئي بشكل أو بآخر، وكذلك التلفزيون الرسمي؛ لا بُدّ أنّ هناك مبرراً ما لوجوده. إزاء هذه المقاربة المنطقية جلسنا نبحث في الأمر، بحثنا وبحثنا وبحثنا، ثم وقفنا لنريح أرجلنا وظهورنا من الجلوس مطولاً، ثم ذهبنا وجئنا أملاً في الوصول إلى طرف خيط يساعدنا، إلى أن تعبنا وتمدَّدنا لنستريح، وحينها، سرحنا بخيالنا قليلاً، فتوصَّلنا للأسباب الأربعة التالية، لا خامس لها، تُبرر وجود هذا الشيء: ١. دعم الإعلام الخاص فانشغال التلفزيون الرسمي بعرض أخبار انتقال القائد من الطابق الأول إلى الطابق الثاني في قصره وخروجه منه وسفره وعودته، وأخبار نجاح أولاده في الصف الثالث الابتدائي، واستطلاعات مراسليه حول آراء الناس بسقوط الأندلس، والفتاوى حول حُرمة التظاهر، وتكرار تغطية هذه المواد، أدخلَ الناس بديجافو التلفزيون الرسمي إلى أن اضطرُّوا للهرب والانتقال لمتابعة أي شيء، أي شيءٍ فعلاً، حتى لو كان إعلامنا الخاص. ٢. التخفيف من البطالة رغم أنّك تُشاهد ذات المذيعات في برامج الصباح والمساء ونشرات الأخبار باللغتين العربية والإنجليزية، إلّا أنّ هناك أعداداً كبيرة جداً من الجنود المجهولين يعملون في التلفزيون الرسمي؛ مثل المدير العام ومدير المدير العام ومدير مكتب مدير المدير العام ومدير مكتب مدير مكتب المدير المدير العام، إضافة للمُعدِّين والمُعدَّات والمراسلين والمراسلات والميك أب أرتيست والمصوِّرين والمخرجين وغيرهم الكثير الكثير. نعم عزيزي القارئ، التلفزيون الذي لا تشاهده يعمل فيه كُل هؤلاء، لكنّ المهم هنا ليس الكمية بل النوعية؛ فالتلفزيون الرسمي وقفُ الدولة وصدقتها الجارية، حيث يُساعد كُلّ من يفتقر للمؤهلات للعمل في أي مكان آخر على تحقيق ذاته، كما يوفر مكاناً لائقاً ينتظر فيه المسؤولون لحين إعادة تدويرهم وتعيينهم في مناصب حساسة. ٣. لمّ العائلة في رمضان لا يقلُ تلفزيون الدولة أهمية عن رمضان بحد ذاته، وكما يعود رمضان كُل عام؛ يعود الناس لمتابعة التلفزيون الرسمي لمدة شهر كامل، ولن يستطيع الإعلام الخاص وفوقه فيسبوك وتويتر وسناب شات وإنستاغرام خطف الأضواء منه، لأنّه كبسولة زمن؛ فحين تشاهد مسلسلاته وبرامجه التي شاهدتها منذ عقود وحفظتها عن ظهر قلب تتذكر حياتك قبل سنتين أو ثلاث أو عشر، لتعيش ما يرافق تلك الذكريات من عواطف ونوستالجيا، لكن الأهم، أنه يجري مسابقة ويعطيك جائزة لمجرد أن اسمك حمادة، أو لأنك حملت هاتفك واتصلت بالرقم الظاهر على الشاشة حتى لو أخطأت بإجابة السؤال الأساسي للمسابقة. ٤. تطوير القدرة على الارتجال والإبداع يكتفي التلفزيون الرسمي بوضع نصٍّ حول سياسات الدولة الخارجية – قد يتغير بين أسبوع وآخر – مع تثبيت إنجازات القائد على الشريط العاجل، وكل ما دون ذلك يُترك تقديره لمقدمي البرامج؛ إذ يتيح التلفزيون لهم فرصة تفريغ طاقاتهم الإبداعية والارتجال والحديث حول كل شيء يخطر في بالهم، بعيداً عن القيود الشديدة التي تفرضها المحطات التلفزيونية الأخرى بوضعها مُعدِّين ومُعدَّات يكتبون نصاً للمذيع ويلزمونه بموضوع محدّد واضح المعالم يضيع وقته بالتدرّب عليه ويخرج لإلقائه كالرجل الآلي، وحتّى حين يرغب بالارتجال، تُحدّد له قواعد مُسبقة يُدرَّب عليها شهوراً عديدة.
0
قضى المصمم والفنان الكبير وائل الفغمة وقته في الراحة والاسترخاء، لتصفية ذهنه تماماً وإراحة عضلات يديه ورقبته وأصابع قدميه والتأمل ولعب البلايستيشن والنوم ولعب البلايستشن والتأمل وتصفُّح فيسبوك وبيهانس وضم ما يعجبه من أعمال فنية على حسابه في موقع بينترست، إلى أن حلَّ موعد التسليم النهائي الذي اتفق عليه مع الشركة الجديدة التي تستعد للانطلاق، ليبدأ حينها بوضع سكيتشات التصاميم بمزاج عال ورائق مثلما تعود دائماً. وأكد وائل أنه لو كان ممن يلتزمون بوقت محدد لأصبح مُبرمجاً أو محاسباً أو كاتباً من الأساس “لكنني فنان، والفنان الحقيقي عندما يقرر العمل يصبح كل الوقت ملكاً له، وما أن يباشر التنفيذ على العالم أن يتوقَّف عن الدوران ويتجمَّد الزمن وتؤجل ومواعيد التسليم، لأن لحظة الإبداع الفني هي لحظة خلق يجب أن تأخذ حقها من الاحترام والتقدير”. وبيَّن وائل أنه تعمد تأخير تقديم عمله للحظة الأخيرة لإيمانه بالعمل البِكْر “دائماً ما يكون العمل الأولي بجموحه وعفويته صادقاً ومعبراً، فإذا ما سلَّمته للشركة باكراً سيبدون رأيهم ويتدخلون ويحوِّلون تصميمي إلى عمل وظيفي تافه يتناسب مع مهمة شركتهم السخيفة. لكنني لم أُتح لأحد فرصة التفكير بمناقشتي حوله وإفساده، وأعطيتهم السكيتش الأولي بوصفه عملاً نهائياً، لأنني أودعت فيه خلاصة تجربتي وهواجسي الإبداعية”. وأضاف “أعرف أن أصحاب الشركة غضبوا مني، وأن أحدهم فضَّ شراكته مع شريكيه الآخرين لإصرارهما على الاستمرار بالتعامل معي لأنه لم يبق متسع من الوقت للتعاقد مع غيري، لكنني متأكد من أنني سأترك انطباعاً جيداً عندهم، وسيشكروني لاحقاً حينما يرون تصميمي وقد حفر أثراً في عقول الناس، وصارت علامتهم البصرية من الأشهر عبر التاريخ، حتى بالنسبة لمن لم يفهموا عن ماذا تعبِّر؛ إذ ستظل عالقة في بالهم كسؤال لم يجدوا إجابة له”. وحول وجود تصميم مطابق لتصميمه على شترستوك، أوضح وائل لمراسلنا بأن العالم أصبح قرية صغيرة ويخلق من الشبه أربعين وتوارد الأفكار والخواطر والتصاميم أمر وارد الحدوث “لكن، علينا مراعاة وجود فروقات؛ فتصميمي يحتوي انحناءً بسيطاً آخر طرف الخط المستقيم، كما أن درجة لونه أغمق من التصميم الذي تطلعني عليه، وهذا ما يعطيه قيمته كعمل فني فريد من نوع
0
أقامت شركة الأفق العالمية احتفالها السنوي الضخم بمناسبة عيد المرأة، اشتمل على تقديم تشكيلة مُعجَّنات وقالب حلوى كبير ومجموعة من البلالين، وتخللته كلمة السيد المدير رضا نواشف، الذي أشاد بتفاني المرأة العاملة، مؤكداً على أهمية تقدير حيازتها أعلى المؤهلات العلمية وإتمام مهام الرجال بنفس الكفاءة رغم إمكانية توظيفها براتب أقل، ما يوفر على الشركة الملايين سنوياً ويُمكِّنها من الاحتفال بهذه المناسبة. وقال السيد رضا إن إقامة حفل بهذا الحجم يتطلَّب الاقتصاد في النفقات على مدار العام، ابتداءً بتقليل رواتب الموظفات “من واجبنا بذل كلَّ ما في وسعنا لمكافأتهن على الجهود التي نفرض عليهن بذلَها، بدءاً من إجبارهنَّ على ارتداء الكعب العالي وتنُّورة بالغة القصر، وصولاً إلى إرغامهن على فصل حياتهن العائلية عن العملية، وإن كنَّ يفشلن بهذه المهمة دائماً. كما نقدِّر الصعوبة التي يواجهها الجنس اللطيف بمخالفة الطبيعة وتشغيل العقل بدلاً من العاطفة، ولا ننكر دور التسامح الفطري عندهنَّ في تحمُّل طيش الزملاء المتحرشين”. وأكَّد السيد رضا أنَّه وزملاؤه في مجلس الإدارة قد وجدوا أن الاستثمار في إقامة الحفل سنوياً يُدخل البهجة إلى قلوب العاملات “فتراهنَّ يبتسمن في كلَّ الصور التي ننشرها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ما يزيد من مبيعات الشركة”. وأضاف “سنوظِّف مسؤولاً عن تنظيم الاحتفال في الأعوام القادمة لنثبت للموظفات أنهن محطُّ الأنظار والاهتمام في هذا اليوم، وكل يوم. خصوصاً سمر من قسم التسويق”. يذكر أنَّ السيد رضا يدرس الآن إقامة احتفال مشابه بمناسبة يوم العمال، ويخطط لتغطية تكاليفه من خلال زيادة ساعات دوام جميع العاملين في المؤسسة.
0
يسألونكم عن اجتماع العقبة؟ لماذا يسألونكم؟ من أنتم؟ اسألوني أنا، فما زلت حتى اللحظة منهكاً من التعب، أنقع قدميّ في المياه الساخنة والملح بعدما تورمتا من عناء السفر وارتداء الحذاء الرسمي طيلة ساعات الاجتماع، كما أخشى أن تكون شمس العقبة الحارقة قد ضربتني فيما لم يوزع علينا الجانب الأردني أي كريمات أو مراهم -ذكرت هذا الأمر في تقييم الضيافة-، لكن لا يهم، ومعزتكم لديّ لا يهم، فذلك جزء يسير من رحلة شاقة نذرتها لأرى الشعب الفلسطيني شعباً حراً يعيش حريته بعيداً عن إسرائيل، أبعد ما يمكن عنها. أيها الفلسطينيون! تمنت إسرائيل أن لا يحضر أحد من الجانب الفلسطيني، حتى تنفرد بوضع الشروط والطلبات، وتحرجنا أمام الأميركان والأردنيين والمصريين دون تنسيق معنا، لكننا حضرنا رغماً عن أنفها، لنقول لها، للمرة الألف، أنه حيث تكون إسرائيل تكون السلطة الفلسطينية، وحيث يكون مسؤول إسرائيلي يجلس على طاولة المفاوضات يكون حسين الشيخ له بالمرصاد، يجلس قبالته وجهاً لوجه. لذا لا بدّ أن أزف إلى الشعب الفلسطيني نجاحنا في حجز معقدنا في اجتماع العقبة رغم كل الصعوبات التي واجهتنا من جلوس طويل على كراسي ضيقة على مؤخراتنا، وتبادلٍ للابتسامات الباردة مع الوفد الإسرائيلي طوال ساعات دون أن ننقضَّ عليهم ونحطّم ضلوعهم من شدة الشوق، ياه كم هو أمر صعب يحتاج برودة أعصاب وقلباً ميتاً وجسارة تفوق بمراحل ما تحتاجه العمليات الفدائية. في الحقيقة يؤلمني أن اجتماع العقبة لم يكن مغطى صحفياً، لكنني أتفهم خوف الإسرائيليين من ذلك، وضمانهم أن لا تتسرب صورنا للرأي العام ويرى كيف أحرجنا الوفد الإسرائيلي وقلبنا الطاولة عليه رافضين تنسيق ذهابنا سويةً لتناول الطعام، مصرين على الذهاب كوفد فلسطيني موحد في إجراء أحادي مقاوم وواضح للجميع، كيف ألقينا بأنفسنا نحو البوفيه المفتوح واشتبكنا معه على مسافة صفر أمام أعين الصهاينة الذين أرهقتهم حنكة زميلي ماجد فرج المخابراتية عندما أطلق تنهيدة وهو يأكل من الطعام نكاية بهم قائلاً: يا سلاااااام ما ألذ الطعام"، ليدركوا أنهم مهما حاولوا، لن يكون أمامهم سوى الرضوخ إلى واقع وجودنا معهم في الفندق. في النهاية كونوا على ثقة أن السعار الذي أصاب المستوطنين ونزولهم شوارع نابلس وإحراق ممتلكات الفلسطينيين ليس سوى محاولة بائسة للضغط علينا للتراجع عما قررناه في العقبة، لكنهم خسئوا، فوالله لن نفرط بنقطة حبر واحدة كُتبت هناك، فهذا الاجتماع افتتاحية فصلٍ مجيد في كتاب نضالنا ضد إسرائيل، واستمرار لفصولٍ مشرّفة بدأت في أوسلو ومرّت في شرم الشيخ والقاهرة، عززها التنسيق الأمني وأبو مازن، وأعدكم أن النضال سيصل ذروته حالما يستلم زمام الأمور رجل خبير بالكفاح ضد إسرائيل على مختلف المنابر، وإن غداً لناظره قريب.
0
برعاية أميركية وتنظيم أردني أصيل، التقى مسؤولون أميركيون وإسرائيليون ومصريون وأردنيون وفلسطينيون خلال رحلتهم السياحية إلى مدينة العقبة، وعقدوا جلسات عصف ذهني ومجموعات تركيز للتفكير بحل الأوضاع في الضفة واجتثاث المقاومة حتى ينشروا السلام ويُقتل الفلسطينيون بهدوء على أيدي الإسرائيليين دون شوشرة، قبل أن يشربوا اللايف جوس الأورغانيك ويتناولوا الغداء في بوفيه مفتوح مقابل مستوطنة إيلات، ويتوجهوا بعد ذلك إلى جلسة استماع يسرد فيها الجانب الإسرائيلي مجريات مجزرة نابلس أثناء تناولهم الحلوى التي وُزعت بمناسبة نجاح العملية. الوقوف بحزم في وجه المجازر الإسرائيلية تعالت بشدة أصوات المجتمعين العرب بوجه الإسرائيليين، مطالبين إياهم بالكف عن إلحاق الأذى بالفلسطينيين وارتكاب المجازر بحقهم في الضفة الغربية. وتمكنت الوفود العربية من إحراز تقدم هائل بالضغط على إسرائيل، نتج عنه السماح للأردن بتدريب ٥٠٠٠ فرد من الأمن الوطني الفلسطيني وتجهيزهم بالسلاح والعتاد، ليضع اجتماع العقبة أخيراً حداً لمجازر إسرائيل في الضفة ويشرّع الطريق أمام مجازر السلطة الفلسطينية. تأكيد الوصاية الهاشمية على إقامة المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات اعتبر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي اجتماع العقبة انتصاراً إضافياً لصالح الدبلوماسية الأردنية بفضل توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني، حيث تمكنت من جلب الوفد الإسرائيلي صاغراً إلى العقبة، والتأكيد على أن حق الأردن في إقامة المؤتمرات والقمم والاجتماعات هو خطُ أحمر لا يمكن المساس به، فيما أذعن الإسرائيليون للوصاية الهاشمية معترفين بتفوق وخبرة الجانب الأردني في الأمور التنظيمية. حسين الشيخ شهد الاجتماع حضوراً نوعياً لنجم السلطة الفلسطينية حسين الشيخ، والذي أثبتَ مرة جديدة قدرته على قيادة الدفة بعد أبو مازن، بعد نجاحه بضبط أعصابه وعدم الجلوس بين أعضاء الوفد الإسرائيلي، ملتزماً بالجلوس في الجانب الفلسطيني. وقف الأعمال الأحادية من الجانب الإسرائيلي مقابل السماح بالهجوم الجماعي على نابلس يعدّ اجتماع العقبة من أسرع اللقاءات في تاريخ القضية الفلسطينية التي أبصرت نتائجها النور بسرعة قياسية، إذ قررت السلطة الإسرائيلية وقف الأعمال الأحادية والاستيطان ثلاثة أشهر في الضفة، داعيةً عموم المستوطنين لترك أعمالهم والنزول إلى شوارع بلدات وقرى حوارة وبيت فوريك وزعترة وبورين في نابلس والاحتفال مع الفلسطينيين بهذا القرار، وحرق منازلهم وسياراتهم والشجر والحجر، ليبدأ الاجتماع التاريخي أعماله عقب مجزرة ويختمها قبيل محرقة.
0
طالب مختار شعب الله المختار بنيامين نتينياهو جاره زعيم حارة الأمن القومي إيتمار بن غفير، بالصلاة على النبي ومسح وجهه بالرحمن، وخفض صوته قليلاً عند الإدلاء بتصريحات متطرفة حول تشديد الإجراءات ضد الفلسطينيين وخنقهم وإبادتهم، والكفّ عن محاولة إسقاط غصن الزيتون من يده كي لا يصدّر ثقافة ومبادئ اليمين الإسرائيلي أمام المجتمع الدولي كمجموعة من الكلاب المسعورة بدلاً من تكريس صورتهم كبيض حضاريين عنصريين دمويين لبقين. وكان بن غفير قد انتقد تراجع الأداء اليميني لنتنياهو وجنوحه التدريجي للسلام، محذراً إياه من الانزلاق في فخ الخيانة "الأهبل يهدم بيوت منفذي العمليات بعد إنذارهم بالإخلاء بدلاً من هدمها فوق رؤوس عائلاتهم، ثم لماذا بيوتهم فقط؟ لما لا يقصف الحي بأكمله، أو المدينة بأسرها أو الضفة كلها حتى؟ عليه رمي غصن الزيتون التافه من يده فوراً والعودة إلى الكفاح المسلّح". وهدد بن غفير بتقديم استقالته وحلّ الحكومة وقلب الطاولة على رأس نتنياهو وتكسير مقاعد الكنيست وإحراق المحال التجارية في تل أبيب إن استمر الأخير بتدليع الفلسطينيين "والله لألعن شرف الشريف في عائلته ما لم يتراجع عن سخافاته ويبدأ فوراً حرباً شاملة على غزة والضفة باستخدام سلاح الجو والبر والبحر وصواريخ، الكثير من الصواريخ والقنابل العنقودية واليورانيوم والفوسفور المحرّم دولياً، واليورانيوم أيضاً، هل قلت يورانيوم؟". من جانبه، يرى المحلل السياسي ديفيد مرتبائير أن بن غفير ينقصه الوعي السياسي بعض الشيء "بل في الحقيقة ينقصه الوعي كلّه، أو لنقل إنه غبي بصريح العبارة، فهو لا يرى الجانب المضيء في تسامح نتنياهو مع الفلسطينيين، ولا يستطيع استيعاب أن هذه الإجراءات الرحيمة فيما يتعلق بهدم المنازل، هدفها السامي الحفاظ على البيوت لتزويج أولادنا فيها كما زوّجنا أهلنا في منازل من قبل، كهذا الذي نجلس فيه الآن، هل تريد رؤية المنظر الطبيعي الذي يطل عليه المطبخ؟".
0
أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بياناً يحذر فيه من انتشار مقاطع مفبركة بتقنية الديب فيك مصدرها دول معادية للساميّة، تُظهر أشخاصاً يُدّعى أنهم أسرى إسرائيليون محتجزون لدى تنظيم حماس الإرهابي، داعياً المواطنين إلى تجنب تداول هذه المقاطع التي يهدف نشرها في هذا التوقيت بالذات -حيث تشهد الدولة حزمة إصلاحات هيكلية- إلى زعزعة استقرار الصف الإسرائيلي المتماسك الموحّد على كره الآخرين والقضاء عليهم. وجاء في البيان أن المقطع المنتشر للمدعو أفيرا منغستو ما هو إلا دليلٌ على إفلاس قوى الظلام المعادية لمحور مقاومة الممانعة، والتي لم تستطع إزالتنا من الوجود في دقائق، فلجأت إلى محاولة تخريب الفسيفساء الإسرائيلية التي جمعت بين الإثيوبي والبولندي والروسي والإستوني والهنغاري والنيويوركي طيلة عقود ومنحتهم منازل وأراضيَ وامتيازات بالتساوي حسب العرق والبشرة والمذهب. وأوضح أرون إلعاد خبير التضليل الإعلامي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أن بعض العلامات المميزة في المقطع المفبرك تشير إلى أنه مُصوّر في إيران، كما قال إن التركيز فيه على أن الأسير إسرائيلي من الأقلية الإثيوبية يؤكد فرضية إنتاجه بقرار سياسي لإثارة النعرات الطائفية وجرّ الدولة إلى مستنقع صراعات داخلية لتشتيتها عن هدفها السامي المتمثل بالتخلص من الفلسطينيين يداً بيد، وإقامة دولة يهودية نقية خالية من العرب واليهود الإثيوبيين. يذكر أن الحكومة الإسرائيلية أوعزت للجيش ببلورة خطط عسكرية للبحث عن المتواطئين مع الجهات الخارجية المعادية واستئصال كافة الخلايا النائمة التي تقوّض أمن إسرائيل الداخلي، والتي تؤكد معلومات أنها تضم أكثر من ٧ ملايين شخص موزعين في الضفة وغزة ومدن إسرائيل، وفعل ما يلزم لضمان استقرار نتنياهو في الحكم وحمايته من فتح جبهات داخلية جديدة عليه ليتمكن من أداء عمله بقيادة إسرائيل نحو المجد وقتل الفلسطينيين وقصف سوريا وتلقي الهدايا والرشاوى بسلام.
0
هدّد مختار شعب الله المختار رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي والسابق واللاحق بنيامين نتنياهو، بوقف كافة أشكال التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية -من طرف واحد لأن السلطة ستستمر رغماً عن أنفها بالتنسيق وتسليم المقاومين وإعادة الإسرائيليين الضالين قبل أن تأكلهم الضباع- إذا تجرأت مجدداً على الشكوى ضد إسرائيل في الأمم المتحدة، داعياً أبو مازن لاختصار المشاكل واقتصار شكواه لله -لأن الشكوى لغيره مذلة- أو الاكتفاء بالنميمة لأصدقائه في المجلس المركزي لحركة فتح. وكان الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني الذي لم ينتخبه أحد ولا تعرف له مدة انتهاء ولاية، نسي كل الخبز والملح والعِشرة التي تربطه مع الجانب الإسرائيلي، وغدر به من خلال تحريض الجمعية العامة للأمم المتحدة على اتخاذ قرار يطالب محكمة العدل الدولية بالمشاركة في استطلاع رأي بسيط حول شرعية الاحتلال الإسرائيلي؛ ممّا أثار غضب حكومة نتنياهو ودفعها لاتخاذ عقوبات مالية تتمثّل بحرمان السلطة من المصروف الذي تحوّشه لها منذ سنوات. نتنياهو أكد لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن عدم سحب القرار من الأمم المتحدة سيكون المسمار الأخير في نعش محمود "لن أتهاون معه أو أضع أي اعتبار لشيبته إن لم يجلس عاقلاً ريثما يأخذ الله أمانته، لعلّه يدرك قيمة التنسيق الذي يساعده في إحباط أي تحرك من داخل السلطة أو خارجها لإسقاطه، عندما أتركه مكشوفاً في مواجهة فلسطينيي الضفة الذي يعرف كم بودّهم التخلص منه، أو عندما يعلم أن وقفه يعني منع تنقل الفلسطينيين بما فيهم هو نفسه، لكنني ما زلت أحفظ له مبادراته التنازلية منذ أوسلو لليوم ولذلك لم أتصرّف معه، ولكن للصبر حدود يا محمود". وفسر بيبي تصرفات أبو مازن هذه على أنها مجرد حركات لفت نظر نتيجة تجاهله له منذ سنوات "محمود ليس صاحب قضية يدافع عنها بل مجرد مالك مقاطعة يعرف أنني لا أطيقه، وأنه كان يصلح في عهد رؤساء سابقين يخجلون من إعلان تطرفهم ويلوحون بالسلام بينما يرتكبون الجرائم من تحت الطاولة على عكسي تماماً، كما أنني لا أحتاج تنسيقه؛ فالمعلومات تصلنا من مخبري السلطة المُدرّبين على خدمتنا منذ ٢٠٠٥، وبفضل أشخاص أنقياء أوفياء مثل حسين الشيخ وليس مجرد أبو مازن مثل محمود، لذلك لا أستبعد أن تحركه هذا لا يقل تفاهة عن قراراته المُراهِقة العشرة الأخيرة بوقف التنسيق الأمني لمجرد دفعي للاتصال به وإسماعه صوتي". من جانبه، قال الأخ الرئيس المناضل الشهيد مرتين على الأقل محمود عباس لمراسلنا إن إسرائيل ستخسره كصديق إن بقي نتنياهو في الحكم "طب والله أني أحب لإسرائيل ما أحب لنفسي وأكثر، وقدمت لها أكثر مما قدمت لشعبي، ولكن انتخاب هذا الشخص المتطرف الهمجي كل ٦ أشهر بات أمراً مزعجاً لا يطاق، فهو بكل وضوح لا يحبني وأنا عجزت عن إرضائه. ألا يكفيني التعامل اليومي مع مسؤولي السلطة وفتح وحاجتي لتمثيل دور الباحث عن المصالحة مع حماس كي أكون مضطراً للتعامل مع أخو شر*** مثله؟ فعلاً ك**م هكذا عيشة على هكذا رئيس حكومة على أمك أنت الآخر، منيح هيك؟".
0
انتفضت جماهير الجبهة العربية للتغيير رفقة جماهير أحزاب يسار اليمين الإسرائيلي لحماية إسرائيل من انزلاقها نحو منحدرات خطرة بعد عودة نتنياهو سالماً منعماً غانماً مكرماً من رحلة الفساد الشخصي إلى سدة الحكم بصحبة رفاق جدد من متطرفي يمين اليمين، مشددةً على أهمية استقلال مؤسسات الدولة، خاصةً مؤسسات القضاء، وضمان عدم تعرضها لضغوط من قبل الحكومة لدى تنفيذها رغبات الحكومة بمصادرة أراضي الفلسطينيين وممتلكاتهم وتجديد الاعتقال الإداري إلى الأبد ونفيهم خارج فلسطين. وتأسف رئيس الجبهة الشعبية للتغيير عضو الكنيست أيمن عودة على الحال التي وصلت إليها إسرائيل بعدما كانت مثالاً يحتذى به كدولة مؤسسات جعلتها تتصدر لائحة ترتيب الدول الأكثر ديمقراطية في إسرائيل "ما إن عاد نتنياهو لرئاسة الوزراء حتى بدأ العبث بإعدادات الدولة وتوسيع صلاحيات حكومته والكنيست على حساب المحكمة العليا ضارباً مبدأ فصل السلطات التي كانت تمكنت إسرائيل بفضله من التوفيق بين مؤسساتها وتوزيع اضطهاد الفلسطينيين فيما بينها دون احكتار". وأبدى أيمن خشيته على مستقبل العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين وتعرضهم لممارسات ليسوا معتادين عليها من مضايقات أمنية وتمييز عنصري وحملات اعتقال ومصادرة الأراضي وهدم المنازل من قبل وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستجد بن غفير قبل تجاهله ما يقره القضاء الحر النزيه المستقل "ما يحوّل إسرائيل إلى مكانٍ يفعل كل وحش به ما يمليه عليه رأسه دون الرجوع لبقية الوحوش وكأننا نعيش في غابة لا في حديقة حيوانات مفترسة منظمة". وأضاف أيمن أن انعدام التنسيق والتخطيط والاستشارة والتفكير بالعواقب بين مؤسسات إسرائيل من جيش وقوات خاصة ومحاكم وكنيست وحكومة وأجهزة مخابرات ووحدات تجسس وهيئات دبلوماسية سيؤدي إلى خسارة إسرائيل ديمقراطيتها التي تحفظ حق الفلسطينيين باستعادة حقوقهم في المحاكم. من جانبها، ذرفت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني الدموع أثناء إلقائها كلمة أمام المحتجين "إن لم نقف صفاً واحداً في وجههم مرة واحدة سيكشر بنيامين نتنياهو وبن غفير عن أنيابهم و يهدمان ما بناه رؤساء حكومات إسرائيل السابقين من أواصر المحبة وجسور السلام مع الفلسطينيين التي شيّدها إسحق رابين وشمعون بيريز وأرئيل شارون".
0
احتجاجاً على اقتحامات إسرائيل المتكررة للضفة الغربية واقتصارها على بعض القتلى والإصابات والبيوت المهدومة، هبت وسائل الإعلام العربية من المحيط إلى الخليج إلى ضب عدتها وكاميراتها وأجهزة الصوت لديها وسحب مراسليها من الميدان، مؤكدة على مساندتها ودعمها المطلق للفلسطينيين ومشاركتها لهم في الإضراب العام بالتوقف عن نشر أي أخبار تخص هذه الاعتداءات. وقدمت بعض الشبكات الإخبارية لإسرائيل خطة تسويقية تتضمن أساليب اقتحامات تعيد للقضية الفلسطينية بريقها الإعلامي لتتصدر عناوين أخبارها مثل استخدام إسرائيل الدبابات والطيران الحربي أو اقتحامها روضة أطفال وقتلها لعدد لا يقل عن عشرين طفلاً أو استهدافها لمجموعة صحفيين غربيين أو أياً ما تجده إسرائيل عملاً عدوانياً همجياً يتفوق على أساليبها المعتادة ويكسر حالة ثبات العنف الممل التي تعاني منها فلسطين. وأكد مراسل سكاي نيوز في الضفة، كُ.أُ.، أن إضراب الإعلام العربي هو أداة نضال للتعبير عن الغضب من العدوان الإسرائيلي المتكرر على جنين ونابلس ورام الله "على إسرائيل أن تدرك أننا لسنا لعبة بيدها، وأن قتلها لثلاث لفلسطينيين وفرارها ليس سبباً كافياً لإجبارنا على تغطيتها. لحين امتلاكها الشجاعة الكافية للتصعيد، فإننا سنسى وجودها ونلتفت لمواضيع أهم مثل انقلاب بوركينا فاسو وتغريدات إيلون ماسك على تويتر والريادة في شعر إبط ابن زايد". واشتكى مراسل سكاي نيوز من ملل القناة والقائمين عليها ومموليها من الاستخدام المتكرر لمفردات توتر واشتباكات عوضاً عن مجزرة أو إبادة، مؤكداً حاجة القناة لما هو أكثر من "توتر" من إسرائيل، هذا من جانب. "ومن جانب آخر، لا تصح تغطية الشبان الفلسطينيون الذين يلحقون الخسائر بالاحتلال حرصاً على مهنيتنا وموضوعيتنا وعدم معاداتنا للسامية-العسكرية".
0
نددت إسرائيل بمحاولة الولايات المتحدة فرض سيادتها القضائية عليها ووبختها توبيخاً شديد اللهجة بعدما تجرأت وزارة الدفاع الأميركية على التظاهر بالاكتراث وفتحت تحقيقاً في ملابسات مقتل الصحفية الفلسطينية حاملة الجنسية الأميركية، شيرين أبو عاقلة، وذلك بعدما ظنّت إسرائيل أنّ أميركا الصديقة سترت عليها وعلى جرائم جنودها ومضت قدماً وعفت عن السلف. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، إنّ تصرفاتٍ كهذه بمثابة طعنات سكينة في الظهر لم يدسها الجيش الإسرائيلي بجانب جثة فلسطينية هذه المرة، وردد بحشرجة "حتى أنتَ يا بايدن؟".وأضاف "نرفض رفضاً قاطعاً أن تأخذ اللا-عدالة الإمبريالية التي تقحم أنفها في شؤون الدول وتمارس أحقر أنواع الاحتلال الفكري والسياسي وتتعامل معنا بفوقية نتيجة نظام امتيازات بُنيَ على القتل والدمار والهيمنة العنيفة ويهدف للاستيلاء على كافة جوانب حياتنا الحُرّة بما في ذلك حق الجندي الشرعي في الترفيه عن نفسه وقنص من يشاء متى ما يشاء أينما يشاء". من جهته، أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن عن أسفه من أسلوب إسرائيل بالتعامل مع الطلب الأميركي بالتحقيق في وفاة مواطنة أميركية، مؤكداً أنّه لا يمكن استكمال التحقيق دون تعاون الجيش الإسرائيلي مع مكتب التحقيقات الفيدرالية "والله حاولت كثيراً منع التحقيقات وكتبت الإيميلات ومحيتهم ثم كتبتهم وقبل إرسالهم تراجعت إذ من الضروري أن ينام الفلسطينيون والأميركيون مطمئني البال وهم يعلمون أنّ دم شيرين أبو عاقلة ليس أقل أهمية من دم راشيل كوري".
0
انتفضت جموع سكان فلسطين الحقيقيين من بولنديين وروس وأميركيين وكنديين وألمان وأثيوبيين وهبّوا إلى الشوارع احتجاجاً على إهمال حكومتهم لهم وتركهم عُزّل بصحبة مسدسات ورشاشات أوتوماتيكية وقنابل يدوية فقط، دون السماح لهم بممارسة حقهم الشرعي والتجول في دبابات ومدرعات حربية محصّنة. وقال المستوطن كُ.أُ. إن حق المستوطن بالتجول في دبابته الشخصية حق مقدس يجب أن يكفله دستور الدولة "من أبسط حقوق الإسرائيلي اقتناء دبابة محترمة من نوع سوبر شيرمان أو ميركافا ذات قوة دفع رباعية ومزودة بمدفع قذائف ورشاشات فور وصوله أرض وطنه الموعود؛ يأخذ على متنها أطفاله إلى المدرسة ويقضي بها حاجاته اليومية ثم يأخذ طريقه بها إلى إحدى أراضي الزيتون الوعرة ويعربد فيها على الفلسطينيين دفاعياً وهو فيها مطمئن البال ولا يأبه بقنابل المولوتوف والحجارة والبالونات التي ترعبه". واشتكى كُ.أُ. من سوء الحالة الأمنية التي يعاني منها الجيش الإسرائيلي قبل أي أحد آخر والأخطار المحدقة به أمام آلة القتل الفلسطينية "إذا كان الجندي الإسرائيلي يتبول على نفسه من الرعب خلف الحواجز والسواتر الترابية، كيف تتوقعون حالة المدني الذي يخرج إلى الشارع ليستكشف أرضه متبعاً تكتيكات حرب الشوارع خشية تعرضه لطعنات مفاجئة أو رشقات رصاص من أحد الضواري التي تعج بها الغابة الفلسطينية؟". من جانبها، تعهدت الحكومة الإسرائيلية لمواطنيها بعدم اكتفائها بقضائهم ثلثي حياتهم في الجيش ومتابعة تدريبهم بعد تسريحهم وتوزيع معونات عسكرية متفرقة عليهم فحسب، بل خصصت مراكز إغاثة عسكرية لتوزع عليهم كافة ما يلزم من تجهيزات للحفاظ على حياتهم وخلق جيش أعزل يعيد إحياء الإرث التاريخي لأسلاف إسرائيل من الناشطين المدنيين اللا-عنفيين أمثال الهاغانا وشتيرن والبالماخ والإيتزيل.
0
فَرَدَ الجيش اللبناني عضلاته على أهالي مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين واقتحم المساكن والأحياء بالآليات العسكرية الثقيلة مدعوماً بالطائرات والزوارق الحربية، مُستفزاً القوات الإسرائيلية التي تُسخر الجنود ومراكز العمليات والجيبات العسكرية وتفشل باقتحام المُدُن الفلسطينية دون تكبد خسائر مادية ومعنوية ونفسية في صفوف كلابها. وأبى الجيش اللبناني أن يترك الفلسطينيين في لبنان مُبعدين عن بلادهم ومحرومين من أجواء الإثارة التي تعيشها نابلس وجنين والقدس، جالباً التكتيك الإسرائيلي في الترويع وضرب النساء الحوامل وقلب محتويات البيوت والخزائن على رؤوس قاطنيها إليهم ليأخذوا جرعتهم الفلسطينية من القمع بأيادي عربية شريفة هذه المرة. ومع عمليته النوعية العسكرية الناجحة أثبت الجيش اللبناني أنّه أقوى جيش في لبنان، وقادر على عدم الاكتفاء باستفزاز إسرائيل عن بعد فحسب، بل ولبس حذائها ومحاربتها به أيضاً ريثما ينتهى من القضاء على الفلسطينيين الذين يقفون عثرة بينه وبين تحرير مزارع شبعا. يُذكر أنّ الجيش اللبناني احترف جوانب أُخرى من قمع الفلسطينيين -الذي يظن بعض السذج أنّه حكر على جيش الاحتلال- إذ يمنع تجوالهم عندما يريد ويهدد بيوتهم بالهدم بعد رفض إعطائهم تصاريح لبنائها ويشيد الحواجز بسلام دون أنّ يُخرج كتائب جنين وعرين الأسود وكتائب مخيم بلاطة ليُعكروا صفو سلاسة عمليات التنكيل الروتينية.
0
أكد الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، والمُلقّب بجيش «البامبرز»، أنّه، أولاً، جيش قوي، وثانياً، أقوى جيش في العالم، بدليل إثبات نخبة جنوده وجنوده الاحتياط والمتطوعين المسلحين من المستوطنين شراستهم وبأسهم الشديدين أثناء صمودهم الأسطوري وثباتهم خلف الجيبات العسكرية وتحت الطائرات المُسيّرة في التصدي لأقوى حارة في نابلس، متسلحين بالعزيمة والروح القتالية، والخوذاتوالستراتالعسكريةوالرشاشاتوالبنادقوالنظارات الحراريةوغطاء الليل، فقط. وأوضح الجيش أنّ هذا الأداء البطولي جاء رغم عدم تكافؤ قوى المعركة في الميدان، إذ تدور الأحداث في منطقة غريبة موحشة لا يألفها الجنود ولا سبيل لهم لمعرفة زقاقها وأسرارها إلا عبر الاستعانة بأدوات بدائية مثل الموساد وطائرات الاستطلاع وبرنامج بيغاسوس. وأشاد الجيش بسرعة وصلابة جنوده في الفرار عند شعورهم بالخطر فور رؤية أي حجر أو كوع أو سماع صوت طلقات لا تخرج من بنادقهم، ليركضوا أسرع من العدائين رغم اشتباكهم في مدينة مليئة بالأدراج ورغم الأسلحة الثقيلة والسترات الواقية والخوذات التي تثقل حركة أي بطل، خاصةً إن كان يشعر بالإعياء ومصاباً بالإسهال. وطالب الجيش مجموعة عرين الأسود باحترام أعراف الحرب وقواعد القتال والكف عن بث الرعب في نفوس الجنود وتثبيط معنوياتهم بالبيانات المقتضبة التي يرسلونها بخبث عبر «تلغرام» وهم يعلمون بعجز إسرائيل عن السيطرة على هذا التطبيق وأنها لا تتلقى الدعم المعنوي من أي مكان سوى الشبكات العالمية والمواقع الإلكترونية والمنصات الدولية والتقارير الأجنبية وقناة العربية. وفي سياق منفصل، وجّه الجيش الإسرائيلي تحيةً إلى عشرات الجنود الأبطال الصناديد الذين ماتوا بحوادث سير، وسقطوا في جبال نيبال، وتزحلقوا في الحمام بعدما عادوا سالمين أحياء عند ربّهم يرزقون من ليلة المعركة.
0
طالب ممثلون عن جيش الدفاع فقط لا غير الإسرائيلي، أهالي مخيم شعفاط بفتح ممر آمن منزوع السلاح والقنابل اليدوية والمفرقعات والأكواع والحجارة، ليتمكن جنودهم المساكين المحاصرين منذ أكثر من عشرة أيام من المرور عبره وإنهاء عملياتهم والعودة إلى أحضان عائلاتهم بأقرب فرصة، حقناً لدمائهم وتفادياً لتعرض سمعتهم للمرمغة أكثر. وأكد الجندي أوري مِخراي المُحاصر خارج المخيم تعرّضه لشتى أنواع الرعب النفسي على يد أهالي المخيم الذين لم يتوقفوا عن ترديد اسم عدي في الصباح والمساء، إلا أنه ورغم ذلك ما زال يتطلع إلى عطف الفلسطينيين "هم وحدهم القادرون على إنقاذنا. لقد فقدنا الأمل من شعارات قادة جيش الدفاع الفارغة، الذين يتبجحون ليلاً نهاراً بأنهم قادة أقوى جيش في العالم ثم يعجزون عن مساعدتنا بالعثور على شاب في مخيم لأن كل سكانه قرروا حلاقة رؤوسهم". وأكد أوري أن الجيش الإسرائيلي لم يكن ليعثر على عدي التميمي لولا عطفه عليهم وملاحظته لفشلهم المثير للشفقة في الكشف عن مكانه، ما اضطره لإغلاق دائرته بنفسه عبر عثوره هو عليهم. وطالب أوري المجتمع الدولي بالتحرّك وإقناع الفلسطينيين بالتوقف عن حيلهم المتكررة في أنحاء الضفة الغربية "في كل مرة يعلن فيها سكان الضفة إضراباً شاملاً، يظن جنودنا أنَّ الساحة قد أُخليت لهم وأنَّه بإمكانهم التحرك كما يريدون، ليفاجؤوا بتنفيذ عمليات إطلاق نارٍ عليهم بين الأزقة وإخافتهم في الليل😭، إنه خرقٌ واضح لأصول الاشتباك خصوصاً وأننا جيش دفاعٍ فقط وجئنا من بروكلين لندافع عن أجدادنا الذين جاؤوا من بولندا".
0
فزّ رئيس الجمهورية اللبنانية العماد الآيل للسقوط ميشال عون من قيلولته الثالثة لهذا النهار واستدعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين فوراً إلى مكتبه ليحققا له الحلم الذي راوده بعدم الاكتفاء بطرد اللاجئين السوريين في لبنان، بل وطرد اللاجئين الفلسطينيين وإعادتهم إلى البُعد الزمكاني الثامن إلى جانب الثقب الأسود BYE 1948 xD-1. وشدد عون على ضرورة تحويل حق العودة المقّدس من شعارات في الهواء إلى أفعال على الأرض "نحن وإن لم نكن دولة، ولكننا أخذنا منها صفتي الحزم والفعل، ومهما طالت الأربعة وسبعون عاماً وخمسة أشهر و٣ أيام و٢٦ دقيقة و٤٥ ثانية التي أجلسنا فيها الفلسطينيين في بلادنا وعلى قلوبنا وعند الطرف الآخر من بنادقنا، لا بد أنّ نفي بوعدنا وندعم مسيرتهم التحررية وقضيتهم العادلة وحقهم في إقامة وطنهم التاريخي القومي على أرضهـ.. أية أرض بعيدة عنّا". وصرّح عون أنّ عودة الفلسطينيين كما السوريين ستكون طوعية وبكامل إرادتهم الشخصية ولن تزجهم القوات الأمنية بباصات العودة والمركبات الفضائية المصطفة بعناية إلى جانب بركة المجارير وبيوت الصفيح والطرقات التي لم تعرف الزفت في حياتها وتجمع الأشخاص الذين يعملون ١٦ ساعة مجبرين دون تصاريح عمل وتلك البناية المائلة التي رفضوا إعطاء صاحبها رخصة ترميم أو بناء أو هدم. وأكد عون ثقته بمغادرة اللاجئين لبنان من تلقاء نفسهم دون مشاعر حزن على فراقه أو شوق إليه "لأنّهم سيشعرون بالملل الآن مع التغيرات الاقتصادية التي تشهدها البلاد؛ فبعدما اتفقنا على حصتنا من الغاز واقتربت عمليات الاكتشاف والتنقيب، لن نستطيع الترفيه عنهم بأي من الفعاليات التي كُنا نقيمها لأجلهم، مثل فقرة الطلب منهم الجلوس بصمت بينما نحرث عليهم ونشحد على ظهورهم مليارات الدولارات من المساعدات الدولية". وأكد عون ثقته بمغادرة اللاجئين لبنان من تلقاء نفسهم دون مشاعر حزن على فراقه أو شوق إليه "لأنّهم سيشعرون بالملل الآن مع التغيرات الاقتصادية التي تشهدها البلاد؛ فبعدما اتفقنا على حصتنا من الغاز واقتربت عمليات الاكتشاف والتنقيب، لن نستطيع الترفيه عنهم بأي من الفعاليات التي كُنا نقيمها لأجلهم، مثل فقرة الطلب منهم الجلوس بصمت بينما نحرث عليهم ونشحد على ظهورهم مليارات الدولارات من المساعدات الدولية".
0
توجه أفيف كوخافي رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، وعيناه تقدحان غضباً وشرراً ودموعاً وهو يخبط بقدمه على الأرض ويهز كتفيه صعوداً ونزولاً، توجّه إلى مكتب يائير لابيد مقدماً ملفاً يُثبت وبالأدلة البصرية القاطعة استخدام العدو الفلسطيني أسلحة مُحرمة دولياً تخرق كل الاتفاقيات الدولية التي لم توقع عليها إسرائيل، من طوب أحمر وإطارات سيارات حارقة وطلاء أبيض-فسفوري وألعاب نارية مفرقعة شديدة تطاير الشرر. وندّد أفيف بقساوة الممارسات الفلسطينية على حدود مخيم شعفاط وفي العيساوية وحوارة والطور وإخافتهم للجنود الأطفال بعصيانٍ مدني وتمرير المستوطنين بصدمات نفسية عميقة لرؤيتهم شريط حياتهم يمرّ أمامهم أثناء احتضار وهم العاصمة الإسرائيلية الموحدة وحل الوضع القائم. وأعرّب أفيف عن قلقه الشديد من الأشكال والتكوينات التي تخلقها المفرقعات في الشوارع، إذ تصدر بانفجارها العنيف صوتاً عالياً يهز أساسات ونوافذ البيوت التي عمل المستوطنون سنوات على سرقتها بكدّ يمينهم، وتشعل فتيل الذعر والارتباك في الزوايا المُعتمة التي يحتمي بها المجندون عندما تضيء بشرارتها اللون الأخضر والأحمر والأبيض أمام وجوههم.وهددت إسرائيل الفلسطينيين بالرد على الاستخدام المتكرر لأسلحة الرعب الشامل ضد مقتحمي الضفة برمي حمائم السلام في الهواء فوق بيوتهم حاملةً على رقابها رسائل التعايش وقذائف اليورانيم الصغيرة التي لم تُخصبها في ديمونا دون أن تقول لأحد.
0
أعربت السلطة "الفلسطينية" عن قلقها إزاء الأحداث الأخيرة في الضفة الغربية والقدس، داعية الأطراف المتنازعة من الأشقاء الإسرائيليين وأمهات الشهداء لتحكيم العقل وضبط النفس كي لا يجرّوا البلاد إلى دوامة عنف من المحتمل أن تحوّلها -لا سمح الله- إلى بؤرة نزاع مُحتلة. وأكّدت السلطة أنّها تراقب بقلق وتلاحق محاولات أمهات الشهداء إشعال فتيل الأزمة في الضفة الغربية بحضورهن جنازات أبنائهن والبكاء بطريقة تثير أعصاب المحتل وتستفزه وتدفعه لقتل المزيد من أبناء الشعب وإقامة جنازات جديدة تجرّ فيها أمهات جديدات إلى نفس الأفعال العدوانية التي تعيدنا إلى دائرة العنف والصراع. وأوضحت السلطة أنّ المسؤولية لا تقع على عاتق أمهات الشهداء فقط، مشيرةً إلى دور أمهات الجرحى والأسرى الذين لم تكن إسرائيل لتقترب منهم لو أنّ أمهاتهم منعنهم من الخروج من المنزل للتحرّش بجيش الاحتلال بالعمليات المُسلحة أو الحجارة أو التظاهر أو الاحتفال بالمولد النبوي أو شراء الطعام أو المشي. وشددت السلطة على الدور المحوري لكل أم أنجبت فلسطينياً في تأزيم الأوضاع؛ حيث وضعت الاحتلال أمام خيارات صعبة بين قتله أو اعتقاله إدارياً، ناهيك عن تعريضها حياة جنود الجيش الإسرائيلي للخطر وإقلاق أمهاتهم عليهم. ودعت السلطة الأمهات الفلسطينيات إلى الاقتداء بالسيدة الأولى أم مازن، التي ربّت أبناءها على قيم الحب والسلام وعزّزت فيهم غريزة البقاء حتى باتوا يعيشون بمساحة آمنة مريحة منفصلة عن العنف والحقد والكراهية التي تعم البلاد لا يتعاملون فيها مع تبعات الاحتلال إلّا في سياق الأعمال وتجميع الثروة.
0
انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع من الضفة الغربية تُظهر أطفالاً تتراوح أعمارهم بين ۱٥ و۱٧ سنةً يرتدون الزيّ العسكري لتنظيم الدولة اليهودية في جنوب غربي الشام ويطلقون على أنفسهم "كتيبة أسود يهوه" وهم يلعبون مع الأطفال الفلسطينيين ويُردونهم قتلى في نهاية المطاف كطريقةٍ لمشاركتهم فرحتهم في عيد المولد النبوي. وأوضح قائد التنظيم الخليفة أبو يواف لابيد أن صغر أعمار الكتيبة جاء رداً على من يتّهم الجنود الإسرائيليين بالوحشية لقتلهم الأطفال "من يستطيع قتل البراءة؟ أيعقل أن يكون هناك كائنٌ بشريّ يُنهي حياة أطفال أبرياء كل يوم في غزة والضفة دون أدنى رحمة أو شفقة؟ بالطبع لا. لذا يجب أن يؤدي هذه المهمة أطفالٌ إسرائيليون يقتلون بدافع المرح واللهو لا الوحشية والانتقام". ورداً على من يتّهم إسرائيل بتجييش الأطفال وتحرضيهم على نظرائهم الفلسطينيين، أوضح الخليفة أبو يواف أن إسرائيل لا، ولم، ولن تحرّض بشكلٍ مباشر على قتل أحد بعينه وليس لديها ثأرٌ شخصي مع أحد، فهي تكتفي بتعليم الأطفال منذ الصغر أنهم شعب الله المختار وأبناؤه وأنه يجب التخلص من الفلسطينيين الذين أخدوا أرضهم وحرموهم مما وُعدوا به ومن ثم تزوّدهم بالألعاب الحارقة الخارقة المتفجرة فيما لو أرادوا الانخراط معهم في الأنشطة الطفولية البريئة. من جانبه، استنكر المتحدث باسم السلطة الفلسطينية كُ.أُ. نحيب ذوي الأطفال الفلسطينيين على أبنائهم، موضحاً أنّ ما يحدث جزء طبيعي من مرحلة الطفولة، خصوصاً في هذه المنطقة حيث من المعتاد أن يعود الأطفال من اللعب ملطّخين بالطين والغبار والدماء.
0